إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث بَاب الْعين
إِعْرَاب مَا يشكل فِي مسانيد:
[54] عبَادَة بن الصَّامِت.
[55] عبد الله بن الزبير.
[56] عبد الله بن عَبَّاس.
[57] عبد الله بن عمر.
[58] عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ.
[59] عبد الله بن قيس (أَبُو مُوسَى الشعري) .
[60] عبد الله بن مَسْعُود.
[61] عبد الرَّحْمَن بن غنم.
[62] عبد شمس (أَبُو هُرَيْرَة) .
[63] عتبَة بن عبد السّلمِيّ.
[64] عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ.
[65] عُثْمَان بن عَفَّان.
[66] عرْفجَة بن شُرَيْح.
[67] عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ.
[68] عقبَة بن عَمْرو (أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ) .
[69] عَليّ بن أبي طَالب.
[70] عمار بن يَاسر.
[71] عمر بن الْخطاب.
[72] عمرَان بن حُصَيْن.
[73] أَبُو زيد عَمْرو بن أَخطب.
[74] عَمْرو بن الْعَاصِ.
[75] عَمْرو بن عبد الله الْقَارِي.
[76] عَمْرو بن عبسة السّلمِيّ.
[77] عَمْرو بن عَوْف.
[78] عُوَيْمِر بن عَامر (أَبُو الدَّرْدَاء) .
(1/110)
[54] عبَادَة بن الصَّامِت
مَا النافية حجازية أَو تميمية
(195) وَفِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت: " مَا على الأَرْض من نفس
تَمُوت وَلها عِنْد الله [- تبَارك وَتَعَالَى -] خير تحب أَن ترجع
إِلَيْكُم إِلَّا الْقَتِيل فِي سَبِيل الله، فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع
فَيقْتل مرّة أُخْرَى ".
قَالَ رَحمَه الله: قَوْله: " [مَا] من نفس " فِي مَوضِع رفع
بِالِابْتِدَاءِ، و " تَمُوت " فِي مَوضِع جر صفة لنَفس على اللَّفْظ،
أَو مَوضِع رفع على الْموضع.
وَقَوله: " وَلها عِنْد الله ": يجوز أَن يكون [الْوَاو] للْحَال،
وَصَاحب الْحَال الضَّمِير فِي (تَمُوت) ، وَالْعَامِل فِي الْحَال
(تَمُوت) ، وَيجوز أَن تكون الْجُمْلَة صفة لنَفس أَيْضا كَمَا قَالَ
تَعَالَى: {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم} .
وَأما (تحب) فَهُوَ فِي مَوضِع خبر (مَا) ، إِمَّا نصبا، على رَأْي أهل
الْحجاز، أَو رفعا على اللُّغَة التميمية، وعَلى هَذَا تكون الْجُمْلَة
قد تمت. فَيكون قَوْله: " إِلَّا الْقَتِيل " [واردا] بعد تَمام
الْكَلَام، فلك أَن ترفعه على الْبَدَل من (نفس) وَأَن تنصبه على أصل
[بَاب الِاسْتِثْنَاء] .
وَقَوله: " أَن يرجع فَيقْتل: كِلَاهُمَا مَنْصُوب؛ لِأَن الثَّانِي
مَعْطُوف على الأول، [وَرفع] فَيقْتل ضَعِيف.
وضع الْعَام مَوضِع الْخَاص وانتصاب (شَيْئا) على الْمصدر
(196) وَفِي حَدِيثه: " فَيَقُول: لقد أَعْطَانِي الله - عز وَجل -
حَتَّى لَو أطعمت أهل
(1/111)
الْجنَّة مَا نقص ذَلِك مَا عِنْدِي شَيْئا
" انتصاب (شَيْئا) على الْمصدر كَقَوْلِه: {لَا يضركم كيدهم شَيْئا}
وَهُوَ كثير، وَهُوَ من وضع الْعَام مَوضِع الْخَاص.
[55] عبد الله بن الزبير
تَوْجِيه الحَدِيث: " أَن كَانَ ابْن عَمَّتك "
(197) وَفِي حَدِيث عبد الله بن الزبير: " أَن كَانَ ابْن عَمَّتك "
وَهُوَ بِفَتْح الْهمزَة
(1/112)
لَا غير؛ لِأَن الأَصْل لِأَن كَانَ ابْن
عَمَّتك تميل إِلَيْهِ عَليّ؟ وَلَا يجوز الْكسر إِذْ الشَّرْط هَا
هُنَا لَا معنى لَهُ.
[56] عبد الله بن عَبَّاس
تَوْجِيه رِوَايَة " وَرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] متواريا
بِمَكَّة "
(198) وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس: " نزلت هَذِه الْآيَة
وَرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] متواريا بِمَكَّة ". هَكَذَا
وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة. وَالْوَجْه [فِيهِ] أَن " رَسُول الله
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " مُبْتَدأ، و " بِمَكَّة " خَبره، ومتواريا
حَال من الضَّمِير الْمُقدر فِي الْجَار وَالْعَامِل فِيهِ الْجَار،
[والاستقرار] الَّذِي [دلّ] عَلَيْهِ الْجَار أَي: وَرَسُول الله [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] مُسْتَقر بِمَكَّة متواريا.
تَوْجِيه الحَدِيث " كتبت لَهُ حَسَنَة " بِرَفْع (حَسَنَة) ونصبها
(199) وَفِي حَدِيثه: " من هم بحسنة فَلم يعلمهَا كتبت لَهُ حَسَنَة "
يجوز فِي (حَسَنَة) وَجْهَان:
أَحدهمَا: الرّفْع على أَن يكون هُوَ الْقَائِم مقَام الْفَاعِل. أَي:
كتب الله لَهُ حَسَنَة، وَلَيْسَ فِي هَذَا ذكر الْحَسَنَة المهتم
بهَا، بل مَعْنَاهُ أثابه الله على همه بِالْحَسَنَة بِأَن كتب لَهُ
حَسَنَة، وَلَيْسَ الْمَعْنى كتبهَا لَهُ.
وَالثَّانِي: النصب على معنى كتبت الْخصْلَة الَّتِي هم بهَا حَسَنَة.
وانتصابها على الْحَال أَي أثبت الله مثابا عَلَيْهَا.
(1/113)
وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا بِهِ؛ لِأَن
معنى (كتب الله [لَهُ] حَسَنَة) أَي: أثبت لَهُ حَسَنَة أَو صيرها
[لَهُ] حَسَنَة، وَهَذَا هُوَ القَوْل فِي " عشر " أَو " وَاحِدَة "
تَوْجِيه رِوَايَة بِمَا أَهلَلْت؟
(200) وَفِي حَدِيثه: " لما قدم عَليّ - عَلَيْهِ السَّلَام - من
الْيمن فَقَالَ لَهُ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " بِمَا
أَهلَلْت " الْجيد " بِمَ أَهلَلْت " بِغَيْر ألف؛ لِأَن مَا الَّتِي
للاستفهام تحذف ألفها مَعَ حُرُوف الْجَرّ ليفرق بَينهَا وَبَين مَا
الخبرية أَي الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: {فَلم
تقتلون أَنْبيَاء الله} وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَلْينْظر الْإِنْسَان
مِم خلق} وَقَالَ تَعَالَى: {عَم يتساءلون} وَقَالَ تَعَالَى: {فيمَ
أَنْت من ذكرَاهَا} وَإِنَّمَا تجئ الْألف فِي الشّعْر ضَرُورَة قَالَ
الشَّاعِر:
(علاما قَامَ يَشْتمنِي لئيم ... كخنزير تمرغ فِي دمان)
[وَقد وَقع] فِي هَذِه الرِّوَايَة (مَا) بِالْألف، وَلَعَلَّه من
تَغْيِير الْمُحدث، وَهَكَذَا كل مَوضِع يُشبههُ.
(1/114)
تَوْجِيه رِوَايَة فَأسلم أَو فَأسلم
(201) وَفِي حَدِيثه: " لَيْسَ مِنْكُم أحد إِلَّا وكل بِهِ قرينه "
الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: " إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم "
بِالْفَتْح على أَنه فعل مَاض.
قَالَ: " فَأسلم شيطاني " أَي انْقَادَ لأمر الله.
ويروى (فَأسلم) بِالضَّمِّ، أَي: فَأَنا أسلم مِنْهُ، فَهُوَ فعل
مُسْتَقْبل [يحْكى] بِهِ الْحَال.
وَجه الصَّوَاب: عشر من الْإِبِل لَا " عشرَة "
(202) وَفِي حَدِيثه: " دِيَة أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ
سَوَاء عشرَة من الْإِبِل " وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة عشرَة
بِالتَّاءِ وَهُوَ خطأ، وَالصَّوَاب عشر لِأَن الْإِبِل مُؤَنّثَة
وَلَا تَأْنِيث فِي الْعدَد مَعَ الْمُؤَنَّث.
تَوْجِيه رِوَايَة " خمس كُلهنَّ فاسقة "
(203) وَفِي حَدِيثه: " خمس كُلهنَّ فاسقة ". كَذَا وَقع فِي هَذِه
الرِّوَايَة بِالتَّاءِ، وَوَجهه: أَنه مَحْمُول على الْمَعْنى؛ لِأَن
الْمَعْنى: كل مِنْهُنَّ فاسقة. يَعْنِي: الْحَيَّة وَالْعَقْرَب.
وَيجوز أَن يكون ألحق التَّاء للْمُبَالَغَة كَقَوْلِهِم: [رجل] نسابة
وراوية وَخَلِيفَة، وَلَو حمل
(1/115)
على اللَّفْظ لقَالَ: " كُلهنَّ فَاسق "
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا} .
تَوْجِيه رِوَايَة: " نشدتك الله وحظنا من رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] "
(204) وَفِي حَدِيثه: حَدِيث غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
فَقَالَ أَوْس بن [خولي] لعَلي بن أبي طَالب: " نشدتك الله وحظنا من
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " فِي هَذِه الرِّوَايَة: " وحظنا
" بِالْوَاو. وَالْأَشْبَه أَن يكون مَنْصُوبًا، وَالتَّقْدِير:
وَأَعْطِنَا حظنا من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، [وَنَحْو
ذَلِك] وَهُوَ كَقَوْلِهِم: رَأسك والجدار.
تَوْجِيه حَدِيث: " صلى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] صَلَاة
الْخَوْف بِذِي قرد "
(205) وَفِي حَدِيثه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي صَلَاة الْخَوْف
بِذِي قرد: " صفا خَلفه " الحَدِيث.
" صفا " بِالنّصب على تَقْدِير: جعل صفا، فَيكون مَفْعُولا بِهِ،
وَيجوز أَن يكون حَالا وَيكون التَّقْدِير: صفهم صفا خَلفه.
تصويب رِوَايَة " ألم ألقاكم "
(206) وَفِي حَدِيثه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " ألم ألقاكم على قل
الْحَال: بِالْألف فِي هَذِه الرِّوَايَة وَالصَّوَاب: ألم ألقكم
بِغَيْر ألف مَجْزُومًا بلم.
(1/116)
جَوَاز حذف التَّاء من فعل الْمُؤَنَّث غير
الْحَقِيقِيّ
(207) وَفِي حَدِيثه: " قَامَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
يُصَلِّي فخطر خطرة " كَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة. وَالْأَشْبَه أَن
الأَصْل: فخطرت لَهُ خطرة، إِلَّا أَن حذف التَّاء سهل؛ لِأَن
التَّأْنِيث غير حَقِيقِيّ.
حذف الْوَاو من جُنُون لدلَالَة الضمة عَلَيْهَا
(208) وَفِي حَدِيثه: " وَإِنِّي أخْشَى أَن يكون بِي جنن " أصل هَذَا
" الْجُنُون " بِالْوَاو، فحذفت الْوَاو تَخْفِيفًا ولدلالة الضمة
عَلَيْهَا. قَالَ الشَّاعِر يصف النَّاقة:
(مثل النعامة كَانَت وَهِي سَائِمَة ... أذناء حَتَّى نهاها [الْحِين
و] الجنن)
أَي الْجُنُون. " وأذناء " ذَات أذن كَبِيرَة، و " نهاها " استخفها.
تَوْجِيه نصب (صَاع) وَرَفعه فِي حَدِيث صَدَقَة رَمَضَان
(209) وَفِي حَدِيثه: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فرض
صَدَقَة رَمَضَان نصف صَاع من بر وصاعا من تمر ". [وَقع فِي هَذِه
الرِّوَايَة بِالرَّفْع] والجيد النصب، عطفا على نصف (فَنصف) مَنْصُوب
بِفَرْض، وَفِي نَصبه وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يكون بَدَلا من صَدَقَة.
وَالثَّانِي: أَن يكون حَالا من صَدَقَة.
وَأما الرّفْع فِي (صَاع) فَفِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يرْوى (نصف صَاع) وَهُوَ الْوَجْه، إِذا رفعت صَاعا،
وَيكون
(1/117)
التَّقْدِير: هِيَ نصف صَاع، فَحذف
الْمُبْتَدَأ، وبقى الْخَبَر.
وَالثَّانِي: أَن تنصب نصفا، وَيكون التَّقْدِير: أَو قَالَ: [هِيَ]
صَاع، فَيحمل (فرض) على معنى القَوْل، ويحكى بهَا الْجُمْلَة بعْدهَا.
وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير على الشَّك من الرَّاوِي، كَأَن الرَّاوِي
قَالَ: أَو قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : صَاع على
الشَّك.
تَوْجِيه حَدِيث " خير يَوْم تحتجمون فِيهِ سبع عشرَة ... "
(210) وَفِي حَدِيثه: " خير يَوْم تحتجمون فِيهِ سَبْعَة عشرَة، وتسع
عشرَة، وَإِحْدَى وَعشْرين ". خير أَصْلهَا (أفعل) وَهِي تُضَاف إِلَى
مَا هِيَ بعض لَهُ وَتَقْدِيره: خير أَيَّام. فالواحد هُنَا فِي معنى
الْجمع.
وَقَوله: سبع عشرَة وَمَا بعْدهَا جعله مؤنثا، وَالظَّاهِر يعْطى أَن
يكون مذكرا؛ لِأَنَّهُ خبر عَن يَوْم. وَالْوَجْه فِي تأنيثه أَنه حمله
على اللَّيْل؛ لِأَن التَّارِيخ بِهِ يَقع، وَالْيَوْم تبع، وَلِهَذَا
قَالَ: إِحْدَى على معنى اللَّيْلَة.
وَفِيه وَجه ثَان: وَهُوَ أَنه يُرِيد بِالْيَوْمِ الْوَقْت - لَيْلًا
كَانَ أَو نَهَارا - كَمَا يُقَال: يَوْم الْجمل، وَيَوْم الْفجار،
وَيَوْم بدر، ثمَّ أَنْت على أصل التَّارِيخ وَمن ذَلِك قَوْله
تَعَالَى: {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} لَا يُرِيد بِهِ النَّهَار دون
اللَّيْل. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(يَا حبذا العرصات يَوْمًا ... فِي لَيَال مقمرات)
(1/118)
وَالْيَوْم لَا يكون فِي اللَّيَالِي
إِلَّا إِذا أردْت بِهِ الْوَقْت.
وَفِيه وَجه ثَالِث: وَهُوَ أَن يكون أَرَادَ: " يَوْم سبع عشرَة "، "
وَيَوْم تسع عشرَة " فَحذف الْمُضَاف، وَمثله قَوْله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] : " من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ بست من شَوَّال " أَي
بأيام سِتّ لَيَال. وَأما قَوْله: " إِحْدَى وَعشْرين " فَفِي هَذِه
الرِّوَايَة (عشْرين) بِالنّصب، والجيد أَن يكون مَرْفُوعا.
[57] عبد الله بن عمر
تَوْجِيه حَدِيث: " لبيْك إِن الْحَمد لَك " وَبَيَان أَن كسر إِن
أَجود من فتحهَا
(211) وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر: " لبيْك إِن الْحَمد " الْكسر
أَجود؛ لِأَنَّهُ يحصل مِنْهُ عُمُوم [اسْتِحْقَاق الْحَمد] لَهُ
سُبْحَانَهُ [سَوَاء لبّى] أَو لم [يُلَبِّي] .
وَيجوز الْفَتْح على تَقْدِير: لبيْك؛ لِأَن الْحَمد لَك، وَهَذَا
ضَعِيف لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن تَعْلِيل التَّلْبِيَة بِالْحَمْد غير مُنَاسِب لخصوصها.
وَالثَّانِي: أَنه يصير الْحَمد مَقْصُورا على التَّلْبِيَة.
الْمصدر الميمي من غير الثلاثي
(212) وَفِي حَدِيثه: " مهل أهل الْمَدِينَة " هُوَ بِضَم الْمِيم لَا
غير، وَهُوَ مصدر بِمَعْنى الإهلال كالمدخل والمخرج بِمَعْنى الإدخال
والإخراج.
وُقُوع الْمصدر المؤول مَفْعُولا لَهُ
(213) وَفِي حَدِيثه: " لَا تدْخلُوا على هَؤُلَاءِ الْقَوْم
الْمُعَذَّبين أَن يُصِيبكُم " أَن هُنَا
(1/119)
مَفْتُوحَة وَهِي الناصبة للمضارع، وموضعها
نصب على الْمَفْعُول لَهُ أَي: مَخَافَة أَن يُصِيبكُم، وَقَالَ قوم:
تَقْدِيره لِئَلَّا يُصِيبكُم.
تَوْجِيه الرّفْع فِي رِوَايَة " إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثُونَ "
(214) وَفِي حَدِيثه: " إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثُونَ [دجالًا]
كذابا " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة ثَلَاثُونَ بِالرَّفْع،
وَالْوَجْه: ثَلَاثِينَ بِالنّصب؛ لِأَن " إِن " قد وَليهَا الظّرْف
فَيكون الظّرْف خَبَرهَا، وَثَلَاثِينَ اسْمهَا كَقَوْلِه تَعَالَى:
{إِن لدينا أَنْكَالًا} وَوجه الرّفْع أَن يكون اسْم إِن محذوفا، أَو
هُوَ ضمير الشَّأْن أَي: (إِنَّه) وَتَكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع رفع
خبر إِن. وَنَظِير ذَلِك مَا جَاءَ فِي الحَدِيث من قَوْله عَلَيْهِ
السَّلَام: " إِن لكل نَبِي حوارِي " بِالرَّفْع أَي: إِنَّه لكل
نَبِي.
تَوْجِيه روايتي رفع " خُلُود " ونصبها فِي حَدِيث " يأهل الْجنَّة
خُلُود ... "
(215) وَفِي حَدِيثه: " يأهل الْجنَّة، خُلُود، وَلَا موت " بِالرَّفْع
وَقد جَاءَ فِي مَوضِع آخر بِالنّصب، فالنصب على تَقْدِير فاخلدوا
خلودا. وَالرَّفْع على تَقْدِير: [أَنْتُم] خُلُود، أَو: هُنَا خُلُود.
" وَلَا موت " وَيجوز بِالْفَتْح على معنى لَا موت عنْدكُمْ أَو لكم،
وَالرَّفْع على أَنه مَعْطُوف على خُلُود أَو على تَقْدِير غير موت.
(1/120)
تَوْجِيه حَدِيث " إِن شِئْت حبست أَصْلهَا
" بتَشْديد: " حبست "
(216) وَفِي حَدِيثه: " إِن شِئْت حبست أَصْلهَا " الْجيد:
بِالتَّشْدِيدِ وَكَذَا يُقَال فِي الْوَقْف، وأحبست أَيْضا. فالهمزة
كالتشديد. وَأما التَّخْفِيف بِمَعْنى حبست الشَّيْء أَي ضيقت عَلَيْهِ
ومنعته.
تَوْجِيه حَدِيث " وَكَانَ ثمرهم دون "
(217) وَفِي حَدِيثه: " وَكَانَ ثمرهم دون " كَذَا وَقع فِي هَذِه
الرِّوَايَة وَيحْتَمل وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن يكون أضمر فِي كَانَ الشَّأْن وَالْجُمْلَة مفسرة لَهُ
فِي مَوضِع نصب.
وَالثَّانِي: أَن يكون بِفَتْح النُّون وَأَرَادَ دون غَيره فِي
الْجَوْدَة، فَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَأبقى حكم الْإِضَافَة وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى: {وَأَنا منا الصالحون وَمنا دون ذَلِك} وَكَذَا فِي
الحَدِيث المُرَاد: وَكَانَ ثمرهم دون ذَلِك.
تَوْجِيه حَدِيث " لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ ... "
(218) وَفِي الحَدِيث: " لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ
الله ".
يجوز الْجَرّ فِي رجل على أَن يكون بَدَلا من اثْنَتَيْنِ، أَي: خصْلَة
رجل.
وعَلى النصب بإضمار أعنى، وَالرَّفْع على أَن التَّقْدِير: إِحْدَاهمَا
خصْلَة رجل. لَا بُد من تَقْدِير الْخصْلَة؛ لِأَن اثْنَتَيْنِ هما
خصلتان.
(1/121)
[58] عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
تَوْجِيه رِوَايَة " إِنَّهُم كَانُوا عبادا يعبدوني " بِحَذْف النُّون
(219) وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: " إِنَّهُم
كَانُوا عبادا يعبدوني " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة بنُون
وَاحِدَة. وَالْأَصْل: " يعبدونني " إِذْ لَا سَبَب لحذف النُّون
وَيحْتَمل وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن تشدد النُّون فَتكون كَقَوْلِه تَعَالَى: {أتحاجوني فِي
الله} فتدغم النُّون فِي النُّون.
وَالثَّانِي: أَن تكون النُّون خَفِيفَة فَيكون قد حذف [إِحْدَى
النونين] كَقَوْل الشَّاعِر:
(كل لَهُ نِيَّة فِي بعض صَاحبه ... بِنِعْمَة الله [نقليكم وتقلونا] )
وَقَول آخر:
(ترَاهُ كالثغام يعل مسكا ... يسوء الغانيات إِذا فليني)
يُرِيد: قلينني.
(1/122)
تَوْجِيه رِوَايَة " أقرنى "
(220) وَفِي حَدِيثه: " قَالَ رجل للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
: يَا رَسُول الله أقرنى " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة
وَالْأَصْل أقرئني، بِهَمْزَة بعد الرَّاء، والهمزة [الأولى
مَفْتُوحَة؛ لِأَن ماضيه أقرأه الْقُرْآن، فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى
مفعولين، فَمن حذف الْهمزَة الْأَخِيرَة] فقد خفف الْهمزَة من أَقرَأ
فصيرها ألفا، ثمَّ حذفهَا فِي الْأَمر فَصَارَت مثل [أَعْطِنِي] وَقد
حَكَاهَا أَبُو زيد، وَحكى أَيْضا قريت الْقُرْآن فَجَعلهَا يَاء.
تَوْجِيه حَدِيث " ... مَا نقدر على شَيْء: نَفَقَة وَلَا دَابَّة. .
الخ "
(221) وَفِي حَدِيثه: " قَالُوا: [يَا رَسُول الله إِنَّا] مَا نقدر
على شَيْء: نَفَقَة وَلَا دَابَّة وَلَا مَتَاع " نَفَقَة، ودابة،
ومتاع، بِالْجَرِّ بَدَلا من شَيْء. وَلَو جَاءَ مَنْصُوبًا جَازَ على
تَقْدِير لَا نجد.
حذف الظّرْف الْمُضَاف وَنصب الْمُضَاف إِلَيْهِ نصب الظّرْف
(222) وَفِي حَدِيثه: " إِنِّي أَعْطَيْت أُمِّي حديقة حَيَاتهَا " أَي
مُدَّة حَيَاتهَا، فَحذف الظّرْف وَنصب حَيَاتهَا نصب الظّرْف.
تَوْجِيه رِوَايَة " نَار الأنيار "
(223) وَفِي حَدِيثه: تعلوهم نَار الأنيار " كَذَا وَقع فِي هَذِه
الرِّوَايَة، وَيُرِيد بذلك جمع نَار. وَألف [نَار] مبدلة من وَاو.
كَقَوْلِك: تنورت النَّار، وَمِنْه النُّور والأنوار، وَتجمع النَّار
على نيران، وأصل الْيَاء وَاو أبدلت يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا
مثل ريح ورياح. [وَالْأَشْبَه] أَنه حمل الأنيار على النيرَان حَيْثُ
شاركتها فِي الْجمع، كَمَا قَالَ بعض أهل اللُّغَة فِي [جمع] ريح
أرياح؛ لما رَآهُمْ قَالُوا: " ريَاح ". حكى ذَلِك ابْن جني فِي بعض
كتبه.
(1/123)
[59] أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ (عبد الله
بن قيس)
تَوْجِيه رِوَايَة " فَقومُوا لَهَا " حَيْثُ خَاطب فِي الِابْتِدَاء
الْوَاحِد
(224) وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ - واسْمه عبد الله بن قيس
- " وَإِذا مرت بك جَنَازَة يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو مُسلم
فَقومُوا لَهَا ".
خَاطب فِي الِابْتِدَاء الْوَاحِد، ثمَّ عَاد إِلَى الْجمع.
وَالْمرَاد: أَنه خاطبه: إِمَّا لِأَنَّهُ كَانَ وَحده، أَو لِأَنَّهُ
كَانَ الْمُعظم من دونهم، فَلَمَّا وصل إِلَى الحكم الَّذِي هُوَ
الْقيام عَم؛ إِمَّا ليعلم من كَانَ مَعَه أَن الحكم عَام أَو ليأمر
[أَبُو] مُوسَى من [يكون] مَعَه وَقت مُرُور الْجِنَازَة أَن
يَفْعَلُوا ذَلِك.
تصويب وتوجيه " ثمَّ أَمر لنا بِثَلَاث ذود "
(225) وَفِي حَدِيثه: " ثمَّ أَمر لنا بِثَلَاث ذود " وَالصَّوَاب
تَنْوِين ثَلَاث، وَأَن يكون " ذود " بَدَلا من ثَلَاث، وَكَذَلِكَ "
خمس ذود " وَلَو اسقطت التَّنْوِين، وأضفت لتغير الْمَعْنى؛ لِأَن
الْعدَد [الْمُضَاف غير] الْمُضَاف إِلَيْهِ، فَيلْزم أَن يكون ثَلَاث
ذود تِسْعَة أَبْعِرَة؛ لِأَن أقل الذود ثَلَاثَة أَبْعِرَة.
(1/124)
إِن بِمَعْنى " مَا " لَا غير فِي حَدِيث "
وَالله إِن قلتهَا "
(226) وَفِي حَدِيثه قَالَ: " وَالله إِن قلتهَا " بِكَسْر الْهمزَة
بِمَعْنى مَا هَهُنَا أَي: مَا قلتهَا، وَلَا فرق بَين أَن تكون
بعْدهَا إِلَّا أَو لم تكن، قَالَ الله تَعَالَى: {إِن عنْدكُمْ من
سُلْطَان بِهَذَا} أَي: مَا عنْدكُمْ، وَلَو فتحت الْهمزَة لكَانَتْ
إِمَّا زَائِدَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلما أَن جَاءَت رسلنَا لوطا}
وَكَانَ يلْزم من ذَلِك أَن يكون قد قَالَهَا، وَفِي تَمام الحَدِيث
أَن الْقَائِل [لَهَا] غَيره.
خطاب الِاثْنَيْنِ بخطاب الْجمع
(227) وَفِي حَدِيثه: " بعث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
أَبَا مُوسَى وَمعَاذًا إِلَى الْيمن فَقَالَ لَهما: يسروا وَلَا
تُعَسِّرُوا " الحَدِيث.
إِن قيل: الْمُخَاطب اثْنَان فَكيف قَالَ: يسروا على الْجمع؟ قيل:
فِيهِ أجوبة:
أَحدهَا: أَنه خَاطب الِاثْنَيْنِ بخطاب الْجمع؛ لِأَن الِاثْنَيْنِ
جمع فِي الْحَقِيقَة؛ إِذْ الْجمع ضم شَيْء إِلَى آخر، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى: {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم إِذْ تسوروا الْمِحْرَاب إِذْ
دخلُوا على دَاوُد فَفَزعَ مِنْهُم} ثمَّ قَالَ: {خصمان} وعَلى هَذَا
الْمَعْنى حمل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} يُرِيد
اثْنَيْنِ [على] قَول الْجُمْهُور.
الْجَواب الثَّانِي: أَن الِاثْنَيْنِ هُنَا أميران، والأمير إِذا
قَالَ شَيْئا توبع فيئول الْأَمر إِلَى الْجمع.
الثَّالِث: أَنه أَرَادَ أَمرهمَا وَأمر من يوليانه، فَلَمَّا كَانَ
لَا بُد من استعانتهما بِغَيْرِهِمَا، ترك ذَلِك الْغَيْر مَوْجُودا
مَعَهُمَا وخاطب الْجَمِيع.
تَوْجِيه حَدِيث أَي الْإِسْلَام أفضل
(228) وَفِي حَدِيثه: " أَي الْإِسْلَام أفضل؟ فَقَالَ: من سلم المسلون
من لِسَانه وَيَده " [قَالَ الشَّيْخ: لَا بُد فِي الحَدِيث من
تَقْدِير، وَلَك فِيهِ تقديران.
(1/125)
أَحدهمَا: أَن يكون التَّقْدِير: أَي
خِصَال الْإِسْلَام أفضل؟ فَقَالَ: من سلم، أَي خصْلَة] أَي: من سلم
الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده، وَلَا بُد من ذَلِك؛ ليَكُون الْجَواب
على وفْق السُّؤَال.
وَالثَّانِي: أَن يكون التَّقْدِير أَي ذَوي الْإِسْلَام أفضل؟ فَيكون
قَوْله: " من سلم " غير مُحْتَاج إِلَى التَّقْدِير.
[60] عبد الله بن مَسْعُود
وجوب فتح همزَة " أَن " بعد حَدثنَا وَلَا يجوز حملهَا على " قَالَ "
(229) وَفِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود: " حَدثنَا رَسُول الله [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] وَهُوَ الصَّادِق المصدوق أَن خلق أحدكُم " لَا
يجوز فِي (أَن) هَهُنَا إِلَّا الْفَتْح؛ لِأَن قبله حَدثنَا رَسُول
الله
(1/126)
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَهُوَ
الصَّادِق؛ (فَأن) وَمَا عملت فِيهِ مَعْمُول (حَدثنَا) ، وَلَو كسرت
لصار مستأنفا مُنْقَطِعًا عَن حَدثنَا. فَإِن قيل: اكسر، واحمل قَوْله:
" حَدثنَا " على " قَالَ لي " قيل: هَذَا خلاف الظَّاهِر، [وَلَا يتْرك
الظَّاهِر إِلَى غَيره إِلَّا لدَلِيل مَانع من الظَّاهِر] ، وَلَو
جَازَ مثل هَذَا لجَاز فِي قَوْله تَعَالَى: {أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم}
الْكسر؛ لِأَن " يَعدكُم " بِمَعْنى: " يَقُول لكم ".
تَوْجِيه رِوَايَة " إيَّاكُمْ وَهَاتَانِ ... "
(230) وَفِي حَدِيثه: " إيَّاكُمْ وَهَاتَانِ الكعبتان الموسومتان
اللَّتَان تزجران [زجرا] فَإِنَّهُمَا من ميسر الْعَجم ".
قَالَ رَحمَه الله: وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة هَاتَانِ وَمَا بعده
بِالرَّفْع.
وَالْقِيَاس أَن ينصب الْجَمِيع عطفا على إيَّاكُمْ كَمَا تَقول: إياك
وَالشَّر، أَي جنب نَفسك الشَّرّ، وَالْمعْنَى تجنبوا هَاتين، فَأَما
الرّفْع فَيحْتَمل ثَلَاثَة أوجه:
أَحدهَا: أَن يكون مَعْطُوفًا على الضَّمِير فِي إيَّاكُمْ أَنْتُم
وَهَاتَانِ كَمَا قَالَ جرير:
(فإياك أَنْت وَعبد الْمَسِيح ... أَن تقربا [قبْلَة] الْمَسْجِد)
وَالثَّانِي: أَن يكون مَرْفُوعا بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: لتجتنب
هَاتَانِ.
وَالثَّالِث: أَنه لَيْسَ فِي هَاتين وَمَا بعده دَلِيل الرّفْع بل على
لُغَة بني الْحَارِث فِي جعل التَّثْنِيَة بِالْألف كَمَا قَالُوا:
ضَربته بَين أذنَاهُ. [وكما] قَالَ الشَّاعِر:
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... قد بلغا فِي الْمجد غايتاها)
(1/127)
تَوْجِيه حَدِيث " أَيَّة سَاعَة هَذِه "
(231) وَفِي حَدِيثه: [قلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن] " أَيَّة سَاعَة
زِيَارَة هَذِه " يجوز رفع أَيَّة ونصبها فالرفع على الِابْتِدَاء، و
(هَذِه) خَبَرهَا، على الظّرْف. أَو (هَذِه) مُبْتَدأ، وَالْخَبَر
مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذِه الزِّيَارَة، أَو هَذِه الجيئة فِي (أَيَّة
سَاعَة) ، وَيجوز أَن يكون الْخَبَر (أَيَّة سَاعَة) وَهُوَ ظرف زمَان
(وَقع) خَبرا عَن الْمصدر.
كل نكرَة بعد أفعل المضافة تكون تمييزا
(232) وَفِي حَدِيثه: " فَقَالَ: أَجلهنَّ امْرَأَة " [امْرَأَة]
تَمْيِيز كَمَا تَقول: زيد أفضلهم أَبَا، وَأَحْسَنهمْ وَجها،
وَكَذَلِكَ كل نكرَة تقع بعد أفعل المضافة.
مَا بعد إِن الشّرطِيَّة يعرب فَاعِلا لَا مُبْتَدأ
(233) وَفِي حَدِيثه حَدِيث اللّعان: " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن
أَحَدنَا رأى مَعَ امْرَأَة رجلا " أَحَدنَا مَرْفُوع بِفعل مَحْذُوف
تَفْسِيره: رأى، وَلَا يكون مُبْتَدأ؛ لِأَن إِن الشّرطِيَّة [لَا تكون
مُبْتَدأ] ، وَلَا معنى لَهَا إِلَّا فِي الْفِعْل، وَمِنْه قَوْله
تَعَالَى: {وَإِن امْرَأَة خَافت} و {إِن امْرُؤ هلك} و {وَإِن أحد من
الْمُشْركين} .
تَوْجِيه حَدِيث: " قضى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي
دِيَة الْخَطَأ عشْرين ... ".
(234) وَفِي حَدِيثه: " قضى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي
دِيَة الْخَطَأ عشْرين بنت مَخَاض، [وَعشْرين بني مَخَاض ذُكُور]
وَعشْرين ابْنة لبون، وَعشْرين حقة، وَعشْرين جَذَعَة ".
(1/128)
أما نصب عشْرين فَفِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يكون أَرَادَ الْبَاء فحذفها، فتعدى الْفِعْل إِلَيْهِ
بِنَفسِهِ كَمَا قَالُوا: أَمرتك الْخَيْر، أَي قضى بِعشْرين.
الثَّانِي: أَن يكون حمل (قضى) على (جعل) تضمينا.
وَأما (بنت مَخَاض) وَابْنَة لبون وحقة وجذعة فتمييز كُله.
وَأما قَوْله: (عشْرين بني مَخَاض) فَلَا يكون تمييزا؛ لِأَنَّهُ جمع،
وانتصابه على الْبَدَل من عشْرين.
وَأما قَوْله: " ذُكُور " فَالْوَجْه أَن يكون مَرْفُوعا على إِضْمَار
هِيَ ذُكُور، وَأما [جَرّه] فَلَا وَجه لَهُ.
وَلَو روى بِالنّصب لَكَانَ [وَجها] حسنا، وَهِي صفة مُؤَكدَة لبني.
تَوْجِيه رِوَايَة جمع الْقُبُور فِي قَوْله " لَأَرَيْتُكُمْ قبورهما
"
(235) وَفِي حَدِيثه: " فَلَو كنت برميلة مصر لَأَرَيْتُكُمْ قبورهما "
يُشِير إِلَى ملكَيْنِ تزهدا وَمَاتَا جَمِيعًا. والْحَدِيث مَشْهُور
فِي الْمسند، وَالْقِيَاس قبريهما وَلكنه جمع؛ إِمَّا لِأَن
التَّثْنِيَة جمع، وَإِمَّا لِأَنَّهُ [جمع] كل نَاحيَة من نواحي
الْقَبْر قبرا، كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(يزل الْغُلَام الْخُف عَن صهواته ... ويلوي بأثواب العنيف [المثقل] )
فَقَالَ: " صهوات " وَلَيْسَ للْفرس إِلَّا صهوة وَاحِدَة.
وَيجوز أَن يكون جمع لِأَن كل وَاحِد لَهُ قبر وَاحِد، وَقد أضَاف
إِلَى الْمثنى، فاستغنى عَن التَّثْنِيَة لأمن اللّبْس كَمَا قَالَ
الله تَعَالَى: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} .
و [كَمَا] قَالَ الشَّاعِر:
(1/129)
[ظهراهما] مثل ظُهُور الترسين
تَوْجِيه قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " ثمَّ إِنَّهَا تخلف من
بعده خلوف "
(236) وَفِي حَدِيثه: " مَا من نَبِي بَعثه الله تَعَالَى فِي أمة
إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وأنصار يَأْخُذُونَ بسنته " ويقتدون
" بأَمْره، ثمَّ إِنَّهَا تخلف من بعدهمْ خلوف " ... الحَدِيث.
قَوْله: " إِنَّهَا " يجوز أَن يكون التَّأْنِيث للْأمة أَو للأصحاب
أَو للأنبياء لتقدم ذكره - أَي النَّبِي - وتأنيث كل على الْجمع.
وَيجوز أَن يكون ضمير الْقِصَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّهَا لَا
تعمى الْأَبْصَار} .
تَوْجِيه حَدِيث " حَيّ على الطّهُور "
(237) وَفِي حَدِيثه: " حَيّ على الطّهُور الْمُبَارك، وَالْبركَة من
الله تَعَالَى " وَفِي لفظ آخر: " حَيّ على الْوضُوء وَالْبركَة ".
" الْبركَة " فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ مجرورة عطفا على الطّهُور،
وصفهما بِالْبركَةِ فيهمَا: وَهِي الزِّيَادَة وَالْكَثْرَة للقليل،
وَلَا معنى للرفع هُنَا.
إِفْرَاد الضَّمِير ثمَّ جمعه
(238) وَفِي حَدِيثه: " إِن من شرار النَّاس من تُدْرِكهُ السَّاعَة
وهم أَحيَاء "
.
(1/130)
أفرد الضَّمِير حملا على لفظ " من "، ثمَّ
جمعه على مَعْنَاهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {بلَى من أسلم وَجهه لله} .
ثمَّ قَالَ: {وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} .
تَوْجِيه حَدِيث " إِلَّا جعل لَهُ شُجَاع أَقرع "
(239) وَفِي حَدِيثه: " مَا من عبد لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله إِلَّا
جعل لَهُ شُجَاع أَقرع " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة (شُجَاع)
بِالرَّفْع.
وَالْأَكْثَر النصب، وَوَجهه: أَنه جعل " شُجَاع " هُوَ الْقَائِم
مقَام الْفَاعِل، وَالْمَال الْمُقدر مَفْعُولا ثَانِيًا كَمَا
قَالُوا: " أعطي دِرْهَم زيدا ".
وَيجوز أَن يكون شجاعا هَهُنَا الْقَائِم مقَام الْفَاعِل، وَلَا يقدر
مفعول ثَان كَمَا نقُول: وكل بِهِ شُجَاع.
تَوْجِيه رِوَايَة " نَقَصُوا من أُجُورهم كل يَوْم قِيرَاط "
(240) وَفِي حَدِيث عبد الله بن عمر قَوْله: " وَأَيّمَا قوم اتَّخذُوا
كَلْبا لَيْسَ بكلب حرث أَو صيد أَو مَاشِيَة نَقَصُوا من أُجُورهم كل
يَوْم قِيرَاط ".
هَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " قِيرَاط " بِالرَّفْع.
وَالصَّوَاب (قيراطا) بِالنّصب؛ لِأَن نَقَصُوا قد يضمن ضميرا يقوم
مقَام الْفَاعِل وَهُوَ الْوَاو. فقيراطا هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي،
وَقد وَقع فِي الْمسند معنى هَذَا الحَدِيث بِأَلْفَاظ أخر وَمِنْهَا:
" نقص من أجره كل يَوْم قِيرَاط " وَالرَّفْع على هَذَا جَائِز على
مقَام الْفَاعِل، وَأما الرّفْع فِي هَذَا الحَدِيث فيوجه على أَنه خبر
مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: قدر النَّقْص قِيرَاط، وَهُوَ على بعده،
جَائِز.
(1/131)
[61] عبد الرَّحْمَن بن غنم
اسْتِعْمَال بَاعَ بِمَعْنى شرى
(241) وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن غنم بن كريب الْأَشْعَرِيّ: "
لعن الله الْيَهُود؛ انْطَلقُوا إِلَى مَا حرم عَلَيْهِم من شحوم
الْبَقر وَالْغنم فأذابوه فباعوا بِهِ مَا يَأْكُلُون " باعوا بِهِ
أَي: شروه بِهِ، وَقد يكون شرى بِمَعْنى بَاعَ؛ لِأَن كل وَاحِد
مِنْهُمَا مستبدل بِمَا فِي يَده، وَالشِّرَاء الِاسْتِبْدَال، قَالَ
الله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} .
وَقَالَ الشَّاعِر:
(وشريت بردا لَيْتَني ... من بعد برد كنت هامه)
برد: عبد كَانَ لَهُ أَي: بِعته.
[62] عبد شمس " أَبُو هُرَيْرَة "
مَا الحجازية والتميمية
(242) وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة - واسْمه [عبد الرَّحْمَن بن صَخْر]_
رَضِي الله
(1/132)
عَنهُ: " أَتَى رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] بعرق فِيهِ تمر فَقَالَ: خُذ هَذَا فَتصدق بِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا أحد أحْوج مني ".
مَا أحد أحْوج بِالنّصب فِي لُغَة [أهل] الْحجاز؛ لأَنهم يعْملُونَ مَا
عمل لَيْسَ. وبالرفع عِنْد بني تَمِيم [لأَنهم] لَا يعْملُونَ مَا.
حمل رِوَايَة " وَقَالَ خُذْهَا " على الْمَعْنى.
وَفِيه: " فَضَحِك رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَقَالَ:
خُذْهَا " وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " خُذْهَا "، وَقد [قَالَ قبل
ذَلِك] : " خُذ هَذَا " فَإِن صحت هَذِه الرِّوَايَة فَهِيَ مَحْمُولَة
على الْمَعْنى، وَذَلِكَ أَن الْعرق زبيل ويعبر عَنهُ (بالسقيفة) من
الخوص فَيكون التَّأْنِيث للسقيفة.
والجيد عِنْدِي أَن يعود إِلَى القفة؛ لِأَن [الزنبيل] قفة، وَأما
السَّقِيفَة فَهِيَ اسْم الخوص المسقوف قبل أَن يخاط [زنبيلا] .
تَوْجِيه حَدِيث مَانع الزَّكَاة
(243) وَفِي حَدِيثه حَدِيث مَانع الزَّكَاة: " فَإِنَّهَا تَأتي يَوْم
الْقِيَامَة كأغذ مَا كَانَت وَأَكْثَره وأسمنه " الْجَرّ فِي (أَكثر
وأسمن) وَمَا بعده أَجود؛ لِأَنَّهُ يعْطف على لفظ (أغذ) .
وَيجوز نَصبه عطفا على مَوضِع الْكَاف فَإِن [موضعهَا] نصب على
الْحَال.
[وَفِيه: " حَتَّى يبطح لَهَا " هُوَ بِالنّصب لَا غير؛ لِأَن
مَعْنَاهُ: إِلَى أَن يبطح] .
تَوْجِيه حَدِيث " يُضَاعف الْحَسَنَة عشر أَمْثَالهَا "
(244) وَفِي حَدِيثه: " كل عمل ابْن آدم يُضَاعف الْحَسَنَة عشر
أَمْثَالهَا " فِي عشر وَجْهَان:
أَحدهمَا: النصب على تَقْدِير: تضَاعف الْحَسَنَة عشر أَمْثَالهَا.
أَي: تصير؛ فَهُوَ مفعول ثَان.
وَالثَّانِي: الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره، وَهَذِه الْجُمْلَة
مفسرة لِمَعْنى التَّضْعِيف.
(1/133)
تَوْجِيه رِوَايَة " فَأَكُون أول من
يُجِيز "
(245) وَفِي حَدِيثه: " فَيضْرب جسر على جَهَنَّم فَأَكُون أول من
يُجِيز. وَدَعوى الرُّسُل يَوْمئِذٍ: " اللَّهُمَّ سلم سلم: وَبهَا
كلاليب ". هَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة وَيُمكن تَأْوِيله على
أحد شَيْئَيْنِ:
أَحدهمَا: تَقْدِيره [بجسرها]- يَعْنِي جَهَنَّم -[فَحذف الْمُضَاف
وَاكْتفى بالمضاف إِلَيْهِ] .
وَالثَّانِي: أَن يكون الجسر مَحْمُولا على الْبقْعَة لِأَنَّهُ
بقْعَة.
والجيد: أَن يحمل على معنى الصِّرَاط، والصراط يذكر وَيُؤَنث، أَو على
معنى الطَّرِيق، وَهِي تذكر وتؤنث أَيْضا.
حمل " مَا " على أحد وجهيها.
(246) وَفِي حَدِيثه حَدِيث استراق السّمع: " فيلقيها إِلَى من
تَحْتَهُ، ثمَّ يلقيها [الآخر] إِلَى مَا تَحْتَهُ " مَا هَهُنَا
بِمَعْنى (من) كَمَا جَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فانكحوا مَا طَابَ
لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا
فَوَاحِدَة أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} .
وَحكى أَبُو زيد عَن بعض الْأَعْرَاب أَنه سمع صَوت السَّحَاب فَقَالَ:
" سُبْحَانَ مَا سبحتن لَهُ ". وَعَن آخر قَالَ: " سُبْحَانَ مَا سخركن
لنا ". وَسبب ذَلِك أَن " مَا " بِمَعْنى الَّذِي، وَالَّذِي تصلح لمن
يعقل وَلمن لَا يعقل، فَيحمل مَا على أحد وجهيها.
تَوْجِيه حَدِيث حفوف الْمَلَائِكَة بمجالس الذّكر
(247) وَفِي حَدِيثه: " فِي حفوف الْمَلَائِكَة بمجالس الذّكر " "
فيعرجون إِلَى الله تَعَالَى فيسألهم الله تَعَالَى: أَيْن كُنْتُم؟
فَيَقُولُونَ: من عِنْد عباد لَك يسبحونك ويحمدونك
(1/134)
ويسألونك. قَالَ: وَمَا يَسْأَلُونِي.
قَالَ: جنتك قَالَ: وَهل رأوها؟ قَالُوا: لَا أَي رب " وَبعده مَوَاضِع
مثله وَكَانَ الظَّاهِر يقْضِي أَن [يَقُولُوا] : " أَي رَبنَا "؛
لِأَن الْأَلْفَاظ كلهَا قَالُوا، وَيَقُولُونَ.
وَالْوَجْه فِي الْإِفْرَاد أَن يكون التَّقْدِير: فَيَقُول كل
مِنْهُم: أَي رب، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يرْمونَ
الْمُحْصنَات} ثمَّ قَالَ: {فَاجْلِدُوهُمْ} أَي: فاجلدوا كلا مِنْهُم
ثَمَانِينَ، فَحذف كلا للْعلم بهَا، وَيجوز أَن يكون الْجمع لِاتِّفَاق
كلمتهم كالملك الْوَاحِد.
تَوْجِيه حَدِيث " لم يكذب إِلَّا ثَلَاث كذبات "
(248) وَفِي حَدِيثه فِي قصَّة إِبْرَاهِيم وَالْكَافِر: " لم يكذب
إِلَّا ثَلَاث كذبات ".
والجيد: أَن تفتح الذَّال فِي الْجمع؛ لِأَن الْوَاحِدَة كذبة بِسُكُون
الذَّال، وَهُوَ اسْم لَا صفة؛ لِأَنَّك تَقول: كذب كذبة فَهُوَ مثل
رَكْعَة، وجفنة، وقصعة، وَلَو كَانَ صفة لسكن فِي الْجمع، مثل: صعبة
وصعبات.
وَفِيه أَيْضا: " إِن على الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك " " إِن "
هُنَا بِمَعْنى " مَا "، و " غير " يجوز فِيهَا النصب على بَاب
الِاسْتِثْنَاء، وَالرَّفْع على الصّفة أَو الْبَدَل.
تَوْجِيه رِوَايَة حَدِيث: " فَإِن لم تكن ترَاهُ ... " بِالْألف.
(249) وَفِي حَدِيثه: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، [فَإِن لم تكن]
ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك ".
(1/135)
كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " ترَاهُ
" بِالْألف، وَالْوَجْه حذفهَا؛ لِأَن [" أَن " لَا تحْتَمل هَهُنَا من
وُجُوه] " أَن " الْمَكْسُورَة: " إِن " الشّرطِيَّة وَهِي جازمة،
وعَلى [هَذَا] يُمكن تَأْوِيل هَذِه الرِّوَايَة، على أَنه أشْبع
فَتْحة الرَّاء فَنَشَأَتْ الْألف، وَلَيْسَت من نفس الْكَلِمَة.
وَيجوز أَن يكون جعل الْألف فِي الرّفْع عَلَيْهَا حَرَكَة مقدرَة،
فَلَمَّا دخل الْجَازِم حذف تِلْكَ الْحَرَكَة فَبَقيت الْألف [ساذجة]
من الْحَرَكَة، كَمَا يكون الْحَرْف الصَّحِيح سَاكِنا فِي الْجَزْم،
وعَلى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ حمل قَوْله تَعَالَى: {إِنَّه من يَتَّقِي
ويصبر} بِإِثْبَات الْيَاء على قِرَاءَة ابْن كثير. وَكَذَا قَول
الشَّاعِر:
(إِذا الْعَجُوز غضِبت فَطلق ... وَلَا ترضاها وَلَا تملق)
فَأثْبت الْألف فِي ترضاها.
تَوْجِيه حَدِيث " حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى "
(250) وَفِي حَدِيثه: " حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى "
الصَّوَاب فِي " إِن " هَهُنَا كسر الْهمزَة، وَتَكون بِمَعْنى مَا.
كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم} وَكَقَوْلِه
تَعَالَى: {إِن عنْدكُمْ من سُلْطَان} أَي: يظل لَا يدْرِي، كم صلى؟
وَتَمام الحَدِيث يدل على هَذَا الْمَعْنى.
(1/136)
أجمع يتَعَدَّى بِنَفسِهِ إِلَى مفعول
وَاحِد
(251) وَفِي حَدِيث خبيب وَقَتله: " حَتَّى أَجمعُوا قَتله " أجمع
الْأَمر يتَعَدَّى بِنَفسِهِ إِلَى مفعول وَاحِد، وَلَا يحْتَاج إِلَى
حرف جر. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم}
وَقَالَ الْحَارِث:
(أَجمعُوا أَمرهم بلَيْل فَلَمَّا ... أَصْبحُوا أَصبَحت [لَهُم]
ضوضاء)
تَوْجِيه حَدِيث " لَوْلَا تعيرني قُرَيْش " وَحكم مجئ الْفِعْل بعد "
لَوْلَا ".
(252) وَفِي حَدِيثه - حَدِيث إِسْلَام أبي طَالب -: " لَوْلَا تعيرني
قُرَيْش " " لَوْلَا " هَذِه يَقع بعْدهَا الِاسْم، وَقد جَاءَ
الْفِعْل بعْدهَا، و " أَن " مَعَه مقدرَة أَي: وَلَوْلَا أَن تعيرني
قُرَيْش. وَإِذا حذفت (أَن) فَمن الْعَرَب من يرفع الْفِعْل
الْمَذْكُور، وَمِنْهُم من ينصبه بِتَقْدِير (أَن) ، وَيجوز أَن يكون
الْفِعْل مَاضِيا ومستقبلا. وَنَظِيره فِي حذف (أَن) قَوْلهم فِي
الْمثل الْمَشْهُور: " تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ "، أَي: أَن
تسمع: قَالَ الشَّاعِر:
(وَقَالُوا: مَا تشَاء؟ فَقلت: [الهوا ... إِلَى الإصباح آثر ذِي أثير]
)
أَي أَن ألهو. وَيدل على أَن " لَوْلَا " هَذِه هِيَ الَّتِي يَقْتَضِي
الِاسْم لَهَا جَوَابا قَوْله: " لأقررت بهَا عَيْنك ".
(1/137)
تَوْجِيه حَدِيث " وَمن يعصيني فقد أغضب
الله ".
(253) وَفِي حَدِيثه: " من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله؛ وَمن يعصيني فقد
أغضب الله تَعَالَى " وَفِيه وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يَجْعَل " من " بِمَعْنى الَّذِي فَلَا يجْزم. أَي: أَن
الَّذِي يطيعني يُطِيع الله، وَالَّذِي يعصيني يغْضب الله، فالماضي
بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن تكون شَرْطِيَّة، وَلكنه أثبت الْيَاء فِي
يعصيني إِمَّا للإشباع، أَو قدر الْحَرَكَة على الْيَاء وحذفها للجازم
فَبَقيت الْيَاء لَا حَرَكَة [عَلَيْهَا] مقدرَة. أما " من " الَّتِي
فِي بَاقِي الحَدِيث فشرطية [وَهِي قَوْله] : " وَمن يعْص الْأَمِير
... ".
تَوْجِيه حَدِيث " كل أهل الْجنَّة. . " على روايتي " فَيكون لَهُ شكر
" بِالرَّفْع وَالنّصب.
(254) وَفِي حَدِيثه: " كل أهل الْجنَّة يرى مَقْعَده من النَّار
فَيَقُول: لَوْلَا أَن هَدَانِي فَيكون لَهُ شكر ". (شكر) فِي هَذِه
الرِّوَايَة مَرْفُوع، وَوَجهه أَن يكون قَوْله: (فَيكون) بِمَعْنى
(يحدث) وَهِي كَانَ التَّامَّة مثل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن كَانَ ذُو
عسرة} وشكر فَاعله. وَلَو روى بِالنّصب لَكَانَ خبر كَانَ.
كَانَ التَّامَّة تكتفي بمرفوعها
(255) وَفِي حَدِيثه: " فأمسكوا عَن الصَّوْم حَتَّى يكون رَمَضَان "
أَي حَتَّى يجِئ كَقَوْلِه:
(إِذا كَانَ الشتَاء فأدفئوني ... )
(1/138)
حذف القَوْل للْعلم بِهِ -
(256) وَفِي حَدِيثه: " فَقضى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
بديتها على الْعَاقِلَة وَفِي جَنِينهَا غرَّة عبد أَو أمة ".
التَّقْدِير: وَقَالَ: فِي جَنِينهَا غرَّة فَحذف القَوْل للْعلم بِهِ
كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت
وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا} أَي: يَقُولَانِ. وَهُوَ كثير فِي
الْقُرْآن [والْحَدِيث] وَغَيره.
الْحَال المؤولة بمشتق وتسويغ مجئ الْحَال من النكرَة
(257) وَفِي حَدِيثه: " لقد ظَنَنْت يَا أَبَا هُرَيْرَة، أَن لَا
يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أحد أول مِنْك " نصب " أول " هُنَا على
الْحَال؛ لِأَنَّهُ فِي معنى: لَا يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أحد
سَابِقًا، وَجَاز نصب الْحَال من النكرَة؛ لِأَنَّهَا فِي سِيَاق
النَّفْي فَتكون عَامَّة، كَقَوْلِهِم: مَا كَانَ أحد مثلك، وَمَا فِي
الدَّار أحد خيرا مِنْك.
إِضْمَار قد فِي جَوَاب الْقسم
(258) وَفِي حَدِيثه: " فَقَالَ: مَا أخرجكما من بيوتكما هَذِه
السَّاعَة؟ قَالَا: الْجُوع يَا رَسُول الله! قَالَ: وَأَنا وَالَّذِي
نَفسِي بِيَدِهِ لأخرجني الَّذِي أخرجكما ".
التَّقْدِير: لقد أخرجني الَّذِي أخرجكما. كَقَوْل امْرِئ الْقَيْس:
(حَلَفت لَهَا [بِاللَّه] حلفة فَاجر ... لنا موا؛ فَمَا إِن من حَدِيث
وَلَا صالي)
(1/139)
وَهُوَ جَوَاب قسم مَحْذُوف مِنْهُ (قد) .
تَوْجِيه نصب (إِيمَانًا واحتسابا) فِي حَدِيث " من صَامَ رَمَضَان ...
"
(259) وَفِي حَدِيثه: " من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا " فِي
نَصبه وَجْهَان:
أَحدهمَا: هُوَ مصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي: من صَامَ إِيمَانًا
محتسبا كَقَوْلِه تَعَالَى: {يأتينك سعيا} أَي: ساعيات.
وَالثَّانِي: مفعول من أَجله أَي: للْإيمَان والاحتساب. وَنَظِيره فِي
الْوَجْهَيْنِ قَوْله تَعَالَى: {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا}
تَوْجِيه حَدِيث " قد جَاءَكُم رَمَضَان شهر مبارك "
(260) وَفِي حَدِيثه: " قد جَاءَكُم رَمَضَان شهر مبارك " شهر بدل من
رَمَضَان، وَيجوز أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ شهر مبارك.
الْفرق بَين فقه بِضَم الْقَاف وَفقه بِكَسْرِهَا فِي الْمَعْنى
وَالْعَمَل
(261) وَفِي حَدِيثه: " النَّاس معادن، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة
خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا " الْجيد هُنَا ضم الْقَاف من " فقه
يفقه " إِذا صَار فَقِيها، مثل ظرف يظرف فَهُوَ ظريف.
وَأما فقه بِكَسْر الْقَاف يفقه بِفَتْحِهَا فَهُوَ بِمَعْنى فهم
الشَّيْء فَهُوَ مُتَعَدٍّ، قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يكادون يفقهُونَ
حَدِيثا} و {لَا يكادون يفقهُونَ قولا} بِفَتْح الْقَاف فِي
الْمُسْتَقْبل، وماضيه بِالْكَسْرِ، وَأما المضموم الْقَاف، فَهُوَ
لَازم لَا مفعول لَهُ.
تَوْجِيه حَدِيث: " إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا
وَاحِدًا "
(262) وَفِي حَدِيثه: " إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا
وَاحِدًا ".
(1/140)
(مائَة) : يرْوى بِالنّصب وَهُوَ بدل من
تِسْعَة وَتِسْعين، وبالرفع على تَقْدِير هِيَ مائَة.
وَأما قَوْله: (إِلَّا وَاحِدًا) فينصب على الِاسْتِثْنَاء، وَيرْفَع
على أَن تكون (إِلَّا) بِمَعْنى (غير) فَيكون صفة لمِائَة كَقَوْلِه
تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} .
تَوْجِيه حَدِيث " اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا "
(263) وَفِي حَدِيثه: " اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا " الْمَعْنى أَي:
أوصيكم بالرفق بِهن، فَاسْتَوْصُوا أَي: اقْبَلُوا وصيتي، فعلى هَذَا
فِي نصب " خيرا " وَجْهَان:
أَحدهمَا: هُوَ مفعول اسْتَوْصُوا؛ لِأَن الْمَعْنى: افعلوا بِهن خيرا.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ اقْبَلُوا وصيتي وَأتوا فِي ذَلِك خيرا، فَهُوَ
مَنْصُوب بِفعل مَحْذُوف كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَقولُوا ثَلَاثَة
انْتَهوا خيرا لكم} أَي انْتَهوا عَن ذَلِك وائتوا خيرا.
تَوْجِيه حَدِيث " نعم المنيحة اللقحة منيحة "
(264) وَفِي حَدِيثه: " نعم المنيحة اللقحة منحة ".
(أ) المنيحة: فَاعل نعم. واللقحة: هِيَ الْمَخْصُوصَة بالمدح، و " منحة
" مَنْصُوب على التَّمْيِيز توكيدا، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(تزَود مثل زَاد أَبِيك فِينَا ... فَنعم الزَّاد زَاد أَبِيك زادا)
وَقَوله فِيهِ: " وَالشَّاة الصفي " هُوَ مَعْطُوف على اللقحة.
مجئ مَا الاستفهامية للتعظيم
(265) وَفِي حَدِيثه: " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا لقِيت من عقرب
لدغتني
(1/141)
البارحة! " ... الحَدِيث.
" مَا " هُنَا اسْتِفْهَام بِمَعْنى التَّعْظِيم، وَهِي فِي مَوضِع نصب
(بلقيت) . أَي: أَي شَيْء لقِيت من عقرب [فَمَا] هَهُنَا، مثل قَوْله
تَعَالَى: {مَا أَصْحَاب الْيَمين} و {مَا القارعة} .
مجئ أَضَاء مُتَعَدِّيا ولازما
(266) وَفِي حَدِيثه: " تخرج نَار من أَرض الْحجاز تضئ أَعْنَاق
الْإِبِل ببصرى " أَعْنَاق هُنَا بِالنّصب، وتضئ هُنَا مُتَعَدٍّ،
وَالْفَاعِل النَّار، أَي: تجْعَل على أَعْنَاق الْإِبِل ضوءا. قَالَ
الشَّاعِر:
(أَضَاءَت لنا [النَّار] وَجها [أغرر ... ] ملتبسا بالفؤاد التباسا)
وَلَو كَانَ بِالرَّفْع لَكَانَ أوجه. أَي: تضئ أَعْنَاق الْإِبِل
بِهِ. كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الآخر: " أَضَاءَت مِنْهُ قُصُور
الشَّام ".
تَوْجِيه حَدِيث " يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم ... "
(267) وَفِي حَدِيثه: " يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم
ثَلَاث عقد بِكُل عقدَة يضْرب: عَلَيْك لَيْلًا طَويلا " (لَيْلًا)
مفعول (يضْرب) كَأَنَّهُ قَالَ: يصير [وَهُوَ] مثل قَوْله تَعَالَى:
{فضربنا على آذانهم} [أَي:] أنمناهم. وَيجوز أَن يكون ظرفا؛ لِأَن
(1/142)
يضْرب بِمَعْنى [ينيم] . أَي: ينيمك فِي
ليل طَوِيل.
تَوْجِيه قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لن يقبل مِنْهُ
الدَّهْر كُله "
(268) وَفِي حَدِيثه: " من أفطر يَوْمًا فِي رَمَضَان فِي غير رخصَة
رخصها الله لَهُ فَلَنْ يقبل مِنْهُ الدَّهْر كُله ".
الدَّهْر: يجوز فِيهِ الرّفْع على تَقْدِير: لن يقبل مِنْهُ صَوْم
الدَّهْر، فَحذف الْمُضَاف كَقَوْلِه تَعَالَى: {الْحَج أشهر
مَعْلُومَات} أَي حج أشهر.
وَالنّصب على تَقْدِير: فَلَنْ يقبل مِنْهُ الصَّوْم الدَّهْر، فَهُوَ
مَنْصُوب على الظّرْف.
تَوْجِيه حَدِيث " سمع سامع ... "
(269) وَفِي حَدِيثه: " سمع سامع [بِحَمْد] الله وَحسن بلائه علينا.
رَبنَا صاحبنا، وَأفضل علينا. عائذا بِاللَّه من النَّار رَبنَا " أَي:
يَا رَبنَا، وَهَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي سَمعه سامع، و (صاحبنا)
سُؤال، (وعائذا بِاللَّه) يجوز أَن يكون مصدرا على فَاعل كَمَا
قَالُوا: [الْعَافِي والعافية] ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أعوذ بِاللَّه
عائذا. وَيجوز أَن يكون اسْم فَاعل حَالا [أَي] يَقُول ذَلِك عائذا
بِاللَّه.
تَوْجِيه حَدِيث " وَعدلت الصُّفُوف قيَاما "
(270) وَفِي حَدِيثه: " أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف قيَاما "
قيَاما حَال من الصُّفُوف.
وَفِيه: " فَقَالَ لنا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] :
مَكَانكُمْ " وَهَذَا الِاسْم نَائِب عَن الْأَمر أَي: الزموا
(1/143)
مَكَانكُمْ، [أَو] قفوا كَقَوْلِه
تَعَالَى: {مَكَانكُمْ أَنْتُم وشركاؤكم} .
تَوْجِيه حَدِيث " من هم بحسنة ... "
(271) وَفِي حَدِيثه: " من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة "
... الحَدِيث.
حَسَنَة بِالرَّفْع على أَنه مفعول كتبت، كَمَا تَقول: أَثْبَتَت لَهُ
حَسَنَة، [أَي: حدثت لَهُ، وَبِالنَّصبِ على أَنه الْمَفْعُول
الثَّانِي، أَي: كتبت لَهُ همته حَسَنَة] وَكَذَلِكَ فِي بَاقِي
الحَدِيث.
[تَوْجِيه حَدِيث " استسعى العَبْد فِي ثمن رقبته.
(272) وَفِي حَدِيثه: " فَإِن لم يكن لَهُ مَال، استسعى العَبْد فِي
ثمن رقبته، غير مشقوق عَلَيْهِ " (غير) هُنَا مَنْصُوبَة على الْحَال،
وَصَاحب الْحَال (العَبْد) وَالْعَامِل فيهمَا (سعى) وَالتَّقْدِير:
سعى العَبْد مرفها أَو مسامحا] .
تَوْجِيه حَدِيث " الْفضة بِالْفِضَّةِ وزنا بِوَزْن "
(273) وَفِي حَدِيث: " الْفضة بِالْفِضَّةِ وزنا بِوَزْن " انتصاب
(وزنا) فِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: هُوَ مصدر فِي مَوضِع الْحَال، وَالتَّقْدِير: تبَاع الْفضة
بِالْفِضَّةِ وزنا [أَي: مَوْزُونا بموزون.
وَالثَّانِي: أَن يكون مصدرا، أَي: توزن وزنا] ، وَكَذَا الحكم فِي
قَوْله: " مثلا بِمثل ".
تَوْجِيه قَوْله: " أصلهم ويقطعوني " وَبَيَان الصَّوَاب
(274) وَفِي حَدِيثه: " أَن رجلا قَالَ للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] إِن لي قرَابَة أصلهم ويقطعوني "
(1/144)
الصَّوَاب: يقطعونني بنونين [أَو بنُون
وَاحِدَة مُشَدّدَة] ؛ لِأَن هَذَا الْفِعْل مَرْفُوع وعلامة رَفعه
ثُبُوت النُّون [وَالنُّون] الْأُخْرَى نون الْوِقَايَة، وَمِمَّا
جَاءَ من المشدد قَوْله تَعَالَى: {أتحاجوني فِي الله} .
تَوْجِيه قَوْله " فَمثل ذَلِك "
(275) وَفِي حَدِيثه: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله، كتب الله لَهُ
عشْرين حَسَنَة، وَمن قَالَ: الله أكبر فَمثل ذَلِك " يجوز الرّفْع فِي
" مثل " على أَن يكون الْخَبَر محذوفا أَي: فَلهُ مثل ذَلِك. وَيجوز
النصب على تَقْدِير: فيعطي مثل ذَلِك.
مجئ أَن بِمَعْنى كي ناصبة للْفِعْل
(276) وَفِي حَدِيثه: " مر رجل بجذل شوك فِي الطَّرِيق فَقَالَ: لأميطن
هَذَا أَن لَا يعقر " التَّقْدِير: كَيْلا يعقر؛ (فَأن) هَذِه هِيَ
الناصبة للْفِعْل، وَالْمعْنَى: كَيْلا يعقر.
تَوْجِيه قَوْله " فليكتحل وترا "
(277) وَفِي حَدِيثه: " إِذا اكتحل أحدكُم فليكتحل وترا " الحَدِيث.
(وترا) فِي انتصابه وَجْهَان:
أَحدهمَا: حَال أَي موترا.
وَالثَّانِي: أَن يكون صفة لمصدر مَحْذُوف أَي اكتحالا وترا.
تَوْجِيه قَوْله: " لَا يُؤمن العَبْد الْإِيمَان كُله "
(278) وَفِي حَدِيثه: " لَا يُؤمن العَبْد الْإِيمَان كُله " "
الْإِيمَان " مصدر مَعْرُوف كَمَا تَقول
(1/145)
قُمْت الْقيام الَّذِي تعرف و " كُله "
توكيد لَهُ.
تَوْجِيه قَوْله " ثَلَاثَة أَصْنَاف "
(279) وَفِي حَدِيثه: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة
أَصْنَاف " انتصاب (ثَلَاثَة) على الْحَال، وَهُوَ نعت فِي الأَصْل
أَي: أصنافا ثَلَاثَة، ثمَّ قدم الْعدَد وأضافه، فَجرى مجْرى الْمُضَاف
إِلَيْهِ فِي انتصابه.
تَوْجِيه رِوَايَة " حَتَّى الشاتين " وَبَيَان الصَّوَاب
(280) وَفِي حَدِيثه: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، ليختصمن كل شَيْء
يَوْم الْقِيَامَة، حَتَّى الشاتين فِيمَا انتطحا " الصَّوَاب " حَتَّى
الشاتان " أَي: يخْتَصم الشاتان، فَهُوَ مَعْطُوف على كل، وَقد وَقع
فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالنّصب، فَإِن صحت فَالْوَجْه فِيهِ: حَتَّى
[ترى] اختصام الشاتين، فَحذف الْفِعْل، والمضاف، وَأقَام الْمُضَاف
إِلَيْهِ مقَامه و " فِي " تتَعَلَّق [بالاختصام] الْمَحْذُوف، و " مَا
" بِمَعْنى الَّذِي، أَي: فِي الشَّيْء الَّذِي انتطحا من أَجله،
[وَيجوز أَن يكون " الشاتين " جرا، على تَقْدِير إِلَى الشاتين] .
الِاسْتِثْنَاء التَّام الْمَنْفِيّ
(281) وَفِي حَدِيثه: " مَا لعبدي الْمُؤمن عِنْدِي جَزَاء إِذا قبضت
صَفيه من أهل الدُّنْيَا ثمَّ احتسبه إِلَّا الْجنَّة " يجوز فِي
الْجنَّة الرّفْع على الْبَدَل من جَزَاء، وَالنّصب على أصل بَاب
الِاسْتِثْنَاء {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل} بِالرَّفْع وَالنّصب.
إِعْرَاب قيل وَقَالَ وتوجيه " كره لكم قيل وَقَالَ "
(282) وَفِي حَدِيثه: " كره لكم قيل وَقَالَ " الَّذِي يظْهر عِنْد أهل
اللُّغَة أَن تكون
(1/146)
الكلمتان اسْمَيْنِ معربين بِوُجُوه
الْإِعْرَاب ويدخلهما الْألف وَاللَّام. وَالْمَشْهُور فِي [هَذَا]
الحَدِيث بناؤهما على الفتحة على أَنَّهُمَا فعلان ماضيان، فعلى هَذَا
يكون التَّقْدِير: نهى عَن قَول: قيل وَقَالَ، وَفِيهِمَا ضمير فَاعل
مستتر، وَلَو روى: عَن قيل [وَقَالَ] بِالْجَرِّ والتنوين جَازَ.
إِعْرَاب مَا بعد إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء الْمَنْفِيّ
(283) وَفِي حَدِيثه: " لَا صَلَاة بعد الْإِقَامَة إِلَّا
الْمَكْتُوبَة " الْوَجْه الرّفْع، على الْبَدَل من مَوضِع: لَا
صَلَاة، وَالنّصب ضَعِيف، وَقد بَين ذَلِك فِي مسَائِل النَّحْو، وَمثل
ذَلِك " لَا إِلَه إِلَّا الله ".
تَوْجِيه قَوْله " عَلَيْك السّمع وَالطَّاعَة "
(284) وَفِي حَدِيثه: " عَلَيْك السّمع وَالطَّاعَة " بِالرَّفْع على
أَنه مُبْتَدأ وَمَا قبله الْخَبَر، وَهَذَا لَفظه لفظ الْخَبَر،
وَمَعْنَاهُ الْأَمر أَي: " اسْمَع، وأطع " على كل حَال، وَإِن جَاءَ
فِي بعض الرِّوَايَات مَنْصُوبًا فَهُوَ على الإغراء، كَقَوْلِه
تَعَالَى: {عَلَيْكُم أَنفسكُم} .
[63] عتبَة بن عبد السّلمِيّ
تَوْجِيه قَوْله: " خطْوَة كَفَّارَة وخطوة دَرَجَة "
(285) حَدِيث عتبَة بن عبد السّلمِيّ أبي الْوَلِيد: " مَا من عبد يخرج
من بَيته إِلَى غدو أَو رواح إِلَى الْمَسْجِد إِلَّا كَانَت خطاه
خطْوَة كَفَّارَة وخطوة دَرَجَة ".
[الْجيد: خبر: " خطْوَة " على أَن يكون خبر كَانَ] وَكَفَّارَة نعت
لخطوة.
(1/147)
وَلَو رفع على أَنه مُبْتَدأ وَكَفَّارَة
خَبره جَازَ. وَهَذَا جَائِز، وَإِن كَانَت خطْوَة نكرَة؛ لِأَن
التَّقْدِير خطْوَة مِنْهَا كَفَّارَة وخطوة مِنْهَا دَرَجَة، فَحذف
الصّفة للْعلم بهَا. وَيجوز أَن يكون خطْوَة مَعَ تنكيرها فِي مَوضِع:
بَعْضهَا كَفَّارَة وَبَعضهَا دَرَجَة.
[64] عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ
تَوْجِيه قَوْله: " هَل من دَاع فأستجيب لَهُ "
(286) وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ: " هَل من
دَاع فأستجيب لَهُ " الْجيد نصب هَذِه الْأَفْعَال؛ لِأَنَّهَا جَوَاب
الِاسْتِفْهَام فَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَهَل لنا من شُفَعَاء
فيشفعوا لنا} .
وَيجوز الرّفْع على تَقْدِير مُبْتَدأ: فَأَنا أعْطِيه، فَأَنا
أُجِيبهُ.
[65] عُثْمَان بن عَفَّان
تَوْجِيه قَوْله: " وَذَلِكَ الدَّهْر كُله "
(287) وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ: " مَا من
امْرِئ مُسلم تحضره صَلَاة مَكْتُوبَة فَيحسن وضوءها، وخشوعها،
وركوعها، إِلَّا كَانَت كَفَّارَة لما قبلهَا من الذُّنُوب مَا لم
يَأْتِ كَبِيرَة وَذَلِكَ الدَّهْر كُله ".
(1/148)
يجوز فِيهِ النصب على تَقْدِير: وَذَلِكَ
فِي الدَّهْر كُله، فَحذف حرف الْجَرّ، ونصبه على الظّرْف، وموضعه رفع
خبر [ذَلِك] وَيجوز رَفعه [على تَقْدِير] وَذَلِكَ حكم الدَّهْر كُله،
فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه.
[66] عرْفجَة بن صَرِيح (شُرَيْح الْأَشْجَعِيّ)
تَوْجِيه قَوْله: " كَائِنا من كَانَ "
(288) وَفِي حَدِيث عرْفجَة بن صَرِيح وَيُقَال: شُرَيْح
الْأَشْجَعِيّ: " فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنا من كَانَ " "
كَائِنا " حَال من الْهَاء فِي (اضْرِبُوهُ) . أَي: فَاضْرِبُوهُ شريفا
أَو وضيعا، وَغير ذَلِك. و " من كَانَ " اسْتِفْهَام، [أَي] رجل كَانَ؟
وَيجوز أَن يكون المُرَاد [بِهِ] الصّفة كَمَا تَقول: مَرَرْت بِرَجُل
أَي رجل.
[67] عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ
[تَوْجِيه قَوْله: " لَهو أَشد تفلتا ".
(289) وَفِي حَدِيث عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ: " لَهو أَشد تفلتا "
هُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز، كَقَوْلِه تَعَالَى: {هُوَ أَشد مِنْهُ
قُوَّة} ، {وَأحسن مقيلا} وَمَا أشبهه.]
(1/149)
تَوْجِيه قَوْله: " وَلَو كعكة "
(290) وَفِي حَدِيثه: " لَا يخطئه يَوْم إِلَّا تصدق فِيهِ بِشَيْء
وَلَو كعكة " وَمَا بعده، النصب على تَقْدِير: وَلَو أعْطى كعكة [أَو
وجد كعكة] ، وَيجوز الْجَرّ على الْبَدَل من شَيْء، وَتَقْدِيره: وَلَو
بكعكة.
عمل الْمصدر عمل الْفِعْل
(291) وَفِي حَدِيثه: " فَقَالَ: مَا جَاءَ بكم؟ قَالُوا: صحبتك رَسُول
الله، أحببنا [أَن نسير مَعَك " (صُحْبَة) فَاعل فعل مَحْذُوف. أَي:
جَاءَ بِنَا صحبتك، وَرَسُول الله] . مَنْصُوب بصحبتك؛ لِأَن الْمصدر
يعْمل عمل [اسْم] الْفِعْل. وَيجوز أَن يكون على النداء و " أحببنا "
مُسْتَأْنف. وَيجوز أَن يكون (صحبتك) مُبْتَدأ و (أحببنا) الْخَبَر،
والعائد مَحْذُوف أَي: أحببنا من أَجلك.
تَوْجِيه قَوْله: " لَا يقرئونا "
(292) وَفِي حَدِيثه: " إِنَّك تبعثنا فَنَنْزِل بِقوم لَا [يقرونا] "
الأَصْل لَا يقروننا.
فالنون الأولى عَلامَة [رفع الْفِعْل وَهُوَ هُنَا مَرْفُوع، و (نَا)
ضمير الْجَمَاعَة، وَهُوَ مفعول] إِلَّا أَنه حذف نون الرّفْع لتوالي
نونين، وَمثله قَوْله تَعَالَى: {فَبِمَ تبشرون} فِي قِرَاءَة من كسر
النُّون.
النصب على الِاخْتِصَاص
(293) وَفِي حَدِيثه: " يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر، وَأَيَّام
التَّشْرِيق عيدنا أهل الْإِسْلَام "
(1/150)
" أهل " بِالنّصب على إِضْمَار أَعنِي أَو
أخص، كَقَوْلِه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " نَحن معاشر
الْأَنْبِيَاء ".
وَيجوز الْجَرّ على الْبَدَل من الضَّمِير الْمَجْرُور (بعيد)
كَأَنَّهُ قَالَ: عيد أهل الْإِسْلَام.
تَوْجِيه قَوْله: " ثمَّ صلى غير "
(294) وَفِي حَدِيثه: " ثمَّ صلى غير [ساه] غير مَنْصُوبَة على الْحَال
وَالْعَامِل فِيهَا صلى.
[68] أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عقبَة بن عَمْرو
وجوب إِضَافَة فَاعل إِلَى مَا بعده
(295) وَفِي حَدِيث أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ - رَضِي الله عَنهُ -
واسْمه عقبَة ابْن عَمْرو - " ادعو رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] خَامِس خَمْسَة " [خَامِس مَنْصُوب على الْحَال، وَالتَّقْدِير:
أحد خَمْسَة] كَمَا قَالَ [تَعَالَى] : {ثَانِي اثْنَيْنِ} . فَيجب
إِضَافَة فَاعل إِلَى مَا بعده.
وُقُوع الْمصدر موقع اسْم الْفَاعِل
(296) وَفِي حَدِيثه: " فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء " "
سَوَاء " خبر كَانَ، وَالضَّمِير اسْمهَا، وأفرد سَوَاء لِأَنَّهُ
مصدر، والمصدر لَا يثنى وَلَا يجمع، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:
{لَيْسُوا سَوَاء} ، وَقَوله: {فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء}
وَالتَّقْدِير: مستوين [ومستويات] وَوَقع الْمصدر موقع اسْم الْفَاعِل.
(1/151)
[69] عَليّ بن أبي طَالب
نصب (يَمِينا وَشمَالًا) على الظّرْف
(297) وَفِي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: " وَالنَّاس
يضْربُونَ الْإِبِل يَمِينا وَشمَالًا " " يَمِينا وَشمَالًا " منصوبان
على الظّرْف أَي: فِي يَمِين وشمال.
تَوْجِيه حَدِيث " لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك شِفَاء لَا يُغَادر سقما "
(298) وَفِي حَدِيثه: " أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء
لَا يُغَادر سقما ".
" شِفَاء " الأول مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي: لَا
شِفَاء لنا، وشفاؤك مَرْفُوع بَدَلا من مَوضِع لَا شِفَاء، [وَمثله:
لَا إِلَه إِلَّا الله] ، و " شِفَاء " بِالنّصب مصدر " اشف " شِفَاء،
وبالرفع هُوَ شِفَاء.
تَوْجِيه رِوَايَة " فَلَا يصومها أحد " بِضَم الْمِيم
(299) وَفِي حَدِيثه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِن هَذِه أَيَّام
أكل وَشرب، فَلَا يصومها أحد " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة
[وَالْوَجْه: فَلَا يصمها، أَو فَلَا يصومنها، وَوجه هَذِه
الرِّوَايَة] أَن تضم الْمِيم وَيكون لَفظه لفظ الْخَبَر، وَمَعْنَاهُ
الْأَمر كَقَوْلِه تَعَالَى: {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} {والوالدات
يرضعن} .
(1/152)
نصب " أَرْبعا " نصب المصادر وكل مَا جَاءَ
من النكرات على مِثَاله
(300) وَفِي حَدِيثه: " أَن تكبر الله أَرْبعا وَثَلَاثِينَ "
الحَدِيث. نصب (أَرْبعا) نصب المصادر؛ لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مُضَاف
إِلَى الْمصدر كَقَوْلِه: كَبرت الله أَربع تَكْبِيرَات، وَهَكَذَا
[كل] مَا جَاءَ من النكرات على هَذَا الْمَعْنى.
تَوْجِيه حَدِيث " لَا يحل للخليفة من مَال الله قصعتان: قَصْعَة "
(301) وَفِي حَدِيثه: " لَا يحل للخليفة من مَال الله إِلَّا قصعتان:
قَصْعَة ... " الحَدِيث. قَصْعَة مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ
مَحْذُوف أَي: إِحْدَاهمَا قَصْعَة، وَيجوز نَصبه - على بعد - وَيكون
تَقْدِيره أَعنِي قَصْعَة.
تَوْجِيه حَدِيث: " فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : "
كَيَّتَانِ "
(302) وَفِي حَدِيثه: " مَاتَ رجل من أهل الصّفة وَترك دينارين أَو
دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] :
كَيَّتَانِ " أَي: هما كَيَّتَانِ لَهُ. وَلَو جَاءَ بِالنّصب كَانَ
لَهُ وَجه أَي: ترك كيتين.
تَوْجِيه قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِنِّي وَإِيَّاك
وَهَذَانِ ... "
(303) وَفِي حَدِيثه: " إِنِّي وَإِيَّاك وَهَذَانِ وَهَذَا الراقد فِي
مَكَان وَاحِد يَوْم الْقِيَامَة " وَقع
(1/153)
فِي هَذِه الرِّوَايَة (هَذَانِ) بِالْألف
وَفِيه وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَنه عطف على مَوضِع اسْم إِن قبل الْخَبَر؛ لِأَن مَوضِع
اسْم (إِن) رفع تَقْدِيره: أَنا وَأَنت وَهَذَانِ، وَعَلِيهِ حمل
الْكُوفِيُّونَ قَوْله تَعَالَى: {والصابئون} . وحكوا عَن الْعَرَب:
إِن زيدا وَأَنْتُم ذاهبون، وَحمل سِيبَوَيْهٍ الْحِكَايَة على
الْغَلَط.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يكون الْألف فِي هَذَانِ لَازِمَة فِي كل
حَال كَمَا قَالُوا: " ضَربته بَين أذنَاهُ "، وَعَلِيهِ حمل قَوْله
تَعَالَى: {إِن هَذَانِ لساحران} . فِي أحد الْأَقْوَال. فعلى هذَيْن
الْوَجْهَيْنِ يكون خبر إِن [قَوْله:] " فِي مَكَان وَاحِد ". وَيجوز
أَن يكون قَوْله " فِي مَكَان وَاحِد " خبر إِنِّي وَإِيَّاك، وَيكون
(هَذَانِ) مُبْتَدأ، (وَهَذَا) عطف عَلَيْهِ، وَالْخَبَر مَحْذُوف
تَقْدِيره: وَهَذَانِ وَهَذَا كَذَلِك، وَقد أَجَازُوا فِي قَوْلهم:
إِن زيدا وعمرا فِي الدَّار، [أَن] يكون قَوْله: فِي الدَّار خَبرا عَن
زيد، وَخبر عَمْرو محذوفا، وَأَن يكون فِي الدَّار خَبرا عَن عَمْرو،
وَخبر زيد محذوفا.
تَوْجِيه قَوْله: " مَا تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل ... " إِلَخ
(304) وَفِي حَدِيثه: " مَا تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل فِي الْمِيزَان
" أثقل [- بِفَتْح اللَّام - وَهُوَ مجرور نعتا لرجل، وَيجوز أَن يرفع
على تَقْدِير: هُوَ أثقل، وَاللَّام فِي (لرجل) بِمَعْنى من أجل.]
[70] عمار بن يَاسر
تَوْجِيه قَوْله: " أَلا أحدثكُم بِأَشْقَى النَّاس رجلَيْنِ ... "
(305) وَفِي حَدِيث عمار بن يَاسر: " أَلا [أحدثكُم] بِأَشْقَى النَّاس
رجلَيْنِ. . ".
(1/154)
" رجلَيْنِ " مَنْصُوب على التَّمْيِيز،
كَمَا تَقول: هُوَ أَشْقَى النَّاس رجلا. وَجَاز تثنيته وَجمعه مثل
قَوْله تَعَالَى: {بالأخسرين أعمالا} . وكما قَالُوا: نعم رجلَيْنِ
الزيدان، وَنعم رجَالًا الزيدون، وكما تَقول: هم أفضل النَّاس رجَالًا.
[71] عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ -
تَوْجِيه قَوْله: " إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي " وَبَيَان مَا
فِيهِ من تجوز
(306) وَفِي حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: " إِن أخوف مَا
أَخَاف على أمتِي كل مُنَافِق عليم اللِّسَان ".
" أخوف " اسْم (إِن) و (مَا) هَهُنَا نكرَة مَوْصُوفَة، والعائد
مَحْذُوف تَقْدِيره: إِن أخوف شَيْء [أخافه] على أمتِي (كل) ، و (كل)
خبر إِن.
وَفِي الْكَلَام تجوز؛ لِأَن أخوف هُنَا للْمُبَالَغَة، وَخبر إِن هُوَ
اسْمهَا فِي الْمَعْنى، فَكل مُنَافِق أخوف، وَلَيْسَ كل [أخوف منافقا]
، وَلَكِن الْمُنَافِق مخوف، وَلَكِن جَاءَ بِهِ على الْمَعْنى.
تَوْجِيه حَدِيث: " إِنِّي صَائِم ... إِلَخ " بِتَقْدِير الْحَذف فِي
السُّؤَال أَو فِي الْجَواب
(307) وَفِي حَدِيثه: " قَالَ: إِنِّي صَائِم قَالَ: وَأي الصّيام
تَصُوم؟ قَالَ: أول الشَّهْر وَآخره. قَالَ: إِن كنت صَائِما فَصم
الثَّلَاث عشرَة، والأربع عشرَة وَالْخمس عشرَة ".
" أَي " هَهُنَا مَنْصُوبَة (بتصوم) ، وَالزَّمَان مَعهَا مَحْذُوف
تَقْدِيره: أَي زمَان الصَّوْم تَصُوم؟
(1/155)
وَلذَلِك أجَاب بقوله: " أول الشَّهْر ".
وَلَو لم يرد حذف الْمُضَاف لم يستقم؛ لِأَن الْجَواب [يكون على وفْق
السُّؤَال، فَإِذا كَانَ الْجَواب] بِالزَّمَانِ، كَانَ السُّؤَال عَن
الزَّمَان. وَيجوز أَن لَا يقدر فِي السُّؤَال حذف مُضَاف، بل تقدره
فِي الْجَواب وَتَقْدِيره: صِيَام أول الشَّهْر. وَقَوله: (الثَّلَاث
عشرَة) وَمَا بعده، أَدخل الْألف وَاللَّام على الِاسْم الأول من
الْمركب وَهُوَ الْقيَاس. [وَالتَّقْدِير: اللَّيْلَة الثَّلَاث عشرَة]
وَالْمرَاد: يَوْم اللَّيْلَة الثَّلَاث عشرَة؛ لِأَن اللَّيْلَة لَا
تصام.
تَوْجِيه قَوْله " فَإِذا أَنا برباح "
(308) وَفِي حَدِيثه: " فَإِذا أَنا برباح غُلَام رَسُول الله [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] قَاعِدا على أُسْكُفَّة الْمشْربَة " (إِذا)
هَذِه ظرف مَكَان وَمَعْنَاهُ المفاجأة، وَأَنا مُبْتَدأ، وَفِي
الْخَبَر وَجْهَان:
أَحدهمَا: " برباح " وَالتَّقْدِير فَإِذا أَنا بصرت برباح، (وَإِذا)
على هَذَا مَنْصُوبَة (ببصرت) .
وَالثَّانِي: الْخَبَر هُوَ (فَإِذا) ؛ لِأَنَّهُ مَكَان، وظرف
الْمَكَان يكون خَبرا عَن الجثة (ورباح) فِي مَوضِع الْمَفْعُول، وَأما
(قَاعِدا) فحال من (رَبَاح) وَالْعَامِل فِيهَا مَا يتَعَلَّق بِهِ
الْبَاء.
تَوْجِيه حَدِيث: " لَا تلعنوه، فو الله، مَا علمت أَنه يحب الله
وَرَسُوله ".
(309) وَفِي حَدِيثه: " لَا تلعنوه - يَعْنِي حمارا - فو الله، مَا
علمت أَنه يحب الله وَرَسُوله " فِي الْمَعْنى وَجْهَان:
(1/156)
أَحدهمَا: (مَا) زَائِدَة، أَي: فو الله،
علمت أَنه، والهمزة على هَذَا مَفْتُوحَة.
وَالثَّانِي: [أَن لَا تكون زَائِدَة] وَيكون الْمَفْعُول محذوفا، أَي:
مَا علمت عَلَيْهِ أَو مِنْهُ سوءا. ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ: إِنَّه
يحب الله، [فالهمزة على هَذَا مَكْسُورَة] .
(310) [وَفِي حَدِيثه: " من كَانَ مِنْكُم ملتمسا لَيْلَة الْقدر،
فليلتمسها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا " انتصاب " وتر " على الصّفة
لظرف مَحْذُوف، تَقْدِيره: فليلتمسها فِي زمَان وتر، يَعْنِي: فِي
اللَّيَالِي الْأَفْرَاد. وَيجوز أَن يكون نعتا لمصدر مَحْذُوف، أَي:
التماسا وترا، وَيجوز هَذَا الْمصدر فِي مَوضِع الْحَال، أَي: موترا.
[72] عمرَان بن حُصَيْن]
(311) وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، فَقَالَ بشير بن كَعْب فِي
الْحِكْمَة: " إِن مِنْهُ وقارا " (إِن) مَكْسُورَة لَا غير؛
لِأَنَّهَا مستأنفة، وَلَيْسَت معمولة لمكتوب؛ لِأَن مَكْتُوبًا من
كَلَام الرَّاوِي يعلم بِهِ أَن صُورَة الْمَكْتُوب فِي الْحِكْمَة
وقار.
(312) وَفِي حَدِيثه: " إِن فلَانا لَا يفْطر نَهَارا الدَّهْر "
(الدَّهْر) مَنْصُوب، وَفِيه وَجْهَان: أَحدهمَا: هُوَ بدل من (نَهَار)
فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يفْطر الدَّهْر، وَذكر النَّهَار هُنَا لفائدة:
وَهُوَ أَنه لَو قَالَ: لَا يفْطر الدَّهْر، لدخل فِيهِ اللَّيْل،
بِمُقْتَضى الظَّاهِر، فَلَمَّا قَالَ: (نَهَارا) أَرَادَ أَنه نَهَار
الدَّهْر.
وَالثَّانِي: ينْتَصب بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: يَصُوم الدَّهْر،
وَهُوَ شَارِح لِمَعْنى: لَا يفْطر نَهَارا.
(1/157)
تَوْجِيه حَدِيث " أعتق سِتَّة مملوكين "
(313) وَفِي حَدِيثه: " أَن رجلا أعتق سِتَّة مملوكين لَهُ عِنْد مَوته
لم يكن لَهُ مَال غَيرهم، فَدَعَا بهم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] فجزأهم ثَلَاثًا ".
الْجيد تَنْوِين (سِتَّة) وَتَكون (مملوكين) نعتا لَهُ، وَالْإِضَافَة
ضَعِيفَة؛ لِأَن الْمُمَيز هُنَا جمع صَحِيح وَالْأَصْل فِي الْمُمَيز
الْمُضَاف إِلَيْهِ أَن يكون بِلَفْظ مَوْضُوع للقلة، وَقد يَقع موقعه
جمع الْكَثْرَة، كَقَوْلِك: ثَلَاثَة أفلس، وَثَلَاثَة رجال.
وَأما قَوْله: " فجزأهم ثَلَاثًا " فَالظَّاهِر يَقْتَضِي " ثَلَاثَة
"؛ لِأَن التَّقْدِير ثَلَاثَة أَجزَاء.
وَوجه حذف التَّاء: أَن تَقْدِيره: ثَلَاث فرق [الْوَاحِدَة فرقة] ،
وَلَو قدرت ثَلَاث قطع جَازَ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {وقطعناهم
اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا} أَي اثْنَتَيْ عشرَة قِطْعَة ثمَّ أبدل مِنْهُ
أسباطا.
و" غَيرهم " بِالرَّفْع نعت (لمَال) وَبِالنَّصبِ على الِاسْتِثْنَاء.
الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله
(314) وَفِي حَدِيثه قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَي يَوْم ذَلِك " (أَي)
مَرْفُوع الْبَتَّةَ مُبْتَدأ وَذَلِكَ خَبره، وَقيل: أَي خبر وَذَلِكَ
مُبْتَدأ، وَلَا يجوز نَصبه بأتدرون؛ لِأَن الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل
فِيهِ فعل قبله، وَمثله {لنعلم أَي الحزبين أحصى} .
تَوْجِيه حَدِيث الْمَرْأَة والمزادتين
(315) وَفِي حَدِيث الْمَرْأَة والمزادتين:
" ووقعنا تِلْكَ الْوَقْعَة " (تِلْكَ) فِي مَوضِع نصب (بوقعنا) نصب
المصادر (والوقعة) بدل من تِلْكَ أَو عطف بَيَان فَهِيَ مَنْصُوبَة لَا
غير.
(1/158)
وَفِيه: " وَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ
فلَان " " فلَان " اسْم كَانَ و " أول " خَبَرهَا و " من " نكرَة
مَوْصُوفَة فَتكون " أول " نكرَة أَيْضا لِإِضَافَتِهِ إِلَى النكرَة،
أَي: أول رجل اسْتَيْقَظَ.
وَفِيه: " قَالَت: عهدي بِالْمَاءِ أمس هَذِه السَّاعَة ". " عهد "
مُبْتَدأ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الضَّمِير، و (بِالْمَاءِ) مُتَعَلق بِهِ
(وأمس) ظرف لعهدي، (وَهَذِه السَّاعَة) بدل من أمس [بدل بعض من كل] ،
وَخبر الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف تَقْدِيره: عهدي بِالْمَاءِ حَاصِل أَو
نَحْو ذَلِك. وَيجوز أَن يكون (أمس) خبر (عهدي) ؛ لِأَن الْمصدر يخبر
عَنهُ بظرف الزَّمَان.
وَفِيه: " فَإِن كَانَ الْمُسلمُونَ بعد يغيرون " (إِن) هَهُنَا
مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَي: إِنَّه كَانَ
الْمُسلمُونَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من
الأَرْض} .
وَفِيه: " يغيرون على مَا حولهَا من الْمُشْركين وَلَا يصيبون الصرم
الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَت يَوْمًا لقومها: مَا أَدْرِي. إِن
هَؤُلَاءِ يدعونكم [عمدا] فَهَل لكم فِي الْإِسْلَام؟ فأطاعوها
فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَام ". الْجيد: (إِن هَؤُلَاءِ) بِالْكَسْرِ
على الِاسْتِئْنَاف وَلَا يفتح على إِعْمَال (أَدْرِي) فِيهِ؛
لِأَنَّهَا قد علمت بطرِيق الظَّاهِر أَن الْمُسلمين تركُوا الإغارة
على صرمها مَعَ الْقُدْرَة على ذَلِك، فَلهَذَا رغبتهم فِي الْإِسْلَام
أَي: قد تركُوا الإغارة رِعَايَة لكم، وَيكون مفعول: (مَا أَدْرِي)
محذوفا أَي: مَا أَدْرِي لماذا تمتنعون من الْإِسْلَام أَو نَحْو
ذَلِك؟
وَفِيه: " وَإِن كَانَ آخر ذَلِك أَن أعطي " (آخر) بِالنّصب أقوى على
أَنه خبر كَانَ مقدم، وَأَن (أعْطى) فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ؛ لِأَن
(أَن) وَالْفِعْل أعرف من الِاسْم الْمُفْرد. وَيجوز رفع آخر وَنصب أَن
أعْطى؛ لِأَن كليهمَا معرفَة، وَقد جَاءَ الْقُرْآن بهما فِي نَحْو
قَوْله تَعَالَى: {فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا}
بِالنّصب وَالرَّفْع.
[73] أَبُو زيد عَمْرو بن أَخطب
تَوْجِيه حَدِيث " كَانَ هَذَا يَوْمًا "
(316) وَفِي حَدِيث أبي زيد [الْأنْصَارِيّ] عَمْرو بن أَخطب: "
فَقَالَ: يَا رَسُول الله:
(1/159)
كَانَ هَذَا يَوْمًا الطَّعَام فِيهِ كريه
". " هَذَا " اسْم كَانَ و " يَوْمًا " ظرف لهَذَا. والجيد أَن يكون
يَوْمًا خبر كَانَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا الذّبْح، وَهُوَ مصدر،
وظرف الزَّمَان يجوز أَن يكون خَبرا عَن الْمصدر.
وَقَوله: " الطَّعَام فِيهِ كريه " مُبْتَدأ وَخَبره فِي مَوضِع نصب
صفة (ليَوْم) ، وَهَذَا مثل قَوْلك: كَانَ [الرّيح] يَوْم الْجُمُعَة
الَّذِي فِيهِ الطَّعَام كريه.
[74] عَمْرو بن الْعَاصِ
أَلا، وهلا، وَلَوْلَا إِذا وَليهَا الْمَاضِي أَو الْمُسْتَقْبل
(317) وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ: " يأيها النَّاس أَلا [كَانَ]
" (أَلا) الْمَفْتُوحَة مُشَدّدَة وَإِذا وَليهَا الْمَاضِي كَانَ
توبيخا، وَإِن وَليهَا الْمُسْتَقْبل كَانَت تحضيضا، وَمثلهَا (هلا)
(وَلَوْلَا) [ولوما] .
تَوْجِيه حَدِيث " فَأَي ذَلِك قَرَأْتُمْ "
(318) وَفِي حَدِيثه: " فَأَي ذَلِك قَرَأْتُمْ. . " الحَدِيث. (أَي)
مَنْصُوبَة (بقرأ) وَهِي شَرْطِيَّة، وَمثله قَوْله تَعَالَى: {أيا مَا
تَدْعُو} فَأَيا مَنْصُوب بتدعو.
(319) وَفِي حَدِيثه: " إِن أفضل مَا [نعد] شَهَادَة أَن لَا إِلَه
إِلَّا الله " (شَهَادَة) مَرْفُوع لَا غير؛ لِأَن خبر (إِن)
تَقْدِيره: أفضل الْأَشْيَاء شَهَادَة، و (مَا) بِمَعْنى الَّذِي، ونعد
صلتها والعائد مَحْذُوف أَي: بعده، وَلَا يجوز أَن تنصب شَهَادَة بنعد؛
لِأَنَّهُ يصير فِي صلَة (الَّذِي) فتحتاج (إِن) إِلَى خبر، وَلَيْسَ
فِي اللَّفْظ خبر وَلَا تَقْدِيره معنى.
(1/160)
تَوْجِيه قَوْله: " وَالله مَا أَدْرِي
أحبا ذَلِك أم تألفا "
(320) وَفِي حَدِيثه: " وَالله، مَا أَدْرِي: أحبا ذَلِك أم تألفا "
هما منصوبان [مفعول] لَهما: أَي: لَا أَدْرِي: هَل دلاني لمحبته أَو
لتأليفه إيَّايَ.
[75] عَمْرو بن عبد الله الْقَارِي
علام نصب كَلَالَة فِي قَوْله: أورث كَلَالَة؟
(321) وَفِي حَدِيث عَمْرو بن عبد الله [بن أبي عِيَاض] الْقَارِي: "
وَإِنِّي أورث كَلَالَة " نصب (كَلَالَة) على الْحَال؛ لِأَن
الْكَلَالَة هم الْوَرَثَة الَّذين لَيْسَ فيهم ولد وَلَا وَالِد،
[فتقديره] : يُورث مَعْدُوم الْوَالِد وَالْولد.
[76] عَمْرو بن عبسة بن خَالِد بن عَامر السّلمِيّ
تَوْجِيه نصب " فوَاق نَاقَته "
(322) وَفِي حَدِيث عَمْرو بن عبسة السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ: " من
قَاتل فِي سَبِيل الله تَعَالَى فوَاق نَاقَة " فِي نصب (فوَاق)
وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن يكون ظرفا، تَقْدِيره: وَقت فوَاق نَاقَة أَي: وقتا
مُقَدرا بذلك.
وَالثَّانِي: أَن يكون جَارِيا مجْرى الْمصدر أَي: قتالا مُقَدرا
بفواق.
[77] عَمْرو بن عَوْف
تَوْجِيه قَوْله: " مَا الْفقر أخْشَى عَلَيْكُم "
(323) وَفِي حَدِيث عَمْرو بن عَوْف: " فو الله، مَا الْفقر أخْشَى
عَلَيْكُم " (الْفقر) مَنْصُوب
(1/161)
(بأخشى) تَقْدِيره: مَا أخْشَى عَلَيْكُم
الْفقر، وَالرَّفْع ضَعِيف يحْتَاج إِلَى ضمير يعود إِلَيْهِ،
وَإِنَّمَا يَجِيء ذَلِك فِي الشّعْر، وَتَقْدِيره: ذَلِك الْفقر مَا
أخشاه عَلَيْكُم أَي: مَا الْفقر مخشيا عَلَيْكُم. وَهُوَ ضَعِيف.
[78] عُوَيْمِر بن عَامر (أَبُو الدَّرْدَاء)
تَوْجِيه قَوْله: أقبل أخذا
(324) وَفِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء - عُوَيْمِر بن عَامر -: " إِذْ
أقبل أَبُو بكر آخِذا " (آخِذا) حَال وَالْعَامِل فِيهِ (أقبل) . وَفِي
الحَدِيث: " هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي؟ " الْوَجْه (تاركون) ؛
لِأَن الْكَلِمَة لَيست مُضَافَة؛ لِأَن حرف الْجَرّ يمْنَع
الْإِضَافَة. وَإِنَّمَا يجوز حذف النُّون فِي موضِعين:
أَحدهمَا: الْإِضَافَة، وَلَا إِضَافَة هُنَا.
وَالثَّانِي: إِذا كَانَ فِي " تاركون " الْألف وَاللَّام، مثل قَول
الشَّاعِر:
(الحافظو عَورَة الْعَشِيرَة ... )
[وَالْأَشْبَه أَن حذفهَا من غلط الروَاة]
(325) وَفِي حَدِيثه: " فرغ الله - عز وَجل - إِلَى كل عبد من خمس: من
أَجله ورزقه وأثره وشقى أم سعيد " [قَوْله: وشقى أم سعيد] لَا يجوز
فِيهِ إِلَّا الرّفْع على تَقْدِير: هُوَ شقى، وَلَو جر عطفا على مَا
قبله لم يجز؛ لِأَنَّك لَو قلت: فرغ من شقى أم سعيد لم يكن لَهُ معنى.
(1/162)
|