غريب الحديث للخطابي

حَدِيثِ مكحول
حديث مكحول أنه قال: "كنا مرابطين بالساحل فتأجَّلَ مُتَأَجِّل وذلك في رمضان...."
...
حديث مكحول 1
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ مكحول أنه قال: "كنا مرابطين بالساحل "254" / فتأجَّلَ مُتَأَجِّل، وذلك في رمضان، وقد أصاب الناس طاعون، فلما صلينا المغرب وُضِعَتِ الجفنة وقعد الرجل وهم يأكلون فَخَرِق"2.
حدثنيه محمد بن سعدويه، أخبرنا ابن الجنيد، أخبرنا سُوَيْدٌ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ محمد بن راشد، عن مكحول.
قوله: فتَأَجَّل متأَجِّل: أي استأذن في الرجوع إلى أهله، وطلب أن يضرب له في ذلك أَجَل.
وقوله: "فخرق": أي وقع ميتًا, والأصل في ذلك أن يصيب الإنسان فزع أو يبدهه أمر فيبقى مبهوتًا
قال الشاعر:
والطَّيرُ في الأوكار قد خَرِقَتْ
__________
1 هو مكحول الشامي، أبو عبد الله، ثقة، كثير الإرسال، مشهور، مات سنة بضع عشرة ومائة: "التقريب: 273/2".
2 الفائق: "أجل": 25/1, والنهاية: "أجل": 26/1, و"خرق": 26/2.

(3/135)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ مكحول أنه قال لرجل: "ما فعلت في تلك الهَاجَة"1.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 454/7, وفيه "معقل بن عبد الأعلى" بدل "ابن عبيد الله", والحديث في: الفائق: "هوج": 121/4.

(3/135)


يرويه: محمد بن مصعب القرقساني، أخبرنا معقل بن عبيد الله, قال: سمعت مكحولًا يقوله لرجل.
يريد الحاجة، أبدل الحاء هاء، وقد يقع هذا في الكلام على وجهين: أحدهما أن يعرض ذلك من قبل اللُّكْنَة، وكان مكحول عجمي الأصل من سبي كابل، فلا غرو إن كان يرتضخ لُكنة.
والوجه الآخر: أن ينحى به نحو لغة من يقلب الحاء هاء.
أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس، عن سَلَمَة، عن الفرّاء، عن الكسائي, قَالَ:
سَمِعتُهم يقولون: باقِلِِّي هَارّ, فقلت: يجعلونه من التهري، فقالوا: لا، ولكن من الحرارة، وأنشد لبعضهم:
تمدَّهِي ما شئتِ أن تمدَّهِي1
قال أبو عمر: والهاجة أيضًا الضِّفدعة، وهي النقاقة أيضا.
__________
1 الفائق: "هوج": 121/4, وبعده: "فلَسْتِ منْ هَوْئي ولا ما أشتهى" والرجز لرؤبة, وهو في ملحق الديوان/ 187 برواية: "تمتهي ما شئت أن تمتهي".

(3/136)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ مكحول أنه قال: "لا سلب إلا لمن أَشْعَرَ عِلجًا أو قَتَلَهُ"1.
يرويه: محمد بن شعيب، عن النعمان، عن مكحول.
قوله: أَشْعَرَ عِلْجًا: أي أثخنه جراحًا, يقال: أشعرت الرجل، إذا جرحته فسال دمه, وَمِنْهُ إِشْعَار البُدْن, وهو أن تطعن بالحربة في سَنَامِهَا.
__________
1 الفائق: "شعر": 250/2, والنهاية: "شعر": 479/2.

(3/136)


وأكثر ما يقال: الإشعار في الطعنة الجائفة, وقد يكون الإشعار أيضا بمعنى القتل, [قال المبرد: "ومن عادة بعض العرب أن يجعل الإشعار بمعنى القتل"] 1, قال: "وذلك في قتل الملوك خاصة، تكبر أن تقول قتل فلان، وإنما تكني عن القتل بالإشعار".
__________
1 تكملة من: ط.

(3/137)