إسفار الفصيح المبحث الرابع: عرض
مسائل العربية في الكتاب.
عرض أبو سهل من خلال هذا الشرح لعدد من المسائل اللغوية والصرفية
والنحوية، وسأذكر في هذا المبحث أبرز هذه المسائل لتوضيح طريقته في
عرضها ومناقشتها، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر، وسأفرد لهذه المسائل
فهرسا خاصا شاملا في نهاية الكتاب – إن شاء الله-.
أولا: المسائل اللغوية:
أشرت فيما سبق إلى عناية الشارح واهتمامه بشرح المفردات اللغوية في
كتاب الفصيح، وبينت في ذلك، وأشير هنا إلى بعض المسائل التي عرض لها في
أثناء شرح تلك المفردات، ومنها ما لاقى نصيبا وافرا من اهتمامه فنص
عليه وناقشه، ومنها ما ورد عرضا، وتكرر وروده فأشرت إليه.
1- لحن العامة:
من أهم ما عرض له الشارح في مواضع متفرقة من كتابه قضية لحن العامة،
وهو أمر اقتضته طبيعة الكتاب المشروح الذي ألف أصلا لعلاج لحن العامة
وقد عرف العامة بأنهم "أهل الحضر والأمصار ممن يتكلم بالعربية دون
غيرهم من الأعاجم"1.
__________
1 ص 315.
(1/155)
وعرف الكلام الفصيح بقوله: "وفصيح الكلام:
هو البين منه، مع صحة وسلامة من الخطأ"1.
ثم عرف اللحن بالخطأ في العربية، وذلك يفهم من قوله: "وفصح اللحان ...
إذا زال فساد كلامه وتنقى من اللحن، وصحت ألفاظه، مع سرعة النطق، بها.
واللحان: هو الذي يتكلم بالعربية فيخطئ فيها"2.
فمقياس الفصاحة عنده سلامة اللسان من الخطأ، ونقاوته من اللحن، مع
سهولة جريان العربية على لسان المتكلم بها.
وتعريفه اللحان تعريف للحن يمفهومه الاصطلاحي الواسع، وهو الخطأ في
العربية الفصحى، ويشمل ذلك الخطأ "في الأصوات، أو في الصيغ أو في تركيب
الجملة وحركات الإعراب، أو في دلالة الألفاظ"3.
وقد خص علماء العربية اللحن المتعلق بحركات الإعراب بمصنفاتهم النحوية،
أما اللحن المتعلق ببنية الكلمة وصياغتها ودلالتها فقد عالجوه في
مصنفاتهم اللغوية والصرفية، ومنهم من أفرد له كتبا خاصة عرفت باسم كتب
التصحيح اللغوي، أو كتب لحن العامة، من أهمها: كتاب لحن العامة
للكسائي، وإصلاح المنطق لابن السكيت، وأدب الكاتب لابن قتيبة، وفصيح
ثعلب وما ألف حوله من شروح.
__________
1 ص 312.
2 ص 448.
3 لحن العامة والتطور اللغوي 9.
(1/156)
وقد ورد اللحن في فصيح ثعلب "على المعنى
الاصطلاحي الذي أطلقه العلماء على لحن العامة، يقصدون اللحن الدلالي،
واللحن الاشتقاقي والصرفي"1 وأشرت في حديث سابق2 إلى منهجه في ذلك، وهو
إيراد الفصيح كما نطق به العرب الفصحاء، من غير أن يوضح كيفية نطق
العامة إلا فيما ندر.
وجاء أبو سهل فأودع شرحه إشارات كثيرة توضح كيفية نطق العامة لكثير من
ألفاظ الفصيح، وطريقته في ذلك أن يذكر اللفظ كما نطق به العامة، ثم
يحكم عليه، بالصواب أو بالخطأ، ومقياس الصواب والخطأ عنده موافقه ذلك
المنطوق للغة العرب أو مخالفته لها.
ومن أمثلة ذلك حديثه العام عن خطأ العامة في بناء "فعل وأفعل" حيث
يقول: "والعامة لا تفرق بينهما، فتحذف الألف من بعض ما جاء على أفعل،
وتزيدها على فعل، فتقوله على أفعل، وهي مخطئة في ذلك لمخالفتها العرب
فيما تتكلم به"3 ومن ذلك أيضا إشارته إلى خطأ العامة في بناء "فُعَلَة"
و"فُعْلة" بفتح العين وتسكينها، حيث تخالف العرب ولا تفرق بينهما4.
فهو يرى أن خطأ العامة في هذه الأبنية سببه مخالفة العرب فيما
__________
1 فصيح ثعلب (مقدمة المحقق) 88.
2 ص 27-28.
3 ص 428.
4 ص 712.
(1/157)
تتكلم به. ولذلك نراه يحكم على بعض كلام
العامة بالصواب بل بالجودة أحيانا إذا وافق لغة من لغات العرب كقوله:
"وهو الجبن: للذي يؤكل بضم الباء. وكذلك من الجبان أيضا، والعامة تسكن
الباء منهما، وليس ذلك بخطأ، وهما لغتان جيدتان...."1.
وقوله: "والعامة تقول: خواتيم بزيادة الياء، فتجعلها جمع خاتام، وهي
لغة للعرب فصيحة"2.
ورد على بعض العلماء تخطئتهم بعض اللغات الموافقة أصلا صحيحا جاريا على
قياس كلام العرب، كقوله: "وليس ذيك بالذال خطأ، كما زعم ثعلب والجبان
وغيرهما، بل هي لغة صحيحة جارية على قياس كلام العرب".
كما أنكر على ثعلب أيضا ألفاظا كثيرة لا تغلط فيها العامة حسب ترجمة
الباب المذكورة فيه3.
وقد يذكر من لحن العامة ما يوافق بعض لغات العرب، لكنه يختار الأفصح،
كقوله: "وهي العنق بضم النون، وبعض العامة يسكنها، وبعضهم يفتحها، وهما
عند العرب لغتان أيضا، إلا أن الأفصح ضم
__________
1 ص 703.
2 ص 858.
3 ينظر مثلا: ص 589، 594، 595، 596، 710، 712. وينظر: ص 139 من هذا
الكتاب.
(1/158)
النون"1.
وقد يحمل شيئا من لحن العامة على بعض لغات العرب، ولكنه يضعفه أو لا
يستحسنه لعلة يذكرها، كقوله: "وثياب جدد بضم الدال: وهو جمع جديد،
كسرير وسرر.... والعامة تفتح الدال، فتقول: جدد، وقد تكلم بهذه اللغة
بعض العرب، فقالوا: جدد وسرر بفتح الدال والراء، استثقالا للضمة، وليس
هذا بالجيد، لاشتباهه بغيره وإلباسه به، لأن الجدد بفتح الدال جمع
جُدََة، وهي الطريقة التي تخالف لون معظم الشيء...."2.
وقد يكون للحن العامة مسوغ من الاشتقاق أو القياس، ولكنه يرفضه لكونه
مخالفا لما ورد به السماع عن العرب، أو لأن الكلام به يوقع في إلباس،
فمن الأول قوله: "وعُودُ أُسْرٍ ... والعامة تقول: عود يسر بالياء، وإن
كان له وجه من الاشتقاق، فهو مخالف لما ورد به السمع عن العرب"3.
ومن الثاني قوله: "ونظرت يَمْنَة وشأمة ... ولا تقل: شملة، وإن كان
القياس يوجب أن يقال ذلك، فتكون فَعْلَة من الشمال، لكنها لو
__________
1 ص 699.
2 ص 697-698.
3 ص 697.
(1/159)
قيلت لألبست بالشملة التي في كساء يشتمل
به، أي يتغطى به، فعدلوا عن الكلام بذلك لأجل الإلباس"1.
ورد لحن العامة في بعض الكلمات المعربة إلى محافظتها على نطق الكلمة
كما هي في أصلها الأعجمي، كقوله: "وهو التوت بالتاء معجمة بنقطتين وهو
فارسي معرب أيضا، والعامة تقوله بالثاء معجمة بثلاث نقط، والعجم تقوله
بالذال المعجمة، وبعضهم يقوله بالثاء معجما بثلاث نقط، كما تقوله
العامة"2.
وإذا حكم على لحن العامة بالخطأ فهو بين أمرين، إما أن يطلق الحكم دون
أن يعلق عليه أو يبين الخطأ، كقوله: "والعامة تكسر الشين من الشتوة،
وهو خطأ"3. أو كقوله: "والعامة تقول: من رجله، بإضافة رجل، وهو خطأ"4.
وكذلك قوله: "وتقول منه: دنا يدنو دنوا بالواو.... والعامة تقول في
مستقبله: يدني بالياء، وهو غلط"5.
وإما أن يحكم على اللحن بالخطأ، ثم يستطرد إلى بيان وجه الخطأ أو سببه،
كقوله: "وتقول هي الكُرَةُ..... والعامة تزيد في أولها ألفا وتسكن
الكاف، فتقول: "أُكْرَة"، وهو خطأ، لأن الكرة الحفرة في
__________
1 ص 874.
2 ص 887. وينظر: ص 771.
3 ص 605.
4 ص 815.
5 ص 902.
(1/160)
الأرض"1. وقوله: "ورجل عزب ... ورجال عزبون
وأعزاب، وقول العامة: عزاب خطأ، لأن عزابا يكون جمع عازب كعابد
وعباد"2.
وأحيانا ينص ثعلب نفسه على خطأ العامة، فيوضح الشارح سبب ذلك الخطأ،
ويبين وجهه، فعند قول ثعلب: "ولقيته لقية.. ولقاءة ... ولا تقل لقاة،
فإنه خطأ". قال: "ووجه خطئه أن المرة الواحدة تكون على فعلة بسكون
العين، ولقاة وزنها فعلة بفتح العين، لأن أصلها لقية، فقلبت الياء ألفا
لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لقاة"3. وعندما خطأ ثعلب العامة
لتشديدها الميم من "آمين" قال: "لأنه يخرج من معنى الدعاء، ويصير بمعنى
قاصدين، كما قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} 4.
وليس كل ما ذكره من خطأ العامة أو كلامها مما أشار ثعلب إلى مقابله
الفصيح، بل ذكر كثيرا من كلام العامة ولحنها على سبيل الاستطراد أو
المناسبة ترد عرضا في أثناء الشرح، كقوله: "ولا يقال عيََان"5. وقوله:
"والجمع أفراس، ولا يقال: فرسان، إنما الفرسان، جمع فارس كراكب
وركبان"6. وقوله: "ولا يقال: مفروح بغير به، ولا يقال
__________
1 ص 885.
2 ص 907.
3 ص 905.
4 ص 849.
5 ص 428.
6 ص 791-792.
(1/161)
أيضا: به مفروح بتقديم به"1. وقوله: "وهي
الرحى ... وجمعها أرحاء، ولا يقال: أرحية"2. وقوله: "والمني بتشديد
الياء، على وزن فعيل، ولا يجوز تخفيفها"3. وقوله: "وأما القطنة.... وهي
ذات الأطباق، يتراكب بعضها على بعض، والعامة تسميها الرمانة، وتسميها
أيضا لقاطة الحصى"4. وقوله: "والجد: الحظ ... وهو الذي تسميه العامة
البخت"5.
وهكذا فقد نال لحن العامة قدر كبيرا من عناية الشارح واهتمامه، فتنوعت
طرائقه في معالجته ومناقشته والحكم عليه، وكان من أهم القضايا اللغوية
البارزة في هذا الشرح.
2- اللغات:
اللغة في مفهوم الشارح تعني الكلام قال: "تقول هذا الحرف بلغة بني
فلان، أي بكلامهم ومنطقهم"6. ثم ذكر أصل اشتقاقها فقال: "وهي مشتقة من
اللغو أو اللغى مقصور، وهما الكلام والصوت، يقال: لغا الرجل يلغو لغوا،
ولغي أيضا بالكسر، على مثال رضي، فهو يلغى
__________
1 ص 868.
2 ص 582.
3 ص 472.
4 ص 621.
5 ص 677.
6 ص 315.
(1/162)
لغى، إذا تكلم وصوت"1.
وبين أن المراد باللغات هو ما "تنطق به العرب على وجهين، وثلاثة أوجه،
أو أكثر من ذلك، مختلفة في اللفظ متفقة في المعنى نحو اختلافهم في
الحركات والسكون في حرف أو حرفين من كلمة واحدة.... ونحو اختلافهم في
زيادة حرف أو أكثر في كلمة واحدة، ونقصان ذلك منها أو اختلاف حركة منها
أيضا، والمعنى في ذلك كله واحد ... ونحو ما جاء عنهم ... في تغيير
الحروف وإبدال بعضها من بعض، والمعنى في جميع ذلك واحد"2.
وكان له عناية بذكر اللغات المختلفة في الكلمة الواحدة، وطرائقه في ذلك
مختلفة، فهو إما أن يذكر الكلمة ويتبعها بلغة أخرى، دون أن ينص على
أنها لغة، كقوله: "ونحت العود وغيره ينحته بالكسر والفتح"3 وقوله: "وهو
صفو الشيء بفتح الصاد والتذكير ... وصفوته بكسر الصاد والتأنيث"4.
وقوله: "وهو الصيدناني والصيدلاني بالنون واللام"5.
وإما أن ينص على أنها لغة، ولكن دون تحديد القبيلة التي تنتمي إليها،
كقوله: "والشأم بتسكين الهمزة. على وزن شعم ... وفيها لغة
__________
1 ص 315-316.
2 ص 318-319.
3 ص 337.
4 ص 834-835.
5 ص 834-835.
(1/163)
أخرى، يقال: شآم بفتح الهمزة، على وزن
فَعال"1. وقوله: "فأما الظفر: فمضموم الظاء والفاء، وتسكين الفاء لغة
فيه، ويقال له أيضا أظفور بضم الألف"2. وقد ينسبها لعامة العرب، كقوله:
"وهي الطس ... والطست بالتاء لغة للعرب أيضا"3 أو لبعضهم كقوله: "وبعض
العرب يقول: هذه طائرة حسنة. فيزيد الهاء في المؤنث"4.
وأحيانا يذكر لغتين معا فينسب إحداهما، ولا ينسب الأخرى، كقوله: "هديت
القوم الطريق بغير ألف.... وهذه لغة أهل الحجاز. ومنه قوله تعالى:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ، وغيرهم يقول: هديتهم إلى
الطريق، فيعديه بحرف الجر. ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 5.
وأشار إلى الخلاف الدلالي لبعض اللغات المنطوقة غالبا في عصره، فذكر أن
أهل مصر والشام يسمون الباقلى الفول6. وأن أهل الشام أيضا يسمون الحب
الخابية، وأهل مصر يسمونه الزير7.
__________
1 ص 623-624.
2 ص 935.
3 ص 861.
4 ص 877.
5 ص 431-432.
6 ص 757.
7 ص 884.
(1/164)
الفصاحة بنحو قوله: "هذه أفصح اللغات"1،
"وهما لغتان جيدتان"2، " ... لغتان جيدتان جاء بهما القرآن"3، "وهي لغة
للعرب فصيحة"4، "وهي لغة للعرب، لكن الأفصح والأكثر فيها ما اختاره
ثعلب"5، "وهي قليلة في كلام العرب"6، "بل هي لغة صحيحة جارية على قياس
كلام العرب.... وليست بخطأ7، "وليس ذلك بمختار عند الفصحاء"8.
3- الاشتقاق:
من المسائل اللغوية التي عرض لها الشارح في هذا الكتاب مسألة الاشتقاق،
وقد أشار إلى نوعين منه:
الاشتقاق الأصغر أو الاشتقاق الصرفي، هو أكثر أنواع الاشتقاق ورودا في
هذا الكتاب، وستأتي أمثلة لهذا النوع _ إن شاء الله – في حديثنا عن
المسائل الصرفية9.
والاشتقاق اللغوي، وهو ذلك النوع الذي يقوم على أساس إرجاع
__________
1 ص 602.
2 ص 703.
3 ص 869.
4 ص 858.
5 ص 615.
6 ص 877.
7 ص 850-851.
8 ص 889.
9 ص 183-187.
(1/165)
الألفاظ المشتقة إلى معنى عام واحد، وأشهر
من زاول هذا النوع من الاشتقاق أحمد بن فارس في معجمه "مقاييس اللغة".
وقد أولى الشارح هذا النوع من الاشتقاق عناية كبيرة لا تقل عن عنايته
بالنوع الأول، فأشار إلى تطور دلالة كثير من الكلمات ذاكرا الأصول التي
اشتقت منها والمعنى العام الذي يجمعها بالأصل المشتق منه، فمن ذلك
قوله: "والكتاب مشتق من الكتب، وهو الجمع والضم"1، وقوله: "اشتقاق
الناس من الأنسة، وهي الاستئناس، لأن بعضهم يأنس ببعض ولا يأنس بغيرهم
من الحيوان"2. وقوله: "الجنة: البستان.... وأصلها من الستر، لأن الموضع
لا يسمى جنة حتى تستتر أرضه بالشجر أو النخل أو الكرم، وغير ذلك من
الأشجار ... "3. وقوله: "والبهيمة ... مأخوذة من الإبهام، وهو اشتباه
الشيء، فلا يدرى وجهه"4. وقوله: "وجمع المنقار مناقير، وهو مأخوذ من
النقر، وهو النقد والحفر، وجمع المنسر مناسر، وهو مأخوذ من النسر، وهو
نتف اللحم وقلعه"5. وأعاد جميع الألفاظ الواردة في أحد أبواب الفصيح6
إلى أصل واحد فقال: "أصل هذا الباب كله من التغطية والستر"7.
__________
1 ص 312.
2 ص 314.
3 ص 683.
4 ص 796.
5 ص 935.
6 الباب الذي لم يسمه ثعلب وعنونه بـ"باب منه آخر".
7 ص 809.
(1/166)
4- تعليل التسمية:
ومما يتصل ببحثه السابق في الاشتقاق عنايته بتعليل أصول التسميات لكثير
من الألفاظ المشروحة، ومن ذلك:
قوله عن ريح الصبا: "وتسمى القبول بفتح القاف، لأنها تقابل باب الكعبة،
وتقابل قبلة العراق"1.
وقوله: "والشام ... إنما سميت بذلك، لأنها عن مشأمة الكعبة أي يسارها
مما يلي المئزاي والحجر"2.
وعلل سبب تسمية الفلاة مفازة بقوله: "والمفازة: واحدة المفاوز، وسميت
بذلك على طريق التفاؤل لها بالسلامة والفوز"3.
وعلل سبب قولهم عن الرجلة: "البقلة الحمقاء" بقوله: "وإنما سميت حمقاء،
لأنها تنبت في كل موضع. وقيل سميت بذلك لأنها تنبت في مسيل الماء"4.
وقال في تعليل العارية: "وسميت بذلك لأنها من المعاورة، وهي
المناولة"5.
__________
1 ص 368.
2 ص 624.
3 ص 692.
4 ص 733.
5 ص 755.
(1/167)
5- المعرب:
أشار إلى كثير من الألفاظ الأعجمية المعربة، وبلغ ما ذكره منها نحو
اثنين وأربعين لفظا، وقد جرى في تناوله لهذه المعربات على أساليب
مختلفة، منها:
أن يذكر اللفظ المعرب ويشير إلى اللغة التي عرب منها، وأصل نطقه في تلك
اللغة ومعناه، وسار على هذا النهج في شرح أكثر الألفاظ المعربة، ومن
ذلك قوله: "وأما كسرى فمعناه: الملك الأكبر من ملوك الفرس خاصة ...
وأصله في كلام الفرس "خسرو" بخاء مضمومة، وواو في آخره، والراء قبلها
مضمومة أيضا، وقيل: أصله عندهم: "خسره" بهاء بدل الواو ... "1. وقوله:
"وهو الزئبق ... وهو فارسي معرب، واسمه بالفارسية جيفه"2. وقوله:
"يقال: هي بغداد.... وهي فارسية معربة، وأصلها "باغ داذ" ف"باغ" اسم
البستان بالفارسية، و"داذ" اسم رجل، فكأنهم أرادوا بستان هذا الرجل3.
وقوله في البأج: "وهي معربة، وأصلها فارسية، وهي كلمة يؤتى بها في
أواخر أسماء الطبيخ، كما يؤتى باللون بالعربية في أوائلها، فيقولون:
"سكباج" ف"سك" بالفارسية اسم الخل، وباج أصله بالفارسية: "واه"، فلما
عربت نقلت الواو والهاء إلى الباء والجيم وهمزت
__________
1 ص 627.
2 ص 633.
3 ص 833.
(1/168)
العرب ألفها"1. وقوله: "وهي الأبلة.... وهي
نبطية معربة، وأصلها بالنبطية "هوب ليكا"2. وهذه المرة الوحيدة التي
ذكر فيها لفظا، معربا من النبطية.
1- أن يكتفي بذكر اللفظ المعرب واللغة التي عرب منها، ولا يذكر شيئا عن
أصله، كقوله: "وهو الخوان: للذي يوضع عليه الطعام، وهو فارسي معرب"3.
وقوله: "وهو الجص: لحجارة تحرق ويبنى به، وتجصص به الدور. وهو فارسي
معرب"4. وقوله: "فأما الصولجان: فمعروف.. وهو فارسي معرب"5.
2- أ، يشير إلى اللفظ الأعجمي المعرب من غير ذكر اللغة التي عرب منها،
كقوله: "وهو الفلفل: لهذا الحب المعروف من الأباريز.... وهو أعجمي
معرب"6، وقوله: "وهي صعفوق: لخول باليمامة. وقيل: إنها أعجمية معربة"7.
وذكر أن الإجانة فارسية معربة8، ولم تذكرها كتب المعربات،
__________
1 ص 771.
2 ص 709.
3 ص 628.
4 ص 632.
5 ص 885.
6 ص 699.
7 ص 715.
8 ص 751.
(1/169)
وذكر ابن دريد أنها عربية معروفة 1.
وأشار في تفسير بعض الألفاظ المعربة إلى ما يقابلها من مفردات عربية،
فذكر في مقابل الرصاص الصرفان2، وفي مقابل الشهريز العجوة3، وفي مقابل
التوت الفرصاد4، وفي مقابل الزئبق الزاووق5، وفي مقابل الإسوار
الفارس6.
وفعل عكس ذلك في بعض الألفاظ العربية، فذكر مقابلها الأعجمي، فذكر في
مقابل الجد البخت7، وفي مقابل الرجلة الفرفخ8، وفي مقابل الطلاوة
الخرمية9.
وقد ينص على عربية بعض الألفاظ دفعا لتوهم أنها معربة، كقوله:" وأما
المنديل فعربي معروف ... وكذلك القنديل عربي أيضا"10، وقوله: " وهو
السكين: عربي معروف"11.
__________
1 ينظر: الجمهرة 2/1045.
2 ص 583.
3 ص 657.
4 ص 887.
5 ص 632.
6 ص 646.
7 ص 677.
8 ص 815.
9 ص 707.
10 ص 656.
11 ص 657.
(1/170)
ومما يتصل بهذا الموضوع إشارته إلى خلاف
البصريين والكوفيين في حركة الكاف من كسرى حيث يقول: "والكوفيون
يختارون كسر الكاف من كسرى، والبصريون يختارون فتحها"1.
6- الفروق:
عنى أبو سهل ببيان الفروق بين الألفاظ التي قد تتشابه فيظن كثير من
الناس أنها بمعنى واحد. وإذا استثنينا الباب الذي عقده ثعلب لبعض
الفروق اللغوية، نجد أن أبا سهل أشار في سواه إلى عدد من الفروق
اللغوية، من ذلك قوله: "وربض الكلب وغيره يربض ... ربضا وربوضا، وهو في
السباع كالجلوس من الإنسان، والبروك من الجمل، والجثوم من الطائر"2
وقوله: "وهو الخوان: للذي يوضع عليه الطعام ... فإذا وضع الطعام عليه
فهو مائدة"3. وقوله: "والظل للشجرة وغيرها بالغداة، والفيء بالعشي"4.
وقد اتسعت دائرة الفروق عنده لتشمل النوع السابق، والفرق بالحركة
والحرف والمصدر أيضا.
وقد احتلت الحركة قدرا كبيرا من اهتمامه فنبه على دورها الهام في
التفريق بين المعاني في غير موضع من الشرح، من ذلك قوله: "فجعلت
__________
1 ص 626.
2 ص 345.
3 ص 628.
4 ص 899.
(1/171)
العرب اختلاف الحركات في أوائل الكلم
وأوساطها دليلا على اختلاف معانيها، ولولا ذلك لالتبس بعضها ببعض"1.
وقوله: "وإنما فتحت العين للمبالغة والدلالة على الكثرة، وإذا سكنت دل
ذلك على قلته، وجعلوا السكون فرقا بينهما، ويجعلون أيضا فتح العين في
هذا دليلا على الفاعل، وسكونها دليلا على المفعول كما قالوا في لُعَنة
ولُعْنة"2. وقوله أيضا: "ولولا طلب الفرق بمخالفة الحركات لكان الكسر
يجوز في كل ذلك ... "3.
والأمثلة التطبيقية للتفريق بالحركات جد كثيرة، تناول الشارح معظمها في
أثناء شرح الأبواب التي عقدها ثعلب للتفريق بين الأبنية بالحركات، ومن
أمثلة ذلك في الأفعال قوله: "وملَلت الشيء في النار بفتح اللام ... إذا
دفنته في الملة.... وملِلت من الشيء بكسر اللام، وكذلك ملِلت الشيء:
إذا سئمته"4. ومن أمثلته في الأسماء قوله: "والحمل بكسر الحاء: ما كان
على ظهر الإنسان أو الدابة ... والحمل بفتح الحاء: حمل المرأة، وهو
جنينها الذي في بطنها"5. وقوله: "والعجم بفتح الجيم: حب الزبيب والنوى
... والعجم بسكون الجيم العض"6.
__________
1 ص 698.
2 ص 712.
3 ص 732.
4 ص 421.
5 ص 674.
6 ص 742.
(1/172)
والفرق بالحركة يعني المخالفة في ضبط أوائل
الكلمات وثوانيها، وأما ضبط أواخر الكلمات للفرق، فقد ورد في حالات
نادرة كقولهم: "إيه وإيها" قال أبو سهل: فأما إيه بكسر الهمزة، والهاء،
فهي أمر واستدعاء حديث ومعناها: زد، وهي منونة، لأنها استدعاء لحديث
منكور ... فإذا حذفت التنوين، فهو أمر واستدعاء لحديث معروف معهود....
وأما إذا أردت أن يقطع حديثه، قلت: إيها كف عنا، والهاء مفتوحة منونة،
لأنها للزجر والنهي عن إرادة حديث، ونونت، لأنها للنكرة أيضا، فإذا حذف
التنوين كانت نهيا وزجرا عن حديث معروف"1.
وأما الفرق بالحرف فيعني اختلاف معنى الكلمة بزيادة حرف أو مقصانه.
ومن أمثلة هذا النوع قوله في شرح باب فعلت وأفعلت: "وأعجمت الكتاب
بالألف ... إذا نقطته فأوضحته وأبنته من العجمة ... وعجمت العود ونحوه:
إذا عضضته لتعرف صلابته من رخاوته"2.
وذكر أن العامة لا تفرق بين "فعل وأفعل" وقد تقدم قوله هذا فيما سبق3.
ومن ذلك أيضا قوله: "وامرأة حامل: إذا أردت حبلى ... فإن أردت أنها
تحمل شيئا ظاهرا، قلت: حاملة بالهاء"4.
ومن أنواع الفرق بالحرف أيضا، جعل حرف مكان حرف
__________
1 ص 548.
2 ص 459.
3 ص 157.
4 ص 787.
(1/173)
آخر، ومن ذلك قوله: "ورجل نشوان من الشراب
بالواو.... ورجل نشيان للخبر بالياء ... وأصل الياء في نشيان هاهنا
واو، وإنما تكلموا بها في هذا المعنى بالياء ليفرقوا بين هذا وبين
السكران"1. وقوله: "وبينهما بون بعيد بالواو، وبين أيضا بالياء: أي
مسافة ومقدار في الأرض ... والأجود أن يكون البين بالياء، للفراق،
والبعد في كل شيء، ولا يقال البون بالواو إلا في قولهم: بين الرجلين
والشيئين بون إذا لم يتفقا"2.
ومن هذا النوع أيضا تفريقه بين "خمدت النار، وهمدت" بقوله: "وخمدت
النار وغيرها.....إذا سكن لهبه وذهب ضوؤها، ولم يطفأ جمرها، فإذا طفئ
جمرها، وذهب حرها، فهي هامدة"3.
وفرق كذلك بين الخضم والقضم، فخص الخضم بأكل الرطب، والقضم بأكل اليابس
كالشعير ونحوه4.
وقد نبه على هذا النوع من الفرق الخليل5 وسيبويه6، وخصه ابن جني بباب
سماه: "باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني" ومما مثل به "
__________
1 ص 531.
2 ص 882.
3 ص 331-332.
4 ص 347.
5 العين (صور) 7/81، 82.
6 الكتاب 4/14.
(1/174)
الخضم والقضم" واستشهد بالمثل المشهور: "قد
يدرك الخضم بالقضم"1 قال: "أي قد يدرك الرخاء بالشدة، واللين
بالشظف.... فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب، والقاف لصلابتها لليابس،
حذوا لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث"2.
وأما الفرق بالمصدر، فأشار إليه في غير موضع، فعند قول ثعلب: "وجدت في
المال وجدا وجدة. ووجدت الضالة وجدانا ... ووجدت في الحزن وجدا ...
ووجد على الرجل موجدة" قال أبو سهل: "واختلفت هذه المصادر مع اتفاق
أفعالها لاختلاف معانيها"3.
وقد يكون التفريق بين المعاني بصيغة الفعل والمصدر، فيشير إلى ذلك
أيضا، فعند قول ثعلب: "وتقول: قذت عينه تقذي قذيا: إذا ألقت القذى،
وقذيت تقذي قذى: إذا صار فيها القذى، وأقذيتها إقذاءا: إذا ألقيت فيها
القذى، وقذيتها تقذية: إذا أخرجت منها القذى" قال: "واختلفت هذه
المصادر وأفعالها، لاختلاف معانيها، وإن كانت كلها رجعة إلى القذى، وهو
كل ما وقع في العين من شيء يؤذيها"4.
كما يرى أن المبالغة في الوصف نوع من الفرق أيضا، فيقول: "روجل طويل
وطوال بضم الطاء، وهما ضد القصير، وكأن فُعالا من
__________
1 الأمثال لأبي عبيد 236، وجمهرة الأمثال 2/81، ومجمع الأمثال 2/478.
2 الخصائص 2/157، 158.
3 ص 498.
4 ص 522-523.
(1/175)
أبنية المبالغة، كما يقولون: رجل جسيم
للعظيم الجسم، فإذا قالوا: جسام كان أعظم جسما من الجسيم. ومن الناس من
لا يفرق بين فعيل وفعال في هذا، ويجعلهما لمعنى واحد"1.
ولعل مثل هذا التدقيق في الفروق أوقفه على ظاهرة أخرى، وهي تلك العلاقة
الوثيقة بين المبنى والمعنى، وإن الزيادة في المبنى تقتضي غالبا زيادة
في المعنى حين قال: "وفعيل – بتشديد العين في أوصاف – من أبنية
المبالغة"2. وحين قال أيضا: "فكما أن في آخر الداهية والبهيمة هاء،
كذلك أتوا بها (أي بالهاء) في وصف الإنسان المذكر الممدوح والمذموم3
تشبيها بهما، فإذا مدحوه وبالغوا في ذلك شبهوه بالداهية ... وكذلك أيضا
إذا ذموه وبالغوا في ذلك شبهوه بالبهيمة ... جعلوا زيادة اللفظ دليلا
على زيادة ما يقصدونه من مدح وذم"4.
7- الترادف:
بالرغم من اهتمام أبي سهل بذكر الفروق بين كثير من الألفاظ، إلا أنه
كان – مع ذلك- ممن المقرين بظاهرة الترادف في اللغة، وهو وإن لم يصرح
بالمصطلح، فقد عبر عن مفهومه من خلال شرح بعض ألفاظ
__________
1 ص 556.
2 ص 658.
3 كقولهم في المدح: رجل علامة، وفي الذم: رجل لحانة.
4 ص 797.
(1/176)
الفصيح بمثل قوله: "والعقوبة والعذاب بمعنى
واحد"1. وقوله: "حرى ... وقمن ... بمعنى واحد، بمعنى حقيق وخليق
وجدير"2 وقوله:"والعام والحول والسنة: بمعنى واحد"3 وقوله: "وهزئت به
... مثل سخرت منه في الوزن والمعنى"4. وقوله:" والمرء بمعنى الرجل سواء
لا فرق بينهما"5. وقوله: "وعضضت الشيء ... مثل كدمت سواء، إذا قبضت
عليه بأسنانك"6.
8- المشترك اللفظي والتضاد:
ومما يتصل يشرحه لدلالة الألفاظ الإشارة إلى ما فيها من اشتراك لفظي أو
تضاد. ومن حديثه عن المشترك اللفظي تصريحه بأن " الخال " لفظ يشترك فيه
معان كثيرة، حيث قال: "والخال: أخو الأم، أي أنه صحيح في نسبه، ظاهر
ذلك لا على ما شركه في اللفظ، لأن الخال في كلام العرب على وجوه عدة،
فمنها: الكبر، وهو مثل الخيلاء، ومنها نكتة سوداء تكون في جسد الإنسان،
وقد استقصيت ذكر الخال في الكتاب المثلث"7.
__________
1 ص 355.
2 ص 561-562.
3 ص 880.
4 ص 478.
5 ص 840.
6 ص 350.
7 ص 513.
(1/177)
وقد يشير للمشترك عرضا دون النص عليه،
كقوله: "وقلت من القائلة ... أي نمت نصف النهار ... والقائلة: النوم
ذلك الوقت، والقائلة أيضا: الظهيرة"1.
وقد أدرك أبو سهل – رحمه الله – أن بعض أنواع المشترك اللفظي ناتج عن
تطور الأصل الدلالي لكثير من ألفاظ اللغة بسبب الاستعمال المجازي،
فأشار في شرح بعض المفردات إلى ذلك النوع من المشترك بقوله: "ومعنى
قوله: بين الأبوة: أي أنه أب على الحقيقة، لمن قد ولد وهو ظاهر الصحة
في ذلك لا على المجاز والتشبيه، وذلك لأنهم يسمون الصاحب للشيء،
والمالك له، والقيم عليه أبا على الاستعارة والتشبيه، نحو قولهم لصاحب
المنزل: أبو المنزل، وللقيم على القوم المدبر لأمورهم: أبوهم"2.
وقوله: "فأما الشفة للإنسان: فمعروفة، وهي غطاء أسنانه.... وقد تقال
أيضا لغير الإنسان على طريق الاستعارة والتشبيه، فتقال للصنم، والصورة
في الثوب والحائط، ولحرف الكوز والجرة والزق، وغير ذلك"3.
وقوله: "ومن الأعضاء ما أشركت العرب في التسمية بها بين بعض أنواع
الحيوان وغيره وبين بعضها، ومنها ما استعارت بعضها لبعض على
__________
1 ص 451.
2 ص 511.
3 ص 930.
(1/178)
طريق التشبيه، أو المدح، أو الذم والعيب،
فمن ذلك أنهم قالوا للإنسان مشفر أيضا، وذلك إما على طريق الضخم
والغلظ، أو على طريق العيب والذم، كما قال الفرزدق:
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي ... ولكن زنجي غليظ المشافر
فجعل للإنسان مشفرا، لأجل غلظ شفته"1.
وإذا كان المشترك اللفظي يعني دلالة اللفظ على معنيين فأكثر، فإن
التضاد فرع له، فقد ورد في اللغة ألفاظ أخرى يدل الواحد منها على
معنيين أيضا، ولكنهما على التضاد، واصطلح العلماء على تسمية هذه
الألفاظ الواردة بالأضداد2.
وقد ذكر أبو سهل ألفاظا يسيرة من الأضداد من غير أن ينص على المصطلح،
مما يدل على أنه كان من المقرين بظاهرة التضاد في اللغة غير المنكرين
لها، ومن ذلك قوله: "الأيم: هي المرأة التي لا زوج لها، وسواء كانت
بكرا أو ثيبا"3.
وقوله: "والمفازة: واحدة المفاوز، وسميت بذلك على طريق التفاؤل لها
بالسلامة والفوز، من فاز يفوز فوزا، إذا نجا، لأنها مهلكة، كما قالوا
للديغ: سليم"4.
__________
1 ص 931.
2 الأضداد لأبي الطيب 1/1، ولابن الأنباري 1، 2 والصاحبي في فقه اللغة
97، 98، المزهر 1/387.
3 ص 517.
4 ص 692.
(1/179)
9- الإبدال:
عرض أبو سهل في هذا الكتاب لنوعين من الإبدال: الإبدال الصرفي أو ما
يسمى بالإبدال المطرد، والإبدال اللغوي غير المطرد.
فأما النوع الأول فسيأتي الحديث عنه في بحث المسائل الصرفية في الكتاب.
وأما النوع الآخر، وهو الإبدال اللغوي، فقد ورد في ثنايا الكتاب عدد من
الألفاظ التي تندرج تحت هذه الظاهرة، وسلك المصنف في عرضها الطرق
التالية:
1- النص على أصل اللفظ المبدل منه، ومن ذلك قوله: "الهاء من هرقت أصلها
همزة، وهي مبدلة منها للتخفيف وكثرة الاستعمال، والأصل أرقت، كما قالوا
في القسم: هيم الله وأيم الله، وهياك وإياك"1.
النص على أصل اللفظ المبدل منه مع ترجيح الأصل وتعليل ذلك، نحو "حلك
الغراب وحنكه: بمعنى واحد، لسواده، والنون فيه بدل من اللام، كما قالوا
للثياب التي يجلل لها الهودج: السدول، والسدون، إلا أن اللام أكثر
لدورها في متصرفات هذه الكلمة، لأنهم قالوا: حُلْكُوك وحَلَكُوك
ومُحْلَوْلَك، وقد احْلَوْلَك ولم يقولوا شيئا من
__________
1 ص 374.
(1/180)
ذلك بالنون"1.
3- النص على الأصل ونسبة الفرع المبدل إلى لحن العامة نحو قوله في
"حجزة السراويل": "والعامة لا تخطئ في أول هذا الفصل، وإنما تخالف
العرب في الجيم فتقلبها زايا، فتقول: حُزََة"2.
4- ذكر لفظين متلاحقين دون النص على الأصل المبدل منه، نحو:
- الإكاف والوكاف3.
- الصيدناني والصيدلاني4.
- بسر قريثاء ووكريثاء5.
- فلق الصبح وفرق الصبح6.
الإشارة إلى الإبدال في لغتين، نحو قوله: "البزاق بالزاي للبصاق، وهي
لغة أيضا عن العرب"7. وقوله: "لزقت ولسقت بالزاي والسين، وهما لغتان
للعرب أيضا"8. وقوله:"وهي الطس....
__________
1 ص 864.
2 ص 708.
3 ص 643.
4 ص 835.
5 ص 837.
6 ص 594.
7 ص 937.
8 ص 928.
(1/181)
والطست بالتاء لغة للعرب أيضا"1.
6- الاستشهاد بالشعر على الصيغ المبدلة. ومن ذلك استشهاده على إبدال
الباء والميم في "لازب ولازم" بقول النابغة:
فلا يحسبون الخير لا شر بعده ... ولا يحسبون الشر ضربة لازب.
وبقول كثير:
فما ورق الدنيا بباق لأهله ... ولا شدة البلوى بضربة لازم2
واستشهاده أيضا على إبدال النون واللام في "الصيدناني والصيدلاني" بقول
الأعشى:
وزورا ترى في مرفقيه تجانفا ... نبيلا كدوك الصيدناني دامكا3.
10- الإتباع والمزاوجة، والمثنيات اللغوية:
وأشار – فيما أشار إليه من مسائل اللغة – إلى ظاهرة الإتباع والمزاوجة،
والمثنيات اللغوية، فأشار إلى ظاهرة الأولى في موضعين، حيث قال: "وهو
شتان مفتوحة على طريق إتباع الفتح الفتح، إذ كانت الألف من جنس الفتحة،
ولا يكون ما قبلها إلا فتحة"4.
__________
1 ص 861.
2 ص 823-824.
3 ص 835.
4 ص 823.
(1/182)
وقال: "وإذا أفردت حدث ونطقت به وحده فقلت:
حدث الشيء كانت الدال مفتوحة لا غير، فإذا قرنته مع قدم فقلت: قدم
وحدث، ضممت الدال منه، على طريق الإتباع والمزاوجة1.
أما المثنيات اللغوية فأشار إلى لفظ واحد منها دون أن ينص على أنه من
المثنيات اللغوية التي اصطلح عليها في العربية على سبيل التغليب
بمعناها الأعم، وذلك حين قال: "فإذا اجتمع الوالدان، قيل: أبوان، ولم
يقولوا: أمان، لأنهم غلبوا المذكر على المؤنث"2.
ثانيا: المسائل الصرفية:
1- الفعل:
اهتم أبو سهل بأبنية الأفعال اهتماما كبيرا فأشار إلى معانيها
وتصاريفها ومشتقاتها، واهتم بصفة خاصة بذكر المصادر، وأسماء الفاعلين
والمفعولين، كما شرط على نفسه في مقدمة الكتاب، فالتزم بشرطه هذا إلى
حد كبير، وكان يشير في أثناء ذلك إلى لغات الفعل إن وجدت والمصادر إن
تعددت.
فمن ذلك قوله: "وشمِمْت الشيء أشمه شما وشميما، فأنا شام، وهو مشموم"3.
__________
1 ص 922.
2 ص 511.
3 ص 350.
(1/183)
وقوله: "وأخفرته بالألف، أخفره إخفارا....
فأنا مخفر بكسر الفاء، وهو مخفر بفتحها"1.
وقوله: "وفسد الشيء يفسد ويفسد بالضم والكسر، فسادا وفسودا.... وهو
خلاف صلح يصلح صلاحا وصلوحا ... فهو فاسد وصالح"2.
وقوله: "ونبح الكلب ينبح وينبح بالكسر والفتح نبحا ومبيحا ونبوحا
ونباحا ونباحا إذا صاح، فهو نابح"3.
وغالبا ما كان ينص في أثناء تصريف الفعل على المصطلحات كالفعل الماضي
والمضارع والأمر والمصدر، واسم الفاعل والمفعول، وعبر عنها جميعا
بالمصطلح البصري ما عدا الفعل المضارع، فقد عبر عنه بالمستقبل، على
اصطلاح الكوفيين4.
فمن ذلك قوله: "والمستقبل من ذبل يذبل بالضم، ومصدره ذبل وذبول، واسم
الفاعل ذابل"5.
وقوله: "ترادف..... فعل مستقبل، والماضي رادفت، والمصدر
__________
1 ص 438.
2 ص 326-327.
3 ص 336.
4 ينظر: معاني القرآن للفراء 1/133، والمدارس النحوية للسامرائي
113-116.
5 ص 325.
(1/184)
مردفة بفتح الدال، والدابة مرادفة
بكسرها"1.
وقوله: "وقد بارى الريح جودا، وهو يباريها مباراة.... واسم الفاعل مبار
بكسر الراء والمفعول مبارى بفتحها"2.
وأشار إلى أثر حروف الحلق في حركة العين من الفعل المضارع، فقال: فأما
أربعهم وأسبعهم وأتسعهم، فإنك تفتح الباء والسين منها، لأجل العين التي
في آخر الفعل الماضي، لأنها من حروف الحلق، فيفتحون الحرف الذي قبلها
من المستقبل لخفة الفتح"3.
وأشار إلى بعض الأفعال المهملة وبعض مشتقاتها كقوله: "وتقول: ذر ذا
ودعه: أي اتركه، وهو يذر ويدع، واستعمل هذان الفعلان في الأمر
والمستقبل لا غير، ولا يقال: وذرته ولا وردعته، ولكن تركته، ولا واذر
ولا وادع، ولكن تارك، استغنوا عن الماضي واسم الفاعل من هذا بترك
وتارك"4.
كما أشار إلى بعض المصادر التي أهملت العرب استعمال أفعالها، فقال:
"والأبوة مصدر تركت العرب استعمال الفعل منه"5.
__________
1 ص 920.
2 ص 488.
3 ص 553.
4 ص 570. وينظر: ص 850.
5 ص 512.
(1/185)
وقال: "والعمومة مصدر العم، ولا يستعمل منه
فعل أيضا"1.
وأشار إلى لزوم بعض الأفعال وتعديها، فقال: "وعمر الرجل منزله..... وقد
عمر المنزل.... يستوي في هذا الفعل اللازم والمتعدي"2.
وقال: "رعيت المال أرعاه رعيا، إذا أخرجته إلى الكلأ ليرعاه، أي يأكله،
وكذلك رعى المال نفسه يرعى رعيا: إذا أكل النبات، لفظ اللازم والمتعدي
في هذا سواء"3.
ووافق الجمهور على التسوية بين الهمزة والباء في تعدية الفعل، فقال:
"وذهبت به.... وأذهبته بالألف بمعناه"4.
وقال: "وأدخلته الدار، ودخلت به الدار: ومعناهما واحد"5.
وأشار إلى ما لا يتصرف من الأفعال، وذكر علة ذلك، فقال: "ومنعوا عسى
التصرف، فلا يقال منه: يفعل، ولا فاعل، لا يقال: يعسى، لا عاس، ولا
مصدر له أيضا، لأنه وقع بلفظ الماضي، ونقل معناه عن المضي، ووضع موضع
الإخبار عن حال صاحبه التي هو مقيم عليها، كما فعل مثل ذلك بليس، لأن
لفظها لفظ الماضي، وهي الحال الثابتة، وأجريت في منع التصرف مجرى حروف
المعاني الجامدة، إذ
__________
1 ص 513.
2 ص 419.
3 ص 630.
4 ص 482.
5 ص 482.
(1/186)
كانت الحروف لا تصرف لها"1.
وقال أيضا: "وتقول: ما حك هذا الأمر في صدري بتشديد الكاف: أي ما أثر
... ولا يصرف هذا الفعل لأنه جاء كالمثل"2
وذكر أن من الأفعال ما لا يستعمل إلا في النفي، أو يغلب استعماله في
النفي. وذلك نحو قوله: "ما عجت كلامه: أي ما باليت به ولا اكترثت....
ولا يستعمل إلا في النفي"3.
وقوله: "وما أكلت أكالا: أي شيئا يؤكل، ولا يستعمل إلا مع النفي"4.
وقال أيضا: "أبالي مثل أكترث في المعنى، وهو مستقبل باليت، وأكثر ما
يستعمل في الجحد"5.
وذك أيضا أن من الأفعال ما لا يقع إلا من اثنين، كقوله: "وتقول: دابة
لا ترادف....وهذا الفعل لا يقع إلا من اثنين ... وتقول: هذا لا يساوي
ألفا.... وهذا أيضا لا يكون إلا من اثنين"6.
__________
1 ص 327-328.
2 ص 915.
3 ص 425.
4 ص 591.
5 ص 844.
6 ص 920.
(1/187)
-الميزان الصرفي:
الميزان الصرفي لفظ وضعه العلماء لمعرفة أصول حروف الكلمة وترتيبها،
وبيان ما يطرأ عليها من تغيير سواء أكان بالزيادة أم بالنقص، أو اختلاف
حركاتها وسكناتها. وجعلوه مكونا من ثلاثة أحرف أصول هي: "ف ع ل"، وكل
حرف منها يقابل الحرف الأصلي في الكلمة الموزونة1.
وقد عني أبو سهل في أثناء الشرح بأوزان الألفاظ، فأشار إلى كثير منها،
موضحا بها أصول الألفاظ الموزونة وحركاتها، وما اعترى بعضها من علل
صرفية.
فمن ذلك قوله: "وعمت ... وزنه على الأصل قبل النقل فعلت بفتح الفاء
والعين، وكان أصله عيمت، على مثال ضربت، ثم نقل إلى فعلت بكسر العين،
فقالوا: عيمت"2.
وقد يكتفي بذكر وزن الكلمة ليدل به على أصل بنائها قبل الإعلال، كقوله:
"ووزن غرت فعلت بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل.... وأما غار
الرجل يغور.... فوزنه فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في المستقبل
ووزن غار الماء وغارت عينه فعل بفتح العين، والمستقبل يفعل كالفصل الذي
قبلهما، وهي ثلاثتها من ذوات الواو ... وأما غار الرجل أهله ... فإنها
من ذوات الياء، ووزنها فعل يفعل بفتح
__________
1 شرح الشافية 1/10.
2 ص 423-424.
(1/188)
العين من الماضي وكسرها من المستقبل"1.
وقد يكون غرضه من ذكر الميزان الصرفي الدلالة على الحرف الأصلي والزائد
في بناء الكلمة، كقوله: "وهي الثندؤة بضم الثاء وبالهمز، ووزنها فعللة،
والثندوة بفتح الثاء غير مهموز، ووزنها فعلوة"2.
وقوله: "وهم المطوعة.... من خفف الطاء فإنه يجعل وزنه مفعلا ويأخذ من
قولهم: طاع له يطوع طوعا، فهو طائع ... وأما من شدد الطاء، فإنه يجعل
وزنه متفعلة"3.
وقوله: "الفنطيسة ... فنعيلة من الفطس"4.
وقوله: "وشويت اللحم فانشوى بنون قبل الشين، لأن انفعل للمطاوعة"5.
وقوله: "والاستعمال: استفعال من العمل"6.
وذكر من أوزان الأدواء (فعال) كالعطاس، والزكام والصداع، والفلاج7.
وأشار إلى أوزان بعض صيغ المبالغة السماعية والقياسية، فذكر
__________
1 ص 509، 510.
2 ص 852.
3 ص 879.
4 ص 933.
5 ص 923.
6 ص 320.
7 ص 336، 403.
(1/189)
منها:
1- فعول، وزان كسوب وصبور وشكور1.
2- فعال، وزان مذاء2.
3- فعيل، وزان حريص وطويل وعليم ورحيم3.
4- فعال، وزان طوال4.
5- فعول، وزان سبوح وقدوس5.
6- فعيل، وزان شريب، وسكير وخمير6.
7- مفعال، وزان معطار ومذكار ومئناث7.
8- فعلة، وزان لعنة وضحكة وهزأة وسخرة وخدعة8.
كما أشار إلى أوزان بعض الصيغ المتبادلة، ومن ذلك:
1- فعل بمعنى مفعول، كقوله: "والمصدر يكون بمعنى المفعول،
__________
1 ص 345، 784، 785.
2 ص 372.
3 ص 333، 556.
4 ص 556.
5 ص 608.
6 ص 658.
7 ص 784.
8 ص 712-713.
(1/190)
كقولهم: درهم ضرب، وماء سكب، أي مضروب
ومسكوب"1.
2- فعل بمعنى فعيل، كقوله: "فالهدي على فعل، مثل ظبي، والهدي فعيل، مثل
صبي، بمعنى واحد"2.
3- فعولة بمعنى مفعولة، كقوله: "وأكولة الراعي بالواو ... وهي الشاة
التي يعدها الراعي للأكل، وهي فعولة بمعنى مفعولة، مثل الحلوبة التي
تحلب والركوبة التي تركب"3.
4- فعول بمعنى فاعل، كقوله: "امرأة صبور وشكور ونحو ذلك بغير هاء، لأنه
عدل عن فاعل إلى فعول"4.
5- فعيل بمعنى مفعول، كقوله: "والفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة، إذا
فصل عن أمه، وهو فعيل في معنى مفعول"5.
وقوله: "وأهديت الهدية أهديها إهداء: إذا أرسلتها..... وهي فعيلة بمعنى
مفعولة"6.
وقوله: "وتقول: ملحفة جديد ... وفي فعيل في تأويل مفعولة
__________
1 ص 311.
2 ص 431.
3 ص 913.
4 ص 784.
5 ص 830.
6 ص 430.
(1/191)
بمعنى مجدودة، وهي المقطوعة"1.
ولعل أهم ما تناوله في حديثه عن الأوزان الصرفية صياغة بعضها على شكل
قواعد كلية، أو قواعد تعليمية، يسهل حفظها وتطبيقها. ومن أمثلة ذلك
قوله:
"جميع ما جاء من فصول هذا الباب على وزن فعل، فإن أول حروف الماضي منها
يكون مضموما، وهو فاء الفعل، والحرف الثاني منها يكون مكسورا، وهو عين
الفعل، فإذا كان مستقبلا فتحت عين الفعل منه"2.
"كل ما كان ماضيه على أفعل بالألف، فإن مستقبله يجيء على يفعل بضم
الياء وسكون الفاء وكسر العين ومصدره إفعال واسم الفاعل منه مفعل بكسر
العين، واسم المفعول مفعل بفتحها، نحو أكرم يكرم إكراما، فهو مكرم،
والمفعول به مكرم"3.
"كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما
أكثر، وقد يفتحان"4.
"كل اسم على فعلول، فهو مضموم الأول، لأنه ليس في كلام
__________
1 ص 788.
2 ص 393.
3 ص 427. وينظر: ص 467.
4 ص 606.
(1/192)
العرب فعلول بفتح الفاء وسكون العين إلا
كلمة واحدة، وهي صعفوق لخول باليمامة"1.
"أفعلاء لا يكاد يوجد في الواحد"2.
"كل ما كان على "فعلة" بفتح الفاء وسكون العين، إذا جمعتها بالألف
والتاء فإنك تفتح العين منها كالبكرة والبكرات، إلا أن تكون وصفا، أو
تكون معتلة العين، فإنك تتركها على حال السكون، فتقول في جمع جوزة:
جوزات، وفي جمع خدلة: خدلات بسكون الواو والدال"3.
3- الإعلال والإبدال والإدغام:
توقف أبو سهل عند عدد من الألفاظ المشروحة، وأشار إلى ما طرأ عليها من
إعلال، أو إبدال، أو إدغام، وذلك على النحو التالي:
أ- الإعلال:
1- الإعلال بالنقل أو التسكين، كقوله: "أعيم بكسر العين وسكون الياء،
وكان أصله أعيم بسكون العين وكسر الياء، على مثال ضربت أضرب، فاستثقلت
كسرة الياء، فنقلت إلى العين التي قبلها،
__________
1 ص 714.
2 ص 888.
3 ص 600.
(1/193)
فصار أعيم"1.
2- الإعلال بالقلب، وأشار إليه في عدد من الألفاظ كما يلي:
- قلب الواو ألفا، نحو قوله: "أصل الماء: موه بفتح الميم والواو فقلبوا
الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها"2.
- قلب الواو ياء، نحو قوله: "وهو الحائط.... وجمعه حيطان، وأصله حوطان
بالواو، فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها"3.
- قلب الياء ألفا، نحو قوله: "لقاة وزنها فعلة بفتح العين، لأن أصلها
لقية، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار لقاة"4.
- قلب الياء واوا، نحو قوله: "فأما حوران بالواو، فإنه جمع على فعلان
بضم الفاء، وكان أصله حيران بياء ساكنة وقبلها ضمة، فانقلبت الياء واوا
لانضمام ما قبلها، وذلك أن أصل هذه الكلمة الياء، لأنه من التحير"5.
3- الإعلال بالنقل والقلب. نحو قوله: "والأصل في دير يدار: دور يدور،
على مثلا ضرب يضرب"6.
__________
1 ص 424.
2 ص 801.
3 ص 906-907.
4 ص 905.
5 ص 906.
6 ص 404.
(1/194)
4- الإعلال بالحذف، نحو قوله: "يلغ ...
الأصل فيه يولغ، فحذفت الواو، لوقوعها بين ياء وكسرة"1.
وقوله: "تكن هو فعل مستقبل، وأصله تكون، إلا أنه جزم بلم سكنت النون،
فالتقى ساكنان، وهما الواو والنون، فحذفوا الواو لالتقاء الساكنين،
فبقي تكن"2.
5- الإعلال بالقلب والحذف، نحو قوله: "أصل الشاة: شوهة، بفتح الشين،
على فعلة، فحذفت منها الهاء الأصلية، وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح
ما قبلها، فصارت شاة"3.
ب- الإبدال4:
1- إبدال الواو تاء، نحو قوله: "ومنه تقول: هي التخمة.... والتاء فيه
بدل من الواو، لأنها من الشيء الوخيم، مثل التقى، وهذه التاء مبدلة من
الواو أيضا، لأنه من الوقاية"5.
2- إبدال التاء دالا، نحو قوله: "وادلجت.. أصله ادتلجت، بتاء بعد
الدال، فأبدلوا من التاء دالا، ثم أدغموا الدال في الدال"6.
__________
1 ص 341.
2 ص 321.
3 ص 802-803.
4 سبق الحديث عن الإبدال اللغوي في ص 180-182.
5 ص 710.
6 ص 444.
(1/195)
- إبدال التاء طاء، نحو قوله: "ويقال: التخ
عليهم أمرهم.... والطخ بالطاء، فهو يلطخ الطخاخا.... والطاء في هذا بدل
من التاء لقرب مخرجيهما"1.
4- إبدال الواو والباء ياء على غير قياس، نحو قوله: "وهو الديوان
والديباج.... فأما الديوان: فمعروف.... وأصله عند العرب لما تكلمت به
دوان تشديد الواو، فاستثقلوا ذلك، فأبدلوا من الواو الأولى ياء، ولذلك
قالوا في الجمع: دواوين على الأصل، ولم يقولوا: دياوين.
وأما الديباج: فمعروف....وأصله عند العرب لما تكلمت به دباج بشديد
الباء، فاستثقلوا التشديد أيضا، فأبدلوا من الباء الأولى ياء اتباعا
للكسرة التي قبلها، ولذلك قالوا في الجمع: ديابيج بياء معجمة"2.
ج- الإدغام:
أشار أبو سهل إلى هذه الظاهرة في ألفاظ قليلة، ومما أشار إليه:
إدغام المثلين، نحو قوله: "ويوم قار وقر بالفتح: أي بارد، وليلة قارة
وقرة: أي باردة. وأصل قار قارر، على مثال بارد، وأصل قر قرر بكسر الراء
على مثال حذر المكسور الذال، وأصل قرة قررة بكسر الراء أيضا"3.
__________
1 ص 749.
2 ص 625.
3 ص 529.
(1/196)
فإشارة أبي سهل إلى أصل هذه المادة إدراك
منه لعلة الإدغام.
2- إدغام المتقاربين، نحو قوله: "ادلجت.... أصله ادتلجت بتاء بعد
الدال، فأبدلوا من التاء دالا، ثم أدغموا الدال في الدال"1.
وقوله في "المطوعة" تشديد الطاء والواو: وزنه متفعلة، وكان الأصل
متطوعة، فأدغمت التاء في الطاء لتقارب مخرجيهما"2.
وقوله عند شرح قول ثعلب: "مما يجري في كلام الناس": "وصلت من هنا بما
في الخط، لأجل إدغام النون في الميم لقرب مخرجيهما"3.
4- المذكر والمؤنث:
عقد ثعلب أربعة أبواب في فصيحه تدور حول ظاهرة التذكير والتأنيث، ولم
يقصر الشارح حديثه على الألفاظ الواردة في هذه الأبواب، بل أشار إلى
عدد من الألفاظ التي تندرج تحت هذه الظاهرة في مواضع أخرى من الكتاب،
ويمكن إجمال كل ما أشار إليه فيما يلي:
ألفاظ سماعية مؤنثة لا غير كالإصبع4، والكبد5، والفخذ6،
__________
1 ص 444.
2 ص 879.
3 ص 313.
4 ص 640.
5 ص 613-614.
6 ص 613-614.
(1/197)
والذراع1، والرحى2.
2- ألفاظ سماعية تذكر وتؤنث، كالسراويل3، والسكين4، والعنق5، والهدى6.
3- ألفا أو صيغ مشتقة لا تلحقها علامة التأنيث، لأنها صفات أو أسماء
خاصة بالمؤنث نحو: امرأة طالق وحائض7، وناقة سرح8، ورخل9، وعجوز10، أو
لاستغنائها بذكر الاسم الموصوف عن علامة التأنيث نحو: امرأة قتيل وصبور
وشكور11.
4- ألفاظ يشترك فيها المذكر والمؤنث، ولا يجوز تأنيثها لأنها مصادر وصف
بها نحو: خصم12، وضيف13، ودنف14.
__________
1 ص 874.
2 ص 582.
3 ص 708.
4 ص 657-658.
5 ص 699.
6 432.
7 ص 781.
8 ص 787.
9 ص 791.
10 ص 790.
11 ص 783-784.
12 ص 559.
13 ص 565.
14 ص 561.
(1/198)
5-ألفاظ جاءت بالتاء في وصف المؤنث والمذكر
للمبالغة، نحو ملولة، وصرورة وهذرة1.
6- ألفاظ جاءت بالتاء في وصف المذكر للمبالغة، نحو: رجل راوية، وعلامة،
ونسابة2.
7- ألفاظ الهاء فيها أصلية وليست للتأنيث، نحو: مياه، وشياه، وعضاه3.
8- ألفاظ تلحقها تاء التأنيث للفرق بين الواحد من الجنس وجمعه، وذكر من
ذلك ألفاظا كثيرة، نحو: نواة، وتمرة، وبضعة، وحمامة، وسماناة، وأيكة،
وريطة4.
9- ألفاظ مؤنثة على غير قياس، وذكر منها لفظا واحدا، وهو: إحدى بمعنى
واحدة5.
وقد وضح بعض الأحكام الخاصة بالتذكير والتأنيث، فأشار إلى حكم دخول
الهاء على "فعيل" إن كان اسما، وسقوطه منه إن كان صفة، فقال: "وكذلك
امرأة قتيل بغير هاء أيضا: بمعنى مقتولة، لأنك ذكرت امرأة قبل هذا
النعت، فاستغنيت بذكرها عن إتيان الهاء في نعتها،
__________
1 ص 799، 800.
2 ص 793.
3 ص 801-804.
4 ص 687، 765، 806، 908.
5 ص 321.
(1/199)
وكذلك جميع ما أتى من النعوت على فعيل
بمعنى مفعول وقد تقدمها ذكر الأسماء المنعوتة، فإنها تجري في حذف الهاء
هذا المجرى، نحو: كف خضيب، وعين كحيل، ولحية دهين، وإنما لم يثبتوا
الهاء في هذا، لأنه معدول عن جهته، لأنهم عدلوا من مفعول إلى فعيل....
وإذا أفردت النعت من المنعوت جئت بالهاء، فقلت: رأيت قتيلة، ولم تذكر
امرأة، وأدخلت فيه الهاء، لتفرق بها بينها وبين المذكر، وكذلك إذا
أضفت، فتقول: قتيلة بني فلان"1.
وعن دخول الهاء في الاسم يقول: "وهي أكيلة السبع بالياء: وهي اسم الشاة
التي أكلها، فلذلك دخلتها هاء التأنيث، لأنها اسم وليست بصفة، ولو كانت
صفة لم تدخلها الهاء"2.
وأشار إلى قاعدة تذكير العدد وتأنيثه في عدة مواضع، قال في أحدها:
"والعدد إذا كان لمؤنث فإن الهاء تسقط منه من ثلاثة إلى عشرة، وإذا كان
لمذكر أثبتت فيه من ثلاثة إلى عشرة. ومنه قوله تعالى: {سَخَّرَهَا
عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} 3 فحذف
الهاء من سبع، لأنها الليالي، لأن واحدتها ليلة، وأثبتها في ثمانية،
لأنها للأيام، لأن واحدها يوم"4.
__________
1 ص 783.
2 ص 912.
3 سورة الحاقة 7.
4 ص 874-875.
(1/200)
كما أشار إلى أن تأنيث أفعل التفضيل "يكون
على فعلى، مثل أحسن وحسنى، وأول وأولى، وآخر وأخرى"1.
ولعل أبرز ما أشار إليه مما يتصل بهذا الموضوع بعض مسائل الخلاف بين
البصريين والكوفيين. ومما أشار إليه خلافهم في صفة المؤنث إذا كان على
زنة فاعل نحو: امرأة طالق وحائض وطاهر وطامث، بإسقاط الهاء، فذكر أن
الكوفيين يرون أن الهاء إنما سقطت من هذه الأوصاف، "لأنها نعوت تخص
المؤنث ولا حظ للمذكر فيها فلم يحتاجوا إلى الهاء، لأن الهاء إنما تدخل
فيما يشترك فيه المذكر والمؤنث، مثل قائم وقائمة، ليفرق بينهما بها،
فلما لم يكن في هذه النعوت للمذكر حظ لم يحتاجوا إلى الفرق"2.
أما البصريون فنقل عنهم في هذه المسألة رأيين، أحدهما للخليل والآخر
لسيبويه. فالخليل يرى أنهم "أسقطوا الهاء من هذه النعوت، وجاءوا بها
على لفظ المذكر، لأنهم أجروها مجرى النسب، كأنهم قالوا: امرأة ذات
طلاق، وذات حيض، وذات طهر، وذات طمث، ولم يجعلوها جارية على الفعل
بمعنى طلقت فهي طالقة.... فإن جعلوها جارية على أفعالها أثبتوا فيها
الهاء علامة للتأنيث، فقالوا: طَلُقت فهي طالقة.."3.
__________
1 ص 320.
2 ص 781.
3 ص 781
(1/201)
وأما سيبويه "فإن مذهبه في هذه النعوت التي
أسقطت منها علامة التأنيث وجعلت بلفظ المذكر، أنها جاءت أوصافا لمذكر،
وإن المراد بها شيء طالق، وشيء حائض، وطاهر، وطامث، وكذلك أشباههما"1.
وأشار إلى خلاف الفريقين في قولهم: "ملحفة جديد وخلق".
فالكوفيون يرون أنها: "فعيل في تأويل مفعولة بمعنى مجدودة، وهي
المقطوعة"2.
أما البصريون فيقولون: "إنما حذفوا الهاء من ملحفة جديد وخلق على غير
القياس، وليس جديد من المعدول عن المفعول، لأنه لا يجوز فيهما مفعول،
وكان القياس أن تثبت فيهما الهاء، كما تثبت في صغيرة وكبيرة ومريضة،
ولكنهما جاءا شاذين، ولا يقال في شيء من الأشياء: جديدة ولا خلقة،
وإنما هو جديد وخلق بغير هاء للمذكر والمؤنث ... "3.
كما تطرق إلى خلافهم في علامة التأنيث التي تلحق المذكر، نحو قولهم في
المدح: رجل علامة ونسابة، وفي الذم: رجل هلباجة وفقاقة، فالكوفيون يرون
أن الهاء جاءت في وصف المذكر الممدوح
__________
1 ص 782. وينظر: ص 787.
2 ص 788.
3 ص 788-789.
(1/202)
والمذموم تشبيها بالداهية والبهيمة، فكأنهم
"إذا مدحوه وبالغوا في ذلك شبهوه بالداهية، وأردوا أن أمره وفعله منكر
زائد على غيره كالداهية، وكذلك أيضا إذا ذموه وبالغوا في ذلك شبهوه
بالبهيمة التي لا تنطق بشيء يفهم، ولا تفرق بين الفعل القبيح والحسن..
أما البصريون فإنهم قالوا: الهاء في هذا الباب للمبالغة في الوصف الذي
يمدح به أو يذم"1.
ولم يبد المصنف رأيا في مسائل الخلاف هذه، ولم يتعصب لأحد الفريقين،
لكنه كان يبدأ بعرض رأي الكوفيين أولا، فإذا انتهى منه نسبه إليهم،
كقوله بعد عرض رأيهم في المسألة الأخيرة: "هذا هو معنى قول الكوفيين
وطريقتهم". ثم يعقب بعرض رأي البصريين مبتدئا بنسبته إليهم قبل عرضه،
كما يلاحظ أيضا في المسألة الأخيرة.
أما في غير هذه المسائل فقد أخذ برأي الخليل في جعل فاعل في صفة المؤنث
على النسب، فقال في تفسير "سفرت المرأة، وهي سافر": "أي هي ذات سفور"2.
وقال في قولهم: "تحسبها حمقاء وهي باخس": "أي أنها ذات بخس ... كما
قالوا: طالق، أي ذات طلاق"3.
__________
1 ص 796.
2 ص 432-433.
3 ص 813. وينظر: ص 526، 940.
(1/203)
5- الجمع:
عرض أبو سهل لجمع عدد كبير من الألفاظ المشروحة، وبين كثيرا من الأحكام
المتصلة بهذه الجموع.
وكان له عناية خاصة بالإشارة إلى جموع القلة والكثرة، ووضح في غير موضع
القاعدة العامة لهذه الجموع، كقوله: "وثلاثة أجد، وكذلك إلى العشرة،
وهذا هو الجمع القليل، فإذا زادوا على العشرة، فهو جمع كثير، تقول فيه:
الجداء بكسر الجيم والمد"1.
وقوله: "ومياه جمع كثير، ويقال في القليل: أمواه، بإظهار الهاء أيضا،
والكثير ما زاد على العشرة، والقليل من الثلاثة إلى العشرة"2.
وكثيرا ما كان يشير إلى الجمع القليل والكثير للكلمة مع النص على ذلك،
نحو قوله: "والضرع جمعه القليل أضرع، والكثير الضروع"3.
وقوله: "النعمة.... جمعها القليل أنعم، والكثير نعم"4.
وفي حالات أخرى كثيرة أيضا يذكرهما دون النص على القلة والكثرة، نحو
قوله: "والخيط من النعام..... والجمع خيطان وأخياط"5.
__________
1 ص 588-589.
2 ص 801، وينظر: ص 909-910، وفي حاشيتها كلام جيد عن جموع القلة
والكثرة منقول من نسخة (ش) لم يرد في الأصل.
3 ص 939.
4 ص 682.
5 ص 668.
(1/204)
وقوله: "والجد في النسب ... والجمع أجداد
وجدود"1.
وقد يكون للكلمة جمعان فأكثر في القلة أو الكثرة فيذكر ذلك، نحو قوله:
"وهو الأنف.... وجمعه في القليل آنف وآناف، وفي الكثير أنوف"2.
وقوله: "ومنه الحوار بالضم: وهو ولد الناقة.... وجمعه في العدد القليل
أحورة، وفي الكثير حوران وحيران"3.
وقوله: "والطائر: واحد ... وجمعه طير، كراكب وركب، وأطيار وطيور
وطوائر"4.
وقوله: "وهي الحلقة من الناس، ومن الحديد..... وجمعها حلق ...
وحلق..... وحلقات بفتحها في أدنى العدد"5.
وقد تتعدد الجموع بحسب تعدد لغات الكلمة، فيذكر ذلك أيضا، نحو قوله:
"وتقول في جمع المفتوح الثاني من هذه: أشماع وأشعار وأنهار. وفي جمع
المسكن: شموع وشعور ونهر بضم النون والهاء. وقياس الساكن في جمع القلة
أشمع وأشعر وأنهر"6.
__________
1 ص 677.
2 ص 584.
3 ص 738.
4 ص 788.
5 ص 873.
6 ص 595.
(1/205)
وقوله: "وهي القلنسوة.... والقلنسية ...
وتقول في جمعها في اللغتين جميعا- إن حذفت الواو -: القلانس، وإن حذفت
النون: القلاسي، وإن حذفت الهاء: القلنسي"1.
وقوله: "ودرهم زائف وزيف.... وجمع زائف زائفات وزوائف وزيف.... وجمع
زيف زيوف"2.
وقد يشير عند شرح الألفاظ المجموعة إلى أفرادها، نحم قوله: "والعجم ...
والواحدة عجمة"3.
وقوله: "وواحدة الشطب المضمومة الطاء شطيبة، على مثال طريقة وطرق"4.
وقوله: "والرقاق.... والواحدة منه رقاقة"5.
وأشار إلى جمع الجمع، ونص على هذه التسمية في قوله: "رهن جمع رهان، مثل
فراش وفرش، فيكون جمع جمع"6.
وقد يشير إليه من غير تسمية كقوله: "وهو السوار: للذي في
__________
1 ص 836.
2 ص 856-857.
3 ص 742.
4 ص 839.
5 ص 845.
6 ص 380.
(1/206)
اليد ... وجمعه القليل أسورة، وجمع أسورة
أساور وأساورة"1.
وقوله: "وجمع الظفر أظفار، وجمع الأظفار أظافير"2.
وتحدث عن اسم الجمع، وهو ما ليس له واحد من لفظه، من غير أن ينص على
هذا التسمية، فقال: "وتقولك امرؤ بضم الراء، وامرآن وقوم، وامرأة
وامرأتان ونسوة، فجاء لفظ الجمع للمذكر والمؤنث من غير لفظ موحدهما،
ولا يقولون في الجمع: امرؤون ولا امرآت"3.
ووافق ثعلبا على جعل "عدى" جمعا لعدو، وهو عند أكثر علماء اللغة والنحو
اسم جمع، وضع موضع الجمع4.
وذكر قاعدة صرفية هامة، وهي أن المصادر وأسماء الأجناس لا تثنى ولا
تجمع، إلا إذا اختلفت أنواعها، وذلك في وقوله: "المصدر لا يثني، ولا
يجمع، ولا يؤنث لأنه يدل بلفظه على القليل والكثير، كأسماء الأجناس،
كالماء والزيت والعسل.... لأن كل لفظ من ذلك يقع على الجنس بأسره قليله
وكثيره، فاستغني عن تثنيته وجمعه، فإن اختلفت أنواعها جاز تثنيتها
وجمعها، كقولك: شربت ماءين، تريد: ماء حلوا، وماء ملحا.... وكذلك
المصدر نحو قولك: ضربت زيدا ضربين، أي
__________
1 ص 645.
2 ص 936.
3 ص 839-840.
4 ص 854.
(1/207)
نوعين من الضرب شديدا وهينا. ومنه قوله
تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} أراد ظنونا مختلفة"1.
كما ذكر أن المصدر متى كثر استعماله ثني وجمع أيضا، حيث يقول: "ورجل
ضيف، وامرأة ضيف، وقوم ضيف كذلك، لا يثنى ولا يجمع، لأنه مصدر وضع موضع
ضائف ... وإن شئت ثنيت وجمعت، فقد قالوا: أضياف وضيوف وضيفان ... وإنما
ثني هذا وجمع لما كثر استعماله، لأنهم أجروه مجرى الأسماء والصفات، ولا
يثنى ولا يجمع ولا يؤنث من هذا الباب إلا ما كثر استعماله، فأما ما يقل
استعماله فالأصل فيه أن يترك في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد،
لأنها مجراة مجرى المصادر"2.
وأشار إلى قاعدة جمع ما جاء على وزن "فعلة" من الأسماء والصفات، كما
سبق في حديثنا عن الميزان الصرفي3.
ونبه على بعض الجموع التي جاءت على غير القياس من غير أن يعلل ذلك، وقد
يذكر القياس، كقوله: "وهو الدخان ... وجمعه دواخن على غير القياس، كما
قالوا: عثان وعواثن"4.
وقوله: "وفوهة النهر: مخرج مائه. والجمع أفواه على
__________
1 ص 559-560.
2 ص 564-565.
3 ص 193.
4 ص 767.
(1/208)
غير قياس وقياسه فوايه"1.
وتحدث عن بعض الألفاظ التي لم يسمع لها بجمع، وغالبا ما يذكر قياسه،
نحو قوله: "وهو صداق المرأة: لمهرها، ولم يسمع له جمع، وقياسه في
القليل أصدقة، وفي الكثير صدق"2.
وقوله: "وناقة سرح ... أي سريعة في سيرها، ولم يسمع لها بجمع وقياسه
أسراح مثل عنق وأعناق، وطنب وأطناب"3.
وقوله: "وأما الحدور بفتح الحاء: فهو مثل الهبوط ... ولم يسمع له بجمع
أيضا"4.
وأشار إلى بعض الجموع التي تتكلم بها العامة، فقال: "وهي الرحى....
وجمعها أرحاء، ولا يقال: أرحية"5 ولم يعلل سبب المنع.
وقال: "وهذه فرس: للأنثى من الخيل..... وتقول للمذكر: هذا فرس....
والجمع منهما أفراس، ولا يقال: فرسان، إنما الفرسان جمع فارس، كراكب
وركبان"6.
__________
1 ص 753.
2 ص 583.
3 ص 788.
4 ص 610.
5 ص 582.
6 ص 791-792.
(1/209)
وقال: "وأما الدانِق والدانَق: فهما بمعنى
واحد ... وجمعها دوانق، والعامة تقول: دوانيق فيكون جمع داناق، وهي لغة
للعرب"1.
وأشار إلى بعض الجموع التي طرأ عليها شيء من العلل الصرفية، من ذلك
قوله – غير ما تقدم الحديث عنه2 -: "أوقية، وجمعها أواقي..... وقد
قالوا أيضا: أواق بالتخفيف، على حذف الياء التي هي لام الفعل"3.
وأشار إلى دور الجمع في رد الكلمات إلى أصولها، فقال: "وجمع العضة:
عضاه بإظهار الهاء في الجمع أيضا، لأن أصل عضة "عضهة" بهاءين وفتح
الضاد، فحذفوا الهاء الأصلية وبقوا الزائدة، فإذا صغروا أو جمعوا ردوا
الهاء المحذوفة"4.
6 – النسب"
أشار أبو سهل إلى أربعة أنوع من الألفاظ المنسوبة:
منسوب إلى مفرد على القياس، وذكر الاسم المنصوب إليه، فقال: "ورمح خطي
ورماح خطية بتشديد الطاء والياء: وهو منسوب إلى الخط، وهي إحدى مدينتي
البحرين، يقال لإحداهما: الخط،
__________
1 ص 857.
2 ص 193، 195.
3 ص 717-718.
4 ص 804.
(1/210)
والأخرى هجر"1.
2- منسوب إل لفظ محذوف اللام، وذكر أن هذه اللام ترد عند النسب، فقال:
"وأصل لغة: لغوة، مثل عروة، ولذلك قالوا في النسب إليها لغوي"2.
3- منسوب إلى لفظ جاء على صورة الجمع، وجازت النسبة إليه، لأنه صار
اسما للواحد، فقال: "وثوب معافري بتشديد الياء: وهو منسوب إلى معافر،
وهو موضع. وقيل: قبيلة من اليمن. وقال الجبان: هو اسم رجل سمي بلفظ
الجمع"3.
منسوب على غير القياس، وذكر من ذلك ثلاثة ألفاظ، وهي يمان، وشأم،
وتهام، وذكر في سبب شذوذها وجهين هما الحذف والتعويض في يمان وشآم،
والحذف وتغيير الحركة في تهام، فقال: "وتقول: رجل يمان: من أهل اليمن،
وشآم بوزن شعام: من أهل الشام ... وتهام بفتح التاء: من أهل تهامة،
وكان القياس فيمن نسب إلى اليمن والشام أن يقال: يمني وشأمي بتسكين
الهمزة، بوزن شعمي، وبياء مشددة في آخره للنسب، لكن لما كثر استعمالهما
في الكلام وجب تخفيفهما فحذفوا إحدى ياءي النسب من آخرهما وعوضوا منها
ألفا قبل النون والميم، فصار يماني وشآمي بفتح الهمزة وياء خفيفة، ثم
لما أدخلوا
__________
1 ص 590.
2 ص 316.
3 ص 586.
(1/211)
التنوين حذفوها لئلا يجتمع ساكنان، فقيل:
يمان وشآم..... وتهامة مكسورة التاء، والأصل في النسب إليها تهامي بكسر
التاء وتشديد الياء، فلما أرادوا تخفيفه أيضا حذفوا إحدى ياءي النسب
منه، وأرداوا أن يعوضوا منها ألفا كما عملوا بيمان وشآم، فلم يمكنهم
ذلك لكون الألف قبل الميم، فلو زادوا ألف التعويض لاجمتع ألفان ساكنان،
فكان يجب أن يحذفوا أحدهما، فعدلوا عن هذا إلى فتح الميم، ونابت هذه
الفتحة عن ألف التعويض، فصار تهامي بياء خفيفة، ثم لما أدخلوا التنوين
حذفوا الياء لالتقاء الساكنين، فصار تهام، على لفظ يمان وشآم"1.
ثالثا: المسائل النحوية:
عرض أبو سهل لبعض المسائل النحوية، وكان عرضه لها في الغالب موجزا، أي
من غير تفصيل واستيعاب لجميع جوانب المسألة، حيث كان يقتصر في إشارته
النحوية على ما تمس الحاجة إليه، أو تقتضيه المناسبة في ضوء شرحه
اللغوي للألفاظ.
ومن المسائل التي عرض لها ظاهرة الإعراب، حيث أعرب ووجه بعض الأساليب
والألفاظ الواردة في الفصيح، فعند قول ثعلب: "ومنه ما فيه لغتان كثرتا،
واستعملتا، فلم تكن إحداهما أكثر من الأخرى، فأخبرنا بهما" قال: "تكن
... يطلب في هذا الموضع اسما وخبرا، فاسمه مرفوع وخبره منصوب، لما كان
هو الاسم في المعنى، واسمه
__________
1 ص 890-891.
(1/212)
وقوله: "إحدى" إلا أنها لا يتبين فيها وفع،
لأنها مقصورة، وهي مضافة إلى هما، وهو ضمير عن اللغتين، و"أكثر" منصوب،
لأنه خبر تكن"1.
وأشار إلى بعض الأسماء الممنوعة من الصرف، وذكر منها نوعين:
1- نوع منع من الصرف لعلة واحدة، وذكر من ذلك جموعا جاءت على وزن
أفاعيل، مثل: أضاحي، وأماني، وأواقي2.
2- ونوع منع ممن الصرف لوجود علتين معا، وذكر من ذلك الممنوع من الصرف
للعلمية والتأنيث، أو العلمية والعجمة، مثل: محوة، وعرفة، وبغداد3
والممنوع من الصرف اللوصفية ووزن الفعل مثل: أبرص، وأول4.
كما تعرض لبعض الأحكام المتصلة ببعض بالحروف والأدوات النحوية مثل:
إلى، والباء، وعلى، وفي واللام، ومن، ومذ ومنذ، ولن، ولم، ولعل، وليت،
وما5.
ولعل من أهم المسائل النحوية التي عرض لها بعض مسائل الخلاف بين
البرصريين والكوفيين. ومما عرض له خلافهم في تأصيل اسم الإشارة
__________
1 ص 321.
2 ص 717.
3 ص 369، 743، 833.
4 ص 748، 898.
5 ينظر: ص 313، 315، 316، 322، 327، 362، 822، 867، 897، 916، 937.
(1/213)
"ذا" من غير تحيز ظاهر لأحد الفريقين، حيث
يقول: "هذا اسم مبهم يشار به اللمخاطب إلى كل مذكر موجود بحضرته غير
بعيد عنه.
وأصله عند البصريين ذان وأصل ذا ذيا، وقال الكوفيون: أصل هذا الذال
وحدها، والألف عماد وتكثير، لأن الاسم لا ينفصل على حرف واحد. وقالوا
جميعا: إن العرب زادت ها قبل ذا للتنبيه"1.
ولكنه أخذ برأي البصريين في هذه المسألة في موضع آخر حيث قال: "وذلك:
اسم مبهم وهو نقيض هذا في الإشارة..... والاسم منه ذا، واللام زائدة
للتكثير"2. وقوله: "اسم مبهم" موافقة كذلك لرأي البرصريين، لأنهم يسمون
أسماء الإشارة أيضا "الأسماء المبهمة"، أما الكوفيون فيسمونها "حروف
المثل"3.
وكذلك نقل عن بعض علماء اللغة والنحو تأصيل "تلك وتيك" في الإشارة إلى
رأي المؤنثة البعيدة، ورد على من زعم أن "ذيك" بالذال والياء خطأ،
فقال: "والذي عندي أن تلك باللام، وتيك بالياء، وذيك بالذال والياء
كلها بمعنى واحد، وهي لغات للعرب، وليس ذيك بالذال خطأ، كما زعم ثعلب
والجبان وغيرهما، بل هي لغة صحيحة جارية على قياس كلام العرب....
والكاف في آخر تلك وتيك زائدة للخطاب، ولا موضع لها من الإعراب، لأنها
حرف وليست باسم، والدليل على أن ذيك
__________
1 ص 310.
2 ص 317.
3 التهذيب 15/37، واللسان 15/454 (ذا) .
(1/214)
بالذال، لغة صحيحة وليست بخطأ أنهم إذا
حذفوا كاف الخطاب من آخرها بقيت ذي بذال مكسورة، وبعدها ياء، فتكون
إشارة إلى مؤنث فإذا أشاروا إلى مذكر قالوا: ذا عبد الله بذال مفتوحة،
بعدها ألف، ثم إنهم يزيدون قبل ذا وذي ها للتنبيه، فيقولون: هذا عبد
الله، وهذي أمة الله، قرأ بعض القراء: {إِنَّ هَذِي أُمَّتُكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً} ، {وَلا تَقْرَبَا هَذِي الشَّجَرَة} بالياء فيهما
... "1.
والبصريون يمنعون إضافة الشيء إلى نفسه أو صفته، والكوفيون يجيزون ذلك،
لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه أو صفته إذا اختلفت ألفاظه ويحتجون
بقوله تعالى: {وَلَدَارُ الآخِرَة} 2، وقوله أيضا: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ
حَقُّ الْيَقِينِ} 3.
وقد أشار أبو سهل عند قول ثعلب: "وهو عرق النسا" بإضافة عرق إلى النسا،
إلى إجازة الكوفيين هذا الاستعمال، ومنع البصريون له، لأن النسا اسم
العرق بعينه. واكتفى هنا بعرض الرأيين دون تأييد لأحدهما4.
أما عند قول ثعلب: "وتقول: كان ذاك ... عام الأول" فقد قدر الإضافة
بقوله: "كان ذاك عام الحديث الأول، وعام الزمان
__________
1 ص 850-851.
2 سورة يوسف 109.
3 سورة الواقعة 90. وينظر: معاني القرآن 2/55، والإنصاف في مسائل
الخلاف 2/36.
4 ينظر: ص 580-581.
(1/215)
الأول"1، فأخذ بالمذهب البصري في منع إضافة
الشيء إلى وصفه، وحمل الإضافة على تقدير مضاف إليه محذوف حلت صفته
محله.
ومما يؤكد ميل أبي سهل إلى مذهب البصريين في هذه المسألة قوله:" وهي
بقلة الحمقاء، هكذا رأيته في نسخ عدة بإضافة بقلة إلى الحمقاء، وليس هو
جيدا، ورأيت في نسخ أخر: وهي البقلة بالألف واللام والرفع على الصفة،
وهذا هو الصواب"2. فصوب الرواية الأخيرة، ولم يستحسن الأولى، لأنها
وردت بإضافة الموصوف إلى صفته.
وأرى أن إضافة الشيء إلى صفته استعمال لغوي سليم، وليس هناك ما يدعو
إلى تكلف التأويل والتقدير، وما لا يحتاج إلى تأويل أولى وأجدر بالقبول
مما يحتاج إلى تأويل.
وأخذ بالمذهب البصري أيضا في إعراب الاسم الواقع بعد "مذ"، حيث يقول:
"وتقول: ما رأيته مذ أول من أمس برفع "أول"، هكذا هو في نسخ عدة، وفي
نسخ أخر "مذ أول" بالنصب، والأجود بالرفع، لأن مذ بغير نون ترفع ما مضى
من الزمان على تقدير الابتداء والخبر، وتقديره: مبدأ انقطاع رؤيتي له
أول من أمس، وأول ذلك أول من أمس"3.
__________
1 ص 880.
2 ص 814-815.
3 ص 897-898.
(1/216)
فهذا هو مذهب البصريين في تقدير الرفع، أما
الكوفيون فيذهبون إلى أن "مذ ومنذ" إذا ارتفع الاسم بعدهما ارتفع
بتقدير فعل محذوف. وذهب أبو زكريا الفراء إلى أنه يرتفع بتقدير مبتدأ
محذوف1.
ولا يعني أخذه برأي البصريين في هذه المسائل أنه بصري المذهب أو ممن
يتعصب له، فقد خالف رأي البصريين في غير مسألة من مسائل النحو واللغة
رجح فيها رأي الكوفيين، فمن ذلك رده على ابن درستويه والجبان – وهما
ممن يتعصب للمذهب البصري – إنكارهما على ثعلب قوله في تأنيث الأسود:
"والأنثى أسودة" فقال: "أنكر ابن درستويه أسودة، وكذلك أنكره الجبان
أيضا، وقال: هذا شيء من قبل الكوفيين، لأن أسود إن كان وصفا فتأنيثه
سوداء، وإن كان اسما غير وصف فلا لفظ منه لمؤنثه مختص. وهذا الذي
أنكراه على ثعلب – رحمه الله – لا يقدح فيما رواه عن علماء الكوفيين،
ولو لم يصح له سماع ذلك منهم لما أثبته في كتابه، وإذا ورد الشيء
المسموع عن من يوثق به تقبل ذلك وإن كان خارجا عن القياس، ومع هذا فإن
غيره من أهل اللغة أيضا قد حكى: رأيت أسودات كثيرة، أي حيات، فجمع
أسودة على أسودات"2.
وقال ثعلب: "وهو الوقود، والطهور، والوضوء، تعني الاسم، والمصدر بالضم"
فوافق أبو سهل ثعلبا على هذا التفريق، وهو مذهب كوفي، أما البصريون
فقالوا: الفتح والضم في هذه الألفاظ للأسم
__________
1 الإنصاف 1/382.
2 ص 896-897.
(1/217)
والمصدر جميعا1.
ومنع الأصمعي قولهم: "شتان ما بينهما" وأجازه الفراء وثعلب، ولم
يخالفهما أبو سهل، بل أنشد قول أبي الأسود الدؤلي حجة لذلك القول:
لشتان ما بيني وبينك إنني ... على كل حال أستقيم وتضلع2
وأجاز الفراء أيضا كسر نون شتان، وهو خطأ محض عند البصريين، أما أبو
سهل فلم يخطئه بل وجهه بقوله: "وأما وجه قول الفراء في كسر النون،
فكأنه أراد تثنية شت، وهو المتفرق، ويجوز أن يكون كسرها على أصل التقاء
الساكنين"3.
وبالرغم من اعتماده على القياس في بعض المسائل4، فإنه كان يميل إلى
الأخذ بمنهج الكوفيين في تقديم السماع على القياس إذا ما تعارضا5، يوضح
ذلك قوله السابق: "وإذا ورد الشيء المسموع عن من يوثق به تقبل ذلك، وإن
كان خارجا عن القياس".
وقوله: " ... وكان القياس الدخل بسكون الخاء ... لكن السماع أولى
__________
1 ص 610، 611.
2 ص 821، 823.
3 ص 823.
4 ينظر مثلا: ص 321، 333، 427، 583، 753.
5 دراسة في النحو الكوفي 297.
(1/218)
من القياس"1.
وقوله: "وهذا الذي قاله ابن درستويه وإن كان قياسا صحيحا، فإن المسموع
من العرب خلافه ... "2.
وقوله: " ... وإن كان بعض الجموع قد خرجت عن القياس، لكن الذي ورد به
السماع ما قالوه "3.
وقوله: " والعامة تقول: عود يسر بالياء، وإن كان له وجه من الاشتقاق،
فهو مخالف لما وردبه السمع عن العرب"4.
واستخدم إلى جانب مصطلحات النحو البصرية كثيرا من المصطلحات الكوفية،
فعبر عن الفعل المضارع بالمستقبل5، وعن النفي بالجحد6، وعن المبني
للمجهول بما لم يسم فاعله7، وعن تاء التأنيث بالهاء8. وعن الجر
بالخفض9، وعن بناء الأمر بالجزم10، وعن الفتح
__________
1 ص 596.
2 ص 676.
3 ص 855.
4 ص 697.
5 ينظر: ص 184 من هذا القسم.
6 ص 844.
7 ص 391، 410.
8 ص 526، 797، 806.
9 ص 797، 898.
10 ص 816، 817.
(1/219)
والضم بالنصب والرفع، والخلط بين ألقاب
البناء والإعراب شائع عند الكوفيين.
والذي نخرج به مما سبق أن أبا سهل – رحمه الله – لم يكن متعصبا لأحد
الفريقين، بل كان يأخذ من آرائهما ما يراه جديرا بالإتباع، وما يحقق
غرضه في خدمة المادة العلمية لكتابه في استقلالية وتجرد يحكمها العقل
ولا تؤثر فيهما العاطفة.
(1/220)
|