اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر

الباب الرابع عشر

باب الصاد
فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ:
صَلَبَتْهُ الشَّمْسُ تَصْلُبُهُ وَتَصْلِبُهُ صَلْباً: إِذَا أَحْرَقَتْهُ، فَهُوَ مَصْلُوبٌ، أَيْ: مُحْرَقٌ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
مُسْتَوْقِدٌ فِي حَصَاهُ الشَّمْسُ تَصْلُبُهُ ... كَأَنَّهُ عَجَمٌ بِالبِيدِ مَرْضُوخُ
صَمَتَ يَصْمُتُ بِالضَّمِّ: إِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَهُوَ الكَثِيرُ، وَيَصْمِتُ بِالكَسْرِ، وَهُوَ نَادِرٌ. وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: (إصْمِتْ)، بِكَسْرِ الأَلِفِ فِي اسْم فَلاَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا التَجَأَ إِلَى قَطْعِ الأَلِفِ كَسَرَهَا، وَالقَاعِدَةُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ ثَالِثُ المُضَارِعِ مَكْسُوراً، كُسِرَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ فِي الأَمْرِ. فَـ (إِصْمِتْ) جَاءَ عَلَى يَصْمِتُ بِالكَسْرِ، وَلَوْ جَاءَ عَلَى يَصْمُتُ لَقَالَ: (أُصْمُتْ) بِضَّمِّ الهَمْزَةِ.

(1/147)


فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ:
صَارَ عُنُقَهُ يَصُورُهَا وَيَصِيرُهَا: إِذَا أَمَالَهَا، وَقُرِئَ: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: 260] بِضمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا. وَصَارَ يَصُورُ وَيَصِيرُ: إِذَا قَطَّعَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: (فَصُرْهُنَّ) مِنْ هَذَا، أَيْ قَطِّعْهُنَّ، إِلاَّ أَنَّ (إِلَى) تَتَعَلَّقُ بِـ (صُرْهُنَّ) إِذَا كَانَ بِمَعْنَى: أَمِلْهُنَّ، وَيَكُونُ فِي الكَلاَمِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ قَطِّعْهُنَّ، وَإِذَا كَانَ (صُرْهُنَّ) بِمَعْنى قَطِّعْهُنَّ، فَـ (إِلَى) تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفِ، لاَ بِـ (صُرْهُنَّ)، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَصُرْهُنَّ، أَي: قَطِّعْهُنَّ بَعْدَ أَنْ تُمِيلَهُنَّ إِلَيْكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (إِلَيْكَ) حَالاً مِنَ المَفْعُولِ المُضْمَرِ، أَيْ: قَطِّعْهُنَّ مُمَالَةً، أَوْ مُقَرَّبَةً إِلَيْكَ.
صَافَ السَّهْمُ عَنِ الهَدَفِ يَصُوفُ وَيَصِيفُ: إِذَا عَدَلَ عَنْهُ، وَالمَصْدَرُ: صَيْفاً وَصَيْفُوفَةً.
صَالَ عَلَيْهِ يَصُولُ وَيَصِيلُ: إِذَا جَارَ عَلَيْهِ.

(1/148)


فَصْلٌ في الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ:
صَابَ المَطَرُ يَصُوبُ: إِذَا نَزَلَ. قَالَ الشَّاعِرُ [علقمة الفحل]:
فَلَسْتُ لإنْسِي وَلَكِنْ لِمَأْلَكٍ ... تَنَزَّلُ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ
وَصَابَ السَّهْمُ يَصُوبُ صَيْبُوبَةً: إِذَا قَصَدَ وَلَمْ يَجُرْ. وَصَابَ السَّهْمُ القِرْطَاسَ صَيْباً، لُغَةٌ فِي أَصَابَهُ،

(1/149)


وَأَمَّا قَوْلُ حُرَيْثِ بن عَنَّاب:
هَلاَّ نَهَيْتُمْ عُوَِيْجاً عَنْ مُقَاذَعَتِي ... عَبْدَ المَقَذِّ دَعِيًّا غَيْرَ صُيَّابِ
فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (صُيَّاب) مِنْ صَابَ يَصُوبُ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ صُوَّاباً، وَلَكِنَّهُمْ آثروا اليَاءَ اسْتِحْسَاناً لاَ وُجُوباً؛ قَالَهُ ابْنُ جِنِّي،

(1/150)


كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلاَ طَرَقَتْنَا مَيَّةُ ابْنَةُ مُنْذرِ ... فَمَا أَرَّقَ النُّيَّامَ إِلاَّ سَلاَمُهَا
وَالأَصْلُ: النُّوَّامُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ صَابَ يَصِيبُ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ المُخْتَلِفِ.

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ:
صَدَّ يَصُدُّ وَيَصِدُّ: إِذَا ضَجَّ، وَالمَصْدَرُ: صَدِيداً. وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى {مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] بِالوَجْهَيْنِ، فَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالكِسَائِيّ بِالضَّمِّ، وَالبَاقُونَ بِالكَسْرِ.

(1/151)


فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ:
صَغَا يَصْغُو وَيَصْغِي صَغْواً: إِذَا مَالَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالى]: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] مَعْنَاهُ: مَالَتْ قُلُوبُكُمَا.
صَلَتِ الفَرَسُ تَصْلُو: إِذَا اسْتَرْخَى صَلَوَاهَا، وَهُمَا عِرْقَانِ، وَقِيلَ: هُمَا الجَانِبَان مِنَ أَصْلِ ذَنَبِ الدَّايَّةِ. وَصَلاَ الرَّجُلَ: إِذَا دَارَاهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَدَعَهُ.

(1/152)