غريب الحديث للخطابي

حَدِيثِ سعيد بن المسيب
حديث سعيد بن المسيب أنه قال في أكل الضبع: إن ناساً من قوم يَتَحَبَّلُونها فيأكلونها"
...
حديث سعيد بن المسيب
* قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد: "أن عبد الله بن يزيد السعدي قال: سألته عن أكل الضبع, فقال: إن ناساً من قوم يَتَحَبَّلُونها فيأكلونها"1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مالك، أنا بشر2, أخبرنا الحميدي، أخبرنا سفيان، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ السعدي.
قوله: يَتَحَبَّلُونها؛ أي: يصطادونها بالحِبَالة, يقال: تَحَبَّلْت الصيد واحتبلته، قال ذو الرمة يصف حُمُرًا:
فجاءت بأغباش تَحجَّى شريعة ... تِلَادا عليها رميها واحْتِبَالُهَا3
يريد أنها بكَّرَت تؤم هذه الشريعة، والحابِلُ: الذي ينصب الحبالة للصيد, قَالَ الشاعر:
كأَنَّ بِلادَ الله, وَهْيَ عَرِيضَةٌ ... عَلَى الخائِفَ المَطلوب كِفَّة حَابِلِ4
__________
1 أخرجه الحميدي في: مسنده: 194/1, بلفظه، وأحمد في: مسنده: 195/5, و"445/6", باختلاف يسير في الألفاظ.
2 د، ح: "بشر بن موسى".
3 اللسان: "حجا", والديوان: 536, برواية: "تحرى" بدل "تحجى", والأغباش: بقية من سواد الليل إلى آخره.
4 سبق في الجزء الأول، لوحة: 264.

(3/40)


أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب, قال: كل مستطيلٍ كُفَّةٌ، مضمومة الكاف، وكل مستدير كِفَّةٌ بكسرها.

(3/41)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد أنه قال: "وقعت فتنة عثمان, فلم يبق من المهاجرين أحد، ووقعت الحرة فلم يبق من أهل الحديبية أحد، ووقعت الثالثة فلم ترتفع, وفي الناس طَبَاخ"1.
يرويه أحمد بن حنبل، عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب.
أصل الطَّبَاخ: القوة والسمن، ثم استعمل في غيرهما, فقالوا: فلان لا طَبَاخ له: أي لا عقل له ولا خير عنده, قال حسان:
والمال يغشى رجالًا لا طَبَاخ لهم
كالسيل يغشى أصول الدِّندن البالي2.
والدِّندن: ما بلي من الشجر.
__________
1 أخرجه البخاري في: المغازي: 110/5, تعليقاً في غزوة بدر، وقال الحافظ في: الفتح: 323/7: "وصله أبو نعيم في: المستخرج عن أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد".
2 فتح الباري: 250/7، اللسان: "طبخ"، الديوان: 147 برواية: "والمال يغشى أناسًا ... ".

(3/41)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد: "أنه بلغه قول عكرمة في الحِين أنه ستة أشهر, فقال: انْتَقَرها عكرمة"1.
أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثوري، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 389/6 بلفظ: "أسفرها" بدل "انتقرها", وقول عكرمة في تفسير "حين" أخرجه الطبري في: تفسيره: 208/13.

(3/41)


هذا في الرجل يحلف على الشيء لا يفعله حينا، والحين: مدة من الزمان "227" / غير معلومة, فكان عكرمة يحده بستة أشهر.
ومعنى انتقرها: أي استخرجها واستنبط علمها من كتاب الله, يريد قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} 1, قالوا: في كل ستة أشهر، وأصله من النَّقْر، وهو البحث عن الشيء، والانتقار أيضا بمعنى الاختصاص، كقول طرفة:
لا ترى الآدب فينا يَنْتَقِرْ2
فكأنه على هذا التأويل يقول: قد اختص عكرمة بها، وتفرد بعلمها، أو ما أشبه ذلك من الكلام.
ورواه عبد بن حميد، عن عبد الرزاق بإسناده سواء.
وقال: انتقرها عكرمة، يعني أصاب.
قال أبو سليمان: وروي عن سعيد3 من غير هذا الوَجْه أَنَّه ذكر له قول عكرمة هذا فقال: كذب العبد، فإن كان سعيد إنما ذهب في قوله: انتقرها عكرمة إلى تكذيبه، فمعناه أنه اقتالها من قبل نفسه، أو اختص بقول فيها لم يتابع عليه أو نحو هذا من الكلام. والله أعلم.
__________
1 سورة إبراهيم: 25.
2 تقدم تخريجه في الجزء الثاني، لوحة 57.
3 ح: "سعيد بن المسيب".

(3/42)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد أنه قال: "رحم الله عمر لو لم ينه عن المتعة لاتخذها الناس دَوْلَسِيًّا"1.
من حديث حماد، عن قتادة, عن سعيد.
قوله: دولسياً: أي علة للحرام وذريعة إلى الزنى، وأصله من الدَّلَس، وهو إخفاء العيب وستره، ومنه التدليس في البيع، والواو في الدولسي زائدة، كما زيدت في الكوثر، وأصله الكثرة.
يقول: لولا النهي عن المتعة لكان صاحب الريبة يدلس بها على الناس, فيستبيح الحرام, ويسقط بها عن نفسه الحد.
__________
1 الفائق: "دلس": 436/1, والنهاية: "دلس": 129/2.

(3/42)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد: "أنه قال فيمن قتل قرادًا أو حُنظُبانًا وهو محرم، يتصدق بتمرة أو تمرتين"1.
أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابن عيينة، عن ابن حرملة، عن ابن المسيب.
الحُنظُبان: ذكر الخنافس، وهو الحُنظُب، قال الشاعر:
وأمك سوداء نوبية ... كأن أناملها الحُنظُبُ
فأما العُنْظُب فإنه ذكر الجراد.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 448/4.
2 اللسان، التاج: "حنظب", وعزى لحسان بن ثابت, وهو في ديوانه: 370, والحيوان: 145/1.

(3/43)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سعيد: "أنه كره أن يُجْعَل نطْلُ النبيذ في النبيذ ليشتدَّ بالنَّطْل"1.
__________
1 النهاية: "نطل": 76/4, وجاء في الشرح: "يقال: "ما في الدَّنِّ نَطْلة ناطل" أي جرعة, وبه سمى القدح الصغير الذي يعرض فيه الخمار أنموذجه ناطلاً". والحديث أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 215/9, والنسائي في: الأشربة: 334/8, عن عبد الله بن المبارك, عن معمر, عن قتادة.

(3/43)


أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ, عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ معمر, عن قتادة, قال عبد الرزاق: النَّطْل: الطَّحَل، يعني الثَّجِير, والأصل في النطل أن يؤخذ سُلَاف النبيذ وما صفا منه، فإذا لم يبق إلا العكر صب عليه ماء ثانٍ، فهو النطل, والطَّحَل: الخاثر الكَمِد اللون.

(3/44)