إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث

بَاب الرَّاء

فِي إِعْرَاب مَا يشكل من الحَدِيث

[33] حَدِيث رَافع بن خديج.

[34] حَدِيث ربيعَة بن كَعْب بن مَالك.

[35] حَدِيث رِفَاعَة بن زُرَيْق.

[36] حَدِيث رِفَاعَة بن عرابة الْجُهَنِيّ.

(1/84)


[33] رَافع بن خديج

جَوَاز الْجَرّ وَالنّصب فِي قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " الثَّمَرَة بالثمرة "
(153) وَفِي حَدِيث رَافع بن خديج: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن الْمُزَابَنَة: الثَّمر بِالتَّمْرِ ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: يجوز فِيهِ الْجَرّ على الْبَدَل، وَالنّصب على إِضْمَار فعل، وَهِي بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ.
الصَّوَاب فِي حَدِيث الْحمى " فابردوها " بِهَمْزَة وصل

(154) وَفِي حَدِيثه: " الْحمى من فيح جَهَنَّم فابردوها بِالْمَاءِ ". قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى:
(أ) الصَّوَاب وصل الْهمزَة وَضم الرَّاء. والماضي برد وَهُوَ مُتَعَدٍّ يُقَال: برد المَاء حرارة جَوْفه يبردها.
قَالَ الشَّاعِر:

(1/85)


(وعطل قلوصي فِي الركاب فَإِنَّهَا ... ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا)

[ (ب) وَأَجَازَ بعض أهل اللُّغَة فتح الْهمزَة وَكسر الرَّاء، والماضي أبردوا] .
تَوْجِيه حَدِيث الْقسَامَة " بأيمان خمسين مِنْكُم ".
(155) وَفِي حَدِيثه حَدِيث الْقسَامَة: " فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : استحقوا صَاحبكُم - أَو قتيلكم - بأيمان خمسين مِنْكُم " خمسين بدل من أَيْمَان. وَفِيه " فتبرئكم يهود بِخَمْسِينَ يَمِين ".
الصَّوَاب: يَمِينا بِالنّصب؛ لِأَنَّهُ تَمْيِيز للعدد وَلَا وَجه للجر.
[وَقَوله: " مِنْكُم " نعت لأيمان، وَلَيْسَ المُرَاد بأيمان خمسين على الْإِضَافَة؛ لِأَن الْمُعْتَبر عدد الْأَيْمَان لَا عدد الحالفين] .
تَوْجِيه حَدِيث: " إِن جِبْرِيل أَو ملك " وَبَيَان الْجيد فِي هَذِه الرِّوَايَة

(156) وَفِي حَدِيثه:
(أ) قَالَ: " إِن جِبْرِيل - أَو ملك - " وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة ملك بِالرَّفْع. والجيد النصب عطفا على اسْم إِن.
وَأما الرّفْع فَلهُ وَجْهَان:

أَحدهمَا: أَن يكون مُبْتَدأ وَجَاء خَبره، وَخبر إِن مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ جَاءَ تَقْدِيره: إِن جِبْرِيل جَاءَ، أَو ملك جَاءَ.

(1/86)


وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يخرج على مَذْهَب الْكُوفِيّين فَإِنَّهُم يجيزون الْعَطف على مَوضِع اسْم إِن.
الِاسْتِفْهَام بِمَا عِنْد إِرَادَة صفة من يعقل

(ب) وَفِيه: " مَا تَعدونَ من شهد بَدْرًا فِيكُم؟ قَالُوا: خيارنا " مَا هَهُنَا اسْتِفْهَام، وَالتَّقْدِير: أَي قوم تَعدونَ أهل بدر فِيكُم؟ وخيارنا نصب؛ لِأَنَّهُ جَوَاب مَنْصُوب وَالتَّقْدِير: نعدهم خيارنا.
وَإِنَّمَا استفهم هُنَا بِمَا لِأَنَّهُ أَرَادَ صفة من يعقل فَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} وَقَوله: خيارنا الثَّانِي مَرْفُوع الْبَتَّةَ أَي هم خيارنا.
[34] ربيعَة بن كَعْب بن مَالك

حذف خبر لَعَلَّ

(157) وَفِي حَدِيث ربيعَة بن كَعْب بن مَالك أبي فراس الْأَسْلَمِيّ: " أَقُول: لَعَلَّهَا أَن تحدث لرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَاجَة ". " أَن " هَهُنَا مَعَ الْفِعْل فِي تَأْوِيل الْمصدر، وَخبر لَعَلَّ مَحْذُوف تَقْدِيره: لَعَلَّ الْقِصَّة والخصلة [ذَات حذف فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَإِنَّمَا دَعَا إِلَى ذَلِك لِأَن الْقِصَّة والخصلة] لَيست حدوثا بل حَادِثَة.

(1/87)


[35] رِفَاعَة بن زُرَيْق

تَوْجِيه حَدِيث: " هَل فِيكُم من غَيْركُمْ؟ "

(158) وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن زُرَيْق قَالَ: " جمع رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قُريْشًا فَقَالَ: هَل فِيكُم من غَيْركُمْ؟ ".
(أ) فِي " من " هُنَا وَجْهَان:
[أَحدهمَا:] هِيَ زَائِدَة وَالتَّقْدِير: هَل فِيكُم غَيْركُمْ؟
وَالثَّانِي: لَيست زَائِدَة بل هِيَ صفة لموصوف مَحْذُوف أَي: " أحد من غَيْركُمْ " كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن أهل الْمَدِينَة مَرَدُوا على النِّفَاق} أَي: قوم مَرَدُوا، على كلا الْوَجْهَيْنِ الْكَلَام تَامّ.
فَقَوْلهم فِي الْجَواب: " إِلَّا ابْن أُخْتنَا " وَمَا بعده يجوز فِيهِ الرّفْع على الْبَدَل وَالنّصب على أصل الِاسْتِثْنَاء.
تَوْجِيه حَدِيث: " لَك الْحَمد حمدا ... إِلَخ ".
(159) وَفِي حَدِيثه قَوْله للأعرابي: " رَبنَا لَك الْحَمد حمدا طيبا كثيرا مُبَارَكًا فِيهِ " فِي انتصاب " حمد " وَجْهَان:
أَحدهمَا: هِيَ حَال مواطئة أَي: لَك الْحَمد طيبا، وَالْعَامِل فِي الْحَال الِاسْتِقْرَار فِي ذَلِك، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {قُرْآنًا عَرَبيا} .
وَالثَّانِي: أَن ينْتَصب على الْمصدر أَي: نحمدك حمدا.
وَلَك الْحَمد دَال على الْفِعْل الْمُقدر.

(1/88)


[36] رِفَاعَة بن عرابة الْجُهَنِيّ

تَوْجِيه قَوْله فِي الحَدِيث الْقُدسِي: " فَأغْفِر لَهُ ".
(160) وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن عرابة الْجُهَنِيّ فِي نزُول الْحق عز وَجل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول: " من ذَا الَّذِي يستغفرني فَأغْفِر لَهُ. . " وَمَا بعده. فِي " أَغفر " وَجْهَان: الرّفْع على تَقْدِير: فَأَنا أَغفر لَهُ، وَالنّصب على جَوَاب الِاسْتِفْهَام وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} ثمَّ قَالَ: {فيضاعفه لَهُ} قرئَ بِالرَّفْع وَالنّصب وَقَوله: فأستجيب وَأعْطِي مثله.