غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ عامر بن شراحيل الشعبي
حديث الشعبي قال: "كانت الأوائل تقول: إياكم والوَشَائِظ"
...
حديث عامر بن شراحيل الشعبي
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الشعبي قال: "كانت الأوائل
تقول: إياكم والوَشَائِظ"1.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عُمَر، أنا أَبُو العباس ثَعْلب، عن ابن الأعرابي،
عن المفضل قال أبو عمر: يريد بالوَشَائِظ السِّفَل.
قال الأصمعي: الأَوْشَاظ: الدخلاء في القوم ليسوا منهم، والواحد
وَشِيْظ, وأنشد لرؤبة:
إذا الصميم زايل الأَوْشَاظَا2
قال أبو عبيدة: الوَشِيْظَة: التابعة, وأنشد:
وحافظ صدر من ربيعة صالح ... وطار الوَشِيْظُ عنهم والزعانِفُ3
وقد روي هذا الكلام عن أكثم بن صيفي.
__________
1 الفائق: "وشظ": 62/4, والنهاية: "وشظ": 188/5.
2 لم أقف عليه في ديوان رؤبة, وفي ملحق الديوان أبيات على الوزن
والقافية, وليس من بينها هذا البيت.
3 الفائق: "وشظ": 62/4, دون عزو، وجاء في الشرح: الزعانف: أجنحة السمك
وأطراف الأديم التي تلقى معه.
(3/116)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي: "أنه قال: من زَوَّجَ كريمته من فاسق فقد قطع رحمها"1.
حدثناه إبراهيم بن فراس، أخبرنا أحمد بن علي المروزي، أخبرنا ابن حميد،
أخبرنا يحيى بن ضريس، عن الخليل بن زرارة، عن مطرف، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: بلغني في تفسيره عن الخليل, قال: هو أن
يطلقها ثم يُصَرَّ عليه، فإن جاءت بولد كان لغير رشدة.
وأخبرنا ابن الأعرابي، أخبرنا سعيد بن بشر بن جحوان الحارثي، أخبرنا
طلق بن غنام قال: "خرج حفص بن غياث يريد الصلاة وأنا خلفه، فقامت امرأة
حسناء, فقالت له: أصلح الله القاضي، زوجني, فإن لي إخوة يُضِرُّون بي,
قال: فالتفت إلي, فقال: يا طلق, اذهب زَوِّجْهَا؛ إن كان الذي يخطبها
كُفْئا، فإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر, فلا تزوجه، وإن كان رافضيًّا
فلا تزوجه, قلت: لِمَ, أصلح الله القاضي؟ , قال: إنه إن كان رافضيًّا،
فإن الثلاث عنده واحدة، وإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر, فهو يطلق ولا
يدري"2.
__________
1 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 370/4، 399, والبخاري في: التاريخ
الكبير: 199/1/2, في ترجمة الخليل بن زرارة، والخطيب في: تاريخ بغداد:
455/11, وأبو نعيم في: الحلية: 314/4.
2 أخرجه الخطيب في: تاريخ بغداد: 193/8.
(3/117)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي: "أنه سئل عن رجل أفطر يوماً من رمضان، فقال: ما تقول فيه
المَفَالِيْق"1.
أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
عَنْ ابن عيينة،
__________
1 أخرجه عبد الرازق في: مصنفه: 197/4, بلفظ: "مغاليق" بدل: "مفاليق",
تصحيف, وأخرجه سعيد بن منصور في: سننه، كما في: فتح الباري: 162/4
بلفظ: "يصوم يوماً مكانه, ويستغفر الله عز وجل" عن هشيم، عن إسماعيل بن
أبي خالد، عن الشعبي.
(3/117)
أخبرني شيخ من بجيلة قال: سألت الشعبي.
المَفَالِيق: واحدهم مِفْلَاق، وهو الذي لا مال له، شبه به من لا علم
له, ولا بصيرة عنده بالفتوى.
وفي رواية أخرى أنَّه قَالَ: "ما تقول فيه الصَعَافِقَةُ؟ "1.
والصَعَافِقَةُ: أرذال الناس وضعفاؤهم، واحدهم صَعْفُوق2.
وكان من جوابه في المسألة، أن يصوم يومًا مكانه ويستغفر الله، ولم ير
عليه كفارة، وهذا إذا كان إفطاره بالطعام دون الجماع.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 251/6.
2 في القاموس: "صعفق": الواحد صعفقي، وصعفق، وصعفوق, "بالفتح" "ج"
صعافيق أيضًا.
(3/118)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي أنه قال: "اجتمع جوارٍ فَأَرِنَّ وأَشِرْنَ ولَعِبْنَ
الحُزقَّةَ"1.
أخبرناه ابن الأعرابي، أخبرنا عبَّاسٌ الدُّورِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
معين, بإسناد له.
قوله: أَرِنَّ: أي نشطن, من الأَرَن، وهو النشاط, يقال: أَرِنَ الرجل،
وهبص، وعرص، وزعل إذا نشط.
والحُزُقَّة: ضرب من اللعب، أخذ من التَّحَزُّقِ، وهو التقبض والتجمع.
__________
1 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 296/4, رقم النص 4479.
(3/118)
"249" /* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي
حَدِيثِ الشعبي في رجل قال لآخر: "يا نَبَطِيّ, قال لا حد عليه؛
كُلُّنَا نَبَط"1.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 427/7 عن الثوري، عن إسماعيل، عن
الشعبي.
(3/118)
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ, عَنْ
إسماعيل, عن الشعبي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ, عَنْ إسماعيل، عن
الشعبي,
قوله: "كلنا نبط"، يريد: الجوار والدار دون الولادة، وذلك أن البلاد
التي سكنوها بلاد النبط؛ وإنما سموا نَبَطًا لأنهم أَنْبَطُوا المياه:
أي استخرجوها, والنَّبَط: الماء الذي يخرج من البئر أول ما يحفر,
يُقَالُ للحافر إذا بلغ الماء: قد أَنْبَطَ وأماه، وأمهى، وأنهر،
وأعين.
وقال الأحنف لعمر حين وفد إليه: إن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل
حِوَلاء1 الناقة من ثمار متهدِّلة وأنهار متفجرة.
قال أبو سليمان: وممن نسب إلى داره ومحلته دون قومه وعشيرته: سليمان
التيمي، وجعفر بن سليمان الضبعي.
سمعت ابن الأعرابي يقول: [كان] جعفر بن سليمان الضبعي نزيلًا في بني
ضبيعة، لم يكن من أنفسهم.
وأخبرني العنبري، أخبرنا ابن أبي قماش، عن ابن عائشة، عن المعتمر بن
سليمان قال: قلت لأبي: يا أبه، تكتب التيمي, ولست بتيمي؟ , قال: يا بني
تيمي الدار.
قَالَ أبو سليمان: وفيه وجْهٌ آخر، وهو ما يروى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّهُ قَالَ: "نحن معاشر قريش حي من النَّبَط، من أهل كوثا رَبَّى"2،
يعني قرية إبراهيم الذي بها مولده، والعرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم
صلوات الله عليهما، فقد يحتمل أن يكون الشعبي إنما ذهب إلى هذا.
وفيه من الفقه أَنَّهُ لم ير حدًّا إلا في الصريح من القذف دون ما
يحتمل من الكلام وجهين, وقال الشافعي: "إذا احتمل الكلام وجهين, وادعى
أنه لم يرد به قذفًا وحلف, لم يلزمه الحد".
وكان مالك يرى الحد في التعريض كما يراه في التصريح.
__________
1 في القاموس: "حول": يقال: نزلوا في مثل حِوَلاء الناقة، يريدون الخصب
وكثرة الماء والخضرة.
2 ذكرها الحموي في: معجم البلدان: 488/4, وقد تقدم بيانها.
(3/119)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي أنه قال: "دخلت على مصعب بن الزبير, فدنوت منه حتى وقعت يدي على
مَرَادِغِهِ"1.
حدثت به عن ابن الأنباري في إسناد له.
المَرَادِغُ من بدن الإنسان ما بين التراقي والعنق.
__________
1 ذكره ابن قتيبة في: عيون الأخبار: 21/4 بلفظ:"مرفقته" بدل: "مرادغه"
وفي: الأغاني: 379/2, 381 بلفظ: "مرافقه".
(3/120)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي أنه قال: "المحنة بدعة"1.
قال سفيان الثوري: "المحنة: أن يأخذ السلطان الرجل فيمتحنه, فيقول:
فعلت كذا، وقلت كذا، فلا يزال به حتى يسقطه"2.
وفيه من الفقه: أنه غير مؤاخذ بما يجري من ذلك على لسانه.
__________
1 في الفائق: "محن": 349/3، والنهاية: "محن": 304/4.
2 في الفائق: "فلا يزال به حتى يتسقطه", وفي النهاية: " ... فلا يزال
به يسقط, ويقول ما لم يفعله، أو ما لا يجوز قوله، يعني أن هذا الفعل
بدعة".
(3/120)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي أنه كان يقول: "اجسر جَسار، سميتك الفَشْفَاش إن لم تقطع"1,
يعني سيفه.
__________
1 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 566/3 رقم النص: 2779, وفيه كلمة
"سَمَّيتك" مكررة, والفائق: "جسر": 214/1.
(3/120)
أخبرناه ابن الأعرابي، أخبرنا الدوري،
أخبرنا يحيى بن معين قال: هو من حديث ابن إدريس، عن الشعبي.
قَالَ أبو عمرو بن العلاء: الفَشْفَاش: المُنْتَفِجُ بالكذب, قال:
والعرب تقول في أمثالها للرجل المنتفج بالكذب, المكثار من ذلك ردًّا
عليه لكذبه:
تغبَّشِي وَيْحَكِ من أغباشكْ ... علَّك أن تُرْبِي على فَشْفَاشِكْ
(3/121)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
الشعبي: "أنه كره للصائم أن يَرْتَمِس"1.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شريك، عن جابر، عن الشعبي.
قوله: يَرْتَمِس، يريد الانغماس في الماء، وأصله من الرَّمْس. يقال:
رَمَسْتُ الشيء، إذا واريته بالتراب، "250" / وإنما كره له أن يغط رأسه
في الماء؛ لئلا يصل الماء إلى جوفه, فيفطره.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في: مصنفه: 74/1, في غسل الجنابة عن الشعبي بلفظ:
"يجتزئه رمسه"، وعن الحسن بلفظ: "الجنب إذا ارتمس في الماء أجزأه"، وقد
ذكره الزمخشري في: الفائق: "رمس": 87/2 في سياق غسل الجنب.
(3/121)
|