ج / 2 ص -212-
[باب المفعول معه]:
هذا باب المفعول معه:
[تعريف المفعول معه وما يخرج بكل قيد]:
وهو: اسم، فضلة، تالٍ لواو بمعنى مع،
تالية لجملة ذات فعل أو اسم فيه معناه وحروفه،
كـ: "سرت والطريق" و: "أنا سائر والنيل".
فخرج باللفظ الأول نحو: "لا تأكل السمك وتشرب
اللبن" ونحو: "سرت والشمس طالعة" فإن الواو
داخلة في الأول على فعل، وفي الثاني على جملة،
وبالثاني نحو: "اشترك زيد وعمرو"، وبالثالث
نحو: "جئت مع زيد"، وبالرابع نحو: "جاء زيد
وعمرو قبله، أو بعده"، وبالخامس نحو: كل رجل
وضيعته"1 فلا يجوز فيه النصب، خلافا للصيمري2،
وبالسادس نحو: "هذا لك وأباك" فلا يتكلم به،
خلافا لأبي علي3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا: إذا قدر الخبر مثنى، كأنه قيل: كل رجل
وضيعته مقترنان، أما إذا قدر الخبر مفردا،
فيجوز النصب على المعية عطفا على ضمير الخبر،
كأنه قيل أكل رجل موجود وضيعته.
2 هو: أبو محمد؛ عبد الله بن علي بن إسحاق
الصيمري النحوي، نسبة إلى الصيمرة وهي بلد
بالبصرة، كان عالما فاضلا، قدم مصر، ونقل عنه
أبو حيان كثيرا. له كتاب جليل في النحو يسمى:
"التبصرة" يشتغل به أهل المغرب، وقد أحسن فيه
التعليل لمذهب البصريين.
البلغة: 112، بغية الوعاة: 2/ 49، إنباه
الرواة: 2/ 123، معجم المؤلفين: 6/ 87.
3 هو أبو علي الفارسي، وقد مرت ترجمته. فقد
أجاز مثل ذلك بناء على مذهبه من الاكتفاء بما
فيه معنى الفعل، كالإشارة، والتنبيه، والظرف،
ولهذا أجاز في قول الشاعر:
لا تحبسنك أثوابي فقد جمعت
هذا ردائي مطويا وسربالا
أن ينصب "سربالا" على المعية. والجمهور على أنه منصوب بـ "مطويا"
ليس غير.
ج / 2 ص -213-
فإن قلت: فقد قالوا: "ما أنت وزيدا" و: "كيف أنت وزيدا"1.
قلت: أكثرهم يرفع بالعطف، والذين نصبوا قدروا
الضمير فاعلا لمحذوف لا مبتدأ، والأصل: ما
تكون؟ وكيف تصنع2؟ فلما حذف الفعل وحده برز
ضميره وانفصل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي ينصب "زيدا" فيها، بعد "ما" و"كيف"
الاستفهاميتين؛ مع أنه لم يتقدم فعل، ولا اسم
فيه معنى الفعل وحروفه.
2 أي: لتعذر الاتصال. وقدر سيبويه الفعل
المحذوف من لفظ الكون، وجعله ماضٍيا مع "ما"
ومضارعا مع "كيف" فقال: إن الأصل: ما كنت
وزيدا؟ وكيف تكون وزيدا؟.
وقيل: إن هذا غير مقصود من سيبويه، و"كان" في
المثالين: إما ناقصة وأداة الاستفهام قبلها
خبر مقدم، واسمها ضمير المخاطب الذي كان
مستترا؛ فلما حذفت برز وانفصل -وهذا هو الأصح-
وإما تامة وفاعلها الضمير المستتر، وما
الاستفهامية مفعول مطلق متقدم، وكيف: حال
مقدم؛ والتقدير: أي وجود توجد مع زيد -وهذا
رأي ضعيف- وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله:
وبعد "ما" استفهام أو "كيف" نصب
بفعل كون مضمر بعض العرب
أي: نصب بعض العرب المفعول معه بعد "ما" و"كيف" الاستفهاميتين،
وجعل النحاة النصب بفعل مقدر من لفظ الكون كما
بين المؤلف.
انظر في تفصيل هذه المسألة: شرح التصريح: 1/
343، والأشموني: 1/ 225، والمفصل، للزمخشري:
58.
فائدة: ورد في كلام العرب الاسم الواقع بعد
الواو المسبوقة بـ "ما أنت" و"كيف أنت" مرفوعا
ومنصوبا؛ والأكثر وروده مرفوعا كما في قول
الشاعر:
وكنت هناك أنت كريم قيس
فما القيسي بعدك والفخار
وكقول الآخر:
وكنت امرأ من أهل نجد وأهلنا
تهام، فما النجدي والمتغورُ
وفي حالة الرفع؛ تكون الواو للعطف، ويكون الاسم المرفوع معطوفا
على الضمير "أنت" وأما مجيئه منصوبا؛ فنحو قول
أسامة بن حبيب الهذلي:
ما أنت والسير في متلفٍ
يبرِّح بالذَّكَرِ الضَّابِطِ
ونحو الآخر:
أتوعدني بقومك يابن حجلِ
أشابات يخالون العبادا
بما جمَّعت من حضن وعمرو
وما حضن وعمرو والجيادا
والشاهد هنا قوله: "والجيادا"؛ لأن قوله: "وعمرو" فالواو فيها واو
العطف. أوضح المسالك: 2/ 240، حا: 1.
ج / 2 ص -214-
[الناصب للمفعول معه]:
والناصب للمفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه1،
لا الواو، خلافا للجرجاني2، ولا الخلاف، خلافا
للكوفيين، ولا محذوف، والتقدير: سرت ولابست
النيل، فيكون حينئذ مفعولا به، خلافا للزجاج3.
[للاسم بعد الواو خمس حالات]:
فصل: للاسم بعد الواو خمس حالات:
1-
وجوب العطف، كما في: "كل رجل وضيعته" ونحو:
"اشترك زيد وعمرو" ونحو: "جاء زيد وعمرو قبله
أو بعده" لما بينا4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: ما يشبهه في العمل من كل ما ينصب
المفعول به من المشتقات؛ وذلك يشمل: اسم
الفاعل، واسم المفعول، والمصدر، واسم الفعل،
ولكن لا يشمل الصفة المشبهة، ولا أفعل
التفضيل، ولا ما يعمل.
وأما قوله "ما سبقه من فعل أو شبهه" فهو تابع
فيه لابن مالك في قوله:
بما من الفعل وشبهه سبق
ذا النصب، لا بالواو في القول الأحق
وفي هذا إشارة إلى أنه لا يجوز تقديم المفعول معه على العامل فيه؛
فلا يقال: والنيل سرت، ولا يقال: والنيل أنا
سائر؛ وهذا مما لا خلاف فيه، وكذلك لا يجوز أن
يتوسط المفعول معه بين العامل ومصاحبه، فلا
يقال: سار والنيل زيد. وخالف ابن جني هنا،
وأجاز التوسط بين العامل ومصاحبه؛ أي: أن
يتقدم المفعول معه مصاحبه، واستدل بقول
الحماسي:
أكنيه حين أناديه لأكرمه
ولا ألقيه والسوأة اللقبا
فأصل الكلام: ولا ألقبه اللقب والسوأة على مذهب ابن جني.
والصواب -فيما استدل به- أن تالي الواو في
هذين البيتين ليس مفعولا معه، بل هو معطوف،
تقدم على المعطوف عليه ضرورة، والضرورة تحفظ
ولا يقاس عليها. وانظر شرح التصريح: 1/ 334،
وحاشية الصبان: 2/ 137.
2 مرت ترجمته.
3 مرت ترجمته.
4 أي من فقد شروط النصب، وهو عدم تقدم جملة في
الأول، وعدم الفضلة في الثاني وعدم المصاحبة
في الثالث.
ج / 2 ص -215-
2- ورجحانه1، كـ: "جاء زيد وعمرو" لأنه الأصل، وقد أمكن بلا ضعف.
3-
ووجوب المفعول معه، وذلك في نحو: "ما لك
وزيدا"، و: "مات زيد وطلوع الشمس" لامتناع
العطف في الأول من جهة الصناعة2، وفي الثاني
من جهة المعنى.
4-
ورجحانه، وذلك في نحو قوله3: [الوافر]
257- فكونوا أنتم وبني أبيكم4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي رجحان العطف، ويجوز النصب على ضعف.
2 لأنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا
بعد إعادة الجار، قال تعالى:
{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}.
3 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
4 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
مكان الكليتين من الطحال
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 345، والأشموني: "441/ 1/ 225" والهمع:
1/ 220، 221، والدرر: 1/ 190، والعيني: 3/
102، وشرح المفصل: 2/ 48، 50، والكتاب
لسيبويه: 1/ 150، وقطر الندى "103/ 315"،
ومجالس ثعلب: 125.
المفردات الغريبة: الكليتان: معروفتان،
والمفرد، كلية وكلوة، والجمع: كليات وكلى.
الطحال: معروف أيضا وهو دم متجمد، وجمعه: طحل،
ككتب.
المعنى: يأمر الشاعر مخاطبيه ويوصيهم بأن
يكونوا مع أخوانهم على وفاق واتصال تام،
كاتصال الكليتين بالطحال.
الإعراب: كونوا: فعل أمر ناقص مبني على حذف
النون؛ لاتصاله بواو الجماعة، والواو في محل
رفع اسم "كن" الناقصة. أنتم: ضمير منفصل مؤكد
للضمير المتصل "واو الجماعة". وبني: الواو واو
المعية، بني: مفعول معه منصوب، وعلامة نصبه
الياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو
مضاف، أبيكم: "أبي" مضاف إليه مجرور، وعلامة
جره الياء؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف
و"كم": مضاف إليه. "مكان": متعلق بمحذوف خبر
"كونوا" الناقصة، وهو مضاف. الكليتين: مضاف
إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه مثنى. "من
الطحال": متعلق بـ "مكان"؛ لأن فيه رائحة
الفعل.
موطن الشاهد: "وبني أبيكم".
وجه الاستشهاد: نصب "بني" على أنه مفعول معه،
وحكم نصبه على أنه مفعول معه -هنا- الجواز مع
الرجحان؛ لأنه يجوز أن يرفع عطفا على الضمير
الواقع اسما في "كونوا"؛ لوجود التأكيد
بالضمير المنفصل، غير أنه ضعيف من جهة المعنى؛
لأنه يقتضي -حينئذ- أن يكون أبناء الأب
مأمورين بذلك أيضا، وهو غير مراد؛ لأن المراد؛
توجيه الأمر للمخاطبين -وحدهم- بأن يكونوا مع
بني أبيهم متحابين كالكليتين من الطحال؛
ولهذا، قلنا: حكم النصب هنا الجواز مع
الترجيح. وانظر شرح التصريح: 1/ 345.
ج / 2 ص -216-
ونحو: "قمت وزيدا"؛ لضعف العطف في الأول من جهة المعنى، وفي
الثاني من جهة الصناعية1.
5- وامتناعهما، كقوله2: [الكامل]
258- علفتها تبنا وماء باردا3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأنه لا يحسن العطف على الضمير المرفوع
المتصل، إلا بعد توكيده بضمير منفصل أو بأي
فاصل كان، ونحو: أكرمتك ومحمدا، يجوز كون
"محمدا" معطوفا على الكاف، وأن يعرب مفعولا
معه. التصريح 1/ 345.
2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
حتى شتت همالة عيناها
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 346، والأشموني: "442/ 1/ 226"، وابن
عقيل: "166/ 2/ 207"، والهمع: 2/ 130، والدرر:
2/ 169، والمقتضب: 4/ 223، والخصائص: 2/ 431،
وأمالي ابن الشجري: 2/ 321، والإنصاف: 613،
وشرح المفصل: 2/ 8، والخزانة: 1/ 499،
والعيني: 3/ 101، 4/ 181، والمغني: "1070/
828"، وشرح السيوطي: 314، واللسان "قلد"،
والشذور: "115/ 316".
المفردات الغريبة: علفتها: قدمت لها العلف،
وهو ما يقدم للدواب من الأكل وجمعه علاف. كجبل
وجبال. شتت: بدت. همالة: صيغة مبالغة من هملت
العين إذا فاض دمعها وكثر نزوله منها.
المعنى: علفت هذه الدابة تبنا، وأشبعتها،
وسقيتها ماء باردا حتى فاضت عيناها بالدموع من
الشبع.
الإعراب: علفتها: فعل ماضٍ، والتاء: فاعل،
و"ها": مفعول به أول. تبنا: مفعول به ثانٍ.
وماء: الواو حرف عطف، ماء: مفعول به لفعل
محذوف؛ والتقدير: وسقيتها =
ج / 2 ص -217-
وقوله: [الوافر]
259- وزججن الحواجب والعيونا1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ماء. باردا: صفة لـ "ماء" منصوبة؛ ونلحظ هنا
-أن "الواو" عطفت جملة على جملة.
موطن الشاهد: "وماء".
وجه الاستشهاد: استشهد بهذا البيت على عدم صحة
مجيء "ماء" مفعولا معه -كما زعم ابن عقيل-
لانتفاء المصاحبة؛ حيث إن الماء لا يصاحب
التبن في العلف، أو إن الدابة لا تشرب الماء
في أثناء تناولها العلف، فلا يتحد الزمان،
وبالتالي فلا ينتصب على المفعولية "المفعول
معه"؛ لأن من شرط انتصاب الاسم على أنه مفعول
معه أن يكون مشاركا لما قبله في زمان تسلط
العامل عليه؛ لاشتراطهم أن تكون الواو السابقة
عليه دالة على المصاحبة.
وذهب بعضهم كالجرمي والمازني والمبرد وأبي
عبيدة والأصمعي واليزيدي وغيرهم من العلماء
إلى أن "ماء" معطوف على قوله "تبنا" بعد
التأويل في العامل؛ أي: لا يبقى معنى علفتها:
"أطعمتها" وقدمت لها ما تأكله -كما هو معناه
الوضعي- بل يضمن معنى أعم منه؛ كأن يراد به:
"قدمت لها" أو: "أنلتها" أو: أعطيتها ونحو
ذلك؛ والأفضل من هذا، وذاك ما ذهبنا إليه في
الإعراب، وهو تخريج أبي علي الفارسي، والمبرد،
والزوني. انظر شرح التصريح: 1/ 346، وحاشية
الصبان: 2/ 140-141، وابن عقيل: 4681.
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
إذا ما الغانيات برزن يوما
وينشد قبل الشاهد قوله:
وأظعان طلبت بذات لوث
يزيد رسيمها سرعا ولينا
وينشد بعد الشاهد قوله:
أَنَخْنَ جِمالهن بذات غسل
سراة اليوم بمهدن الكدونا
والشاهد من شواهد التصريح: 1/ 346، والأشموني: "443/ 1/ 266"،
والخصائص: 2/ 432، والإنصاف: 610، والعيني: 3/
91، 4/ 193، والهمع: 1/ 122، 2/ 130، والدرر:
1/ 191، 2/ 169، وحاشية يس: 1/ 432، وتأويل
مشكل القرآن: 165، ومغني اللبيب: "662/ 466"
وشرح السيوطي: 263، والخزانة: 2/ 73، وشذور
الذهب: "116/ 317.
المفردات الغريبة: الغانيات: جمع غانية، وهي
المرأة التي استغنت بجمالها عن الحلي والزينة.
برزن: ظهرن. زججن الحواجب: دققنها ورققنها في
طول. =
ج / 2 ص -218-
أما امتناع العطف؛ فلانتفاء المشاركة، وأما امتناع المفعول معه؛
فلانتفاء المعية في الأول وانتفاء فائدة
الإعلام بها في الثاني.
ويجب في ذلك إضمار فعل ناصب للاسم على أنه
مفعول به، أي: وسقيتها ماء، وكحلن العيونا،
هذا قول الفارسي والفراء1 ومن تبعهما.
وذهب الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة3
والأصمعي3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: إذا ما برزت تلك النساء الجميلات من
خدورهن متزينات -وقد رققن حواجبهن، وكحلن
عيونهن- أنخن جمالهن التي يركبنها -بهذا
الموضع- وسط النهار؛ ليصلحن خدورهن، أو
هوادجهن.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض
لشرطه، منصوب بجوابه مبني على السكون في محل
نصب على الظرفية الزمانية، ما: زائدة.
الغانيات: فاعل لفعل محذوف، يفسره المذكور
بعده؛ وجملة "الفعل المحذوف وفاعله": في محل
جر بالإضافة. برزن: فعل ماضٍٍ مبني على
السكون، ونون النسوة: فاعل؛ وجملة "برزن":
تفسيرية، لا محل لها. "يوما": متعلق بـ "برز".
وزججن: الواو عاطفة، زجج: فعل ماضٍٍ مبني على
السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، والنون: فاعل.
الحواجب: مفعول به منصوب. والعيونا: الواو
عاطفة، العيونا: مفعول به لفعل محذوف، وتقدير
الكلام: وزججن الحواجب وكحلن العيون؛ وجملة
"كحلن العيون": معطوفة على جملة "زججن
الحواجب"؛ وهذا الوجه هو الأفضل.
موطن الشاهد: "زججن الحواجب والعيونا".
وجه الاستشهاد: لا تصح المعية في قوله:
"والعيونا"؛ لانتفاء فائدة الإعلام بها؛ أي:
بمصاحبة العيون للحواجب؛ إذ من المعلوم أن
العيون مصاحبة للحواجب. كما لا يجوز أن نعطف
"العيون" على "الحواجب" عطف مفرد على مفرد؛
لأن فعل زجج، لا يصح أن يتعدى إلى ما قبل
الواو وما بعدها مع بقائه على معناه الحقيقي؛
لأن العيون لا تزجج؛ ولذا فلا بد من أن يضمَّن
فعل زجج معنى أعم وأشمل من معناه الأصلي؛ حتى
يصح أن يتناول ما بعد الواو وما قبلها؛ نحو ما
ذهب إليه المؤلف في المتن، من تأويل: "زججن"
بـ "حسن"؛ ويجوز -في هذه الحال- أن تكون الواو
عاطفة مفردا على مفرد؛ والأفضل ما ذهبنا إليه
في الإعراب، وهو أن "الواو" عاطفة جملة على
جملة.
1 مرت ترجمة كل منهما في محلها.
2 مرت ترجمة كل منهم.
3 الأصمعي: هو أبو سعيد؛ عبد الملك بن قريب؛
البصري، والأصمعي نسبة إلى جده أصمع، وهو أحد
أئمة اللغة والنحو والغريب والملح والنوادر.
روى عن أبي عمرو بن العلاء، وكان يتمتع بحافظة
جيدة. حتى أنه كان يحفظ 16 ألف أرجوزة غير
دواوين العرب، قال عنه الشافعي: ما عَبَّرَ
أحد من العرب بمثل عبارة الأصمعي له كتب قيمة
منها: كتاب الأصول، والنوادر، والقلب
والإبدال، وغريب القرآن وخلق الإنسان،
واللغات... وغيرها ولد سنة 125 ومات سنة 210
هـ. البلغة 129، إنباه الرواة: 2/ 197، بغية
الوعاة: 2/ 112، طبقات القراء: 1/ 470،
والأعلام: 4/ 307.
ج / 2 ص -219-
واليزيدي1 إلى أنه لا حذف، وأن ما بعد الواو معطوف، وذلك على
تأويل العامل المذكور بعامل يصح انصبابه
عليهما؛ فيؤول زججن بحسنَّ2 وعلفتها بأنلتها3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اليزيدي: هو أبو محمد، يحيى بن المبارك
-مولى بني عدي، أخذ العربية عن أبي عمرو بن
العلاء، واللغة والعروض عن الخليل، وكان أحد
أكابر القراء، وكان ثقة صدوقا، وجعله الرشيد
مؤدبا للمأمون، له: مختصر في النحو، المقصور
والممدود، النقط والشكل... وغيرها وله الكثير
من الشعر، مات بخراسان سنة 202 هـ. البلغة:
284، بغية الوعاة: 2/ 340، طبقات القراء: 2/
375، وفيات الأعيان: 2/ 304، الأعلام: 9/ 205.
توجيه: الفرق بين العطف والمعية: أن العطف
يقتضي المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه في
معنى الفعل، سواء حصلت المشاركة في الزمن أو
لا؛ فإذا قلت: قابلت محمدا وعليا في الحج،
فيجب أن تتناولهما المقابلة، وليس بلازم أن
تكون شملتهما مع المتكلم في وقت واحد. أما
المعية فبالعكس؛ أي: إنه تتحتم المشاركة
الزمنية. أما المشاركة المعنوية؛ فقد تكون أو
لا تكون؛ فإذا قلت: سار محمد والنيل -تعينت
المشاركة الزمنية. أما المعنوية؛ فلا يمكن؛
لأن النيل لا يشارك في السير. ضياء السالك: 2/
160.
فائدة: قال الصبان: قال الفارضي: إذا اجتمعت
المفاعيل؛ قدم المفعول المطلق. ثم المفعول به
الذي تعدى إليه الفاعل بنفسه، ثم الذي تعدى
إليه بواسطة الحرف، ثم المفعول فيه الزماني،
ثم المكاني، ثم المفعول له، ثم المفعول معه؛
نحو: ضربت ضربا محمدا بسوط نهارا هنا تأديبا
وطلوع الشمس؛ والظاهر أن هذا الترتيب أولى؛ لا
واجب، ومن الخير أن يراعى تقديم -الأهم
والمقصود- مهما كان. حاشية الصبان: على شرح
الأشموني: 2/ 141.
2 لأن "حَسَّنَّ" يصح تسلطه على كل من العيون
والحواجب.
3 لأن "أنلتها" يصح تسلطه على التبن والماء؛
والتوسع في معنى الأفعال من باب التضمين؛ وهو
سائغ ووارد في لغة العرب. |