أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك

 [الباب الأول: الأسماء الستة وشروط إعرابها]:
الباب الأول: باب الأسماء الستة1:
فإنها ترفع بالواو، وتنصب بالألف، وتخفض بالياء، وهي "ذو" بمعنى صاحب، والفم إذا فارقته الميم، والأب، والأخ، والحم، والهن، ويشترط في غير "ذو" أن تكون مضافة لا مفردة، فإن أُفرِدتْ أُعرِبتْ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يسميها بعض النحاة: الأسماء الستة المعتلة الآخر؛ لأن آخرها واو محذوفة تخفيفًا فيما عدا "ذو".

 

ج / 1 ص -65-          بالحركات، نحو: {وَلَهُ أَخٌ}، و{إِنَّ لَهُ أَبًا}2، و{بَنَاتُ الْأَخِ}3، فأما قوله: [مشطور الرجز]

6- خالط من سلمى خياشيم وفا5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "4" سورة النساء، الآية: 12.
موطن الشاهد: "أخ".
وجه الاستشهاد: مجيء "أخ" مرفوعا وعلامة رفعه الضمة، وهو من الأسماء الستة؛ لأنه جاء مفردا غير مضاف.
2 "12" سورة يوسف، الآية: 87.
موطن الشاهد: "أبا".
وجه الاستشهاد: مجيء "أبا" منصوبا وعلامة نصبه الفتحة؛ لأنه اسم "إن"، ولم ينصب بالألف -على الرغم من كونه من الأسماء الستة- لأنه أتى مفردا غير مضاف.
3 "4" سورة النساء، الآية: 23.
موطن الشاهد: "الأخ".
وجه الاستشهاد: مجيء "الأخ"، مجرورا، وعلامة جره الكسرة؛ مع أنه من الأسماء الستة؛ لأنه جاء مفردا غير مضاف.
4 القائل هو العجاج: أبو الشعثاء: عبد الله بن رؤبة من بني مالك بن تميم، شاعر مخضرم، أسلم وحسن إسلامه، لقي أبا هريرة وسمع منه، وهو أحد رجاز العرب المشهورين مع ابنه رؤبة سُمِّيَ بالعجاج لقوله:

حتى يعجَّ عندها من عجعجا

أدرك عهد الوليد بن عبد الملك ومات سنة 90هـ.
الشعر والشعراء: 2/ 591، والجمحي: 2/ 753.
5 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت من الرجز، وصدره:

حتى تناهى في صهاريج الصفا

يذكر بعد البيت الشاهد قوله:

صهباء خرطوما عقارا قرقفا

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 62، وهمع الهوامع: 1/ 40، والدرر اللوامع: 1/ 14، والمقتضب: 1/ 240، والمخصص لابن سيده: 1/ 136، 14/ 96، 15/ 78، وشرح المفصل لابن يعيش: 6/ 89، والخزانة: 2/ 6، والعيني: 1/ 152، وحاشية يس: 1/ 125 وأراجيز البكري: 50، وملحقات ديوان العجاج: 83.
المفردات الغريبة: خالط: امتزج. خياشيم: جمع خيشوم، وهو الأنف أو أقصاه. فا: المراد فاها. صهباء: الخمر. خرطوما: هي الخمر أو عصيرها. عقارا: هي الخمر =

 

ج / 1 ص -66-          فَشَاذٌّ، أو الإضافة مَنْوِيَّة، أي: خياشيمها وفاها، واشترط في الإضافة أن تكون لغير الياء، فإن كان للياء أعربت بالحركات المقدَّرة، نحو: {وَأَخِيْ هَارُونُ}11، {إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}2، و"ذو"3 ملازمة للإضافة لغير الياء4، فلا حاجة إلى اشتراط الإضافة فيها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أيضا، سميت بذلك؛ لأنها تعقر شاربها. قرقفا: هي الخمر أيضا، وأراد بهذه الألفاظ ما تحمله من الأوصاف، ولم يرد بها مجرد الاسمية.
المعنى: يصف تلك الخمرة الموصوفة بتلك الأوصاف كأنَّها امتزجت بريح خياشيم سلمى وريق فمها، حتى وصلت إلى تلك الجودة وعذوبة النكهة.
الإعراب: خالط: فعل ماضٍ، والفاعل يعود على الماء الممزوج بالخمر في الأبيات السابقة. خياشيم: مفعول به لـ "خالط". فا: اسم معطوف على خياشيم.
موطن الشاهد: "وفا".
وجه الاستشهاد: مجيء "فا" معطوفا على خياشيم، وهو منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، مع أنه غير مضاف في اللفظ إلى شيء، ومعلوم أن الأسماء الستة لا تُعرب بالحروف إلا إذا أضيفت، وقد بيَّن المؤلف في المتن أن هذا النصب بالألف إما أن يكون شاذا، أو أنه مضاف إلى ضمير محذوف عائد إلى المحبوبة كما بيَّن.
1 "28" سورة القصص، الآية: 34.
موطن الشاهد:
{أَخِيْ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "أخ" اسما مرفوعا وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقد أعرب الاسم -هنا- بالحركة المقدَّرة؛ لأنه أضيف إلى ياء المتكلم كما جاء في المتن.
2 "5" سورة المائدة، الآية: 25.
موطن الشاهد:
{وَأَخِيْ}.
وجه الاستشهاد: مجيء "أخ" معربا بالحركة المقدرة على ما قبل الياء، كما في الآية السابقة؛ لِإضافته إلى ياء المتكلم.
3 قال الدنوشري: وزنها فَعَل بالتحريك عند سيبويه، ولامها ياء، وبالسكون عند الخليل، ولامها واو. حاشية يس على التصريح: 1/ 63.
4 اعلم أولا أنهم أرادوا أن يصِفوا بأسماء الأجناس -أي أرادوا أن يجعلوا أسماء الأجناس صفات- فلم يتيسر لهم ذلك؛ لأن النعت لِا يكون مشتقا أو مُؤَوَّلا بالمشتق، فاتخذوا كلمة "ذو" وصلة وذريعة إلى الوصف باسم الجنس، والتزموا إضافتها إلى اسم جنس غير وصف؛ لأنه لو كان اسم الجنس وصفا لما احتيج في الوصف به إلى وصْلة، ومن هنا تعلم أن "ذو" لا تضاف إلى الأعلام، ولا إلى الضمائر، ولا إلى الصفات، ولا إلى الجمل، وقد وردت إضافتها إلى العلم قليلا في نحو "أنا الله ذو بكة"، أي: "أنا صاحبها، وبكة لغة في مكة"، وورد إضافتها إلى الضمير شذوذا في قول الشاعر:

إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه

ووردت إضافتها إلى جملة شذوذا أيضا، في نحو قولهم "اذهب بذي تسلم".
شرح التصريح: 1/ 63، ابن عقيل "تحقيق: البقاعي": 1/ 48.

 

ج / 1 ص -67-          وإذا كانت "ذو" موصولة لزمتها الواو1، وقد تعرب بالحروف2 كقوله3: [الطويل]

7- فحسبي من ذي عندَهم ما كفانيا4

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي غالبا في أحوالها المختلفة، وتكون مبنية على السكون في محل رفع أو نصب أو جر.
2 وذلك مثل إعراب "ذي" بمعنى صاحب.
3 هو منظور بن سحيم بن نضلة الأسدي الفقعسي: شاعر جاهلي مقلٌّ، أدرك الإسلام، وكان يسكن بالكوفة، ويعد من شعراء الحماسة.
المرزباني: 374-375، والإصابة: 3/ 503.
4 تخريج الشاهد: هذا بيت من كلمة للشاعر منها:

ولست بهاجٍ في القرى أهل منزل                على زادهم أَبكي وأُبكي البواكيا

فإما كرام موسرون لقيتهم                         فحسبي من ذي عندَهم ما كفانيا

وإما كرام معسرون عذرتهم                        وإما لئام فادخرت حيائيا

وعرضي أُبقِي ما ادخرت ذخيرة                   وبطني أطويه كطي ردائيا

والبيت الشاهد: من شواهد التصريح: 1/ 63، وابن عقيل "4/ 1/ 45" والأشموني "100/ 1/ 72"، والمغني "758/ 535"، وشرح المفصل: 3/ 138، والمقرب لابن عصفور: 3، وشرح العيني: 1/ 127، 436، وشرح السيوطي: 281، وهمع الهوامع: 1/ 84، والدرر اللوامع: 1/ 59، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي: 1158.
المفردات الغريبة: كرام: جمع كريم، وأراد به الشريف النسب. موسِرُون: ذوو غنىً وميسرة، ولديهم ما يقدمون للضيوف. معسِرُون: ذَوُو ضيق وعسرة، لا يجدون ما يقدمونه لضيوفهم مع كريم نفوسهم وطيب محتدهم.
المعنى: هؤلاء الناس الذين حللت في ديارهم، وأَمِنت بجوارهم، إما أن يكونوا كراما أثرياء، وما يعطوني إياه يكفيني وحسبي ذلك ولا أريد زيادة عليه. =

 

ج / 1 ص -68-          وإذا لم تفارق الميم الفم أعرب بالحركات1.
فصل: والأفصح في الهن النقص، أي: حذف اللام، فيعرب بالحركات2 ومنه الحديث: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه بهن أبيه ولا تكنوا"3 ويجوز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإعراب: إما: حرف شرط وتفصيل. كرام: إما فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، والتقدير: إما قابلني كرام، ويمكن أن يكون -في هذه الحال- خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير: فالناس إما كرام، دليل ذلك في البيت التالي: وإما لئام، والأول أفضل؛ لأنه جارٍ على القياس. موسرون: صفة لكرام: لقيتهم: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة لا محل لها من الإعراب؛ لأنها مفسرة. فحسبي: الفاء واقعة في جواب الشرط، حسب: اسم بمعنى كافٍ خبر مقدم، والياء: مضاف إليه. من حرف جر. ذي: اسم موصول بمعنى الذي مجرور بمن، والجار والمجرور متعلقان بحسب. "عندهم" متعلق بمحذوف الصلة، وهم: مضاف إليه. ما: اسم موصول بمعنى الذي مبتدأ مرفوع مؤخر. كفانيا: فعل ماضٍ وفاعله هو، والنون للوقاية، والياء: مفعول به، وجملة "كفانيا": لا محل لها؛ لأنها صلة للموصول.
موطن الشاهد: "ذي".
وجه الاستشهاد: مجيء "ذي" اسما موصولا بمعنى "الذي"، معربا مجرورا بالياء في لغة طيء، مثل "ذي" بمعنى صاحب، وروي البيت على: "من ذو" على أنها مبنية على سكون الواو بمعنى الذي؛ لأنها في محل جر بمن، ومعلوم أن "ذو" الذي بمعنى الذي تكون في الرفع والنصب والجر على لفظ واحد، وكذا بالنسبة إلى المذكر والمؤنث.
1 تستعمل كلمة "فم" بالميم مضافة، نحو قوله صلى الله عليه وسلم:
"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، ونحو قول الراجز:

يصبح ظمآن وفي البحر فمه.

وتستعمل مقطوعة عن الإضافة كقولهم: "هند أطيب الناس فَمَا" وقد استعمله الشاعر مقصورا مثل الفتى والعصا في قوله:

يا حبذا وجه سليمي والفَمَا                      والجيد والنحر وثدي قد نما

ووجه الدلالة، أنه لو كان صحيح الآخر، لكان بضم الميم.
التصريح: 1/ 64. والأشموني مع حاشية الصبان: "1/ 73".
2 أي الظاهرة على النون، فتقول هذا هنك، ورأيت هنك ونظرت إلى هنك.
3 حديث نبوي شريف أخرجه في مصابيح السنة "1/ 108" عن أبي بن كعب رضي الله عنه بهذا اللفظ في باب الحسان. وأخرجه أحمد "5/ 136" عن أبي بألفاظ مختلفة وهو في شرح التسهيل وتعزي "بوزن تجلي": أي انتسب وانتمى، وهو الذي يقول "يا لفلان" ليخرج الناس "1/ 47" معه إلى القتال في الباطل. أعضوه -بهمزة قطع وكسر العين وتشديد الضاد: أي قولوا له: "اعضض على هنِ أبيك" ومعنى لا تكنوا: قولوه بلفظه الصريح استهزاء به، واحتقارا لما دعاكم إليه.
موطن الشاهد: "الهن".
وجه الاستشهاد: استعمال "الهن" منقوصا معربا بالحركات الظاهرة، بعد أن حذفت لامه، أي واوه، وهذا الوجه الأفصح لاستعمال هذا الاسم.

 

ج / 1 ص -69-          النقص في الأب والأخ والحم، ومنه قوله: [الرجز]

8- بأبه اقتدى عدي في الكرم                      ومن يشابه أبه فما ظلم2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: يمدح الشاعر في هذا البيت عدي بن حاتم الطائي، وقبل الشاهد قوله:

أنت الحليم والأمير المنتقم                   تصدع بالحق وتنفي من ظلم

والشاهد من شواهد: ابن عقيل "5/ 1/ 50" والأشموني "15/ 1/ 29"، والتصريح: 1/ 64، وشرح العيني: 1/ 129، وملحقات ديوان رؤبة: 182، وأمثال الميداني: 2/ 333.
المفردات الغريبة: عدي: أراد عدي بن حاتم الطائي المشهور بالكرم والجود. اقتدى: جعله قدوة وأسوة. فما ظلم: أراد ما ظلم أباه ولا أمه، فجاء على مثال أبيه.
المعنى: يصف الشاعر عدي بن حاتم، بأنه اقتدى بأبيه، وسلك طريقه في الجود والكرم، فدل بذلك على أنه ابنه حقيقة، ومن شابه أباه في صفاته وأفعاله، لم يظلمه بتضييع صفاته وحقوقه عليه أو يكون المراد: ما ظلم أمه باتهامها فيه؛ لأنه جاء على مثال أبيه.
موطن الشاهد: "بأبه".
وجه التشبه: استعمال "أب" منقوصا مجرورا، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في الأول، ومنصوبا وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في "أبه" الثاني مع أنهما مضافان إلى ضمير الغائب، وهذه اللغة من لغات العرب في الأسماء الستة، يعربونها بالحركات وإن كان مضافة إلى غير ياء المتكلم، وتسمى هذه اللغة لغة النقص، وهي لغة تميم. وأما إعراب تلك الأسماء بالحروف "الواو، الألف، الياء" فعلى لغة الإتمام، وفي هذه الأسماء لغة ثالثة في الشاهد التالي، وتسمى لغة القصر.

 

ج / 1 ص -70-          وقول بعضهم1 في التثنية: "أبان" و"أخان". وقصرهن أولى من نقصهن كقوله2: [الرجز]

9- إن أباها وأبا أباها3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قياسا على لغة النقص، حيث إن "أبان، وأخان" مثنى "أب وأخ" من دون النظر إلى اللام المحذوفة، كما قيل في تثنية: "يد.... ودم": يدان، ودمان.
وعلى هذا، فيقال في جمعه جمع المذكر السالم -مع أنه ليس وصفا ولا علما- أبون، وأبين، ومنه قول زياد بن واصل السلمي:

فلما تبين أصواتنا                              بكين وفديننا بالأبين

وذكر صاحب "التصريح" عن أبي العباس، أحمد بن يحيى ثعلب: "العرب تقول: هذا أبوك، وتقول: هذا أباك، وتقول: هذا أبك، فمن قال: هذا أبك، قال في التثنية: هذان أبان". انظر شرح التصريح: 1/ 65.
2 ينسب هذا الشاهد إلى أبي النجم، الفضل بن قدامة بن عبيد العجلي، أحد بني بكر بن وائل وهو مبرز في الرجز، ومجيد في القصيد، يفضلونه على العجاج في النعت. منزله بسواد الكوفة، وكان له اتصال بهشام بن عبد الملك، وضعه ابن سلام في الطبقة التاسعة في الإسلاميين.
الشعر والشعراء: 2/ 603 والجمحي: 149، والمرزباني: 310، والآلي: 327. والأغاني: 9/ 73.
3 تخريج الشاهد: اختلف في نسبة الشاهد، فقد نسبه بعض النحاة إلى رؤبة بن العجاج، وزعم العيني أن أبا زيد رواه بسند عن أبي الغول منسوبا إلى بعض أهل اليمن من غير تعيين، وفي نوادر أبي زيد "ص58" أبيات على قافية هذا الشاهد ترتفع روايته لها إلى أبي الغول الطهوي، ولكن الشاهد ليس منها. ويروي النحاة قبل الشاهد:

واهًا لريا ثم واها واها                          هي المنى لو أننا نلناها

يا ليت عيناها لنا وفاها                       بثمن نرضي به أباها

إن أباها وأبا أباها                               قد بلغ في المجد غايتاها

والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 65، وابن عقيل "6/ 1/ 51"، والأشموني "16/ 1/ 29" وهمع الهوامع: "1/ 39، والدرر اللوامع: 1/ 12، والعيني: 1/ 133. 3/ 346، والإنصاف: 1/ 18، ومغني اللبيب: "52/ 58"، "196/ 166"، "395/ 286"، وشرح المفصل: "1/ 51"، 3/ 129"، والمقرب: 81، وخزانة الأدب: 3/ 337، وشرح السيوطي: 199.

 

ج / 1 ص -71-          وقول بعضهم: "مُكْرَهٌ أخاك لا بطل"1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المفردات الغريبة: المجد: العز والشرف. وأراد بالغايتين: المبتدأ والمنتهى تغليبا، أو غاية المجد في النسب، وغايته في الحسب.
المعنى: يصف الشاعر والد محبوبته وجدَّها، بأنهما بلغا الغاية والمنتهى في الشرف، والمجد والسؤدد.
الإعراب: أباها: اسم "إن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدَّرة على الألف للتعذر، و"أبا" مضاف و"ها" مضاف إليه. وأبا: الواو عاطفة. "أبا": معطوف على "أباها" منصوب كذلك. أباها: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدَّرة على الألف. غايتاها: مفعول به لفعل بلغ منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدَّرة على الألف للتعذر، وهذا على لغة من يلزم المثنى الألف، و"ها": مضاف إليه، وهو ضمير عائد إلى المجد، وأُنِّث باعتبار الصفة أو الرتبة، والمراد بالغايتين: المبدأ والنهاية، أو غاية المجد في النسب، وغايته في الحسب كما أشرنا وقيل: الألف بعد التاء للإشباع لا للتثنية. ضياء السالك: 1/ 55.
موطن الشاهد: "أباها".
وجه الاستشهاد: مجيء "أباها" على لغة القصر في الأسماء الستة، وهذا ظاهر في "أباها" الثالثة؛ لأنه في موضوع جر بإضافة "أبا" الثانية إليه، وأما "أباها" الأولى والثانية فنستدل على مجيئهما على لغة القصر بالقرينة. ويمكن أن نعدهما على لغة الإتمام؛ لأنهما منصوبان، فيكون نصبهما بالألف، وأما على لغة القصر فعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، وإذا عددنا الثالثة مسوقة على لغة القصر، والأولى والثانية مسوقتين على لغة الإتمام، يكون ذلك من باب التلفيق، وهذا لا يكون في اللغات على الأغلب.
1 هذا مثل مشهور من أمثال العرب، ذكره الميداني مرتين، إحداهما في حرف الميم: 2/ 318 برقم "117"، والثانية في حرف الثاء أثناء شرح قولهم في المثل: شكل أرأمها ولدا: 1/ 152 برقم "771". ويضرب للرجل، يحمله غيره على ما ليس من شأنه.
وقصة هذا المثل: أن رجلا يدعى أبا حنش، قال له خاله -وقد بلغه أن ناسا من أشجع في غار يشربون وهم قاتلون إخوته: "هل لك في غارٍ فيه ظباء لعلنا نصيب منها؟ وانطلق به حتى أقامه على فم الغار، ثم دفعه في الغار، فقال: ضربا أبا حنش، فقال بعضهم: إن أبا حنش لبطل، فقال أبو حنش: مكرهٌ أخاك لا بطل.
وقيل: إن أول من قاله عمرو بن العاص لما عزم عليه معاوية ليخرجن إلى مبارزة علي رضي الله عنهما-فلما التقيا، قال عمرو: مكره أخاك لا بطل، فأعرض علي عنه. 
موطن الشاهد: أخاك".
وجه الاستشهاد: مجيء "أخاك" بالألف، وهو في موضع رفع، فدل ذلك على مجيئه على لغة القصر، حيث يعرب بالحركات المقدرة على الألف.

 

ج / 1 ص -72-          وقولهم للمرأة "حماة"1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ومن ذلك قول الراجز.

إن الحماة أولعت بالكنة                               وأولعت كنتها بالهنه

ووجه الاستدلال: أنهم إذا قالوا للأنثى: "حماة" فإنهم يقولون للمذكر حما - بألف مقصورة؛ لأن صيغة المؤنث هي صيغة المذكر، بزيادة تاء التأنيث، فلما اتصلت التاء، نقل الإعراب من الألف إليها وظهر؛ لأنها حرف صحيح، والمذكر على أصله، فيقدر الإعراب فيه، ونظير ذلك فتى وفتاه وحاصل ما ذكره المؤلف من اللغات في الأسماء الستة أن هذه الأسماء على ثلاثة أضرب: ضرب فيه لغة واحدة وهو "ذو بمعنى صاحب، و"الفم" إذا فارقته الميم.
وضرب فيه لغتان النقص والإتمام، وهو "الهن".
وضرب فيه ثلاث لغات: الإتمام والقصر، والنقص، وهو ثلاثة ألفاظ، الأب.
والأخر، والحم.
التصريح: 1/ 65، ابن عقيل "تحقيق البقاعي": 1/ 46. الأشموني مع حاشية الصبان: 1/ 71-72.