الأصول في النحو

ذكر العدد
مدخل
...
ذكر العدد:
الأسماء التي توقع على عدة المؤنث والمذكر لتبين ما العدد إذا جاوز الاثنين والثنتين إلى أن يبلغ [تسعَ] 1 عشرة وتسعةَ عشَر, فإذا جاوز الاثنين فيما واحدة مذكر فإن أسماء العدد مؤنثة فيها الهاء, وذلك ثلاثة بنين, وأربعةُ أجمالٍ, فإن كان واحده مؤنثًا أخرجت الهاء وذلك قولك: ثلاث بناتٍ وأربعُ نسوةٍ, فإذا جاوز المذكر العشرة فزاد عليها واحدًا قلت: أحدَ عشَر وإن جاوز المؤنث العشرةَ فزاد عليها واحدًا قلت: إحدى عشِرَةَ2 في لغة بني تميم وبلغة أهل الحجاز: إحدى عَشْرَةَ3، وإن زاد المذكر واحدًا على أحدَ عَشَر قلت: اثنا عشرَ وإن له اثني عَشر, حذفت النون؛ لأن عشرَ بمنزلة النون والحرف الذي قبل النون حرف إعراب, وإذا زاد المؤنث واحدًا على إحدى عَشرة, قلت: ثِنتا عَشِرَةَ وإن له ثنتي عشِرة واثنتي عشِرة, وبلغة أهل
__________
1 أضفت كلمة "تسع" لأن المعنى يحتاجها.
2 في لغة بني تميم تكسر الشين من "عشرة". قال سيبويه 2/ 171: كأنما قلت: إحدى نبقة.
3 في لغة أهل الحجاز بسكون الشين من عشرة، كأنما قلت: إحدى تمرة.

(2/424)


الحجاز: عَشْرة1، فإذا جاوزت ذلك قلت: ثلاثة عشَر وإذا زاد على ثنتي عشَرة واحدًا قلت: ثلاثَ عشَرة, وحكم أربعةَ عشَر وما يليها من العدد إلى العشرين من حكم ثلاثةَ عشَر.
__________
1 أي: بسكون الشين من "عشرة" وبكسرها في لغة تميم.

(2/425)


باب ما اشتق له من العدد اسم به تمامه وهو مضاف إليه:
وذلك قولهم: خامسُ خَمْسَةٍ، وثاني اثنينِ1، وثالثُ ثلاثةٍ إلى قولك: عاشرُ عَشرةٍ, فقولك: ثاني وثالث مشتق من اثنين وثلاثة, وبالثالث كمل العدد فصار ثلاثة, وقد أضفته إلى العدد وهو "ثلاثة" فمعناه: أحد ثلاثةٍ وأحدُ أربعة, وتقول للمؤنث: خامسة فتدخلها الهاء كما تدخل في "ضاربةٍ" لأنك قد بنيته بناء اسم الفاعل, فإذا أضفت قلت: ثالثة ثلاث ورابعة أربع وتقول: هذا خامس أربعةٍ, تريد: هذا الذي خمس الأربعة, وتقول في المؤنث: هذه خامسة أربعٍ وكذلك جميع هذا من الثلاثة إلى العشرة, فإذا أردت أن تقول في أحدَ عَشر كما قلت: في "خامس" قلت: حادي عَشر وثاني عشر وثالث عشر إلى أن تبلغ إلى تسعة عشر, ويجري مجرى خمسة عشر في فتح الأول والآخر. وفي المؤنث: حادية عشرة كذلك إلى أن تبلغ تسعةَ عشَر. ومن قال: خامسُ خمسةٍ قال: خامسُ خمسةَ عَشَر وحادي أحد عَشر "فحادي وخامس" ههنا يجران ويرفعان ولا يبنيان, وبعضهم2 يقول: ثالثَ عشر, ثلاثةَ عشَر, ونحوهما وهو القياس3، وليس قولهم:
__________
1 قال الله تعالى في سورة التوبة: 40 {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} . قراءة سكون الياء سمعها من العرب.
2 انظر الكتاب 2/ 172.
3 انظر الكتاب 2/ 172-173.

(2/426)


ثالثُ ثلاثةَ عشَر في الكثرة كثالث ثلاثةٍ؛ لأنهم قد يكتفون بثالث عشر وتقول: هذا حادي أحد عشَر, إذا كُنَّ عشر نسوة فيهن رجل1، ومثل ذلك: خامسُ خمسة, إذا كن أربع نسوة فيهن رجلٌ كأنك قلت: هو تمامُ خمسةٍ والعرب تغلب التذكير إذا اختلط بالمؤنث وتقول: هو خامسُ أربعةٍ, إذا أردت به أن صير أربع نسوةٍ خمسةً [ولا] 2 تكاد العرب تتكلم به، وعلى هذا تقول: رابعُ ثلاثةَ عشَر, كما قلت: خامسُ أربعةٍ, فأما بضعةَ عشر فبمنزلة تسعةَ عشَر في كل شيء, وبضعَ عشرة كتسعَ عشرة في كل شيءٍ.
__________
1 لأن المذكر يغلب المؤنث.
2 في الأصل "تكاد".

(2/427)


باب العدد المؤنث الواقع على معدود مؤنث:
تقول: ثلاث شياهٍ ذكورٌ, ولهُ ثلاثٌ من الشَّاءِ والإِبل والغنم, فأجريت ذلك على الأصل؛ لأن أصله التأنيث, وقال الخليل: قولك: هذا شَاةٌ بمنزلة قولك: هذا رحمةٌ1 أي: هذا شيء رحمةٌ, وتقول: له ثلاث من البط لأنك تصيره إلى بطةٍ, وتقول: له ثلاثة ذكور من الغنم لأنك لم تجئ بشيء من التأنيث إلا بعد أن أضفت إلى المذكر ثم جئت بالتفسير, فقلت: من الإِبل ومن الغنم لا تذهب الهاء كما أن قولك: ذكورٌ بعد قولك: من الإِبل لا تثبت الهاء, وتقول: ثلاثةُ أشخصٍ وإن عنيتَ نساءً؛ لأن الشخص اسم مذكر, وكذلك: ثلاثُ أعينٍ وإن كانوا رجالًا؛ لأن العين مؤنثةُ تريد: الرجل الذي هو عين القوم, وثلاثة أنفسٍ لأن النفس عندهم إنسان, وثلاثة نساباتٍ وهو قبيح لأن النسابةَ صفةٌ فأقمت الصفة مقام الموصوف, فكأنه لفظ بمذكر ثم وصفه فلم يجعل الصفة تقوى قوة الاسم. وتقول: ثلاثةُ دواب إذا أردت المذكر؛ لأن أصل الدابة عندهم صفة فأجروها على الأصل وإن كان [لا] 2 يتكلم بها كأسماء. وتقول: ثلاثُ أَفراسٍ إذا أردت المذكر لأنه قد ألزم التأنيث, وتقول: سار خمس عشرة من بين يوم وليلةٍ؛ لأنك ألقيتَ الاسم على الليالي فكأنك قلت: خمسَ عشَرة
__________
1 يشير إلى قوله تعالى: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98] .
2 أضفت كلمة "لا" لأن المعنى يحتاجها.

(2/428)


ليلةٍ، وقولك: من بين يومٍ وليلةٍ تؤكد بعد ما وقع على الليالي؛ لأنه قد علم أن الأيام داخلة مع الليالي, وتقول: أعطاهُ خمسَةَ عشَرَ من بين عبدٍ وجاريةٍ, لا غيرَ؛ لاختلاطها, قال سيبويه: وقد يجوز في القياس: خمسةَ عشَر من بين يومٍ وليلةٍ وليس بحدٍّ في كلام العرب1, وتقول: ثلاثُ ذَودٍ؛ لأن الذود أنثى وليس باسم كسر عليه, فأما ثلاثة أشياء فقالوها؛ لأنهم جعلوا أشياء بمنزلة أفعال لو كسروا عليه "فَعْل" ومثل ذلك: ثلاثَةُ رَجْلةٍ لأنه صار بدلًا من أرجالٍ, وزعم الخليل: أن أشياء مقلوبةٌ كقسي2، وزعم يونس عن رؤبة3: أنه قال: ثلاث أنفسٍ على تأنيث النفس، كما قلت: ثلاثُ أعينٍ4.
واعلم: أن الصفة في هذا الباب لا تجري مجرى الاسم ولا يحسن أن تضيف إليها الأسماء التي تعد, تقول: هؤلاء ثلاثةٌ قرشيونَ, وثلاثة مسلمونَ؛ كراهية أن يجعل الاسم كالصفة إلا أن يضطر شاعر.
__________
1 نظر الكتاب 2/ 174.
2 انظر الكتاب 2/ 174.
3 رؤبة: واسمه عبد الله الطويل ويكنى أبا الحجاف, من فحول رجاز الإسلام, أدرك الأمويين والعباسيين ومدحهم, وكان وجوه أهل اللغة يأخذون عنه ويحتجون بشعره, مات في أيام المنصور 136-158هـ.
4 انظر الكتاب 2/ 174.

(2/429)