إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث

بَاب الْحَاء

فِي إِعْرَاب مَا يشكل من حَدِيث

[18] الْحَارِث بن حسان الْبكْرِيّ الذهلي.

[19] أبي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي.

[20] أبي وَاقد اللَّيْثِيّ واسْمه الْحَارِث.

[21] أبي سعيد بن الْمُعَلَّى.

[22] حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ.

[23] حبَان بن بح الصداري.

[24] أبي جُمُعَة حبيب بن سِبَاع.

[25] حجاج الْأَسْلَمِيّ.

[26] حُذَيْفَة بن أسيد.

[27] الْحسن بن عَليّ.

[28] الحكم بن حزن الكلفي.

[29] أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ " حميل بن بصرة ".

[30] حَنْظَلَة بن ربيعَة الْأَسدي.

(1/69)


[18] الْحَارِث بن حسان الْبكْرِيّ

إِعَادَة الضَّمِير بعد الْجمع على لفظ الْمُفْرد

(122) وَفِي حَدِيث الْحَارِث بن حسان الْبكْرِيّ الذهلي قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " فمرت بِهِ سحابان سود فنودى مِنْهَا " الْمُفْرد يكون وَاحِدًا، وَيكون جمعا، وَيذكر وَيُؤَنث، قَالَ الله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا أقلت سحابا ثقالا} . فجَاء بثقال على الْجمع، ثمَّ أعَاد الضَّمِير إِلَيْهِ على لفظ الْمُفْرد الْوَاحِد فِي قَوْله تَعَالَى: {فسقناه إِلَى بلد} . وَقَالَ تَعَالَى: {ألم تَرَ أَن الله يزجي سحابا ثمَّ يؤلف بَينه} . فَبين تَقْتَضِي الْجمع، ثمَّ جعل الضَّمِير مذكرا، فَفِي هَذَا الحَدِيث: ثنى السَّحَاب، فقد اسْتعْمل على الْإِفْرَاد، وَيجوز أَن يكون الْوَاحِد جمعا، ثمَّ ثناه كَمَا قَالُوا: إيلان كَأَنَّهُ قَالَ: " قطيعان من الْإِبِل ". فعلى هَذَا يكون قَوْله: " سود " حملا على الْجمع.
وَقد يُقَال: سَحَابَة، وسحاب مثل تَمْرَة، وتمر؛ فَيكون جِنْسا، فَتكون الْجمع على مَعْنَاهُ.
[19] الْحَارِث بن ربعي " أَبُو قَتَادَة "
حذف الْمُبْتَدَأ

(123) وَفِي حَدِيث ابي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي: (إِذْ مرت بِهِ جَنَازَة فَقَالَ " مستريح ومستراح مِنْهُ ". التَّقْدِير: النَّاس، أَو الْمَوْتَى مستريح، ومستراح مِنْهُ.

(1/70)


عدم جَوَاز إِضَافَة مَا فِيهِ أل إِلَى النكرَة

(124) وَفِي حَدِيثه: " خير الْخَيل الأدهم الأقرح الأرثم المحجل ثَلَاث مِنْهُ " وَثَلَاث مَرْفُوع بالمحجل، وَلَا يجوز جَرّه؛ لأَنهم أَجمعُوا على أَنه لَا يجوز إِضَافَة مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إِلَى النكرَة. وَلَو كَانَ المحجل الثَّلَاث لجَاز الْجَرّ.
[20] أَبُو وَاقد اللَّيْثِيّ (الْحَارِث)
فتح اللَّام فِي الْجمع لَا غير

(125) وَفِي حَدِيث أبي وَاقد اللَّيْثِيّ واسْمه الْحَارِث: " يَعْمِدُونَ إِلَى أليات الْغنم ". اللَّام مَفْتُوحَة فِي الْجمع لَا غير؛ لِأَنَّهَا مثل جَفْنَة وجفنات.
[21] أَبُو سعيد بن الْمُعَلَّى (الْحَارِث)

تَوْجِيه الحَدِيث " مَا من النَّاس أحد أمنّ ".

(126) وَفِي حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى واسْمه الْحَارِث: " مَا من النَّاس أحد أَمن ... ". " أحد " اسْم " مَا "، و " من النَّاس " وصف لأحد فِي الأَصْل، فَصَارَ حَالا، وَأمن مَنْصُوب خبر مَا، وَيجوز رَفعه على لُغَة بني تَمِيم.

(1/71)


[22] حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ

مَا ينصب نصب الظّرْف

(127) وَفِي حَدِيث حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ: " صليت مَعَ نَبِي الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الظّهْر وَالْعصر بمنى أَكثر مَا كَانَ النَّاس وآمنه رَكْعَتَيْنِ ". أَكثر وآمن منصوبان نصب الظروف، وَالتَّقْدِير: صليت مَعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من أَكثر. فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه. أَي: أَكثر كَون النَّاس. وَأما " آمِنَة " بِالْهَاءِ فعائدة على جنس النَّاس وَهُوَ مُفْرد. وَيجوز أَن تعود على " الْكَوْن " الَّذِي أضيف أَكثر إِلَيْهِ وَهُوَ وَجه.
حذف الْمُبْتَدَأ

(128) وَفِي حَدِيثه: " أَلا أنبئكم بِأَهْل الْجنَّة كل ضَعِيف " كل مَرْفُوع لَا غير. أَي: هم كل ضَعِيف.
[23] حَدِيث حبَان بن بح الصداري

التَّمْيِيز المحول عَن الْفَاعِل

(129) وَفِي حَدِيث حبَان بن بح الصداري: " فَجعل النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَصَابِعه فِي الْإِنَاء فانفجرت عيُونا " عيُونا تَمْيِيز، وَأَصله فانفجرت عُيُون المَاء وَهُوَ مثل قَوْلهم: تصبب زيد عرقا. وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى: فَصَارَ الْإِنَاء عيُونا مثل قَوْله تَعَالَى: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} .

(1/72)


[24] أَبُو جُمُعَة حبيب بن سِبَاع

حذف الِاسْتِفْهَام لظُهُور مَعْنَاهُ

(130) وَفِي حَدِيث أبي جُمُعَة جبيب بن سِبَاع: (تغدينا مَعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ومعنا أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فَقَالَ: يَا رَسُول الله: أحد خير منا؟) التَّقْدِير: هَل أحد خير منا؟) التَّقْدِير: هَل أحد خير منا؟ فَحذف الِاسْتِفْهَام لظُهُور مَعْنَاهُ كَقَوْل الشَّاعِر:
(ثمَّ قَالُوا تحبها؟ قلت - بهرا - ... عدد الْقطر والحصى وَالتُّرَاب)

أَي: أتحبها؟

[25] حجاج الْأَسْلَمِيّ

تَوْجِيه حَدِيث " غرَّة عبد وَأمة "

(131) وَفِي حَدِيث حجاج الْأَسْلَمِيّ: " قلت: يَا رَسُول الله مَا يذهب عني مذمة الرَّضَاع؟ قَالَ: غرَّة عبد وَأمة " غرَّة عبد وَأمة يرْتَفع بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: يذهب عَنْك ذَلِك غرَّة، وَعبد بدل مِنْهَا.

(1/73)


[26] حُذَيْفَة بن أسيد

تَوْجِيه حَدِيث آيَات قيام السَّاعَة

(132) وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى ترَوْنَ عشر آيَات: طُلُوع الشَّمْس وَمَا بعده ". ثمَّ قَالَ: " وَثَلَاثَة خُسُوف: خسف بالمغرب " [وَمَا بعد] أما " عشر " و " ثَلَاثَة " فبالنصب لَا غير.
وَأما " طُلُوع " و " خسف بالمغرب " فَيجوز فِيهِ الرّفْع على تَقْدِير: هِيَ، وَالنّصب على الْبَدَل من عشر و " ثَلَاثَة ".
وَفِي هَذَا الحَدِيث " حَتَّى ترَوْنَ " بالنُّون وَلَا وَجه لَهُ؛ لِأَن حَتَّى بِمَعْنى إِلَى أَن.
تَوْجِيه حَدِيث " هَذَا مَوضِع الْإِزَار "

(133) وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة: " أَخذ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بعضلة ساقي وَقَالَ: هَذَا مَوضِع الْإِزَار فأسفل فَإِن أَبيت فأسفل " قَوْله: فأسفل الأولى مَرْفُوعَة لِأَنَّهَا عطف على مَوضِع تَقْدِيره: هَذَا مَوضِع الْإِزَار فمكان أَسْفَل، وَلَا يجوز نَصبه على الظّرْف إِذْ لَيْسَ هُنَا مَا يكون هَذَا ظرفا لَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ نفس الْمَكَان. وَكَذَلِكَ أَسْفَل الثَّانِيَة مَرْفُوعَة، وَتَقْدِيره: فَإِن أَبيت فَهُوَ أَسْفَل.
تَوْجِيه رِوَايَة " ضرب لنا أَمْثَالًا وَاحِد "

(134) وَفِي حَدِيثه: " ضرب لنا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَمْثَالًا ... "

(1/74)


وَاحِد وَمَا بعده بِالرَّفْع. وَتَقْدِيره: هِيَ وَاحِد وَلَو نصب جَازَ على أَن يكون بَدَلا من " أَمْثَال ".
تَوْجِيه حَدِيث وَلَكِن أخْبركُم بمشاريطها

(135) وَفِي حَدِيثه فِي ذكر السَّاعَة: " وَلَكِن أخْبركُم بمشاريطها ". قَوْله: " بمشاريطها " جمع. واحده: مَشْرُوط وَهُوَ الْمُعَلق على الشَّرْط كَقَوْلِك: الطَّلَاق مَشْرُوط الْوُقُوع بِالدُّخُولِ مثلا، فَكَذَلِك السَّاعَة مَشْرُوطَة بِكَذَا وَكَذَا. أَي: إِذا وجدت تِلْكَ الأشراط وجدت السَّاعَة. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {فقد جَاءَ أشراطها} وَهُوَ جمع شَرط. فقلبت الْوَاو يَاء فِي الْجمع كَقَوْلِك: عرقوب وعراقيب.
تَوْجِيه حَدِيث الْفِتْنَة " أَلا ترجع "

(136) وَفِي حَدِيثه حَدِيث الْفِتْنَة: يَا رَسُول الله الْهُدْنَة على دخن مَا هِيَ؟ قَالَ: " لَا ترجع قُلُوب قوم على الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: ترجع هُنَا مَرْفُوع وَفِيه وَجْهَان:
أَحدهمَا: هُوَ مُسْتَأْنف لَا مَوضِع للجملة. وَهُوَ تَفْسِير للدخن على الْمَعْنى.
وَالثَّانِي: هُوَ فِي مَوضِع رفع أَي: هِيَ لَا ترجع، وَأَن هَهُنَا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة، وَنَظِير ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {أَفلا يرَوْنَ أَلا يرجع إِلَيْهِم قولا} .
تَوْجِيه حَدِيث عرض الْفِتَن على الْقُلُوب

(137) وَفِي حَدِيثه: " تعرض الْفِتَن على الْقُلُوب عرض الْحَصِير فَأَي قلب أنكرها نكت فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء، وَأي قلب أشربها نكتت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء حَتَّى يصير الْقلب على قلبين: أَبيض مثل

(1/75)


الصَّفَا لَا يضرّهُ فتْنَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَالْآخر أسود مربد كالكوز مخجيا ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: " حَتَّى يصير الْقلب " [الْقلب] هُنَا جنس فِي معنى الْقُلُوب.
وَقَوله على قلبين: خبر " صَار ". أَي: تَنْقَسِم قسمَيْنِ، وَقَوله " أَبيض ": مَنْصُوب كَمَا نصب أسود، ومربدا ومخجيا. وَجه النصب أَن يكون بَدَلا من قَوْله: " قلبين " وَكَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى تصير الْقُلُوب: أَبيض وأسود.
وَلَو روى الْجَمِيع بِالرَّفْع جَازَ على تَقْدِير: بَعْضهَا أَبيض وَبَعضهَا أسود، وَلَو روى بِالْجَرِّ على الْبَدَل من قلبين جَازَ أَي على قلب أَبيض، وقلب أسود مربد.
جَوَاز تذكير الْفِعْل مَعَ الْمُؤَنَّث غير الْحَقِيقِيّ

(138) وَفِي حَدِيثه " حَدِيث الْمِعْرَاج ": " لَو صلى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لكتب عَلَيْكُم صَلَاة فِيهِ كَمَا كتب عَلَيْكُم صَلَاة فِي الْبَيْت الْعَتِيق ".
كتب فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِغَيْر تَاء؛ لِأَن الصَّلَاة تأنيثها غير حَقِيقِيّ، فَيجوز تذكير الْفِعْل وتأنيثه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة}
تَوْجِيه حَدِيث " غير منتقص من أُجُورهم شَيْئا ".

(139) وَفِي حَدِيثه: " من سنّ خيرا فاستن بِهِ كَانَ لَهُ أجره، " وَأجر " من يتبعهُ غير منتقص من أُجُورهم شَيْئا " شَيْئا مَنْصُوب وَفِيه وَجْهَان:

(1/76)


أَحدهمَا: هُوَ وَاقع الْمصدر كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا يضركم كيدهم شَيْئا} .
وَالثَّانِي: أَن يكون مَفْعُولا بِهِ.
فعلى هَذَا يكون قَوْله: " من أُجُورهم شَيْئا " فِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: يتَعَلَّق بمنتقص.
وَالثَّانِي: يكون صفة لشَيْء قدمت فَصَارَت حَالا.
تَصْحِيح رِوَايَة " لأبعد من أَيْلَة من عدن "

(140) وَفِي حَدِيثه: " إِن حَوْضِي لأبعد من أَيْلَة من عدن ".
(أ) وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة من عدن وَهُوَ صَحِيح؛ لِأَن أبعد أفعل يحْتَاج إِلَى من، وَمن الأولى تتَعَلَّق بأبعد، وَمن عدن يتَعَلَّق بأيلة أَي: أبعد من أَيْلَة بعيدَة من عدن، فالجار وَالْمَجْرُور حَال من أَيْلَة.
إِعْرَاب " غير " فِي قَوْله: لَيست لأحد غَيْركُمْ

(ب) وَقَوله فِيهِ أَيْضا: " لأحد غَيْركُمْ " يجوز جر غير على الصّفة لأحد وعَلى الْبَدَل مِنْهُ، ونصبه على الِاسْتِثْنَاء.
لماذا أنث الضَّمِير؟

(141) وَفِي حَدِيثه: " من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا " إِنَّمَا أنث الضَّمِير؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْعِبَادَة والخصلة الصَّالِحَة.
(142) وَفِي حَدِيثه: " عرضت على قبيل " " قلت: بلَى قبيل " تَصْغِير قبل. وَيُرَاد بِمثل هَذَا قرب الزَّمَان. وَهُوَ مَبْنِيّ على الضَّم كَمَا أَن مكبره كَذَلِك لقطعه عَن الْإِضَافَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى " {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد}

(1/77)


إِدْخَال نون التوكيد على الْمَاضِي وتوجيه رِوَايَة:

" فَأَما أدركن وَاحِد مِنْكُم "

(143) وَفِي حَدِيثه حَدِيث الدَّجَّال " مَعَه نهران يجريان فإمَّا أدركن وَاحِد مِنْكُم ".
(أ) قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى: " إِمَّا " هَهُنَا مَكْسُورَة الْهمزَة؛ لِأَنَّهَا إِن الشّرطِيَّة زيدت عَلَيْهَا " مَا " وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} .
(ب) وَأما قَوْله: " أدركن " بالنُّون فَهَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَقد روى بطرِيق أخر " فَمن أدْرك ذَلِك " فَيدل هَذَا اللَّفْظ أَن أدْرك لَفظه لفظ الْمَاضِي، وَمَعْنَاهُ الْمُسْتَقْبل، والإشكال فِي إِلْحَاق النُّون لفظ الْمَاضِي، لِأَن حكمهَا أَن تلْحق بالمستقبل.
فَإِن كَانَت هَذِه الرِّوَايَة مَحْفُوظَة فوجهه أَنه لما أُرِيد بالماضي الْمُسْتَقْبل ألحق بِهِ نون التوكيد تَنْبِيها على أَصله.
عدم جَوَاز كَون النُّون لجَماعَة الْمُؤَنَّث

فَلَا يجوز أَن تكون النُّون هُنَا ضمير جمَاعَة الْمُؤَنَّث لأمرين:
أَحدهمَا: أَنه لم يتَقَدَّم فِي الحَدِيث جمَاعَة مؤنث يرجع هَذَا الضَّمِير إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنه رفع " مَا " بعده وَهُوَ قَوْله: " وَاحِد مِنْكُم " وَهَذَا مُفْرد مُذَكّر.
(ج) وَفِيه: " يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب " يجوز جر كَاتب على الصّفة لمُؤْمِن وَيجوز رَفعه صفة لكل أَو بَدَلا مِنْهُ.
تَوْجِيه رِوَايَة: أكلت لحمى، وخلص إِلَى عظمى

(144) وَفِيه حَدِيثه: أوصى أَهله أَن يحرقوه. قَالَ: " ... حَتَّى إِذا أكلت لحمى - يَعْنِي النَّار - وخلص إِلَى عظمي ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى: قَوْله خلص: بِغَيْر تَاء يحْتَمل وَجْهَيْن:

(1/78)


أَحدهمَا: أَن يكون أَرَادَ الْأكل لدلَالَة الْفِعْل عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنه ذكر النَّار، وتأنيثها غير حَقِيقِيّ، وَأَرَادَ حرق النَّار وَعبر بهَا عَن الْعَذَاب.
جَوَاز الرّفْع وَالنّصب فِي قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " الْبَقَرَة عَن سَبْعَة "

(145) وَفِي حَدِيثه: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أشرك بَين الْمُسلمين الْبَقَرَة عَن سَبْعَة " يجوز فِيهِ الرّفْع على معنى فَقَالَ: " الْبَقَرَة عَن سَبْعَة " وَالنّصب على تَقْدِير: جعل الْبَقَرَة عَن سَبْعَة.
تَوْجِيه رِوَايَة " من وَرَاء "

(146) وَفِي حَدِيثه: " فَيَقُول إِبْرَاهِيم: لست بِصَاحِب ذَلِك إِنَّمَا كنت خَلِيلًا من وَرَاء وَرَاء ".
(أ) قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: الصَّوَاب " من وَرَاء " بِالضَّمِّ؛ لِأَن تَقْدِيره: من تَقْدِير: ذَلِك، أَو من وَرَاء شَيْء آخر. فَلَمَّا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ بناه على الضَّم كقبل وَبعد. فَإِن كَانَ الْفَتْح مَحْفُوظًا احْتمل على أَن تكون الْكَلِمَة مُؤَكدَة مثل شذر ومذر، وَسقط وَبَين بَين.
وتوجيه رِوَايَة " وَشد الرِّجَال "

(ب) وَفِيه: " كمر الرّيح وَشد الرِّجَال " شدّ هُنَا مجرور مَعْطُوف على الْمَجْرُور قبله، وَالتَّقْدِير: أَو كشد الرِّجَال، أَو عَدو الرِّجَال.
(ج) ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ: " تجْرِي بهم أَعْمَالهم " أَي: سُرْعَتهمْ على قدر أَعْمَالهم.

(1/79)


[27] الْحسن بن عَليّ

اللَّام الفارقة ورأي الْبَصرِيين وَغَيرهم فِيهَا

(127) وَفِي حَدِيث الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا: " إِن كَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ليَبْعَثهُ ".
الصَّوَاب: فتح اللَّام وَرفع الْفِعْل كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن كَانَت لكبيرة} . وَالتَّقْدِير: إِن كَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لباعثا لَهُ. وأوقع الْفِعْل المستقل موقع اسْم الْفَاعِل. وَهَذِه اللَّام عِنْد الْبَصرِيين عوض مِمَّا لحق أَن من الْحَذف؛ لِأَن أَصله: إِنَّه كَانَ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِن بِمَعْنى مَا و " اللَّام " بِمَعْنى إِلَّا. وَمثله قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كل لما جَمِيع} .
[28] الحكم بن حزن الكلفي

الْجيد فِي " سَابِع سَبْعَة أَو تَاسِع تِسْعَة "

(148) وَفِي حَدِيث الحكم بن حزن الكلفي: " قدمت إِلَى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سَابِع سَبْعَة أَو تَاسِع تِسْعَة " الْجيد النصب على الْحَال. وَالْمعْنَى: أحد سَبْعَة وَأحد تِسْعَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ} . وَيجوز الرّفْع على تَقْدِير: وَأَنا سَابِع سَبْعَة فَيكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة حَال.

(1/80)


[29] أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ (حميل بن بصرة)

تَوْجِيه رِوَايَة " الْوتر الْوتر "

(149) وَفِي حَدِيث أبي بصرة الْغِفَارِيّ واسْمه حميل بن بصرة: " إِن الله عز وَجل زادكم صَلَاة فصلوها فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى صَلَاة الصُّبْح الْوتر الْوتر ".
قَالَ رَحمَه الله: فِيهِ وَجْهَان: فكرر فاستغنى عَن الْفِعْل، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: زادكم الْوتر، أَو أعنى: الْوتر. وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير عَلَيْكُم الْوتر وَكرر توكيدا.
وَالثَّانِي: الرّفْع على تَقْدِير هِيَ الْوتر، وَكرر توكيدا.
[30] حَنْظَلَة بن ربيعَة الْأَسدي

جَوَاز النصب وَالرَّفْع فِي حَدِيث حَنْظَلَة

(150) وَفِي حَدِيث حَنْظَلَة بن ربيعَة الْأَسدي: " يَا حَنْظَلَة سَاعَة وَسَاعَة " يجوز النصب على الْمَعْنى: تذكر سَاعَة وتلهو سَاعَة، وَالرَّفْع على تَقْدِير: لنا سَاعَة وَللَّه سَاعَة.

(1/81)