الأصول في النحو

باب التحقيرِ
مدخل
...
بَابُ التحقيرِ:
التصغيرُ شيءٌ اجتزئَ بهِ عن وصفِ الاسمِ بالصغرِ وبُني أَولهُ علَى الضمِّ وجُعلَ ثالثهُ ياءً ساكنةً قبلَها فتحةٌ ولا يجوزُ أن يصغرَ اسمٌ يكون على أقل من ثلاثة أَحرفٍ فإذا كانَ الاسمُ ثلاثيًّا فالإِعرابُ يقعُ على الحرفِ الذي بعدَ الياءِ نحو قولِكَ في حَجرٍ: حُجَيْرٌ فإنْ كان آخرهُ هاء التأنيثِ فلا بُدَّ مِنْ أَن ينفتحَ لها ما قبلها فإنْ جاوزَ الاسم الثلاثةَ بزائدٍ أَو غير زائدٍ فهوَ نظيرُ الجمعِ الذي يجيءُ على "مَفَاعلَ" ومَفَاعيلَ فالأَلفُ في الجمعِ نظيرهُ الياءُ في التصغيرِ وما بعدَها مكسورٌ كَما أَنَّ ما بعدَ الألفِ مكسورٌ إلا أَنَّ أَولَ الجمعِ مفتوحٌ وأَولَ هَذا مضمومٌ وجميعُ التصغير يجيءُ على ثلاثةِ أَمثلةٍ عَلى مثالِ تصَغيرِ: فِلْسٍ ودِرهمٍ ودِينارٍ وتصغيرُها: فُليسُ ودُرَيهمٌ ودُنَيْنيرٌ وهذا الياءُ التي تجيءُ في مِثَالِ: دُنينيرْ وَمَا أَشبه تكونُ عوضًا لازماَ متى كانَ في الاسم زائدةٌ تابعةٌ كما وقعت في دينار وتكون غير ملازمة متى كان في الاسم زيادةٌ تابعةٌ كما وقعتْ في دينار وتكونُ غيرُ ملازمةٍ مَتى كان في الاسمِ زيادةٌ غيرُ تابعةٍ فحينئذٍ لَكَ فيهِ الخيارُ فياءُ التصغير زائدةٌ وياءُ التعويضِ زائدةٌ فالتصغيرُ إنّما يكونُ في الثلاثي وفيما كان عددهُ أَربعةَ أَحرفٍ بزيادةٍ أَو غيرِ زيادةٍ فإنْ تجاوزَ العددُ ذلكَ حُذفَ حتَى يُردَّ إلى هذا العددِ.
والأسماء تنقسمُ ثلاثةَ أقسامٍ: اسم لا زيادةَ فيهِ ولا نَقْصَ واسم فيهِ

(3/36)


زيادةٌ واسم مَنْقوص.
الأول: الاسم الذي لا زيادةَ فيهِ ولا نَقص وهذا الضَّربُ ينقسمُ ثلاثةَ أَقسامٍ: اسمٌ ثلاثي واسمٌ رُباعي واسمٌ خُماسي أَما الثلاثي: فينقسمُ أيضًا ثلاثةَ أَقسامٍ: اسمٌ صحيحٌ واسمٌ مضاعفٌ واسمٌ معتلٌّ.
الأولُ مِنَ الثلاثي: أَمّا الصّحيحُ فعلَى ضربين: مذكرٌ ومؤنثٌ فالمذكر نَحو قولِكَ: رجلٌ ورُجَيلٌ وحَجَرٌ وحُجَيرٌ وجَمَلٌ وَجُمَيْلٌ وكَلْبٌ وكُلَيبٌ والمؤنثُ نحو: قَدمٍ وقِدْرٍ تقولُ: قُدَيْمَةٌ لأنّكَ تقولُ: قَدمٌ صغيرةٌ وقُدَيْرَةٌ لأَنَكَ تقولٌ: قَدْرٌ صغيرةٌ وفي عينٍ عُيَينَةٌ وأُذنٍ: أُذَيْنَةٌ.
الثاني مِنَ الثلاثي: وهو المضاعفُ تقولُ في دَنٍّ: دُنينٌ وفي مَدٍّ: مُدُيدٌ يزولُ الإِدغامُ لتوسطِّ ياءِ التصغيرِ.
الثالث مِنَ الثلاثي: وَهوَ المعتلُّ يجيءُ على ضربينِ فالضربُ الأولُ: ما كانتِ الألفُ بدلًا من عينهِ والضربُ الثاني: ما لامهُ ياءٌ أوْ واوٌ.

(3/37)


ذكر تحقيرِ ما كانتِ الألفُ بَدلًا مِن عينهِ:
حَقُّ هذَا الاسم إذَا صُغِّر أَن يردَّ إلى أصلهِ فإنْ كانتِ الأَلفُ منقلبةً مِنْ واو ردتِ الواوُ وإنْ كانت منقلبةً من ياءٍ ردت الياءُ تقولُ في نَابٍ نُييبٌ والنابُ مِنَ الإِبلِ كذلكَ لأنكَ تقولُ: أَنيابٌ وتقولُ في بَيتِ: بُيَيتٌ وفي شَيخٍ: شُيَيْخٌ هَذَا الأَحسنُ. ومنهم مَنْ يكْسرُ الأولَ فيقولُ: شِييخٌ1 وبِييتٌ وتقولُ في تصغيرِ سَيّدٍ: سُيَيْدٌ وَهوَ الأَحسنُ وإنْ حقرتَ رجلًا: اسمهُ: سارَ وغَابَ لقلتَ غُييبٌ وسُيَيرٌ لأنهما من الياء ولو حقّرت السّار وأنت تريد السائر: لقلت: سُوَيرٌ لأنها أَلفُ "فَاعلٍ".
__________
1 قال سيبويه 2/ 136: "ومن العرب من يقول: شييخ وبييت- بكسر الشين والياء –".

(3/37)


قَالَ سيبويه: وسألتُ الخليلَ عن: خَافٍ ومَالٍ يعني إذا قلتَ: رَجلٌ خَافٍ ورَجُلٌ مَالٌ فقالَ: خَاف يصلح أَن يكونَ "فاعِلًا" ذهبتْ عينهُ ويصلحُ أَنْ يكَون "فَعِلًا" لأَنهُ مِنْ فَعِلْتُ1. يعني أَنَّ اسمَ الفاعل إذا كانَ ماضيهِ علَى "فَعِلَ" أَنهُ قَد يجيءُ هو أيضًا على فَعِلٍ: نحو: حَذِرٍ فهو رَجلٌ حَذِرٌ وفَرِقٌ فَهوَ رجلٌ فَرِقٌ قالَ: وأَما مَالٌ فإنَّهم لم يقولوا "مَائِلٌ"1
قالَ وحدثني مَنْ أَثقُ بهِ: أَنهُ يقالُ: رَجُلٌ مَالٌ إذَا كَثُرَ مَالهُ وكَبشٌ صَافٌ إذا كثر صوفه ونعجةٌ صافةٌ2، قالَ: وإذا جاءَ اسمٌ نحو: النَّابِ لا تدري أَمِنَ الياءِ هو أَم مِنَ الواوِ فاحملْهُ على الواوِ حتى يتبينَ لكَ لأَنَّها مبدلةٌ مِنَ الواوِ أكثرُ3 قال أبو العباس4: إنما قلبتِ الألفُ يعني الأَلفَ التي لا يُدرى أصلُها إلى الواوِ للضمة التي قبلَها يعني في باب التصغير.
قالَ سيبويه: ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ في ناب: نُوَيبٌ فيجيءُ بالواوِ لأَنَّ هذه الألف يكثرُ إبدالُها مِنَ الواواتِ وهو غَلَطٌ منه5 وأَما المؤنثُ فتقولُ: في نُورةٍ: نُوَيرةٌ وفي جَوْزَة جُويزَةٌ.
الضرب الثاني: ما لامهُ معتلةٌ مِنَ الثلاثي:
تقولُ في قَفًا: قُفَيٌّ وفي فَتَى فُتَيٌّ وفي جروٍ: جُرَيٌ وفي ظَبْي: ظَبَيٌّ فيصير جميعُ ذلكَ إلى الياءِ.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 127
2 انظر: الكتاب 2/ 127
3 انظر: الكتاب 2/ 127
4 أي: المبرد أستاذ المصنف.
5 انظر: الكتاب 2/ 127. والغلط من بعض العرب لا من سيبويه.

(3/38)


القسمُ الثاني: مما لا زيادة فيهِ وهو الرُّباعي:
وذلكَ نحو: جَعْفرٍ وسَلْهبٍ1 تقولُ: جُعَيفرٌ وَسُلَيْهَبٌ والتصغيرُ كالتكسيرِ.
القسمُ الثالثُ: مِما لا زيادةَ فيهِ وهو الخماسي:
وذلكَ نحو: سَفَرجلٍ وفَرَزدقٍ تقولُ: سُفَيرجٌ وفُرَيزدٌ وقالَ بعضهم: فُرَيزقٌ لأنَّ الدالَ تشبهُ التاءَ والتاءُ من حروفِ الزيادةِ وكذلكَ خَدَرْنَقٌ2: خُدَيْرِق فيمَن قَالَ: فُرَيزقٌ ومَنْ قالَ: فُرَيزدٌ قَال: خُدَيرنٌ ولا يجوزُ في "جَحْمَرشٍ"3 حذفُ الميم وإن كانت تزادُ لأنها رابعةٌ بعدَ ياءِ التحقير.
وقالَ الخليلُ: لو كنتُ محقرًا مثلَ هذهِ الأسماءِ لا أَحذفُ منها شيئًا لقلت: سُفيرجلٌ حَتى يصيرَ مثلَ: دُنَينيرٍ4
الثاني مِنَ القسمةِ الأولى: وهو ما كانَ مِنَ الأسماءِ فيه زيادةٌ:
وهو علَى عشَرة أضربٍ:
الأول: المضاعفُ المدغمُ الثاني: اسمٌ ثلاثي لحقتهُ الزيادةُ للتأنيثِ فصارَ بالزيادةِ أربعة أحرفٍ الثالث: اسمٌ ثلاثي أُدخلَ عليهِ أيضًا التأنيثُ وما ضَارعَهما الرابع: اسمٌ يحذفُ منهُ في التحقيرِ مِن بناتِ الثلاثةِ
__________
1 السلهب: الطويل. ويقال: صلهب بالصاد.
2 خدرنق: الذكر. والعنكبوت. أو العظيم منها. والخذرنق بالذال كذلك.
3 جحمرش: عجوز كبيرة.
4 انظر: الكتاب 2/ 107 ونص الكتاب "لو كنت محقرا مثل هذه الأسماء لا أحذف منها شيئا" كما قال بعض النحويين لقلت: سفيرجل.

(3/39)


الزيادةُ التي كسرتهُ للجميع لحذفتها الخامس: اسمٌ يحذفُ منهُ الزوادُ من بناتِ الثلاثةِ مما أَولهُ أَلفُ الوصلِ السادس: اسمٌ فيه زائدتانِ تكونُ فيه بالخيار أيُّهما شئتَ حذفتَ السابع: اسمٌ مِنْ بناتِ الثلاثةِ تثبتُ زيادتهُ في التحقيرِ الثامنُ: ما يحذفُ في التحقيرِ من زوائد بناتِ الأربعةِ التاسع: ما أَولهُ أَلفُ الوصلِ وفيهِ زيادةُ من بناتِ الأربعةِ العاشر: تحقيرُ الجَمْعِ.
الأول: المضاعفُ المُدغم: تقولُ في مُدُقٍّ: مُدَيّقٌ وفي أصمٍّ: أُصَيّمٌ تجمعُ بينَ ساكنين كما فعلتَ في الجَمْعِ لأَنَّ هذهِ الياءَ نظيرةُ تلكَ الألفِ1.
الثاني: تصغيرُ ما كانَ على ثلاثةِ أحرفٍ ولحقْتهُ الزيادةُ للتأنيثِ فصارَ بالزيادةِ أربعةَ أحرفٍ تقولُ في حٌبْلَى: حُبَيلَى وفي بُشْرَى: بُشَيرى وفي أُخرى: أُخَيرَى فلا تكسرُ ما قبلَ الألفِ كما لا تكسرُ ما قبلَ الهاءِ في طُلَيحةٍ وسُلِيمةٍ فإن جاءتِ الألفُ للإِلحاقِ قِلبتْ ياءً تقولُ في مِعْزَى: مُعَيزٌ وفي أَرْطَى: أُرَيطٌ وفيمن قالَ: عَلْقَى فَنونَ عُلَيقٌ وإذا كانتِ الألفُ خامسةٌ للتأنيثِ أو لغيرهِ حذفتْ تقولُ في: قَرْقَرى2: قُرَيْقِرٌ وفي حَبَركىٍ3: حُبَيرَكٌ.
الثالث: اسم ثلاثي أُدخلَ عليهِ ألفا التأنيثِ وما ضَارعَهما تقولُ في حَمْراءَ: حُمَيراءُ فَلا تغير وكذلكَ "فَعْلانُ الذي لَهُ" "فَعْلَى" تقولُ في "عَطْشَان" وسَكْرانَ: عَطَيشانٌ وسُكَيْرانٌ لأنَّ مؤنَثهُ: عطشى وسَكرَى فأما ما كانَ آخرهُ كآخرِ "فَعْلاَن" الذي لَهُ فَعْلَى وعلى عدةِ حروفِه وإِنْ اختلفت
__________
1 يشير إلى الألف التي في "مداق" عند الجمع.
2 قرقري: الظهر، وموضع.
3 حبركى: الحبركى: القوم الهلكى، القراد بالطويل.

(3/40)


حركاتهُ ولم تكسرهُ للجمعِ حتى يصيرَ على مثالِ "مَفَاعيلَ" فتحقيرهُ كتحقيرِ "عطشانَ وسَكْرَانَ" فإنْ كانَ يكسرُ على مِثَالَ "مَفاعيلَ" كسرحان وسراحينَ فإنَّ تصغيرهُ: سُرَيحينٌ فأما ما كانَ على ثلاثةِ أحرف فلحقتهُ زائدتانِ فكانَ ممدودًا منصرفًا فإنهُ مثلُ ما هو بدلٌ مِنْ ياءٍ مِنْ نفسِ الحرف نحو: عِلْبَاء1 وحِرْبَاء تقول: عُلَيْبي وحُرَيبى يحقرُ كما يحقرُ ما تظهرُ فيهِ الياءُ مِنْ نَفسِ الحرفِ وذلكَ نحو: دِرْحَاية2 ودُرَيحيةٌ ومَنْ صرفَ غَوغَاءَ قالَ: غُوَيغَى ومَنْ لم يصرفْ جعلَها كَعَوراءَ فقالَ: غُويغاءُ يا هَذا ومَنْ صرفَ قُوباءَ قالَ: قُوَيبَى ومَنْ لم يصرفْ قُوباءَ3 قالَ: قُوَيباءُ لأَنَّ تحقيرَ ما لحقتهُ ألفا التأنيثِ وكانَ علَى ثلاثةِ أحرفٍ حكمهُ حكمٌ واحدٌ كيفَ اختلفتْ حركاتهُ وكُلُّ اسم آخرهُ أَلفٌ ونونٌ يجيءُ على مثالِ "مَفَاعِيلَ" فتحقيرهُ كتحقيرِ: سَرحانَ تقولُ في سَرْحانَ: سُرَيحينُ وفي ضِبْعانَ: ضُبَيعينُ لأنكَ تقولُ: ضَبَاعينُ حُومانٌ4: حُوَيمينٌ لأَنكَ تقولُ: حَوَامينُ وسُلطانٌ: سُلَيطينٌ لأَنكَ تقولُ: سَلاطينُ وفي فِرزانٍ5: فُرَيزينٌ كقولهم: فَرَازينُ ومَنْ قالَ: فَرَازنةٌ قالَ أيضًا: فُرَيزينٌ لأنهُ جَاءَ مثلُ جَحَاجحة وزَنَادقةٍ وتقولُ في وَرَشانٍ6 وُرَيشينٌ لأَنكَ تقولُ: وَراشَين وأَما ظِربان7 فتقولُ: ظَرَيبانُ لأَنكَ تقولُ: ظَرَابيٌّ ولا تقولُ: ظَرابينُ فلا تأتي بالنونِ في جمعِ التكسيرِ كما لا تأتي بها في جمعِ سَكْرانَ إذا
__________
1 علباء: عرق في العنق.
2 درحاية: كثير اللحم قصير سمين. ضخم البطن. لئيم الخلقة.
3 قوباء: وهو بثر يظهر في الجسد.
4 حومان: نبات بالبادية.
5 فرزان: وفرازين. والفرازين جمع فرزن: وهو الشطرنج.
6 ورشان: طائر يشبه الحمام.
7 ظربان: دويبة كالهرة منتنة.

(3/41)


قلتَ: سُكَارى وإذا جاءَ شَيءٌ على مِثالِ: سرْحان ولم تعلمِ العربُ كسرَتهُ في الجمع فتحقيرهُ كتحقيرِ سكرانَ تثبتُ الألفَ والنونَ في آخره كألفي التأنيثِ ولو سَمّيتَ رجلًا: سرحانَ ثم حقرتهُ لقلتَ: سُرَيحينٌ لأنَّه يجمعُ جَمعَ الملحقِ في نكرتهِ وإذا جمعتِ العربُ شيئًا فَقَد كفَتكَ إِيَّاهُ فأَمَّا عُثْمانُ فتصغيرهُ عُثَيمانٌ لأَنهُ لَم يكسرْ علَى عَثَامينَ ولاَ لَه أصلٌ في النكرةِ يُكسرُ عليهِ؟

(3/42)


الرابع: ما يحذفُ في التحقير من بناتِ الثلاثةِ مِنَ الزيادات:
لأَنكَ لو كسرتَهُ للجمعِ حذفَتها تقولُ في مغتلم1: مُغَيلمٌ: كقولِكَ: مَغالمُ وإنْ شِئْتَ عوضْت فقلتَ: مُغَيليمٌ العوضُ هُنَا غيرُ لازمٍ لأَنَّ الزيادةَ لم تَقَعْ رابعةً وفي جوالقَ: جُوَيليقٌ إذا أردتَ التعويضَ وفي مُقدّمٍ ومؤخّرٍ: مقيدمٌ ومؤيخرٌ تحذفُ الدالُ ولا تحذفُ الميمُ لأَنَّ الميمَ دخلتْ أولًا لمعنىً وإن شئتَ عوضَت فقلتَ: مُقَيديمٌ ومُؤَيخيرٌ.
واعْلم: أنهُ لا يجوزُ أَنْ تقولَ: مُقَيدمٌ فتدعُ الدالُ على تَشديدِها لأَنهُ لا يكونُ الكلامُ مَقَادمُ2 مِنْ أَجلِ أَنهُ لا يجتمعُ ثلاثةُ أَحرفٍ مِنَ الأصولِ بعدَ أَلفِ الجمع وأَمَّا منطلقٌ فتقولُ فيهِ: مُطَيلقٌ ومُطَيليقٌ تحذفُ النونَ ولا تحذفُ الميمَ لأنَّها أَولٌ وتقولُ في: مُذَكّرٍ مُذَيكرٌ وكانَ الأصلُ مُذتكرًا فقلبتِ التاءُ ذالًا من أَجلِ الدالِ ثم أُدغمتِ الذالُ في الدالِ وهذا يبينُ في موضعهِ إن شَاءَ الله.
فإذَا حقرتَ حذفتَ الدالَ لأنَّها التاءُ في مفتعلٍ وظهرتِ الذالُ إذ لم
__________
1 مغتلم: يقال: جارية مغتلمة، والسلحفاة الذكر يقال غيلم.
2 في سيبويه 2/ 110، والمقادم والمآخر عربية.

(3/42)


يكن ما تدغمُ فيهِ وإنْ شئتَ عوضْت فقلتَ: مُذَيكيرٌ وكَذا مستمعُ تقولُ: مُسَيمعٌ ومُسَيميعٌ وتقولُ في مُزْدان1 مزيّنٌ ومُزَيينٌ لأَنَّ أصلَ مُزدانٍ مُزْتانٌ وهو مُفْتعلٌ مِنَ الزَّينِ فأبدلتِ التاء دالًا فلما صغرت حذفَتها لأَنها زائدةٌ في حَشْوِ الاسم وتقولُ: مُحْمَرٌّ مُحَيمرٌ ومُحَيميرٌ وفي: مَحمَارٍ مُحَيميرٌ لا بُدَّ مِنَ التعويضِ وإِنَّما ألزمتَها العوضَ لأَنَّ فيها إذا حذفتَ الرّاء ألفًا رابعةَ في محمَارّ. وتقولُ في حَمَارّةٍ: حُمَيرّةٌ جمعَ بينَ ساكنينٍ لأَنكَ لو كسرتَ قلتَ: حَمَارٌّ وفي جُبُنَّةٍ جُبَينَّةٌ لأَنَّكَ لو كسرت قلت: جَبَانٌ وقد قالوا: جُبْنَةٌ فخَففوا.
وتقولُ في مُغدودنٍ2: مُغَيدينٌ فتحذفُ الدال الثانية لأَنهُ مُفْعُوعلٌ فالعينُ الثانيةُ هي المكررةُ الزائدةُ هَذا القياسُ عندَ سيبويه3.
وإنْ حذفتَ الدالَ الأُولى فهوَ بمنزلةِ جُوَالق وتقولُ في خَفيددٍ4: خُفَيدِدٌ وخُفَيديدٌ وغَدَودنٌ مثلُ ذلكَ وقَطَوطَى: قَطَيطٌ وقَطَيطيٌّ
ومُقْعَنسسٌ تحذفُ النونُ وإحدى السينين فتقولُ: مُقَيعسُ ومُقَيعيسٌ وأَما مُعْلَوّطٌ فليسَ إلا: مُعَيليطٌ5، وعَفَنْجَجٌ6: عُفَيججٌ وعفُيجَيجٌ لأَنَّ النون بمنزلةِ واو غَدَودنٍ وياء خَفَيددٍ والجيمَ بمنزلةِ الدال وَعَطَوّدٌ7: عُطَيَّدٌ وعَطَيّيدٌ
__________
1 مزدان: من الزينة.
2 مغدودن: يقال: اغدودن النبت إذا طال واسترخى.
3 انظر: الكتاب 2/ 111.
4 خفيدد: السريع ومثله الخفيدد. والظليم الخفيف. والجمع: خفادد وخفيددات.
5 معلوط: يقال اعلوط الحصان: إذا تعلق بعنقه وعلاه.
لأنك إذا حقرت فحذفت إحدى الواوين بقيت واو رابعة وصارت الحروف خمسة أحرف والواو إذا كانت في هذه الصفة لم تحذف في التصغير كما لا تحذف في الكسر للجمع. وانظر الكتاب 2/ 112.
6 عفنجج: الضخم الأحمق. والناقة السريعة.
7 عطود: السير السريع. ومن الطرق: البين الواضح.

(3/43)


وإنّما ثقلتِ الواوُ الملحقةُ كما ثقلت باء عَدَبّسٍ1 ونُونُ عَجَنَّسٍ2 عِثْوَلٌ3: وعُثَيّلٌ لأَنَّهم يقولون: عَثَاولُ وعَثَاويلُ والواو ملحقةُ بمنزلةِ شينِ قِرْشِبٍّ4، واللامُ الزائدةُ بمنزلةِ الباءِ في قِرْشبٍّ فحذفتها كما حذفت الباءَ في: قَرَاشب وأثبتوا ما هو بمنزلةِ الشين وأَلَنْددٌ5 وَيَلندَدٌ واحدٌ تقولُ: أُلَيْدٌّ ولو سميتَ رجلًا بأَلْبَبَ لقلتَ: أُلَيْبٌّ. ترده إلى القياس لأَنَّ "أُلببًا" شَاذٌ كحَيوةٍ6 إذا حقرتَ حَيْوَة صَار مثل: حِذوةٍ7 وجميعُ هَذا قولُ سيبويه8 وإستبرقٌ: أُبيرقٌ وأُبَيريقٌ. وأَرَندجٌ9، وأُرَيدجٌ مثلُ أَلنددٍ. ولا تلحقُ الألفُ إلا بناتِ الثلاثةِ فتدعُ الزائدَ الأولَ وتحذفُ النونَ وذُرَحْرَحٌ10 ذُرَيرحُ لأَنَّ الراءَ والحاءَ ضُوعفا كما ضَوعفت دَالُ مَهْددٍ11: والدليلُ عَلى ذلكَ: ذُرّاحٌ وذُرَّوحٌ ومَنْ لغتهُ ذُرَحْرَحٌ يقولُ: ذَرَارِحٌ وقالوا: جُلَعلعُ12 وجَلاَلِعُ.
__________
1 عدبس: الشديد الموثق الخلق من الإبل وغيرها.
2 عجنس: الجمل الضخم، الصعب والصلب. والعجانس: الجعلان.
3 عثول: القدم المسترخي. الأحمق.
4 قرشب: الرجل المسن. والسيئ الحال. والضخم الطويل.
5 ألندد: بمعنى الدلو. ويقال: خصم ألندد، أي: خصيم.
إذا حذفت النون من ألندد.
6 أي: أن الواو بدل من ألف "حياة" وليست بلام الفعل.
7 حذوة: من اللحم كالحذية وهو ما قطع طولا. وقيل: هي القطعة الصغيرة.
8 انظر: الكتاب 2/ 112-113.
9 أرندج: بكسر أوله وفتحه- جلد أسود معرب "رندة".
10 ذرحرح: دويبة حمراء منقطة بسواد وهي من السموم.
11 مهدد: اسم امرأة.
12 جلعلع: من الإبل الحديد النفس. والقنفذ. والخنفساء. والضبع.

(3/44)


وزعمَ يونس: أَنَّهم يقولونَ: في صَمَحمحٌ1 صَمَامحُ2 فتقولُ عَلَى هَذا جُلَيلعٌ وإن شئتَ عوضَت فقلتُ: ذُرَيريحٌ وزَعَم [الخليل] 3: أَنَّ "مَرمَريسَ" من المراسةِ فضاعفوا الميمَ والدالَ في أوّلِهِ وتحقيرهُ: مُرَيريسٌ لأنَّ الياءَ تصيرُ رابعةً فصارتِ الميمُ أَولى بالحذفِ مِنَ الراءِ لأَنَّ الميمَ إذا حذفت تبينَ في التحقير أَن أَصلُهُ من الثلاثةِ كأنَّكَ حقرتَ "مرّاس" ومُسَرولٌ4 مُسَيريلٌ ليسَ إلا5، ومساجدُ اسمُ رجل مُسَيجدٌ تحقيرُ مَسْجدٍ6.
__________
1 صمحمح: الغليظ الشديد.
2 انظر: الكتاب 2/ 113.
3 زيادة من سيبويه 2/ 113.
4 مسرول: يقال للثور الوحش مسرول للسواد الذي في قوائمه، وحمامة مسرولة في رجليها ريش.
5 لأن الواو رابعة ولو كسرته للجمع لم تحذف. فكذلك لا تحذف في التصغير.
6 لأنه اسم لواحد ولم ترد أن تحقر جماعة المساجد.

(3/45)


الخامس: ما تحذفُ منهُ الزوائدُ مِن بناتِ الثلاثةِ:
مما أَوائله أَلفاتُ الوصلِ تقولُ في استضرابٍ تُضَيريبٌ حذفَت أَلفَ الوصلِ والسينَ لا بُدَّ من تحريكِ ما يليها ولم تحذف التاءَ لأَنهُ ليسَ في كلامِهم سِفْعَالْ وفيهِ التّجفافُ والتّبيانُ وتقولُ في افتقارٍ: فُتَيقيرٌ تحذفُ أَلفَ الوصلِ لتحركَ ما يَليها ولا تحذفُ التاءَ الزائدةَ إذا كانت ثانيةَ في بناتِ الثلاثةِ وكانَ الاسم عدةُ حروفِه خَمسةٌ رابعهنَّ حَرفُ لينٍ لم يحذفْ منهُ شَيءٌ في تكسيرِ الجمعِ ولا في تَصغيرٍ وإنمَا تحذفُ الزائدَ إذا زادَ على هذه العدةِ وخرجَ عن الوزنِ وانطلاقٌ قالَ سيبويه نُطَيليقٌ1، لأَنَّ الزيادةَ إذا كانت أَولًا في بناتِ الثلاثةِ وكانت على خمسةِ أحرفٍ فكانَ رابعهنَ
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 114.

(3/45)


حرفُ لينٍ لم يحذفُ منهُ شيءٌ في التصغير ولا في الجمع كتِجفافٍ تجافيفَ.
وقالَ أبو عثمان المازني: أقولُ في انطلاقٍ طُلَيقٌ طلُيَيقٌ لأَنَّه ليسَ في كلامِهم نِفْعَالٌ.
قالَ أبو بكر: والذي أَذهبُ إليهِ قولُ سيبويهِ لأَنهُ إِنّما يحذفُ الزائدُ ضرورةً فإذا قدرَ على إثباتِه كان أَولى لئلا يلبسَ بغيرهِ مما لا زائدَ فيهِ فأَمَّا استفعالٌ فَلم يجزْ أَن تثبتَ السينَ والتاءَ فيهِ لأَنهُ ستةُ أحرفٍ كانَ حذفُ السينِ أَولى لأَنَّها ساكنةٌ ولأَنَّها إِذا حذفتْ بقي مِنَ الاسم مِثالٌ تكونُ عليهِ الأسماءُ فكانَتْ أَولى بالحذفِ وليسَ يلزمنا متى حذَفنا زائدًا أن نبقَي الباقي عَلى مِثالٍ مَعروفٍ من الأسماءِ ولَو وجبَ هَذا لمَا جازَ أن تقولَ: في افتقار فَتيقيرٌ لأَنَّهُ ليسَ في الكلام "فَتعالٌ" ولا شيءَ مِنْ هَذا الضربِ وتقولُ في اشهِيبابٍ: شُهَيبيبٌ واغديدانٍ: غُدَيدينٌ تحذفُ الألفَ والياءَ.
واقعنساسٌ تحذفُ الألف والنونَ وحذفُ النونِ أولى مِنْ السينِ واعلوّاطٌ وعُلَييّطٌ تحذفُ الألفَ والوَاو الأُولى لأَنَّها بمنزلةِ الياءِ في اغديدانٍ والواوُ المتحركةُ بمنزلة ما هُوَ من نفسِ الحرفِ لأَنَّهُ أَلحقَ الثلاثةَ بالأربعةِ.

(3/46)


السادس: اسمٌ مِنَ الثلاثي:
فيهِ زائدتانِ تكونُ فيهِ بالخيارِ أيُّهما شئتَ حذفتَ تقولُ في قَلَنْسُوةٍ1: قُلَيسيَة وحَبَنْطَى2: حُبَيطٌ وحُبَينط لأَنها جميعًا دخلت للإِلحاق،
__________
1 وتقول: قلينسة أيضًا.
2 حبنطى: القصير الغليظ، العظيم البطن.

(3/46)


وكَوَأْللٌ: وهو القصيرُ زيادةً كُؤَيللٌ وكُؤَيليلُ وكُوئيلٌ وكُوَيئيلُ وفي حُبَارى1 حبيرى وحُبَيِّرٌ.
قالَ أَبو بكر: والذي أَختارهُ إذا كانت إحدى الزائدتينِ علامةَ لشيءٍ لم تحذفِ العلامةُ إلا أن يكونَ الزائدُ الآخرُ ملحقًا فإِن الملحقَ بمنزلةِ الأَصلي فأَرى أَن تُصغرُ حُبَيرى وتحذفَ الألفَ الأولى التي في حَشوِ الاسم وتترك أَلفُ التأنيث وكانَ أبو عمرو يقولُ: حُبَيرةٌ2، جعلُ الهاءَ بدلًا مِنْ أَلفْ التأنيثِ وألمَا علانيةٌ وثُمانيةٌ فأَحسنهُ عُلَينيةٌ وثُمَينيةٌ لأَنَّ الياءَ في آخرِ الاسم أبدًا بمنزلةِ ما هوَ مِن نفسِ الحرفِ لأَنها تلحِقُ بناءً ببناءٍ فياءُ "عُفارية3 وقُرَاسية"4/ بمنزلةِ راءِ عُذافرةٍ5، وقَد قَالَ بعضَهم: عُفَيرِةٌ وثُمينةٌ شبهَها بألفِ حُبَارى6، وكذلكَ صَحَارى وأشباهُ ذلكَ فإن سميتَ رجلًا بمَهارى وصَحارى قلتَ: مُهَيرٌ وصُحَيرٌ قالَ سيبويه: وهوَ أَحسنُ لأنَّ هذه الألفَ لم تجيء للتأنيثِ إنّما أرادوا: مُهاريٌّ وصَحاريٌّ فحذَفوا وأَبدلوا7 وعَفَرناةٌ8 وعَفَرني غُفَيرنٌ وعُفيريةٌ لأَنَّهما زيدتا للإِلحاق العِرَضني -ضَربٌ مِنَ السير-ِ عُرَيضنٌ لأَنَّ النونَ ملحقةٌ والألفُ للتأنيثِ فثباتُ الملحقِ أَولى وقَبائلُ اسمُ رَجُلٍ: قُبَيئلٌ وقَبَيئيلٌ إذا عوضت وطَرحُ الألفِ أولى مِنَ الهمزةِ لأَنَّها بمنزلةِ جيمِ مَسَاجدَ
__________
1 حبارى: طائر معروف على شكل الأوزة.
2 انظر: الكتاب 2/ 115.
3 عفارية: الخبيث المنكر- وبضم العين- الشديد.
4 قراسية: الضخم الشديد من الإبل.
5 عذافرة: الناقة الشديدة الأمنية الوثيقة الظهر، وهي الأمون.
6 انظر: الكتاب 2/ 116.
7 انظر: الكتاب 2/ 116.
8 وفيها لغة أخرى" عفير" و"عفيرنة" وانظر: الكتاب 2/ 116.

(3/47)


وهَمزةُ بُرَائلٍ1 وهذا قولُ الخليلِ2 وأَمَّا يونسُ فيقولُ: "قُبَيّلٌ" بحذفُ الهمزة3.
قالَ أبو بكر: فقولُ الخليلِ أحسنُ لأَنَّ حذفَ الساكنِ أَولى مِنْ حذفِ المتحركِ وبقاءُ الهمزةِ أدلُّ على المصغرِ وتقولُ في لُغَّيزَى: لُغَيغِيز تحذفُ الألفَ لأَنَّك لو حذفتَ الياءَ الرابعةَ لاحتجتَ إلى أَنْ تحذفَ الألفَ فتقولُ: لُغيغزٌ لأَنهُ يستوفي عدد الخمسة وكذلك اقْعِنساسُ: قُعَيسيسٌ تحذفُ النونَ وتتركُ الألفَ لأنك لو حذفتَ الألفَ لاحتجتَ إلى حذف النونِ فحذفُ ما يستغنى بحذفهِ وحدَه أولى مِنْ أن تخلّ بالاسم وياء لُغَّيزَى ليست بياءِ تَصغيرٍ لأَنَّ ياءَ التصغيرِ لا تكونُ رابعةً فهي بمنزلةِ الألفِ في خُضَّارى4 وتَصغيرُ خَضَّارى كتصغيرِ لُغَّيزَى.
وَبُركاءُ5 وجَلُولاءُ بُرَيكاءُ وجُلَيلاءُ ففرقوا بينَ هذهِ الألفِ التي للتأنيثِ وقبلَها أَلفٌ وبينَ الهاءِ التي للتأنيث لأَنَّ هذه لازمةٌ والهاءُ غير لازمة وتقولُ في: عِبْدّى عُبَيْدٌ تحذفُ الألفَ ولا تحذفُ الدال6، وفي مَعْلوجاء7 ومَعْيُوراء8: مُعَيليجاء ومُعَييراءُ تلزمُ العوضَ لأنَّ الواوَ رابعةٌ قالَ سيبويه: لَو جاءَ في الكلام فَعُولاءَ ممدوداَ لم تحذفِ الوَاو في
__________
1 برائل: ما استدار من ريش الطائر حول عنقه. وبراثل الأرض: عشبها.
2 انظر: الكتاب 2/ 117.
3 انظر: الكتاب 2/ 117.
4 خضارى: نبت.
5 بركاء: الثابت في الحرب، وابتكروا، جثوا للركب فاقتتلوا، وهي البروكاء.
6 لأن الدال ليست من حروف الزيادة، وإنما ألحقت الثلاثة ببنات الأربعة.
7 معلوجاء: جمع علج وهو الرجل من كفار العجم. أو حمار الوحش.
8 معيوراد: جمع عير وهو الحمار الوحشي.

(3/48)


قولِ مَنْ قالَ في أَسودٍ: أُسَيودٌ فأمّا من قال في سيد: أسيدٌ وفي جَدولٍ جُدَيّلٌ فإنهُ يلزمهُ أن يحذفَ فيقولُ: فُعَيلاءُ1، لأَنَّهُ غيرُ الحرفِ الملحقِ فصارَ بمنزلةِ الزائدِ في "بَرُكاءَ" ويحقرُ: ظَرِفينَ وظَرِيفاتٍ ظَرِيفونَ وظَرِيفاتٌ.
وقالَ سيبويه: سألتُ يونس عن تحقيرِ ثلاثينَ فقالَ: ثُليثونَ ولم يثقلْ شَبهوها بواوِ جَلْولاءَ لأَنَّ ثلاثًا لا تستعملُ مفردةً وهي بمنزلةِ عشرينَ لا تفردُ عِشرًا2. ولو سميتَ رَجلًا جِدَارين ثُمَ حقرتَ لقلتَ: جَدَيرينُ3 ولم تثقلْ لأنك لستَ تريدَ معنى التثنية فإِنْ أَردتْ معنى التثنيةِ ثقلتَ وكذلكَ لو سميتَهُ بدَجاجاتٍ وظَرِيفينَ ثقلتَ في التحقيرِ لأنَّ تحقيرَ ما كانَ من شيئين كتحقيرِ المضاف فدجاجةُ كدَرابَ جِردَ4 ودجاجتينِ كدَرابَ جِرْدينِ.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 118. وفيه ومن قال في أسود أسيد.
2 انظر: الكتاب 2/ 118. ونص الكتاب: لأن ثلاثين لا تستعمل مفردة على حد ما يفرد ظريف. وإنما ثلاثون بمنزلة عشرين لا يفرد ثلاث من ثلاثين كما لا يفرد العشر من عشرين.
3 في كتاب سيبويه 2/ 118، جديران "بالرفع".
4 درأب جرد: كدرة بفارس عمرها دراب بن فارس: معناه: دراب كرد. دراب اسم رجل، وكرد: معناه: عمل معرب بنقل الكاف إلى الجيم. انظر: معجم البلدان 2/ 446.

(3/49)


السابع: كُلُّ اسمٍ من بناتِ الثلاثةِ تثبتُ فيه زيادتهُ في التحقيرِ:
وذلكَ قولُكَ في تِجفافٍ1: تُجيفيفٌ وإصليتٌ: أُصَيليت2،
__________
1 تجفاف: آلة للحرب كالدرع.
2 أصليت: سيف أصليت: أي صقيل. ومن الرجال: الماضي العزيمة.

(3/49)


ويربوعٌ: يربيع لأَنَّها تثبتُ في الجمع وعَفريتٌ: عُفَيريتٌ ومَلكوتٌ: مُلَيكيتٌ لقولهم: مَلاكيتُ وكذلك: رَعْشُنٌ1 لقولَك: رَعَاشنٌ وَسَنْبَتَةٌ2 لقولِهم: سُنَابتٌ والدليلُ علَى زيادة التاءِ قولُهم: سَنْبةٌ وقَرْنوةٌ3 تصغرُ: قُرَينيةٌ لأَنَّك لو جمعتَ قلتَ: قَرانٌ وبَرْدَرايا4 وحوْلايا5، بُرَيدرٌ وحُويليٌ، لأنَّ الياء ليستْ للتأنيثِ وهي كياءِ دِرْحايةٍ6.
__________
1 رعشن: جبان. والسريع من الجمال والظلمات.
2 سنبتة: البرهة من الدهر. والتاء فيه للإلحاق.
3 قرنوة: نبت عريض الورق ينبت في الرمال.
4 بردرايا: موضع بالقرب من بغداد.
5 جولايا: اسم قرية من عمل النهروان.
6 درحاية: كثيرة اللحم.

(3/50)


الثامنُ: ما يحذفُ مِنْ زوائد بناتِ الأربعةِ كَما تحذفُها في الجمع:
تقولُ في قَمَحدوةٍ1 قُمَيحدةٌ لقولِهم: قَمَاحدُ وسُلحفاةٌ سُلَيحفةٌ لسلاَحفَ وفي مَنجنيقٍ مُجَينيقٌ لِمَجانيقَ وعنكبوتُ: عُنَيكبٌ وعُنَيكيبٌ لعَناكبَ وعَنَاكيبَ وتَخربوتُ2 تُخَيربٌ وتُخَيريبٌ تعوضُ وإن شئتَ فعلتَ ذلكَ بقَمحدوةٍ وسُلَحفاةٍ ونحوهما عَيْطَمُوس3: عُطَيْميسٌ لقولِهم: عَطَاميسُ وعَيْضَموز4: عَضَيميزٌ لأَنَّك لو كسرتَ
__________
1 قمحدوة: العظم الناتئ فوق القفا وأعلى القذال خلف الأذنين ومؤخر القذال.
2 تخربوت: الخيار الفارهة من النوق.
3 عيطموس التامة الخلق من الإبل، والنساء: المرأة الجميلة.
4 عضيموز: العجوزة الكبيرة.

(3/50)


قلتَ: عَضاميزُ وحَجَنفلٌ1 حُجَيفلٌ وحُجَيفيلٌ النونُ زائدةٌ وكذلك عَجَنَّسُ وعَدَبَّسُ ضاعفوا كَما ضاعفوا ميمَ مُحمّدِ وكذلكَ قِرشَبٌّ2، ضاعفوا الباءَ كما ضاعفوا دَالَ معَدٍّ وكَنهور3 لا تحذفُ واوهُ لأَنَّها رابعةُ فيما عدتهُ خمسةُ أحرفٍ وعَنْتَريسٌ عُتَيريسٌ والنونُ زَائدةٌ لأَنَّ العَتْرَسةَ الشدةُ والعَنتريسَ الشديدُ وخَنْشَليلٌ4 خُنَيشيلٌ تحذفُ إحدى اللامين زائدةٌ لأَنَّها زائدةٌ يدلُّكَ على ذلك5 التضعيف والنونُ من نفس الحرفِ حتَى يتبينَ لك سوى ذلك ومنجنونٌ6 مُنَيجِينٌ وطُمَأنينةٌ طُمَيئينةٌ تحذفُ إحدى النونين لأَنَّها زائدةٌ وفي قشعريرةٍ قُشَيعرةٌ وقِنْدَأَوٌ7 إنْ شئتَ حذفتَ الواو كما حذفَت ألفَ حَبَركى وإن شئتَ النونَ وإبراهيم بُرَيهيم وقَد غَلط في هذا سيبويه8 لأنَّه حذَفَ الهمزة فجلعَها زائدةً ومِنْ أصولهِ أنَّ الزوائدَ لا تلحقُ ذواتِ الأربعةِ مِنْ أوائِلها إلا الأسماءَ الجاريةَ على أَفعالِها ويلزمهُ أن يصغر إبراهيم: أُبيريةٌ ويصغِّر اسماعيلَ: سُمَيعيلٌ وقالَ: تحذفُ الألفُ حتَى تجيءَ عَلى مِثَالِ: فُعَيعيلٍ ومُجرفسٌ جُرَيفسٌ وجُرَيفيسٌ ولَو لم يحذِف الميم لم يجئ التحقيرُ على مِثَالِ: فُعَيعلٍ وفعيعيلٍ ومُقْشَعِرٌ ومُطْمَئنٌ تحذفُ الميمَ وأَحَد الحرفين المضاعفين
__________
1 جحنفل: الغليط الشفة، نونه ملحقة ببناء سفرجل.
2 قرشب: جمع قراشب، وهو المسن، والأكل. والأسد، والضخم الطويل.
3 كنهور: السحاب العظيم المتراكم.
4 خنشليل: البعير السريع، والضخم الشديد.
5 أي: حتى يجيء شاهد من لفظه فيه معنى يدلك على زيادتها، فلو كانت النون زائدة لكان من بنات الثلاثة.
6 منجنون: الدولاب الذي يسقى به.
7 قنداو: حال الرجل، حسنه أو قبيحه.
8 انظر: الكتاب 2/ 120.

(3/51)


فتقولُ: قُشَيعيرٌ وطُمَيْئين وخَورنقٌ مثل: فَدَوكسٍ1 وبَرْدَرايا بُرَيدرٌ تحذفُ الزوائدَ حتَى تصيرَ على مثالِ "فُعَيعلٍ" وإنْ عوضتَ قلتَ: بُرَيديرٌ وحُويَليٌّ لأَنَّ الياءَ فيهما ليستْ للتأنيثِ ولكنها بمنزلةِ ياء دِرْحايةٍ
__________
1 فدوكس: الرجل الشديد، الأسد.

(3/52)


التاسع: تحقيرُ ما أَولهُ أَلفُ الوصِل وفيهِ زيادةٌ مِنْ بناتِ الأربعةِ:
وذلكَ احرنجامٌ تقولُ: حُرَيجيمٌ تحذفُ الألفَ والنون حتى يصيرَ ما بقيَ علَى مثالِ: فُعَيعيلٍ ومثلهُ الاطمئنانُ والاسلنقاء.

(3/52)


العاشرُ: ما كُسِّر عليهِ الواحدُ للجمعِ:
كُلُّ بناءٍ لأَدنى العددِ فتحقيرهُ جائزٌ وهو علَى أربعةِ أَبنيةٍ: أَفْعُلٌ وأَفعالٌ وأَفْعلةٌ وفِعْلَةٌ وذلكَ قولُه في أَكلبٍ: أَكيلبٌ وفي أَجمالٍ: أُجَيْمالٌ وفي أَجربةٍ أُجَيربَةٌ وفي غِلْمَةٍ: غُليمةٌ وفي وُلَيدةٌ: وَلَيدةٌ فإنْ حقرتَ ما بنيَ للكثيرِ وددته إلى بناءِ أَقلِّ العددِ تقولُ في تصغيرِ: دُورٍ أُدَيرٌ تردُّءْ إلى أَدنى العددِ فإنْ لم تفعلْ تحقرها على الواحِدِ وأَلحقْ تاءَ الجمعِ فإنْ حقرتَ مَرَابدَ وقَنَاديلَ قلتَ: قُنَيديلاتٌ ومُرَيبداتٌ ودَراهمُ دُرَيهمات وفِتيانٌ وفُتَيَّة تردهُ إلى فِتيةٍ وإنْ شئتَ قلتُ: فُتَيَّونَ والواوُ والنونُ بمنزلة الألفِ والتاءِ وفُقراءُ فُقَيرونُ فإنْ كانَ الاسم قد كسِّر علَى واحدِه المستعملِ في الكلامِ فتحقيرهُ على واحدِه المستعملِ تقولُ في ظروفٍ جَمعُ ظريفٍ: ظُرَيفون وفي السُّمَحاءِ: سَمَيحونَ وفي شُعراءَ شُوَيعرونَ تردهُ إلى سَمَحٍ وظَريفٍ وشَاعرٍ فإِذَا جاءَ جمعٌ لم يستعملْ واحدهُ حقِّرَ على القياسِ نحو: عَبَاديد تقولُ: عُبَيديدونَ لأنَّهُ جمعُ

(3/52)


فُعْلولٍ أَو فِعْلالٍ أو فِعْليلٍ فكيفَ كانَ فهذَا تحقيرهُ. وزعمَ يونس: أَنَّ مِنَ العربِ مَنْ يقولُ: سُرَييلاتٌ في تصغيرِ سَراويلٍ يجمعهُ جمعاَ بمنزلةِ: دَخَاريضَ ودَخْرُضةٍ1 وتقولُ في جُلوسٍ وقُعودٍ: جُوَيلسونَ وقُويعدونَ فأَما ما كانَ اسمًا للجمعِ وليسَ من لفظٍ واحدٍ مكسرًا فإنّهُ يحقرُ على لفظهِ لأَنهُ اسم للجمعِ كالاسم الواحدِ وذلكَ نحو: قومٍ يحقرُ قُوَيمٌ ورَجُلٌ رُجَيلٌ لأَنهُ غير مُكسرٍ وكذلكَ النفرُ والرَّهط والنسوةُ والصحبةُ فإنْ كسرتَ شيئًا مِنْ هذا لأَدنى العددِ حقرتَهُ بعدَ التكسيرِ نحو: أَقوام أُقيامٌ وأَنفارٍ تقولُ: أُنَيفارٌ والأَراهطُ رُهَيطونَ.
قالَ أبو عثمان المازني: قالَ الأَصمعي: بنَاتُ رَهطٍ وأَرْاهطٍ وأَراهط فَعَلى هذا تقولُ: أُرَيهطٌ وأَما قولهُ:
"قَدْ شَرِبتُ الأَدُهَيْدَ هِينا2 ... "
فكأَنهُ حقَّر دَهادِه فردهُ إلى الواحدِ وأَدخلَ الياءَ والنونَ للضرورةِ كمَا يدخلُ في أرضينَ والدّهداه: حاشيةُ الإِبلِ وإذَا حقرتَ السنينَ قلتَ: سُنَيَّاتٌ لأَنكَ قد رددتَ ما ذهبَ وأَرضونَ أُرَيضاتٌ لأَنكَ قد غيرتَ البناءَ وإن كانَ اسمُ امرأةٍ قلتَ: أُرَيضونَ وكذلكَ سِنونَ لا تردُّ إلى الواحدِ لأَنكَ لا تريدُ جمعاَ تحقرهُ وإذا حقرتَ سَنينَ اسمَ امرأةٍ في قولِ
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 142.
2 من شواهد سيبويه 2/ 142 على تحقير الدهادة على "دهيد هينا" فرده إلى واحده وهو "دهداه" فقال: دهيده، ثم جمعة جمع السلامة لئلا يتغير بتاء التصغير وجمعه بالواو والنون تشبيها بأرضين وسنين، وهو صدر بيت عجزه:
قليصات وأبيكرينا.

(3/53)


مَنْ قالَ: سنينَ قلتَ: سُنَيّنٌ على قولِهِ في يَضَع: يُضَيّعٌ لا تحتاجُ إلى أَنْ تردَّ لأَنهُ على مِثالِ المصغراتِ مِنْ فَعَيلٍ وفَعَيعِلٍ فَمن قال: سِنُونَ، قالَ: سُنَيُّونَ فلم يكن بُدٌّ مِنَ الردِّ لأَنَّ الواوَ والنونَ ليستا من الاسم المصغرِ.
وقالَ سيبويه: تقولُ في أَفعَالٍ اسم رجلٍ أُفَيْعالٌ فرقوا بينها وبينَ إفْعالٍ1"
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 143.

(3/54)


تحقير الاسم المنقوص
...
الثالثُ: مِنَ القسمةِ الأُولى وهو الاسم المنقوصُ:
وهَو على سبعةِ أَضربٍ:
الأولُ: ما ذهبتْ فاؤهُ مِنْ بناتِ الحرفينِ. الثاني: ما ذهبتْ عينهُ
الثالثُ: ما ذهبتْ لامهُ. الرابع: ما ذهبتْ لامهُ وكانَ أَولهُ أَلفَ الوصلِ.
الخامسُ: ما كانَ فيهِ تاءُ التأنيثِ. السادسُ: ما حُذفَ منهُ ولا يردُّ في التحقيرِ السابعُ: الأَسماءُ المبهمةُ.
الأولُ: ما ذهبتْ فاؤهُ من بناتِ الحرفينِ:
مِنْ حقِّ هَذا البابِ أَن تردَّ الاسم فيه إلى أَصلهِ حتَى يصيرَ على مثالِ فُعَيلٍ نحو: عِدةٍ وَزِنة، تقولُ: وُعَيدةٌ وَوُزَينةٌ ووُشَيةٌ1.
ويجوز أُعَيدةٌ وأُشَيةٌ وَكُلٌ إذا سميتَ بهِ قلتَ: أُكَيلٌ وخُذْ أُخَيْذٌ.
__________
1 في شية.

(3/54)


الثاني: ما ذهبتْ عينهُ:
وذلكَ مُذْ، يدلُّكَ علَى ذهابِ العينِ مُنذُ وتحقيرُه مُنَيذٌ، وسَلْ هُو مِن سَأَلتُ وتحقيرهُ سُؤَيلٌ، ومَنْ قالَ: سَالَ يسالُ فَلَم يهمزْ قالَ: سُوَيلٌ، ويحقرُ سَهُ، سُتَيهةٌ1.
الثالثُ: ما ذهب لامهُ:
نَحو: دَم تقولُ: دُمَيٌّ يدلُّكَ عليهِ دِمَاءٌ ويَدٍ يُدَيةٌ يدلُّكَ عَليهِ أَيدٍ، وشَفَةٍ شُفَيهةٌ يدلُّكَ شِفاةٌ2، شَافهتُ وحِرٍ حُرَيحٌ يدلُّكَ أَحراحٌ ومَنْ قالَ في سَنَةٍ سَانيتٌ قالَ: سُنَيةٌ ومَنْ قالَ: سَانهتُ قالَ: سُنْيهةٌ ومنهم مَنْ يقولُ في عِضَةٍ عُضيهةٌ مِنَ العِضاه ومنهم مَنْ يقولُ عُضَيّةٌ مِنْ عَضَّيتُ3 وعلَى ذلكَ قالوا: عِضَواتٌ وتقول في فُلٍ: فُلَينٌ دليلهُ فلانٌ وَرُبُ مخففةٌ تحقيرُها رُبَيبٌ تدلُ رُبَّ الثقيلةُ عليهَما وكذلكَ بخٍ يدلُكَ عليهَا "بَخٍّ" الثقيلةُ. وكُلَّ هَذا يبنى إذا سمَى بهِ.
قالَ سيبويه: وأَظن قَطْ كذلكَ لأَنَّ معناهاَ انقطاعُ الأمرِ4 وفَمٌ فُوَيهٌ يدلُّ عليَهِ: أَفواهُ وَذِه ذُيَيّةٌ لو كانت امرأةً لأَنَّ الهاءَ في ذِه بدلٌ مِنْ ياءٍ فتذهبُ هذِه الهاءُ كما ذَهبتْ ميمُ "فمٍ" وإذَا خففتَ "إنَّ" ثم حقرتها رددتَ5، وأَما "إن" الجزاءِ "وأَنْ" التي تنصبُ الفعلَ و"إنِ" التي في معنى مَا و"إنْ" التي تُلغى في قولِكَ ما إنْ تفعلُ وعَنْ تقول: عُنَيُّ وأُنَيُّ وليسَ
__________
1 سه: الاست. محذوف منها موضع العين. ومن قال: است حذف موضع اللام.
2 أن لامه هاء وهي دليل أيضا على أن ما ذهب من شفة اللام.
3 انظر: الكتاب 2/ 122.
4 انظر: الكتاب 2/ 123.
5 أي: رددت التضعيف بقولك أنين.

(3/55)


على نقصانِها دليلٌ مَا هو فحملَ على الأكثرِ وهو الياءُ أَلا تَرى أَنَّ ابنًا واسمًا ويدًا وما أَشبه إنَّما نقصانهُ الياءُ وجميعُ هَذا قولُ سيبويه1.
الرابع: ما ذهبت لامهُ وكانتْ أَولهُ أَلفًا موصولةَ:
تقولُ في اسمٍ سُمَيٌّ ويدلُّ أَسماءُ2، وابنٍ بُنَيٌّ يدلُّ أَبناءٌ وأستٍ: سُتَيهةٌ ويدلُ أَستاهٌ.
الخامس: تحقيرُ ما كانَ مِنْ ذلكَ فيهِ تاءُ التأنيثِ:
اعلم: أَنهم يردونهُ إلى الأصلِ ويأتونَ بالهاءِ فيقولونَ في أُختٍ: أَخَيةٌ وفي بِنتٍ: بُنَيةٌ وذَيْتٍ: ذُيَيُّةٌ وهَنْتٍ: هُنَيةٌ ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ في "هَنْتٍ": هُنَيهةٌ يجعلُ الهاءَ بدلًا مِنَ التاءِ في "هنْتٍ" ولو سميتَ امرأةً: "بِضَرَبَتْ" ثُمَ حقرتَ لقلتَ: ضُرَيبةٌ تجعلُ الهاءَ بدلًا من التاءِ.
السادسُ: ما حذفَ منهُ ولا يردُّ في التحقيرِ ما حذفَ منهُ:
وذلكَ من قبلِ أَنَّ ما بقيَ منهُ لا يخرجُ عن أَمثلةِ التحقيرِ مِنْ ذلكَ مَيتٌ: مُيَيتٌ والأصلُ مَيّتٌ وهَارٍ: هُوَيرٌ والأَصلُ هَائرٌ.
وزعمَ يونس: أَنَّ ناسًا يقولونَ: هُوَيئرٌ فهؤلاءِ لم يحقروا هارًا وإنّما حقَروا هَائرًا كما قالوا: أُبَيَنونَ كأَنّهم حقروا أَبْنَى3 ومُرٍّ4 وَيُرِى إذَا سُميَ بهما مُرَيٌّ ويُرَىٌّ ولا يقاسُ علَى "هُويئَرٍ".
قالَ سيبويه: فأمَا يونس فحدثني أَنَّ أَبا عمرو كانَ يقول في: "يُرى".
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 123-124.
2 أي: أن أسماء تدل على أن ما ذهب من اسم اللام وأنها الواو أو الياء.
3 انظر: الكتاب 2/ 125.. كأنهم حقروا أبنى مثل أعمى.
4 في الأصل "يرى" وهو خطأ.

(3/56)


يريئيٌ يهمزُ ويجرُّ1 وهذَا ردهُ إلى الأصلِ وتصغيرُ يَضَعُ: يَضَيْعُ علَى مذهبِ سيبويه2، وكانَ أَبو عثمان يَرى الردَّ فيقولُ: يُوضَعٌ ومُرَئينٌ وهو أَجودُ عندُه لأَنها عينٌ ويقولُ في خَيرٍ مِنَكَ: خُييرٌ منكَ وشُترَيرٌ منكَ لا تردُّ الزيادةُ.
السابعُ: الأَسماءُ المبهمةُ:
اعلَم: أَنَّ التحقيرَ يضمُ أَوائلَ الأسماءَ غيرَ هذِه فإنَّ أَوائلَها تتركُ علَى حالِها تقول في هَذا: هذَيَّا وذاكَ ذَيّاكَ وأُلا أُلَيَّا وأَلحقوا هذه الألفَ الزائدةَ أواخرَها لتخالفَ أواخرَ غيرِها كما خالفتْ أَوائلَها قال3: هَذا قولُ الخليلِ.
قالَ سيبويه: قلتُ فَما بالُ ياءِ التصغيرِ فيهِ ثانيةً [قالَ] 4 هي في الأصلِ ثالثةٌ ولكنّهم حذفوا الياءَ حينَ اجتمعتِ الياءاتُ وإنّما حذفُوها من ذَييَّا فَأَما تَيّا فتحقيرُ تَا لأَنهم قد استعملوا "تَا" مفردةً ومَنْ مَدَّ أُلاءِ يقولُ أُليَّاء والذي تقولُ: "اللَّذَيَّا" والتي: اللتَيَّا وإذَا ثنيتَ أَو جمعتَ حذفتَ هذِه الألفاتِ تقولُ: اللَّذيّونَ واللتَياتُ والتثنيةُ اللَّذَيَّانِ واللَّتَيّانِ وذَيانِ ولا تحقرُ "مَنْ" ولاَ "أَي" إذا صارا بمنزلةِ الذي استغنى عنَهما بتحقيرِ "الذي" ولا تحقرُ اللاتي استغنوا عنَها باللَّتياتِ قالَ سيبويه: كما استغنوا بقولهِم: أَتَانا مُسَيّاناَ وعُشَيّانَا مِن تحقيرِ القَصْرِ في قولِهم: أَتى قَصْرًا وَهْوَ العَشِيّ5.
__________
1 يجر لأنها بمنزلة ياء قاض. وانظر: الكتاب 2/ 125.
2 انظر: الكتاب: 2/ 125
3 أي: سيبويه: انظر: الكتاب 2/ 139.
4 زيادة من سيبويه 2/ 139 لإيضاح المعنى.
5 انظر: الكتاب 2/ 139.

(3/57)


الأبوابُ المنفردةُ تسعةٌ:
الأولُ: تحقيرُ كُلِّ حرفٍ فيهِ بدلٌ. الثاني: تحقيرُ الأسماءِ التي يثبتُ الإِبدالٌ فيها. الثالث: تحقيرُ ما كانَ فيهِ قَلبٌ. الرابعُ: تحقيرُ كُلِّ اسمِ كانَ من شيئينِ ضُمَّ أَحدهما إلى الآخرِ. الخامسُ: ترخيمُ التصغيرِ السادسُ: ما جرى في الكلامِ مصغرًا. السابعُ: ما يحقرُ لدنوهِ من الشيءِ وليسَ مثَلهُ. الثامنُ: ما لا يحقرُ. التاسعُ: ما حُقرَ علَى غيرِ مكبره المستعمل.
الأولُ: تحقيرُ كُلِّ حَرفٍ كانَ فيهِ بَدلٌ:
تحذفُ البدلَ وتردهُ إلى الأصلِ تقولُ في ميزانٍ: مُوَيزينٌ ومِيقاتٍ: مُوَيقيتٌ وقِيلٍ: قُوَيلٌ وأَما عِيدٌ فتحقيرهُ عُيَيدٌ أَلزموهُ البدلَ لقولِهم أَعيادٌ وأَعيادٌ شاذٌّ وطَيٌّ طُوَيٌّ وطَيّانُ وَرَيَّانُ: رُوَيّانُ وطُوَيّانُ والأَصلُ: طَويتُ ورَويتُ وتقولُ في قِيٌّ قُويٌّ لأنهُ من القَواء يستدلُّ عليهِ بالمعنى ومُوقنٌ مُيَيقنٌ ومُوسرٌ مُيَيسرٌ وعَطاءٌ وقَضاءٌ عَطَيٌّ وقَضَيٌّ الصِّلاءُ صُلَيٌّ وكذلكَ صَلاءةٌ وأَما أَلاءةٌ1. وأَشاءةٌ فأُلَيّئةٌ وأُشَيّئةٌ لأَنَّ هذهِ الهمزةَ ليست مبدلةً ولو كانتْ مبدلةً لجاءَ فيها أَلايةٌ كمَا كانَ في عباءة عَبايةٌ وفي صَلاءةٍ: صَلايةٌ وإذَا لم يكنْ شاهدٌ فهو عندَهم مهموزٌ فأَمّا النَّبيُّ فَقَد اختلفتِ العربُ فيهِ فَمن قالَ: النُبَآءُ قالَ: نُبَييءُ تقديرُها: نُبَيّعٌ ومَنْ قالَ: أَنبِياءُ قالَ: نُبَيٌّ وأَما النُّبوَةُ فَعلى القياسِ نُبَيئِةٌ وليسَ مِنَ العربِ أَحدٌ إلا وهوَ يقولُ: تَنَبّأَ مُسيلمةُ وهوَ من "أَنبأتُ" وأَما الشاءُ فالعربُ تقولُ فيهِ: شُوَيٌّ وفي شَاةٍ شُوَيهةٌ وقِيراطٌ: قُرَيريطٌ وديِنارٌ: دُنَينيرٌ وَدِيباجُ2:
__________
1 أضفت "واوًا" لإيضاح المعنى.
2 ديباج: وهو ثياب. وأصله فارسي.

(3/58)


دَبَابيجُ وَدُبَيْبِيجٌ ودِيْماسٌ1 فيمَن قالَ: دَمَاميسْ وأَمَّا مَنْ قَالَ: دَيَاميسُ ودَيَابيجُ فهيَ عندَهُ ملحقةٌ كواوِ جِلْواخٍ2 وياءِ جِريالٍ3.
ولو سميتَ رجلًا: ذَوَائبَ لقلتَ ذُؤَيئبُ تقديرُها: فُعَيعلٌ لأَنَ الواوَ بدلٌ مِنَ الهمزةِ التي في ذُؤابةٍ.
الثاني: تحقيرُ الأسماءِ التي يثبتُ الإِبدالُ فيها:
وذلكَ إذا كانت أَبدالًا مِنَ الياءاتِ والواواتِ التي هي عيناتٌ نحو: قَائمٍ قويئِمٌ وبائعٍ بُوَيئِعٌ لثباتِها في قائمٍ وَبائعٍ وكذلكَ أَدؤرٌ تثبتُ الهمزةُ في التصغيرِ والجمعِ وأَوائلُ اسمِ رجلٍ تثبتُ الهمزةُ لأَنَّ الدليلَ لو كانَ أَفاعِلَ لثبتتِ الهمزةُ في الجمعِ والنَّؤُور4 والسُّؤورُ لأنَّ هذهِ كلهَا ليستْ منتهى الاسم لأنهم لا يبدلونَ من اللاماتِ إذا كانت منتهى الاسم أَلا تراهم قالوا: فعلوةٌ وكذلكَ فَعَائلُ لأَنهُ مثلُ قائِلٍ: ولو كانتْ فُعَائل ثم كسرتَهُ للجمعِ لثبتَتْ وتاءُ تُخمةٍ وتَاء تُراثٍ وتاء تُدَعةٍ يثبتنَ5 لأَنهن بمنزلةٍِ الهمزةِ التي تُبدلُ مِنْ واوٍ نحو أَلفٍ أُرْقَة وأَلفِ أُدَدٍ وإنَّما أَددٌ مِنَ الودِّ والعربُ تصرفُ أُدَدًا جعَلُوهُ بمنزلةِ ثُقَبٍ ولَم يجعلْوهُ مِثْلَ عُمَرَ ويقولونَ: تميمُ بن أُدٍّ وَودٍّ جميعًا.
ومُتَّلجٌ ومُتَّهم ومُتَّخمٌ التاءُ هَهُنَا بمنزلتِها في أولِ الحرفِ لأَنكَ تقولُ: اتلجتُ واتّلجَ واتَّخَم وكذلكَ في تَقوى وتَقيّة وتُقاةٍ وقالوا في التُّكأَةِ اتكأَتهُ وهُما يُتكئانِ فهذِه التاءُ قَويةٌ يصرفونَها ومُتّعدٌ ومُتّزنٌ لا تحذفُ التاءُ منهما وإنّما جاؤوا بها كراهيةَ الواوِ والضمةِ
__________
1 ديماس: الحمام. والكن. السرب.
2 جلواخ: الوادي العظيم، الممتلئ الواسع.
3 جريال: صبغ أحمر، وحمرة الذهب، وسلافة العصفر، والخمر ولونها.
4 النؤور: من معانيه: دخان الشحم.
5 تدْعة، وتدَعة: الراحة.

(3/59)


التي قبلَها وإنْ شئتَ قلتَ: مُوتعدٌ ومُوتَزنٌ كما تقولُ: أَدْؤر لو ثنيتَ فلا تهمزُ.
الثالثُ: تحقيرُ ما كانَ فيهِ قلبٌ يَردٌّ ما قلبَ منهُ إلى الأصلِ:
فتقول في لاثٍ: لُوَيثٌ لأَنَّ أَصلَ لاثٍ: لائِثٌ وشِاكٍ شُوَيك لأَنَّ الأصلَ شَائكٌ وكذلكَ مُطَمئنٌ إنما هو من "طَأمنتُ" فتقولُ مُطَيئمنُ وقسيٌّ الأصلُ: قُوُوسٌ وأَينُقٌ إنَّما هو أَنوٌق ومنهُ قولُهم: أَكرهُ مَسائيتَكَ وإنَما جمعتَ المسَاءةَ وسَاءَةٌ مَفْعَلَةٌ مِنْ يسوءُ فكانَ أَصلهُ مُساوئةً الواوُ قبلَ الهمزةِ فلما قلبَ صارتِ الهمزةُ قبلَ الواوِ. وقُلبتْ ياءً فصارتْ مسَائيةً ومِنْ ذلكَ: قَدْ راءهُ مثلُ رَاعَهُ وإنَّما الأصلُ رآهُ مثلُ رَعاهُ.
الرابعُ: تحقيرُ كُلُّ اسمٍ كانَ من شيئينِ ضُمَّ أَحدهُما إلى الآخرِ فَجُعلا بمنزلةِ اسم واحد:
زعمَ الخليلُ: أَنَّ التصغيرَ إنّما يكونُ في الصدرِ الأول تقولُ في حضَرموتَ: حُضَيرموتٌ وبَعلبك: بُعَيلبك1، وخمسَةَ عَشَر: خُمَيسة2 عَشَر وأما اثَنا عَشَرَ فتقول: ثُنَيّا عَشَر فَعَشر بمنزلةِ نونِ اثنينِ.
الخامسُ: الترخيمُ في التصغير:
كُلُّ زائدٍ من بناتِ الثلاثة يجوزُ حذفُه في التصغيرِ حتى يصيرَ على مثال فُعيلٍ فتقولُ في حارثٍ: حُرَيثُ وخَالد: خُلَيدٌ وأَسودَ: سُوَيدٌ وغلابٍ اسمُ امرأةٍ: غُلَيبةٌ.
__________
1 بعلبك: بلدة بلبنان في منطقة البقاع الحالية مشهورة بآثارها العتيقة.
2 انظر: الكتاب 2/ 134.

(3/60)


وزعمَ الخليل: أَنهُ يجوزُ في صَنَفْندَدٍ1: صُنفَيدٌ وفي خَفيددٍ: خُفَيدٌ وفي مَقْعَنسسٍ: قُعَيسٌ2 وبناتُ الأربعةِ في الترخيمِ بمنزلةِ بناتِ الثلاثةِ تحذفُ الزوائدَ حتَى يصيرَ على مِثَالِ "فُعَيعلٍ" ولا فَرقَ في بناتِ الأَربعةِ بينَ تصغيرِ الترخيمِ وغيرِه إلا أَنَّ ياءَ التعويضِ لا تقعُ فيهِ وحكى سيبويه أَحسبهُ عَنِ الخليلِ: أَنهُ سمعَ في إبراهيمَ وإسماعيلَ: سُمِيعٌ وبُرَيةٌ3.
قال أبو العباس4: القياسُ أَبيرةٌ وأُسَيمعٌ لأَنَّ الألفَ لا تدخلُ على بَناتِ الأربعةِ.
السادسُ: ما جَرى في الكلامِ مصغرًا فقط:
وذلكَ جُمَيلٌ وَهو طائرُ في صورةِ العُصفورِ وكُعَيثٌ وهَو البلبلُ قالَ سيبويه: سألتُ الخليلَ عن كُمَيتٍ فقالَ: إنّما صُغرَ لأَنهُ بينَ السوادِ والحمرةِ5 وأَما سَكيتٌ فهو ترخيمٌ: سُكَّيْتٍ وهوَ الذي يجيءَ آخرَ الخيل.
السابعُ: ما يحقرُ لدنوهِ مَنَ الشيءِ وليسَ مثلهُ:
وذلكَ أُصَيغرُ منهُ وهُو دُوَينُ ذاكَ وفُوَيقُ ذاكَ ومِنْ ذلكَ: أُسَيدٌ أَي قَدْ قاربَ السوادَ وأَما قولَ العرب: وهو مُثَيلُ هَذا وأُمَيثالٌ فإنّما
__________
1 صنفندد: امرأة صنفندد: رخوة إذا كان مع الحمق في الرجل كثرة لحم.
2 انظر: الكتاب 2/ 134.
3 انظر: الكتاب 2/ 134 ولم يذكر سيبويه أنه أخذه عن الخليل.
4 أي: المبرد.
5 انظر: الكتاب 2/ 134 وإنما حقروه لأنها بين السواد والحمرة ولم يخلص أن يقال له أسود ولا أحمر وهو منهما قريب. وإنما هو قولك: هو دوين ذلك.

(3/61)


يريدونَ: أَن يخبروا: أَن المشبهَ حقيرٌ كما أَنّ المشبهَ بهِ1 حقيرٌ وقولُهم: ما أُمَيلحهُ يعنونَ بهِ الموصوفَ بالملاحةِ ولم يحقرَ مَنَ الأفعالِ شيءٌ مِنْ غير هَذا الموضع2.
الثامنُ: ما لا يحقرُ:
كُلُّ اسمْ معرفةٍ عَلَم لا ثانيَ لَهُ فلاَ يجوزُ تحقيرهُ لأَنهُ إنّما يكونُ3 فعلاماتُ الإِضمارِ لا تحقرُ لذلكَ ولا يحقرُ أَينَ ولا مَتَى ولا حيثُ ونحوهن لبعدِها من التمكنِ وأَنّها لا تُثنى وكذلكَ: مَنْ وَمَا وأَيهّم ولا تحقرُ "غَيرُ" لأَنَّها غَيرُ مَحدودةٍ وسِواكَ كذلكَ فأَمّا: اليومُ والليلةُ والشهرُ والسنةُ والساعةُ فيحقرنَ وأَمسِ وغدٌ لا تحقرانِ استغنوا عن تحقيرِهما بما هُو أَشد تمكنًا وهو اليومُ والليلةُ والساعةُ وكذلكَ أَولُ مِنْ أمسِ والثلاثاءُ والأربعاءُ والبارحةُ لَمَا ذكرنا ولا يحقرُ الاسم إذَا كانَ بمعنى الفعلِ نحو هو ضويرب زيدًا وإنْ كان ضَاربَ زيدٍ لِمَا مضَى فتحقيرهُ جيدٌ ولا تحقرُ "عندَ" وكذلكَ عَنْ ومَعَ.
التاسعُ: ما يُحقرُ علَى غيرِ بناءِ مكبرهِ:
والمستعملُ من ذلكَ: مَغربُ الشمسِ مُغَيربانُ والعَشِيّ عُشَيانٌ قال4: وسمعنَا مَنْ يقولُ في عَشيةٍ: عُشَيشيةٌ كأَنهم حقَّروا مَغْرِبانَ وعَشيانٌ وعَشَاةٌ قال: وسألتُ الخليلَ عن قولِهم: آتيكَ أُصيلالًا؟ فقالَ: إنَما هُو أُصَيلانٌ أَبدلوا اللامَ منها وتصديقهُ قولُهم: آتيكَ أُصَيلانا5.
__________
1 انظر الكتاب 2/ 135.
2 انظر الكتاب 2/ 135.
3 في الأصل مطموس. مقداره خمس كلمات.
4 أي؛ سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 137.
5 انظر: الكتاب 2/ 137.

(3/62)


قالَ سيبويه: وسألتهُ عِنْ قَولِ بعضِهم: آتيكَ عُشَيّاناتٍ. ومُغَيرباناتٍ؟ فقالَ: جعلوا ذلكَ الحينَ أَجزاء1 ومثلُ ذلكَ قولُهم: المفَارِقُ في مَفْرقٍ جَعَلَ كُلَّ موضعٍ مَفْرِقًا ومِنْ ذلكَ قِيلَ للبعيرِ ذو عَثَانينَ وأما غُدوةٌ فتحقيرُها: غُدَيةٌ وسَحَرٌ: سُحَيرٌ وضُحىً: ضُحَياّ.
واعلمْ: أَنَّ جميعَ هذهِ الأشياء ليست تحقيرُ الحينِ وإنّما يريدُ أَنْ يقربَ وقتًا من وقتٍ وكذلكَ المكانُ تقولُ: قُبَيلَ وبُعَيدَ وجميعُ هَذَا إذا سميتَ بهِ حقرتَهُ علَى القياسِ ومَمَا جاءَ على غيرِ مكبرهِ إنسانٌ: أُنَيسيانٌ وبنون: أُبَينُونَ: ورَجُلٌ: رُوَيجلٌ وصِبْيةٌ: وأُصَيبيةٌ وغِلْمةٌ: واُغَيلِمةٌ ومنهم مَنْ يجيءُ بهِ علَى القياسِ فيقولُ: صُبَيَّةٌ وغُلَيمةٌ.
__________
1 انظر: الكتاب 2/ 137.

(3/63)