الفصول المفيدة في الواو المزيدة 3 - فصل مَتى تكون الْوَاو أَصْلِيَّة
وَمَتى تكون زَائِدَة
إِذا كَانَ مَعَ الْوَاو حرفان فَقَط قضي عَلَيْهَا بِالْأَصَالَةِ
إِذْ لَا بُد فِي الْكَلِمَة من ثَلَاثَة أحرف وَتَقَع حِينَئِذٍ فَاء
وعينا ولاما نَحْو وعد وَمَوْت ودلو
وَإِن كَانَ مَعهَا أَزِيد من حرفين فإمَّا أَن يكون مَعهَا ثَلَاثَة
أحرف مَقْطُوع بأصالتها أَو حرفان مَقْطُوع بأصالتهما وَمَا عداهما
مَقْطُوع بِزِيَادَتِهِ أَو يكون مَا عداهما مُحْتملا للأصالة
وَالزِّيَادَة
فَإِن كَانَ مَعهَا ثَلَاثَة أحرف فَصَاعِدا مَقْطُوع بأصالتها قضيت
على الْوَاو بِأَنَّهَا مزيدة لِأَنَّهَا لَا تكون أصلا فِي بَنَات
الْخَمْسَة وَلَا بَنَات الْأَرْبَعَة إِلَّا فِي المضاعف نَحْو قوقيت
وضوضيت فَإِن الْوَاو فِيهِ أصل لقَوْل الْعَرَب
(1/43)
ضوضاء وغوغاء وَلَا يقْضِي لَهَا
بِالْأَصَالَةِ إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على ذَلِك كَمَا تقدم فِي ورنتل
وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا اسْم بَلْدَة
وَإِن كَانَ مَعهَا حرفان مَقْطُوع بأصالتهما وَمَا عداهما مَقْطُوع
بِزِيَادَتِهِ قضيت للواو بِالْأَصَالَةِ إِذْ لَا بُد من ثَلَاثَة
أحرف كَمَا فِي وَاعد ووافد وشبههما
وَإِن كَانَ مَا عداهما مُحْتملا للأصالة وَالزِّيَادَة فَلَا يَخْلُو
إِمَّا أَن يكون الْمِيم أَو الْهمزَة أَولا أَو غير ذَلِك من حُرُوف
الزِّيَادَة فَإِن كَانَت الْمِيم أَولا أَو الْهمزَة كَذَلِك قضيت
عَلَيْهِمَا بِالزِّيَادَةِ وعَلى الْوَاو بِالْأَصَالَةِ لِكَثْرَة
زِيَادَة الْهمزَة وَالْمِيم فِي أول الْكَلِمَة إِلَّا أَن يقوم
دَلِيل على أَصَالَة الْهمزَة من اشتقاق أَو تصريف أَو غير ذَلِك
فَيقْضى على الْوَاو بِالزِّيَادَةِ كَمَا قيل فِي أولق وَهُوَ
الْجُنُون قَالَه جمَاعَة
(1/44)
وَقَالَ ابْن سيدة الأولق الأحمق وَالْأول
أصح لقَوْل الشَّاعِر
(ألم بهَا من طائف الْجِنّ أولق)
قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي يحْتَمل أولق من الْوَزْن ضَرْبَيْنِ
أَحدهمَا أَن يكون فوعل وهمزته أصل من قَوْلهم تألق الْبَرْق وَالْآخر
أَنه أفعل وهمزته زَائِدَة من قَوْلهم ولق يلق إِذا أسْرع لِأَن ذَا
الْجُنُون يُوصف بالسرعة
وَرجح ابْن عُصْفُور وَغَيره القَوْل الأول بِدَلِيل قَوْلهم مألوق
وَلَو كَانَت الْوَاو أَصْلِيَّة لقالوا مولوق وَلَا يُقَال تقدر
الْهمزَة فِي مألوق بَدَلا من الْوَاو لِأَن مثل هَذِه الْوَاو لَا
تقلب همزَة وَإِن قلبت فَلَا تستمر فِي تصاريف الْكَلِمَة
(1/45)
وَيُمكن الْجَواب عَن ذَلِك بِأَنَّهُ
إِنَّمَا قلبت الْوَاو همزَة عِنْدَمَا بني للْمَفْعُول وَأَصله ولق
فقلبت حِينَئِذٍ الْوَاو همزَة قِيَاسا مطردا لانضمامها ثمَّ أجريت
الْهمزَة مجْرى الْأَصْلِيَّة فالتزموها فِي تصاريف الْكَلِمَة كَمَا
فِي عيد وأعياد فَإِن يَاء عيد منقلبة عَن وَاو لِأَنَّهُ من عَاد يعود
ثمَّ التزموها فِي الْجمع فَقَالُوا أعياد وَكَذَلِكَ أرياح وَكَانَ
قِيَاسه أَرْوَاح وأعواد فَكَذَلِك قاولوا مألوق وَالْقَوْلَان محتملان
وَأما إِذا كَانَ مَعَ الْوَاو والحرفين الأصليين غير الْمِيم والهمزة
من حُرُوف الزِّيَادَة وَهُوَ مُحْتَمل لِأَن يكون أَصْلِيًّا وَأَن
يكون زَائِدا فَإِنَّهُ يقْضى على الْوَاو بِالزِّيَادَةِ لِكَثْرَة
مجيئها زَائِدَة وعَلى ذَلِك الْغَيْر بِالْأَصَالَةِ إِلَّا أَن يقوم
دَلِيل على أَصَالَة الْوَاو نَحْو عزويت وَهُوَ اسْم بلد فَإِن
الْوَاو فِيهِ أصل وَالْيَاء وَالتَّاء زائدتان ووزنه فعليت ك عفريت
لِأَنَّهُ من العفر
(1/46)
وَبَيَان ذَلِك أَنه لَا يجوز أَن تكون
الْيَاء من عزويت أصلا أَيْضا مَعَ الْوَاو لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون
الْوَاو أصلا مَعَ بَنَات الْأَرْبَعَة وَقد تقدم أَنه غير جَائِز
وَلَا أَن تكون التَّاء أصلا مَعَ الْوَاو وَيكون وَزنه فعليلا لما
ذكرنَا أَيْضا وَلَا أَن تكون الْوَاو وَالْيَاء زائدتين وَالتَّاء
أَصْلِيَّة لِأَنَّهُ يصير وَزنه فعويلا وَهُوَ بِنَاء غير مَعْرُوف
فَلَا يحمل عَلَيْهِ فَتعين أَن تكون الْوَاو أَصْلِيَّة وَالْيَاء
وَالتَّاء زائدتين كَمَا فِي عفريت وَالله أعلم
(1/47)
4 - فصل مواقع زِيَادَة الْوَاو
تقرر أَن الْوَاو لَا تزاد أَولا وَإِنَّمَا تقع مزيدة بعد ذَلِك
فَتكون ثَانِيَة كَمَا فِي جَوْهَر وكوثر وعوسج إِلْحَاقًا لَهَا
بِجَعْفَر وأصل جَوْهَر من الجهارة وَهِي الْحسن والزينة قَالَ
الشَّاعِر
(وَأرى الْبيَاض على النِّسَاء جهارة)
(1/48)
وَأَصله من الْجَهْر وَهُوَ إِظْهَار
الشَّيْء
وَأما كوثر فَهُوَ من الْكَثْرَة قَالَ الشَّاعِر
(وَأَنت كثير يَابْنَ مَرْوَان طيب ... وَكَانَ أَبوك ابْن العقائل
كوثرا)
وَأما العوسج فَهُوَ شجر لَهُ شوك وجناه أَحْمَر وقضوا على واوه
بِأَنَّهَا مزيدة وَكَأن أَصله مَعَ العسج وَهُوَ مد الْعُنُق فِي
الْمَشْي فَكَأَن الْإِبِل تمد أعناقها إِلَى هَذَا الشّجر عِنْدَمَا
تَأْكُل مِنْهُ فَقيل فِيهِ عوسج وَيحْتَمل أَن يكون الْقَضَاء على
واوه بِالزِّيَادَةِ بِنَاء على الْقَاعِدَة الْمُتَقَدّمَة أَنه إِذا
كَانَ مَعَ الْوَاو ثَلَاثَة أحرف أصُول فَهِيَ مزيدة وَإِن لم يكن
مأخوذا من العسج
وتزاد الْوَاو ثَالِثَة كَمَا فِي جهور وقسور وقرواح ودهور أما جهور
فَهُوَ من الْجَهْر كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ قسور من القسر وَهُوَ
الْقَهْر وقرواح من القراح وَهُوَ الْموضع الَّذِي لَا شجر فِيهِ
(1/49)
وَيُقَال دهور الرجل اللُّقْمَة يدهورها
إِذا كبرها وَالْوَاو فِيهِ مزيدة بِنَاء على الْقَاعِدَة
الْمَذْكُورَة أَيْضا
وَكَذَلِكَ تزاد ثَالِثَة فِي عَجُوز وعمود وَنَحْوهمَا وَوَجهه ظَاهر
وتزاد رَابِعَة فِي نَحْو ترقوة وعرقوة وعنفوان
فالترقوة الْعظم الَّذِي بَين ثغرة النَّحْر والعاتق وَالتَّاء فِيهِ
أَصْلِيَّة قَالَ الْجَوْهَرِي حكى أَبُو يُوسُف ترقيت الرجل ترقاة
إِذا أصبت ترقوته وَالْألف فِيهَا إلحاقية كَمَا فِي سلقيت
والعرقوة الصَّلِيب الَّذِي يكون فِي الدَّلْو يشد بِهِ الْحَبل
وَالْوَاو فِيهَا مزيدة لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنَّهَا مَعَ ثَلَاثَة
أصُول كَمَا تقدم وَالثَّانِي لَو كَانَت أصلا لكَانَتْ على فعللة
وَلَا نَظِير لَهُ
وَأما عنفوان وَهُوَ الشَّبَاب فالواو فِيهِ مزِيد ة لِأَنَّهُ من
العنف إِذْ لَا بُد فِي الشَّبَاب من العنف وإيضا فَلَيْسَ فِي
كَلَامهم فعللان فَحكم بِالزِّيَادَةِ
(1/50)
وتزاد الْوَاو خَامِسَة فِي مثل قلنسوة
وقمحدوة وَهِي أَعلَى الرَّأْس وَدَلِيل زيادتها مَعَ مَا تقدم من
الْقَاعِدَة أَنه لَيْسَ فِي كَلَامهم فعنللة وَلَا فعللة
وَكَذَلِكَ هِيَ أَيْضا زَائِدَة فِي عضرفوط لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي
كَلَامهم سداسي حُرُوفه كلهَا أصُول
وَالله أعلم
(1/51)
|