إيجاز التعريف في علم التصريف فصل [إبدال الياء والواو ألفاً]
إذا وقعت بعد فتحة ياءٌ أو واوٌ - متحركة - أبدلت"الياء أو
الواو1 ألِفَاً2 نحو: "ناب، وباب، وحصى، وعصا، وباع، وراع،
وسبى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ما بين الأقواس " "ساقط من ب.
2 اشترط الصرفيون لقلب الواو والياء ألفاً شروطاً أنهاها
بعضهم إلى أحد عشر شرطاً فصَّلها الأستاذ أحمد إبراهيم
عمارة في كتابه "منجد الطالبين في الإبدال والإعلال
والإدغام والتقاء الساكنين). وفيما يلي تلخيص شديد
الإيجاز لتلك الشروط:
1 - أن يتحركا.
2 - أن تكون حركتهما أصلية.
3 - أن يكون ما قبلهما مفتوحاً، ولو على سبيل العروض.
4 - أن تكون الفتحة وحرف العلة في كلمة واحدة متصلتين.
5 - ألا يكون اتصال الفتحة بحرف العلة عارضاً بحذف حرف
يفصلهما.
6 - أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين وألاَّ يقع بعدهما
ألف ولا ياء مشددة ولا نون توكيد إن كانتا لامين.
7 - ألاَّ يكون أحدهما عينا لفَعِل بكسر العين الذي الوصف
منه على أفعل.
8 - ألاَّ تكون عيناً لمصدر فَعِل بكسر العين الذي الوصف
منه على أفْعل.
9 - وهو خاص بالواو، وهو ألاَّ تقع عيناً لافتعل الدال على
المشاركة في الفعل نحو: اجَتوروا، بمعنى: تجاوروا.
10- ألاَّ تكون متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال.
11- وهو خاص بالعين: ألا يكون أحدهما عيناً لما آخره زيادة
مختصَّة
بالأسماء، وذلك مثل الألف والنون الزائدتان، وألف
التأنيث، نحو: "جَوَلاَن، وَسَيَلاَن، وَحَيَدَى،
وَصَوَرَى... ".
منجد الطالبين ص 134-146. وينظر في الموضوع: الكتاب 4/238،
وسالمنصف 1/23، 190، وكتاب المفتاح في الصرف للجرجاني ص
92، وكتاب في التصريف للجرجاني ص 78-81.
ص -165-
وصبا"(1) أصلهن: "نَيَبٌ،
وبَوَبٌ، وحَصَيٌ، وعَصَوٌ، وبَيَعٌ، ورَوَعٌ، وسَبَيٌ،
وصَبَيٌ" /"14-ب) بدلالة قولهم: "أنياب، وأبواب، وحَصَيَات(2)،
وعَصَوان(3)، وبَيْعٌ، وسَبْيٌ، وصَبْوَةٌ"(4).
فلمَّا انفتح ما قبل الياء والواو وتحركتا في الأصل قلبتا
ألفين، ولو سكنتا في الأصل لصحتا كما صحتا في "سَيْف،
وخَوْف".
وربَّما قلبتا(5)بعد الفتحة - وإن سكنتا في
الأصل- كقولهم في"دُوَيْبَّة: دَوَابَّة، وفي صَوْمة:
صَامَة"(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-في ب: "صبا وسبى".
2- أي: جمعها والجمع يرد الأشياء إلى أصولها.
3- أي: تثنيتها والتثنية ترد الأشياء إلى أصلها.
4- الكلمات الثلاثة مصادر والمصدر أصل الاشتقاق على القول
الراجح.
5- في النسختين "قلبت"، والصواب ما أثبتناه؛ لأنَّ المقلوب
شيئان.
6-قال المصنف في شرح الكافية الشافية 4/2136-2137: "وقد
يبدلون ما سكن منهما في مواضع يقطع بانتفاء الحركة فيهما،
كقولهم: "دَوَابَّة "في "دُوَيَّبة"، و "صَامَة، وتَابَة
"في "صَوْمة، وتَوْبة".
ص -166-
أنشد ابن برْهَان1:
تُبْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تَابِتي
وَصُمْتُ رَبِّي
فَتَقَبَّلْ صَامَتِي2
فلو كانت الفتحة في كلمة والواو والياء في الأخرى لم يكن إلى
هذا الإعلال سبيل نحو: إنَّ وَلدك يقظ3.
وكذلك لو كانت الحركة عارضة كقول مَنْ قال
في"جَيْأل"4:"جَيَل".
"وإن"5سكن ما بعدهما فكذلك نحو:"بَيَان6، وعَوَان7
وحَوِير8،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي
العكبري النحوي، كان إماماً في النحو، عالماً باللغة،
خبيراً بالأنساب، راوية لأيام العرب وأخبار المتقدمين، له
أنس شديد بعلم الحديث، متقدم في معاني القرآن. وُلِدَ في
عكبر في العراق، وإليها يُنْسَب، ولم تذكر كتب التراجم سنة
ميلاده، وتوفي سنة 456ه، وله مؤلَّفات منها: أصول الفقه،
وشرح اللمع. تنظر ترجمته في إشارة التعيين ص 199، والبداية
والنهاية /92، والبغية 2/120، والأعلام 4/326
2 قال ابن برهان في شرحه للمع ص 462: "وقال العرني:
تبت إليك... ... ... الخ. يريد توبتي وصومتي".وورد البيت
غير منسوب في كل من المخصص 13/90، واللسان وتاج العروس
"توب). قال في اللسان: "إنَّما أراد توبتي وصومتي فأبدل
الواو ألفاً لضربٍ من الخفة... ".
3 ينظر المساعد 4/160، والارتشاف 1/195، ومنجد الطالبين
ص136.
4 في المخطوط: "جَيْل"، والتصحيح من شرح الكافية الشافية
4/2125. والجَيَل والجيأل: الضبع. القاموس "جأل".
5 في أ: "ولو".
6 بان بياناً اتضح. القاموس "البين".
7 قال في القاموس "العون": "والعَوَان كسحاب من الحروب
التي قوتل فيها مرة، ومن البقر والخيل التي نُتِجَت بعد
بطنها البكر، ومن النساء التي كان لها زوج".
8 الحوير من المحاورة وهي المجاوبة، يقال: كلمته ورجع
إليَّ حَوِيرا ولا حويرة. ينظر الصحاح "حور".
ص -167-
وغَيور1 فإنَّهما لو أبدلا عند سكون ما
بعدهما لالتقى ساكنان، وعند التقائهما يلزم أحد الأمرين:
إمَّا حذف أحدهما فيَلتبس مثال بمثال؛ لأنَّ"بَيَاناً
وَعَوَاناً" يصيران لو أُعِلاَّ:"بَانا وعَانا".
وإمَّا تحريك أحدهما وذلك رجوع إلى ما ترك من التصحيح،
فتعين استصحابه2.
فلو كانت الواو والياء لاماً مضمومة أو مكسورة قبل واو أو
ياء ساكنة مفردة حذفت بعد قلبها ألفاً3 نحو: جاءني
الأعْلَون، ورأيت الأَعْلَيْن، والأصل "الأعْلَيُون،
والأَعْلَيِيْن".
ولم يمنع إعلال هذه الياء ونحوها سكونُ ما بعدها؛ لأنَّها
لام.
)وحَذْف)4 اللام لساكن منفصل كثير، فإذا حذفت لساكن متصل
كما هو في الجمع المذكور فليس بمنكور.
وأيضاً فإنَّ اللام أقبل لتأثير أسباب الإعلال من العين،
ولذلك صحَّت واو"عِوَض"وياء "عُيَبَة"5 وأعلت واو
"شَجِيَة"6 وياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الغيور من الغيرة، يقال: رجل غَيُور وغيران. ينظر الصحاح
"غير".
2 أي الحرف الأصلي.
3 ينظر المساعد4/162، وشفاء العليل3/1098، ومنجد الطالبين
ص140.
4 في ب: "وحذفت".
5 في اللسان "عيب": ورجل عَيَّاب وعَيَّابة و عُيَبَة:
كثير العيب للناس. والرواية في ب: "غيبة"، وفي الصحاح
واللسان "غيب"، "وجمع الغائب غُيَّب، وغُيَّاب، وغَيَب
أيضاً، وإنَّما ثبتت فيه الياء مع التحريك؛ لأنَّه شبه
بصَيَد، وإن كان جمعاً، وصيد مصدر... " وقال المصنف في
التعريف في ضروري التصريف ص 50: "أو يقصد به التنبيه على
الأصل كقود وغَيب". وقال ابن يعيش في شرحه للملوكي ص 220:
"ألا تراهم لم يقلبوا عِوَض وطِوَل، ونحو "العُيبة
"لخروجها عن لفظ الفعل مع أنَّك لو قلبت في "عِوَض "ونحو
لصرت إلى الياء للكسرة قبلها، ولو قلبت في "العُيبَة "لصرت
إلى الواو للضمة قبلها، وهي لفظ لا تؤمن معه الحركة".
وينظر الكتاب 4/359، وشرح الشافية للرضي 3/87، 165.
6 الشجو الهم والحزن. ينظر اللسان "شجو".
ص -168-
"نَهُو"1 وهما من الشجو
والنهية.
بل قد تتأثر اللام لضعفها بالكسرة المنفصلة نحو:"ابن عمي
دِنْيَا" وهو من الدنُوِّ2.
وأيضاً فإنَّ إعلال لام"الأعْلَيْن"ونحوه لا يُوقِع في
لبس، بخلاف إعلال عين"غَيُور) وأمثاله.
فلو كانت اللام مفتوحة بعدها ألف صححت لخفة الفتحة والألف.
ولأنَّ هذا النوع إمَّا مثنى نحو: "فَتَيَان"، أو غير مثنى
كـ"صَمَيَان"3.
فلو أعلت في المثنى التبس بالمفرد حين يضاف، ولو أعلت في
غير المثنى التبس بفَعَال، فإنَّه كثير، وكلا الأمرين
منتفٍ في الجمع المذكور إذا أُعِلَّ4.
وكذلك ما أشبه هذا الجمع"في كون لامه"5 ياءً أو واواً غير
مفتوحة بعد فتحة وقبل واو ساكنة مثل: "عَنْكَبُوت" من
"رمى" فإنَّ أصله:"رَمْيَيُوت" مثل"أَعْلَيُون" فتقلب
الياء الثانية ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ثُمَّ تحذف
لملاقاة الواو بعدها فيصير:"رَمْيَوتا"6 وسهل ذلك أمن
اللبس إذ ليس في الكلام "فَعْلَون ولا فَعْلَوت".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في اللسان "نهى" ويقال: إنَّه لأمور بالمعروف ونَهُوٌ عن
المنكر. على "فَعُول". قال ابن بري: كان قياسه أن يقال:
"نهِى"؛ لأنَّ الواو والياء إذا اجتمعتا وسبق الأول
بالسكون قلبت الواو ياء".
2 في إصلاح المنطق ص 312: "وهو ابن عمي دِنْيَا
ودُنْياً". وفي الصحاح "دنا": "هو ابن عمٍ دِنيٍ،
ودِنْياً، ودُنْياً، ودِنية". وينظر اللسان "الدنو).
3 الصَّمَيَان: الرجل الماضي النافذ من قولهم: أصمى إذا
أنفذ الرمِيَّة.. النكت في تفسير كتاب سيبويه ص 1151.
4 ينظر المنصف 2/135-136.
5 في أ: "في كونه لامه".
6 ينظر الممتع 2/740-741.
ص -169-
فلو كان بعد اللام المذكورة واوان أو ياءان
أو واوٌ وياء جعلتا كياءي النسب وكسرت اللام مطلقاً، وقلبت
واواً إن لم تكنها كبناء مثل: (عَضْرَفُوط)1 من (غَزْو) أو
(رَمْيٍ) فإنَّك تقول فيه من (غزو: غَزْوَوِيٌّ) والأصل:
(غَزْوَوُووٌ:. ثُمَّ عُمِلَ به ما عُمِلَ باسم مفعول/2
(15-أ) من (قوي).
وتقول فيه من (رَمْيٍ): (رَمْيَويُّ) والأصل:
(رَمْيَيُويُّ) فقلبت الواو ياءً وأدغمت كما فعل باسم
مفعول من (رمى)3 ثُمَّ استثقل توالي الياءات فأبدلت
المكسورة واواً ابتداءً أو بعد قلبها ألفاً4 وكذلك يفعل
بكل ما قبل ياء مشددة من ألف رابع أو مزيد للإلحاق، فإنْ
كان زائداً محضاً أو خامساً فصاعداً حذف، وقد تحذف ألف
التأنيث إن سكن ثاني ما هي فيه رابعة (كَحُبْلَوِيّ)
والحذف أجود، وربما قيل: (حبلاوي)5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العضرفوط: ذكر العظاء، ويطلق على العظاية الضخمة
العريضة. ينظر المنصف 3/12، والوجيز في علم التصريف
للأنباري ص 33
2 اسم المفعول من " قوىً " مَقْوىّ " وأصله: مَقْوُووُ،
فقلبت الواو الأخيرة التي هي لام ياءً لتطرفها واجتماع
ثلاث واوات فصار تقديره: مَقْوُودي، فلمَّا اجتمعت الواو
والياء، وسبقت الأولى بالسكون، قُلِبَت الواو ياءً وأبدلت
من الضمة قبلها كسرة لتصح الياء وأدغمت فصارت: مَقْويَّ.
المقتضب في اسم المفعول من الثلاثي المعتل العين ص 103
بتصرف. وينظر شرح الكافية الشافية 4/2146-2147، والارتشاف
1/296.
3 اسم المفعول من " رمى " " مَرْمِيُّ ": أصله: مَرْمُوي،
فاجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون فقلبت ياءً
ثُمَّ أبدلت من الضمة قبلها كسرة لتصح الياء، ثُمَّ أدغمت
الياء في الياء فصارت " مَرْميّ ".
4 على تقدير أنَّها تحرَّكت وانفتح ما قبلها. وينظر
الارتشاف 1/296.
5 ينظر شرح الكافية الشافية 4/1941، وشرح ابن الناظم ص
796.
ص -170-
فصل
ويمنع من قلب الواو والياء ألفاً لتحركهما وانفتاح ما
قبلهما خوف توالي إعلالين؛ لأنَّه إجحاف ومآله - أيضاً -
إلى التقاء " الساكنين "1، وذلك نحو " هَوَى " أصله:
هَوَيٌ2، فكل واحد من الواو والياء متحرك مفتوح ما قبله،
فلو أُعِلاَّ لزم المحذور الذي ذُكِر، ولزم بقاء الاسم على
حرف واحد، وبقاء الفعْل على حرفين ثانيهما ألف3.
ولو صححا أهمل مقتضى كل واحد من السببين فتعين تصحيح
أحدهما وإعلال الآخر، وكان إعلال الآخر أولى؛ لأنَّه لو
صُحِّحَ عُرِّض لحركات الإعراب الثلاث. وللكسر عند الإضافة
إلى ياء المتكلم وللإدغام إن وليه مثله، والإدغام إعلال
فيلزم حينئذٍ توالي إعلالين، وليس الأول معرضاً لشيء
مِمَّا ذكر فكان بالتصحيح أولى4.
وإن كان الإعلالان مختلفين اغتفر اجتماعهما إن كان مخلصاً
من كثرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في ب: " ساكنين ".
2 تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، ولم تقلب
الواو التي قبلها مع أنَّها متحركة مفتوح ما قبلها لئلا
يجتمع إعلالان متواليان. ينظر: المساعد 4/164، والتعريف في
ضروري التصريف ص 49
3 وذلك أنَّهما لو أُعِلاَّ لصارا ألفين فيجب حذف أحدهما
لالتقاء الساكنين ثُمَّ يحذف الآخر لملاقاة التنوين فيبقى
الاسم على حرف واحد. أمَّا الفعل الذي لا ينون فإنَّه يبقى
على حرفين ثانيهما ألف. ينظر شرح الكافية الشافية
4/2129-2130، والأشموني 4/316.
4 قال ابن إيَّاز في شرحه لتصريف ابن مالك ص 170 . "فإن
قيل: فهلا أعلوا العين وصححوا اللام فقالوا: "هَايٌ
وشَايٌ". فالجواب: إعلال اللام أولى من إعلال العين
لتطرفه، ولذا كثر الحذف فيه". وينظر: شرح الكافية الشافية
4/2131، والأشموني 4/316-317.
ص -171-
الثقل1 ولم يوقع في محذور آخر كالتباس مثال
بمثال ونحو ذلك، ولذا قيل في مصدر: "احواوى: احْوِيوَاء،
واحْوِيَّاء"2، والإعلال قول سيبويه والتصحيح قول المبرد3.
ويمنع من الإعلال المذكور - أيضاً - كون حرف اللين عين "
فَعِل " الذي يلزم صوغ الوصف منه على "أَفْعَلَ4
وفَعْلاَء". أو عين مصدره نحو: عَوِر عَوْرَاء فهو
أَعْوَر، وغَيِد فهو أَغْيَد5.
وإنَّما لم تعل عين هذا النوع مع تحركها وانفتاح ما قبلها
حملاً على
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في ب: " من كثرة ثقل ".
2 قال في تهذيب اللغة (حوى) 5/293: "ويقال: أحواوى
يحِوَاوِى احْوِيَوَاء". وفي الصحاح (حوا): " وقال
الأصمعي: الحُوة حمرة تضرب إلى السواد يقال: قد احووى
الفرس يحووي احوواء، قال وبعض العرب يقول: احواوى يحواوى
احويواء ". وفي اللسان (حوا) 18/225: " وقد حَويّ واحواوى
واحووّى مشدَّدة واحْوَوَى فهو أحوى ". وقال: " قال ابن
سيده: ومَنْ قال احواويت فالمصدر: احويّاء؛ لأنَّ الياء
تقلبها كما قلبت واو أيَّام ".
وقال أيضاً: " قال ابن سيده: قال سيبويه: إنَّما تثبت
الواو في احوويت واحواويت حيث كانتا وسطا... ". وينظر
المنصف 2/220
3 هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، كان إماماً في
اللغة والنحو والأدب، يُعَدّ كتابه المقتضب أفضل كتاب
يُؤَلَّف في موضوعه بعد كتاب سيبويه، بل إنَّه يفوق سيبويه
في سلاسة اسلوب وحسن التنظيم، تتلمذ على كثيرٍ من أئمة
اللغة أمثال الجرمي والمازني والسجستاني، توفي سنة 285ه
وقيل 282 أو 286ه. تنظر ترجمته وأخباره في مقدمة كتابه
بقلم الشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله.
4 احترز به من فَعِل الذي الوصف منه على فاعل نحو " خاف "
فإنّ أصله خَوِفَ على وزن فَعِلَ وقد أعلّ.
5 الغيد: النعومة. يقال: امرأة غَيْداء وغادة أيضاً أي
ناعمة بينة الغيد. والأغيد الوسنان المائل العنق. الصحاح
(غيد) 2517.
ص -172-
افْعَلَّ كاعْوَرَّ1، فإنَّهما مستويان في
أن لا يستغنى عنهما أو عن أحدهما "أفعل" الذي مؤنثه فعلاء،
فأرادت العرب أن يتوافقا لفظاً كما توافقا معنى، وذلك بحمل
أحدهما على الآخر، وكان حمل "فَعِل" على "أفْعَلَّ" فيما
يستحقه من التصحيح أولى من حمل "أفْعَلَّ" على "فَعِل"
فيما يستحقه من الإعلال؛ لأنَّ التصحيح أصل والإعلال فرع.
وأيضاً فإنَّ "فَعِل" لا يلزم باب "أفعل وفعلاء" و
"افْعَلَّ" يلزمه غالباً، فكان الذي يلزم المعنى الجامع
بينهما أولى بأن يجعل أصلاً ويحمل الآخر عليه، وأيضاً
فإنَّ إعلال اعْوَرَّ ونظائره يوقع في التباس؛ لأنَّه
متعذر إلاَّ أن تُنْقَل حركة عينه إلى فائه وتحذف همزة
الوصل للاستغناء عنها بحركة الفاء، فيصير اعورَّ - حينئذٍ
- عَارَّ مماثلاً لفاعل من العرّ2، وتصحيح عَوِر ونظائره
لا يوقع في شيءٍ من ذلك، فكان متعيناً، وأمَّا العَوَر
وغيره/(15-ب) من مصادر "فعل" المذكور فصحح حملاً على فعله
كما أعل "الغارّ" من الغيرة3 حملاً على فعله.
ومن العرب مَنْ يقول في "عَوِر": "عار"4 فمقتضى الدليل أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تنظر هذه المسألة وتعليلاتها في الصحاح (عور) 2/760،
والمنصف 2/259 وما بعدها، وكتاب المفتاح في الصرف ص 92،
ونزهة الطرف ص 225، وشرح الملوكي لابن يعيش ص 222-223،
وشرح المفصل لابن يعيش 10/16، وشرح الكافية الشافية
4/2127. والتعريف في ضروري التصريف ص 49، وشرحه لابن
إيَّاز ص 171، والمساعد 4/164، والارتشاف 1/296، والأشموني
4/316.
2 العَرُّ: الجرب. ينظر الصحاح (عرر) 2/742.
3 في الصحاح (غور): "الغار الغيرة ".
4 قال أبو حيان في الارتشاف 1/299: (وأمَّا إعلال " عَوِر
"، وقولهم فيه " عار " فقال السيرافي: لم يذهب مذهب " أفعل
"، وقيل هو شذوذ كما شذُّوا في تصحيح رَوِح، وغيب
وخَوَنة...). وينظر المنصف 2/260، واللسان (عور).
ص -173-
يكون المصدر: "عَاراً"، ولو قيل: صحح العور
حملاً على الأعور لكان صواباً.
ومِمَّا كُفَّ سببُ الإعلال فيه بالحمل على غيره في
التصحيح " افتعل " الموافق تَفَاعل نحو: اجتوَر القوم1،
فإنَّه بمعنى تجاوروا، فعوملا معاملة: عَوِر، واعورَّ.
وهذان أولى بتلك المعاملة؛ لأنَّ " تفاعل" بالدلالة على
معنى لا يستغني بفاعل واحد كالتجاور أحق من افتعل، فيجب أن
يتبعه في لفظه كما تبعه في معناه.
ويدل على أصالة "تفاعل" في المعنى المذكور وأولويَّته
"به"2 أنَّه لا يوجد "افتعل" دالاًّ عليه دون مشاركة
تفاعل، ويوجد "تفاعل" دالاًّ عليه دون مشاركة افتعل نحو:
تناظر القوم، وتجادلوا، وتنازعوا، وتكالموا، وتبايعوا،
وتساءلوا، وتقابلوا، وتمالؤوا، وتداينوا، وأمثال ذلك
كثيرة.
ويمنع - أيضاً - من الإعلال المذكور كون حرف اللين عين
فَعَلان3
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال في الكافية الشافية وفي الخلاصة:
وإنْ يَبِنْ تَفَاعلٌ مِن افْتَعَل
وَالْعَيْنُ واوٌ سلمت ولم تعَل
وقوله هنا: "الموافق تفاعل " وقوله في الخلاصة: "وإن يبن
تفاعل" احتراز من أن يكون "افتعل "ليس بمعنى" تفاعل "
فإنَّه يجب إعلاله نحو: أختان بمعنى خان، واجتاز يمعنى
جاز. وتنظر المراجع السابقة في الحاشية (1) ص 171.
2 كلمة "به" ساقطة من أ.
3 قال في الكافية الشافية (شرحها) 4/2132:
وعين ما آخره قد زيد ما
يخص الاسم واجب أن يسلما
وينظر المنصف 2/6-7، وشرح الملوكي ص 222، والمساعد 4/165.
ص -174-
كالجَوَلاَن1، والسيَلاَن2. أو عَيْن
فَعَلىكالصَوَرى3، والحَيدى4، وإنَّما صحَّ هذان
المثالان5؛ لأنَّ حركة عينهما لا تكون غير فتحة إلاَّ في
الصحيح على قلة كـ "ظَرِبَان6، وسَبُعَان"7، والفتحة
لخفتها لا يعل ما هي فيه. وليس بلازم إلاَّ فيما يوازن
مكسوراً أو مضموماً ك " فعل " فإنَّه يوازن "فُعِل وفَعُل"
فأُعِلَّ حملاً عليهما.
وليس لنا في المعتل العين "فَعْلاَن، ولا فُعِلاَن" فيحمل
عليه "فَعَلاَن" ولا لنا "فَعُلَى ولا فُعِلَى" فيحمل عليه
"فَعَلَى"8 فوجب تصحيحهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجَوَلان مصدر جال جَوَلاَناً، يقال: جال التراب
جَوَلاَنا ارتفع. وجال في الأرض طاف فيها. وجال النطاقُ
تحرَّك. ينظر اللسان (جول).
2 مصدر سَال سَيْلاً وَسَيَلاَناً. المرجع السابق.
3 الصَّوَرَى: اسم من مياه العرب قرب المدينة. ينظر المنصف
3/59، ومعجم البلدان (صور) 3/432.
4 يقال: حمار حَيَدَى إذا كان يحيد عن ظله من النشاط ولم
يوصف مذكر يوصف على وزن فَعَلى إلاَّ هذه الكلمة. الصحاح
(حيد) 2/467. وينظر في هذه المسألة: المنصف 2/6،7،
والممتع ص 491، وشرح الملوكي ص 222. والذي في ب: " الجيدى
" وهو تحريف.
5 في ب " المثلان " وهو تحريف.
6 الظرِبَان: دابة مثل القرد منتنة الريح. ينظر: النكت في
تفسير كتاب سيبويه 2/1151، وشرح أبنية سيبويه لابن الدهان
ص 116، والممتع 1/124، 372، وشرح الشافية للرضي 1/198،
3/212.
7 السبعان: اسم موضع معروف في ديار قيس. تنظر المراجع
السابقة. وانظر الخلاف في تصحيح ما كان مثل الجولان، وما
شابه " صورى " في المساعد 4/165-166، وشرح الشافية للرضي
3/107، والارتشاف 1/298، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز
ص 172-173، والممتع 2/491.
8 في ب: " فعلا ".
ص -175-
لذلك.
وأيضاً فإنَّ آخر كل واحد منهما زيادة توجب مباينة أمثلة
الفعل فصححا تنبيهاً على أصالة الفعل في الإعلال، وأنَّ
الاسم إذا باينه استوجب1 التصحيح.
وإنَّما كان الفعل أصلاً في الإعلال؛ لأنَّه فرع2 والإعلال
حكم فرعي فهو أحق به؛ ولأنَّ الفعل مستثقل والإعلال تخفيف
فاستدعاؤه له أشد.
وأيضاً فإنَّ جَوَلاَناً ونحوه لو أُعِلَّ لالتبس بفَاعَال
كَسَابَاط3 وخَاتَام4، فصُحِّحَ فِراراً من اللبس.
وقد شذَّ إعلال "فَعَلاَن" علماً كَـ "مَاهَان"5 وإن باين
الفعل كشذوذ التصحيح فيما وازن الفعل كـ "مدين" ومباينة
فَعَلُول ونحوه أشد من مباينة "فَعَلاَن" و "فَعَلَى"
فتصحيح عينه - أيضاً - متعين نحو "قَوَلُول"6، وهو مثال:
"قَرَبُوس"7 من القول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في ب: " استحق ".
2 عند البصريين الذين يرون أنَّ المصدر هو أصل المشتقات.
والفعل مأخوذ منه.
3 الساباط: سقيفة بين حائطين تحتها طريق. الصحاح (سبط).
4 الخاتَم والخاتم بكسر التاء، والخيتام، والخاتام بمعنى.
الصحاح (ختم)
5 ماهان اسم رجل وأصله " مَوَهَان " تحركت الواو وانفتح ما
قبلها فقلبت ألفاً وما ذكره المصنّف من شذوذ إعلال " ماهان
" وما شابهه هو رأي الجمهور، وقد خالفهم في ذلك المبرد
وقال: إنَّ إعلال ما كان على "فَعَلان " هو القياس
وتصحيحها شاذ. ينظر في ذلك: شرح الشافية للرضي 3/107،
والارتشاف 1/298، والمساعد 4/165، وشرح تصريف ابن مالك
لابن إيَّاز ص 172- 173.
6 في المساعد 4/166-167: (كما لو بُنِيَّ من القول مثل:
قَرَبوس قال فنقول: "قَوَوُول" بالتصحيح؛ لأنَّ مباينته
الفعل أشد من مباينته فَعَلاَن وفَعَلَى فتصحيح عينه
متعين).
7 القربوس: مقدمة السرج. ينظر إصلاح المنطق ص 173،
واللسان (قربس).
ص -176-
"وقد زعم المازني - رحمه
الله - أنَّ ماهان وداران1 أُعِلاَّ شذوذاً2 وأصلهما
فَعَلاَن"3.
وقد صحَّحوا العين المفتوحة مع انتفاء الموانع المذكورة كـ
"قَوَدٍ4، وعَيَنٍ5، وخَوَنةٍ، وحوكةٍ"6 تنبيهاً على الأصل
المتروك فيما جرى على القياس كـ "مَال، وقَادة، وإشعاراً
بأنَّ الفتحة إنَّما أعل ما هي فيه حملاً على المكسور
والمضموم.
وربَّما جاء ذلك في المكسور حملاً على المفتوح كـ "شَوِل"
وهو الخفيف في قضاء الحاجة7.
واندر من هذا كله قولهم: "عِفَوَة" في جمع "عِفْو" وهو
الجحش8، و"أَوَوٌ" في جمع "أَوَّةٍ" وهي الداهية من
الرجال9. حكاها
.ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اسم علم مأخوذ من دار يدور، وهي أيضاً اسم موضع. ينظر
المنصف 3/61، واللسان (دور).
2 ينظر رأيه في المنصف 2/6-7، والارتشاف 1/299، والمساعد
4/165-167.
3 ما بين الأقواس " " ساقط من " أ ".
4 القَوَد - بالتحريك -: القصَاص. اللسان (قود).
5 " عَيَن ": العين بالتحريك: أهل الدار، وجاء فلان في عين
أي في جماعة وعَيِنَ كَفَرِح عَيَناً وعِينة بالكسر عظم
سواد عينه. ينظر الصحاح واللسان (عين). ولم أعثر على هذا
المثال في كتب التصريف.
6 حاك الثوب يحوكه حَوْكاً وحِيَاكَةً نَسَجَه فهو حائِك،
وقومٌ حَاكَةٌ وحَوَكة. الصحاح (حوك). وتنظر المسألة في
الكتاب 4/358-359، والمتع 2/465، وكتاب في التصريف
للجرجاني ص 80-81، وشرح الشافية للرضي 3/106، وشرح الكافية
الشافية 4/2134، والارتشاف 1/299.
7 ينظر الصحاح واللسان (شول).
8 ينظر المنتخب ص 517، والصحاح واللسان (عفا) 4/3022،
والمساعد 4/167-168، والارتشاف 1/300، وشفاء العليل
3/1100، والأشموني 4/319.
9 ينظر اللسان (أوا) 18/56، وتنظر المراجع السابقة عدا
المنتخب.
ص -177-
الأزهري(1) الأول عن أبي زيد
الأنصاري(2)/(16-أ)، والثاني عن أبي عمرو
الشيباني(3)ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)تقدَّمت ترجمته ص 129
(2) تقدَّمت ترجمته في ص 83
(3) هو: إسحاق بن مروان، أبو عمرو الشيباني الكوفي، كان
إماماً في اللغة راوية لأخبار العرب، له مصنفات كثيرة منها
كتاب الإبل، وغريب الحديث وكتاب الجيم، والنوادر، وغيرها،
توفي سنة 205ه. تنظر ترجمته في: معجم الأدباء 6/77، 84،
ووفيات الأعيان 1/201، وطبقات النحويين ص 194، والبغية
1/439. وقد أشار المصنف إلى شذوذ تصحيح هذه الكلمات يقوله
في الكافية الشافية: وشذ نحو: "رَوَح" و"العِفَوَة" و
"غَيَب" و "أَوَوٌ" و" أَقْرِوَة" شرح الكافية الشافية
4/2135.
فصل [في إبدال التاء من فاء الافتعال]
يجب في اللغة الفصيحة إبدال التاء من فاء الافتعال وفروعه1،
إن كانت واواً نحو: اتصل اتصالاً فهو مُتَّصِل. أو ياء
نحو: اتَّسَر2 اتِّسَاراً
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فروعه هي: الفعل، واسم الفاعل، واسم المفعول. وقد مثَّل
المصنف للفعل بقوله: "اتصل"، وقوله: " "اتسر". أمَّا قوله:
متصل ومتسر فكل منهما صالح؛ لأنْ يكون اسم فاعل إذا كسر ما
قبل آخره، وصالح لاسم المفعول إذا فتح ما قبل آخره.
2 "اتسر" تأتي من اليسر فيقال: "اتسر القوم" بمعنى
تياسروا، وتأتي من ائتسار الجزور وهو نحرها واقتسام
أجزائها والاستهام عليها. وينظر اللسان (يسر). وقد ذكر ابن
عصفور السبب في إبدال الواو والياء تاء في الافتعال فقال
في الممتع ص 386-387: "والسبب في قلب الواو في ذلك تاء،
أنَّهم لو لم يَفْعَلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء إذا
انكسر ما قبلها فيقولون: ايْتَعَد، وايتَزَن، وإيْتَلَج".
وإذا انضم ما قبلها ردت للواو فيقولون: مُوْتَعِد،
ومُوتَزِن، ومُوتلج "، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفاً
فيقولون: "يَاتَعِد ويَاتَزِن، ويَاتَلِج "، فأبدلوا منها
التاء؛ لأنَّها حرف جلد لا يتغير لِمَا قبله، وهي مع ذلك
قريبة المخرج من الواو؛ لأنَّها من أصول الثنايا، والواو
من الشفة". وزاد عليه ابن إيَّاز في شرحه لتصريف ابن مالك
فقال في ص 181: " وأيضاً فقد قصدوا بذلك موافقة لفظه لما
بعده فيقع الإدغام ويرتفع اللسان بهما ارتفاعة =واحدة ".
وينظر شرح الكافية الشافية 4/2153-2154، والارتشاف 1/301،
وشرح الشافية للرضي 3/219، والمساعد 4/179.
ص -178-
فهو مُتَّسِر.
أمَّا إبدالها من الواو فلأنهم استثقلوا الواو أولاً دون
تاء تليها؛ لتعرضها لأن تبدل همزة كما فعل بأحَد وإِحْدَى1
و"أُقِّتَت"2 مع استثقال الهمزة وبُعْدها منها مخرجاً
ووصفاً، فحاولوا إبدال الواو حرفاً صحيحاً يقاربها وَصْفاً
ومَخْرَجاً، وذلك إمَّا من حروف الشفة أو حروف الثنايا،
فلم يكن باءً ولا فاءً ولا ثاءً "ولا ذالاً ولا ظاءً؛
لأنَّهُنَّ" لسن"3 من حروف البدل المجموعة في قولي: وَجَد
آمِنٌ "طِيَّتة "4.
ولم يكن ميماً؛ لأنَّها تكثر زيادتها أولاً فخيف توهمها
مزيدة غير "مبدلة" 5، ولم يكن طاءً ولا دالاً؛ لأنَّ فيهما
قلقلة يستثقلان بها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 " أحد " أصله: "وَحَد"، و "إحدى" أصلها: "وحدى".
2 "أُقِّتَتْ" أصلها: "وُقِّتَتْ".
3 في ب: "ليس" وهو تحريف.
4 اختلف عدد حروف الإبدال في كتب ابن مالك فقد جعلها هنا
أحد عشر حرفاً، بَيْنَما جعلها في الكافية وفي الخلاصة
تسعة أحرف جمعها في الكافية الشافية بقوله: (هادأت مطوى)،
وجمعها في الخلاصة بقوله: (هدأت موطيا)، والحرفان اللذان
ذكرهما ههنا ولم يذكرهما في الكافية والخلاصة هما (الجيم
والنون).
أمَّا التسهيل فقد ذكر فيه ثمانية أحرف فقط فقال:
"والضروري في التصريف هجاء "طويت دائماً"". التسهيل ص 300
. فلم يذكر الهاء التي ذكرها في الكافية الشافية والخلاصة.
ينظر شرح الكافية الشافية 4/2077، وشرح ابن عقيل
2/503.وأكثر الصرفيين يجعلها اثنى عشر حرفاً بزيادة اللام
على ما ذكره المصنِّف هنا، ويجمعها في قولهم: "طال يوم
اتخذته". ينظر الارتشاف 1/255.
5 في أ: "مبدولة".
ص -179-
فتعينت التاء فقالوا: تُرَاث1، و تُجَاه2،
وتُكاءة3، وتقوى4، وتوراة5، وتالله6، وتخمة7، وتولج8 غير
ذلك.
فلمَّا ثبت إبدال التاء من الواو في هذه المواضع وأشباهها
مع انتفاء تعذُّر التصحيح وتطرق التغيير قبل الإبدال
واجتماعها مع ما يضاد وصْفُه وَصْفَها، واسْتِلْزَامِ
مخَالَفَةِ بعض الفروع الأصلَ تعين إبدالها منها في
الافتعال الذي فاؤه واو؛ لثبوت هذه الأمور كلها فيه.
أمَّا تعذُّر التصحيح فَبَيِّنٌ؛ لأنَّ الواو ساكنة وقبلها
كسرة.
وأمَّا تطرُّق التغيير فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ "فَعَلَ"
أصل لافْتَعَل، فلو لم يكن فيه تغيير إلاَّ تسكين فائه
لكفى في تطرق التغيير.
وأمَّا اجتماع الواو مع ما يُضاد وَصْفُه وَصْفَها
فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ الواو مجهورة والتاء مهموسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التراث: المال الموروث وأصله: "وراث"؛ لأنَّه من
الوراثة.
2 تجاه أصله: " وُجاه"؛ لأنَّه من الوجه.
3 تُكأة أصلها: "وُكأة "؛ لقولهم: توكأت. والرواية في ب:
"تكاء".
4 أصلها الواو بدليل قولهم: "وقيت" فهو فَعْلَى منه.
5 أصلها: "وَوْرَاة" فَوْعلة من "ورى الزند"، والبغداديين
يرونها: تفعلة
6 أصلها "والله" أي واو القسم.
7 أصلها: وخمة؛ لأنَّها من الوخامة وهو الوباء. والرواية
في ب: "تحفة" وهي صالحة للتمثيل؛ لأنَّ تاءها مبدلة من
الواو. ينظر اللسان (تحف).
8 تولج: فَوْعَل من "ولج يلج". والبغداديون يرون أنَّها
تفعل. ينظر شرح الملوكي لابن يعيش ص292، 294، 295، 296،
وشرح المفصل لابن يعيش 10/36، 41، والوجيز في علم التصريف
ص 50 -51، 52، والممتع 1/383 وما بعدها، وشرح الشافية
للرضي 3/80 وما بعدها.
ص -180-
وأمَّا استلزام مخالفة بعض الفروع الأصْلَ
فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ المصدر أصلٌ للفعل ولاسم الفاعل
ولاسم المفعول1، فلو لم تبدل فاء الاتصال تاءً لقيل فيه:
ايتصال، بقلب الواو ياءً؛ لسكونها وانكسار ما قبلها وكان
يوافقه في ذلك الفعل الماضي والأمر لوجدان الكسرة، فيقال:
اِيتَّصَل، وإِيتَصِلْ، و "يخالفه"2 المضارع واسما الفاعل
والمفعول؛ لعدم الكسرة فيقال: يوتصل ومُوتَصِل ومُوتَصَل
إليه، فكرهوا هذه المخالفة حين أمكن التخلص منها ولم
يبالوا بها في نحو: أوجد إيجاداً؛ إذ ليس بعد الواو هنا ما
يضاد وَصْفُه وَصْفَها. ومع هذا فقد حملتهم النفرة عن هذه
المخالفة على أن أبدلوا "في"3 "أَتْلَجَه" و "اتْكَأَه"
بمعنى أوْلَجَه وأَوْكَأَه.
وأمَّا إبدال التاء من الياء إذا كانت في الافتعال وفروعه
فحمل على الافتعال الذي فاؤه واو4.
فإنْ كانت الواو والياء التي قبل تاء الافتعال بدلاً من
همزة لم يجز إبدالها تاءً إلاَّ على لغةٍ رديئة نحو:
"اِتَّمَنَ" في أوتمن، و "اتَّزر" في إيتزر5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا هو مذهب البصريين. أمَّا الكوفيون فيرون أنَّ الفعل
هو أصل المشتقات. ينظر الخلاف في ذلك في الإنصاف، المسألة
(28) 1/235 وما بعدها.
2 في ب: "ومخالفة".
3 كلمة " في ": ساقطة من ب.
4 تنظر المراجع السابقة في الحاشية (8) ص 178
5 قال الرضي في شرح الشافية 3/83: "وبعض البغاددة جَوَّز
قلب يائها تاءً فقال: اتَّزر واتَّسَر، وقرئ شاذّاً
{الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}.
|