إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث

الْقسم الثَّانِي

مسانيد النِّسَاء مرتبَة على الْحُرُوف الأبجدية

فِي إِعْرَاب مَا يشكل فِي روايتهن

أَولا: المعروفات بأسمائهن

[114] أَسمَاء بن أبي بكر.

[115] حمْنَة بنت جحش.

[116] الرّبيع بنت معوذ بن عفراء.

[117] عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ - رَضِي الله عَنْهَا -.

[118] مَيْمُونَة بنت الْحَارِث
[119] أم سَلمَة هِنْد بنت أبي أُميَّة.

ثَانِيًا: المعروفات بكناهن

[120] أم أَيُّوب امْرَأَة أبي أَيُّوب.

[121] أم جُنْدُب الْأَزْدِيَّة.

[122] أم كُلْثُوم بنت أبي سَلمَة.

ثَالِثا: ذكر نسَاء لَا يعرفن

[123] امْرَأَة من غفار

(1/192)


مسانيد النِّسَاء مرتبَة على الْحُرُوف أَيْضا

[114] أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق

حذف الْمصدر وَإِقَامَة صفته مقَامه

(376) وَفِي حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق - رَضِي الله [عَنْهُمَا]-:
" قد أوحى إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي قبوركم [قَرِيبا، أَو] مثل فتْنَة المسيخ الدَّجَّال ".
" قَرِيبا " مَنْصُوب [نعتا] لمصدر [مَحْذُوف] تَقْدِيره: أَي: " افتتانا قَرِيبا ". من فتنته؛ وَلذَلِك قَالَ: " [أَو] مثل فتْنَة المسيخ " فأضافه إِلَى الْفِتْنَة.
مَا قبل الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ إِلَّا حرف الْجَرّ

وَفِيه: " لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت [أَسمَاء] ؟ ! " أَي " مَنْصُوب بقالت، لَا بقوله: " لَا أَدْرِي "؛ لِأَن الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله إِلَّا حرف الْجَرّ.
اللَّام الفارقة

وَفِيه: " فَيُقَال لَهُ: قد كُنَّا نعلم أَن كنت لتؤمن بِهِ ... " التَّقْدِير: " أَنَّك " مُخَفّفَة من " أَن " وَاللَّام فِي " لتؤمن " فارقة بَين أَن الناصبة وَأَن الْمُؤَكّدَة.
وَيجوز أَن تكون اللَّام دَاخِلَة على خبر (إِن) [الْمَكْسُورَة، وَتَكون (أَن) مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة، وَتَكون تعلم معلقَة [عَن] الْعَمَل لدُخُول اللَّام فِي الْخَبَر، وَمثل ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانُوا ليقولون لَو أَن عندنَا ذكرا} .

(1/193)


[115] حمْنَة بنت جحش

نصب " أَي " بِالْفِعْلِ بعْدهَا

(377) وَفِي حَدِيث حمْنَة بنت جحش الْمُسْتَحَاضَة:
" فَقَالَ لَهَا: سآمرك بأمرين أَيهمَا فعلت ... " (أَيهمَا) مَنْصُوب لَا غير، والناصب لَهُ (فعلت) كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَو ادعوا الرَّحْمَن أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} (فَأَيا) مَنْصُوب بتدعوا.
لَا وَجه لرِوَايَة واستنقأت بِالْألف والهمزة

وَفِيه: " إِذا رَأَيْت أَنَّك قد طهرت واستنقأت " وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالْألف [وَالصَّوَاب: استنقيت] ؛ لِأَنَّهُ من نقى الشَّيْء وأنقيته إِذا نظفته. وَلَا وَجه فِيهِ للألف [وَلَا للهمزة] .
وَفِيه: " فصلى أَرْبعا وَعشْرين لَيْلَة [أَو ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة] وأيامها " (أَيَّامهَا) مَنْصُوب بصلى، وَهُوَ مَعْطُوف على أَربع [أَو] على ثَلَاث، وَالضَّمِير فِي (أَيَّامهَا) يرجع على اللَّيَالِي.

(1/194)


[116] الرّبيع بنت معوذ

الصَّوَاب الَّذِي لَا يعدل عَنهُ رِوَايَة أجر بِالْكَسْرِ

(378) فِي حَدِيث الرّبيع بنت معوذ بن عفراء: " أتيت النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بقناع فِيهِ رطب وَأجر زغب ". الصَّوَاب الَّذِي لَا يعدل عَنهُ أَن يرْوى " أجر " بِكَسْر الرَّاء؛ لِأَنَّهُ جمع جرو، وَهُوَ الصَّغِير من القثاء وَالرُّمَّان وَنَحْوهمَا وَجمعه أجر، مثل: [حُلْو وَأحل] وحقو وأحق، وَكَانَ الأَصْل [فِيهِ] أجرو. مثل فلس وأفلس، فأبدلت الضمة كسرة فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء فِرَارًا من ثقل الْوَاو [بعد الضمة] .
[117] عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ - رَضِي الله عَنْهَا -
بَاب أفعل لَا يعْمل فِي اسْم ظَاهر إِلَّا إِذا وَقع موقع الْمُضمر

(379) وَفِي حَدِيث عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا: " أَي الصَّلَاة كَانَت أحب إِلَى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن يواظب عَلَيْهَا؟ قَالَت: " كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر أَرْبعا يُطِيل فِيهِنَّ الْقيام وَيحسن فِيهِنَّ الرُّكُوع وَالسُّجُود. فَأَما مَا لم يكن يدع - صَحِيحا وَلَا مَرِيضا، غَائِبا وَلَا شَاهدا - فركعتين قبل الْفجْر ". (أَي) مُبْتَدأ و (كَانَت) فِيهَا ضمير اسْمهَا [يرجع إِلَى الصَّلَاة. و (أحب) خبر كَانَ، وَكَانَ اسْمهَا] وخبرها خبر أَي. و " أَن يواظب " فِي مَوضِع نصب

(1/195)


(بِأحب) . أَي: يحب الْمُوَاظبَة.
وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع (بِأحب) كَقَوْلِهِم: " كَانَ زيد أحب إِلَيْهِ الْخَيْر ". و " بَاب أفعل لَا يعْمل فِي اسْم ظَاهر إِلَّا إِذا وَقع موقع الْمُضمر " كَقَوْلِهِم: مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد، و " أَن يواظب " بِهَذِهِ الصّفة.
معنى " مَا لم يكن يدع " وإعرابها

وَأما قَوْلهَا: " لم يكن يدع صَحِيحا وَلَا مَرِيضا فركعتين قبل الْفجْر " فقولها: مَا لم يكن يدع فَمَعْنَاه: " الَّذِي لم يكن " فَالَّذِي مُبْتَدأ، (وَلم يكن) صلته، وَاسم كَانَ مُضْمر فِيهَا أَي: [لم] يكن هُوَ، " ويدع " خبر (كَانَ) وَالتَّقْدِير: يَدعه، و " صَحِيحا ومريضا " حالان فِي ضمير الْفَاعِل فِي يدع. أَي كَانَ يَفْعَله على كل حَال.
رَأْي العكبرى فِي رِوَايَة نصب رَكْعَتَيْنِ

وَقَوْلها: " فركعتين " الْيَاء خطأ، بل الْوَاجِب أَن يُقَال: رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ خبر (مَا) وَلَا معنى للنصب هُنَا، وَهَذَا مثل قَوْلك: أما زيد فمنطلق، وَأما الَّذِي عندنَا فكريم.
لماذا أنثت الْعشْر؟

(380) [وَفِي حَدِيثهَا فِي الْمسند " دخلت الْعشْر " إِنَّمَا أنثت؛ لِأَنَّهَا أَرَادَت " اللَّيَالِي الْعشْر "؛ لِأَن اللَّيَالِي يؤرخ بهَا] .
كَيفَ تعرب " مَا " من قَوْله: " فَمَا فَوْقهَا "؟

(381) وَفِي حَدِيثهَا: " لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا " (مَا) بِمَعْنى الَّذِي، أَو نكرَة مَوْصُوفَة، و (فَوْقهَا) مَنْصُوبَة على الظّرْف، فَهُوَ إِمَّا صلَة لما، أَو صفة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} .

(1/196)


مجئ الْجَواب كالسؤال

(382) وَفِي حَدِيثهَا: " فَإلَى أَيهمَا أهْدى؟ قَالَ: أقربهما مِنْك بَابا " (أقربهما) بِالْجَرِّ على تَقْدِير إِلَى أقربهما؛ ليَكُون الْجَواب كالسؤال، وَيجوز الرّفْع على تَقْدِير [هُوَ] أقربهما، وَالنّصب على تَقْدِير صلى أقربهما. (وبابا) تَمْيِيز.
جَوَاز أَن تكون ذَلِك فِي مَوضِع رفع أَو نصب

(383) وَفِي حَدِيثهَا: " فَنَادَى ملك الْجبَال فَسلم عَليّ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، ذَلِك فِيمَا شِئْت " يَنْبَغِي أَن يكون " ذَلِك " فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير: " أفعل ذَلِك "؛ لِأَن الْملك كَانَ مَأْمُورا أَن يفعل مَا يَشَاء رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .
وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على تَقْدِير [لَك] ذَلِك.
مَا كَانَ فِي آخِره ألف وَنون مزيدتان

(384) وَفِي حَدِيثهَا: " إِن الله - عز وَجل - ليؤيد [حسانا] ".
" حسان " يجوز صرفه على أَنه مُشْتَقّ من الْحسن؛ لِأَن النُّون فِيهِ أَصْلِيَّة، وَكَذَا جَاءَ فِي هَذِه الرِّوَايَة وَيجوز أَن] يمْنَع على اعْتِبَار أَنه مُشْتَقّ من الْحس؛ [فَتكون] النُّون زَائِدَة، فيجتمع فِيهِ التَّعْرِيف وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون.
تَوْجِيه إِعْرَاب كلمة " رهنا "

(385) وَفِي حَدِيثهَا: " اشْترى من يَهُودِيّ طَعَاما فَأعْطَاهُ [درعا لَهُ رهنا] " رهنا ".

(1/197)


(1) [مصدر] مَنْصُوب فِي مَوضِع الْحَال [أَي:] أعطَاهُ إِيَّاهَا راهنا.
(2) وَيجوز أَن يكون نعتا لدرع.
(3) وَأَن يكون نصبا على الْمصدر أَي رَهنهَا رهنا.
(4) وَأَن يكون مَفْعُولا [لَهُ] .
(5) وَأَن يكون تمييزا.
تصويب رِوَايَة سبعين صَلَاة

(386) وَفِي حَدِيثهَا: " فضل الصَّلَاة بسواك على الصَّلَاة بِغَيْر سواك سبعين صَلَاة ".
كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة.
وَالصَّوَاب سَبْعُونَ. وَالتَّقْدِير: فضل سبعين؛ لِأَنَّهُ خبر (فضل) الأول.
نصب (مثل) على الْحَال

(387) وَفِي حَدِيثهَا: " فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح " (مثل) مَنْصُوب على الْحَال أَي: جَاءَت الرُّؤْيَة مشبهة فلق الصُّبْح.

(1/198)


تَوْجِيه رِوَايَة نصب " جذعا "

وَفِي حَدِيثهَا: " يَا لَيْتَني فِيهَا جذعا " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة وَالْوَجْه جذع؛ لِأَنَّهُ خبر لَيْت.
ويضعف أَن يكون " فِيهَا " الْخَبَر لقلَّة فَائِدَته، وَهَكَذَا هُوَ فِي الشّعْر:
(يَا لَيْتَني فِيهَا جذع ... أخب فِيهَا وأضع)

وللنصب فِيهَا وَجه، وَذَلِكَ أَن يَجْعَل " فِيهَا " [الْخَبَر] وجذعا حَال، وَتَكون الْفَائِدَة [حَاصِلَة] من الْحَال.
حكم الِاسْتِثْنَاء من الْمُوجب أَو من الْمَنْفِيّ فِي الْمَعْنى

(388) وَفِي حَدِيثهَا: " نهى عَن قتل جنان الْبيُوت إِلَّا الأبتر وَذُو الطفيتين، فَإِنَّهُمَا يخطفان أَو يطمسان الْبَصَر ".
وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة: وَذُو الطفيتين، بِالْوَاو، وَهُوَ مَرْفُوع، وَالْقِيَاس أَن يكون هُوَ والأبتر منصوبين؛ لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء [من] مُوجب أَو من منفي. وَلَكِن الْمُقدر فِي الْمَعْنى مَنْصُوب؛ لِأَن التَّقْدِير: لَا تقتلُوا جنان الْبيُوت إِلَّا الأبتر.
حكم تَابع مَعْمُول الْمصدر

وَفِي لفظ آخر: " أَمر بقتل الأبتر وَذُو الطفيتين ". الْوَجْه: وذى مَعْطُوفًا على لفظ الأبتر. [فَأَما الرّفْع، فوجهه أَن يقدر لَهُ مَا يرفعهُ] وَالتَّقْدِير: لَكِن يقتل ذُو الطفيتين، والأبتر

(1/199)


على هَذَا يجوز نَصبه على أصل الْبَاب، وَرَفعه على مَا قَدرنَا. وَمثل هَذَا قَول الفرزدق:
(وعض زمَان يَابْنَ مَرْوَان لم يدع ... من المَال إِلَّا [مسحتا] أَو مجلف)

(فمجلف) مَرْفُوع على تَقْدِير: بقى مجلف، ومسحتا بِالنّصب على أصل الْبَاب، ويروى مسحت بِالرَّفْع على مَا قَدرنَا.
زِيَادَة كَانَ بعد نعم

(389) وَفِي حَدِيثهَا: " نعم الْمَرْء كَانَ عَامر " الْمَرْء فَاعل نعم، بعْدهَا خبر كَانَ. وَيكون فِي كَانَ ضمير الشَّأْن والقصة كَمَا تَقول: كَانَ نعم الرجل زيد.
و" زيد نعم الرجل كَانَ " لَيْسَ من ضمير الشَّأْن؛ لِأَن ضمير الشَّأْن مصدر على الْجُمْلَة، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي على هَذَا أَن يكون اسْم كَانَ مضمرا فِيهَا وَهُوَ (عَامر) ، وَتَكون الْجُمْلَة الْمُتَقَدّمَة خَبرا لَهَا مقدما. وَنَظِير زِيَادَة كَانَ هُنَا كَقَوْلِه: مَا كَانَ أحسن زيدا.
حذف الْمُبْتَدَأ

(390) وَفِي حَدِيثهَا: " لد رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي مَرضه فَأَشَارَ: أَن لَا تلدوني قُلْنَا: كَرَاهِيَة الْمَرِيض الدَّوَاء " كَرَاهِيَة بِالرَّفْع خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هَذَا الِامْتِنَاع كَرَاهِيَة. وَيحْتَمل النصب على أَن يكون مَفْعُولا لَهُ، أَي: نَهَانَا لكراهية الدَّوَاء.
وَيجوز أَن يكون مصدرا أَي: كرهه كَرَاهِيَة الدَّوَاء.
بِنَاء الْأَسْمَاء مَعَ لَا على الْفَتْح وَحذف الْخَبَر

(391) وَفِي حَدِيثهَا حَدِيث أم زرع:

(1/200)


زَوجي كليل تهَامَة، لَا حر وَلَا قر، وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة ".
يجوز فِي هَذِه الْأَسْمَاء كلهَا الْفَتْح على أَنَّهَا مَبْنِيَّة مَعَ لَا، وَالْخَبَر مَحْذُوف لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ. مثل:
(فَأَنا ابْن قيس لَا براح ... )

ويقوى الرّفْع مَا فِيهِ من التكرير.
مصدر فعل التفعيل

وَفِيه: (وَلَا تنقث ميرتنا تنقيثا " الْقيَاس أَن يكون " تنقث " بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأَن الْمصدر قد جَاءَ على التفعيل فَهُوَ مثل: يكسر تكسيرا وَيقتل تقتيلا.
ضمير الْفَصْل

(392) وَفِي حَدِيثهَا حَدِيث صِيَام عَاشُورَاء: " فَلَمَّا قدم [النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]] الْمَدِينَة صَامَهُ وَأمر بصيامه، فَلَمَّا نزل رَمَضَان كَانَ هُوَ الْفَرِيضَة ".

(1/201)


لَك فِي (الْفَرِيضَة) الرّفْع على أَن يكون (هُوَ) مُبْتَدأ وَالْفَرِيضَة خَبره، وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على أَنه خبر كَانَ، وَلَك النصب على أَن يكون (هُوَ) فصلا لَا مَوضِع لَهُ و (الْفَرِيضَة) خبر كَانَ، وَمثله قَوْله تَعَالَى: {إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك} يرْوى بِالرَّفْع وَالنّصب على مَا ذكرنَا.
الصَّوَاب فِي حَدِيث الْعَجْوَة

(393) وَفِي حَدِيثهَا: " إِن فِي عَجْوَة الْعَالِيَة شِفَاء، وَإِنَّهَا ترياق أول البكرة ".
وَالصَّوَاب: " ترياق: بِالرَّفْع والتنوين على أَنه خبر إِن، و " أول " بِالنّصب على أَنه ظرف أَي: فِي أول البكرة.
ويعضد ذَلِك حَدِيث الزبير: " من تصبح بِسبع تمرات عَجْوَة مِمَّا بَين لابتيها لم يضرّهُ ذَلِك الْيَوْم سم وَلَا سحر ".
[وَفِي حَدِيث] لَهَا أَيْضا من جنس الزبير [وَهُوَ: قَالَ فِي] : " عَجْوَة الْعَالِيَة أول البكرة على ريق النَّفس ".
نون الرّفْع وَنون الْوِقَايَة

(394) وَفِي حَدِيثهَا: " أصبح عنْدكُمْ شَيْء تطعمونيه " وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة بنُون وَاحِدَة وَيحْتَمل ثَلَاثَة أوجه:

(1/202)


أَحدهَا: أَن يكون مَجْزُومًا على جَوَاب الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِك: أَيْن بَيْتك [أزرك]
وَالثَّانِي: أَن يكون مَرْفُوعا [نعتا] لشَيْء، وَلكنه حذف إِحْدَى النونين؛ لِأَن أَصله: تطعمونني على مَا جَاءَ فِي الشّعْر:
( [يسوء القاليات] إِذا قليني ... )

أَي قلينني [وَقد قرئَ {فَبِمَ تبشرون} بتَخْفِيف النُّون] .
وَالثَّالِث: أَن تكون [النُّون] مُشَدّدَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {أتحاجوني فِي الله} . وَقد قرئَ بتَخْفِيف النُّون.
(395) وَفِي حَدِيثهَا أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " ادعوا لي بعض أَصْحَابِي. قلت: أَبُو بكر؟ قَالَ: لَا، قلت: عمر؟ قَالَ: لَا. قلت: فَابْن عمك عليا؟ قَالَ: [لَا] كَذَا وَقع] . فِي هَذِه الرِّوَايَة رفع " أَبُو بكر " وَنصب " عَليّ " وَوجه الرّفْع فِي الأول أَن يقدر: الْمَدْعُو أَبُو بكر، أَو الْمَطْلُوب أَو، هُوَ، وَأما نصب " عَليّ " [فعلى تَقْدِير: أَدْعُو ابْن عمك عليا،] فعلى بدل من " ابْن عمك " وَلَو رفع الْجَمِيع أَو نصب جَازَ.
حذف إِحْدَى النونين

(396) وَفِي حَدِيث الْإِفْك: " وظننت أَن الْقَوْم سيفقدوني " بنُون وَاحِدَة، فَيحْتَمل أَن يكون حذف إِحْدَى النونين، وَأَن تكون النُّون مُشَدّدَة.
مجئ إِن بِمَعْنى مَا

وَفِيه: " وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِن رَأَيْت عَلَيْهَا " " إِن " هَهُنَا بِمَعْنى (مَا) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن عنْدكُمْ من سُلْطَان بِهَذَا} وَقد تَأتي بعْدهَا (إِلَّا) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن الحكم إِلَّا لله} وَقد لَا تَأتي كَمَا تقدم.

(1/203)


جَوَاز تَقْدِيم الْخَبَر على صفة الْمُبْتَدَأ

(397) وَفِي حَدِيثهَا: " كَانَ رجل - يدْخل على أَزوَاج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- مخنث ". " مخنث " نعت لرجل، و " يدْخل " خبر كَانَ، وَيجوز تَقْدِيم الْخَبَر على صفة الْمُبْتَدَأ، وَيجوز أَن تكون " كَانَ " التَّامَّة، وَيكون " يدْخل " و " مخنث " صفتين لرجل.
تَوْجِيه رِوَايَة مَتى يقوم مقامك بِالْوَاو

(398) وَفِي حَدِيثهَا: " إِن أَبَا بكر رجل أسيف وَإنَّهُ مَتى يقوم مقامك لَا يسمع النَّاس ". وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " يقوم " بِالْوَاو. وَالْوَجْه حذفهَا وَإِسْكَان الْمِيم؛ لِأَن مَتى هُنَا شَرط، وَجَوَابه: لَا يسمع النَّاس. وَلَا معنى للاستفهام هَهُنَا. إِلَّا أَنه قد جَاءَ فِي الشّعْر مثل ذَلِك شاذا.
وَوَجهه: أَن الْوَاو تحذف لالتقاء الساكنين، فَإِذا أدغمت الْمِيم فِي الْمِيم الَّتِي بعْدهَا جَازَ وضع الْوَاو قبلهَا. كَمَا قَالُوا: ثَمُود. الثَّوْب [وَقَالُوا فِي الْيَاء هُوَ اضيم، وَفِي الْألف] . " الحاقة " و " الدَّابَّة ".
الْفرق بَين " الْوَاو " العاطفة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام و " أَو " الَّتِي للشَّكّ

(399) وَفِي حَدِيثهَا حَدِيث موت النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقَالَ عمر: " أَو [أَنَّهَا] فِي كتاب الله "؟ الصَّوَاب: فتح الْوَاو والهمزة للاستفهام كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَو كلما عَاهَدُوا عهدا} وَالْوَاو هَهُنَا عاطفة وتسكينها ضَعِيف وَلَيْسَت أَو الَّتِي للشَّكّ؛ لِأَن تِلْكَ لَا تقع إِلَّا عاطفة. وَقد قرئَ فِي الشاذ " أَو كلما " بِسُكُون الْوَاو وَذَلِكَ من تسكين [الْوَاو] المفتوح؛ لثقل الْحَرَكَة على الْوَاو، وَلَيْسَت على هَذَا الْوَجْه للْعَطْف بل هِيَ فِي معنى [الْمَفْتُوحَة] . ذكره ابْن جني فِي الْمُحْتَسب.

(1/204)


الْمَعْنى المُرَاد من الحَدِيث

(400) وَفِي حَدِيثهَا فِي ذكر خَدِيجَة: " فَقلت: مَا أَكثر مَا تذكرها حَمْرَاء الشدقين ". [الْأَقْوَى] أَن يكون بِالرَّفْع على معنى: هِيَ حَمْرَاء، وَلَيْسَ الْمَعْنى [تذكرها] فِي حَال حمرَة شدقيها، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك؛ لَكَانَ النصب على الْحَال أولى.
تَوْجِيه الحَدِيث على اعْتِبَار مَا زَائِدَة ونافية واستفهامية

(401) وَفِي حَدِيثهَا: " فَقَالَ: يَا [عُثْمَان] أتؤمن بِمَا نؤمن بِهِ؟ قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: فأسوة مَا لَك بِنَا ".
(مَا) هَهُنَا زَائِدَة، وَالتَّقْدِير: فأسوة لَك بِنَا، وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} . وَيجوز أَن يكون استفهاما، وَتَكون (مَا) نَافِيَة، وَالتَّقْدِير: فَمَا لَك بِنَا أُسْوَة. وَجَاز الِابْتِدَاء [هُنَا] بالنكرة؛ لِأَنَّهَا مصدر فِي معنى الْفِعْل أَي تأس بِنَا.
زِيَادَة الْكَاف على قدر الْمُخَاطب وتثنيتها وَجَمعهَا

(402) وَفِي حَدِيثهَا: " ذَاك جِبْرِيل " الْجيد: كسر الْكَاف؛ لِأَن عَائِشَة هِيَ المخاطبة، وَالْكَاف [أبدا] تكون فِي مثل هَذَا على قدر الْمُخَاطب، إِن كَانَ مذكرا فتحت، وَإِن كَانَ مؤنثا كسرت، وَكَذَلِكَ تثنى وَتجمع على قدر الْمُخَاطب.

(1/205)


وَأما ذَا الَّذِي قبل الْكَاف فَهُوَ للمشار إِلَيْهِ الْبعيد. إِن كَانَ مذكرا (فَذا) ، وَإِن كَانَ مؤنثا (فَتى) ، وَكَذَلِكَ تثنيته وَجمعه على قدره. وَلَو فتح الْكَاف [فِي هَذَا الحَدِيث] جَازَ؛ لِأَن الْمُؤَنَّث إِنْسَان، فَيكون التَّذْكِير رَاجعا إِلَى مَعْنَاهُ.
[وَفِي حَدِيثهَا " إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا " الرّفْع جَائِز على أَن يكون هُوَ وَاقعا موقع الْفَاعِل، كَمَا تَقول: أذهبت نَفسه، وَيجوز النصب على التَّشْبِيه بالمفعول، كَمَا تَقول: سلب زيد ثَوْبه] .
إِجْرَاء الِاثْنَيْنِ مجْرى الْجمع

(403) وَفِي حَدِيثهَا: " أَن أم حَبِيبَة وَأم سَلمَة ذكرتا كَنِيسَة رأينها بِالْحَبَشَةِ ". وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " رأينها " وَهَذَا فِي التَّحْقِيق ضمير جمَاعَة الْمُؤَنَّث، فَيجوز أَن يكون أجْرى الِاثْنَيْنِ مجْرى الْجمع، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فقد صغت قُلُوبكُمَا}
إِضْمَار اسْم كَانَ

(404) وَفِي حَدِيثهَا [قَالَت] : " فَإِن خلق رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ الْقُرْآن ". اسْم كَانَ مُضْمر فِيهَا، يرجع إِلَى الْخلق، و " الْقُرْآن " خبر كَانَ مَنْصُوب.
تَوْجِيه رِوَايَة وَأخذ اللَّحْم رفعا ونصبا

(405) وَفِيه: " فَلَمَّا أسن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَأخذ اللَّحْم " يجوز نصب اللَّحْم على أَنه مفعول " أَخذ "، وَأَن ترفع على أَخذ اللَّحْم مِنْهُ مأخذه.

(1/206)


(406) وَفِي حَدِيثهَا: " مَا من يَوْم أَكثر من أَن يعْتق الله فِيهِ عبدا من النَّار من يَوْم عَرَفَة ".
(أَكثر) مَرْفُوع وَصفا ليَوْم على الْموضع؛ لِأَن تَقْدِيره: مَا يَوْم، و (من) زَائِدَة، و (عبدا) ينْتَصب (بيعتق) ، وَالتَّقْدِير: مَا يَوْم أَكثر عُتَقَاء من هَذَا الْيَوْم، وَيكون " عبدا " على هَذَا جِنْسا فِي مَوضِع الْجمع أَي: من أَن يعْتق عبيدا.
وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: أَكثر عبدا يعتقهُ الله، (فعبدا) مَنْصُوب على التَّمْيِيز بِأَكْثَرَ و (من) أَن تكون زَائِدَة، وموضعه نعت لعبد.
نصب فَصَاعِدا على الْحَال

(407) وَفِي حَدِيثهَا: " كَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا " هُوَ مَنْصُوب على الْحَال. وَالتَّقْدِير: فيزيد صاعدا.
خلوف بِالضَّمِّ وَالْفَتْح خطأ

(408) وَفِي حَدِيثهَا: " لخلوف فَم الصَّائِم ". الْخَاء مَضْمُومَة لَا غير وَهُوَ مصدر خلف فوه يخلف: إِذا تَغَيَّرت رِيحه، وَهُوَ مثل قعد قعُودا، وَخرج خُرُوجًا، وَالْفَتْح خطأ.
[118] مَيْمُونَة بنت الْحَارِث

الْحَال من الضَّمِير فِي لَك

(409) وَفِي حَدِيث مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقَالَت لِابْنِ عَبَّاس: " مَا لَك

(1/207)


شعثا رَأسك " " مَا " اسْم الِاسْتِفْهَام مُبْتَدأ، و (لَك) خَبره. " شعثا " حَال من الضَّمِير فِي (لَك) ؛ أَي: مَا لَك استقررت شعثا، و " رَأسك " مَرْفُوع بشعث.
[119] أم سَلمَة هِنْد بنت أبي أُميَّة

نصب " حرفا حرفا " على الْحَال

(410) وَفِي حَدِيث أم سَلمَة - هِنْد بنت أبي [أُميَّة]- زوج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " وَإِذا هِيَ [تنْعَت] قِرَاءَته، وَإِذا هِيَ مفسرة حرفا حرفا ".
نصبها على الْحَال كَقَوْلِك: [أدخلتهم] رجلا رجلا أَي: مقدمين، وَكَذَلِكَ فِي الحَدِيث [أَي] : يُفَسِّرهَا مرتلة وَمثله: ورثهم كَابِرًا عَن كَابر.
النصب على التَّمْيِيز

(411) وَفِي حَدِيثهَا: " فازدادت عَلَيْهِم كَرَامَة " (كَرَامَة) تَمْيِيز أَي: ازدادت عَلَيْهِم كرامتها مثل: أكْرم بهم نفسا.

(1/208)


النصب بِفعل مَحْذُوف

(412) وَفِي حَدِيثهَا: " ذيول النِّسَاء شبر " قلت: إِذن تبدو أقدامهن يَا رَسُول الله! قَالَ: " فذراعا " رفع شبْرًا على أَنه خبر الْمُبْتَدَأ، وَنصب " ذِرَاعا " بِفعل مَحْذُوف أَي: فلتجعله ذِرَاعا.
إِعْرَاب مَا بعد رب

(413) وَفِي حَدِيثهَا: " يَا رب كاسيات فِي الدُّنْيَا عاريات فِي الْآخِرَة " الْجيد: جر عاريات على أَنه نعت للمجرور (بِرَبّ) ، وَأما الرّفْع فضعيف؛ لِأَن (رب) لَيست اسْما يخبر عَنهُ، بل هِيَ حرف جر، [وَإِن قدر] الرّفْع، وَهُوَ عندنَا على تَقْدِير حذف مُبْتَدأ أَي: هن عاريات.
ثَانِيًا: ذكر المعروفات بكناهن

[120] أم أَيُّوب امْرَأَة أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ

أَي الشّرطِيَّة. . جَوَاز نصبها ورفعها

(414) فِي حَدِيث أم أَيُّوب امْرَأَة أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ: " نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف

(1/209)


أَيهَا قَرَأت أجزأك ". يجوز النصب فِي " أَيهَا " وَهُوَ الْأَقْوَى، والناصب لَهُ " قَرَأت " و (أَي) هُنَا شَرْطِيَّة، والناصب [لأداة الشَّرْط هُوَ] الشَّرْط لَا الْجَواب، وَأَجَازَ قوم الرّفْع فِي مثل هَذَا ويجعله مُبْتَدأ، " وقرأت " نعتا لَهُ و " أجزأك " الْخَبَر.
[121] أم جُنْدُب الْأَزْدِيَّة

تَوْجِيه رِوَايَة " ائْتِنِي " لأمر الْمَرْأَة بِغَيْر يَاء

(415) وَفِي حَدِيث أم جُنْدُب الْأَزْدِيَّة: " فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن ابْني هَذَا ذَاهِب الْعقل فَادع لَهُ. قَالَ: ائْتِنِي بِمَاء ". . الحَدِيث. وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة " ائْتِنِي " بِغَيْر يَاء بعد التَّاء، وَالْوَجْه إِثْبَاتهَا؛ لِأَنَّهُ أَمر للْمَرْأَة، فَهُوَ مثل قَوْلك: " ارمي يَا امْرَأَة " وَإِنَّمَا تحذف فِي خطاب الذّكر، وَقد يتَكَلَّف تَصْحِيح هَذَا بِأَن تجْرِي الْمَرْأَة مجْرى إِنْسَان أَو مُخَاطب كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(قَامَت تبكيه على قَبره ... من لي من بعْدك يَا عَامر؟ {)

(تَرَكتنِي فِي الْحَيّ ذَا غربَة ... قد ذل من لَيْسَ لَهُ نَاصِر؟} )

أَرَادَت: إنْسَانا ذَا غربَة [وَكَانَ الْقيَاس: ذَات غربَة] .
وَيجوز أَن يكون قد اكْتفى بالكسرة عَن الْيَاء لدلالتها عَلَيْهَا.

(1/210)


[122] أم كُلْثُوم بنت أبي سَلمَة

لَا تحذف يَاء المنقوص فِي حَالَة النصب بِحَال

(416) وَفِي حَدِيث أم كُلْثُوم بنت أبي سَلمَة -[عبد] الْأسد الْقرشِي - قَالَ لَهَا النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِنِّي قد أهديت إِلَى النَّجَاشِيّ حلَّة وأواق من مسك ". الْوَجْه أواقي، بِفَتْح الْيَاء وتشديدها؛ لِأَن الْوَاحِدَة أُوقِيَّة بِالتَّشْدِيدِ، وَقد سمع بتَخْفِيف الْيَاء قَالُوا: أُوقِيَّة وأواقي وعَلى (كلا) الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي أَن يكْتب بِالْيَاءِ وَيفتح [فِي الْوَصْل] ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوب مَعْطُوف على حلَّة، فَلَا وَجه لحذف الْيَاء بِحَال.
فَإِن قيل: لم لَا يكون مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف، وَيكون التَّقْدِير: وَمَعَهَا أَوَاقٍ، فَعِنْدَ ذَلِك يجوز أَن تكْتب بِغَيْر يَاء؟ .
قيل: هَذَا إِضْمَار وَتَأْويل لَا يحْتَاج إِلَيْهِ مَعَ ضعفه فِي الْمَعْنى؛ لِأَنَّك إِذا قدرت ذَلِك لم يلْزم أَن تكون الأواقي هَدِيَّة من الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَمَا كَانَت الْحلَّة مِنْهُ، بل يجوز أَن تكون صَحِبت الْحلَّة، وَلم تكن هَدِيَّة.

(1/211)


ثَالِثا: مسانيد نسَاء لَا يعرفن

[123] امْرَأَة من غفار

حذف قد فِي جَوَاب الْقسم مَعَ بَقَاء اللَّام

(417) من حَدِيث امْرَأَة من غفار قَالَت: " فو الله، لنزل رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى الصُّبْح فَأَنَاخَ " تَقْدِيره: لقد نزل، وَهُوَ جَوَاب الْقسم.
وَمثله قَول امْرِئ الْقَيْس:
(حَلَفت لَهَا بِاللَّه حلفة فَاجر ... لناموا، فَمَا إِن من حَدِيث وَلَا صالي)

وَقَوْلها: " إِلَى الصُّبْح " أَي: إِلَى صَلَاة الصُّبْح تمّ الْكتاب وَالْحَمْد لله الْملك الْوَهَّاب غفر الله لكَاتبه ومطالعه وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين آمين

(1/212)