اللمع في العربية

ترخيم الْمُضَاف ومشابهه

وَاعْلَم أَنَّك لَا ترخم مُضَافا وَلَا مشابها للمضاف من أجل طوله وَلَا جَمِيع مَا كَانَ معربا فِي النداء لِأَنَّهُ لم يكن مَبْنِيا على الضَّم فيتسلط عَلَيْهِ الْحَذف

(1/117)


ترخيم أَمْثِلَة مُخْتَلفَة

وَتقول فِي ترخيم كروان يَا كرو أقبل وَمن قَالَ يَا حَار قَالَ يَا كرا أقبل يقلب الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَكَذَلِكَ الْيَاء فِي نَحْو صميان وَتقول فِي ترخيم ترقوة وعرقوة يَا ترقو وَيَا عرقو وَمن قَالَ 30 ظ يَا حَار قَالَ يَا ترقي وَيَا عرقي يقلب الْوَاو يَاء والضمة قبلهَا كسرة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم فِي آخِره وَاو قبلهَا ضمة وَمثله قَوْلهم دلو وأدل وحقو وأحق وَالْأَصْل أدلو وأحقو فَفعل بهما من الْقلب والتغيير مَا ذكرت
وَتقول فِي ترخيم شقاوة وغباية يَا شقاوَ وَيَا غبايَ وَمن قَالَ يَا حَار قَالَ يَا شقاءُ وَيَا غباءُ أبدل

(1/118)


الْوَاو وَالْيَاء همزَة لوقوعها طرفا بعد ألف زَائِدَة
فَإِن سميت رجلا ب حبليان تَثْنِيَة حُبْلَى قلت على يَا حَار يَا حبلي أقبل تحذف الْألف وَالنُّون وَتَدَع الْيَاء مَفْتُوحَة بِحَالِهَا وَمن قَالَ يَا حَار لم يجز على قَوْله ترخيم حبليان لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء ألفا فَتَقول يَا حبلا وَهَذَا فَاسد لِأَن ألف فعلى لَا تكون أبدا منقلبة إِنَّمَا هِيَ أبدا زَائِدَة فعلى هَذَا فقس فَإِن فِي الْمسَائِل طولا

(1/119)


بَاب الندبة
اعْلَم أَن الندبة إِنَّمَا وَقعت فِي الْكَلَام تفجعاً على الْمَنْدُوب وإعلاماً من النادب أَنه قد وَقع فِي أَمر عَظِيم وخطب جسيم وَأكْثر من يتَكَلَّم بهَا النِّسَاء وعلامتها يَا ووَا لَا بُد من أَحدهمَا
وتزيد ألفا فِي آخر الِاسْم 31 وفَإِذا وقفت ألحقتها هَاء وَإِذا وصلت حذفت الْهَاء وَإِن شِئْت لم تلْحق الْألف تَقول وَا زيدُ وَا عَمْرو وَإِن شِئْت تلْحق الْهَاء فِي الَّذِي تقف عَلَيْهِ وَذَلِكَ قَوْلك وَا زيدا وَا عمراه
وَاعْلَم أَنَّك لَا تندب إِلَّا بأشهر أَسمَاء الْمَنْدُوب ليَكُون ذَلِك عذرا لَك فِي تفجعك عَلَيْهِ وَلَا تندب نكرَة وَلَا مُبْهما لَا تَقول

(1/120)


وَا رِجْلَاهُ وَلَا تَقول وَا هذاه وَلَا وَا تلكاه وَكَذَلِكَ لَا تَقول وَا من لَا يعنيني أمرهوه لما قدمنَا وَلَكِن تَقول وَا من حفر بِئْر زمزماه لِأَنَّهُ مَعْرُوف
وَإِذا ندبت الْمُضَاف أوقعت الْمدَّة على آخر الْمُضَاف إِلَيْهِ تَقول وَا عبد الملكاه ووَا أَبَا الحسناه
وَاعْلَم أَن ألف الندبة تفتح أبدا مَا قبلهَا كَمَا تقدم إِلَّا أَن تخَاف اللّبْس فَإنَّك تقلبها يَاء تَقول إِذا ندبت غُلَام امْرَأَة وَا غلامكيه تقلب الْألف يَاء للكسرة قبلهَا وَلم تقل وَا غلامكاه لِئَلَّا يلتبس بالمذكر وَتقول إِذا ندبت غُلَامه وَا غلامهوه تقلب الْألف واوا لانضمام الْهَاء قبلهَا وَلم تقل وَا غلامهاه لِئَلَّا يلتبس بالمؤنث وَتقول إِذا ندبت غلامهم وَا غلامهموه 31 ظ

(1/121)


فتبدل أَيْضا الْألف واوا وَلم تقل وَا غلامهماه لِئَلَّا يلتبس بالتثنية
ندب الْمُضَاف إِلَى الْمُتَكَلّم

وَتقول إِذا ندبت غلامك فِي قَول من قَالَ يَا غُلَام وَا غلاماه بِفَتْح الْمِيم للألف وَمن قَالَ يَا غلامي بِإِسْكَان الْيَاء فَلهُ وَجْهَان إِن شَاءَ حذفهَا لالتقاء الساكنين فَقَالَ وَا غلاماه وَإِن شَاءَ حركها للألف فَقَالَ وَا غلامياه وَمن قَالَ يَا غلامي بتحريكها لم يقل إِلَّا وَا غلامياه بإثباتها

(1/122)


بَاب إِعْرَاب الْأَفْعَال وبنائها
وَهِي على ضَرْبَيْنِ مَبْنِيّ ومعرب
الْأَفْعَال المبنية

والمبني على ضَرْبَيْنِ مَبْنِيّ على الْفَتْح وَهُوَ جَمِيع أَمْثِلَة الْمَاضِي قلت حُرُوفه أَو كثرت نَحْو قامَ وجلسَ وذهبَ وضربَ واستخرجَ ومبني على السّكُون وَهُوَ جَمِيع أَمْثِلَة الْأَمر للمَّواجهِ مِمَّا لَا حرف مضارعة فِيهِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك قُم وخذْ واضربْ وانطلقْ واستخرجْ
الْأَفْعَال المعربة

وَأما المعرب فَهُوَ جَمِيع الَّذِي فِي أَوله إِحْدَى الزَّوَائِد الْأَرْبَع

(1/123)


الْهمزَة وَالنُّون وَالتَّاء وَالْيَاء وَقد تقدم ذكره وَهَذَا الْفِعْل الْمُضَارع إِنَّمَا أعرب لمضارعته الْأَسْمَاء وَهُوَ مَرْفُوع أبدا لوُقُوعه موقع الِاسْم حَتَّى يدْخل عَلَيْهِ مَا ينصبُه أَو يجزُمه 32 ووَيكون فِي الرّفْع مضموماً وَفِي النصب مَفْتُوحًا وَفِي الْجَزْم سَاكِنا تَقول هُوَ يضربُ وَلنْ يضْرب وَلم يضربْ هَذَا هُوَ الصَّحِيح وأموأما المعتل فَهُوَ كل فعل وَقعت فِي آخِره ألف أَو يَاء أَو وَاو نَحْو يخْشَى وَيسْعَى وَيَقْضِي وَيَرْمِي ويغزو وَيَدْعُو وَهَذِه الأحرف الثَّلَاثَة تكون فِي الرّفْع سَاكِنة فَأَما فِي النصب فتنفتح الْيَاء وَالْوَاو وَتبقى الْألف على سكونها لِأَنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى حركتها تَقول هُوَ يقضِي ويرمِي ويغزُو ويدعُو ويخشَى ويسعَى وَلنْ يقضيَ وَلنْ يرميَ وَلنْ يدعوَ فَإِذا صرت إِلَى الْجَزْم حذفت الأحرف الثَّلَاثَة كلهَا تَقول لم يخشَ وَلم يسعَ وَلم يرمِ وَلم يغزُ وَلم يَخْلُ

(1/124)


الْأَفْعَال الْخَمْسَة

فَإِذا ثنيت الضَّمِير فِي الْفِعْل أَو جمعته للمذكر أَو خاطبت الْمُؤَنَّث كَانَ رَفعه بثبات النُّون ونصبه وجزمه بحذفها تَقول أَنْتُمَا تقومان وهما يقومان وَأَنْتُم تنطلقون وهم ينطلقون وَأَنت تذهبين وتنطلقين وَلم تقوما وَلم ينطلقا وَلم تذْهبُوا وَلم ينطلقوا وَلم لم تفعلي وَأحب أَن تتفضلي وَكَذَلِكَ المعتل أَيْضا تَقول أَنْتُمَا ترميان وَلَا ترميا 33 ووَأَنْتُم تخشون وَلنْ تخشوا وَأَنت تغزين وَأحب أَن تغزي َوِلمَ لمْ ترضي
وَإِن جمعت الضَّمِير الْمُؤَنَّث كَانَت علامته نونا مَفْتُوحَة سَاكِنا مَا قبلهَا ثَابِتَة فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث وَذَلِكَ قَوْلك هن يضربن وأنتن تضربن وَلم يضربن وَلم يقمن وَلم يقعدن قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} فَأثْبت النُّون فِي مَوضِع النصب لما ذكرت

(1/125)


الْأَمر والجزم

وَاعْلَم أَن لفظ الْوَقْف كَلَفْظِ الْجَزْم سَوَاء تَقول اضربْ كَمَا تَقول لَا تضربْ وَتقول قوما كَمَا تَقول لَا تقوما وَتقول قومُوا كَمَا تَقول لَا تقوموا وَتقول قومِي كَمَا تَقول لَا تقومي وَتقول اغزُ وارمِ واخشَ كَمَا تَقول لَا تغزو وَلَا ترمِ وَلَا تخشَ

(1/126)


بَاب الْحُرُوف الَّتِي تنصب الْفِعْل المستقل
وَهِي أَرْبَعَة أَن وَلنْ وكي وَإِذن تَقول أُرِيد أَن تقومَ وَلنْ تنطلقَ وَقمت كي تقومَ وَأما إِذن فَإِذا اعْتمد الْفِعْل عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تنصبه تَقول إِذا قَالَ لَك قَائِل أَنا أزورك إِذن أكِرمَك وَإِذن أحسنَ إِلَيْك فتنصب الْفِعْل لاعتماده على إِذن فَإِن اعترضت حَشْوًا وَاعْتمد الْفِعْل على مَا قبلهَا سقط عَملهَا تَقول أَنا إِذن أزورك 33 وفَترفع لاعتماد الْفِعْل على أَنا
إِضْمَار أَنْ

وتضمر أَن بعد خَمْسَة أحرف وَهِي الْفَاء وَالْوَاو وأو وَلَا الْجَرّ وَحَتَّى

(1/127)


بعد الْفَاء

فَأَما الْفَاء فَإِذا كَانَت جَوَابا لأحد سَبْعَة أَشْيَاء وَهِي الْأَمر وَالنَّهْي والاستفهام وَالنَّفْي وَالتَّمَنِّي وَالدُّعَاء وَالْعرض فَإِن الْفِعْل ينْتَصب بعْدهَا ب أَن مضمرة
تَقول فِي الْأَمر زرني فأزورَك وَالتَّقْدِير زرني فَأن أزورك
وَلَا يجوز إِظْهَار أَن هَهُنَا لِأَنَّهُ أصل مرفوض وَكَذَلِكَ بَقِيَّة أخواتها قَالَ الشَّاعِر
(يَا ناق سيري عنقًا فسيحا ... إِلَى سُلَيْمَان فنستريحا) // الرجز //
وَتقول فِي النَّهْي لَا تشتمه فيشتمَك قَالَ الله تَعَالَى {لَا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بِعَذَاب}

(1/128)


وَتقول فِي الِاسْتِفْهَام أَيْن بَيْتك فأزورَك
وَتقول فِي النَّفْي مَا أَنْت بصاحبي فأكرمَك
وَتقول فِي التَّمَنِّي لَيْت لي مَالا فأنفقَه
وَتقول فِي الدُّعَاء اللَّهُمَّ ارزقني بَعِيرًا فأحجَّ عَلَيْهِ
وَتقول فِي الْعرض أَلا تنزل فنكرمَك
بعد الْوَاو

وَأما الْوَاو فَإِذا كَانَت بِمَعْنى الجمعِ والجوابِ فَإِن الْفِعْل أَيْضا ينْتَصب بعْدهَا ب أَن مضمرة تَقول لَا تَأْكُل 33 ظ السّمك وتشرب اللَّبن أَي لَا تجمع بَينهمَا قَالَ الشَّاعِر
(لَا تنهَ عَن خلق وتأتيَ مثله ... عَار عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم) // الْكَامِل //

(1/129)


أَي لَا تجمع بَين ان تنْهى عَن خلق وَأَن تَأتي مثله
فَإِذا أردْت أَن تنهاه عَن الْأكل وَالشرب على كل حالٍ جزمت فَقلت لَا تَأْكُل السّمك وتشربِ اللَّبن وَكَذَلِكَ قَوْلك لَا يسعني شَيْء ويعجزَ عَنْك أَي لَا يجْتَمع فِي شَيْء أَن يسعني وان يعجز عَنْك
بعد أَو

وَأما أَو فَإِذا كَانَت بِمَعْنى إِلَّا أنْ فَإِن الْفِعْل ينْتَصب بعْدهَا ب أَن مضمرة أَيْضا تَقول لأضربنه أَو يتقيني بحقي مَعْنَاهُ إِلَّا أَن يتقيني بحقي قَالَ الشَّاعِر
(فَقلت لَهُ لَا تبكِ عَيُنك إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ ملكا أَو نموتَ فنعذرا) // الطَّوِيل //

(1/130)


مَعْنَاهُ إِلَّا أَن نموت فنعذرا وَتَقْدِيره فِي الْإِعْرَاب أَو أَن نموتَ
بعد اللَّام

وَأما اللَّام فنحو قَوْلك زرتك ِلُتكْرِمَنِي مَعْنَاهُ لكَي تكرمَني وَتَقْدِيره لِأَن تكرمني وَيجوز إِظْهَار أَن هُنَا قَالَ الله سُبْحَانَهُ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله} أَي لِأَن يغْفر لَك الله فَإِن اعْترض الْكَلَام نفي لم يجز إِظْهَار أَن مَعَ اللَّام وَذَلِكَ نَحْو قَول الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} تَقْدِيره لِأَن يعذبهم وَلَا يجوز إِظْهَار أَن مَعَ النَّفْي
بعد حَتَّى

وَأما حَتَّى فقد تقدم ذكرهَا فِي بَابهَا
وَجَمِيع هَذِه الْحُرُوف لَا يجوز 34 وإِظْهَار أَن مَعهَا إِلَّا اللَّام فِي الْوَاجِب وَقد ذَكرنَاهَا

(1/131)


بَاب حُرُوف الْجَزْم
وَهِي خَمْسَة لم وَلما وَلَام الْأَمر وَلَا فِي النَّهْي وحرف الشَّرْط تَقول لم يقمْ زيد وَلما يقمْ زيد وَفِي الْأَمر ليقمْ زيد وَفِي النَّهْي لَا يقمْ جَعْفَر

(1/132)


بَاب الشَّرْط وَجَوَابه
وحرفه المستولي عَلَيْهِ إِن وتشبه بِهِ أَسمَاء وظروف فالأسماء من وَمَا وَأي وَمهما والظروف أَيْن وَمَتى وَأي حِين وأنى وحيثما وإذما
إنْ وَأَخَوَاتهَا

وَالشّرط وَجَوَابه مجزومان تَقول إِن تقمْ أقمْ تجزم تقم ب إِن وتجزم أقِم ب إِن وتقم جَمِيعًا وَكَذَلِكَ بَقِيَّة أخواتها تَقول من يقمْ أقمْ مَعَه وَمَا تصنع أصنع وأيهم يمشِ أمشِ مَعَه وَمهما تأتِ آتِهِ وَأَيْنَ تجْلِس أَجْلِس وَمَتى تذهبْ أذهبْ مَعَك وَأي حِين ِتَغزُ أغزُ مَعَك وأنى تنطلقْ أنطلقْ وحيثما تكنْ أكنْ هُنَاكَ 34 ظ وَإِذ مَا تزْرني

(1/133)


أزرك قَالَ الله سُبْحَانَهُ {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا تنفقوا من خير يوف إِلَيْكُم}
وَقَالَ زُهَيْر
(وَمن لَا يكرم نَفسه لَا يكرم ... )
(وَمن يغترب يحْسب عدوا صديقه ... وَمن لَا يكرم نَفسه لَا يكرم) // الطَّوِيل //
وَقَالَ تَعَالَى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت}
جَوَاب الشَّرْط

وَجَوَاب الشَّرْط على ضَرْبَيْنِ الْفِعْل وَالْفَاء
فَإِذا كَانَ الْجَواب فعلا كَانَ مَجْزُومًا على مَا تقدم نَحْو قَوْلك إِن تذْهب أذهب مَعَك
وَأما الْفَاء فيرتفع الْفِعْل بعْدهَا نَحْو قَول الله تَعَالَى {وَمن عَاد فينتقمُ الله مِنْهُ} وَقَالَ تَعَالَى {فَمن يُؤمن بربه فَلَا يخَاف بخسا وَلَا رهقا}

(1/134)


وَإِنَّمَا جِيءَ بِالْفَاءِ فِي جَوَاب الشَّرْط توصلا إِلَى المجازاة بِالْجُمْلَةِ المركبة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
حذف الشَّرْط

وَقد حذف الشَّرْط وأقيمت أَشْيَاء مقَامه دَالَّة عَلَيْهِ وَتلك الْأَشْيَاء الْأَمر وَالنَّهْي والاستفهام وَالتَّمَنِّي وَالدُّعَاء وَالْعرض تَقول فِي الْأَمر زرني أزرك وَفِي النَّهْي لَا تفعل الشَّرّ تنج وَفِي الِاسْتِفْهَام أَيْن بَيْتك أزرك وَفِي التَّمَنِّي لَيْت لي مَالا أنفقهُ وَفِي الدُّعَاء اللَّهُمَّ ارزقني بَعِيرًا أحجج عَلَيْهِ وَفِي الْعرض أَلا تنزل تصب خيرا تجزم هَذَا كُله لِأَن فِيهِ معنى الشَّرْط أَلا ترى أَن الْمَعْنى 35 وزرني فَإنَّك إِن تزرني أزرك قَالَ الله تَعَالَى {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} يقْرَأ جزما ورفعا يرثُني ويرْثني فَمن جزم فَلِأَنَّهُ جَوَاب الدُّعَاء وَمن رفع جعله وَصفا ل ولي

(1/135)


بَاب التَّعَجُّب
وَلَفظه يَأْتِي فِي الْكَلَام على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا مَا أفعلَهُ وَالْآخر أفْعِلْ بِهِ
مَا أَفعلهُ

الأول نَحْو قَوْلك مَا أحسن زيدا وَمَا أجمل بكرا وَمَا أظرف أَبَا عبد الله وَتَقْدِيره شَيْء أحسن زيدا ف مَا مَرْفُوعَة بِالِابْتِدَاءِ وَأحسن خَبَرهَا وَفِيه ضميرها وَذَلِكَ الضَّمِير مَرْفُوع ب أحسن لِأَنَّهُ فعل مَاض وَزيد مَنْصُوب على التَّعَجُّب وَحَقِيقَة نَصبه بِوُقُوع الْفِعْل قبله عَلَيْهِ
وتزيد كَانَ فَتَقول مَا كَانَ أحسن زيدا فالإعراب بَاقٍ

(1/136)


بِحَالهِ فَإِن قلت مَا أحسن مَا كَانَ زيد رفعته ب كَانَ وَهِي تَامَّة ونصبت مَا الثَّانِيَة على التَّعَجُّب أَي مَا أحسن كَون زيد
أفَعْل بِهِ

الثَّانِي مِنْهُمَا نَحْو قَوْلك أحسن بزيد أَي مَا أحسن زيدا وأجمل بِجَعْفَر أَي مَا أجمل جعفرا فالباء وَمَا عملت 35 ظ فِيهِ فِي مَوضِع رفع وَمَعْنَاهُ أحسن زيد أَي صَار ذَا حسن وأجمل أَي صَار ذَا جمال كَقَوْلِك أَجْرَبَ الرجل أَي صَار ذَا إبل جربى وأنجز أَي صَار ذَا مَال فِيهِ النجاز فلفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر وَلِهَذَا قلت فِي التَّثْنِيَة يَا زَيْدَانَ أَحْسْن بِعَمْرو وَيَا زيدون أحسن بِعَمْرو وَلم تقل أحسنا وَلَا أَحْسنُوا لِأَنَّك لست تَأمر أحدا بإيقاع فعل وَإِنَّمَا أَنْت مخبر فَلَا ضمير إِذن فِي قَوْلك أحسن وَنَحْوه

(1/137)


بِنَاء فعل التَّعَجُّب

وَاعْلَم أَن فعل التَّعَجُّب إِنَّمَا مبناه من الثلاثي تَقول قَامَ زيد ثمَّ تَقول مَا أقومه وَقعد وَمَا أقعده فَإِن تجَاوز الْمَاضِي ثَلَاثَة أحرف لم يجز أَن تبني مِنْهُ فعل التَّعَجُّب وَذَلِكَ نَحْو دحرج واستخرج فَإِن أردْت ذَلِك قلت مَا أَشد دحرجته وَمَا أسْرع استخراجه وَكَذَلِكَ مَا أشبهه وَكَذَلِكَ الألوان والعيوب الظَّاهِرَة لَا تَقول من الْحمرَة مَا أحمره وَلَا من الصُّفْرَة مَا أصفره وَلَا من الْحول مَا أحوله وَلَا من العرج مَا أعرجه فَإِن أردْت ذَلِك قلت مَا أَشد حمرته وَمَا أقبح حَولَهُ وعرَجَهُ
مَا أَفعلهُ وأفعل بِهِ وأفعل التَّفْضِيل

وكل 36 ومَا جَازَ فِيهِ مَا أَفعلهُ جَازَ فِيهِ أفعل بِهِ وهُوَ أفعل مِنْك وَمَا لم يجز فِيهِ مَا أَفعلهُ لم يجز فِيهِ أفعل بِهِ وَهُوَ أفعل مِنْك تَقول مَا أحسن أَخَاك وَكَذَلِكَ تَقول أحسن بِهِ وَهُوَ أحسن مِنْك وكما لَا تَقول

(1/138)


مَا أحمره فَكَذَلِك لَا تَقول أَحْمَر بِهِ وَلَا هُوَ أَحْمَر مِنْك وَلَكِن تَقول مَا أَشد حمرته وَكَذَلِكَ تَقول أشدد بحمرته وَهُوَ أَشد حمرَة مِنْك وأقبح بحوله وَلَا هُوَ أقبح حولا مِنْك

(1/139)


بَاب نعم وَبئسَ
اعْلَم أَن نعم وَبئسَ فعلان ماضيان غير متصرفين ومعناهما الْمُبَالغَة فِي الْمَدْح أَو الذَّم وَلَا يكون فاعلاهما إِلَّا اسْمَيْنِ مُعَرَفَيْنِ بِاللَّامِ تَعْرِيف الْجِنْس أَو مضمرين على شريطة التَّفْسِير ثمَّ يذكر بعد ذَلِك الْمَقْصُود بالمدح أَو الذَّم وَذَلِكَ قَوْلك نعم الرجل زيد وَبئسَ الْغُلَام جَعْفَر ف الرجلُ مَرْفُوع بِفِعْلِهِ وَزيد مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف كَأَن قَائِلا قَالَ من هَذَا الممدوح فَقلت زيد أَي هُوَ زيد وَإِن شِئْت كَانَ زيد مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خبر 36 ظ عَنهُ مُتَقَدم عَلَيْهِ

(1/140)


والمضاف إِلَى اللَّام كاللام تَقول نعم غُلَام الرجل زيد وَبئسَ وَافد الْعَشِيرَة بكر
فَإِن وَقعت بعْدهَا النكرَة نصبتها على التَّمْيِيز تَقول نعم رجلا أَخُوك وَبئسَ صاحباً صَاحبك وَالتَّقْدِير نعم الرجل أَخُوك فَلَمَّا أضمرت الرجل فسرته بِقَوْلِك رجلا
فَإِن كَانَ الْفَاعِل مؤنثا كنت فِي إِلْحَاق الْعَلامَة وَتركهَا مُخَيّرا تَقول نعم الْمَرْأَة هِنْد وَإِن شِئْت نعمت الْمَرْأَة هِنْد فَمن ألحق الْعَلامَة قَالَ هَذَا فعل كَسَائِر الْأَفْعَال وَمن لم يلْحقهَا أَرَادَ معنى الْجِنْس فغلب عِنْده التَّذْكِير

(1/141)


بَاب حبذا
اعْلَم أَن حبذا مَعْنَاهَا الْمَدْح وتقريب الْمَذْكُور بعْدهَا من الْقلب وَهِي ترفع الْمعرفَة وتنصب النكرَة الَّتِي يحسن فِيهَا مِنْ على التَّمْيِيز تَقول حبذا زيد وحبذا أَخُوك ف حبذا فِي مَوضِع اسْم مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَزيد فِي مَوضِع خَبره وَحَقِيقَة القَوْل أَن الأَصْل فِيهَا حبب ك كرم فأسكنت الْبَاء وأدغمت فِي الثَّانِيَة وذَا مَرْفُوع 37 وبِفِعْلِهِ وَزيد يرْتَفع كَمَا يرْتَفع بعد نعم وَبئسَ
وَتقول حبذا رجلا زيد أَي من رجل تنصبه على التَّمْيِيز

(1/142)


وحبذا مَعَ الْوَاحِد والواحدة والاثنين والاثنتين وَالْجَمَاعَة بِلَفْظ وَاحِد لِأَنَّهُ يجْرِي مجْرى الْمثل تَقول حبذا زيد وحبذا هِنْد وَلَا تَقول حَّبذِهِ وَكَذَلِكَ حبذا الزيدان وحبذا الهندان وحبذا الزيدون وحبذا الهندات كُله بِصُورَة وَاحِدَة قَالَ الشَّاعِر
(يَا حبذا القمراء وَاللَّيْل السَّاج ... وطرق مثلُ ملاء النساج) // الرجز //

(1/143)


بَاب عَسى
اعْلَم أَن عَسى فعل مَاض غير متصرف وَمَعْنَاهُ المقاربة وَهُوَ يرفع الِاسْم وَينصب الْخَبَر ك كَانَ إِلَّا أَن خَبره لَا يكون إِلَّا فعلا مُسْتَقْبلا وَتلْزَمهُ أَن وَذَلِكَ قَوْلك عَسى زيد أَنْ يقومَ وَعَسَى جَعْفَر أَن ينْطَلق قَالَ الله سُبْحَانَهُ {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} وَيجوز أَن تحذف أَن فَتَقول عَسى زيد يقومُ قَالَ هدبة بن خشرم
(عَسى الْهم الَّذِي أمسيت فِيهِ ... يكونُ وراءَهُ فرج قريب) // الوافر //

(1/144)


وَتقول عَسى زيد أَن يقوم ف أَن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع رفع ب عَسى وزيد رفع ب يقوم وَكفَتْ صلَة أَن من خبر عَسى وَتقول زيد عَسى أَن يقومَ وَاسم عَسى مُضْمر فِيهَا فَإِن ثنيت 37 ط على هَذَا أَو جمعت أَو أنثت قلت الزيدان عسيا أَن يقوما والزيدون عسوا أَن يقومُوا وَهِنْد عست أَن تقوم والهندان عستا أَن تقوما والهندات عسين أَن يقمن ف أَن الْآن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع نصب فَإِن لم تجْعَل فِي عَسى ضميرا كَانَت بِلَفْظ وَاحِد تَقول زيد عَسى أَن يقوم والزيدان عَسى أَن يقوما والزيدون عَسى أَن يقومُوا وَهِنْد عَسى أَن تقوم ف أَن الْآن وَمَا بعْدهَا فِي مَوضِع رفع ب عَسى واستغني بِمَا ضمنه اسْمهَا من الْحَدث عَن ذكر الْحَدث فِي خَبَرهَا

(1/145)


بَاب كم
اعْلَم أَن كم تكون فِي الْكَلَام على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا الِاسْتِفْهَام وَالْآخر الْخَبَر وَهِي اسْم للعدد مُبْهَم فَإِذا كَانَت استفهاما نصبت النكرَة الَّتِي تحسن فِيهَا ِمنْ على التَّمْيِيز وَإِذا كَانَت خَبرا اجرت تِلْكَ النكرَة تَقول فِي الِاسْتِفْهَام كم غُلَاما لَك وَكم درهما فِي كيسك وَتقول فِي الْخَبَر كم غُلَام قد ملكت وَكم دارٍ قد دخلت