إيجاز التعريف في علم التصريف

ص -181-      فصل [حكم الفاء الثاء مع تاء الافتعال]
الثاء حرف رخو، والتاء حرف شديد، وهما مشتركان في الهمس، ومخرجاهما متقاربان(1)، فإن اجتمعا في الافتعال وفروعه/(16/ب) وتقدَّمت الثاء ثقل تلاقيهما؛ لأنَّهما مثلان  من وجه وضدان من وجه(2)، فخففا بجعل الثاء تاءً أو التاء ثاءً، وإدغام أحدهما في الآخر ك "الاثِّرَادِ والاتِّرَادِ" وهو اتخاذ الثريد، وأصله: اثْتِرَاد، فمن قال: "اثِّرَاد" غَلَّب جانب الثاء؛ لأصالتها وتقدمها، ومَنْ قال: "إتِّرَاد" غَلَّب جانب التاء؛ لشدَّتها ولكونها مزيدة لمعنى(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الثاء تخرج من طرف اللسان. والثنايا العليا، أمَّا التاء فتخرج من طرف اللسان ومن أصول الثنايا العليا. ينظر شرح المقدمة الجزرية ص 36.
(2) مثلان في الهمس، وضدان في كون الثاء حرفاً رخواً والتاء حرفاً شديداً.
(3) المعنى الذي زيدت له هو " الافتعال ".

فصل  [حكم الفاء الذال مع تاء الافتعال]
فلو كان فاء الافتعال ذالاً كالافتعال من الذكر ثقل أيضاً اجتماعهما سالمين؛ لأنَّ الذال حرف مجهور والتاء حرف مهموس، فَعُدَِل أمرهما بأن أبدل من التاء شريكها في المخرج وعدم الاستعلاء وهو الدال؛ فخف النطق لزوال بعض التنافي ولكن بقي بعضه؛ لأنَّ الذال رخوة والدال شديدة فَكُمِّل التخفيف " بجعلهما "(1) ذالين إنْ رُوْعِيَت الأصالة والسبق، أو دالين إنْ رُوْعِيَت القوة والدلالة على معنى، فقيل ادِّكار واذَّكار، ويجوز فك الذال من الدال فيقال اذدكار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)في أ: " بجعلها ".

 

ص -182-      فصل  [حكم الفاء الدال مع تاء الافتعال]
ولو كانت فاء الافتعال دالاً كالافتعال من الدلجة(1) كان استثقال سلامة التاء أشد؛ لأنَّ اجتماع متضادين في الوصف يهون عند تباعد المخرجين، ويصعب عند تقاربهما، ويكاد يعجز عند اتحاد المخرج كالدال والتاء (2)، ويظهر ذلك بتكلف النطق بالادّلاج على أصله وهو الادتلاج، فوجب التخلص من هذا الثقل بإبدال التاء دالاً وتعين الإدغام فقيل ادِّلاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الدُّلجة والدَّلْجَة: آخر الليل، وأدلج القوم إذا ساروا آخر الليل. ينظر المنتخب ص 532، والصحاح (دلج) 1/315
(2)تنظر الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية ص 35-35.

فصل  [حكم الفاء الزاي مع تاء الافتعال]
ولو كانت فاء الافتعال زاياً كالافتعال من الزجر أبدلت التاء - أيضاً - دالاً فقيل: ازدجار؛ لأنَّ التاء مهموسة والزاي مجهورة والدال مجهورة(1)، واجتماع مجهورين أخف من اجتماع مجهور ومهموس، ويتبين ذلك بتكلف أصل ازدجار وهو: ازتجار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ب: " مجهور ".

فصل  [حكم الفاء الجيم مع تاء الافتعال]
فلو كانت فاء الافتعال جيماً كالاجتماع، فمن العرب مَنْ يستثقل سلامة التاء فيجعلها دالاً كالاجدماع(1). وعلى ذلك قول الشاعر(5):

فقلت لصاحبي لا تحبسانا     بنزع أصوله واجدز شيحا(6)

أراد: واجتز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)في ب: " كاجدماع ".
(2) اختلف فيه فقيل إنَّه مضرس بن ربعي الفقعسي، وقيل إنَّه يزيد بن الطثرية. ينظر البيت والخلاف في قائله في سر الصناعة ص187، وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 224، وابن يعيش 10/49، وأمالي القالي 108، وشرح شواهد الشافية 481، والعيني 4/591.
(6) الشيح: نبت معروف كثير في جزيرة العرب.