لسان العرب الجزء الرابع
ر
حَرْفُ الرَّاءِ
الرَّاءُ: مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ
الذُّلْق، وَسُمِّيَتْ ذُلْقاً لأَن الذّلاقَة فِي الْمَنْطِقِ إِنما
هِيَ بطَرَف أَسَلَةِ اللِّسَانِ، وَالْحُرُوفُ الذُّلْقُ ثَلَاثَةٌ:
الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَهُنَّ فِي حَيْزٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ
ذَكَرْنَا فِي أَوّل حَرْفِ الْبَاءِ دخولَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ
الذُّلقِ والشفويةِ كَثرةَ دُخُولِهَا في أَبنية الكلام.
فصل الألف
أبر: أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً
وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فُلَانًا: سأَلتَه أَن يأْبُر
نَخْلَكَ؛ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ إِذا سأَلته أَن يُصْلِحَهُ لَكَ؛
قَالَ طَرَفَةُ:
وَلِيَ الأَصلُ الَّذِي، فِي مثلِه، ... يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ
المؤتَبِرْ
وَالْآبِرُ: الْعَامِلُ. والمُؤْتَبرُ: رَبُّ الزَّرْعِ. والمأْبور:
الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ المُصْلَح. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ فِي دُعَائِهِ عَلَى الْخَوَارِجِ: أَصابَكم
حاصِبٌ وَلَا بقِيَ مِنْكُمْ آبرِ
أَي رَجُلٌ يَقُومُ بتأْبير النَّخْلِ وَإِصْلَاحِهَا، فَهُوَ اسْمُ
فَاعِلٍ مِنْ أَبَر الْمُخَفَّفَةِ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ
الْمُثَلَّثَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم، ... والأَمرُ تَحقِرُهُ وَقَدْ يَنْمي
قَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَعْنَى أَنهم قَدْ حَالَفُوا أَعداءَهم
لِيَسْتَعِينُوا بِهِمْ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، وَزَمَنُ الإِبار زَمَن
تَلْقِيحِ النَّخْلِ وإِصلاحِه، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ إِصلاحٍ
إِبارة؛ وأَنشد قَوْلَ حُمَيْدٍ:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها، ... حَتَّى أَصيدَكُما فِي
بعضِها قَنَصا
فَجَعَلَ إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وَفِي الْخَبَرِ:
خَيْر الْمَالِ مُهْرة مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة
؛ السِّكَّة الطَّرِيقَةُ المُصْطَفَّة مِنَ النَّخْلِ، والمأْبُورة:
المُلَقَّحة؛ يُقَالُ: أَبَرْتُ النَّخْلَةَ وأَبّرْتها، فَهِيَ
مأْبُورة ومُؤَبَّرة، وَقِيلَ: السِّكَّةُ سِكَّةُ الْحَرْثِ،
والمأْبُورة المُصْلَحَة لَهُ؛ أَرادَ خَيرُ الْمَالِ نِتَاجٌ أَو
زَرْعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرت فَثَمَرتُها لِلْبَائِعِ إِلَّا أَن
يَشْتَرِطَ المُبْتاع.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَذَلِكَ أَنها لَا تُؤْبَرُ إِلا بَعْدَ
(4/3)
ظُهُورِ ثَمَرَتِهَا وَانْشِقَاقُ
طَلْعِهَا وكَوافِرِها مِنْ غَضِيضِها، وَشَبَّهَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ
بِالْوِلَادَةِ فِي الإِماء إِذا أُبِيعَت حَامِلًا تَبِعها وَلَدُهَا،
وإِن وَلَدَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ لِلْبَائِعِ إِلا أَن
يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ مَعَ الأُم؛ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ إِذا أُبر
أَو أُبيع «3» . عَلَى التأْبير فِي الْمَعْنَيَيْنِ. وتأْبير
النَّخْلِ: تَلْقِيحُهُ؛ يُقَالُ: نَخْلَةٌ مُؤَبَّرة مِثْلَ مأْبُورة،
وَالِاسْمُ مِنْهُ الإِبار عَلَى وَزْنِ الإِزار. وَيُقَالُ: تأَبَّر
الفَسِيلُ إِذَا قَبِل الإِبار؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
تَأَبّري يَا خَيْرَةَ الفَسِيلِ، ... إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ
بالفُحول
يَقُولُ: تَلَقَّحي مِنْ غَيْرِ تأْبير؛ وَفِي قَوْلِ مَالِكِ بْنِ
أَنس: يَشترِطُ صَاحِبُ الأَرض عَلَى الْمَسَاقِي كَذَا وَكَذَا،
وإِبارَ النَّخْلِ. وَرَوَى أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ:
يُقَالُ نَخْلٌ قَدْ أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثَلَاثُ لُغَاتٍ،
فَمَنْ قَالَ أُبِّرت، فَهِيَ مُؤَبَّرة، وَمَنْ قَالَ وُبِرَت، فَهِيَ
مَوْبُورَة، وَمَنْ قَالَ أُبِرَت، فَهِيَ مَأْبُورة أَي مُلقّحة،
وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يُقَالُ لِكُلِّ مُصْلِحِ صَنْعَةٍ:
هُوَ آبِرُها، وإِنما قِيلَ للملقِّح آبِرٌ لأَنه مُصْلِحٌ لَهُ؛
وأَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لَمْ تَرْضَيْ بِسَعْيِيَ فَاتْرُكي ... لِيَ البيتَ
آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا
أَي أُصلحه، ابْنُ الأَعرابي: أَبَرَ إِذا آذَى وأَبَرَ إِذا اغْتَابَ
وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النَّخْلَ وأَبَرَ أَصْلَح، وَقَالَ: المَأْبَر
والمِئْبَر الحشُّ «4» . تُلقّح بِهِ النَّخْلَةُ. وإِبرة الذِّرَاعِ:
مُسْتَدَقُّها. ابْنُ سِيدَهْ: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مَعَ طَرَف
الزَّنْدِ مِنَ الذِّرَاعِ إِلى طَرَفِ الإِصبع؛ وَقِيلَ: الإِبرة مِنَ
الإِنسان طَرَفُ الذِّرَاعِ الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وَفِي
التَّهْذِيبِ: إِبرَةُ الذِّرَاعِ طَرَفُ الْعَظْمِ الَّذِي مِنْهُ
يَذْرَع الذَّارِعُ، وَطَرَفُ عَظْمِ الْعَضُدِ الَّذِي يَلِي
الْمِرْفَقَ يُقَالُ لَهُ الْقَبِيحُ، وزُجّ المِرْفق بَيْنَ القَبِيح
وَبَيْنَ إِبرة الذراع، وأَنشد:
حَتَّى تُلاقي الإِبرةُ الْقَبِيحَا
وإِبرة الْفَرَسِ: شَظِيّة لَاصِقَةٌ بِالذِّرَاعِ لَيْسَتْ مِنْهَا.
والإِبرة: عَظْمُ وَتَرة العُرْقوب، وَهُوَ عُظَيْم لَاصِقٌ
بِالْكَعْبِ. وإِبرة الْفَرَسِ: مَا انْحَدّ مِنْ عُرْقُوبَيْهِ، وَفِي
عُرْقُوبَيِ الْفَرَسِ إِبْرَتَانِ وَهُمَا حَدّ كُلِّ عُرْقُوبٍ مِنْ
ظَاهِرٍ. والإِبْرة: مِسَلّة الْحَدِيدِ، وَالْجَمْعُ إِبَرٌ وإِبارٌ،
قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وقوْلُ الْمَرْءِ يَنْفُذُ بَعْدَ حِينٍ ... أَماكِنَ، لَا تُجاوِزُها
الإِبارُ
وَصَانِعُهَا أَبّار. والإِبْرة: وَاحِدَةُ الإِبَر. التَّهْذِيبُ:
وَيُقَالُ للمِخْيط إِبْرَةٌ، وَجَمْعُهَا إِبَر، وَالَّذِي يُسوّي
الإِبر يُقَالُ لَهُ الأَبّار، وأَنشد شَمِرٌ فِي صِفَةِ الرِّيَاحِ
لِابْنِ أَحمر:
أَرَبَّتْ عَلَيْهَا كُلُّ هَوْجاء سَهْوةٍ، ... زَفُوفِ التَّوَالِي،
رَحْبَةِ المُتَنَسِّم
«5» . إِبارِيّةٍ هَوْجاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى، ... إِذا أَرْزَمَتْ
جَاءَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ
رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ، ... تَرى البِيدَ، مِنْ
إِعْصافِها الجَرْي،
تَرْتَمِي تَحِنُّ وَلَمْ تَرْأَمْ فَصِيلًا، وإِن تَجِدْ ...
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ
إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بِدَائِمٍ ... بِهِ وَتِدٌ، إِلَّا
تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور
، وَفِي حَدِيثِ
__________
(3) . قوله: [أباع] لغة في باع كما قال ابن القطاع
(4) . قوله: [الحش إلخ] كذا بالأَصل ولعله المحش
(5) . قوله: [هوجاء] وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ
واحد هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام
(4/4)
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: ومثَلُ الْمُؤْمِنِ
مثَلُ الشَّاةِ المأْبورة
أَي الَّتِي أَكلت الإِبرة فِي عَلَفها فَنَشِبَت فِي جَوْفِهَا،
فَهِيَ لَا تأْكل شَيْئًا، وإِن أَكلت لَمْ يَنْجَعْ فِيهَا. وَفِي
حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ
النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وأَشار إِلى لِحْيَتِهِ
ورأْسه، فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ عَرَّفْنَاهُ أَبَرْنا عِتْرته أَي
أَهلكناهم
؛ وَهُوَ مِنْ أَبَرْت الْكَلْبَ إِذا أَطعمته الإِبرة فِي الْخُبْزِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه الْحَافِظُ أَبو مُوسَى
الأَصفهاني فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ وَعَادَ فأَخرجه فِي حَرْفِ
الْبَاءِ وَجَعَلَهُ مِنَ البَوار الْهَلَاكِ، وَالْهَمْزَةُ فِي
الأَوّل أَصلية، وَفِي الثَّانِي زَائِدَةٌ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ
أَيضاً. وَيُقَالُ لِلِّسَانِ: مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول.
وإِبرة الْعَقْرَبِ: الَّتِي تلدَغُ بِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: طَرَفُ
ذَنَبِهَا. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لِسَعَتِهِ أَي
ضَرَبْتُهُ بإِبرتها. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء بِنْتِ عُمَيْس: قِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: مَا لي
صَفْراء وَلَا بيضاءُ، وَلَسْتُ بِمأْبُور فِي دِينِي فيُوَرِّي بِهَا
رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِّي، إِنِّي
لأَوّلُ مَنْ أَسلم
،؛ المأْبور: مَنْ أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها، يَعْنِي
لَسْتُ غَيْرَ الصَّحِيحِ الدِّينِ وَلَا المُتّهَمَ فِي الإِسلام
فيَتَأَلّفني عَلَيْهِ بِتَزْوِيجِهَا إِيَّايَ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ
الْمُثَلَّثَةِ وَسَنَذْكُرُهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ رُوِيَ:
لَسْتُ بمأْبون، بِالنُّونِ، لَكَانَ وَجْهًا. والإِبْرَة
والمِئْبَرَة، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: النَّمِيمَةُ.
والمآبِرُ: النَّمَائِمُ وَإِفْسَادُ ذاتِ الْبَيْنِ؛ قَالَ
النَّابِغَةُ:
وَذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه، ... ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك
الْمَآبِرَا
والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يَعْنِي صِغَارَهَا، وَجَمْعُهَا إِبَرٌ
وإِبَرات؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه
جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات وطُرُقات. والمِئْبَر: مَا رَقّ مِنَ الرَّمْلِ؛
قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
إِلى المِئْبَر الرَّابِي مِنَ الرّملِ ذِي الغَضا ... تَراها؛ وَقَدْ
أَقْوَتْ، حَدِيثًا قديمُها
وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ
الشُّورى:
أَنَّ السِّتَّةَ لَمَّا اجْتَمَعُوا تَكَلَّمُوا فَقَالَ قَائِلٌ
مِنْهُمْ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُؤَبِّروا آثارَكم فَتُولِتُوا
دِينَكُمْ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ الرِّيَاشِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ فِي
حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَقَالَ الرِّيَاشِيُّ: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو
الأَثر، قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُؤَبِّر أَثره
حَتَّى لَا يُعْرف طَرِيقُهُ إِلا التُّفَّة، وَهِيَ عَناق الأَرض؛
حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَفِي تَرْجَمَةِ بأَر
وابْتَأَر الحَرُّ قَدَمَيْهِ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي الِابْتِئَارِ
لُغَتَانِ يُقَالُ ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابْتِئَارًا وأْتِباراً؛ قَالَ
الْقُطَامِيُّ:
فإِن لَمْ تَأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ، ... فَلَيْسَ لسائِرِ الناسِ
ائتِبَارُ
يَعْنِي اصْطِنَاعَ الْخَيْرِ والمعروف وتقديمه.
أتر: الأُتْرُور: لُغَةٌ فِي التُّؤْرُور مقلوب عنه.
أثر: الأَثر: بَقِيَّةُ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ آثَارٌ وأُثور.
وَخَرَجْتُ فِي إِثْره وَفِي أَثَره أَي بَعْدَهُ. وأْتَثَرْتُه
وتَأَثَّرْته: تَتَبَّعْتُ أَثره؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وَيُقَالُ:
آثَرَ كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا أَي أَتْبَعه إِياه؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ يَصِفُ الْغَيْثَ:
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَيْنِ بِدِيمَةٍ، ... تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً،
مِنَ النَّبْتِ، خِرْوعا
أَي أَتبع مَطَرًا تَقَدَّمَ بِدِيمَةٍ بَعْدَهُ. والأَثر،
بِالتَّحْرِيكِ: مَا بَقِيَ مِنْ رَسْمِ الشَّيْءِ. والتأْثير:
إِبْقاءُ الأَثر فِي الشَّيْءِ. وأَثَّرَ فِي الشَّيْءِ: تَرَكَ فِيهِ
أَثراً. والآثارُ: الأَعْلام. والأَثِيرَةُ مِنَ الدَّوَابِّ:
الْعَظِيمَةُ
(4/5)
الأَثَر فِي الأَرض بِخُفِّهَا أَو
حَافِرِهَا بَيّنَة الإِثارَة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ
الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرى لَهُ أَيْنَ أَثرٌ وَمَا يُدْرَى لَهُ مَا
أَثَرٌ أَي مَا يُدْرَى أَين أَصله وَلَا مَا أَصله. والإِثارُ: شِبْهُ
الشِّمال يُشدّ عَلَى ضَرْع الْعَنْزِ شِبْه كِيس لِئَلَّا تُعانَ.
والأُثْرَة، بِالضَّمِّ: أَن يُسْحَى بَاطِنُ خُفِّ الْبَعِيرِ
بِحَدِيدَةٍ ليُقْتَصّ أَثرُهُ. وأَثَرَ خفَّ الْبَعِيرِ يأْثُرُه
أَثْراً وأَثّرَه: حَزَّه. والأَثَرُ: سِمَة فِي بَاطِنِ خُفِّ
الْبَعِيرِ يُقْتَفَرُ بِهَا أَثَرهُ، وَالْجَمْعُ أُثور. والمِئْثَرَة
والثُّؤْرُور، عَلَى تُفعول بِالضَّمِّ: حَدِيدَةٌ يُؤْثَرُ بِهَا
خُفُّ الْبَعِيرِ لِيُعْرَفَ أَثرهُ فِي الأَرض؛ وَقِيلَ: الأُثْرة
والثُّؤْثور والثَّأْثور، كُلُّهَا: عَلَامَاتٌ تَجْعَلُهَا الأَعراب
فِي بَاطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَثَرْتُ البعيرَ،
فَهُوَ مأْثور، ورأَيت أُثرَتَهُ وثُؤْثُوره أَي مَوْضِعَ أَثَره مِنَ
الأَرض. والأَثِيرَةُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْعَظِيمَةُ الأَثرِ فِي
الأَرض بِخُفِّهَا أَو حَافِرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرّه أَن يَبْسُطَ اللهُ فِي رِزْقِهِ ويَنْسَأَ فِي أَثَرِه
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ
؛ الأَثَرُ: الأَجل، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه يَتْبَعُ الْعُمْرَ؛ قَالَ
زُهَيْرٌ:
والمرءُ مَا عَاشَ ممدودٌ لَهُ أَمَلٌ، ... لَا يَنْتَهي العمْرُ
حَتَّى يَنْتَهِيَ الأَثَرُ
وأَصله مَنْ أَثَّرَ مَشْيُه فِي الأَرض، فإِنَّ مَنْ مَاتَ لَا
يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ وَلَا يُرى لأَقدامه فِي الأَرض أَثر؛ وَمِنْهُ
قَوْلُهُ لِلَّذِي مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي: قَطَع
صلاتَنا قَطَعَ اللَّهُ أَثره؛ دَعَا عَلَيْهِ بِالزَّمَانَةِ لأَنه
إِذا زَمِنَ انْقَطَعَ مَشْيُهُ فَانْقَطَعَ أَثَرُه. وأَما مِيثَرَةُ
السَّرْجِ فَغَيْرُ مَهْمُوزَةٍ. والأَثَر: الْخَبَرُ، وَالْجَمْعُ
آثَارٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا
وَآثارَهُمْ
؛ أَي نَكْتُبُ مَا أَسلفوا مِنْ أَعمالهم وَنَكْتُبُ آثَارَهُمْ أَي
مَن سَنَّ سُنَّة حَسَنة كُتِب لَهُ ثوابُها، ومَن سنَّ سُنَّة
سَيِّئَةً كُتِبَ عَلَيْهِ عِقَابُهَا، وَسُنَنُ النبي، صلى الله عليه
وَسَلَّمَ، آثَارُهُ. والأَثْرُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَثَرْتُ
الْحَدِيثَ آثُرُه إِذا ذَكَرْتُهُ عَنْ غَيْرِكَ. ابْنُ سِيدَهْ:
وأَثَرَ الحديثَ عَنِ الْقَوْمِ يأْثُرُه ويَأْثِرُه أَثْراً وأَثارَةً
وأُثْرَةً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَنبأَهم بِمَا سُبِقُوا
فِيهِ مِنَ الأَثَر؛ وَقِيلَ: حَدَّثَ بِهِ عَنْهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛
قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن الأُثْرة الِاسْمُ وَهِيَ
المَأْثَرَةُ والمَأْثُرَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي دُعَائِهِ عَلَى الْخَوَارِجِ: وَلَا بَقِيَ مِنْكُمْ
آثِرٌ
أَي مُخْبِرٌ يَرْوِي الْحَدِيثَ؛ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيضاً
بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي
سُفْيَانَ فِي حَدِيثِ قَيْصَرَ:
لَوْلَا أَن يَأْثُرُوا عَنِّي الْكَذِبَ
أَي يَرْوُون وَيَحْكُونَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه حَلَفَ بأَبيه فَنَهَاهُ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ، قَالَ
عُمَرُ: فَمَا حَلَفْتُ بِهِ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَما قَوْلُهُ ذَاكِرًا فَلَيْسَ مِنَ
الذِّكْرِ بَعْدَ النِّسْيَانِ إِنما أَراد مُتَكَلِّمًا بِهِ
كَقَوْلِكَ ذَكَرْتُ لِفُلَانٍ حَدِيثَ كَذَا وَكَذَا، وَقَوْلُهُ
وَلَا آثِراً يُرِيدُ مُخْبِرًا عَنْ غَيْرِي أَنه حَلَفَ بِهِ؛
يَقُولُ: لَا أَقول إِن فُلَانًا قَالَ وأَبي لَا أَفعل كَذَا وَكَذَا
أَي مَا حَلَفْتُ بِهِ مُبْتَدِئًا مِنْ نَفْسِي، وَلَا رَوَيْتُ عَنْ
أَحد أَنه حَلَفَ بِهِ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: حَدِيثٌ مأْثور أَي
يُخْبِر الناسُ بِهِ بعضُهم بَعْضًا أَي يَنْقُلُهُ خَلَفٌ عَنْ
سَلَفٍ؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَثَرْت الْحَدِيثَ، فَهُوَ مَأْثور وأَنا
آثَرُ؛ قَالَ الأَعشى:
إِن الَّذِي فِيهِ تَمارَيْتُما ... بُيِّنَ للسَّامِعِ والآثِرِ
وَيُرْوَى بَيَّنَ. وَيُقَالُ: إِن المأْثُرة مَفْعُلة مِنْ هَذَا
يَعْنِي الْمَكْرُمَةَ، وإِنما أُخذت مِنْ هَذَا لأَنها يأْثُرها
قَرْنٌ عَنْ قَرْنٍ أَي يَتَحَدَّثُونَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ،
(4/6)
كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ولَسْتُ بمأْثور
فِي دِينِي
أَي لَسْتُ مِمَّنْ يُؤْثَرُ عَنِّي شَرٌّ وَتُهْمَةٌ فِي دِينِي،
فَيَكُونُ قَدْ وُضِعَ المأْثور مَوْضع المأْثور عَنْهُ؛ وَرُوِيَ
هَذَا الْحَدِيثُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وأُثْرَةُ العِلْمِ وأَثَرَته وأَثارَتُه: بَقِيَّةٌ مِنْهُ تُؤْثَرُ
أَي تُرْوَى وَتُذْكَرُ؛ وَقُرِئَ: «1» . أَو أَثْرَةٍ مِنْ عِلْم
وأَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ وأَثارَةٍ، والأَخيرة أَعلى؛ وَقَالَ
الزَّجَّاجُ: أَثارَةٌ فِي مَعْنَى عَلَامَةٍ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ
عَلَى مَعْنَى بَقِيَّةٍ مِنْ عِلْمٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى مَا
يُؤْثَرُ مِنَ الْعِلْمِ. وَيُقَالُ: أَو شَيْءٌ مأْثور مِنْ كُتُبِ
الأَوَّلين، فَمَنْ قرأَ: أَثارَةٍ، فَهُوَ الْمَصْدَرُ مِثْلَ
السَّمَاحَةِ، وَمَنْ قرأَ: أَثَرةٍ فإِنه بَنَاهُ عَلَى الأَثر كَمَا
قِيلَ قَتَرَةٌ، وَمَنْ قرأَ: أَثْرَةٍ فكأَنه أَراد مِثْلَ الخَطْفَة
والرَّجْفَةِ. وسَمِنَتِ الإِبل وَالنَّاقَةُ عَلَى أَثارة أَي عَلَى
عَتِيقِ شَحْمٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وذاتِ أَثارَةٍ أَكَلَتْ عَلَيْهِ ... نَباتاً فِي أَكِمَّتِهِ فَفارا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ أَو أَثارة
مِنْ عِلْمٍ مِنْ هَذَا لأَنها سَمِنَتْ عَلَى بَقِيَّةِ شَحْم كَانَتْ
عَلَيْهَا، فكأَنها حَمَلَت شَحْمًا عَلَى بَقِيَّةِ شَحْمِهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَو أَثارة مِنْ عِلْمٍ إِنه عِلْمُ الْخَطِّ
الَّذِي كَانَ أُوتيَ بعضُ الأَنبياء.
وَسُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ
الْخَطِّ فَقَالَ: قَدْ كَانَ نَبِيٌّ يَخُط فَمَنْ وَافَقَهُ خَطّه
أَي عَلِمَ مَنْ وافَقَ خَطُّه مِنَ الخَطَّاطِين خَطَّ ذَلِكَ
النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ علِمَ عِلْمَه. وغَضِبَ عَلَى
أَثارَةٍ قَبْلَ ذَلِكَ
أَي قَدْ كَانَ «2» . قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُ غَضَبٌ ثُمَّ ازْدَادَ
بَعْدَ ذَلِكَ غَضَبًا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والأُثْرَة
والمأْثَرَة والمأْثُرة، بِفَتْحِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا: الْمَكْرَمَةُ
لأَنها تُؤْثر أَي تُذْكَرُ ويأْثُرُها قَرْنٌ عَنْ قَرْنٍ
يَتَحَدَّثُونَ بِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: المَكْرُمة
الْمُتَوَارَثَةُ. أَبو زَيْدٍ: مأْثُرةٌ وَمَآثِرُ وَهِيَ الْقَدَمُ
فِي الْحَسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا إِنَّ كُلَّ دَمٍ ومأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فإِنها
تَحْتَ قَدَمَيّ هَاتَيْنِ
؛ مآثِرُ الْعَرَبِ: مكارِمُها ومفاخِرُها الَّتِي تُؤْثَر عَنْهَا أَي
تُذْكَر وَتُرْوَى، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وآثَرَه: أَكرمه. وَرَجُلٌ
أَثِير: مَكِينٌ مُكْرَم، وَالْجَمْعُ أُثَرَاءُ والأُنثى أَثِيرَة.
وآثَرَه عَلَيْهِ: فَضَّلَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَقَدْ آثَرَكَ
اللَّهُ عَلَيْنا
. وأَثِرَ أَن يَفْعَلَ كَذَا أَثَراً وأَثَر وآثَرَ، كُلُّهُ: فَضّل
وقَدّم. وآثَرْتُ فُلَانًا عَلَى نَفْسِي: مِنَ الإِيثار. الأَصمعي:
آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك. وَفُلَانٌ أَثِيرٌ عِنْدَ فُلَانٍ
وذُو أُثْرَة إِذا كَانَ خَاصًّا. وَيُقَالُ: قَدْ أَخَذه بِلَا
أَثَرَة وبِلا إِثْرَة وَبِلَا اسْتِئثارٍ أَي لَمْ يستأْثر عَلَى
غَيْرِهِ وَلَمْ يأْخذ الأَجود؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَا آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لَهَا، ... لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ
بِهَا الإِثَرُ
أَي الخِيَرَةُ والإِيثارُ، وكأَنَّ الإِثَرَ جَمْعُ الإِثْرَة وَهِيَ
الأَثَرَة؛ وَقَوْلُ الأَعرج الطَّائِيِّ:
أَراني إِذا أَمْرٌ أَتَى فَقَضَيته، ... فَزِعْتُ إِلى أَمْرٍ عليَّ
أَثِير
قَالَ: يُرِيدُ المأْثور الَّذِي أَخَذَ فِيهِ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ
__________
(1) . قَوْلِهِ: [وقرئ إلخ] حاصل القراءات ست: أثارة بفتح أو كسر،
وأثرة بفتحتين، وأثرة مثلثة الهمزة مع سكون الثاء، فالأَثارة، بالفتح،
البقية أي بقية من علم بقيت لكم من علوم الأَولين، هل فيها ما يدل على
استحقاقهم للعبادة أو الأمر به، وبالكسر من أثار الغبار أريد منها
المناظرة لأنها تثير المعاني. والأثرة بفتحتين بمعنى الاستئثار
والتفرد، والأثرة بالفتح مع السكون بناء مرة من رواية الحديث، وبكسرها
معه بمعنى الأثرة بفتحتين وبضمها معه اسم للمأثور المرويّ كالخطبة
انتهى ملخصاً من البيضاوي وزاده
(2) . قوله: [قد كان إلخ] كذا بالأصل، والذي في مادة خ ط ط منه: قَدْ
كَانَ نَبِيٌّ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ علم مثل علمه، فلعل ما
هنا رواية، وأي مقدمة على علم من مبيض المسودة
(4/7)
قَوْلِهِمْ خُذْ هَذَا آثِراً. وَشَيْءٌ
كَثِيرٌ أَثِيرٌ: إِتباع لَهُ مِثْلَ بَثِيرٍ. واسْتأْثَرَ بِالشَّيْءِ
عَلَى غَيْرِهِ: خصَّ بِهِ نَفْسَهُ واستبدَّ بِهِ؛ قَالَ الأَعشى:
اسْتَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ و ... بالعدْلِ، ووَلَّى المَلامَة
الرَّجُلَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتأْثر اللَّهُ بِشَيْءٍ فَالْهَ عَنْهُ.
وَرَجُلٌ أَثُرٌ، عَلَى فَعُل، وأَثِرٌ: يسْتَأْثر عَلَى أَصحابه فِي
القَسْم. وَرَجُلٌ أَثْر، مِثَالُ فَعْلٍ: وَهُوَ الَّذِي يَسْتَأْثِر
عَلَى أَصحابه، مُخَفَّفٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ أَي يَحْتَاجُ «1» .
لِنَفْسِهِ أَفعالًا وأَخلاقاً حَسَنَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ للأَنصار: إِنكم ستَلْقَوْنَ بَعْدي أَثَرَةً فاصْبروا
؛ الأَثَرَة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ: الِاسْمُ مِنْ آثَرَ
يُؤْثِر إِيثاراً إِذا أَعْطَى، أَراد أَنه يُسْتَأْثَرُ عَلَيْكُمْ
فَيُفَضَّل غيرُكم فِي نَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ. والاستئثارُ:
الِانْفِرَادُ بِالشَّيْءِ؛ ومنه حديث
عمر: فو الله مَا أَسْتَأْثِرُ بِهَا عَلَيْكُمْ وَلَا آخُذُها
دُونَكُمْ
، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ لَمَّا ذُكر لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ
فَقَالَ: أَخْشَى حَفْدَه وأَثَرَتَه أَي إِيثارَه وَهِيَ الإِثْرَةُ،
وَكَذَلِكَ الأُثْرَةُ والأَثْرَة؛ وأَنشد أَيضاً:
ما آثروك بها إِذ قدَّموك لَهَا، ... لَكِنْ بِهَا استأْثروا، إِذ
كَانَتِ الإِثَرُ
وَهِيَ الأُثْرَى؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لَهُ: يَا ذِئْبُ هَل لكَ فِي أَخٍ ... يُواسِي بِلا أُثْرَى
عَلَيْكَ وَلَا بُخْلِ؟
وَفُلَانٌ أَثيري أَي خُلْصاني. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ قَدْ آثَرْت أَن
أَقول ذَلِكَ أُؤَاثرُ أَثْراً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن آثَرْتَ
أَنْ تأْتينا فأْتنا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، أَي إِن كَانَ لَا بُدَّ
أَن تأْتينا فأْتنا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: قَدْ أَثِرَ أَنْ
يَفْعلَ ذَلِكَ الأَمر أَي فَرغ لَهُ وعَزَم عَلَيْهِ. وَقَالَ
اللَّيْثُ: يُقَالُ لَقَدْ أَثِرْتُ بأَن أَفعل كَذَا وَكَذَا وَهُوَ
هَمٌّ فِي عَزْمٍ. وَيُقَالُ: افْعَلْ هَذَا يَا فُلَانُ آثِراً مَّا؛
إِن اخْتَرْتَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَافْعَلْ هَذَا إِمَّا لَا.
واسْتَأْثرَ اللَّهُ فُلَانًا وَبِفُلَانٍ إِذا مَاتَ، وَهُوَ مِمَّنْ
يُرجى لَهُ الْجَنَّةُ ورُجِيَ لَهُ الغُفْرانُ. والأَثْرُ والإِثْرُ
والأُثُرُ، عَلَى فُعُلٍ، وَهُوَ وَاحِدٌ لَيْسَ بِجَمْعٍ: فِرِنْدُ
السَّيفِ ورَوْنَقُه، وَالْجَمْعُ أُثور؛ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ الأَبرص:
ونَحْنُ صَبَحْنَا عامِراً يَوْمَ أَقْبَلوا ... سُيوفاً، عَلَيْهِنَّ
الأُثورُ، بَواتِكا
وأَنشد الأَزهري:
كأَنَّهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ، ... عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بِهَا
الأُثُرُ
وأَثْرُ السَّيْفِ: تَسَلْسُلُه وديباجَتُه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ
الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِ:
فإِنِّي إِن أَقَعْ بِكَ لَا أُهَلِّكْ، ... كَوَقْع السيفِ ذِي
الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإِن ثَعْلَبًا قَالَ: إِنما أَراد ذِي الأَثْرِ فَحَرَّكَهُ
لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا عِنْدِي
لأَنه لَوْ قَالَ ذِي الأَثْر فَسَكَّنَهُ عَلَى أَصله لَصَارَ
مفاعَلَتُن إِلى مفاعِيلن، وَهَذَا لَا يَكْسِرُ الْبَيْتَ، لَكِنَّ
الشَّاعِرَ إِنما أَراد تَوْفِيَةَ الْجُزْءِ فَحَرَّكَ لِذَلِكَ،
وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وأَبدل الفرنْدَ مِنَ الأَثَر. الْجَوْهَرِيُّ:
قَالَ يَعْقُوبُ لَا يَعْرِفُ الأَصمعي الأَثْر إِلا بِالْفَتْحِ؛
قَالَ: وأَنشدني عِيسَى بْنُ عُمَرَ لِخِفَافِ بْنِ نُدْبَةَ
وَنُدْبَةُ أُمّه:
جَلاهَا الصيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها خِفافاً، ... كلُّها يَتْقي بأَثْر
__________
(1) . قوله: [أي يحتاج] كذا بالأصل. ونص الصحاح: رجل أثر، بالضم على
فعل بضم العين، إذا كان يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أخلاقاً إلخ
(4/8)
أَي كُلُّهَا يَسْتَقْبِلُكَ بِفَرِنَدِهِ،
ويَتْقِي مُخَفَّفٌ مِنْ يَتَّقي، أَي إِذا نَظَرَ النَّاظِرُ إِليها
اتَّصَلَ شُعَاعُهَا بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ النَّظَرِ
إِليها، وَيُقَالُ تَقَيْتُه أَتْقيه واتَّقَيْتُه أَتَّقِيه. وَسَيْفٌ
مأْثور: فِي مَتْنِهِ أَثْر، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُقَالُ إِنه
يَعْمَلُهُ الْجِنُّ وَلَيْسَ مِنَ الأَثْرِ الَّذِي هُوَ الْفِرِنْدُ؛
قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِني أُقَيِّدُ بالمأْثُورِ راحِلَتي، ... وَلَا أُبالي، وَلَوْ كنَّا
عَلَى سَفَر
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ المَأْثور مَفْعول لَا فِعْلَ
لَهُ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَبو عَلِيٍّ في المَفْؤُود الَّذِي هُوَ
الْجَبَانُ. وأُثْر الْوَجْهِ وأُثُرُه: مَاؤُهُ ورَوْنَقُه وأَثَرُ
السَّيْفِ: ضَرْبَته. وأُثْر الجُرْح: أَثَرهُ يبقى بعد ما يبرأُ.
الصِّحَاحُ: والأُثْر، بِالضَّمِّ، أَثَر الْجُرْحِ يَبْقَى بَعْدَ
البُرء، وَقَدْ يُثَقَّلُ مِثْلَ عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وأَنشد:
عَضْبٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بِهَا الأُثر
هَذَا الْعَجُزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
بيضٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بِهَا الأَثر
وَالصَّحِيحُ مَا أَوردناه؛ قَالَ: وَفِي النَّاسِ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا
عَلَى الْفِرِنْدِ. والإِثْر والأُثْر: خُلاصة السمْن إِذا سُلِئَ
وَهُوَ الخَلاص والخِلاص، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ إِذا فَارَقَهُ
السَّمْنُ؛ قَالَ:
والإِثْرَ والضَّرْبَ مَعًا كالآصِيَه
الآصِيَةُ: حُساءٌ يُصْنَعُ بِالتَّمْرِ؛ وَرَوَى الإِيادي عَنْ أَبي
الْهَيْثَمِ أَنه كَانَ يَقُولُ الإِثر، بِكَسْرَةِ الْهَمْزَةِ،
لِخُلَاصَةِ السَّمْنِ؛ وأَما فِرِنْدُ السَّيْفِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ
أُثْر. ابْنُ بُزُرج: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى إِثْرِي وأَثَري؛ قَالُوا:
أُثْر السَّيْفِ، مَضْمُومٌ: جُرْحه، وأَثَرُه، مَفْتُوحٌ: رَوْنَقُهُ
الَّذِي فِيهِ. وأُثْرُ الْبَعِيرِ فِي ظَهْرِهِ، مَضْمُومٌ؛ وأَفْعَل
ذَلِكَ آثِراً وأَثِراً. وَيُقَالُ: خَرَجْتُ فِي أَثَرِه وإِثْرِه،
وَجَاءَ فِي أَثَرِهِ وإثِرِه، وَفِي وَجْهِهِ أَثْرٌ وأُثْرٌ؛ وَقَالَ
الأَصمعي: الأُثْر، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، مِنَ الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ
فِي الْجَسَدِ يبرأُ وَيَبْقَى أَثَرُهُ. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ فِي
هَذَا أَثْرٌ وأُثْرٌ، وَالْجَمْعُ آثَارٌ، وَوَجْهُهُ إِثارٌ،
بِكَسْرِ الأَلف. قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ أُثُور كُنْتَ مُصِيبًا.
وَيُقَالُ: أَثَّر بِوَجْهِهِ وَبِجَبِينِهِ السُّجُودُ وأَثَّر فِيهِ
السَّيْفُ والضَّرْبة. الْفَرَّاءُ: ابدَأْ بِهَذَا آثِرًا مَّا،
وآثِرَ ذِي أَثِير، وأَثيرَ ذِي أَثيرٍ أَي ابدَأْ بِهِ أَوَّل كُلِّ
شَيْءٍ. وَيُقَالُ: افْعَلْه آثِراً مَا وأَثِراً مَا أَي إِن كُنْتَ
لَا تَفْعَلُ غَيْرَهُ فَافْعَلْهُ، وَقِيلَ: افْعَلْهُ مُؤثراً له على
غيره، وما زَائِدَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهَا، لأَن
مَعْنَاهُ افْعَلْهُ آثِراً مُخْتَارًا لَهُ مَعْنيّاً بِهِ، مِنْ
قَوْلِكَ: آثَرْتُ أَن أَفعل كَذَا وَكَذَا. ابْنُ الأَعرابي: افْعَلْ
هَذَا آثِرَا مَّا وَآثِرًا، بِلَا مَا، وَلَقِيتُهُ آثِراً مَّا،
وأَثِرَ ذاتِ يَدَيْن وَذِي يَدَيْن وآثِرَ ذِي أَثِير أَي أَوَّل
كُلِّ شَيْءٍ، وَلَقِيتُهُ أَوَّل ذِي أَثِيرٍ، وإِثْرَ ذِي أَثِيرٍ؛
وَقِيلَ: الأَثير الصُّبْحُ، وَذُو أَثيرٍ وَقْتُه؛ قَالَ عُرْوَةُ
بْنُ الْوَرْدِ:
فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ؟ فَقُلْت: أَلْهُو ... إِلى الإِصْباحِ آثِرَ
ذِي أَثِير
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِثْرَ ذِي أَثِيرَيْن وأَثَرَ ذِي
أَثِيرَيْن وإِثْرَةً مَّا. الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِمْ: خُذْ هَذَا
آثِراً مَا، قَالَ: كأَنه يُرِيدُ أَن يأْخُذَ مِنْهُ وَاحِدًا وَهُوَ
يُسامُ عَلَى آخَرَ فَيَقُولُ: خُذْ هَذَا الْوَاحِدَ آثِراً أَي قَدْ
آثَرْتُك بِهِ وَمَا فِيهِ حَشْوٌ ثُمَّ سَلْ آخَرَ. وَفِي نَوَادِرِ
الأَعراب: يُقَالُ أَثِرَ فُلانٌ بقَوْل كَذَا وَكَذَا وطَبِنَ وطَبِقَ
ودَبِقَ ولَفِقَ وفَطِنَ، وَذَلِكَ إِذا أَبصر الشَّيْءَ وضَرِيَ
بِمَعْرِفَتِهِ وحَذِقَه. والأُثْرَة: الْجَدْبُ وَالْحَالُ غَيْرُ
الْمَرْضِيَّةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
(4/9)
إِذا خافَ مِنْ أَيْدِي الحوادِثِ
أُثْرَةً، ... كفاهُ حمارٌ، مِنْ غَنِيٍّ، مُقَيَّدُ
وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنكم ستَلْقَوْن
بَعْدي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الْحَوْضِ.
وأَثَر الفَحْلُ النَّاقَةَ يَأْثُرُها أَثْراً: أَكثَرَ ضِرابها.
أجر: الأَجْرُ: الْجَزَاءُ عَلَى الْعَمَلِ، وَالْجَمْعُ أُجور.
والإِجارَة: مِنْ أَجَر يَأْجِرُ، وَهُوَ مَا أَعطيت مِنْ أَجْر فِي
عَمَلٍ. والأَجْر: الثَّوَابُ؛ وَقَدْ أَجَرَه اللَّهُ يأْجُرُه
ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه اللَّهُ إِيجاراً. وأْتَجَرَ الرجلُ:
تَصَدَّقَ وَطَلَبَ الأَجر. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الأَضاحي:
كُلُوا وادَّخِرُوا وأْتَجِروا
أَي تَصَدَّقُوا طَالِبِينَ لِلأَجْرِ بِذَلِكَ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ
فِيهِ اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ
لأَنَّه مِنَ الأَجر لَا مِنَ التِّجَارَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:
وَقَدْ أَجازه الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِهِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ
بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ قَضَى النَّبِيُّ، صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، صلاتَه فَقَالَ: مَنْ يَتّجِر يَقُومُ
فَيُصَلِّي مَعَهُ،
قَالَ: وَالرِّوَايَةُ إِنما هِيَ يأْتَجِر، فإِن صَحَّ فِيهَا
يَتَّجِرُ فَيَكُونُ مِنَ التِّجَارَةِ لَا مِنَ الأَجر كأَنه
بِصَلَاتِهِ مَعَهُ قَدْ حصَّل لِنَفْسِهِ تِجارة أَي مَكْسَباً؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ:
وَمَنْ أَعطاها مُؤْتَجِراً بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: آجَرَني اللَّهُ فِي مُصِيبَتِي وأَخْلف لِي خَيْراً
مِنْهَا
؛ آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر وَالْجَزَاءَ،
وَكَذَلِكَ أَجَرَه يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر مِنْهُمَا آجِرْني
وأْجُرْني. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا
؛ قِيلَ: هُوَ الذِّكْر الْحَسَنُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ
مِنْ أُمة مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى وَالْيَهُودِ
وَالْمَجُوسِ إِلَّا وَهُمْ يُعَظِّمُونَ إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا
وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقِيلَ: أَجْرُه فِي الدُّنْيَا
كونُ الأَنبياء مِنْ وَلَدِهِ، وَقِيلَ: أَجْرُه الولدُ الصَّالِحُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ. وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فَهُوَ
مأْجور، وَآجِرُهُ، يُؤَجِّرُهُ إِيجاراً ومؤاجَرَةً، وكلٌّ حسَنٌ مِنْ
كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَآجَرْتُ عَبْدِي أُوجِرُه إِيجاراً، فَهُوَ
مُؤْجَرٌ. وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي
آتَيْتَ أُجُورَهُنَ
. وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها
بأَجْرٍ؛ وَآجَرَ الإِنسانَ واستأْجره. والأَجيرُ: المستأْجَرُ،
وَجَمْعُهُ أُجَراءُ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فِيهِ، ... إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا
أَجابا
وَالِاسْمُ مِنْهُ: الإِجارةُ. والأُجْرَةُ: الْكِرَاءُ. تَقُولُ:
استأْجرتُ الرجلَ، فَهُوَ يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يَصِيرُ أَجيري.
وأْتَجَرَ عَلَيْهِ بِكَذَا: مِنَ الأُجرة؛ وَقَالَ أَبو دَهْبَلٍ
الجُمحِي، وَالصَّحِيحُ أَنه لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ الْخَارِجِيِّ:
يَا أَحْسنَ الناسِ، إِلّا أَنّ نائلَها، ... قِدْماً لِمَنْ يَرْتَجي
مَعْرُوفَهَا، عَسِرُ
وإِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ بِهِ، ... وإِنما قَلْبُها لِلْمُشْتَكِي
حَجَرُ
هَلْ تَذْكُريني؟ ولمَّا أَنْسَ عهدكُمُ، ... وقدْ يَدومُ لِعَهْدِ
الخُلَّةِ الذِّكَرُ
قَوْلي، ورَكْبُكِ قَدْ مَالَتْ عمائمُهُم، ... وَقَدْ سَقَاهُمْ
بكَأْس النَّومَةِ السهرُ:
يَا لَيْت أَني بأَثوابي وَرَاحِلَتِي ... عبدٌ لأَهلِكِ، هَذَا
الشهرَ، مُؤْتَجَرُ
إِنْ كَانَ ذَا قَدَراً يُعطِيكِ نَافِلَةً ... منَّا ويَحْرِمُنا، مَا
أَنْصَفَ القَدَرُ
(4/10)
جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها،
... تَرْمِي القلوبَ بقوسٍ مَا لَهَا وَتَرُ
قَوْلُهُ: يَا لَيْتَ أَني بأَثوابي وَرَاحِلَتِي أَي مَعَ أَثوابي.
وَآجَرْتُهُ الدارَ: أَكريتُها، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وأَجرْتُه.
والأُجْرَةُ والإِجارَةُ والأُجارة: مَا أَعْطيتَ مِنْ أَجرٍ. قَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى ثَعْلَبًا حَكَى فِيهِ الأَجارة، بِالْفَتْحِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ
؛ قَالَ الفرّاءُ: يَقُولُ أَن تَجْعَلَ ثَوَابِي أَن تَرْعَى عليَّ
غَنمي ثَمَانِي حِجَج؛ وَرَوَى يُونُسُ: مَعْنَاهَا عَلَى أَن
تُثِيبَني عَلَى الإِجارة؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: آجركَ
اللهُ أَي أَثابك اللَّهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: قالَتْ
إِحْداهُما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ
؛ أَي اتَّخِذْهُ أَجيراً؛ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ
الْأَمِينُ
؛ أَي خيرَ مَنِ اسْتَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ عَلَى عَمَلِكَ وأَدَّى
الأَمانة. قَالَ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَن تأْجُرَني ثمانيَ حِجَج أَي
تَكُونُ أَجيراً لِي. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أُجِرَ فلانٌ
خَمْسَةً مِنْ وَلَدِه أَي مَاتُوا فَصَارُوا أَجْرَهُ. وأَجِرَتْ يدُه
تأْجُر وتَأْجِرُ أَجْراً وإِجاراً وأُجوراً: جُبِرَتْ عَلَى غَيْرِ
اسْتِوَاءٍ فَبَقِيَ لَهَا عَثْمٌ، وَهُوَ مَشَشٌ كَهَيْئَةِ الْوَرَمِ
فِيهِ أَوَدٌ؛ وآجَرَها هُوَ وآجَرْتُها أَنا إِيجاراً.
الْجَوْهَرِيُّ: أَجَرَ العظمُ يأْجُر ويأْجِرُ أَجْراً وأُجوراً أَي
برئَ عَلَى عَثْمٍ. وَقَدْ أُجِرَتْ يدُه أَي جُبِرَتْ، وآجَرَها اللهُ
أَي جَبَرَهَا عَلَى عَثْمٍ. وَفِي حَدِيثِ ديَة التَّرْقُوَةِ:
إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كَانَ فِيهَا أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة
؛ الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً وأُجوراً إِذا جُبرت
عَلَى عُقْدَة وَغَيْرِ اسْتِوَاءٍ فَبَقِيَ لَهَا خُرُوجٌ عَنْ
هَيْئَتِهَا. والمِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كَمَا
يَصْلُبُ الْعَظْمُ الْمَجْبُورُ؛ قَالَ الأَخطل:
والوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ فِي شَرِيدِهِم، ... كأَنه لاعبٌ يَسْعَى
بِمِئْجارِ
الْكِسَائِيُّ: الإِجارةُ فِي قَوْلِ الْخَلِيلِ: أَن تَكُونَ القافيةُ
طَاءً والأُخرى دَالًا. وَهَذَا مِنْ أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ
عَلَى غَيْرِ استواءٍ؛ وَهُوَ فِعَالَةٌ مِنْ أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ
مِنْ أَمَرَ. والأَجُورُ واليَأْجُورُ والآجِرُون [الآجُرُون]
والأُجُرُّ والآجُرُّ [الآجِرُّ] والآجُرُ [الآجِرُ] : طبيخُ الطِّينِ،
الْوَاحِدَةُ، بِالْهَاءِ، أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّة؛ أَبو
عَمْرٍو: هُوَ الآجُر، مُخَفَّفُ الرَّاءِ، وَهِيَ الآجُرَة. وَقَالَ
غَيْرُهُ: آجِرٌ وآجُورٌ، عَلَى فاعُول، وَهُوَ الَّذِي يُبْنَى بِهِ،
فَارِسِيُّ مُعَرَّبٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ آجُرَّة
وآجُرٌّ لِلْجَمْعِ، وآجُرَةُ وَجَمْعُهَا آجُرٌ، وأَجُرَةٌ
وَجَمْعُهَا أَجُرٌ، وآجُورةٌ وَجَمْعُهَا آجُورٌ. والإِجَّارُ:
السَّطح، بِلُغَةِ الشَّامِ وَالْحِجَازِ، وَجَمْعُ الإِجَّار
أَجاجِيرُ وأَجاجِرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِجَّار والإِجَّارةُ سَطْحٌ
لَيْسَ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ بَاتَ عَلَى إِجَّارٍ لَيْسَ حَوْلَهُ مَا يَرُدُّ قَدَمَيْهِ
فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذمَّة.
الإِجَّارُ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: السَّطحُ الَّذِي لَيْسَ
حَوْلَهُ مَا يَرُدُّ الساقِطَ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ
مَسْلَمَةَ:
فإِذا جَارِيَةٌ مِنَ الأَنصار عَلَى إِجَّارٍ لَهُمْ
؛ والإِنْجارُ، بِالنُّونِ: لُغَةٌ فِيهِ، وَالْجَمْعُ الأَناجِيرُ.
وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فِي السوق وعلى الأَجاجيرِ والأَناجِيرِ
؛ يَعْنِي السطوحَ، والصوابُ فِي ذَلِكَ الإِجَّار. ابْنُ السِّكِّيتِ:
مَا زَالَ ذَلِكَ إِجِّيراهُ أَي عَادَتَهُ. وَيُقَالُ لأُم إِسماعيلَ:
هاجَرُ وآجَرُ، عليهما السلام.
أخر: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: الآخِرُ والمؤخِّرُ، فالآخِرُ هُوَ
الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خلقِه كُلِّهِ ناطقِه وصامتِه، والمؤخِّرُ
(4/11)
هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ الأَشياءَ فَيضعُها
فِي مواضِعها، وَهُوَ ضِدُّ المُقَدِّمِ، والأُخُرُ ضِدُّ القُدُمِ.
تَقُولُ: مَضَى قُدُماً وتَأَخَّرَ أُخُراً، والتأَخر ضِدُّ
التَّقَدُّمِ؛ وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْهُ تَأَخُّراً وتَأَخُّرَةً
وَاحِدَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَهَذَا مُطَّرِدٌ، وإِنما
ذَكَرْنَاهُ لأَن اطِّراد مِثْلِ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ مَنْ لَا
دُرْبَة لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ. وأَخَّرْتُه فتأَخَّرَ، واستأْخَرَ
كتأَخَّر. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا
يَسْتَقْدِمُونَ*
؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ
؛ يَقُولُ: عَلِمْنَا مَنْ يَستقدِم مِنْكُمْ إِلى الْمَوْتِ وَمَنْ
يَستأْخرُ عَنْهُ، وَقِيلَ:
عَلِمنا مُستقدمي الأُمم ومُسْتأْخِريها، وَقَالَ ثعلبٌ: عَلمنا مَنْ
يأْتي مِنْكُمْ إِلى الْمَسْجِدِ متقدِّماً وَمَنْ يأْتي متأَخِّراً،
وَقِيلَ: إِنها كَانَتِ امرأَةٌ حَسْنَاءُ تُصلي خَلْفَ رسولُ اللَّهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَنْ يُصَلِّي فِي النِّسَاءِ،
فَكَانَ بعضُ مَنْ يُصلي يَتأَخَّرُ فِي أَواخِرِ الصُّفُوفِ، فإِذا
سَجَدَ اطَّلَعَ إِلَيْهَا مِنْ تَحْتِ إِبطه، وَالَّذِينَ لَا يقصِدون
هَذَا المقصِدَ إِنما كَانُوا يَطْلُبُونَ التَّقَدُّمَ فِي الصُّفُوفِ
لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عمرُ
؛ يُقَالُ: أَخَّرَ وتأَخَّرَ وقَدَّمَ وتقَدَّمَ بِمَعْنًى؛
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ؛ أَي لَا تَتَقَدَّمُوا، وَقِيلَ: معناهُ أَخِّر عَنِّي
رَأْيَكَ فاختُصِر إِيجازاً وَبَلَاغَةً. والتأْخيرُ: ضدُّ
التَّقْدِيمِ. ومُؤَخَّرُ كُلِّ شَيْءٍ، بِالتَّشْدِيدِ: خِلَافُ
مُقَدَّمِه. يُقَالُ: ضَرَبَ مُقَدَّمَ رأْسه ومؤَخَّره. وآخِرَةُ
العينَ ومُؤْخِرُها ومؤْخِرَتُها: مَا وَليَ اللِّحاظَ، وَلَا يقالُ
كَذَلِكَ إِلا فِي مؤَخَّرِ الْعَيْنِ. ومُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِثْلُ
مُؤمِنٍ: الَّذِي يَلِي الصُّدْغَ، ومُقْدِمُها: الَّذِي يَلِي
الأَنفَ؛ يُقَالُ: نَظَرَ إِليه بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ وبمُقْدِمِ
عَيْنِهِ؛ ومُؤْخِرُ الْعَيْنِ ومقدِمُها: جَاءَ فِي الْعَيْنِ
بِالتَّخْفِيفِ خَاصَّةً. ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته
وآخِره، كُلُّهُ: خِلَافُ قادِمته، وَهِيَ الَّتِي يَسْتنِدُ إِليها
الرَّاكِبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا وضَعَ أَحدكُم بَيْنَ يَدَيْهِ مِثلَ آخِرة الرحلِ فَلَا يُبَالِي
مَنْ مرَّ وراءَه
؛ هِيَ بِالْمَدِّ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَسْتنِدُ إِليها الرَّاكِبُ
مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مِثْلَ مؤْخرة
؛ وَهِيَ بِالْهَمْزِ وَالسُّكُونِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي آخِرَتِه،
وَقَدْ مَنَعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ وَلَا يُشَدَّدُ. ومُؤْخِرَة
السَّرْجِ: خلافُ قادِمتِه. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: واسِطُ الرَّحْلِ
لِلَّذِي جَعَلَهُ اللَّيْثُ قادِمَه. وَيَقُولُونَ: مُؤْخِرَةُ
الرَّحْلِ وآخِرَة الرَّحْلِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ
مُؤْخِرَة. وَلِلنَّاقَةِ آخِرَان وَقَادِمَانِ: فخِلْفاها المقدَّمانِ
قَادِمَاهَا، وخِلْفاها المؤَخَّران آخِراها، والآخِران مِنَ
الأَخْلاف: اللَّذَانِ يَلِيَانِ الفخِذَين؛ والآخِرُ: خلافُ الأَوَّل،
والأُنثَى آخِرَةٌ. حَكَى ثعلبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دُخُولًا والآخِراتُ
خُرُوجًا. الأَزهري: وأَمَّا الآخِرُ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُوَ الأَوَّل والآخِر وَالظَّاهِرُ
وَالْبَاطِنُ. رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ وَهُوَ
يُمَجِّد اللَّهَ: أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شيءٌ وأَنت
الآخِرُ فَلَيْسَ بعدَك شَيْءٌ.
اللَّيْثُ: الآخِرُ وَالْآخِرَةُ نَقِيضُ الْمُتَقَدِّمِ والمتقدِّمة،
والمستأْخِرُ نَقِيضُ الْمُسْتَقْدِمِ، والآخَر، بِالْفَتْحِ: أَحد
الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ عَلَى أَفْعَلَ، والأُنثى أُخْرَى، إِلَّا
أَنَّ فِيهِ مَعْنَى الصِّفَةِ لأَنَّ أَفعل مِنْ كَذَا لَا يَكُونُ
إِلا فِي الصِّفَةِ. والآخَرُ بِمَعْنَى غَير كَقَوْلِكَ رجلٌ آخَرُ
وَثَوْبٌ آخَرُ، وأَصله أَفْعَلُ مِنَ التَّأَخُّر، فَلَمَّا
اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ استُثْقِلتا فأُبدلت
الثَّانِيَةُ أَلفاً لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ الأُولى قَبْلَهَا.
قَالَ الأَخفش: لو جعلْتَ في الشِّعْرِ آخِر مَعَ جَابِرٍ لَجَازَ؛
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا هُوَ
(4/12)
الْوَجْهُ الْقَوِيُّ لأَنه لَا يحققُ
أَحدٌ هَمْزَةَ آخِر، وَلَوْ كَانَ تَحْقِيقُهَا حَسَنًا لَكَانَ
التحقيقُ حَقِيقًا بأَن يُسمع فِيهَا، وإِذا كَانَ بَدَلًا أَلْبَتَّةَ
وَجَبَ أَن يُجْرى عَلَى مَا أَجرته عَلَيْهِ العربُ مِنْ مُرَاعَاةِ
لَفْظِهِ وَتَنْزِيلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ منزلةَ الأَلِفِ الزَّائِدَةِ
الَّتِي لَا حظَّ فِيهَا لِلْهَمْزِ نحو عالِم وصابِرٍ، أَلا تراهم لما
كسَّروا قالوا آخِرٌ وأَواخِرُ، كَمَا قَالُوا جابِرٌ وجوابِرُ؛ وَقَدْ
جَمَعَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بَيْنَ آخَرَ وقَيصرَ توهَّمَ الأَلِفَ
هَمْزَةً قَالَ:
إِذا نحنُ صِرْنا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ... وراءَ الحِساءِ مِنْ
مَدَافِعِ قَيْصَرَا
إِذا قُلتُ: هَذَا صاحبٌ قَدْ رَضِيتُه، ... وقَرَّتْ بِهِ العينانِ،
بُدّلْتُ آخَرا
وتصغيرُ آخَر أُوَيْخِرٌ جَرَتِ الأَلِفُ المخففةُ عَنِ الْهَمْزَةِ
مَجْرَى أَلِفِ ضَارِبٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَآخَرانِ يَقُومانِ
مَقامَهُما
؛ فسَّره ثعلبٌ فَقَالَ: فَمُسْلِمَانِ يقومانِ مقامَ النصرانيينِ
يَحْلِفَانِ أَنهما اخْتَانا ثُمَّ يُرْتجَعُ عَلَى النصرانِيَّيْن،
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ أَو آخَرانِ مِنْ غَيْرِ دِينِكُمْ
مِنَ النَّصَارَى واليهودِ وَهَذَا لِلسَّفَرِ وَالضَّرُورَةِ لأَنه
لَا تجوزُ شهادةُ كافرٍ عَلَى مسلمٍ فِي غَيْرِ هَذَا، وَالْجَمْعُ
بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، والأُنثى أُخرى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى
؛ جَاءَ عَلَى لَفْظِ صفةِ الواحدِ لأَن مآربَ فِي مَعْنَى جماعةٍ
أُخرى مِنَ الحاجاتِ ولأَنه رأُس آيَةٍ، وَالْجَمْعُ أُخْرَياتٌ
وأُخَرُ. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ فِي أُخْرَيَاتِ الناسِ وأُخرى القومِ
أَي فِي أَواخِرهِم؛ وأَنشد:
أَنا الَّذِي وُلِدْتُ فِي أُخرى الإِبلْ
وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي
أُخْراكُمْ
؛ مِنَ العربِ مَنْ يَقولُ فِي أُخراتِكُمْ وَلَا يجوزُ فِي القراءةِ.
اللَّيْثُ: يُقَالُ هَذَا آخَرُ وَهَذِهِ أُخْرَى فِي التَّذْكِيرِ
والتأْنيثِ، قَالَ: وأُخَرُ جَمَاعَةٌ أُخْرَى. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: وأُخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزواجٌ؛ أُخَرُ لَا ينصرِفُ
لأَن وحدانَها لَا تنصرِفُ، وَهُوَ أُخْرًى وآخَرُ، وَكَذَلِكَ كلُّ
جَمْعٍ عَلَى فُعَل لَا ينصرِفُ إِذا كَانَتْ وُحدانُه لَا تنصرِفُ
مِثلُ كُبَرَ وصُغَرَ؛ وَإِذَا كَانَ فُعَلٌ جَمْعًا لِفُعْلةٍ فإِنه
ينصرِفُ نَحْوَ سُتْرَةٍ وسُتَرٍ وحُفْرَةٍ وحُفْرٍ، وَإِذَا كَانَ
فُعَلٌ اسْمًا مَصْرُوفًا عَنْ فاعِلٍ لَمْ ينصرِفْ فِي الْمَعْرِفَةِ
ويَنْصَرِفُ فِي النَّكِرَةِ، وَإِذَا كَانَ اسْمًا لِطائِرٍ أَو
غَيْرِهِ فإِنه ينصرفُ نَحْوُ سُبَدٍ ومُرَعٍ، وَمَا أَشبههما.
وَقُرِئَ: وآخَرُ مِنْ شكلِه أَزواجٌ؛ عَلَى الواحدِ. وَقَوْلُهُ:
وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى
؛ تأْنيث الآخَر، وَمَعْنَى آخَرُ شيءٌ غيرُ الأَوّلِ؛ وقولُ أَبي
العِيالِ:
إِذا سَنَنُ الكَتِيبَةِ صَدَّ، ... عَنْ أُخْراتِها، العُصَبُ
قَالَ السُّكَّريُّ: أَراد أُخْرَياتِها فَحَذَفَ؛ وَمِثْلُهُ مَا
أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ويتَّقي السَّيفَ بأُخْراتِه، ... مِنْ دونِ كَفِّ الجارِ والمِعْصَمِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا مذهبُ البَغدادِيينَ، أَلا تَراهم
يُجيزُون فِي تَثْنِيَةِ قِرْقِرَّى قِرْقِرَّانِ، وَفِي نَحْوِ
صَلَخْدَى صَلَخْدانِ؟ إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّما هُوَ فِيمَا طَالَ
مِنَ الْكَلَامِ، وأُخْرَى لَيْسَتْ بطويلةٍ. قَالَ: وَقَدْ يمكنُ أَن
تَكُونَ أُخْراتُه وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ الأَلِفَ مَعَ الهاءِ تكونُ
لِغَيْرِ التأْنيثِ، فإِذا زَالَتِ الهاءُ صارتِ الأَلفُ حِينَئِذٍ
للتأْنيثِ، ومثلُهُ بُهْمَاةٌ، وَلَا يُنكرُ أَن تقدَّرَ الأَلِفُ
الواحدةُ فِي حالَتَيْنِ ثِنْتَيْنِ تقديرينِ اثنينِ، أَلَا تَرَى إِلى
قَوْلِهِمْ عَلْقَاةٌ بِالتَّاءِ؟ ثُمَّ
(4/13)
قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُور
فَجَعَلَهَا للتأْنيث وَلَمْ يصرِفْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى
أَصحابُنا أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: أُراهم
كأَصحابِ التصريفِ يَقُولُونَ إِنَّ عَلَامَةَ التأْنيثِ لَا تدخلُ
عَلَى عَلَامَةِ التأْنيثِ؛ وَقَدْ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
فَلَمْ يصرِفْ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَقُولُونَ عَلْقَاة، فَبَلَغَ
ذَلِكَ أَبا عثمانَ فَقَالَ: إنَّ أَبا عُبَيْدَةَ أَخفى مِن أَن
يَعرِف مِثْلَ هَذَا؛ يُرِيدُ مَا تقدَّم ذكرهُ مِنِ اختلافِ
التَّقْدِيرَيْنِ فِي حالَيْنِ مختلِفينِ. وقولُهُم: لَا أَفْعلهُ
أُخْرَى اللَّيَالِي أَي أَبداً، وأُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛
قَالَ:
وَمَا القومُ إِلَّا خمسةٌ أَو ثلاثةٌ، ... يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ
خَوْتَ الأَجادلِ
أَي مَنْ كَانَ فِي آخِرهم. والأَجادلُ: جَمْعُ أَجْدلٍ الصَّقْر.
وخَوْتُ البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قَالَ ابنُ بَرِّي: وَفِي
الْحَاشِيَةِ بيتٌ شاهدٌ عَلَى أُخْرَى المنونِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ
الْجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ لِكَعْبِ بْنِ مالِكٍ الأَنصارِيّ، وهو:
أَن لَا تَزَالُوا، مَا تَغَرَّدَ طائِرٌ ... أُخْرَى المنونِ،
مَوالياً إِخوانا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَبْلَهُ:
أَنَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ، ... وَلَقَدْ أَلَظَّ وأَكَّدَ
الأَيْمانا؟
وأُخَرُ: جَمْعُ أُخْرَى، وأُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، وَهُوَ غيرُ
مصروفٍ. وَقَالَ تَعَالَى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*
، لأَن أَفْعَلَ الَّذِي مَعَهُ مِنْ لَا يُجْمَعُ وَلَا يؤنَّثُ مَا
دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ مِنْكَ وبامرأَةٍ أَفضل
مِنْكَ، فإِن أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ الأَلِفَ واللَام أَو أَضفتَه
ثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ وأَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ
وَبِالرِّجَالِ الأَفضلِينَ وبالمرأَة الفُضْلى وبالنساءِ الفُضَلِ،
ومررتُ بأَفضَلهِم وبأَفضَلِيهِم وبِفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ؛
وَقَالَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: صُغْراها مُرَّاها؛ وَلَا يَجُوزُ
أَن تَقُولَ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ وَلَا برجالٍ أَفضَلَ وَلَا بامرأَةٍ
فُضْلَى حَتَّى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عَلَيْهِ الأَلفَ واللامَ
وَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ آخَرُ لأَنه
يؤنَّثُ ويُجْمَعُ بغيرِ مِنْ، وَبِغَيْرِ الأَلف واللامِ، وَبِغَيْرِ
الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَبِرِجَالٍ أُخَرَ وآخَرِين،
وبامرأَة أُخْرَى وَبِنِسْوَةٍ أُخَرَ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْدُولًا،
وَهُوَ صِفَةٌ، مُنِعَ الصرفَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ
بِهِ رَجُلًا صرفتَه فِي النَّكِرَة عِنْدَ الأَخفشِ، وَلَمْ تَصرفْه
عِنْدَ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وعُلِّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني، ... فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ
كلُّه خَبَلُ
تصغيرُ أُخْرَى. والأُخْرَى والآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غَالِبَةٌ.
والآخِرُ بعدَ الأَوَّلِ، وَهُوَ صِفَةٌ، يُقَالُ: جَاءَ أَخَرَةً
وبِأَخَرَةٍ، بِفَتْحِ الخاءِ، وأُخَرَةً وبأُخَرةٍ؛ هَذِهِ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ بحرفٍ وَبِغَيْرِ حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شيءٍ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
كَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقولُ:
بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد أَن يقومَ مِنَ المجلِسِ كَذَا وَكَذَا
أَي فِي آخِر جُلُوسِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ
فِي آخِرِ عمرِه، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ والخاءُ؛ وَمِنْهُ
حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَمَّا كَانَ بِأَخَرَةٍ
وَمَا عَرَفْتُهُ إِلَّا بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً. وَيُقَالُ: لقيتُه
أَخيراً وَجَاءَ أُخُراً وأَخيراً وأُخْرِيّاً وإِخرِيّاً وآخِرِيّاً
(4/14)
وبآخِرَةٍ، بِالْمَدِّ، أَي آخِرَ كلِّ
شَيْءٍ، والأُنثى آخِرَةٌ، وَالْجَمْعُ أَواخِرُ. وأَتيتُكَ آخِر
مرتينِ وآخِرَةَ مرتينِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفَسِّرِ آخِر
مَرَّتَيْنِ وَلَا آخرَةَ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي
أَنها المرَّةُ الثانيةُ مِنَ المرَّتين. وشقَّ ثوبَه أُخُراً وَمِنْ
أُخُرٍ أَي مِنْ خَلْفٍ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يصفُ فَرَسًا
حِجْراً:
وعينٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، ... شُقَّتْ مآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وَعَيْنٌ حَدْرَةٌ أَي مُكْتَنِزَةٌ صُلْبة. والبَدْرَةُ: الَّتِي
تَبْدُر بِالنَّظَرِ، وَيُقَالُ: هِيَ التَّامَّةُ كالبَدْرِ.
وَمَعْنَى شُقَّتْ مِنْ أُخُرٍ: يَعْنِي أَنها مَفْتُوحَةٌ كأَنها
شُقَّتْ مِنْ مُؤْخِرِها. وبعتُه سِلْعَة بِأَخِرَةٍ أَي بنَظِرَةٍ
وتأْخيرٍ وَنَسِيئَةٍ، وَلَا يقالُ: بِعْتُه المتاعَ إِخْرِيّاً.
وَيُقَالُ فِي الشَّتْمِ: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ، بِكَسْرِ الْخَاءِ
وَقَصْرِ الأَلِف، والأَخِيرَ وَلَا تقولُه للأُنثى. وَحَكَى
بَعْضُهُمْ: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، بِالْمَدِّ، والآخِرُ والأَخِيرُ
الغائبُ. شَمِرٌ فِي قَوْلِهِمْ: إِنّ الأَخِرَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا،
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَخِرُ المؤَخَّرُ المطروحُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ:
مَعْنَى المؤَخَّرِ الأَبْعَدُ؛ قَالَ: أُراهم أَرادوا الأَخِيرَ
فأَنْدَروا الْيَاءَ. وَفِي حَدِيثِ
ماعِزٍ: إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى
؛ الأَخِرُ، بِوَزْنِ الكَبِد، هُوَ الأَبعدُ المتأَخِّرُ عَنِ
الْخَيْرِ. وَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بالأَخِر أَي بالأَبعد؛ ابْنُ
السِّكِّيتِ: يُقَالُ نَظَرَ إِليَّ بِمُؤْخِرِ عينِه. وضَرَبَ
مُؤَخَّرَ رأْسِه، وَهِيَ آخِرَةُ الرحلِ. والمِئخارُ: النخلةُ الَّتِي
يَبْقَى حملُها إِلَى آخِرِ الصِّرام: قَالَ:
تَرَى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئخارا، ... مِن وَقْعِه، يَنْتَثِرُ
انْتِثَارَا
وَيُرْوَى: تَرَى العَضِيدَ والعَضِيضَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ:
المئخارُ الَّتِي يَبْقَى حَمْلُها إِلى آخِرِ الشِّتَاءِ، وأَنشد
الْبَيْتَ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
المسأَلةُ أَخِرُ كَسْبِ المرءِ
أَي أَرذَلُه وأَدناهُ؛ وَيُرْوَى بِالْمَدِّ، أَي أَنّ السؤالَ آخِرُ
مَا يَكْتَسِبُ بِهِ المرءُ عِنْدَ العجز عن الكسب.
أدر: الأُدْرَةُ، بِالضَّمِّ: نفخةٌ فِي الخُصْيةِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ
آدَرُ بَيِّنُ الأَدَرِ. غيرُه: الأَدَرُ والمأْدُورُ الَّذِي
يَنْفَتِقُ صِفاقُهُ فيَقعُ قُصْبُه وَلَا يَنْفَتِقُ إِلَّا مِنْ
جَانِبِهِ الأَيسرِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُصيبهُ فَتْقٌ فِي إِحدى
الخُصْيتينِ، وَلَا يُقَالُ امرأَةٌ أَدْراءُ، إِما لأَنه لَمْ
يُسْمَعْ، وإِما أَن يَكُونَ لِاخْتِلَافِ الخِلْقَة؛ وَقَدْ أَدِرَ
يأْدَرُ أَدَراً، فَهُوَ آدَرُ، وَالِاسْمُ الأُدْرَةُ؛ وَقِيلَ:
الأَدَرَةُ الخُصْيَةُ، والخُصْيَةُ الأَدْراءُ: العظيمةُ مِنْ غَيْرِ
فَتْقٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَجُلًا أَتاه وبه أُدْرَةٌ
، فقال: ائْتِ بِعُسٍّ، فحَسا مِنْهُ ثُمَّ مَجَّه فِيهِ، وَقَالَ:
انْتَضِحْ بِهِ، فَذَهَبَتْ عَنْهُ الأُدْرَةُ. وَرَجُلٌ آدَرُ:
بَيِّنُ الأَدَرَةِ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ، وَهِيَ الَّتِي
تُسَمِّيهَا الناسُ القَيْلَةَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن بَنِي إِسرائيلَ كَانُوا يقولونَ إِن مُوسَى آدَرُ، مِنْ أَجل أَنه
كَانَ لَا يغتَسل إِلَّا وحدَه.
وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا
مُوسى «2» . اللَّيْثُ: الأَدَرَةُ والأَدَرُ مَصْدَرَانِ، والأُدْرَةُ
اسْمُ تِلْكَ المنْتَفِخَة، والآدَرُ نَعْتٌ.
أرر: الإِرَارُ والأَرُّ: غُصْنٌ مِنْ شَوْكٍ أَو قَتادٍ تُضْرَبُ بِهِ
الأَرضُ حَتَّى تلينَ أَطرافُه ثُمَّ تَبُلُّه وتَذُرُّ عَلَيْهِ
مِلحاً، ثُمَّ تُدخِلُه فِي رَحِم الناقةِ إِذا مارَنَتْ فَلَمْ
تَلْقَحْ، وَقَدْ أَرَّها يَؤُرُّها أَرّاً. قَالَ اللَّيْثُ: الإِرارُ
شِبهُ ظُؤْرَةٍ يَؤُرُّ بِهَا الرَّاعِي رَحِمَ الناقةِ إِذا مارَنَتْ،
وممارَنَتُها أَن يَضْرِبَها الفَحلُ فلا تَلْقَحَ.
__________
(2) . الآية
(4/15)
قَالَ: وتفسيرُ قَوْلِهِ يَؤُرُّها
الرَّاعِي هُوَ أَن يُدْخِلَ يَدَه فِي رَحمِها أَو يَقْطَعَ مَا
هُنَاكَ وَيُعَالِجَهُ. والأَرُّ: أَن يَأْخُذَ الرجلُ إِراراً، وَهُوَ
غصنٌ مِنْ شَوْكِ القَتادِ وَغَيْرِهِ، ويفعَلَ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
والأَرُّ: الْجِمَاعُ. وَفِي خِطْبَةِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: يُفْضي كإِفضْاءِ
الدِّيَكةِ ويَؤُرُّ بِملاقِحِه
؛ الأَرُّ: الْجِمَاعُ. وأَرَّ المرأَةَ يَؤُرُّها أَرّاً: نَكحها.
غَيْرُهُ: وأَرَّ فُلَانٌ إِذا شَفْتَنَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَمَا النَّاسُ إِلَّا آئِرٌ ومَئِيرُ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَعْنَى شَفْتَنَ ناكَحَ وجامَع، جَعَلَ أَرَّ
وآرَ بِمَعْنًى واحِد. أَبو عُبَيْدٍ: أَرَرْتُ المرأَةَ أَؤُرُّها
أَرّاً إِذا نَكَحْتَهَا. وَرَجُلٌ مِئَرٌّ: كَثِيرُ النِّكَاحِ؛
قَالَتْ بِنْتُ الحُمارِس أَو الأَغْلب: بَلَّتْ بِهِ عُلابِطاً
مِئَرّا، ضَخْمَ الكَراديس وَأًى زِبِرَّا أَبو عُبَيْدٍ: رَجُلٌ
مِئَرٌّ أَي كَثِيرُ النِّكَاحِ مأْخوذ مِنَ الأَيْر؛ قَالَ الأَزهري:
أَقرأَنيه الإِياديُّ عَنْ شَمِرٍ لأَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَهُوَ
عِنْدِي تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ مِيأَرٌ، بِوَزْنِ مِيعَرٍ، فَيَكُونُ
حينئذٍ مِفْعَلًا مِنْ آرَها يَئِيرُها أَيْراً؛ وإِن جَعَلْتَهُ مِنَ
الأَرِّ قُلْتَ: رَجُلٌ مِئَرُّ؛ وأَنشد أَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ دُرَيْدٍ أَبيات بِنْتِ الْحَمَارِسِ أَو الأَغلب. واليُؤْرُورُ:
الجِلْوازُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ. والأَريرُ:
حِكَايَةُ صَوْتِ الماجِن عِنْدَ القِمارِ والغَلَبة، يُقَالُ: أَرَّ
يَأَرُّ أَريراً. أَبو زَيْدٍ: ائْتَرَّ الرَّجُلُ ائْتِراراً إِذا
استَعْجل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَدري هُوَ بِالزَّايِ أَم
بِالرَّاءِ؛ وَقَدْ أَرَّ يَؤُرُّ. الإِرَّة: النَّارُ. وأَرَّ سَلْحَه
أَرّاً وأَرَّ هُوَ نَفْسُه إِذا اسْتَطْلَقَ حَتَّى يموتَ. وأَرْأَرْ:
من دُعاءِ الغنم.
أزر: أَزَرَ بِهِ الشيءُ: أَحاطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والإِزارُ:
مَعْرُوفٌ. والإِزار: المِلْحَفَة، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ عَنِ
اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ وبَزِّه، ... وقَدْ عَلِقَتْ دَمَ
القَتِيل إِزارُها
يَقُولُ: تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتِيل وتَتَحَرَّجُ ودمُ الْقَتِيلِ
فِي ثَوْبِهَا. وَكَانُوا إِذا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا قِيلَ: دَمُ
فُلَانٍ فِي ثَوْبِ فُلَانٍ أَي هُوَ قَتَلَهُ، وَالْجَمْعُ آزِرَةٌ
مِثْلُ حِمار وأَحْمِرة، وأُزُر مِثْلُ حِمَارٍ وحُمُر، حِجَازِيَّةٌ؛
وأُزْر: تَمِيِمِيَّةٌ عَلَى مَا يُقارب الاطِّراد فِي هَذَا
النَّحْوِ. والإِزارَةُ: الإِزار، كَمَا قَالُوا للوِساد وسادَة؛ قَالَ
الأَعشى:
كَتَمايُلِ، النَّشْوانِ يَرْفُلُ ... فِي البَقيرَة والإِزارَه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ أَنَّث الإِزار، وَيَجُوزُ أَن
يَكُونَ أَراد إِزارَتَها فَحَذَفَ الْهَاءَ كَمَا قَالُوا لَيْتَ
شِعْري، أَرادوا ليت شِعْرتي، وَهُوَ أَبو عُذْرِها وَإِنَّمَا
الْمَقُولُ ذَهَبَ بعُذْرتها. والإِزْرُ والمِئْزَرُ والمِئْزَرَةُ:
الإِزارُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
الِاعْتِكَافِ:
كَانَ إِذا دَخَلَ العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله وشَدَّ المئْزَرَ
؛ المئزَرُ: الإِزار، وَكَنَّى بِشَدِّهِ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ،
وَقِيلَ: أَراد تَشْمِيرَهُ لِلْعِبَادَةِ. يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا
الأَمر مِئْزَري أَي تَشَمَّرْتُ لَهُ؛ وَقَدِ ائْتَزَرَ بِهِ
وتأَزَّرَ. وائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حَسَنَةً وتأَزَّرَ: لَبِسَ
الْمِئْزَرَ، وَهُوَ مِثْلُ الجِلْسَةٍ والرِّكْبَةِ، وَيَجُوزُ أَن
تقول: اتَّزَرَ بِالْمِئْزَرِ أَيضاً فِيمَنْ يُدْغِمُ الْهَمْزَةَ فِي
التَّاءِ، كَمَا تَقُولُ: اتَّمَنْتُهُ، والأَصل ائْتَمَنْتُهُ.
وَيُقَالُ: أَزَّرْتهُ تأْزيراً
(4/16)
فَتَأَزَّرَ. وَفِي حَدِيثِ المْبعثَ:
قَالَ لَهُ وَرَقَةُ إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْراً
مُؤَزَّراً
أَي بَالِغًا شَدِيدًا يُقَالُ: أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده،
مِنَ الأَزْر: القُوَّةِ والشِّدّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ للأَنصار يَوْمَ السَّقِيفَةِ: لَقَدْ
نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ.
الْفَرَّاءُ: أَزَرْتُ فُلَانًا آزُرُه أَزْراً قَوَّيْتُهُ، وآزَرْتُه
عَاوَنْتُهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وازَرْتُه. وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ:
فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، عَلَى فَعَلَهُ، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ:
فَآزَرَهُ
. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آزَرْتُ الرجلَ عَلَى فُلَانٍ إِذا أَعنته
عَلَيْهِ وَقَوَّيْتَهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ؛
أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حَتَّى اسْتَوَى بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ.
وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: مِنَ الإِزارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مثلَ السِّنان نَكيراً عِنْدَ خِلَّتِهِ ... لِكُلِّ إِزْرَةِ هَذَا
الدَّهْرِ ذَا إِزَرِ
. وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ. وأَزَرْتُ فُلَانًا إِذا أَلبسته إِزاراً
فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: العَظَمَة إِزاري والكِبْرياء رِدَائِي
؛ ضَرَبَ بِهِمَا مَثَلًا فِي انْفِرَادِهِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ
وَالْكِبْرِيَاءِ أَي لَيْسَا كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي قَدْ
يَتَّصِفُ بِهَا الْخَلْقُ مَجَازًا كَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ
وَغَيْرَهِمَا، وشَبَّهَهُما بالإِزار وَالرِّدَاءِ لأَن الْمُتَّصِفَ
بِهِمَا يَشْتَمِلَانِهِ كَمَا يَشْتَمِلُ الرداءُ الإِنسان، وأَنه لَا
يُشَارِكُهُ فِي إِزاره وَرِدَائِهِ أَحدٌ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي
أَن يشاركه اللهَ تَعَالَى فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَحدٌ. وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ وتَردّى بِالْكِبْرِيَاءِ وَتَسَرْبَلَ
بِالْعِزِّ
؛ وَفِيهِ:
مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزارِ فَفِي النَّارِ
أَي مَا دُونَهُ مِنْ قدَم صَاحِبِهِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ، أَو
عَلَى أَن هَذَا الْفِعْلَ مَعْدُودٌ فِي أَفعال أَهل النَّارِ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ
فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ
؛ الإِزرة، بِالْكَسْرِ: الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِائْتِزَارِ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: قَالَ لَهُ أَبانُ بنُ سَعِيدٍ: مَا لِي أَراك
مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ، فقال: هَكَذَا كَانَ إِزْرَةُ صَاحِبِنَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُبَاشِرُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ مُؤْتَزِرَةٌ فِي حَالَةِ
الْحَيْضِ
؛ أَي مَشْدُودَةُ الإِزار. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جَاءَ فِي
بَعْضِ الرِّوَايَاتِ
وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ
، قال: وهو خطأٌ لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ.
والأُزْرُ: مَعْقِدُ الإِزارِ، وَقِيلَ: الإِزار كُلُّ مَا وَارَاكَ
وسَتَرك؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رأَيت
السَّرَوِيَّ «3» يَمْشِي فِي دَارِهِ عُرْياناً، فَقُلْتُ لَهُ:
عُرْيَانًا؟ فَقَالَ: دَارِي إِزاري. والإِزارُ: العَفافُ، عَلَى
الْمِثْلِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ ... فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً
بِإِزارِ
أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ عَفِيفُ المِئْزَر وَعَفِيفُ الإِزارِ إِذا
وُصِفَ بِالْعِفَّةِ عَمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ،
وَيُكَنَّى بالإِزار عَنِ النَّفْسِ وَعَنِ المرأَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، وَكُنْيَتُهُ أَبو المِنْهالِ، وَكَانَ
كَتَبَ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبياتاً مِنَ الشِّعْرِ يُشِيرُ
فِيهَا إِلَى رَجُلٍ، كَانَ وَالِيًا عَلَى مَدِينَتِهِمْ، يُخْرِجُ
الجواريَ إِلى سَلْعٍ عِنْدَ خُرُوجِ أَزواجهن إِلى الْغَزْوِ،
فيَعْقِلُهُن وَيَقُولُ لَا يَمْشِي فِي العِقال إِلا الحِصَان،
فَرُبَّمَا وَقَعَتْ فَتَكَشَّفَتْ، وَكَانَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ
جَعْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيَّ؛ فَقَالَ:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رَسُولًا ... فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي
ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا ... شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ
الحِصَارِ
__________
(3) . قوله [السروي] هكذا بضبط الأصل.
(4/17)
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ، ...
قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، ... وأَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ
أَو غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيمٍ، ... غَوِيٌّ يَبْتَغِي سَقَطَ
العَذارِي
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ، ... وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ
الخِيَارِ
وَكَنَّى بِالْقَلَائِصِ عَنِ النِّسَاءِ وَنَصَبَهَا عَلَى الإِغراء،
فَلَمَّا وَقَفَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى الأَبيات
عَزَلَهُ وسأَله عَنْ ذَلِكَ الأَمر فَاعْتَرَفَ، فَجَلَدَهُ مِائَةً
مَعْقُولًا وأَطْرَدَهُ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ فأَخرجه
مِنَ الشَّامِ وَلَمْ يأْذن لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ
سُئِلَ فِيهِ أَن يَدْخُلَ لِيُجَمِّعَ، فَكَانَ إِذا رَآهُ عُمَرُ
تَوَعَّدَهُ؛ فَقَالَ:
أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ، ... أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو
وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ، ... وَلَا بالخَالِعِ الرَّسَنِ
الشَّرُودِ
وَقَوْلُ جعدة قوله «1» . بن عبد الله السلمي:
فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
. أَي أَهلي ونفسي؛ وقال أَبو عَمْرٍو الجَرْمي: يُرِيدُ بالإِزار
هاهنا المرأَة. وَفِي حَدِيثِ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ:
لَنَمْنَعَنَّك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنا
أَي نِسَاءَنَا وأَهلنا، كَنَّى عَنْهُنَّ بالأُزر، وَقِيلَ: أَراد
أَنفسنا. ابْنُ سِيدَهْ: والإِزارُ المرأَة، عَلَى التَّشْبِيهِ؛
أَنشد، الْفَارِسِيُّ:
كَانَ مِنْهَا بِحَيْثُ تُعْكَى الإِزارُ
وفرسٌ آزَرُ: أَبيض العَجُز، وَهُوَ مَوْضِعُ الإِزار مِنَ الإِنسان.
أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ آزَرُ، وَهُوَ الأَبيض الفخذَين ولونُ
مَقَادِيمِهِ أَسودُ أَو أَيُّ لَوْنٍ كَانَ. والأَزْرُ: الظهر
والقوّة؛ وقال الْبُعَيْثُ:
شَدْدَتُ لَهُ أَزْري بِمِرَّةِ حازمٍ ... عَلَى مَوْقِعٍ مِنْ أَمره
مَا يُعاجِلُهْ
ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اشْدُدْ بِهِ أَزري؛ قَالَ
الأَزر الْقُوَّةُ، والأَزْرُ الظَّهْرُ، والأَزر الضَّعْفُ.
والإِزْرُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: الأَصل. قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ
الأَزْرَ الْقُوَّةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ اشْدُدْ بِهِ أَزري أَي
اشْدُدْ بِهِ قُوَّتِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الظَّهْرَ قَالَ شِدَّ بِهِ
ظَهْرِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الضَّعْف قَالَ شِدَّ بِهِ ضَعْفِي وقوِّ
بِهِ ضَعْفِي؛ الْجَوْهَرِيُّ: اشدد به أَزري أَي ظَهْرِي وموضعَ
الإِزار مِنَ الحَقْوَيْن. وآزَرَهُ ووازَرَهُ: أَعانه عَلَى الأَمر؛
الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ، وَهُوَ شَاذٌّ، والأَوّل أَفصح. وأَزَرَ
الزَّرْعُ وتَأَزَّرَ: قَوَّى بَعْضُهُ بَعْضًا فَالْتَفَّ وَتَلَاحَقَ
وَاشْتَدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَأَزَّرَ فِيهِ النبتُ حَتَّى تَخايَلَتْ ... رُباه، وَحَتَّى مَا
تُرى الشَّاءُ نُوَّما
وآزَر الشيءُ الشيءَ: ساواه وحاذاه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِمَحْنِيَّةٍ قَدْ آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها ... مَضَمِّ جُيوشٍ
غانِمين، وخُيَّبِ «2»
. أَي سَاوَى نبتُها الضَّالَّ، وَهُوَ السِّدْر الْبَرِّيُّ، أَراد:
فَآزَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَسَاوَى الفِراخُ الطِّوالَ فَاسْتَوَى
طُولُهَا. وأَزَّرَ النبتُ الأَرضَ: غَطَّاهَا؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ
النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وآزَرُ: اسْمٌ أَعجمي، وَهُوَ اسْمُ أَبي إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا
__________
(1) . [وقول جعدة إلخ] هكذا في الأصل المعتمد عليه، ولعل الأولى أن
يقول وقول نفيلة الأكبر الأشجعي إلخ لأنه هو الذي يقتضيه سياق الحكاية
(2) . قوله [مضمّ] في نسخة مجر كذا بهامش الأصل
(4/18)
وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وأَما
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
؛ قال أَبو إِسحق: يقرأُ بِالنَّصْبِ آزرَ، فَمَنْ نَصَبَ فَمَوْضِعُ
آزَرَ خَفْضُ بَدَلٍ مِنْ أَبيه، وَمَنْ قرأَ آزرُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ
عَلَى النِّدَاءِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ النسَّابين اخْتِلَافٌ أَن
اسْمَ أَبيه كَانَ تارَخَ والذي في الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَن
اسْمَهُ آزَرُ، وَقِيلَ: آزَرُ عِنْدَهُمْ ذمُّ فِي لُغَتِهِمْ كأَنه
قَالَ وإِذ قَالَ: إِبراهيم لأَبيه الْخَاطِئِ، وَرُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: آزَرَ أَتتخذ أَصناماً، قَالَ لَمْ يَكُنْ
بأَبيه وَلَكِنْ آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ، وإِذا كَانَ اسْمَ صَنَمٍ
فَمَوْضِعُهُ نصب كأَنه قَالَ إِبراهيم لأَبيه أَتتخذ آزَرَ إِلهاً،
أَتتخذ أَصناماً آلهة؟.
أسر: الأُسْرَةُ: الدِّرْعُ الْحَصِينَةُ؛ وأَنشد:
والأُسْرَةُ الحَصْدَاءُ، و ... الْبَيْضُ المُكَلَّلُ، والرِّمَاح
وأَسَرَ قَتَبَهُ: شدَّه. ابْنُ سِيدَهْ: أَسَرَهُ يَأْسِرُه أَسْراً
وإِسارَةً شَدَّه بالإِسار. والإِسارُ: مَا شُدّ بِهِ، وَالْجَمْعُ
أُسُرٌ. الأَصمعي: مَا أَحسَنَ مَا أَسَرَ قَتَبَه أَي مَا أَحسَنَ مَا
شَدَّهُ بالقِدِّ؛ والقِدُّ الَّذِي يُؤْسَرُ بِهِ القَتَبُ يُسَمَّى
الإِسارَ، وَجَمْعُهُ أُسُرٌ؛ وقَتَبٌ مَأْسور وأَقْتابٌ مَآسِيرُ.
والإِسارُ: الْقَيْدُ وَيَكُونُ حَبْلَ الكِتافِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ
الأَسير، وَكَانُوا يَشُدُّونَهُ بالقِدِّ فسُمي كُلُّ أَخِيذٍ
أَسِيراً وَإِنْ لم يشدّ به. يقال: أَسَرْت الرجلَ أَسْراً وَإِسَارًا،
فَهُوَ أَسير ومأْسور، وَالْجَمْعُ أَسْرى وأُسارى. وَتَقُولُ:
اسْتَأْسِرْ أَي كُنْ أَسيراً لِي. والأَسيرُ: الأَخِيذُ، وأَصله مِنْ
ذَلِكَ. وكلُّ مَحْبُوسٍ فِي قِدٍّ أَو سِجْنٍ: أَسيرٌ. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً
وَأَسِيراً
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: الأَسير الْمَسْجُونُ، وَالْجَمْعُ أُسَراءِ
وأُسارى وأَسارى وأَسرى. قَالَ ثَعْلَبٌ: لَيْسَ الأَسْر بِعَاهَةٍ
فَيُجْعَلُ أَسرى مِنْ بَابِ جَرْحى فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ
لَمَّا أُصيب بالأَسر صَارَ كَالْجَرِيحِ وَاللَّدِيغِ، فكُسِّرَ عَلَى
فَعْلى، كَمَا كُسِّرَ الْجَرِيحُ وَنَحْوُهُ؛ هذا مَعْنَى قَوْلِهِ.
وَيُقَالُ للأَسير من العدوّ: أَسير لأَن آخِذَهُ يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ
بالإِسار، وَهُوَ القِدُّ لِئَلَّا يُفلِتَ. قَالَ أَبو إِسحاق:
يُجْمَعُ الأَسير أَسرى، قَالَ: وفَعْلى جَمْعٌ لِكُلِّ مَا أُصيبوا
بِهِ فِي أَبدانهم أَو عُقُولِهِمْ مِثْلُ مَرِيضٍ ومَرْضى وأَحمق
وحمَقْى وَسَكْرَانَ وسَكْرى؛ قَالَ: وَمَنْ قرأَ أَسارى وأُسارى
فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ. يُقَالُ: أَسير وأَسْرَى ثُمَّ أَسارى جَمْعُ
الْجَمْعِ. اللَّيْثُ: يقالُ أُسِرَ فلانٌ إِساراً وأُسِر بالإِسار،
والإِسار الرِّباطُ، والإِسارُ الْمَصْدَرُ كالأَسْر. وجاءَ الْقَوْمُ
بأَسْرِهم؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ جاؤُوا بِجَمِيعِهِمْ
وخَلْقِهم. والأَسْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الخَلْقُ. قَالَ
الْفَرَّاءُ: أُسِرَ فلانٌ أَحسن الأَسر أَي أَحسن الْخَلْقِ، وأَسرَهَ
اللَّهُ أَي خَلَقَهُ. وَهَذَا الشيءُ لَكَ بأَسره أَي بِقدِّه يَعْنِي
جَمِيعَهُ كَمَا يُقَالُ برُمَّتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَجْفُو الْقَبِيلَةُ بأَسْرِها
أَي جَمِيعِهَا. والأَسْرُ: شِدَّة الخَلْقِ. وَرَجُلٌ مأْسور ومأْطور:
شديدُ عَقْد المفاصِل والأَوصال، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. وَفِي
التَّنْزِيلِ: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ
؛ أَي شَدَدْنَا خَلْقهم، وَقِيلَ: أَسرهم مَفَاصِلُهُمْ؛ وَقَالَ
ابْنُ الأَعرابي: مَصَرَّتَيِ البَوْل وَالْغَائِطِ إِذا خَرَجَ الأَذى
تَقَبَّضَتا، أَو مَعْنَاهُ أَنهما لَا تَسْتَرْخِيَانِ قَبْلَ
الإِرادة. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَسَرَه اللهُ أَحْسَنَ الأَسْر وأَطَره
أَحسن الأَطْر، وَيُقَالُ: فلانٌ شديدُ أَسْرِ الخَلْقِ إِذا كَانَ
مَعْصُوبَ الخَلْق غيرَ مُسْترْخٍ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَذْكُرُ
رَجُلَيْنِ كَانَا مأْسورين فأُطلقا:
(4/19)
فأَصْبَحا بنَجْوَةٍ بعدَ ضَرَرْ، ...
مُسَلَّمَيْنِ منْ إِسارٍ وأَسَرْ
. يَعْنِي شُرِّفا بَعْدَ ضِيقٍ كَانَا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ إِسارٍ
وأَسَرٍ، أَراد: وأَسْرٍ، فَحُرِّكَ لِاحْتِيَاجِهِ إِليه، وَهُوَ
مَصْدَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ثَابِتٍ البُناني: كَانَ دَاوُدُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذا ذَكَرَ
عقابَ اللهِ تَخَلَّعَتْ أَوصالُه لَا يَشُدُّهَا إِلَّا الأَسْرُ
أَي الشَّدُّ والعَصْبُ. والأَسْرُ: الْقُوَّةُ وَالْحَبْسُ؛ وَمِنْهُ
حَدِيثُ الدُّعاء:
فأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إِسارِ غَضَبك
؛ الإِسارُ، بِالْكَسْرِ: مصدرُ أَسَرْتُه أَسْراً وإِساراً، وَهُوَ
أَيضاً الْحَبْلُ والقِدُّ الَّذِي يُشدّ بِهِ الأَسير. وأُسْرَةُ
الرَّجُلِ: عَشِيرَتُهُ ورهطُه الأَدْنَوْنَ لأَنه يَتَقَوَّى بِهِمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
زَنَى رَجُلٌ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ
؛ الأُسْرَةُ: عَشِيرَةُ الرَّجُلِ وأَهل بَيْتِهِ. وأُسِرَ بَوْلُه
أَسْراً: احْتَبَسَ، وَالِاسْمُ الأَسْرُ والأُسْرُ، بِالضَّمِّ،
وعُودُ أُسْرٍ، مِنْهُ. الأَحْمر: إِذا احْتَبَسَ الرَّجُلُ بَوْله
قِيلَ: أَخَذَه الأُسْرُ، وإِذا احتَبَس الْغَائِطُ فَهُوَ الحُصْرُ.
ابْنُ الأَعرابي: هَذَا عُودُ يُسْرٍ وأُسْرٍ، وَهُوَ الَّذِي يُعالَجُ
بِهِ الإِنسانُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. قَالَ: والأُسْرُ تَقْطِيرُ
الْبَوْلِ وحزٌّ فِي الْمَثَانَةِ وإضاضٌ مِثْلُ إِضاضِ الماخِضِ.
يُقَالُ: أَنالَه اللهُ أُسْراً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قِيلَ عُودُ
الأُسْر هو الَّذِي يُوضَعُ عَلَى بَطْنِ المأْسور الَّذِي احْتَبَسَ
بَوْلُهُ، وَلَا تَقُلْ عُودُ اليُسْر، تَقُولُ مِنْهُ أُسِرَ
الرَّجُلُ فَهُوَ مأْسور. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّ أَبي أَخَذه
الأُسر يَعْنِي احْتِبَاسَ الْبَوْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر: لَا يُؤْسَر فِي الإِسلام أَحد بِشَهَادَةِ الزُّورِ، إِنا لَا
نَقْبَلُ إِلَّا العُدول
، أَي لَا يُحْبس؛ وأَصْلُه مِنَ الآسِرَة القِدِّ، وَهِيَ قَدْر مَا
يُشَدُّ بِهِ الأَسير. وتآسِيرُ السَّرْجِ: السُّيور الَّتِي يُؤْسَرُ
بِهَا. أَبو زَيْدٍ: تَأَسَّرَ فلانٌ عليَّ تأَسُّراً إِذا اعْتَلَّ
وأَبطأَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنٌ هَانِئٍ عَنْهُ،
وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه رَوَاهُ عَنْهُ بِالنُّونِ: تأَسَّنَ،
وَهُوَ وهمٌ وَالصَّوَابُ بالراءِ.
أشر: الأَشَرُ: المَرَح. والأَشَرُ: البَطَرُ. أَشِرَ الرجلُ،
بِالْكَسْرِ، يَأْشَرُ أَشَراً، فَهُوَ أَشِرٌ وأَشُرٌ وأَشْرانُ:
مَرِحَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ وَذِكْرِ الْخَيْلِ:
ورجلٌ اتَّخَذَها أَشَراً ومَرَحاً
؛ الأَشَرُ: البَطَرُ. وَقِيلَ: أَشَدُّ البَطَر. وَفِي حَدِيثِ
الزَّكَاةِ أَيضاً:
كأَغَذِّ مَا كَانَتْ وأَسمنه وآشَرِهِ
أَي أَبْطَرِه وأَنْشَطِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ
بَعْضُهُمْ، وَالرِّوَايَةُ: وأَبْشَرِه. وَفِي حَدِيثِ الشعْبي:
اجْتَمَعَ جَوارٍ فأَرِنَّ وأَشِرْنَ.
ويُتْبعُ أَشِرٌ فَيُقَالُ: أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرَانُ أَفْرانُ،
وَجَمْعُ الأَشِر والأَشُر: أَشِرون وأَشُرون، وَلَا يكسَّران لأَن
التَّكْسِيرَ فِي هَذَيْنِ البناءَين قَلِيلٌ، وَجَمْعُ أَشْرانَ
أَشارى وأُشارى كسكران وسُكارى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِمِيَّةَ
بِنْتِ ضِرَارٍ الضَّبِّيِّ تَرْثِي أَخاها:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ، بَعْدَ امْرِئٍ ... بِوَادِي أَشائِنَ،
إِذْلالَها
كَريمٍ نثاهُ وآلاؤُه، ... وَكَافِي العشِيرَةِ مَا غالَها
تَراه عَلَى الخَيْلِ ذَا قُدْمَةٍ، ... إِذا سَرْبَلَ الدَّمُ
أَكْفالهَا
وخَلَّتْ وُعُولًا أُشارى بِهَا، ... وقدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ
أَبْطالَها
أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها أَي صَرَعَها، وَهُوَ بِالزَّايِ
(4/20)
، وغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَرَوَاهُ
بِالرَّاءِ. وإِذْلالها: مصدرُ مقدَّرٍ كأَنه قَالَ تُذِلُّ إِذْلالها.
وَرَجُلٌ مِئْشِيرٌ وَكَذَلِكَ امرأَةٌ مِئْشيرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ.
وَنَاقَةٌ مِئْشِير وجَواد مِئْشِير: يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ
والمؤَنث؛ وقول الحرث بْنِ حلِّزة:
إِذْ تُمَنُّوهُمُ غُروراً، فَساقَتْهُمْ ... إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّةٌ
أَشْراءُ
هِيَ فَعْلاءُ مِنَ الأَشَر وَلَا فِعْلَ لَهَا. وأَشِرَ النَّخْلُ
أَشَراً كثُر شُرْبُه لِلْمَاءِ فَكَثُرَتْ فِرَاخُهُ. وأَشَرَ
الخَشَبة بالمِئْشار، مَهْمُوزٌ: نَشَرها، وَالْمِئْشَارُ: مَا أُشِرَ
بِهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للمِئشار الَّذِي يُقْطَعُ
بِهِ الْخَشَبُ مِيشار، وَجَمْعُهُ مَواشِيرُ مِنْ وَشَرْتُ أَشِر،
ومِئْشارٌ جَمْعُهُ مآشِيرُ مِنْ أَشَرْت آشِرُ. وَفِي حَدِيثِ صَاحِبِ
الأُخْدود:
فَوَضَعَ المِئْشارَ عَلَى مَفْرِقِ رأْسه
؛ المِئْشارُ، بِالْهَمْزِ: هُوَ المِنْشارُ، بِالنُّونِ، قَالَ:
وَقَدْ يُتْرَكُ الْهَمْزُ. يُقَالُ: أَشَرْتُ الخَشَبة أَشْراً،
ووَشَرْتُهَا وَشْراً إِذا شَقَقْتَها مِثُلُ نَشَرْتُها نَشْرًا،
وَيُجْمَعُ عَلَى مآشيرَ وموَاشير؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَقَطَّعُوهُمْ بِالْمَآشِيرِ
أَي بِالْمَنَاشِيرِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ عَيَّلَ الأَيتامَ طَعْنَةُ ناشِرَه، ... أَناشِرَ لَا زالَتْ
يَمِينُك آشرَه
أَراد: لَا زالتْ يَمينُك مأْشُورة أَو ذاتَ أَشْر كَمَا قَالَ عَزَّ
وَجَلَّ: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ؛ أَي مَدْفُوقٍ. ومثلُ قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ: عِيشَةٍ راضِيَةٍ*؛ أَي مَرْضِيَّة؛ وَذَلِكَ أَن
الشَّاعِرَ إِنما دَعَا عَلَى نَاشِرَةٍ لَا لَهُ، بِذَلِكَ أَتى
الْخَبَرُ، وإِياه حَكَتِ الرُّواةُ، وَذُو الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ
مَفْعُولًا كَمَا يَكُونُ فَاعِلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت
لنائِحةِ هَمّام ابن مُرَّةَ بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبان وَكَانَ قَتَلَهُ
نَاشِرَةُ، وَهُوَ الَّذِي رَبَّاهُ، قَتَلَهُ غَدْرًا؛ وَكَانَ
هَمَّامٌ قَدْ أَبْلى فِي بَنِي تَغْلِبَ فِي حَرْبِ الْبَسُوسِ
وَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا ثُمَّ إِنه عَطِشَ فَجَاءَ إِلى رَحْلِهِ
يَسْتَسْقِي، وَنَاشِرَةُ عِنْدَ رَحْلِهِ، فَلَمَّا رأَى غَفْلَتَهُ
طَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ وهَرَب إِلى بَنِي تَغْلِبَ. وأُشُرُ
الأَسنان وأُشَرُها: التحزيز الَّذِي فِيهَا يَكُونُ خِلْقة
ومُسْتَعملًا، وَالْجَمْعُ أُشُور؛ قَالَ:
لَهَا بَشَرٌ صافٍ وَوَجْهٌ مُقَسَّمٌ، ... وغُرُّ ثَنَايا، لَمْ
تُفَلَّلْ أُشُورُها
وأُشَرُ المِنْجَل: أَسنانُه، وَاسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ فِي وَصْفِ
المِعْضاد فَقَالَ: المِعْضاد مِثْلُ المنْجل لَيْسَتْ لَهُ أُشَر،
وَهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ. وتأْشير الأَسنان: تَحْزيزُها وتَحْديدُ
أَطرافها. وَيُقَالُ: بأَسنانه أُشُر وأُشَر، مِثَالُ شُطُب السَّيْفِ
وشُطَبِه، وأُشُورٌ أَيضاً؛ قَالَ جَمِيلٌ:
سَبَتْكَ بمَصْقُولٍ تَرِفُّ أُشُوره
وَقَدْ أَشَرَتِ المرأَة أَسنْانها تأْشِرُها أَشْراً وأَشَّرَتْها:
حَزَّزتها. والمُؤْتَشِرَة والمُسْتأْشِرَة كِلْتَاهُمَا: الَّتِي
تَدْعُو إِلى أَشْر أَسنانها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لُعِنَت المأْشورةُ والمستأْشِرة.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الواشِرَةُ المرأَة الَّتِي تَشِرُ أَسنانها،
وَذَلِكَ أَنها تُفَلِّجها وتُحَدِّدها حَتَّى يَكُونَ لَهَا أُشُر،
والأُشُر: حِدَّة ورِقَّة فِي أَطراف الأَسنان؛ وَمِنْهُ قِيلَ: ثَغْر
مُؤَشَّر، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَسنان الأَحداث، تَفْعَلُهُ
المرأَة الْكَبِيرَةُ تَتَشَبَّهُ بأُولئك؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ
السَّائِرُ: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرْجُوكِ «3» .
بِدُرْدُرٍ؟ وَذَلِكَ أَن رَجُلًا كَانَ لَهُ ابْنٌ مِنِ امرأَة
كَبِرَت فأَخذ ابْنَهُ يَوْمًا يُرَقِّصُهُ وَيَقُولُ: يَا حَبَّذَا
دَرَادِرُك فعَمَدت المرأَة إِلى حَجَر فَهَتَمَتْ أَسنانها ثُمَّ
تَعَرَّضَتْ لِزَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا: أَعْيَيْتِني بأُشُر فكيف
__________
(3) . قوله: [أرجوك] كذا بالأصل المعوّل عليه والذي في الصحاح والقاموس
والميداني سقوطها وهو الصواب ويشهد له سقوطها في آخر العبارة
(4/21)
بِدُرْدُر. والجُعَلُ: مُؤَشَّر
العَضُدَيْن. وكلُّ مُرَقَّقٍ: مُؤَشَّرٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يَصِفُ
جُعلًا:
كأَنَّ مُؤَشَّر العَضُدَيْنِ حَجْلًا ... هَدُوجاً، بَيْنَ أَقْلِبَةٍ
مِلاحِ
والتَّأْشِيرة: مَا تَعَضُّ بِهِ الجَرادةُ. والتَّأْشِير: شَوْكُ
ساقَيْها. والتَّأْشِيرُ والمِئْشارُ: عُقْدة فِي رأْس ذَنَبِهَا
كالمِخْلبين وَهُمَا الأُشْرَتان.
أصر: أَصَرَ الشيءَ يَأْصِرُه أَصْراً: كَسَرَهُ وعَطَفه. والأَصْرُ
والإِصْرُ: مَا عَطَفك عَلَى شَيْءٍ. والآصِرَةُ: مَا عَطَفك عَلَى
رَجُلٍ مِنْ رَحِم أَو قَرَابَةٍ أَو صِهْر أَو مَعْرُوفٍ، وَالْجَمْعُ
الأَواصِرُ. والآصِرَةُ: الرَّحِمُ لأَنها تَعْطِفُك. وَيُقَالُ: مَا
تَأْصِرُني عَلَى فُلَانٍ آصِرَة أَي مَا يَعْطِفُني عَلَيْهِ مِنَّةٌ
وَلَا قَرَابة؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
عَطَفُوا عليّ بِغَير ... آصِرَةٍ فَقَدْ عَظُمَ الأَواصِرْ
أَي عَطَفُوا عَلَيَّ بِغَيْرِ عَهْد أَو قَرَابَةٍ. والمآصِرُ: هُوَ
مأْخوذ مِنْ آصِرَةِ الْعَهْدِ إِنما هُوَ عَقْدٌ ليُحْبَس بِهِ؛
وَيُقَالَ لِلشَّيْءِ الَّذِي تُعْقَدُ بِهِ الأَشياء: الإِصارُ، مِنْ
هَذَا. والإِصْرُ: العَهْد الثَّقِيلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
؛ وَفِيهِ: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
؛ وَجَمْعُهُ آصْار لَا يُجَاوَزُ بِهِ أَدني الْعَدَدِ. أَبو زَيْدٍ:
أَخَذْت عَلَيْهِ إِصْراً وأَخَذْتُ مِنْهُ إِصْراً أَي مَوْثِقاً مِنَ
اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ
عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا
؛ الْفَرَّاءُ: الإِصْرُ الْعَهْدُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
؛ قَالَ: الإِصر هاهنا إِثْمُ العَقْد والعَهْدِ إِذا ضَيَّعوه كَمَا
شَدَّدَ عَلَى بَنِي إِسرائيل. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَلا تَحْمِلْ
عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي أَمْراً يَثْقُلُ عَلَيْنَا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِنَا نَحْوُ مَا أُمِرَ بِهِ بَنُو إِسرائيل مِنْ قَتْلِ
أَنفسهم أَي لَا تمتحنَّا بِمَا يَثْقُل عَلَيْنَا أَيضاً. وَرُوِيَ
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
، قَالَ: عَهْدًا لَا نَفِي بِهِ وتُعَذِّبُنا بِتَرْكِهِ ونَقْضِه.
وَقَوْلُهُ: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
، قَالَ: مِيثاقي وعَهْدي. قَالَ أَبو إِسحاق: كلُّ عَقْد مِنْ قَرابة
أَو عَهْد، فَهُوَ إِصْر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلا تَحْمِلْ
عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي عُقُوبةَ ذَنْبٍ تَشُقُّ عَلَيْنَا. وَقَوْلُهُ: وَيَضَعُ
عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
؛ أَي مَا عُقِدَ مِنْ عَقْد ثَقِيلٍ عَلَيْهِمْ مِثْلُ قَتْلِهم
أَنفسهم وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ قَرض الْجِلْدِ إِذا أَصابته
النَّجَاسَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَنْ حَلَف عَلَى يَمِينٍ فِيهَا إِصْر فَلَا كَفَّارَةَ
لَهَا
؛ يُقَالُ: إِن الإِصْرَ أَنْ يَحْلف بِطَلَاقٍ أَو عَتاق أَو نَذْر.
وأَصل الإِصْر: الثِّقْل والشَّدُّ لأَنها أَثْقَل الأَيمان
وأَضْيَقُها مَخْرَجاً؛ يَعْنِي أَنه يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا
يُتَعَوَّضُ عَنْهَا بِالْكَفَّارَةِ. والعَهْدُ يُقَالُ لَهُ: إِصْر.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَسلم بْنِ أَبي أُمامَة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ واغْتَسلَ
وَغَدَا وابْتَكر ودَنا فاستْمَع وأَنْصَت كَانَ لَهُ كِفْلانِ مِنَ
الأَجْر، وَمَنْ غَسّل واغْتسل وَغَدَا وابْتَكر وَدَنَا ولَغَا كَانَ
لَهُ كِفْلانِ مِنَ الإِصْر
؛ قَالَ شَمِرٌ: فِي الإِصْر إثْمُ العَقْد إِذَا ضَيَّعَه. وَقَالَ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِصْرُ الْعَهْدُ الثقيلُ؛ وَمَا كَانَ عَنْ يَمِينٍ
وعَهْد، فَهُوَ إِصْر؛ وَقِيلَ: الإِصْرُ الإِثْمُ والعقوبةُ لِلَغْوِه
وتَضْيِيعهِ عَمَلَه، وأَصله مِنَ الضِّيقِ وَالْحَبْسِ. يُقَالُ:
أَصَرَه يَأْصِرُه إِذا حَبَسه وضَيَّقَ عَلَيْهِ. والكِفْلُ:
النَّصِيبُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ كَسَب مَالًا مِنْ حَرام فَأَعْتَقَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ
إِصْراً
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه سُئِلَ عَنِ السُّلْطَانِ قَالَ: هُوَ ظلُّ اللَّهِ فِي الأَرض
فإِذا أَحسَنَ فَلَهُ الأَجرُ وَعَلَيْكُمُ الشُّكْر، وإِذا أَساءَ
فَعَلَيْهِ الإِصْرُ وَعَلَيْكُمُ الصَّبْر.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فِيهَا إِصْر
؛
(4/22)
والإِصر: الذَّنْب والثِّقْلُ، وَجَمْعُهُ
آصارٌ. والإِصارُ: الطُّنُبُ، وَجَمْعُهُ أُصُر، عَلَى فُعُل.
والإِصارُ: وَتِدٌ قَصِيرُ الأَطْنَابِ، وَالْجَمْعُ أُصُرٌ وآصِرَةٌ،
وكذلك الإِصارَةُ والآصِرَةُ. والأَيْصَرُ: جُبَيْلٌ صَغِيرٌ قَصِير
يُشَدُّ بِهِ أَسفَلُ الْخِبَاءِ إِلى وَتِدٍ، وَفِيهِ لغةٌ أَصارٌ،
وَجَمْعُ الأَيْصَر أَياصِرُ. والآصِرَةُ والإِصارُ: القِدُّ يَضُمُّ
عَضُدَيِ الرَّجُلِ، وَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده
ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
لَعَمْرُكَ لَا أَدْنُو لِوَصْلِ دَنِيَّة، ... وَلَا أَتَصَبَّى
آصِراتِ خَلِيلِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَا أَرْضَى مِنَ الوُدّ بِالضَّعِيفِ، وَلَمْ
يُفَسِّرِ الآصِرَةَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى
بِالْآصِرَةِ الحَبْلَ الصَّغِيرَ الَّذِي يُشدّ بِهِ أَسفلُ الخِباء،
فَيَقُولُ: لَا أَتعرّض لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَبْتَغي زوجةَ خليل
وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعَرِّضَ بِهِ: لَا أَتَعَرَّضُ
لِمَنْ كَانَ مِنْ قَرابة خَلِيلِي كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَمَا
أَشبه ذَلِكَ. الأَحمر: هو جَارِي مُكاسِري ومُؤَاصِري أَي كِسْرُ
بَيْتِهِ إِلى جَنْب كِسْر بَيْتِي، وإِصارُ بَيْتِي إِلى جَنْبِ إِصار
بَيْته، وَهُوَ الطُّنُبُ. وحَيٌّ مُتآصِرُون أَي مُتَجَاوِرُونَ.
ابْنُ الأَعرابي: الإِصْرانِ ثَقْبَا الأُذنين؛ وأَنشد:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حِينَ أَرْجُو رِفْدَه ... غَمْراً، لأَقْطَعُ
سَيِءُ الإِصْرانِ
جُمِعَ عَلَى فِعْلان. قَالَ: الأَقْطَعُ الأَصَمُّ، والإِصرانُ جَمْعُ
إِصْرٍ. والإِصار: مَا حَوَاهُ المِحَشُّ مِنَ الحَشِيش؛ قَالَ
الأَعشى:
فَهذا يُعِدُّ لَهُنَّ الخَلا، ... ويَجْمَعُ ذَا بَيْنَهُنَّ الإِصارا
والأَيْصَر: كالإِصار؛ قَالَ:
تَذَكَّرَتِ الخَيْلُ الشِّعِيرَ فَأَجْفَلَتْ، ... وكُنَّا أُناساً
يَعْلِفُون الأَياصِرا
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: الشَّعِيرَ عَشِيَّةً. والإِصارُ: كِساء يُحَشُّ
فِيهِ. وأَصَر الشيءَ يأْصِرُه أَصْراً: حَبَسَهُ؛ قَالَ ابْنُ
الرِّقَاعِ:
عَيْرانَةٌ مَا تَشَكَّى الأَصْرَ والعَمَلا
وكَلأٌ آصِرٌ: حابِس لِمَنْ فِيهِ أَو يُنْتَهَى إِليه مِنْ
كَثْرَتِهِ. الْكِسَائِيُّ: أَصَرني الشيءُ يأْصِرُني أَي حَبَسَنِي.
وأَصَرْتُ الرجلَ عَلَى ذَلِكَ الأَمر أَي حَبَسْتُهُ. ابْنُ
الأَعرابي: أَصَرْتُه عَنْ حَاجَتِهِ وَعَمَّا أَرَدْتُه أَي
حَبَسْتُهُ، والموضعُ مَأْصِرٌ ومأْصَر، وَالْجَمْعُ مَآصِرُ،
وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مُعَاصِرُ. وشَعَرٌ أَصِير: مُلْتَفٌّ
مُجْتَمِعٌ كَثِيرُ الأَصل؛ قَالَ الرَّاعِي:
ولأَتْرُكَنَّ بحاجِبَيْكَ عَلامةً، ... ثَبَتَتْ عَلَى شَعَرٍ أَلَفَّ
أَصِيرِ
وَكَذَلِكَ الهُدْب، وَقِيلَ: هُوَ الطَّويلُ الْكَثِيفُ؛ قَالَ:
لِكُلِّ مَنامَةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
الْمَنَامَةُ هُنَا: القَطِيفةُ يُنام فِيهَا. والإِصارُ والأَيْصَر:
الْحَشِيشُ الْمُجْتَمِعُ، وَجَمْعُهُ أَياصِر. والأَصِيرُ:
الْمُتَقَارِبُ. وأْتَصَر النَّبْتُ ائْتِصاراً إِذا الْتَفَّ.
وإِنَّهم لَمُؤْتَصِرُو العَدَدِ أَي عَدَدُهُمْ كَثِيرٌ؛ قَالَ
سَلَمَةُ بْنُ الخُرْشُب يَصِفُ الْخَيْلَ:
يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّر ... إِلَى عُنُنٍ، مُسْتَوثِقاتِ
الأَواصِرِ
يُرِيدُ: خَيْلًا رُبِطَتْ بأَفنيتهم. والعُنُنُ: كُنُفٌ سُتِرَتْ
بِهَا الخيلُ مِنَ الرِّيحِ وَالْبَرَدِ. والأَواصِرُ: الأَواخي
والأَواري، واحِدَتُها آصِرَة؛ وَقَالَ آخَرُ:
(4/23)
لَها بالصَّيْفِ آصِرَةٌ وَجُلٌّ، ...
وسِتٌّ مِنْ كَرائِمِها غِرارُ
وَفِي كِتَابِ أَبي زَيْدٍ: الأَياصِرُ الأَكْسِيَة التي مَلَؤُوها
مِنَ الكَلإِ وشَدُّوها، واحِدُها أَيْصَر. وَقَالَ: مَحَشٌّ لَا
يُجَزُّ أَيْصَرُه أَي مِنْ كَثْرَتِهِ. قَالَ الأَصمعي: الأَيْصَرُ
كِسَاءٌ فِيهِ حَشِيشٌ يُقَالُ لَهُ الأَيْصَر، وَلَا يُسَمَّى الكساءُ
أَيْصَراً حِينَ لَا يكونُ فِيهِ الحَشِيش، وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ
الحَشِيشُ أَيْصَراً حَتَّى يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْكِسَاءِ. وَيُقَالُ:
لِفُلَانٍ مَحَشٌّ لا يُجَزُّ أَيصره أَي لَا يُقْطَع. والمَأْصِر:
مَحْبِسٌ يُمَدُّ عَلَى طَرِيقٍ أَو نَهْرٍ يُؤْصَرُ بِهِ السُّفُنُ
والسَّابِلَةُ أَي يُحْبَس لِتُؤْخَذَ منهم العُشور.
أطر: الأَطْرُ: عَطْفُ الشيءِ تَقْبِضُ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ
فَتُعَوِّجُه؛ أَطَرَه يأْطِرُهُ ويأْطُرُه أَطراً فَانْأَطَرَ
انْئِطاراً وأَطَّرَه فَتَأَطَّر: عطَفه فَانْعَطَفَ كالعُود تَرَاهُ
مُسْتَدِيرًا إِذا جَمَعَتْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ
يَصِفُ فَرَسًا:
كَبْداءُ قَعْسَاءُ عَلَى تَأْطِيرِها
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ التَّمِيمِيُّ:
وأَنْتُمْ أُناسٌ تَقْمِصُونَ مِنَ القَنا، ... إِذا مَا رَقَى
أَكْتَافَكُمْ وتَأَطَّرا
أَي إِذا انْثنى؛ وَقَالَ:
تأَطَّرْنَ بالمِينَاءِ ثُمَّ جَزَعْنَه، ... وقدْ لَحَّ مِنْ
أَحْمالِهنَّ شُجُون
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ
الْمَظَالِمَ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا بَنُو إِسرائيل وَالْمَعَاصِيَ
فَقَالَ: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تأْخذوا عَلَى يَدَي
الظَّالِمِ وتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: قَوْلُهُ تَأْطِرُوه عَلَى الْحَقِّ
يَقُولُ تَعْطِفُوه عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مِنْ غَرِيبِ مَا
يُحْكَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نِفْطَوَيْهِ أَنه قَالَ:
بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ ظأَر، وَمِنْهُ الظِّئْرُ وَهِيَ
المرضِعَة، وجَعَلَ الْكَلِمَةَ مَقْلُوبَةً فَقَدَّمَ الْهَمْزَةَ
عَلَى الظَّاءِ وَكُلُّ شَيْءٍ عَطَفْتَهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَدْ
أَطَرْته تَأْطِرُهُ أَطْراً؛ قَالَ طَرَفَةُ يَذْكُرُ نَاقَةً
وَضُلُوعَهَا:
كأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكْنُفانِها، ... وأَطْرَ قِسِيٍّ، تحتَ
صُلْبٍ مُؤَبَّد
شَبَّهَ انْحِنَاءَ الأَضلاع بِمَا حُني مِن طرَفي القَوْس؛ وَقَالَ
الْعَجَّاجُ يَصِفُ الإِبل:
وباكَرَتْ ذَا جُمَّةٍ نَمِيرا، ... لَا آجِنَ الماءِ وَلَا مَأْطُورا
وعَايَنَتْ أَعْيُنُها تامُورَا، ... يُطِيرُ عَنْ أَكتافِها القَتِيرا
قَالَ: المأْطور الْبِئْرُ الَّتِي قَدْ ضَغَطَتْها بِئْرٌ إِلى
جَنْبِهَا. قَالَ: تَامُورٌ جُبَيْل صَغير. والقَتِيرُ: مَا تَطَايَرَ
مِنْ أَوْبارِها، يَطِيرُ مِنْ شِدَّة المزاحَمَة. وإِذا كَانَ حالُ
البِئر سَهْلًا طُوي بِالشَّجَرِ لِئَلَّا يَنْهَدِمَ، فَهُوَ مأْطور.
وتَأَطَّرَ الرُّمحُ: تَثَنَّى؛ وَمِنْهُ فِي صِفَةِ آدَمَ، عَلَيْهِ
السَّلَامُ: أَنه كَانَ طُوالًا فَأَطَرَ اللهُ مِنْهُ أَي ثَنَاه
وقَصَّره ونَقَصَ مِنْ طُوله. يُقَالُ: أَطَرْتُ الشَّيْءَ فَانْأَطَرَ
وتَأَطَّرَ أَي انْثَنَى. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
أَتاه زِيَادُ بْنُ عَديّ فأَطَرَه إِلى الأَرض
أَي عَطَفَه؛ وَيُرْوَى: وَطَدَه، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَطْرُ القَوْسِ
والسَّحاب: مُنحناهُما، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ:
وهاتِفَةٍ، لأَطْرَيْها حَفِيفٌ، ... وزُرْقٌ، فِي مُرَكَّبَةٍ، دِقاقُ
ثنَّاه وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا لأَنه جَعَلَهُ كَالِاسْمِ. أَبو
زَيْدٍ:
(4/24)
أَطَرْتُ القَوْسَ آطِرُها أَطْراً إِذا
حَنَيْتَها. والأَطْرُ: كالاعْوِجاج تَرَاهُ فِي السَّحَابِ؛ وَقَالَ
الْهُذَلِيُّ:
أَطْرُ السَّحاب بِهَا بَيَاضُ المِجْدَلِ
قَالَ: وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ. وتَأَطَّرَ
بِالْمَكَانِ: تَحَبَّسَ. وتَأَطَّرَتِ المرأَةُ تَأَطُّراً: لَزِمَتْ
بَيْتَهَا وأَقامت فِيهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ: لَسْنَ بَوارِحاً، ... وذُبْنَ كَمَا ذابَ
السَّدِيفُ المُسَرْهَدُ
والمأْطورة: العُلْبَة يُؤْطَرُ لرأْسها عُودٌ ويُدارُ ثُمَّ يُلْبَسُ
شَفَتَها، وَرُبَّمَا ثُنِيَ عَلَى الْعُودِ المأْطور أَطرافُ جِلْدِ
الْعُلْبَةِ فَتَجِفُّ عَلَيْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَوْرَثَكَ الرَّاعِي عُبَيْدٌ هِرَاوَةً، ... ومَأْطُورَةً فَوْقَ
السَّوِيَّةِ مِنْ جِلدِ
قَالَ: وَالسَّوِيَّةُ مرْكبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ. وَقَالَ
ابْنُ الأَعرابي: التأْطير أَن تَبْقَى الْجَارِيَةُ زَمَانًا فِي
بَيْتِ أَبويها لَا تتزوَّج. والأُطْرَةُ: مَا أَحاط بالظُّفُرِ مِنَ
اللَّحْمِ، والجمعُ أُطَرٌ وإِطارٌ؛ وكُلُّ مَا أَحاط بِشَيْءٍ، فَهُوَ
لَهُ أُطْرَةٌ وإِطارٌ. وإِطارُ الشَّفَةِ: مَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا
وَبَيْنَ شَعَرَاتِ الشَّارِبِ، وَهُمَا إِطارانِ. وَسُئِلَ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ السُّنَّة فِي قَصِّ الشَّارِبِ، فَقَالَ:
نَقُصُّهُ حَتَّى يَبْدُوَ الإِطارُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِطارُ
الحَيْدُ الشَّاخِصُ مَا بَيْنَ مَقَصِّ الشَّارِبِ وَالشَّفَةِ
المختلطُ بِالْفَمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي حَرْفَ الشَّفَةِ
الأَعلى الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ مَنَابِتِ الشَّعْرِ وَالشَّفَةِ.
وإِطارُ الذَّكَرِ وأُطْرَتُه: حَرْفُ حُوقِه. وإِطارُ السَّهْم
وأُطْرتُه: عَقَبَةٌ تُلْوى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ العَقَبَةُ
الَّتِي تَجْمَعُ الفُوقَ. وأَطَرَه يَأْطِرُهُ أَطْراً: عَمِلَ لَهُ
إِطاراً ولَفَّ عَلَى مَجْمَعِ الفُوقِ عَقَبَةً. والأُطْرَةُ،
بِالضَّمِّ: العَقَبَةُ الَّتِي تُلَفُّ عَلَى مَجْمَعِ الفُوقِ.
وإِطارُ البيتِ: كالمِنطَقَة حَوله. والإِطارُ: قُضْبانُ الْكَرَمِ
تُلْوى لِلتَّعْرِيشِ. والإِطارُ: الْحَلْقَةُ مِنَ النَّاسِ لإِحاطتهم
بِمَا حَلَّقُوا بِهِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
وحَلَّ الحَيُّ، حَيُّ بَنِي سُبَيْعٍ، ... قُراضِبَةً، ونَحْنُ لَهم
إِطارُ
أَي وَنَحْنُ مُحْدِقُون بهم. والأُطْرَةُ: طَرَفُ الأَبْهَرِ فِي رأْس
الحَجَبَةِ إِلى مُنْتَهَى الْخَاصِرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْفَرَسِ
طَرَفُ الأَبْهَرِ. أَبو عُبَيْدَةَ: الأُطْرَةُ طَفْطَفَة غَلِيظَةٌ
كأَنها عَصَبَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِي رأْس الحَجَبَةِ وضِلَعِ الخَلْفِ،
وَعِنْدَ ضِلَعِ الخَلْفِ تَبِينُ الأُطْرَةُ، وَيُسْتَحَبُّ
لِلْفَرَسِ تَشنُّجُ أُطْرتِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
كأَنَّ عَراقِيبَ القَطا أُطُرٌ لهَا، ... حَدِيثٌ نَواحِيها بِوَقْعٍ
وصُلَّبِ
يَصِفُ النِّصَالَ. والأُطُرُ عَلَى الفُوقِ: مِثْلُ الرِّصافِ عَلَى
الأَرْعاظِ. اللَّيْثُ: والإِطارُ إِطارُ الدُّفّ. وإِطارْ المُنْخُلِ:
خَشَبُهُ. وإِطارُ الْحَافِرِ: مَا أَحاط بالأَشْعَرِ، وكلُّ شَيْءٍ
أَحاط بِشَيْءٍ، فَهُوَ إِطارٌ لَهُ؛ وَمِنْهُ صِفَةُ شِعْرِ عَلِيٍّ:
إِنما كَانَ لَهُ إِطارٌ أَي شِعْرٍ مُحِيطٍ برأْسه ووسطُه أَصلَعُ.
وأُطْرَة الرَّمْلِ: كُفَّتُه. والأَطِيرُ: الذَّنْبُ، وَقِيلَ: هُوَ
الْكَلَامُ وَالشَّرُّ يَجِيءُ مِنْ بَعِيدٍ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ
بِذَلِكَ لإِحاطته بالعُنُق. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: أَخَذَني
بأَطِيرِ غَيْرِي؛ وَقَالَ مِسْكِينُ الدَّارِمِيُّ:
أَبَصَّرْتَني بأَطِير الرِّجال، ... وكلَّفْتَني مَا يَقُولُ
البَشَرْ؟
(4/25)
وَقَالَ الأَصمعي: إِن بَيْنَهُمْ
لأَواصِرَ رَحِمٍ وأَواطِرَ رَحِمٍ وعَواطِفَ رَحِمٍ بِمَعْنًى
وَاحِدٍ؛ الْوَاحِدَةُ آصِرةٌ وآطِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَأَطَرْتُها بَيْنَ نِسَائِي
أَي شَقَقْتُهَا وَقَسَّمْتُهَا بينهنُّ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ
قَوْلِهِمْ طَارَ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَا أَي وَقَعَ فِي
حِصَّتِهِ، فَيَكُونُ مِنْ فَصْلِ الطَّاءِ لَا الْهَمْزَةِ.
والأُطْرَة: أَن يُؤخذ رمادٌ ودَمٌ يُلْطَخ بِهِ كَسْرُ القِدْرِ
وَيُصْلَحَ؛ قَالَ:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بأُطْرَهْ، ... وأَطْعَمَتْ كِرْدِيدَةً
وفِدْرَهْ
أفر: الأَفْرُ: العَدْوُ. أَفَرَ يَأْفِرُ أَفْراً وأُفُوراً: عَدَا
وَوَثَبَ؛ وأَفَرَ أَفْراً، وأَفِرَ أَفَراً: نَشِطَ. وَرَجُلٌ
أَفَّارٌ ومِئفَرٌ إِذا كَانَ وَثَّاباً جَيِّدَ العَدْوِ. وأَفَرَ
الظَّبْيُ وَغَيْرُهُ، بِالْفَتْحِ، يَأْفِرُ أُفُوراً أَي شَدَّ
الإِحْضَارَ. وأَفَرَ الرَّجلُ أَيضاً أَي خَفَّ فِي الخِدْمَةِ.
وأَفِرَتِ الإِبل أَفْراً واسْتَأْفَرَت اسْتِئْفَاراً إِذا نَشِطَتْ
وسَمِنَتْ. وأَفِرَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يأْفَرُ أَفَراً أَي سَمِنَ
بَعْدَ الجَهْدِ. وأَفَرَتِ القِدْرُ تَأْفِرُ أَفْراً: اشْتَدَّ
غَلَيَانُهَا حَتَّى كأَنها تنِزُّ؛ وقال الشَّاعِرُ:
بَاخُوا وقِدْرُ الحَرْبِ تَغلي أَفْرا
والمِئْفَرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ
ويَخْدمهُ، وإِنه لَيَأْفِرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدِ اتَّخَذَهُ
مِئفَراً. والمِئفَرُ: الْخَادِمُ. وَرَجُلٌ أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرانُ
أَفْرانُ أَي بَطِرٌ، وَهُوَ إِتباع. وأُفُرَّة الشَّرِّ «1» .
والحَرِّ والشِّتاء، وأَفُرَّتُه: شدَّته. وقال الْفَرَّاءُ: أُفُرَّة
الصَّيْفِ أَوّله. وَوَقَعَ فِي أُفُرَّةٍ أَي بلِية وَشَدَّةٍ.
والأُفُرّة الْجَمَاعَةُ ذاتُ الجَلَبَةِ، وَالنَّاسُ فِي أُفُرَّة،
يَعْنِي الاختلاطَ. وأَفَّارٌ: اسم.
أقر: الْجَوْهَرِيُّ: أُقُرٌ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وثَرْوَةٍ مِنْ رجالٍ لَوْ رأَيْتَهُمُ، ... لَقُلْتَ: إِحْدَى حِراج
الجَرِّ من أُقُر
أكر: الأُكْرَة، بِالضَّمِّ: الحُفْرَةُ فِي الأَرض يَجْتَمِعُ فِيهَا
الْمَاءُ فيُغْرَفُ صَافِيًا. وأَكَرَ يَأْكُرُ أَكْراً، وتَأَكَّرَ
أُكَراً: حَفَرَ أُكْرَةً «2» ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ سَهْلِه ويَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
والأُكَرُ: الحُفَرُ فِي الأَرض، واحِدَتُها أُكْرَةٌ. والأَكَّارُ:
الحَرَّاثُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَكَرَةُ جمعُ
أَكَّارٍ كأَنه جمعُ آكِرٍ فِي التَّقْدِيرِ. والمؤاكَرَةُ:
الْمُخَابَرَةُ وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ
أَبي جَهْلٍ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي
؛ الأَكَّارُ: الزَّرَّاعُ أَراد بِهِ احْتِقَارَهُ وَانْتِقَاصَهُ،
كَيْفَ مِثْلُه يَقْتُلُ مِثْلَه وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ المؤاكَرَةِ
، يَعْنِي المزارعَةَ عَلَى نَصِيبٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يُزْرَعُ فِي
الأَرض وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ. وَيُقَالُ: أَكَرْتُ الأَرض أَي
حَفَرْتُهَا؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لِلْكُرَةِ الَّتِي
يُلْعَبُ بِهَا: أُكْرَةٌ، واللغةُ الجيدةُ الكُرَةُ؛ قَالَ:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
أمر: الأَمْرُ: مَعْرُوفٌ، نَقِيضُ النَّهْيِ. أَمَرَه بِهِ وأَمَرَهُ؛
الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَمره إِياه، على
__________
(1) . قوله [وأفرّة الشر إلخ] بضم أوله وثانيه وفتح ثالثه مشدداً،
وبفتح الأَول وضم الثاني وفتح الثالث مشدداً أيضاً، وزاد في القاموس
أفرَّة بفتحات مشدد الثالث على وزن شربة وجربة مشدد الباء فيهما
(2) . قوله [حفر أكرة] كذا بالأصل والمناسب حفر حفراً
(4/26)
حَذْفِ الْحَرْفِ، يَأْمُرُه أَمْراً
وإِماراً فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه؛ وَقَوْلُهُ:
ورَبْرَبٍ خِماصِ ... يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ
إِنما أَراد أَنهنَّ يُشَوِّقْنَ مَنْ رَآهُنَّ إِلى تَصَيُّدِهَا
وَاقْتِنَاصِهَا، وإِلا فَلَيْسَ لهنَّ أَمر. وَقَوْلُهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ
؛ الْعَرَبُ تَقُولُ: أَمَرْتُك أَن تفْعَل ولِتَفْعَلَ وبأَن تفْعَل،
فَمَنْ قَالَ: أَمرتك بأَن تَفْعَلَ فَالْبَاءُ للإِلصاق وَالْمَعْنَى
وَقَعَ الأَمر بِهَذَا الْفِعْلِ، وَمَنْ قَالَ أَمرتُك أَن تَفْعَلَ
فَعَلَى حَذْفِ الْبَاءِ، وَمَنْ قَالَ أَمرتك لِتَفْعَلَ فَقَدْ
أَخبرنا بِالْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا وَقَعَ الأَمرُ، وَالْمَعْنَى
أُمِرْنا للإِسلام. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَتى أَمْرُ اللَّهِ
فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَمْرُ اللهِ مَا وعَدهم بِهِ مِنَ الْمُجَازَاةِ
عَلَى كُفْرِهِمْ مِنْ أَصناف الْعَذَابِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ
قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ
؛ أَي جَاءَ مَا وَعَدْنَاهُمْ بِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً
؛ وَذَلِكَ أَنهم اسْتَعْجَلُوا الْعَذَابَ واستبطؤوا أَمْرَ
السَّاعَةِ، فأَعلم اللَّهُ أَن ذَلِكَ فِي قُرْبِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا
قَدْ أَتى كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ
وَانْشَقَّ الْقَمَرُ؛ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ
إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ
. وأَمرتُه بِكَذَا أَمراً، وَالْجَمْعُ الأَوامِرُ. والأَمِيرُ: ذُو
الأَمْر. والأَميرُ: الآمِر؛ قَالَ:
والناسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ، إِذا هُمُ ... خَطِئُوا الصوابَ، وَلَا
يُلامُ المُرْشِدُ
وإِذا أَمَرْتَ مِنْ أَمَر قُلْتَ: مُرْ، وأَصله أُؤْمُرْ، فَلَمَّا
اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ حُذِفَتِ
الْهَمْزَةُ الأَصلية فَزَالَ السَّاكِنُ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ
الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ، وَقَدْ جاءَ عَلَى الأَصل. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ وَفِيهِ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
. والأَمْرُ: واحدُ الأُمُور؛ يُقَالُ: أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ
وأُمُورُهُ مستقيمةٌ. والأَمْرُ: الْحَادِثَةُ، وَالْجَمْعُ أُمورٌ،
لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها
؛ قِيلَ: مَا يُصلحها، وَقِيلَ: ملائكتَهَا؛ كُلُّ هَذَا عَنِ
الزَّجَّاجِ. والآمِرَةُ: الأَمرُ، وَهُوَ أَحد الْمَصَادِرِ الَّتِي
جَاءَتْ عَلَى فاعِلَة كالعَافِيَةِ والعاقِبَةِ والجازيَةِ
وَالْخَاتِمَةِ. وَقَالُوا فِي الأَمر: أُومُرْ ومُرْ، وَنَظِيرُهُ
كُلْ وخُذْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ؛ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ عِنْدَ
سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا يُقَالُ أُومُرْ،
وَلَا أُوخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا أُوكُلْ، إِنما يُقَالُ مُرْ
وكُلْ وخُذْ فِي الِابْتِدَاءِ بالأَمر اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّتَيْنِ،
فإِذا تقدَّم قَبْلَ الْكَلَامِ واوٌ أَو فاءٌ قُلْتَ: وأْمُرْ فأْمُرْ
كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ فأَما كُلْ مَنْ أَكَلَ يَأْكُلُ فَلَا يَكَادُ يُدْخِلُون فِيهِ
الهمزةَ مَعَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ، وَيَقُولُونَ: وكُلا وخُذَا
وارْفَعاه فَكُلاه وَلَا يَقُولُونَ فَأْكُلاهُ؛ قَالَ: وَهَذِهِ
أَحْرُفٌ جَاءَتْ عَنِ الْعَرَبِ نوادِرُ، وَذَلِكَ أَن أَكثر
كَلَامِهَا فِي كُلِّ فِعْلٍ أَوله هَمْزَةٌ مِثْلَ أَبَلَ يَأْبِلُ
وأَسَرَ يَأْسِرُ أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَبَقَ
يَأْبِقُ، فإِذا كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي أَوله هَمْزَةٌ ويَفْعِلُ
مِنْهُ مَكْسُورًا مَرْدُودًا إِلى الأَمْرِ قِيلَ: إِيسِرْ يَا فلانُ،
إِيْبِقْ يَا غلامُ، وكأَنَّ أَصله إِأْسِرْ بِهَمْزَتَيْنِ فَكَرِهُوا
جَمْعًا بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ فَحَوَّلُوا إِحداهما ياء إِذ كَانَ مَا
قَبْلَهَا مَكْسُورًا، قَالَ: وَكَانَ حَقُّ الأَمر مِنْ أَمَرَ
يَأْمُرُ أَن يُقَالَ أُؤْمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلْ بِهَمْزَتَيْنِ،
فَتُرِكَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ وحوِّلت وَاوًا لِلضَّمَّةِ
فَاجْتَمَعَ فِي الْحَرْفِ ضَمَّتَانِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ وَالضَّمَّةُ
(4/27)
مِنْ جِنْسِ الْوَاوِ، فَاسْتَثْقَلَتِ
الْعَرَبُ جَمْعًا بَيْنَ ضَمَّتَيْنِ وَوَاوٍ فَطَرَحُوا هَمْزَةَ
الْوَاوِ لأَنه بَقِيَ بَعْدَ طَرْحها حَرْفَانِ فَقَالُوا: مُرْ
فُلَانًا بِكَذَا وَكَذَا، وخُذْ مِنْ فُلَانٍ وكُلْ، وَلَمْ يَقُولُوا
أُكُلْ وَلَا أُمُرْ وَلَا أُخُذْ، إِلا أَنهم قَالُوا فِي أَمَرَ
يَأْمُرُ إِذا تَقَدَّمَ قَبْلَ أَلِفِ أَمْرِه وواو أَو فَاءٌ أَو
كَلَامٌ يَتَّصِلُ بِهِ الأَمْرُ مِنْ أَمَرَ يَأْمُرُ فَقَالُوا:
الْقَ فُلَانًا وأْمُرْهُ، فَرَدُّوهُ إِلى أَصله، وإِنما فَعَلُوا
ذَلِكَ لأَن أَلف الأَمر إِذا اتَّصَلَتْ بِكَلَامٍ قَبْلَهَا سَقَطَتِ
الأَلفُ فِي اللَّفْظِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي كُلْ وخُذْ إِذا
اتَّصَلَ الأَمْرُ بِهِمَا بِكَلَامٍ قَبْلَهُ فَقَالُوا: الْقَ
فُلَانًا وخُذْ مِنْهُ كَذَا، وَلَمْ نسْمَعْ وأُوخُذْ كَمَا سَمِعْنَا
وأْمُرْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكُلا مِنْها رَغَداً؛ وَلَمْ
يَقُلْ: وأْكُلا؛ قَالَ: فإِن قِيلَ لِمَ رَدُّوا مُرْ إِلى أَصلها
وَلَمْ يَرُدُّوا وكُلا وَلَا أُوخُذْ؟ قِيلَ: لِسَعَة كَلَامِ
الْعَرَبِ رُبَّمَا ردُّوا الشَّيْءَ إِلَى أَصله، وَرُبَّمَا بَنَوْهُ
عَلَى مَا سَبَقَ، وَرُبَّمَا كَتَبُوا الْحَرْفَ مَهْمُوزًا،
وَرُبَّمَا تَرَكُوهُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزَةِ، وَرُبَّمَا كَتَبُوهُ
عَلَى الإِدغام، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاسِعٌ؛ وَقَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا
مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
؛ قرأَ أَكثر الْقُرَّاءِ: أَمَرْنا، وَرَوَى خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ
آمَرْنا، بِالْمَدِّ، وَسَائِرُ أَصحاب نَافِعٍ رَوَوْهُ عَنْهُ
مَقْصُورًا، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: أَمَّرْنا، بِالتَّشْدِيدِ،
وَسَائِرُ أَصحابه رَوَوْهُ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَبِالْقَصْرِ،
وَرَوَى هُدْبَةُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ:
أَمَّرْنا، وَسَائِرُ النَّاسِ رَوَوْهُ عَنْهُ مُخَفَّفًا، وَرَوَى
سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ مَن قَرأَ: أَمَرْنا، خَفِيفَةً، فسَّرها
بَعْضُهُمْ أَمَرْنا مُتْرَفِيهَا بالطاعة ففسقوا فيها، إِن المُتْرَفَ
إِذا أُمر بِالطَّاعَةِ خالَفَ إِلى الْفِسْقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ:
وقرأَ الْحَسَنُ: آمَرْنا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَمَرْنا، قَالَ: وَرُوِيَ
عَنْهُ أَنه بِمَعْنَى أَكْثَرنا، قَالَ: وَلَا نَرَى أَنها حُفِظَتْ
عَنْهُ لأَنا لَا نَعْرِفُ مَعْنَاهَا هَاهُنَا، وَمَعْنَى آمَرْنا،
بِالْمَدِّ، أَكْثَرْنا؛ قَالَ: وقرأَ أَبو الْعَالِيَةِ: أَمَّرْنا
مُتْرَفِيهَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَلِكَ
أَنه قَالَ: سَلَّطْنا رُؤَساءَها ففسقوا. وقال أَبو إِسحاق نَحْواً
مِمَّا قَالَ الْفَرَّاءُ، قَالَ: مَنْ قرأَ أَمَرْنا، بِالتَّخْفِيفِ،
فَالْمَعْنَى أَمرناهم بِالطَّاعَةِ فَفَسَقُوا. فإِن قَالَ قَائِلٌ:
أَلست تَقُولُ أَمَرتُ زَيْدًا فَضَرَبَ عَمْرًا؟ وَالْمَعْنَى أَنك
أَمَرْتَه أَن يَضْرِبَ عَمْرًا فَضَرَبَهُ فَهَذَا اللَّفْظُ لَا
يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ الضَّرْبِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَمَرْنا
مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
، أَمَرْتُكَ فعصيتَني، فَقَدْ عُلِمَ أَن المعصيةَ مخالَفَةُ
الأَمْرِ، وَذَلِكَ الفسقُ مخالفةُ أَمْرِ اللَّهِ. وقرأَ الْحَسَنُ:
أَمِرْنا مُتْرَفِيهَا عَلَى مِثَالِ عَلِمْنَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَعَسَى أَن تَكُونَ هَذِهِ لُغَةً ثَالِثَةً؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
مَعْنَاهُ أَمَرْناهم بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا؛ قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ
مِنَ الإِمارَةِ؛ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِن مَعْنَى أَمِرْنا
مُتْرَفِيهَا كَثَّرْنا مُتْرَفيها؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا
قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خَيْرُ
الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَو مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ؛ أَي
مُكَثِّرَةٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ أَي كَثُرُوا.
مُهَاجِرٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَي
نَتُوجٌ وَلُود؛ وقال لَبِيدٌ:
إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أَمِرُوا، ... يَوْماً، يَصِيرُوا
لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: مُهْرَةٌ مَأْمورة: إِنها
الْكَثِيرَةُ النِّتاج والنَّسْلِ؛ قَالَ: وَفِيهَا لُغَتَانِ: قَالَ
أَمَرَها اللهُ فَهِيَ مَأْمُورَةٌ، وآمَرَها اللَّهُ فَهِيَ
مُؤْمَرَة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ مُهرة مَأْمُورة
لِلِازْدِوَاجِ لأَنهم أَتْبَعُوها مأْبورة، فَلَمَّا ازْدَوَجَ
اللفظان جاؤُوا بمأْمورة عَلَى وَزْنِ مَأْبُورَة كَمَا قَالَتِ
الْعَرَبُ: إِني آتِيهِ بِالْغَدَايَا وَالْعَشَايَا، وإِنما تُجْمَعُ
الغَدَاةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بِالْغَدَايَا عَلَى لَفْظِ الْعَشَايَا
تَزْوِيجًا لِلَّفْظَيْنِ، وَلَهَا
(4/28)
نَظَائِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَصل
فِيهَا مُؤْمَرَةٌ عَلَى مُفْعَلَةٍ، كَمَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ارْجِعْنَ مَأْزُورات غَيْرَ مَأْجورات
؛ وإِنما هُوَ مَوْزُورات مِنَ الوِزْرِ فَقِيلَ مأْزورات عَلَى لَفْظِ
مأْجورات لِيَزْدَوِجا. وقال أَبو زَيْدٍ: مُهْرَةٌ مأْمورة هِيَ
الَّتِي كَثُرَ نَسْلُهَا؛ يَقُولُونَ: أَمَرَ اللهُ المُهْرَةَ أَي
كثَّرَ وَلَدَها. وأَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قَالَ الأَعشى:
طَرِفُونَ ولَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ، ... أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ
سَهْمَ القُعْدُدِ
وَيُقَالُ: أَمَرَهم اللَّهُ فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، وَفِيهِ
لُغَتَانِ: أَمَرَها فَهِيَ مأْمُورَة، وآمَرَها فَهِيَ مُؤْمَرَةٌ؛
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي سُفْيَانَ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ وارْتَفَعَ
شَأْنُه
؛ يَعْنِي النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: مَا لِي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟ فَقَالَ:
وَاللَّهِ لَيَأْمَرَنَ
أَي يَزِيدُ عَلَى مَا تَرَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ أَمِرَ
بَنُو فُلَانٍ
أَي كَثُرُوا. وأَمِرَ الرجلُ، فَهُوَ أَمِرٌ: كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ.
وآمَره اللَّهُ: كَثَّرَ نَسْلَه وماشيتَه، وَلَا يُقَالُ أَمَرَه؛
فأَما قَوْلُهُ: ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فَعَلَى مَا قَدْ أُنِسَ بِهِ
مِنَ الإِتباع، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: آمَرَه وأَمَرَه
لُغَتَانِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: آمَرْتُهُ، بِالْمَدِّ، وأَمَرْتُه
لُغَتَانِ بِمَعْنَى كَثَّرْتُه. وأَمِرَ هُوَ أَي كَثُرَ فَخُرِّجَ
عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ عَلِمَ فُلَانٌ وأَعلمته أَنا ذَلِكَ؛
قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَمْ يَقُلْهُ أَحد غَيْرُهُ. قَالَ أَبو
الْحَسَنِ: أَمِرَ مالُه، بِالْكَسْرِ، أَي كَثُرَ. وأَمِرَ بَنُو
فُلَانٍ إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. وَرَجُلٌ أَمُورٌ
بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدِ ائتُمِرَ بِخَيْرٍ: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ
بِهِ فَقَبِلَه. وتأَمَّروا عَلَى الأَمْرِ وائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا
وأَجْمَعُوا آراءَهم. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ الْمَلَأَ
يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي يَتَشَاوَرُونَ عَلَيْكَ لِيَقْتُلُوكَ؛
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا
يَأْتَمِرْ
قَالَ غَيْرُهُ: وَهَذَا الشِّعْرُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ. والخَمِرُ:
الَّذِي قَدْ خَالَطَهُ داءٌ أَو حُبٌّ. وَيَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا
يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ رَشَدٍ عَدَا عَلَيْهِ
فأَهلكه. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَذَا غَلَطٌ، كَيْفَ يَعْدُو عَلَى
الْمَرْءِ مَا شَاوَرَ فِيهِ وَالْمُشَاوَرَةُ بَرَكَةٌ، وإِنما أَراد
يَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يَهُمُّ بِهِ مِنَ الشَّرِّ. قَالَ
وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
؛ أَي يَهُمون بِكَ؛ وأَنشد:
اعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ ... مُخْطِئٌ فِي الرَّأْي، أَحْيَانَا
قَالَ: يَقُولُ مَنْ رَكِبَ أَمْراً بِغَيْرِ مَشُورة أَخْطأَ
أَحياناً. قَالَ وَقَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ أَي
هُمُّوا بِهِ واعْتَزِمُوا عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ
أَبو عُبَيْدَةَ لَقَالَ: يَتَأَمَّرُونَ بِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
مَعْنَى قَوْلِهِ: يَأْتَمِرُونَ بِكَ
؛ يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ:
ائْتَمَرَ القومُ وتآمَرُوا إِذا أَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَمَا
يُقَالُ اقْتَتَلَ الْقَوْمُ وَتَقَاتَلُوا وَاخْتَصَمُوا
وَتَخَاصَمُوا، وَمَعْنَى يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ
بَعْضًا بِقَتْلِكَ وَفِي قَتْلِكَ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ
ائْتَمَرَ فُلَانٌ رَأْيَهُ إِذا شَاوَرَ عَقْلَهُ فِي الصَّوَابِ
الَّذِي يأْتيه، وَقَدْ يُصِيبُ الَّذِي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة
ويخطئُ أُخرى. قَالَ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي
يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيكَ أَي فِي قَتْلِكَ أَحسن مِنْ
قَوْلِ الْقُتَيْبِيِّ إِنه بِمَعْنَى يَهُمُّونَ بِكَ. قَالَ: وأَما
قَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ فَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ
أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم بَعْضًا بِمَعْرُوفٍ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
اعْلَمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ
(4/29)
مَعْنَاهُ أَن مَنِ ائْتَمَرَ رَأْيَه فِي
كُلِّ مَا يَنُوبُهُ يخطئُ أَحياناً؛ وقال الْعَجَّاجُ:
لَمّا رَأَى تَلْبِيسَ أَمْرٍ مُؤْتَمِرْ
تَلْبِيسَ أَمر أَي تَخْلِيطَ أَمر. مُؤْتَمِرْ أَي اتَّخَذَ أَمراً.
يُقَالُ: بئسما ائْتَمَرْتَ لنفسك. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تَفْسِيرِ
حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الرجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ
أَمرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَهُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ ارْتَأَى وَشَاوَرَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَن
يُوَاقِعَ مَا يُرِيدُ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
اعْلَمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ
أَي كُلَّ مَنْ عَمِلَ برأْيه فَلَا بُدَ أَن يُخْطِئَ الأَحيان. قَالَ
وَقَوْلُهُ: وَلَا يأْتَمِرُ لِمُرْشِدٍ أَي لَا يُشَاوِرُهُ.
وَيُقَالُ ائْتَمَرْتُ فُلَانًا فِي ذَلِكَ الأَمر، وائْتَمَرَ القومُ
إِذا تَشَاوَرُوا؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَعادَا لَهُنَّ وَزَادَا لَهُنَّ، ... واشْتَرَكَا عَمَلًا وأْتمارا
قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا يَدَّري المَكْذُوبُ كَيْفَ يَأْتَمِرْ
أَي كَيْفَ يَرْتَئِي رَأْياً وَيُشَاوِرُ نَفْسَهُ ويَعْقِدُ
عَلَيْهِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:
ويَعْدُو عَلَى المَرءِ مَا يَأْتَمِرْ
مَعْنَاهُ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الشَّيْءَ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا
تثبُّت وَلَا نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ فيندَم عَلَيْهِ.
الْجَوْهَرِيُّ: وائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امْتَثَلَهُ؛ قَالَ إمرؤٌ
الْقَيْسِ:
وَيَعْدُو عَلَى المرءِ مَا يأْتمر
أَي مَا تأْمره بِهِ نَفْسُهُ فَيَرَى أَنه رَشَدَ فَرُبَّمَا كَانَ
هَلَاكُهُ فِي ذَلِكَ. وَيُقَالُ: ائْتَمَرُوا بِهِ إِذا هَمُّوا بِهِ
وَتَشَاوَرُوا فِيهِ. والائْتِمارُ والاسْتِئْمارُ: المشاوَرَةُ،
وَكَذَلِكَ التَّآمُرُ، عَلَى وَزْنِ التَّفاعُل. والمُؤْتَمِرُ:
المُسْتَبِدُّ برأْيه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إِلى الْقَوْلِ؛
قَالَ إمرؤٌ الْقَيْسِ فِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ؛
أَحارُ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المرْءِ مَا
يَأْتَمِرْ
وَيُقَالُ: بَلْ أَراد أَن الْمَرْءَ يَأْتَمِرُ لِغَيْرِهِ بِسُوءٍ
فَيَرْجِعُ وبالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وآمَرَهُ فِي أَمْرِهِ ووامَرَهُ
واسْتَأْمَرَهُ: شاوره. وقال غَيْرُهُ: آمَرْتُه فِي أَمْري مُؤامَرَةً
إِذا شَاوَرْتَهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وَامَرْتُه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَمِيري مِنَ الْمَلَائِكَةِ جبريلُ
أَي صاحبُ أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ مَنْ فَزَعْتَ إِلى مُشَاوَرَتِهِ
ومُؤَامَرَته، فَهُوَ أَمِيرُكَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ؛ الرِّجَالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ ائْتَمَرَ
رَأْيَه
أَي شَاوَرَ نَفْسَهُ وارْتأَى فِيهِ قَبْلَ مُواقَعَة الأَمر،
وَقِيلَ: المُؤْتَمِرُ الَّذِي يَهُمُّ بأَمْرٍ يَفْعَلُه؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا يأْتَمِرُ رَشَداً
أَي لَا يأْتي بِرَشَدٍ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ
فَعَلَ فِعْلًا مِنْ غَيْرِ مُشَاوِرَةٍ: ائْتَمَرَ، كَأَنَّ نَفْسَه
أَمرته بشيءِ فأْتَمَرَ أَي أَطاعها؛ وَمِنَ المُؤَامَرَةِ المشاورةُ،
فِي الْحَدِيثِ:
آمِرُوا النساءَ فِي أَنْفُسِهِنَ
أَي شَاوِرُوهُنَّ فِي تَزْوِيجِهِنَّ قَالَ: وَيُقَالُ فِيهِ
وَامَرْتُه، وَلَيْسَ بِفَصِيحٍ. قَالَ: وَهَذَا أَمْرُ نَدْبٍ
وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ مِثْلَ قَوْلِهِ: البِكر تُسْتَأْذَنُ، وَيَجُوزُ
أَن يَكُونَ أَراد بِهِ الثَّيِّبَ دُونَ الْبِكْرِ، فإِنه لَا بُدَّ
مِنْ إِذنهن فِي النِّكَاحِ، فإِن فِي ذَلِكَ بَقَاءً لِصُحْبَةِ
الزَّوْجِ إِذا كَانَ بإِذنها. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: آمِرُوا النساءَ فِي بناتهنَ
، هُوَ مِنْ جِهَةِ اسْتِطَابَةِ أَنفسهن وَهُوَ أَدعى للأُلفة،
وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا، إِذا لَمْ يَكُنْ
بِرِضَا الأُم إِذ الْبَنَاتُ إِلى الأُمَّهات أَميل وَفِي سَمَاعِ
قولهنَّ أَرغب، ولأَن المرأَة رُبَّمَا عَلِمَتْ مِنْ حَالِ بِنْتِهَا
الْخَافِي عَنْ أَبيها أَمراً
(4/30)
لَا يَصْلُحُ مَعَهُ النِّكَاحُ، مِنْ
عِلَّةٍ تَكُونُ بِهَا أَو سَبَبٍ يَمْنَعُ مِنْ وَفَاءِ حُقُوقِ
النِّكَاحِ، وَعَلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا يتأَول قَوْلُهُ: لَا تُزَوَّجُ
الْبِكْرُ إِلا بإِذنها، وإِذْنُها سُكوتُها لأَنها قَدْ تَسْتَحِي أَن
تُفْصِح بالإِذن وتُظهر الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ، فَيُسْتَدَلُّ
بِسُكُوتِهَا عَلَى رِضَاهَا وَسَلَامَتِهَا مِنَ الْآفَةِ. وَقَوْلُهُ
فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَالثَّيِّبُ تُسْتَأْمَرُ
، لأَن الإِذن يُعْرَفُ بِالسُّكُوتِ والأَمر لَا يُعْرَفُ إِلا
بِالنُّطْقِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُتْعَةِ:
فآمَرَتْ نَفْسَها
أَي شَاوَرَتْهَا واستأْمرتها. وَرَجُلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَة «3» .
وأَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد فِي أَمره. والأَميرُ: الملِكُ
لنَفاذِ أَمْرِه بَيِّنُ الإِمارة والأَمارة، والجمعُ أُمَراءُ.
وأَمَرَ عَلَيْنَا يَأْمُرُ أَمْراً وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَليَ؛ قَالَ:
قَدْ أَمِرَ المُهَلَّبُ، فكَرْنِبوا ودَوْلِبُوا وحيثُ شِئْتُم
فاذْهَبوا. وأَمَرَ الرجلُ يأْمُرُ إِمارةً إِذا صَارَ عَلَيْهِمْ
أَميراً. وأَمَّرَ أَمارَةً إِذا صَيَّرَ عَلَماً. وَيُقَالُ: مَا لَكَ
فِي الإِمْرَة والإِمارَة خيرٌ، بِالْكَسْرِ. وأُمِّرَ فلانٌ إِذا
صُيِّرَ أَميراً. وَقَدْ أَمِرَ فُلَانٌ وأَمُرَ، بِالضَّمِّ، أَي صارَ
أَميراً، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ
السَّلُولِيِّ:
ولو جاؤُوا برَمْلةَ أَو بهنْدٍ، ... لبايَعْنا أَميرةَ مُؤْمنينا
وَالْمُصْدَرُ الإِمْرَةُ والإِمارة، بِالْكَسْرِ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ
عَنِ الْفَرَّاءِ: كَانَ ذَلِكَ إِذ أَمَرَ عَلَيْنَا الحجاجُ،
بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ الإِمْرَة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَما إِنَّ لَهُ إمْرَة كلَعْقَةِ
الْكَلْبِ لَبَنَهُ
؛ الإِمْرَة، بِالْكَسْرِ: الإِمارة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَلْحَةَ: لَعَلَّكَ ساءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ.
وقالوا: عَلَيْكَ أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ، فَفَتَحُوا. التَّهْذِيبُ:
وَيُقَالُ: لَكَ عليَّ أَمْرَةٌ مُطَاعَةٌ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ،
وَمَعْنَاهُ لَكَ عليَّ أَمْرَةٌ أُطيعك فِيهَا، وَهِيَ الْمَرَّةُ
الْوَاحِدَةُ مِنَ الأُمور، وَلَا تَقُلْ: إِمْرَةٌ، بِالْكَسْرِ،
إِنما الإِمرة مِنَ الْوِلَايَةِ. والتَّأْميرُ: تَوْلية الإِمارة.
وأَميرٌ مُؤَمَّرٌ: مُمَلَّكٌ. وأَمير الأَعمى: قَائِدُهُ لأَنه
يَمْلِكُ أَمْرَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
إِذا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي البلادِ ... صدرَ القَناةِ أَطاعَ
الأَميرا
وأُولوا الأَمْرِ: الرُّؤَساءُ وأَهل الْعِلْمِ. وأَمِرَ الشيءُ
أَمَراً وأَمَرَةً، فَهُوَ أَمرٌ: كَثُرَ وتَمَّ؛ قَالَ:
أُمُّ عِيالٍ ضَنؤُها غيرُ أَمِرْ
وَالِاسْمُ: الإِمْرُ. وزرعٌ أَمِرٌ: كَثِيرٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وَرَجُلٌ أَمِرٌ: مباركٌ يُقْبِلُ عَلَيْهِ المالُ. وامرأَة أَمِرَةٌ:
مُبَارَكَةٌ عَلَى بَعْلِهَا، وكلُّه من الكَثرة. وقالوا: فِي وَجْهِ
مالِكَ تعرفُ أَمَرَتَه؛ وَهُوَ الَّذِي تَعْرِفُ فِيهِ الْخَيْرَ مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ. وأَمَرَتُه: زِيَادَتُهُ وَكَثْرَتُهُ. وَمَا أَحسن
أَمارَتَهم أَي مَا يَكْثُرُونَ وَيَكْثُرُ أَوْلادُهم وَعَدَدُهُمْ.
الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: فِي وَجْهِ الْمَالِ الأَمِر تَعْرِفُ
أَمَرَتَه أَي زِيَادَتَهُ وَنَمَاءَهُ وَنَفَقَتَهُ. تَقُولُ: فِي
إِقبال الأَمْرِ تَعْرِفُ صَلاحَه. والأَمَرَةُ: الزِّيَادَةُ والنماءُ
وَالْبَرَكَةُ. وَيُقَالُ: لَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ أَمَرَةً أَي
بَرَكَةً؛ مِنْ قَوْلِكَ: أَمِرَ المالُ إِذا كَثُرَ. قَالَ: وَوَجْهُ
الأَمر أَول مَا تَرَاهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: تَعْرِفُ أَمْرَتَهُ
مِنْ أَمِرَ المالُ إِذا كَثُرَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ
الْعَرَبُ: فِي وَجْهِ الْمَالِ تَعْرِفُ أَمَرَتَه أَي نُقْصَانَهُ؛
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ الْفَرَّاءُ فِي
الأَمَرِ أَنه الزِّيادة. قال
__________
(3) . قوله [إمر وإمرة] هما بكسر الأول وفتحه كما في القاموس
(4/31)
ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا فِي وَجْهِ
مَالِكَ تَعْرِفُ أَمَرَتَه أَي يُمنَه، وأَمارَتَهُ مِثْلُهُ
وأَمْرَتَه. وَرَجُلٌ أَمِرٌ وامرأَة أَمِرَةٌ إِذا كَانَا
مَيْمُونَيْنِ. والإِمَّرُ: الصغيرُ مِنَ الحُمْلان أَوْلادِ الضأْنِ،
والأُنثى إِمَّرَةٌ، وَقِيلَ: هُمَا الصَّغِيرَانِ مِنْ أَولادِ
الْمَعْزِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا وَصَفُوهُ بالإِعدامِ:
مَا لَهُ إِمَّرٌ وَلَا إِمَّرَةٌ أَي مَا لَهُ خَرُوفٌ وَلَا رِخْلٌ،
وَقِيلَ: مَا لَهُ شَيْءٌ. والإِمَّرُ: الْخَرُوفُ. والإِمَّرَةُ:
الرِّخْلُ، وَالْخَرُوفُ ذَكَرٌ، والرِّخْلُ أُنثى. قَالَ السَّاجِعُ:
إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فَلَا تَغْذُونَّ إِمَّرَةً وَلَا
إِمَّراً. ورجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: أَحمق ضَعِيفٌ لَا رأْي لَهُ،
وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا عَقْلَ لَهُ إِلا مَا أَمرتَه بِهِ لحُمْقِهِ،
مِثَالُ إِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وَلَيْسَ بِذِي رَيْثَةٍ إِمَّرٍ، ... إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً
أَصْحَبا
وَيُقَالُ: رَجُلٌ إِمَّرٌ لَا رأْي لَهُ فَهُوَ يأْتَمِرُ لِكُلِّ
آمِرٍ وَيُطِيعُهُ. وأَنشد شَمِرٌ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَرًا
فَلَا تُرْسِلْ فِيهَا إِمَّرَةً وَلَا إِمَّراً؛ قَالَ: مَعْنَاهُ لَا
تُرْسِلْ فِي الإِبل رَجُلًا لَا عَقْلَ لَهُ يُدَبِّرُها. وَفِي
حَدِيثِ
آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ يُطِعْ إِمَّرَةً لَا يأْكُلْ
ثَمَرَةً.
الإِمَّرَةُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ: تأْنيث
الإِمَّرِ، وَهُوَ الأَحمق الضَّعِيفُ الرأْي الَّذِي يَقُولُ
لِغَيْرِهِ: مُرْني بأَمرك، أَي مَنْ يُطِعِ امرأَة حَمْقَاءَ يُحْرَمِ
الْخَيْرَ. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الإِمَّرَة عَلَى الرَّجُلِ،
وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ إِمَّعَةٌ. والإِمَّرَةُ
أَيضاً: النَّعْجَةُ وَكَنَّى بِهَا عَنِ المرأَة كَمَا كُنِّيَ
عَنْهَا بِالشَّاةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ: رَجُلٌ إِمَّرٌ.
قَالَ: يُشَبَّه بالجَدْي. والأَمَرُ: الْحِجَارَةُ، واحدتُها
أَمَرَةٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ مِنْ قَصِيدَةٍ يَرْثِي فِيهَا
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَا لَهْفَ نَفْسيَ إِن كَانَ الَّذِي زَعَمُوا ... حَقًّا وَمَاذَا
يردُّ اليومَ تَلْهِيفي؟
إِن كَانَ عثمانُ أَمْسَى فَوْقَهُ أَمَرٌ، ... كراقِب العُونِ فوقَ
القُبَّةِ المُوفي
والعُونُ: جَمَعَ عَانَةٍ، وَهِيَ حُمُرُ الْوَحْشِ، وَنَظِيرُهَا مِنَ
الْجَمْعِ قارَةٌ وقورٌ، وَسَاحَةٌ وسُوحٌ. وَجَوَابُ إِن
الشَّرْطِيَّةِ أَغنى عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي
قَبْلَهُ؛ وشبَّه الأَمَرَ بِالْفَحْلِ يَرقُبُ عُونَ أُتُنِه.
والأَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ أَمَرَةٍ، وَهِيَ العَلَمُ
الصَّغِيرُ مِنْ أَعلام الْمَفَاوِزِ من حجارة، وَهُوَ بِفَتْحِ
الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ. وقال الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَا بِهَا أَمَرٌ
أَي عَلَمٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَمَرَاتُ الأَعلام، واحدتها
أَمَرَةٌ. وقال غَيْرُهُ: وأَمارةٌ مِثْلُ أَمَرَةٍ؛ وقال حُمَيْدٌ:
بسَواءٍ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ أَمارةً ... مِنْها، إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ
يَخْطُرُ
وكلُّ علامَةٍ تُعَدُّ، فَهِيَ أَمارةٌ. وَتَقُولُ: هِيَ أَمارةُ مَا
بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَي عَلَامَةٌ؛ وأَنشد:
إِذا طلَعَتْ شَمْسُ النَّهَارِ، فإِنها ... أَمارةُ تَسْلِيمِي عليكِ،
فسَلِّمي
ابْنُ سِيدَهْ: والأَمَرَةُ الْعَلَامَةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ،
والأَمارُ: الْوَقْتُ وَالْعَلَامَةُ؛ قَالَ العجاجُ:
إِذ رَدَّها بِكَيْدِهِ فارْتَدَّت ... إِلى أَمارٍ، وأَمارٍ مُدَّتي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده وأَمارِ مُدَّتِي بالإِضافة،
وَالضَّمِيرُ الْمُرْتَفِعُ فِي ردِّها يَعُودُ عَلَى اللَّهِ
تَعَالَى، وَالْهَاءُ فِي رَدَّهَا أَيضاً ضَمِيرُ نَفْسِ الْعَجَّاجِ؛
يَقُولُ: إِذ ردَّ اللَّهُ نَفْسِي بِكَيْدِهِ وَقُوَّتِهِ إِلى وَقْتِ
انْتِهَاءِ مُدَّتِي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: ابْعَثوا بالهَدْيِ واجْعَلوا بَيْنَكُمْ
(4/32)
وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمارٍ
؛ الأَمارُ والأَمارةُ: الْعَلَامَةُ، وَقِيلَ: الأَمارُ جَمْعُ
الأَمارَة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَهَلْ للسَّفَر أَمارة؟
والأَمَرَةُ: الرَّابِيَةُ، وَالْجَمْعُ أَمَرٌ. والأَمارة والأَمارُ:
المَوْعِدُ وَالْوَقْتُ الْمَحْدُودُ؛ وَهُوَ أَمارٌ لِكَذَا أَي
عَلَمٌ. وعَمَّ ابنُ الأَعرابي بالأَمارَة الوقتَ فَقَالَ: الأَمارةُ
الْوَقْتُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَمحدود أَم غَيْرُ مَحْدُودٍ؟ ابْنُ
شُمَيْلٍ: الأَمَرةُ مِثْلُ الْمَنَارَةِ، فَوْقَ الْجَبَلِ، عَرِيضٌ
مِثْلُ الْبَيْتِ وأَعظم، وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ أَربعون قَامَةً،
صُنِعَتْ عَلَى عَهْدِ عَادٍ وإِرَمَ، وَرُبَّمَا كَانَ أَصل إِحداهن
مِثْلَ الدَّارِ، وإِنما هِيَ حِجَارَةٌ مكوَّمة بَعْضُهَا فَوْقَ
بَعْضٍ، قَدْ أُلزقَ مَا بَيْنَهَا بِالطِّينِ وأَنت تَرَاهَا كأَنها
خِلْقَةٌ. الأَخفش: يُقَالُ أَمِرَ أَمْرُه يأْمَرُ أَمْراً أَي
اشْتَدَّ، وَالِاسْمُ الإِمْرُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ
الرَّاجِزُ:
قَدْ لَقيَ الأَقْرانُ مِنِّي نُكْرا، ... داهِيَةً دَهْياءَ إِدّاً
إِمْرا
وَيُقَالُ: عَجَباً. وأَمْرٌ إِمْرٌ: عَجَبٌ مُنْكَرٌ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: أَي جِئْتَ شَيْئًا عَظِيمًا مِنَ الْمُنْكَرِ،
وقيل: الإِمْرُ، بالكسر، والأَمْرُ الْعَظِيمُ الشَّنِيعُ، وَقِيلَ:
الْعَجِيبُ، قال: ونُكْراً أَقلُّ مِنْ قَوْلِهِ إِمْراً، لأَن
تَغْرِيقَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ أَنكرُ مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ؛
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ إِلى أَن مَعْنَى إِمْراً
شَيْئًا دَاهِيًا مُنْكَراً عَجَباً، وَاشْتَقَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ
أَمِرَ الْقَوْمُ إِذا كثُروا. وأَمَّرَ القناةَ: جَعَلَ فِيهَا
سِناناً. والمُؤَمَّرُ: المُحَدَّدُ، وَقِيلَ: الْمَوْسُومُ. وسِنانٌ
مُؤَمَّرٌ أَي محدَّدٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَقَدْ كَانَ فِينَا مَنْ يَحُوطُ ذِمارَنا، ... ويَحْذي الكَمِيَّ
الزَّاعِبيَّ المُؤَمَّرا
والمُؤَمَّرُ أَيضاً: المُسَلَّطُ. وتَأَمَّرَ عليهم أَيَّ تَسَلَّطَ.
وقال خَالِدٌ فِي تَفْسِيرِ الزَّاعِبِيَّ المؤَمر، قَالَ: هُوَ
الْمُسَلَّطُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أمِّرْ قَنَاتَكَ أَي اجْعَلْ
فِيهَا سِناناً. وَالزَّاعِبِيُّ: الرُّمْحُ الَّذِي إِذا هُزَّ
تَدَافَعَ كُلُّه كأَنَّ مؤَخّره يَجْرِي فِي مُقدَّمه؛ وَمِنْهُ
قِيلَ: مَرَّ يَزْعَبُ بحِملِه إِذا كَانَ يَتَدَافَعُ؛ حَكَاهُ عَنِ
الأَصمعي. وَيُقَالُ: فلانٌ أُمِّرَ وأُمِّرَ عَلَيْهِ إِذا كَانَ
وَالِيًا وَقَدْ كَانَ سُوقَةً أَي أَنه مجرَّب. وَمَا بِهَا أَمَرٌ
أَي مَا بِهَا أَحدٌ. وأَنت أَعلم بِتَامُورِكَ؛ تامورهُ: وعاؤُه،
يُرِيدُ أَنت أَعلم بِمَا عِنْدَكَ وَبِنَفْسِكَ. وَقِيلَ: التَّامورُ
النَّفْس وَحَيَاتُهَا، وَقِيلَ الْعَقْلُ. والتَّامورُ أَيضاً: دمُ
الْقَلْبِ وحَبَّتُه وَحَيَاتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلْبُ نَفْسُهُ،
وَرُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً، وَرُبَّمَا جُعِلَ صِبغاً عَلَى
التَّشْبِيهِ. وَالتَّامُورُ: الولدُ. وَالتَّامُورُ: وَزِيرُ
الْمَلِكِ. وَالتَّامُورُ: نَامُوسُ الرَّاهِبِ. والتَّامورَةُ:
عِرِّيسَة الأَسَدِ، وَقِيلَ: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةَ سُرْيَانِيَّةٌ،
والتَّامورة: الإِبريق؛ قَالَ الأَعشى:
وإِذا لَهَا تامُورَة مرفوعةٌ ... لِشَرَابِهَا......
والتَّامورة: الحُقَّة. والتَّاموريُّ والتأْمُرِيُّ والتُّؤْمُريُّ:
الإِنسان؛ وَمَا رأَيتُ تامُرِيّاً أَحسن مِنْ هَذِهِ المرأَة. وَمَا
بِالدَّارِ تأْمور أَي مَا بِهَا أَحد. وَمَا بِالرَّكِيَّةِ تامورٌ،
يَعْنِي الماءَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى الأَوَّل؛
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَضَيْنَا عَلَيْهِ أَن التَّاءَ زَائِدَةٌ فِي
هَذَا كُلِّهِ لِعَدَمِ فَعْلول فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. والتَّامور:
مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: هِيَ دوَيبةٌ. والتَّامور: جِنْسٌ
مِنَ الأَوعال أَو شَبِيهٌ بِهَا لَهُ قرنٌ واحدٌ مُتَشَعِّبٌ فِي
وسَطِ رأْسه. وآمِرٌ: السَّادِسُ
(4/33)
مِنْ أَيام الْعَجُوزِ، ومؤُتَمِرٌ:
السَّابِعُ مِنْهَا؛ قَالَ أَبو شِبل الأَعرابي:
كُسِعَ الشتاءُ بسبعةٍ غُبْرِ: ... بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ
وبآمِرٍ وأَخيه مؤُتَمِرٍ، ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئٍ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَول مِنْهُمَا يأْمرُ النَّاسَ بِالْحَذَرِ، وَالْآخَرُ
يُشَاوِرُهُمْ فِي الظَّعَن أَو الْمُقَامِ، وأَسماء أَيام الْعَجُوزِ
مَجْمُوعَةٌ فِي مَوْضِعِهَا. قَالَ الأَزهري: قَالَ البُستْي: سُمي
أَحد أَيام الْعَجُوزِ آمِراً لأَنه يأْمر النَّاسَ بِالْحَذَرِ
مِنْهُ، وَسُمِّيَ الْآخَرُ مُؤْتَمَرًا. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خطأٌ
وإِنما سُمِّيَ آمِرًا لأَن النَّاسَ يُؤامِر فِيهِ بعضُهم بَعْضًا
لِلظَّعْنِ أَو الْمُقَامِ فَجُعِلَ الْمُؤْتَمَرُ نَعْتًا لِلْيَوْمِ؛
وَالْمَعْنَى أَنه يؤْتَمرُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ ليلٌ نَائِمٌ يُنام
فِيهِ، وَيَوْمٌ عَاصِفٌ تَعْصِف فِيهِ الريحُ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ إِذا
كَانَ يَصُومُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ وَلَمْ
يَقُلْ أَحد وَلَا سُمِعَ مِنْ عَرَبِيٍّ ائْتَمَرْتُه أَي آذنْتهُ
فَهُوَ بَاطِلٌ. ومُؤْتَمِرٌ والمُؤْتَمِرُ: المُحَرَّمُ؛ أَنشد ابْنُ
الأَعرابي:
نَحْنُ أَجَرْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ، ... فِي الحَجِّ مِنْ قَبْلِ
دَآدي المُؤْتَمِرْ
أَنشده ثعلب وقال: القَتِرُ الْمُتَكَبِّرُ. وَالْجَمْعُ مَآمِرُ
وَمَآمِيرُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَتْ عَادٌ تسمِّي المحرَّم
مُؤتَمِراً، وصَفَرَ ناجِراً، وَرَبِيعًا الأَول خُوَّاناً، وَرَبِيعًا
الْآخَرَ بُصاناً، وَجُمَادَى الأُولى رُبَّى، وجمادى الآخرة حَنِينًا،
ورَجَبَ الأَصمَّ، وَشَعْبَانَ عاذِلًا، وَرَمَضَانَ ناتِقاً،
وَشَوَّالًا وعِلًا، وَذَا القَعْدَةِ وَرْنَةَ، وَذَا الْحِجَّةِ
بُرَكَ. وإِمَّرَةُ: بَلَدٌ، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بَيْنَ إِمَّرَةٍ وكِيرِ
وَوَادِي الأُمَيِّرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وافْزَعْنَ فِي وادي الأُمَيِّرِ بَعْدَ ما ... كَسا البيدَ سَافِي
القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
ويومُ المَأْمور: يَوْمٌ لبني الحرث بْنِ كَعْبٍ عَلَى بَنِي دَارِمٍ؛
وإِياه عَنَى الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ:
هَلْ تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يَوْمَ الصَّفا، ... أَو تَذْكُرونَ
فَوارِسَ المَأْمورِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ أَمَرَ، وَهُوَ بفتحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ،
مَوْضِعٌ مِنْ دِيَارِ غَطَفان خَرَجَ إِليه رسولُ اللَّهِ، صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِجَمْعٍ مُحَارِبٍ.
أهر: الأَهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. اللَّيْثُ:
أَهَرَةُ الْبَيْتِ ثيابه وفرشه ومتاعه؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بيتٌ حَسَنُ
الظَّهَرة والأَهَرَة والعَقار، وَهُوَ مَتَاعُهُ؛ والظَّهَرَةُ: مَا
ظَهَرَ مِنْهُ، والأَهَرَة: مَا بَطَنَ، وَالْجَمْعُ أَهَرٌ وأَهَراتٌ؛
قَالَ الرَّاجِزُ:
عَهْدِي بجَنَّاحٍ إِذا مَا ارْتَزَّا، ... وأَذْرَتِ الرِّيحُ تُراباً
نَزَّا
أَحْسَنَ بَيْتٍ أَهَراً وبَزَّا، ... كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا
وأَحسن فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ سَادٌّ مَسَدَّ خَبَرٍ
عَهْدِي، كَمَا تَقُولُ عَهْدِي بِزَيْدٍ قَائِمًا. وارْتَزَّ
بِمَعْنَى ثَبَتَ. والترابُ النَّزُّ: هُوَ النَّديُّ. رأَيت فِي
حَاشِيَةِ كِتَابِ ابْنِ بَرِّيٍّ مَا صُورَتُهُ: فِي الْمُحْكَمِ
جَنَّاحٌ اسْمُ رَجُلٍ وجَنَّاحٌ اسْمُ خباءٍ مِنْ أَخبيتهم؛ وأَنشد:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا مَا اهْتَزَّا، ... وأَذْرَت الرِّيحُ تُرَابًا
نَزَّا،
أَن سَوْفَ تَمْضِيه وَمَا ارْمأَزَّا
قَالَ: وَتَمْضِيهِ تَمْضِي عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَهَرَة
الْهَيْئَةُ.
(4/34)
أَوَرَ: الأُوارُ، بِالضَّمِّ: شدَّةُ
حُرِّ الشَّمْسِ وَلَفْحُ النَّارِ وَوَهَجُهَا والعطشُ، وَقِيلَ:
الدُّخان واللَّهَبُ. وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
فإِن طَاعَةَ اللَّهِ حِرْزٌ مَنْ أُوار نِيرَانٍ مُوقَدةٍ؛ قَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: الأُوارُ أَرَقُّ مِنَ الدُّخَانِ وأَلطف؛ وَقَوْلُ
الرَّاجِزِ:
والنَّارُ قَدْ تَشْفي مِنَ الأُوارِ
النَّارُ هَاهُنَا السِّماتُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الأُوار مقلوبٌ
أَصله الوُآرُ ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ فأُبدلت فِي اللَّفْظِ
وَاوًا فَصَارَتْ وُواراً، فَلَمَّا الْتَقَتْ فِي أَول الْكَلِمَةِ
وَاوَانِ وأُجْريَ غيرُ اللَّازِمِ مُجْرَى اللَّازِمِ أُبدلت الأُولى
هَمْزَةً فَصَارَتْ أُواراً، وَالْجَمْعُ أُورٌ. وأَرض أَوِرَةٌ
ووَيِرَةٌ، مَقْلُوبٌ: شَدِيدَةُ الأُوار. وَيَوْمٌ ذُو أُوارٍ أَي ذُو
سَمُوم وَحَرٍّ شَدِيدٍ. وَرِيحٌ إِيرٌ وأُورٌ. باردةٌ. والأُوارُ
أَيضاً: الجنوبُ. والمُسْتَأْوِرُ: الفَزِع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّه بزوانٍ نامَ عَنْ غَنَمٍ، ... مُسْتَأْوِرٌ فِي سَوَادِ
اللَّيل مَدْؤُوبُ
الفراءُ: يُقَالُ لِرِيحِ الشَّمال الجِرْبياءُ بِوَزْنِ رَجُلٌ
نِفْرِجاءُ وَهُوَ الجبانُ. وَيُقَالُ للسَّماء إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ
وأَوُورٌ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُ بَنِي عُقَيْل:
شَآمِيَّة جُنْحَ الظَّلام أَوُورُ
قَالَ: والأَوُورُ عَلَى فَعُول. قَالَ: واسْتَأْوَرَتِ الإِبلُ
نَفَرَتْ فِي السَّهْل، وَكَذَلِكَ الوحشُ. قَالَ الأَصمعي:
اسْتَوْأَرَتِ الإِبِلُ إِذا تَرابَعتْ عَلَى نِفارٍ واحدٍ؛ وَقَالَ
أَبو زَيْدٍ: ذَاكَ إِذا نفرَتْ فصَعِدَت الجَبَلَ، فإِذا كَانَ
نِفارُها فِي السَّهْلِ قِيلَ: اسْتَأْوَرَتْ؛ قَالَ: وَهَذَا كَلَامُ
بَنِي عُقَيْلٍ. الشَّيْباني: المُسْتَأْوِرُ الفارُّ. واستَأْوَرَ
الْبَعِيرُ إِذا تَهَيَّأَ للوُثوب وَهُوَ بَارِكٌ. غَيْرُهُ:
وَيُقَالُ للحُفْرَة الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الماءُ أُورة وأُوقَةٌ؛
قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَرَبَّعَ بَيْنَ الأُورَتَيْنِ أَميرُها
وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ:
يَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُورَ بِهَا، ... شُعْبَةَ السَّاقِ، إِذا
الظِّلُّ عَقَلْ
وَرُوِيَ: لَمْ يُوأَرْ بِهَا؛ وَمَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ
أُوار الشَّمْسِ، وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، فَقَلَبَهُ، وَهُوَ مِنَ
التَّنْفِيرِ. وَيُقَالُ: أَوْأَرْتُه فاسْتَوْأَر إِذا نَفَّرْتَه.
ابْنُ السِّكِّيتِ: آرَ الرجلُ حَلِيلَتَهُ يَؤُورُها، وَقَالَ
غَيْرُهُ: يَئِيرُها أَيْراً إِذا جامَعَها. وآرَةُ وأُوارَةُ:
مَوْضِعَانِ؛ قَالَ:
عَداوِيَّةٌ هيهاتَ مِنْكِ مَحَلُّها، ... إِذا مَا هِيَ احْتَلَّتْ
بقُدْسٍ وآرَةِ
وَيُرْوَى: بِقُدْسٍ أُوارَةِ. عَدَاوِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلَى
عَدِيٍّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وأُوارَةُ: اسْمُ مَاءٍ. وأُورِياءُ:
رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسرائيل، وَهُوَ زَوْجُ المرأَة الَّتِي فُتِنَ
بِهَا دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: أَبْشِري أُورى شَلَّمَ بِرَاكِبِ الْحِمَارِ
؛ يُرِيدُ بَيْتَ اللَّهِ المقدَّس؛ قَالَ الأَعشى:
وقَدْ طُفْتُ للمالِ آفاقَهُ: ... عُمانَ فَحِمْصَ فَأُورَى شَلَمْ
وَالْمَشْهُورُ أُورى شَلَّم، بِالتَّشْدِيدِ، فَخَفَّفَهُ
لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ اسْمُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ
بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسَرَ اللَّامَ كأَنه عرّبه وقال:
مَعْنَاهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ بَيْتُ السَّلَامِ. وَرُوِيَ عَنْ
كَعْبٍ أَن الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بِمِيزَانِ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ وَالصَّخْرَةِ وَلَوْ وَقَعَ حَجَرٌ مِنْهَا وقع على
الصخرة؛ ولذلك دُعِيَتْ أُورَشلَّم ودُعيت الجنةُ دارَ السلام.
(4/35)
أير: إِيْرٌ ولغةٌ أُخرى أَيْرٌ،
مَفْتُوحَةُ الأَلف، وأَيِّرٌ، كُلُّ ذَلِكَ: مِنْ أَسماء الصَّبا،
وَقِيلَ: الشَّمال، وَقِيلَ: الَّتِي بَيْنَ الصِّبَا وَالشِّمَالِ،
وَهِيَ أَخبث النُّكْبِ. الْفَرَّاءُ: الأَصمعي فِي بابِ فِعْلٍ
وفَعْلٍ: مِنْ أَسماء الصِّبَا إِيْرٌ وأَيْرٌ وهِيرٌ وهَيْرٌ وأَيِّر
وهَيِّر، عَلَى مِثَالِ فَيْعِل؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
وإِنَّا مَسامِيحٌ إِذا هَبَّتِ الصَّبا، ... وإِنَّا لأَيْسارٌ إِذا
الإِيرُ هَبَّتِ
وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ: إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ وأَوُورٌ. والإِيْرُ:
ريحُ الجَنُوبِ، وَجَمْعُهُ إِيَرَةٌ. وَيُقَالُ: الإِيْرُ رِيحٌ
حَارَّةٌ مِنَ الأُوارِ، وإِنما صَارَتْ وَاوُهُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا
قَبْلَهَا. وَرِيحٌ إِيرٌ وأُورٌ: بَارِدَةٌ. والأَيْرُ: مَعْرُوفٌ،
وَجَمْعُهُ آيُرٌ عَلَى أَفْعُل وأُيُورٌ وآيارٌ وأُيُرٌ؛ وأَنشد
سِيبَوَيْهِ لِجَرِيرٍ الضَّبِّيِّ:
يَا أَضْبُعاً أَكَلَتْ آيارَ أَحْمِرَةٍ، ... فَفِي الْبُطُونِ،
وَقَدْ راحَتُ، قَراقيرُ
هَلْ غَيْرُ أَنَّكُمُ جِعْلانُ مِمْدَرَةٍ ... دُسْمُ الْمَرَافِقِ،
أَنْذالٌ عَواوِيرُ
وغَيْرُ هُمْزٍ ولُمْزٍ للصَّديقِ، وَلَا ... يُنْكي عَدُوَّكُمُ
مِنْكُمْ أَظافيرُ
وأَنَّكْم مَا بَطُنْتُمُ، لَمْ يَزَلْ أَبَداً، ... مِنْكُمْ عَلَى
الأَقْرَبِ الأَدْنى، زَنابيرُ
وَرَوَاهُ أَبو زَيْدٍ يَا ضَبُعاً عَلَى وَاحِدَةٍ وَيَا ضُبُعاً؛
وأَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ الخَنْزَرا، ... أَنْعَتُهُنَّ آيُراً
وكَمَرا
ورجلٌ أُياريٌّ: عظيمُ الذَّكَرِ. وَرَجُلٌ أُنافيٌّ: عَظِيمُ الأَنف.
وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ يَوْمًا
مُتَمَثِّلًا: مَنْ يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ بِهِ
؛ مَعْنَاهُ أَن مَنْ كَثُرَتْ ذُكُورُ وَلَدِ أَبيه شَدَّ بَعْضُهُمْ
بَعْضًا؛ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كَانَ أَيْرُ أَبِيكُمُ ... طويلًا، كَأَيْرِ
الحَرِث بْنِ سَدوسِ
قِيلَ: كَانَ لَهُ أَحد وَعِشْرُونَ ذَكَرَا. وصَخْرَةٌ يَرَّاءُ
وَصَخْرَةٌ أَيَرٌ وحارٌّ يارٌّ: يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ يَرَرْ، إِن
شَاءَ اللَّهُ. وإِيْرٌ: موضعٌ بِالْبَادِيَةِ. التَّهْذِيبُ: إِيْرٌ
وهِيرٌ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
عَلَى أَصْلابِ أَحْقَبَ أَخْدَرِيٍّ ... مِنَ اللَّائي تَضَمَّنَهُنَّ
إِيرُ
وإِيرٌ: جَبَلٌ؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ الأَصم:
عَلَى ماءِ الكُلابِ وَمَا أَلامُوا؛ ... وَلَكِنْ مَنْ يُزاحِمُ
رُكْنَ إِيرِ؟
. والأَيارُ: الصُّفْرُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
تِلْكَ التِّجارةُ لَا تُجِيبُ لِمِثْلِها، ... ذَهَبٌ يُبَاعُ بآنُكٍ
وأَيارِ
وآرَ الرجلُ حليلَتَهُ يَؤُورُها وآرَها يَئِيرُها أَيْراً إِذا
جَامَعَهَا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ وَاسْمُهُ يَحْيَى
بْنُ الْمُبَارَكِ يَهْجُو عِنانَ جاريَةَ الناطِفِيِّ وأَبا ثَعْلَبٍ
الأَعرج الشَّاعِرَ، وَهُوَ كُلَيْبُ بْنُ أَبي الْغُولِ وَكَانَ مِنَ
الْعَرَجَانِ وَالشُّعَرَاءِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنَ
الْعَرَجَانِ أَبو مَالِكٍ الأَعرج؛ قَالَ الْجَاحِظُ وَفِي أَحدهما
يَقُولُ الْيَزِيدِيُّ:
أَبو ثَعْلَبٍ للناطِفِيِّ مُؤازِرٌ، ... عَلَى خُبْثِهِ،
والنَّاطِفيُّ غَيُورُ
وبالبَغْلَةِ الشَّهْباءِ رِقَّةُ حافرٍ، ... وصاحِبُنَا ماضِي
الجَنانِ جَسُورُ
وَلَا غَرْوَ أَنْ كَانَ الأُعَيْرِجُ آرَها، ... وَمَا النَّاسُ
إِلَّا آيِرٌ ومَئِيرُ
والآرُ: العارُ. والإِيارُ: اللُّوحُ، وَهُوَ الهواء.
(4/36)
|