إيجاز التعريف في علم التصريف
فصل [إبدال الواو ياء في الجمع على فُعُول]
إذا جمع ما لامُه واوٌ على فُعُول أبدلت لامه ياء ووجب
للواو التي قبلها ما ذكر آنفاً من إبدالٍ وإدْغامٍ
نحو:"دُلِيّ وعُصِيّ" في جمع"دَلْوٍ" و"عصا"، وفي الفاء
التخيير بين الضم والكسر(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ينظر الكتاب 4/362، 384-385، والنكت في تفسير كتاب
سيبويه 2/1211،كتاب المفتاح في الصرف ص 105، ونزهة الطرف ص
34-43، والممتع 2/497-498. وقال في المساعد
4/136:"والأكثر في فاء عصيٍّ ونحوه الضم وهو الأصل
والأفصح، ومن العرب من يكسر الفاء اتباعاً لحركة العين هذا
في الجمع).
ص -152-
وكذلك كل فاء مضمومة
تليها ياء مدغمة في ياء هي لام ك "لُيٍّ "جمع "ألوى"1، وقد
يجيئ هذا الجمع مصححاً كـ"أُبُوٍّ" و"نُحُوٍّ" في جمع
"أبٍ، ونَحْو"2. إن لم تكن عينه واواً كلامه كجوّ3 لو
جُمِعَ على فُعُول.
وشذ تغليب الواو في قولهم:"فُتِيٌّ وفُتُوٌّ"4 "حكاه"5
الفراء، ويمكن أن يكون فتوّ على لغة من قال في التثنية:
فتوان حكاه يعقوب6 فلام فتى على هذه /"13-أ) اللغة واو،
والأعرف كونها ياء لإجماع العرب على فِتْيَة وفِتْيَان7.
فإن كانت الواو لام "مَفعُول "أو لام "فُعُول "مصدراً أو
عين "فُعَّل
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الألوى: الشديد من الرجال وغيرهم، ويقال: قرن ألوى إذا
كان ملتوياً معوجاً.
2 النحو: الجهة. وتنظر المراجع السابقة، والمنصف
2/123-124، وشرح الملوكي لابن يعيش ص 478-480، وشرح
الكافية للرضي 3/87 وما بعدها. قال الرضي في 3/171: "ولا
يقاس عليه خلافاً للفراء".
3 الجو: الهواء، وما بين الأرض والسماء، واسم بلد هو
اليمامة، يمامة زرقاء. ينظر: الصحاح واللسان "جوا".
4 في الصحاح "فتى": "الفتى: الشاب.. والفتى السخي الكريم،
يقال هو فتىً بَيِّن الفُتُوَّة، وقد تفتَّى وتفاتى،
والجمع فتيان وفتية وفُتُوٌّ على فعول، وفُتِيٌّ مثل
عصى... قال سيبويه: أبدلوا الواو في الجمع والمصدر بدلاً
شاذاً". وينظر اللسان، والقاموس"فتى). وينظر: المساعد
4/137.
5 في أ: "وحكاه".
6 نسب له ذلك القول في اللسان "فتى".
7 ينظر الصحاح والقاموس واللسان "فتى".
ص -153-
"جمعاً جاز الإعلال.
والتصحيحُ أكثر ك "مَعْدُوٍّ ومَعْدِيٍّ"1 و "عُتُوٍّ
وعُتِيٍّ"2، و"صُوَّمٍ وصُيَّم"3.
وربما أُعِلَّ فُعَّال كـ"نُيَّام"4؛ والتزم تصحيح فُعُول
كـ"عُدُوٍّ"5. و"عُفُوٍّ"67؛ لأنَّه لو أعل الإعلال
المذكور التبس بفَعِيل كـ"جَلِيٍّ"8
و"زَكِيٍّ"9بخلاف"فُعُول ومَفْعُول "فإنَّ التباسهما بغير
بنائهما مأمون؛ إذ ليس في الكلام"فُعِيل، ولا مَفْعِيل"
إلاَّ ما ندر كـ"مَسْكِين"10 . فإذا ظُفِرَ بما يوازنهما
عُلِمَ أنَّه مُغَيَّر عن أصله، ك"بُكِيٍّ"11.
"مَكنِيٍّ"12.
فإنْ كانت الواو في فُعُول أو مَفْعُول بدلاً من همزة
امتنع الإعلال
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الكتاب 4/384-385، والمقتضب 1/175، 187 .
2 ينظر كتاب العين 2/226، والكتاب 4/384-385.
3 ينظر الكتاب 4/362، والمقتضب 1/128، 189، والمنصف
2/3،4،9.
4 ينظر المنصف 2/5، والممتع 2/498، وشرح ابن عقيل 2/579.
وينظر المساعد 4/139، وشرح التعريف لابن إياز ص 159.
5 ينظر القاموس "عدا".
6 في ب: "كعُفُوّ وعُدُوّ".
7 عَفَت الدَّار عُفُوّاً بمعنى درست. القامو واللسان
"عفى".
8 ينظر المرجعان السابقان "جلا".
9 ينظر المرجعان السابقان "زكى".
10 جاء في اللسان "سكن": "والمِسْكِين والْمَسْكين -
الأخيرة نادرة؛ لأنَّه ليس في الكلام مَفْعِيل - الذي لا
شيء له، وقيل: الذي لا شيء له يكفي عياله".
11 قال في الصحاح "بكى": "والبُكِيُّ على فُعُول جمع
باكٍ، مثل: جالس وجُلُوس، إلاَّ أنَّهم قلبوا الواو ياءً".
12ينظر: اللسان والقاموس "كنى".
ص -154-
المذكور نحو: قُرُوء في لغة مَنْ خَفَّف
فقال: قُروٌّ ومَقْروُّ1. أمَّا قول الشاعر2:
... ... ... ... ... ... كورهاء مَشْنِيٌّ إليها حليلها3
فبناه على شَنِئَ بإبدال الهمزة ياءً4؛ لأنَّها مفتوحة بعد
كسرة، وقد حُكِيَ أنَّ من العرب مَنْ يقول: كَلَيْتُه
بمعنى كلأته، ومَكْلِيٌّ بمعنى مَكْلُوٍّ5 - أي محفوظ،
فَشَنِئٍ أولى بذلك لكسر عينه، ولو جعل هذا مطرداً - أعني
إبدال الهمزة ياءً إذا كانت لام مَفْعُول من فِعْلٍ على
فَعِل كَشَنِئ - لكان صواباً.
وكذلك إذا بنى على "فُعِل" وكان أصله "فَعَل "- بفتح العين
- فليس ذا بأبعد"6 من قول مَنْ قال: "مَشيب، ومَهُوب"
حملاً على
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر اللسان "قرأ". "شنأ" 1/97.
2 هو الفرزدق، كما في ديوانه 2/62.
3 هذا عجز بيت من الطويل، وصدره:
وما خاصم الأقوام من ذي خصومةٍ ... ... ... ...
...
ورواية الديوان، وتهذيب إصلاح المنطق: "مشنوء "بغير إبدال.
وقد ورد الإبدال في تهذيب اللغة 10/360: "كلأ": "والورهاء
الحمقاء، والمشنوء المبغض والحليلالزوج".
4 قال في تهذيب اللغة 10/360 "كلأ": "فبني على شنيت بترك
النبر".
5 قال في تهذيب اللغة 10/359 "كلأ": "قال الفراء: ولو تركت
همز مثله في غير القرآن لقلت: يكلوكم بواو ساكنة، ويكلاكم
بألف ساكنة مثل يخشاكم، فمن جعلها واواً ساكنة قال:
كَلاَتُ بألف بترك النبر منها، ومن قال يكلاكم قال: كليت
مثل مَضيت، وهي من لغة قريش، وكُلٌّ حسنٌ، إلاَّ أنَّهم
يقولون في الوجهين: مكلوَّة ومكلوٌّ، أكثر مِمَّا يقولون:
مكْلِيٌّ، ولو قيل: مكليّ في الذين يقولون كَلَيْتُ كان
صواباً".
6 من هنا بدأ السقط من "ب "ومقداره صفحتان تقريباً.
ص -155-
"شِيبَ1 وهُوبَ"2 وهما
من "الشوب والهيبة"3.
وهذا مُنَبِّهٌ على أنَّ إعلال "معدوٍّ" ونحوه حمل على
"عدى وعادٍ"، مع تقدير طرح المدة الزائدة فيشبه "أَدْلُواً
"فيعامل معاملته حين قيل فيه: "أدلٍ"4.
فإذا انضم إلى ذلك لزوم إعلال الفعل لكونه على فَعِل كـ
"رَضِي" أوثر إعلال مَفْعُول على تصحيحه قال تعالى:
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}5
ولم يقل مَرْضُوَّة؛ لأنَّ القرآن لم ينزل بغير الأوْلَى.
فإن كانت في مفعول مما عينه واو تعين الإعلال المذكور نحو:
قُوِيَ على زيد فهو مُقْوِيٌّ عليه. أصله: مَقْوُوٌّ عليه،
فاستثقل توالي ثلاث واوات بعد ضمة فلجئ إلى التخفيف
بالإعلال6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الصحاح "شوب" فقد جاء فيه: "إنَّما بناه على شيب
الذي لم يسمَّ فاعله، أي مخلوط بالتوابل والصباع.
2 قال في الصحاح "هيب": "ورجل مهيب أي تهابه الناس، وكذلك
مهوب بني على قولهم: هُوبَ الرجل، لما نقل من الياء إلى
الواو فيما لم يسم فاعله. وينظر في هذه المسألة شرح
الكافية الشافية 4/2142- 2144 فقد قال فيه:
وشَذَّ في مَشوب المشِيب
كذا مَهُوباً جعل المَهُوب
3 ينظر الارتشاف ص 244-245
4 قال في الكتاب 4/384: "وقالوا: عُتِيٌّ ومَغْرِيٌّ
"شبهوها حيث كان قبلها حرف مضموم ولم يكن بينهما إلاَّ حرف
ساكن بأدْلٍ، فالوجه في هذا النحو الواو، والأخرى عربية
كثيرة. وينظر القتضب 1/187
5 الآية 28 من سورة الفجر.
6 قال في الكافية الشافية - شرحها 4/2146:
وكل ذي الأوزان من نحو "قوى "
لم يُستجز تصحيحه ولا نُوى
ينظر: المقتضب في اسم المفعول من الثلاثي المعتل العين ص
103، وينظر المساعد 4/150.
ص -156-
وأيضاً: فإذا كان إعلالُ مَعْدُوّ جائزاً(1)
مع أنَّ تصحيحه لا يوقع في بعض ما يوقع تصحيح مَقْوِيٍّ
فإعلال مَقْوِيٍّ لإيقاعه فيما ذكر متعين لا محيص عنه(2).
وهذا الإعلال متعين أيضاً لكل ما آخره كآخر مفعول مبنياً
مما عينه ولامه واو، وإن لحقته التاء فكذلك، ولا فرق بين
تقدير لزومها وتقدير عروضها(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدَّم الكلام عليه في ص 152-153.
(2) تنظر المراجع السابقة في الحاشية"4" من الصفحة
السابقة.
(3) ينظر المساعد 4/154-155.
فصل: [من مواضع إبدال الواو ياء]
تبدل الياء من الواو الكائنة لام فُعْلَى صفة محضة
كالعُلْيَا ، أو جارية مجرى الأسماء كالدُّنْيَا (1)،و
الأصل فيهما : العُلْوَى والدُّنْوَى ، لأنَّهما من العلو
والدنو ، ولكنهما مؤنثاً الأعلى والأدنى ، والواو في
المذكر قد أبدلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في المساعد 4/157 :" وخرج بصفة الاسم فلا تبدل فيه
نحو : حُزوى ، اسم موضع . هذا ما ذهب إليه المصنف ، وهو
مذهب الفراء وابن السكيت والفارسي وناس من اللغويين ؟
وذهب إليه أن تصحيح حُزوى شاذ وأن قياس الاسم الإعلال
وتمسكوا بالدنيا أنثى الأدنى ونحو ذلك . وقالوا إن الصفة
تبقى على لفظها ولا تغير نحو : خذ الحلوى واعط المزى ،
قالوا وشذ من الاسم شيء لم يقلب وهو القصوى . وحزوى اسم
موضع ، ولعل الأول أقرب إلى الصواب".
وينظر : الكتاب4/389 ، وسر صناعة الإعراب ص 735 - 736
والمنصف 2/162، والنكت في تفسير كتاب سيبويه 2/1213 ،
والممتع 2/544 -545 ، وشرح الكافية الشافية 4/2120 - 2120
، والارتشاف 1/291
ص -157-
ياء ، لتطرفها ووقوعها رابعة ، فقلب في /
(13/ب) المؤنث حملاً علىالمذكر ، ولأن هذا الإعلال تخفيف
فكان به المؤنث أولى ، لما فيه من مزيد الثقل بالوصفية ،
والتأنيث بعلامة لازمة غير مغيرة في مثال مضموم الأول
ملازم للتأنيث .
وإذا كانوا (1) يفرون من تصحيح الواو ، لمجرد
ضم الأول وكون التأنيث بعلامة ليس أصلها أن تلزم فقالوا في
"الرَّغْوَة " : رُغاَيَة ، فأبدلوا الواو ياء مع الضمة ،
ولم يبدلوها مع الكسرة حين قالوا : رغاوة (2) ،
لنقصان الثقل ، ففرارهم من تصحيحها مع اجتماع المستثقلات
المذكورة فإن كان "فُعْلَى"اسماً محضاً كـــ " حُزْوَى" لم
يغير ، لعدم مزيد الثقل وعدم مايحمل عليه ، كحمل العُلْيا
على الأعلى (3) .
وهذا الذي ذكرته وإن كان خلاف المشهور عند التصريفيين ،
فهو مؤيد بالدليل ،وهو موافق لقول أئمة اللغة . فمن قولهم
ما حكاه الأزهري (4) عن ابن السكيت (5)
وعن الفراء (6) أنهما قالا : ماكن من النعوت
مثل الدُّنْيَا والعُلْيَا فإنُّه بالياء ، لأنهم يستثقلون
الواو مع ضمة أوله وليس فيه اختلاف ، إلأّ أن أهل الحجاز
قالو : " القُصْوى" فأظهروا الواو ،وهو نادر . وبنو نيم
يقولون : القُصْيا (7) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)في المخطوط : " وإذا كانوا مما يفرون ......."فلعل"
مما"زائدة .
(2) الرغوة : زبد اللبن ، وفيها ثلاث لغات : ضم الراء
وفتحها وكسرها . وفيها أيضاً : رُغاية بضم الراء ، ورغاوة
بكسر الراء والواو قبل الأخير .
(3) تنظر المراجع السابقة في الحاشية (4) ص 156
(4) تقدمت ترجمته قي ص 130
(5) تقدمت ترجمته قي ص 76
(6) تقدمت ترجمته قي ص 62
(7) ينظر هذا الكلام في تهذيب اللغة ، باب القاف والصاد
9/219 .
ص -158-
هذا قول ابن السكيت ، وقول الفراء ، والوقع
على وفقه . قال الله تعالى :
{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} (1) ,وقال تعالى :
{وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا }
(2)
ان صفتان محضتان ، والنحويون يقولون
: هذا الإعلال مخصوص بالاسم ثُمَّ لايمثلون إلأَّ بصفة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية 42 من سورة الأنفال .
(2) من الآية 40 من سورة التوبة .
ولم أعثر على مانُسب للفراء في تفسيرة معاني القرآن عند
كلامه على هاتين الآيتين .
فصل [من شواذ الإعلال]
من شواذ الإعلال إبدال الواو من الياء في فَعْلَى اسماً كـ
"الثَّنْوَى"1، و"البَقْوَى"2، و"التَّقْوَى"3، و
"الفَتْوَى"4. والأصل فيهنَّ الياء؛ لأنَّهن من الثَّنْي،
والبُقْيَا، والتُّقى مصدر تقيت بمعنى اتقيت، والفُتْيَا.
وأكثر النحويين يجعلون هذا مطرداً5، ويزعمون أنَّ ذلك
فُعِل فرقاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال في الصحاح "ثنى": "والثُّنْيَا بالضم الاسم من
الاستثناء، وكذلك الثَّنْوَى بالفتح".
2 قال في الصحاح "بقى": "أبقيت على فلان إذا رحمته، والاسم
منه البُقيا والبَقْوَى".
3 التقوى: التقية والورع. ينظر المنصف 3/74، والمنتخب ص
572
4 الفتوى: هي الفُتْيَا، ومعناها الجواب عن المسألة. ينظر
المنتخب، والمنصف في الصفحات السابقة نفسها.
5 قال ابن عقيل في المساعد 4/158-159 عند قول المصنف في
التسهيل: "وشذ إبدال الواو من الياء لاما لفَعْلَى
اسماً"... ولعل مراده شذوذ القياس لا شذوذ عدم الاطراد
فإنَّ ذلك مطرد في الاستعمال كما قال أكثر النحويين، وعليه
كلام سيبويه، وقال المصنّف في غير هذا الكتاب: أو شذوذ لا
يقاس عليه...".
ص -159-
بين الاسم والصفة وأوثر الاسم بهذا
الإعلال؛ لأنَّه مستثقل، فكان الاسم أحمل له لخفته وثقل
الصفة1، كما أنَّهم حين قصدوا التفرقة بين الاسم والصفة في
جمع فَعْلَة، حركوا عين الاسم وأبقوا عين الصفة على
أصلها2.
وألحقوا بالأربعة المذكورة الشَّرْوى3، والطَّغْوَى4،
والعوَّى5، والرَّعْوى6 زاعمين أنَّ أصلها من الياء.
والأولى عندي جعل هذه الأواخر من الواو سدّاً لباب التكثر
من الشذوذ حين أمكن سده، وذلك أنَّ الشروى - معناه: المثل
- ولا دليل على أنَّ واوه منقلبة عن ياء إلاَّ ادعاء مَنْ
قال: إنَّه من شَريت7، وذلك ممنوع؛ إذ هي دعوى مجردة عن
الدليل، مع أنَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر المنصف 2/158.
2 قال ابن عصفور في الممتع 2/542: "وإنَّما فعلوا ذلك
تفرقة بين الاسم والصفة وقلبوا الياء واواً في الاسم دون
الصفة؛ لأنَّ الاسم أخف من الصفة؛ لأنَّ الصفة تشبه الفعل،
والواو أثقل من الياء فلما عزموا على إبدال الياء واوا
وجعلوا ذلك في الاسم لخفته فكان عندهم من أجل ذلك أحمل
للثقل. وينظر: شرح التصريف للثمانيني ص 517-518
3 في المنتخب ص 286، 572: "شروى كل شيء مثله".
4 الطُّغْيَا مجاوزة الحد والطُّغوان بمعناه وكذلك
الطَّغْوَى بالفتح.
ينظر الصحاح "طغا" 6/2413
5 العوَّاء والعوّى بالمد والقصر من منازل القمر، وهي
أيضاً سافلة الإنسان. ينظر الصحاح"عوى)، واللسان "عوى"
19/145
6 في تهذيب اللغة "رعى" 3/163: "والرعوى اسم من الإرعاء
وهو الإبقاء... روى أبوعبيدة عن الكسائي: الرعوى والرعيا
من رعاية الحفاظ، وقال الليث: يقال: ارعوى فلان عن الجهل
ارعواءً حسناً ورعوىً حسنةً وهو نزوعه وحسن رجوعه، قلت:
والرعوى لها ثلاثة معانٍ: أحدها: الرعوى اسم من الإرعاء
وهو الإبقاء، والرعوى رعاية الحفاظ للعهد، والرعوى حسن
المراجعة والنزوع عن الجهل". وينظر: المنتخب ص 572، وسر
الصناعة ص 88-90.
7 من الذين صرَّحوا بذلك ابن السراج في الأصول 3/266،
وابن جني في سر الصناعة 2/592، والأعلم الشنتمري في النكت
في تفسير كتاب سيبويه 2/1138.
ص -160-
الشَّرْوَى إذا كان غير مشتق وافق /(4-أ)
كثيراً من نظائره كـ "النِّد"1، و "الحِتْنِ"2، و
"التِّنِّ"3، و "الشَّيْعِ"4، و "الصِّرْع"5 معنى كل واحد
من هذه كمعنى الشَّرْوى، ولا اشتقاق لها، فالأولى
بالشرَّوَى أن يكون غير مشتق.
وأمَّا "الطُّغْوَى" فإنَّه قد روى في فعله "طَغَيْت
طُغْيَاناً، وطَغَوْتُ طُغْوَاناً"6 فَرَدُّ "الطُّغْوَى
إلى طَغَوتُ" أولَى من ردِّه إلى "طَغَيْتَ" تجنُّباً
للشذوذ.
وأمَّا "العَوّى "فهو من عَوَيْت الشيءَ إذا لويته7. وقد
روى منه"عَوَّة)8 بتغليب الواو على الياء كما فُعِلَ في
"الفُتُوَّة"9 فليس ذلك؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النِّدُو النديدُ والنديدةُ الشبيه والمثيل. ينظر
المنتخب ص 286، والألفاظ الكتابية ص 9.
2 قال في المنتخب ص 513: "يقال هذا حَتْن هذا وحِتْنه أي
مثله". وتنظر الألفاظ الكتابية ص 95.
3 التِّنُّ: الشبه والمثل، يقال هما تِنَّان أي مثلان.
ينظر المنتخب ص 285
4 الموجود في المخطوط: "الشبع "بالباء، وهو تحريف؛ لأنَّه
لا يأتي بمعنى المثل والصواب: الشَّيْعُ. قال في اللسان
"شيع": "يقال: هذا شَيْعُ هذا، أي مثله".
5 الصَّرْع بفتح الصاد وكسرها المثل والشبه، يقال هما
صِرْعان وصَرْعان.
ينظر المنتخب ص 285، 512، وينظر تهذيب اللغة "صرع" 2/24.
6 قال في المنتخب ص 555 عند ذكره للأفعال التي جاءت بالواو
والياء: "وطغوت وطغيت". وينظر الصحاح "طغا".
7 ينظر اللسان "عوى" 19/345.
8 قال في اللسان "عوى" 19/342: "عوى الذئب والكلب يعوي
عَيّاً وعُواء وعَوَّة وعَوْيةً - كلاهما نادر - لوى خطمه
ثُمَّ صوت".
9 قال بعض العلماء: إنَّ الواو فيها أصل وليست منقلبة عن
الياء؛ لأنَّها من الفتوان، وقال آخرون إنَّها منقلبة عن
الياء؛ لأنَّها من الفتيان، وإنَّما قلبت الياء فيها
واواً؛ لأنَّ أكثر هذا الضرب من المصادر على "فُعُولة
"إنَّما هو من الواو كالأخوَّة فحملوا ما كان من الياء
عليه فلزمت القلب. اللسان "فتا" 20/4، وتنظر الآراء في
"العوَّى " في "عوى "19/345، والمساعد 4/160، والممتع
2/542-543، 2/570، 57، 572.
ص -161-
لأنَّه على فَعْلَى.
ويحتمل أن يكون عَوَّا مقصوراً"1 من عوَّاء فعَّال من
عويت، فتكون واوه عيناً مضعَّفة كالواو في شَوَّاء إذا قصر
فقيل فيه: شَوَّى، ومُنِعَ من الصرف لتأنيثه باعتبار كون
مسماه مَنْزِلَةً2.
ويحتمل أن يكون منقولاً من "عَوَّى" فَعَّلَ من "عويت"
فسموا المنزلة بهذا الوزن" من الفعل"3 كما سمى ب
"شَمَّرَ"-4 فرس- و ب"بَذَّر"-5 ماء - و ب "عَثَّرَ"-6
موضع.
ويعتذر"عن)7 دخول الألف واللام بما يعتذر عن دخولهما
في"اليسع"8.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هنا نهاية السقط من "ب".
2 تنظر الحاشية"5) ص 171
3 في ب: "من الوزن".
4 ينظر اللسان "شمر" 6/98
5 بَذَّر: اسم بئر بمكة حفرها عبد مناف عند خطم جبل
الخندمة على فم شعب أبي طالب. ينظر: معجم البلدان 1/361
6 موضع باليمن بينها وبين مكَّة عشرة أيام، وهي مشهورة
بكثرة الأسود. ينظر معجم البلدان 4/85
7 في أ: "عند دخول". وهو تحريف.
8 قال الصبان في حاشيته على الأشموني 1/181:
عند قول الأشموني: "والسموأل واليسع": "والثاني علم نبي
قيل هو يوشع بن نون فتى موسى عليهما السلام، واختلف فيه
فقيل: هو أعجمي، وأل قارنت ارتجاله، وقيل: عربي، وأل قارنت
نقله من مضارع "وسع"، واستشكل الثاني بأنَّهم نصوا على أن
لا عربي من أسماء الأنبياء إلاَّ شعيباً وصالحاً ومحمّداً.
وأجيب: بأنَّ المراد العربي المصروف لا العربي مطلقاً،
وبأنَّ المراد العربي المتفق على عربيته، واستشكل الأول
بأنَّ "أل "كلمة عربية فكيف تقارن الوضع العجمي ؟.
وأجيب: بأنَّ الواضع الله تعالى ولا مانع من أنَّه تعالى
يضم العربي إلى العجمي، وأورد عليه أنَّ الأعلام خارجة من
محل الخلاف، فإنَّ الواضع لها الأبوان اتفاقاً، ولك أن
تقول إنَّما ذلك فيما لا يمكن فيه الوحى، أمَّا أسماء
أولاد الأنبياء وأصحابهم فيمكن أن يكون واضعها الله تعالى
بالوحي إلى ذلك النبي، نحو:
{اسْمُهُ يَحْيَى}،
{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ}،
{اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}. واليسع من هذا القبيل... وهو صريح في أنَّ اليسع غير مصروف، وبه
يعرف ما في قول البعض إنَّه مصروف لوجود أل وإن كانت
زائدة".
ص -162-
وأمَّا "الرَّعْوَى" فهو من "ارعويت"1 لا
من "رعيت"2. وهذا قول أبي عليٍّ3 رحمه الله "تعالى"4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر ذلك القول الأزهريُّ في تهذيب اللغة "رعى" 3/163
فقال:"وقال الليث: يقال: ارْعَوى فلان عن الجهل ارعواءً
حسناً، ورَعْوَى حسنة، وهو نزوعه وحسن رجوعه". وذكره
أيضاً ابن الشجري في أماليه 2/454-455 فقال: "ارعوى عن
القبيح رجع عنه، وهو حسن الرّعْوَى، وارْعَوَى من مضاعف
الواو، فأصله: ارْعَوَوَ. كما أنَّ أصل: احمرَّ احمرر،
فكرهوا أن يُدْغِموا فيقولوا: ارعوَّ يَرْعوُّ، كما
قالوا: احْمَرَّ يَحْمَرُّ، فقلبوا الواو الثانية ألفاً؛
لتحركها وانفتاح ما قبلها.
2 قال بذلك جمهورُ النحاةِ واللغويين، فقد صرَّح بذلك كراع
النمل في المنتخب ص 572، ونسبه الأزهري في تهذيب اللغة
"رعى" 3/163 للكسائي، وصرح به ابن جني في سر الصناعة ص 88،
89، 90،591، والمنصف 2/158. وينظر الصحاح واللسان والقاموس
"رعا".
3 هو: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، كان إمام وقته
في علم النحو، أخذ عن المبرد وغيره، وأخذ عنه خلق كثير، من
أشهرهم ابن جني الذي لازمه أربعين سنة. ترك مؤلَّفات
كثيرة منها: الإيضاح، والحجة، ومسائل متنوعة. توفي رحمه
الله سنة 377ه. تنظر ترجمته في: بغية الوعاة 1/496، وغاية
النهاية 1/206-207.
4 كلمة "تعالى "ساقطة من أ. قال أبو علي في كتاب الشعر
1/130: "وقد ثبت البدل من الحرف الذي هو لام قبل ألف
التأنيث، نحو: شروى، وتقوى، ورعوى".
ص -163-
وهذا أولى من شذوذ يؤدي إلى قول من قال:
أبدلت الواو من الياء في فَعْلَى اسماً مقاصة منها1 "إذ"2
كانت هي المغلبة عليها في معظم الكلام.
وحسب هذا القول ضعفاً أنَّه يوجب أن يكون ما فُعِل من
الإعلال المطرد الذي اقتضته الحكمة ظلماً وتعدّياً؛ إذ
المقاصَّةُ لا تكون في غير تعد ٍ.
وقولهم: فُعِل هذا الإعلال فرقاً بين الاسم والصفة كما فرق
بينهما في جمع فَعْلَة ليس بجيد أيضاً؛ لأنَّ الالتباس
هناك واقع، كجَلَدَاتٍ، ونَدَبَاتٍ، وعَدَلاَت،
وَحَشَرَات، فبتسكين عيناتها يعلم أنَّهن جمع"جَلْدة"-
بمعنى شديدة -3، و"ندبة"- بمعنى نشيطة -4، و"عَدْلَة"-
بمعنى ذات عدالة -5، و "حَشْرَة" - بمعنى رقيقة - وبفتحها
يُعْلَمُ أنَّهُنَّ جمع مرة من جَلَد ونَدَب، وَحَشَر6
فظهرت فائدة الفرق هناك.
وأمَّا "الثنوى"7وأخواتها فألفاظ قليلة يكتفى في بيان
أمرها بأدنى قرينة لو خيف التباس، فكيف والالتباس مأمون،
إذ لا توجد صفات توافق "ثَنْوَى"وأخواتها لفظاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مِمَّن قال بذلك ابن جني في سر الصناعة ص 88، 591
2 في أ: "إذا".
3 ينظر القاموس "جلد".
4 ينظر الصحاح "ندب".
5 ينظر القاموس "عدل".
6 ينظر الصحاح "حشر".
7 تقدَّمت في ص 170
ص -164-
ومِمَّا يبين أنَّ إبدال يائها واواً شاذ
تصحيح ياء "الريَّا" -1 وهي الرائحة - و"الطُّغيا" - وهو
ولد البقرة الوحشية تفتح طاؤه وتضم -2 و"سعيا" - اسم موضع
-3. فهذه الثلاثة الجائية على الأصل، والتجنب للشذوذ أولى
بالقياس عليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يرى سيبويه وجمهور النحويين أنَّ "رَيَّا "اسم، والأصل
فيه رائحة ريَّا أي ممتلئة طيباً.. أمَّا ابن مالك فيرى
أنَّها اسم للرائحة. ينظر الكتاب 4/389، والمنصف 2/158،
والممتع ص542،572، والمساعد 4/158، والارتشاف 1/144.
2 ينظر تهذيب اللغة "طغا" 8/167، والصحاح "طغا" 6/2413.
وتنظر المراجع السابقة.
3 قال في معجم البلدان 3/221: "سَعْيَا بوزن يحي يجوز أن
يكون فَعْلَى من "سعيت "وهو وادٍ بتهامة قرب مكة أسفله
لكنانة وأعلاه لهذيل، وقيل: جبل". وينظر المساعد 4/158،
وشرح الكافية الشافية 4/2121.
|