غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أٍنه قَالَ: "أَعْطِهِمْ صَدَقَتَكَ وَإِنْ
أَتَاكَ أَهْدَلُ الشفتين منفش المنخرين".
...
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
أَعْطِهِمْ صَدَقَتَكَ وَإِنْ أَتَاكَ أَهْدَلُ الشَّفَتَيْنِ منفش
المنخرين1.
حدثناه عبد الله بن شاذان الكراني أخبرنا الساجي أخبرنا محمد بن موسى
الحرشي أخبرنا عَبْدُ2 رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ سَمِعْتُ
جَدِّي سَمَّاكَ بْنَ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيَّ / يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ. [164]
الأهدل الَّذِي في شفتيه غلظ واسترخاء شفة هدلاء أي متهدلة وقلباء أي
متقلبة وقد هدل البعير يهدل هدلا ومشفر هدل أي طويل قَالَ ذو الرمة:
على غائرات الطرف هدل المشافر3
وَقَالَ عمرو بن شاس:
وأسيافنا آثارهن كأنها ... مشافر قرحي في مباركها هدل4
__________
1 الفائق "هدل" "4/97" والنهاية "هدل" "5/251".
2 ح, ط: عبد ربه بن طارق الحنفي وفي س, د: عبد الله بن طارق الحنفي وفي
التقريب "1/470" عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ الكوسج, أبو
عبد الله الكوفي أصله من اليمامة ويقال اسمه عبد الله صدوق يخطىء وفي
التهذيب "6/125" عن جده لأمه أبي زميل: سماك بن الوليد الحنفي وأشار
إلى هذا الحديث.
3 الديوان "289" وصدره "تعادوا بيهيا من مداركة السرى".
4 س: "عمرو بن شماس" "تحريف" والمثبت من باقي النسخ واللسان والتاج
"قرح" برواية "وأسيافهم".
(2/446)
ويقال تهدل الغصن إذا أثقله الثمر واسترخي
وسقط بعضه على بعض.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو رجاء الغنوي أخبرنا أبي عَنْ مُحَمَّد بن عَبْد
العزيز بن عزان الكندي قَالَ كان الأريقط ينشد الحجاج فغضب الحجاج غضبة
في بعض أموره فسكت الأريقط فَقَالَ له الحجاج خذ فيما كنت فيه فَقَالَ
ما هو إلا أن غضب الأمير فأرعدت1 فرائصي واهدالت مفاصلي وعلمت أن سلطان
اللَّه عزيز فذهب عني ما كنت فيه.
وَقَوْلُهُ: منفش المنخرين هو الَّذِي انفتح منخراه مع قصور المارن
وانبطاحه وهذا من نعت أنوف الزنج والحبش وشفاهها وهو تأويل قوله عليه
السلام: "اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عَبْد حبشي مجدع2".
وفيه من الفقه أَنَّهُ رأي دفع الصدقات إلى الخارجي المتغلب إذا تأمر
على الناس وأنه إذا أخذه مرة لم يكن لإمام الجماعة أن يعيدها على أهلها
ثانية.
__________
1 ح: "فارتعدت".
2 أخرجه مسلم في الحج "2/944" وابن ماجة في الجهاد "2/955" والترمذي في
الجهاد أيضا "4/109" وغيرهم كلهم عن أم الحصين الأحمسية وانظر النهاية
"جدع" "1/247".
(2/447)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا سَأَلَهُ فَقَالَ: آتِي الْبَحْرَ
فَأَجِدُهُ قَدْ جَفَلَ سَمَكًا كَثِيرًا فَقَالَ: كُلْ مَا لَمْ تَرَ
شَيْئًا طَافِيًا1.
يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ2
عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذيل
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "5/380" بلفظ."قد جعل" بدل "قد جفل" وهو
تحريف".
2 د: "علي بن المسهر".
(2/447)
قوله: جفل سمكا أي رمى به وألقاه إلى
الساحل يُقَالُ جفلت الريح السحاب إذا قطعته وذهبت به.
قَالَ أَبُو حاتم وكان رؤبة بن العجاج يقرأ "فَأَمَّا الزَّبَدُ
فَيَذْهَبُ جُفَالا"1 قَالَ وكان لا يعرف اللغة الآخرة يعني أجفأت
القدر بزبدها قَالَ الشاعر2:
وإن سناء اللئام الغني ... فإن زال صاروا غثاء جفالا
ويقال جفل البعير سنامه إذا قلبه من عظمه قَالَ أَبُو النجم:
بجفلها كل سنام مجفل3
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ
أَنَّ يَهُودِيًّا حَمَلَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا
خَرَجَ بِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ جَفَلَهَا4 عَنْ رَحْلِهَا ثُمَّ
تَجَثَّمَهَا لِيُنْكِحَهَا فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ فَقَالَ مَا على هذا
عاهدناكم فقتله5.
يريد أنه دفعها فقلبها عن الحمار.
__________
1 سورة الرعد: "17".
2 ط, د: "المتلمس" ولم أقف على البيت في ديوانه ط معهد المخطوطات
العربية.
3 س: "يجفلهاكل سنام مجفل" من أجفل, وفي اللسان "جفل" برواية "يجفلها"
من باب ضرب وجاء في الشرح: يريد يقلبها سنامها من ثقل إذا تمرغت ثم
أرادت الاستواء قبلها ثقل أسنمها. وقال في المحكم: معناه أن يصرعها
سنامها لعظمه كأنه أراد كل سنام منها مجفل وبالغ بكل كما تفول: أنت
عالم كل عالم. وفي التاج "جفل": وسنام مجفل كمنبر: ثقيل وأورد الرجز
وهو في الطرائف الأدبية "59".
4 د: "جعلها".
5 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "6/114 – 115" وفي "10/363" عن عوف بن
مالك قصة شبيها تهذه بلفظ "نخس بامرأة مسلمة" والبيهقي في سننه "9/209"
عن سويد عن غفلة بلفظ "فنخس الحمار ليصرعها" وذكره الحافظ في المطالب
العالية "2/171".
والحديث في الفائق "جفل" "1/221".
(2/448)
وأخبرني ابن النفيلي أخبرنا أَبُو عَبْد
اللَّه نفطويه قَالَ قَالَ الزبير بن بكار فيما يتكلم به الناس على
ألسنة البهائم تقول الضائنة أنبأنا أولد رخالا وأجز جفالاولم تر العين
مثلي مالا.
فالجفال الكثير من الصوف وأصله أن صوف الضائنة لا يسقط منه على الأرض
شيء حتى يجز كله فينجفل عند ذلك عنها والرخال جمع رخل وهو الأنثى من
السخال يُقَالُ رخل ورخلان ورخال بضم الراء لا غير ويقال رخل أيضا.
(2/449)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} 1
قَالَ هُوَ رِكْزُ النَّاسِ2.
أَخْبَرَنَاهُ ابن الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ
عَمْرٍو عَنْ عَطَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الركز الحس تحسه والصوت تسمعه يريد بذلك حس الصائد والقسورة الرماة
فيما يفسر قَالَ ذو الرمة:
وقد توجس ركزا مقفر ندس ... بنبأة الصوت ما في سمعه كذب3
__________
1 سورة المدثر:"51".
2 أخرجه الطبري في تفسيره "29/170" وذكره السيوطي في الدر المنثور
"6/286" وعزاه لسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وابن المنذر.
3 الديوان "21" واللسان "نبأ".
(2/449)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ غَضَّ النَّاسُ فِي الْوَصِيَّةِ
مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبْعِ لَكَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِقَوْلِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه: "الثلث والثلث كثير" 1.
__________
1أخرجه الحميدي في مسنده "1/240" والبخاري في الوصايا "4/3" والنسائي
في الوصايا "6/244" إلا أن البحاري والنسائي لم يذكرا "لكان أحب إلي"
وأخرجه البيهقي في سننه "6/269" بلفظ "لكان أفضل".
(2/449)
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ مالك أخبرنا بشر بن موسى أخبرنا الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. ورُوِيَ
ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا.
قوله: لو غض الناس: أي نقصوا وحطوا يُقَالُ: لا أغضك من حقك شيئا: أي
لا أنقصك وأنشدونا عَنِ الرياشي:
بميزان قسط لا يغض شعيرة ... موازين قسط كلها غير عائل1
ويقال أصل الغض الكف ومنه قولهم غض الملامة أي كف عَنِ اللوم قَالَ
حميد بن ثور:
ألا ليت شعري هل أقول لفتية ... وصهب بموماة تغض وترفع2
أي تكف.
__________
1 اللسان التاج "عيل" برواية:
بميزان صدق لا يغل شعيرة ... له شاهد من نفسه غير عائل
وجاء قبله:
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا ... عقوبة شر عاجل غير آجل
وعزي لأبي طالب ين عيد المطلب.
2 ليس في الديوان ط دار الكتب وفيه قصيدة على الوزن والقافية.
(2/450)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: سِتَّةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ:
فَذَكَرَ الْجُوَّاظَ وَالْجَعْثَلَ وَالْقَتَّاتَ فَقِيلَ لَهُ: مَا
الجعثل؟ قال: الفظ الغليظ.1.
__________
1 ذكره السيوطي في الدر المنثور "6/252" وعزاه لعبد بن حميد بلفظ
"الجعشل" وهو تحريف وانظر الفائق "جوط" "1/247".
(2/450)
يرويه يزيد بن هارون أخبرنا سَالِمِ بْنِ
عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عبد الله عن شهر ابن حَوْشَبَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ.
الجعثل مقلوب وإنما هو العثجل وهو العظيم البطن قَالَ الشاعر:
يسقي به ذات فراغ عثجلا
يريد الدلو ومنه1 الأثجل ومنه حديث أم معبد حين وصفت رسول الله وقالت:
لم تعبه ثجلة2. والجواظ: الضخم, والقتات: النمام.
__________
1 د: "ومثله".
2 أخرجه الحاكم في المستدرك "3/9" والبيهقي في الدلائل "1/228" بلفظ
"لم تعبه نحلة" وذكره ابن كثير في السير النبوية "2/261" والسيوطي في
الخصائص الكبرى "1/467" وهو في النهاية "ثجل" "1/208" برواية "ولم تزر
به ثجلة" أي ضخم بطن ويروى بالنون والحاء أي نحول ودقة.
(2/451)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وَأَنَا ابْنُ اثْنَتَيِ عَشْرَةَ
سَنَةً. يَعْنِي الْمُفَصَّلَ1.
أَخْبَرَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ أخبرنا زكريا بن يحيى أخبرنا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يونس أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ
عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي
الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عباس.
إنما سمي المفصل محكمالأنه لم ينسخ من المفصل شيء سمعت بعض العلماء
يذكره واختلف القراء في أول المفصل فَقَالَ بعضهم: أول المفصل سورة
القتال ويقال لها سورة مُحَمَّد وآخره سورة الناس وهي خاتمة القرآن،
__________
1ذكره ابن كثير في البداية والنهاية "8/296" عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ عَنِ ابن عباس بلفظ "جمعت الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قلت: وما المحكم؟ قال: المفضل".
(2/451)
وإنما قيل لها المفصل لكثرة الفصول بينها
بآية التسمية. ويقال إن أول المفصل سورة قاف وهذا فِي حَدِيثِ يرويه
عيسى بن يُونُس.
نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْلَى الطَّائِفِيُّ حَدَّثَنِي
عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ عَنْ
جَدِّهِ أَنَّهُ وفد على رسول الله فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ فَسَمِعَ
أَصْحَابُ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَحْزِبُ الْقُرْآنَ قَالَ:
وَحَزَّبَ الْمُفَصَّلَ مِنْ "قَاف"1.
[166] وفيه قول ثالث وهو أن أول المفصل سورة "والضحي" وذلك لأن القارىء
يفصل بين هذه السور بالتكبير وهو مذهب ابْنُ عَبَّاسٍ / وقراء أهل مكة.
أَخْبَرَنِي أَبُو رَجَاءٍ الغنوي أخبرنا ابن أبي مسرة أخبرنا أبي
والحميدي قالا أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ
الأَعْرَجُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
فَلَمَّا بَلَغْتُ "وَالضُّحَى" قَالَ: كَبِّرْ إِذَا خَتَمْتَ كُلَّ
سُورَةٍ حَتَّى تَخْتِمَ2 وَيُقَالُ: إِنَّ الأَصْلَ فِي ذَلِكَ أَنَّ
الْوَحْيَ لَمَّا فَتَرَ عَنْ رسول الله قَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ
هَجَرَهُ شَيْطَانُهُ وَوَدَّعَهُ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه فَلَمَّا نَزَلَ "وَالضُّحَى" كَبَّرَ عِنْدَ ذَلِكَ
رَسُولُ اللَّهِ فَرَحًا بِنُزُولِ الْوَحْيِ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ
سُنَّةً وَفِي الْمُحْكَمِ قَوْلٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ مِنَ
الْقُرْآنِ مَا أُحْكِمَ بَيَانَهُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى
غَيْرِهِ عَلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} 3 الآيَةُ
فَالْمُحْكَمِ مَا لا يَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ وَعُرِفَ بِنَفْسِهِ.
والمتشابه: ما احتمل الوجوه فلم يعرف بنفسه. فالمحكم أم المتشابه لأنه
يعرف به.
__________
1 أهرجه أحمد في مسنده "4/9" وابن ماجة في إقامة الصلاة "2/427" في
حديث طويل وهو في كنز العمال "2/348".
2 ذكره المتقي في كنز العمال "2/349" عن ابن غباس عن أبي بنحوه وعزاه
للحاكم وابن مردويه ولم أجده في المستدرك قي تفسير سورة الضحى.
3 سورة آل عمران: "7".
(2/452)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمْ غَسْلَ
الإِحْلِيلِ1.
حَدَّثَنِيهُ عبد العزيز بن محمد أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا عَبْدُ
الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أنبأنا كَهْمَسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ بُرَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قوله: إِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمْ غَسْلَ الإِحْلِيلِ: معناه أرضاه لكم
وأتقدم فيه إليكم كقول الرجل لصاحبه: أحمد اللَّه إليك أي أفضي بنعمة
اللَّه إليك2.
ويقال معناه أحمد الله معك وحروف الصفات تتعاقب ويبدل بعضها مكان بعض
كقوله عزوجل: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} 3 يريد مع اللَّه.
وكقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} 4 أي مع
أموالكم.
وكان قوم من السلف لا يستعملون الماء في الاستنجاء ويرون الحجارة مجزية
وكان الأنصار يستنقون بالماء ويتطهرون به فأثنى اللَّه بذلك عليهم
فَقَالَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} 5
قال الزهري: كانوا يتوضون المبطنة يريد غسل الباطن بالماء.
__________
1 الفائق "حمد" "1/314" والنهاية "حمد" "1/437".
2 س: "أي أفضى بنعمة إليك" والمثبت في باقي النسخ.
3 سورة آل عمران: "52".
4 سورة النساء: "2".
5 سورة التوبة: "108".
(2/453)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كعصف مأكول} , قَالَ:
الْهُبُّوطُ1.
هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ الأَصَمُّ أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ المغيرة أخبرنا سُفْيَانُ عَنِ
السُّدِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سُفْيَانُ:
هُوَ الذَّرُّ الصَّغِيرُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: أري هذا وهما وإنما هو الهبور كذلك رواه
أَبُو عوانة عَنْ عطاء بن السائب عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هو الهبور عصافة الزرع الَّذِي يؤكل.
حدثونا بِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ العزيز أخبرنا حجاج بن منهال
عَنْ أَبِي عوانة قالوا: والهبور بالنبطية دقاق الزرع2 والعصافة ما
تفتت من ورقه.
والمأكول ما أخذ حبه فأكل وبقي هو لا حب فيه.
وقد يحتمل أن يكون الهبور مأخوذا من الهبر وهو القطع يُقَالُ هبرت
الشيء هبرا إذا قطعته قطعة قطعة.
وسيف هبار أي ماض قطاع ومنه هبرية الرأس وهي قطع صغار تكون في الشعر
كهيئة النخالة.
__________
1 ذكره السيوطي في الدر المنثور "5/396" بلفظ "الطبور عصافة الزرع
"ولعل الطبور تحريف من الهبور" وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
نعيم في الدلائل وهو في النهاية "هبط" "5/239" والآية في سورة الفيل
"5".
2 أخرجه الطبري في تفسيره: 30/304" عن الضحاك بلفظ "كعصف مأكول وهو
الهبور بالنبطية".
(2/454)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي قول النبي: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا
فَلا يَبِعْهُ حتى يكتاله". قال طاووس: فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: أَلا
تَرَى أَنَّهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ وَالطَّعَامِ مُرَجَّأً1.
أخبرناه ابن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ أخبرنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ طاووس عن أبيه.
__________
1 أخرجه البخاري في البيوع "3/89" ومسلم في البيوع "3/1160" وأبو داود
أيضا في البيوع "3/281".
(2/455)
قوله: والطعام مرجأ أي غائب مؤجل في ذمة
البائع يُقَالُ رجيت الشيء وأرجأته إذا أخرته.
ومن هذا قوله: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} 1.
وتفسير ذلك أن يسلف نقدا في طعام ثم يبيعه بنقد قبل أن يقبضه فيفسد
البيع لأن ملكه لا يستقر ولا يتكامل إلا بالقبض وقد نهى رسول الله عَنْ
ربح ما لم يضمن2 فإذا كان الطعام الَّذِي يبيعه مرجأ أي مؤخرا عَنْ
ملكه ومضمونا على غيره لم يجز بيعه لأنهما إنما تبايعا ذهبا ليس بإزائه
في الحقيقة طعام.
وَبَيَانُ هَذَا فِي حَدِيثٍ لَهُ آخَرَ. حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ
مَكِّيٍّ3 أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد4 أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: كُنَّا نُسْلِفُ
فِي السيائب فَنَبِيعُهَا قَبْلَ أَنْ نَسْتَوْفِيهَا فَقَالَ: ذَاكَ
بَيْعُ وَرَقٍ بِوَرَقٍ5.
يريد أن البيع لم يقع على الثياب الَّذِي هو مضمون على غيره وإنما
تقابل الثمنان فصار بيع ورق بورق وبيع الورق بالورق لا يجوز إلا سواء
بسواء يدا بيد والمعنيان جميعا ها هنا عدم فبطل البيع فإن كان المشتري
إنما باعه من البائع نفسه قبل أن يقبضه كان في الفساد مثل الأول أو أشد
وكان حينئد بيع ورق بورق لا غير فإن أقاله فبطل عنه الطعام وصار
__________
1 سورة التوبة: "106".
2 أخرجه أحمد في مسنده "2/175, 179, 205" عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
عَنْ أبيه عن جده وأخرجه أبو داود في البيوع "3/283" والترمذي في
البيوع أيضا "3/526" والنسائي كذلك في البيوع "7/288" وابن ماجة في
التجارات "2/738".
3 د: "محمد بن المكي".
4 د: "سعيد بن منصور".
5 أخرجه مالك في الموطأ "2/659" وعبد الرزاق في مصنفه "8/44".
(2/456)
عليه ذهب تبايعا بعد بالذهب ما شاءا بالذهب
وتقابضا قبل أن يتفرقا. والإقالة فسخ وليس ببيع1.
وفيه أَنَّهُ رأي غير الطعام في هذا بمنزلة الطعام وأنه لا يجوز بيعه
قبل أن يقبض كالطعام سواء وأجاز أهل المدينة بيع ما لم يقبض إلا في
الطعام والمكيل والموزون.
__________
1 سقط من د, وط.
(2/457)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ تَجْرًا مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا عَلَى أَصْحَمَةَ
النَّجَاشِيِّ فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: هَلْ تَفَشَّغَ فِيكُمُ
الْوَلَدُ؟ قَالُوا: وَمَا تَفَشَّغَ الْوَلَدُ؟ قَالَ: هَلْ يَكُونُ
لِلرَّجُلِ مِنْكُمْ عَشْرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ ذُكُورٌ؟ قَالُوا:
نَعَمْ. وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: فَهَلْ يَنْطِقُ فِيكُمُ
الْكَرَعُ؟ قَالُوا: وَمَا الْكَرَعُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الدَّنِيءُ
النَّفْسِ وَالْمَكَانِ. قَالُوا: لا يَنْطِقُ فِي أَمْرِنَا إِلا
أَهْلُ بُيُوتِنَا وَأَهْلُ رَأْيِنَا. قَالَ: إِنَّ أَمْرَكُمْ إِذًا
لَمُقْبِلٌ فَإِذَا نَطَقَ فِي أَمْرِكُمُ الْكَرَعُ وَقَلَّ
وَلَدُكُمْ أَدْبَرَ جدكم1.
/ يرويه الواقدي أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
عَنِ [168] ابْنِ عَبَّاسٍ.
الكرع: سفلة الناس ولئامهم يُقَالُ: رجل كرع وقوم كرع وأرى أصله مصدرا
جعل اسما كقولهم رجل كرم وقوم كرم والكرع دقة القوائم.
قَالَ أَبُو عَمْرو الشيباني: الأكرع الدقيق الساق وفيه كرع أي دقة.
وقولهُ: تفشغ معناه كثر وانتشر ومنه قولهم تفشغ الشيب.
__________
1 الفائق "كرع" "3/119" والنهاية "كرع" "4/164" و"فشغ" "3/448" وفي
القاموس "صحم" أصحم" أصحمة بن بحر ملك الحبشة النجاشي أسلم في عَهْدِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2/457)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَاجَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فِي
آيَةٍ فَقَالَ عَمْرٌو: "تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ"1.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "حمئة" فلماخرج ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا رَجُلٌ
مِنَ الأَزْدِ فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنِي مَا كَانَ بَيْنَكُمَا وَلَوْ
كُنْتُ عِنْدَكَ لَرَفَدْتُكَ بِأَبْيَاتٍ قَالَهَا تَبَّعٌ فَقَالَ2:
فَرَأْيُ مَغَارِ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا ... فِي عَيْنِ ذِي
خُلْبٍ وَثَأْطٍ حرمد5
__________
1 سورة الكهف: "86" وانظر كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها
وحججها "2/73".
4 ح: "وأنشده".
2 س: "في طين ذي خلب" والبيت في اللسان والتاج "خلب" برواية: "فراى
مغيب الشمس عند مآبها" وجاء في اللسان: "قال تبع أو غيره" وفي مادة
"ثأط" برواية "فأتى مغيب الشمس عند مآبها" وقبله:
بلغ المشارق والمغاربة يبتغي ... أسباب أمر من حكيم مرشد
وعزي لأمية.
وفي مادة "حرمد" بروية: "فرآى مغيب الشمس عند مسائها".
(2/458)
فَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ: اكْتُبْهَا يَا
غُلامُ1.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو رَجَاءَ الْغَنَوِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ
الْبُنَانِيُّ قَالا: أخبرنا محمد بن الجهم السمري أخبرنا عبد الله بن
عمرو أنبأنا الْحَكَمُ بْنُ ظَهِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَفِيعٍ عَنْ
مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ.
قوله: حمئة: مهموزة من الحمأة وهي الطين الأسود وحامية من الحمى مقصورا
ومعناه الحارة كقولك: نار حامية والثأط. الحمأة والغرب تقول: ثأطة مدت
بماء2.
يضرب مثلا للرجل المفرط الحمق يُقَالُ كأنه حمأة صب عليها ماء. فازدادت
رطوبة وفسادا.
والخلب: الطين اللزج يُقَالُ ماء مخلب أي فيه خلب والحرمد الطين أيضا.
__________
1 أخرحه الطحاوي في مشكل الآثار "1/111 – 112" بالطريقين بلفظأنا أشد
قولك بقول صاحبنا تبع وبلفظ: "لو كنت عندكم لوفدتك"وذكره السيوطي في
الدر المنثور "4/48" بنحوه.
2 جمهرة الأمثال "1/288" مجمع الأمثال "1/153" المستصفى "2/34" اللسان
"ثأط".
(2/459)
شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن
وهاشم فخذ والعباس فصيلة.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: ثُمَّ حَضَرْنَا فِي الشُّعُوبِ وَجْهٌ آخَرُ
وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِنَا الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ الْعَجَمُ
وَمَنْ لا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلُ نَسَبٍ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ الشُّعُوبُ الْجُمْهُورُ
مِثْلُ مُضَرَ1.
حَدَّثَنِيهُ الأَزْهَرِيُّ أخبرنا السَّعْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ المستورد أخبرنا مخول أخبرنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ يَرِثُ امْرَأَةً ذَاتَ قَرَابَةٍ فَيَعْضُلُهَا
حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا فَأَحْكَمَ اللَّهُ
عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ2.
أَخْبَرَنَاهُ ابن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا أحمد بن محمد بن ثابت
المروزي أخبرنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ
النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قوله: أحكم اللَّه عَنْ ذلك أي منع منه ونهى عنه.
أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَر أنبأنا ثعلب والمبرد قالا يُقَالُ حكمت الفرس
وأحكمته وحكمته3 إذا قدعته وأنشدا جميعا:
__________
1 ذكره السيوطي في الدر المنثور "6/98" وعزاه لعبد بن حميد وابن مردويه
وأخرجه الطبري في تفسيره "26/139" بدون "مثل مضر".
2 أخرجه أبو داود في النكاح "2/231" وأخرجه الطبري في تفسيره "4/304"
من حديث عكرمة والحسن ولم يرفعه إلى ابن عباس.
3 من ح.
(2/461)
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف
عليكم أن أغضبا1
قَالَ أَبُو زيد يُقَالُ حكمت الرجل تحكيما إذا منعته عما يريد.
قَالَ الكسائي ومثله حضنته عنه أحضنه.
وَقَالَ أَبُو عمرو أعذبته عنه إعذابا في معناه والآية التي نزلت في
النهي عَنْ هذا الصنيع قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} 2 الآية.
__________
1 اللسان التاج "حكم" وعزي لجرير وهو في ديوانه "47" وجاء البيت في
الكامل للمبرد "3/26" برواية: "أتني حنيفة نهنهوا سفهاءكم".
2 سورة النساء: "19".
(2/462)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ شَيْخًا مِنَ الأَزْدِ قَالَ: انْطَلَقْتُ
حَاجًّا فَإِذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَالزِّحَامُ عَلَيْهِ يَفْتِي
النَّاسَ حَتَّى إِذَا مَتَعَ الضُّحَى وَسَئِمَ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ
عَنْ شَرَابٍ كنا نتخذه فقال: يا بن أَخِي مَرَرْتُ عَلَى جَزُورٍ
سَاحٍ وَالْجَزُورُ نَافِقَةٌ أَفَلا تَقْطَعَ مِنْهَا فِدْرَةً
فَتَشْوِيهَا؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَهَذَا الشَّرَابُ مِثْلُ ذَلِكَ1.
وفِي غير هذه الرواية: فجعلت مت أَجِدُ بِي قَدَعًا عَنْ مَسْأَلَتِهِ.
حدثنيه محمد بن سعدويه أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا الحسين بن حريث أخبرنا
الفضل بن موسى أخبرنا الأَصْبَغُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ
شَيْخًا مِنَ الأَزْدِ يَقُولُ ذَلِكَ.
قوله: متع الضحى أي ارتفع وامتد
ومنه قولهم أمتع اللَّه بك أي أطال اللَّه هذا الأنس بك2 والجزور الساح
هي السمينة.
__________
1 الفائق "متع" "3/343" والنهاية "متع" "4/293".
2 د, ح: "أطال الله مدة الأنس بك".
(2/462)
قَالَ الأصمعي: يُقَالُ سحت الشاة تسح
سحوحة وسحوحا إذا سمنت ومن هذا حديث ابن مسعود.
أخبرناه محمد بن هاشم أخبرنا الدَّبَرِيُّ / عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي [170] الأَحْوَصِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: يَلْقَى شَيْطَانُ الْكَافِرِ شَيْطَانَ
الْمُؤْمِنِ شَاحِبًا أَغْبَرَ مَهْزُولا1.
قَالَ: وهذا ساح يعني شيطان الكافر أي وافر سمين.
ومنه أيضا حديث عامر بن عَبْد قيس حدثناه الأصم أخبرنا أبو أمية
الطرسوسي أخبرنا عبيد بن إسحاق أخبرنا زهير عَنْ أَبِي الجويرية الجرمي
عَنْ عامر بن عَبْد قيس أَنَّهُ عوتب في أكل اللحم فَقَالَ: إني رجل
متقزز وإني مررت بجزار يجر عجماء له وهو يقول: السمين الساح حتى ذبحها
ولم يذكر اللَّه عليها2.
والجزور إذا أفردوا أنثوا3 ولذلك قَالَ والجزور نافقة.
وَقَوْلُهُ: أجد بي قدعا عَنْ مسألته أي جبنا وانكسارا.
ويقال: قدعت عَنِ الشيء وانقدعت له.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "10/419".
2 أخرحه الإمام أحمد في كتاب الزهد صـ "220" وذكره ابن الأثير في اسد
الغابة "3/132" كلاهما بألفاظ أخرى في حديث طويل.
3 د: "والجزور إذا أفرد أنثوا".
(2/463)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: إِحْدَى
سَبْعٍ1.
حَدَّثَنِي إسماعيل بن محمد حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: سَأَلْتُ أَبَا
عُشَّانَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: إِحْدَى سَبْعٍ, فَقُلْتُ: مَا
إِحْدَى سَبْعٍ فَقَالَ: سُئِلَ ابْنُ
__________
1 النهاية "سبع" "2/336".
(2/463)
عَبَّاسٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ إِحْدَى
سَبْعٍ1 يُرِيدُ سِنِّيَ يُوسُفَ السَّبْعَ الشِّدَادَ يُرِيدُ:
إِنَّهَا فِي الشِّدَّةِ وَالصُّعُوبَةِ كَإِحْدَى تِلْكَ السِّنِينَ.
والعرب تقول في هذا المعنى إحدى بنات طبق أي إحدى المعضلات وكل مبهم
طبق قَالَ الشاعر:
فلو رآني أَبُو غيلان إذ حسرت ... عني الأمور إلى أمرله طبق
ومن هذا قيل للرجل الأحمق طباقاء ومعناه أَنَّهُ لا يهتدي إلى رشده.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو رجاء الغنوي أخبرنا أبي أخبرنا عُمَرَ بن شَبَّةَ
عن الأصمعيّ قَالَ الطباقاء الَّذِي أمره مطبق عليه وأنشد:
طباقاء لم يشهد خصوما ولم ينخ ... قلاصا إلى أكوارها حين تعطف2
وَقَالَ أَبُو عبيد الطباقاء العيي الأحمق الفدم والطبق الحال أيضا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} 3 أي
حالا بعد حال وَقَالَ كعب ابن زهير:
كذلك المرء إن يقدر له أجل ... يركب به طبق من بعده طبق4
__________
1 سقط من ط, وأبو عشانة هو حي بن يومن المصري, مشهور بكنيته مات سنة
"118" هـ.
2 د: "حين تعكف" وهي رواية اللسان والتاج "طبق" وعزي لجميل بن معمر
ويروى "عياياء" بدل "طباقاء".
3 سورة الانشقاق:"19".
4 شرح الديوان "228" برواية "إن ينشأ له أجل".
(2/464)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ
إِلَى سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنٍ اسْتَأْذَنَ وَمَعَهُ جِلَّةُ قُرَيْشٍ
فَأَذِنَ لَهُمْ فَإِذَا هُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْعَبِيرِ يَلْصُفُ
وَبَيْصُ الْمِسْكِ مِنْ مَفْرَقِهِ1حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بن نافع
الخزاعي أخبرنا عمي إسحاق بن أحمد أخبرنا الأَزْرُقِيُّ قَالَ ذَكَرَهُ
الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قوله: يلصف أي يتلألأ ويبرق يُقَالُ وبص الشيء وبص ولصف بمعنى واحد.
__________
1 أخرجه الأزرقي في أخبار مكة "1/149 – 150" في حديث طويل وفيه
"العنبر" بدل "العبير" و"وميض" بدل "وبيص" وأخرجه البيهقي في الدلائل
"1/355 – 356" بلفظه عن أبي زرعة بن سيف بن ذي يزن.
(2/464)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لا يَزَالُ أَمْرُ هَذه الأُمَّةِ
مُؤَامًّا مَا لَمْ يَنْظُرُوا فِي الْوِلْدَانِ والقدر1.
حدثناه ابن مالك أخبرنا عمر بن حفص السدوسي أخبرنا عاصم بن علي أخبرنا
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي رَجَاءَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
يَقُولُ ذَلِكَ.
قوله: مؤاما مثقلة الميم أي مقاربا من قولك أمر أمم أي قصد قريبونظرت
إليه من أمم أي من قرب.
وَقَالَ بعض أهل اللغة: أمم هو ما بين القرب والبعد.
وَقَوْلُهُ: ما لم ينظروا في الولدان / يريد ما لم يتنازعوا الكلام في
أطفال المشركين وهم الولدان [171] واحدهم وليد وما لم يخوضوا في مذاهب
أهل الأهواء ولم ينكروا2 القدر.
__________
1 أخرجه الحاكم في مستدرك "1/33" بلفظ "مؤامرا" بدل "مؤاما" عن جرير بن
حازم وذكره الهيثمي في مجمعه "7/202" بلفظ: "أمر هذه الأمة مواتيا أو
مقاربا أو كلمة تشبهها ما لم يتكلموا في الولدان والقدر" وعزاه للبزاري
والطبراني في الكبير والأوسط وانظر كنز العمال "1/139".
2 س: "ولم يذكروا القدر" والمثبت من د, ح.
(2/465)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} قَالَ: هَيَامُ
الأَرْضِ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن ابن عباس. الهيام تراب يخالطه رمل ينشف الماء
نشفا شديدا فأما الهيام فهو شدة العطش يُقَالُ بعير أهيم وناقة هيماء
وهو أن يشتد عطشها حتى لا تروى قَالَ ذو الرمة:
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرىء ... صداها ولا يقضي عليها هيامها2
وفي صفة الغنم أنهن جوف لا يشبعن وهيم لا ينقعن أي لا يروين قَالَ
يعقوب الهيام والهيام داء يأخذ الإبل عَنْ بعض المياه بتهامة فيصيبها
مثل الحمى والعرب تزعم أَنَّهُ يعدي يقولون إن البعير الهائم إذا أنيخ
على مبركه بعير أصابه ذلك الداء وإذا شم بعير آخر ريحه أعداه.
وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ اشْتَرَى إِبِلا فَقِيلَ
لَهُ: إِنِّهَا هِيمٌ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا ثُمَّ قَالَ:
"رَضِينَا بِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ لا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا",
وَلَمْ يردها3.
__________
1 ذكره السيوطي في الدر المنثور "6/160" وعزاه لسفيان بن عيينة في
جامعه. والآية في سورة الواقعة:"55".
2 الديوان "636".
3 أخرجه البخاري في البيوع "3/78" والحميدي في مسنده "2/318" والبيهقي
في سننه "5/321".
(2/466)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ [أَنَّهُ قَالَ:] 1 لِكُلِّ داخل برقة2.
__________
1من ح, ط.
2 الفائق "برق" "1/103" والنهاية "برق" "1/120".
(2/466)
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عُمَر أنا أَبُو
العباس أحمد بن يحيى عن سَلَمَةَ عن الفَرَّاء عن الكسائي قَالَ
يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
البرقة: الدهشة يريد قول الناس لكل داخل دهشة.
يُقَالُ: برق الرجل يبرق برقا إذا بهت من فزع أو نحوه فبقي شاخصا بصره
لا يطرف ويقال رجل بروق فروق وهو الفزع لا يزال.
ومن هذا قوله عز وجل: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} 1 وَيُقَالُ إِنَّ
الأَصْلَ فِي ذَلِكَ أن يرى الرجل البرق ولمعانه فيضعف بصره فيقال برق
الرجل ثم كثر حتى استعمل في غيره قَالَ الشاعر:
لما أتاني ابن عمير راغبا ... أعطيته عيساء منها فبرق
__________
1 سورة الْقِيَامَةِ:"7".
(2/467)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا حَدَّثَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ
بِشَيْءٍ فَقَالَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ, قَالَ: مِنَ الشَّدْقَمِ1.
حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَوَيْهِ أنبأنا ابن الجنيد أخبرنا
قتيبة أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ
الشدقم: الواسع الأشداق, يوصف به الرجل البليغ المنطيق2 وهو الشدقمي
أيضا وأصله الأشدق زيدت فيه الميم.
قَالَ الفراء: العرب تزيد الميم في نواقص الأسماء مثل ابن وفم فتقول
ابنم قَالَ الشاعر:
__________
1 الفائق "شدقم" "2/226" والنهاية "شدقم" "2/453".
2ط: "البليع المنطق".
(2/467)
لم يبق من درادق الصبيان ... إلا بنيتان
وابنمان1
قَالَ: ويزيدونه أيضا في الكلمة إذا أسقطوا من أولها شيئا مثل: زرقم
وستهم وشدقم من الأزرق والأسته والأشدق.
قَالَ غيره: وقد يكون هذا على وجوه جاء على فعلم بالضم نحو ستهم وزرقم
وفسحم وهو الواسع [172] الصدر من الفسح وعلى فعلم بالفتح نحو شدقم
وشجعم وهو الشجاع وعلى فعلم / بالكسر نحو دقعم وهو التراب وأصله
الدقعاء ودلقم وهي الناقة المتكسرة الأسنان والأصل اندلقت أسنانها أي
خرجت وسقطت وأنشد سيبويه:
ليست بكرواء ولكن خذلم ... ولا برسحاء ولكن ستهم2
قَالَ: والكرواء: الدقيقة الساقين والخذلم: الخذلة.
__________
1 اللسان "دردق" الدردق: الصغير من كل شيء "ج" الدرادق. وخلا من الرجز.
2 اللسان "كرا" وبعدهما: "ولا بكحلاء ولكن زرقم" والخدلم: السريعة.
(2/468)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى
اسْتِحْيَاءٍ} 1 قَالَ: لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ2.
يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ
عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا
مِنْ شَأْنِ مُوسَى3.
السلفع: الشجاع قال أبو ذؤيب:
__________
1 سورة القصص: "25".
2 لم أجده من قول ابن عباس وأخرجه الطبري في تفسيره "20/70" من قول عمر
بن الخطاب وعمرو بم ميمون وكذلك ذكره السيوطي في الدر المنثور "5/125"
وابن كثير في تفسيره "3/384" والآية في سورة القصص: "25".
3 سقط من د.
(2/468)
بينا تبغيه الكماة وروغه ... يوما أتيح له
جريء سلفع1
ويقال: رجل سلفع وامرأة سلفع بغير هاء وإنما أراد الوقحة من النساء
الجريئة على الرجال. وفي هذه القصة أن موسى لما ألقى عصاه صارت حية
فوضعت فقما لها أسفل وفقما لها فوق وأن فرعون كان على فرس ذنوب حصان
فتمثل له جبريل على فرس وديق فتقحم خلفها وذكر السامري وقصة العجل وأنه
من حلي تعوره بنو إسرائيل من حلي فرعون.
الفقم: مقدم الأنف يُقَالُ: ذلك بضم الفاء وفتحها والذنوب الوافر هلب
الذنب والوديق الفرس التي استودقت للفحل.
والحصان: الفحل يُقَالُ فرس حصان بكسر الحاء وامرأة حصان بفتحها وتعوره
أي استعاره. يُقَالُ تعورنا العواري بيننا أي تداولناها وقد أعرت الشيء
إعارة وعارة قَالَ ابن مقبل:
فأخلف وأتلف إنما المال عارة ... وكله مع الدهر الذي هو آكله2
__________
1 شرح أشعار الهذليين "1/37" برواية "بينا تعانقه الكماة".
2 اللسان والتاج "عور" والديوان "243".
(2/469)
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ
لعتبة بن أبي سفيان: "أَمْهَيْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَمْهَيْتَ".
...
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ
لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ فَأَحْسَنَ
أَمْهَيْتَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَمْهَيْتَ1.
حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نافع أخبرنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ
الْخُزَاعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي
إِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ
وَكَأَنَّهُ قَرْحَةٌ يَتَبَجَّسُ وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ
جَالِسٌ2 يُدِيمُ النَّظَرَ وَلا يَتَكَلَّمُ
__________
1 الفائق "مها" "3/395" والنهاية "مها" "4/377".
2 ساقط من د.
(2/469)
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أبا
الوليد مالي أَرَاكَ تُدِيمُ النَّظَرَ وَتُقِلَّ الْكَلامَ
أَلِغَفْلَةٍ فَطَالَتْ أَمْ لِمَعْتُبَةٍ فَدَامَتْ فَقَالَ: يَا
ابْنَ عَبَّاسٍ1 أَمَّا قِلَّةُ كَلامِي مَعَكَ فَلِقِلَّتِهِ مَعَ
غَيْرِكَ وَأَمَّا إِدْمَانُ2 النَّظَرِ إِلَيْكَ فَلِكَثْرَةِ مَا
أَرَى مِنْ سُبُوغِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَلَوْ سَلَّطْتَ
الْحَقَّ عَلَى نَفْسِكَ لَعَلِمْتَ أَنَّ عَيْنَ مُحِبٍّ لا تَقْصُرُ
عَنْكَ وَأَنَّ عَيْنَ مُبْغِضٍ لا تَنَالُكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
أَمْهَيْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَمْهَيْتَ فَفَرِحَ مُعَاوِيَةُ
عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ:
دَعَوْتُ عَرْكًا فَدَعَوْا عِرَاكًا ... جَنْدَلَتَانِ اصْطَكَّتَا
اصْطِكَاكًا
قوله: أمهيت معناه بالغت في الثناء واستقصيته وأصله أن يحفر الرجل
فينبط يُقَالُ للحافر إذا بلغ الماء قد أمهى وأماه وأموه وأنهر وأعين
قَالَ ابن هرمة:
فإنك كالقريحة كاد تمهى ... شروب الماء ثم تعود ماجا3
[173] / والقريحة: أول ماء يخرج من البئر حين تحفر والمأج الماء الملح
وهذا كقول سويد الحارثي يرثي رجلا
لعمري لقد نادى بأرفع صوته ... نعي سويد أن صاحبكم هوى
أجل صادقا والقائل الفاعل الَّذِي ... إذا قَالَ قولا أنبط الماء في
الثرى
يريد أَنَّهُ بليغ القول إذا شرع في الكلام لم ينزع حتى يستقصيه ويبلغ
الغاية فيه كحافر البئر الَّذِي لا ينزع عَنْ حفرها حتى يبلغ الماء
وينبطه
__________
1 س: "يا أبا عباس".
2 ط: "وأما إدماني النطر إليك".
3 اللسان التاج "مها" برواية "عام نمى" وفي شعر إبراهيم بن هرمة "79"
برواية: "حين تمحى".
(2/470)
ويقال أمهى الفرس في جريه إذا بلغ الشأو
وَقَالَ الشاعر:
من الممهيات الركض ظل كأنه ... وقد حسرت عنه المحاضير طائر
(2/471)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
مُدَّتِ الأَرْضُ مَدَّ الأَدِيمِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قِيضَتْ
هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا فَنَثَرُوا عَلَى وَجْهِ
الأَرْضِ فَإِذَا أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ
أَهْلِ الأَرْضِ1.
يَرْوِيهِ عثمان بن سعيد أخبرنا أحمد بن يونس أخبرنا أَبُو شِهَابٍ
عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ.
قوله: قيضت معناه شقت عَنْ أهلها ومنه قيض البيضة إذا انشقت عَنِ الفرخ
يُقَالُ إذا انقاضت البيضة عَنِ الفرخ وقاضها الفرخ إذا شقها وإنما هذا
تأويل قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} 2.
__________
1 ذكره الحافظ في المطالب العالية "4/374" بلفظ "قبضت" بدل "قيضت"
تصحيف وعزاه للحارث.
2 سورة الفرقان:"25".
(2/471)
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ
مَجِيءَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم قال: "وكان عامر مرهوف البدن".
...
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ
مَجِيءَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ إِلَى رَسُولِ الله قَالَ: وَكَانَ
عَامِرٌ مَرْهُوفَ الْبَدَنِ1.
يَرْوِيهِ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءَ عَنْ
أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قوله: مرهوف البدن أي لطيف الجسم دقيقه يُقَالُ: رهف الرجل يرهف رهافة
وأكثر ما يُقَالُ: مرهف الجسم ومنه إرهاف السيف وهو إرقاق2 حواشيه
يُقَالُ سيف مرهف ورهيف.
__________
1الفائق "رهف" "2/95".
2 ح: "إرهاق حواشيه".
(2/471)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةَ إِسْمَاعِيلَ وَنُزُولُهُ
مَكَّةَ قَالَ: وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاخٌّ1.
رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ لاح بالحاء غير معجمة قَالَ:
واللاح: الضيق. ومن هذا يُقَالُ لححت عينه إذا التصقت.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وقد سمعت ابن الأعرابي يحدث به عن عبَّاسٌ
الدُّورِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ معين فَقَالَ: والوادي لاخ بالخاء معجمة
قَالَ يحيى بن معين ومن قَالَ غير هذا فقد صحف. واللاخ إذا ثقلت كان
معناه الكثير الشجر يُقَالُ:واد لاخ وأودية لواخ. ومن هذا قيل: سكران
ملتخ: أي مختلط وإذا خففت كان معناه بعد العمق. يُقَالُ: واد لاخ
وأوديه لاخة مخففة.
__________
1 أخرجه ابن قتيبة في غريبه "2/345" وابن معين في تاريخه "3/329" و
"4/329" رقم النص "359, 4637" والطبري في تفسيره "13/230".
(2/472)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 1
قَالَ كَانَ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ مِنَ الْمَاءِ بُخَارٌ
فَاسْتَصْبَرَ فَعَادَ صَبِيرًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ اسْتَوَى
إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} 2.
أخبرناه محمد بن هاشم أخبرنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قوله: استصبر أي تراكم بعضه على بعض فصار له صبر وصبر كل شيء غلظه
وكثافته والصبير / السحاب له أصبار وأطباق ويقال إنما هو الأبيض من
السحاب. [174]
__________
1 سورة هود: "7".
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "5/90" في حديث طويل والآية في سورة فصلت:
"11".
(2/472)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرْضُ الْجَنَّةِ مَسْلُوفَةٌ
وَحِصْلِبُهَا الصِّوَارُ وَهَوَاؤُهَا السَّجْسَجُ1.
ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ عَنْ أبي العبَّاس ثَعلَب عن ابن الأَعْرَابِيِّ
قَالَ: يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وفسره فَقَالَ المسلوفة
اللينة الناعمة قَالَ والحصلب التراب والصوار المسك والسجسج أرق ما
يكون من الهواء.
قَالَ غيره المسلوفة الملساء يُقَالُ سلفت الأرض بالمسلفة إذا سويتها
للزرع قَالَ والصوار والصيار نافجة المسك والسجسج هواء لا حر فيه ولا
برد.
__________
1 الفائق "سلف" "2/194" والنهاية "سلف" "2/390" وأخرجه أبو عبيد في
غريبه "4/355" عن عبيد بن عمير بلفظ "أرض الجنة مسلوفة" فقط.
(2/473)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ سُحْتٌ
وَثَمَنُ الدَّمِ وَأُجْرَةُ الْكَاهِنِ وَأُجْرَةُ الْقَائِفِ
وَهَدِيَّةُ الشَّفَاعَةِ وَجَعِيلَةُ الْغَرَقِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن مكي أخبرنا الصائغ حدثنا سعيد بن منصور
أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ2 عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ
__________
1 د, ح: "وأجر القائف" والحديث في الفائق "ثمن" "1/174".
2 كذا في د, ح وفي س: "حبيب بن أبي صالح" والصواب حبيب بن صالح انظر
التهذيب ترجمة إسماعيل بن عياش.
(2/473)
أما ثمن الدم فإنه أراد كسب الحجام وقد نهى
رسول الله صلى الله عليه عنه1 إلا أن تأويله عند عامة أهل العلم
أَنَّهُ نهي كراهية لا نهي تحريم وقد احتجم رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ
عليه فأعطى الحجام أجره ولو كان حراما لم يطعمه إياه2.
وإنما كره ذلك لخبثه ودناءة مخرجة والله أعلم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سلمان النجاد أخبرنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا
عبد الله بن بكر أخبرنا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
كَسْبِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رسول الله حَجَمَهُ أَبُو
طَيِّبَةَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ
فَخَفَّفُوا عَنْهُ مِنْ غَلَّتِهِ3.
وأما أجر الكاهن فلا إشكال في تحريمه وفي أَنَّهُ من أكل المال بالباطل
وذلك لأن قوله: زور وفعله محرم وقد نهى عَنْ حلوان الكاهن4.
وأما أجر القائف فإنه لم يبطل ذلك من أجل أن فعله باطل ولكنه إنما كره
له أخذ الأجرة لأنه كالحاكم فيما يقطع به من إلحاق الولد وإثبات النسب
والحاكم متى ما أخذ من المتحاكمين أجرا كان رشوة إنما أجره على بيت
المال وقد أثبت رسول اللَّه حكم القافة.
__________
1 أخرجه البخاري في البيوع "3/78" عن أبي جحيفة بلفظ: "نَهْيُ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم".
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/30" بلفظ "ولو كان سحتا لم يعطه"
والبخاري في الإجارة "3/122" ومسلم في المساقاة "3/1204" وغيرها.
3 أخرجه البخاري في الإجارة "3/122" ومسلم في المساقاة "3/1204"
وغيرهما.
4 أخرجه البخاري في الإٍجارة "3/122" ومسلم في المساقاة "3/1198"
وغيرهما.
(2/474)
أخبرنا ابن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا
مُسَدَّدٌ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وابن السرح قالوا: أخبرنا
سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
دَخَلَ عَلَيَّ رسول الله مَسْرُورًا فَقَالَ: "أَيْ عَائِشَةَ أَلَمْ
تَرَيْ أَنَّ مُجَزِزًا الْمُدْلَجِيَّ رَأَى زيدا وأسامة قد غطيا
رؤوسهما بِقَطِيفَةٍ وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ
الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ" 1.
وهو لا يُظْهِرُ السُّرُورَ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَرْضَى مِنَ
الْحُكْمِ إِلا بِالْعَدْلِ وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَزَيْدٌ
فِيمَا يُقَالُ أَبْيَضٌ نَاصِعُ الْبَيَاضِ فَارْتَابَ النَّاسُ
بِهِمَا وَتَحَدَّثُوا بِأَمْرِهِمَا فَلَمَّا قَالَ الْمُدْلَجِيُّ
ذَلِكَ سُرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ وَسُرِّيَ عَنْهُ مَا كَانَ يَجِدُ
مِنْ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِمَا.
وأما هدية الشفاعة فمكروهة على الوجوه كلها وذلك لأنه إن كانت شفاعته
في باطل فقد أتي محظورا وأخذ محرما وإن كانت في حق فقد أخذ على المعروف
ثمنا.
وأما جعيلة الغرق فهي ما يجعل للغائص على / استخراج المتاع الَّذِي غرق
في البحر يُقَالُ [175] جعلت له جعيلة وجعالة بفتح الجيم أي جعلا.
والمكروه من ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يستأجره على أن يخرج متاعه من البحر بأجره معلومة وهذا فاسد
والإجارة عليه باطلة لأنه غرر لا يدرى هل يظفر به أم لا وهو مثل
الإجارة على أن يرد عبده الآبق وفرسه العائر وما أشبههما.
__________
1 أخرجه البخاري في الفرائض "8/195" ومسلم في الرضاع "2/1082" وأبو
داود في الطلاق "2/280" وابن ماجة في الأحكام "2/787" والإمام أحمد في
مسنده "6/296" وغيرهم.
(2/475)
والوجه الآخر: أن يغرق متاع الرجل فيرمى به
البحر إلى الساحل فيأخذه الإنسان فإنما هو بمنزله اللقطة يجدها ليس له
أن يطلب على ردها جعلا.
فأما إذا جعل للغائص جعلا في طلب متاعه كان ذلك جائزا كما لو جعلها
لطالب العبد لأنه إنما يأخذ الجعل على كد نفسه لا على رد عبده.
(2/476)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ مَتَى يَحِلُّ شِرَى النَّخْلِ؟ قَالَ: حَتَّى
يُصَرَّحَ.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن زيرك أخبرنا عباس الدوري
أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي أخبرنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرَكٍ
الْحَنَفِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ شِرَى
النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يُطْلِعَ قَالَ: لا تَشْتَرِهِ حَتَّى يُطْلِعَ.
قُلْتُ: صِفْهُ لِي. قَالَ: حتى يصرح النخل قلت: وَمَا التَّصْرِيحُ
قَالَ: حَتَّى يَسْتَبِينَ الْحُلْوُ مِنَ الْمُرِّ هَكَذَا قَالَ:
يُصَرَّحَ بِالرَّاءِ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ يُصَوَّحَ كَذَا
رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُرَحْبِيلِ بْنِ مُدَرْكٍ قَالَ
الْبُخَارِيُّ ذَكَرَهُ لِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي
أُسَامَةَ1.
والتصويح في الثمر أن يصلب ويشقح فتبين حلاوته ويؤمن عليه العاهة وهو
في النبات أن يأخذ في اليبس والجفاف فيصفر لونه يُقَالُ صوحته الرياح
فتصوح قَالَ ذو الرمة:
وصوح البقل نأج تجيء به ... هيف يمانية في مرها نكب2
وقد صوحه السفر إذا لوحه وهج الشمس فتصوح
__________
1 أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "2/2/252" في ترجمة شرحبيل بلفظ:
"سألت ابن عباس متى يحل ثمن النخل؟ قال: حين تضرح تصحيف وتحريف" قلت ما
التضريح؟ قال: يتبين منه الحلو والمر.
2 الديوان "17" ط المكتب الإسلامي دمشق واللسان "صوع, هيف".
(2/476)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ الْكَبْشَ الَّذِي فُدِيَ بِهِ
إِسْمَاعِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَأْسَهُ مُعَلَّقٌ بِقَرْنَيْهِ فِي
الْكَعْبَةِ قَدْ وَخُشَ1......"
مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ
عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وخش: معناه أَنَّهُ قد يبس فضعف وضؤل والوخش من الرجال: الضعيف
المنهوك.
__________
1 لم أجد رواية ابن عباس هذه وقد أخرجه الأزرقي في أخبار مكة "1/222"
عن عثمان بن كلحة رواية فيها ذكر قرني كبش بألفاظ أخرى وانظر الفائق
"وخش" "4/49" والنهاية "وخش" "5/164".
(2/477)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ
خَلَفٍ لَقِيَهُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: كَيْفَ
تَرَوْنَ وِلايَةَ هَذَا الأَحْلافِيِّ قَالَ وَجَدْنَا وِلايَةَ
صَاحِبِهِ الْمُطَيَّبِيِّ خَيْرًا مِنْ وِلايَتِهِ1.
يَرْوِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ
مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي
بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ.
المطيبون والأحلاف قبائل من قريش.
قَالَ ابن شهاب: المطيبون: بنو عَبْد مناف وأسد بن عَبْد العزى وتيم بن
مرة وزهرة بن كلاب وعبد بن قصي والأحلاف مخزوم وعدي وسهم وجمح وعبد
الدار. قَالَ: وكأن السبب الَّذِي تحزبوا له أن الرياسة كانت في بني
عَبْد مناف والحجابة في بني عبد الدار وأراد بنو عَبْد مناف أن يأخذوا
ما بيدي بني عَبْد الدار فحالف بنو عَبْد الدار بني سهم
__________
1 الفائق "حلف" "1/311" والنهاية "حلف" "1/425".
(2/477)
وَقَالُوا لهم: امنعونا من بني عَبْد مناف
فلما رأت ذلك أُمِّ حَكِيمِ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عمدت إلى جفنة
فملأتها [176] خلوقا / ثم وضعتها في الحجر وقالت من تطيب بهذا فهو منا
فتطيبت به بنو عَبْد مناف وأسد وزهرة وبنو تيم فسموا المطيبين ولما
سمعت بذلك بنو سهم نحروا جزورا ثم قالوا: من أدخل يده في دمها فهم منا
فأدخلت أيديها بنو سهم وبنو عَبْد الدار وجمح وعدي ومخزوم فلما فعلوا
ذلك وقع الشر بينهم وسموا أحلافا فإنما عنى بالأحلافي عُمَر لأنه من
عدي وبالمطيبي أبا بكر لأنه من تيم بن مرة.
وَقَالَ ابن أبي مليكة: لما صاحت الصائحة على عُمَر قالت: واسيد
الأحلاف فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ويحك والمحتلف عليهم.
(2/478)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَبَشِيٍّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ
فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: أَشَرْتُ إِلَى أَرْنَبٍ فَرَمَاهَا
الْكَرِيُّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ
مِنْكُمْ} ثُمَّ قَالَ لِي: أَفْتِنَا فِي دَابَّةٍ تَرْعَى الشَّجَرَ
وَتَشْرَبُ الْمَاءَ فِي كَرِشٍ لَمْ تُثْغَرْ. قَالَ: قُلْتُ: تِلْكَ
عِنْدَنَا الْفَطِيمَةُ وَالتِّوَلَةُ وَالْجَذَعَةُ. فَقَالَ لَهَا:
اخْتَارِي مِنْ هَؤُلاءِ مَا شِئْتِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن هاشم ناالدبري عن عبد الرزاق أخبرنا
حُمَيْدُ بْنُ رُوَيْمَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنِ
الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ
الطَّائِفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِقْدَامِ2 عَنْ عَمْرِو
بْنِ حَبَشِيٍّ.
هكذا قَالَ: والتولة وهو غلط وإنما هو التلوة. يُقَالُ للجدي إذا
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "4/436" بلفظ "التوالة" بدل "التوالة"
وبلفظ "إن شئت" بدل "ما شئت" والفائق "ثغر" برواية "فجاءته امرأة
محرمة".
2 د: "عبد الله بن المقداد" والمثبت من باقي النسخ والمصنف لعبد
الرزاق.
(2/478)
ارتفع وفطم وتبع أمه تلو والأنثى تلوة
ويقال للأمهات إذا تلاها أولادها المتالي وصاحبها متل وقد أتلى ماله.
ومنه الحديث في سؤال صاحب القبر لا دريت ولا أتليت1.
وَقَوْلُهُ: لم تثغر أي لم تسقط سنها يُقَالُ ثغر إذا سقطت أسنانه وإذا
نبتت قيل اتغر2.
وفيه من الفقه: أَنَّهُ رأي عليها الفدية بالإشارة والدلالة وفيه:
أَنَّهُ اعتبر المماثلة فيها من جهة الخلقة وعلى معنى مناظرة البدن لا
على سبيل القيمة.
__________
1 أخرجه البخاري في الجنائز "2/113, 123" وأبو داود في السنة "4/238 –
239" والنسائي في الجنائز "4/98" وأحمد في مسنده "3/4, 126" كاهم بلفظ
"لا دريت ولا تليت" إلا أن في نسخة للبخاري "أتليت".
2 ح: "اثغر: بالثاء".
(2/479)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَعَهُ
الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مُتَأَبِّطَهُ وَهُوَ يَاقُوتَةٌ مِنْ يَوَاقِيتِ
الْجَنَّةِ وَنَزَلَ بِالْبَاسِنَةِ وَنَخْلَةِ العجوة1.
حدثنيه الخزاعي أخبرنا عمي إسحاق بن أحمد أخبرنا الأَزْرُقِيُّ
حَدَّثَنِي جَدِّي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
سَاجٍ عَنْ عَطَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الخزاعي: قَالَ عمي: الباسنة آلات الصناع وَقَالَ بعضهم: هي
الحديدة2 التي يحرث بها الأرض وهي السنة.
__________
1 أخرجه الأزرقي في أخبار مكة "1/329" ونقل عن أبي محمد الخزاعي تفسير
الباسنة بآلات الصناع.
2د: "هي السكة" والمثبت من باقي النسخ.
(2/479)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ ويشبه أن تكون
الباسنة1 بغير لسان العرب ويروى فِي حَدِيثِ آخر أَنَّهُ قَالَ: "نزل
بالعلاة" وهي السندان.
__________
1 من د, ح.
(2/480)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَغَدَى عِنْدَ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ فَسَمِعَ الْهَائِعَةَ فَقَالَ مَا هَذَا
فَقَالَ: انْصَرَفَ النَّاسُ عَنِ الْوِتْرِ1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ.
قوله: أتغدى يريد السحور وسماه غداء لأنه للصائم بمنزله الغداء للمفطر.
ومن هذا قوله: لبعض أصحابه هلم إلى الغداء المبارك يريد السحور2. وأول
وقت الغداء عند العرب قبيل الفجر الثاني ويقال لمن خرج في ذلك الوقت قد
غدا في حاجته فمن خرج قبل ذلك الوقت قيل أدلج. والهائعة الصيحة.
__________
1 حو ط: "من الوتر" والحديث لم أجده من رواية الواقدي وقد أخرجه عبد
الرزاق في مصنفه "4/263" باختلاف يسير وانطر الفائق "غدا" "3/56"
والنهاية "غدا" "3/346".
2أخرجه ابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية كما في الموارد صـ "223"
والبيهقي في سننه "4/236".
(2/480)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلا قَالَ له: بأي شيء أذكي إِنْ لَمْ أَجِدْ
حَدِيدَةٍ قَالَ بِلِيطَةٍ فَالِيَةٍ1.
ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ عن أبي العبَّاس عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ قَالَ:
يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
والفالية: القاطعة ومنه قولهم فلوت المهر عَنْ أمها إذا قطعته عنها2
يُقَالُ منه: فلوت المهر أفلو وفليت رأسي أفلي.
ويقال: فليته فلي الصلع وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي روق الهزاني أخبرنا
أَبُو عُمَرَ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ
قَالَ: قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ
الصُّلْحِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَرْوَانَ فَذَكَرَهُ بِخِصَالٍ فَقَالَ:
دَعْهُ عَنْكَ فقد فليته فلي الصلع مالنا لم ترك فِي أَمْرِنَا هَذَا
إِلا بَعْدَ الْفَرَاغِ. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غناك عني
خلفني عنك ولوا انْثَلَمْتَ لَرَقَعْتُكَ وَلَوْ غَوَّثْتَ أَجَبْتُ3
فَلَمَّا قَامَ أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ
هَكَذَا4 كَلامُ قومي.
__________
1 الفائق "فلى" "3/339" والنهاية "فلى" "3/474" وجاء في الفائق: الليط:
قشر القصب اللازق به وكذا ليط القناة وكل شيئ كانت له صلابة ومتانة
فالقطعة منه ليطة.
2 س: "إذا قطعهاعنها".
3 ط: "ولو غوثت أجبت" بالبناء للمفعول.
4 س: "هذا كلام قومي".
(2/481)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ وهو في مجلسه فَقَالَ: مَا
شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ لِي حَاجَةً وَأَنَا أَكْتَهِيكَ1.
سَمِعْتُ أباعمر يقول: يروى هذا عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
وَمَعْنَاهُ إِنِّي أُعَظِّمُكَ وَأَجِلُّكَ / قَالَ: ومن هذا قولهم
ناقة كهاة أي عظيمة السنام قَالَ الشاعر: [167]
إذا عرضت منها كهاة سمينة ... فلا تهدمنها واتشق وتجبجب2
وَقَالَ غيره: معناه إني أجبن عَنْ مخاطبتك وأعيا بها.
قَالَ: واشتقاقه من قولهم حجر أكهى إذا كان أملس لا صدع فيه ومنه قول
ابن هرمة:
كما أعيت على الراقين أكهى ... تعيت لا مياه ولا فراعا3
يريد صخرة ملساء والفرع شق في الهضبة يكون فيه الكلأ.
__________
1 الفائق "كهى" "3/288" والنهاية "كهى" "4/216".
2 اللسان التاج "كهى" دون عزو وعزي في مادة "جبب" لخمام بن زيد مناة
اليربوعي.
(2/454)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كره الضرس1. قال أبو عمر: أنبأنا ابْنُ أبي
الدميك بإسناد له قَالَ: والضرس: صمت يوم إلى الليل وهذا تفسيره.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وأراه إنما سمي ضرسا لإطباق الصامت فمه وضمه
أضراسه بعضها إلى بعض وأصل الضرس العض الشديد بالأضراس.
ومنه ضرس القدح وهو أن يعلم الرجل قدحه بأن يعضه بأسنانه ليؤثر فيه
قَالَ الشاعر:
وأصفر من قداح النبع فرع ... به علمان من عقب وضرس2
وهذا كتسميتهم الإمساك عَنِ الطعام أزما وأصله العض يُقَالُ أزم الرجل
على الشيء إذا عض عليه.
__________
1 الفائق "ضرس" "2/339" عن أبي هريرة والنهاية "ضرس" عن ابن عباس.
2 في د: "وأصغر من قداح النبع كرع" وفي اللسان التاج "عفب" برواية:
"وأسمر من قداح النبع فرع" وعزي لدريد بن الصمة.
(2/458)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ} قَالَ: الشُّعُوبُ: الْجُمَّاعُ وَالْقَبَائِلُ:
الأَفْخَاذُ يتعارفون بها1.
__________
1 أخرجه الطبري في تفسيره "36/139" وذكره السيوطي في الدر المنثور
"6/98" وعزاه للغريابي وابن جرير وابن حاتم والآية في سورة الحجرات:
"13"
(2/459)
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا الدقيقي
أخبرنا يزيد بن هارون أنبأنا قَيْسٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الجماع: يكون بمعنيين أحدهما أن يراد به منشأ النسب وأصل المولد وجماع
كل شيء: مجتمع أصله. ويقال: لما اجتمع في الغصن من براعيم النور هذا
جماع الثمر: أي مجتمع أصله ولا أراه ذهب إلى هذا لأن الشعوب هم العجم
ومن لا يعرف له أصل نسب فهم شعوب أي متفرقون من أصول شتى وإنما أريد
[169] بالجماع / ها هنا الفرق المختلفة من الناس.
قَالَ الأصمعي: يُقَالُ هم أوزاع من الناس وأوباش وأوشاب وهم الضروب
المتفرقون قَالَ والجماع مثله قَالَ أَبُو قيس بن الأسلت:
من بين جمع غير جماع1
وَأَخْبَرَنِي ابن الفارسي أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن المؤمل العدوي عن
الزُّبَير بن بَكَّار قَالَ العرب على ست طبقات وهي شعب وقبيلة وعمارة
وبطن وفخذ وفصيلة
فالشعب تجمع القبائل والقبائل تجمع العمائر والعمائر تجمع البطون
والبطون تجمع الأفخاذ والأفخاذ تجمع الفصائل فمضر
__________
1 اللسان التاد "جمع" وصدره "حتى انتهينا ولنا غاية" وفي المفضليات
برواية: "حتى تجلت ولنا غاية" وجاء في اللسان لقيس بن الأسلت السلمي
يصف الحرب "وهو تحريف".
وأبو فيس كنيته واختلف في اسمه والمشهور الراجح أنه صيفي بن عامر بن
جشم بن وائل الأنصاري وكانت الأوس أسندت أمرها إلى أبي فيس وجعلتها
رئبسا عليها فكفى وساد واختلف في إسلامه فقيل إنه وعد بالإسلام ثم سبق
إليه الموت فلم يسلم عن الإصابة "4/252" والأغاني "15/154" وتاريخ ابن
الأثير "1/284".
(2/460)
[177] / وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَبِيحَةَ الأَرْغَلِ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ هَاشِمٍ أخبرنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ.
هكذا قَالَ: الأرغل: هو الأغرل. يريد الأقلف والغرلة: القلفة. وقَالَ
بعضهم: الأغرل والأرغل سواء.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "4/483" بلفظ "أغرل".
(2/480)
|