الأصول في النحو

المجلد الثالث
تابع ذكر جمع التكسير
باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع
...
باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع:
الأسماءُ المكسرةُ في هذا الباب ستةٌ:
فِعَالٌ فَعَالٌ فُعَالٌ وفَعِيلٌ فُعُولٌ فَاعلٌ.
فالأول: فِعَالٌ: جاء في القليل على "أَفْعَلةٍ" نحو: حِمَارٍ وأَحْمَرةٍ والكثير "فُعُلٌ"، نحو: حُمُرٍ، ولك أن تخفف في لغة بني تميمٍ1، فتقول: حُمْرٌ، ورُبما عنوا ببناء أكثر العدد أدناه وذلك قولهم: ثلاثةُ جُدُرٍ، وثلاثةُ كُتُبٍ. والمضاعف لا يجاوز به أدنى العدد -وإن عنوا الكثير- وذلك: جِلالٌ وأَجلَةٌ، وعِنَانٌ وأَعنّةٌ، وكِنَانٌ وأَكنَةٌ، وكذلك المعتلُ نحو: رِشَاءٍ وأَرشيةٍ، وسِقَاء وأَسقيةٍ، وما اعتلت عينهُ فيكسر على "أَفعِلَةٍ" نحو: خِوانٍ2 وأَخونةٍ، ورِواقٍ وأروقَةٍ، فإن أردت الكثير جاء على "فُعْلٍ" وذلك نحو: خُونٍ، وروقٍ، بونٍ.
وذوات الياء، عِيَانٌ وعُيُنٌ، والعِيَانُ: حديدةٌ تكون في مَتاعِ الفَدَان، فثقلوا لأن الياء أخفُّ من الواو كما قالوا: بَيُوضٌ وبُيُضٌ، وزعم يونس: أن من العرب من يقول: صَيُودٌ وصِيدٌ3.
والثاني: فَعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل نحو: زَمانٍ وأزْمنَةٍ، وقَذالٍ وأقذَلةٍ، والكثير "فُعُلٌ" نحو: قُذُلٍ، وقد يقتصرون على أدنى العدد
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 192.
2 خوان: يجوز فيه ضم الخاء وكسرها. وكذلك "رواق".
3 انظر: الكتاب 2/ 192.

(3/5)


فيه1 وبنات الواو والياء على "أَفعِلَةٍ" نحو: سَمَاءٍ وأَسمِيةٍ. وكرهوا بناء الأكثر2.
الثالث: فُعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل: غُرابٌ وأَغْرِبةٌ، والكثير "فِعْلانٌ" نحو: غِرْبانٍ، وغِلْمَانٍ، ولم يقولوا: أَغْلِمَةٌ، استغنوا بغِلْمَةٍ، والمضاعف ذُبابٌ وأذْبةٌ في القليل وذِبَّانٌ في الكثير، وقالوا في المعتل في أدنى العدد أحْوِرةٌ، والذين يقولون: حِوارٌ يقولون: حِيرانٌ.
وأما سُوارٌ وسُورٌ فوافق الذين يقولون: سُوارٌ للذين يقولون: سِوارٌ كما اتفقوا في الحُِوار3، وقال قوم: حُورانٌ، وربما اقتصروا على بناء أدنى العدد فيه كما فعلوا ذلك في غيره وقالوا: فُؤَادٌ وأَفْئدةٌ، وقالوا: قُرادُ وقُرُدٌ، وذُبَابٌ وذُبٌ.
الرابع: فَعيلٌ: يجمع في القليل على "أَفْعِلَةٍ" والكثيرُ: فُعُلٌ وفُعْلانٌ مثل: رَغيفٍ وأرْغفَةٍ ورُغُفٍ ورُغْفَانٍ، وربما كسروه على "أفْعِلاءِ" نحو: أَنْصَباءٍ. وقد قال بعضهم4 فيه "فِعْلانٌ" قال: فَصِيلٌ وفِصلانٌ، والمعتل نحو: قَرْيٍّ وأقرْيةٍ، وقُريَانٍ، ولم يقولوا في: صَبِيٍّ أَصْبِيةٍ، استغنوا بِصبيَةٍ، وقالوا: في المضاعف: حزيز5 وأحزَةٌ وحُزَّانٌ، وقال بعضهم: حِزَّانٌ، وقالوا: سريرٌ وأسِرَةٌ وسُرُرٌ، وقالوا: فَصِيلٌ وفصالٌ، حيث قالوا: فَصِيلةٌ وتوهموه الصفة فشبهوه بظَريفةٍ وظِرافٍ حيث أنثوا وكان هو
__________
1 كما فعلوا ذلك في بنات الثلاثة هو: أزمنة وأمكنة.
2 الاعتلال بالياء -لأنها أقل الياءات احتمالا وأضعها. وانظر: الكتاب 2/ 193.
3 أي: يجوز في الحوار- ضم وكسر الحاء.
4 انظر: الكتاب 2/ 193.
5 حزيز: رجل شديد السوق والعمل، المكان الغليظ المنقاد

(3/6)


المنفصلُ من أبٍ1 وقد قالوا: أَفِيلٌ وأَفَائلٌ وهو حاشية الإِبل وقالوا: إفَالٌ شبهوها بِفصَالٍ حيث قالوا: في الواحد أفْيَلةُ فأشبه الصفة.
الخامس: فَعولٌ: ويذكر في باب المؤنث.
السادس: فَاعِلُ وفَاعَلٌ: يكسران على فَواعلَ ويكسرونَ الفَاعِلَ أيضًا على "فُعلانٍ" نحو: حَاجرٍ2 وحُجْرانٍ وعلى فِعْلانٍ في المعتل نحو: حائِطٍ وحِيطاَنٍ، وكان أصله: صفةً فأجري مجرى الأسماء فيجيء على "فُعْلانٍ" نحو: راكبٍ ورُكْبَانٍ وفارسٍ وفُرْسانٍ. وقد جاء على فِعَالٍ، نحو: صِحَابٍ ولا يكون فيه فواعلُ لأن أصله صفةٌ وله مؤنث فيفصلونَ بينهما إلا في فَوارس3.
__________
1 في الكتاب 2/ 194: كان هو المنفصل من أمه.
2 حاجز: الحاجز من مسائل المياه ومنابت العشب ما استدار به سد أو نهر مرتفع.
3 قالوا: فوراس، كما قالوا: حواجز، لأن هذا اللفظ لا يقع في كلام العرب إلا للرجال وليس في أصل كلامهم أن يكون إلا لهم، فلما لم يخافوا الالتباس قالوا: فاعل.

(3/7)


بَابُ المؤنثِ:
والأبنيةُ المجموعةُ فيهِ أَحدَ عشَرَ بناءً: فَعَالٌ، وفِعَالٌ، وفُعَالٌ، وفَعيلٌ، وفَعُولٌ، وفُعَلٌ، وفِعْلٌ، وفَعيلةٌ، وفِعَالةٌ، وفَعَالةٌ، وفُعَالةٌ.
اعلَم: أَنَّ ما كانَ مِنْ هذهِ الأسماءِ التي تجيءُ بالزيادةِ على أَربعةِ أَحرفٍ وهي مؤنثةٌ فجمعها في القليلِ علَى "أَفْعُلٍ".
فأَمَّا فَعالٌ: فمثلُ: عَناقٍ وأَعنُقٍ، وفي الكثيرِ على "فُعُولٍ" مثلُ عُنُوقٍ.
وأَمَّا فِعَالٌ: فنحو: ذِراعٍ وأَذرعٍ، ولا يجاوزونها هَذا، ومَنْ أَنثَ اللسانَ قالَ: أَلْسنٌ ومَنْ ذَكرَ قالَ: أَلسنةٌ. وقَد جاءَ في شَمالٍ: شَمائلٌ كسرتْ علَى الزيادةِ وقالوا: أَشْمُلٌ.
وأما فُعَالٌ: فنحو: عُقَابٍ وأَعْقُبٍ. وقالوا: عِقْبانٌ
وأَما فَعِيلٌ: فَيَمِينٌ وأَيمُنٌ، لأَنَّها مؤنثةٌ وقالوا: أَيمانٌ1.
وأَما فَعُولٌ: فنحو: قَدُوم وقُدُمٌ، وهو بمنزلةِ فَعِيلٍ في القليلِ في المذكرِ، فإِنْ أَردتَ الكثيرَ كسرتَهُ على فِعْلانٍ نحو: خِرْفَانٍ وقالوا: عَمُودٌ
__________
1 كسروها على "أفعال" كما كسروها على"أفعل" إذ كانا لما عدده ثلاثة أحرف.

(3/8)


وعُمُدٌ وَزبُورٌ1 وزُبُرٌ، وقد كسروا أَشياءَ منها مِنْ بَنَاتِ الواوِ على "أَفعالٍ" قالوا: فَلُوٌّ وأَفْلاء، وَعدُوٌّ، وَعدُوٌّ وصفٌ ولكنّهُ ضَارَعَ الأَسماءَ.
وأَما فُعْلَى فإِنْ كانت: فُعْلَى أَفعل "فتكسيرُها" على "فُعَلٍ" نحو: الصُّغرى والصُّغَرِ ومثلهُ مِنْ ذَواتِ الياءِ والواوِ: الدُّنيا والدُّنَى، والقُصوَى والقُصَى، وإِنْ شئتَ جمعتَهنَّ بالتاءِ فقلتَ: الصُّغْرَياتُ والكُبْرَياتُ، كما يجمعُ المذكرُ بالواوِ والنونِ نحو: الأَصغرونَ:
فُعْلَى وفِعْلَى إذا كسرتَهُ حذفَت الزيادَة التي هي للتأنيثِ ثَمَ تبنى على "فَعَالى" وتبدلُ الياءُ مِنَ الأَلفِ نحو: حَبَالى وذَفارى، ولم ينونوا ذِفرى2.
و"فُعْلَى وفِعْلَى" في هَذا البابِ سواءٌ وقالوا في ذِفْرَى: ذَفارٌ، قَال3: فقولُهم: ذَفارٌ، يدلُّك أَنَّهُم جمعُوا هَذا البابَ على "فَعَالٍ" ثُمَّ قَلَبوا الياءَ أَلفًا وجاءَ على الأصلِ، والفرقُ بينَ حُبْلَى والصُّغرى أَنَّ الصُّغْرَى فُعْلَى أَفعل مثلُ الأَصفرِ ولا تفارقها الألفُ واللامُ وحُبْلَى ليستْ كذلكَ فأشبهتْ ذِفْرَى، وأَما فِعْلَى فهو مثلُ حُبْلَى، إذا كسرتَهُ حذفَت الزيادةَ التي هي للتأنيثِ ثُمَّ بنيتَهُ على "فَعَالى" وأَبدلتَ مِنَ الياءِ الألفِ [وفُعْلَى وفِعْلَى في هَذا البابِ سواءٌ. وقالوا في ذِفْرى: ذَفاَرٌ ولم ينونوا ذِفرى] 4 وما كانتِ الألفُ في آخرهِ للتأنيثِ فحكمهُ حكمُ ذِفْرَى تحذفُ الألفُ التي قبلَ الطرفِ نحو: صَحراءَ وصَحارَى وقالوا: صحارٍ5، فإنْ أردتَ أَدنى العددِ جمعتَ بالتاءِ
__________
1 زبور: الكتاب بمعنى الزبور، وكتاب داود عليه السلام.
2 ذفرى: الموضع الذي يعرق من الإبل خلف الأذن.
3 أي: ابن السراج.
4 ما بين القوسين جملة مكررة حرفيا لما قبلها بأسطر قليلة. وهي دخيلة على الكتاب.
5 انظر: الكتاب 2/ 195.

(3/9)


فقلتَ: صَحْراواتٌ وذِفْرَياتٌ وحُبْلَياتٌ وقالوا: أُنثى وإناثٌ ورُبَى1 ورُبابٌ
وأَما فَعِيلَةٌ2: فما عدةُ حروفهِ أَربعةٌ وفيهِ هاءُ التأنيثِ حَذَفوا وكسروهُ على "فَعائلَ"
ورُبَّما كسروهُ عَلَى "فُعُلٍ" ليسَ يمتنعُ شيءٌ مِنْ هَذا أَنْ يجمعَ بالتاءِ إِذَا أَردتَ ما يكونُ لأَقلِّ العددِ نحو: صَحيفةٍ وصَحائفَ وصُحُفٍ وقد يقولونَ: ثلاثُ صَحائفَ
فأَما فِعَالةٌ: فمثلُ فَعِيلةٍ نحو: عِمَامةٌ وعَمَائمُ.
وأَمَّا فَعَالةٌ فنحو: حَمَامةٍ وحَمَائمَودَجَاجةٍ ودَجَائجَ وفي التاءِ مثلُ "فَعِيلةٍ"
وأَمَّا فُعَالَةٌ: فمثلُ ما قبلَها نحو: ذُوابة وذَوَائبَ وليسَ ممتنعٌ شيءٌ من ذَا مِنَ الألفِ والتاءِ إِذَا أَردتَ أَدنى العددِ.
واعلَم: أَنَ فَعِيلًا وفَعَالًا وفِعَالًا وفُعَالًا إذا كانَ شيءٌ منها يقعُ على الجميعِ "فواحده" يَكونُ على بنائِه وتلحقهُ هاءُ التأنيثِ مثلُ: دَجَاجةٍ ودَجَاجٍ وسَفِينةٌ وسَفَينٌ ومُرَارةٌ "ومُرَارٌ" ودَجَاجاتٌ وسَفِينَاتٌ ومُرَاراتٌ فأَمرها كأمرِ ما كانَ عليهِ ثلاثةُ أَحرفٍ من الجمعِ بالتاءِ وغيرِه وكذلكَ بناتُ الياءِ والواوِ فيهِ. وقالوا: دَجَائجُ وسَحَائبُز وكُلُّ ما كانَ واحدًا مذكرًا على الجميعِ فإِنهُ بمنزلةِ ما كانَ على ثَلاثةِ أَحرفٍ مِنَ الجميعِ وغيرِه مما ذكَرنا كثرتْ حروفهُ أَو قلَّتْ: نحو: سَفَرجلةٍ وسَفَرجلٍ كما يقولونَ تَمْرةٌ وتَمْرٌ.
__________
1 ربى: جمادى الأولى والآخرة.
2 لم يمثل ابن السراج "لفعل" ولم يذكره أثناء الشرح.

(3/10)


باب ما كان من الأَسماء على أربعة أحرف من غير زيادة:
اعلِم: أَنَّ ما كانَ من بناتِ الأربعةِ لا زيادةَ فيهِ فإِنهُ يكسرُ علَى مِثالِ "مَفَاعلٍ" نحو: ضَفَادعٍ وإِن عنيتَ الأَقلَّ أيضًا لا تجاوزهُ لأَنكَ لا تصلُ إلى التاءِ لأَنهُ مذكرٌ فإِنْ كانَ فيه حرفٌ رابعٌ زَائدٌ وهوَ حرفُ لينٍ كسرتُه علَى مثالِ "مَفَاعيلٍ" نحو: قِنديلٍ وقَنَاديل وكُلُّ شيءٍ من بناتِ الثلاثةِ أُلحقَ بزيادةٍ ببناتِ الأربعةِ وأُلحق ببنائِها فتكسرهُ أيضًا على مَثَالِ مَفَاعِل والملحقُ بمنزلةِ الأَصلي وذلكَ نحو: جَدْولٍ وجَدَاول وأَجدلٍ وأَجادل ومما لم يُلحقْ بالأربعةِ وفيه زِيادةٌ وليستِ الزيادةُ بمدةٍ فتكسيرهُ على مِثالِ "مَفَاعل" أيضًا نحو: تَنْضُبٍ1 وتَنَاضِب وكُلُّ شيءٍ مِنْ بناتِ الثلاثةِ قد أُلحقَ ببنات الأربعةِ فصارَ رابعهُ حرفَ مَدٍّ فهوَ بمنزلةِ ما كانَ من بناتِ الأربعةِ لَهُ رابعٌ حرفُ مَدٍّ كقُرطاطٍ وقَراطيطٍ وكذلكَ ما كانت فيهِ زائدةٌ ليستْ بمدةٍ ولا رابعه حرفُ مدٍّ ولم يبنَ بناءَ بناتِ الأَربعةِ التي رابعُها حَرْفُ مَدٍّ نحو: "كَلوبٍ2 وكَلاليبَ" ويَربوعٍ ويَرابيعَ وكُلُّ شيءٍ مما ذكرْنا كانت فيهِ هاءُ التأنيثِ فتكسيرهُ على ما ذكرْنا مِنَ الأربعةِ إلا أَنَّكَ تجمعُ بالتاءِ إِذَا أردتَ أَدنى العددِ.
__________
1 تنضب: جمع تناضب، وهو شجر حجازي له شوك كالعوسج. وقرية قرب مكة.
2 كلوب: المهماز.

(3/11)


واعلَم: أَنَّ الخماسي مِنَ الأسماءِ التي هيَ أُصولٌ لا يجوزُ تكسيرهُ فمتى استكرهوا حذَفوا منها وردوهُ إِلى الأربعةِ تقولُ في سَفَرجلٍ: سَفَارجُ فتحذفُ اللامَ وقالوا في فَرَزدقٍ: فَرَازِقُ حذفوا الدالَ لأَنَّها مِنْ مخرجِ التاءِ والتاءُ مِنْ حروفِ الزوائدِ والقياسُ أَنْ يقولوا: فرازدٌ وما جاءَ مِنَ الأسماءِ ملحقًا فاحذفْ بالخمسةِ مِنهَا الزوائدَ وردَّهُ إِلى الأربعةِ فإِنْ كَان فيه زائد ثانٍ أو أَكثرُ فأَنتَ بالخيارِ في حذفِ الزوائدِ حتى تردَّهُ إِلى مِثَالِ: "مَفَاعِل" ومَفَاعيل فإِنْ كانَ إِحدى الزوائدِ دخلتْ لمعنىً أثبتَّ ما دخلَ لمعنىً وحذفتَ ما سواهُ وذلكَ نحو: مُقْعَنسس1 وهوَ ملحقٌ بمحرنجمٍ2، فالميمُ زائدةٌ والنونُ زائدةٌ والسينُ الأخيرةُ زائدةٌ فتقول: مَقَاعسُ وإنْ شئتَ: مَقَاعيسُ فتحذف النونَ والسينَ ولا تَحذفُ الميمَ لأنَّها أُدخلت لمعنَى اسمِ الفاعلِ وأنتَ بالتعويضِ بالخيارِ والتعويضُ أَنْ تلحقَ ياءً ساكنةَ بينَ الحرفينِ اللذينِ بعدَ الألفِ فإنْ كانتِ الزيادةُ رابعةَ فالتعويضُ لازمٌ كما ذَكرنا في قنديلٍ وقَنَاديل لا يجوز إلا التعويضُ. ورُبّما اضطر فزادَ الياءَ من غير تعويضٍ مِنْ شيءٍ كما قالوا:
"نَفْيَ الدَّراهِمِ تَنْقَادُ الصَّيَاريفُ ... "3.
__________
1 مقعنسس: يقال اقعنسس الرجل إذا اجتمع. وهو أن يقدم بطنه ويؤخر صدره.
2 يقال: احرنجم القوم، إذا اجتمعوا.
3 من شواهد سيبويه 1/ 10 على زيادة الياء في "الصيارف" ضرورة تشبيها لها بما جمع في الكلام على غير واحد، نحو: ذكر، ومذاكير، وسمح، ومساميح. وهو عجز بيت صدره:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة نفي الدراهم ...
والبيت للفرزدق، قال المبرد في الكامل: الياء في "صيارف" حرف إشباع من الكسرة. تنفي: كل ما ردده فقد نفيته. والهاجرة: وقت اشتداد الحر. وتنقاد: من نقد الدراهم، هو التمييز بين جيدها ورديئها. وصف ناقة بسرعة السير في الهواجر فيقول: إن يديها لشدة وقعها في الحصى تنفيانه فيقرع بعضه بعضا، ويسمع له صوت كصوت الدراهم إذا انتقدها الصيرفي.
وانظر: المقتضب 2/ 258، والكامل 143، والجمهرة 2/ 356، والخصائص 2/ 315، وشرح الحماسة 3/ 1477، وابن الشجري 1/ 142، والإنصاف/ 27، وابن يعيش 6/ 106، والديوان/ 570.

(3/12)


ذكر تكسير الصفةِ. بابُ الثلاثي منها:
الأول: فَعْلٌ جاءَ فيهِ تسعةُ أَبنيةٍ: فِعَالٌ فَعُولٌ فَعْلٌ أَفْعَلٌ فَعِيلٌ أَفْعَالٌ فَعْلانُ فِعَلَةٌ فُعْلانٌ.
فِعَالٌ: نحو صَعْبٍ وصِعَابْ ولا يكسرُ للقليلِ.
وفُعُولٌ نحو: كَهْلٍ وكُهُولٍ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا إِذَا كانَ للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وإِذَا أَلحقتَهُ الهاءَ للتأنيثِ كسرَ على "فِعَالٍ" نحو: عَبلةٍ1 وعِبَالٍ وليسَ شيءٌ مِنْ هذا يمتنعُ مِنَ التاءِ إِلا أَنك لا تحركُ الأوسطَ لأنهُ صفةٌ. وقالوا: شِياهٌ لَجَبات2، فحركوا، ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ: شَاةٌ لَجَبةٌ وقالوا: رِجالٌ رَبَعاتٌ لأَنَّ أَصلَ "رَبَعةٍ" اسمٌ مؤنثٌ وقعَ على المذكرِ والمؤنثِ، وَقَد كسروا "فَعْلًا" على "فُعْلٍ" مثلُ كَثٍّ وكُثٍّ، وكسروا ما استعملوا منهُ استعمالَ الأَسماءِ على "أَفْعُلٍ" نحو: عَبْدٍ وأَعْبُدٍ وقَالوا: عَبيدٌ كما قالوا: كَليبٌ وقالوا: شَيخٌ وأَشياخٌ وشِيخانٌ وشِيخَةٌ وقالوا: وَغْدٌ وَوِغدانٌ وَوُغَدانٌ ورُبَّما كسروا الصفةَ تكسيرَ الأسماءِ.
الثاني: فَعَلٌ على ثلاثةِ أَبينةٍ: فِعَالٌ وفِعْلانٌ وأَفعَالٌ وذلكَ: حَسَنٌ
__________
1 عبلة: العبل: الضخم من كل شيء
2 لجبات: جمع لجبة، يقال، شياه لجبات إذا قل لبنهن، وهذا الجمع بالتحريك شاذ لأن حقه التسكين إلا أنه كان الأصل عندهم أنه اسم وصف به، كما قالوا: امراة كَلْبة فجمع على الأصل.

(3/13)


وحِسَانٌ عندَ البابِ وقالوا: خَلَقٌ وخِلْقانٌ وبَطَلٌ وأَبطَالٌ استغنوا بهِ عن "فَعَالٍ" فألحقتَهُ الهاءَ للتأنيثِ كسرَ أيضًا على "فِعَالٍ" وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وما كانَ على "أَفعالٍ" نحو: أَبْطَالٍ فإِنَّ مؤنَّثهُ إِذا لحقتهُ الهاءُ جُمِعَ بالتاءِ نحو: بَطَلةٍ وبَطَلاتٍ مِنْ قِبلٍ أَن مذكرَهُ لَمْ يجمَع "على فِعَالٍ" فيكسرُ هُوَ عليهِ. "فَعَلَةٌ" كَما لا يجمعُ مؤنثُ "فَعْلٍ" علَى "أَفْعُلٍ" كما قالوا: رَجُلٌ صَنَعٌ وقَومٌ صَنَعُونَ ورَجُلٌ رَجَلٌ وقَومٌ رَجَلونَ والرَّجَلُ: هُوَ الرَّجِلٌ الشَّعَرٌ ولم يكسروهما
الثالثُ: فُعُلٌ: جاءَ على "أَفعالٍ" وهو في الصفاتِ قليلٌ وذلكَ قولُكَ: جَنُبٌ1 فَمَنْ جمعَ مِنَ العربِ قالَ: أَجْنَابٌ وإِنْ شئتَ قلتَ: جُنبُونَ وقالوا: رَجُلٌ شُلُلٌ2، ولا يجاوزونَ "شُلُلوُنَ" وَهوَ الخفيفُ في الحاجةِ.
الرابعُ: فِعْلٌ: علَى "أَفعالٍ" و"أَفْعُلٍ" وذلكَ جِلْفٌ وأَجْلاَفٌ وقالَ بعضَ العَربِ: أَجْلُفٌ وقالوا: رَجُلٌ صِنْعٌ وقَومٌ صِنْعونَ وليسَ شيءٌ مما ذكرنا يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ ومؤنثهُ إِذَا لحقتهُ الهاءُ بمنزلةِ مؤنث ما كسر على "أَفعالٍ" مِنْ بابِ "فَعْلٍ" يجمعُ بالألفِ والتاءِ وقالوا: عِلْجةٌ وعِلْجٌ3.
الخامس: فُعْلٌ: وأَفعالٌ يقولونَ: رَجُلٌ مُرٌّ وأَمرارٌ وَهوَ مثلُ "فِعْلٍ"/ في القلةِ ويقالُ: رَجُلٌ حُلْوٌ وقَومٌ حُلْونَ وهوَ العظيمُ البطنِ
السادسُ: فَعُلٌ على أَفعالٍ: وذلكَ: يَقظٌ وأيقَاظٌ ونَجُدٌ4 وأَنجادٌ وبابهُ أَن يجمعَ بالواوِ والنونِ.
__________
1 جنب: الجار الجنب، جارك من غير قومك.
2 شلل: الشلل: الخفيف السريع.
3 العلج: الرجل من كفار العجم. وزاد الجوهري في جمعه: علجة.
4 نجد: جمع نجد، وهو من الأرض قفافها وصلابتها وما غلظ منها وأشرف وارتفع واستوى والجمع: أنجد، وأنجاد، ونجاد ونجود، ونجد، والأخير ذكره ابن السراج. قال صاحب اللسان: وهذا الجمع الأخير عن ابن الأعرابي.

(3/14)


السابعُ: فَعِل: جاءَ علَى "أَفعالٍ" وقالوا: نَكِدٌ وأَنكادٌ فجميعُ الأَبنيةِ التي جاءَت مِنَ الثلاثي في الصفاتِ سبعةُ أَبنيةٍ.
الأول: فَعْلٌ. وجاءَ فيهِ تسعةُ أبنيةٍ: فَعالٌ وفُعُولٌ وفُعْلٌ وأَفْعُلٌ وفَعِيلٌ وأَفعَالٌ وفِعْلانٌ وفِعَلةٌ وفُعْلانٌ.
الثاني: فَعْلٌ وجاء فيه ثلاثة أبنية: فِعَالٌ وفُعَالٌ وأَفْعَالٌ.
الثالث: فَعَلٌ: جاء على أفعال.
الرابع: فَعْلٌ: جاء على أفعال وأَفْعُلٍ.
الخامس: فَعُلٌ: جاء على أفعال.
السادس: فَعَلٌ: جاء على أفعال.
السابع: فِعْلٌ: جاء على أفعال.
واعلَمْ: أَنَّ جميعَ هذهِ النعوتِ لا تمتنعُ [من] 1 الواوِ والنونِ والألفِ والتاءِ لأَنَّها على الفعلِ تجري والأَسماءُ أَشدُّ تمكنًا في التكسيرِ فمتى احتجتَ إلى تكسيرِ صفةٍ ولم تعلمْ أَنَّ العربَ كسرتَها فكسرها تكسيرَ الاسمِ الذي هُوَ علَى بنائِه لأَنَّها أَسماءٌ وإنْ كانت صفاتٍ.
والضرورةُ تقعُ في الشعرِ فأَمَّا إِذَا احتجتَ إلى ذلكَ في الكلامِ فاجمعْ بالواوِ والنونِ والألفِ والتاءِ إلا أَنْ تعلَم أَنَّ العربَ قد كسروا مِنْ ذلكَ شيئًا فتكسرْ عليهِ.
__________
1 أضفت "من" لإيضاح المعنى.

(3/15)


باَبُ تكسيرِ ما كانَ في الصفاتِ عددُ حروفهِ أربعةُ أحرفٍ بالزيادةِ
تجيء الصفةُ في هَذا البابِ على تسعةِ أبنيةٍ:
الأولُ: فَاعِلٌ: جاءَ علَى سبعةِ أَبنيةٍ: فُعَّلٌ وفُعَّالٌ وفُعَلَةٌ وفَعَلةٌ فيما اعتلت لامهُ.
وفُعُلٌ وفُعَلاءُ وفَواعلُ فأَما "فُعَّلٌ" فنحوه شَاهدٍ وشُهَّدٍ ومثلُهُ من بناتِ الياءِ والواوِ التي هنَّ عيناتُ: صَائِمٌ وصُوَّمٌ وغَائِبٌ وغُيَّبٌ وفي اللاماتِ: غَازٍ وغُزَّى وأما "فُعَّالٌ" فنحو: جَاهِلٍ وجُهَّالٍ وشَاهِدٍ وشُهَّادٍ وهو كثيرٌ وأَما فَعَلَةٌ فنحو: فَاسقٍ وفَسَقَةٍ وبَارٍّ وبَرَرَةٍ وهو كثيرٌ ومثلُه فيما اعتلتْ عينُهُ: [كخائن] 1 وخَوَنةٍ وبائعٍ وَبَاعةٍ ويجيءُ نَظيرُهُ مِنْ بَناتِ الياءِ والواوِ والتي هيَ لامٌ على "فُعَلَةٍ" نحو: قاضٍ وقُضَاةٍ ورامِ ورُماَةٍ وأَمَّا فُعُّلٌ: فَبازِلٌ وبُزُّلٌ وعَائطٌ وعُيُّطٌ وحَائلٌ وحُوّلٌ وأَما "فُعْلاءُ": فَعالمٌ وعُلَماءُ وصَالِحٌ وصُلَحاءُ وفُعُّلٌ وَفَعلاءُ في هَذا البابِ ليسَ بالقياسِ المتمكنِ وليسَ شيءٌ للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وإِذَا أُلْحِقَتِ الهاءَ للتأنيثِ كسر على فَوَاعلَ: كضَاربةٍ وضَوَاربَ وكذلكَ إِنْ كانَ صفةً للمؤنثِ ولمْ يكنْ فيهِ هاءُ التأنيثِ: كحَائضٍ وَحَوَائض ويكسرونَهُ على "فُعّلٍ" نحو: حُيّضٍ وزَائرٍ وزُوّرٍ لا يمتنعُ
__________
1 أضفت كلمة "كخائن" لإيضاح الجملة.

(3/16)


شيءُ فيهِ الهاءُ مِنْ هذهِ الصفاتِ مِنَ التاءِ وإنْ كانَ فَاعلٌ لغيرِ الآدميينَ كسرَ عَلَى "فَوَاعلَ" وإِنْ كانَ لمذكرٍ أيضًا مثلَ: جِمَالٍ بَوَازلَ وقَد اضطرَّ الفرزدقُ فَقَال:
"وإِذَا الرجالُ رأَوا يزيدَ رأَيتَهم ... خُضُعَ الرقابِ نَوَاكسَ الأبصارِ"1
فجعلَ الآدميينَ كغيرِهم.
الثاني: فَعِيلٌ: يجيءُ تكسيرهُ على عَشَرةِ أَبنيةٍ: فُعَلاءُ. وفِعَالٌ وأَفْعِلَةٌ في المضاعفِ وأَفْعِلاءُ في المُعتلِ. وفُعُلٌ وفُعْلانٌ وفِعْلانٌ وأَفعَالٌ وفَعَائِلُ في المؤنثِ وفَعولُ وذلكَ نحو: فقيهٍ وفقهاء وقَالوا: لَئيمٌ ولِئَامٌ وما كانَ منهُ مضاعفًا كسرَ على "فَعَالٍ": كشديدٍ وشِدَادٍ ونظيرُ فَعَلاءَ فيهِ أَفْعِلاء: كشديدٍ وأَشُدَّاءَ وقد يُكسّرونَ المضاعفَ على "أَفْعِلةٍ" نحو: شحيحٍ وأَشحَّةٍ ومتى كانَ من بناتِ الياء والواوِ فإنَّ نظيرَ فُعَلاءَ فيه: أَفْعِلاء: كغني وأَغْنياءَ وغَويٍّ وأِّغْوياءَ استغنوا بهذَا عن "فِعَالٍ" وبالواوِ.
__________
1 من شواهد سيبويه 2/ 207 "على جمعه ناكسا" وهو صفة على "نواكس" ضرورة، وباب ما كان على "فاعل" من صفات المذكر أن يكسر على "فعل وفعال" فرقا بينه وبين مؤنثه إلا أنهم قالوا: فارس وفوارس، لأنه غلب للمذكر واستبد به دون المؤنث فجمع على الأصل.
والبيت للفرزدق يمدح آل المهلب.
وخضع-بضمتين- جمع خضوع مبالغة "خاضع" ويحتمل أن يكون "خضع" بضمة فسكون جمع أخضع، وهو الذي عنقه تطامن من خفة، وهذا أبلغ من الأول. ونواكس: جمع ناكس، صفة العاقل، وه والمطأطئ رأسه.
وانظر: المقتضب 1/ 121 و2/ 219، والكامل 262، وشرح السيرافي 5/ 95، وشرح سقط الزند 3/ 1047، والجمهرة2/ 228، والاقتضاب للبطليوسي107، وشرح الرضي على الكافية 2/ 153، وشواهد الشافية/ 143، والخزانة 1/ 99، وشرح أدب الكاتب للجواليقي/ 25، وابن يعيش 5/ 56، والديوان 76.

(3/17)


والنونِ1. وما كانَ مِن بناتِ الياءِ والواوِ وهي عيناتٌ كُسَر علَى "فِعَالٍ" نحو: طَويلٍ وطِوَالٍ وهو قليلٌ في الكلامِ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ2 وأَما فُعُلٌ فمثلُ نَذيرٍ ونُذُرٍ ومثلُه مِنْ بناتِ الياءِ: ثَنِيٌّ3 وثُنٍ وكانَ الأصلُ: ثنوًّا فوقعتِ الواوُ طرفًا قبلَها ضمةٌ فقلبتْ ياءً وكُسر ما قبلَها وهذَا يبينُ في موضِعه إِنْ شَاء اللُه.
وقَد جاءَ "فُعْلانٌ" قالَ: ثَنِيٌّ وثُنْيَانٌ وجَاء فِعلانٌ قالوا: خَصِيٌّ وخِصْيَانُ و"أَفْعَالٌ" مثلُ: "يتيمٍ وأَيتامٍ" وقالوا: صَديقٌ وأصدقاءُ حيثُ استعملَ كما تستعملُ الأسماءُ نحو: نَصيبٍ وأَنصباءَ وإِذَا ألحقتَ الهاءَ "فَعيلًا" للتأنيثِ فالمؤنثُ يرافقُ المذكرَ مثلَ: صَبيحةٍ وصِبَاحٍ ويكسرُ علَى "فَعَائِلَ" وقد يستغنونَ على "فَعَائِلَ" بغيرِها نحو: صغيرٍ4 وصِغَارٍ وقالوا: خَليفةٌ وخَلائِفُ جاءوا بهِ على الأَصلِ وقالوا: خُلَفاءُ مِنْ أَجلِ أَنه لا يقعُ إلا على مذكرٍ فصارَ مثلَ: ظريفٍ وظُرَفاءَ، وأَما فُعُولٌ فَجاءَ في جمعِ ظَريفٍ: ظُرُوفٌ.
وقالَ أَبو بكر: هو جمعهُ عندي علَى حَذفِ الزوائدِ كأَنهُ جمعُ ظُرَفاءَ.
وقال الخليلُ: هو بمنزلةِ: مَذَاكيرَ إِذَا لم يكسر علَى ذَكَرٍ5. فقد
__________
1 العبارة في كتاب سيبويه 2/ 207 ولا نعلمهم كسروا شيئا من هذا على "فعال" استغنوا بهذا وبالجمع وبالواو والنون، وإنما فعلوا ذلك أيضا لأنه من بنات الياء والواو أقل منه.
2 كظريف وظريفين، وطريفون، وحكيم وحكيمون.
3 ثني: أثناء الشيء ومثانيه، قواه، وطاقاته، واحدها ثَنِيٌّ -بالكسر- ومن الوادي منعطفه.
4 في الأصل: "صغيرة".
5 انظر: الكتاب 2/ 208.

(3/18)


أُجريَ شيءٌ مِنْ فَعيلٍ مستويًا في المذكرِ والمؤنثِ شُبِّه بفُعُولٍ نحو: جَديدٍ وسَديسٍ وفَعيلٌ إِذَا كانَ بمعنى فَعُولٍ فهوَ في المذكرِ والمؤنثِ سواءٌ لا يجمعُ بالواوِ والنونِ ويكسرُ علَى فَعْلَى نحو: قَتيلٍ وقَتْلَى.
وقالَ سيبويه: سمعنَا مَنْ يقولُ: قَتلاءٌ1. الهاءُ تدخلُ في بابِ فَعيلٍ على ما كانَ مقدرًا فيهِ قبلَ أَن يُفعلَ بهِ ذاكَ فإِذاَ فُعِلَ كانَ بغيرِ هاءٍ تقولُ: هذِه ذَبيحةُ فِلانٍ قَبلَ أَن تذبحَ فإِذَا ذَبحتْ قيلَ: شاةٌ ذبيحُ.
الثالثُ: فُعُولٌ: ويجيءُ على: فُعُلٍ وفَعَائِلَ للمؤنثِ وفَعْلاءَ قالوا: صَبُورٌ وصُبُرٌ وفي المؤنثِ: عَجُوزٌ وعَجَائِزُ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا يجمعُ بالواوِ والنونِ كَما أَنَّ مؤنثَهُ لا يجمعُ بالتاءِ. وقالُوا للمذكرِ: جَزُورٌ وجَزَائرُ لمَّا لَم يكنْ مِنَ الآدميينَ شبهوهُ بالمؤنثِ وقالوا: رَجُلٌ وَدُودٌ وودودة شبهوهُ: بصديقٍ وصَديقةٍ وقالوا: امرأةٌ فَرُوقةٌ ومَلُولةٌ.
الرابعُ: فَعالٌ: يجيءُ علَى ثَلاثةِ أَبنيةٍ: عَلَى فُعُلٍ وفُعْلٍ فيما اعتلتْ عينهُ وفَعْلاءَ وذلكَ نحو: صَناعٍ وصُنُعٍ وقالوا فيما اعتلت عينهُ: نَوارٌ ونُوُرٌ وجَوادٌ وَجُودٌ والهاءُ لا تدخلُ في مؤنثهِ وجاءَ: جَبَانٌ وجُبنَاءُ.
الخامسُ: فِعَالٌ: جاءَ علَى ثلاثةِ أَبنيةٍ: فُعُلٌ فَعَائِلُ وفِعَالٌ.
اعلَمْ: أَنَّ فِعَالًا بمنزلةِ: فَعَالٍ لا تدخلُ الهاءُ في مؤنثهِ وجمعَ علَى: فُعُلٍ نحو: نَاقةٍ دلاث2 وَدُلُثٍ وزعمَ الخليل: أَنَّ هِجَانَ للجماعةِ بمنزلةِ: ظِرافٍ3 وزعَم أبو الخطابِ: أَنَّ الشِّمالَ تجعلُ
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 213.
2 دلاث: السريع من الأبل، وكذلك المؤنث: ناقة دلاث، أي: سريعة.
3 انظر: الكتاب 2/ 209.

(3/19)


جمعًا1، وقالوا: دِرْعٌ دِلاصٌ2 وأَدرعٌ دِلاصٌ، لفظُ الجميعِ لفظُ الواحدِ وإنّما وقَع هَذا لأن "فِعالَ وفَعولَ وفَعيلَ" أَخواتٌ فالزيادةٌ مِنْ جميعهنَّ في موضعٍ واحدٍ.
السادسُ: فَيْعِلٌ: وهذَا البناءُ لا يكونُ إلا في المعتلِّ فيجيءُ جمعهُ علَى: "أَفعالٍ" وأَفْعلاءَ وذلكَ نحو: مَيّتٍ وأَمواتٍ وحقهُ الواوُ والنونُ نحو: قيّمٍ وقَيمونَ ومثلُ أَمواتٍ: قَيْلٌ وأَقيالٌ والأصلُ: قيّلٌ فَخُفِّفَ وَلوْ لَم يكنْ "فَيْعِلًا" لِمَا جمعوا بالواوِ والنونِ فقالوا: قَيلونَ لأَنَّ "فَعِيلَ" التكسيرُ فيهِ أَكثرُ وفَيعِلَ الواوُ والنونُ فيهِ أَكثْرُ ويقولونَ للمؤنث3 أيضًا: أَمواتٌ وقالوا: هَيّنٌ وأهْونَاءُ.
السابعُ: مَفْعَلٌ: يكسرْ عَلَى مَفَاعِلَ مَدْعَسٌ ومَدَاعِسُ.
الثامنُ: مُفْعَلٌ ومُفْعَلٌ: يجمعُ بالواوِ والنونِ والمؤنثُ بالتاءِ إلا أَنَّهم قَد قالوا: مُنكَرٌ ومَناكيرُ ومُوسَرٌ ومَياسيرُ.
وأَما مَفْعِلٌ الذي يكونُ للمؤنثِ ولا تدخلهُ الهاءُ فإنهُ يكسرُ نحو: مُطْفِلٍ ومَطَافِلَ وقَد قالوا علَى غيرِ القياسِ: مَطافِيلُ.
التاسعُ: فُعَّلٌ: يجمعُ بالواوِ والنونِ وذلكَ نحو: زُمَّلٍ4 وجُبًّا يقالُ: رَجُلٌ جُبًّا إذَا كانَ ضعيفًا.
__________
1 أبو الخطاب: هو الأخفش الكبير من أساتذة سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 209.
2 دلاص: براقة.
3 في الأصل "وللمؤنث" بزيادة واو.
4 زمل: الجبان الضعيف.

(3/20)


بَابُ ما ألحقَ مِنْ بناتِ الثلاثةِ ببنَاتِ الأربعةِ مِنَ الصفاتِ:
وهو يجيءُ علَى ثلاثةِ أَبنيةٍ علَى: فَعْوَلٍ وفَيْعَلٍ وأَفْعَلَ.
والأولُ: فَعْوَلٌ: نحو: قَسْوَرٍ وقَسَاورَ وتَوْأَمٍ وتَوَائمَ أَجروهُ مجَرى: قَشْعَمٍ1 وقَشَاعِمَ.
الثاني: فَيْعَلٌ: نحوَ: غيْلَمٍ2 وغَيَالمَ شبهوها: بِسَمْلَقٍ3 وسَمَالقَ ولا يمتنعانِ من الواوِ والنونِ أَعني: فعلول وفيعل إذا عنيتَ الآدميين والتاءِ إذا عنيتَ غيرَ الآدميينَ.
الثالثُ: أَفعلٌ: إذَا كانَ صفةً كسرَ على: "فُعْلٍ" وفُعْلانٍ وذلكَ نحو: أَحمرَ وحُمْرٍ ولا يحركونَ العينَ إلا أَنْ يضطَر شاعرٌ وهو مما يكسرُ على "فُعلانٍ" نحو: حُمْرانٍ وسُودانٍ ويمْضانٍ فالمؤنثُ من هذا يجمعُ [على] 4 "فُعْلٍ" نحو: حَمْراءَ وحُمْرٍ وفي "أَفعلَ" إذا كانَ صفةً هَلْ
__________
1 قشعم: المسن من الرجال والنسور، والضخم، والأسد.
2 غيلم: السلحفاة الذكر، والجارية: المغتلمة.
3 سملق: القاع الصفصف.
4 أضفت كلمة "على" لإيضاح المعنى.

(3/21)


هو ملحقٌ أَم غيرُ ملحقٍ نظرٌ وسؤالٌ قال1: والحقيقةُ أَنهُ غيرُ ملحقٍ ولو كانَ ملحقًا لِما أُدغَم في مثلِ الأَصمِّ.
وأَما الأَصغرُ والأَكبرُ فإنّهُ لا يوصفُ بهِ كَما يوصفُ بأحمَر ولا تفارقُه الألفُ واللامُ لا تقولُ: رَجُلٌ أَصغرُ قالَ سيبويه: سمعَنا العربَ تقول: الأَصَاغرةُ كما تقول: القَشَاعمة2، وإنْ شئت قلتَ: الأَصغرونَ وقالوا الآخرونَ ولم يقولوا غيرهُ.
__________
1 الذي قال: هو ابن السراج.
2 انظر: الكتاب 2/ 211.

(3/22)


بَابُ تكسيرِ مَا جاءَ مِنَ الصفةِ عَلَى أَكثرَ مِنْ أَربعةِ أَحْرفٍ:
وهيَ تجيء علَى عشَرةِ أَبنيةٍ:
الأول: مِفْعَالٌ: ويجيءُ علَى: مَفَاعيلَ ولا تدخلُه الهاءُ ولا يجمعُ بالواوِ والنونِ نحو: مِهْذَارٍ ومَهَاذير ومِفْعَلٌ بمنزلتِه للمذكر والمؤنثِ كأَنه مقصور منه.
الثاني: مِفْعيلٌ: تقولُ في مِحْضيرٍ: مَحَاضيرُ وقالوا: مِسْكينةٌ شبهتْ بفَقيرةٍ فأَدخلوا الهاءَ فيجوزُ على ذَا: مسكينونَ وقالوا أيضًا: امرأة مِسكينٌ فَمَنْ قالَ هَذا لم يجزْ أن يجمَع بالواوِ والنونِ ومؤنثهُ بالألفِ والتاءِ لأَنَّ الهاءَ تدخلهُ.
الرابعُ: فُعّالٌ1: مثلُ "فُعَّالٍ" نحو: الحُسَّانِ وقالوا: عُوَّارٌ وعَوَاويرُ.
الخامسُ: مَفْعُولٌ: مثلُه بالواوِ والنونِ2، وقالوا: مكسورٌ ومَكاسيرُ وَمَلْعُونٌ ومَلاَعينُ شبهوها بالأسماءِ.
__________
1 لم يذكر البناء الثالث: ولعله ذكره مع المثال الأول وهو: "مفعل" فاكتفي أن يعيده ثانية.
2 نحو: مضروب، ومضروبون.

(3/23)


السادس: فُعَّيلٌ: نحو: زُمَّيلٍ وجمعهُ كَجمعِ: فُعَّلٍ بالواوِ والنونِ.
السابعُ: فَعْلانُ: إذا كانَ صفةً وكانَ لَهُ فَعْلَى كسرَ علَى "فُعالٍ" نحو: عَطْشَانَ وعُطاشٍ وقد يكسرُ علَى: فَعَالى وفِعَال نحو: سَكارى وكذلكَ المؤنثُ أيضًا وجاءَ بعضهُ على "فُعَالى" نحو: سُكَارى "ولا يُجمعُ فَعْلانُ بالواوِ والنونِ ولا مؤنثهُ بالتاءِ إلا أَن يضطرَ شاعرٌ وقَد قَالوا فيما يلحقُ مؤنثَهُ الهاءُ كَما قالوا في هَذا لأنَّ آخَرَهُ ألف ونون زائدتان وذلكَ: نَدْمانةٌ ونَدمانٌ ونَدَامى وقالوا: خَمْصانةٌ وخَمصانٌ وخُمَاصٌ ومنهم مَنْ يقولُ: خَمَصانُ1. وقد يكسرون "فَعِلًا" علَى: "فَعالى" لأنه يدخل "فَعْلاَن" فيعني به ما يعني "بفَعْلانَ" وذلكَ: رَجُلٌ عَجلٌ وسَكِرٌ وحَذِرٌ قالوا: حَذارَى وقالوا: رَجُلٌ رَجِلٌ2 ورَجالى وقالَ بعضهُم3: رَجْلانُ ورَجْلَى وقالوا: رجالٌ كما قالوا: عِجَالٌ ويقالُ: شَاةٌ حَرْمى وشياهُ حِرامٌ وحَرَامى4 لأَنَّ "فَعْلَى" صفةٌ بمنزلةِ التي لَها فَعْلانُ.
الثامن: فُعْلانٌ: نحو: خُمْصانٍ وعُرْيانٍ يجمعُ بالواوِ والنونِ ولَمْ يقولوا في عُريْانٍ: عِرَاء ولا: عَرَايا استغنوا بُعَراةٍ وعُراةٌ إنّما هُوَ جمعُ عَارٍ إلاَ أن المعنى واحدٌ في عُرْيان وعَارٍ.
__________
1 في سيبويه 2/ 212 ومن العرب من يقول: خمصان.
2 رجل: رجل الرجلُ رجلا، فهو: راجل، ورجل، ورجل إذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه.
3 انظر: الكتاب 2/ 212.
4 حرمي: حرم كفرح: ذات الظلف، والذئبة والكلبة حراما-بالكسر- أرادت الفحل فهي: حرمى-كسكرى-والجمع سكارى.

(3/24)


التاسعُ: فُعَلاءُ: فهي بمنزلةِ فُعَلةٍ مِنَ الصفاتِ لأَنَّ الألفينِ للتأنيثِ نظيرُ الهاءِ وذلكَ: نُفَساءُ ونُفساواتٌ ونُفَاسٌ وليسَ شيءٌ مِنَ الصفاتِ آخرهُ علامة التأنيثِ يمتنعُ مِنَ الجمعِ بالتاءِ غيرُ: فَعْلاءَ أَفْعَل وفَعْلَى فَعْلاَن.
العاشر: فَعْلاءُ: قَد ذكرنَا في بابِ "أَفعلَ" أَنَّها تجيءُ علَى "فُعْلٍ" نحو: حَمْراءَ وحُمْرٍ فالمذكرُ والمؤنثُ فيهِ سواءٌ كما كانَ في جمعِ فَعْلَى فَعْلانَ وقَالَ: بَطْحاواتٌ في جمعِ بَطْحَاءَ حيثُ استعملتْ كالأسماءِ وقالوا: بطحاءُ وبِطَاحٌ وبَرْقَاءُ وبِرَاقٌ.

(3/25)


بَابُ ما كانَ مِنَ الأسماءِ عدةُ حروفهِ خمسةٌ وخامسهُ أَلفُ التأنيثِ أَو أَلفا التأنيثِ:
فمَا كانَ على "فُعَالى" يجمعُ بالتاّءِ نحو: حُبَارَى وحُبَارياتٍ وما كانَ آخره ألفانِ على فَاعِلاءَ نحو: القَاصِعَاءِ فهو على: "فَوَاعلَ" تقولُ فيهِ: قَواصعُ شبهوا "فَاعِلاَءَ" بِفَاعلة وجعلوا أَلفي التأنيثِ بمنزلةِ الهاءِ وقالوا: خُنْفَساءُ وخَنَافسُ.

(3/26)


بَابُ ما جُمعَ علَى المعنى لا علَى اللفظِ:
قالَ الخليلُ: إنّما قالوا: مَرْضى وهَلْكى ومَوْتَى وجَرْبى لأَنَّ المعنى معنى: مفعولٍ1 وقَد قالوا: هُلاّكٌ وهالكون فجاءوا بهِ علَى الأصلِ وقالوا: مِراضٌ وسِقَامُ ولم يقولوا: سَقْمَى وقالوا: وجعٌ وقَوْم وَجْعَى ووجَاعتى وقالوا: قومٌ وجاعٌ كما قالوا: بعيرٌ جَرِبٌ [وإبلٌ] 2 جِرَابٌ وقالوا: مَائِقٌ3 ومَوْقَى وأحْمقُ وحَمْقَى وأَنْوَكُ ونَوْكَى لأنهُ شيءٌ أصيبوا بهِ وقالوا: أَهْوجُ وهُوجٌ على القياسِ4 وأَنوكُ ونُوكٌ وقالوا: سَكْرَى كَمَرضَى وَرَوبَى: للذين اسثقلوا نَوماَ والواحدُ: رَائبٌ وقالوا: زَمِنٌ وزَمْنَى وضَمِنٌ وضَمْنى ورَهِيصٌ5 ورَهْصى. وحَسيرٌ وحَسْرَى، وإنْ شئتَ قلتَ: زَمِنونَ وهَرِمونَ. وقالوا: أُسَارى مثل: كُسَالى وقالوا: وَجٍ6
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 213.
2 أضفت كلمة "إبل" لإيضاح المعنى.
3 مائق: أحمق في غباوة.
4 لأن جمع "أفعل": فعل.
5 رهيص: الرهيص، الفرس الذي أصابته الرهصة وهي وقرة تصيب باطن حافره وخف رهيص: أصابه الحجر.
6 وج: يقال وجي وجي: إذا اشتد خفاؤه.

(3/27)


ووجْيَا بلا همزٍ وقالوا: سَاقطٌ وسَقْطَى مثلُه: وفَاسِدٌ وفَسْدَى وليسَ يجيءُ في كُلِّ هذَا على المعنى لم يقولوا: بَخْلَى ولا سَقْمَى.
قالَ أبو العباس: لو قالوهُ جازَ. وقالوا: يَتَامى. قالَ سيبويه: وقالوا: عقيمٌ وعُقٌمٌ. وقال: لو قيلَ إنَها لم تجىءْ علَى "فُعلَ" لكانَ مذهبًا1 يعني: أَنَّ بابَها أَن يقالَ عَقْمَى مثلُ: قَتيلٍ وقَتْلَى فصرفتْ عن بَابِها لأَنُّها بَلَيةٌ فأَكثر ما تجيءُ عَلَى فَعْلَى.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 213.

(3/28)


باَبُ ما جاءَ بناءُ جمعهِ علَى غيرِ ما يكونُ في مثلهِ:
فَمِنْ ذلكَ: رَهْطٌ وأَرَاهطُ وبَاطلٌ وأَباطيلُ كأَنَّهم كسروا: أَرْهُطٌ وأَبْطالٌ ومِنْ ذلكَ: كُراعٌ وأَكارعُ وحديثٌ وأَحاديثُ وعَروضٌ وأَعاريضُ وقَطيعٌ وأَقاطيعُ لأَنَّ هذَا لو كسرتَهُ وعدةُ حروفِه أَربعةٌ بالزيادةِ1. التي فيها لكانت "فَعَائلَ" ولَم يكنْ في الأَول زيادة. ومِثل أَراهطَ أهلٌ وأَهَالٍ. ولَيلة ولَيالٍ كأَنهُ جمَع: أَهلًا وليلًا.
وقالَ أبو العباس: ليلةٌ أصلها "ليلًا" فحذفت وزعمَ أَبو الخطاب: أَنَّهمْ يقولونَ: أَرضٌ وآراضٌ كما قالوا: أَهْلٌ وآهالٌ2، فهذَا على قياسهِ وقالَ بعضُهم: أَمْكُنٌ كأَنهُ جَمْعُ مُكْنٍ.
وقالَ سيبويه: ومثلُ ذلكَ: تَوأَمٌ وتوائمُ كأنهم كسروهُ على "تِئمٍ" كما قالوا: ظِئْرٌ وظُؤارٌ وقالَ أبو العباس: توأَمٌ اسمٌ مِنْ أَسماءِ الجمعِ وفِعَالٌ لا يكونُ مِنْ أَبوابِ الجمعِ وكذلَك: رَجْلٌ ورِجَالٌ وقالَوا: كرَوانٌ.
__________
1 قال سيبويه 2/ 199: لأن هذا لو كسرته إذا كانت عدة حروف أربعة أحرف بالزيادة التي فيها لكانت "فعائل" ولم تكن لتدخل زيادة في أول الكلمة.
2 انظر: الكتاب 2/ 199.
3 انظر: الكتاب 2/ 199.

(3/29)


وللجمعِ: كِرْوَانٌ. وقالَ أبو العباس: كَرَوانٌ جمعْ1: كِرْوَانٍ تحذفُ الزوائدَ وكذلكَ قالَ في أَمْكنٍ جَمعُ: مَكَانٍ.
وقال سيبويه: إنما جُمِعَ "كَرَوانُ" على "كَرىً"2 وقالوا في مِثْلِ: "أَطرِقْ3 كَرا إنَّ النعامَ في القرُى4 ومِثْلُ هذَا: حمارٌ وحَميرٌ وصَاحبٌ وأَصحابٌ وطَائِرٌ وأَطيارٌ.
__________
1 انظر: المقتضب 1/ 188.
2 انظر: الكتاب 2/ 199.
3 قال المبرد: "أطرق كرا" يريدون: ترخيم الكروان فيمن قال: يا حار. انظر: المقتضب 4/ 261 "وكرا" رقية يعيذون بها الكرا "يقولون: أطرق كرا إن النعام في القرى".
4 هذا مثل: معناه أن النعام الذي هو أكبر منك قد اصطيد وحمل إلى القرى. وأنه يضرب للذي ليس عنده غناء ويتكلم فيقال له: اسكت وتوق انتشار ما تلفظ به كراهة ما يعقبه. ويقال: إن الكروان يقال له: أطرق كرى إنك لن ترى فإذا سمعها لبد بالأرض فيلقى عليه ثوب فيصطاد.
وانظر: الأمثال للميداني 1/ 445 والخزانة 1/ 394 وجمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 1/ 194.

(3/30)


بَابُ ما هُوَ اسمٌ يقعُ علَى الجميعِ ولم يكسر عليهِ واحدهُ وهوَ مِنْ لفظهِ:
وذلكَ نحو: رَكْبٍ وسَفْرٍ وطَائرٍ وطَيْرٍ وصَاحبٍ وصَحْبٍ أَلا تَرى أَنكَ تقولُ في التصغير: رُكَيبٌ وسُفَيرٌ ولو كانَ تكسيرًا لردَّ إلى الواحدِ ومثلُ ذلكَ: أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُودٌ وعَمَدٌ وحَلْقَةٌ وحَلَقٌ وفَلْكَةٌ وفَلَكٌ ومِنْ ذلكَ: الجامَلُ والباقِرُ وأَخٌ وإخوةٌ وسَرِيٌّ وسَرَاةٌ مِنْ ذلكَ لو قالَ قائلٌ: شُبِّهَ "فَعِيلٌ بفَاعِلٍ" نحو: فَاسقٍ وفَسَقةٍ قيلَ لَهُ: مثالُ هذا في المعتلِّ إنَّما يجيءُ على "فَعَلةٍ" نحو: قَاضٍ وقَضَاةٍ و"فَعَلةٌ" ليسَ من جُموعِ المعتلِّ فلذلكَ لم يجعلْ جمعًا وصارَ في رَكْبٍ وسَفْرٍ وقالوا: فَارهُ وفُرْهَةٌ مثْل: صَاحبٍ وصُحْبَةٍ وغَائِبٍ وغَيَبٍ وخَادمٍ وَخَدَمٍ وإهَابٍ وأَهَبٍ ومَاعِزٍ وَمَعَزٍ وضَائنٍ وضَأَنٍ وعَازبٍ وعِزيبٍ وغاَزٍ وغَزِيٍّ

(3/31)


بَابُ جَمْعِ الجَمْعِ:
أَما أبنيةُ أَدنى العددِ فيجمعُ على "أَفَاعِل" وأَفاعيلَ نحو: أَيدٍ وأَيادٍ وأَوطبٍ1 وأَواطبَ وأَفعالٌ بمنزلةِ إفعالٍ نحو: أَنعامٍ وأَناعيمٍ وقد جمعوا "أَفْعلةً بالتاءِ". قالوا: أَغطيةٌ وأَغطياتٌ وأَسقيةٌ وأَسقياتٌ وقالوا: أَسورةٌ وأَسَاورَةٌ وقالوا: جِمَالٌ وجَمَائلُ وقالوا: جَمَالاتٌ وبُيوتاتٌ عملوا بفُعُولٍ ما عملوا بَفَعالٍ وكذلكَ "فُعُلٌ" قالوا: الحُمُراتُ بضم الميم.
قالَ سيبويه: وليسَ كُلُّ جَمْعٍ يجمعُ. لم يقولوا: في جَمْعِ بَرٍّ أَبرارٌ وقالوا: في تَمْرٍ تُمْرَانٌ2. وأَبو العباس يُجيزُ: أَبرار في جمع بَرٍّ ويركنُ إلى القياسِ وقالوا في مُصْرانٍ: مَصَارينُ3. وأَبياتٌ وأَباييت وبيوتٌ وبيُوتاتٌ وقالوا: عُوذٌ وعُوذاتٌ ودُورٌ ودُوراتٌ وحُشَّانٌ وحَشَاشينَ وكُلُّ بناءٍ مِنْ أَبنيةِ الجموعِ ليسَ علَى مثالِ "مَفَاعِلَ" ومَفَاعيلُ "إذا اختلفتْ ضروبهُ فجمعُه
__________
1 أواطب: سقاء البن.
2 انظر: الكتاب 2/ 200.
3 انظر: المقتضب 2/ 279 وفي اللسان: المصير: المعي وهو فعيل. والجمع: أمصرة ومصران: مثل: رغيف ورغفان، ومصارين جمع الجمع عند سيبيويه. قال الأزهري: جمع المصران، جمعته العرب على توهم النون أنها أصلية.

(3/32)


عندي جَائزٌ وقياسُه أَن ينظرَ إلى ما كانَ على بنائِه مِنَ الواحدِ أو على عدتِه فتكسرهُ علَى مِثَالِ تكسيرهِ.
وقالَ سيبويه: مَنْ قالَ: أَقاويلُ وأَباييتُ في أَبياتٍ لا يقولُ: أَقوالانِ1 لا يُثني "أَقوالًا" وكذلكَ: البُسْرُ والتَّمْرُ إلا أَن تريدَ ضربينِ مُختلفينِ فهذَا يدلُّكَ علَى أَنَّ جمعَ الجَمْعِ يجيءُ علَى نوعينِ: فنوعٌ يرادُ بهِ التكثيرُ فَقَط ولا يرادُ بهِ ضروبٌ مختلفةٌ ونوعٌ يرادُ بهِ الضروبُ المختلفةٌ وهو الذي لا يمتنع منهُ جَمْعٌ قالوا: إبلانِ2 لأنَّهُ اسمٌ لم يكسر. وقالَ: لِقَاحانِ سَوداوانِ لأَنَّهم لم يقولوا: لِقَاحٌ واحدةٌ وهو في3 إبْلٍ أَقوى لأَنهُ لم يكسرْ.
قالَ سيبويه: سأَلتُ الخليلَ عن: ثلاثةِ4 كلابٍ فَقالَ: يجوزُ في الشعر5 علَى "من" وإنْ نونتَ قلتَ: ثلاثةٌ كلابٌ.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 202.
2 إبلان: قطعين من الإبل.
3 هنا خلاف لما في كتاب سيبيويه 2/ 202، فإن سيبويه قد قال:.. وذلك لأنهم يقولون: لقاح واحدة كقولك: قطعة واحدة وهو في إبل أقوى.
4 في الأصل: "ثلاث" وهو خطأ.
5 انظر: الكتاب 2/ 202.

(3/33)


بَابُ ما لُفِظَ بهِ مثنىً كما لُفِظَ بالجمعِ:
وهو أَن يكونَ كُلُّ واحدٍ بعضَ شيءٍ مفردٍ مِنْ صاحبهِ كقولِكَ: ما أَحسنَ رؤوسهمَا وزعمَ يونس أَنَّهم يقولونَ: غِلمانهما وإنّما هُما اثنانِ.
وزَعم أيضًا أَنَّهم يقولونَ: ضربتُ رأْسيهما وأَنهُ سَمع ذلكَ مِن رؤبةَ1 والبابُ ما جاءَ في القرآنِ، قالَ الله عزَّ وجلَّ: {إنْ تُتوبَا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قَلُوبُكُمَا} 2. {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْديَهُمَا} 3.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 201.
2 التحريم: 4.
3 المائدة: 38.

(3/34)


بابُ مَا كاَن من الأعجميةِ على أَربعةِ أحرفٍ وقد أعربَ:
جمعُ هَذا الضربِ على مثالِ مَفَاعل وزعَم الخليلُ: أنهم يلحقون جمعَهُ الهاءَ إلا قليلًا: كَمَوْزَجٍ1 ومَوازِجَةٍ وطَيْلسانٍ وَطَيالسةٍ وقَد قالوا: جَوارِبُ وكَيالجُ2 وقَد أَدخلوا الهاءَ أيضًا3. وكذلكَ إذا كسرتَ الاسمَ وأَنت تريدُ: آلَ فلانٍ أَو جماعةَ الحي كالمَسامعةِ والمناذرة والمَهالبةِ وقَد قالوا: دَياسِمُ، وهُنَّ ولدُ الذئبِ مِنَ الضبع. وقالوا: ولَدُ الكلبِ مِنَ الذئبةِ وقالوا البَرابرةُ. والسَيابجةُ فاجتمعَ فيهما الأَعجمية والإِضافةُ.
__________
1 موزج: الخف وهو فارسي معرب.
2 كيالج: جمع كيلجة وهو المكيال.
3 قالوا: جواربة، وكيالجة. وانظر: الكتاب 2/ 201.

(3/35)