أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ج / 1 ص -54-
باب المعرب والمبني:
هذا باب شرح المعرب والمبني:
أولا: [المعرب
والمبني من الأسماء]:
الاسم ضربان: معرب، وهو الأصل، ويسمَّى متمكنا، ومبني، وهو
القرع، ويسمَّى غير متمكن1.
وإنما يبني الاسم إذا أشبه الحرف2، وأنواع الشبه ثلاثة:
أحدها:
الشبه الوضعي؛ وضابطه أن يكون الاسم على حرف أو حرفين3،
فالأول: كتاء "قمت" فإنها شبيهة بنحو باء الجر ولامه وواو
العطف وفائه، والثاني: كـ "نا" من "قمنا فإنها شبيهة بنحو
قد وبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ما قيده المؤلف بعبارته، هو الصحيح الذي عليه جمهرة
النحاة من الكوفيين والبصريين وذهب بعض النحاة إلى أن
المضاف إلى ياء المتكلم، نحو أبي وأخي وغلامي قسم ثالث لا
معرب ولا مبني؛ أما أنه ليس معربا؛ فلأنه ملازم لحركة
واحدة، وهي الكسرة؛ وأما أنه ليس مبنيا؛ فلأنه، لم يشبه
الحرف، وهذا كلام غير مستقيم، بل هو من نوع المعرب،
والحركات مقدرة على ما قبل الياء، مثل تقديرها على آخر
الاسم المقصور، وعلى آخر الاسم المنقوص، والمانع من ظهورها
وجود الحركة المناسبة لياء المتكلم وهي الكسرة.
التصريح: 1/ 47، وابن عقيل: 1/ 28، 29.
2 أي مشابهة قوية لا يعارضها شيء من خصائص الأسماء:
كالتثنية والإضافة.
ومعلوم أن الحروف كلها مبنية؛ لأن الحرف لا يؤدي معنى
بنفسه، فلا ينسب إليه ولا يقع فاعلا ولا مفعولا حتى يحتاج
إلى إعراب.
3 سواء أكان ثاني الحرفين حرف لين أم لم يكن على الراجح،
فما كان ثانيه حرف لين من الحروف مثل "ما" و"لا" ومن
الأسماء المشبهة لها مثل: نا، وما كان ثانيه غير حرف لين
من الحروف، مثل: "هل" و"بل" و"قد" ومن الأسماء المشبهة
لها: "كم" و"من" وادعى الشاطبي أن أصل وضع الحرف أن يكون
على حرف واحد، أو حرفين: ثانيهما حرف لين، وهو خلاف ما
يراه المحققون.
التصريح: 1/ 47، وابن عقيل: "1/ 31".
ج / 1 ص -55-
وإنما أعرب نحو "أب، وأخ"؛ لضعف الشبه
بكونه عارضا، فإنه أصلهما أبَوٌ وأخَوٌ، بدليل أبَوَانِ
وأخَوَانِ.
والثاني:
الشبه المعنوي1: وضابطه أن يتضمن الاسم معنى من معاني
الحروف، سواء وضع لذلك المعنى حرف، أم لا.
فالأول: كـ "متى"، فإنها تستعمل شرطا، نحو: "متى تقم أقم"
وهي حينئذ شبيهة في المعنى بإن الشرطية، وتستعمل أيضا
استفهاما نحو:
{مَتَى نَصْرُ الْلَّهِ}2
وهي حينئذ شبيهة في المعنى بهمزة الاستفهام.
وإنما أعربت أي الشرطية في نحو: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ
قَضَيْت}3 والاستفهامية في نحو:
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ}4؛
لِضعف الشبه بما عارضه من ملازمتهما للإضافة التي هي من
خصائص الأسماء5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: أن يتضمن الاسم بعد وضعه في جملةٍ معنىً جزئيًّا
زيادة على معناه المستقل الذي يؤديه في حال انفراده، وكان
الحرف أولى بتأدية هذا المعنى الجزئي، فيكون الاسم قد خلف
الحرف في ذلك. التصريح: 1/ 48.
2 سورة البقرة، الآية: 214.
موطن الشاهد:
{مَتَى نَصْرُ الْلَّهِ}؟
وجه الاستشهاد: مجيء "متى" في الآية الكريمة اسم استفهام
وهي شبيهة في معناها بهمزة الاستفهام.
3 سورة القصص، الآية: 28.
موطن الشاهد:
{أَيَّمَا}.
وجه الاستشهاد: مجيء "أي" في الآية الكريمة اسم شرط جازم
معربا في محل نصب مفعولا به بفعل "قضيت"، وقدمت "أي" لأن
لها الصدارة: وما: صلة، والأجلين، مضاف إليهما. وجملة فلا
عدوان على..." جواب أي.
4 سورة الأنعام، الآية: 81.
موطن الشاهد: "أي".
وجه الاستشهاد: مجيء "أي" اسم استفهام في محل رفع مبتدأ،
و"الفريقين". مضاف إليه. وأحق خبر "أي" مرفوع" وأعربت أي
الشرطية والاستفهامية؛ لِضعف الشبه فيهما بما عارض من
ملازمتهما للإضافة التي هي من خصائص الأسماء.
5 فإن قلت: فلماذا بنيت "لدن" مع أنها ملازمة للإضافة مثل
أي؟ فالجواب عن ذلك: أن نذكرك أولا بأن للعرب في "لَدُن"
لغتين: إحداهما الإعراب وهي لغة قيس، وعلى هذا يسقط هذا
السؤال ويصبح كلام النحاة مستقيما وهو أن الإضافة التي هي
من خصائص الأسماء، إذا لازمت كلمة، وكان في هذه الكلمة شبه
للحرف عارض لزوم الإضافة شبه الحرف، فبقيت على ما هو الأصل
في الاسم، وهو الإعراب.
واللغة الثانية في "لَدُن" البناء، وهي لغة عامة العربة،
ويعتذر عن هذه اللغة بأن هؤلاء قد وجدوا في "لدن" شبها
للحرف من جهة اللفظ؛ لأنهم قد قالوا فيها "لد" على حرفين،
كما وجدوا فيها شبها معنويا؛ لأنها موضوعة لمعنى نسبي هو
أول الغاية في الزمان أو المكان، ووجدوا فيها شبها
استعماليا، وهو لزوم استعمالها في وجه واحد، وامتناع
الإخبار بها أو عنها، بخلاف "عند" التي بمعناها؛ فإنها
تجيء فضل، وتجيء عمدة، فلما وجدوها قوية الشبه بالحرف من
عدة أوجه جنحوا إلى اعتبار هذا الشبه، ولم يبالوا
بالإضافة.
حاشية يس على التصريح: 1/ 49، ومغني اللبيب: 207، 208.
ج / 1 ص -56-
والثاني نحو: "هنا" فإنها متضمنة لمعنى
الإشارة، وهذا المعنى لم تضع العرب1 له حرفا، ولكنه من
المعاني التي من حقها أن تؤدى بالحروف؛ لأنه كالخطاب
والتنبيه، فهنا مستحقة للبناء؛ لِتضمنها لمعنى الحرف الذي
كان يستحق الوضع.
وإنما أعرب "هذان، وهاتان"، مع تضمنهما لمعنى الإشارة؛
لِضعف الشبه بما عارضه من مجيئهما على صورة المثنى،
والتثنية من خصائص الأسماء2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قيل وضعت له لام العهد؛ لأنها للإشارة إلى معهود بين
المتكلم، والمخاطب، وهي حرف غايته أنها للإشارة الذهنية،
ولا فرق بينها وبين الخارجية.
ابن عقيل: 1/ 32، وحاشية يس على التصريح: 1/ 49.
2 للنحاة في "هذان وهاتان" رفعا، و"هذين وهاتين" نصبا وجرا
مذهبان هما:
أ- أن هذه الألفاظ مثنيات حقيقة، وأنها معربات بالألف
رفعا، وبالياء نصبا وجرا.
ب- أن هذه الألفاظ، ليست مثنيات حقيقية، وأنها مبنية، ووجه
هذا المذهب، أنها فارقت المثنيات الحقيقية من وجهين.
الأول: لو كانت مثنيات حقيقة، لقيل في حالة الرفع هذيان
وهاتيان، كما يقال: فتيان، ولقيل في حالتي النصب والجر:
هذيين وهاتيين، كما يقال: فتيين.
الثاني: من شرط التثنية الحقيقية قبول التنكير؛ لأننا لا
نثني زيدًا العلم، حتى نعتقد تنكيره، ثم إذا أردنا تعريفه
بعد التثنية، أدخلنا عليه "أل" فنقول: الزيدان والزيدين،
ومعلوم أن أسماء الإشارة لا تقبل التنكير بحال.
نخلص من هذا إلى أن هذه الألفاظ ليست مثنيات حقيقية -لما
ذكر- ولذا، لا يجوز القول: إنه عارض شبه الحرف شيء من
خصائص الأسماء، والصحيح: أن العرب، وضعوا للمشار إليه في
حالة الرفع -إذا كان مثنى- "هذان" و"هاتان" وفي حالتي الجر
والنصب و"هاتين، وهذين"، فهي ألفاظ موضوعة على صورة المثنى
في بادئ الأمر، وكلام المؤلف ملفق من المذهبين، فهو يوافق
المذهب الأول القائل بإعراب هذه الألفاظ، ثم يوافق المذهب
الثاني القائل ببنائها.
وانظر التصريح: 1/ 49-50.
ج / 1 ص -57-
الثالث: الشبه الاستعمالي1 وضابطه: أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف
كأن ينوب عن الفعل2 ولا يدخل عليه عامل فيؤثر فيه، وكأن
يفتقر افتقارا متأصلا إلى جملة3.
فالأول: كـ "هيهات، وصه، وأوَّه" فإنها نائبة عن "بعد
واسكت وأتوجع"، ولا يصح أن يدخل عليها شيء من العوامل
فتتأثر به4، فأشبهت "ليت ولعل" مثلا، ألا ترى أنهما نائبان
عن "أتمنى وأترجَّى" ولا يدخل عليهما عامل، واحتُرِزَ
بانتفاء التأثر من المصدر النائب عن فعله نحو "ضربا" في
قولك: "ضربا زيدا" فإنه نائب عن "اضرب" وهو مع هذا معرب؛
وذلك5 لأنه تدخل عليه العوامل، فتؤثر فيه، تقول: "أعجبني
ضرب زيد، وكرهت ضرب عمرو، وعجبت من ضربه".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو: أن يكون الاسم عاملا في غيره، ولا يدخل عليه عامل
يؤثر فيه، كالحرف.
2 أي: في معناه وفي عمله.
3 ينزل منزلة الجملة شيئان، الأول: الوصف الصريح مع "أل"
الموصولة، نحو: "الضارب والمضروب" والثاني: النوين المعوض
به عن الجملة في "إذا" -كما رأينا سابقا في قوله تعالى:
{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون}، وفي "إذا" في نحو قوله تعالى:
{وَإِذَاً لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}.
4 هذا، بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال، لا محل لها
من الإعراب خلافا للمازني ومن تبعه في جعلها مبتدأ أغنى
فاعلها عن الخبر، أو مفعولا مطلقا لمحذوف وجوبأ، ضياء
المسالك: 1/ 42.
5 إنما تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه إذا ناب عن أن
المصدرية والفعل، والأمثلة: أعجبني ضرب زيد، وكرهت ضرب
عمرو، وعجبت من ضربه، مما ناب فيه المصدر عن أن والفعل،
وليس من المصدر الذي ناب عن فعل الأمر. انظر شرح التصريح:
1/ 51.
ج / 1 ص -58-
والثاني1: كـ "إذ" و"إذا" و"حيث"
والموصولات2، ألا ترى أنك تقول: "جئتك إذ..."، فلا يتم
معنى "إذ" حتى تقول: "جاء زيد" ونحوه، وكذلك الباقي،
واحترز بذكر الأصالة من نحو:
{هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم}1،
فيوم: مضاف إلى الجملة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الذي يفتقر افتقارا متأصلا إلى جملة أو شبهها.
2 فإنها مفتقرة دائما إلى جملة تكمل معناها، وأما إضافة
"حيث" إلى مفرد في قول الفرزدق:
ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم
ببيض النواصي حيث ليِّ العمائمِ
فذلك نادر، ومعلوم أن النادر كالشاذ يُحفَظ ولا يُقاس عليه.
وذكر الشيخ يس في حاشيته على شرح التصريح: "فإن قلت: إنَّ
إذ وإذا ملازمان للإضافة، وقد علمنا أن الإضافة مما يختصُّ
بالأسماء، فلماذا لم يعربا، كما أعربت أيّ الشرطية
والاستفهامية لملازمتهما للإضافة؟
فالجواب عن ذلك: "قلت: إضافتهما كلا إضافة؛ لأنهما مضافان
إلى الجمل، والإضافة إلى الجمل في تقدير الانفصال، فكأنهما
غير مضافين".حاشية يس على شرح التصدير: 1/ 52".
3 5 سورة المائدة: الآية: 119.
أوجه القراءات: قرأ الجمهور بالرفع في "يوم" وقرأ نافع
وابن محيصن "يَوْمَ" بالنصب، النَّشر: 2/ 247.
توجيه القراءات: على قراءة الرفع فـ "يوم" خبر لـ "هذا":
إشارة إلى ما تقدم من القصص، وهو قوله:
{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ
قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ
دُونِ اللَّه}
فأخبر الله عما لم يقع بلفظ الماضي؛ لِصحة كونه وحدوثه.
وجاز أن يقع "يوم" خبرا عن "هذا" لأنه إشارة إلى حدث،
وظروف الزمان تكون خبرا عن الحدث.
ويجوز على قول الكوفيين أن يكون "يوم" مبنيا على الفتح؛
لِإضافته إلى الفعل، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب
والرفع على ما تقدم من التفسير. وإنما يقع البناء في الظرف
إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين، إذا كان الفعل مبنيا،
فأما إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف عندهم.
معاني القرآن: 1/ 326-327، والبيان 1/ 311، وتفسير
القرطبي: 6/ 379، ومشكل إعراب القرآن: 1/ 255.
موطن الشاهد:
{هَذَا يَوْمُ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "يوم" مضافا بدليل حذف تنوينه إلى
الجملة بعده، وهي: {يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} والمضاف مفتقر إلى ذكر المضاف إليه كما هو معلوم في إفادة معناه،
غير أن هذا الافتقار عارض التراكيب في بعض التراكيب، ويزول
في بعضها الآخر، في نحو: صمت يوما، إذا أخبرت عن الترك،
ولا يحتاج في تمام معنى "يوم" إلى شيء آخر.
ج / 1 ص -59-
والمضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ولكن هذا
الافتقار عارض في بعض التراكيب، ألا ترى أنك تقول: "صمت
يوما، وسرت يوما" فلا يحتاج إلى شيء واحترز بذكر الجملة من
نحو: "سبحان"، و"عند" فإنهما مفتقران في الأصالة لكن إلى
مفرد، تقول: "سبحان الله"1 و"جلست عند زيد".
وإنما أعرب اللذان، واللتان، وأي الموصولة" في نحو: "اضرب
أيهم أساء"؛ لِضعف الشبه بما عارضه من المجيء على صورة
التثنية، ومن لزوم الإضافة2.
وما سلم من مشابهة الحرف فمعرب، وهو نوعان: ما يظهر
إعرابه، كأرض، تقول: "هذه أرض، ورأيت أرضا، ومررت بأرض"
وما لا يظهر إعرابه كالفتى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ما ذكره المؤلف من أن "سبحان" ملازم للإضافة إلى مفرد:
هو المشهور عند أهل اللغة والنحو، وذهب جماعة إلى أن
"سبحان" يستعمل غير مضاف، واستشهدوا على استعماله غير مضاف
بقول الأعشى:
قد قلت لما جاءني فخره
سبحان مِنْ علقمةَ الفاخرِ
وهو شاذ عند الأولين.
التصريح: 1/ 52. حاشية الصبان: 1/ 54.
2 كلام المؤلف راجع إلى ما ذكره من إعراب "اللذين"
و"اللتين"، وقوله بعده: "من لزوم الإضافة" راجع إلى "أي"
وحاصل ذلك، أنه وجد في "أي" الموصولة الشبه الافتقاري؛
لأنها مفتقرة افتقارا متأصلا إلى جملة تكون صلة لها، وهذا
الشبه، يقتضي البناء؛ لأنها لما كانت ملازمة للإضافة إلى
مفرد، وكانت الإضافة من خصائص الأسماء فقد عارض هذا الشبه
ما يقتضي الإعراب، فلذلك أعربت التصريح: 1/ 53. الأشموني
مع حاشية الصبان: 1/ 55.
ج / 1 ص -60-
تقول: "جاء الفتى، ورأيت الفتى، ومررت
بالفتى"، ونظير الفتى سما، كهدى، وهي لغة في الاسم، بدليل
قول بعضهم: "ما سماك1؟" حكاه صاحب الإفصاح2، وأما قوله3:
[مشطور الرجز]
5- والله أسماك سَمًا مباركا
فلا دليل عليه فيه؛ لأنه منصوب منون، فيُحتمل أن الأصل سم،
ثم دخل عليه الناصب ففتح كما تقول في يد: "رأيت يدا".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: ما اسمك؟ ووجه الدلالة: أنه أثبت الألف مع الإضافة،
وذلك يدل على أنه مقصور.
2 الإفصاح: شرح لكتاب "الإيضاح" لأبي على الفارسي، وصاحبه
هو: محمد بن يحيى المعروف بابن هشام الخضراوي، المتوفى
سنة: 646هـ.
3 هو: ابن خالد القناني -يفتح القاف والنون المخففة- نسبة
إلى جبل قنان، وهو جبل لبني أسد فيه ماء يسمى العسيلة، ولم
أعثر للشاعر على ترجمة وافية.
4 تخريج الشاهد: بعد الشاهد قوله:
آثرك الله به إيثاركا.
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 54، والإنصاف لابن الأنباري: 1/
15، وشرح العيني: 1/ 45.
المفردات الغريبة: أسماك: ألهم آلك أن يسموك. سما: اسما.
آثرك: ميزك واختصك. إيثاركا: مصدر آثر.
المعنى: ألهم الله تعالى أهلك أن يسموك اسما مباركا
ميمونا؛ لأن الله تعالى اختصك بهذا الإسم وميزك به عن
الناس، كما تؤثر أنت بخيرك ومعروفك. ولعل المراد: إن الاسم
دالٌّ على المسمى. فكان الاسم خيرا طيبا؛ لأن صاحبه متَّصف
بالبذل والمعروف والكرم.
الإعراب: والله: مبتدأ. أسماك: فعل ماضٍ، والفاعل: هو،
والكاف: مفعول به أول والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
سما: مفعول ثانٍ لأسماك، منصوب وعلامه نصبه الفتحة
الظاهرة. مباركا: صفة: "به": متعلق بـ آثرك". إيثارك:
مفعول آثرك، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، أي إيثارك إياه،
ويمكن أن يكون مضافا إلى فاعله، والمفعول محذوف، والتقدير:
إيثارك الناس بالخير.
موطن الشاهد: سما".
وجه الاستشهاد: مجيء "سما" على هذا اللفظ، وهو لغة في
"الاسم" غير أن مجيئه لا يصلح أن يكون دليلا على أنه مقصور
مثل "هدى" وقد أوضح المؤلف ذلك في المتن.
ج / 1 ص -61-
ثانيا: [المبني والمعرَب من
الأفعال]:
والفعل ضربان: مبني، وهو الأصل1، ومعرب، وهو بخلافه.
فالمبني نوعان:
أحدهما:
الماضي2، وبناؤه على الفتح كضرب، وأما "ضربت" ونحوه،
فالسكون عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو
كالكلمة3 الواحدة وكذلك ضمه "ضربوا" عارضة لمناسبة الواو4.
والثاني:
الأمر، وبناؤه على ما يجزم به مضارعه5، فنحو: "اضرب" مبني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المراد بالأصل هنا؛ الغالب، أو ما ينبغي أن يكون الشيء
عليه، وما جاء على ما هو الأصل فيه فإنه لا يُسأل عن علته،
ولهذا لا يُسأل عن علة بناء الفعل الماضي، وفعل الأمر، وكل
شيء جاء على خلاف ما هو الأصل فيه، لزم أن يسأل عن علة
خروجه عن الأصل، ولهذا يسأل عن علة إعراب الفعل المضارع،
وهي مشابهته للاسم الذي الأصل فيه الإعراب، وإنما كان
الأصل في الفعل البناء؛ لِكونه لا تعرض له معانٍ مختلفة
تفتقر في التمييز بينها إلى الإعراب، وإنما كان الأصل في
الاسم الإعراب؛ لِكونه يعرض له أن تطرأ عليه معانٍ مختلفة
تفتقر إليه كالفاعلية والمفعولية والإضافة.
التصريح: 1/ 54.
2 الأصل في المبني أن يكون بناؤه على السكون؛ لخفته، وإنما
بني الماضي على حركة لكونه أشبه المضارع المعرب في وقوع كل
منهما صفة، وصلة، وحالا، وخبرا، وإنما كان بناؤه على
الفتح؛ لِكون الفتح أخف الحركات مع كون الفعل ثقيلا بسبب
دلالته على شيئين، هما الحدث والزمان، فلو أنه بني على
الضم، لاجتمع فيه ثقيلان، فطلبوا في نطقهم التخفف من أحد
الثقيلين، فجاءوا به مفتوحا.
التصريح: 1/ 54. ابن عقيل "تحقيق البقاعي" 1/ 38".
3 نزلت تاء الفاعل في الفعل منزلة الجزء؛ لِشدة اتصالها
به، فصارت المتحركات أحرف الفعل الثلاثة وتاء الفاعل.
التصريح: 1/ 55.
4 أي: لمناسبتها الواو؛ لأنه قوله: "عارضته لمناسبة الواو"
من إضافة المصدر إلى مفعوله، وحذف فاعله. التصريح: 1/ 55.
5 هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن فعل الأمر معرب
مجزوم بلام محذوفة فأصل قم واقعد لتقم ولتقعد، فحذفت لام
الأمر، ثم حذف حرف المضارعة.
التصريح: 1/ 55، ومغني اللبيب: 300.
ج / 1 ص -62-
على السكون، ونحو "اضربا" مبني على حذف
النون، ونحو: "اغْزُ" مبني على حذف آخر الفعل.
والمعرب: المضارع نحو: "يقومُ" لكن بشرط سلامته من نون
الإناث ونون التوكيد1 المباشرة، فإنه مع نون الإناث مبني
على السكون، نحو:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}2،
ومع نون التوكيد المباشرة مبني على الفتح، نحو:
{لَيُنْبَذَنَّ}3 وأما غير المباشرة فإنه معرب معها تقديرا، نحو:
{لَتُبْلَوُنَّ}4،
{فَإِمَّا تَرَيِنَّ}، {وَلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 علة بناء المضارع مع نون النسوة مشابهته للفعل الماضي،
فنحو "يرضعن" أشبه "أرضعن" وذهب السهيلي إلى أن المضارع مع
نون النسوة معرَب على ما استقر له من الإعراب. وعلة بناء
المضارع مع نون التوكيد المباشرة؛ لِتركبه معها كتركب خمسة
عشر، وعلة إعرابه مع غير المباشرة أن الفاعل فاصل بين
الفعل والنون، وهم لا يركبون ثلاثة أشياء.
التصريح: 1/ 56، والأشموني مع حاشية الصبان: 1/ 60-61.
2 2 سورة البقرة، الآية: 228.
موطن الشاهد:
{يَتَرَبَّصْنَ}.
وجه الاستشهاد: مجيء فعل "يتربص" مبنيا على السكون؛
لِاتصاله بنون الإناث، والنون في محل رفع فاعل.
3 104 سورة الهمزة، الآية:
موطن الشاهد:
{لَيُنْبَذَنَّ}.
وجه الاستشهاد: مجيء فعل "ينبذ" مبنيا على الفتح؛ لِاتصاله
بنون التوكيد الثقيلة المباشرة له، ونون التوكيد "الخفيفة
والثقيلة" حرف لا محل له من الإعراب.
3 3 سورة آل عمران، الآية: 186.
موطن الشاهد:
{لَتُبْلَوُنَّ}.
وجه الاستشهاد: مجيء نون التوكيد غير مباشرة لفعل "تبلو"
فأعرب الفعل معها تقديرا، والفعل هنا مبني للمجهول، وأصله:
لتبلوون بواوين، الأولى لام الفعل، والثانية: واو الجماعة،
فإما أن تقول: استثقلت الضمة على لام الفعل فحذفت
لاستثقالها، أو تحركت وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وعلى
التقديرين التقى ساكنان، فحذف أول الساكنين.
5 "19" سورة مريم، الآية: 26.
موطن الشاهد:
{إِمَّا تَرَيِنَّ}.
وجه الاستشهاد: مجيء فعل "ترى" مجزوما بـ "إن" الشرطية،
وهو مؤكَّد بنون التوكيد الثقيلة، وعلامة جزمه حذف النون؛
التي هي علامة الرفع؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والياء:
فاعل، وحركت بالكسرة؛ لأن الكسرة تجانسها؛ لِلتخلص من
التقاء الساكنين بعد تعذر حذف أحدهما، الياء ونون التوكيد.
ج / 1 ص -63-
تَتَّبِعَانِّ}1.
والحروف كلها مبنية.
[أنواع البناء]:
وأنواع البناء أربعة:
أحدها:
السكون، وهو الأصل ويسمَّى أيضا وقفا، ولخفته دخل في الكلم
الثلاث، نحو: هل، وقم، وكم.
والثاني:
الفتح، وهو أقرب الحركات إلى السكون، فلذا دخل أيضا في
الكلم الثلاث، نحو: سوف وقام، وأين.
والنوعان الآخران هما: الكسر والضم، ولثقلهما وثقل الفعل
لم يدخلا فيه، ودخلا في الحرف والاسم، نحو لام الجر و"أمس"
ونحو "منذ" في لغة من جرها أو رفع؛ فإن الجارة حرف
والرافعة اسم2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "10" يونس، الآية: 89.
موطن الشاهد:
{لَا تَتَّبِعَانِّ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "تتبعان" فعلا مضارعا مجزوما بلا
الناهية، فحذفت نون الرفع، فصار لا تتبعا، ثم أكد
بالثقيلة، فالتقى ساكنان، الأنف ونون التوكيد المدغمة، ولم
يجز حذف أحدهما، فحركت النون بالكسر تشبيها بنون التثنية
الواقعة بعد الألف.
2 إنما كان الأصل في البناء السكون؛ لِخفته واستصحابا
للأصل وهو عدم الحركة. فلا يبنى عليها إلا لسبب كالتقاء
الساكنين في نحو "أمس"، وكون الكلمة على حرف واحد كـ "تاء
قمت"، وكونها عرضة للابتداء بها كـ "لام" الابتداء، وكونها
أصلًا في التمكن كأول، وكشبهها بالمعرب كضرب.
التصريح: 1/ 58. الأشموني مع حاشية الصبان: 1/ 63.
ج / 1 ص -64-
[تعريف الإعراب وأنواعه]:
الإعراب1 أثر ظاهر أو مقدَّر يجلبه العامل في آخر الكلمة،
وأنواعه أربعة: رفع ونصب في اسم وفعل، نحو: "زيد يقوم، وإن
زيدًا لن يقوم" وجر في اسم نحو "لزيدٍ" وجزم في فعل
نحو:"لم يقمْ" ولهذه الأنواع الأربعة علامات أصول، وهي:
الضمة للرفع، والفتحة للنصب، والكسرة: للجر، وحذف الحركة:
للجزم، وعلامات فروعٌ2 عن هذه العلامات، وهي واقعة في سبعة
أبواب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإعراب في اللغة له معانٍ كثيرة، منها: البيان،
والإجادة، والحسن، والتغيير، وإزالة الفساد عن الشيء،
والتكلم باللغة العربية، واصطلاحا: بناء على القول بأنه
معنوي؛ هو تغير أواخر الكلم بسبب اختلاف العوامل الداخلة
عليها، وبناء على أنه لفظي ما ذكره المؤلف بقوله: أثر ظاهر
أو مقدَّر.... إلخ.
التصريح: 1/ 59، 60.
2 عدتها عشر علامات: ينوب في بعضها حركة فرعية عن حركة
أصلية، وفي بعضها حرف عن حركة أصلية، وفي ثالث حذف حرف عن
سكون.
وتنحصر هذه الفروع النائبة فيما يأتي:
ينوب عن الضمة ثلاثة: الواو، والألف، والنون.
وينوب عن الفتحة أربعة: الكسرة، والألف، والياء، وحذف
النون.
وعن الكسرة اثنان الفتحة، والياء.
وعن السكون واحدة، وهي الحذف، ويشمل حذف حرف العلة في آخر
المضارع المعتل، وحذف النون في الأفعال الخمسة المجزومة.
التصريح 1/ 16. |