غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ الحسن بن أبي الحسن
حديث الحسن: "أنه قيل له: أكان أصحاب رسول
الله يمزحون؟ قال: نعم, ويتقارضون"
...
حديث الحسن بن أبي الحسن
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الحسن: "أنه قيل له: أكان
أصحاب رسول الله يمزحون؟ قال: نعم, ويتقارضون"1.
أخبرناه ابن مالك2، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا إسماعيل بن موسى
الفزاري، أخبرنا محمد بن يعلى السلمي، عن حماد بن عبد الرحمن العبدي،
عن الحسن.
قوله: يتقارضون من القريض: وهو الشعر، يقال: قرضت قريضاً, أي قلت
شعراً، ومنه قول عبيد بن الأبرص حين استنشده النعمان بن المنذر قصيدته،
وقد أمر بقتله: "حال الجريض دون القريض"3.
ونحو هذا قول أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وذكر أصحاب رسول
الله, فقال: "لم يكونوا متحزقين ولا متماوتين، كانوا يتناشدون الشعر في
مجالسهم, ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء من
__________
1 لم أجده من قول الحسن، وقد أخرجه أبو نعيم في: الحلية: 275/2, عن
محمد بن سيرين: "سئل هل كانوا يتمازحون؟ فقال: ما كانوا إلا كالناس،
كان ابن عمر يمزح, وينشد الشعر", وأخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 327/11،
451 من حديث ابن عمر بمعناه.
2 ح: "أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَالِكٍ".
3 في اللسان: "جرض": مثل يقال عند كل أمرٍ كان مقدوراً عليه, فحيل
دونه، والجريض: اختلاف الفكين عند الموت، والقريض: الجِرَّةُ, وهو في:
الأمثال لأبي عبيد: 319، الفاخر: 250، العسكري: 359/1، الميداني:
191/1، الزمخشري: 55/2، البكري: 444.
(3/86)
أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون"1.
__________
1 سبق تخريجه في أحاديث أبي سلمة بن عبد الرحمن, لوحة 228.
(3/87)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أنه أصيب بمصيبة فقال: الحمد لله الذي أَجَرَنَا على ما لا بد
لنا منه، وأثابنا على ما لو كَلَّفَنَا سواه صرنا فيه إلى معصية"1.
أخبرنا ابن الأعرابي، أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي، أخبرنا العتبي،
حدثنيه مُحَدِّثٌ.
يقول: إن الله عز وجل إنما أمرنا بالصبر؛ ليأجرنا عليه، ولو لم يأمرنا
بالصبر لكنا صابرين إليه لا محالة، إذ كان لا بد للجازع من السلو، ولو
كلفنا سواه: أي سوى الصبر وأمرنا باستدامة الجزع لم يكن في وسعنا
الإقامة عليه, ولم نتمالك أن نخرج إلى معصيته بالذهول عنه.
__________
1 لم أقف عليه فيما بين أيدينا من مراجع.
(3/87)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن عيسى بن عمر قال: أقبلت مُجرَمِّزًا حتى اقْعَنْبَيْتُ بين
يديه, فقلت: يا أبا سعيد: ما قول الله: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا
طَلْعٌ نَضِيدٌ} 1قال: الطِّبِّيْعُ في كُفُرَّاهُ"2.
حدثناه أحمد بن عبدوس، أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي، أخبرنا العباس بن
بكار, أخبرنا عيسى بن عمر.
المُجْرَمِّزُ: الذي قد تقبض وتجمَّع، قال ذو الرمة:
__________
1 سورة ق: 10.
2 ذكره البخاري في: التفسير: 172/6, من غير أن ينسبه إلى الحسن, وانظر
الفائق: "جرمز": 207/1, والنهاية: "جرمز": 263/1.
(3/87)
تجلو البوارق عن مُجْرَمِّزٍ لَهِقٍ ...
كَأَنَّهُ مُتَقَبِّي يلمَقٍ عَزَبُ1
يقال: ضم الرجل جَرَامِيْزَهُ، إذا استعد للأمر، ومثله: شد حيازيمه.
وقوله: اقْعَنْبَيْتُ، سألت عنه أبا عمر فقال: هو أن يقعد قعدة
المستوفز.
يقال: اقْعَنْبَى الرجل, إذا جعل يديه على الأرض, وقعد مستوفزًا.
وقال غيره: إنما يقال في هذا: اقْرَنْبَعَ في جلسته، واقْرَعَبَّ إذا
تقبض وتجمع, والطِّبِّيْعُ: لُبُّ الطَّلْعُ، ويقال: إنما سمي
طِبِّيْعًا؛ لامتلائه واحتشاء قشره به, ويقال: هذا طِبْع الإناء: أي
ملؤه.
والكفُرَّى: قشر الطلع هاهنا، وهو في قول "240" / الأكثرين الطلع بما
فيه.
قال الأصمعي: الكافور: وعاء طلع النخل، قال: ويقال له أيضًا: قَفُّور.
قال غيره: هو القِيقَاءة, فأما القَيْقَاةُ فأرض فيها حزونة، قال
الشاعر:
إذا تمطين على القَيَاقِي ... لاقين منها أُذُنَيْ عَنَاقِ2
يقال: جاء فلان بالعناق، ولقي أذني عناق: أي الداهية، وأنشدني أبو
عُمَر، أنشدنا أبو العباس ثعلب:
__________
1 اللسان والتاج: "قبا، لمق", والديوان: 20.
2 اللسان، والتاج: "قيق", دون عزو.
(3/88)
أمن ترجيع قارية تركتم ... مطاياكم,
وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ1
وأما النضيد: فهو المجتمع الحب, المضموم بعضه إلى بعض. يقال: نَضَدْتُ
المتاع, إذا ضممت بعضه إلى بعض، وإنما يسمى نضيدًا ما لم ينشق، فإذا
انشق وتفرق شماريخه, فليس بنضيد.
__________
1 اللسان والتاج: "عنق", برواية: "سباياكم" بدل: "مطاياكم".
(3/89)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: أنه قال: "القتل بالقَسَامَةِ جَاهِلَيَّةٌ"1.
أخبرناه ابن الأعرابي، أخبرنا عباس الدوري، أخبرنا يحيى بن معين،
أخبرنا عبد السلام بن حرب، عن يونس، عن الحسن.
قال ابن الأعرابي: معناه أن أهل الجاهلية كانوا يحكمون بالقَسَامَة،
وقد قرره الإسلام.
قال أبو سليمان: وممن رأى القَوَدَ بالقَسَامَة مالك بن أنس وأحمد بن
حنبل، فأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم لم يوجبوا بها القود, إنما ألزموا
بها
__________
1 النهاية: "قسم": 62/4, برواية: "القسامة جاهلية", قال: وفي رواية:
"القتل بالقسامة جاهلية", كما أورده الخطابي.
وجاء في: النهاية في شرح القسامة ما يأتي:
"القَسَامَة بالفتح: اليمين كالقسم، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم
خمسون نفراً على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلاً بين قوم، ولم
يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا
يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على
نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم
تلزمهم الدية".
وقد أقسم يقسم قَسَماً وقَسَامَة إذا حلف, وقد جاءت على بناء
الغَرَامَة والحَمَالة؛ لأنها تلزم أهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل.
وأخرجه ابن معين في: تاريخه: 26/4, والبيهقي في: السنن الكبرى: 129/8,
عن عبد السلام.
(3/89)
الدية، وكذلك مذهب الشافعي وأصحابه، إلا أن
أهل الرأي جعلوا الأيمان على المُدَّعَى عليهم، ورأى الشافعي، رحمه
الله، أن اليمين على أولياء الدم على ظاهر حديث حُوَيَّصَة
ومُحَيِّصَة، وقوله صلى الله عليه: "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" 1.
وذهب بعض العلماء إلى أن القسامة لا توجب عقلًا ولا قوداً.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: القسامة جور، شاهدان يشهدان.
قال أبو سليمان: وسنة رسول الله أولى ما اتبع.
__________
1 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الجزية: 123/4، ومسلم في: القسامة:
1291/3، 1293، وأبو داود في: الديات: 177/4, وغيرهم.
(3/90)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن الحجاج أرسل إليه, فأدخل عليه, فلما خرج من عنده قال: دخلت
على أُحَيْول يُطَرطِبُ شُعَيْرَاتٍ له، فأخرج إليَّ بَنَانًا قصيرة قل
ما عَرِقَت فيها الأَعِنَّةُ في سبيل الله"1.
حدثناه ابن الزئبقي، أخبرنا أبي، أخبرنا الهيثم بن صفوان بن هبيرة،
أخبرنا أبي صفوان، أخبرنا العباس بن سفيان، أخبرنا أبو موسى، عن الحسن.
قوله: يُطَرطِبُ شُعَيرَاتٍ له: أي ينفخ شفتيه في شاربه غيظًا أو
كبراً.
والأصل في الطَّرْطَبَة: الدعاء بالضأن والصفير لها بالشفتين.
__________
1 تهذيب تاريخ ابن عساكر: 76/4.
(3/90)
قال أبو زيد: يقال طَرْطَبْتُ بالضأن
والمعز طَرْطَبَة، ورأرأت بها رأرأة.
[وأنشد أو غيره:
وجال في جحاشه وطَرْطَبَا] 1
وقال غير أبي زيد: الطرطبة: صوت للحالب بالمعز ليسكنها به.
قال المغيرة بن حبناء:
يطرطب فيها ضاغطان وناكت2
__________
1 من د، ح، ط, وهو في اللسان والتاج: "طرطب وقرطب", دون عزو، وقبله:
"إذا رآني قد أتيت قرطبا"
وقرطب: غضب.
2 في س، ط: "وناكب" بدل: "وناكت", وفي د، ح واللسان: "طرطب": وناكت,
وصدره:
"فإن استك الكوماء عيب وعورة"
(3/91)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن أنه ذكر الحجاج فقال: "وهل كان إلا حمارًا هَفَّافًا"1.يَرْوِيهِ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ.
قوله: هَفَّافاً، يريد سريعًا طياشاً, يقال: هَفَّ الحمار هَفِيفاً،
إذا أسرع في سيره، وهفت الريح إذا مرت مرًّا سريعاً، وريح هَفَّافَةٌ.
__________
1 تهذيب تاريخ ابن عساكر: 76/4.
(3/91)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن رجلا سأله, فقال: إنَّ برجلي شُقَاقًا فقال: اكْفُفْهُ
بخرقة"1.
من حديث "241" / أبي هلال الراسبي، عن الحسن.
قوله: اكففه: أي اعصبه بها، يقال: كففت الشيء، إذا جعلت له حجازاً من
حواليه, قال امرؤ القيس:
كأن على لباتها جمر مصطلٍ ... أصاب غَضًى جَزْلًا وكُفَّ بأجْذَالِ2
قوله: كُفَّ بأجذال: أي جعل حول الجمر أصول الشجر.
__________
1 الفائق: "كف": 272/3, والنهاية: "كف": 191/4.
2 الديوان: 29, وجاء في الشرح: قوله: "كأن على لبَّاتها" شبَّه توقد
الحلية بجمر غضى، وخص الغضى؛ لأن جمره أبقى، والأجذال: أصول الشجر،
وذكر المصطلي؛ لأنه يقلب الجمر, ويتعاهده لئلا يخمد.
(3/92)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن عبيدة بن أبي رايطة قال: أتيناه, فازدحمنا على
مَدْرَجَتِهِ: مَدْرَجَةٍ رَثَّةٍ فقال: أحسنوا مَلأَكُم أيها
المَرْؤُون، وما على البناء شفَقاً، ولكن عليكم فاربعوا، رحمكم الله"1.
يرويه أحمد بن إبراهيم الدورقي، أخبرنا عبد الصمد, حدثني عبيدة [قال:
وحدثني أبو عمرو الحيري، قال: حدثنا مسدد بن قطن] 2
قوله: أحسنوا ملأكم. قَالَ أبو زَيْد: يقالُ للرّجلُ: أحسن ملأك: أي
خُلُقَك.
__________
1 الفائق: "ملأ": 384/3، والنهاية: "ملأ": 352/4.
2 من ح.
(3/92)
والمَرْؤُون: جمع المرء، يقال مَرْءٌ
ومَرْآن، وامرؤ وامرُؤَان، وقل ما يجمع من لفظه، كما لا تجمع المرأة من
لفظها، إنما يقال: النساء.
ويروى عن يونس النحوي أو غيره, قال: "قال: ذهبنا إلى رؤبة بن العجاج،
فلما رآنا قال: أين يريد المَرؤون؟ ".
وقوله: ما على البناء شَفَقاً، ولكن عليكم، نصب شفقاً على إضمار الفعل,
كأنه قال: ما على البناء أشفق شفقاً أو أريد شفقاً، ولكن عليكم أشفق.
وقد ينصب كثير من الكلام على إضمار الفعل, كقولهم: كلاهما وتمراً1: أي
كلاهما ثابت لي، وزدني تمراً, وقولهم: "ما كل سوداء تمرةً, ولا كل
بيضاء شحمةً"2، على معنى لا تكون كل سوداء تمرة.
وقولهم: أخذته بدرهم فصاعداً, كأنه قال: فزاد صاعداً، أي: فذهب صاعداً,
ومثله في الكلام كثير.
وقوله: فاربعوا، أي ارفقوا بأنفسكم.
قال الأصمعي: يقال اربع على نفسك: أي ارفق بنفسك وكف.
__________
1 مجمع الأمثال: 151/2، والمستقصى: 231/2.
2 الفاخر: 195، وجمهرة الأمثال: 287/2، ومجمع الأمثال: 281/2،
والمستقصى: 328/2.
(3/93)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن "أنه قال: طلب هذا العلم ثلاثة أصناف من الناس: فصنف تعلموه
للمراء والجهل، وصنف تعلموه للاستطالة والختل، وصنف تعلموه للتفقه
والعقل، فصاحب التفقه والعقل ذو كآبة وحزن، قد تنحى في بُرنُسه، وقام
الليل في حِنْدِسِهِ، قد أوكَدَتَاه يداه، وأَعْمَدَتَاه رجلاه، فهو
مقبل على شأنه, عارف بأهل زمانه، قد
(3/93)
استوحش من كل ذي ثقة من إخوانه، فَشَدَّ
الله من هذا أركانه, وأعطاه الله يوم القيامة أمانه، وذكر الصنفين
الآخرين"1.
حدَّثَنِيهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ التَّيْمِيُّ، أخبرنا أحمد بن
يحيى بن مملك، أخبرنا أبو بدر: عباد بن الوليد الغبري، أخبرنا حبان بن
هلال، أخبرنا عبد القاهر بن شعيب، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ
الحسن.
الخَتْلُ: الخِداع. يقال: ختلت الصيد, وختلت الرجل ختلًا. أنشدني أبو
عُمَر:
أدَوْتُ لهُ لِأَخْتِلَهُ ... فهيهات, الفتى حَذِرُ2
وقوله: تَنَحَّى في بُرنُسِهِ: أي توجه للصلاة, وأقبل عليها، وكل من
قصد قصد شيء, فقد تَنَحَّى له، قال الشاعر:
"242" / تَنَحَّى له عَمْروٌ, فَشَكَّ ضلُوعَه ... بِمُدْرَنْفِقِ
الخلجاء والنقع ساطعُ3
والحِنْدِسُ: سواد الليل وظلمته، ويقال: ليل حِنْدِس: أي مظلم, قَالَ
الشاعِرُ:
وَلَيلَة من اللَّيالي حِنْدِسِ ... لَوْنُ حَواشِيها كَلَوْنِ
السُّنْدُسِ
وقوله: أوكَدَتَا يداه، هكذا قال الراوي, وأراه أَكْأَدَتَاه يداه: أي
أتعبتاه.
يقال: أَكْأَدَنِي الأمر, وتكاءدني الشيء: إذا شق عليك، وعقبة كَؤُود
__________
1 الفائق: "نحا": 412/3، والنهاية: "نحا": 30/5, و "ختل": 9/2.
2 سبق هذا البيت في الجزء الأول، لوحة 209.
3 اللسان والتاج: "نحا", من غير عزو، وفي الفائق: "نحا": 413/3 برواية:
تَنَحَّى له عَمْروٌ, فَشَكَّ ضلُوعَه ... بنافلة نجلاء, والخيل
تَضبُرُ
(3/94)
وكَأْدَاء: أي ذات مشقة، أو يقال:
كَدَّتَاه يداه, من الكَدِّ والتعب.
ويحتمل أن يكون معنى أَوْكَدَتَاه: أعملتاه, يقال: وَكَدَ فلان أمره
يَكِدُهُ وَكْدًا: إذا مارسه [وقصده] 1، ومنه قول الطرماح:
ونبئت أن القين زَنَّى عجوزة ... قُفَيرة أم السوء أن لم يَكِدْ
وَكْدِي2
معناه لم يعمل عملي, ولم يُغْنِ غنائي, [ويقال: ما زال ذلك وُكْدِي بضم
الواو: أي فعلي ودأبي, والوُكْدُ: الاسم، والوَكْدُ: المصدر.] 3
وقوله: وأَعْمَدَتَاه رجلاه: أي صيرتاه عميدًا؛ لطول اعتماده في القيام
عليهما، والعَمِيْد: المريض الذي لا يستطيع أن يثبت على المكان حتى
يُعْمَد من جوانبه ويرفد.
__________
1 ساقطة من: ط.
2 اللسان: "وكد", والديوان: 178، وجاء في الشرح: قفيرة هي بنت سكين بن
الحارث, وأم صعصعة بن ناجية جد الفرزدق، وكانت سبية من قضاعة.
3 ساقطة من: د.
(3/95)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ في حديث الحسن
أنه قال: "إذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه، فإن وافق قولٌ عملًا
فَنَعَم ونُعْمَةَ عينٍ، آخِهِ وأَحِبَّهُ وأَوْدِدْهُ"1.
حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا ابن الجنيد، أخبرنا
عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أنا معمر، عن يحيى بن
المختار، عن الحسن.
قوله: نُعْمَةَ عين: أي قرة عين، تقول العرب، نُعْمَةَ عين ونُعْمَى
__________
1 أخرجه عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد: 26.
(3/95)
عين, ونِعَام عين، والنُّعْمَةُ1:
المَسَرَّةُ، والنِّعْمَة: اسم ما أنعم الله عليك، والنعمة: التنعم,
ويقال: كم من ذي نِعْمَة لا نُعْمَة له: أي كم من ذي حال2 لا تَنَعُّمَ
له.
ويقال: نَعِم اللَّه بك عينا، وأنعم اللَّه بك عينا: أي أقر بك عين من
تحبه، وكان عون بن عبد الله يكره أن يُقَالُ: نَعِم اللَّه بك عينا,
وَقَالَ: إن اللَّه لا ينعَم بشيء، قَالَ: وإنما يُقَالُ: أنعم اللَّه
بك عينا، فإنما أَنْعَمَ: أَقَرَّ.
وأخبرني أبو عمر، أخبرنا المبرد، عن المازني، عن سيبويه قال: لم يجئْ
في كلام العرب فَعِلَ يَفْعُل إلا حرف واحد: نَعِم يِنْعُم.
قال أبو عمر: قال ثعلب: قد جاء غيره, ولم يسمعه سيبويه فَضِلَ يَفْضُل.
قال: وجاء في المعتل حرفان: دام يدوم ومات يموت.
وقوله: أَوْدِدْهُ من الوُدِّ، رده إلى الأصل, فأظهر الدالين من ودد
يودد, كقول العجاج:
إن بنيَّ لَلِئَامٌ زَهَدَهْ ... ما ليَ في صدورهم من مَوْدَدَهْ3
__________
1 كذا في جميع النسخ، وفي: القاموس: "نعم": النِّعْمَة بالكسر المسرة،
وجاء في التاج: "نعم": قال شيخنا: وفي الكشاف "أثناء المزمل":
النَّعْمَة بالفتح: التنعم، وبالكسر الإنعام، وبالضم المسرة، وهكذا صرح
به غير واحد ممن تكلم على المثلثات, قلت: وحينذ مصدر: نعم الله بك
عينا، كالغُلمة من "غلم"، والنُّزهة من "نزه".
2 د: "كم من ذي مال", وفي المصباح: "حول": "الحال صفة الشيء يذكر
ويؤنث, فيقال: حال حسن، وحال حسنة، وقد يؤنث بالهاء, فيقال: حالة".
3 تهذيب الأزهري: 235/14, ولم يعز، ولم أقف عليه في ديوانه, ط بيروت.
(3/96)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أنهم ازدحموا عليه, فرأى منه رِعَةً سيئة, فقال: اللهم إليك
هذا الغُثَاء الذي كنا نُحَدَّثُ عنه، إن أجبناهم لم يفقهوا, وإن سكتنا
عنهم وُكِلْنَا إلى عِيٍّ شديد"1.
أخبرناه ابن الزئبقي، نا أبو خليفة، نا محمد بن سلام الجمحي، نا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابن شبرمة.
ورواه لنا ابن درستويه النحوي، نا يعقوب بن سفيان "243" / عن أبي بكر،
عن سفيان، عن ابن شبرمة, وزاد: "مالي أسمع صوتاً ولا أرى أنيساً3,
أُغَيْلمةً حيارى تفاقدوا ما نَالَ لهم أن يفقهوا"3.
قال ابن درستويه: قوله إليك، يريد: اقبضني إليك.
قال: والغثاء في الأصل: ما يحتمله السيل من القماش والقمام، ثم يشبه به
كل شيء رديء, من الناس وغيرهم, قال المكعبر الضبي:
لهم أَذْرُعٌ باد نواشِرُ لحمها ... وبعض الرجال في الحروب غُثَاءُ4
وقوله: تفاقدوا: يدعوا عليهم بالموت, وأن يفقد بعضهم بعضاً, كما قال
الشاعر:
__________
1 أخرجه الفسوي في: تاريخه: 45/2, باختلاف يسير، وانظر الفائق: "ورع":
56/4، والنهاية: "ورع": 175/5، و"غثا": 343/3.
وجاء في الفائق: يقال: وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً، مثل وثق يثق ثقة، إذا كف
عما لا ينبغي، والمراد هنا الاحتشام والكف عن سوء الأدب، أي لم يحسنوا
ذلك.
2 د: "ولا أرى إنسياً".
3 أخرجه الفسوي في: تاريخه: 45/2, مع الحديث المتقدم باختلاف يسير.
وأخرجه ابن سعد في: طبقاته: 169/7, عن عتبة بن يقظان، عن الحسن. بلفظ:
"ما لهم حيارى، ما لهم حيارى، ما لهم تفاقدوا".
4 الكامل للمبرد: 80/1, يمدح بنى مازن, ويذم بنى العنبر، وعزي في شرح
الحماسة للمرزوقي: "حماسية /610" لمحرز بن المكعبر الضبي.
(3/97)
تَفَاقَدَ قومي إذ يبيعون مهجتي ...
بجاريةٍ بهرا لهم بعدها بَهْرا1
وقال أيمن بن خريم:
تَفَاقَدَ الذابحو عثمان ضاحية ... أي قتيل حرام ذبحوا ذبحوا
وقوله: ما نَالَ لهم، معناه: لم يَأْنِ لهم، أو لم يَحِقَّ لهم، أو ما
أشبه هذا.
ومنه قولهم: نَولُكَ أن تفعل كذا، أي ينبغي لك أن تفعل ذلك، وقد نَالَ
لك ذلك ينول لك.
ومن هذا حديث أبي بكر في مخرجه إلى المدينة مع رسول الله قال: "فقلت:
قد نال الرحيل يا رسول الله", يريد: قد حان الرحيل2.
__________
1 اللسان والتاج: "فقد", وعزي لابن ميادة, وفي مادة "بهر", برواية:
"ألا يا لقومي إذ يبيعون مهجتي"
وسبق في الجزء الثاني لوحة: 89.
2 أخرجه البخاري في: فضائل الصحابة: 3/5، 4 بلفظ: "قد آن الرحيل يا
رسول الله", ومسلم في: الزهد: 2309/4, بلفظ: "ألم يأن للرحيل",
والبيهقي في: الدلائل: 215/2-217, بلفظ: "قد آن الرحيل".
(3/98)
*قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن الأشعث سأله عن شيء من القرآن، فقال: إنك والله ما
تُسَطِّرُ علي بشيء"1.
حَدَّثَنِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا ابْنُ الْجُنَيْدِ، نا
قُتَيْبَةُ، نا حماد، عن قبيصة بن مروان.
قوله: تُسَطِّرُ، أي تُلَبِّسُ عليَّ.
يقال: سَطَّر فلان على فلان إذا زخرف له الأحاديث، ومنه الأساطير، وهي
أحاديث لا أصل لها، واحدها إِسْطَارٌ وأُسْطُورٌ.
__________
1 الفائق: "سطر": 178/2, والنهاية: "سطر": 365/2.
(3/98)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ} 1.
"قال: فتنوهم بالنار، قومًا كانوا بِمَذَارِعِ اليمن"2.
يَرْوِيهِ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، نا يزيد بن إبراهيم, عن الحسن.
قال أبو عمرو: المَذَارِعُ: البلاد التي بين الريف والبر، قال: وهي
المَزَالِف، واحدتها مَزْلَفَة، والبراغيل مثلها، واحدها بِرْغِيل.
قال: وهي مثل الأنبار والقادسية ونحوها, ويقال: إنما سميت مذارع؛ لأنها
أطراف البلاد ونواحيها، ومنه مذارع الدابة. واحدها مذراع.
وقوله: "فتنوهم بالنار" معناه أحرقوهم, يقال: فتنت الذهب والفضة إذا
أدخلتهما النار؛ لتعرف الجيد من الرديء.
__________
1 سورة البروج: 10.
2 الفائق: "فتن": 87/3، والنهاية: "فتن": 410/3.
(3/99)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "في الرجل يُحْرِم في الغضب"1.
من حديث ابن أبي شيبة، عن ابن نمير, عن الحجاج, عن الحسن.
يُحرِم معناه يحلف، وإنما سمي الحالف مُحرِمًا؛ لِتَحَرُّمِهِ باليمين،
ومنه إحرام الحاج، إنما هو دخوله في حُرْمَة الحج أو حرمة الحرم، وكذلك
إحرام المصلي بالتكبير إذا افتتح الصلاة.
__________
1 الفائق: "حرم": 277/1.
(3/99)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أن المُفَضَّل بن رالان قال: سألته في الذي يستيقظ فيجد
بِلَّة، قال: أما أنت فاغتسل, ورآني صِفْتَاتًا"1.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حماد بن سلمة، عن المفضل بن
رالان, الصِّفْتَاتُ: الغليظ الممتلىء، يقال: رجل صِفْتَات، وامرأة
صِفْتَاتٌ.
__________
1 س: "استيقظ" بدل: "يستيقظ", والحديث في: الفائق: "صفت" 306/2,
والنهاية: "صفت": 33/3.
(3/100)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أنه سئل عن الرجل يعطي الرجل من الزكاة, أيخبره؟ قال: تريد أن
تُقْذِعَه"1.
"244" / حدثناه ابْنُ مَكِيٍّ، أنا الصَّائِغُ، نا سعيد، نا هشيم، أنا
أبو حُرَّة، عن الحسن.
قوله: تُقْذِعُهُ، أي تُسمِعه, والقَذَعُ: الفحش.
يقال: أَقْذََعَ الرجل في كلامه، إذا أفحش، وكلام قَذَع: أي فاحش, قال
زهير:
ليأتينك مني منطق قَذَعٌ ... باقٍ كما دَنَّسَ القبطية الوَدَكُ2
وكلمة قَذِعَة: أي فاحشة.
__________
1 الفائق: "قذع": 169/3, والنهاية: "قذع": 29/4.
2 شرح الديوان: 183, والقبطية: كل ثوب أبيض.
(3/100)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن: "أنه ذكرت له النُّوْرَةُ, فقال: أتريدون أن يكون جلدي كجلد
الشاة المملوحة"1.
المملوحة: التي حلق صوفها، ويقال: ملحت الشاة إذا سمطتها.
__________
1 الفائق: "ملح": 387/3, والنهاية: "ملح": 355/4.
(3/100)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن أنه قال: "ليس الإيمان بالتَّمَنِّي ولا بالتَّحلِّي، ولكن ما
وقر في القلب وصدقته الأعمال"1.
حَدَّثَنَاهُ حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ الدَّهْقَانُ، أخبرنا عباس
الدوري، أخبرنا حجاج بن محمد، أخبرنا أبو عبيدة الناجي، عن الحسن.
التَّمَنِّي: يتصرف على ثلاثة أوجه: أحدها أن يقال: تَمَنَّى الرجل
بمعنى قَدَّرَ وأحب، وهو مأخوذ من المَنَى, وهو القَدَر, يقال: مَنَى
الله لك ما تحب مَنًى أي قدر لك, ومنه قوله: {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا
تُمْنَى} أي تقدر.
والوجه الثاني: أن يكون بمعنى كَذَبَ، فوضع حديثًا لاأصل له.
وقال أعرابي لابن دأب وهو يحدِّث، أهذا شيء رويته أم تَمَنَّيْتَهُ؟
يريد افتعلته.
والوجه الثالث: أن يكون تَمَنَّى بمعنى تلا وقرأ, ومنه قوله تعالى:
{إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} 3, يريد،
والله أعلم، إذا تَلَا ألقى الشيطان في تلاوته، وإلى هذا يتوجه قول من
يريد أن الإيمان ليس بقول تظهره بلسانك فقط، لكنه قول تشيعه المعرفة من
قلبك, ويساعده التصديق من فعلك.
__________
1 أخرجه ابن المبارك في: الزهد: 545, عن سفيان، عن رجل، عن الحسن,
والإمام أحمد في: الزهد أيضاً: 263, عن زكريا، عن الحسن.
2 سورة النجم: 46.
3 سورة الحج: 52.
4 ح: "وإلى هذا يتوجه قول الحسن: يريد أن الإيمان.." والمثبت من: س، د.
(3/101)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن أنه قال في هزيمة يزيد بن المهلب: "كُلَّمَا نَعَر بهم نَاعِرٌ
اتَّبَعُوه"1.
حدثناه إبراهيم بن فراس، أخبرنا موسى بن هارون، أخبرنا عثمان بن طالوت،
أخبرنا أبو داود، أخبرنا شعبة، عن الحسن.
قوله: كلما نَعر نَاعِرٌ، أي دَعَا داعٍ إلى الفتنة، ونهض فيها ناهض.
قَالَ بِشْرُ بْن أَبِي خازِم:
كانوا إذا نَعَرُوا بحرب نَعْرَةً ... تشفي صداعهم بِرَأْسٍ مِصْدَمِ2.
قال الأصمعي: يقال: ما كانت فتنة إلا نَعَرَ فيها فلان: أي نهض فيها،
وفلان نَعَّار في الفتن, ويقال: نَعَرَ العرق بالدم يَنْعَرُ، وهو عرق
نَعَّار: إذا ارتفع دمه, قال الشاعر:
ضرب دِرَاكٌ وطعان يَنْعَرُ3
وحدثنا الأصم، أخبرنا أبو أمية الطرسوسي، أخبرنا خالد بن مخلد، أخبرنا
إبراهيم بن أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدِ بْنِ الحصين، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أنه كان يقول في الأوجاع: "باسم الله
الكبير، أعوذ بالله العظيم من شر عِرْقٍ نَعَّار، ومن شر حر النار"4.
__________
1 أخرجه يعقوب في: تاريخه: 109/2, بلفظ: "كلما نَعِقَ نَاعِقٌ اتبعوه",
عن بندار، عن شعبة.
2 الديوان: 180 برواية:
كنا إذا نعروا لحرب نَعْرَة ... نشفي صداعهم برأس مصدم
3 اللسان والتاج: "نعر", وعزي لجندل بن المثنى, وقبله:
رأيت نيران الحروب تَسْعَرُ ... منهم إذا ما لبس السَّنوَّرُ
قال: وروي "يَنْعِرُ"، أي واسع الجراحات يفور منه الدم. والسّنوِّر:
الدرع.
4 أخرجه الترمذي في: الطب: 405/4, وابن ماجة في: الطب أيضاً: 1165/2,
وأحمد في: مسنده: 300/1.
(3/102)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الحسن أن رجلًا جاءه, فقال: "إن هذا رد شهادتي, يعني إياس بن معاوية،
فقام معه, فقال: يا مَلكَعَانُ, لِمَ رددت شهادة هذا؟ "1.
حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ، أنا ابْنُ الجنيد، أخبرنا سويد،
أخبرنا عبد الله، عن محمد بن سليم، أخبرنا الأشعث الحُدَّنِي، عن
الحسن.
قوله: يا مَلْكَعَانُ، معناه "245" / لئيم، وهو بمنزلة قولك للرجل: يا
لُكَعُ، وللمرأة: يا لَكْعَاءُ، فإذا أردت أن تنعت به نكرة, قلت: رجل
أَلْكَعُ وامرأة لَكْعَاءُ.
ويقال أيضاً: رجل مَلْكَعَان، كما يقال مَبْرَمَان.
فأما قوله صلى الله عليه: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا
لُكَع بن لُكَع" 2, فمعناه اللئيم ابن اللئيم.
وحكم هذا في الإعراب عند النحويين حكم عُمَر، ينصرف في النكرة, ولا
ينصرف في المعرفة.
وأخبرني أبو رجاء الغنوي، أخبرنا أبي، عن سوار بن عبد الله بن سوار،
حدثني أبي، أخبرنا عبد الوارث بن سعيد قال: سألت نوح بن جرير عن
اللُكَعِ, فقال: نحن أرباب الحمير، نحن أعلم به، هو الجحش الراضع, فقد
يكون على هذا أنه إنما سماه لكعا وملكعان؛ لحداثة سنه، وقد يجوز أن
يكون جعله صغيرًا في العلم والمعرفة.
__________
1 الفائق: "لكع": 329/3, والنهاية: "لكع": 269/4 وجاء في الشرح: هذا
أيضاً مما لا يكاد يقع إلا في النداء، يقال: يا ملكعان، ويا مرتعان،
ويا محمقان.
2 أخرجه الترمذي في: الفتن: 494/4, عن حذيفة، والإمام أحمد في: مسنده:
389/5, وذكره السيوطي في: الجامع الصغير, وعزاه للضياء المقدسي، وانظر
فيض القدير: 417/6.
(3/103)
|