لسان العرب فصل الباء الموحدة
بأر: البِئْرُ: القَلِيبُ، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَبْآرٌ، بِهَمْزَةٍ
بَعْدَ الْبَاءِ، مَقْلُوبٌ عَنْ يَعْقُوبَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ
يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ: آبارٌ، فإِذا كُثِّرَتْ، فَهِيَ
البِئارُ، وَهِيَ فِي الْقِلَّةِ أَبْؤُرٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: اغْتَسِلي مِنْ ثَلَاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بعضُها بَعْضًا
؛ أَبْؤُرٌ: جمعُ قِلَّةٍ لِلْبِئْرِ. وَمَدُّ بَعْضِهَا بَعْضًا: هُوَ
أَن مِيَاهَهَا تَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ كَمِيَاهِ الْقَنَاةِ، وَهِيَ
البِئْرَةُ، وحافرُها: الأَبَّارُ، مَقْلُوبٌ وَلَمْ يُسمع عَلَى
وَجْهِهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وحافِرُها بأْآر؛ وَيُقَالُ: أَبَّارٌ؛
وَقَدْ بَأَرْتُ بِئْراً وبَأَرَها يَبْأَرُها وابْتَأَرَها: حَفَرَها.
أَبو زَيْدٍ: بَأَرْتُ أَبْأَرُ بَأْراً حَفْرتُ بُؤْرَةً يُطْبَخُ
فِيهَا، وَهِيَ الإِرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البِئْرُ جبارٌ
قِيلَ هِيَ العادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ لَا يُعْلَمُ لَهَا حَافِرٌ وَلَا
مَالِكٌ، فَيَقَعُ فِيهَا الإِنسان أَو غَيْرُهُ، فَهُوَ جُبار أَي
هَدَرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الأَجير الَّذِي يَنْزِلُ الْبِئْرَ
فَيُنَقِّيهَا أَو يُخْرِجُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَعَ فِيهَا فَيَمُوتُ.
والبُؤْرَةُ: كالزُّبْيَةِ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ مَوْقِدُ
النَّارِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وبَأَرَ الشيءَ يَبْأَرُه بَأْراً
وابْتَأَرَه، كِلَاهُمَا: خَبَأَهُ وادَّخَرَهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ
للحُفرَةِ: البُؤْرَةُ. والبُؤْرَةُ والبِئْرَةُ والبَئِيرَةُ، عَلَى
فَعِيلَةٍ: مَا خُبِئَ وادُّخِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا
: أَي لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ خَبِيئَةَ خَيْرٍ وَلَمْ يَدَّخِرْ.
وابْتَأَرَ الخيرَ وبَأَرَهُ: قَدَّمَهُ، وَقِيلَ: عَمِلَهُ
مَسْتُورًا. وَقَالَ الأُمَوِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ
الشَّيْءِ يُخْبَأُ كأَنه لَمْ يُقدِّم لِنَفْسِهِ خَيْرًا خَبَأَهُ
لَهَا. وَيُقَالُ للذَّخيرة يَدَّخِرُهَا الإِنسان: بَئِيرَةٌ. قَالَ
أَبو عُبَيْدٍ: فِي الابْتِئار لُغَتَانِ: يُقَالُ ابْتَأَرْتُ
وائْتَبَرْتُ ابْتِئاراً وائتِباراً؛ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
فإِن لَمْ تَأْتَبِرْ رَشَداً قُرَيْشٌ، ... فليس لسائِر لناسِ
ائْتِبارُ
يَعْنِي اصْطِنَاعَ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ وَتَقْدِيمَهُ. وَيُقَالُ
لإِرَةِ النارِ: بُؤْرَةٌ، وَجَمْعُهُ بُؤَرٌ.
ببر: البَبْرُ: واحدُ البُبُور، وَهُوَ الفُرانِقُ الَّذِي يُعَادِي
الأَسد. غَيْرُهُ: البَبْرُ ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ، أَعجمي مُعَرَّبٌ.
بتر: البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشَّيْءِ قَطْعًا. غَيْرُهُ: البَتْرُ
قَطْعُ الذَّنَبِ وَنَحْوِهِ إِذا استأْصله. بَتَرْتُ الشيءَ بَتْراً:
قَطَعَتْهُ قَبْلَ الإِتمام. والانْبتارُ: الانْقِطاعُ. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحَايَا: أَنه نَهَى عَنِ المبتورةِ
، وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ ذَنَبُهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ
كُلُّ قَطْعٍ بَتْرٌ؛ بَتَرَهُ يَبْتُرُهُ بَتْراً فانْبَتَرَ
وتَبَتَّر. وسَيْفٌ باتِرٌ وبَتُورٌ وبَتَّارٌ: قطَّاع. والباتِرُ:
السيفُ القاطعُ. والأَبْتَرُ: المقطوعُ الذَّنَب مِنْ أَيّ مَوْضِعٍ
كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛ وَقَدْ أَبْتَرَهُ فَبَتَر، وذَنَبٌ
أَبْتَرُ. وَتَقُولُ مِنْهُ: بَتِرَ، بِالْكَسْرِ، يَبْتَرُ بَتَراً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ البُتَيْراءِ
؛ هُوَ أَن يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي
شَرَعَ فِي رَكْعَتَيْنِ فأَتم الأُولى وَقَطَعَ الثَّانِيَةَ: وَفِي
حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ
مَسْعُودٍ وَقَالَ: مَا هَذِهِ البَتْراءُ؟
وَكُلُّ أَمر انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُه، فَهُوَ أَبْتَرُ.
والأَبْتَرانِ: العَيْرُ والعَبْدُ، سُمِّيا أَبْتَرَيْنِ لِقِلَّةِ
خَيْرِهِمَا. وَقَدْ أَبْتَرَه اللهُ أَي صَيَّرَهُ أَبتر. وخطبةٌ
بَتْراءُ إِذا لَمْ يُذكر اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَلَا صُلّيَ عَلَى
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَخَطَبَ زِيَادٌ
خُطْبَتَهُ البَتْراءَ: قِيلَ لَهَا البَتْراءُ لأَنه لَمْ يَحْمَدِ
اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا
(4/37)
وَلَمْ يصلِّ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لرسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دِرْعٌ
يُقَالُ لهَا البَتْراءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِصَرِهَا.
والأَبْتَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الشَّيْطَانُ
قَصِيرُ الذَّنَبِ لَا يَرَاهُ أَحد إِلَّا فَرَّ مِنْهُ، وَلَا
تُبْصِرُهُ حَامِلٌ إِلَّا أَسقطت، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَصرِ
ذَنَبه كأَنه بُتِرَ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ أَمْر ذِي بَالٍ لَا يُبدأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ
أَبْتَرُ
؛ أَي أَقطع. والبَتْرُ: القطعُ. والأَبْتَرُ مِنْ عَرُوض
المُتَقَارَب: الرَّابِعُ مِنَ المثمَّن، كَقَوْلِهِ:
خَلِيليَّ عُوجَا عَلَى رَسْمِ دَارٍ، ... خَلَتْ مِنْ سُلَيْمى ومِنْ
مَيَّهْ
وَالثَّانِي مِنَ المُسَدَّس، كَقَوْلِهِ:
تَعَفَّفْ وَلَا تَبْتَئِسْ، ... فَمَا يُقْضَ يَأْتيكَا
فَقَوْلُهُ يَهْ مِنْ مَيَّهْ وقوله كامِنْ يَأْتِيكا كِلَاهُمَا
فُلُّ، وإِنما حُكْمُهُمَا فَعُولُنْ، فَحُذِفَتْ لُنْ فَبَقِيَ فَعُو
ثُمَّ حُذِفَتِ الْوَاوُ وأُسكنت الْعَيْنُ فَبَقِيَ فُلُّ؛ وَسَمَّى
قُطْرُبٌ الْبَيْتَ الرَّابِعَ مِنَ الْمَدِيدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتَةٌ، ... أُخْرِجَتْ مِنْ كيسِ دِهْقانِ
[دُهْقانِ]
سَمَّاهُ أَبْتَرَ. قَالَ أَبو إِسحاق: وَغَلِطَ قُطْرُبٌ، إِنما
الأَبتر فِي الْمُتَقَارِبِ، فأَما هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ قُطْرُبٌ
الأَبْتَرَ فإِنما هُوَ الْمَقْطُوعُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
مَوْضِعِهِ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ
قولهُ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
؛ نَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ وَكَانَ دَخَلَ عَلَى
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جَالِسٌ
فَقَالَ: هَذَا الأَبْتَرُ أَي هَذَا الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، فَقَالَ
اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ شانِئَكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ
الْأَبْتَرُ
أَي الْمُنْقَطِعُ الْعَقِبُ؛ وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ هُوَ
الْمُنْقَطِعُ عَنْهُ كلُّ خَيْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِم ابنُ الأَشْرَفِ مكةَ قَالَتْ لَهُ
قريشٌ: أَنت حَبْرُ أَهل الْمَدِينَةِ وسَيِّدُهم؟ قَالَ: نَعَمْ،
قَالُوا: أَلا تَرى هَذَا الصُّنَيْبِرَ الأُبَيْتِرَ مِنْ قَوْمِهِ؟
يَزْعُمُ أَنه خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهلُ الحَجيج وأَهلُ
السِّدانَةِ وأَهلُ السِّقاية؟ قَالَ: أَنتم خَيْرٌ مِنْهُ، فأُنزلت:
إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
، وأُنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ
الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.
ابْنُ الأَثير: الأَبْتَرُ المُنْبَتِرُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ؛
قِيلَ: لَمْ يَكُنْ يومئذٍ وُلِدَ لَهُ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لأَنه
وُلِدَ لَهُ قَبْلَ الْبَعْثِ وَالْوَحْيِ إِلَّا أَن يَكُونَ أَراد
لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ. والأَبْتَرُ: المُعْدِمُ.
والأَبْتَرُ: الخاسرُ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ مِنَ
المَزادِ والدِّلاء. وتَبَتَّر لَحْمهُ: انْمارَ. وبَتَرَ رَحِمَهُ
يَبْتُرُها بَتْراً: قَطَعَهَا. والأُباتِرُ، بِالضَّمِّ: الَّذِي
يَبْتُرُ رَحِمَهُ وَيَقْطَعُهَا؛ قال أَبو الرئيس المازني واسمه عبادة
بْنُ طَهْفَةَ يَهْجُو أَبا حِصْنٍ السُّلَمِيِّ:
لَئِيمٌ نَزَتْ فِي أَنْفِهِ خُنْزُوانَةٌ، ... عَلَى قَطْعِ ذِي
القُرْبى أَحَذُّ أُباتِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَالْمَشْهُورُ فِي
شِعْرِهِ:
شديدُ وِكاءٍ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ
وَسَنَذْكُرُهُ هُنَا. وَقِيلَ: الأُباتِرُ الْقَصِيرُ كأَنه بُتِرَ
عَنِ التَّمَامِ؛ وَقِيلَ؛ الأُباتِرُ الَّذِي لَا نَسْلَ لَه؛
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
شديدُ وِكاءِ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ، ... عَلَى قَطْعِ ذِي القُرْبى
أَحَذُّ أُباتِرُ
(4/38)
قَالَ: أُباتِرُ يُسْرِعُ فِي بَتْرِ مَا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَدِيقِهِ. وأَبْتَرَ الرجلُ إِذا أَعْطَى ومَنَعَ.
والحُجَّةُ البَتْراءُ: النَّافِذَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والبُتَيْراءُ:
الشمسُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَسُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الأَضْحى
أَو الضُّحى فَقَالَ: حِينَ تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأَرضَ
؛ أَراد حِينَ تَنْبَسِطُ الشَّمْسُ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَتَرْتَفِعُ.
وأَبْتَرَ الرجلُ: صَلَّى الضُّحَى، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي
التَّهْذِيبِ: أَبْتَرَ الرجلُ إِذا صَلَّى الضُّحَى حِينَ تُقَضِّبُ
الشمسُ، وتُقَضِّبُ الشَّمْسُ أَي تُخرجُ شعاعَها كالْقُضْبان. ابْنُ
الأَعرابي: البُتَيْرَةُ تَصْغِيرُ البَتْرَةِ، وَهِيَ الأَتانُ.
والبُتْرِيَّةُ: فِرْقَةٌ مِنَ الزَّيدية نُسِبُوا إِلى الْمُغِيرَةَ
بْنِ سَعْدٍ وَلَقَبُهُ الأَبْتَرُ. والبُتْرُ والبَتْراءُ
والأُباتِرُ: مَوَاضِعُ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيِّ:
عَفَا النَّبْتُ بعدي فالعَرِيشَانِ فالبُتْرُ
وقال الرَّاعِي:
تَرَكْنَ رِجالَ العُنْظُوانِ تَنُوبُهُمْ ... ضِباعٌ خِفافٌ مِنْ
وراءِ الأُباتِر
بثر: البَثْرُ والبَثَرُ والبُثُورُ: خُرَّاجٌ صِغارٌ، وَخَصَّ
بَعْضُهُمْ بِهِ الْوَجْهَ، وَاحِدَتُهُ بَثْرَةٌ وبَثَرَةٌ. وَقَدْ
بَثَر جِلْدُه وَوَجْهُهُ يَبْثُرُ بَثْراً وبُثُوراً: وبَثِرَ،
بِالْكَسْرِ، بَثَراً وبَثُرَ، بِالضَّمِّ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، فَهُوَ
وَجْهٌ بَثِرٌ. وتَبَثَّرَ وَجْهُه: بَثِرَ. وتَبَثَّرَ جلدُه:
تَنَفَّط. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: البُثُور مِثْل الجُدَرِيِّ يَقْبُحُ
عَلَى الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَدَنِ الإِنسان، وَجَمْعُهَا بَثْرٌ.
ابْنُ الأَعرابي: البَثْرَةُ تَصْغِيرُهَا البُثَيْرَةُ، وَهِيَ
النِّعْمَةُ التَّامَّةُ. والبَثْرَةُ: الحَرَّةُ. والبَثْرُ: أَرضٌ
سَهْلَةٌ رِخْوَةٌ. والبَثْرُ: أَرضٌ حِجَارَتُهَا كَحِجَارَةِ
الحَرَّةِ إِلَّا أَنها بِيضٌ. والبَثْرُ: الْكَثِيرُ. يُقَالُ: كَثيرٌ
بَثِيرٌ، إِتباع لَهُ وَقَدْ يُفْرَدُ. وعطاءٌ بَثْرٌ: كَثِيرٌ
وَقَلِيلٌ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَمَاءٌ بَثْرٌ: بَقِيَ مِنْهُ عَلَى
وَجْهِ الأَرض شَيْءٌ قَلِيلٌ. وبَثْرٌ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ بذاتِ عِرْقٍ؛
قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فافْتَنَّهُنَّ مِنَ السَّواءِ، وَمَاؤُهُ ... بَثْرٌ، وعانَدَهُ
طَرِيقٌ مَهْيَعُ
وَالْمَعْرُوفُ فِي البَثْرِ: الكثيرُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هَذَا
شَيْءٌ كثيرٌ بَثيرٌ بَذيرٌ وبَجيرٌ أَيضاً. الأَصمعي: البَثْرَة
الحُفْرَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت فِي الْبَادِيَةِ رَكِيَّةً
غَيْرَ مَطْوِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا بَثْرَةُ، وَكَانَتْ وَاسِعَةً
كَثِيرَةَ الْمَاءِ. اللَّيْثُ: الماءُ البَثْرُ فِي الْغَدِيرِ إِذا
ذَهَبَ وَبَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، ثُمَّ
نَشَّ وغَشَّى وجْهَ الأَرض مِنْهُ شِبْهُ عِرْمِضٍ؛ يُقَالُ: صَارَ
مَاءُ الْغَدِيرِ بَثْراً. والبَثْرُ: الحِسْيُ [الحَسْيُ] .
والبُثُور: الأَحْساءُ، وَهِيَ الكِرارُ؛ وَيُقَالُ: ماءٌ باثِرٌ إِذا
كَانَ بَادِيًا مِنْ غَيْرِ حَفْرٍ، وَكَذَلِكَ ماءٌ نابعٌ ونَبَعٌ.
والباثِرُ: الحَسُودُ. والبَثْرُ والمَبْثُور: المَحْسُودُ.
والمَبْثُور: الغنيُّ التّامُّ الغِنى.
بثعر: ابْذَعَرَّتِ الخيلُ وابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ
شَيْئًا تَطْلُبُه.
بجر: البَجَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: خروجُ السُّرَّة ونُتُوُّها وغِلَظُ
أَصلِها. ابْنُ سِيدَهْ: البُجْرَةُ السُّرَّةُ مِنَ الإِنسان
وَالْبَعِيرِ، عَظُمَتْ أَو لَمْ تَعْظُمْ. وبَجَرَ بَجْراً، فَهُوَ
أَبْجَرُ إِذا غَلُظَ أَصلُ سُرَّتِهِ فالتَحَمَ مِنْ حَيْثُ دَقَّ
وَبَقِيَ فِي ذَلِكَ الْعِظَمِ رِيحٌ، والمرأَةُ بَجْراءُ، وَاسْمُ
ذَلِكَ الْمَوْضِعِ البَجَرَةُ والبُجْرَةُ. والأَبْجَرُ: الَّذِي
خَرَجَتْ سُرَّتُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ صِفَةِ قُرَيْش: أَشِحَّةٌ
بَجَرَةٌ؛ هِيَ جَمْعٌ بَاجِرٌ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. يُقَالُ:
بَجِرَ يَبْجَرُ بَجَراً، فَهُوَ باجِرٌ
(4/39)
وأَبْجَرُ، وَصَفَهُمْ بالبَطانَةِ
ونُتُوءِ السُّرَرِ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ كَنزهم
الأَموال وَاقْتِنَائِهِمْ لَهَا، وَهُوَ أَشبه بِالْحَدِيثِ لأَنه
قَرَنَهُ بِالشُّحِّ وَهُوَ أَشد الْبُخْلِ. والأَبْجَرُ: العظيمُ
البَطْنِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بُجْرٌ وبُجْرانٌ؛ أَنشد
ابْنُ الأَعرابي:
فَلَا يَحْسَب البُجْرانُ أَنَّ دِماءَنا ... حَقِينٌ لهمْ فِي غيرِ
مَرْبُوبَةٍ وُقْرِ
أَي لَا يَحْسَبْنَ أَن دماءَنا تَذْهَبُ فِرْغاً بَاطِلًا أَي
عِنْدِنَا مِنْ حِفْظِنا لَهَا فِي أَسْقِيَةٍ مَرْبُوبَةٍ، وَهَذَا
مَثَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الباجِرُ المُنْتَفِخُ الجَوْف،
والهِرْدَبَّةُ الجَبانُ. الْفَرَّاءُ: الباحرُ، بِالْحَاءِ: الأَحمق؛
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَيْرُ الْبَاجِرِ، ولكلٍّ مَعْنًى.
الْفَرَّاءُ: البَجْرُ والبَجَرُ انْتِفَاخُ الْبَطْنِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ بَعْثاً فأَصْبَحُوا بأَرْضٍ بَجْراءَ
؛ أَي مرتفعةٍ صُلْبَةٍ. والأَبْجَرُ: الَّذِي ارْتَفَعَتْ سُرَّتُه
وصَلُبَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَصْبَحْنا فِي أَرضٍ عَرُونَةٍ بَجْراءَ
، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا نباتَ بِهَا. والأَبْجَرُ: حَبْلُ
السَّفِينَةِ لِعِظَمِهِ فِي نَوْعِ الْحِبَالِ، وَبِهِ سُمِّي
أَبْجَرُ بنُ حَاجِزٍ. والبُجْرَةُ: العُقْدَةُ فِي الْبَطْنِ
خَاصَّةً، وَقِيلَ: البُجْرَةُ العُقْدَةُ تَكُونُ فِي الْوَجْهِ
والعُنُقِ، وَهِيَ مثلُ العُجْرَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبَجِرَ الرجلُ
بَجَراً، فَهُوَ بَجِرٌ، ومَجَرَ مَجْراً: امتلأَ بطنُه مِنَ الْمَاءِ
وَاللَّبَنِ الْحَامِضِ ولسانُه عطشانُ مِثْلُ نَجَرَ؛ وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يُكْثِرَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ أَو
اللَّبَنِ وَلَا يَكَادُ يَرْوَى، وَهُوَ بَجِرٌ مَجِرٌ نَجِرٌ.
وتَبَجَّر النبيذَ: أَلَحّ فِي شُرْبِهِ، مِنْهُ. والبَجَاري
والبَجارى: الدَّوَاهِي والأُمور الْعِظَامُ، وَاحِدُهَا بُجْرِيٌّ
وبُجْرِيَّةٌ. والأَباجِيرُ: كالبَجَاري وَلَا وَاحِدَ لَهُ.
والبُجْرُ، بِالضَّمِّ: الشَّرُّ والأَمر الْعَظِيمُ. أَبو زَيْدٍ:
لَقِيتُ مِنْهُ البَجَاري أَي الدَّوَاهِيَ، وَاحِدُهَا بُجْرِيٌّ
مِثْلُ قُمْرِيٍّ وقَماري، وَهُوَ الشَّرُّ والأَمر الْعَظِيمُ. أَبو
عَمْرٍو: يُقَالُ إِنه ليجيءُ بالأَباجِرِ، وَهِيَ الدَّوَاهِي؛ قَالَ
الأَزهري: فكأَنها جَمْعُ بُجْرٍ وأَبْجارٍ ثُمَّ أَباجِرُ جمعُ
الْجَمْعِ. وأَمرٌ بُجْرٌ: عَظِيمٌ، وَجَمْعُهُ أَباجِيرُ «4» ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ نَادِرٌ كأَباطيل وَنَحْوِهِ. وَقَوْلُهُمْ:
أَفْضَيْتُ إِليك بِعُجَرِي وبُجَري أَي بِعُيُوبِي يَعْنِي أَمري
كُلِّهِ. الأَصمعي فِي بَابِ إِسرار الرَّجُلِ إِلى أَخيه مَا
يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ: أَخبرته بِعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَظهرته
مِنْ ثِقَتِي بِهِ عَلَى مَعايبي. ابْنُ الأَعرابي: إِذا كَانَتْ فِي
السُّرَّة نَفْخَةٌ فَهِيَ بُجْرَةٌ، وإِذا كَانَتْ فِي الظَّهْرِ
فَهِيَ عُجْرَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ يُنْقَلَانِ إِلى الْهُمُومِ والأَحزان.
قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَشْكُو
إِلى اللَّهِ عُجَرِي وبُجَرِي أَي هُمُومِي وأَحزاني وَغُمُومِي.
ابْنُ الأَثير: وأَصل العُجْرَةِ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْرِ فإِذا كَانَتْ
فِي السُّرَّةِ فَهِيَ بُجْرَةٌ؛ وَقِيلَ: العُجَرُ العروقُ
المُتَعَقِّدَةُ فِي الظَّهْرِ، والبُجَرُ الْعُرُوقُ الْمُتَعَقِّدَةُ
فِي الْبَطْنِ ثُمَّ نُقِلَا إِلَى الْهُمُومِ والأَحزان؛ أَراد أَنه
يَشْكُو إِلى اللَّهِ تَعَالَى أُموره كُلَّهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ. وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْع:
إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَه
أَي أُموره كُلَّهَا بَادِيَهَا وَخَافِيَهَا، وَقِيلَ: أَسراره،
وَقِيلَ: عُيُوبَهُ. وأَبْجَرَ الرجلُ إِذا اسْتَغْنَى غِنًى يَكَادُ
يُطْغِيهِ بَعْدَ فَقْرٍ كَادَ يُكَفِّرُهُ. وَقَالَ: هُجْراً وبُجْراً
أَي أَمراً عَجَبًا، والبُجْرُ: العَجَبُ؛ قال الشاعر:
__________
(4) . قوله: [وجمعه أباجير] عبارة القاموس الجمع أَباجر وجمع الجمع
أَباجير
(4/40)
أَرْمي عَلَيْهَا وَهِيَ شيءٌ بُجْرُ، ...
والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ
وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الرَّجَزَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى
البُجْرِ الشَّرِّ والأَمر الْعَظِيمِ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي
دَاهِيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنما هُوَ الفَجْرُ أَو البَجْرُ
؛ البَجْرُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: الدَّاهِيَةُ والأَمر الْعَظِيمُ،
أَي إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِيءَ الفجرُ أَبصرتَ الطريقَ، وإِن خبطت
الظلماء أَفضتْ بك إِلى الْمَكْرُوهِ، وَيُرْوَى الْبَحْرُ،
بِالْحَاءِ، يُرِيدُ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا شَبَّهَهَا بِالْبَحْرِ
لِتَحَيُّرِ أَهلها فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لمْ آتِ، لَا أَبا لَكُمْ،
بُجْراً.
أَبو عَمْرٍو: البَجِيرُ المالُ الْكَثِيرُ. وكثيرٌ بَجِيرٌ: إِتباعٌ.
وَمَكَانٌ عَمِيرٌ بَجِيرٌ: كَذَلِكَ. وأَبْجَرُ وبُجَيْرٌ: اسْمَانِ.
وابنُ بُجْرَةَ: خَمَّارٌ كَانَ بِالطَّائِفِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَلَوْ أَنَّ مَا عِنْدَ ابنِ بُجْرَةَ عِنْدَها، ... مِنَ الخَمْرِ،
لَمْ تَبْلُلْ لَهاتِي بناطِلِ
وباجَرٌ: صَنَمٌ كَانَ للأَزد فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ
من طيء، وَقَالُوا باجِر، بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَفِي نَوَادِرِ.
الأَعراب: ابْجارَرْتُ عَنْ هَذَا الأَمر وابْثارَرْتُ وبَجِرْتُ
ومَجِرْتُ أَي اسْتَرْخَيْتُ وَتَثَاقَلْتُ. وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لْهُ
بَاجِرٌ، تُكْسَرُ جِيمُهُ وَتُفْتَحُ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ
الْمُهْمَلَةِ، وَكَانَ فِي الأَزد
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ذَهَبَتْ فَشيِشَةُ بالأَباعِرِ حَوْلَنا ... سَرَقاً، فَصُبَّ عَلَى
فَشِيشَةَ أَبْجَرُ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ رَجُلًا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَبِيلَةً،
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأُمور البَجَارى، أَي صُبَّتْ عَلَيْهِمْ
داهيةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ خَبَرًا وَيَكُونُ دُعَاءً. وَمِنْ
أَمثالهم: عَيَّرَ بُجَيْرٌ بُجَرَهْ، ونَسِيَ. بُجَيْرٌ خَبَرَهْ؛
يَعْنِي عُيُوبَهُ. قَالَ الأَزهري: قَالَ الْمُفَضَّلُ: بُجَيْرٌ
وَبُجَرَةُ كَانَا أَخوين فِي الدَّهْرِ الْقَدِيمِ وَذَكَرَ
قِصَّتَهُمَا، قَالَ: وَالَّذِي رأَيت عَلَيْهِ أَهل اللُّغَةِ أَنهم
قَالُوا الْبُجَيْرُ تَصْغِيرُ الأَبجر، وَهُوَ النَّاتِئُ السُّرَّةِ،
وَالْمَصْدَرُ الْبَجَرُ، فَالْمَعْنَى أَن ذَا بُجْرَةٍ فِي سُرَّتِه
عَيَّرَ غَيْرَهُ بِمَا فِيهِ، كَمَا قِيلَ فِي امرأَة عَيَّرَتْ أُخرى
بِعَيْبٍ فِيهَا: رَمَتْني بدائها وانْسَلَّتْ.
بحر: البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كَانَ أَو عَذْباً، وَهُوَ
خِلَافُ البَرِّ، سُمِّيَ بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غَلَبَ عَلَى
المِلْح حَتَّى قَلّ فِي العَذْبِ، وَجَمْعُهُ أَبْحُرٌ وبُحُورٌ
وبِحارٌ. وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو كَثُرَ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
وَقَدْ عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني، ... إِلى مَرَضي، أَنْ
أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا القولُ هُوَ قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كَانَ
يَجْعَلُ الْبَحْرَ مِنَ الْمَاءِ الْمِلْحِ فَقَطْ. قَالَ: وَسُمِّيَ
بَحْراً لِمُلُوحَتِهِ، يُقَالُ: ماءٌ بَحْرٌ أَي مِلْحٌ، وأَما
غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنما سُمِّيَ البَحْرُ بَحْراً لِسِعَتِهِ
وَانْبِسَاطِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إِن فُلَانًا لَبَحْرٌ أَي
وَاسِعُ الْمَعْرُوفِ؛ قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ البحرُ للملْح
والعَذْبِ؛ وشاهدُ الْعَذْبِ قولُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
ونحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا بِهِ، ... وَقَدْ كانَ مِنْكُمْ
مَاؤُهُ بِمَكَانِ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ، ... مَا فِي عطائِهِمُ
مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مثلَ الهَضْبِ، لَوْ وَرَدَتْ ... ماءَ الفُراتِ،
لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِفُ
(4/41)
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وتَذَكَّرْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إِذْ أَشْرَفَ ... يَوْمًا، وللْهُدَى
تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْلِكُ، ... والبحرُ مُعْرِضاً
والسَّدِيرُ
أَراد بِالْبَحْرِ هَاهُنَا الْفُرَاتَ لأَن رَبَّ الْخَوَرْنَقِ كَانَ
يشرِفُ عَلَى الْفُرَاتِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ ... صَوادِي العَرائِبِ، لَمْ
تُضْرَبِ
وَقَدْ أَجمع أَهل اللُّغَةِ أَن اليَمَّ هُوَ الْبَحْرُ. وجاءَ فِي
الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ؛ قَالَ أَهل
التَّفْسِيرِ: هُوَ نِيلُ مِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ
سِيدَهْ: وأَبْحَرَ الماءُ صَارَ مِلْحاً؛ قَالَ: وَالنَّسَبُ إِلى
الْبَحْرِ بَحْرانيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ
الْخَلِيلُ: كأَنهم بَنَوُا الِاسْمَ عَلَى فَعْلان. قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: شَرْطِي فِي هَذَا الْكِتَابِ
أَن أَذكر مَا قَالَهُ مُصَنِّفُو الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ
عَيَّنْتُهُمْ فِي خُطْبَتِهِ، لَكِنَّ هَذِهِ نُكْتَةٌ لَمْ يَسَعْنِي
إِهمالها. قَالَ السُّهَيْلِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ
ابْنُ سِيدَهْ فِي كِتَابِ الْمُحْكَمِ أَن الْعَرَبَ تَنْسُبُ إِلى
الْبَحْرِ بَحْرانيّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وإِنه مِنْ شَوَاذِّ
النِّسَبِ، وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلَ إِلى سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ،
رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ قَطُّ،
وإِنما قَالَ فِي شَوَاذِّ النِّسَبِ: تَقُولُ فِي بَهْرَاءَ
بَهْرَانِيٌّ وَفِي صَنْعَاءَ صَنْعَانِيٌّ، كَمَا تَقُولُ
بَحْرَانِيٌّ فِي النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِينِ الَّتِي هِيَ
مَدِينَةٌ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا تلقَّاه جَمِيعُ النُّحَاةِ
وتأَوَّلوه مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وإِنما اشْتَبَهَ عَلَى
ابْنِ سِيدَهْ لِقَوْلِ الْخَلِيلِ فِي هَذِهِ المسأَلة أَعني مسأَلة
النِّسَبِ إِلى الْبَحْرِينِ، كأَنهم بَنَوُا الْبَحْرَ عَلَى
بَحْرَانَ، وإِنما أَراد لَفْظَ الْبَحْرِينِ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ
فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: تَقُولُ بَحْرَانِيٌّ في النسب إِلى البحرين،
وَلَمْ يَذْكُرِ النَّسَبَ إِلى الْبَحْرِ أَصلًا، لِلْعِلْمِ بِهِ
وأَنه عَلَى قِيَاسٍ جَارٍ. قَالَ: وَفِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ عَنِ
الزَّيْدِيِّ أَنه قَالَ: إِنما قَالُوا بَحْرانيٌّ فِي النسب إِلى
البَحْرَيْنِ، ولم يَقُولُوا بَحْرِيٌّ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِ. قَالَ: وَمَا زَالَ ابْنُ سِيدَهْ
يَعْثَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ عَثَرَاتٍ يَدْمَى مِنْهَا
الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تُخْرِجُهُ إِلى سَبِيلِ مَنْ ضَلَّ،
أَلا تَرَاهُ قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَذَكَرَ بُحَيْرَة
طَبَرَيَّة فَقَالَ: هِيَ مِنْ أَعلام خُرُوجِ الدَّجَّالِ وأَنه
يَيْبَسُ ماؤُها عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَالْحَدِيثُ إِنما جَاءَ فِي
غَوْرِ زُغَرَ، وإِنما ذُكِرَتْ طَبَرِيَّةُ فِي حَدِيثِ يأْجوج
ومأْجوج وأَنهم يَشْرَبُونَ مَاءَهَا؛ قَالَ: وَقَالَ فِي الجِمَار فِي
غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنما هِيَ الَّتِي تُرْمَى بِعَرَفَةَ
وَهَذِهِ هَفْوَةٌ لَا تُقَالُ، وَعَثْرَةٌ لَا لَعاً لَهَا؛ قَالَ:
وَكَمْ لَهُ مِنْ هَذَا إِذا تَكَلَّمَ فِي النِّسَبِ وَغَيْرِهِ.
هَذَا آخِرُ مَا رأَيته مَنْقُولًا عَنِ السُّهَيْلِيِّ. ابْنُ
سِيدَهْ: وكلُّ نَهْرٍ عَظِيمٍ بَحْرٌ. الزَّجَّاجُ: وَكُلُّ نَهْرٍ
لَا يَنْقَطِعُ ماؤُه، فَهُوَ بَحْرٌ. قَالَ الأَزهري: كُلُّ نَهْرٍ
لَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ مِثْلُ دِجْلَةَ والنِّيل وَمَا أَشبههما مِنَ
الأَنهار الْعَذْبَةِ الْكِبَارِ، فَهُوَ بَحْرٌ. وأَما الْبَحْرُ
الْكَبِيرُ الَّذِي هُوَ مَغِيضُ هَذِهِ الأَنهار فَلَا يَكُونُ ماؤُه
إِلَّا مِلْحًا أُجاجاً، وَلَا يَكُونُ مَاؤُهُ إِلَّا رَاكِدًا؛ وأَما
هَذِهِ الأَنهار الْعَذْبَةُ فماؤُها جَارٍ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ
الأَنهار بِحَارًا لأَنها مَشْقُوقَةٌ فِي الأَرض شَقًّا. وَيُسَمَّى
الْفَرَسُ الْوَاسِعُ الجَرْي بَحْراً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي
طَلْحَةَ وَقَدْ رَكِبَهُ عُرْياً: إِني وَجَدْتُهُ بَحْراً أَي
وَاسِعَ الجَرْي؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ
الْجَوَادُ إِنه لَبَحْرٌ لَا يُنْكَش حُضْرُه. قَالَ الأَصمعي:
يُقَالُ فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَتٌّ إِذا كَانَ جَوَادًا
كثيرَ العَدْوِ وَفِي الْحَدِيثِ: أَبَى ذَلِكَ البَحرُ ابنُ عَبَّاسٍ؛
سُمِّيَ
(4/42)
بَحْرًا لِسِعَةِ عِلْمِهِ وَكَثْرَتِهِ.
والتَّبَحُّرُ والاستِبْحَارُ: الِانْبِسَاطُ والسَّعة. وَسُمِّيَ
البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، وَهُوَ انْبِسَاطُهُ وَسِعَتُهُ.
وَيُقَالُ: إِنما سُمِّيَ البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ فِي الأَرض
شَقًّا وَجَعَلَ ذَلِكَ الشَّقَّ لِمَائِهِ قَرَارًا. والبَحْرُ فِي
كَلَامِ الْعَرَبِ: الشَّقُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَحَفَرَ زَمْزَمَ ثُمَّ بَحَرَها بَحراً
أَي شقَّها ووسَّعها حَتَّى لَا تُنْزَفَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ
الَّتِي كَانُوا يَشُقُّونَ فِي أُذنها شَقًّا: بَحِيرَةٌ. وبَحَرْتُ
أُذنَ النَّاقَةِ بَحْرًا: شَقَّقْتُهَا وَخَرَقْتُهَا. ابْنُ سِيدَهْ:
بَحَرَ الناقةَ والشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين،
وَقِيلَ: بِنِصْفَيْنِ طُولًا، وَهِيَ البَحِيرَةُ، وَكَانَتِ
الْعَرَبُ تَفْعَلُ بِهِمَا ذَلِكَ إِذا نُتِجَتا عشرةَ أَبْطن فَلَا
يُنْتَفَع مِنْهُمَا بِلَبَنٍ وَلَا ظَهْرٍ، وتُترك البَحِيرَةُ
تَرْعَى وَتَرِدُ الْمَاءَ ويُحَرَّمُ لَحْمُهَا عَلَى النِّسَاءِ،
ويُحَلَّلُ لِلرِّجَالِ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ
فَقَالَ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا
وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ
؛ قَالَ: وَقِيلَ البَحِيرَة مِنَ الإِبل الَّتِي بُحِرَتْ أُذنُها أَي
شُقت طُولًا، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي خُلِّيَتْ بِلَا رَاعٍ، وَهِيَ
أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْعُها بُحُرٌ، كأَنه يُوهِمُ حَذْفَ الْهَاءِ.
قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: أَثْبَتُ مَا
رَوَيْنَا عَنْ أَهل اللُّغَةِ فِي البَحِيرَة أَنها النَّاقَةُ
كَانَتْ إِذا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فَكَانَ آخِرُهَا ذَكَرًا،
بَحَرُوا أُذنها أَي شَقُّوهَا وأَعْفَوا ظَهْرَهَا مِنَ الرُّكُوبِ
وَالْحَمْلِ وَالذَّبْحِ، وَلَا تُحلأُ عَنْ مَاءٍ تَرِدُهُ وَلَا
تُمْنَعُ مِنْ مَرْعًى، وإِذا لَقِيَهَا المُعْيي المُنْقَطَعُ بِهِ
لَمْ يَرْكَبْهَا. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن أَوَّل مَنْ بَحَرَ البحائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين
إِسماعيل عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ
؛ وَقِيلَ: البَحِيرَةُ الشَّاةُ إِذا وَلَدَتْ خَمْسَةَ أَبطُن
فَكَانَ آخِرُهَا ذَكَرًا بَحَرُوا أُذنها أَي شَقُّوهَا وتُرِكَت
فَلَا يَمَسُّها أَحدٌ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَوَّل
لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عَنْ أَبيه أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟
فَقَالَ: مِنْ كلٍّ قَدْ آتَانِي اللهُ فأَكْثَرَ، فَقَالَ: هَلْ
تُنْتَجُ إِبلُك وَافِيَةً آذانُها فَتَشُقُّ فِيهَا وَتَقُولُ بُحُرٌ؟
يُرِيدُ بِهِ جَمْعَ البَحِيرة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: البَحِيرَةُ هِيَ
ابْنَةُ السَّائِبَةِ، وَقَدْ فَسَّرْتُ السَّائِبَةَ فِي مَكَانِهَا؛
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَحُكْمُهَا حُكْمُ أُمها. وَحَكَى الأَزهري
عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ: البَحيرة النَّاقَةُ إِذا نُتِجَتْ خمسةَ أَبطن
وَالْخَامِسُ ذَكَرٌ نَحَرُوهُ فأَكله الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وإِن
كَانَ الْخَامِسُ أُنثى بَحَروا أُذنها أَي شَقُّوهَا فَكَانَتْ
حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا وَرُكُوبُهَا، فإِذا
مَاتَتْ حَلَّتْ لِلنِّسَاءِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَتَقْطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ
؛ وأَنشد شَمِرٌ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
فِيهِ مِنَ الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ، ... هَدْرَ
الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ
البُحُرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وَوَرَدَ ذِكْرُ
البَحِيرة فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: كَانُوا إِذا وَلَدَتْ إِبلهم سَقْباً
بَحَروا أُذنه أَي شَقُّوهَا، وَقَالُوا: اللَّهُمَّ إِن عَاشَ
فَقَنِيٌّ، وإِن مَاتَ فَذَكيٌّ؛ فإِذا مَاتَ أَكلوه وَسَمَّوْهُ
الْبَحِيرَةَ، وَكَانُوا إِذا تَابَعَتِ النَّاقَةُ بَيْنَ عَشْرِ
إِناث لَمْ يُرْكب ظهرُها، وَلَمْ يُجَزّ وَبَرُها، وَلَمْ يَشْرَبْ
لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فَتَرَكُوهَا مُسَيَّبَةً لِسَبِيلِهَا وسمُّوها
السَّائِبَةَ، فَمَا وُلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنثى شَقُّوا أُذنها
وخلَّوا سَبِيلَهَا، وَحَرُمَ مِنْهَا مَا حَرُمَ مِنْ أُمّها،
وسَمّوْها البحِيرَةَ، وجمعُ البَحِيرَةِ عَلَى بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ فِي
الْمُؤَنَّثِ إِلا أَن يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى الْمُذَكِّرِ،
نَحْوَ نَذِيرٍ ونُذُرٍ، عَلَى أَن بَحِيرَةً فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى
مُفَعْوِلَةٍ نَحْوَ قَتِيلَةٍ؛ قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي جَمْعٍ
مِثْلِهِ فُعُلٌ،
(4/43)
وَحَكَى الزمَخْشري بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ
وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وَهِيَ الَّتِي صُرِمَتْ أُذنها أَي قُطِعَتْ.
واسْتَبْحَرَ الرَّجُلُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَالِ وتَبَحَّرَ: اتَّسَعَ
وَكَثُرَ مَالُهُ. وتَبَحَّرَ فِي الْعِلْمِ: اتَّسَعَ. واسْتَبْحَرَ
الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ فِي القولِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو الْمَدِيحُ، ... وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنُ
المادِحَهْ
وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ باحَر
، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ. وتَبَحَّر الرَّاعِي فِي
رعْيٍ كَثِيرٍ: اتَّسَعَ، وكلُّه مِنَ البَحْرِ لِسِعَتِهِ. وبَحِرَ
الرجلُ إِذا رأَى الْبَحْرَ فَفَرِقَ حَتَّى دَهِشَ، وَكَذَلِكَ بَرِقَ
إِذا رأَى سَنا البَرْقِ فَتَحَيَّرَ، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ
الكثيرَ، وَمِثْلُهُ خَرِقَ وعَقِرَ. ابْنُ سِيدَهْ: أَبْحَرَ القومُ
رَكِبُوا البَحْرَ. وَيُقَالُ للبَحْرِ الصَّغِيرِ: بُحَيْرَةٌ كأَنهم
تَوَهَّمُوا بَحْرَةً وإِلا فَلَا وَجْهَ لِلْهَاءِ، وأَما
البُحَيْرَةُ الَّتِي فِي طَبَرِيَّةَ وَفِي الأَزهري الَّتِي
بِالطَّبَرِيَّةِ فإِنها بَحْرٌ عَظِيمٌ نَحْوَ عَشَرَةِ أَميال فِي
سِتَّةِ أَميال وغَوْرُ مَائِهَا، وأَنه»
. عَلَامَةٌ لِخُرُوجِ الدَّجَّالِ تَيْبَس حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا
قَطْرَةُ مَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا قَالَهُ
السُّهَيْلِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ: يَا هادِيَ الليلِ
جُرْتَ إِنما هُوَ البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ:
إِنما هُوَ الْهَلَاكُ أَو تَرَى الْفَجْرَ، شَبَّهَ اللَّيْلَ
بِالْبَحْرِ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنما هُوَ الفَجْرُ أَو البَجْرُ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَالَ: مَعْنَاهُ إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى
يُضِيءَ الْفَجْرُ أَبصرت الطريق، وإِن خبطت الظلماء أَفضت بِكَ إِلى
الْمَكْرُوهِ. قَالَ: وَيُرْوَى الْبَحْرُ، بِالْحَاءِ، يُرِيدُ
غَمَرَاتِ الدُّنْيَا شَبَّهَهَا بِالْبَحْرِ لِتَحَيُّرِ أَهلها
فِيهَا. والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ الْمَعْرُوفُ. وفَرسٌ
بَحْرٌ: كَثِيرُ العَدوِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْبَحْرِ. والبَحْرُ:
الرِّيفُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عَلِيٍّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: ظَهَرَ
الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ لأَن الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَسَادٌ
وَلَا صَلَاحٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَجدب
الْبَرُّ وَانْقَطَعَتْ مَادَّةُ الْبَحْرِ بِذُنُوبِهِمْ، كَانَ
ذَلِكَ لِيَذُوقُوا الشدَّة بِذُنُوبِهِمْ فِي الْعَاجِلِ؛ وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الْجَدْبُ فِي الْبِرِّ وَالْقَحْطُ في
مُدُنِ الْبَحْرِ الَّتِي عَلَى الأَنهار؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ، ... مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو
البُحَيْرِ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْني بالبُحَيْرِ الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ
الرِّيفُ فَصَغَّرَهُ لِلْوَزْنِ وَإِقَامَةِ الْقَافِيَةِ. قَالَ:
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَصَدَ البُحَيْرَةَ فَرَخَّمَ اضْطِرَارًا.
وَقَوْلُهُ: مِنْ صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ
صِيرِ بَدَلًا مِنْ صُيَيْر، بإِعادة حَرْفِ الْجَرِّ، وَيَجُوزُ أَن
تَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كأَنه أَراد مِنْ صُيَيْر كَائِنٍ مَنْ
صِيرِ مِصْرَيْنِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ: هَذِهِ
بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ: الأَرض وَالْبَلْدَةُ؛ يُقَالُ: هَذِهِ
بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وَفِي حَدِيثِ القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلًا بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ عَلَى شَطِّ لِيَّةَ
، البَحْرَةُ: البَلْدَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ أَن
يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ
؛ البُحَيْرَةُ: مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ تَصْغِيرُ البَحْرَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي
رِوَايَةٍ مُكَبَّرًا. والعربُ تُسَمِّي المُدُنَ وَالْقُرَى: البحارَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
وكَتَبَ لَهُمْ بِبَحْرِهِم
؛ أَي بِبَلَدِهِمْ وأَرضهم. وأَما حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ فَرَوَاهُ الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ
عُرْوَةَ أَن أُسامة بْنَ زَيْدٍ أَخبره: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَكِبَ حِمَارًا عَلَى إِكافٍ وَتَحْتَهُ
قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ
__________
(1) . قوله [وغور مائها وأنه إلخ] كذا بالأصل المنسوب للمؤلف وهو غير
تام
(4/44)
أُسامةَ، وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ
عُبادَةَ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المجلسَ
عَجاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبيّ أَنْفَه ثُمَّ
قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَفَ وَدَعَاهُمْ إِلى اللَّهِ وقرأَ القرآنَ،
فَقَالَ لَهُ عبدُ اللَّهِ: أَيها المَرْءُ إِن كَانَ مَا تَقُولُ
حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا فِي مَجْلِسِنَا وارجعْ إِلى رَحْلك، فَمَنْ
جاءَك منَّا فَقُصَّ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ
عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ مَا
قَالَ أَبو حُباب؟ قَالَ كَذَا، فَقَالَ سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فو الله
لَقَدْ أَعطاك اللهُ الَّذِي أَعطاك، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ
البُحَيْرةِ عَلَى أَن يُتَوِّجُوه، يَعْنِي يُمَلِّكُوهُ فَيُعَصِّبوه
بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا ردَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي
أَعطاكَ شَرِقَ لِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رأَيْتَ، فَعَفَا
عَنْهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ مِنَ الأَرض تَتَّسِعُ؛ وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو نَصْرٍ البِحارُ الواسعةُ مِنَ الأَرض،
الْوَاحِدَةُ بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لِكُثَيِّرٍ فِي وَصْفِ مَطَرٍ:
يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ، ... وزُرْقاً بأَجوارِ
البحارِ تُغادَرُ
وَقَالَ مُرَّةُ: البَحْرَةُ الْوَادِي الصَّغِيرُ يَكُونُ فِي الأَرض
الْغَلِيظَةِ. والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مَعَ سَعَةٍ،
وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها ... أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ
نَبْتُ بِحارِها «2»
. الأَزهري: يُقَالُ للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. وَقَدْ أَبْحَرَتِ الأَرْضُ
إِذا كَثُرَتْ مَنَاقِعُ الْمَاءِ فِيهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: البَحْرَةُ
الأُوقَةُ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا الْمَاءُ. ابْنُ الأَعرابي:
البُحَيْرَةُ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض. وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ
بَحَراً، فَهُوَ بَحِرٌ إِذا اجْتَهَدَ فِي العدوِ طَالِبًا أَو
مَطْلُوبًا، فَانْقَطَعَ وَضَعُفَ وَلَمْ يَزَلْ بِشَرٍّ حَتَّى اسودَّ
وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: البَحَرُ أَن يَلْغَى
البعيرُ بِالْمَاءِ فَيُكْثِرُ مِنْهُ حَتَّى يُصِيبَهُ مِنْهُ دَاءٌ.
يُقَالُ: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فَهُوَ بَحِرٌ؛ وأَنشد:
لأَعْلِطَنَّه [لأَعْلُطَنَّه] وَسْماً لَا يُفارِقُه، ... كما يُحَزُّ
بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قَالَ: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ فِي مَوَاضِعَ فَيَبْرأُ. قَالَ
الأَزهري: الدَّاءُ الَّذِي يُصِيبُ الْبَعِيرَ فَلَا يَرْوَى مِنَ
الْمَاءِ، هُوَ النَّجَرُ، بِالنُّونِ وَالْجِيمِ، والبَجَرُ،
بِالْبَاءِ وَالْجِيمِ، وأَما البَحَرُ، فَهُوَ دَاءٌ يُورِثُ
السِّلَّ. وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَحِيرٌ
وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ اللَّحْمِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ، ... وآبقٌ، مِن جَذْبِ
دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عَمْرٍو: البَحِيرُ والبَحِرُ الَّذِي بِهِ السِّلُّ،
والسَّحِيرُ: الَّذِي انْقَطَعَتْ رِئَتُه، وَيُقَالُ: سَحِرٌ. وبَحِرَ
الرجلُ. بُهِتَ. وأَبْحَرَ الرَّجُلُ إِذَا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه.
وأَبْحَرَ إِذا صَادَفَ إِنساناً عَلَى غَيْرِ اعتمادٍ وقَصدٍ
لِرُؤْيَتِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَقِيتُهُ صَحْرَةَ بَحْرَةَ
أَي بَارِزًا لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ. والباحِر،
بِالْحَاءِ: الأَحمق الَّذِي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وَبَقِيَ
كَالْمَبْهُوتِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتَمالكُ حُمْقاً.
الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ الْكَذَّابُ. وتَبَحَّر الخبرَ:
تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ الحُمرة. يُقَالُ: أَحمر باحرٌ
وبَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي:
__________
(2) . قوله [تخايل إلخ] سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل
بدل تخايل وقال أَيْ تَلَوَّنُ بِالنَّوْرِ فَتُرِيكَ رُؤْيَا
تُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّهَا لَوْنٌ ثُمَّ تَرَاهَا لَوْنًا آخَرَ،
ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ الأَول فَقَالَ نَبْتُهَا أُنٌفٌ فَنَبْتُهَا
مبتدأ إلخ ما قال
(4/45)
يُقَالُ أَحْمَرُ قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ
وذَرِيحِيٌّ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ المرأَة
تُسْتَحَاضُ وَيَسْتَمِرُّ بِهَا الدَّمُ، فَقَالَ: تُصَلِّي وتتوضأُ
لِكُلِّ صَلَاةٍ، فإِذا رأَتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عَنِ
الصَّلَاةِ؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ كأَنه قَدْ نُسِبَ
إِلى البَحْرِ، وَهُوَ اسْمُ قَعْرِ الرَّحِمِ، مَنْسُوبٌ إِلى قَعْرِ
الرَّحِمِ وعُمْقِها، وَزَادُوهُ فِي النَّسَبِ أَلِفاً وَنُونًا
لِلْمُبَالَغَةِ يُرِيدُ الدَّمَ الْغَلِيظَ الْوَاسِعَ؛ وَقِيلَ:
نُسِبَ إِلى البَحْرِ لِكَثْرَتِهِ وَسِعَتِهِ؛ وَمِنَ الأَول قَوْلُ
الْعَجَّاجِ:
وَرْدٌ مِنَ الجَوْفِ وبَحْرانيُ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ،
وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّمِ الْخَالِصِ الْحُمْرَةِ: باحِرٌ وبَحْرانيٌّ.
ابْنُ سِيدَهْ: ودَمٌ باحِرٌ وبَحْرانيٌّ خَالِصُ الْحُمْرَةِ مِنْ
دَمِ الْجَوْفِ، وَعَمَّ بعضُهم بِهِ فَقَالَ: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ
وبَحْرَانيٌّ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ دَمَ الْجَوْفِ وَلَا غَيْرَهُ.
وبَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ قَبْلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِبَاتٍ
رِقَاقًا، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: قَالَ
اللَّيْثَ: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ مِنَ السَّحَابِ، قَالَ الأَزهري:
وَهَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ بَناتُ بَخْرٍ. قَالَ أَبو
عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ لِسَحَائِبَ يأْتين قَبْلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصِبَاتٍ: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ
وَالْخَاءِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَغَيْرُهُ،
وَسَنَذْكُرُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي فَصْلِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: بَحِرَ
الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تَحَيَّرَ مِنَ الْفَزَعِ
مِثْلَ بَطِرَ؛ وَيُقَالُ أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فَلَمْ
يَرْوَ مِنَ الْمَاءِ. والبَحَرُ أَيضاً: داءٌ فِي الإِبل، وَقَدْ
بَحِرَتْ. والأَطباء يُسَمَّوْنَ التَّغَيُّرَ الَّذِي يَحْدُثُ
لِلْعَلِيلِ دُفْعَةً فِي الأَمراض الْحَادَّةِ: بُحْراناً،
يَقُولُونَ: هَذَا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ عَلَى
غَيْرِ قِيَاسٍ، فكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى باحُورٍ وباحُوراء مِثْلَ
عَاشُورٍ وَعَاشُورَاءَ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ فِي تَمُّوزَ،
وَجَمِيعُ ذَلِكَ مُوَلَّدٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ
الْجَوْهَرِيِّ: إِنه مُوَلَّدٌ وإِنه عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ:
وَنَقِيضُ قَوْلِهِ إِن قِيَاسَهُ باحِرِيٌّ وَكَانَ حَقُّهُ أَن
يَذْكُرَهُ لأَنه يُقَالُ دَمٌ باحِرِيٌّ أَي خَالِصُ الْحُمْرَةِ؛
وَمِنْهُ قَوْلُ المُثَقِّب العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرٌّ لَحْمُهُ، ... يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ
وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي الْبَصَرِيَّاتِ لَهُ.
والبَحْرانِ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وعُمانَ، النَّسَبُ إِليه
بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قَالَ الْيَزِيدِيُّ: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا
بَحْريٌّ فَتُشْبِهُ النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ اللَّيْثُ: رَجُلٌ
بَحْرانيٌّ مَنْسُوبٌ إِلى البَحْرَينِ؛ قَالَ: وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ
الْبَصْرَةِ وعُمان؛ وَيُقَالُ: هَذِهِ البَحْرَينُ وَانْتَهَيْنَا
إِلى البَحْرَينِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيِّ قَالَ:
سأَلني الْمَهْدِيُّ وسأَل الْكِسَائِيُّ عَنِ النِّسْبَةِ إِلى
الْبَحْرِينِ وإِلى حِصْنَينِ: لِمَ قَالُوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟
فَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا حِصْنانيٌّ
لِاجْتِمَاعِ النُّونَيْنِ، قَالَ وَقُلْتُ أَنا: كَرِهُوا أَن
يَقُولُوا بَحْريٌّ فَتُشْبِهُ النِّسْبَةَ إِلى الْبَحْرِ؛ قَالَ
الأَزهري: وإِنما ثَنَوُا البَحْرَ لأَنَّ فِي نَاحِيَةِ قُرَاهَا
بُحَيرَةً عَلَى بَابِ الأَحساء وَقُرَى هَجْرٍ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ
الْبَحْرِ الأَخضر عَشْرَةَ فَرَاسِخَ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ
أَميال فِي مِثْلِهَا وَلَا يَغِيضُ ماؤُها، وماؤُها رَاكِدٌ زُعاقٌ؛
وَقَدْ ذَكَرَهَا الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ:
كأَنَّ دِياراً بَيْنَ أَسْنِمَةِ النَّقا ... وبينَ هَذالِيلِ
البُحَيرَةِ مُصْحَفُ
وَكَانَتْ أَسماء بِنْتُ عُمَيْسٍ يُقَالُ لَهَا البَحْرِيَّة لأَنها
كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلى بِلَادِ النَّجَاشِيِّ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ،
وكلُّ مَا نُسِبَ إِلى البَحْرِ، فَهُوَ بَحْريٌّ.
(4/46)
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بَحْرانَ، وَهُوَ
بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْحَاءِ، مَوْضِعٌ
بِنَاحِيَةِ الفُرْعِ مِنَ الْحِجَازِ، لَهُ ذِكْرٌ فِي سَرِيَّة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. وبَحْرٌ وبَحِيرٌ وبُحَيْرٌ وبَيْحَرٌ
وبَيْحَرَةُ: أَسماء. وَبَنُو بَحْريّ: بَطْنٌ. وبَحْرَةُ ويَبْحُرُ:
مَوْضِعَانِ. وبِحارٌ وَذُو بِحارٍ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ، ... إِلى آلِ لَيْلى،
بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
بحتر: البُحْتُر: بِالضَّمِّ: الْقَصِيرُ الْمُجْتَمِعُ الخَلْقِ،
وَكَذَلِكَ الحُبْتُرُ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ، والأُنثى بُحْتُرَة
وَالْجَمْعُ البحاتِرُ. وبُحْتُرٌ: أَبو بطن من طيّء، وَهُوَ بُحتُرُ
بنُ عَتُود بْنِ عُنَين بْنِ سَلامانَ بْنِ ثُعَلَ بْنِ عَمْرو بْنِ
الغَوْثِ بْنِ جَلْهَمَةَ بْنِ طَيّء بْنِ أُدَدَ وَهُوَ رَهْطُ
الهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ. والبُحْتُرِيَّةُ مِنَ الإِبل: مَنْسُوبَةٌ
إِليهم.
بحثر: بَحْثَرَ الشيءَ: بَحَثَه وبَدَّدَه كَبَعْثَرَهُ، وَقُرِئَ:
إِذا بُحْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ؛ أَي بُعِثَ الْمَوْتَى. وبَحْثَرَ
الْمَتَاعَ: فرَّقه. الأَزهري: بَحْثَرَ مَتَاعَهُ وبَعْثَرَه إِذا
أَثاره وَقَلَبَهُ وفرَّقه وَقَلَبَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. الأَصمعي:
إِذا انْقَطَعَ اللَّبَنُ وتَحَبَّبَ، فَهُوَ مُبَحْثَرٌ، فإِذا خَثُرَ
أَعلاه وأَسفَلُه رقيقٌ، فَهُوَ هَادِرٌ. أَبو الْجَرَّاحِ: بَحْثَرْتُ
الشيءَ وبَعْثَرْتُه إِذا اسْتَخْرَجْتُهُ وَكَشَفْتُهُ؛ قَالَ
الْقَتَّالُ الْعَامِرِيُّ:
ومَنْ لَا تَلِدْ أَسماءُ مِنْ آلِ عامِرٍ ... وكَبْشَة، تُكْرَهُ
أُمُّهُ أَنْ تُبَحْثَرَا
بحدر: أَبو عَدْنَانَ قَالَ: البُهْدُرِيُّ والبُحْدُرِيُّ
المُقَرْقَمُ الَّذِي لَا يَشِبُّ.
بخر: البَخَرُ: الرَّائِحَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ مِنَ الْفَمِ. قَالَ
أَبو حَنِيفَةَ. البَخَرُ النَّتْنُ يَكُونُ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ.
بَخِرَ بَخَراً، وَهُوَ أَبْخَرُ وَهِيَ بَخْرَاءُ. وأَبْخَرهُ الشيءُ:
صَيَّرَه أَبْخَرَ. وبَخِرَ أَي نَتُنَ مِنْ بَخَرِ الفَم الْخَبِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِياكم ونَوْمَةَ الغَداةِ فإِنها
مَبْخَرَةٌ مَجْفَرَةٌ مَجْعَرَةٌ
؛ وَجَعَلَهُ الْقُتَيْبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، قَوْلُهُ مِبْخَرَةٌ أَي مَظِنَّةٌ للبَخَرِ، وَهُوَ تَغَيُّرُ
رِيحِ الْفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: إِيَّاكَ وكلَّ مَجْفَرَةٍ مَبْخَرَةٍ
، يَعْنِي مِنَ النِّسَاءِ. والبَخْرَاءُ والبَخْرَةُ: عُشْبَةٌ
تُشْبِهُ نباتَ الكُشْنَى وَلَهَا حَبٌّ مِثْلُ حَبِّهِ سَوْدَاءَ،
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها إِذا أُكِلت أَبْخَرَتِ الفَم؛ حَكَاهَا
أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهِيَ مَرْعًى وتعلِفُها الْمَوَاشِي
فَتُسْمِنُهَا وَمَنَابِتُهَا القِيعانُ. والبَخْراءُ: أَرض بِالشَّامِ
لنَتْنِها بعُفونة تُرْبِها. وبُخارُ الفَسْوِ: رِيحُه؛ قَالَ
الْفَرَزْدَقُ:
أَشارِبُ قَهْوَةٍ وحَلِيفُ زِيرٍ، ... وصَرَّاءٌ، لِفَسْوَتِهِ بُخارُ
وكلُّ رَائِحَةٍ سَطَعَتْ مِنْ نَتْنٍ أَو غَيْرِهِ: بَخَرٌ وبُخارٌ.
والبَخْرُ، مَجْزُومٌ: فِعْلُ البُخارِ. وبُخارُ القِدر: مَا ارْتَفَعَ
مِنْهَا؛ بَخَرَتْ تَبْخَرُ بَخْراً وبُخاراً، وَكَذَلِكَ بُخارُ
الدُّخان، وكلُّ دُخَانٍ يَسْطَعُ مِنْ ماءٍ حَارٍّ، فَهُوَ بُخار،
وَكَذَلِكَ مِنَ النَّدَى. وبُخارُ الْمَاءِ: مَا يَرْتَفِعُ مِنْهُ
كَالدُّخَانِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَنه كَتَبَ إِلى مِلْكِ الرُّومِ: لأَجْعَلنَّ
القُسْطَنْطِينِيَّةَ البَخْراءَ حُمَمَةً سَوْداءَ
؛ وَصَفَهَا بِذَلِكَ لبُخار الْبَحْرِ. وتَبَخَّر بِالطَّيِّبِ
وَنَحْوَهُ: تَدَخَّنَ. والبَخُورُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُتَبَخَّرُ
بِهِ. وَيُقَالُ: بَخَّرَ عَلَيْنَا مِنْ بَخُور العُود أَي طَيَّبَ.
وبَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ: سحابٌ يأْتين قَبْلَ
(4/47)
الصَّيْفِ منتصبةٌ رِقاقٌ بيضٌ حسانٌ،
وَقَدْ وَرَدَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً فَقِيلَ: بَنَاتُ
بَحْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَبْخُورُ: المَخْمُورُ. ابْنُ
الأَعرابي: الباخِرُ سَاقَيِ الزَّرْعِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ:
الْمَعْرُوفُ الماخِر، فأَبدَل مِنَ الْمِيمِ بَاءً، كَقَوْلِكَ سَمَدَ
رأْسَه وسَبَدَهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
بختر: البَخْتَرَةُ، والتَّبَخْتُرُ: مِشْيَةٌ حَسَنَةٌ؛ وَقَدْ
بَخْتَرَ وتَبَخْتَرَ، وفلانٌ يَمْشِي البَخْتَرِيَّةَ، وَفُلَانٌ
يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ ويَتَبَخْتَى؛ وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ لَمَّا أُدخل عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ المُهَلَّبِ أَسيراً
فَقَالَ الْحَجَّاجُ:
جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذا مَشَى
فَقَالَ يَزِيدُ:
وَفِي الدِّرْعِ ضَخْمُ المَنْكِبَينِ شِناقُ
البَخْتَريُّ: المُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيهِ، وَهِيَ مِشْيَةُ
الْمُتَكَبِّرِ الْمُعْجَبُ بِنَفْسِهِ. وَرَجُلٌ بِخْتِيرٌ
وبَخْتَرِيٌّ: صاحبُ تَبَخْتُرٍ، وَقِيلَ: حَسَنُ الْمَشْيِ
وَالْجِسْمِ، والأُنثى بَخْتَرِيَّة. والبَخْتَريُّ مِنَ الإِبل:
الَّذِي يَتَبَخْتَرُ أَي يَخْتَالُ. وبَخْتَريٌّ: اسمُ رَجُلٍ؛ وأَنشد
ابْنُ الأَعرابي:
جَزَى اللهُ عَنّا بَخْتَرِيّاً ورَهْطَهُ ... بَنِي عَبْدِ عَمْرٍو،
مَا أَعَفَّ وأَمْجَدَا
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت، لَا أَلْسَ فيهمُ، ... وهُمْ يَمْنَعُونَ
جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا
وأَبو البَخْتَريّ: من كُناهم؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا كنتَ تَطْلُبُ شَأْوَ المُلُوكِ، ... فافْعَلْ فِعالَ أَبي
البَخْتَرِي
تَتَبَّعَ إِخْوانَهُ فِي البِلاد، ... فأَغْنَى المُقِلَّ عَنِ
المُكْثِرِ
وأَراد البختريَّ فَحَذَفَ إِحدى يَاءَيِ النَّسَبِ.
بخثر: البَخْثَرَةُ: الكُدْرَةُ فِي الماء أَو الثوب.
بدر: بَدَرْتُ إِلى الشَّيْءِ أَبْدُرُ بُدُوراً: أَسْرَعْتُ،
وَكَذَلِكَ بادَرْتُ إِليه. وتَبادَرَ القومُ: أَسرعوا. وابْتَدَروا
السلاحَ: تَبادَرُوا إِلى أَخذه. وبادَرَ الشيءَ مبادَرَةً وبِداراً
وابْتَدَرَهُ وبَدَرَ غيرَه إِليه يَبْدُرُه: عاجَلَهُ؛ وَقَوْلُ أَبي
المُثَلَّمِ:
فَيَبْدُرُها شَرائِعَها فَيَرْمي ... مَقاتِلَها، فَيَسْقِيها
الزُّؤَامَا
أَراد إِلى شَرَائِعِهَا فَحَذَفَ وأَوصل. وبادَرَهُ إِليه:
كَبَدَرَهُ. وبَدَرَني الأَمرُ وبَدَرَ إِليَّ: عَجِلَ إِليَّ
وَاسْتَبَقَ. واسْتَبَقْنا البَدَرَى أَي مُبادِرِينَ. وأَبْدَرَ
الوصيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: بِمَعْنَى بادَرَ وبَدَرَ. وَيُقَالُ:
ابْتَدَرَ القومُ أَمراً وتَبادَرُوهُ أَي بادَرَ بعضُهم بَعْضًا إِليه
أَيُّهُمْ يَسْبِقُ إِليه فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ. وبادَرَ فلانٌ فُلَانًا
مُوَلِّياً ذَاهِبًا فِي فِرَارِهِ. وَفِي حَدِيثِ
اعْتِزَالِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نساءَه
قَالَ عُمَرُ: فابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ
؛ أَي سَالَتَا بِالدُّمُوعِ. وناقةٌ بَدْرِيَّةٌ: بَدَرَتْ أُمُّها
الإِبلَ فِي النِّتاج فَجَاءَتْ بِهَا فِي أَول الزَّمَانِ، فَهُوَ
أَغزر لَهَا وأَكرم. والبادِرَةُ: الحِدَّةُ، وَهُوَ مَا يَبْدُرُ مِنْ
حِدَّةِ الرَّجُلِ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ. وبادِرَةُ
الشَّرِّ: مَا يَبْدُرُكَ مِنْهُ؛ يُقَالُ: أَخشى عَلَيْكَ بادِرَتَهُ.
وبَدَرَتْ مِنْهُ بَوادِرُ غضَبٍ أَي خَطَأٌ وسَقَطاتٌ عند ما
احْتَدَّ. والبادِرَةُ: البَدِيهةُ. والبادِرَةُ مِنَ الْكَلَامِ:
الَّتِي تَسْبِقُ مِنَ الإِنسان فِي الْغَضَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّابِغَةِ:
وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ، إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوادِرُ تَحْمِي
صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
(4/48)
وبادِرَةُ السَّيْفِ: شَباتُه. وبادِرَةُ
النَّبات: رأْسُه أَوَّل مَا يَنْفَطِرُ عَنْهُ. وبادِرَةُ الحِنَّاءِ:
أَولُ مَا يَبْدأُ مِنْهُ. والبادِرَةُ: أَجْوَدُ الوَرْس وأَحْدَثُه
نَبَاتًا. وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ؛ وحَدْرَةٌ: مكْتَنِزَةٌ
صُلْبَةٌ، وبَدْرَةٌ: تَبْدُرُ بِالنَّظَرِ، وَقِيلَ: حَدْرَةٌ واسعةٌ
وبَدْرَةٌ تامةٌ كالبَدْرِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وعيْنٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، ... شُقَّتْ مَآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وَقِيلَ: عَيْنٌ بَدْرَةٌ يَبْدُر نَظَرُهَا نظرَ الْخَيْلِ؛ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ النَّظَرِ، وَقِيلَ: هِيَ
الْمُدَوَّرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ
ابْنُ الأَعرابي. والبَدْرُ: القَمَرُ إِذا امْتَلأَ، وإِنما سُمِّيَ
بَدْراً لأَنه يُبَادِرُ بِالْغُرُوبِ طلوعَ الشَّمْسِ، وَفِي
الْمُحْكَمِ: لأَنه يُبَادِرُ بِطُلُوعِهِ غروبَ الشَّمْسِ لأَنهما
يَتراقَبانِ فِي الأُفُقِ صُبْحاً؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّيَ
بَدْراً لِمُبادرته الشَّمْسَ بالطُّلُوع كأَنَّه يُعَجِّلُها
المَغِيبَ، وَسُمِّيَ بَدْرًا لِتَمَامِهِ، وَسُمِّيَتْ ليلةَ البَدْرِ
لِتَمَامِ قَمَرِهَا. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
عَنْ جَابِرٍ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أُتيَ بِبَدْرٍ فِيهِ خَضِراتٌ مِنَ البُقول
؛ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي بالبَدْرِ الطبقَ، شُبِّهَ بالبَدْرِ
لِاسْتِدَارَتِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ: وأَحسبه
سُمي بَدْراً لأَنه مدوَّر، وجمعُ البَدْر بُدُورٌ. وأَبْدَرَ القومُ:
طَلَعَ لَهُمُ البَدْرُ؛ وَنَحْنُ مُبْدِرُونَ. وأَبْدَرَ الرجلُ إِذا
سَرَى فِي لَيْلَةِ البَدْرِ، وَسُمِّيَ بَدْراً لِامْتِلَائِهِ.
وليلةُ البَدْر: ليلةُ أَربع عَشْرَةَ. وبَدْرُ القومِ: سَيِّدُهم،
عَلَى التَّشْبِيهِ بالبَدْرِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَقَدْ نَضْرِبُ البَدْرَ اللَّجُوجَ بِكَفِّه ... عَلَيْهِ، ونُعْطِي
رَغْبَةَ المُتَودِّدِ
وَيُرْوَى البَدْءَ. والبادِرُ: الْقَمَرُ. والبادِرَةُ: الكلمةُ
العَوْراءُ. والبادِرَةُ: الغَضْبَةُ السَّرِيعَةُ؛ يُقَالُ: احْذَرُوا
بادِرَتَهُ. والبَدْرُ: الغلامُ المبادِر. وغلامٌ بَدْرٌ: مُمْتَلِئٌ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كُنَّا لَا نَبِيعُ الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُرَ
أَي يَبْلُغُ. يُقَالُ: بَدَرَ الغلامُ إِذا تَمَّ وَاسْتَدَارَ،
تَشْبِيهًا بِالْبَدْرِ فِي تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ، وَقِيلَ: إِذا
احْمَرَّ البُسْرُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ أَبْدَرَ. والبَدْرَةُ: جِلْدُ
السَّخْلَة إِذا فُطِمَ، وَالْجَمْعُ بُدورٌ وبِدَرٌ؛ قَالَ
الْفَارِسِيُّ: وَلَا نَظِيرَ لبَدْرَةٍ وبِدَر إِلا بَضْعَةٌ وبِضَعٌ
وهَضْبَةٌ وهِضَبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والبَدْرَةُ مَسْكُ السَّخْلَةِ
لأَنها مَا دَامَتْ تَرْضَعُ فَمَسْكُها لِلَّبَنِ شَكْوَةٌ،
وللسَّمْنِ عُكَّةٌ، فإِذا فُطمت فَمَسْكُها لِلَّبَنِ بَدْرَةٌ،
وللسَّمنِ مِسْأَدٌ، فإِذا أَجذعت فَمَسْكُها لِلَّبَنِ وَطْبٌ،
وَلِلسَّمْنِ نِحْيٌ. والبَدْرَةُ: كِيسٌ فِيهِ أَلف أَو عَشَرَةُ
آلَافٍ، سُمِّيَتْ ببَدْرَةِ السَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ البُدورُ،
وثلاثُ بَدرات. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِمَسْك السَّخْلَةِ مَا دَامَتْ
تَرْضَعُ الشَّكْوَةُ، فإِذا فُطم فَمَسْكُهُ البَدْرَةُ، فإِذا أَجذع
فَمَسكه السِّقاءُ. والبادِرَتانِ مِنَ الإِنسان: لَحْمتانِ فَوْقَ
الرُّغَثاوَيْنِ وأَسفلَ الثُّنْدُوَةِ، وَقِيلَ: هُمَا جَانِبَا
الكِرْكِرَةِ، وَقِيلَ: هُمَا عِرْقان يَكْتَنِفانِها؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
تَمْري بَوادِرَها مِنْهَا فَوارِقُها
يَعْنِي فَوَارِقَ الإِبل، وَهِيَ الَّتِي أَخذها الْمَخَاضُ ففَرِقتْ
نادَّةً، فَكُلَّمَا أَخذها وَجَعٌ فِي بَطْنِهَا مَرَتْ أَي ضَرَبَتْ
بِخُفِّهَا بادرَةَ كِركِرَتِها وَقَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ
الْعَطَشِ. والبادِرَةُ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: اللَّحْمَةُ الَّتِي
بَيْنَ الْمَنْكِبِ والعُنق، والجمعُ البَوادِرُ؛ قَالَ خِراشَةُ بنُ
عَمْرٍو العَبْسِيُّ:
هَلَّا سأَلْتِ، ابنةَ العَبْسِيِّ: مَا حَسَبي ... عِنْدَ الطِّعانِ،
إِذا مَا غُصَّ بالرِّيقِ؟
(4/49)
وجاءَت الخيلُ مُحَمَّراً بَوادِرُها، ...
زُوراً، وَزَلَّتْ يَدُ الرَّامي عَنِ الفُوقِ
يَقُولُ: هلَّا سأَلت عَنِّي وَعَنْ شَجَاعَتِي إِذا اشْتَدَّتِ
الْحَرْبُ وَاحْمَرَّتْ بَوَادِرُ الْخَيْلِ مِنَ الدَّمِ الَّذِي
يَسِيلُ مِنْ فُرْسَانِهَا عَلَيْهَا، وَلَمَّا يَقَعُ فِيهَا مِنْ
زَلَلِ الرَّامِي عَنِ الْفَوْقِ فَلَا يَهْتَدِي لِوَضْعِهِ فِي
الْوَتَرِ دَهَشاً وحَيْرَةً؛ وَقَوْلُهُ زُورًا يَعْنِي مَائِلَةً أَي
تَمِيلُ لِشِدَّةِ مَا تُلَاقِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمَّا أُنزلت عَلَيْهِ سُورَةُ: اقرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، جَاءَ
بِهَا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُرْعَدُ بَوادِرُه،
فَقَالَ: زَمِّلُوني زَمِّلُوني
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ البَوادِرُ مِنَ الإِنسان
اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ؛ قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِصَوَابٍ، وَالصَّوَابُ أَن
يَقُولَ الْبَوَادِرُ جَمْعُ بَادِرَةٍ: اللحمة التي بين المنكب
وَالْعُنُقِ. والبَيْدَرُ: الأَنْدَرُ؛ وَخَصَّ كُراعٌ بِهِ أَنْدَرَ
الْقَمْحِ يَعْنِي الكُدْسَ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ
الْجَوْهَرِيُّ. البَيْدَرُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُدَاسُ فِيهِ
الطَّعَامُ. وبَدْرٌ: ماءٌ بِعَيْنِهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ الشَّعْبي: بَدْرٌ بِئْرٌ كَانَتْ
لِرَجُلٍ يُدْعى بَدْراً؛ وَمِنْهُ يومُ بَدْرٍ. وبَدْرٌ: اسمُ رجل.
بذر: البَذْرُ والبُذْرُ: أَولُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الزَّرْعِ
وَالْبَقْلِ وَالنَّبَاتِ لَا يَزَالُ ذَلِكَ اسمَهُ مَا دَامَ عَلَى
وَرَقَتَينِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا عُزِلَ مِنَ الْحُبُوبِ للزَّرْعِ
والزِّراعَةِ، وَقِيلَ: البَذْرُ جَمِيعُ النَّبَاتِ إِذا طَلَعَ مِنَ
الأَرض فَنَجَمَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَلَوَّنَ بلَوْنٍ أَو تُعْرَفَ
وُجُوهُهُ، وَالْجَمْعُ بُذُورٌ وبِذارٌ. والبَذْرُ: مَصْدَرُ
بَذَرْتُ، وَهُوَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِكَ نَثَرْتُ الحَبَّ. وبَذَرْتُ
البَذْرَ: زَرَعْتَه. وبَذَرَتِ الأَرضُ تَبْذُرُ بَذْراً: خَرَجَ
بَذْرُها؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ أَن يَظْهَرَ نَبْتُهَا
مُتَفَرِّقًا. وبَذَرَها بَذْراً وبَذَّرَها، كِلَاهُمَا، زَرَعَهَا.
والبَذْرُ والبُذارَةُ: النَّسْلُ. وَيُقَالُ: إِن هَؤُلَاءِ لَبَذْرُ
سَوْءٍ. وبَذَرَ الشيءَ بَذْراً: فرَّقه. وبَذَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ
بَذْراً: بَثَّهُمْ وَفَرَّقَهُمْ. وَتَفَرَّقَ القومُ شَذَرَ بَذَرَ
وشِذَرَ بِذَرَ أَي فِي كُلِّ وَجهٍ، وَتَفَرَّقَتْ إِبله كَذَلِكَ؛
وبَذَرَ: إِتْباعٌ. وبُذُرَّى، فُعُلَّى: مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: مِنَ
البَذْرِ الَّذِي هُوَ الزَّرْعُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى التَّفْرِيقِ.
والبُذُرَّى: الباطلُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. وبَذَّرَ مالهُ: أَفسده
وأَنفقه فِي السَّرَفِ. وكُلُّ مَا فَرَّقْتَهُ وأَفسدته، فَقَدْ
بَذَّرْتَهُ. وَفِيهِ بَذارَّةٌ، مُشَدَّدَةَ الرَّاءِ، وبَذارَةٌ،
مُخَفَّفَةَ الرَّاءِ، أَي تَبْذِيرٌ؛ كِلَاهُمَا عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. وتَبْذيرُ الْمَالِ: تَفْرِيقُهُ إِسرافاً. ورجلٌ
تِبْذارَةٌ: لِلَّذِي يُبَذِّرُ مالَه وَيُفْسِدُهُ. والتَّبْذِيرُ:
إِفسادُ الْمَالِ وإِنفاقه فِي السَّرَفِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً
. وَقِيلَ: التَّبْذِيرُ أَن يُنْفِقَ الْمَالَ فِي الْمَعَاصِي،
وَقِيلَ: هُوَ أَن يَبْسُطَ يَدَهُ فِي إِنفاقه حَتَّى لَا يَبْقَى
مِنْهُ مَا يَقْتَاتُهُ، وَاعْتِبَارُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا
تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً. أَبو
عَمْرٍو: البَيْذَرَةُ التَّبْذِيرُ. والنَّبْذَرَةُ، بِالنُّونِ
وَالْبَاءِ: تفريقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. وَفِي حَدِيثِ وَقْفِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلِوَلِيِّه أَن يأْكلَ مِنْهُ غَيْرَ
مُباذِرٍ
؛ المُباذِرُ والمُبَذِّرُ: المُسْرِفُ فِي النَّفَقَةِ؛ باذرَ
وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ يَصِفُ
سَحَابًا:
مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَهُ، ... يَرْمِي بِعُمِّ السُّمُرِ
الأَطْولِ
فَسَّرَهُ السُّكَّرِيُّ فَقَالَ: مُسْتَبْذِرٌ يفرِّق الْمَاءَ.
والبَذيرُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمْسِكَ
سِرَّهُ. ورجلٌ بَيْذارَةٌ: يُبَذِّرُ مَالَهُ. وبَذُورٌ وبَذِيرٌ:
يُذيعُ الأَسرارَ وَلَا يَكْتُمُ سِرًّا، وَالْجَمْعُ
(4/50)
بُذُرٌ مِثْلِ صَبُورٍ وصُبُرٍ. وَفِي
حَدِيثِ
فَاطِمَةَ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِني إِذاً لَبَذِرَةٌ
؛ البَذِرُ: الَّذِي يُفْشِي السِّرَّ وَيُظْهِرُ مَا يَسْمَعُهُ،
وَقَدْ بَذُرَ بَذارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسُوا بالمَساييح البُذُرِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي صِفَةِ الأَولياء: لَيْسُوا
بالمَذاييع البُذْرِ
؛ جَمْعُ بَذُورٍ. يُقَالُ: بَذَرْتُ الْكَلَامَ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا
تُبْذَرُ الحبُوبُ أَي أَفشيته وَفَرَّقْتَهُ. وبُذارَةُ الطَّعَامِ:
نَزَلُه ورَيْعُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: طَعَامٌ كَثِيرُ
البُذارَة أَي كثيرُ النَّزَل. وَهُوَ طَعَامٌ بَذَرٌ أَي نَزَلٌ؛
قَالَ:
ومِنَ العَطِيَّةِ مَا تُرى ... جَذْماءَ، لَيْس لَهَا بُذارَهْ
الأَصمعي: تَبَذَّر الماءُ إِذا تَغَيَّرَ واصْفَرَّ؛ وأَنشد لِابْنِ
مُقْبِلٍ:
قُلْباً مُبَلِّيَةً جَوائِزَ عَرْشِها، ... تَنْفي الدِّلاءَ بآجنٍ
مُتَبَذِّرِ
قَالَ: الْمُتَبَذِّرُ الْمُتَغَيِّرُ الأَصفر. وَلَوْ بَذَّرْتَ
فُلَانًا لَوَجَدْتَهُ رَجُلًا أَي لَوْ جَرَّبْتَهُ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي
حَنِيفَةَ. وكَثِيرٌ بَثِيرٌ وبَذِيرٌ: إِتْباعٌ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ:
كَثيرٌ بَذِيرٌ مثلُ بَثِير لُغَةٌ أَو لُغَيَّة. وَرَجُلٌ هُذَرَةٌ
بُذَرَةٌ وهَيْذارَةٌ بَيْذارَةٌ: كثيرُ الْكَلَامِ. وبَذَّرُ: موضعٌ،
وَقِيلَ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
سَقى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْتُ مَكانَها: ... جُراباً وَمَلْكوماً
وبَذَّرَ والْغَمْرا
وَهَذِهِ كُلُّهَا آبَارٌ بِمَكَّةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ
كُلُّهَا أَسماء مِيَاهٍ بِدَلِيلِ إِبدالها مِنْ قَوْلِهِ أَمواهاً،
وَدَعَا بِالسُّقْيَا للأَمواه، وَهُوَ يُرِيدُ أَهلها النَّازِلِينَ
بِهَا اتِّسَاعًا وَمَجَازًا. وَلَمْ يَجِئْ مِنَ الأَسماء عَلَى
فَعَّلَ إِلَّا بَذَّرُ، وعَثَّرُ اسمُ مَوْضِعٍ، وخَضَّمُ اسْمُ
العَنْبَرِ بْنِ تَمِيم، وشَلَّمُ اسمُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ
عِبْرَانِيٌّ، وبَقَّمُ وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي، وَهِيَ شَجَرَةٌ،
وكَتَّمُ اسْمُ مَوْضِعٍ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: ومثلُ بَذَّر خَضَّمُ
وعَثَّرُ وبَقَّمُ شَجَرَةٌ، قَالَ: وَلَا مِثْلَ لَهَا فِي
كَلَامِهِمْ.
بذعر: ابْذَعَرَّ الناسُ: تَفَرَّقُوا: وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: ابْذَعَرَّ النِّفَاقُ
أَي تَفَرَّقَ وَتَبَدَّدَ. قَالَ أَبو السَّمَيْدَعِ: ابْذَعَرَّتِ
الخيلُ وابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شَيْئًا تَطْلُبُهُ؛
قَالَ زُفَرُ بنُ الْحَرْثِ:
فَلَا أَفْلَحَتْ قَيْسٌ، وَلَا عَزَّ ناصِرٌ ... لَها، بَعْدَ يَوْمِ
المَرْحِ حينَ ابْذَعَرَّتِ «3»
. قَالَ الأَزهري: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
فَطَارَتْ شَلَالًا وابْذَعَرَّتْ كَأَنَّها ... عِصَابَةُ سَبْيٍ،
خافَ أَنْ تُتَقَسَّما
ابْذَعَرَّتْ أَي تَفَرَّقَتْ وجَفَلَتْ.
بذقر: ابْذَقَرَّ القومُ وابْذَعَرُّوا: تفرَّقوا، وَتُذْكَرُ فِي
تَرْجَمَةِ مَذْقَرَ. فَمَا ابْذَقَرَّ دَمُه، وَهِيَ لُغَةٌ:
مَعْنَاهُ مَا تَفَرَّقَ وَلَا تَمَذَّرَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
مَوْضِعِهِ.
برر: البِرُّ: الصِّدْقُ والطاعةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَيْسَ
الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
؛ أَراد ولكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ولكنَّ ذَا
الْبِرّ من آمن بالله؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: والأَول أَجود لأَن حَذْفَ
الْمُضَافِ ضَرْبٌ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالْخَبَرُ أَولى مِنَ
الْمُبْتَدَإِ لأَن الِاتِّسَاعَ بالأَعجاز أَولى مِنْهُ بِالصُّدُورِ.
قَالَ: وأَما مَا يُرْوَى مِنْ أَن النَّمِرَ بنَ تَوْلَب قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى
__________
(3) . قوله [المرح] هو في الأَصل بالحاء المهملة
(4/51)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: لَيْسَ مِنَ امْبِرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَرِ
؛ يُرِيدُ: لَيْسَ من البر الصيام في السَّفَرِ، فإِنه أَبدل لَامَ
الْمَعْرِفَةِ مِيمًا، وَهُوَ شَاذٌّ لَا يَسُوغُ؛ حَكَاهُ عَنْهُ
ابْنُ جِنِّي؛ قَالَ: وَيُقَالُ إِن النَّمِرَ بْنُ تَوْلَبٍ لَمْ
يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ
هَذَا الْحَدِيثِ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ فِي الشُّذُوذِ مَا قرأْته عَلَى
أَبي عَلِيٍّ بإِسناده إِلى الأَصمعي، قَالَ: يُقَالُ بَناتُ مَخْرٍ
وبَناتُ بَخْرٍ وَهُنَّ سَحَائِبُ يأْتين قَبْلَ الصَّيْفِ بيضٌ
مُنْتَصِباتٌ فِي السَّمَاءِ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ بالصِّدْق فإِنه يَهْدي
إِلى البِرِّ؛ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْبِرِّ فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: الْبِرُّ الصَّلَاحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبِرُّ
الْخَيْرُ. قَالَ: وَلَا أَعلم تَفْسِيرًا أَجمع مِنْهُ لأَنه يُحِيطُ
بِجَمِيعِ مَا قَالُوا؛ قَالَ: وَجَعَلَ لبيدٌ البِرَّ التُّقى حَيْثُ
يَقُولُ:
وَمَا البِرُّ إِلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى
قَالَ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تُحَزُّ رؤُوسهم فِي غيرِ بِرّ
مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ وَخَيْرٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ كلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلى
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ عَمَلِ خَيْرٍ، فَهُوَ إِنفاق. قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ: والبِرُّ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَخَيْرُ
الدُّنْيَا مَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْعَبْدِ
مِنَ الهُدى والنِّعْمَةِ والخيراتِ، وخَيْرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ
بِالنَّعِيمِ الدَّائِمِ فِي الْجَنَّةِ، جَمَعَ اللَّهُ لَنَا
بَيْنَهُمَا بِكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ. وبَرَّ يَبَرُّ إِذا صَلَحَ.
وبَرَّ فِي يَمِينِهِ يَبَرُّ إِذا صَدَقَهُ وَلَمْ يَحْنَثْ. وبَرَّ
رَحِمَهُ «1» . يَبَرُّ إِذا وَصَلَهُ. وَيُقَالُ: فلانٌ يَبَرُّ
رَبَّهُ أَي يُطِيعَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونَكا
ورجلٌ بَرٌّ بِذِي قَرَابَتِهِ وبارٌّ مِنْ قَوْمٍ بَرَرَةٍ
وأَبْرَارٍ، وَالْمَصْدَرُ البِرُّ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
؛ أَراد وَلَكِنَّ البِرَّ بِرُّ من آمن بالله؛ قول الشَّاعِرِ:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خِلالَتُهُ [خُلالَتُهُ] كأَبي
مَرْحَبِ؟
أَي كخِلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ. وتَبارُّوا، تَفَاعَلُوا: مِنَ البِرّ.
وَفِي حَدِيثِ
الِاعْتِكَافِ: الْبِرَّ تُرِدْنَ
؛ أَي الطاعةَ والعبادَةَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ.
وَفِي كِتَابِ قُرَيْشٍ والأَنصار: وإِنَّ البِرَّ دُونَ الإِثم أَي
أَنَّ الْوَفَاءَ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الغَدْر
والنَّكْث. وبَرَّةُ: اسْمٌ عَلَمٌ بِمَعْنَى البِر، مَعْرِفَةٌ،
فَلِذَلِكَ لَمْ يُصْرَفُ، لأَنه اجْتَمَعَ فِيهِ التَّعْرِيفُ
والتأْنيث، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَجارِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا، ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ
واحْتَمَلْتَ فَجارِ
وَقَدْ بَرَّ رَبَّه. وبَرَّتْ يمينُه تَبَرُّ وتَبِرُّ بَرّاً وبِرّاً
وبُرُوراً: صَدَقَتْ. وأَبَرَّها: أَمضاها عَلَى الصِّدْقِ والبَرُّ:
الصادقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ
الرَّحِيمُ
. والبَرُّ، مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: العَطُوفُ
الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْكَرِيمُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء
اللَّهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ البارِّ، وَهُوَ العَطُوف عَلَى
عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَلُطْفِهِ. والبَرُّ والبارُّ بِمَعْنَى، وإِنما
جَاءَ فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ الْبَارِّ. وبُرَّ
عملُه وبَرَّ بَرّاً وبُرُوراً وأَبَرَّ وأَبَرَّه اللَّهُ؛ قَالَ
الْفَرَّاءُ: بُرَّ حَجُّه، فإِذا قَالُوا: أَبَرَّ الله حَجَّك،
__________
(1) . قوله [وبرّ رحمه إلخ] بابه ضرب وعلم
(4/52)
قَالُوهُ بالأَلف. الْجَوْهَرِيُّ:
وأَبَرَّ اللهُ حَجَّك لُغَةٌ فِي بَرَّ اللهُ حَجَّك أَي قَبِلَه؛
قَالَ: والبِرُّ فِي الْيَمِينِ مثلُه. وَقَالُوا فِي الدُّعَاءِ:
مَبْرُورٌ مَأْجُورٌ ومَبرُوراً مَأْجوراً؛ تميمٌ تَرْفَعُ عَلَى
إِضمار أَنتَ، وأَهلُ الْحِجَازِ يَنْصِبُونَ عَلَى اذْهَبْ
مَبْرُوراً. شَمِرٌ: الْحَجُّ المَبْرُورُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ
شَيْءٌ مِنَ الْمَآثِمِ، والبيعُ المبرورُ: الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ
وَلَا كَذِبَ وَلَا خِيَانَةَ. وَيُقَالُ: بَرَّ فلانٌ ذَا قَرَابَتِهِ
يَبَرُّ بِرّاً، وَقَدْ برَرْتُه أَبِرُّه، وبَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ
بُرُوراً، وبَرَّ الحجُّ يَبِرُّ بِرّاً، بِالْكَسْرِ، وبَرَّ اللهُ
حَجَّهُ وبَرَّ حَجُّه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: الحجُّ المبرورُ لَيْسَ لَهُ جزاءٌ إِلا الجنةُ
؛ قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُ الْمَبْرُورِ طِيبُ الْكَلَامِ وإِطعام
الطَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ المقبولُ المقابَلُ بالبرِّ وَهُوَ
الثَّوَابُ؛ يُقَالُ: بَرَّ اللهُ حَجَّه وأَبَرَّهُ بِرّاً،
بِالْكَسْرِ، وإِبْرَاراً. وَقَالَ أَبو قِلابَةَ لِرَجُلٍ قَدِمَ مِنَ
الْحَجِّ: بُرَّ العملُ؛ أَرادَ عملَ الْحَجِّ، دَعَا لَهُ أَن يَكُونَ
مَبْرُوراً لَا مَأْثَمَ فِيهِ فَيَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ الخروجَ مِنَ
الذُّنُوبِ الَّتِي اقْتَرَفَها.
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِرُّ الحجِّ؟ قَالَ: إِطعامُ الطَّعَامِ وطِيبُ
الْكَلَامِ.
ورجل بَرٌّ مَنْ قَوْمٍ أَبرارٍ، وبارٌّ من قوم بَرَرَة
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: إِنما سَمَّاهُمُ اللَّهُ
أَبْراراً لأَنهم بَرُّوا الآباءَ والأَبناءَ. وَقَالَ: كَمَا أَن لَكَ
عَلَى وَلَدِكَ حَقًّا كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: حقُّ الولدِ عَلَى وَالِدِهِ أَن يُحْسِنَ
اسْمَهُ وأَن يُزَوِّجَهُ إِذا بَلَغَ وأَن يُحِجَّه وأَن يُحْسِنَ
أَدبه. وَيُقَالُ: قَدْ تَبَرَّرْتَ فِي أَمرنا أَي تَحَرَّجْتَ؛ قَالَ
أَبو ذُؤَيْبٍ:
فقالتْ: تَبَرَّرْتَ فِي جَنْبِنا، ... وَمَا كنتَ فِينَا حَدِيثاً
بِبِرْ
أَي تَحَرَّجْتَ فِي سَبْيِنا وقُرْبِنا. الأَحمَر: بَرَرْتُ قسَمي
وبَرَرْتُ وَالِدِي؛ وَغَيْرُهُ لَا يَقُولُ هَذَا. وَرَوَى
الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ فِي كِتَابِ الْفَصِيحِ: يُقَالُ
صَدَقْتُ وبَرِرْتُ، وَكَذَلِكَ بَرَرْتُ وَالِدِي أَبِرُّه. وَقَالَ
أَبو زَيْدٍ: بَرَرْتُ فِي قسَمِي وأَبَرَّ اللهُ قَسَمِي؛ وَقَالَ
الأَعور الْكَلْبِيُّ:
سَقَيْناهم دِماءَهُمُ فَسالَتْ، ... فأَبْرَرْنَا إِلَيْه مُقْسِمِينا
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَبَرَّ فلانٌ قَسَمَ فُلَانٍ وأَحْنَثَهُ، فأَما
أَبَرَّه فَمَعْنَاهُ أَنه أَجابه إِلى مَا أَقسم عَلَيْهِ، وأَحنثه
إِذا لَمْ يُجِبْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَرَّ اللهُ قَسَمَه وأَبَرَّه بِرّاً
، بِالْكَسْرِ، وإِبراراً أَي صَدَقَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ: لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ وَلَا بِرٍّ
أَي صِدْقٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ::
أُمِرْنا بِسَبْعٍ مِنْهَا إِبرارُ القَسَمِ.
أَبو سَعِيدٍ: بَرَّتْ سِلْعَتُه إِذا نَفَقَتْ، قَالَ والأَصل فِي
ذَلِكَ أَن تُكافئه السِّلْعَةُ بِمَا حَفِظها وَقَامَ عَلَيْهَا،
تُكَافِئُهُ بِالْغَلَاءِ فِي الثَّمَنِ؛ وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الأَعشى
يَصِفُ خَمْرًا:
تَخَيَّرَها أَخو عَانَاتَ شَهْراً، ... ورَجَّى بِرَّها عَامًا
فَعَامَا
والبِرُّ: ضِدُّ العُقُوقُ، والمَبَرَّةُ مِثْلُهُ. وبَرِرْتُ
وَالِدِي، بِالْكَسْرِ، أَبَرُّهُ بِرّاً وَقَدْ بَرَّ والدَه يَبَرُّه
ويَبِرُّه بِرّاً، فَيَبَرُّ عَلَى بَرِرْتُ ويَبِرُّ عَلَى بَرَرْتُ
عَلَى حَدِّ مَا تقدَّم فِي الْيَمِينِ؛ وَهُوَ بَرٌّ بِهِ وبارٌّ؛
عَنْ كُرَاعٍ، وأَنكر بَعْضُهُمْ بارٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَمَسَّحُوا بالأَرضِ فإِنها بَرَّةٌ بِكُمْ
أَي تَكُونُ بُيُوتُكُمْ عَلَيْهَا وتُدْفَنُون فِيهَا. قَالَ ابْنُ
الأَثير: قَوْلُهُ فَإِنَّهَا بِكُمْ بَرَّةٌ أَيْ مُشْفِقَةٌ
عَلَيْكُمْ كَالْوَالِدَةِ البَرَّة بأَولادها يَعْنِي أَن مِنْهَا
خَلْقَكُمْ وَفِيهَا مَعَاشَكُمْ وإِليها بَعْدُ الْمَوْتِ
مَعَادَكُمْ؛
(4/53)
وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ:
أَتاه آتٍ فَقَالَ: احْفِرْ بَرَّة
؛ سَمَّاهَا بَرَّةً لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا وسعَةِ مَائِهَا. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَنه غَيَّرَ اسْمَ امرأَةٍ كَانَتْ تُسَمَّى بَرَّةَ فَسَمَّاهَا
زَيْنَبَ
، وَقَالَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، كأَنه كَرِهَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
حكِيم بْنِ حِزامٍ: أَرأَيتَ أُموراً كنتُ أَبْرَرْتُها
أَي أَطْلُبُ بِهَا البِرِّ والإِحسان إِلى النَّاسِ وَالتَّقَرُّبَ
إِلى اللَّهِ تَعَالَى. وجمعُ البَرّ الأَبْرارُ، وجمعُ الْبَارِّ
البَرَرَةُ. وفلانٌ يَبَرُّ خالقَه ويَتَبَرَّرهُ أَي يُطِيعُهُ؛
وامرأَة بَرّةٌ بِوَلَدِهَا وبارّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ، فِي بِرّ
الْوَالِدَيْنِ: وَهُوَ فِي حَقِّهِمَا وَحَقِّ الأَقْرَبِين مِنَ
الأَهل ضِدُّ العُقوق وَهُوَ الإِساءةُ إِليهم وَالتَّضْيِيعُ
لِحَقِّهِمْ. وَجَمْعُ البَرِّ أَبْرارٌ، وَهُوَ كَثِيرًا مَا يُخَصُّ
بالأَولياء، والزُّهَّاد والعُبَّادِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
الماهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكرامِ البَرَرَةِ أَي مَعَ
الْمَلَائِكَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الأَئمةُ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْرارُها أُمراءُ أَبْرارِها وفُجَّارُها
أُمراءُ فُجَّارها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا عَلَى جِهَةِ الإِخبار عَنْهُمْ لَا
طريقِ الحُكْمِ فِيهِمْ أَي إِذا صَلَحَ النَّاسُ وبَرُّوا وَلِيَهُمُ
الأَبْرارُ، وإِذا فَسَدوا وفجَرُوا وَلِيَهُمُ الأَشرارُ؛ وَهُوَ
كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ: كَمَا تَكُونُونَ يُوَلَّى عَلَيْكُمْ.
وَاللَّهُ يَبَرُّ عبادَه: يَرحَمُهم، وَهُوَ البَرُّ. وبَرَرْتُه
بِرّاً: وَصَلْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ تَبَرُّوهُمْ
وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ السَّائِرِ: فلانٌ مَا يَعْرِفُ هِرّاً
مِنْ بِرٍّ؛ مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ مَنْ يَهِرٌّه [يَهُرٌّه] أَي مِنْ
يَكْرَهُه مِمَّنْ يَبِرُّه، وَقِيلَ: الهِرُّ السِّنَّوْرُ، والبِرُّ
الفأْرةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، أَو دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُهَا، وَهُوَ
مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ
الهَرْهَرَة مِنَ البَرْبَرَةِ، فالهَرْهَرة: صوتُ الضأْن،
والبَرْبَرَةُ: صوتُ المِعْزى. وَقَالَ الْفَزَارِيُّ: البِرُّ
اللُّطْفُ، والهِرُّ العُقُوق. وَقَالَ يُونُسُ: الهِرُّ سَوْقُ
الْغَنَمِ، والبِرُّ دُعاءُ الغَنَمِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي:
البِرُّ فِعْلُ كُلِّ خَيْرٍ مِنْ أَي ضَرْبٍ كَانَ، والبِرُّ دُعاءُ
الْغَنَمِ إِلى العَلَفِ، والبِرُّ الإِكرامُ، والهِرُّ الخصومةُ،
وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الهِرُّ دُعَاءُ
الْغَنَمِ والبِرُّ سَوْقُها. التَّهْذِيبُ: وَمِنْ كَلَامِ
سُلَيْمَانَ: مَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّتَهُ بَرَّ اللهُ
بَرَّانِيَّته؛ الْمَعْنَى: مَنْ أَصلح سَرِيرَتَهُ أَصلح اللَّهُ
عَلَانِيَتَهُ؛ أُخذ مِنَ الجَوِّ والبَرِّ، فالجَوُّ كلُّ بَطْن
غامضٍ، والبَرُّ المَتْنُ الظَّاهِرُ، فَهَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ عَلَى
النِّسْبَةِ إِليهما بالأَلف وَالنُّونِ. وَوَرَدَ:
مَنْ أَصْلحَ جُوَّانيَّهُ أَصْلح اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ.
قَالُوا: البَرَّانيُّ الْعَلَانِيَةُ والأَلف وَالنُّونُ مِنْ زياداتِ
النَّسبِ، كَمَا قَالُوا فِي صَنْعَاءَ صَنْعَانِيُّ، وأَصله مِنْ
قَوْلِهِمْ: خَرَجَ فلانٌ بَرًّا إِذا خَرَجَ إِلى البَرِّ
وَالصَّحْرَاءِ، وَلَيْسَ مِنْ قَدِيمِ الْكَلَامِ وَفَصِيحِهِ.
والبِرُّ: الْفُؤَادُ، يُقَالُ هُوَ مُطْمَئِنُّ البِرِّ؛ وأَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
أَكُونُ مَكانَ البِرِّ مِنْهُ ودونَهُ، ... وأَجْعَلُ مَالِي دُونَه
وأُؤَامِرُهْ
وأَبَرَّ الرجُلُ: كَثُرَ ولَدهُ. وأَبَرّ القومُ: كَثُرُوا وَكَذَلِكَ
أَعَرُّوا، فَأَبَرُّوا فِي الْخَيْرِ وأَعَرُّوا فِي الشَّرِّ،
وَسَنَذْكُرُ أَعَرُّوا فِي مَوْضِعِهِ. والبَرُّ، بِالْفَتْحِ:
خِلَافُ البَحْرِ. والبَرِّيَّة مِنَ الأَرَضِين، بِفَتْحِ الْبَاءِ:
خِلَافُ الرِّيفِيَّة. والبَرِّيَّةُ: الصحراءُ نُسِبَتْ إِلى البَرِّ،
كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، بِالْفَتْحِ، كَالَّذِي قَبْلَهُ.
والبَرُّ: نَقِيضُ الكِنّ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْعَرَبُ تستعمِله فِي
النَّكِرَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: جَلَسْتُ بَرًّا وخَرَجْتُ بَرًّا؛
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ المولَّدين وَمَا
سَمِعْتُهُ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ الْبَادِيَةِ. وَيُقَالُ:
أَفْصَحُ الْعَرَبِ أَبَرُّهم. مَعْنَاهُ أَبعدهم فِي البَرِّ
والبَدْوِ دَارًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ظَهَرَ الْفَسادُ
(4/54)
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ؛ قَالَ
الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الجَدْبُ فِي البَرِّ والقَحْطُ فِي
الْبَحْرِ أَي فِي مُدُنِ الْبَحْرِ الَّتِي عَلَى الأَنهار. قَالَ
شَمِرٌ: البَرِّيَّةُ الأَرض المنسوبةُ إِلى البَرِّ وَهِيَ بَرِّيَّةٌ
إِذا كَانَتْ إِلى البرِّ أَقربَ مِنْهَا إِلى الْمَاءِ، والجمعُ
البرَارِي. والبَرِّيتُ، بِوَزْنِ فَعْلِيتٍ: البَرِّيَّةُ فَلَمَّا
سَكَنَتِ الْيَاءُ صَارَتِ الْهَاءُ تَاءً، مِثْل عِفرِيتٍ وعِفْرِية،
وَالْجَمْعُ البَرَارِيتُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: البَرِّيتُ؛ عَنْ أَبي
عُبَيْدٍ وَشَمِرٍ وَابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ قَالَ: البَرُّ القِفارُ وَالْبَحْرُ كلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا ماءٌ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَبَرَّ فلانٌ إِذا رَكِبَ البَر. ابْنُ سِيدَهْ:
وإِنه لمُبِرٌّ بِذَلِكَ أَي ضابطٌ لَهُ. وأَبَرَّ عَلَيْهِمْ:
غَلَبَهُمْ. والإِبرارُ: الغلبةُ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
يَكْشِفُونَ الضُّرَّ عَنْ ذِي ضُرِّهِمْ، ... ويُبِرُّونَ عَلَى
الْآبِي المُبرّ
أَيْ يَغْلِبُونَ؛ يُقَالُ أَبَرَّ عَلَيْهِ أَي غَلَبَهُ. والمُبِرُّ:
الْغَالِبُ. وَسُئِلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَد: أَتعرف الفَرَسَ
الكريمَ؟ قَالَ: أَعرف الجوادَ المُبِرَّ مِنَ البَطِيءِ المُقْرِفِ؛
قَالَ: والجوادُ المُبِرُّ الَّذِي إِذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْرَ،
ولَهَزَ لَهْزَ العَيْرِ، الَّذِي إِذا عَدَا اسْلَهَبَّ، وإِذا قِيد
اجْلَعَبَّ، وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ. وَيُقَالُ: أَبَرَّهُ يُبِرُّه
إِذا قَهَره بفَعالٍ أَو غَيْرِهِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وأَبَرَّ عَلَيْهِمْ
شَرّاً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا كُنْتُ مِنْ حِمَّانَ فِي قَعْرِ دارِهِمْ، ... فَلَسْتُ أُبالي
مَنْ أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ
ثُمَّ قَالَ: أَبرَّ مِنْ قَوْلِهِمْ أَبرَّ عَلَيْهِمْ شَرّاً،
وأَبرَّ وفَجَرَ واحدٌ فَجَمْعَ بَيْنِهِمَا. وأَبرّ فلانٌ عَلَى
أَصحابه أَي عَلَاهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
إِنَّ ناضِح فُلَانٍ قَدْ أَبرّ عَلَيْهِمْ
أَي اسْتَصْعَبَ وغَلَبَهُم. وابْتَرَّ الرَّجُلُ: انْتَصَبَ
مُنْفَرِدًا مِنْ أَصحابه. ابْنُ الأَعرابي: البَرَابِيرُ أَن يأْتي
الرَّاعِي إِذا جَاعَ إِلى السُّنْبُلِ فَيَفْرُكَ مِنْهُ مَا أَحبَّ
وَيَنْزِعَه مِنْ قُنْبُعِه، وَهُوَ قِشْرُهُ، ثُمَّ يَصُبَّ عَلَيْهِ
اللبنَ الحليبَ ويغْليَه حَتَّى يَنْضَجَ ثُمَّ يجعَله فِي إِناءِ
وَاسِعٍ ثُمَّ يُسَمِّنَه أَي يُبَرِّدَه فَيَكُونَ أَطيب مِنَ
السَّمِيذِ. قَالَ: وَهِيَ الغَديرَةُ، وَقَدِ اغْتَدَرنا. والبَريرُ:
ثَمَرُ الأَراك عامَّةً، والمَرْدُ غَضُّه، والكَباثُ نَضِيجُه؛
وَقِيلَ: البريرُ أَوَّل مَا يَظْهَرُ مِنْ ثَمَرِ الأَراك وَهُوَ
حُلْو؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَرِيرُ أَعظم حَبًّا مِنَ الكَبَاث
وأَصغر عُنقُوداً مِنْهُ، وَلَهُ عَجَمَةٌ مُدَوّرَةٌ صَغِيرَةٌ
صُلْبَة أَكبر مِنَ الحِمَّص قَلِيلًا، وعُنْقُوده يملأُ الْكَفَّ،
الْوَاحِدَةُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بَرِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ:
وَنَسْتَصْعِدُ البَريرَ أَي نَجْنيه للأَكل؛ البَريرُ: ثَمَرُ الأَراك
إِذا اسوَدَّ وبَلَغَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَا لَنَا طعامٌ إِلَّا البَريرُ.
والبُرُّ: الحِنْطَةُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
لَا درَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ،
وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ
وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: رَائِدَهُمْ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: البُرُّ
أَفصَحُ مِنْ قَوْلِهِمُ القَمْحُ والحنطةُ، وَاحِدَتُهُ بُرَّةٌ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِهِ بَرَّارٌ عَلَى مَا
يَغْلِبُ فِي هَذَا النَّحْوِ لأَن هَذَا الضَّرْبَ إِنما هُوَ
سَمَاعِيٌّ لَا اطِّرَادِيٌّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَنَعَ
سِيبَوَيْهِ أَن يُجْمَعَ البُرُّ عَلَى أَبْرارٍ وَجَوَّزَهُ
الْمُبَرِّدُ قِيَاسًا. والبُرْبُورُ: الجشِيشُ مِنَ البُرِّ.
والبَرْبَرَةُ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ والجَلَبةُ بِاللِّسَانِ، وَقِيلَ:
(4/55)
الصِّيَاحُ. ورجلٌ بَرْبارٌ إِذا كَانَ
كَذَلِكَ؛ وَقَدْ بَرْبَر إِذا هَذَى. الْفَرَّاءُ: البَرْبرِيُّ
الْكَثِيرُ الْكَلَامِ بِلَا مَنْفَعَةٍ. وَقَدْ بَرْبَرَ فِي
كَلَامِهِ بَرْبَرَةً إِذا أَكثر. والبَرْبَرَةُ: الصوتُ وكلامٌ مِنْ
غَضَبٍ؛ وَقَدْ بَرْبَرَ مِثْلُ ثَرثَرَ، فَهُوَ ثرثارٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لَمَّا طَلَبَ إِليه أَهل
الطَّائِفِ أَن يَكْتُبَ لَهُمُ الأَمانَ عَلَى تَحْلِيلِ الزِّنَا
وَالْخَمْرِ فَامْتَنَعَ: قَامُوا وَلَهُمْ تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرةٌ
؛ البَرْبَرَةُ التَّخْلِيطُ فِي الْكَلَامِ مَعَ غَضَبٍ وَنُفُورٍ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُحُدٍ: فأَخَذَ اللِّواءَ غلامٌ أَسودُ فَنَصَبَه وبَرْبَرَ.
وبَرْبَرٌ: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ يُقَالُ إِنهم مِنْ ولَدِ بَرِّ بْنِ
قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا،
والبَرابِرَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ، زَادُوا الْهَاءَ فِيهِ إِما
لِلْعُجْمَةِ وإِما لِلنَّسَبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: وإِن شِئْتَ حَذَفْتَهَا. وبَرْبَرَ التَّيْسُ
لِلهِياجِ: نَبَّ. ودَلْوٌ بَرْبارٌ: لَهَا فِي الْمَاءِ بَرْبَرَةٌ
أَي صَوْتٌ، قَالَ رؤْبة:
أَرْوي بِبَرْبارَيْنِ فِي الغِطْماطِ
والبُرَيْراءُ، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: مَوْضِعٌ، قَالَ:
إِنَّ بِأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحِسَى ... فَوَكْزٍ إِلى
النَّقْعَينِ مِن وَبِعانِ
ومَبَرَّةُ: أَكَمَةٌ دُونَ الجارِ إِلى الْمَدِينَةِ، قَالَ كُثَيِّرُ
عَزَّةَ:
أَقْوَى الغَياطِلُ مِن حِراجِ مَبَرَّةٍ، ... فَجُنوبُ سَهْوَةَ «2» .
قَدْ عَفَتْ، فَرِمالُها
وبَرِيرَةُ: اسْمُ امرأَة. وبَرَّةُ: بِنْتُ مُرٍّ أُخت تَمِيمِ بْنِ
مُرٍّ وَهِيَ أُم النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.
بزر: البَزْرُ: بَزْرُ البَقْلِ وَغَيْرِهِ. ودُهْنُ البَزْرِ
والبِزْرِ، وَبِالْكَسْرِ أَفصح. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: البِزْرُ
والبَزْرُ كُلُّ حَبٍّ يُبْزَرُ لِلنَّبَاتِ. وبَزَرَه بَزْراً:
بَذَرَهُ. وَيُقَالُ: بَزَرْتُه وبَذَرْتُه. والبُزُورُ: الحُبُوبُ
الصِّغَارُ مِثْلَ بُزُور الْبُقُولِ وَمَا أَشبهها. وَقِيلَ: البَزْرُ
الحَبُّ عامَّةً. والمَبْزُورُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الولَدِ؛
يُقَالُ: مَا أَكثر بَزْرَه أَي وَلَدَهُ. والبَزْراءُ: المرأَة
الْكَثِيرَةُ الوَلَدِ. والزَّبْراءُ: الصُّلْبة عَلَى السَّيْرِ.
والبَزْرُ: المُخاط. والبَزْرُ: الأَولاد. والبَزْرُ والبِزْرُ:
التَّابَلُ، قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا يَقُولُهُ الْفُصَحَاءُ إِلَّا
بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُهُ أَبْزارٌ، وأَبازيرُ جمعُ الْجَمْعِ. وبَزَرَ
القِدْرَ: رَمى فِيهَا البَزْرَ. والبَزْرُ: الهَيْجُ بِالضَّرْبِ.
وبَزَرَه بِالْعَصَا بَزْراً: ضَرَبَهُ بِهَا. وعَصاً بَيْزارَةٌ:
عَظِيمَةٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْعَصَا البَيْزارَةُ والقَصيدَةُ؛
والبَيَازِرُ: العِصِيُّ الضِّخامُ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ يَوْمَ الجَمَلِ: مَا شَبَّهْتُ وَقْعَ السُّيُوفِ عَلَى الهَامِ
إِلَّا بِوَقْعِ البَيَازِرِ عَلَى المَوَاجِنِ
؛ الْبَيَازِرُ: العِصِيُّ، وَالْمَوَاجِنُ: جمعُ مِيجَنةٍ وَهِيَ
الْخَشَبَةُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا القَصّارُ الثوبَ والبَيْزارُ:
الذكَرُ. وعِزٌّ بَزَرى: ضَخْمٌ؛ قَالَ:
قدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذَا لَهاً، ... وعَدَداً فَخْماً
وعِزًّا بَزَرَى،
مَنْ نَكَلَ الْيَومَ فَلَا رَعَى الحِمَى
سِدْرَةُ: قَبِيلَةٌ وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا. وعِزَّةٌ
بَزَرَى: قَعْساء؛ قَالَ:
أَبَتْ لِي عِزَّةٌ بَزَرَى بَذُوخُ، ... إِذا مَا رامَها عِزٌّ
يَدُوخُ
__________
(2) . قوله: [فجنوب سهوة] كذا بالأَصل، وفي ياقوت فخبوت، بخاء معجمة
فباء موحدة مضومتين فمثناة فوقية بعد الواو جمع خبت، بفتح الخاء
المعجمة وسكون الموحدة، وهو المكان المتسع كما في القاموس
(4/56)
وَقِيلَ: بَزَرَى عَدَدٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَلَا أَدري كَيْفَ يَكُونُ وَصْفًا
للعِزَّة إِلَّا أَن يُرِيدَ ذُو عِزَّةٍ. ومِبْزَرُ القَصّارِ
ومَبْزَرُه، كِلَاهُمَا: الَّذِي يَبْزُرُ بِهِ الثوبَ فِي الْمَاءِ.
اللَّيْثُ: المِبْزَرُ مِثْلَ خَشَبَةِ القصَّارين تُبْزَرُ بِهِ
الثيابُ فِي الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: البَيْزَرُ خَشَبُ الْقَصَّارِ
الَّذِي يَدُقُّ بِهِ. والبَيْزارُ: الَّذِي يَحْمِلُ البازِيّ. قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ فِيهِ البازيارُ، وَكِلَاهُمَا دَخِيلٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: البَيازِرَةُ جَمْعُ بَيْزار وَهُوَ مُعَرَّبُ
بازْيار؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ سَوَابِقَها، فِي الغُبار، ... صُقُورٌ تُعَارِضُ بَيْزارَها
وبَزَرَ يبْزُرُ: امْتَخَطَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَبَنُو البَزَرَى: بَطْنٌ
مِنَ الْعَرَبِ يُنسبون إِلى أُمِّهم. الأَزهري: البَزَرَى لَقَبٌ
لِبَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ؛ وتَبَزَّرَ الرجلُ: إِذا انْتَمَى
إِليهم. وَقَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ: إِذا مَا تَجَعْفَرتمْ
عَلَيْنَا، فإِنَّنا بَنُو البَزَرَى مِن عِزَّةٍ نَتَبَزَّرُ
وبَزْرَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ كُثَيِّرٌ:
يُعانِدْنَ فِي الأَرْسانِ أَجْوازَ بَزْرَةٍ، ... عتاقُ المَطايا
مُسْنَفاتٌ حِبالُها
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ لَا تَقُومُ الساعةُ حَتَّى تُقاتلوا قَوْماً
يَنْتَعِلُون الشَّعَرَ وهم البازِرُ
؛ قيل: بازِرُ نَاحِيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ كِرْمان بِهَا جِبَالٌ، وَفِي
بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هُمُ الأَكراد، فإِن كَانَ مِنْ هَذَا فكأَنه
أَراد أَهل الْبَازِرِ، أَو يَكُونُ سُمُّوا بِاسْمِ بِلَادِهِمْ؛
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى بِالْبَاءِ والزاي من
كتابه وشرحه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ
الْبُخَارِيِّ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا
نِعالُهم الشَّعَرُ وَهُمْ هَذَا البارِزُ
؛ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: هُمْ أَهل البارِز؛ يَعْنِي بأَهل
البارِز أَهل فارس، هكذا قَالَ هُوَ بِلُغَتِهِمْ؛ قَالَ: وَهَكَذَا
جَاءَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ كأَنه أَبدل السِّينَ زَايًا فَيَكُونُ
مِنْ بَابِ الزَّايِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي فَتْحِ الرَّاءِ
وَكَسْرِهَا وَكَذَلِكَ اختلف مع تقديم الزاي.
بسر: البَسْرُ: الإِعْجالُ. وبَسَرَ الفَحْلُ الناقةَ يَبْسُرُها
بَسْراً وابْتَسَرَها: ضَرَبَهَا قَبْلَ الضَّبَعَةِ. الأَصمعي: إِذا
ضُرِبَت الناقةُ عَلَى غَيْرِ ضَبَعَةٍ فَذَلِكَ البَسْرُ، وَقَدْ
بَسَرَها الفحلُ، فَهِيَ مَبْسُورة؛ قَالَ شَمِرٌ: وَمِنْهُ يُقَالُ:
بَسَرْتُ غَرِيمي إِذا تَقَاضَيْتُهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْمَالِ،
وبَسَرْتُ الدُّمَّلَ إِذا عَصَرْتُهُ قَبْلَ أَن يَتَقَيَّحَ، وكأَنَّ
البَسْرَ مِنْهُ. والمَبْسُورُ: طَالِبُ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ
مَوْضِعِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ قَالَ لِلْوَلِيدِ التَّيّاسِ: لَا تُبْسِرْ
؛ البَسْرُ ضَرْبُ الْفَحْلِ النَّاقَةَ قَبْلَ أَن تَطْلُب؛ يَقُولُ:
لَا تَحْمِلْ عَلَى النَّاقَةِ وَالشَّاةِ قَبْلَ أَن تَطْلُبَ الفحلَ،
وبَسَرَ حَاجَتَهُ يَبْسُرُها بَسْراً وبِساراً وابْتَسَرَها
وتَبَسَّرَها: طَلَبَهَا فِي غَيْرِ أَوانها أَو فِي غَيْرِ
مَوْضِعِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرضِ عَنْهُ، ... تَبَسَّرَ يَبْتَغِي
فِيهَا البِسارَا
بَنَاتُ الأَرض: النَّبَاتُ. وَفِي الصِّحَاحِ: بناتُ الأَرضِ
الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الرَّاعِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
قَدْ وَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ بَنَاتِ الأَرض
بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الرَّاعِي، وإِنما غَلَطُهُ فِي
ذَلِكَ أَنه ظَنَّ أَن الْهَاءَ فِي عَنْهُ ضَمِيرُ الرَّاعِي، وأَن
الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ فِيهَا ضَمِيرُ الإِبل، فَحَمَلَ الْبَيْتَ
عَلَى أَن شَاعِرَهُ وَصَفَ إِبلًا وَرَاعِيهَا، وَلَيْسَ
(4/57)
كَمَا ظَنَّ وإِنما وَصَفَ الشَّاعِرُ
حِمَارًا وأُتُنَه، وَالْهَاءُ فِي عَنْهُ تَعُودُ عَلَى حِمَارِ
الْوَحْشِ، وَالْهَاءُ فِي فِيهَا تَعُودُ عَلَى أُتنه؛ قَالَ:
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْبَيْتِ بِبَيْتَيْنِ أَو
نَحْوَهُمَا:
أَطَارَ نَسِيلَهُ الحَوْلِيَّ عَنْهُ، ... تَتَبُّعُه المَذانِبَ
والقِفَارَا
وتَبَسَّرَ: طَلَبَ النَّبَاتِ أَي حَفَر عَنْهُ قَبْلَ أَن يَخْرُجَ؛
أَخبر أَن الحَرَّ انْقَطَعَ وَجَاءَ القيظُ، وبَسَرَ النَّخْلَةَ
وابْتَسَرها: لَقَّحَها قَبْلَ أَوان التَّلْقِيحِ؛ قَالَ ابْنُ
مُقْبِلٍ:
طَافَتْ بِهِ العَجْمُ، حَتَّى نَدَّ ناهِضُها، ... عَمٌّ لُقِحْنَ
لِقاحاً غَيرَ مُبْتَسَرِ
أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا همَّت الفرسُ بالفَحْلِ وأَرادَتْ أَن
تَسْتَودِقَ فَأَولُ وِداقِها المُباسَرَةُ، وَهِيَ مُباسِرَةٌ ثُمَّ
تكونَ وَديقاً. والمُباسِرَةُ: الَّتِي هَمَّتْ بِالْفَحْلِ قَبْلَ
تَمَامِ وِداقِها، فإِذا ضَرَبَهَا الحِصانُ فِي تِلْكَ الْحَالِ،
فَهِيَ مَبْسُورَةٌ، وَقَدْ تَبسَّرَها وبَسَرَها. والبَسْرُ ظَلْمُ
السّقاءِ. وبَسَرَ الحِبْنَ بَسْراً: نَكَأَه قَبْلَ وَقْتِهِ. وبَسَرَ
وأَبْسَرَ إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبلَ أَوانه. الْجَوْهَرِيُّ: البَسْرُ
أَن يَنْكَأَ الحِبْنَ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ أَي يَقْرِفَ عَنْهُ
قِشْرَهُ. وبَسَرَ القَرْحَةَ يَبْسُرُها بَسْراً: نكأَها قبلَ
النُّضْجِ. والبَسْرُ: القَهْرُ. وبَسَرَ يَبْسُرُ بَسْراً وبُسُوراً:
عَبَسَ. وَوَجْهٌ بَسْرٌ: باسِرٌ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ
؛ وَفِيهِ: ثُمَّ عَبَسَ. وَبَسَرَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: بَسَرَ أَي
نَظَرَ بِكَرَاهَةٍ شَدِيدَةٍ. وَقَوْلُهُ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
باسِرَةٌ
أَي مُقَطِّبَةٌ قَدْ أَيقنت أَن الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهَا. وبَسَرَ
الرجلُ وَجْهَه بُسُوراً أَي كَلَحَ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا أَسلمتُ رَاغَمَتْني أُمِّي فَكَانَتْ تَلْقَانِي
مَرَّةً بالبِشْرِ ومَرَّةً بالبَسْرِ
؛ البِشْرُ، بِالْمُعْجَمَةِ: الطَّلَاقَةُ؛ والبَسْرُ،
بِالْمُهْمَلَةِ: القُطُوبُ؛ بَسَرَ وَجْهَهُ يَبْسُرُه. وتَبَسَّرَ
النهارُ: بَرَدَ. والبُسْرُ: الغَضُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والبُسْرُ:
التَّمْرُ قَبْلَ أَن يُرْطِبَ لِغَضاضَتِه، وَاحِدَتُهُ بُسْرَةٌ؛
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا تُكَسَّرُ البُسْرَةُ إِلَّا أَن تُجْمَعَ
بالأَلف وَالتَّاءِ لِقِلَّةٍ هَذَا الْمِثَالُ فِي كَلَامِهِمْ،
وأَجاز بُسْرانٌ وتُمْرانٌ يُرِيدُ بِهِمَا نَوْعَيْنِ مِنَ التَّمْرِ
والبُسْرِ. وَقَدْ أَبْسَرَتِ النخلةُ وَنَخْلَةُ مُبْسِرٌ، بِغَيْرِ
هَاءٍ، كُلُّهُ عَلَى النَّسَبِ، ومِبْسارٌ: لَا يَرْطُبُ ثَمَرُهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ
فِي شَرْطِ مُشْتَرِي النَّخْلِ عَلَى الْبَائِعِ: لَيْسَ لَهُ
مِبْسارٌ
، هُوَ الَّذِي لَا يَرْطُبُ بُسْرُه. وبَسَرَ التَّمْرَ يَبْسُرُه
بَسْراً وبَسَّرَهُ إِذا نَبَذَ فَخَلَطَ البُسْرَ بِالتَّمْرِ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَشْجَع العَبْدِيِّ أَنه قَالَ: لَا تَبْسُرُوا وَلَا
تَثْجُرُوا؛ فَأَما البَسْرُ. بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَهُوَ خَلْطُ
البُسْرِ بالرُّطَبِ أَو بِالتَّمْرِ وانتباذُهما جَمِيعًا،
والثَّجْرُ: أَن يؤْخذ ثَجِيرُ البُسْرِ فَيُلْقَى مَعَ التَّمْرِ،
وَكُرِهَ هَذَا حِذَارَ الْخَلِيطَيْنِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْهُمَا. وأَبْسَرَ وبَسَرَ إِذا خَلَطَ
البُسْرَ بِالتَّمْرِ أَو الرُّطَبِ فَنَبَذَهُمَا. وَفِي الصِّحَاحِ:
البَسْر أَن يُخلَط البُسْرُ مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّبِيذِ. والبُسْرُ:
مَا لَوَّنَ وَلِمَ يَنْضَجْ، وإِذا نضِجَ فَقَدْ أَرْطَبَ؛ الأَصمعي:
إِذا اخْضَرَّ حَبُّه وَاسْتَدَارَ فَهُوَ خَلالٌ، فإِذا عَظُمَ فَهُوَ
البُسْرُ، فإِذا احْمَرَّتْ فَهِيَ شِقْحَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البُسْرُ
«3» . أَوَّله طَلْعٌ ثُمَّ خَلالٌ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ
رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ، الْوَاحِدَةُ بُسْرَةٌ وبُسُرَةٌ وَجَمْعُهَا
بُسْراتٌ وبُسُراتٌ وبُسْرٌ وبُسُرٌ. وأَبْسَرَ النَّخْلُ: صَارَ مَا
عَلَيْهِ بُسْراً. والبُسْرَةُ مِنَ النَّبْتِ: مَا ارْتَفَعَ عَنْ
وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَطُلْ لأَنه حينئذٍ غَضٌّ.
__________
(3) . قوله: [الجوهري البسر] إلخ ترك كثيراً من المراتب التي يؤول
إليها الطلع حتى يصل إلى مرتبة التمر فانظرها في القاموس وشرحه
(4/58)
قَالَ: وَهُوَ غَضّاً أَطيبُ مَا يَكُونُ.
والبُسْرَةُ: الغَضُّ مِنَ البُهْمَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَعَتْ بَارِضَ البُهْمَى جَمِيعاً وبُسْرَةً، ... وصَمْعاءَ، حَتَّى
آنَفَتْها نِصالُها.
أَي جَعَلَتْهَا تَشْتَكِي أُنُوفَها. الْجَوْهَرِيُّ: البُسْرَةُ مِنَ
النَّبَاتِ أَوّلها البَارِضُ، وَهِيَ كَمَا تَبْدُو فِي الأَرض، ثُمَّ
الجَمِيمُ ثُمَّ البُسْرَةُ ثُمَّ الصَّمْعَاءُ ثُمَّ الحشِيشُ ورَجُلٌ
بُسْرٌ وامرأَةٌ بُسْرَةٌ: شَابَّانِ طَرِيَّانِ. والبُسْرُ والبَسْرُ:
الماءُ الطَّرِيُّ الحديثُ العَهْدِ بِالْمَطَرِ ساعةَ يَنْزِلُ مَنِ
المُزْنِ، وَالْجَمْعُ بِسارٌ، مِثْلَ رُمْحٍ وَرِمَاحٍ. والبَسْرُ:
حَفْرُ الأَنهار إِذا عَرَا الماءُ أَوطانَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ
التَّبَسُّرُ؛ وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بَناتُ الأَرضِ عنهُ، ... تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا
البِسارَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: بَنَاتُ الأَرض الأَنهار الصِّغَارُ وَهِيَ
الغُدْرانُ فِيهَا بَقَايَا الْمَاءِ. وبَسَرَ النَّهْرَ إِذا حَفَرَ
فِيهِ بِئْرًا وَهُوَ جافٌّ، وأَنشد بَيْتُ الرَّاعِي أَيضاً.
وأَبْسَرَ إِذا حَفَرَ فِي أَرض مَظْلُومَةٍ. وابْتَسَرَ الشيءَ:
أَخَذَه غَضًّا طَرِيًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَنس قَالَ: لَمْ يَخْرُجْ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ قَطُّ إِلَّا قَالَ حِينَ يَنْهَضُ مِنْ جلوسِه:
اللهمَّ بكَ ابْتَسَرْتُ وإِليكَ تَوَجَّهْتُ وبكَ اعْتَصَمْتُ، أَنتَ
رَبِّي ورَجائي، اللهمَّ اكْفِني مَا أَهَمَّني وَمَا لَمْ أَهْتَمَّ
بِهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وزَوِّدْني التَّقْوَى
واغْفِرْ لِي ذَنْبي وَوَجِّهْني للخَيرِ أَيْنَ تَوَجَّهْتُ، ثُمَّ
يَخْرُجُ
؛ قولُه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِكَ ابْتَسَرْتُ
أَي ابتدأْت سَفَرِي. وكلُّ شَيْءٍ أَخذتَه غَضّاً، فَقَدَ بَسَرْتَه
وابتَسَرْتَه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الأَزهري،
وَالْمُحْدَثُونَ يَرْوُونَه بِالنُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَي
تحركتُ وسِرْتُ. وبَسَرْتُ النباتَ أَبْسُرُه بَسْراً إِذا رَعَيْتُهُ
غَضّاً وكنتَ أَوَّلَ مَنْ رَعَاهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ غَيْثًا
رَعَاهُ أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَدَاهُ، لَمْ تُسَرَّبْ وُحُوشُه ... بِعِرْبٍ، كَجِذْعِ
الهاجِرِيِّ المُشَذَّبِ.
والبَيَاسِرَةُ: قَوْمٌ بالسِّنْدِ، وَقِيلَ: جِيلٌ مِنَ السَّنَدِ
يُؤَاجِرُونَ أَنفسهم مِنْ أَهل السُّفُنِ لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ؛
وَرَجُلٌ بَيْسَرِيٌّ. والبسارُ: مَطَرٌ يَدُومُ عَلَى أَهل السِّنْدِ
وَفِي الصَّيْفِ لَا يُقْلِعُ عَنْهُمْ سَاعَةً فَتِلْكَ أَيام
الْبِسَارِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الْبِسَارُ مَطَرُ يَوْمٍ فِي
الصَّيْفِ يَدُومُ عَلَى البَيَاسِرَةِ وَلَا يُقْلِعُ.
والمُبْسِرَاتُ: رِيَاحٌ يُسْتَدَلُّ بِهُبُوبِهَا عَلَى الْمَطَرِ.
وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ: بُسْرَةٌ إِذا كَانَتْ حَمْرَاءَ لَمْ تَصْفُ؛
وَقَالَ الْبَعِيثُ يَذْكُرُهَا:
فَصَبَّحَها، والشَّمسُ حَمْرَاءُ بُسْرَةٌ ... بِسائِفَةِ الأَنْقاءِ،
مَوْتٌ مُغَلِّسُ
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلشَّمْسِ فِي أَوَّل طُلُوعِهَا بُسْرَةٌ.
والبُسْرَةُ: رأْس قَضِيبِ الكَلْبِ. وأَبْسَرَ المركَبُ فِي الْبَحْرِ
أَي وَقَفَ. والباسُور، كالنَّاسُور، أَعجمي: دَاءٌ مَعْرُوفٌ
ويُجْمَعُ البَوَاسِيرَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ عِلَّةٌ تَحْدُثُ
فِي الْمُقْعَدَةِ وَفِي دَاخِلِ الأَنف أَيضاً، نسأَل اللَّهَ
الْعَافِيَةَ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ: وَكَانَ مَبْسُوراً
أَي بِهِ بَوَاسِيرُ، وَهِيَ الْمَرَضُ الْمَعْرُوفُ. وبُسْرَةُ:
اسْمٌ. وبُسْرٌ: اسْمٌ؛ قَالَ:
ويُدْعَى ابنَ مَنْجُوفٍ سُلَيْمٌ وأَشْيَمٌ، ... ولَوْ كانَ بُسْرٌ
رَاءَ ذلِكَ أَنْكَرَا
بشر: البَشَرُ: الخَلْقُ يَقَعُ عَلَى الأُنثى وَالذَّكَرِ
وَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛
يُقَالُ: هِيَ بَشَرٌ
(4/59)
وَهُوَ بَشَرٌ وَهُمَا بَشَرٌ وَهُمْ
بَشَرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: البَشَرُ الإِنسان الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ
وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقَدْ يُثَنَّى.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا
؟ وَالْجَمْعُ أَبشارٌ. والبَشَرَةُ: أَعلى جِلْدَةِ الرأْس
وَالْوَجْهِ وَالْجَسَدِ مِنَ الإِنسان، وَهِيَ الَّتِي عَلَيْهَا
الشَّعْرُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَلِي اللَّحْمَ. وَفِي الْمَثَلِ:
إِنما يُعاتَبُ الأَديمُ ذُو البَشَرَةِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
مَعْنَاهُ أَن يُعادَ إِلى الدِّباغ، يَقُولُ: إِنما يعاتَبُ مَن
يُرْجَى ومَنْ لَهُ مُسْكَةُ عَقْلٍ، وَالْجَمْعُ بَشَرٌ. ابْنُ
بُزُرْجَ: والبَشَرُ جَمْعُ بَشَرَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ.
اللَّيْثُ: البَشَرَةُ أَعلى جِلْدَةِ الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ مِنَ
الإِنسان، ويُعْنى بِهِ اللَّوْنُ والرِّقَّةُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ
مُباشَرَةُ الرَّجُلِ المرأَةَ لِتَضامِّ أَبْشارِهِما. والبَشَرَةُ
والبَشَرُ: ظَاهِرُ جِلْدِ الإِنسان؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشاركم
؛ وأَما قَوْلُهُ:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً ... عَلَى بَشَرٍ، وآنَسَهُ
لَبابُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ جَمْعُ بَشَرَةٍ كَشَجَرَةٍ
وَشَجَرٍ وَثَمَرَةٍ وَثَمَرٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد
الْهَاءَ فَحَذَفَهَا كَقَوْلِ أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِنادي عَلَى
الهِجْرانِ، أَم هُوَ يائِسُ؟
قَالَ: وَجَمْعُهُ أَيضاً أَبْشارٌ، قَالَ: وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ.
والبَشَرُ: بَشَرُ الأَديمِ. وبَشَرَ الأَديمَ يَبْشُرُه بَشْراً
وأَبْشَرَهُ: قَشَرَ بَشَرَتَهُ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ،
وَقِيلَ: هُوَ أَن يأْخذ باطنَه بِشَفْرَةٍ. ابْنُ بُزُرْجَ: مِنَ
الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ بَشَرْتُ الأَديم أَبْشِرهُ، بِكَسْرِ
الشِّينِ، إِذا أَخذت بَشَرَتَهُ. والبُشارَةُ: مَا بُشِرَ مِنْهُ.
وأَبْشَرَه؛ أَظهر بَشَرَتَهُ. وأَبْشَرْتُ الأَديمَ، فَهُوَ مُبْشَرٌ
إِذا ظهرتْ بَشَرَتُه الَّتِي تَلِي اللَّحْمَ، وآدَمْتُه إِذا أَظهرت
أَدَمَتَهُ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ. اللِّحْيَانِيُّ:
البُشارَةُ مَا قَشَرْتَ مِنْ بطن الأَديم، والتِّحْلئُ مَا قَشرْتَ
عَنْ ظَهْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ أَحَبَّ القُرْآنَ فَليَبْشَرْ
أَي فَلْيَفْرَحْ ولَيُسَرَّ؛ أَراد أَن مَحَبَّةَ الْقُرْآنِ دَلِيلٌ
عَلَى مَحْضِ الإِيمان مِنْ بَشِرَ يَبْشَرُ، بِالْفَتْحِ، وَمَنْ
رَوَاهُ بِالضَّمِّ، فَهُوَ مَنْ بَشَرْتُ الأَديم أَبْشُرُه إِذا
أَخذت بَاطِنَهُ بالشَّفْرَةِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ فَلْيُضَمِّرْ
نَفْسَهُ لِلْقُرْآنِ فإِن الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ يُنْسِيهِ
الْقُرْآنَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أُمرنا أَن نَبْشُرَ الشَّوارِبَ بَشْراً
أَي نَحُفّها حَتَّى تَبِينَ بَشَرَتُها، وَهِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ،
وَتُجْمَعُ عَلَى أَبْشارٍ. أَبو صَفْوَانَ: يُقَالُ لِظَاهِرِ
جِلْدَةِ الرأْس الَّذِي يَنْبُتُ فِيهِ الشَّعَرُ البَشَرَةُ
والأَدَمَةُ والشَّواةُ. الأَصمعي: رَجُلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، وَهُوَ
الَّذِي قَدْ جَمَعَ لِيناً وشِدَّةً مَعَ الْمَعْرِفَةِ بالأُمور،
قَالَ: وأَصله مِنْ أَدَمَةِ الْجِلْدِ وبَشَرَتِهِ، فالبَشَرَةُ
ظَاهِرُهُ، وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ، والأَدَمَةُ بَاطِنُهُ، وَهُوَ
الَّذِي يَلِي اللَّحْمَ؛ قَالَ وَالَّذِي يُرَادُ مِنْهُ أَنه قَدْ
جَمع بَيْنَ لِينِ الأَدَمَةِ وخُشونة البَشَرَةِ وَجَرَّبَ الأُمور.
وَفِي الصِّحَاحِ: فلانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ إِذا كَانَ كَامِلًا مِنَ
الرِّجَالِ، وامرأَة مُؤْدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: تامَّةٌ فِي كُلّ وَجْهٍ.
وَفِي حَدِيثِ
بِحَنَّةَ: ابْنَتُكِ المُؤْدَمَةُ المُبْشَرَة
؛ يَصِفُ حُسْنَ بَشَرَتها وشِدَّتَها. وبَشْرُ الجرادِ الأَرْضَ:
أَكْلُه مَا عَلَيْهَا. وبَشَرَ الجرادُ الأَرضَ يَبْشُرُها بَشراً:
قَشَرَها وأَكل مَا عَلَيْهَا كأَن ظَاهِرَ الأَرض بَشَرَتُها. وَمَا
أَحْسَنَ بَشَرَتَه أَي سَحْناءَه وهَيْئَتَه. وأَبْشَرَتِ الأَرْضُ
إِذا أَخرجت نَبَاتَهَا. وأَبْشَرَتِ الأَرضُ
(4/60)
إِبْشاراً: بُذِرتْ فَظَهَر نَباتُها
حَسَناً، فَيُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ: ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها؛ وقال أَبو
زِيَادٍ الأَحمر: أَمْشَرَتِ الأَرضُ وَمَا أَحْسَنَ مَشَرَتَها.
وبَشَرَةُ الأَرضِ: مَا ظَهَرَ مِنْ نَبَاتِهَا. والبَشَرَةُ: البَقْلُ
والعُشْبُ وكُلُّه مِنَ البَشَرَةِ. وباشَرَ الرجلُ امرأَتَهُ
مُباشَرَةً وبِشاراً: كَانَ مَعَهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَوَلِيَتْ
بَشَرَتُهُ بَشَرَتَها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
؛ مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ الْجِمَاعُ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ مِنَ
الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَيُجَامِعُ ثُمَّ يَعُودُ إِلى
الْمَسْجِدِ. ومُباشرةُ المرأَةِ: مُلامَسَتُها. والحِجْرُ المُباشِرُ:
الَّتِي تَهُمُّ بالفَحْلِ. والبَشْرُ أَيضاً: المُباشَرَةُ؛ قَالَ
الأَفوه:
لَمَّا رَأَتْ شَيْبي تَغَيَّر، وانْثَنى ... مِنْ دونِ نَهْمَةِ
بَشْرِها حينَ انْثَنَى
أَي مُبَاشَرَتِي إِياها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُقَبِّلُ ويُباشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ
؛ أَراد بالمباشَرَةِ المُلامَسَةَ وأَصله مِنْ لَمْس بَشَرَةِ
الرَّجُلِ بَشَرَةَ المرأَة، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ فِي
الْفَرَجِ وَخَارِجًا مِنْهُ. وباشَرَ الأَمْرَ: وَلِيَهُ بِنَفْسِهِ؛
وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ لأَنه لَا بَشَرَةَ للأَمر إِذْ لَيْسَ
بِعَيْنٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: فَباشِرُوا رُوحَ
الْيَقِينِ
، فَاسْتَعَارَهُ لِرُوحِ الْيَقِينِ لأَنّ رُوحَ الْيَقِينِ عَرَضٌ،
وبيِّن أَنَّ العَرَضَ لَيْسَتْ لَهُ بَشَرَةٌ. ومُباشَرَةُ الأَمر:
أَن تَحْضُرَهُ بِنَفْسِكَ وتَلِيَه بِنَفْسِكَ. والبِشْرُ:
الطَّلاقَةُ، وَقَدْ بَشَرَه بالأَمر يَبْشُرُه، بِالضَّمِّ، بَشْراً
وبُشُوراً وبِشْراً [بُشْراً] ، وبَشَرَهُ بِهِ بَشْراً؛ كُلُّهُ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ. وبَشَّرَهُ وأَبْشَرَهُ فَبَشِرَ بِهِ، وبَشَرَ
يَبْشُرُ بَشْراً وبُشُوراً. يُقَالُ: بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ
واسْتَبْشَر وتَبشَّرَ وبَشِرَ: فَرِحَ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ
؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
. واسْتَبْشَرَه كَبَشَّرَهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَبَيْنا تَنُوحُ اسْتَبْشَرُوها بِحِبِّها، ... عَلى حِينِ أَن كُلَّ
المَرامِ تَرومُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ طَلَبُوا مِنْهَا البُشْرى على
إِخبارهم إِياهم بِمَجِيءِ ابْنِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا
بُشْرايَ هَذَا غُلامٌ؛ كَقَوْلِكَ عَصايَ. وَتَقُولُ في التثنية: يا
بُشْرَبيَّ. والبِشارَةُ المُطْلَقَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْخَيْرِ،
وإِنما تَكُونُ بِالشَّرِّ إِذا كَانَتْ مُقَيَّدَةً كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والتَّبْشِيرُ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ: تَحِيَّتُكَ الضَّرْبُ
وَعِتَابُكَ السَّيْفُ، وَالِاسْمُ البُشْرى. وقوله تعالى: هُمُ
الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
؛ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقوال: أَحدها أَن بُشْراهم فِي الدُّنْيَا مَا
بُشِّرُوا بِهِ مِنَ الثَّوَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيُبَشِّرُ
الْمُؤْمِنِينَ*
؛ وبُشْراهُمْ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ بُشْراهم فِي
الدُّنْيَا الرؤْيا الصَّالِحَةُ يَراها المؤْمن فِي مَنَامِهِ أَو
تُرَى لَهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ بُشْراهم فِي الدُّنْيَا أَن الرَّجُلَ
مِنْهُمْ لَا تُخْرَجُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يَرَى مَوْضِعَهُ
مِنَ الْجَنَّةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
. الْجَوْهَرِيُّ: بَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه، بِالضَّمِّ، بَشْراً
وبُشُوراً مِنَ البُشْرَى، وَكَذَلِكَ الإِبشارُ والتَّبْشِيرُ ثلاثُ
لُغَاتٍ، وَالِاسْمُ البِشارَةُ والبُشارَةُ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ.
يُقَالُ: بَشَرْتُه بِمَوْلُودٍ فَأَبْشَرَ إِبْشاراً أَي سُرَّ.
وَتَقُولُ: أَبْشِرْ بِخَيْرٍ، بِقَطْعِ الأَلف. وبَشِرْتُ بِكَذَا،
بِالْكَسْرِ، أَبْشَرُ أَي اسْتَبْشَرْتُ بِهِ؛ قَالَ عَطِيَّةُ بْنُ
زَيْدٍ جَاهِلِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لِعَبْدِ الْقَيْسِ
بْنِ خُفَافٍ البُرْجُميّ:
(4/61)
وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى العلى ...
غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مُمْحِلِ،
فَأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بِمَا بَشِرُوا بِهِ، ... وإِذا هُمُ نَزَلُوا
بَضَنْكٍ فانْزِلِ
وَيُرْوَى: وايْسِرْ بِمَا يَسِرُوا بِهِ. وأَتاني أَمْرٌ بَشِرْتُ
بِهِ أَي سُرِرْتُ بِهِ. وبَشَرَني فلانٌ بِوَجْهٍ حَسَنٍ أَي
لَقِيَنِي. وَهُوَ حَسَنُ البِشْرِ، بِالْكَسْرِ، أَي طَلقُ الْوَجْهِ.
والبِشارَةُ: مَا بُشِّرْتَ بِهِ. والبِشارة: تَباشُرُ الْقَوْمُ
بأَمر، والتَّباشِيرُ: البُشْرَى. وتَبَاشَرَ القومُ أَي بَشَّرَ
بعضُهم بَعْضًا. والبِشارة والبُشارة أَيضاً: مَا يُعْطَاهُ المبَشِّرُ
بالأَمر. وَفِي حَدِيثِ
تَوْبَةِ كَعْبٍ: فأَعطيته ثَوْبِي بُشارَةً
؛ الْبُشَارَةُ، بِالضَّمِّ: مَا يُعْطَى الْبَشِيرَ كالعُمَالَةِ
لِلْعَامِلِ، وَبِالْكَسْرِ: الِاسْمُ لأَنها تُظْهِرُ طَلاقَةَ
الإِنسان. وَالْبَشِيرُ: المبَشِّرُ الَّذِي يُبَشِّرُ الْقَوْمَ بأَمر
خَيْرٍ أَو شرٍ. وَهُمْ يَتَبَاشَرُونَ بِذَلِكَ الأَمر أَي يُبَشرُ
بضعهم بَعْضًا. والمبَشِّراتُ: الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ
بِالسَّحَابِ وتُبَشِّرُ بِالْغَيْثِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
؛ وَفِيهِ: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً
؛ وبُشُراً وبُشْرَى وبَشْراً، فَبُشُراً جَمعُ بَشُورٍ، وبُشْراً
مُخَفَّفٌ مِنْهُ، وبُشْرَى بِمَعْنَى بِشارَةٍ، وبَشْراً مَصْدَرُ
بَشَرَهُ بَشْراً إِذا بَشَّرَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّ
اللَّهَ: يُبَشِّرُكَ*
؛ وَقُرِئَ: يَبْشُرُك؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كأَن الْمُشَدَّدَ مِنْهُ
عَلَى بِشاراتِ البُشَرَاء، وكأَن الْمُخَفَّفَ مِنْ وَجْهِ الإِفْراحِ
والسُّرُورِ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ المَشْيَخَةُ يَقُولُونَهُ. قَالَ:
وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَبْشَرْتُ، قَالَ: وَلَعَلَّهَا لُغَةٌ
حِجَازِيَّةٌ. وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَذْكُرُهَا
فَلْيُبْشِرْ، وبَشَرْتُ لُغَةٌ رَوَاهَا الْكِسَائِيُّ. يُقَالُ:
بَشَرَني بوَجْهٍ حَسَنٍ يَبْشُرُني. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى
يَبْشُرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. وبَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه إِذا
أَفرحته. وبَشِرَ يَبْشَرُ إِذا فَرِحَ. قَالَ: وَمَعْنَى يَبْشُرُك
ويُبَشِّرُك مِنَ البِشارة [البُشارة] . قَالَ: وأَصل هَذَا كُلِّهِ
أَن بَشَرَةَ الإِنسان تَنْبَسِطُ عِنْدَ السُّرُورِ؛ وَمِنْ هَذَا
قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَلْقَانِي بِبِشْرٍ أَي بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بَشَرْتُه وبَشَّرْتُه وأَبْشَرْتُه
وبَشَرْتُ بِكَذَا وَكَذَا وبَشِرْت وأَبْشَرْتُ إِذا فَرِحْتَ بِه.
ابْنُ سِيدَهْ: أَبْشَرَ الرجلُ فَرِحَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ثُمَّ أَبْشَرْتُ إِذْ رَأَيْتُ سَواماً، ... وبُيُوتاً مَبْثُوثَةً
وجِلالا
وبَشَّرَتِ الناقةُ باللِّقاحِ، وَهُوَ حِينَ يُعْلَمُ ذَلِكَ عِنْدَ
أَوَّل مَا تَلْقَحُ. التَّهْذِيبُ. يُقَالُ أَبْشَرَتِ الناقَةُ إِذا
لَقِحَتْ فكأَنها بَشَّرَتْ بالِّلقاحِ؛ قَالَ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ
يُحَقِّقُ ذَلِكَ:
عَنْسَلٌ تَلْوِي، إِذا أَبْشَرَتْ، ... بِخَوافِي أَخْدَرِيٍّ سُخام
وتَباشِيرُ كُلّ شَيْءٍ: أَوّله كَتَبَاشِيرِ الصَّبَاح والنَّوْرِ،
لَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ صَاحِبًا لَهُ عَرَّسَ فِي
السَّفَرِ فأَيقظه:
فَلَمَّا عَرَّسَ، حَتَّى هِجْتُهُ ... بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ
الأُوَلْ
والتباشيرُ: طرائقُ ضَوْءِ الصُّبْحِ فِي اللَّيْلِ. قَالَ اللَّيْثُ:
يُقَالُ لِلطَّرَائِقِ الَّتِي تَرَاهَا عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ
آثَارِ الرِّيَاحِ إِذا هِيَ خَوَّتْهُ: التباشيرُ. وَيُقَالُ لِآثَارِ
جَنَبِ الدَّابَّةِ مِنَ الدَّبَرِ: تَباشِيرُ؛ وأَنشد:
نِضْوَةُ أَسْفارٍ، إِذا حُطَّ رَحْلُها، ... رَأَيت بِدِفْأَيْها
تَباشِيرَ تَبْرُقُ.
الْجَوْهَرِيُّ: تَباشِيرُ الصُّبْحِ أَوائلُه، وَكَذَلِكَ أَوائل
(4/62)
كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ فِعلٌ.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: كَيْفَ كَانَ المطرُ وتَبْشِيرُه
أَي مَبْدَؤُه وأَوَّلُه وتَبِاشِيرُ: لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ إِلَّا
ثَلَاثَةَ أَحرف: تَعاشِيبُ الأَرض، وتَعاجِيبُ الدَّهرِ، وتَفاطِيرُ
النَّباتِ مَا يَنْفَطر مِنْهُ، وَهُوَ أَيضاً مَا يَخْرُجُ عَلَى
وَجْهِ الغِلْمَان وَالْفَتَيَاتِ؛ قَالَ:
تَفاطِيرُ الجُنُونِ بِوَجْهِ سَلْمَى ... قَدِيماً، لَا تَفاطِيرُ
الشَّبابِ.
وَيُرْوَى نَفَاطِيرُ، بِالنُّونِ. وَتَبَاشِيرُ النَّخْلِ: فِي أَوَّل
مَا يُرْطِبُ. وَالْبَشَارَةُ، بِالْفَتْحِ: الْجَمَالُ والحُسْنُ؛
قَالَ الأَعشى فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي أَوَّلها:
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارَهْ، ... يَا جارَتا، مَا أَنْتِ جارهْ.
قَالَ مِنْهَا:
وَرَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ ... جَانَبَه البَشاشةُ والبَشارَهْ
ورجلٌ بَشِيرُ الْوَجْهِ إِذا كَانَ جَمِيلَهُ؛ وامرأَةٌ بَشِيرةُ
الْوَجْهِ، ورجلٌ بَشِيرٌ وامرأَة بَشِيرَةٌ، ووجهٌ بَشيرٌ: حَسَنٌ؛
قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ:
تَعْرِفُ، فِي أَوجُهِها البَشائِرِ، ... آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ
والآسانُ: جَمْعَ أُسُنٍ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ، وَقَدْ
قِيلَ أَسن بِفَتْحِهِمَا أَيضاً، وَهُوَ الشَّبَهُ. وَالْآفِقُ:
الْفَاضِلُ. والمُشَاجِرُ: الَّذِي يَرْعَى الشَّجَرَ. ابْنُ
الأَعرابي: المَبْشُورَةُ الْجَارِيَةُ الْحَسَنَةُ الْخَلْقِ
وَاللَّوْنِ، وَمَا أَحْسَنَ بَشَرَتَها. والبَشِيرُ: الْجَمِيلُ،
والمرأَة بَشِيرَة. والبَشِيرُ: الحَسَنُ الْوَجْهِ. وأَبْشَرَ الأَمرُ
وَجْهَهُ: حَسَّنَه ونَضَّرَه؛ وَعَلَيْهِ وَجَّهَ أَبو عَمْرٍو
قراءَةَ مَنْ قرأَ: ذَلِكَ الَّذِي يَبْشُرُ اللهُ عِبادَه؛ قَالَ:
إِنما قُرِئَتْ بِالتَّخْفِيفِ لأَنه لَيْسَ فِيهِ بِكَذَا إِنما
تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ الَّذِي يُنَضِّرُ اللهُ بِهِ وُجوهَهم.
اللِّحْيَانِيُّ: وَنَاقَةٌ بَشِيرَةٌ أَي حَسَنَةٌ؛ وَنَاقَةٌ
بَشِيرَةٌ: لَيْسَتْ بِمَهْزُولَةٍ وَلَا سَمِينَةٍ؛ وَحُكِيَ عَنْ
أَبي هِلَالٍ قَالَ: هِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بِالْكَرِيمَةِ وَلَا
الْخَسِيسَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ وبَقَرٌ لَا يُؤَدِّي حَقَّها إِلَّا
بُطِحَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاع قَرْقَرٍ كأَكْثَرِ مَا
كانَتْ وأَبْشَرِه
أَي أَحْسَنِه، مِنَ البِشر، وَهُوَ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ
وَبَشَاشَتُهُ، وَيُرْوَى: وآشَره مِنَ النَّشَاطِ «4» . وَالْبَطَرِ.
ابْنُ الأَعرابي: هُمُ البُشَارُ والقُشَارُ والخُشَارُ لِسِقاطِ
الناسِ. والتُّبُشِّرُ والتُّبَشِّرُ: طَائِرٌ يُقَالُ هُوَ
الصُّفارِيَّة، وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا التُّنَوِّطُ، وَهُوَ
طَائِرٌ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وقولُهم: وَقَعَ فِي وَادِي
تُهُلِّكَ، وَوَادِي تُضُلِّلَ، وَوَادِي تُخُيِّبَ. والناقةُ
البَشِيرَةُ: الصالحةُ الَّتِي عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَحْمِهَا،
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَيْنَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِالْكَرِيمَةِ وَلَا
بِالْخَسِيسَةِ. وبِشْرٌ وبِشْرَةُ: اسْمَانِ؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ:
وبِشْرَةُ يَأْبَوْنا، كَأَنَّ خِبَاءَنَا ... جَنَاحُ سُمَانَى فِي
السَّماءِ تَطِيرُ
وَكَذَلِكَ بُشَيْرٌ وبَشِيرٌ وبَشَّار ومُبَشِّر. وبُشْرَى: اسْمُ
رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، للتأْنيث
وَلُزُومِ حَرْفِ التأْنيث لَهُ، وإِن لَمْ يَكُنْ صِفَةً لأَن هَذِهِ
الأَلف يُبْنَى الِاسْمُ لَهَا فَصَارَتْ كأَنها مِنْ نَفْسِ
الْكَلِمَةِ، وَلَيْسَتْ كَالْهَاءِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الِاسْمِ
بَعْدَ التَّذْكِيرِ. والبِشْرُ: اسْمُ مَاءٍ لِبَنِي تَغْلِبَ.
والبِشْرُ: اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ؛ قَالَ
الشاعر:
__________
(4) . قوله [من النشاط] كذا بالأصل والأحسن من الأشر وهو للنشاط
(4/63)
فَلَنْ تَشْرَبي إِلَّا بِرَنْقٍ، وَلَنْ
تَرَيْ ... سَواماً وحَيّاً في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ
بصر: ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى البَصِيرُ، هُوَ
الَّذِي يُشَاهِدُ الأَشياء كُلَّهَا ظَاهِرَهَا وَخَافِيَهَا بِغَيْرِ
جَارِحَةٍ، والبَصَرُ عِبَارَةٌ فِي حَقِّهِ عَنِ الصِّفَةِ الَّتِي
يَنْكَشِفُ بِهَا كمالُ نُعُوتِ المُبْصَراتِ. اللَّيْثُ: البَصَرُ
العَيْنُ إِلَّا أَنه مُذَكَّرٌ، وَقِيلَ: البَصَرُ حَاسَّةُ الرؤْية.
ابْنُ سِيدَهْ: البَصَرُ حِسُّ العَين وَالْجَمْعُ أَبْصارٌ. بَصُرَ
بِهِ بَصَراً وبَصارَةً وبِصارَةً وأَبْصَرَهُ وتَبَصَّرَهُ: نَظَرَ
إِليه هَلْ يُبْصِرُه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَصُرَ صَارَ مُبْصِراً،
وأَبصره إِذا أَخبر بِالَّذِي وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ
اللِّحْيَانِيُّ بَصِرَ بِهِ، بِكَسْرِ الصَّادِ، أَي أَبْصَرَهُ.
وأَبْصَرْتُ الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه: نَظَرَ مَعَهُ إِلى شَيْءٍ
أَيُّهما يُبْصِرُه قَبْلَ صَاحِبِهِ. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَهُ؛
قَالَ سُكَيْنُ بنُ نَصْرَةَ البَجَلي:
فَبِتُّ عَلى رَحْلِي وباتَ مَكانَه، ... أُراقبُ رِدْفِي تارَةً،
وأُباصِرُه
الْجَوْهَرِيُّ: باصَرْتُه إِذا أَشْرَفتَ تَنْظُرُ إِليه مِنْ
بَعِيدٍ. وتَباصَرَ القومُ: أَبْصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَجُلٌ
بَصِيرٌ مُبْصِرٌ: خِلَافُ الضَّرِيرِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ،
وجَمْعُه بُصَراءُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَبَصِيرٌ
بِالْعَيْنَيْنِ. والبَصارَةُ مَصْدَرٌ: كالبَصر، وَالْفِعْلُ بَصُرَ
يَبْصُرُ، وَيُقَالُ بَصِرْتُ وتَبَصَّرْتُ الشيءَ: شِبْهُ رَمَقْتُه.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: أَعْلَمَ اللهُ أَنهُ يُدْرِك الأَبصارَ وَفِي
هَذَا الإِعلام دَلِيلٌ أَن خَلْقَهُ لَا يُدْرِكُونَ الأَبصارَ أَي
لَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ حَقِيقَةُ البَصَرَ وَمَا الشَّيْءُ الَّذِي
بِهِ صَارَ الإِنسان يُبْصِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُونَ أَن يُبْصِرَ مِنْ
غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ أَعضائه، فَأَعْلَم أَن خَلْقاً مِنْ
خَلْقِهِ لَا يُدْرِك الْمَخْلُوقُونَ كُنْهَهُ وَلَا يُحيطون
بِعِلْمِهِ، فَكَيْفَ بِهِ تَعَالَى والأَبصار لَا تُحِيطُ بِهِ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. فأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ الأَخبار فِي الرؤْية،
وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَغَيْرُ مَدْفُوعٍ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى
دَفْعِهَا، لأَن مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِدراك الشَّيْءِ والإِحاطة
بِحَقِيقَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَهل السنَّة وَالْعِلْمِ
بِالْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ
رَبِّكُمْ
؛ أَي قَدْ جاءَكم الْقُرْآنُ الَّذِي فِيهِ الْبَيَانُ والبصائرُ،
فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ نَفْعُ ذَلِكَ، وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها
ضَرَرُ ذَلِكَ، لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: أَبْصَرَ الرجلُ إِذا خَرَجَ مِنَ الْكُفْرِ إِلى
بَصِيرَةِ الإِيمان؛ وأَنشد:
قَحْطَانُ تَضْرِبُ رَأْسَ كُلِّ مُتَوَّجٍ، ... وَعَلَى بَصائِرِها،
وإِنْ لَمْ تُبْصِر
قَالَ: بَصَائِرُهَا إِسْلَامُهَا وإِن لَمْ تُبْصِرْ فِي كُفْرِهَا.
ابْنُ سِيدَهْ: أَراه لَمْحاً باصِراً أَي نَظَرًا بِتَحْدِيقٍ
شَدِيدٍ، قَالَ: فإِما أَن يَكُونَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وإِما أَن
يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ، وَالْآخَرُ مَذْهَبُ يَعْقُوبَ. وَلَقِيَ
مِنْهُ لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً وَاضِحًا. قَالَ: ومَخْرَجُ باصِرٍ
مِنْ مَخْرَجِ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذُو لَبَنٍ
وَتَمْرٍ، فَمَعْنَى بَاصِرٍ ذُو بَصَرَ، وَهُوَ مِنْ أَبصرت، مِثْلُ
مَوْتٌ مائِتٌ مِنْ أَمَتُّ، أَي أَرَيْتُه أَمْراً شَدِيدًا
يُبْصِرُه. وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَى فُلَانٌ لَمْحاً باصِراً أَي
أَمراً مَفْرُوغًا مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَوَّل؛
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وَاضِحَةً؛ قَالَ: وَيَجُوزُ
مُبْصَرَةً أَي مُتَبَيِّنَةً تُبْصَرُ وتُرَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَعَلَ الْفِعْلَ لَهَا، وَمَعْنَى مُبْصِرَة
مُضِيئَةً، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَالنَّهارَ
(4/64)
مُبْصِراً*؛ أَي مُضِيئًا. وَقَالَ أَبو
إِسحاق: مَعْنَى مُبْصِرَة تُبَصِّرُهم أَي تُبَيِّنُ لَهُمْ، ومن قرأَ
مُبْصِرَةً فالمعنى بَيِّنَة، وَمَنْ قرأَ مُبْصَرَةً فَالْمَعْنَى
مُتَبَيَّنَةً فَظَلَمُوا بِهَا أَي ظَلَمُوا بِتَكْذِيبِهَا. وَقَالَ
الأَخفش: مُبْصَرَة أَي مُبْصَراً بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ
مَا قَالَ الْفَرَّاءُ أَراد آتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ آيَةً
مُبْصِرَة أَي مُضِيئَةً. الْجَوْهَرِيُّ: المُبْصِرَةُ الْمُضِيئَةُ؛
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الأَخفش: إِنها تُبَصِّرهم أَي تَجْعَلُهُمْ بُصَراء.
والمَبْصَرَةُ، بِالْفَتْحِ: الحُجَّة. والبَصِيرَةُ: الحجةُ
وَالِاسْتِبْصَارُ فِي الشَّيْءِ. وبَصَّرَ الجَرْوُ تَبْصِيرًا:
فَتَحَ عَيْنَيْهِ. وَلَقِيَهُ بَصَراً أَي حِينَ تَبَاصَرَتِ
الأَعْيانُ ورأَى بعضها بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَوَّل الظَّلَامِ
إِذا بَقِيَ مِنَ الضَّوْءِ قَدْرُ مَا تَتَبَايَنُ بِهِ الأَشباح، لَا
يُستعمل إِلَّا ظَرْفًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فَأُرْسِلَتْ إِليه شَاةٌ فرأَى
فِيهَا بُصْرَةً مِنْ لَبَنٍ
؛ يُرِيدُ أَثراً قَلِيلًا يُبْصِرُه الناظرُ إِليه، وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
كَانَ يُصَلِّي بِنَا صلاةَ البَصَرِ حَتَّى لَوْ أَن إِنساناً رَمَى
بنَبْلَةٍ أَبصرها
؛ قِيلَ: هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَقِيلَ: الْفَجْرُ لأَنهما
تؤَدَّيان وَقَدِ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ بِالضِّيَاءِ. والبَصَر
هَاهُنَا: بِمَعْنَى الإِبصار، يُقَالُ بَصِرَ بِهِ بَصَراً. وَفِي
الْحَدِيثِ:
بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذني
، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَرُوِيَ بَصُرَ وسَمِعَ وبَصَرُ
وسَمْعُ عَلَى أَنهما اسْمَانِ. والبَصَرُ: نَفاذٌ فِي الْقَلْبِ.
وبَصرُ الْقَلْبِ: نَظَرَهُ وَخَاطِرُهُ. والبَصِيرَةُ: عَقِيدَةُ
الْقَلْبِ. قَالَ اللَّيْثُ: البَصيرة اسْمٌ لِمَا اعْتُقِدَ فِي
الْقَلْبِ مِنَ الدِّينِ وَتَحْقِيقِ الأَمر؛ وَقِيلَ: البَصيرة
الْفِطْنَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَعمى اللَّهُ بَصَائِرَهُ أَي
فِطَنَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي
هَاشِمٍ تُصابون فِي أَبصاركم، قَالُوا لَهُ: وأَنتم يَا بَنِي أُمية
تُصَابُونَ فِي بَصَائِرِكُمْ. وفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَي عَلَى عَمْدٍ. وَعَلَى غَيْرِ بَصيرة أَي عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ.
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: ولتَخْتَلِفُنَّ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَي عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنْ أَمركم وَيَقِينٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَليس الطريقُ يَجْمَعُ التاجِرَ وابنَ السَّبِيلِ
والمُسْتَبْصِرَ والمَجْبورَ
أَي المُسْتَبِينَ لِلشَّيْءِ؛ يَعْنِي أَنهم كَانُوا عَلَى بَصِيرَةٍ
مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، أَرادت أَن تِلْكَ الرُّفْقَةَ قَدْ جَمَعَتِ
الأَخيار والأَشرار. وإِنه لَذُو بَصَرٍ وَبَصِيرَةٍ فِي الْعِبَادَةِ؛
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وإِنه لَبَصِيرٌ بالأَشياء أَي عَالِمٌ بِهَا؛
عَنْهُ أَيضاً. وَيُقَالُ للفِراسَةِ الصَّادِقَةِ: فِراسَةٌ ذاتُ
بَصِيرة. وَالْبَصِيرَةُ: العِبْرَةُ؛ يُقَالُ: أَمَا لَكَ بَصِيرةٌ
فِي هَذَا؟ أَي عِبْرَةٌ تَعْتَبِرُ بِهَا؛ وأَنشد:
فِي الذَّاهِبِين الأَوَّلِينَ ... مِن القُرُونِ، لَنا بَصائرْ
أَي عِبَرٌ: والبَصَرُ: الْعِلْمُ. وبَصُرْتُ بِالشَّيْءِ: عَلِمْتُهُ؛
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
. وَالْبَصِيرُ: الْعَالِمُ، وَقَدْ بَصُرَ بَصارَةً. والتَّبَصُّر:
التَّأَمُّل والتَّعَرُّفُ. والتَّبْصِيرُ: التَّعْرِيفُ والإِيضاح.
ورجلٌ بَصِيرٌ بِالْعِلْمِ: عَالِمٌ بِهِ. وَقَوْلُهُ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ: اذهبْ بِنَا إِلى فلانٍ البصيرِ، وَكَانَ أَعمى؛ قَالَ
أَبو عُبَيْدٍ: يُرِيدُ بِهِ الْمُؤْمِنَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَعِنْدِي أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنما ذَهَبَ إِلى التَّفؤل «1»
. إِلى لَفْظِ الْبَصَرُ أَحسن مِنْ لَفْظِ الْعَمَى، أَلا تَرَى إِلى
قَوْلِ مُعَاوِيَةَ: وَالْبَصِيرُ خَيْرٌ مِنَ الأَعمى؟ وتَبَصَّرَ فِي
رأْيِه واسْتَبْصَرَ: تَبَيَّنَ مَا يأْتيه مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَاسْتَبْصَرَ فِي أَمره وَدِينِهِ إِذا كَانَ ذَا بَصيرة. والبَصيرة:
الثَّبَاتُ فِي الدِّينِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى التَّفَؤُّلِ إلخ] كذا بالأصل
(4/65)
وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
: أَي أَتَوْا مَا أَتوه وَهُمْ قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَن عَاقِبَتَهُ
عَذَابُهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَما كانَ اللَّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ؛ فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُمْ عَاقِبَةُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ كَانَ مَا فَعَلَ
بِهِمْ عَدْلًا وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ؛ وَقِيلَ أَي كَانُوا فِي
دِينِهِمْ ذَوِي بَصَائِرَ، وَقِيلَ: كَانُوا مُعْجَبِينَ
بِضَلَالَتِهِمْ. وبَصُرَ بَصارَةً: صَارَ ذَا بَصِيرَةٍ. وبَصَّرَهُ
الأَمْرَ تَبْصِيراً وتَبْصِرَةً: فَهَّمَهُ إِياه. وَقَالَ الأَخفش
فِي قَوْلِهِ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
؛ أَي عَلِمْتُ مَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ مِنَ الْبَصِيرَةِ. وَقَالَ
اللِّحْيَانِيُّ: بَصُرْتُ أَي أَبصرت، قَالَ: وَلُغَةٌ أُخرى بَصِرْتُ
بِهِ أَبْصَرْته. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: أَبْصِرْ إِليَّ أَي انْظر
إِليّ، وَقِيلَ: أَبْصِرْ إِليَّ أَي التفتْ إِليَّ. وَالْبَصِيرَةُ:
الشاهدُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَحُكِيَ: اجْعَلْنِي بَصِيرَةً
عَلَيْهِمْ؛ بِمَنْزِلَةِ الشَّهِيدِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَهُ مَعْنَيَانِ: إِن شِئْتَ كَانَ الإِنسان
هُوَ البَصيرة عَلَى نَفْسِهِ أَي الشَّاهِدَ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ
الْبَصِيرَةَ هُنَا غَيْرَهُ فَعَنَيْتَ بِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ
وَلِسَانَهُ لأَن كُلَّ ذَلِكَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛
وَقَالَ الأَخفش: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
، جَعَلَهُ هُوَ الْبَصِيرَةَ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَنت حُجة
عَلَى نَفْسِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ،
أَي عَلَيْهَا شَاهِدٌ بِعَمَلِهَا وَلَوِ اعْتَذَرَ بِكُلِّ عُذْرٍ،
يَقُولُ: جوارحُه بَصيرةٌ عَلَيْهِ أَي شُهُودٌ؛ قَالَ الأَزهري:
يَقُولُ بَلِ الإِنسان يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نَفْسِهِ جوارحُه
بَصِيرَةٌ بِمَا جَنَى عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَوْمَ تَشْهَدُ
عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ؛ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ بَصِيرَةٌ
عَلَيْهِ بِمَا جَنَى عَلَيْهَا، وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
؛ أَي وَلَوْ أَدْلى بِكُلِ حُجَّةٍ. وَقِيلَ: وَلَوْ أَلْقى
مَعاذِيرَهُ
، سُتُورَه. والمِعْذَارُ: السِّتْرُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ
عَلَى الإِنسان مِنْ نَفْسِهِ شُهُودٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ
الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالذَّكَرُ؛ وأَنشد:
كأَنَّ عَلَى ذِي الظَّبْيِ عَيْناً بَصِيرَةً ... بِمَقْعَدِهِ، أَو
مَنظَرٍ هُوَ ناظِرُهْ
يُحاذِرُ حَتَّى يَحْسَبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، ... مِنَ الخَوْفِ، لَا
تَخْفَى عَلَيْهِمْ سَرائرُهْ
وَقَوْلُهُ:
قَرَنْتُ بِحِقُوَيْهِ ثَلَاثًا فَلَمْ تَزُغْ ... عَنِ القَصْدِ،
حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ قُوِّيَتْ أَي
لَمَّا هَمَّ هَذَا الرِّيشُ بِالزَّوَالِ عَنِ السَّهْمِ لِكَثْرَةِ
الرَّمْيِ بِهِ أَلزقه بالغِراء فَثَبَتَ. والباصِرُ: المُلَفِّقُ
بَيْنَ شُقَّتين أَو خِرْقَتَين. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ
الْبَيْتِ: يَعْنِي طَلَى رِيشَ السَّهْمِ بالبَصِيرَةِ وَهِيَ
الدَّمُ. والبَصِيرَةُ: مَا بَيْنَ شُقَّتَي البيتِ وَهِيَ
الْبَصَائِرُ. والبَصْرُ: أَن تُضَمَّ حَاشِيَتَا أَديمين يُخَاطَانِ
كَمَا تُخَاطُ حَاشِيَتَا الثَّوْبِ. وَيُقَالُ: رأَيت عَلَيْهِ
بَصِيرَةً مِنَ الْفَقْرِ أَي شُقَّةً مُلَفَّقَةً. الْجَوْهَرِيُّ:
والبَصْرُ أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلى أَديم، فَيُخْرَزَانِ كَمَا
تُخَاطُ حَاشِيَتَا الثَّوْبِ فَتُوضَعُ إِحداهما فَوْقَ الأُخرى،
وَهُوَ خِلَافُ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ قَبْلَ أَن يُكَفَّ. والبَصِيرَةُ:
الشُّقَّةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْخِبَاءِ. وأَبْصَر إِذا عَلَّق
عَلَى بَابِ رَحْلِهِ بَصِيرَةً، وَهِيَ شُقَّةٌ مِنْ قُطْنٍ أَو
غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُ تَوْبَةَ:
وأُشْرِفُ بالقُورِ اليَفاعِ لَعَلَّنِي ... أَرَى نارَ لَيْلَى، أَو
يَراني بَصِيرُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَعْنِي كَلْبَهَا لأَن الْكَلْبَ مِنْ أَحَدّ
العيونِ بَصَراً. والبُصْرُ: الناحيةُ مَقْلُوبٌ عَنِ الصُّبْرِ.
وبُصْرُ الكَمْأَة وبَصَرُها: حُمْرَتُها؛ قَالَ:
ونَفَّضَ الكَمْءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ
وبُصْرُ السَّمَاءِ وبُصْرُ الأَرض: غِلَظُها، وبُصْرُ كُلّ شَيْءٍ:
غِلَظُهُ. وبُصْرُه وبَصْرُه: جِلْدُهُ؛
(4/66)
حَكَاهُمَا اللِّحْيَانِيُّ عَنِ
الْكِسَائِيِّ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى جِلْدِ الْوَجْهِ. وَيُقَالُ: إِن
فُلَانًا لمَعْضُوب البُصْرِ إِذا أَصاب جلدَه عُضابٌ، وَهُوَ دَاءٌ
يَخْرُجُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: والبُصْرُ، بِالضَّمِّ، الجانبُ
والحَرْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: بُصْرُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ
، يُرِيدُ غِلَظَها وسَمْكَها، وَهُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفِي
الْحَدِيثِ أَيضاً:
بُصْرُ جِلْد الْكَافِرِ فِي النَّارِ أَربعون ذِرَاعًا.
وثوبٌ جَيّدُ البُصْرِ: قويٌّ وَثِيجٌ. والبَصْرُ والبِصْرُ
والبَصْرَةُ: الْحَجَرُ الأَبيض الرِّخْوُ، وَقِيلَ: هو الكَذَّانُ
فإِذا جاؤُوا بِالْهَاءِ قَالُوا بَصْرَة لَا غَيْرُ، وَجَمْعُهَا
بِصار؛ التَّهْذِيبُ: البَصْرُ الْحِجَارَةُ إِلى الْبَيَاضِ فإِذا
جاؤُوا بِالْهَاءِ قَالُوا البَصْرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْبَصْرَةُ
حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ إِلى الْبَيَاضِ مَا هِيَ، وَبِهَا سُمِّيَتِ
الْبَصْرَةُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبلًا شَرِبَتْ مِنْ
مَاءٍ:
تَداعَيْن بِاسْمِ الشِّيبِ فِي مُتَثَلِّمٍ، ... جَوانِبُه مِنْ
بَصْرَةٍ وسِلامِ
قَالَ: فإِذا أَسقطت مِنْهُ الْهَاءَ قُلْتَ بِصْرٌ، بِالْكَسْرِ.
والشِّيب: حِكَايَةُ صَوْتِ مَشَافِرِهَا عِنْدَ رَشْفِ الْمَاءِ؛
وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
إِذا مَا دَعَتْ شِيباً، بِجَنْبَيْ عُنَيْزَةٍ، ... مَشافِرُها فِي
ماءِ مُزْنٍ وباقِلِ
وأَراد ذُو الرُّمَّةِ بِالْمُتَثَلِّمِ حَوْضًا قَدْ تَهَدَّمَ أَكثره
لِقِدَمِهِ وَقِلَّةِ عَهْدِ النَّاسِ بِهِ؛ وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ
مِرْدَاسٍ:
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لَا أُوَبِّسُه، ... أُوقِدْ عَلَيْهِ
فَأَحْمِيهِ فَيَنْصَدِعُ
أَبو عَمْرٍو: البَصْرَةُ والكَذَّانُ، كِلَاهُمَا: الْحِجَارَةُ
الَّتِي لَيْسَتْ بصُلبة. وأَرض فُلَانٍ بُصُرة، بِضَمِّ الصَّادِ،
إِذا كَانَتْ حَمْرَاءَ طَيِّبَةً. وأَرض بَصِرَةٌ إِذا كَانَتْ فِيهَا
حِجَارَةٌ تُقَطِّعُ حَوَافِرَ الدَّوَابِّ. ابْنُ سِيدَهْ: والبُصْرُ
الأَرض الطَّيِّبَةُ الحمراءُ. والبَصْرَةُ والبَصَرَةُ والبَصِرَة:
أَرض حِجَارَتُهَا جِصٌّ، قَالَ: وَبِهَا سُمِّيَتِ البَصْرَةُ،
والبَصْرَةُ أَعم، والبَصِرَةُ كأَنها صِفَةٌ، وَالنَّسَبُ إِلى
البَصْرَةِ بِصْرِيٌّ وبَصْرِيٌّ، الأُولى شَاذَّةٌ؛ قَالَ عُذَافِرٌ:
بَصْرِيَّةٌ تزوَّجَتْ بَصْرِيّا، ... يُطْعِمُها المالِحَ
والطَّرِيَّا
وبَصَّرَ القومُ تَبْصِيراً: أَتوا البَصْرَة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتُ أَنِّي مُبَصِّرٌ، ... وكائِنْ تَرَى قَبْلِي
مِنَ النَّاسِ بَصَّرَا
وَفِي البَصْرَةِ ثلاثُ لُغَاتٍ: بَصْرَة وبِصْرَة وبُصْرَة،
وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ البَصْرَةُ. الْفَرَّاءُ: البِصْرُ
والبَصْرَةُ الْحِجَارَةُ الْبَرَّاقَةُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ:
البَصْرَة أَرْض كأَنها جَبَلٌ مِنْ جِصٍّ وَهِيَ الَّتِي بُنِيَتْ
بالمِرْبَدِ، وإِنما سُمِّيَتِ البَصْرَةُ بَصْرَةً بِهَا.
والبَصْرَتان: الكوفةُ وَالْبَصْرَةُ. والبَصْرَةُ: الطِّين العَلِكُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَصْرُ الطِّينُ العَلِكُ الجَيِّدُ
الَّذِي فِيهِ حَصًى. والبَصِيرَةُ: التُّرْسُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا
اسْتَطَالَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَزِقَ بالأَرض مِنَ الْجَسَدِ،
وَقِيلَ: هُوَ قَدْرُ فِرْسِنِ الْبَعِيرِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا
اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الرَّمِيَّةِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ بَصِيرَةٌ مِنْ
دَمٍ، وَهِيَ الجَدِيَّةُ مِنْهَا عَلَى الأَرض. والبَصِيرَةُ:
مِقْدَارُ الدِّرْهَم مِنَ الدَّمِ. والبَصِيرَةُ: الثَّأْرُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
فأُمِرَ بِهِ فَبُصِرَ رَأْسُه
أَي قُطِعَ. يُقَالُ: بَصَرَهُ بِسَيْفِهِ إِذا قَطَعَهُ، وَقِيلَ:
الْبَصِيرَةُ مِنَ الدَّمِ مَا لَمْ يُسَلَّ، وَقِيلَ: هُوَ
الدُّفْعَةُ مِنْهُ، وَقِيلَ: البَصِيرَةُ دَمُ البِكْرِ؛ قَالَ:
(4/67)
رَاحُوا، بَصائِرُهُمْ عَلَى
أَكْتَافِهِمْ، ... وبَصِيرَتِي يَعْدُو بِها عَتَدٌ وَأَى
يَعْنِي بِالْبَصَائِرِ دَمَ أَبيهم؛ يَقُولُ: تَرَكُوا دَمَ أَبيهم
خَلْفَهُمْ وَلَمْ يَثْأَرُوا بِهِ وطَلَبْتُه أَنا؛ وَفِي الصِّحَاحِ:
وأَنا طَلَبْتُ ثَأْرِي. وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: البَصِيرَةُ
فِي هَذَا الْبَيْتِ الترْسُ أَو الدِّرْعُ، وَكَانَ يَرْوِيهِ:
حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَاحُوا بصائرُهم
يَعْنِي ثِقْل دِمَائِهِمْ عَلَى أَكتافهم لَمْ يَثْأَرُوا بِهَا.
والبَصِيرَة: الدِّيَةُ. وَالْبَصَائِرُ: الدِّيَاتُ فِي أَوَّل
الْبَيْتِ، قَالَ أَخذوا الدِّيَاتِ فَصَارَتْ عَارًا، وَبَصِيرَتِي
أَي ثَأْرِي قَدْ حملته على فرسي لأُطالب بِهِ فَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ
فَرْقٌ. أَبو زَيْدٍ: البَصيرة مِنَ الدَّمِ مَا كَانَ عَلَى الأَرض.
والجَدِيَّةُ: مَا لَزِقَ بِالْجَسَدِ. وَقَالَ الأَصمعي: البَصيرة
شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ يستدل به على الرَّمِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْخَوَارِجِ: ويَنْظُر فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً
أَي شَيْئًا مِنَ الدم يستدل به على الرَّمِيَّةِ وَيَسْتَبِينُهَا
بِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:
وَفِي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها ... شَهْبَاءُ، تُرْوِي
الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ الْبَصِيرَةِ مِنَ الدَّمِ كشَعِيرة
وشَعِير وَنَحْوِهَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مِنْ بَصِيرَتِهَا
فَحَذَفَ الْهَاءَ ضَرُورَةً، كَمَا ذَهَبَ إِليه بَعْضُهُمْ فِي
قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِيادِي عَلى
الهِجْرانِ، أَمْ هُوَ يائِسُ؟ «2»
. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ البَصِيرُ لُغَةً فِي البَصِيرَة، كَقَوْلِكَ
حُقٌّ وحُقَّةٌ وَبَيَاضٌ وَبَيَاضَةٌ. والبَصيرَةُ: الدِّرْعُ، وكلُّ
مَا لُبِسَ جُنَّةً بَصِيرةٌ. والبَصِيرَةُ: التُّرس، وَكُلُّ مَا
لُبِسَ مِنَ السِّلَاحِ فَهُوَ بَصَائِرُ السِّلَاحِ. والباصَرُ:
قَتَبٌ صَغِيرٌ مُسْتَدِيرٌ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ
السِّيرَافِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَهِيَ الْبَوَاصِرُ. وأَبو بَصِير:
الأَعْشَى، عَلَى التَّطَيُّرِ. وبَصير: اسْمُ رَجُلٍ. وبُصْرَى:
قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَوْ أُعْطِيتُ مَنْ ببلادِ بُصْرَى ... وقِنَّسْرِينَ مِنْ عَرَبٍ
وعُجْمِ
وَتُنْسَبُ إِليها السُّيُوفُ البُصْرِيَّة؛ وَقَالَ:
يَفْلُونَ بالقَلَعِ البُصْرِيّ هامَهُمُ «3»
. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْحُصَيْنِ بْنِ الحُمامِ المُرّي:
صَفائح بُصْرَى أَخْلَصَتْها قُيُونُها، ... ومُطَّرِداً مِنْ نَسْج
دَاودَ مُحْكَمَا
والنسَبُ إِليها بُصْرِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه دَخِيلًا.
والأَباصِرُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: تُمسك النار يوم القيامة حَتَّى تَبِصَّ كأَنَّها مَتْنُ
إِهالَةٍ
أَي تَبْرُقَ ويتلأْلأَ ضوؤُها.
بضر: الْفَرَّاءُ: البَضْرُ نَوْفُ الجاريةِ قَبْلَ أَن تُخْفَضَ.
وَقَالَ الْمُفَضِّلُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ البَضْرُ،
وَيُبْدِلُ الظَّاءَ ضَادًا، وَيَقُولُ: قَدِ اشْتَكَى ضَهْرِي،
وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْدِلُ الضَّادَ ظَاءً فَيَقُولُ: قَدْ عَظَّتِ
الحربُ بَنِي تَمِيمٍ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: البُضَيْرَةُ تَصْغِيرُ
البَضْرَة وَهِيَ بُطلان الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ذَهَبَ
دَمُهُ بِضْراً مِضْراً «4» . خِضْراً أَي هَدَراً، وذَهَبَ بِطْراً،
بِالطَّاءِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ.
وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ذَهَبَ دَمُهُ مَضِراً.
بطر: البَطَرُ: النَّشَاطُ، وَقِيلَ: التَّبَخْتُرُ، وَقِيلَ: قِلَّةُ
احْتِمَالِ النِّعمة، وَقِيلَ: الدَّهَشُ والحَيْرَةُ. وأَبْطَرهُ أَي
أَدهشه؛ وَقِيلَ: البَطَرُ الطُّغيان فِي النِّعْمَةِ،
__________
(2) . وَرَدَ هَذَا الشِّعْرُ فِي صفحة 60 وفيه لفظة عنادي بدلًا من
عيادي ولعلَّ ما هنا أَكثر مناسبة للمعنى مما هنالك
(3) . في أساس البلاغة: يَعلون بالقَلَع إلخ
(4) . قوله [بضراً مضراً إلخ] بكسر فسكون وككتف كما في القاموس
(4/68)
وَقِيلَ: هُوَ كَرَاهَةُ الشَّيْءِ مِنْ
غَيْرِ أَن يَسْتَحِقَّ الْكَرَاهِيَةَ. بَطِرَ بَطَراً، فَهُوَ
بَطِرٌ. والبَطَرُ: الأَشَر، وَهُوَ شِدَّةُ المَرَح. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلى مَنْ جرَّ إِزَارَه
بَطَراً
؛ البَطَر: الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَطُولِ الْغِنَى. وَفِي
الْحَدِيثِ:
الكِبْرُ بَطَرُ الحَقّ
؛ هُوَ أَن يَجْعَلَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ
وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا، وقيل: هو أَن يتخير عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا
يَرَاهُ حَقًّا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَكَبَّرَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا
يَقْبَلَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ
قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
؛ أَراد بَطِرت فِي مَعِيشَتِهَا فَحَذَفَ وأَوصل؛ قَالَ أَبو إِسحاق:
نَصَبَ مَعِيشَتَهَا بِإِسْقَاطِ فِي وَعَمَلِ الْفِعْلِ، وتأْويله
بَطِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا. وبَطِرَ الرجلُ وبَهِتَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: البَطَرُ كالحَيْرَة والدَّهَشِ، والبَطَرُ
كالأَشَرِ وغَمْطِ النِّعْمَةِ. وبَطِرَ، بِالْكَسْرِ، يَبْطَرُ
وأَبْطَرَه المالُ وبَطِرَ بالأَمر: ثَقُل بِهِ ودَهِشَ فَلَمْ يَدْرِ
مَا يُقَدِّم وَلَا مَا يُؤَخِّرُ. وأَبْطَرَه حِلْمَهُ: أَدْهَشَهُ
وبَهَتَهُ عَنْهُ. وأَبْطَرَه ذَرْعَهُ: حَمَّلَهُ فَوْقَ مَا يُطيق،
وَقِيلَ: قَطَعَ عَلَيْهِ مَعَاشَهُ وأَبْلَى بَدَنَه؛ وَهَذَا قَوْلُ
ابْنِ الأَعرابي، وَزَعَمَ أَن الذَّرْعَ البَدَنُ، وَيُقَالُ
لِلْبَعِيرِ القَطُوفِ إِذا جَارَى بَعِيرًا وَسَاعَ الخطْوِ
فَقَصُرَتْ خُطاه عَنْ مُباراته: قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَهُ أَي
حَمَّلَهُ أَكثر مِنْ طَوْقِه؛ والهُبَعُ إِذا مَاشَى الرُّبَعَ
أَبْطَرَه ذَرْعَه فَهَبَعَ أَي اسْتَعَانَ بِعُنُقه ليَلْحَقَهُ.
وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ أَرْهَقَ إِنساناً فحمَّلَه مَا لَا يُطِيقُهُ:
قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَنَّه قَالَ: الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْصُ النَّاس
؛ وبَطَرُ الحقِّ أَن لَا يَرَاهُ حَقًّا وَيَتَكَبَّرُ عَنْ
قَبُولِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: بَطِرَ فلانٌ هَدْيَةَ [هِدْيَةَ]
أَمْرِه إِذا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ وَجَهِلَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ؛
الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ ذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً وبِطْلًا وفِرْغاً إِذا
بَطَلَ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ بَطْرُ الحقِّ أَن يَرَاهُ بَاطِلًا،
وَمِنْ جَعْلِهِ مِنْ قَوْلِكَ بَطِرَ إِذا تَحَيَّرَ ودَهِشَ، أَراد
أَنه تَحَيَّرَ فِي الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا. وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: البَطَرُ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ. وبَطَرُ
الحقِّ عَلَى قَوْلِهِ: أَن يَطْغَى عِنْدَ الْحَقِّ أَي يَتَكَبَّرَ
فَلَا يَقْبَلُهُ. وبَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَراً، فَهُوَ بَطِرٌ: لَمْ
يَشْكُرْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَطِرْتَ عَيْشَك لَيْسَ عَلَى التَّعَدِّي
وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَلِمْتَ بَطْنَك ورَشِدْتَ أَمْرَكَ
وسَفِهْتَ نَفْسَك وَنَحْوَهَا مِمَّا لَفَظُهُ لَفْظِ الْفَاعِلِ
وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وأَوقعت
الْعَرَبُ هَذِهِ الأَفعال عَلَى هَذِهِ الْمَعَارِفِ الَّتِي خَرَجَتْ
مُفَسَّرَةً لِتَحْوِيلِ الْفِعْلِ عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وإِنما
الْمَعْنَى بَطِرَتْ مَعِيشَتُها وَكَذَلِكَ أَخواتها، وَيُقَالُ: لَا
يُبْطِرَنَّ جهلُ فُلَانٍ حلْمَكَ أَي لَا يُدْهِشْكَ عَنْهُ. وذهب
دَمُه بَطْراً [بِطْراً] أَي هَدَراً؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَصله أَن
يَكُونَ طُلَّابُه حُرَّاصاً بِاقْتِدَارٍ وبَطَر فَيُحَرِّمُوا إِدراك
الثَّأْر. الْجَوْهَرِيُّ: وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً، بِالْكَسْرِ، أَي
هَدَراً. وبَطَرَ الشيءَ يَبْطُرُه ويَبْطِرُه بَطْراً، فَهُوَ
مَبْطُورٌ وَبِطَيْرٌ: شَقَّهُ. والبَطْرُ: الشَّقُّ؛ وَبِهِ سُمِّي
البَيْطارُ بَيْطاراً والبَطِيرُ والبَيْطَرُ والبَيْطارُ والبِيَطْرُ،
مِثْلَ هِزَبْرٍ، والمُبَيْطِرُ، مُعالجُ الدوابِّ: مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ
الطِّرِمَّاحُ:
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَميلَةٍ، ... كبَزْغِ الِبيَطْرِ
الثِّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
وَيُرْوَى البَطِير؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها، ... طَعْنَ المُبَيْطِرِ
إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَد
(4/69)
الْمِدْرَى هُنَا قَرْنُ الثَّوْرِ؛
يُرِيدُ أَنه ضَرَبَ بِقَرْنِهِ فَرِيصَةَ الْكَلْبِ وَهِيَ
اللُّحْمَةُ الَّتِي تَحْتَ الْكَتِفِ الَّتِي تُرْعَدُ مِنْهُ وَمِنْ
غَيْرِهِ فأَنفذها. والعَضَدُ: دَاءٌ يأْخذ فِي العَضُد. وَهُوَ
يُبَيْطِرُ الدَّوَابَّ أَي يُعَالِجُهَا، وَمُعَالَجَتُهُ
البَيْطَرَةُ. والبِيَطْرُ: الخَيَّاط؛ قَالَ:
شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
وَفِي التَّهْذِيبِ:
باتَتْ تَجيبُ أَدْعَجَ الظَّلَامِ، ... جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ
الهُمامِ
قَالَ شَمِرٌ: صَيَّر الْبَيْطَارُ خَيَّاطاً كَمَا صُير الرجلُ
الحاذقُ إِسْكافاً. وَرَجُلٌ بِطْرِيرٌ: متمادٍ فِي غَيِّه، والأُنثى
بِطْرِيرَةٌ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّسَاءِ. قَالَ أَبو
الدُّقَيْشِ: إِذا بَطِرَت وَتَمَادَتْ فِي الغَيّ.
بظر: البَظْرُ: مَا بَيْنَ الإِسْكَتَيْنِ مِنَ المرأَة، وَفِي
الصِّحَاحِ: هَنَةٌ بَيْنَ الإِسْكَتَيْن لَمْ تُخْفَضْ، وَالْجَمْعُ
بُظور، وَهُوَ البَيْظَرُ والبُنْظُر والبُنظارة والبَظَارَةُ؛
الأَخيرة عَنْ أَبي غَسَّانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا ابنَ مُقَطِّعَة البُظُور
، جَمْعُ بَظْر، وَدَعَاهُ بِذَلِكَ لأَن أُمه كَانَتْ تَخْتنُ
النساءَ، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ هَذَا اللَّفْظَ فِي مَعْرِضِ الذَّم
وإِن لَمْ تَكُنْ أُمُّ مَنْ يُقَالُ لَهُ هَذَا خَاتِنَةً، وَزَادَ
فِيهَا اللِّحْيَانِيُّ فَقَالَ: والكَيْنُ والنَّوْفُ والرَّفْرَف،
قَالَ: وَيُقَالُ لِلنَّاتِئِ فِي أَسفل حَيَاءِ النَّاقَةِ البُظارة
أَيضاً. وبُظارة الشَّاةِ: هَنَةٌ فِي طَرَفِ حَيَائِهَا. ابْنُ
سِيدَهْ: والبُظارة طَرَفُ حَيَاءِ الشَّاةِ وَجَمِيعِ الْمَوَاشِي
مِنْ أَسفله؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الناتئُ فِي أَسفل حَيَاءِ
الشَّاةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ جَرِيرٌ للمرأَة فَقَالَ:
تُبَرِّئُهُمْ مِنْ عَقْرِ جِعْثِنَ، بَعد ما ... أَتَتْكَ بِمَسْلوخِ
البُظارَةِ وارِمِ
وَرَوَاهُ أَبو غَسَّانَ البَظارة، بِالْفَتْحِ. وأَمَةٌ بَظْرَاءُ:
بَيِّنَةُ البَظْرِ طَوِيلَةُ البَظْرِ، وَالِاسْمُ البَظَرُ وَلَا
فِعْلَ لَهُ، وَالْجَمْعُ بُظْرٌ، والبَظَرُ الْمَصْدَرُ مِنْ غَيْرِ
أَن يُقَالَ بَظِرَتْ تَبْظَرُ لأَنه لَيْسَ بِحَادِثٍ وَلَكِنَّهُ
لَازِمٌ. وَيُقَالُ لِلَّتِي تَخْفضُ الجواريَ: مُبَظِّرَة.
والمُبَظِّرُ: الخَتَّانُ كأَنه عَلَى السَّلْبِ. وَرَجُلٌ أَبْظَرُ:
لَمْ يُخْتَنْ. والبُظْرَةُ: نُتُوءٌ فِي الشَّفَةِ، وَتَصْغِيرُهَا
بُظَيْرَةٌ. والأَبْظَرُ: النَّاتئُ الشفةِ الْعُلْيَا مَعَ طُولِهَا،
ونُتُوء فِي وَسَطِهَا مُحَاذٍ للأَنف. أَبو الدُّقَيْشِ: امرأَة
بِظْريرٌ، بِالظَّاءِ، طَوِيلَةُ اللِّسَانِ صَخَّابَةٌ. وَقَالَ أَبو
خَيْرَةَ: بِظْرِيرٌ شُبِّه لِسانُها بالبَظْرِ. قَالَ اللَّيْثُ:
قَوْلُ أَبي الدُّقَيْشِ أَحب إِلَيْنَا، وَنَظِيرُهَا مَعْرُوفٌ؛
وَرَوَى بَعْضُهُمْ بِطْرِيرٌ، بِالطَّاءِ، أَي أَنها بَطِرَتْ
وأَشِرَتْ. والبُظْرَةُ والبُظَارَةُ: الهَنَةُ الناتِئَة فِي وَسَطِ
الشَّفَةِ الْعُلْيَا إِذا عَظُمَتْ قَلِيلًا. وَرَجُلٌ أَبْظَر: فِي
شَفَتِهِ الْعُلْيَا طُولٌ مَعَ نُتُوء فِي وَسَطِهَا، وَهِيَ
الحِثْرِمَةُ مَا لَمْ تُطِلْ، فإِذا طَالَتْ قَلِيلًا فَالرَّجُلُ
حِينَئِذٍ أَبْظر. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ أَنه أَتى فِي فَرِيضَةٍ وَعِنْدَهُ شُرَيْحٌ فَقَالَ لَهُ
عَلِيٌّ: مَا تَقُولُ فِيهَا أَيها الْعَبْدُ الأَبْظَر؟
وَقَدْ بَظِرَ الرجلُ بَظَراً وَقِيلَ: الأَبْظَرُ الَّذِي فِي
شَفَتِهِ الْعُلْيَا طُولٌ مَعَ نُتُوء. وَفُلَانٌ يُمِصُّ «5» .
فُلَانًا ويُبَظِّره. وَذَهَبَ دَمُه بِظْراً أَي هَدَراً، وَالطَّاءُ
فِيهِ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والبَظْرُ الخاتمُ، حِمْيَرِيَّة،
وَجَمْعُهُ بُظُور؛ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
كَمَا سَلَّ البُظُورَ مِن الشَّناتِرْ
الشَّنَاتِرُ: الأَصابع. التَّهْذِيبُ: والبَظْرةُ، بِسُكُونِ
الظَّاءِ، حَلْقَةُ الْخَاتَمِ بِلَا كُرْسِيٍّ، وَتَصْغِيرُهَا
بُظَيْرة أَيضاً، قَالَ: والبُظَيْرَةُ تَصْغِيرُ البَظْرَة وهي القليل
من
__________
(5) . قوله [وفلان يمص إلخ] أي قال له امصص بظر فلانة كما في القاموس
(4/70)
الشَّعْرِ فِي الإِبط يَتَوَانَى الرَّجُلُ
عَنْ نَتْفِهِ، فَيُقَالُ: تَحْتَ إِبطه بُظَيْرَة. قَالَ: والبَضْرُ:
بِالضَّادِ، نَوْفُ الْجَارِيَةِ قَبْلَ أَن تُخْفَضَ، وَمِنَ
الْعَرَبِ مَنْ يُبْدِلُ الظَّاءَ ضَادًا فَيَقُولُ: البَضْرُ، وَقَدِ
اشْتَكَى ضَهْرِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْدِلُ الضَّادَ ظَاءً،
فَيَقُولُ: قَدْ عَظَّتِ الحربُ بَنِي تميم.
بعر: البَعيرُ: الجَمَل البازِلُ، وَقِيلَ: الجَذَعُ، وَقَدْ يَكُونُ
للأُنثى، حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: شَرِبْتُ مِنْ لَبَنِ بَعيري
وصَرَعَتْني بَعيري أَي نَاقَتِي، وَالْجَمْعُ أَبْعِرَةٌ فِي
الْجَمْعِ الأَقل، وأَباعِرُ وأَباعيرُ وبُعْرانٌ وبِعْرانٌ. قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: أَباعِرُ جَمْعُ أَبْعِرةٍ، وأَبْعِرَةٌ جَمْعُ بَعير،
وأَباعِرُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ جَمْعًا لِبَعِيرٍ، وَشَاهِدُ
الأَباعر قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الصِّقّيل العُقَيْلي أَحد اللُّصُوصِ
الْمَشْهُورَةِ بِالْبَادِيَةِ وَكَانَ قَدْ تَابَ:
أَلا قُلْ لرُعْيانِ الأَباعِرِ: أَهْمِلوا، ... فَقَدْ تابَ عَمّا
تَعْلَمونَ يَزيدُ
وإِنَّ امْرَأً يَنْجو من النار، بَعْدَ ما ... تَزَوَّدَ منْ
أَعْمالِها، لسَعيدُ
قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ
وَلَا يَعْرِفُونَ قَائِلَهُ، وَكَانَ سَبَبُ تَوْبَةِ يَزِيدَ هَذَا
أَن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَجَّه إِلى الشَّامِ جَيْشًا غَازِيًا،
وَكَانَ يَزِيدُ هَذَا فِي بَعْضِ بَوَادِي الْحِجَازِ يَسْرِقُ
الشَّاةَ وَالْبَعِيرَ وإِذا طُلب لَمْ يُوجَدْ، فَلَمَّا أَبصر
الْجَيْشَ مُتَوَجِّهًا إِلى الْغَزْوِ أَخلص التَّوْبَةَ وَسَارَ
مَعَهُمْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبَعِيرُ مِنَ الإِبل
بِمَنْزِلَةِ الإِنسان مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ لِلْجُمَلِ بَعيرٌ
وَلِلنَّاقَةِ بَعيرٌ. قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ بَعِيرٌ إِذا
أَجذع. يُقَالُ: رأَيت بَعِيرًا مِنْ بَعِيدٍ، وَلَا يُبَالِي ذَكَرًا
كَانَ أَو أُنثى. وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ بِعير، بِكَسْرِ
الْبَاءِ، وشِعير، وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ بَعير، وَهُوَ أَفصح
اللُّغَتَيْنِ؛ وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:
فإِن كنتَ تَبْغِي للظُّلامَةِ مَرْكَباً ... ذَلُولًا، فإِني ليسَ
عِنْدِي بَعِيرُها
يَقُولُ: إِن كُنْتَ تُرِيدُ أَن أَكون لَكَ رَاحِلَةً تَرْكَبُنِي
بِالظُّلْمِ لَمْ أُقرّ لَكَ بِذَلِكَ وَلَمْ أَحتمله لَكَ
كَاحْتِمَالِ الْبَعِيرِ مَا حُمّلَ. وبَعِرَ الجَمَلُ بَعَراً: صَارَ
بَعِيرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْبَعِيرِ سُؤَالٌ جَرَى فِي
مَجْلِسِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَكَانَ السَّائِلُ ابْنُ
خالويه والمسؤُول الْمُتَنَبِي، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وَالْبَعِيرُ
أَيضاً الْحِمَارُ وَهُوَ حَرْفٌ نَادِرٌ أَلقيته عَلَى الْمُتَنَبِّي
بَيْنَ يَدَيْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَتْ فِيهِ خُنْزُوانَةٌ
وعُنْجُهِيَّة، فَاضْطَرَبَ فَقُلْتُ: الْمُرَادُ بِالْبَعِيرِ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
، الحمارُ فَكَسَرَتْ مِنْ عِزَّتِهِ، وَهُوَ أَن الْبَعِيرَ فِي
الْقُرْآنِ الْحِمَارُ، وَذَلِكَ أَن يَعْقُوبَ وَأُخْوَةَ يُوسُفَ،
عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانُوا بِأَرْضِ كَنْعَانَ
وَلَيْسَ هُنَاكَ إِبل وَإِنَّمَا كَانُوا يَمْتَارُونَ عَلَى
الْحَمِيرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ
بَعِيرٍ
، أَي حِمْلُ حِمَارٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ
فِي تَفْسِيرِهِ. وَفِي زَبُورِ دَاوُدَ: أَن الْبَعِيرَ كُلُّ مَا
يُحْمَلُ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا يُحْمَلُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ
بِعِيرٌ، وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: اسْتَغْفَرَ لِي رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً
؛ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي اشْتَرَى فِيهَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ جَابِرٍ جَمَلَهُ وَهُوَ فِي
السَّفَرِ. وَحَدِيثُ الْجَمَلِ مَشْهُورٌ. والبَعْرَة: وَاحِدَةُ
البَعْرِ. والبَعْرُ والبَعَرُ: رَجِيعُ الخُف والظِّلف مِنَ الإِبل
وَالشَّاءِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ إِلَّا الْبَقَرَ الأَهلية
فَإِنَّهَا تَخْثي وَهُوَ خَثْيُها، وَالْجَمْعُ أَبْعَارٌ، والأَرنب
تَبْعَرُ أَيضاً، وَقَدْ بَعَرَتِ الشاةُ وَالْبَعِيرُ يَبْعَرُ
بَعْراً. والمِبْعَرُ والمَبْعَرُ: مكانُ البَعَرِ مِنْ كُلِّ ذِي
أَربع،
(4/71)
وَالْجَمْعُ مَباعِرُ. والمِبْعارُ:
الشَّاةُ وَالنَّاقَةُ تُباعِرُ حالِبَها. وباعَرَتِ الشاةُ
وَالنَّاقَةُ إِلى حَالِبِهَا: أَسْرَعَتْ، والاسمُ البِعارُ، ويُعَدُّ
عَيْبًا لأَنها رُبَّمَا أَلقت بَعَرَها فِي المِحْلَب. والبَعْرُ:
الْفَقْرُ التَّامُّ الدَّائِمُ، والبَعَرَةُ: الكَمَرَةُ.
والبُعَيْرَةُ: تَصْغِيرُ البَعْرَة، وَهِيَ الغَضْبَةُ فِي اللَّهِ
جَلَّ ذِكْرُهُ. وَمِنْ أَمثالهم: أَنت كَصَاحِبِ البَعْرَة؛ وَكَانَ
مِنْ حَدِيثِهِ أَن رَجُلًا كَانَتْ لَهُ ظِنَّة فِي قَوْمِهِ
فَجَمَعَهُمْ يَسْتَبْرِئُهُمْ وأَخذ بَعْرَة فَقَالَ: إِني رَامٍ
بِبَعْرَتِي هَذِهِ صَاحِبَ ظِنِّتي، فَجَفَلَ لَهَا أَحَدُهُم
وَقَالَ: لَا تَرْمِنِي بِهَا، فأَقرّ عَلَى نَفْسِهِ. والبَعَّارُ:
لَقَبُ رَجُلٍ. والبَيْعَرَة: مَوْضِعٌ. وأَبناء الْبَعِيرِ: قَوْمٌ.
وَبَنُو بُعْرَان: حَيٌّ.
بعثر: الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا الْقُبُورُ
بُعْثِرَتْ
؛ قَالَ: خَرَجَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وخروج
الموتى بعد ذلك؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَشراط السَّاعَةِ أَن تُخرج
الأَرض أَفْلَاذَ كَبِدِها. قَالَ: وبُعْثِرَتْ وبُحْثِرَتْ لُغَتَانِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بُعْثِرَتْ أَي قلب ترابها وَبُعِثَ الْمَوْتَى
الَّذِينَ فِيهَا. وَقَالَ: بَعْثَرُوا مَتَاعَهُمْ وبَحْثَرُوه إِذا
قَلَبُوه وفَرَّقُوه وبَدَّدُوه وَقَلَبُوا بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِني إِذا لَمْ أَرك تَبَعْثَرَتْ نَفْسي
أَي جَاشَتْ وَانْقَلَبَتْ وغَثَتْ. وبَعْثَرَ الشيءَ: فرَّقه.
وبَعْثَر الترابَ وَالْمَتَاعَ: قَلَبَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن عَيْنَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْنِ بَغْثَرَ أَو
غَيْنُ بَغْثَرَ بَدَلٌ مِنْهَا. وبَعْثَرَ الْخَبَرَ بَحَثَهُ،
وَيُقَالُ: بَعْثَرْتُ الشيءَ وبَحْثَرْتهُ إِذا اسْتَخْرَجْتَهُ
وَكَشَفْتَهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا
بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ
؛ أُثِيرَ وأُخْرِجَ، قَالَ: وَتَقُولُ بَعْثَرْتُ حَوْضي أَي
هَدَمْتُهُ وَجَعَلْتُ أَسفله أَعلاه.
بعذر: بَعْذَرَه: حَرَّكه ونفَضَه.
بعكر: بعْكَرَ الشَّيْءَ. قَطَعَهُ كَكَعْبرَهُ.
بغر: ابْنُ الأَعرابي: البَغَرُ والبَغْرُ الشُّرْبُ بِلَا رِيّ.
الْبَغَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ أَو عَطَشٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ
دَاءٌ يأْخذ الإِبل فَتَشْرَبُ فَلَا تَرْوَى وتَمْرضُ عَنْهُ
فَتَمُوتُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَقُلْتُ: مَا هو إِلا السَّامُ تَرْكَبُه، ... كَأَنَّما المَوْتُ فِي
أَجْنَادِهِ البَغَرُ
والبَحَرُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد:
وسِرْتَ بِقِيقاةٍ، فَأَنْتَ بَغِيرُ
الْيَزِيدِيُّ: بَغِرَ بَغَراً إِذا أَكثر مِنَ الْمَاءِ فَلَمْ
يَرْوَ، وَكَذَلِكَ مَجَرَ مَجْراً. وبَغَرَ الرجلُ بَغْراً وبَغِرَ،
فَهُوَ بَغِرٌ وبَغِيرٌ: لَمْ يَرْوَ، وأَخذه مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ
دَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، وَالْجَمْعُ بَغارَى وبُغارَى. وماءٌ
مَبْغَرَةٌ: يُصِيبُ عَنْهُ البَغَرُ. والبَغْرَةُ: قُوَّةُ الْمَاءِ.
وبَغَرَ النجمُ يَبْغُرُ بُغوراً أَي سَقَطَ وَهَاجَ بِالْمَطَرِ،
يَعْنِي بِالنَّجْمِ الثريا. وبَغَرَ النَّوُّ إِذا هَاجَ بِالْمَطَرِ؛
وأَنشد:
بَغْرَة نَجْمٍ هَاجَ لَيْلًا فَبَغَرْ
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذِهِ بَغْرَةُ نَجْمِ كَذَا، وَلَا
تَكُونُ البَغْرَةُ إِلا مَعَ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. والبَغْرُ والبَغَرُ
والبَغْرَةُ: الدُّفْعَةُ الشَّدِيدَةُ مِنَ الْمَطَرِ؛ بَغِرَتِ
السَّمَاءُ بَغَراً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بُغِرَتِ الأَرْضُ
أَصابها الْمَطَرُ فَلَيَّنَها قَبْلَ أَن تُحْرَثَ، وإِن سَقَاهَا
أَهلها قَالُوا: بَغَرْناها بَغْراً. والبَغْرَةُ: الزَّرْعُ يُزْرَعُ
بَعْدَ الْمَطَرِ فَيَبْقَى فِيهِ الثَّرَى حَتَّى يُحْقِلَ.
وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ بَغْرَةٌ من العطاء لا تَعِيضُ إِذا دَامَ
عَطَاؤُهُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ؛
(4/72)
سَحَّتْ لأَبْناءِ الزُّبَيْرِ مآثِرٌ ...
فِي المَكْرُمَاتِ، وبَغْرَةٌ لَا تُنْجِمُ
وَيُقَالُ: تَفَرَّقَتِ الإِبل وَذَهَبَ الْقَوْمُ شَغَرَ بَغَرَ،
وَذَهَبَ الْقَوْمُ شَغَرَ مَغَرَ وشِغَرَ بِغَرَ وشِغَرَ مِغَرَ أَي
مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. وعُيِّرَ رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقِيلَ
لَهُ: مَاتَ أَبوكَ بَشَماً، وَمَاتَتْ أُمُّكَ بَغَراً.
بغبر: ابْنُ الأَعرابي: البُغْبُور الحجَر الَّذِي يُذْبَحُ عَلَيْهِ
الْقُرْبَانُ لِلصَّنَمِ. والبُغبُورُ: مَلِكُ الصِّين.
بغثر: بَغْثَرَ طعامَه: فَرَّقَه. وَتَقُولُ: رَكِبَ الْقَوْمُ فِي
بَغْثَرَةٍ أَي فِي هَيْجٍ واختلاطٍ. وبَغْثَرَ مَتَاعَهُ وبَعْثَرَهُ
إِذا قَلَبَهُ. والبَغْثَرَةُ: خُبْثُ النَّفْسِ. تَقُولُ: مَا لِي
أَراك مُبَغْثِرًا وَقَدْ تَبَغْثَرَتْ نَفْسُه أَي خَبُثَتْ وغَثَتْ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا لَمْ أَرك تَبَغْثَرَتْ نَفْسِي
أَي غَثَتْ، وَيُرْوَى تَبَعْثَرَتْ، بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وأَصبح فلانٌ مُتَبَغْثِراً أَي مُتَمَقِّساً، وَرُبَّمَا جَاءَ
بِالْعَيْنِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا أَرويه عَنْ أَحد.
والبَغْثَرُ: الأَحمق الضَّعِيفُ، والأُنثى بَغْثَرَةٌ. التَّهْذِيبُ:
والبَغْثَرُ مِنَ الرِّجَالِ الثَّقِيلُ الوخِمُ؛ وأَنشد:
وَلَمْ نَجِدْ بَغْثَراً كَهَاماً
وبَغْثَرٌ: اسْمُ شَاعِرٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَنَسَبَهُ فَقَالَ:
وَهُوَ بَغْثَرُ بْنُ لَقِيطِ بْنِ خَالِدِ بن نضلة.
بقر: البَقَرُ: اسْمُ جِنْسٍ. ابْنُ سِيدَهْ: البَقَرَةُ مِنَ الأَهلي
وَالْوَحْشِيِّ يَكُونُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَيَقَعُ عَلَى
الذَّكَرِ والأُنثى؛ قَالَ غَيْرُهُ: وإِنما دَخَلَتْهُ الْهَاءُ عَلَى
أَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ، وَالْجَمْعُ البَقَراتُ. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ بَقَرٌ وَجَمْعُ البَقَرِ أَبْقُرُ كزَمَنٍ
وأَزْمُنٍ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ، وأَنشد لِمُقْبِلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ
الْهُذَلِيِّ:
كأَنَّ عَرُوضَيْهِ مَحَجَّةُ أَبْقُرٍ ... لَهُنَّ، إِذا مَا رُحْنَ
فِيهَا، مَذاعِقُ
فأَما بَقَرٌ وباقِرٌ وبَقِيرٌ وبَيْقُورٌ وباقُورٌ وباقُورةٌ فأَسماء
لِلْجَمْعِ؛ زَادَ الأَزهري: وبَواقِر؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: وأَنشدني
ابْنُ أَبي طَرَفَةَ:
وسَكَّنْتُهُمْ بالقَوْلِ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ ... بَواقِرُ جُلْحٌ
أَسْكَنَتْها المَراتِعُ
وأَنشد غَيْرُ الأَصمعي فِي بَيْقُورٍ:
سَلَعٌ مَّا، ومِثلُه عُشَرٌ مَّا، ... عائلٌ مَّا، وعالَتِ
البَيْقُورا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْوَرَلِ الطَّائِيِّ:
لَا دَرَّ دَرُّ رِجَالٍ خَابَ سَعْيُهُمُ، ... يَسْتَمْطِرُونَ لَدَى
الأَزمَات بالعُشَرِ
أَجاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعَةً، ... ذَرِيعَةً لَكَ بَيْنَ
اللهِ والْمَطَرِ؟
وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا
اسْتَسْقَوْا جَعَلُوا السَّلَعَةَ والعُشَرَ فِي أَذناب الْبَقَرِ
وأَشعلوا فِيهِ النَّارَ فَتَضِجُّ الْبَقَرُ مِنْ ذَلِكَ
وَيُمْطَرُونَ. وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ البَقَرَ: باقُورَةً.
وَكَتَبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كِتَابِ
الصَّدَقَةِ لأَهل الْيَمَنِ: فِي ثَلَاثِينَ بَاقُورَةً بَقَرَةٌ.
اللَّيْثُ: الْبَاقِرُ جَمَاعَةُ الْبَقَرِ مَعَ رُعَاتِهَا،
وَالْجَامِلُ جَمَاعَةُ الْجِمَالِ مَعَ رَاعِيهَا. ورجلٌ بَقَّارٌ:
صَاحِبُ بَقْرٍ. وعُيونُ البَقَرِ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَبِ. وبَقِرَ:
رَأَى بَقَرَ الْوَحْشِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَرِحًا بِهِنَّ.
(4/73)
وبَقِرَ بَقَراً وبَقْراً، «1» . فَهُوَ
مَبْقُور وبَقِيرٌ: شُقه. وَنَاقَةٌ بَقِيرٌ: شُقَّ بَطْنُهَا عَنْ
وَلَدِهَا أَيَّ شَقٍّ؛ وَقَدْ تَبَقَّر وابْتَقَر وانْبَقَر؛ قَالَ
الْعَجَّاجُ:
تُنْتَجُ يَوْمَ تُلْقِحُ انْبِقَارا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ لَهُ:
فَجَاءَتِ المرأَة فإِذا الْبَيْتُ مَبْقُورٌ
أَي مُنْتَثِرٌ عَتَبَتُهُ وعِكْمُه الَّذِي فِيهِ طَعَامُهُ وَكُلُّ
مَا فِيهِ. والبِقِيرُ والبَقِيرةُ: بُرْدٌ يُشَقُّ فَيُلْبَسُ بِلَا
كُمَّيْنِ وَلَا جَيْب، وَقِيلَ: هُوَ الإِتْبُ. الأَصمعي: البَقِيرةُ
أَن يؤْخذ بُرد فَيُشَقُّ ثُمَّ تُلْقِيهِ المرأَة فِي عُنُقِهَا مِنْ
غَيْرِ كُمَّيْنِ وَلَا جَيْبٍ، والإِتْبُ قَمِيصٌ لَا كُمَيْنِ لَهُ
تَلْبَسُهُ النِّسَاءُ. التَّهْذِيبُ:
رَوَى الأَعمش عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ هُدْهُدِ سُلَيْمَانَ قَالَ:
بَيْنَمَا سُلَيْمَانُ فِي فَلَاةٍ احْتَاجَ إِلى الْمَاءِ فَدَعَا
الْهُدْهُدَ فَبَقَر الأَرضَ فأَصاب الْمَاءَ، فَدَعَا الشَّيَاطِينَ
فَسَلَخُوا مَوَاضِعَ الْمَاءِ كَمَا يُسْلَخُ الإِهاب فَخَرَجَ
الْمَاءُ؛ قَالَ الأَزهري
: قَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْت بِخَطِّهِ مَعْنَى بَقَرَ نَظَرَ مَوْضِعَ
الْمَاءِ فرأَى الْمَاءَ تَحْتَ الأَرض فأَعلم سُلَيْمَانَ حَتَّى أَمر
بِحَفْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ فَسَلَخُوا أَي حَفَرُوا حَتَّى وَجَدُوا
الْمَاءَ. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ عَنِ ابْنِ نَبَاتَةَ: المُبَقِّرُ
الَّذِي يَخُطُّ فِي الأَرض دَارَةً قَدْرَ حَافِرِ الْفَرَسِ،
وَتُدْعَى تِلْكَ الدَّارَةُ البَقْرَةَ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
بِها مِثْلُ آثَارِ المُبَقِّر مَلْعَب
وَقَالَ الأَصمعي: بَقَّرَ القومُ مَا حَوْلَهُمْ أَيْ حَفَرُوا
وَاتَّخَذُوا الرَّكَايَا. وَالتَّبَقُّرُ: التَّوَسُّعُ فِي الْعِلْمِ
وَالْمَالِ. وَكَانَ يُقَالُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ،
لأَنه بَقَرَ الْعِلْمَ وَعَرَفَ أَصله وَاسْتَنْبَطَ فَرْعَهُ
وتَبقَّر فِي الْعِلْمِ. وأَصل الْبَقَرِ: الشَّقُّ وَالْفَتْحُ
وَالتَّوْسِعَةُ. بَقَرْتُ الشيءَ بَقْراً: فَتَحْتُهُ وَوَسَّعْتُهُ.
وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرونَ بُيُوتَنَا
أَي يَفْتَحُونَهَا وَيُوَسِّعُونَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الإِفك: فَبَقَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ
أَيْ فَتَحْتُهُ وَكَشَفْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَمر بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فأُحميت
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْحَافِظُ أَبو مُوسَى: الَّذِي يَقَعُ
لِي فِي مَعْنَاهُ أَنه لَا يُرِيدُ شَيْئًا مَصُوغًا عَلَى صُورَةِ
الْبَقَرَةِ، وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا كَانَتْ قِدْراً كَبِيرَةً
وَاسِعَةً فَسَمَّاهَا بَقَرَةً مأْخوذاً مِنَ التَّبَقُّرِ
التَّوَسُّع، أَو كَانَ شَيْئًا يَسَعُ بَقَرَةً تَامَّةً بِتَوابلها
فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: ابْقُرْها عَنْ جَنينها أَي شُقَّ
بَطْنُهَا عَنْ وَلَدِهَا، وبَقِرَ الرَّجُلُ يَبْقَرُ بَقَراً
وبَقْراً، وَهُوَ أَن يَحْسِرَ فَلَا يَكَادُ يُبصر؛ قَالَ الأَزهري:
وَقَدْ أَنكر أَبو الْهَيْثَمِ فَمَا أَخبرني عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
بَقْراً، بِسُكُونِ الْقَافِ؛ وَقَالَ: الْقِيَاسُ بَقَراً عَلَى
فَعَلًا لأَنه لَازِمٌ غَيْرُ وَاقِعٍ. الأَصمعي: بَيْقَرَ الفرسُ إِذا
خَامَ بِيَدِهِ كَمَا يَصْفِنُ بِرِجْلِهِ. والبَقِير: المُهْرُ
يُولَدُ فِي ماسكَةٍ أَو سَلًى لأَنه يَشُقُّ عَلَيْهِ. والبَقَرُ:
الْعِيَالُ. وَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ مِنْ عيالٍ ومالٍ أَي جماعةٌ.
وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ يَجُرُّ بَقَرَةً أَي عِيَالًا. وتَبَقَّرَ
فِيهَا وتَبَيْقَرَ: تَوَسَّعَ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى عَنِ التَّبَقُّر فِي الأَهل
وَالْمَالِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي يُرِيدُ الْكَثْرَةَ
والسَّعة، قَالَ: وأَصل التَّبَقُّرِ التوسعُ والتَّفَتُّح؛ وَمِنْهُ
قِيلَ: بَقَرْتُ بَطْنَهُ إِنَّمَا هُوَ شْققته وَفَتَحْتُهُ. وَمِنْهُ
حَدِيثُ
أُم سُلَيْمٍ: إِنْ دَنَا مِنِّي أَحد مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ
بَطْنَهُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ هذا
__________
(1) . قوله؛ [وبقر بقراً وبقراً] سيأتي قريباً التنبيه على ما فيه بنقل
عبارة الْأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ والحاصل كما يؤخذ من
القاموس والصحاح والمصباح أنه من باب فرح فيكون لازماً ومن باب قتل
ومنع فيكون متعدياً
(4/74)
حَدِيثُ
أَبي مُوسَى حِينَ أَقبلت الْفِتْنَةُ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ إِن هَذِهِ الْفِتْنَةَ بَاقِرَةٌ
كَدَاءِ الْبَطْنِ لَا يُدْرَى أَنَّى يُؤْتى لَهُ
؛ إِنما أَراد أَنها مُفْسِدَةٌ لِلدِّينِ وَمُفَرِّقَةٌ بَيْنَ
النَّاسِ ومُشَتِّتَةٌ أُمورهم، وَشَبَّهَهَا بِوَجَعِ الْبَطْنِ لأَنه
لَا يُدْرَى مَا هَاجَهُ وَكَيْفَ يُدَاوَى ويتأَتى لَهُ. وبَيْقَرَ
الرجلُ: هَاجَرَ مِنْ أَرض إِلى أَرض. وبَيْقَرَ: خَرَجَ إِلَى حَيْثُ
لَا يَدْرِي. وبَيْقَرَ: نَزَلَ الحَضَرَ وأَقام هُنَاكَ وَتَرَكَ
قَوْمَهُ بِالْبَادِيَةِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعِرَاقَ،
وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَلا هَلْ أَتَاهَا، والحوادثُ جَمَّةٌ، ... بأَنَّ إمْرَأَ القَيْسِ
بِنَ تَمْلِكَ بَيْقَرا؟
يَحْتَمِلُ جَمِيعَ ذَلِكَ. وبَيْقَرَ: أَعْيَا. وبَيْقَر: هلَك.
وَبَيْقَرَ: مشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ. وبَيْقَرَ: أَفسد؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي، وَبِهِ فَسَّرَ قوله:
وَقَدْ كانَ زَيْدٌ، والقُعُودُ بأَرْضِهِ، ... كَرَاعِي أُنَاسٍ
أَرْسَلُوه فَبَيْقرَا
وَالْبَيْقَرَةُ: الْفَسَادُ. وَقَوْلُهُ: كَرَاعِي أُناس أَي ضَيَّعَ
غَنَمَهُ لِلذِّئْبِ؛ وَكَذَلِكَ فُسِّرَ بِالْفَسَادِ قَوْلُهُ:
يَا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حِيَرَا، ... فَسُلَّ مِنْ ذَلِكَ
يَوْمَ بَيْقَرَا
أَي يَوْمَ فَسَادٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ
الأَعرابي جَعَلَهُ اسْمًا؛ قَالَ: وَلَا أَدري لِتَرْكِ صَرْفِهِ
وَجْهًا إِلَّا أَن يضمنه الضمير وَيَجْعَلَهُ حِكَايَةً، كَمَا قَالَ:
نُبِّئْتُ أَخْوالي بَني يَزِيدُ ... بَغيْاً عَلَيْنَا لَهُمُ فَدِيدُ
ضَمَّنَ يَزِيدُ الضَّمِيرَ فَصَارَ جُمْلَةً فَسُمِّيَ بِهَا
فَحُكِيَ؛ وَيُرْوَى: يَوْمًا بَيْقَرًا أَي يَوْمًا هَلَكَ أَو فَسَدَ
فِيهِ مُلْكُهُ. وبَقِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَعيا وحَسَرَ،
وبَيْقَرَ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: بَيْقَرَ إِذا تَحَيَّرَ.
يُقَالُ: بَقِرَ الْكَلْبُ وبَيْقَر إِذا رأَى البَقَرَ فَتَحَيَّرَ،
كَمَا يُقَالُ غَزِلَ إِذا رأَى الْغَزَالَ فَلَهِيَ. وبَيْقَرَ:
خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. وبَيْقَر إِذا شَكَّ، وبَيْقَرَ إِذا
حَرَصَ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَمَنْعِهِ. وبَيْقَر إِذا مَاتَ،
وأَصْلُ البَيْقَرَة الْفَسَادُ. وبَيْقَرَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ إِذا
أَسرع فِيهِ وأَفسده. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه: البَيْقَرَة
كَثْرَةُ الْمَتَاعِ وَالْمَالِ. أَبو عُبَيْدَةَ: بَيْقَرَ الرَّجُلُ
فِي العَدْو إِذا اعْتَمَدَ فِيهِ. وبَيْقَر الدَّارَ إِذا نَزَلَهَا
وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا. وَيُقَالُ: فِتْنَةٌ بَاقِرَةٌ كَدَاءِ
الْبَطْنِ، وَهُوَ الْمَاءُ الأَصفر. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَقُولُ: سيأْتي عَلَى النَّاسِ فتْنَةٌ باقِرَةٌ تَدَعُ
الحليمَ حَيْرانَ
؛ أَي واسعَةٌ عظيمةٌ. كَفَانَا اللَّهُ شَرَّهَا. والبُقَّيْرَى،
مِثَالُ السُّمَّيْهى: لِعْبَةُ الصِّبْيَانِ، وَهِيَ كَوْمَةٌ مِنْ
تُرَابٍ وَحَوْلَهَا خُطُوطٌ. وبَقَّرَ الصبيانُ: لَعِبُوا
البُقَّيْرَى، يأْتون إِلى مَوْضِعٍ قَدْ خُبِّئَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ
فَيَضْرِبُونَ بأَيديهم بِلَا حَفْرٍ يَطْلُبُونَهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ
الغَنَوِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:
أَبَنَّتْ فَمَا تَنْفَكُّ حَوْلَ مُتَالِعٍ، ... لَهَا مِثلُ آثارِ
المُبَقِّرِ مَلْعَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ
يَصِفُ فَرَسًا، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ سَهْوٌ وإِنما هُوَ يَصِفُ خَيْلًا
تَلْعَبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَهُوَ مَا حَوْلَ مُتَالِعٍ،
وَمُتَالِعٌ: اسْمُ جَبَلٍ. والبُقَّارُ: تُرَابٌ يُجْمَعُ بالأَيدي
فَيُجْعَلُ قُمَزاً قُمَزاً وَيُلْعَبُ بِهِ، جَعَلُوهُ اسْمًا
كالقِذَافِ؛ والقُمَزُ كأَنها صَوَامِعُ، وَهُوَ البُقَّيْرَى؛ وأَنشد:
نِيطَ بِحَقْوَيها خَمِيسٌ أَقْمَرُ ... جَهْمٌ، كبُقَّارِ الوليدِ،
أَشْعَرُ
(4/75)
والبَقَّار: اسْمُ وَادٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَبَاتَ السَّيلُ يَرْكبُ جانِبَيْهِ ... مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ
الثَّقَال
والبَقَّارُ: مَوْضِعٌ. والبَيْقَرَةُ: إِسْرَاعٌ يطأْطئ الرَّجُلُ
فِيهِ رأْسه؛ قَالَ المثَقِّبُ العَبْدِيّ، وَيُرْوَى لِعَدِيِّ بْنِ
وَدَاع:
فَباتَ يَجْتَابُ شُقارَى، كَمَا ... بَيْقَرَ منْ يَمْشِي إِلى
الجَلْسَدِ
وشُقارَى، مُخَفَّفٌ مِنْ شُقَّارَى: نَبْتٌ، خَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ،
وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِهِ النَّبَاتِ: مَنْ يَمْشِي
إِلَى الخَلَصَة، قَالَ: والخَلَصَةُ الوَثَنُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي
فَصْلِ جَسَدَ. والبَيْقَرانُ: نَبْتٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا
أَدري مَا صِحَّتُهُ. وبَيْقُور: مَوْضِعٌ، وَذُو بَقَرٍ: مَوْضِعٌ.
وَجَاءَ بالشُّقَّارَى والبُقَّارَى أَي الداهية.
بكر: البُكْرَةُ: الغُدْوَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ
يَقُولُ أَتيتك بُكْرَةً؛ نَكِرَةٌ مُنَوَّنٌ، وَهُوَ يُرِيدُ فِي
يَوْمِهِ أَو غَدِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَهُمْ
رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا
. التَّهْذِيبُ: والبُكْرَةُ مِنَ الْغَدِ، وَيُجْمَعُ بُكَراً
وأَبْكاراً، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً
عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ
؛ بُكْرَةٌ وغُدْوَةٌ إِذا كَانَتَا نَكِرَتَيْنِ نُوِّنَتَا
وَصُرِفَتَا، وَإِذَا أَرادوا بِهِمَا بُكْرَةَ يَوْمِكَ وَغَدَاةَ
يَوْمِكَ لَمْ تصرفهما، فبكرة هاهنا نَكِرَةٌ. والبُكُور والتَّبْكيرُ:
الْخُرُوجُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. والإِبْكارُ: الدُّخُولُ فِي ذَلِكَ
الْوَقْتِ. الجوهري: وسِيرَ عَلَى فَرَسِكَ بُكْرَةً وبَكَراً كَمَا
تَقُولُ سَحَراً. والبَكَرُ: البُكْرَةُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا
يُستعمل إِلَّا ظَرْفًا. والإِبْكارُ: اسْمُ البُكْرَةِ كالإِصباح،
هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَعِنْدِي أَنه مَصْدَرُ أَبْكَرَ.
وبَكَرَ عَلَى الشَّيْءِ وإِليه يَبْكُرُ بُكُوراً وبكَّرَ تَبْكِيراً
وابْتَكَرَ وأَبْكَرَ وباكَرَهُ: أَتاهُ بُكْرةً، كُلُّهُ بِمَعْنًى.
وَيُقَالُ: باكَرْتُ الشَّيْءَ إِذا بكَّرْت لَهُ؛ قال لبيد:
باكَرْتُ جاجَتَها الدجاجَ بِسُحْرَةٍ
مَعْنَاهُ بَادَرْتُ صَقِيعَ الدِّيكِ سَحَرًا إِلى حَاجَتِي.
وَيُقَالُ: أَتيته بَاكِرًا، فَمَنْ جَعَلَ الْبَاكِرَ نَعْتاً قَالَ
للأُنثى باكِرَةٌ، وَلَا يقال بَكُرَ ولا بَكِرَ إِذا بَكَّرَ،
وَيُقَالُ: أَتيته بُكرة، بِالضَّمِّ، أَي باكِراً، فإِن أَردت بِهِ
بُكْرَةَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، قُلْتَ: أَتيته بُكْرَةَ، غَيْرَ
مَصْرُوفٍ، وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تَتَمَكَّنُ. وَكُلُّ
مَنْ بَادَرَ إِلَى شَيْءٍ، فَقَدَ أَبكر عَلَيْهِ وبَكَّرَ أَيَّ
وَقْتٍ كانَ. يُقَالُ: بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَي صَلُّوها
عِنْدَ سُقُوطِ القُرْص. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِالْعَشِيِّ
وَالْإِبْكارِ*
؛ جَعَلَ الإِبكار وَهُوَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ وَهُوَ
البُكْرَةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ*؛ جَعَلَ
الْغُدُوَّ وَهُوَ مَصْدَرٌ يَدُلُّ عَلَى الْغَدَاةِ. وَرَجُلٌ بَكُرٌ
فِي حَاجَتِهِ وبَكِرٌ، مِثْلَ حَذُرٍ وحَذِرٍ، وبَكِيرٌ؛ صَاحِبُ
بُكُورٍ قَوِيٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ وبَكِرٌ وبَكِيرٌ: كِلَاهُمَا عَلَى
النَّسَبِ إِذ لَا فِعْلَ لَهُ ثُلَاثِيًّا بَسِيطًا. وبَكَرَ الرجلُ:
بَكَّرَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: جِيرانُك
باكِرٌ؛ وأَنشد:
يَا عَمْرُو جِيرانُكُمُ باكِرُ، ... فالقلبُ لَا لاهٍ وَلَا صابِرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهم يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى مَعْنَى
الْقَوْمِ وَالْجَمْعِ لأَن لَفْظَ الْجَمْعِ وَاحِدٌ، إِلَّا أَن
هَذَا إِنما يُسْتَعْمَلُ إِذا كَانَ الْمَوْصُوفُ مَعْرِفَةً لَا
يَقُولُونَ جِيرانٌ باكِرٌ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ:
وَعِنْدِي أَنه لَا
(4/76)
يَمْتَنِعُ جِيرانٌ باكِرٌ كَمَا لَا
يَمْتَنِعُ جِيرانُكُمْ باكِرٌ. وأَبْكَرَ الوِرْدَ والغَداءَ
إِبْكاراً: عاجَلَهُما. وبَكَرْتُ عَلَى الْحَاجَةِ بُكُوراً وغَدَوْتُ
عَلَيْهَا غُدُوّاً مِثْلَ البُكُورِ، وأَبْكَرْتُ غَيْرِي وأَبْكَرْتُ
الرجلَ عَلَى صَاحِبِهِ إِبكاراً حَتَّى بَكَرَ إِليه بُكُوراً. أَبو
زَيْدٍ: أَبْكَرْتُ عَلَى الوِرْدِ إِبْكاراً، وَكَذَلِكَ أَبكرت
الْغَدَاءَ. وأَبْكَرَ الرجلُ: وَرَدَتْ إِبله بُكْرَةً. ابْنُ
سِيدَهْ: وبَكَّرَهُ عَلَى أَصحابه وأَبْكَرَهُ عَلَيْهِمْ جَعَلَهُ
يَبْكُرُ عَلَيْهِمْ. وبَكِرَ: عَجِلَ. وبَكَّرَ وتَبَكَّرَ وأَبْكَرَ:
تَقَدَّمَ. والمُبْكِرُ والباكُورُ جَمِيعًا، مِنَ الْمَطَرِ: مَا
جَاءَ فِي أَوَّل الوَسْمِيِّ. والباكُورُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ:
المعَجَّلُ الْمَجِيءِ والإِدراك، والأُنثى بَاكُورَةٌ؛ وَبَاكُورَةُ
الثَّمَرَةِ مِنْهُ. وَالْبَاكُورَةُ: أَوَّل الْفَاكِهَةِ. وَقَدِ
ابْتَكَرْتُ الشيءَ إِذا اسْتَوْلَيْتُ عَلَى بَاكُورَتِهِ. وابْتَكَرَ
الرجلُ: أَكل باكُورَةَ الْفَاكِهَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْجُمُعَةِ: مَنْ بَكَّرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وابْتَكَرَ فَلَهُ كَذَا
وَكَذَا
؛ قَالُوا: بَكَّرَ أَسرع وَخَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ بَاكِرًا وأَتى
الصَّلَاةَ فِي أَوّل وَقْتِهَا؛ وَكُلُّ مَنْ أَسرع إِلى شَيْءٍ،
فَقَدْ بَكَّرَ إِليه. وابْتَكَرَ: أَدرك الخُطْبَةَ مِنْ أَوَّلها،
وَهُوَ مِنَ الْبَاكُورَةِ. وأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ: باكُورَتُه.
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ الْجُمُعَةِ: مَعْنَاهُ
مَنْ بَكَّرَ إِلى الْجُمُعَةِ قَبْلَ الأَذان، وإِن لَمْ يأْتها
بَاكِرًا، فَقَدْ بَكَّرَ؛ وأَما ابْتِكارُها فأَنْ يُدْرِكَ أَوَّلَ
وَقْتِهَا، وأَصلُه مِنِ ابْتِكارِ الْجَارِيَةِ وَهُوَ أَخْذُ
عُذْرَتها، وَقِيلَ: مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ مِثْلَ فَعَلَ
وافْتَعَلَ، وإِنما كُرِّرَ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّوْكِيدِ كَمَا
قَالُوا: جادٌّ مُجِدٌ. قَالَ: وَقَوْلُهُ غَسَلَ واغْتَسَلَ، غَسَل
أَي غَسَلَ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ؛ وَاغْتَسَلَ أَي غَسَلَ الْبَدَنَ. وَالْبَاكُورُ مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ: هُوَ المُبَكِّرُ السَّرِيعُ الإِدْراكِ، والأُنثى
باكُورَةٌ. وَغَيْثٌ بَكُورٌ: وَهُوَ المُبَكِّرُ فِي أَوَّل
الوَسْمِيّ، وَيُقَالُ أَيضاً: هُوَ السَّارِي فِي آخِرِ اللَّيْلِ
وأَول النَّهَارِ؛ وأَنشد:
جَرَّرَ السَّيْلُ بِهَا عُثْنُونَهُ، ... وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكُرْ
وَسَحَابَةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ. وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ: أَو
أَبْكارُ كَرْمٍ تُقْطَفُ؛ قَالَ: وَاحِدُهَا بِكْرٌ وَهُوَ الكَرْمُ
الَّذِي حَمَلَ أَوّل حَمْلِهِ. وعَسَلٌ أَبْكارٌ: تُعَسِّلُه أَبْكارُ
النَّحْلِ أَي أَفتاؤها وَيُقَالُ: بَلْ أَبْكارُ الْجَوَارِي
تَلِينَهُ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلى عَامِلٍ لَهُ: ابعثْ إِلَيَّ
بِعَسَلِ خُلَّار، مِنَ النَّحْلِ الأَبكار، مِنَ الدِّسْتِفْشَارِ،
الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ؛ يُرِيدُ بالأَبكار أَفراخ النَّحْلِ
لأَن عَسَلَهَا أَطيب وأَصفى، وَخُلَّارُ: موضع بفارس، والدستفشار:
كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا مَا عَصَرَتْهُ الأَيْدِي؛ وَقَالَ
الأَعشى:
تَنَحَّلَها، مِنْ بَكارِ القِطاف، ... أُزَيْرقُ آمِنُ إِكْسَادِهَا
بِكَارِ الْقِطَافِ: جَمْعُ بَاكِرٍ كَمَا يُقَالُ صاحِبٌ وصِحابٌ،
وَهُوَ أَول مَا يُدْرِك. الأَصمعي: نَارٌ بِكْرٌ لَمْ تُقْبَسْ مِنْ
نَارٍ، وَحَاجَةٌ بِكْرٌ طُلبت حَدِيثًا. وأَنا آتِيكَ العَشِيَّةَ
فأُبَكِّر أَي أُعجل ذَلِكَ؛ قَالَ:
بَكَرَتْ تَلُومُكَ، بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى؛ ... بَسْلٌ عَلَيْكِ
مَلامَتِي وعِتابي
فَجُعِلَ الْبُكُورُ بَعْدَ وَهْنٍ؛ وَقِيلَ: إِنما عَنَى أَوَّل
اللَّيْلِ فَشَبَّهَهُ بِالْبُكُورِ فِي أَول النَّهَارِ. وَقَالَ
ابْنُ جِنِّيٍّ: أَصل [ب ك ر] إِنما هُوَ التَّقَدُّمُ أَيَّ وَقْتٍ
كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ، فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ]
(4/77)
فَوَجْهُهُ أَنه اضْطُرَّ فَاسْتَعْمَلَ
ذَلِكَ عَلَى أَصل وَضْعِهِ الأَول فِي اللُّغَةِ، وَتَرَكَ مَا وَرَدَ
بِهِ الِاسْتِعْمَالُ الْآنَ مِنَ الِاقْتِصَارِ بِهِ عَلَى أَول
النَّهَارِ دُونَ آخِرِهِ، وإِنما يَفْعَلُ الشَّاعِرُ ذَلِكَ
تَعَمُّدًا لَهُ أَو اتِّفَاقًا وَبَدِيهَةَ تَهَجُّمٍ عَلَى طَبْعِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ؛
لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ
؛ مَعْنَاهُ مَا صلَّوها فِي أَول وَقْتِهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا تَزَالُ أُمتي عَلَى سُنَّتي مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، فإِنه مَن تَرَكَ
الْعَصْرَ حَبِطَ عَمَلُهُ
؛ أَي حَافِظُوا عَلَيْهَا وَقَدِّمُوهَا. والبِكِيرَةُ والباكُورَةُ
والبَكُورُ مِنَ النَّخْلِ، مِثْلُ البَكِيرَةِ: الَّتِي تُدْرَكُ فِي
أَول النَّخْلِ، وَجَمْعُ البَكُورِ بُكُرٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ
الْهُذَلِيِّ:
ذَلِكَ مَا دِينُك، إِذ جُنِّبَتْ ... أَحْمالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ
وَصَفَ الْجَمْعَ بِالْوَاحِدِ كأَنه أَراد المُبْتِلَةَ فَحُذِفَ لأَن
الْبِنَاءَ قَدِ انْتَهَى، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المُبْتِل جَمْعَ
مُبْتِلَة، وإِن قَلَّ نَظِيرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ
بالبُكُرِ هاهنا الْوَاحِدَةَ لأَنه إِنما نَعَتَ حُدوجاً كَثِيرَةً
فَشَبَّهَهَا بِنَخِيلٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ المِبْكارُ؛ وأَرْضٌ
مِبْكار: سَرِيعَةُ الإِنبات؛ وَسَحَابَةٌ مِبكار وبَكُورٌ: مِدْلاجٌ
مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا وَلَدَتْ قَرَائبُ أُمِّ نَبْلٍ، ... فذاكَ اللُّؤْمُ واللَّقَحُ
البَكُورُ «2»
. أَي إِنما عَجَّلَتْ بِجَمْعِ اللؤْم كَمَا تُعَجِّلُ النَّخْلَةُ
وَالسَّحَابَةُ. وبِكرُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوّله؛ وكُلُّ فَعْلَةٍ لَمْ
يَتَقَدَّمْهَا مِثْلُهَا، بِكْرٌ. والبِكْرُ: أَوَّل وَلَدِ
الرَّجُلِ، غُلَامًا كَانَ أَو جَارِيَةً. وَهَذَا بِكْرُ أَبويه أَي
أَول وَلَدٍ يُولَدُ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛
وَجَمْعُهُمَا جَمِيعًا أَبكار. وكِبْرَةُ وَلَدِ أَبويه: أَكبرهم.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعَلِّمُوا أَبْكارَ أَولادكم كُتُبَ النَّصَارَى
؛ يَعْنِي أَحداثكم. وبِكْرُ الرَّجُلِ بِالْكَسْرِ: أَوّل وَلَدِهِ،
وَقَدْ يَكُونُ البِكْرُ مِنَ الأَولاد فِي غَيْرِ النَّاسِ
كَقَوْلِهِمْ بِكْرُ الحَيَّةِ. وَقَالُوا: أَشدّ النَّاسِ بِكْرٌ ابنُ
بِكْرَيْن، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِكْرُ بِكْرَيْن؛ قَالَ:
يَا بِكْرَ بِكْرَيْنِ، وَيَا خِلْبَ الكَبِدْ، ... أَصبَحتَ مِنِّي
كَذِرَاعٍ مِنْ عَضُدْ
والبِكْرُ: الْجَارِيَةُ الَّتِي لَمْ تُفْتَضَّ، وَجَمْعُهَا
أَبْكارٌ. والبِكْرُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا
رَجُلٌ، وَمِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَمْ يَقْرُبِ امرأَة بَعْدُ؛
وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ. ومَرَةٌ بِكْرٌ: حَمَلَتْ بَطْنًا وَاحِدًا.
والبِكْرُ: العَذْراءُ، وَالْمَصْدَرُ البَكارَةُ، بِالْفَتْحِ.
والبِكْرُ: المرأَة الَّتِي وَلَدَتْ بَطْنًا وَاحِدًا، وبِكْرُها
وَلَدُهَا، وَالذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ وَكَذَلِكَ البِكْرُ
مِنَ الإِبل. أَبو الْهَيْثَمِ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الَّتِي وَلِدَتْ
بَطْنًا وَاحِدًا بِكْراً بِوَلَدِهَا الَّذِي تَبْتَكرُ بِهِ،
وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً بِكْرٌ مَا لَمْ تَلِدْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ
الأَصمعي: إِذا كَانَ أَوّل وَلَدٍ وَلَدَتْهُ النَّاقَةُ فَهِيَ
بِكْرٌ. وَبَقَرَةٌ بِكْرٌ: فَتِيَّةٌ لَمْ تَحْمِلْ. وَيُقَالُ: مَا
هَذَا الأَمر مِنْكَ بِكْراً وَلَا ثِنْياً؛ عَلَى مَعْنَى مَا هُوَ
بأَوّل وَلَا ثَانٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقُوفاً لَدَى الأَبْوابِ، طُلابَ حاجَةٍ، ... عَوانٍ مِنَ الحاجاتِ،
أَو حاجَةً بِكْرَا
أَبو الْبَيْدَاءِ: ابْتَكَرَتِ الحاملُ إِذا وَلَدَتْ بِكْرَها،
وأَثنت فِي الثَّانِي، وثَلَّثَتْ فِي الثَّالِثِ، وَرَبَّعَتْ
وَخَمَّسَتْ وَعَشَّرَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَسبعت وأَعشرت وأَثمنت
فِي الثَّامِنِ وَالسَّابِعِ وَالْعَاشِرِ. وَفِي نَوَادِرِ
__________
(2) . قوله: [نبل] بالنون والباء الموحدة كذا في الأَصل
(4/78)
الأَعراب: ابْتَكَرَتِ المرأَةُ وَلَدًا
إِذا كَانَ أَول وَلَدِهَا ذَكَرًا، واثْتَنَيَتْ جَاءَتْ بولدٍ
ثِنْيٍ، واثْتَلَثَتْ وَلَدَها الثَّالِثَ، وابْتَكَرْتُ أَنا
واثْتَنَيْتُ واثْتَلَثْتُ. والبِكْرُ: النَّاقَةُ الَّتِي وَلَدَتْ
بَطْنًا وَاحِدًا، وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ
الْهُذَلِيُّ:
وإِنَّ حَدِيثاً مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ، ... جَنَى النَّحْلِ فِي
أَلْبانِ عُوذٍ مَطافِلِ
مَطافِيلِ أَبْكارٍ حَدِيثٍ نِتَاجُها، ... تُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ
المَفَاصِلِ
وبِكْرُها أَيضاً: وَلَدُها، وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ وبِكارٌ. وَبَقَرَةٌ
بِكْرٌ: لَمْ تَحْمِلْ، وَقِيلَ: هِيَ الفَتِيَّةُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ: لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
؛ أَي لَيْسَتْ بِكَبِيرَةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: بَيْنَ
البِكْرِ والفارِضِ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ، كَأَنَّهُ ... جَنَى النَّحْل أَوْ
أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ
عَنَى الكَرْمَ البِكْرَ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْ قَبْلَ ذَلِكَ؛
وَكَذَلِكَ عَمَلُ أَبْكار، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَتْهُ أَبْكار
النَّحْلِ. وَسَحَابَةٌ بكْرٌ: غَزيرَةٌ بِمَنْزِلَةِ البكْرِ مِنَ
النِّسَاءِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لأَن دَمَهَا أَكثر مِنْ دَمِ الثيِّب،
وَرُبَّمَا قِيلَ: سَحابٌ بكْرٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ولَقَدْ نَظَرْتُ إِلى أَغَرَّ مُشَهَّرٍ، ... بِكْرٍ تَوَسَّنَ فِي
الخَمِيلَةِ عُونَا
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وبِكْرٍ كُلَّمَا مُسَّتْ أَصَاتَتْ، ... تَرَنُّمَ نَغْمِ ذِي
الشُّرُعِ العَتِيقِ
إِنما عَنَى قَوْسًا أَوَّل مَا يُرْمَى عَنْهَا، شَبَّهَ تَرَنُّمَهَا
بِنَغَمِ ذِي الشُّرُع وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي عَلَيْهِ أَوتار.
والبِكْرُ: الفَتِيُّ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ الثَّنيُّ إِلى أَن
يُجْذِعَ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ الْمَخَاضِ إِلى أَن يُثْنِيَ، وَقِيلَ:
هُوَ ابْنُ اللَّبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فإِذا أَثْنى فَهُوَ
جَمَلٌ وَهِيَ نَاقَةٌ، وَهُوَ بَعِيرٌ حَتَّى يَبْزُلَ، وَلَيْسَ
بَعْدَ الْبَازِلِ سِنٌّ يُسَمَّى، وَلَا قَبْلَ الثَّنيِّ سَنٌّ
يُسَمَّى؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي وَهُوَ
صَحِيحٌ؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ شَاهَدْتُ كَلَامَ الْعَرَبِ، وَقِيلَ:
هُوَ مَا لَمْ يَبْزُلْ، والأُنثى بِكْرَةٌ، فإِذا بَزَلا فَجَمَلٌ
وَنَاقَةٌ، وَقِيلَ: البِكْرُ وَلَدُ النَّاقَةِ فَلَمَّ يُحَدَّ وَلَا
وُقِّتَ، وَقِيلَ: البِكْرُ مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الفَتِيِّ مِنَ
النَّاسِ، والبِكْرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْفَتَاةِ، والقَلُوصُ
بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ، والبَعِيرُ بِمَنْزِلَةِ الإِنسان، والجملُ
بمنزلةِ الرجلِ، والناقةُ بمنزلةِ المرأَةِ، وَيُجْمَعُ فِي الْقِلَّةِ
عَلَى أَبْكُرٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ صَغَّرَهُ الرَّاجِزُ
وَجَمَعَهُ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ فَقَالَ:
قَدْ شَرِبَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِهِينَا ... قُلَيِّصَاتٍ
وأُبَيْكِرِينَا
وَقِيلَ فِي الأُنثى أَيضاً: بِكْرٌ، بِلَا هَاءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَسْلَفَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ رَجُلٍ
بَكْراً
؛ البَكر، بِالْفَتْحِ: الفَتِيُّ مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ
مِنَ النَّاسِ، والأُنثى بَكْرَةٌ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلنَّاسِ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْمُتْعَةِ: كأَنها بَكْرَةٌ عَيْطاء
أَي شَابَّةٌ طَوِيلَةُ الْعُنُقِ فِي اعْتِدَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: وَسَقَطَ الأُملوج مِنَ الْبِكَارَةِ
؛ البِكارة، بِالْكَسْرِ: جَمْعُ البَكْرِ، بِالْفَتْحِ؛ يُرِيدُ أَن
السِّمَنَ الَّذِي قَدْ عَلَا بِكَارَةَ الإِبل بِمَا رَعَتْ مِنْ
هَذَا الشَّجَرِ قَدْ سَقَطَ عَنْهَا فَسَمَّاهُ بِاسْمِ الْمَرْعَى
إِذ كَانَ سَبَبًا لَهُ؛ وَرَوَى بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بَكْرٍ، ... غَذَاهَا الخَفْضُ لَمْ
تَحْمِلْ جَنِينَا
(4/79)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصح
الرِّوَايَتَيْنِ بِكر، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ مِنْ
كُلِّ ذَلِكَ أَبْكارٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَجَمْعُ البَكْرِ
بِكارٌ مِثْلَ فَرْخٍ وفِرَاخٍ، وبِكارَةٌ أَيضاً مِثْلَ فَحْلٍ
وفِحالَةٍ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
قليِّصات وأُبيكرينا
جمعُ الأَبْكُرِ كَمَا تُجْمَعُ الجُزُرَ والطُّرُقَ، فَتَقُولُ:
طُرُقاتٌ وجُزُراتٌ، وَلَكِنَّهُ أَدخل الْيَاءَ وَالنُّونَ كَمَا
أَدخلهما فِي الدُّهَيْدِهِينِ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ بُكْرانٌ
وبِكارٌ وبَكارَةٌ [بِكارَةٌ] ، والأُنثى بَكْرَةٌ وَالْجَمْعُ بِكارٌ،
بِغَيْرِ هَاءٍ، كعَيْلَةٍ وعِيالٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي:
البَكارَةُ للذكور خَاصَّةً، والبَكارُ، بِغَيْرِ هَاءٍ للإِناث.
وبَكْرَةُ الْبِئْرِ: مَا يُسْتَقَى عَلَيْهَا، وَجَمْعُهَا بَكَرٌ
بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ الْجَمْعِ لأَن فَعْلَةً لَا
تُجْمَعُ عَلَى فَعَلٍ إِلَّا أَحرفاً مِثْلُ حَلْقَةٍ وحَلَقٍ
وحَمْأَةٍ وحَمَإٍ وبَكْرَةٍ وبَكَرٍ وبَكَرات أَيضاً؛ قَالَ
الرَّاجِزُ:
والبَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَهْ
يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ. ابْنُ سِيدَهْ: والبَكْرَةُ والبَكَرَةُ
لُغَتَانِ لِلَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا وَهِيَ خَشَبَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ
فِي وَسَطِهَا مَحْزُّ لِلْحَبْلِ وَفِي جَوْفِهَا مِحْوَرٌ تَدُورُ
عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ المَحَالَةُ السَّريعة. والبَكَراتُ أَيضاً:
الحَلَقُ الَّتِي فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ شَبِيهَةٌ بِفَتَخِ النساء.
وجاؤوا عَلَى بَكْرَةِ أَبيهم إِذا جاؤوا جَمِيعًا عَلَى آخِرِهِمْ؛
وَقَالَ الأَصمعي: جاؤوا عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَقَالَ أَبو
عمرو: جاؤوا بأَجمعهم؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَتْ هوازنُ عَلَى بَكْرَةِ أَبيها
؛ هَذِهِ كَلِمَةٌ لِلْعَرَبِ يُرِيدُونَ بِهَا الْكَثْرَةُ
وَتَوْفِيرُ الْعَدَدِ وأَنهم جاؤوا جَمِيعًا لَمْ يَتَخَلَّفْ
مِنْهُمْ أَحد. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: معناه جاؤوا بَعْضُهُمْ فِي
إِثر بَعْضٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ بَكْرَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ
الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ، فَاسْتُعِيرَتْ فِي
هَذَا الْمَوْضِعِ وإِنما هِيَ مَثَلٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ
ابْنُ جِنِّيٍّ: عندي أَن قولهم جاؤوا عَلَى بَكَرَةِ أَبيهم بِمَعْنَى
جاؤوا بأَجمعهم، هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَكَرْتُ فِي كَذَا أَي تقدّمت
فيه، ومعناه جاؤوا عَلَى أَوليتهم أَي لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد بَلْ
جاؤوا مِنْ أَولهم إِلى آخِرِهِمْ. وَضَرْبَةٌ بِكْرٌ، بِالْكَسْرِ،
أَي قَاطِعَةٌ لَا تُثْنَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَبْكاراً إِذا
اعْتَلَى قَدَّ وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُبْتَكَرَاتٍ لَا
عُوناً
أَي أَن ضَرْبَتَهُ كَانَتْ بِكراً يَقْتُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لَا
يَحْتَاجُ أَن يُعِيدَ الضَّرْبَةَ ثَانِيًا؛ والعُون: جَمْعُ عَوانٍ
هِيَ فِي الأَصل الْكَهْلَةُ مِنَ النِّسَاءِ وَيُرِيدُ بِهَا هاهنا
المثناة. وبَكْرٌ: اسْمٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي جمعه أَبْكُرٌ
وبُكُورٌ. وبُكَيْرٌ وبَكَّارٌ ومُبَكِّر: أَسماء. وبَنُو بَكْرٍ:
حَيٌّ مِنْهُمْ؛ وَقَوْلُهُ:
إِنَّ الذِّئَابَ قَدِ اخْضَرَّتْ بَراثِنُها، ... والناسُ كُلُّهُمُ
بَكْرٌ إِذا شَبِعُوا
أَراد إِذا شَبِعُوا تَعَادَوْا وَتَغَاوَرُوا لأَن بَكْرًا كَذَا
فِعْلُهَا. التَّهْذِيبُ: وبنو بَكْرٍ فِي الْعَرَبِ قَبِيلَتَانِ:
إِحداهما بَنُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ، والأُخرى
بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ قَاسِطٍ، وإِذا نُسِبَ إِليهما قَالُوا
بَكْرِيُّ. وأَما بَنُو بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ فَالنِّسْبَةُ إِليهم
بَكْراوِيُّونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِذا نَسَبْتَ إِلى أَبي
بَكْرٍ قُلْتَ بَكْرِيٌّ، تَحْذِفُ مِنْهُ الِاسْمَ الأَول، وَكَذَلِكَ
فِي كُلِّ كُنْيَةٍ.
بلر: البِلَّوْرُ عَلَى مِثَالِ عِجَّوْل: المَهَا مِنَ الْحَجَرِ،
وَاحِدَتُهُ بِلَّوْرَةٌ. التَّهْذِيبُ: البِلَّوْرُ الرَّجُلُ
الضَّخْمُ
(4/80)
الشُّجَاعُ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ. قَالَ:
وأَما البِلَوْرُ الْمَعْرُوفُ، فَهُوَ مُخَفَّفُ اللَّامِ. وَفِي
حَدِيثِ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يُحِبُّنَا، أَهلَ
الْبَيْتِ، الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ وَلَا الأَعْوَرُ البِلَوْرَةُ
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الزَّاهِدُ: هُوَ الَّذِي عَيْنُهُ نَاتِئَةٌ؛
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شَرَحَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَصله.
بلهر: كُلُّ عَظِيمٍ مِنْ مُلُوكِ الْهِنْدِ: بَلَهْوَرٌ؛ مَثَّلَ بِهِ
سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
بندر: البَنادِرَةُ، دَخِيلٌ: وَهُمُ التُّجَّارُ الَّذِينَ
يَلْزَمُونَ الْمَعَادِنَ، وَاحِدُهُمْ بُنْدارٌ. وَفِي النَّوَادِرِ:
رَجُلٌ بَنْدَرِيٌّ ومُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ، وهو الكثير المال.
بنصر: البِنْصِرُ: الأُصبع الَّتِي بَيْنَ الْوُسْطَى والخنصِر،
مُؤَنَّثَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والجمع
البَناصِرُ.
بهر: البُهْرُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض. والبُهْرَةُ: الأَرضُ
السَّهْلَةُ، وَقِيلَ هِيَ الأَرض الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الأَجْبُلِ.
وبُهْرَةُ الْوَادِي: سَرارَتُه وَخَيْرُهُ. وبُهْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ:
وسطُه. وبُهْرَةُ الرَّحْلِ كزُفْرَتِه أَي وَسَطِهِ. وبُهْرَةُ
اللَّيْلِ وَالْوَادِي وَالْفَرَسِ: وَسَطُهُ. وابْهارَّ النهارُ:
وَذَلِكَ حِينَ تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ. وابْهارَّ الليلُ وابْهِيراراً
إِذا انْتَصَفَ؛ وَقِيلَ: ابْهارَّ تَرَاكَبَتْ ظُلْمَتُهُ، وَقِيلَ:
ابْهارَّ ذَهَبَتْ عَامَّتُهُ وأَكثره وَبَقِيَ نَحْوٌ مِنْ ثُلْثِهِ.
وابْهارَّ عَلَيْنَا اللَّيْلُ أَي طَالَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه سَارَ لَيْلَةً
حَتَّى ابْهارَّ الليلُ.
قَالَ الأَصمعي: ابْهارَّ الليلُ يَعْنِي انْتَصَفَ، وَهُوَ مأْخوذ
مِنْ بُهْرَةِ الشَّيْءِ وَهُوَ وَسَطُهُ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ
الضَّرِيرُ: ابْهِيرارُ اللَّيْلِ طلوعُ نُجُومِهِ إِذا تَتَامَّتْ
وَاسْتَنَارَتْ، لأَن اللَّيْلَ إِذا أَقبل أَقبلت فَحْمَتُه، وإِذا
اسْتَنَارَتِ النُّجُومُ ذَهَبَتْ تِلْكَ الْفَحْمَةُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا أَبْهَرَ القومُ احْتَرَقُوا
أَي صَارُوا فِي بُهْرَةِ النَّهَارِ وَهُوَ وَسَطُهُ. وتَبَهَّرَتِ
السحابةُ: أَضاءت. قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَعراب وَقَدْ كَبُرَ وَكَانَ
فِي دَاخِلِ بينه فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ: كَيْفَ تَرَاهَا يَا بُنَيَّ؟
فَقَالَ: أَراها قَدْ نَكَّبتْ وتَبَهَّرَتْ؛ نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ.
والبُهْرُ: الْغَلَبَةُ. وبَهَرَهُ يَبْهَرُهُ بَهْراً: قَهَرَهُ
وَعَلَاهُ وَغَلَبَهُ. وبَهَرَتْ فُلانةُ النِّسَاءَ: غَلَبَتْهُنَّ
حُسْناً. وبَهَرَ القمرُ النجومَ بُهُوراً: غَمَرَها بِضَوْئِهِ؛ قال:
غَمَّ النجومَ ضَوؤُه حِينَ بَهَرْ، ... فَغَمَرَ النَّجْمَ الَّذِي
كَانَ ازْدَهَرْ
وَهِيَ لَيْلَةُ البُهْرِ. وَالثَّلَاثُ البُهْرُ: الَّتِي يَغْلِبُ
فِيهَا ضوءُ الْقَمَرِ النجومَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ
وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ. يُقَالُ: قَمَرٌ بَاهِرٌ إِذا عَلَا
الكواكبَ ضَوؤه وَغَلَبَ ضوؤُه ضوأَها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَمْدَحُ
عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ:
مَا زِلْتَ فِي دَرَجاتِ الأَمْرِ مُرْتَقِياً، ... تَنْمي وتَسْمُو
بِكَ الفُرْعانُ مِنْ مُضَرَا
«3» . حَتَّى بَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، ... إِلَّا عَلَى
أَكْمَهٍ، لَا يَعْرِفُ القَمَرَا.
أَي عَلَوْتَ كُلَّ مَنْ يُفَاخِرُكَ فَظَهَرْتَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: الَّذِي أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَقَدْ بَهرْتَ، وَصَوَابُهُ
حَتَّى بَهرْتَ كَمَا أَوردناه، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَحد؛ أَحد هاهنا
بِمَعْنَى وَاحِدٍ لأَن أَحداً الْمُسْتَعْمَلُ بَعْدَ النَّفْيِ فِي
قَوْلِكَ مَا أَحد فِي الدَّارِ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِي
الْوَاجِبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَاةُ الضُّحَى إِذا بَهَرَت الشَّمسُ الأَرضَ
أَي غَلَبَهَا نُورُهَا وضوْؤُها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ له
__________
(3) . قوله الفرعان هكذا في الأصل، ولعلها القُرعان: ويريد بهم الأَقرع
بن حابس الصحابي وأَخاه مرثداً وكانا من سادات العرب
(4/81)
عَبْدُ خَيْرٍ: أُصَلِّي الضُّحَى إِذا
بَزَغَتِ الشمسُ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى تَبْهَرَ البُتَيْراءُ
أَي يَسْتَبِينَ ضوؤُها. وَفِي حَدِيثِ الْفِتْنَةِ:
إِنْ خَشِيتَ أَن يَبْهَرَك شُعاعُ السَّيْفِ.
وَيُقَالُ لِلَّيَالِي الْبِيضِ: بُهْرٌ، جَمْعُ بَاهِرٍ. وَيُقَالُ:
بُهَرٌ بوزن ظُلَمٍ بُهْرَةٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
وبَهَرَ الرجلُ: بَرَعَ؛ وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً:
حَتَّى بهرتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحد
وبَهْراً لَهُ أَي تَعْساً وغَلَبَةً؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي ... بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ
بَعْدَها بَهْرا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً ... عَدَدَ الرَّمْلِ
والحَصَى والتُّرابِ
وَقِيلَ: مَعْنَى بَهْراً فِي هَذَا الْبَيْتِ جَمًّا، وَقِيلَ:
عَجَباً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا فِعْلَ لِقَوْلِهِمْ بَهْراً لَهُ فِي
حَدِّ الدُّعَاءِ وَإِنَّمَا نُصِبَ عَلَى تَوَهُّمِ الْفِعْلِ وَهُوَ
مِمَّا يَنْتَصِبُ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ المُسْتَعْمَلِ
إِظهارُه. وبَهَرَهُم اللَّهُ بَهْراً: كَرَبَهُم؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي. وبَهْراً لَهُ أَي عَجَباً. وأَبْهَرَ إِذا جَاءَ
بالعَجَبِ. ابْنُ الأَعرابي: البَهْرُ الْغَلَبَةُ. والبَهْرُ:
المَلْءُ، والبَهْرُ: البُعْدُ، والبَهْرُ: الْمُبَاعَدَةُ مِنَ
الْخَيْرِ، والبَهْرُ: الخَيْبَةُ، والبَهْرُ: الفَخْرُ. وأَنشد بَيْتَ
عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَجُوزُ أَن
يَكُونَ كُلُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي وَجُوهِ البَهْرِ أَن
يَكُونَ مَعْنًى لِمَا قَالَ عُمَرُ وأَحسنها العَجَبُ. والبِهارُ:
الْمُفَاخَرَةُ. شَمِرٌ: البَهْرُ التَعْسُ، قَالَ: وَهُوَ الْهَلَاكُ.
وأَبْهَرَ إِذا اسْتَغْنَى بَعْدَ فَقْرٍ. وأَبْهَرَ: تَزَوَّجَ
سَيِّدَةً، وَهِيَ البَهِيرَةُ. وَيُقَالُ: فُلَانَةٌ بَهِيرَةٌ
مَهِيرَةٌ. وأَبْهَرَ إِذا تَلَوَّنَ فِي أَخلاقه دَماثَةً مَرّةً
وخُبْثاً أُخْرى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الأَزواج ثَلَاثَةٌ: زوجُ
مَهْرٍ، وزوجُ بَهْرٍ، وَزَوْجُ دَهْرٍ؛ فأَما زَوْجُ مهرٍ فَرَجُلٌ
لَا شَرَفَ لَهُ فَهُوَ يُسنْي المهرَ لِيَرْغَبَ فِيهِ، وأَما زَوْجُ
بَهْرٍ فَالشَّرِيفُ وإِن قَلَّ مَالُهُ تَتَزَوَّجُهُ المرأَة
لِتَفْخَرَ بِهِ، وَزَوْجُ دَهْرٍ كُفْؤُهَا؛ وَقِيلَ فِي
تَفْسِيرِهِمْ: يَبْهَرُ الْعُيُونَ بِحُسْنِهِ أَو يُعدّ لِنَوَائِبِ
الدَّهْرِ أَو يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَهْرُ. والبُهْرُ: انْقِطَاعُ
النَّفَسِ مِنَ الإِعياء؛ وَقَدِ انْبَهَرَ وبُهِرَ فَهُوَ مَبْهُورٌ
وبَهِيرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا مَا تَأَتَّى يُرِيدُ الْقِيَامِ ... تَهادى، كَمَا قَدْ رَأَيْتَ
البَهِيرَا
والبُهْرُ بِالضَّمِّ: تَتَابُعُ النَّفَسِ مِنَ الإِعياء،
وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ؛ بَهَرَهُ الحِمْلُ يَبْهَرُهُ بَهْراً أَي
أَوقع عَلَيْهِ البُهْرَ فانْبَهَرَ أَي تَتَابَعَ نَفَسُهُ.
وَيُقَالُ: بُهِرَ الرَّجُلُ إِذا عَدَا حَتَّى غَلَبَهُ البُهْرُ
وَهُوَ الرَّبْوُ، فَهُوَ مَبْهُورٌ وَبَهِيرٌ. شَمِرٌ: بَهَرْت
فَلَانًا إِذا غَلَبْتَهُ بِبَطْشٍ أَو لِسَانٍ. وبَهَرْتُ البعيرَ
إِذا مَا رَكَضْتَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ
مَيَّادَةَ:
أَلا يَا لِقَوْمِي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي ... بجاريةٍ، بَهْراً
لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا
ابْنُ شُمَيْلٍ: البَهْرُ تَكَلُّف الجُهْدِ إِذا كُلِّفَ فَوْقَ
ذَرْعِهِ؛ يُقَالُ بَهَرَه إِذا قَطَعَ بُهْرَهُ إِذا قَطَعَ نَفَسَه
بِضَرْبٍ أَو خَنْقٍ أَو مَا كَانَ؛ وأَنشد:
إِنَّ الْبَخِيلَ إِذَا سَأَلْتَ بَهَرْتَهُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
وقع عليه البُهْرُ
، هو بِالضَّمِّ مَا يَعْتَرِي الإِنسان عِنْدَ السَّعْيِ الشَّدِيدِ
وَالْعَدْوِ مِنَ النَّهِيجِ وَتَتَابُعِ النَّفَس؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِنه أَصابه قَطْعٌ أَو بُهْرٌ.
(4/82)
وبَهَرَه: عَالَجَهُ حَتَّى انْبَهَرَ.
وَيُقَالُ: انْبَهَرَ فُلَانٌ إِذا بَالَغَ فِي الشَّيْءِ وَلَمْ
يَدَعْ جُهْداً. وَيُقَالُ: انْبَهَرَ فِي الدُّعَاءِ إِذا تَحَوَّبَ
وَجَهَدَ، وابْتَهَرَ فُلانٌ فِي فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ إِذا لَمْ يَدَعْ
جَهْدًا مِمَّا لِفُلَانٍ أَو عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ ابْتَهَلَ
فِي الدُّعَاءِ؛ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا جُعِلَتِ اللَّامُ فِيهِ رَاءً.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: ابْتَهَلَ فِي الدُّعَاءِ إِذا كَانَ
لَا يُفَرِّطُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَثْجُو، قَالَ: لَا يَثْجُو لَا
يَسْكُتُ عَنْهُ؛ قَالَ: وأَنشد عَجُوزٌ مَنْ بَنِي دَارِمٍ لِشَيْخٍ
مِنَ الْحَيِّ فِي قَعِيدَتِهِ:
وَلَا ينامُ الضَّيْفُ مِنْ حِذَارِها، ... وقَوْلِها الباطِلِ
وابْتِهارِها
وَقَالَ: الابْتِهارُ قَوْلُ الْكَذِبِ وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ.
وَالِابْتِهَارُ: ادِّعَاءُ الشَّيْءِ كَذِبًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا بِي إِنْ مَدَحْتُهُمُ ابْتِهارُ
وابْتُهر فُلانٌ بفلانَةَ: شُهِرَ بِهَا. والأَبْهرُ: عِرْق فِي
الظَّهْرِ، يُقَالُ هُوَ الوَرِيدُ فِي العُنق، وَبَعْضُهُمْ
يَجْعَلُهُ عرْقاً مُسْتَبْطِنَ الصُّلْب؛ وَقِيلَ: الأَبْهَرانِ
الأَكْحَلانِ، وَفُلَانٌ شَدِيدُ الأَبْهَرِ أَي الظَّهْرِ.
والأَبْهَرُ: عِرْقٌ إِذا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ؛ وَهُمَا
أَبْهَرانِ يَخْرُجَانِ مِنَ الْقَلْبِ ثُمَّ يَتَشَعَّبُ مِنْهُمَا
سَائِرُ الشَّرايين. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ
تُعَاوِدُنِي فَهَذَا أَوان قَطَعَتْ أَبْهَرِي؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
الأَبْهَرُ عِرْقٌ مُسْتَبْطَنٌ فِي الصُّلْبِ وَالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ
بِهِ فإِذا انْقَطَعَ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ حَيَاةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي
لِابْنِ مُقْبِلٍ:
وللفؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبهَرِه، ... لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ
بالحَجَرِ
الْوَجِيبُ: تحرُّك الْقَلْبِ تَحْتَ أَبهره. واللَّدْمُ: الضَّرْب.
وَالْغَيْبُ: مَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ؛ يُرِيدُ أَن
لِلْفُؤَادِ صَوْتًا يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ كَمَا يَسْمَعُ صَوْتَ
الْحَجَرِ الَّذِي يَرْمِي بِهِ الصَّبِيُّ وَلَا يَرَاهُ، وَخَصَّ
الْوَلِيدَ لأَن الصِّبْيَانَ كَثِيرًا مَا يَلْعَبُونَ بِرَمْيِ
الْحِجَارَةِ، وَفِي شِعْرِهِ لَدْمَ الْوَلِيدِ بَدَلَ لَدْمَ
الْغُلَامِ. ابْنُ الأَثير: الأَبهر عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ وَهُمَا
أَبهران، وَقِيلَ: هُمَا الأَكحلان اللَّذَانِ فِي الذِّرَاعَيْنِ،
وَقِيلَ: الأَبهر عِرْقٌ مَنْشَؤُهُ مِنَ الرأْس وَيَمْتَدُّ إِلى
الْقَدَمِ وَلَهُ شَرَايِينٌ تَتَّصِلُ بِأَكْثَرِ الأَطراف
وَالْبَدَنِ، فَالَّذِي فِي الرأْس مِنْهُ يُسَمَّى النَّأْمَةَ،
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه أَي أَماته، ويمتدُ
إِلى الْحَلْقِ فَيُسَمَّى فِيهِ الْوَرِيدَ، وَيَمْتَدُّ إِلى
الصَّدْرِ فَيُسَمَّى الأَبهر، وَيَمْتَدُّ إِلى الظَّهْرِ فَيُسَمَّى
الْوَتِينَ وَالْفُؤَادُ مُعَلَّقٌ بِهِ، وَيَمْتَدُّ إِلى الْفَخِذِ
فَيُسَمَّى النَّسَا، وَيَمْتَدُّ إِلى السَّاقِ فَيُسَمَّى
الصَّافِنَ، وَالْهَمْزَةُ فِي الأَبهر زَائِدَةٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ
فِي أَوان الضَّمُّ وَالْفَتْحُ، فَالضَّمُّ لأَنه خَبَرُ المبتدإِ،
وَالْفَتْحُ عَلَى الْبِنَاءِ لإِضافته إِلى مَبْنِيٍّ كَقَوْلِهِ:
عَلَى حِينَ عاتبتُ المَشيبَ عَلى الصِّبا ... وقلتُ: أَلمَّا تَصْحُ
والشَّيْبُ وازِعُ؟
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فيُلْقى بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعًا
أَبْهَراهُ.
والأَبْهَرُ مِنَ الْقَوْسِ: مَا بَيْنَ الطَّائِفِ والكُلْية.
الأَصمعي: الأَبهر مِنَ الْقَوْسِ كَبِدُهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ طَرَفِي
العِلاقَةِ ثُمَّ الْكُلْيَةُ تَلِي ذَلِكَ ثُمَّ الأَبهر يَلِي ذَلِكَ
ثُمَّ الطَّائِفُ ثُمَّ السِّيَةُ وَهُوَ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْهَا.
ابْنُ سِيدَهْ: والأَبهر مِنَ الْقَوْسِ مَا دُونَ الطَّائِفِ وَهُمَا
أَبهَران، وَقِيلَ: الأَبهر ظَهْرُ سِيَةِ الْقَوْسِ، والأَبهر
الْجَانِبُ الأَقصر مِنَ الرِّيشِ، والأَباهر مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ
مَا يَلِي الكُلَى أَوّلها القَوادِمُ ثُمَّ المَنَاكِبُ ثُمَّ
الخَوافي ثُمَّ الأَباهِرُ ثُمَّ الْكُلَى؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ:
يُقَالُ لأَربع رِيشَاتٍ مِنْ مُقَدَّمِ الْجَنَاحِ
(4/83)
الْقَوَادِمُ، ولأَربع تَلِيهِنَّ
الْمَنَاكِبُ، ولأَربع بَعْدَ الْمَنَاكِبِ الْخَوَافِي، ولأَربع
بَعْدَ الْخَوَافِي الأَباهر. وَيُقَالُ: رأَيت فُلَانًا بَهْرَةً أَي
جَهْرَةً عَلَانِيَةً؛ وأَنشد:
وكَمْ مِنْ شُجاع بادَرَ المَوْتَ بَهْرَةً، ... يَمُوتُ عَلَى ظَهْرِ
الفِراشِ ويَهْرَمُ
وتَبَهَّر الإِناءُ: امْتَلأَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُتَبَهّراتٌ بالسِّجالِ مِلاؤُها، ... يَخْرُجْنَ مِنْ لَجَفٍ لهَا
مُتَلَقَّمِ
والبُهار: الحِمْلُ، وقيل: هو ثلاثمائة رِطْلٍ بِالْقِبْطِيَّةِ،
وَقِيلَ: أَربعمائة رِطْلٍ، وَقِيلَ: سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ، عَنْ أَبي
عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَلف رِطْلٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْبُهَارُ،
بِالضَّمِّ، شَيْءٌ يُوزَنُ به وهو ثلاثمائة رِطْلٍ. وَرُوِيَ عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ: إِنّ ابْنَ الصَّعْبَةِ، يَعْنِي
طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، كَانَ يُقَالُ لأُمه الصَّعْبَةُ؛
قَالَ: إِنّ ابْنَ الصَّعْبَةِ تَرَكَ مِائَةَ بُهار فِي كُلِّ بُهار
ثَلَاثَةُ قَنَاطِيرَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَجَعَلَهُ وِعَاءً؛ قَالَ أَبو
عُبَيْدٍ: بُهار أَحسبها كَلِمَةً غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ وَأُرَاهَا
قِبْطِيَّةً. الْفَرَّاءُ: البُهارُ ثُلُثُمِائَةِ رِطْلِ، وَكَذَلِكَ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: والمُجَلَّدُ سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ،
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن البُهار عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ
وَهُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ بِلُغَةِ أَهل الشأْم؛ قَالَ
بُرَيْقٌ الهُذَليّ يَصِفُ سَحَابًا ثَقِيلًا:
بِمُرْتَجِزٍ كَأَنَّ عَلَى ذُرَاهُ ... رِكاب الشَّأْمِ، يَحْمِلْنَ
البُهارا
قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: كَيْفَ يُخْلفُ فِي كُلِّ ثُلُثِمِائَةِ رِطْلٍ
ثَلَاثَةَ قَنَاطِيرَ؟ وَلَكِنَّ البُهار الحِمْلُ؛ وأَنشد بَيْتَ
الْهُذَلِيِّ. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ يَحْمِلْنَ الْبُهَارَا:
يَحْمِلْنَ الأَحمال مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ؛ قَالَ: وأَراد أَنه
تَرَكَ مِائَةَ حِمْلٍ. قَالَ: مِقْدَارُ الْحِمْلِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ
قَنَاطِيرَ، قَالَ: وَالْقِنْطَارُ مِائَةُ رِطْلٍ فَكَانَ كُلُّ
حِمْلٍ مِنْهَا ثُلُثُمِائَةِ رِطْلٍ. والبُهارُ: إِناءٌ كالإِبْريق؛
وأَنشد:
عَلَى العَلْياءِ كُوبٌ أَو بُهارُ
قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف البُهارَ بِهَذَا الْمَعْنَى. ابْنُ
سِيدَهْ: والبَهارُ كُلُّ شَيْءٍ حَسَنٍ مُنِيرٍ. والبَهارُ: نَبْتٌ
طَيِّبُ الرِّيحِ. الْجَوْهَرِيُّ: البَهارُ العَرارُ الَّذِي يُقَالُ
لَهُ عَيْنُ الْبَقَرِ وَهُوَ بَهارُ البَرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ جَعْدٌ
لَهُ فُقَّاحَةٌ صَفْرَاءُ يَنْبُتُ أَيام الرَّبِيعِ يُقَالُ لَهُ
الْعَرَارَةُ. الأَصمعي: العَرارُ بَهارُ الْبَرِّ. قَالَ الأَزهري:
الْعَرَارَةُ الحَنْوَةُ، قَالَ: وأُرى البَهار فَارِسِيَّةً.
والبَهارُ: الْبَيَاضُ فِي لَبَبِ الْفَرَسِ. والبُهارُ: الخُطَّاف
الَّذِي يَطِيرُ تَدْعُوهُ الْعَامَّةُ عُصْفُورُ الْجَنَّةِ. وامرأَة
بَهِيرَةٌ: صَغِيرَةُ الخَلْقِ ضَعِيفَةٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وامرأَةٌ
بَهِيرَةٌ وَهِيَ الْقَصِيرَةُ الذَّلِيلَةُ الْخِلْقَةِ، وَيُقَالُ:
هِيَ الضَّعِيفَةُ الْمَشْيِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خطأٌ وَالَّذِي
أَراد اللَّيْثُ البُهْتُرَةُ بِمَعْنَى الْقَصِيرَةِ، وأَما
البَهِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ فَهِيَ السَّيِّدَةُ الشَّرِيفَةُ؛
وَيُقَالُ للمرأَة إِذا ثَقُلَتْ أَردافها فإِذا مَشَتْ وَقْعَ
عَلَيْهَا البَهْرُ والرَّبْوُ: بَهِيرَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
تَهادَى كَمَا قَدْ رأَيتَ البَهِيرَا
وبَهَرَها بِبُهْتانٍ: قَذَفَهَا بِهِ. وَالِابْتِهَارُ: أَن تَرْمِيَ
المرأَة بِنَفْسِكَ وأَنت كَاذِبٌ، وَقِيلَ: الابْتِهارُ أَن تَرْمِيَ
الرَّجُلَ بِمَا فِيهِ، والابْتِيارُ أَن تَرْمِيَهُ بِمَا لَيْسَ
فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رُفِعَ إِليه غُلَامٌ ابْتَهَرَ
جَارِيَةً فِي شِعْرِهِ فَلَمْ يُوجَدِ الثَّبَتُ فدرأَ عَنْهُ
الْحَدَّ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الِابْتِهَارُ أَن يَقْذِفَهَا بِنَفْسِهِ
فَيَقُولُ فَعَلْتُ بِهَا كَاذِبًا، فإِن كَانَ صَادِقًا قَدْ فَعَلَ
فَهُوَ الِابْتِيَارُ عَلَى قَلْبِ الْهَاءِ يَاءً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
(4/84)
قَبيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفَتَاة، ...
إِمَّا ابْتِهاراً وإِمَّا ابْتِيارَا
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَوَّامِ:
الِابْتِهَارُ بِالذَّنْبِ أَعظم مِنْ رُكُوبِهِ
وَهُوَ أَن يَقُولَ فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ لأَنه لَمْ يَدَّعِهِ
لِنَفْسِهِ إِلَّا وَهُوَ لَوْ قَدَرَ فَعَلَ، فَهُوَ كَفَاعِلِهِ
بِالنِّيَّةِ وَزَادَ عَلَيْهِ بِقُبْحِهِ وَهَتْكِ سِتْرِهِ
وَتَبَجُّحِهِ بِذَنْبٍ لَمْ يَفْعَلْهُ. وبَهْراءُ: حَيٌّ مِنَ
الْيَمَنِ. قَالَ كُرَاعٌ: بَهْرَاءُ، مَمْدُودَةٌ، قَبِيلَةٌ، وَقَدْ
تُقْصَرُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعلم أَحداً حَكَى فِيهِ
الْقَصْرَ إِلا هُوَ وإِنما الْمَعْرُوفُ فِيهِ الْمَدُّ؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ عَلِمَتْ بَهْرَاءُ أَنَّ سُيوفَنا ... سُيوفُ النَّصارَى لَا
يَلِيقُ بِهَا الدَّمُ
وَقَالَ مَعْنَاهُ: لَا يَلِيقُ بِنَا أَن نَقْتُلَ مُسْلِمًا لأَنهم
نَصَارَى مُعَاهِدُونَ، وَالنَّسَبُ إِلى بَهْرَاءَ بَهْراوِيٌّ،
بِالْوَاوِ عَلَى الْقِيَاسِ، وبَهْرَانِيٌّ مثلُ بَحْرانِيّ عَلَى
غَيْرِ قِيَاسٍ، النُّونُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ حُذَّاقِ
أَصحابنا مَنْ يَذْهَبُ إِلى أَن النُّونَ فِي بَهْرَانِيٍّ إِنما هِيَ
بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ الَّتِي تُبْدَلُ مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث فِي
النَّسَبِ، وأَن الأَصل بَهْرَاوِيٌّ وأَن النُّونَ هُنَاكَ بَدَلٌ
مِنْ هَذِهِ الْوَاوِ، كَمَا أَبدلت الْوَاوَ مِنَ النُّونِ فِي
قَوْلِكَ؛ مِنْ وَافِدٍ، وإِن وَقَفْتَ وَقَفْتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ،
وَكَيْفَ تَصَرَّفَتِ الْحَالُ فَالنُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛
قَالَ: وإِنما ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا لأَنه لَمْ يَرَ النُّونَ
أُبدلت مِنَ الْهَمْزَةِ فِي غَيْرِ هَذَا، وَكَانَ يَحْتَجُّ فِي
قَوْلِهِمْ إِن نُونَ فَعْلَانَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ فَعْلَاءَ،
فَيَقُولُ لَيْسَ غَرَضَهُمْ هُنَا الْبَدَلُ الَّذِي هُوَ نَحْوُ
قَوْلِهِمْ فِي ذِئْبٍ ذِيبٌ وَفِي جؤْنة جُونَةٍ، إِنما يُرِيدُونَ
أَن النُّونَ تُعَاقِبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْهَمْزَةَ كَمَا
تُعَاقِبُ لَامُ الْمَعْرِفَةِ التَّنْوِينَ أَي لَا تَجْتَمِعُ مَعَهُ
فَلَمَّا لَمْ تُجَامِعْهُ قِيلَ: إِنها بَدَلٌ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ
النُّونُ وَالْهَمْزَةُ؛ قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ لَيْسَ بقصد.
بهتر: البُهْتُر: الْقَصِيرُ، والأُنثى بُهْتُرٌ وبُهْتُرَةٌ، وَزَعَمَ
بَعْضُهُمْ أَن الْهَاءَ فِي بُهْتُرٍ بَدَلٌ مِنَ الْحَاءِ فِي
بُحْتُرٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِنِجَادٍ الخبيري:
عِضٌّ لَئِيمٌ المُنْتَمَى والعُنْصُرِ، ... لَيْسَ بِجِلْحَابٍ وَلَا
هَقَوَّرِ،
لَكِنَّهُ البُهْتُر وابنُ البُهْتُرِ
العِضُّ: الرَّجُلُ الدَّاهِي الْمُنْكَرُ. وَالْجِلْحَابُ:
الطَّوِيلُ، وَكَذَلِكَ الْهَقَوَّرُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ
الْقَصِيرَ مِنَ الإِبل، وَجَمْعُهُ البَهاتِرُ والبَحاتِرُ؛ وأَنشد
الْفَرَّاءُ قَوْلَ كُثَيِّرٌ:
وأَنتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ ... إِليَّ، وَمَا تَدْرِي
بِذَاكَ القَصائِرُ
عَنَيْتُ قصيراتِ الحِجالِ، وَلَمْ أُردْ ... قِصارَ الخُطَى، شَرُّ
النساءِ البَهاتِرُ
أَنشده الْفَرَّاءُ: الْبَهَاتِرُ، بالهاء.
بهدر: أَبو عَدْنَانَ قَالَ: البُهْدُرِيُّ والبُحْدُرِيُّ
المُقَرْقَمُ الَّذِي لَا يَشِبُّ.
بهزر: البُهْزُرَةُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ:
الناقةُ الجسيمةُ الضَّخْمة الصَّفِيَّة، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ النخلِ،
وَالْجَمْعُ البَهازِر، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الطَّوِيلَةِ.
والبُهْزُرَةُ: النَّخْلَةُ الَّتِي تَناوَلُها بيدِكَ؛ أَنشد
ثَعْلَبٌ:
بَهازِراً لَمْ تَتَّخِذْ مآزِرا، ... فَهِيَ تُسامي حَوْلَ جِلْفٍ
جازِرا
يَعْنِي بالجلْفِ هُنَا الفُحَّال مِنَ النَّخْلِ. ابْنُ الأَعرابي:
البَهازِرُ الإِبل وَالنَّخِيلُ الْعِظَامُ المَواقِيرُ؛ وأَنشد:
أَعْطاكَ يَا بَحْرُ الَّذِي يُعطي النِّعَمْ، ... مِنْ غيرِ لَا
تَمَنُّنٍ وَلَا عَدَمْ،
(4/85)
بَهازِراً لَمْ تَنْتَجِعْ مَعَ الغَنَمْ،
... وَلَمْ تكنْ مَأْوَى القُرادِ والْجَلَمْ،
بينَ نواصِيهنَّ والأَرضِ قِيَمْ
وأَنشد الأَزهري للكميت:
إِلَّا لِهَمْهَمَةِ الصَّهيلِ، ... وحَنَّةِ الْكُومِ البَهازِر
بور: الْبَوارُ: الْهَلَاكُ، بارَ بَوْراً وبَواراً وأَبارهم اللَّهُ،
وَرَجُلٌ بُورٌ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرى السَّهْمي:
يَا رسولَ الإِلهِ، إِنَّ لِساني ... رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ، إِذْ أَنا
بُورُ
وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ والجمعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
؛ وَقَدْ يَكُونُ بُورٌ هُنَا جَمْعَ بائرٍ مِثْلَ حُولٍ وحائلٍ؛
وَحَكَى الأَخفش عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه لُغَةٌ وَلَيْسَ بجمعٍ لِبائرٍ
كَمَا يُقَالُ أَنت بَشَرٌ وأَنتم بَشَرٌ؛ وَقِيلَ: رَجُلٌ بائرٌ
وَقَوْمٌ بَوْرٌ، بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا اسْمٌ
لِلْجَمْعِ كَنَائِمٍ ونَوْمٍ وَصَائِمٍ وصَوْمٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ
فِي قَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
، قَالَ: البُورُ مصدَرٌ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. يُقَالُ: أَصبحت
مَنَازِلُهُمْ بُوراً أَي لَا شَيْءَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ أَعمال
الْكُفَّارِ تبطُلُ. أَبو عُبَيْدَةَ: رَجُلٌ بُورٌ وَرَجُلَانِ بُورٌ
وَقَوْمٌ بُورٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَمَعْنَاهُ هَالِكٌ. قَالَ أَبو
الْهَيْثَمِ: البائِرُ الْهَالِكُ، وَالْبَائِرُ المجرِّب،
وَالْبَائِرُ الْكَاسِدُ، وسُوقٌ بَائِرَةٌ أَي كَاسِدَةٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: البُورُ الرَّجُلُ الْفَاسِدُ الْهَالِكُ الَّذِي لَا
خَيْرَ فِيهِ. وَقَدْ بارَ فلانٌ أَي هَلَكَ. وأَباره اللَّهُ: أَهلكه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُولئك قومٌ بُورٌ
؛ أَي هَلْكَى، جَمْعُ بَائِرٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عليٍّ: لَوْ عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه
، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي فَصْلِ الْهَمْزَةِ فِي أَبر. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء فِي ثَقِيفٍ: كَذَّابٌ ومُبِيرٌ
؛ أَي مُهْلِكٌ يُسْرِفُ فِي إِهلاك النَّاسِ؛ يُقَالُ: بارَ الرَّجُلُ
يَبُور بَوْراً، وأَبارَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مُبِير. ودارُ البَوارِ:
دارُ الهَلاك. ونزلتْ بَوارِ عَلَى النَّاسِ، بِكَسْرِ الرَّاءِ،
مِثْلُ قَطَامِ اسْمُ الهَلَكَةِ؛ قَالَ أَبو مُكْعِتٍ الأَسدي،
وَاسْمُهُ مُنْقِذ بْنُ خُنَيْسٍ، وَقَدْ ذُكِرَ أَن ابْنَ
الصَّاغَانِيِّ قَالَ أَبو معكت اسمه الحرث بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
وَقِيلَ هُوَ لِمُنْقِذِ بْنِ خُنَيْسٍ:
قُتِلَتْ فَكَانَ تَباغِياً وتَظالُماً؛ ... إِنَّ التَّظالُمَ فِي
الصَّدِيقِ بَوارُ
وَالضَّمِيرُ فِي قُتِلَتْ ضَمِيرُ جَارِيَةٍ اسْمُهَا أَنيسة
قَتَلَهَا بَنُو سَلَامَةَ، وَكَانَتِ الْجَارِيَةُ لِضِرَارِ بْنِ
فَضَالَةَ، واحترب بنو الحرث وَبَنُو سَلَامَةَ مِنْ أَجلها، وَاسْمُ
كَانَ مُضْمَرٌ فِيهَا تَقْدِيرُهُ: فَكَانَ قَتْلُهَا تَبَاغِيًا،
فأَضمر الْقَتْلُ لِتَقَدُّمِ قُتِلَتْ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: مَنْ
كَذَبَ كَانَ شَرًّا لَهُ أَي كَانَ الْكَذِبُ شَرًّا لَهُ. الأَصمعي:
بارَ يَبُورُ بَوراً إِذا جَرَّبَ. والبَوارُ: الكَسَادُ. وبارَتِ
السُّوقُ وبارَتِ البِياعاتُ إِذا كَسَدَتْ تَبُورُ؛ وَمِنْ هَذَا
قِيلَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ بَوارِ الأَيِّمِ أَي كَسَادِها، وَهُوَ
أَن تَبْقَى المرأَة فِي بَيْتِهَا لَا يَخْطُبُهَا خَاطِبٌ، مِنْ
بَارَتِ السُّوقُ إِذا كَسَدَتْ، والأَيِّم الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا
وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرْغَبُ فِيهَا أَحد. والبُورُ: الأَرض
الَّتِي لَمْ تُزْرَعُ والمَعَامي الْمَجْهُولَةُ والأَغفال
وَنَحْوُهَا. وَفِي
كِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأُكَيْدِرِ
دُومَةَ: ولكُمُ البَوْر وَالْمَعَامِي وأَغفال الأَرض
؛ وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ، وَيُرْوَى بِالضَّمِّ،
وَهُوَ جَمْعُ البَوارِ، وَهِيَ الأَرض الْخَرَابُ الَّتِي لَمْ
تُزْرَعْ. وبارَ المتاعُ: كَسَدَ. وبارَ عَمَلُه: بَطَلَ. وَمِنْهُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ
. وبُورُ الأَرض، بِالضَّمِّ: مَا بَارَ مِنْهَا وَلَمْ
(4/86)
يُعْمَرْ بِالزَّرْعِ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْبَائِرُ فِي اللُّغَةِ
الْفَاسِدُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَرض
بَائِرَةٌ مَتْرُوكَةٌ مِنْ أَن يَزْرَعَ فِيهَا. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: البَوْرُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، الأَرض
كُلُّهَا قَبْلَ أَن تُسْتَخْرَجَ حَتَّى تَصْلُحَ لِلزَّرْعِ أَو
الْغَرْسِ. والبُورُ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُزْرَعْ؛ عَنْ أَبي
عُبَيْدٍ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ. وَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ: يَكُونُ
مِنَ الْكَسَلِ وَيَكُونُ مِنَ الْهَلَاكِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ
حَائِرٌ بَائِرٌ، لَا يَتَّجِهُ لِشَيءٍ ضَالٌّ تائِهٌ، وَهُوَ إِتباع،
وَالِابْتِيَارُ مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثُ
عُمَرَ: الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ، فَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ إِذا لَمْ
يَتَّجِهْ لِشَيْءٍ.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَذَفَ امرأَة بِنَفْسِهِ: إِنه فَجَرَ
بِهَا، فإِن كَانَ كَاذِبًا فَقَدَ ابْتَهَرَها، وإِن كَانَ صَادِقًا
فَهُوَ الابْتِيَارُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، افْتِعَالٌ مِنْ بُرْتُ الشيءَ
أَبُورُه إِذا خَبَرْتَه؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتَاةِ، ... إِمَّا ابْتِهَاراً وإِمَّا
ابْتِيارا
يَقُولُ: إِما بُهْتَانًا وإِما اخْتِبَارًا بِالصِّدْقِ
لِاسْتِخْرَاجِ مَا عِنْدَهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَهَرَ. وبارَهُ
بَوْراً وابْتَارَهُ، كِلَاهُمَا: اخْتَبَرَهُ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ
زُغْبَةَ:
بِضَربٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه، ... وطَعْنٍ كَإِيزاغِ المَخاضِ
تَبُورُها
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كإِيزاغ الْمَخَاضِ يَعْنِي قَذْفَهَا بأَبوالها،
وَذَلِكَ إِذا كَانَتْ حَوَامِلَ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ بِرَمْيِ
الْمَخَاضِ أَبوالها. وَقَوْلُهُ: تَبُورُهَا تَخْتَبِرُهَا أَنت
حَتَّى تَعْرِضَهَا عَلَى الْفَحْلِ، أَلاقح هِيَ أَم لَا؟ وَبَارَ
الْفَحْلُ النَّاقَةَ يَبُورها بَوْراً ويَبْتَارُها وابْتَارَها:
جَعَلَ يَتَشَمَّمُهَا لِيَنْظُرَ أَلاقح هِيَ أَم حَائِلٌ، وأَنشد
بَيْتَ مَالِكِ بْنِ زُغْبَةَ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: بُرْتُ الناقةَ
أَبورُها بَوْراً عَرَضتَها عَلَى الْفَحْلِ تَنْظُرُ أَلاقح هِيَ أَم
لَا، لأَنها إِذا كَانَتْ لَاقِحًا بَالَتْ فِي وَجْهِ الْفَحْلِ إِذا
تَشَمَّمَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بُرْ لِي مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي
اعْلَمْهُ وَامْتَحِنْ لِي مَا فِي نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن دَاوُدَ سأَل سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهُوَ
يَبْتَارُ عِلْمَهُ
أَي يَخْتَبِرُهُ وَيَمْتَحِنُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُنَّا نَبُورُ أَوْلادَنا بِحُبِّ عَليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ: حَتَّى وَاللَّهِ مَا نَحْسَبُ إِلَّا أَن
ذَلِكَ شَيْءٌ يُبْتارُ بِهِ إِسلامنا.
وفَحْلٌ مِبْوَرٌ: عَالِمٌ بِالْحَالَيْنِ مِنَ النَّاقَةِ. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وابنُ بُورٍ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي الإِمالة،
وَالَّذِي ثَبَتَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ ابْنُ نُور، بِالنُّونِ،
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والبُورِيُّ والبُورِيَّةُ
والبُورِيَاءُ والباريُّ والبارِياءُ والبارِيَّةُ: فَارِسِيٌّ
مُعَرَّبٌ، قِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ، وَقِيلَ: الْحَصِيرُ الْمَنْسُوجُ،
وَفِي الصِّحَاحِ: الَّتِي مِنَ الْقَصَبِ. قَالَ الأَصمعي:
الْبُورْيَاءُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ بارِيٌّ
وبورِيٌّ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ يَصِفُ كِنَاسَ الثَّوْرِ:
كالخُصّ إِذْ جَلَّلَهُ البَارِيُ
قَالَ: وَكَذَلِكَ البَارِيَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَا يَرَى بأْساً بِالصَّلَاةِ عَلَى البُورِيّ
؛ هِيَ الْحَصِيرُ الْمَعْمُولُ مِنَ الْقَصَبِ، وَيُقَالُ فيها
بارِيَّةٌ وبُورِياء. |