غريب الحديث للخطابي

حَدِيثِ الأسود بن يزيد
حديث الأسود: أنه كان يصوم في اليوم الشديد الحر, الذي إن الجمل الجَلْد الأحمر, لَيُرِيح فيه من الحر
...
حديث الأسود بن يزيد
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الأسود: أنه كان يصوم في اليوم الشديد الحر, الذي إن الجمل الجَلْد الأحمر, لَيُرِيح فيه من الحر"1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَالِكٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نا عبيد الله، نا حسين2، عن منصور، عن بعض أصحابه.
قوله: يُرِيْح: أي يموت ويهلك.
أخبرني أبو عمر, أنا ثعلب, والمبرد, قالا: العرب تقول: أَرَاحَ الرجل إذا استراح، وأَرَاح إذا مات.
وقال بعضهم: يَرْنَح من الحر، يقال: رَنَح الرجل, إذا أصابه كالإغماء "219"/ فدير به,
قال الشاعر:
فظل يُرَنِّح في غيطلٍ ... كما يستدير الحمار النَّعِر3
وإنما ضرب المثل بالجمل الأحمر؛ لأنه من أصبر الإبل, قال الأموي: عبد الله بن سعيد: قيل لابن لسان الحُمَّرة: أَخبِرْنا عَنِ الإبل, فَقَالَ: حُمْرَاها صُبْرَاها، وَعِيساها حُسناها، ووُرقاها غُزراها، ولا أبِيعُ جَونةً ولا أَشْهَدُ مشراها.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 70/6, بلفظ: "ليرنَّح" بدل "ليريح", وأخرجه ابن المبارك في: الزهد: 528, بألفاظ متقاربة.
2 ح: "نا حسن".
3 اللسان والتاج: "رنح", وهو لامرئ القيس يصف كلب صيد طعنه الثور الوحشي بقرنه، فظل الكلب يستدير كما يستدير الحمار الذي قد دخلت النعرة في أنفه, "النعر: ذباب أزرق يلسع", وهو في الديوان: 162.

(3/15)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الأسود: أن عطاء بن السائب قال: رأيته قد تلفف في قطيفة له، ثم عقد هدبة القطيفة بنعفة الرحل وهو محرم1.
يرويه حجاج، عن حماد، عن عطاء بن السائب.
النعفة: سير يُشدُّ في آخرة الرحل يُعلَّق به الشيء.
وفيه من الفقه أَنَّهُ لم ير تلفُّفَه في القطيفة مفسدًا إحرامه، فإنما حَرُمَ على المحرم لبس الثياب المخيطة، فأما اشتماله بالثوب وتلفُّفَه بالقطيفة ونحوها مما لا كُمَّيْ له, فإنه لا يضره ذلك ما لم يغط رأسه, فأما لبس القباء فلم ير به أهل الكوفة بأسًا, وكرهه الشافعي, ورأى فيه الفدية إذا أدخل يديه كُمَّيْه.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 72/6 بألفاظ متقاربة.

(3/16)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الأسود في قوله: {وَإِنَّا لَجَمِيْعٌ حَاذِرُونَ} 1, قال: مُقْوُون مُؤْدُون2.
__________
1 سورة الشعراء: 56.
2 أخرجه الطبري في: تفسيره: 77/19, عن سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ الأسود, ولم يذكر أبان بن تغلب بينهما، وذكره السيوطي في: الدر المنثور: 85/5, وعزاه للفريابي, وعبد بن حميد, وابن جرير, وابن أبي حاتم.

(3/16)


يرويه سفيان عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبٍ، عَنْ أبي إسحاق، عن الأسود.
المُقْوِي: صاحب الدوابِّ1 القَوِيَّة والمُؤْدِي: الكامل أداة الحرب مهموز, فأما المُودِي بلا همز فهو الهالك، قال حسان:
يظل منها صحيح القوم كالمودي2
قال يعقوب: آديت للسفر فأنا مُؤْدٍ له، أي متهيئ له، وقد تَآدَيْت للدهر والأمر، إذا أخذت له أَدَاته تآدياً، قال الأسود بن يعفر:
قتلًا وسبيًا بعد حسن تَآدِي3
__________
1 ح: "صاحب الدابة القوية".
2 الديوان: 345 برواية: "يظل منها لبيب القوم كالمودي" وصدر البيت:
"لقد قذفت بها شنعاء فاضحة"
3 المفضليات: 217, وصدره:
"ما بعد زيدٍ في فتاةٍ فرقوا"
وشعراء النصرانية: 482/4.

(3/17)