لسان العرب

فصل اللام
لبن: اللَّبَنُ: مَعْرُوفٌ اسْمُ جِنْسٍ. اللَّيْثُ: اللَّبَنُ خُلاصُ الجَسَدِ ومُسْتَخْلَصُه مِنْ بَيْنِ الْفَرْثِ وَالدَّمِ، وَهُوَ كالعَرق يَجْرِي فِي العُروق، وَالْجَمْعُ أَلْبان، وَالطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ لَبَنةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن خَدِيجَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، بَكَتْ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: دَرَّت لَبَنةُ الْقَاسِمِ فذَكَرْتُه؛ وَفِي رِوَايَةٍ: لُبَيْنةُ الْقَاسِمِ، فَقَالَ لَهَا: أَما تَرْضَيْنَ أَن تَكْفُلَهُ سَارَّةُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَتْ: لوَدِدْتُ أَني عَلِمْتُ ذَلِكَ، فغضبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَدَّ إصْبَعَه فَقَالَ: إِنْ شئتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَن يُرِيَك ذَاكَ، فَقَالَتْ: بَلى أُصَدِّقُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
؛ اللَّبَنَةُ: الطَّائِفَةُ مِنَ اللَّبَنِ، واللُّبَيْنَةُ تَصْغِيرُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ
؛ يُرِيدُ بِالْفَحْلِ الرجلَ تَكُونُ لَهُ امرأَة وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَلَهَا لَبَنٌ، فَكُلُّ مَنْ أَرضعته مِنَ الأَطفال بِهَذَا فَهُوَ محرَّم عَلَى الزَّوْجِ وَإِخْوَتِهِ وأَولاده مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، لأَن اللَّبَنَ لِلزَّوْجِ حَيْثُ هُوَ سَبَبُهُ، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ والنَّخَعِيُّ: لَا يُحَرِّم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امرأَتان أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا غُلَامًا والأُخرى جَارِيَةً: أَيَحِلُّ للغُلام أَن يتزوَّج بِالْجَارِيَةِ؟ قَالَ: لَا، اللِّقاحُ واحدٌ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، واستأْذن عَلَيْهَا أَبو القُعَيْس فأَبَتْ أَن تأْذن لَهُ فَقَالَ: أَنا عَمُّكِ أَرضَعَتْكِ امرأَة أَخي، فأَبت عَلَيْهِ حَتَّى ذَكَرَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هُوَ عمكِ فلْيَلِجْ عَلَيْكِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَتَلَ آخَرُ فَقَالَ خُذْ

(13/372)


مِنْ أَخِيكَ اللُّبَّنَ
أَي إِبِلًا لَهَا لَبَنٌ يَعْنِي الدِّيَةَ. وَفِي حَدِيثِ
أُميَّةَ بْنِ خَلَفٍ: لَمَّا رَآهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ يَقْتُلُونَ قَالَ أَما لَكُمْ حاجةٌ فِي اللُّبَّنِ
أَي تأْسِرُون فتأْخذون فِدَاءَهم إِبِلًا لَهَا لَبَنٌ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
سَيهْلِكُ مِنْ أُمتي أهلُ الكتابِ وأَهلُ اللَّبَن، فَسُئِلَ: مَنْ أَهلُ اللَّبَنِ؟ قَالَ: قَوْمٌ يتبعون الشَّهَواتِ ويُضِيعُون الصلوات.
قَالَ الحَرْبي: أَظنه أَراد يَتَبَاعَدُونَ عَنِ الأَمصار وَعَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ويَطْلُبون مواضعَ اللَّبَنِ فِي الْمَرَاعِي وَالْبَوَادِي، وأَراد بأَهل الْكِتَابِ قَوْمًا يَتَعَلَّمُونَ الْكِتَابَ لِيُجَادِلُوا بِهِ الناسَ. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوان: وُلِدَ لَهُ وَلدٌ فَقِيلَ لَهُ اسْقِه لَبَنَ اللَّبَنِ
؛ هُوَ أَن يَسْقِيَ ظِئرَه اللَّبَنَ فيكونَ مَا يَشْرَبُه لَبَناً مُتَوَلِّدًا عَنِ اللَّبَنِ، فقُصِرَتْ عَلَيْهِ ناقةٌ فَقَالَ لِحَالِبِهَا: كَيْفَ تَحلُبُها أَخَنْفاً أَم مَصْراً أَم فَطْراً؟ فالخَنْفُ الحَلْبُ بأَربع أَصابع يَسْتَعِينُ مَعَهَا بالإِبهام، والمَصْرُ بِثَلَاثٍ، والفَطْرُ بالإِصبعين وَطَرَفِ الإِبهام. ولَبَنُ كلِّ شَجَرَةٍ: مَاؤُهَا عَلَى التَّشْبِيهِ. وشاةٌ لَبُونٌ ولَبِنةٌ ومُلْبِنَةٌ ومُلْبِنٌ: صَارَتْ ذاتَ لَبَنٍ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ إِذَا كَانَتْ ذاتَ لَبَنٍ أَو نَزَلَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا. ولَبِنتِ الشاةُ أَي غَزُرَتْ. وَنَاقَةٌ لَبِنةٌ: غَزِيرَةٌ. وَنَاقَةٌ لَبُونٌ: مُلْبِنٌ. وَقَدْ أَلْبَنتِ الناقةُ إِذَا نَزَلَ لَبَنُها فِي ضَرْعها، فَهِيَ مُلْبِنٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَعْجَبها إِذْ أَلْبَنَتْ لِبانُه
وَإِذَا كَانَتْ ذاتَ لَبَنٍ فِي كُلِّ أَحايينها فَهِيَ لَبُونٌ، وَوَلَدُهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ ابنُ لَبُونٍ، وَقِيلَ: اللَّبُونُ مِنَ الشاءِ والإِبل ذاتُ اللَّبَنِ، غزيرَةً كَانَتْ أَو بَكِيئةً، وَفِي الْمُحْكَمِ: اللَّبُونُ، وَلَمْ يُخَصِّصْ، قَالَ: وَالْجَمْعُ لِبانٌ ولِبْنٌ؛ فأَما لِبْنٌ فَاسْمٌ لِلْجَمْعِ، فَإِذَا قَصَدُوا قَصْدَ الْغَزِيرَةِ قَالُوا لَبِنَة، وَجَمْعُهَا لَبِنٌ ولِبانٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي زَيْدٍ، وَقَدْ لَبِنَتْ لَبَناً. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اللَّبُونُ واللَّبُونة مَا كَانَ بِهَا لَبَنٌ، فَلَمْ يَخُصَّ شَاةً وَلَا نَاقَةً، قَالَ: وَالْجَمْعُ لُبْنٌ ولَبائنُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن لُبْناً جَمْعُ لَبُون، ولَبائن جَمْعُ لَبُونة، وَإِنْ كَانَ الأَول لَا يَمْتَنِعُ أَن يُجْمَعَ هَذَا الْجَمْعَ؛ وَقَوْلُهُ:
مَنْ كَانَ أَشْرَك فِي تَفَرُّق فالِجٍ، ... فلَبُونُه جَرِبَتْ مَعًا وأَغَدَّتِ
قَالَ: عِنْدِي أَنه وَضَعَ اللَّبُونَ هَاهُنَا مَوْضِعَ اللُّبْن، وَلَا يَكُونُ هُنَا وَاحِدًا لأَنه قَالَ جَرِبَتْ مَعًا، وَمَعًا إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ. الأَصمعي: يُقَالُ كَمْ لُبْنُ شَائِكَ أَي كَمْ مِنْهَا ذاتُ لَبَنٍ. وَفِي الصِّحَاحِ عَنْ يُونُسَ: يُقَالُ كَمْ لُبْنُ غَنَمِك ولِبْنُ غَنَمِك أَي ذَواتُ الدَّرِّ مِنْهَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّمَا سَمِعَ كَمْ لِبْنُ غَنَمِكَ أَي كَمْ رِسْلُ غَنمك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شاءٌ لَبِنَةٌ وغَنم لِبانٌ ولِبْنٌ ولُبْنٌ، قَالَ: وَزَعَمَ يُونُسُ أَنه جَمْعٌ، وشاءٌ لِبْنٌ بِمَنْزِلَةِ لُبْنٍ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
رأيْتُكَ تَبْتاعُ الحِيالَ بِلُبْنِها ... وتأْوي بَطِيناً، وابنُ عَمِّكَ ساغِبُ
وقال: واللُّبْنُ جَمْعُ اللَّبُونِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحَلُوبة مَا احْتُلِب مِنَ النُّوق، وَهَكَذَا الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ حَلوبة وَاحِدَةٌ؛ وأَنشد:
مَا إنْ رأَينا فِي الزمانِ ذِي الكَلَبْ ... حَلُوبةً وَاحِدَةً فتُحْتَلَبْ
وَكَذَلِكَ اللَّبُونة مَا كَانَ بِهَا لَبَنٌ، وَكَذَلِكَ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ أَيضاً، فَإِذَا قَالُوا حَلُوبٌ ورَكُوبٌ ولَبُونٌ لَمْ يَكُنْ إِلَّا جَمْعًا؛ وَقَالَ الأَعشى:
لَبُون مُعَرَّاة أَصَبْنَ فأَصْبَحَتْ
أَراد الْجَمْعَ. وعُشْبٌ مَلْبنَة، بِالْفَتْحِ: تَغْزُر عَنْهُ

(13/373)


أَلبانُ الْمَاشِيَةِ وتَكْثُر، وَكَذَلِكَ بَقْلٌ مَلْبنَة. واللَّبْنُ: مَصْدَرُ لَبَنَ القومَ يَلْبِنُهُم لَبْناً سَقَاهُمُ اللَّبَنَ. الصِّحَاحُ: لَبَنْتُه أَلْبُنه وأَلْبِنُه سَقَيْتُهُ اللَّبَنَ، فأَنا لابِنٌ. وَفَرَسٌ مَلْبُون: سُقِيَ اللَّبَنَ؛ وأَنشد:
مَلْبُونة شَدَّ المليكُ أَسْرَها
وَفَرَسٌ مَلْبون ولَبِين: رُبِّيَ باللَّبن مِثْلَ عَليف مِنَ العَلَف. وَقَوْمٌ مَلْبونون: أَصابهم مِنَ اللَّبَنِ سَفَهٌ وسُكْرٌ وجَهْل وخُيَلاءُ كَمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ النَّبِيذِ، وَخَصَّصَهُ فِي الصِّحَاحِ فَقَالَ: قَوْمٌ مَلْبونون إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ سَفَةٌ يُصِيبُهُمْ مِنْ أَلبان الإِبل مَا يُصِيبُ أَصحاب النَّبِيذِ. وَفَرَسٌ مَلْبُون: يُغَذَّى بِاللَّبَنِ قَالَ:
لَا يَحْمِلُ الفارسَ إِلَّا المَلْبُونْ، ... المَحْضُ مِنْ أَمامه وَمِنْ دُونْ
قَالَ الْفَارِسِيُّ: فعَدَّى المَلْبون لأَنه فِي مَعْنَى المسقِيِّ، والمَلْبون: الْجَمَلُ السَّمِينُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. وَرَجُلٌ لَبِنٌ: شَرِبَ اللَّبَن «2» . وأَلْبَنَ القومُ، فَهُمْ لابِنُون؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: كثُرَ لَبَنُهم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ لابِناً عَلَى النَّسَب كَمَا تَقُولُ تامِرٌ وناعِلٌ. التَّهْذِيبُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُلْبِنون إِذَا كَثُرَ لَبَنُهُمْ. وَيُقَالُ: نَحْنُ نَلْبِنُ [نَلْبُنُ] جِيرَانَنَا أَي نَسْقِيهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: إِذَا سقَطَ كَانَ دَرِيناً، وَإِنْ أُكِلَ كَانَ لَبِيناً
أَي مُدِرّاً للَّبَن مُكْثِراً لَهُ، يَعْنِي أَن النَّعَم إِذَا رَعَتِ الأَراك والسَّلَم غَزُرَتْ أَلبانُها، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَقَدِيرٍ وَقَادِرٍ، كأَنه يُعْطِيهَا اللَّبَنَ، مِنْ لَبَنْتُ القومَ إِذَا سَقَيْتَهُمُ اللَّبَنَ. وَجَاؤُوا يَسْتَلْبِنون: يَطْلُبُونَ اللَّبنَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَجَاءَ فُلَانٌ يسْتَلْبِنُ أَي يَطْلُبُ لبَناً لِعِيَالِهِ أَو لِضِيفَانِهِ. وَرَجُلٌ لابِنٌ: ذُو لَبَن، وتامِرٌ: ذُو تَمْرٍ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وغَرَرْتَني، وزَعَمْتَ أَنَّكَ ... لابنٌ، بالصَّيْفِ، تامِرْ «3»
. وبَناتُ اللَّبنِ: مِعىً فِي البَطْن مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وبناتُ لَبنٍ الأَمعاءُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا اللَّبن. والمِلْبَنُ: المِحْلَبُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَسْعُودِ بْنِ وَكِيعٍ:
مَا يَحْمِلُ المِلْبنَ إِلَّا الجُرْشُعُ، ... المُكْرَبُ الأَوْظِفَةِ المُوَقَّعُ
والمِلْبَنُ: شَيْءٌ يُصَفَّى بِهِ اللَّبنُ أَو يُحْقَنُ. واللَّوابنُ: الضُّروعُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والالْتِبانُ: الِارْتِضَاعُ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَهُوَ أَخوه بلِبان أُمِّه، بِكَسْرِ اللَّامِ «4» . وَلَا يُقَالُ بلَبَنِ أُمِّه، إِنَّمَا اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَب مِنْ نَاقَةٍ أَو شَاةٍ أَو غَيْرِهِمَا مِنَ الْبَهَائِمِ؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي الأَسْود:
فَإِنْ لَا يَكُنْها أَو تَكُنْه، فَإِنَّهُ ... أَخوها غَذَتْه أُمُّه بلِبانِها
وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
وأُرْضِعُ حَاجَةً بلِبانِ أُخرَى، ... كذاكَ الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ
واللِّبانُ، بِالْكَسْرِ: كالرِّضاعِ؛ قال الكميت يمدح مَخْلَد بْنَ يَزِيدَ:
تَلْقَى النَّدَى ومَخْلَداً حَلِيفَينْ، ... كَانَا مَعًا فِي مَهْدِه رَضِيعَينْ،
تَنازعا فيه لِبانَ الثَّدْيَينْ «5» .
__________
(2) . قوله [وَرَجُلٌ لَبِنٌ شَرِبَ اللَّبَنَ، الذي في التكملة: واللبن الذي يحب اللبن
(3) . قوله [وغررتني إلخ] مثله في الصحاح، وقال في التكملة الرواية أغررتني، على الإِنكار
(4) . قوله [بكسر اللام] حكى الصاغاني فيه ضم اللام أيضاً
(5) . قوله [تنازعا فيه إلخ] قال الصاغاني الرواية: تنازعا منه، ويروى رضاع مكان لبان

(13/374)


وَقَالَ الأَعشى:
رَضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تحالَفا ... بأَسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لَا نتَفَرَّقُ
وَقَالَ أَبو الأَسود: غَذَته أُمُّه بلبانِها؛ وَقَالَ آخَرُ:
وَمَا حَلَبٌ وافَى حَرَمْتُكَ صَعْرَةً ... عَلَيَّ، وَلَا أُرْضِعْتَ لِي بلِبانِ
وابنُ لَبُون: وَلَدُ النَّاقَةُ إِذا كَانَ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَصَارَ لَهَا لَبَنٌ. الأَصمعي وَحَمْزَةُ: يُقَالُ لِوَلَدِ النَّاقَةِ إِذا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ ابنُ لَبُون، والأُنثى ابنةُ لَبُونٍ، وَالْجَمَاعَاتُ بناتُ لَبونٍ لِلذَّكَرِ والأُنثى لأَن أُمَّه وَضَعَتْ غَيْرَهُ فَصَارَ لَهَا لَبَنٌ، وَهُوَ نَكِرَةٌ ويُعَرّف بالأَلف وَاللَّامِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وابنُ اللَّبُونِ، إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ، ... لَمْ يسْتَطِعْ صَوْلةَ البُزْلِ القَناعِيسِ
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ ذِكْرُ بنتِ اللَّبونِ وَابْنِ اللَّبون، وَهُمَا مِنَ الإِبل مَا أَتى عَلَيْهِ سنَتان وَدَخْلَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَصَارَتْ أُمه لَبُونًا أَي ذاتَ لَبَنٍ لأَنها تَكُونُ قَدْ حَمَلَتْ حَمْلًا آخَرَ وَوَضَعَتْهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ ابْنُ لَبُون ذكَرٌ، وَقَدْ عَلِمَ أَن ابْنَ اللَّبُونِ لَا يَكُونُ إِلا ذَكَرًا، وإِنما ذَكَرَهُ تأْكيداً كَقَوْلِهِ: ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ؛ وَقِيلَ ذَكَرَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِرَبِّ الْمَالِ وَعَامِلِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: ابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ لتَطِيبَ نفسُ رَبِّ الْمَالِ بِالزِّيَادَةِ المأْخوذة مِنْهُ إِذا عَلِمَ أَنه قَدْ شُرِعَ لَهُ مِنَ الْحَقِّ، وأَسقط عَنْهُ مَا كَانَ بِإِزَائِهِ مِنْ فَضْلِ الأُنوثة فِي الْفَرِيضَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، وَلِيَعْلَمَ العاملُ أَن سِنَّ الزَّكَاةِ فِي هَذَا النَّوْعِ مَقْبُولٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، وَهُوَ أَمر نَادِرٌ خَارِجٌ عَنِ العُرْف فِي بَابِ الصَّدَقَاتِ، وَلَا يُنْكَرُ تَكْرَارُ اللَّفْظِ لِلْبَيَانِ وَتَقْرِيرِ مَعْرِفَتِهِ فِي النُّفُوسِ مَعَ الْغَرَابَةِ والنُّدُور: وبَناتُ لَبُونٍ: صِغارُ العُرْفُطِ، تُشَبَّه ببناتِ لَبونٍ مِنَ الإِبل. ولَبَّنَ الشيءَ: رَبَّعَه. واللَّبِنة واللِّبْنة: الَّتِي يُبْنَى بِهَا، وَهُوَ الْمَضْرُوبُ مِنَ الطِّينِ مُرَبَّعاً، وَالْجَمْعُ لَبِنٌ ولِبْنٌ، عَلَى فَعِلٍ وفِعْلٍ، مِثْلَ فَخِذٍ وفِخْذ وكَرِش وكِرْشٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَبِناً تُريد أَم أَروخا «1»
. وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
إِذ لَا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ ... هَوْذَلةَ المِشْآةِ عَنْ ضَرْسِ اللَّبِنْ
قَوْلُهُ: أَبِنْ أَبِنْ أَي نَحِّها، والمِشْآةُ: زَبيل يُخرَجُ بِهِ الطِّينُ والحَمْأَةُ مِنَ الْبِئْرِ، وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ أَدَمٍ، والضَّرْسُ: تَضْريسُ طَيّ الْبِئْرِ بِالْحِجَارَةِ، وإِنما أَراد الْحِجَارَةَ فاضطُرَّ وَسَمَّاهَا لَبِناً احتِياجاً إِلى الرَّوِيّ؛ وَالَّذِي أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
إِمّا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ ... دَلْوَكَ عَنْ حَدِّ الضُّروسِ واللَّبِنْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِسَالِمِ بْنِ دَارَةَ، وَقِيلَ: لِابْنِ مَيّادَة؛ قَالَ: قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَنا مَوْضِعُ تِلْكَ اللَّبِنَة
؛ هِيَ بِفَتْحِ اللَّامِ وكسر الباء وَاحِدَةُ اللَّبِنِ الَّتِي يُبْنَى بِهَا الْجِدَارُ، وَيُقَالُ بِكَسْرِ اللَّامِ «2» . وَسُكُونِ الْبَاءِ. ولَبَّنَ اللَّبِنَ: عَمِله. قَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنا؛
__________
(1) . قوله [أم أروخا] كذا بالأصل
(2) . قوله [ويقال بكسر اللام إلخ] ويقال لبن، بكسرتين، نقله الصاغاني عن ابن عباد ثم قال: واللبنة كفرحة حديدة عريضة توضع على العبد إذا هرب. وألبنت المرأة اتخذت التلبينة، واللبنة بالضم اللقمة

(13/375)


يُقَالُ إِنهم كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تَلْبِين اللَّبِنِ، فَلَمَّا بُعث مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَعْطَوْهم اللَّبِنَ يُلَبِّنونه وَمَنَعُوهُمُ التِّبْنَ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَشق عَلَيْهِمْ. ولَبَّنَ الرجلُ تَلْبيناً إِذا اتَّخَذَ اللَّبِنَ. والمِلْبَنُ: قالَبُ اللَّبِنِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والمِلْبَنُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ اللَّبِنُ. أَبو الْعَبَّاسِ: ثَعْلَبٌ المِلْبَنُ المِحْمَلُ، قَالَ: وَهُوَ مطوَّل مُرَبَّع، وَكَانَتِ الْمَحَامِلُ مُرَبَّعة فَغَيَّرَهَا الْحَجَّاجُ لِيَنَامَ فِيهَا وَيَتَّسِعَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهَا المِحْمَلَ والمِلْبَنَ والسّابِلَ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِلْبَنُ شِبْهُ المِحْمَل يُنْقَل فِيهِ اللَّبِن. ولَبِنَةُ الْقَمِيصِ: جِرِبّانُه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
ولَبِنَتُها ديباجٌ
، وَهِيَ رُقعة تَعْمَلُ موضِعَ جَيْب الْقَمِيصِ والجُبَّة. ابْنُ سِيدَهْ: ولَبِنَةُ الْقَمِيصِ ولِبْنَتُهُ بَنِيقَتُه؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: لَبِنُ الْقَمِيصِ ولَبِنَتُه لَيْسَ لَبِناً عِنْدَهُ جَمْعًا كنَبِقَة ونَبِقٍ، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ سَلٍّ وسَلَّة وبَياض وبَياضة. والتَّلْبِينُ: حَساً يُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ النُّخالة فِيهِ لَبَنٌ، وَهُوَ اسْمٌ كالتَّمْتينِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ التَّلْبِنة مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تُذْهِبُ بَعْضَ الحُزْن
؛ الأَصمعي: التَّلْبينة حَساء يُعْمَلُ مِنْ دَقِيقٍ أَو نُخَالَةٍ وَيُجْعَلُ فِيهَا عَسَلٌ، سُمِّيَتْ تَلْبينة تَشْبِيهًا باللَّبَن لِبَيَاضِهَا وَرِقَّتِهَا، وَهِيَ تَسْمِيَةٌ بالمَرَّة مِنَ التَّلبين مُصْدَرُ لَبَنَ القومَ أَي سَقاهم اللَّبنَ، وَقَوْلُهُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ أَي تَسْرُو عَنْهُ هَمَّه أَي تَكْشِفُه. وَقَالَ الرِّياشي فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: عَلَيْكُمْ بالمَشْنِيئَة النافعةِ التَّلْبين
؛ قَالَ: يَعْنِي الحَسْوَ، قَالَ: وسأَلت الأَصمعي عَنِ المَشْنِيئَة فَقَالَ: يَعْنِي البَغِيضة، ثُمَّ فَسَّرَ التَّلْبينة كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم كُلْثُومٍ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عَقْرَبٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَيْكُمْ بالتَّلْبين البَغيض النَّافِعِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنه ليَغْسِلُ بطنَ أَحدكم كَمَا يَغْسِلُ أَحدُكم وجهه بالماء مِنَ الْوَسَخِ
؛
وَقَالَتْ: كَانَ إِذا اشْتَكَى أَحدٌ مِنْ أَهله لَا تزالُ البُرْمة عَلَى النَّارِ حَتَّى يأْتي عَلَى أَحد طَرَفَيْهِ
؛ قَالَ: أَراد بِقَوْلِهِ أَحد طَرَفَيْهِ يَعْنِي البُرْءَ أَو الْمَوْتَ؛ قَالَ عُثْمَانُ: التَّلْبينَة الَّذِي يُقَالُ لَهُ السَّيُوساب «1» . وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ دخلتُ عَلَيْهِ فإِذا بَيْنَ يَدَيْهِ صحفةٌ فِيهَا خَطِيفة ومِلْبَنة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِالْكَسْرِ المِلْعَقة، هَكَذَا شَرَحَ، قَالَ: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ المِلْبَنة لَبَنٌ يُوضَعُ عَلَى النَّارِ ويُنَزَّلُ عَلَيْهِ دَقِيقٌ، قَالَ: والأَول أَشبه بِالْحَدِيثِ. واللَّبَانُ: الصَّدْرُ، وَقِيلَ: وسَطُه، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّدْيَينِ، وَيَكُونُ للإِنسان وَغَيْرِهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ رَجُلٍ:
فَلَمَّا وَضَعْناها أَمامَ لَبَانِه، ... تبَسَّمَ عَنْ مَكْروهةِ الرِّيقِ عاصبِ
وأَنشد أَيضاً:
يَحُكُّ كُدُوحَ القَمْلِ تَحْتَ لَبَانِه ... ودَفَّيْهِ مِنْهَا دامِياتٌ وجالِبُ
وَقِيلَ: اللَّبانُ الصَّدْرُ مِنْ ذِي الْحَافِرِ خاصَّةً، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّبانُ، بِالْفَتْحِ، مَا جَرَى عَلَيْهِ اللَّبَبُ مِنَ الصدرِ؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صَدْرُها لامْتِهانِها نفْسَها فِي الْخِدْمَةِ حَيْثُ لَا تَجِدُ مَا تُعْطيه مَنْ يَخْدُمها من الجَدْبِ وشدَّة
__________
(1) . قوله [السيوساب] هو في الأصل بغير ضبط وهذا الضبط في هامش نسخة من النهاية معوّل عليها

(13/376)


الزَّمَانِ. وأَصلُ اللَّبان فِي الْفَرَسِ موضعُ اللَّبَبِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلنَّاسِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
تَرْمي اللَّبَانَ بكفَّيْها ومِدْرَعِها
وَفِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا:
ويُزْلِقُه مِنْهَا لَبانٌ
ولَبَنَه يَلْبِنُه لَبْناً: ضَرَبَ لَبانَه. واللَّبَنُ: وجَعُ العُنق مِنَ الوِسادَة، وَفِي الْمُحْكَمِ: وجَعُ العُنق حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَن يَلْتَفِت، وَقَدْ لَبِنَ، بِالْكَسْرِ، لَبَناً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اللَّبِنُ الَّذِي اشْتَكَى عُنُقَه مِنْ وِسادٍ أَو غَيْرِهِ. أَبو عَمْرٍو: اللَّبْنُ الأَكل الْكَثِيرُ. ولَبَنَ مِنَ الطَّعَامِ لَبْناً صَالِحًا: أَكثر؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ونحنُ أَثافي القِدْرِ، والأَكلُ سِتَّةٌ ... جَرَاضِمَةٌ جُوفٌ، وأَكْلَتُنا اللَّبْنُ
يَقُولُ: نَحْنُ ثَلَاثَةٌ ونأْكل أَكل سِتَّةٍ. واللَّبْنُ: الضربُ الشَّدِيدُ. ولَبَنَه بِالْعَصَا يَلْبِنُه، بِالْكَسْرِ، لَبْناً إِذا ضَرَبَهُ بِهَا. يُقَالُ: لَبَنَه ثَلَاثَ لَبَناتٍ. ولَبَنه بصخرةٍ: ضَرَبَهُ بِهَا. قَالَ الأَزهري: وَقَعَ لأَبي عَمْرٍو اللَّبْنُ، بِالنُّونِ، فِي الأَكل الشَّدِيدِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ اللَّبْزُ، بِالزَّايِ، وَالنُّونِ تَصْحِيفٌ. واللَّبْنُ: الاسْتِلابُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِمَّا تَقَدَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: المِلْبَنةُ المِلْعَقةُ. واللُّبْنَى: المَيْعَة. واللُّبْنَى واللُّبْنُ: شَجَرٌ. واللُّبانُ: ضَرْبٌ مِنَ الصَّمْغ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اللُّبانُ شُجَيْرة شَوِكَة لَا تَسْمُو أَكثر مِنْ ذِرَاعَيْنِ، وَلَهَا وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الْآسِ وَثَمَرَةٌ مِثْلُ ثَمَرَتِهِ، وَلَهُ حَرارة فِي الْفَمِ. واللُّبانُ: الصَّنَوْبَرُ؛ حَكَاهُ السُّكَّرِيُّ وَابْنُ الأَعرابي، وَبِهِ فَسَّرَ السُّكَّرِيُّ قولَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَهَا عُنُق كسَحُوقِ اللُّبانْ
فِيمَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يَتَّجِهُ عَلَى غَيْرِهِ لأَن شَجَرَةَ اللُّبانِ مِنَ الصَّمْغ إِنما هِيَ قَدْرُ قَعْدَةِ إِنسان وعُنُقُ الْفَرَسِ أَطولُ مِنْ ذَلِكَ؛ ابْنُ الأَعرابي: اللُّبانُ شَجَرُ الصَّنَوْبَر فِي قَوْلِهِ:
وسالِفَة كسَحُوقِ اللُّبانْ
التَّهْذِيبُ: اللُّبْنَى شَجَرَةٌ لَهَا لَبَنٌ كَالْعَسَلِ، يُقَالُ لَهُ عَسَلُ لُبْنَى؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا يُتَبَخَّر بِهِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وبانا وأُلْوِيّاً من الهِنْدِ ذاكِياً، ... ورَنْداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرا
واللُّبانُ: الكُنْدرُ. واللُّبانة: الْحَاجَةُ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ وَلَكِنَّ مِنْ هِمَّةٍ. يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ لُبانته، وَالْجَمْعُ لُبانٌ كحاجةٍ وحاجٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
غَداةَ امْتَرَتْ ماءَ العُيونِ ونغَّصتْ ... لُباناً مِنَ الحاجِ الخُدُورُ الرَّوافِعُ
ومَجْلِسٌ لَبِنٌ: تُقْضى فِيهِ اللُّبانة، وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ الْحَرْثُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِي:
إِذا اجتَمعْنا هَجرْنا كلَّ فاحِشةٍ، ... عِنْدَ اللِّقاء، وذاكُمْ مَجْلِسٌ لَبِنُ
والتَّلَبُّنُ: التَّلَدُّنُ والتَّمَكُّثُ والتَّلبُّثُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قَالَ لَهَا: إِيّاكِ أَن تَوَكَّني ... فِي جَلْسةٍ عِنديَ، أَو تَلَبَّني
وتَلَبَّنَ؛ تمكَّثَ؛ وقول رؤبة «2» :
__________
(2) . قوله [وقول رؤبة فهل إلخ] عجزه كما في التكملة:
راجعة عهداً من التأسن

(13/377)


فَهَلْ لُبَيْنَى مِنْ هَوَى التَّلبُّن
قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّلبُّن مِنَ اللُّبانة. يُقَالُ: لِي لُبانةٌ أَتَلبَّنُ عَلَيْهَا أَي أَتمكَّثُ. وتَلبَّنْتُ تَلبُّناً وتَلدَّنْتُ تَلدُّناً كِلَاهُمَا: بِمَعْنَى تَلبَّثْتُ وتمكَّثْتُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمُلَبَّنُ، بِالتَّشْدِيدِ، الفَلاتَج؛ قَالَ: وأَظنه مولَّداً. وأَبو لُبَيْنٍ: الذَّكَرُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ ويُكَنَّى الذَّكَرُ أَبا لُبَيْنٍ؛ قَالَ: وَقَدْ كَنَّاهُ بِهِ المُفَجَّع فَقَالَ:
فَلَمَّا غابَ فِيهِ رَفَعْتُ صَوْتي ... أُنادي: يَا لِثاراتِ الحُسَيْنِ
ونادَتْ غلْمَتي: يَا خَيْلَ رَبِّي ... أَمامَكِ، وابْشِرِي بالجَنَّتَيْنِ
وأَفْزَعَه تَجاسُرُنا فأَقْعَى، ... وَقَدْ أَثْفَرْتُه بأَبي لُبَيْنِ
ولُبْنٌ ولُبْنَى ولُبْنانٌ: جِبَالٌ: وَقَوْلُ الرَّاعِي:
سيَكْفِيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ ... كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ ترخيمَ لُبْنانٍ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ اضْطِرَارًا، وأَن تَكُونَ لُبْنٌ أَرضاً بِعَيْنِهَا؛ قَالَ أَبو قِلابةَ الهُذَليُّ:
يَا دارُ أَعْرِفُها وَحْشاً مَنازِلُها، ... بَينَ القَوائِم مِنْ رَهْطٍ فأَلْبانِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لِرَجُلٍ آخَرَ لِي إِليك حُوَيِّجَة، قَالَ: لَا أَقْضِيها حَتَّى تكونَ لُبْنانِيَّة أَي عَظِيمَةً مِثْلَ لُبْنانٍ، وَهُوَ اسْمُ جَبَلٍ، قَالَ: ولُبْنانٌ فُعْلانٌ ينصرف. ولُبْنَى: اسْمُ امرأَة. ولُبَيْنَى: اسْمُ ابْنَةِ إِبليس، واسمُ ابْنِهِ لاقِيسُ، وَبِهَا كُنِيَ أَبا لُبَيْنَى؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَقْفَرَ مِنْهَا يَلْبَنٌ فأَفْلُس
قَالَ: هما موضعان.
لثن: رَوَى الأَزهري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسحق السَّعْدي يَقُولُ سَمِعْتُ عليَّ بْنَ حرْبٍ المَوْصِليَّ يَقُولُ: شَيْءٌ لَثِنٌ أَي حُلْوٌ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ عَلِيِّ بْنِ حربٍ، وَهُوَ ثَبَت؛ وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:
بُغْضُكُمُ عِنْدَنَا مُرٌّ مَذاقَتُه، ... ، وبُغْضُنا عندَكم، يَا قوْمَنا، لَثِنُ
لجن: لَجَنَ الورَقَ يَلْجُنُه لَجْناً، فَهُوَ مَلْجُونٌ ولَجِينٌ: خبَطه وخلَطه بِدَقِيقٍ أَو شَعِيرٍ. وكلُّ مَا حِيسَ فِي الْمَاءِ فَقَدْ لُجِنَ. وتَلجَّنَ الشيءُ: تَلزَّجَ. وتلجَّنَ رأْسُه: اتَّسَخَ، وَهُوَ مِنْهُ. وتلجَّنَ ورقُ السِّدْرِ إِذا لُجِنَ مَدْقُوقًا؛ وأَنشد الشَّمَّاخُ:
وماءٍ قَدْ ورَدْتُ لوَصْلِ أَرْوَى، ... عَلَيْهِ الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجينِ
وَهُوَ ورقُ الخِطْمِيِّ [الخَطْمِيِ] إِذا أُوخِفَ. أَبو عُبَيْدَةَ: لَجَّنْتُ الخِطْمِيّ وَنَحْوَهُ تَلْجيناً وأَوخَفْتُه إِذا ضَرَبْتَهُ بِيَدِكَ ليَثْخُنَ، وَقِيلَ: تلجَّنَ الشيءُ إِذا غُسِلَ فَلَمْ يَنتَقِ مِنْ وسَخه. وَشَيْءٌ لَجِنٌ: وسِخ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَعْلونَ بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحِيةً ... عَلَى سَعابيب مَاءِ الضّالةِ اللَّجِنِ
اللَّيْثُ: اللَّجينُ ورقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثُمَّ يُخْلطُ بِدَقِيقٍ أَو شَعِيرٍ فيُعْلفُ للإِبل، وَكُلُّ وَرَقٍ أَو نَحْوِهِ فَهُوَ مَلْجُون لجِينٌ حَتَّى آسُ الغِسْلَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: واللَّجِينُ الخَبَطُ، وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنَ الْوَرَقِ عِنْدَ الخَبْطِ، وأَنشد بَيْتَ الشَّمَّاخِ. وتَلجَّنَ القومُ إِذا أَخذوا الورقَ وَدَقُّوهُ وَخَلَّطُوهُ بِالنَّوَى للإِبل. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: إِذا أَخْلَفَ كَانَ لَجِيناً
؛ اللَّجينُ،

(13/378)


بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْجِيمِ: الخَبَطُ، وَذَلِكَ أَن وَرَقَ الأَراك والسَّلَم يُخْبَطُ حَتَّى يسقُط ويَجِفَّ ثُمَّ يُدَقُّ «1» . حَتَّى يتَلجَّن أَي يَتَلَزَّجَ وَيَصِيرُ كالخِطْمِي. وَكُلُّ شَيْءٍ تَلَزَّجَ فَقَدْ تَلجَّنَ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَنَاقَةٌ لَجُون: حَرُون؛ قَالَ أَوس:
وَلَقَدْ أَرِبْتُ عَلَى الهُمومِ بجَسْرَةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ، غَيْرِ لَجُونِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اللِّجانُ فِي الإِبل كالحِرَانِ فِي الْخَيْلِ. وَقَدْ لَجَنَ لِجاناً ولُجوناً وَهِيَ نَاقَةٌ لَجُونٌ، وَنَاقَةٌ لَجُون أَيضاً: ثَقِيلَةُ الْمَشْيِ، وَفِي الصِّحَاحِ: ثَقِيلَةٌ فِي السَّيْرِ، وجمَلٌ لَجُونٌ كَذَلِكَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ وجمَلٌ لَجُونٌ إِنما تُخَصُّ بِهِ الإِناثُ، وَقِيلَ: اللِّجانُ واللُّجُون فِي جَمِيعِ الدَّوَابِّ كالحِرَانِ فِي ذَوَاتِ الْحَافِرِ مِنْهَا. غَيْرُهُ: الحِرانُ فِي الْحَافِرِ خَاصَّةً، والخِلاء فِي الإِبل، وَقَدْ لَجَنت تَلْجُنُ لُجُوناً ولِجاناً. واللُّجَيْنُ: الْفِضَّةُ، لَا مُكَبَّرَ لَهُ جَاءَ مُصغَّراً مِثْلَ الثُّرَيّا والكُمَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ إِنما أَلزموا التَّحْقِيرَ هَذَا الِاسْمَ لِاسْتِصْغَارِ مَعْنَاهُ مَا دَامَ فِي تُرابِ مَعْدِنه فَلَزِمَهُ التَّخْلِيصُ. وَفِي حَدِيثِ
العِرْباض: بِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَكْراً فأَتيته أَتقاضاه ثمَنَه فَقَالَ: لَا أَقضيكها إِلَّا لُجَيْنِيَّةً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الضَّمِيرُ فِي أَقضيكها إِلى الدَّرَاهِمِ، واللُّجَيْنِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلى اللُّجَينِ، وَهُوَ الْفِضَّةُ. واللَّجِينُ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
كأَنَّ الناصعاتِ الغُرَّ مِنْهَا، ... إِذا صَرَفَتْ وقَطَّعَتِ اللَّجِينا
شبَّه لُغامها بلَجِين الخَطْمِيّ، وأَراد بِالنَّاصِعَاتِ الْغُرِّ أَنيابها.
لحن: اللَّحْن: مِنَ الأَصوات الْمَصُوغَةِ الْمَوْضُوعَةِ، وَجَمْعُهُ أَلْحانٌ ولُحون. ولَحَّنَ فِي قِرَاءَتِهِ إِذا غرَّد وطرَّبَ فِيهَا بأَلْحان، وَفِي الْحَدِيثِ:
اقرؤُوا الْقُرْآنَ بلُحون الْعَرَبِ.
وَهُوَ أَلْحَنُ النَّاسِ إِذا كَانَ أَحسنهم قِرَاءَةً أَو غِنَاءً. واللَّحْنُ واللَّحَنُ واللَّحَانةُ واللَّحانِيَة: تركُ الصَّوَابِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالنَّشِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَحَنَ يَلْحَنُ لَحْناً ولَحَناً ولُحوناً؛ الأَخيرة عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ:
فُزْتُ بقِدْحَيْ مُعْرِب لَمْ يَلْحَنِ
وَرَجُلٌ لاحِنٌ ولَحّان ولَحّانة ولُحَنَة: يُخْطِئ، وَفِي الْمُحْكَمِ: كَثِيرُ اللَّحْن. ولَحَّنه: نَسَبَهُ إِلى اللَّحْن. واللُّحَنَةُ: الَّذِي يُلحِّنُ الناسَ. واللُّحْنةُ: الَّذِي يُلحَّنُ. والتَّلْحِينُ: التَّخْطِئة. ولَحَنَ الرجلُ يَلْحَنُ لَحْناً: تَكَلَّمَ بِلُغَتِهِ. ولَحَنَ لَهُ يَلْحَنُ لَحْناً: قَالَ لَهُ قَوْلًا يَفْهَمُهُ عَنْهُ ويَخْفى عَلَى غَيْرِهِ لأَنه يُميلُه بالتَّوْرية عَنِ الْوَاضِحِ الْمَفْهُومِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَحِنَ الرجلُ: فَهُوَ لَحِنٌ إِذا فَهمَ وفَطِنَ لِمَا لَا يَفْطنُ لَهُ غَيْرُهُ. ولَحِنَه هُوَ عَنِّي، بِالْكَسْرِ، يَلْحَنُه لَحْناً أَي فَهمَه؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
وأَدَّتْ إِليَّ القوْل عنهُنَّ زَوْلةٌ ... تُلاحِنُ أَو ترْنُو لقولِ المُلاحِنِ
أَي تَكلَّمُ بِمَعْنَى كَلَامٍ لَا يُفْطنُ لَهُ ويَخْفى عَلَى النَّاسِ غَيْرِي. وأَلْحَنَ فِي كَلَامِهِ أَي أَخطأَ. وأَلْحَنه القولَ: أَفهمه إيِاه، فلَحِنَه لَحْناً: فهِمَه. ولَحَنه عَنِّي لَحْناً؛ عَنْ كُرَاعٍ: فهِمَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ، والأَول أَعرف. وَرَجُلٌ لَحِنٌ: عارفٌ بِعَوَاقِبِ الْكَلَامِ ظريفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ،
__________
(1) . قوله [حَتَّى يَسْقُطَ وَيَجِفَّ ثُمَّ يدق إلخ] كذا بالأصل والنهاية، وكتب بهامشها: هذا لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُ لَا يتلزج إلا إذا كان رطباً انتهى. أي فالصواب حذف يجف

(13/379)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنكم تَخْتصِمُون إِليَّ ولعلَّ بعضَكم أَن يكونَ أَلْحَنَ بحجَّته مِنْ بَعْضٍ أَي أَفْطنَ لَهَا وأَجْدَل، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخيه فإِنما أَقطعُ لَهُ قِطْعةً مِنَ النَّارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: اللَّحْنُ الْمَيْلُ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِقَامَةِ؛ يُقَالُ: لَحَنَ فلانٌ فِي كَلَامِهِ إِذا مَالَ عَنْ صَحِيحِ المَنْطِق، وأَراد أَن بَعْضَكُمْ يَكُونُ أَعرفَ بِالْحُجَّةِ وأَفْطَنَ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ. واللَّحَنُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ: الفِطْنة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللَّحْنُ، بِالسُّكُونِ، الفِطْنة والخطأُ سَوَاءٌ؛ قَالَ: وَعَامَّةُ أَهل اللُّغَةِ فِي هَذَا عَلَى خِلَافِهِ، قَالُوا: الفِطْنة، بِالْفَتْحِ، وَالْخَطَأُ، بِالسُّكُونِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: واللَّحَنُ أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ، اللُّغَةُ. وَقَدْ رُوِيَ أَن الْقُرْآنَ نزَل بلَحَنِ قُرَيْشٍ أَي بِلُغَتِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تعلَّمُوا الفرائضَ والسُّنَّةَ واللَّحَن
، بِالتَّحْرِيكِ، أَي اللُّغَةُ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَعَلَّمُوا الغَريبَ واللَّحَنَ لأَن فِي ذَلِكَ عِلْم غَرِيب الْقُرْآنِ ومَعانيه وَمَعَانِي الْحَدِيثِ والسنَّة، وَمَنْ لَمْ يعْرِفْه لَمْ يَعْرِفْ أَكثرَ كِتَابِ اللَّهِ وَمَعَانِيهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَكثر السُّنن. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تعلَّمُوا اللَّحْنَ
أَي الخطأَ فِي الْكَلَامِ لِتَحْتَرِزُوا مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَنه سأَل عَنْ أَبي زيادٍ فَقِيلَ إِنه ظَرِيفٌ عَلَى أَنه يَلْحَنُ، فَقَالَ: أَوَليْسَ ذَلِكَ أَظرف لَهُ
؟ قَالَ القُتَيْبيُّ: ذَهَبَ معاويةُ إِلى اللَّحَن الَّذِي هُوَ الفِطنة، محرَّك الْحَاءِ. وَقَالَ غَيْرُهُ. إِنما أَراد اللَّحْنَ ضِدَّ الإِعراب، وَهُوَ يُسْتَمْلَحُ فِي الْكَلَامِ إِذا قَلَّ، ويُسْتَثْقَلُ الإِعرابُ والتشَدُّقُ. ولَحِنَ لَحَناً: فَطِنَ لِحُجَّتِهِ وَانْتَبَهَ لَهَا. ولاحَنَ النَّاسَ: فاطَنَهم؛ وَقَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَسماء بْنِ خارجةَ الفَزاريّ:
وحديثٍ أَلَذُّه هُوَ مِمَّا ... يَنْعَتُ النَّاعِتُون يُوزَنُ وَزْنا
مَنْطِقٌ رائِعٌ، وتَلْحَنُ أَحْياناً، ... وخيرُ الحديثِ مَا كانَ لَحْنا
يُرِيدُ أَنها تَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ وَهِيَ تُرِيدُ غَيْرَهُ، وتُعَرِّضُ فِي حَدِيثِهَا فتزيلُه عَنْ جِهَتِهِ مِنْ فِطنتِها كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
، أَي فِي فَحْواهُ وَمَعْنَاهُ؛ وَقَالَ القَتَّال الكلابيُّ:
وَلَقَدْ لَحَنْتُ لَكُمْ لِكَيْما تَفْهمُوا، ... ولَحَنْتُ لَحْناً لَحْناً لَيْسَ بالمُرْتابِ
وكأَنَّ اللَّحْنَ فِي الْعَرَبِيَّةِ راجعٌ إِلى هَذَا لأَنه مِنَ العُدول عَنِ الصَّوَابِ. وَقَالَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: عَجِبْتُ لِمَنْ لاحَنَ الناسَ ولاحَنُوه كيفَ لَا يعرفُ جَوامعَ الكَلِم، أَي فاطَنَهم وفاطَنُوه وجادَلَهم؛ وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ لَحِنٌ إِذا كَانَ فَطِناً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مُتَعوِّذٌ لَحِنٌ يُعِيدُ بكَفِّه ... قَلَماً عَلَى عُسُبٍ ذَبُلْنَ وبانِ
وأَما قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَعَلَّمُوا اللَّحْنَ والفرائضَ
، فَهُوَ بِتَسْكِينِ الْحَاءِ وَهُوَ الخطأُ فِي الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْعَالِيَةِ قَالَ: كنتُ أَطُوفُ مَعَ ابْنِ عباسٍ وَهُوَ يُعلِّمني لَحْنَ الكلامِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما سَمَّاهُ لَحْناً لأَنه إِذا بَصَّره بِالصَّوَابِ فَقَدْ بَصَّره اللَّحْنَ. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبو عَدْنَانَ سأَلت الكِلابيينَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ تَعَلَّمُوا اللَّحْنَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا تَعَلَّمُونه فَقَالُوا: كُتِبَ هَذَا عَنْ قَوْمٍ لَيْسَ لَهُمْ لَغْوٌ كلَغْوِنا، قُلْتُ: مَا اللَّغْوُ؟ فَقَالَ: الْفَاسِدُ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَالَ الكلابيُّون: اللَّحْنُ اللغةُ، فَالْمَعْنَى فِي قَوْلِ عُمَرَ تَعَلَّمُوا اللّحْنَ فِيهِ يَقُولُ تَعَلَّمُوا كَيْفَ لُغَةُ الْعَرَبِ فِيهِ الَّذِينَ نَزَلَ القرآنُ بِلُغَتِهِمْ؛ قَالَ أَبو عَدْنَانَ: وأَنشدتْني الكَلْبيَّة:
وقوْمٌ لَهُمْ لَحْنٌ سِوَى لَحْنِ قومِنا ... وشَكلٌ، وبيتِ اللهِ، لَسْنَا نُشاكِلُهْ

(13/380)


قَالَ: وَقَالَ عُبيد بْنُ أَيوب:
وللهِ دَرُّ الغُولِ أَيُّ رَفِيقَةٍ ... لِصاحِبِ قَفْرٍ خائفٍ يتَقَتَّرُ
فَلَمَّا رأَتْ أَن لَا أُهَالَ، وأَنني ... شُجاعٌ، إِذا هُزَّ الجَبَانُ المُطيَّرُ
أَتَتني بلحْنٍ بَعْدَ لَحْنٍ، وأَوقدَتْ ... حَوَالَيَّ نِيراناً تَبُوخُ وتَزْهَرُ
وَرَجُلٌ لاحِنٌ لَا غَيْرَ إِذا صَرَفَ كلامَه عَنْ جِهَته، وَلَا يُقَالُ لَحّانٌ. اللَّيْثُ: قَوْلُ الناسِ قَدْ لَحَنَ فلانٌ تأْويلُه قَدْ أَخذ فِي نَاحِيَةٍ عَنِ الصَّوَابِ أَي عَدَل عَنِ الصَّوَابِ إِليها؛ وأَنشد قَوْلَ مَالِكِ بْنِ أَسماء:
مَنْطِقٌ صائِبٌ وتَلْحَنُ أَحْياناً، ... وخيرُ الحديثِ مَا كانَ لَحْناً
قَالَ: تأْويله وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ مَا كَانَ لَا يَعْرِفُهُ كلُّ أَحد، إِنما يُعرفُ أَمرها فِي أَنحاء قَوْلِهَا، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَلْحَنُ أَحياناً أَنها تُخْطِئُ فِي الإِعراب، وَذَلِكَ أَنه يُسْتملَحُ مِنَ الْجَوَارِي، ذَلِكَ إِذا كَانَ خَفِيفًا، ويُستثقل مِنْهُنَّ لُزوم حاقِّ الإِعراب. وعُرِف ذَلِكَ فِي لَحْن كَلَامِهِ أَي فِيمَا يَمِيلُ إِليه. الأَزهري: اللَّحْنُ مَا تَلْحَنُ إِليه بِلِسَانِكَ أَي تميلُ إِليه بِقَوْلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
؛ أَي نَحْوِ الْقَوْلِ، دَلَّ بِهَذَا أَن قولَ الْقَائِلِ وفِعْلَه يَدُلَّانِ عَلَى نِيَّتِهِ وَمَا فِي ضَمِيرِهِ، وَقِيلَ: فِي لَحْنِ الْقَوْلِ أَي فِي فَحْواه وَمَعْنَاهُ. ولَحَن إِليه يَلْحَنُ لَحْناً أَي نَواه وَمَالَ إِليه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُ: للَّحْنِ سِتَّةُ مَعان: الخطأُ فِي الإِعراب واللغةُ والغِناءُ والفِطْنةُ والتَّعْريضُ والمَعْنى، فاللَّحْنُ الَّذِي هُوَ الخطأُ فِي الإِعراب يُقَالُ مِنْهُ لَحَنَ فِي كَلَامِهِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، يَلْحَنُ لَحْناً، فَهُوَ لَحَّانٌ ولَحّانة، وَقَدْ فُسِّرَ بِهِ بيتُ مَالِكِ بْنِ أَسماء بْنِ خَارِجَةَ الفَزَاري كَمَا تَقَدَّمَ، واللَّحْنُ الَّذِي هُوَ اللُّغَةُ كَقَوْلِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَعَلَّمُوا الفرائضَ والسُّنَنَ واللَّحْنَ كَمَا تعلَّمُون القرآنَ
، يُرِيدُ اللُّغَةَ؛ وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ
تَعَلَّمُوا اللَّحْنَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا تَتَعَلَّمُونَهُ
، يُرِيدُ تَعَلَّمُوا لغَةَ الْعَرَبِ بإِعرابها؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ تَعَلَّمُوا لُغَةَ الْعَرَبِ فِي الْقُرْآنِ واعرفُوا مَعَانِيَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
؛ أَي مَعْنَاهُ وفَحْواه، فَقَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَعَلَّمُوا اللَّحْن
، يُرِيدُ اللُّغَةَ؛ وكقوله أَيضاً:
أُبَيٌّ أَقْرَؤُنا وإِنَّا لنَرْغَبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ لَحْنِه
أَي مِنْ لُغَتِه وَكَانَ يَقْرأُ التابُوه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي مَيْسَرَة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ، قَالَ: العَرِمُ المُسَنَّاةُ بلَحْنِ الْيَمَنِ أَي بِلُغَةِ الْيَمَنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي مَهْديٍّ: لَيْسَ هَذَا مِنْ لَحْني وَلَا لَحْنِ قَوْمِي؛ واللَّحْنُ الَّذِي هُوَ الغِناء وتَرْجيعُ الصَّوْتِ والتَّطْريبُ شاهدُه قَوْلُ يَزِيدَ ابن النُّعْمَانِ:
لَقَدْ تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا ... مُطَوَّقَةٌ عَلَى فَنَنٍ تَغَنَّى
يَمِيلُ بِهَا، وتَرْكَبُه بلَحْنٍ، ... إِذا مَا عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا
فَلَا يَحْزُنْكَ أَيامٌ تَوَلَّى ... تَذَكّرُها، وَلَا طَيْرٌ أَرَنَّا
وَقَالَ آخَرُ:
وهاتِفَينِ بشَجْوٍ، بعد ما سجَعَتْ ... وُرْقُ الحَمامِ بترجيعٍ وإِرْنانِ
بَاتَا عَلَى غُصْنِ بانٍ فِي ذُرَى فَننٍ، ... يُرَدِّدانِ لُحوناً ذاتَ أَلْوانِ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يعرفُ لَحْنَ هَذَا الشِّعْرِ أَي لَا

(13/381)


يَعْرِفُ كَيْفَ يُغَنيه. وَقَدْ لَحَّنَ فِي قِرَاءَتِهِ إِذا طَرَّب بِهَا. واللَّحْنُ الَّذِي هُوَ الفِطْنة يُقَالُ مِنْهُ لَحَنْتُ لَحْناً إِذا فَهِمته وفَطِنته، فَلَحَنَ هُوَ عَنِّي لَحْناً أَي فَهمَ وفَطِنَ، وَقَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَسماء: وَخَيْرُ الحديث ما كان لحنا، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَجَعْلَهُ مُضارعَ لَحِنَ، بِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لعَلَّ بعضَكم أَن يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ
أَي أَفْطَنَ لَهَا وأَحسَنَ تصَرُّفاً. واللَّحْنُ الَّذِي هُوَ التَّعْريض والإِيماء؛ قَالَ القتَّالُ الْكِلَابِيُّ:
وَلَقَدْ لَحَنْتُ لَكُمْ لِكَيما تَفْهَموا، ... ووَحَيْتُ وَحْياً لَيْسَ بالمُرْتابِ
وَمِنْهُ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ بَعَثَ قَوْمًا ليُخْبِرُوه خبَرَ قُرَيْشٍ: الْحَنُوا لِي لَحْناً، وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنه بَعَثَ رَجُلَيْنِ إِلى بَعْضِ الثُّغُور عَيْناً فَقَالَ لَهُمَا: إِذا انْصَرَفْتُمَا فالْحَنا لِي لَحْناً
أَي أَشيرا إِليَّ وَلَا تُفْصِحا وعَرِّضا بِمَا رأَيتما، أَمرهما بِذَلِكَ لأَنهما رُبَّمَا أَخبرا عَنِ العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لَا يقفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَيُقَالُ: جعَلَ كَذَا لَحْناً لِحَاجَتِهِ إِذا عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّح؛ وَمِنْهُ أَيضاً قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَسماء وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِدًا عَلَى أَن اللَّحْنَ الفِطنة، وَالْفِعْلُ مِنْهُ لَحَنْتُ لَهُ لَحْناً، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ؛ وَالْبَيْتُ الَّذِي لِمَالِكٍ:
مَنطِقٌ صائبٌ وتَلْحَنُ أَحياناً، ... وخيرُ الحديثِ مَا كَانَ لَحْنا
وَمَعْنَى صَائِبٌ: قَاصِدٌ الصَّوَابِ وإِن لَمْ يُصِبْ، وتَلْحَن أَحياناً أَي تُصيب وتَفْطُنُ، وَقِيلَ: تريدُ حديثَها عَنْ جِهَتِهِ، وَقِيلَ: تُعَرِّض فِي حَدِيثِهَا، وَالْمَعْنَى فِيهِ متقاربٌ، قَالَ: وكأَنَّ اللَّحْن فِي الْعَرَبِيَّةِ رَاجِعٌ إِلى هَذَا لأَنه العُدول عَنِ الصَّوَابِ؛ قَالَ عثمان ابن جِنِّي: مَنْطِقٌ صَائِبٌ أَي تَارَةً تُورِدُ الْقَوْلَ صَائِبًا مُسَدَّداً وأُخرى تتَحَرَّفُ فِيهِ وتَلْحَنُ أَي تَعْدِلُه عَنِ الجهة الواضحة متعمدة بِذَلِكَ تلَعُّباً بِالْقَوْلِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَعَلَّ بعضَكم أَن يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ أَي أَنْهَضَ بِهَا وأَحسَنَ تصَرُّفاً، قَالَ: فَصَارَ تَفْسِيرُ اللَّحْنِ فِي الْبَيْتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: الفِطنة وَالْفَهْمُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبي زَيْدٍ وَابْنِ الأَعرابي وإِن اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ، والتعريضُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ وَالْجَوْهَرِيِّ، والخطأُ فِي الإِعراب عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ تُزِيلُهُ عَنْ جِهَتِهِ وَتَعْدِلُهُ عَنِ الْجِهَةِ الْوَاضِحَةِ، لأَن اللَّحْنَ الَّذِي هُوَ الخطأُ فِي الإِعراب هُوَ الْعُدُولُ عَنِ الصَّوَابِ، واللَّحْن الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى والفَحْوَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ
؛ أَي فِي فَحْواه وَمَعْنَاهُ. وَرَوَى المنذريُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: العُنوان واللَّحْنُ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ تُشِيرُ بِهَا إِلى الإِنسان ليَفْطُنَ بِهَا إِلى غَيْرِهِ، تَقُولُ: لَحَنَ لِي فلانٌ بلَحْنٍ ففطِنْتُ؛ وأَنشد:
وتَعْرِفُ فِي عُنوانِها بعضَ لَحْنِها، ... وَفِي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهيا
قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُعَرِّضُ وَلَا يُصَرِّحُ قَدْ جَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَحْناً لِحَاجَتِهِ وعُنواناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لُحْنَةً
، يُرْوَى بِسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ الْكَثِيرُ اللَّحْنِ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ الَّذِي يُلَحِّنُ النَّاسَ أَي يُخَطِّئُهم، وَالْمَعْرُوفُ فِي هَذَا الْبِنَاءِ أَنه الَّذِي يَكْثُر مِنْهُ الْفِعْلُ كالهُمَزة واللُّمَزة والطُّلَعة والخُدَعة وَنَحْوِ ذَلِكَ. وقِدْحٌ لاحِنٌ إِذا لَمْ يَكُنْ صافيَ الصَّوْتِ عِنْدَ الإِفاضة، وَكَذَلِكَ قَوْسٌ لَاحِنَةٌ إِذا أُنْبِضَتْ. وسهمٌ لاحِنٌ عِنْدَ التَّنْفيز إِذا لَمْ يَكُنْ حَنَّاناً عِنْدَ الإِدامةِ عَلَى الإِصبع، والمُعْرِبُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى ضِدِّه. ومَلاحِنُ العُودِ: ضُروبُ دَسْتاناته. يُقَالُ: هَذَا لَحْنُ فلانٍ العَوَّاد،

(13/382)


وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اقرؤُوا القرآنَ بلُحُونِ الْعَرَبِ وأَصواتها، وإِياكم ولُحُونَ أَهل العِشْق
؛ اللَّحنُ: التَّطْرِيبُ وَتَرْجِيعُ الصَّوْتِ وَتَحْسِينُ الْقِرَاءَةِ والشِّعْرِ والغِناءِ، قَالَ: وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ أَراد هَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ قُرَّاء الزَّمَانِ مِنَ اللُّحون الَّتِي يَقْرَؤُونَ بِهَا النَّظَائِرَ فِي الْمَحَافِلِ، فإِن الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَقْرَؤُونَ كتُبَهم نحْواً من ذلك.
لخن: اللَّخَنُ: نتْنُ الرِّيحِ عَامَّةً، وَقِيلَ: اللَّخَنُ نتْنٌ يَكُونُ فِي أَرْفاغ الإِنسان، وأَكثر مَا يَكُونُ فِي السُّودان، وَقَدْ لَخِنَ لَخَناً وَهُوَ أَلْخَنُ. ولَخِنَ السِّقَاءُ لَخَناً، فَهُوَ لَخِنٌ وأَلْخَنُ: تَغَيُّرُ طَعْمِهِ وَرَائِحَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ فِي الدِّباغ إِذا فَسَدَ فَلَمْ يَصْلُحْ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والسَّبُّ تَخْريقُ الأَديمِ الأَلْخَنِ
اللَّيْثُ: لَخِنَ السِّقَاءُ، بِالْكَسْرِ، يَلْخَنُ لَخَناً أَي أَنْتَنَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا أُدِيمَ فِيهِ صَبُّ اللَّبَن فَلَمْ يُغْسَلْ، وَصَارَ فِيهِ تَحْبيبٌ أَبيضُ قِطعٌ صغارٌ مثلُ السِّمْسِمِ وأَكبر مِنْهُ متغيرُ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَمة لَخْناءُ. ولَخِنَ الجوْزُ لَخَناً: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ وَفَسَدَ. واللَّخَنُ: قُبْح رِيحِ الْفَرْجِ، وامرأَة لَخْناء. وَيُقَالُ: اللَّخْناء الَّتِي لَمْ تُخْتَنْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: يَا ابْنَ اللَّخْناء
؛ هِيَ الَّتِي لَمْ تُخْتَن، وَقِيلَ: اللَّخَنُ النَّتْنُ، والأَلْخَنُ الَّذِي لَمْ يُخْتن، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُرَى فِي قُلفَته قَبْلَ الخِتان بياضٌ عِنْدَ انْقِلَابِ الجِلدة. واللَّخْنُ: البياضُ الَّذِي «2» . عَلَى جُرْدان الْحِمَارِ، وَهُوَ الحَلَقُ. أَبو عَمْرٍو: اللَّخَنُ الْقَبِيحُ مِنَ الْكَلَامِ.
لدن: اللَّدْنُ: اللّيِّنُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ عُودٍ أَو حَبْلٍ أَو خُلُقٍ، والأُنثى لَدْنة، وَالْجَمْعُ لِدانٌ ولُدْن وَقَدْ لَدُنَ لَدانةً ولُدُونةً. ولَدَّنه هُوَ: لَيَّنه. وَقَنَاةٌ لَدْنة: ليِّنة المهَزَّةِ، وَرُمْحٌ لَدْنٌ ورِماحٌ لُدْنٌ، بِالضَّمِّ، وامرأَة لَدْنة: رَيَّا الشّبابِ ناعمةٌ، وكلُّ رَطْبٍ مأْدٍ لَدْنٌ. وتَلدَّنَ فِي الأَمر: تَلبَّثَ وتمكَّثَ، ولدَّنه هُوَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار أَناخَ ناضِحاً فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بعضَ التَّلدُّن، فَقَالَ: شَأْ لعَنك اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَصْحبْنا بِمَلْعُونٍ
؛ التَّلدُّن: التَّمكُّثُ، مَعْنَى قَوْلِهِ تَلدَّنَ أَي تَلَكَّأَ وتمكَّثَ وتَلبَّثَ وَلَمْ يَثُرْ وَلَمْ يَنبَعِث. يُقَالُ: تَلدَّنَ عَلَيْهِ إِذا تَلكَّأَ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: تَلدَّنْتُ تَلدُّناً وتَلبَّثْتُ تَلبُّثاً وتمكَّثْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فأَرسلَ إِليَّ نَاقَةً مُحَرَّمةً فتَلدَّنتْ عليَّ فَلَعَنْتَهَا.
ولَدُنْ ولُدْنٌ ولَدْنٌ ولَدِنٌ ولَدُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا ولَدَى مُحَوَّلة، كُلُّهُ: ظَرْفٌ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ مَعْنَاهُ عِنْدَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَدُنْ جُزمَتْ وَلَمْ تُجْعَلْ كعِنْدَ لأَنها لَمْ تَمَكَّنْ فِي الْكَلَامِ تَمَكُّنَ عِنْدَ، واعْتَقَبَ النونُ وحرفُ الْعِلَّةِ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ لَامًا، كَمَا اعتقبَ الهاءُ وَالْوَاوُ فِي سنَةٍ لَامًا وَكَمَا اعْتَقَبَتْ فِي عِضاهٍ. قَالَ أَبو إِسحق: لَدُنْ لَا تَمَكَّنُ تَمَكُّنَ عِنْدَ لأَنك تَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي صوابٌ، وَلَا تَقُولُ هُوَ لَدُني صَوَابٌ، وَتَقُولُ عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْكَ، ولَدُنْ لِمَا يَلِيكَ لَا غَيْرُ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: نَظِيرُ لَدُنْ ولَدَى ولَدُ، فِي اسْتِعْمَالِ اللَّامِ تَارَةً نُونًا، وَتَارَةً حَرْفَ عِلَّةٍ، وَتَارَةً مَحْذُوفَةً، دَدَنْ ودَدَى ودَدٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَوَقَعَ فِي تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ لَدَى فِي مَعْنَى هَلْ عَنِ المفضَّل؛ وأَنشد:
__________
(2) . قوله [البياض الذي إلخ] وكذلك البياض الذي على قلفة الصبي قبل الختان كما في التهذيب

(13/383)


لَدَى مِنْ شبابٍ يُشْترَى بمَشِيبِ؟ ... وَكَيْفَ شَبابُ المرْء بعدَ دَبيبِ؟
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقُرِئَ
مِنْ لَدُني
، بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَيَجُوزُ
مِنْ لَدْني
، بِتَسْكِينِ الدَّالِ، وأَجودها بِتَشْدِيدِ النُّونِ، لأَن أَصل لَدُنْ الإِسكانُ، فإِذا أَضفتها إِلى نَفْسِكَ زِدْتَ نُونًا ليَسْلَم سكونُ النونِ الأُولى، تَقُولُ مِنْ لَدُنْ زَيْدٍ، فَتَسْكُنُ النُّونُ، ثُمَّ تُضِيفُ إِلى نَفْسِكَ فَتَقُولُ لَدْني كَمَا تَقُولُ عَنْ زَيْدٍ وَعَنِّي، وَمَنْ حَذَفَ النونَ فلأَنَّ لَدُنْ اسْمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الأَسماء يَجُوزُ فِيهَا حَذْفُ النُّونِ قَوْلُهُمْ قَدْني فِي مَعْنَى حَسْبي، وَيَجُوزُ قَدِي بِحَذْفِ النُّونِ لأَن قَدِ اسْمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْنيَ مِنْ نصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ. قَالَ: وأَما إِسكان دَالِ لَدُنٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ فِي عَضُدٍ عَضْد، فَيَحْذِفُونَ الضَّمَّةَ. وَحَكَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى وَالْمُبَرِّدِ أَنهما قَالَا: الْعَرَبُ تَقُولُ لَدُنْ غُدْوَةٌ ولَدُنْ غُدْوَةً ولَدُنْ غُدْوَةٍ، فَمَنْ رَفَعَ أَراد لَدُنْ كَانَتْ غُدْوةٌ، وَمَنْ نَصَبَ أَراد لَدُنْ كَانَ الوقتُ غُدْوةً، وَمَنَ خَفَضَ أَراد مِنْ عِنْد غُدْوةِ. وَقَالَ ابنُ كيسانَ: لَدُنْ حَرْفٌ يَخْفِضُ، وَرُبَّمَا نُصِبَ بِهَا. قَالَ: وَحَكَى الْبَصْرِيُّونَ أَنها تَنْصِبُ غُدْوة خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الْكَلَامِ؛ وأَنشدوا:
مَا زالَ مُهْري مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ، ... لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لغُروبِ
وأَجاز الْفَرَّاءُ فِي غُدْوةٍ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْخَفْضَ؛ قَالَ ابْنُ كيسانَ؛ مِنَ خَفَضَ بِهَا أَجراها مُجْرَى مِنْ وَعَنْ، وَمَنْ رَفَعَ أَجراها مُجْرى مُذْ، وَمَنْ نَصَبَ جَعَلَهَا وَقْتًا وَجَعَلَ مَا بَعْدَهَا تَرْجَمَةً عَنْهَا؛ وإِن شِئْتَ أَضمرت كَانَ كَمَا قَالَ:
مُذْ لَدُ شَوْلًا وإِلى إِتْلائِها
أَراد: أَن كَانَتْ شَوْلًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: لَدُنْ فِي مَعْنَى مِنْ عِنْدِ، تَقُولُ: وَقَفَ الناسُ لَهُ مِنْ لَدُنْ كَذَا إِلى الْمَسْجِدِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إِذا اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّمَانِ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى غُرُوبِهَا أَي مِنْ حِينِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقة:
عَلَيْهِمَا جُنَّتانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهما إِلى ترَاقيهما
؛ لَدُنْ؛ ظَرْفُ مَكَانٍ بِمَعْنَى عِنْدَ إِلا أَنه أَقرب مَكَانًا مِنْ عِنْدَ وأَخصُّ مِنْهُ، فإِن عِنْدَ تَقَعُ عَلَى الْمَكَانِ وَغَيْرِهِ، تَقُولُ: لِي عِنْدَ فلانٍ مَالٌ أَي فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي لَدُنْ. أَبو زَيْدٍ عَنِ الْكِلَابِيِّينَ أَجمعين: هَذَا مِنْ لَدُنِهِ، ضَمُّوا الدَّالَ وَفَتَحُوا اللَّامَ وَكَسَرُوا النُّونَ. الْجَوْهَرِيُّ: لَدُنْ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ، وَهُوَ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ بِمَنْزِلَةِ عِنْدَ، وَقَدْ أَدخلوا عَلَيْهَا مِنْ وَحْدَهَا مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ، قَالَ تَعَالَى: مِنْ لَدُنَّا*
، وَجَاءَتْ مُضَافَةً تَخْفِضُ مَا بَعْدَهَا؛ وأَنشد فِي لَدُ لغَيْلانَ بْنِ حُرَيث:
يَسْتَوْعِبُ النَّوْعينِ مِنْ خَريرِه، ... مِنْ لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشده سِيبَوَيْهِ إِلى مَنْخُوره أَي مَنْخَره. قَالَ: قَالَ وَقَدْ حَمَلَ حَذْفَ النُّونِ بَعْضُهُمْ إِلى أَن قَالَ لَدُنْ غُدْوَةً، فَنَصَبَ غُدْوَةً بِالتَّنْوِينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَدُنْ غُدْوَةً، حَتَّى إِذا امتَدَّتِ الضُّحَى، ... وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ
لأَنه تَوَهَّمَ أَن هَذِهِ النُّونَ زَائِدَةٌ تَقُومُ مَقَامَ التَّنْوِينِ فَنَصَبَ، كَمَا تَقُولُ ضارِبٌ زَيْدًا، قَالَ: وَلَمْ يُعْمِلوا لَدُنْ إِلا فِي غُدْوة خَاصَّةً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ

(13/384)


أَبو عَلِيٍّ فِي لَدُنْ بِالنُّونِ أَربع لُغَاتٍ: لَدُنْ ولَدْنٌ، بإِسكان الدَّالِ، حَذْفُ الضَّمَّةِ مِنْهَا كَحَذْفِهَا مِنْ عَضُد، ولُدْنُ بإِلقاء ضَمَّةِ الدَّالِ عَلَى اللَّامِ، ولَدَنْ بِحَذْفِ الضَّمَّةِ مِنَ الدَّالِ، فَلَمَّا الْتَقَى سَاكِنَانِ فُتِحَتِ الدَّالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَلَمْ يْذَكُرْ أَبو عَلِيٍّ تَحْرِيكَ النُّونِ بِكَسْرٍ وَلَا فَتْحٍ فِيمَنْ أَسكن الدَّالَ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تَكُونَ مَكْسُورَةً، قَالَ: وَكَذَا حَكَاهَا الحَوْفيُّ لَدْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لُدْن الَّتِي حَكَاهَا أَبو عَلِيٍّ، وَالْقِيَاسُ يُوجِبُ أَن تَكُونَ لَدْنِ، ولَدْنِ عَلَى حدِّ لَمْ يَلْدَهُ أَبوان، وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي الْبَدِيعِ: وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ
، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لِي إِليه لُدُنَّةٌ أَي حَاجَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
لذن: اللَّاذَنُ واللَّاذَنةُ: مِنَ العُلُوك، وَقِيلَ: هُوَ دَوَاءٌ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ نَدىً يسقُط عَلَى الْغَنَمِ فِي بعض جزائر البحر.
لزن: لَزَنَ القومُ يَلْزُنُونَ لَزْناً ولَزَناً ولَزِنوا وتَلازَنوا: تَزَاحَمُوا. اللَّيْثُ: اللَّزَنُ، بِالتَّحْرِيكِ، اجْتِمَاعُ الْقَوْمِ عَلَى الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ حَتَّى ضَاقَتْ بِهِمْ وَعَجَزَتْ عَنْهُمْ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ أَمر. وَيُقَالُ مَاءٌ مَلْزُون؛ وأَنشد:
فِي مَشْرَبٍ لَا كَدِرٍ وَلَا لَزِنْ
وأَنشد غَيْرُهُ:
ومَعاذِراً كَذِباً ووَجْهاً باسِراً، ... وتَشَكِّياً عَضَّ الزمانِ الأَلْزَنِ
ومَشْرَبٌ لَزِنٌ ولَزْنٌ ومَلْزُون: مُزْدَحَمٌ عَلَيْهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. واللَّزْنُ: الشدَّة. وعَيْشٌ لَزْنٌ أَي ضَيِّقٌ. وَلَيْلَةٌ لَزْنة ولِزْنة: ضيِّقة، مِنْ جُوعٍ كَانَ أَو بَرْدٍ أَو خَوْفٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَيضاً؛ وَرُوِيَ بَيْتُ الأَعشى:
ويُقْبِلُ ذُو البَثِّ والرَّاغِبونَ ... فِي لَيْلةٍ هِيَ إِحْدَى اللَّزَنْ
وأَنشده اللَّزَنْ، بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي شِعْرِهِ اللِّزَن، بِكَسْرِ اللَّامِ، فكأَنه أَراد هِيَ إِحدى لَيَالِي اللِّزَن. وأَصابهم لَزْنٌ مِنَ الْعَيْشِ أَي ضِيقٌ. واللَّزْنُ: جَمْعُ لَزْنة وَهِيَ السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: اللِّزْنة السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الضَّيِّقَةُ. واللَّزْنَة: الشِّدَّة وَالضِّيقُ، وَجَمْعُهَا لِزَنٌ؛ قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ إِضافة إِحدى إِليها، وإِحدى لَا تُضَافُ إِلى مُفْرَدٍ، وَنَظِيرُ لَزْنة ولِزَنٍ حَلْقَة وحِلَقٌ وفَلْكَة وفِلَكٌ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْوَاحِدِ لِزْنة، بِالْكَسْرِ أَيضاً، وَهِيَ الشِّدَّة، فأَما إِذا وَصَفْتَ بِهَا فَقُلْتَ لَيْلَةٌ لَزْنة فَبِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الإِنسان: مَا لَه سُقِيَ فِي لَزْنٍ ضاحٍ أَي فِي ضِيقٍ مَعَ حَرِّ الشَّمْسِ، لأَن الضّاحِيَ مِنَ الأَرض البارِزُ الَّذِي لَيْسَ يَسْتُرُهُ شَيْءٌ عَنِ الشَّمْسِ. وَمَاءٌ لَزْنٌ: ضَيِّق لَا يُنال إِلا بَعْدَ مَشَقَّة.
لسن: اللِّسانُ: جَارِحَةُ الْكَلَامِ، وَقَدْ يُكْنَى بِهَا عَنِ الْكَلِمَةِ فَيُؤَنَّثُ حِينَئِذٍ؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
إِنِّي أَتَتْني لسانٌ لَا أُسَرُّ بِهَا ... مِنْ عَلْوَ، لَا عَجَبٌ مِنْهَا وَلَا سَخَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اللِّسان هُنَا الرِّسالة وَالْمَقَالَةُ؛ وَمِثْلُهُ:
أَتَتْني لسانُ بَنِي عامِرٍ، ... أَحاديثُها بَعْد قوْلٍ نُكُرْ
قَالَ: وَقَدْ يُذَكَّر عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ: قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
نَدِمْتُ عَلَى لسانٍ فاتَ مِنِّي، ... فلَيْتَ بأَنه فِي جَوْفِ عَكْمِ
وَشَاهِدُ أَلْسِنَةٍ الْجَمْعِ فِيمَنْ ذَكَّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ
؛ وشاهدُ أَلْسُنٍ

(13/385)


الْجَمْعِ فِيمَنْ أَنث قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أَو تَلْحَجُ الأَلْسُنُ فِينَا مَلْحَجا
ابْنُ سِيدَهْ: واللِّسانُ المِقْوَلُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ أَلْسِنة فِيمَنْ ذَكَّرَ مِثْلَ حِمار وأَحْمرة، وأَلْسُن فِيمَنْ أَنث مِثْلَ ذِرَاعٍ وأَذْرُع، لأَن ذَلِكَ قِيَاسُ مَا جَاءَ عَلَى فِعالٍ مِنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وإِن أَردت بِاللِّسَانِ اللُّغَةَ أَنثت. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَكَلَّمُ بلِسانِ قَوْمِهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اللِّسَانُ فِي الْكَلَامِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. يُقَالُ: إِن لسانَ النَّاسِ عَلَيْكَ لَحَسنة وحَسَنٌ أَي ثناؤُهم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ وَاللِّسَانُ الثَّنَاءُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ
؛ مَعْنَاهُ اجْعَلْ لِي ثَناءً حَسناً بَاقِيًا إِلى آخِرِ الدَّهْرِ؛ وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
نَمَتْ لأَبي بكرٍ لسانٌ تتابعتْ، ... بعارفةٍ مِنْهُ، فخَصَّتْ وعَمَّتِ
وَقَالَ قَسَاس الكِنْدِيُّ:
أَلا أَبْلغْ لَدَيْكَ أَبا هُنَيٍّ، ... أَلا تَنْهَى لسانَك عَنْ رَداها
فأَنثها. وَيَقُولُونَ: إِن شَفَةَ النَّاسِ عَلَيْكَ لَحسَنة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ
؛ أَي بِلُغَةِ قَوْمِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَتَتْني لسانُ بَنِي عامِرٍ
وَقَدْ تقدَّم، ذَهَبَ بِهَا إِلى الْكَلِمَةِ فأَنثها؛ وَقَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
إِنِّي أَتاني لسانٌ لَا أُسَرُّ بِهِ
ذَهَبَ إِلى الْخَبَرِ فَذَكَّرَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَاللِّسَانُ اللُّغَةُ، مُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرُ. واللِّسْنُ، بِكَسْرِ اللَّامِ: اللُّغة. واللِّسانُ: الرِّسَالَةُ. وَحَكَى أَبو عَمْرٍو: لِكُلِّ قَوْمٍ لِسْنٌ أَي لُغَة يَتَكَلَّمُونَ بِهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ لَسِنٌ بَيِّنُ اللَّسَن إِذا كَانَ ذَا بَيَانٍ وَفَصَاحَةٍ. والإِلْسان: إِبلاغ الرِّسَالَةِ. وأَلْسَنَه مَا يقول أَي أَبلغه. وأَلْسَنَ عَنْهُ: بَلَّغ. وَيُقَالُ: أَلْسِنِّي فُلَانًا وأَلْسِنْ لِي فُلَانًا كَذَا وَكَذَا أَي أَبْلغْ لِي، وَكَذَلِكَ أَلِكْني إِلى فُلَانٍ أَي أَلِكْ لِي؛ وَقَالَ عديُّ بْنُ زَيْدٍ:
بَلْ أَلسِنوا لِي سَراةَ العَمّ أَنكمُ ... لسْتُمْ مِنَ المُلْكِ، والأَبدال أَغْمار
أَي أَبْلِغوا لِي وَعَنِّي. واللِّسْنُ: الْكَلَامُ واللُّغة. ولاسَنه: ناطَقه. ولَسَنه يَلْسُنه لَسْناً: كَانَ أَجودَ لِسَانًا مِنْهُ. ولَسَنه لَسْناً: أَخذه بِلِسَانِهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وإِذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها، ... إِنني لستُ بموْهُونٍ فَقِرْ
ولَسَنه أَيضاً: كَلَّمَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وذكَر امرأَةً فَقَالَ: إِن دَخَلَتْ عَلَيْكَ «1» . لَسَنتْكَ
أَي أَخذَتكَ بِلِسَانِهَا، يَصِفُهَا بالسَّلاطة وَكَثْرَةِ الْكَلَامِ والبَذَاءِ. واللَّسَنُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْفَصَاحَةُ. وَقَدْ لَسِنَ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ لَسِنٌ وأَلسَنُ، وَقَوْمٌ لُسْنٌ. واللَّسنُ: جَوْدَة اللِّسَانِ وسَلاطَتُه، لَسِنَ لسَناً فَهُوَ لَسِنٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا
؛ أَي مُصَدِّقٌ لِلتَّوْرَاةِ، وَعَرَبِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى مُصَدِّقٌ عَرَبِيًّا، وذكَرَ لِسَانًا تَوْكِيدًا كَمَا تَقُولُ جَاءَنِي زَيْدٌ رَجُلًا صَالِحًا، وَيَجُوزُ أَن يكون لساناً مفعولًا بمصدق، الْمَعْنَى مُصَدِّقٌ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي مُصَدِّقٌ ذَا لِسَانٍ عَرَبِيٍّ. واللَّسِنُ والمُلَسَّنُ: مَا جُعِلَ طَرَفُه كَطَرَفِ اللِّسَانِ. ولَسَّنَ النعلَ: خَرَط صدرَها ودَقَّقها
__________
(1) . قوله [إن دخلت عليك إلخ] هكذا في الأصل، والذي في النهاية: إن دخلت عليها لسنتك، وفي هامشها: وإن غبت عنها لم تأمنها

(13/386)


مِنْ أَعلاها. وَنَعْلٌ مُلسَّنة إِذا جُعلَ طَرفُ مُقَدَّمها كَطَرَفِ اللِّسَانِ. غَيْرُهُ: والمُلسَّنُ مِنَ النِّعال الَّذِي فِيهِ طُول ولَطافة عَلَى هَيْئَةِ اللِّسَانِ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
لَهُمْ أُزُرٌ حُمْرُ الْحَوَاشِي يَطَوْنَها، ... بأَقدامِهم، فِي الحَضرَميِّ المِلسَّنِ
وَكَذَلِكَ امرأَة مُلسَّنةُ القَدَمين. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن نَعْلَهُ كَانَتْ مُلسَّنة
أَي كَانَتْ دَقِيقَةً عَلَى شَكْلِ اللِّسَانِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جُعلَ لَهَا لسانٌ، ولسانُها الهَنَةُ النَّاتِئَةُ فِي مُقَدَّمها. ولسانُ الْقَوْمِ: الْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لِصَاحِبِ الحقِّ اليَدُ واللسانُ
؛ اليَدُ: اللُّزوم، واللسانُ: التَّقاضي. ولسانُ الْمِيزَانِ: عَذَبَتُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَقَدْ رأَيتُ لسانَ أَعْدلِ حاكمٍ ... يُقْضَى الصَّوابُ بِهِ، وَلَا يتَكَلَّمُ
يَعْنِي بأَعدلِ حَاكِمٍ الْمِيزَانَ. ولسانُ النَّارِ: مَا يتشَكلُ مِنْهَا عَلَى شَكْلِ اللِّسَانِ. وأَلسَنه فَصيلًا: أَعاره إِياه ليُلْقيه عَلَى نَاقَتِهِ فتَدِرَّ عَلَيْهِ، فإِذا دَرَّتْ حَلَبَهَا فكأَنه أَعاره لسانَ فَصيله؛ وتَلسَّنَ الفَصيلَ: فعَلَ بِهِ ذَلِكَ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد ابْنُ أَحمر يَصِفُ بَكْراً صَغِيرًا أَعطاه بَعْضُهُمْ فِي حَمالة فَلَمْ يَرْضَه:
تَلسَّنَ أَهْلُهُ رُبَعاً عَلَيْهِ ... رِماثاً، تحتَ مِقْلاةٍ نَيُوبِ «2»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ يَعْقُوبُ هَذَا مَعْنًى غَرِيبٌ قلَّ مَنْ يَعْرِفُهُ. ابْنُ الأَعرابي: الخَلِيَّةُ مِنَ الإِبل يُقَالُ لَهَا المُتلسِّنة، قَالَ: والخَلِيَّة أَن تَلِدَ الناقةُ فيُنْحَرَ ولدُها عَمْداً لِيَدُومَ لَبَنُهَا وتُسْتَدَرَّ بحُوَارِ غَيْرِهَا، فإِذا أَدَرَّها الحُوارُ نَحَّوْه عَنْهَا واحْتَلبوها، وَرُبَّمَا خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أَو أَربعاً عَلَى حُوارٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ التَّلسُّن. وَيُقَالُ: لَسَنتُ اللّيفَ إِذا مَشَنتَه ثُمَّ جَعَلْتَهُ فتائلَ مُهَيَّأَةً للفَتْل، وَيُسَمَّى ذَلِكَ التَّلسِينَ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَلْسُونُ الْكَذَّابُ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرفه. وتَلسَّنَ عَلَيْهِ: كذَبَ. وَرَجُلٌ مَلسون: حُلْوُ اللسانِ بعيدُ الفِعال. ولسانُ الحمَل ولسانُ الثَّوْر: نَبَاتٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِاللِّسَانِ. واللُّسَّانُ: عُشْبة مِنَ الجَنْبةِ، لَهَا وَرَقٌ متفَرِّشٌ أَخشنُ كأَنه الْمِسَاحِيُّ كخُشونة لسانِ الثَّوْرِ، يَسْمُو مِنْ وَسَطِهَا قضيبٌ كَالذِّرَاعِ طُولًا فِي رأْسه نَوْرة كَحْلاءُ، وَهِيَ دَوَاءٌ مِنْ أَوجاع اللسانِ أَلسِنةِ النَّاسِ وأَلسِنة الإِبل، والمِلْسَنُ: حجرٌ يَجْعَلُونَهُ فِي أَعلى بابِ بيتٍ، يَبْنونه مِنْ حِجَارَةٍ وَيَجْعَلُونَ لُحْمَةَ السَّبُع فِي مُؤخَّره، فإِذا دَخَلَ السَّبُعُ فَتَنَاوَلَ اللُّحمة سَقَطَ الْحَجْرُ عَلَى الْبَابِ فسَدَّه.
لطن: اللَّاطُونُ: الأَصْفَرُ مِنَ الصُّفْر.
لعن: أَبيتَ اللَّعْنَ: كلمةٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُحَيِّي بِهَا مُلوكها فِي الْجَاهِلِيَّةِ، تَقُولُ للملِك: أَبَيْتَ اللَّعْنَ؛ مَعْنَاهُ أَبيْتَ أَيُّها الملِك أَن تأْتي مَا تُلْعَنُ عَلَيْهِ. واللَّعْنُ: الإِبْعادُ والطَّرْد مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: الطَّرْد والإِبعادُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنَ الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء، واللَّعْنةُ الِاسْمُ، وَالْجَمْعُ لِعانٌ ولَعَناتٌ. ولَعَنه يَلْعَنه لَعْناً: طَرَدَه وأَبعده. وَرَجُلٌ لَعِينٌ ومَلْعُونٌ، وَالْجُمَعُ مَلاعِين؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: إِنما أَذكُرُ «3» . مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ مِثْلِ هَذَا أَن يُجْمَع بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الْمُذَكَّرِ، وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ، لَكِنَّهُمْ كَسَّرُوه تَشْبِيهًا بِمَا جَاءَ من الأَسماء
__________
(2) . قوله [ربعاً] كذا في الأصل والمحكم، والذي في التكملة: عاماً، قال: والرماث جمع رمثة بالضم وهي البقية تبقى فِي الضَّرْعِ مِنَ اللَّبَنِ
(3) . قوله [قال إنما أذكر إلخ] القائل هو ابن سيدة وعبارته عَنْ سِيبَوَيْهِ: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ إِنَّمَا إلخ

(13/387)


عَلَى هَذَا الْوَزْنِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ
؛ أَي أَبعَدهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّاعِنُونَ كلُّ شَيْءٍ فِي الأَرض إِلا الثَّقَلَيْن، وَيُرْوَى
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: اللَّاعِنون الِاثْنَانِ إِذا تَلاعَنَا لَحِقَتِ اللعْنة بمُسْتَحِقها مِنْهُمَا، فإِن لَمْ يَسْتَحقها واحدٌ رَجَعت عَلَى الْيَهُودِ
، وَقِيلَ: اللَّاعِنُون كلُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ مِنَ الإِنس وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ. واللِّعَانُ والمُلاعَنة: اللَّعْنُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا. واللُّعَنة: الْكَثِيرُ اللَّعْن لِلنَّاسِ. واللُّعْنة: الَّذِي لَا يَزَالُ يُلْعَنُ لشَرارته، والأَوّل فَاعِلٌ، وَهُوَ اللُّعَنة، وَالثَّانِي مَفْعُولٌ، وَهُوَ اللُّعْنة، وَجَمْعُهُ اللُّعَن؛ قَالَ:
والضَّيْفَ أَكْرِمْه، فإِنَّ مَبِيتَه ... حَقٌّ، وَلَا تَكُ لُعْنَةً للنُّزَّلِ
وَيَطَّرِدُ عَلَيْهِمَا بَابٌ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَكُ لُعْنةً عَلَى أَهل بَيْتِكَ أَي لَا يُسَبَّنَّ أَهل بَيْتِكَ بِسَبَبِكَ. وامرأَة لَعِين، بِغَيْرِ هَاءٍ، فإِذا لَمْ تُذْكَرِ الْمَوْصُوفَةُ فَبِالْهَاءِ. واللَّعِين: الَّذِي يَلْعَنه كُلُّ أَحد. قَالَ الأَزهري: اللَّعِينُ المَشْتُوم المُسَبَّبُ، واللَّعِينُ: المَطْرود؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
ذَعَرْتُ بِهِ القَطَا، ونَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقامَ الذئبِ، كالرَّجُلِ اللَّعينِ
أَراد مَقَامَ الذِّئْبِ اللَّعِين الطَّرِيد كَالرَّجُلِ؛ وَيُقَالُ: أَراد مَقَامَ الَّذِي هُوَ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ، وَهُوَ المَنْفِيّ، وَالرَّجُلُ اللَّعِينُ لَا يَزَالُ مُنْتَبِذاً عَنِ النَّاسِ، شبَّه الذئبَ بِهِ. وكلُّ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَدْ أَبعده عَنْ رَحْمَتِهِ وَاسْتَحَقَّ العذابَ فَصَارَ هَالِكًا. واللَّعْنُ: التَّعْذِيبُ، وَمَنْ أَبعده اللَّهُ لَمْ تَلْحَقْهُ رَحْمَتُهُ وخُلِّدَ فِي الْعَذَابِ. واللعينُ: الشَّيْطَانُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ لأَنه طُرِدَ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: لأَنه أُبْعِدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. واللَّعْنَة: الدُّعَاءُ عَلَيْهِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَصابته لَعْنَةٌ مِنَ السَّمَاءِ ولُعْنَةٌ. والْتَعَنَ الرجلُ: أَنصف فِي الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ. وَرَجُلٌ مُلَعَّنٌ إِذا كَانَ يُلْعَنُ كَثِيرًا. قَالَ اللَّيْثُ: المُلَعَّنُ المُعَذَّبُ؛ وَبَيْتُ زُهَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَ اللَّيْثُ:
ومُرَهَّقُ الضِّيفانِ، يُحْمَدُ فِي ... اللأْواءٍ، غيرُ مَلَعَّن القِدْرِ
أَراد: أَن قِدْرَهُ لَا تُلْعن لأَنه يُكْثِرُ لَحْمَهَا وَشَحْمَهَا. وتَلاعَنَ القومُ: لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. ولاعَنَ امرأَته فِي الحُكم مُلاعنة ولِعاناً، ولاعَنَ الحاكمُ بَيْنَهُمَا لِعاناً: حَكَمَ. والمُلاعَنَة بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذا قَذَفَ الرجلُ امرأَته أَو رَمَاهَا بِرَجُلٍ أَنه زَنَى بِهَا، فالإِمام يُلاعِنُ بَيْنَهُمَا ويبدأُ بِالرَّجُلِ ويَقِفُه حَتَّى يَقُولَ: أَشهد بِاللَّهِ أَنها زَنَتْ بِفُلَانٍ، وإِنه لَصَادِقٌ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ، فإِذا قَالَ ذَلِكَ أَربع مَرَّاتٍ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ: وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ، ثُمَّ تُقامُ المرأَة فَتَقُولُ أَيضاً أَربع مَرَّاتٍ: أَشهد بِاللَّهِ أَنه لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا، ثُمَّ تَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: وعليَّ غَضَبُ اللَّهِ إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ؛ فإِذا فَرَغَتْ مِنْ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبداً، وإِن كَانَتْ حَامِلًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ وَلَدُهَا وَلَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ، لأَن السُّنَّة نَفته عَنْهُ، سُمِّيَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِعاناً لِقَوْلِ الزَّوْجِ: عَلَيْهِ لَعْنة اللَّهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَقَوْلُ المرأَة: عَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ؛ وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ لِلزَّوْجَيْنِ إِذا فَعَلَا ذَلِكَ: قَدْ تَلاعنا ولاعَنا والْتَعنا، وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ لِلزَّوْجِ: قَدِ الْتَعَنَ وَلَمْ تَلْتَعِنِ المرأَةُ، وَقَدِ الْتَعَنتْ هِيَ وَلَمْ يَلْتَعِنِ الزوجُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فالْتَعَنَ هُوَ
، افْتَعَلَ مِنَ اللَّعْن، أَي لَعَنَ نَفْسَهُ. والتَّلاعُنُ: كالتَّشاتُم فِي اللَّفْظِ، غَيْرَ أَن التَّشَاتُمَ يُسْتَعْمَلُ فِي وُقُوعِ فعل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

(13/388)


بِصَاحِبِهِ، والتَّلاعُن رُبَّمَا اسْتُعْمِلَ فِي فِعْلِ أَحدهما. والتَّلاعُن: أَن يَقَعَ فِعْلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ. واللَّعْنَة فِي الْقُرْآنِ: العذابُ. ولَعَنه اللَّهُ يَلْعَنه لَعْناً: عَذَّبَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي شَجَرَةَ الزَّقُّوم، قِيلَ: أَراد المَلْعُون آكلُها. واللَّعِينُ: المَمْسُوخ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اللَّعْنُ المَسْخُ أَيضاً. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ
، أَي نَمْسَخَهم. قَالَ: واللَّعينُ المُخْزَى المُهْلَك. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ فُلَانٌ يَتلاعَنُ عَلَيْنَا إِذا كَانَ يتَماجَنُ وَلَا يَرْتَدِعُ عَنْ سَوْءٍ وَيَفْعَلُ مَا يستحِقّ بِهِ اللَّعْنَ. والمُلاعَنة واللِّعانُ: المُباهَلَةُ. والمَلاعِنُ: مَوَاضِعُ التَّبَرُّز وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ. والمَلْعَنة: قَارِعَةُ الطَّرِيقِ ومَنْزِل النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبْلَ
؛ المَلاعِنُ: جَوَادُّ الطَّرِيقِ وظِلالُ الشَّجَرِ ينزِلُها الناسُ، نَهَى أَن يُتَغوَّطَ تَحْتَهَا فتتَأَذَّى السَّابِلَةُ بأَقذارها ويَلْعَنُون مَنْ جَلَسَ لِلْغَائِطِ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
اتَّقُوا المَلاعِنَ الثلاثَ
؛ قَالَ: هِيَ جَمْعُ مَلْعَنة، وَهِيَ الفَعْلة الَّتِي يُلْعَنُ بِهَا فَاعِلُهَا كأَنها مَظِنَّة للَّعْنِ ومحلٌّ لَهُ، وَهُوَ أَن يتَغوَّط الإِنسان عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَو ظِلِّ الشَّجَرَةِ أَو جَانِبِ النَّهْرِ، فإِذا مَرَّ بِهَا النَّاسُ لَعَنُوا فَاعِلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا اللَّاعِنَيْن
أَي الأَمرين الْجَالِبَيْنِ اللَّعْنَ الباعِثَيْن للناسِ عَلَيْهِ، فإِنه سَبَبٌ لِلَعْنِ مَنْ فَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَلَيْسَ ذَا فِي كُلِّ ظلٍّ، وإِنما هُوَ الظِّلُّ الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِهِ النَّاسُ وَيَتَّخِذُونَهُ مَقِيلًا ومُناخاً، واللاعِن اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ لَعَنَ، فَسُمِّيَتْ هَذِهِ الأَماكنُ لاعِنةً لأَنها سَبَبُ اللَّعْن. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثلاثٌ لَعِيناتٌ
؛ اللَّعِينة: اسْمُ المَلْعون كالرَّهِينة فِي المَرْهُون، أَو هِيَ بِمَعْنَى اللَّعْن كالشَّتِيمةِ مِنَ الشَّتْم، وَلَا بُدَّ عَلَى هَذَا الثَّانِي مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ. وَمِنْهُ حديثُ
المرأَة الَّتِي لَعَنَتْ ناقَتها فِي السَّفَرِ فَقَالَ: ضَعُوا عَنْهَا فإِنها مَلْعُونة
؛ قِيلَ؛ إِنما فَعَلَ ذَلِكَ لأَنه اسْتُجِيبَ دعاؤُها فِيهَا، وَقِيلَ: فعَلهُ عُقوبةً لِصَاحِبَتِهَا لِئَلَّا تَعُودَ إِلى مِثْلِهَا وَلِيَعْتَبِرَ بِهَا غَيْرُهَا. واللَّعِينُ: مَا يُتخذ فِي الْمَزَارِعِ كَهَيْئَةِ الرَّجُلِ أَو الْخَيَالِ تُذْعَرُ بِهِ السباعُ وَالطُّيُورُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالرَّجُلُ اللَّعِينُ شَيْءٌ يُنْصَبُ وسَطَ الزَّرْعِ تُسْتَطْرَدُ بِهِ الْوُحُوشُ، وأَنشد بَيْتَ الشَّمَّاخِ: كَالرَّجُلِ اللَّعِين؛ قَالَ شَمِرٌ: أَقْرَأَنا ابنُ الأَعرابي لِعَنْتَرَةَ:
هَلْ تُبْلِغَنِّي دارَها شَدَنِيَّةٌ، ... لُعِنَتْ بمحرومِ الشَّرابِ مُصرَّمِ
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: سُبَّتْ بِذَلِكَ فَقِيلَ أَخزاها اللَّهُ فَمَا لَهَا دَرٌّ وَلَا بِهَا لَبَنٌ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عَدْنَانَ عَنِ الأَصمعي: لُعِنَتْ لِمَحْرُومِ الشَّرَابِ، وَقَالَ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لِمَحْرُومِ الشَّرَابِ أَي قُذِفَت بِضَرْعٍ لَا لَبَنَ فِيهِ مُصَرَّم. واللَّعِينُ المِنْقَرِيّ «1» : مِنْ فُرسانهم وشُعرائهم.
لغن: اللُّغْنُ: الوَتَرة الَّتِي عِنْدَ بَاطِنِ الأُذن إِذا اسْتَقاءَ الإِنسانُ تَمَدَّدَتْ، وَقِيلَ: هِيَ نَاحِيَةٌ مِنَ اللَّهاةِ مُشْرِفَة عَلَى الحَلْق، وَالْجَمْعُ أَلغانٌ، وَهُوَ اللُّغْنُون. أَبو عُبَيْدٍ: النَّغانِغ لَحمات تَكُونُ عِنْدَ اللَّهَوات، وَاحِدُهَا نُغْنُغ، وَهِيَ اللَّغانينُ، وَاحِدُهَا لُغْنُون، واللَّغانِين: لحم بين النُّكْفَتين واللسانِ مِنْ بَاطِنُ، وَيُقَالُ لَهَا مِنْ ظاهرٍ لَغادِيدُ ووَدَجٌ ولُغْنُونٌ. وَيُقَالُ: جِئتَ بلُغْنِ غَيْرَكَ إِذا أَنكَرتَ مَا تَكلَّمَ بِهِ مِنَ اللُّغَةِ. وَفِي بَعْضِ الأَخبار:
إِنك لتتَكَلَّمُ
__________
(1) . قوله [واللعين المنقري إلخ] اسمه منازل بضم الميم وكسر الزاي ابن زمعة محركاً وكنيته أبو الأكيدر انتهى. تكملة

(13/389)


بلُغْنِ ضالٍّ مُضِلٍّ.
وَفِي الْحَدِيثِ «1» :
أَن رَجُلًا قَالَ لِفُلَانٍ إِنك لتُفْتي بلُغْنِ ضالٍّ مُضِلٍ
؛ اللُّغْنُ: مَا تعَلَّقَ مِنْ لَحْمِ اللَّحْيَيْن، وَجَمْعُهُ لَغانينُ كلُغْدٍ ولَغاديد. وأَرض مُلْغَانَّة، والْغِينانُها كَثْرَةُ كَلَئِها. واللُّغْنُون أَيضاً: الخَيْشُوم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغانَّ النَّبتُ: طَالَ والتَفَّ، فَهُوَ مُلْغانٌّ. ولَغَنَّ: لُغَةٌ فِي لَعَلَّ، وَبَعْضُ بَنِي تَمِيمٍ يَقُولُ: لَغَنَّكَ بِمَعْنَى لَعَلَّك؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
قِفَا يَا صاحِبَيَّ بِنَا لَغَنَّا ... نرَى العَرَصاتِ، أَو أَثرَ الخِيامِ «2»
. واللُّغْنُونُ: لُغَةٌ فِي اللُّغْدُودِ، والجمع اللَّغانين.
لغثن: التَّهْذِيبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: اللَّغاثينُ الخَياشِيمُ، وَاحِدُهَا لُغْثون، قَالَ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ.
لقن: اللَّقْنُ: مَصْدَرُ لَقِنَ الشيءَ يَلْقَنُه لَقْناً، وَكَذَلِكَ الكلامَ، وتَلَقَّنه: فَهِمه. ولَقَّنَه إِياه: فَهَّمه. وتَلَقَّنته: أَخذته لَقانِيَةً. وَقَدْ لَقَّنَني فلانٌ كَلَامًا تَلْقِيناً أَي فهَّمَني مِنْهُ مَا لَمْ أَفْهَم. والتَّلْقِين: كالتَّفْهِيم. وغلامٌ لَقِنٌ: سريعُ الْفَهْمِ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
ويَبيتُ عِنْدَهُمَا عبدُ اللَّهِ بْنُ أَبي بَكْرٍ وَهُوَ شابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ
أَي فَهِمٌ حسَنُ التَّلْقِين لِمَا يسْمَعه. وَفِي حَدِيثِ الأُخْدُود:
انْظُرُوا لِي غُلَامًا فَطِناً لَقِناً.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِنَّ هَاهُنَا عِلْماً، وأَشار إِلى صَدْرِهِ، لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً بَلَى أُصِيبُ لَقِناً غَيْرَ مأْمون
أَي فَهِماً غيرَ ثِقَةٍ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ:
بَلى أَجد لَقِناً غَيْرَ مأْمون يَسْتَعْمِلُ آلةَ الدِّينِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا
، وَالِاسْمُ اللَّقانَةُ واللَّقانِيَة. اللِّحْيَانِيُّ: اللَّقانة واللَّقانية واللَّحَانة واللَّحانية والتَّبانة والتَّبانيَة والطَّبانة والطبَّانية مَعْنَى هَذِهِ الْحُرُوفِ وَاحِدٌ. واللَّقَنُ: إِعرابُ لَكَنٍ شِبْه طَسْتٍ من صُفْر. ومَلْقَنٌ: موضع.
لكن: اللُّكْنَة: عُجْمة فِي اللِّسَانِ وعِيٌّ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَلْكَنُ بيِّنُ اللَّكَن. ابْنُ سِيدَهْ: الأَلْكَنُ الَّذِي لَا يُقِيمُ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ عُجْمَةٍ فِي لِسَانِهِ، لَكِنَ لَكَناً ولُكْنَة ولُكُونة. وَيُقَالُ: بِهِ لُكْنة شَدِيدَةٌ ولُكُونةٌ ولُكْنُونة. ولُكانٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَلَا لُكانٌ إِلى وَادِي الغِمارِ، وَلَا ... شَرْقيُّ سَلمى،. وَلَا فيْدٌ وَلَا رِهَمُ «3»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ، وخطَّأَ مَنْ رَوَى فالآلُكانُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الطُّوسيِّ أَيضاً. المُبرّد: الُّكْنَةُ أَن تَعْترِضَ عَلَى كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ اللغةُ الأَعجمية. يُقَالُ: فُلَانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنَةً رُومِيَّةً أَو حَبَشِيَّةً أَو سِنْدِية أَو مَا كَانَتْ مِنْ لُغَاتِ الْعَجَمِ. الْفَرَّاءُ: لِلْعَرَبِ فِي لَكِنَّ لُغَتَانِ: بِتَشْدِيدِ النُّونِ مَفْتُوحَةً، وَإِسْكَانِهَا خَفِيفَةً، فَمَنْ شدَّدها نَصَبَ بِهَا الأَسماء وَلَمْ يَلِها فَعَل وَلَا يَفْعَلُ، وَمَنْ خَفَّفَ نُونَهَا وأَسكنها لَمْ يُعْمِلْهَا فِي شَيْءٍ اسْمٍ وَلَا فِعْلٍ، وَكَانَ الَّذِي يَعْمَلُ فِي الِاسْمِ الَّذِي بَعْدَهَا مَا مَعَهُ مِمَّا يَنْصِبُهُ أَو يَرْفَعُهُ أَو يَخْفِضُهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
، وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى،
وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا
؛
__________
(1) . قوله [وفي الحديث إلخ] عبارة التكملة: وفي الأحاديث التي لا طرق لها أن إلخ انتهى. ولغن ضال فيها بالإِضافة لكن في نسختين من النهاية تنوين لغن
(2) . قوله [قفا يا صاحبي إلخ] مثله في الصحاح، قال الصاغاني الرواية:
ألستم عائدين بنا لغنا
وزاد: اللغن بفتح فسكون شرّة الشباب
(3) . قوله [إلى وادي الغمار] كذا بالأَصل ونسخة من المحكم، والذي في ياقوت: ولا وادي الغمار. وقوله [ولا رهم] الذي في ياقوت: ولا رمم، وضبطه كعنب وسبب: اسم موضع، ولم نجد رهم بالهاء اسم موضع

(13/390)


رُفِعَتْ هَذِهِ الأَحرفُ بالأَفاعيل الَّتِي بَعْدَهَا، وأَما قَوْلُهُ: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ
؛ فَإِنَّكَ أَضمرت كَانَ بَعْدَ وَلَكِنْ فَنُصِبَتْ بِهَا، وَلَوْ رَفَعْتَهُ عَلَى أَن تُضْمِرَ هُوَ فَتُرِيدُ وَلَكِنْ هُوَ رسولُ اللَّهِ كَانَ صُوَابًا؛ وَمِثْلُهُ: وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ
، وتصديقَ، فَإِذَا أُلقِيَت مِنْ لَكِنِ الواوُ الَّتِي فِي أَولها آثَرَتِ الْعَرَبُ تَخْفِيفَ نُونِهَا، وَإِذَا أَدخلوا الْوَاوَ آثَرُوا تَشْدِيدَهَا، وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لأَنها رُجُوعٌ عَمَّا أَصابَ أَول الْكَلَامِ، فَشُبِّهَتْ بِبَلْ إِذْ كَانَتْ رُجُوعًا مِثْلَهَا، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ لَمْ يَقُمْ أَخوك بَلْ أَبوك، ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَقُمْ أَخوك لَكِنْ أَبوك فَتَرَاهُمَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْوَاوُ لَا تَصْلُحُ فِي بَلْ، فَإِذَا قَالُوا وَلَكِنْ فأَدخلوا الْوَاوَ تَبَاعَدَتْ مِنْ بَلْ إِذْ لَمْ تَصْلُحْ فِي بَلِ الْوَاوُ، فَآثَرُوا فِيهَا تَشْدِيدَ النُّونِ، وَجَعَلُوا الْوَاوَ كأَنها دَخَلَتْ لِعَطْفٍ لَا بِمَعْنَى بَلْ، وَإِنَّمَا نَصَبَتِ الْعَرَبُ بِهَا إِذَا شُدِّدَتْ نُونُهَا لأَن أَصلها إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَائِمٌ، زِيدَتْ عَلَى إنَّ لَامٌ وَكَافٌ فَصَارَتَا جَمِيعًا حَرْفًا وَاحِدًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَعْضُ النَّحَوِييِّنَ يَقُولُ أَصله إِنَّ وَاللَّامُ وَالْكَافُ زَوَائِدُ، قَالَ: يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَن الْعَرَبَ تُدْخِلُ اللَّامَ فِي خَبَرِهَا؛ وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
ولَكِنَّني مِنْ حُبِّها لَعَمِيدُ
فَلَمْ يُدْخِلِ اللَّامَ إِلَّا أَن مَعْنَاهَا إنَّ، وَلَا تَجُوزُ الإِمالة فِي لَكِنْ وَصُورَةُ اللَّفْظِ بها لاكنّ، وَكُتِبَتْ فِي الْمَصَاحِفِ بِغَيْرِ أَلف وأَلفها غَيْرُ مُمَالَةٍ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: حَرْفَانِ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَقَعَانِ أَكثر مَا يَقَعَانِ إِلَّا مَعَ الْجَحْدِ وَهُمَا بَلْ وَلَكِنْ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُهُمَا مِثْلَ وَاوِ النَّسَقِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَلَكِنْ وَلَكِنَّ حَرْفٌ يُثْبَتُ بِهِ بَعْدَ النَّفْيِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ فِي أَلف لَكِنَّ ولكنْ أَن يَكُونَا أَصلين لأَن الْكَلِمَةَ حَرْفَانِ وَلَا يَنْبَغِي أَن تُوجَدَ الزِّيَادَةُ فِي الْحُرُوفِ، قَالَ: فَإِنْ سَمَّيْتَ بِهِمَا. وَنَقَلْتَهُمَا إِلَى حُكْمِ الأَسماء حَكَمْتَ بِزِيَادَةِ الأَلف، وَكَانَ وَزْنُ الْمُثَقَّلَةِ فاعِلًّا وَوَزْنُ الْمُخَفَّفَةِ فاعِلًا، وأَما قِرَاءَتُهُمْ: لكنَّا هو اللهُ هو رَبِّي فأَصلها لَكِنْ أَنا، فَلَمَّا حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ لِلتَّخْفِيفِ وأُلقيت حَرَكَتُهَا عَلَى نُونِ لَكِنْ صَارَ التَّقْدِيرُ لَكِنَّنَا، فَلَمَّا اجْتَمَعَ حَرْفَانِ مِثْلَانِ كُرِهَ ذَلِكَ، كَمَا كُرِهَ شَدَدَ وَجَلَلَ، فأَسكنوا النُّونَ الأُولى وأَدغموها فِي الثَّانِيَةِ فَصَارَتْ لكنَّا، كَمَا أَسكنوا الْحَرْفَ الأَول مِنْ شَدَدَ وَجَلَلَ فأَدغموه فِي الثَّانِي فَقَالُوا جَلَّ وشَدَّ، فاعْتَدُّوا بِالْحَرَكَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي
، يُقَالُ: أَصله لكنْ أَنا، فَحُذِفَتِ الأَلف فَالْتَقَتْ نُونَانِ فَجَاءَ التَّشْدِيدُ لِذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ:
ولَسْتُ بِآتِيهِ وَلَا أَسْتَطِيعُه، ... ولاكِ اسْقِني إِنْ كَانَ ماؤُكَ ذَا فَضْلِ
إِنَّمَا أَراد: وَلَكِنِ اسْقِنِي، فَحُذِفَتِ النُّونُ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ قَبِيحٌ، وَشَبَّهَهَا بِمَا يُحْذَفُ مِنْ حُرُوفُ اللِّينِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لِلْمُشَاكَلَةِ الَّتِي بَيْنَ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَحَرْفِ الْعِلَّةِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: حَذْفُ النُّونِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ البَتَّةَ؛ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَقبح مِنْ حَذْفَ نُونِ مِنْ فِي قوله:
غيرُ الَّذِي قَدْ يقالُ مِ الكَذِبِ
مِنْ قِبَلِ أَن أَصل لَكِنِ الْمُخَفَّفَةِ لَكِنَّ الْمُشَدَّدَةَ، فَحُذِفَتْ إِحْدَى النُّونَيْنِ تَخْفِيفًا، فَإِذَا ذَهَبْتَ تَحْذِفُ النُّونَ الثَّانِيَةَ أَيضاً أَجحفت بِالْكَلِمَةِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَكِنْ، خَفِيفَةً وَثَقِيلَةً، حرفُ عَطْفٍ لِلِاسْتِدْرَاكِ وَالتَّحْقِيقِ يُوجَبُ بِهَا بَعْدَ نَفْيٍ، إِلَّا أَن الثَّقِيلَةَ تَعْمَلُ عَمَلَ إِنَّ تَنْصِبُ الإِسم وَتَرْفَعُ الْخَبَرَ، وَيُسْتَدْرَكُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ والإِيجاب، تَقُولُ: مَا جَاءَنِي زَيْدٌ لكنَّ عَمْرًا قَدْ جَاءَ، وَمَا تَكَلَّمَ زيدٌ لكنَّ عَمْرًا قَدْ تَكَلَّمَ، وَالْخَفِيفَةُ لَا تَعْمَلُ لأَنها

(13/391)


تَقَعُ عَلَى الأَسماء، والأَفعال، وَتَقَعُ أَيضاً بَعْدَ النَّفْيِ إِذَا ابتدأَت بِمَا بَعْدَهَا، تَقُولُ: جَاءَنِي الْقَوْمُ لَكِنْ عَمْرٌو لَمْ يَجِئْ، فَتَرْفَعُ وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ لَكِنْ عَمْرٌو وَتَسْكُتَ حَتَّى تَأْتِيَ بِجُمْلَةٍ تَامَّةٍ، فأَما إِنْ كَانَتْ عَاطِفَةً اسْمًا مُفْرَدًا عَلَى اسْمٍ لَمْ يَجُزْ أَن تَقَعَ إِلَّا بَعْدَ نَفْيٍ، وتُلْزِم الثَّانِيَ مِثْلَ إِعْرَابِ الأَول، تَقُولُ: مَا رأَيتُ زَيْدًا لكنْ عَمْرًا، وَمَا جَاءَنِي زَيْدٌ لكنْ عمرو.
لن: لَنْ: حَرْفٌ نَاصِبٌ للأَفعال، وَهُوَ نَفْيٌ لِقَوْلِكَ سَيَفْعَلُ، وأَصلها عِنْدَ الْخَلِيلِ لَا أَنْ، فَكَثُرَ إِستعمالها فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا، فَالْتَقَتْ أَلف لَا وَنُونُ أَن، وَهُمَا سَاكِنَانِ، فَحُذِفَتِ الأَلف مِنْ لَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا، فَخُلِطَتِ اللَّامُ بِالنُّونِ وَصَارَ لَهُمَا بالإِمتزاج وَالتَّرْكِيبِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِمَا حُكْمٌ آخَرُ، يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: زَيْدًا لَنْ أَضرب، فَلَوْ كَانَ حُكْمُ لَنِ الْمَحْذُوفَةِ الْهَمْزَةِ مُبَقّىً بَعْدَ حَذْفِهَا وَتَرْكِيبِ النُّونِ مَعَ لَامٍ لَا قَبْلَهَا، كَمَا كَانَ قَبْلَ الْحَذْفِ وَالتَّرْكِيبِ، لَمَا جَازَ لِزَيْدٍ أَن يَتَقَدَّمَ عَلَى أَن، لأَنه كَانَ يَكُونُ فِي التَّقْدِيرِ مِنْ صِلَةِ أَن الْمَحْذُوفَةِ الْهَمْزَةِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ صِلَتِهَا لَمَا جَازَ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ، فَهَذَا يُدُلُّكَ أَن الشَّيْئَيْنِ إِذَا خُلِطا حدَثَ لَهُمَا حكمٌ وَمَعْنًى لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قَبْلَ أَن يتمزجا، أَلا تَرَى أَن لَوْلَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ لَوْ وَلَا، وَمَعْنَى لَوِ امْتِنَاعِ الشَّيْءِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ، وَمَعْنَى لَا النَّفْيُ وَالنَّهْيُ، فَلَمَّا رُكِّبَا مَعًا حَدَثَ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ امْتِنَاعُ الشَّيْءِ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ؟ فَهَذَا فِي أَن بِمَنْزِلَةِ قَوْلِنَا كأَنَّ، وَمُصَحِّحٌ لَهُ ومُؤَنَّسٌ بِهِ ورادٌّ عَلَى سِيبَوَيْهِ مَا أَلزمه الْخَلِيلُ مِنْ أَنه لَوْ كَانَ الأَصل لَا أَن لَمَا جَازَ زَيْدًا لَنْ أَضرب، لِامْتِنَاعِ جَوَازِ تَقَدُّمِ الصِّلَةِ عَلَى الْمَوْصُولِ، وحِجاج الْخَلِيلِ فِي هَذَا مَا قَدَّمنا ذِكْرَهُ لأَن الْحَرْفَيْنِ حَدَثَ لَهُمَا بِالتَّرْكِيبِ نحوٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَعَ الِانْفِرَادِ. الْجَوْهَرِيُّ: لَنْ حَرْفٌ لِنَفْيِ الِاسْتِقْبَالِ، وَتَنْصِبُ بِهِ تَقُولُ: لَنْ يَقُومَ زَيْدٌ. التَّهْذِيبُ: قَالَ النَّحْوِيُّونَ لَنْ تَنْصِبَ الْمُسْتَقْبَلَ، وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ نَصْبِهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ أَبو إسحق النَّحْوِيُّ: رُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنها نَصَبَتْ كَمَا نَصَبَتْ أَن وَلَيْسَ مَا بَعْدَهَا بِصِلَةٍ لَهَا لأَن لَنْ تَفْعَلَ نَفْيُ سَيَفْعَلُ فَيُقَدَّمُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا نَحْوَ قَوْلِكَ زَيْدًا لَنْ أَضرب كَمَا تَقُولُ زَيْدًا لَمْ أَضرب، وَرَوَى سِيبَوَيْهِ عَنْ بَعْضِ أَصحاب الْخَلِيلِ أَنه قَالَ الأَصل فِي لَنْ لَا أَن، وَلَكِنَّ الْحَذْفَ وَقَعَ اسْتِخْفَافًا، وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن هَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ زَيْدًا لَنْ أَضرب، وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ؛ وَحَكَى هِشَامٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي لَنْ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ الشَّاذِّ عَنِ الْخَلِيلِ وَلَمْ يأْخذ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَلَا أَصحابه. وَقَالَ اللَّيْثُ: زَعَمَ الْخَلِيلُ فِي لَنْ أَنه لَا أَن فوُصِلَتْ لِكَثْرَتِهَا فِي الْكَلَامِ، أَلا تَرَى أَنها تُشْبِهُ فِي الْمَعْنَى لَا وَلَكِنَّهَا أَوكد؟ تَقُولُ: لَنْ يُكْرِمَك زَيْدٌ، مَعْنَاهُ كأَنه كَانَ يَطْمَعُ فِي إِكْرَامِهِ فَنَفَيْتَ ذَلِكَ ووَكَّدْتَ النَّفْيَ بِلَنْ، فَكَانَتْ أَوجب مِنْ لَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَصل فِي لَنْ وَلَمْ لَا، فأَبدلوا مِنْ أَلف لَا نُونًا وَجَحَدُوا بِهَا الْمُسْتَقْبَلَ مِنَ الأَفعال وَنَصَبُوهُ بِهَا، وأَبدلوا مِنْ أَلف لَا مِيمًا وَجَحَدُوا بِهَا الْمُسْتَقْبَلَ الَّذِي تأْويله المُضِيُّ وَجَزَمُوهُ بِهَا. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَقَالَ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ، فلَنْ يُؤْمنوا، فأُبدلت الأَلف مِنَ النُّونِ الْخَفِيفَةِ؛ قَالَ: وَهَذَا خطأٌ، لأَن لَنْ فَرْعٌ لِلَا، إِذْ كَانَتْ لَا تَجْحَدُ الماضيَ والمستقبلَ وَالدَّائِمَ والأَسماءَ، وَلَنْ لَا تَجْحَدُ إِلَّا الْمُسْتَقْبَلَ وَحْدَهُ.
لهن: اللُّهْنة مَا تُهْدِيه لِلرَّجُلِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ. واللهْنة: السُّلْفَة وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَعَلَّل بِهِ قَبْلَ الْغَدَاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ مَا يتَعَلَّلُ بِهِ الإِنسانُ

(13/392)


قَبْلَ إِدْرَاكِ الطَّعَامِ؛ قَالَ عَطِيَّةُ الدُّبيريّ:
طَعامُها اللُّهنةُ أَو أَقلّ
وَقَدْ لَهَّنَهم ولَهَّنَ لَهُمْ وسَلَّفَ لَهُمْ. وَيُقَالُ: سَلَّفْتُ القومَ أَيضاً، وَقَدْ تَلَهَّنت تَلَهُّناً. الْجَوْهَرِيُّ: لَهَّنته تَلْهيناً فتَلَهَّنَ أَي سَلَّفْتُه. وَيُقَالُ: أَلْهَنْتُه إِذَا أَهْدَيْتَ لَهُ شَيْئًا عِنْدَ قدومه من سفر. وبنو لَهانٍ: حيٌّ «4» . وَهُمْ إِخْوَةُ هَمْدَان. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لَهِنَّك، بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، فَكَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ التَّوْكِيدِ، وأَصله لإِنَّك فأُبدلت الْهَمْزَةُ هَاءً كَمَا قَالُوا فِي إِيَّاكَ هِيّاك، وَإِنَّمَا جَازَ أَن يُجْمَعَ بَيْنَ اللَّامِ وإنَّ وَكِلَاهُمَا لِلتَّوْكِيدِ، لأَنه لَمَّا أُبدلت الْهَمْزَةُ هَاءً زَالَ لَفْظُ إِنَّ فَصَارَ كأَنه شَيْءٌ آخَرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيَّةٍ لَوَسِيمةٌ ... عَلَى كاذبٍ، مِنْ وعْدِها ضَوْءُ صادقِ
اللَّامُ الأُولى لِلتَّوْكِيدِ وَالثَّانِيَةُ لَامُ إِنَّ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
وَبِي مِنْ تَباريحِ الصَّبابة لَوْعةٌ ... قَتِيلةُ أَشواقي، وشَوْقي قَتيلُها
لَهِنِّكِ مِنْ عَبْسيَّةٍ لَوَسيمةٌ ... عَلَى هَنَواتٍ، كاذبٍ مَنْ يَقُولُها
وَقَالَ: أَراد لِلَّهِ إِنَّكَ مِنْ عَبْسِيَّة، فَحَذَفَ اللَّامَ الأُولى مِنْ لِلَّهِ والأَلف مِنْ إِنَّكَ؛ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
لاهِ ابنُ عَمِّكَ والنَّوَى تعْدُو
أَراد: للهِ ابنُ عَمِّكَ أَي وَاللَّهِ، والقولُ الأَول أَصح. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ لَهِنَّك فِي فَصْلِ لَهَنَ، وَلَيْسَ مِنْهُ لأَن اللَّامَ لَيْسَتْ بأَصل، وَإِنَّمَا هِيَ لَامُ الِابْتِدَاءِ وَالْهَاءُ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ إِنَّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِمَجِيئِهِ عَلَى مِثَالِهِ فِي اللَّفْظِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسلمة:
أَلا يَا سَنا بَرْقٍ عَلَى قُلَلِ الحِمَى، ... لَهِنَّك مِنْ بَرْقٍ عَلَيَّ كَريمُ
لمَعْتَ اقْتِذاءَ الطيرِ، والقوْمُ هُجَّعٌ، ... فهَيَّجْتَ أَسْقاماً وأَنتَ سَلِيمُ
واقْتِذاءُ الطائرِ: هُوَ أَن يَفْتَحَ عَيْنَيْهِ ثم يُغْمِضَهما إغْماضَةً.
لون: اللَّوْنُ: هيئةٌ كالسَّوَاد والحُمْرة، ولَوَّنْتُه فتَلَوَّنَ. ولَوْنُ كلِّ شَيْءٍ: مَا فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَلْوَان، وَقَدْ تَلَوَّنَ ولَوَّنَ ولَوَّنه. والأَلْوانُ: الضُّروبُ. واللَّوْنُ: النَّوْعُ. وَفُلَانٌ مُتَلَوِّنٌ إِذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَى خُلُقٍ وَاحِدٍ. واللَّوْنُ: الدَّقَلُ، وَهُوَ ضَرْب مِنَ النَّخْلِ؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ جَمَاعَةٌ وَاحِدَتُهَا لِينَة، وَلَكِنْ لَمَّا انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ
، قَالَ: وتمرُها سَمِينُ العَجْوة. ابْنُ سِيدَهْ: الأَلْوانُ الدَّقَلُ، وَاحِدُهَا لَوْنٌ، واللِّينَةُ واللُّونَة: كُلُّ ضربٍ مِنَ النَّخْلِ مَا لَمْ يَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنيّاً. قَالَ الْفَرَّاءُ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ النَّخْلِ سِوَى الْعَجْوَةِ فَهُوَ مِنَ الليِّنِ، وَاحِدَتُهُ لِينَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الأَلْوانُ، الْوَاحِدَةُ لُونَة فَقِيلَ لِينَةٌ، بِالْيَاءِ، لِانْكِسَارِ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ لِينٌ ولُونٌ ولِيَانٌ؛ قَالَ:
تَسْأَلُني اللِّينَ وهَمِّي فِي اللِّينْ، ... واللِّينُ لَا يَنْبُتُ إلَّا فِي الطينْ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وسالفةٍ، كسَحوقِ اللِّيَانِ، ... أَضْرَمَ فِيهَا الغَوِيُّ السُّعُرْ
__________
(4) . قوله [وبنو لهان حي] كذا بالأصل والمحكم بلام مفتوحة أوله، والذي في التكملة: وبنو ألهان بالفتح حي من العرب، عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ

(13/393)


قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وسالفةٌ، بِالرَّفْعِ؛ وَقَبْلَهُ:
لَهَا ذَنَبٌ مِثْلُ ذيْلِ العَرُوسِ، ... تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها مِنْ دُبُرْ
وَرَوَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَهل الْكُوفَةِ: كسَحُوق اللُّبَان، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ لأَن شَجَرَ اللُّبان الكُنْدُرِ لَا يَطُولُ فَيَصِيرُ سَحُوقاً، والسَّحُوق: النَّخْلَةُ الطَّوِيلَةُ. واللَّيانُ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرٌ لَيِّنٌ بيِّنُ اللِّينَةِ واللَّيانِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ حُميدٍ الأَرْقط:
حَتَّى إِذَا أَغْسَتْ دُجَى الدُّجُونِ، ... وشُبِّه الأَلْوانُ بالتَّلْوينِ
يُقَالُ: كَيْفَ تَرَكْتُمُ النَّخْلَ؟ فَيُقَالُ: حِينَ لَوَّنَ، وَذَلِكَ مِنْ حِينِ أَخذ شَيْئًا مِنْ لَوْنِه الَّذِي يَصِيرُ إِلَيْهِ، فَشَبَّهَ أَلْوانَ الظَّلَامِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ يَكُونُ أَولًا أَصفر ثُمَّ يحمرُّ ثُمَّ يسودُّ بِتَلْوِينِ البُسْرِ يصفرُّ وَيَحْمَرُّ ثُمَّ يَسْوَدُّ. ولَوَّنَ البُسْرُ تَلْويناً إِذَا بَدَا فِيهِ أَثَرُ النُّضج. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ وغُرَمائه: اجْعَلِ اللَّوْنَ عَلَى حِدَته
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: اللَّوْنُ نَوْعٌ مِنَ النَّخْلِ قِيلَ هُوَ الدَّقَلُ، وَقِيلَ: النَّخْلُ كُلُّهُ مَا خَلَا البَرْنِيَّ والعجوةَ، تُسَمِّيهِ أَهل الْمَدِينَةِ الأَلوانَ، وَاحِدَتُهُ لِينَة وأَصله لِوْنَة، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ اللَّامِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنه كَتَبَ فِي صَدَقَةِ التَّمْرِ أَن يؤْخذ فِي البَرْنِيِّ مِنَ البَرْنِيِّ، وَفِي اللَّوْنِ مِنَ اللَّوْنِ
، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. ولُوَيْنٌ اسم.
لين: اللِّينُ: ضِدُّ الخُشونة. يُقَالُ فِي فِعْل الشَّيْءِ اللَّيِّن: لانَ الشيءُ يَلِينُ لِيْناً ولَيَاناً وتَلَيَّن وشيءٌ لَيِّنٌ ولَيْنٌ، مُخَفَّفٌ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَلْيِناءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَتْلُونَ كتابَ اللَّهِ لَيِّناً
أَي سَهْلا عَلَى أَلسنتهم، وَيُرْوَى لَيْناً، بِالتَّخْفِيفِ، لُغَةٌ فِيهِ. وأَلانه هُوَ ولَيَّنه وأَلْيَنه: صَيَّرَه لَيِّناً. وَيُقَالُ: أَلَنْتُه وأَلْيَنتُه عَلَى النقْصان وَالتَّمَامِ مِثْلَ أَطَلْته وأَطْوَلْتُه. وَاسْتَلَانَهُ: عَدَّه ليِّناً، وَفِي الْمُحْكَمِ: رَآهُ ليِّناً، وَقِيلَ: وَجَدَهُ ليِّناً عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي ذِكْرِ الْعُلَمَاءِ الأَتقياء: فباشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، واسْتلانُوا مَا اسْتَخْشنَ المُترَفُون، واستَوْحَشُوا مِمَّا أَنِسَ بِهِ الْجَاهِلُونَ.
وتلَيَّنَ لَهُ: تملَّقَ. واللَّيانُ: نَعْمَةُ العيْشِ؛ وأَنشد الأَزهري:
بيضاءُ باكرَها النَّعِيمُ، فصاغَها ... بلَيَانِه، فأَدَقَّها وأَجَلَّها
يَقُولُ: أَدَقَّ خَصْرَها وأَجَلَّ كفَلَها أَي وَفَّرَه. واللَّيانُ، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ مِنَ اللِّين، وَهُوَ فِي لَيانٍ مِنَ الْعَيْشِ أَي رَخاء وَنَعِيمٍ وخفْضٍ. وَإِنَّهُ لَذُو مَلْينَةٍ أَي ليِّنُ الْجَانِبِ. وَرَجُلٌ هَيْنٌ لَيْنٌ وهَيِّنٌ ليِّنٌ، الْعَرَبُ تَقُولُهُ؛ وَحَدِيثُ
عُثْمَانَ بْنِ زائدةَ قَالَ: قَالَتْ جَدَّةُ سُفْيَانَ لِسُفْيَانَ:
بُنَيَّ، إنَّ البِرَّ شيءٌ هَيِّنُ، ... المَفْرَشُ اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ،
ومَنْطِقٌ، إذا نطَقْتَ، ليِّنُ
قَالَ: يأْتون بِالْمِيمِ مَعَ النُّونِ فِي الْقَافِيَةِ؛ وأَنشده أَبو زَيْدٍ:
بُنَيَّ، إنَّ البِرَّ شيءٌ هَيْنُ، ... المَفْرَشُ اللَّيِّنُ والطُّعَيْمُ،
ومَنْطِقٌ، إذا نطَقْتَ، لَيْنُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
هَيْنُونَ لَيْنُونَ فِي بُيوتِهم، ... سِنْخُ التُّقَى والفَضائلُ الرُّتَبُ

(13/394)


وَقَوْمٌ لَيْنُون وأَلْيِناءُ: إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ لَيِّن مُشَدَّدًا وَهُوَ فَيْعِل لأَن فَعْلًا لَا يُجْمع عَلَى أَفْعلاء. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ أَلْيِناءُ، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ. واللِّيانُ، بِالْكَسْرِ: المُلايَنة. ولايَنَ الرجلَ مُلايَنة ولِياناً: لانَ لَهُ. وَقَوْلُ
ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ: خيارُكم أَلايِنُكم مَناكِبَ فِي الصلاةِ
؛ هِيَ جَمْعُ أَلْيَنَ وَهُوَ بِمَعْنَى السُّكُون والوَقار والخُشوع. واللَّيْنَةُ: كالمِسْوَرةِ يُتَوَسَّدُ بِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى ذَلِكَ للِينِها ووَثارَتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا عَرَّس بِلَيْلٍ توَسَّدَ لَيْنةً، وَإِذَا عَرَّسَ عِنْدَ الصُّبح نصَبَ ساعدَه
؛ قَالَ: اللَّيْنة كالمِسْوَرة أَو الرِّفادة، سُمِّيَتْ لَيْنةً لِلِينِهَا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قطَعْتَ عَليَّ الدَّهرَ سوفَ وعَلَّهُ، ... ولانَ وزُرْنا وانْتَظِرْنا وأَبْشِرِ
غَدٌ عِلَّةٌ لِلْيَوْمِ، واليومُ عِلَّةٌ ... لأَمْسِ فَلَا يُقْضَى، وَلَيْسَ بمُنْظَرِ
أَراد أَلانَ، فَتَرَكَ الْهَمْزَ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ
؛ قَالَ: كلُّ شَيْءٍ مِنَ النَّخْلِ سِوَى الْعَجْوَةِ فَهُوَ مِنَ اللِّينِ، وَاحِدَتُهُ لِينةٌ. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: هِيَ الأَلوان، الْوَاحِدَةُ لُونَةٌ، فَقِيلَ لِينة، بِالْيَاءِ، لِانْكِسَارِ اللَّامِ. وَحُرُوفُ اللِّينِ: الأَلفُ وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ، كَانَتْ حَرَكَةُ مَا قَبْلَهَا مِنْهَا أَو لَمْ تَكُنْ، فَالَّذِي حَرَكَةُ مَا قَبْلَهُ مِنْهُ كَنَارٍ وَدَارٍ وَفِيلٍ وقيلٍ وحُول وغُول، وَالَّذِي لَيْسَ حَرَكَةُ مَا قَبْلَهُ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْيَاءِ وَالْوَاوِ كبَيْتٍ وثَوْبٍ، فأَما الأَلف فَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلَّا مِنْهَا. ولِينة: مَاءٌ لِبَنِي أَسد احْتَفره سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ فِي بَعْضِ أَسفاره فَشَكَا جُنْدُه العَطش فنَظر إِلَى سِبَطْرٍ فَوَجَدَهُ يَضْحَكُ فَقَالَ: مَا أَضحكك؟ فَقَالَ: أَضحكني أَن الْعَطَشَ قَدْ أَضَرَّ بِكُمْ وَالْمَاءُ تَحْتَ أَقدامكم، فاحتَفَر لِينةَ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ يُقَالُ لَهَا اللِّينة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ولِينَة مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ عَنْ يَسَارِ المُصْعِدِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ بِحِذَاءِ الهَبِير؛ ذَكَرَهُ زُهَيْرٌ فَقَالَ:
مِنْ ماءِ لِينَةَ لَا طَرْقاً وَلَا رَنَقا
قَالَ: وَبِهَا رَكايا عَذْبة حُفِرَت فِي حَجَرٍ رخْوٍ، والله أَعلم.