غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ علقمة بن قيس
حديث علقمة أنه كان إذا خطب في نكاحٍ قَصَّر دون أهله
...
حديث علقمة بن قيس
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ علقمة: "أنه كان إذا خطب في
نكاحٍ قَصَّر دون أهله"1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأعْرَابِيِّ، نا ابْنُ عفان، نا ابن نمير، عن
الأعمش، عن إبراهيم.
قال ابن نمير: معناه يخطب إلى من دونه، يريد أمسك عمن هو فوقه، قال
الأعشى:
أثوى وقَصَّر ليلة ليزوَّدا ... فمضى, وأخلف من قتيلة موعدا2.
أي أقام وأمسك عن السفر [ليزوَّد] 3.
__________
1 أخرجه أبو نعيم في: الحلية: 100/2, عن الأعمش، عن إبراهيم بلفظ: "كان
علقمة يتزوج إلى أهل بيت دون أهل بيته" يريد بذلك التواضع.
2 الديوان: 54.
3 ساقطة من ط، د.
(3/11)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
علقمة أنه قال: "قرأت القرآن في سنتين، فقال الحارث: القرآن هَيِّن،
الوحي أشد منه"1.
من حديث أبي خيثمة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم.
__________
1 الفائق: "قرأ": 185/3, والنهاية: "وحى": 163/5.
(3/11)
أراد بالوحي الخط والكتاب، يقال: وَحَيْتُ
الكتاب وَحْيًا فأنا وَاحٍ، والكتاب مَوْحِيٌّ،
قال الشاعر:
218 / ما هيج الشوق من آثار أطلالِ ... أضحت كمثل الوحي من واحٍ
وقال حميد بن ثور:
كَوَحي الصفا لا يبرح الوحي في الصفا ... جديدًا وإن رِيْحَ الصفا
وتمطَّرَا1
__________
1 س: "وتفطَّرا" ولم أقف عليه في ديوانه, ط دار الكُتُب.
(3/12)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
علقمة: "أنه قال للأسود: يا أبا عمرو, قال: لبيك، قال: لَبَّى يديك"1.
يرويه أحمد بن حنبل، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم.
قوله: لَبَّى يديك، معناه: سلمت يداك وصحتا, وأصله من لَبَّ الرجل
بالمكان، وأَلَبَّ به إذا لزمه وأقام به.
أخبرني ابن مالك، أنا محمدُ بن إبراهيم بن سعيد2 العبدي قال: سمعت ابن
عائشة يقول: دعا أعرابي غلاماً له, فأبطأ في الإجابة، ثم قال: لبيك،
فقال: لبَّ عمود جنبيك.
وكان الأصل في لَبَّى: لَبَبَ، فأبدلوا من إحدى الباءات ياء طلبا
للخفة، كما قالوا تقضَّى الطائر من تقضص، وتظنى الرجل من تظنن.
قال العجاج:
تقضِّيَ البازي إذا البازي انكسر3
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 87/6, وكذلك في: 74/6.
2 ح: "بن سعد".
3 الديوان: 28، وفي د: "كسر" بدل "انكسر".
(3/12)
وقال النابغة:
فليس يرد مذهبها التَّظنِّي1
وأراه إنما ترك الإعراب في قوله: لَبَّى يديك، وكان حقه أن يقول: يداك؛
لتأتلف الكلمتان وتزدوجا، والعرب قد تفعل ذلك؛ تتوخى به ازدواج الكلام,
كقولهم: إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا، وإنما تجمع الغداة على
الغدوات, فسلكوا بها مسلك العشية؛ لتزدوج الكلمتان.
وقالوا: حَيَّاك الله وبَيَّاك، وإنما هو بَوَّاك، فحولوها عن الواو
إلى الياء، ومثلُ هذا في كلامهم كثير.
فأما الحديث الذي يروى: "أن رجلًا خاصم أباه عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, فأمر به, فَلُبَّ له".
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ، نا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ، عَنْ ابن جريح قال: سمعت ابن أبي حسين يقول: خاصم رجل
أباه فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنت ومالك لأبيك",
ثم أمر به, فلُبَّ له2.
فليس هذا من الأول في شيء، ومعناه أنه علق وجر له من الأخذ بموضع
اللَّبَّة.
__________
1 الديوان: 197, وصدره: "قوافٍ كالسهام إذا استمرت", وقبله:
ألكْنِي يا عُيَيْن إليك قولًا ... سأهديه إليك إليك عني
2 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 131/9, بلفظ: "قلت له" بدل "فلب له",
وهو تحريف, وفيه "ابن حسين" بدل "ابن أبي حسين", والصواب ما جاء به
الخطابي، وابن أبي حسين هو: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
أبي حسين, من شيوخ ابن جريج, عن تهذيب التهذيب: "402/6".
(3/13)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
علقمة: "أن أبا وائل, قال: قال لي زياد: إذا وليت العراق فأتني، قال:
فأتيت علقمة, فسألته, فقال: لا تقربهم؛ فإن على أبوابهم فتنًا
كَمَبَارِكِ الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينك
مثليه"1.
حدثناه ابن فراس، نا الصَّائِغُ, نا سَعِيدُ بْنُ منصور، أخبرنا هشيم,
أخبرنا سيار, عن أبي وائل.
قوله: كَمَبَارك الإبل، أراد أنها تُعْدِي، كما أن الإبل إذا أنيخت في
مبارك الجربَى جربت.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 89/6, بنحوه بألفاظ متقاربة.
(3/14)
|