غريب الحديث للخطابي حديث عمر بن عبد العزيز
حديث عمر: "أنه سئل عن رجل خطب امرأة,
فتشاجروا في بعض الأمر...."
...
حديث عمر بن عبد العزيز
* قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عمر: "أنه سئل عن رجل خطب
امرأة, فتشاجروا في بعض الأمر, فقال الفتى: هي طالق إن نكحتها حتى آكل
الغَضِيْض, فقال: أما رأى أن لا ينكحها حتى يأكل الغَضِيض"1.
حدثناه أحمد بن الحسين التيمي، أخبرنا محمد بن جعفر الجبلاني، أخبرنا
عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني الليث، عن ابن الهاد2، عن المندر
بن علي بن أبي الحكم.
الغَضِيض: الطلع أول ما يطلع.
قال الأصمعي: إذا بدا الطلع فهو الغَضِيض، فإذا اخضرَّ قيل: قد خضب
النخل، فإذا انعقد الطلع حتى يصير بلحًا فهو السَّيَاب مخفف، والواحدة
سَيَابَة.
قال المنذر بن علي: فذلك الفحل يسمى المحلل حتى اليوم، يعني الفُحَّال
الذي أكل منه الحالف فتحلل به.
وفيه أنه رأى الطلاق قبل النكاح.
__________
1 أخرجه البيهقي في: سننه: 321/7, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ
كاتب الليث, وأخرجه يعقوب في: تاريخه: 351/1- 352, ولم يذكر ما قاله
عمر بن عبد العزيز وكذلك في: 558/1.
2 التقريب: 530/2: ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله، وفي التهذيب:
339/11: "يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أسامة بن الهاد الليثي, أبو
عبد الله المدني، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: توفي
بالمدينة سنة 139 هـ, وكان ثقة, كثير الحديث.
(3/138)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه دعا بإبل فَأَمَارَهَا"1.
حدثنيه محمد بن سعدويه، أخبرنا ابن الجنيد، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ
النَّضْرِ بْنِ مُسَاوِرٍ، أخبرنا جعفر بن سليمان، "255" / عن المعلى
بن زياد.
قوله: أمارها: أي حَمَّلَهَا مِيرَة، وهي الطعام. يقال: مار الرجل أهله
[يميرهم] 2 ميرًا.
ومنه قوله تعالى: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} 3.
قال الأصمعي: يقال: مار أهله وغارهم أيضًا، والاسم منه الغِيرة
والمِيرة وأنشد للهذلي:
ماذا يغير ابنتي ربعٍ عويلهما ... لا ترقدان ولا بؤسى لمن رقدا 4
ويذكر أن جارية من العرب خطبها رجلان: شاب وشيخ فقالت لها أمها:
اختاري, فقالت: إن العيش مع الشباب فقالت: لا تفعلي، فإن الشيخ يَمِيرك
والشاب يُغِيرك. تقول: إن الشيخ يطعمك ويحسن إليك, وإن الشاب يتزوج
عليك.
يقال: أغار الرجل زوجته إذا تزوج عليها، من الغِيرة.
__________
1 الفائق: "مير": 398/3 والنهاية: "مير": 379/4.
2 ساقطة من: س.
3 سورة يوسف: 65.
4 شرح أشعار الهذليين: 671/2, والبيت لعبد بن مناف بن ربع الهذلي، وفي
الشرح: أبو عمرو: إن عندهم طعامًا يغيرهم شتاءهم هذا: أي يعيشهم،
والبؤسى: الضيق.
(3/139)
قال يعقوب: والسيرة: الميرة أيضًا، وتجمع
على السير، وأنشد لأبي وجزة:
أشكو إلى الله العزيز الجبار ... ثم إليك اليوم بعد المستار
وحاجة الحي وقَطَّ الأسعار1
يقال: قَطَّ السعر: إذا غلا, ووردنا أرضًا قاطا سعرها.
__________
1 في اللسان، التاج: "سير": البيتان الأول والثاني برواية: "العزيز
الغفار" من غير عزو, وجاء في اللسان: ويقال: المستار في هذا البيت
مفتعل من السَّيْر، والسَّيْر: ما يقد من الجلد.
(3/140)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه أراد أن يستبدل بعماله لِما رأى من إبطائهم في تنفيذ أمره:
فقال: أما عدي بن أرطاة فإنما غَرَّنِي بعمامته الحََرَقَانِيَّة، وأما
أبو بكر بن حزم فلو كتبت إليه: اذبح لأهل المدينة شاة لراجعني فيها:
أَقَرْنَاء أم جَمَّاءُ؟ "1.
أخبرناه ابن الأعرابي: أخبرنا إبراهيم بن دحيم، حدثنا أبي، أخبرنا أبو
صالح، عن ليث بن سعد.
قال الأصمعي: الحََرَقَانِيَّة: منسوبة إلى لون كاحتراق النار.
وروى أبو أسامة، عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه
قال: "رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم دخل مكة يوم
الفتح, وعليه عمامة سوداء حَرَقَانِيَّة, قد أرخى طرفها بين كتفيه"2.
__________
1 لم أجد هذه الرواية بلفظها, وقد ذكرها ابن قتيبة في: عيون الأخبار:
57/1, بلفظ " ... غرني منك مجالستك القراء وعمامتك السوداء", ومثله ابن
كثير في: البداية والنهاية: 216/9.
3 أخرجه النسائي في كتاب الزينة: 211/8، وفي الفائق: "حرق": 271/1,
وجاء في الشرح: كأنها منسوبة بزيادة الألف والنون إلى الحرق، وفي
النهاية: "حرق": 372/1 وجاء في الشرح: هكذا يروى, وجاء في تفسيرها في
الحديث: أنها السوداء، ولا يدرى ما أصله.
(3/140)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه جَمَّع في مُتَرَبَّع له كان يتربعه ثم انحرف, فقال: إن
الإمام يجمِّع حيث كان"1.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سعيد بن السائب، عن صالح بن
سعيد.
المُتَرَبَّع: الموضع الذي يُخرَج إليه أيام الربيع, فيقام فيه للمرعى.
يقال: ارتبع القوم وتربعوا بمكان كذا، قَالَ عمر بن أبي ربيعة:
ألم تعرف الأطلال فالمُتربَّعَا ... ببطن حُلَيَّات دوارس بلقعَا2
وفيه أنه لم ير الجمعة لغير الإمام إلا في المِصْر.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 160/3 باختلاف في اللفظ، وفي الفائق:
"ربع": 33/2, وجاء في الشرح: هو الموضع الذي ينزل فيه أيام الربيع،
ويقال له: المربع والمرتبع وتَرَبُّعُهُ: اتخاذه مربعاً.
2 ديوان عمر: 243 برواية: "ألم تسأل الأطلال والمتربعا".
(3/141)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه قدم عليه وفد، فجعل فتًى منهم يتحوَّس في كلامه"1.
حدثناه ابن داسة، أخبرنا ابن أبي قماش قال: قرأت على الصلت4 الجحدري،
عن سفيان بن عيينة: أن وفدًا قدموا على عمر, فجعل فتى منهم يتحوَّس في
كلامه، فقال عمر: كبروا كبروا: أي يتكلم الكبراء منكم, فقال الفتى: يا
أمير المؤمنين لو كان بالكبر لكان في المسلمين من هو أسن منك قال:
صدقت"2.
__________
1 ذكره ابن قتيبة في: عيون الأخبار: 230/1 بلفظ: "يتحوز" بدل"يتحوس",
وفي العقد الفريد: 140/2, بلفظ: "يتحوس"، والحديث في الفائق: "حوس":
338/1.
2 في التقريب: 370/1: الصلت بن مسعود بن طريف الجحدري, أبو بكر، أو أبو
محمد البصري القاضي, ربما وهم، مات سنة 240 هـ.
(3/141)
قوله: يتحوس: أي يتأهب للكلام, وكأنه مع
ذلك يتلبث ويتردد فيه, قال الشاعر:
سِرْ قد أَنى لك أيها المُتَحَوِّسُ1
فَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "أنه رأى وهو يخطب امرأة
تَحُوس الرجال"2.
أخبرناه ابن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
"256" / عَنْ ابن جريج، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد.
فمعنى تَحُوس الرجال، أي تخالطهم وتلابسهم، يقال: حُسْتُ القوم
أَحُوسُهُم، قال العجاج:
خيالُ تُكْنَى أو خيالُ تَكْتَمَا ... باتا يَحُوسَان أناسًا نوما3
__________
1 والرجز في اللسان، التاج: "حوس", وبعده: "فالدار قد كادت لعهدك
تدرس", وهو للمتلمس يخاطب طرفة، والتحوُّس: الإقامة مع إرادة السفر,
كأنه يريد سفرًا ولا يتهيأ له؛ لاشتغاله بشيء بعد شيء، والرجز في الشعر
المنسوب للمتلمس في ديوانه: 294.
2 الفائق: "حوس": 332/1.
3 الفائق: "حوس": 333/1 والديوان: 59, برواية: "باتا يحوسان وقد
تجرما".
(3/142)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه اختصم إليه ناس من قريش, وجاءه شهود يشهدون, فطفق المشهود
عليه يُحمِّجُ إلى الشاهد النظر"1.
حدثنيه ابن سعدويه، أخبرنا ابن الجنيد, أخبرنا الحسين بن حريث، أخبرنا
أحمد بن محمد الزرقي، عن عبد الرحمن بن حسين, عن أبيه.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 384/5 - 385 في حديث طويل عن أحمد بن محمد
بن الوليد, عن عبد الرحمن بن حسن, عن أبيه.
(3/142)
قال الأصمعي: التَّحْمِيجُ: فتح العين
وتحديد النظر، كأنه مبهوت، وأنشد لأبي العيال الهذلي:
وحَمَّجَ للجبان المو ... ت حتى قلبه يجب1
وقال ذو الإصبع العدواني:
ما إن رأيت بني أبيـ ... ك, يُحّمِّجُون إليَّ شُوسَا2
__________
1 شرح أشعار الهذليين: 420/1, برواية:
وحَمَّجَ للهلاك المرء حتى قلبه يَجِبُ
والمعنى: أنه جعل يرى الموت من عينيه، وجاء قبله:
كأن أسنة الخطي تخطر بينهم شُهُبُ
والبيت في اللسان، التاج: "حمج", برواية الخطابي.
2 س: "من إن رأيت", والمثبت من: ح، والبيت في اللسان، التاج: "حمج"
برواية:
آإن رأيت بني أبي ... ك مُحَمِّجِين إليك شوسا
وهو في تهذيب اللغة: 167/4، وروي في شعراء النصرانية: 634/2:
إني رأيت بني أبيـ ... ك يحمجون إليَّ سوسا
(3/143)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أن ميمون بن مهران كان عنده, فلما قام من عنده قال: إذا ذهب هذا
وضرباؤه لم يبق من الدنيا إلا رَجَاجَةٌ"1.
يَرْوِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، أخبرنا أبو همام
السكوني، أخبرنا مبشر، حدثني جعفر، عن ميمون بن مهران.
__________
1 أخرجه أبو نعيم في: الحلية: 83/4, عن أبي حامد بن جبلة, عن محمد بن
إسحاق, وذكره ابن كثير في: البداية والنهاية: 315/9, بلفظ: "مجاجة" بدل
"رجاجة" وهو في النهاية: "رجج": 198/2, برواية: "الناس رجاج بعد هذا
الشيخ", وجاء في الشرح: يعني ميمون بن مهران: هم رعاع الناس وجهالهم،
وفي تهذيب التهذيب: 391/10, برواية: "إذا ذهب هذا وضربه صار الناس من
بعده رجراجة" وفي الفائق: "ضرب": 339/2 برواية: "إذا ذهب هذا وضرباؤه
لم يبق في الناس إلا رجاجة": من الرجاج.
(3/143)
الرَّجَاج: ضعاف الإبل وحواشيها، فشبه ضعاف
الناس ومن لا طرق1 فيه ولا طائل عنده بها, قال الشاعر:
قد بكرت مَحْوةُ بالعجاجِ ... فدمَّرت بقية الرَّجَاجِ2
قال أبو زيد: محوةُ: ريح الدبور؛ وسميت محوة لأنها تمحو السحاب، ومحوة:
معرفة لا ينصرف, وقال غيره: محوة: اسم للشمال.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عمر: "أنه كان يلبس رادء
متبَّنًا بِزَعفران"3.
يرويه: داود بن رشيد، عن أبي المليح الرقي، عن ميمون بن مهران.
المُتبَّن من الثياب: الملون بلون التِّبْن.
__________
1 القاموس: "طرق": الطِّرْق: القوة.
2 اللسان، التاج: "رجج"، وعزي الرجز لقلاخ بن خزن. وجاء في الشرح:
والعجاج: الغبار، ودمرت: أهلكت، ونعجة رجاجة: مهزولة، والإبل رَجْرَاج.
3 الفائق: "تبن": 147/1, والنهاية: "تبن": 181/1.
(3/144)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه كتب في عطايا محمد بن مروان بَنِيه أن تجاز لهم إلا أن يكون
مالًا مُفْتَرَشًا1.
يرويه أبو همام: الوليد بن شجاع، عن مبشر بن إسماعيل عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ بُرْقَانَ2, عَنْ عبد الكريم.
__________
1 الفائق: "فرش": 113/3, برواية: "لبنيه" بدل: "بنيه". والنهاية:
"فرش": 430/3.
2 في التقريب: 129/1: جعفر، بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف،
الكلابي- أبو عبد الله الرقي، صدوق، يهم في حديث الزهري, مات سنة 150,
وقيل بعدها.
(3/144)
قوله: مالًا مفترشًا، أي مغتصبًا, وأصل
الفَرْش البسط، يريد مالًا قد انبسطت فيه الأيدي, وتناولته بغير حق,
ومنه قولهم: افترش فلان عرض الناس, إذا استباح الوقيعة فيهم.
وقال أسد بن عبد الله لرجل من بني شيبان: "بلغني أن السؤدد فيكم رخيص،
فقال: أما نحن فلا نُسَوِّد إلا من يُوْطِئُنَا رحله ويُفرِشُنَا عرضه،
ويُخْدِمُنَا نفسه، ويبذل لنا ماله, فقال: إنه إذًا فيكم لعزيز"1.
ومن هذا قول عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود:
سَأُفرِش نفسي التي خُوِّلَت ... وأُوثِر نفسي على الوارثِ
أبادر إنفاق مستحمدٍ ... بماليَ أو عبث العابثِ
__________
1 ذكره ابن قتيبة في: عيون الأخبار: 226/1 بنحوه.
(3/145)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عمر: "أنه كان يَسمُر مع جلسائه، فكاد السراج يخمد, فقام فأصلح
الشَّعِيلة, وقال: قمت وأنا عمر, ورجعت وأنا عمر"1.
الشَّعِيلَة: الذُّبَالة.
__________
1 أخرجه أحمد في الزهد: 293 و298, بألفاظ متقاربة بدون كلمة
الشَّعِيلَةُ, وكذلك ابن سعد في: طبقاته: 399/5, وأبو نعيم في: الحلية:
332/5, وابن قتيبة في: عيون الأخبار: 264/1, وذكره ابن كثير في:
البداية والنهاية: 203/9.
(3/145)
|