حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 1 ص -186-        العلم:

اسم يعين المسمى مطلقًا                             علمه كجعفر وخرنقا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم:
"اسم يعين المسمى" به "مطلقًا علمه" أي علم ذلك المسمى. فاسم مبتدأ. ويعين المسمى جملة في موضع رفع صفة له. ومطلقًا حال من فاعل يعين وهو الضمير المستتر، وعلمه خبر. ويجوز أن يكون علمه مبتدأ مؤخرًا، واسم يعين المسمى خبرًا مقدمًا، وهو حينئذ مما تقدم فيه الخبر وجوبًا لكون المبتدأ ملتبسًا بضميره. والتقدير علم المسمى اسم يعين المسمى مطلقًا: أي مجردًا عن القرائن الخارجية. فخرج بقوله يعين المسمى النكرات،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من التكلم بما لا يجوز لغة الإثم الشرعي فمن لحن في غير التنزيل والحديث كأن نصب الفاعل ورفع المفعول لا نقول إنه يأثم إلا أن يقصد إيقاع السامع في غلط يؤدي إلى نوع ضرر فعليه حينئذٍ إثم هذا القصد المحرم. قاله الشيخ بهاء الدين السبكي في شرح المختصر.
العلم:
يطلق على الجبل والراية والعلامة والظاهر أن النقل إلى المعنى الاصطلاحي من الثالث بدليل قولهم لأنه علامة على مسماة. قوله: "يعين المسمى" أي خارجًا كعلم الشخص الخارجي أو ذهنًا كعلم الجنس بناء على التحقيق الآتي. أما على مذهب المصنف فعلم الجنس غير داخل في هذا التعريف لخروجه بقوله يعين فيكون خاصا بعلم الشخص وكعلم الشخص الذهني أعني الموضوع لمعين ذهنًا متوهم وجوده خارجًا كالعلم الذي يضعه الوالد لابنه المتوهم وجوده خارجًا في المستقبل وكعلم القبيلة فإنه موضوع لمجموع أبناء الأب الموجودين حين الوضع وغير الموجودين حينه فإن المجموع لا وجود له إلا في ذهن الواضع فقولهم تشخص العلم الشخصي خارجي أغلبي أفاده يس. والمراد بقوله: يعين المسمى أنه يدل على مسمى معين لا أنه يحصل له التعيين لأنه معين في نفسه فيلزم تحصيل الحاصل.
قوله: "حال" أو صفة مفعول مطلق محذوف أي يعين تعيينًا مطلقًا. قوله: "ويجوز أن يكون إلخ" هذا أولى بل متعين لأن المعرف هو الذي يجعل مبتدأ والتعريف هو الذي يجعل خبرًا ولأن علمه معرفة ولا يخبر بالمعرفة عن النكرة على ما سيأتي. قوله: "بضميره" أي ضمير ملابسه كما يدل عليه قوله: والتقدير علم المسمى إلخ. قوله: "مجردًا عن القرائن الخارجية" أي الخارجية عن ذات الاسم كما سيصرح به والمراد غير الوضع إذ لا بد منه وهو من القرائن كما في الروداني.
قوله: "النكرات" كرجل وفرس فإنهما لا تعيين فيهما أصلًا وكشمس وقمر فإنهما وإن عينا فردين لكن ذلك التعيين لأمر عرض بعد الوضع وهو عدم وجود غيرهما من أفراد المسمى. وأما بحسب الوضع فلا تعيين فيهما. ودخل نحو زيد مسمى به جماعة فإنه باعتبار كل وضع يعين مسماه والشيوع إنما جاء من تعدد الأوضاع وهو أمر عارض. ولا يخرج بقوله مطلقًا لأنه وإن

 

ج / 1 ص -187-                          وقرن وعدن ولاحق     وشدقم وهيلة وواشق

واسما أتى وكنية ولقبا                         وأخرن ذا إن سواه صحبا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبقوله: مطلقا بقية المعارف فإنها إنما تعين مسماها بواسطة قرينة خارجة عن ذات الاسم. إما لفظية كأل والصلة، أو معنوية كالحضور والغيبة. ثم العلم على نوعين: جنسي وسيأتي، وشخصي ومسماه العاقل وغيره مما يؤلف من الحيوان وغيره "كجعفر"  لرجل "وخرنقا" لامرأة، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه "وقرن" لقبيلة ينسب إليها أويس القرني "وعدن" لبلد "ولاحق" لفرس "وشذقم" لجمل "وهيلة" لشاة "وواشق" لكلب "واسما أتى" العلم، والمراد به هنا ما ليس بكنية ولا بلقب "و" أتى "كنية" وهي ما صدر بأب أو أم، كأبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احتاج في تعيين مسماه إلى قرينة من وصف أو إضافة أو نحوهما لكن ذلك الاحتياج لا بالنسبة إلى أصل الوضع كبقية المعارف. قوله: "كأل" ولو للعهد الذهني لأن المراد بمدخولها الحقيقة وهي معينة وكونها مرادة في ضمن فرد مبهم لا يخرجها عن التعيين. قوله: "كالحضور" أي في ضميري المتكلم والمخاطب. وقوله: والغيبة أي ومرجع الغيبة يعني أن تعين معنى ضمير الغيبة بواسطة مرجعه. أما إذا كان المرجع معرفة فالتعيين ظاهر وأما إذا كان نكرة فلأن معناه الشيء المتقدم فتعين معناه من حيث أن المراد به الشيء المتقدم بعينه وإن كانت عين ذلك الشيء مبهمة فسقط ما للبعض هنا. وكان عليه أن يقول: أو حسية كالإشارة الحسية في اسم الإشارة لأنها القرينة التي بها تعين مدلول اسم الإشارة لا مجرد الحضور كما زعمه البعض مدخلًا لقرينة اسم الإشارة في قوله أو الحضور. ويمكن أن يقال: أراد الشارح بالمعنوية ما قابل اللفظية فشمل الحسية فافهم. قوله: "لرجل" أي مخصوص وكذا يقال فيما بعد وهو منقول عن اسم النهر الصغير. قوله: "وخرنقًا" هو منقول عن اسم ولد الأرنب. قوله: "أخت طرفة" بفتح الراء كما في القاموس. قوله: "وعدن لبلد" أي بساحل اليمن تصريح. قوله: "ولاحق لفرس" أي لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما تصريح. قوله: "وشذقم" ضبطه بعضهم بالذال المعجمة وبعضهم بالمهملة وهو الذي يقتضيه صنيع القاموس وذكر شيخنا فيه الوجهين. وقوله: الجمل أي للنعمان بن المنذر. قوله: "وواشق لكلب" قال في التصريح ذكر في النظم سبعة أعلام وثامنها علم الكلب وفي ذلك موازاة لقوله تعالى:
{وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم} [الكهف: 22]. قوله: "والمراد به هنا" أي بخلافه في تعريف العلم فإن المراد به ما قابل الفعل والحرف. ويطلق أيضًا الاسم ويراد به ما قابل الصفة وقوله: ما ليس أي علم ليس إلخ.
قوله: "وكنية" من كنيت أي سترت. واعلم أنه قد يقصد بالكنية التعظيم والفرق بينها حينئذٍ اللقب المقصود به التعظيم أن التعظيم في اللقب بمعناه وفي الكنية لا بمعناها بل بعدم التصريح بالاسم لأن بعض النفوس تأنف أن تخاطب باسمها وقد يقصد بها التفاؤل كتكنية الصغير تفاؤلًا بأن يعيش حتى يصير له ولد أفاده الروداني. قوله: "وهي ما صدّر" أي علم مركب تركيبًا إضافيًا صدر فلا انتقاض بنحو أبو زيد قائم وأب لزيد قائم مسمى بهما لأن المركب الإضافي في

ج / 1 ص -188-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكر وأم هانئ "و" أتى "ولقما" وهو ما أشعر برفعة مسماه أوضعته كزين العابدين وبطة "وأخرن ذا" أي أخر اللقب "إن سواه" يعني الاسم "صحبا" تقول: جاء زيد زين العابدين، ولا يجوز جاء زين العابدين زيد لأن اللقب في الأغلب منقول من غير الإنسان كبطة، فلو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول جزء العلم لا هو والثاني لا إضافة فيه أفاده الشنواني. قوله: "بأب أو أم" أو ابن أو بنت أو أخ أو أخت أو عم أو عمة أو خال أو خالة كما ذكره سم. قوله: "وهو ما أشعر" أي بحسب وضعه الأصلي لا العلمي إذ بحسب وضعه العلمي لا إشعار له إلا بالذات كذا قال جمع من أرباب الخواشي والمتجه عندي أنه يشعر بحسبه أيضًا وإن كان المقصود بالذات الدلالة على الذات إذ الإشعار الدلالة الخفية وهي لا تنافي كون المقصود بالذات ما ذكر، ولا مانع من قصد الواضع ذلك تبعًا. ثم رأيت في التصريح عن بعضهم وفي كلام السيد ما يؤيده. وأورد على تعريف اللقب أنه يشمل بعض الأسماء نحو محمد ومرة وبعض الكنى نحو أبي الخير وأبي جهل. وأجيب بأن ما وضع للذات أولًا فهو الاسم أشعر ولم يشعر صدر أو لم يصدر، ثم ما وضع ثانيًا وصدر فهو الكنية أشعر أو لم يشعر، ثم ما وضع ثالثًا وأشعر فهو اللقب. فالإشعار وعدمه والتصدير وعدمه غير منظور إليه في الموضع أولًا والإشعار وعدمه غير منظور إليه في الموضوع ثانيًا كذا نقل عن سم والأقرب عندي من هذا وجهان: الأول أن الاسم هو الموضوع أولًا للذات واللقب الموضوع لا أولالها مشعرًا بالرفعة أو الضعة فبينهما التباين وأن الكنية ما صدرت بأب أو أم سواء وضعت أولًا أشعرت أولًا فتجامع كلًا منهما وتنفرد فيما وضع لا أولًا ولم أشعر وإنما كان هذا أقرب من ذاك لشمول اللقب عليه ما وضع ثانيًا وأشعر وشمول الكنية عليه ما وضع ثالثًا وصدر وعدم شمولها على ذاك ما ذكر فيلزم عليه كون ما ذكر واسطة وهو خلاف المقرر، ولأن اشتراط كون وضع الكنية ثانيًا واللقب ثالثًا مع كونه لا وجه له مخالف لكلام المحدثين وغيرهم حيث جعلوا بعض الكنى من الأسماء كما في أم كلثوم فقد قالوا اسمها كنيتها. الثاني ما قيل أنه يصح اجتماع الثلاثة والفرق بينها بالحيثية وإنما كان هذا أيضًا أقرب من ذاك لما مر وفي الروداني أن المفهوم من كلام الأقدمين أن الاسم ما وضع أول مرة كائنًا ما كان والكنية ما وضع بعد ذلك وصدر بأب أو أم دل على المدح أو الذم أولًا، واللقب ما وضع بعد ذلك أيضًا أي بعد الاسم وأشعر بمدح أو ذم ولم يصدر بأب أو أم فهي متباينة. ا. هـ. ويرد عليه أيضًا أنه مخالف لما نقلناه عن المحدثين وغيرهم فتأمل.
قوله: "أوضعته" بفتح الضاد أو كسرها أي خسته وهاؤه عوض عن الواو. قوله: "يعني الاسم" تفسير للسوي وأبقاه كثير على عمومه مرجحين وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا ويؤيده تعليله الآتي بقوله لأن اللقب في الأغلب إلخ لاقتضائه وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا لجريانه فيها ولا يدل على التخصيص قول المصنف وإن يكونا مفردين كما سيأتي للشارح لما يأتي عن سم ومحل وجوب تأخير اللقب عن الاسم إذا لم يكن اجتماعهما على سبيل إسناد أحدهما إلى الآخر وإلا أخر منهما ما قصد المتكلم الحكم به. قوله: "لأن اللقب إلخ" وقيل: لأنه لو قدم

 

ج / 1 ص -189-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدم لأوهم إرادة مسماه الأول وذلك مأمون بتأخيره. وقد ندر تقديمه في قوله:
65-

أنا ابن مزيقيا عمرو وجدي                             أبوه منذر ماء السماء

وقوله:
66-

بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبًا               ببطن شريان يعوي حوله الذيب

تنبيه: لا ترتيب بين الكنية وغيرها فمن تقديمها على الاسم قوله:
67-

أقسم بالله أبو حفص عمر                        ما مسها من نقب ولا دبر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضاعت فائدة الاسم لأنه يفيد فائدة الاسم وزيادة ولأنه يشبه الصفة وهي متأخرة عن الموصوف وقوله: في الأغلب احتراز عن نحو زين العابدين. قوله: "فلو قدم لأوهم" يؤخذ منه أنه إذا انتفى ذلك الإيهام لاشتهار المسمى باللقب جاز تقديمه وهو كذلك كما في قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم} [النساء: 171]، أفاده يس. قوله: "أنا ابن إلخ" الشاهد في مزيقيًا حيث قدم اللقب على الاسم. وقصر مزيقيًا للضرورة كما قاله الروداني. وإنما لقب به لأنه كان يلبس كل يوم حلتين فإذا أمسى مزقهما كراهة أن يلبسهما ثانيًا وأن يلبسهما غيره. وعمرو هذا من أجداد أوس ابن الصامت قائل هذا البيت أخي عبادة بن الصامت. وقوله: وجدي أي من جهة الأم. وإنما لقب منذر بماء السماء لحسن وجهه وقيل: هو في الأصل لقب أمه ثم استعمل فيه. ومراد الشاعر أنه نسيب الطرفين. قوله: "بأن ذا الكلب" أي صاحب الكلب والباء متعلقة بأبلغ في البيت قبله وهو:

أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلغها                 عني حديثًا وبعض القول تكذيب

قالتهما أخت عمرو المذكور من قصيدة ترثيه بها أولها:

كل امرئ بمحال الدهر مكروب                     وكل من غالب الأيام مغلوب

وقوله ببطن شريان بكسر الشين المعجمة وفتحها اسم موضع دفن فيه عمرو. والشريان شجر يتخذ منه القسي، وببطن خبر أن إذا نصب خبر على النعتية لعمرو وخبر ثان إذا رفع على الخبرية لأن. قوله: "وغيرها" أي اسمًا أو لقبًا كما سيذكره. قوله: "أقسم بالله أبو حفص عمر إلخ" بعده:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
65- البيت من الوافر، وهو لأوس بن الصامت في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 391 ؛ ولبعض الأنصار في خزانة الأدب 4/ 365؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 127؛ وتخليص الشواهد ص118؛ ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 13/ 545 "موه" 15/ 208 "قوا".
66- البيت من البسيط، وهو لجندب أخت عمرو ذي كلب في تخليص الشواهد ص118؛ والدرر 1/ 225؛ ولسان العرب 14/ 431 "شري"؛ ومعجم ما استعجم ص739؛ والمقاصد النحوية 1/ 395؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص66؛ وهمع الهوامع 1/ 71.
67- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71؛ وليس في ديوانه، ولا يمكن أن رؤبة هو قائله، ذلك أنه رؤبة غير معدود من التابعين، وليس هو من هذه الطبقة، وقد مات سنة 145هـ؛ وهو لعبد الله بن كيسبة أو لأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، ولأعرابي في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 4/ 115؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، وشرح شذور الذهب ص561؛ وشرح ابن عقيل ص489؛ ولسان العرب 1/ 766 "نقب"، 5/ 48 "فجر"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 279.

 

ج / 1 ص -190-                              وإن يكونا مفردين فأضف       حتما وإلا أتبع أي ردف


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن تقديم الاسم عليها قوله:
68-

وما اهتز عرش الله من أجل هالك                سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو

وكذلك يفعل بها مع اللقب. ا. هـ وقد رفع توهم دخول الكنية في قوله: سواء بقوله: "وإن يكونا" أي الاسم واللقب "مفردين فأضف" الاسم إلى اللقب "حتمًا" إن لم يمنع من الإضافة مانع على ما سيأتي بيانه. هذا ما ذهب إليه جمهور البصريين، نحو هذا سعيد كرز يتأولون الأول بالمسمى والثاني بالاسم، وذهب الكوفيون إلى جواز اتباع للأول على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فاغفر له اللهم إن كان فجر

أنشده بعض العرب حين قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ناقتي قد نقبت فاحملني، فقال له: كذبت وحلف على ذلك. والنقب والدبر رقة الخف. وفجر حنث في يمينه كذا في التصريح. قوله: "هالك" أي ميت. وسعد أبو عمرو هو سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله تعالى عنه. قوله: "وكذلك يفعل بها مع اللقب" ذهب قوم كابن الصائغ والمرادي إلى تأخير اللقب عن الكنية وأبقوا قوله سواه على ظاهر من العموم. قوله: "وقد رفع إلخ" قال سم الرفع ممنوع لصدق قوله وإن يكونا مفردين مع عموم قوله سواه: أي وإن يكن اللقب وسواه مفردين كما في الاسم واللقب: ولا يمنع ذلك كون بعض أفراد سواه لا يكون إلا مركبًا كالكنية. قوله: "مفردين" المراد بالمفرد هنا ما قابل المركب، كما أن المراد به في باب الإعراب ما قابل المثنى والمجموع والملحق بهما والأسماء الستة وفي باب المبتدأ ما قابل الجملة وفي باب لا والمنادى ما قابل المضاف والمشبه به. وأما إطلاقه على ما لا يدل جزؤه على جزء معناه فاصطلاح منطقي.
قوله: "فأضف حتمًا" لا يخفى أن الإضافة بالتأويل الآتي في الشرح تخرج عن إضافة الاسم إلى اسم اتحد به في المعنى لأنها على التأويل الآتي تكون من إضافة المسمى إلى الاسم فمعنى الاسم الأول الذات دون الثاني لأن المقصود منه لفظه، فمعناه اللفظ الواقع في التركيب المستعمل في الذات فلا تنافي بين قوله هنا فأضف حتمًا وقوله فيما سيأتي:

ولا يضاف اسم لما به اتحد

معنى. وإن ذكره شيخنا والبعض. قوله: "كرز" هو في الأصل خرج الراعي ويطلق على اللئيم والحاذق. قوله: "يتأولون الأول بالمسمى إلخ" أي غالبًا وإلا فقد يعكسون كما في كتبت سعيد كرز ونحوه من كل تركيب لا يناسب الحكم فيه إلا ذلك. قوله: "وذهب الكوفيون" أي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
68- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في أوضح المسالك 1/ 129؛ وشرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 393؛ ولم أقع عليه في ديوانه.

ج / 1 ص -191-                              ومنه منقول كفضل وأسد     وذو ارتجال كسعاد وأدد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه بدل منه أو عطف بيان نحو هذا سعيد كرز، ورأيت سعيدًا كرزًا ومررت بسعيد كرز.
والقطع إلى النصب بإضمار فعل، وإلى الرفع بإضمار مبتدأ نحو مررت بسعيد كرزًا وكرز، أي أعني كرزًا وهو كرز "وإلا" أي وإن لم يكونا مفردين: بأن كانا مركبين نحو عبد الله أنف الناقة، أو الاسم نحو عبد الله بطة، أو اللقب نحو زيد أنف الناقة امتنعت الإضافة للطول؛ وحينئذ "أتبع الذي ردف" وهو اللقب للاسم في الإعراب بيانًا أو بدلًا، ولك القطع على ما تقدم؛ وكذا إن كانا مفردين ومنع من الإضافة مانع كأل نحو الحارث كرز "ومنه" أي بعض العلم "منقول" عن شيء سبق استعماله فيه قبل العلمية، وذلك المنقول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعض البصريين كما يدل عليه ما قبله وهذا المذهب هو الحق وجرى عليه في التسهيل. قوله: "على أنه بدل منه" أي بدل كل من كل وجوّز الدنوشري وجهًا ثالثًا وهو أن يكون تأكيدًا بالمرادف. قوله: "والقطع" يفيد أن البدل والبيان يقطعان وهو كذلك كما يفيده كلام الشنواني، ونقله يس عن بعضهم، وصرح به الروداني. وقال بعضهم: لا يقطعان إلا شذوذًا. قوله: "بإضمار فعل" أي جوازًا وكذا قوله بإضمار مبتدإ فيجوز إظهارهما صرح به في التصريح. قوله: "وإلا إلخ" ظاهره وصريح كلام الشارح امتناع الإضافة إذا كان الأول مفردًا والثاني مركبًا والوجه خلافه كما صرح به الرضي لجواز كون المضاف إليه مركبًا كغلام عبد الله بخلاف المضاف. قوله: "أتبع الذي ردف" أي تبع الاتباع، الأول اصطلاحي والثاني لغوي فليس في كلامه طلب تحصيل الحاصل الذي هو عبث. وهذا الأمر كناية عن منع الإضافة فلا ينافي ما صرح به الشارح من جواز القطع. وأتبع جواب إن الشرطية المدغمة في لا، وحذف الفاء للضرورة. قوله: "بيانا" وهذا أنسب شعر بكون اللقب أوضح. قوله: "كأل" وككون اللقب وصفًا في الأصل مقرونًا بأل كهارون الرشيد ومحمد المهدي قاله في التصريح. قوله: "عن شيء" أي معنى، وضمير سبق استعماله راجع إلى بعض العلم، وضمير فيه راجع إلى شيء، فالمنقول عنه معنى لا لفظ، هذا مفاد هذه العبارة. وقوله وذلك المنقول عنه مصدر كفضل واسم عين مثل أسد إلخ يفيد أن المنقول عنه لفظ ويمكن إرجاع عبارته الثانية إلى الأولى بتقدير مضاف في الثانية أي معنى مصدر إلخ والعكس بتقدير مضاف في الأولى أي عن لفظ شيء إلخ ولا يرد على هذا اتحاد المنقول والمنقول عنه لاختلافهما صفة، فإن لفظ مثلًا متصف قبل العلمية بالمصدرية وبعدها بالعلمية وهذا الاختلاف كاف. بقي أنه يرد على الشارح أنه خالف ظاهر المتن بلا حاجة حيث جعل قوله كفضل إلخ تمثيلًا للمنقول عنه، وظاهر المتن أنه تمثيل للمنقول فتدبر. ا. هـ.
قوله: "سبق استعماله فيه" الأولى سبق وضعه له ليدخل في المنقول ما وضع لشيء ولم يستعمل فيه ثم نقل لغيره فإنه من المنقول كما يفيده كلام الجامع وصرح به شارحه. قوله: "قبل العلمية" أل للعهد الحضوري أي قبل النوع الحاضر من العلمية، فيتناول الحد ما استعمل قبل نوع العلمية الحاضرة في نوع آخر من العلمية كأسامة علما لشخص فهو من المنقول كما قاله

ج / 1 ص -192-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنه مصدر "كفضل و" اسم عين مثل "أسد" واسم فاعل كحرث. واسم مفعول كمسعود، وصفة مشبهة كسعيد، وفعل ماض كشمر علم فرس. قال الشاعر:
69-

أبوك حباب سارق الضيف برده                   وجدي يا حجاج فارس شمرا

وفعل مضارع كيشكر قال الشاعر:
70-

ويشكر الله لا يشكره

وجملة وسيأتي "و" بعضه الآخر "ذو ارتجال" إذ لا واسطة على المشهور. وذهب بعضهم إلى أن الذي علميته بالغلبة لا منقول ولا مرتجل. وعن سيبويه أن الأعلام كلها منقولة. وعن الزجاج  كلها مرتجلة. والمرتجل هو ما استعمل من أول الأمر علمًا "كسعاد"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشنواني وغيره وباعتبارنا النوع دون الشخص يندفع ما قاله الروداني من أن جعل أل للعهد الحضوري يقتضي أن سعاد مسمى به امرأة غير الأولى منقول وهو باطل فافهم. قوله: "أبوك حباب" أي جبان على ما قيل، ولم أجده في القاموس ولا غيره. وفي القاموس أنهم سموا بمضموم الحاء ناسًا وشيطانًا، ويطلقونه على الحية، وسموا بمفتوحها ومكسورها ناسًا وذكر للثلاثة معاني أخر لا تناسب هنا. وسارق الضيف من إضافة الوصف لفاعله وبرده مفعول له. وقد يقال: لا شاهد في البيت لاحتمال أن يكون منقولًا من جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر إلا أن يقال النقل من الجملة خلاف الغالب، والشيء يحمل على الغالب ما لم يصرفه عنه صارف، وكذا يقال في الشاهد بعده. قوله: "وذو ارتجال" من ارتجل الخطبة والشعر أي ابتدأهما من غير تهيؤ لهما قبل. فمعنى كون العلم مرتجلًا أنه ابتدىء بالتسمية به من غير سبق استعماله من غير علم قاله الدماميني. قوله: "إذ لا واسطة إلخ" علة المقدر أي وزدت لفظ الآخر المفيد للحصر مع أن عبارة الناظم لا تؤديه لأنه لا واسطة. قوله: "لا منقول ولا مرتجل" أما الأول فلأن النقل يستدعي الوضع للمعنى الثاني ولا وضع فيه له، وأما الثاني فلأنه سبق له استعمال في غير العلمية والتحقيق أنه منقول بوضع تنزيلي لأن غلبة استعمال المستعملين بمنزلة الوضع منهم كما ذكره سم في الآيات البينات. قوله: "كلها منقولة" أي لأن الأصل في الأسماء التنكير ولا يضر جعل المعنى الأصلي للاسم الذي يتوهم أنه مرتجل. قوله: "كلها مرتجلة" مبني على قوله: إن المرتجل ما لم يتحقق عند وضعه قصد نقله من معنى أول وهذا القصد غير متحقق وموافقة بعض الأعلام نكرة أو وصفًا أو غيرهما أمر اتفاقي لا بالقصد.
قوله: "ما استعمل من أول الأمر علمًا" أورد عليه أنه غير جامع لعدم صدقه على ما وضع للذات ابتداء ولم يستعمل فيه مع أنه علم مرتجل، إذ لا يشترط في العلمية الاستعمال كما هو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
69- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص80، والعقد الفريد 5/ 299؛ وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص315، ولسان العرب 4/ 429 "شمر"، 12/ 53 "بقم".

 

ج / 1 ص -193-                          وجملة وما بمزج ركبًا   ذا إن بغير ويه ثم أعربا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علم امرأة "وأدد" علم رجل "و" عن المنقول ما أصله الذي نقل عنه "جملة" فعلية والفاعل ظاهر كبرق نحوه وشاب قرناها، أو ضمير بارز كأطرقا، علم مفازة. قال الشاعر:
71-

على أطرقا باليات الخيام

أو مستتر كيزيد في قوله:
72-

نبئت أخوالي بني يزيد                             ظلما علينا لهم فديد

ومنه إصمت علم مفازة قال الشاعر:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهر قول التفتازاني: العلم ما وضع لمسمى بمشخصاته وغير مانع لصدقه على علم الشخص المنقول من علم الجنس كأسامة علمًا لشخص. ويمكن دفع هذا بأن المراد العلمية الحاضرة كما مر. قال البعض: فكان الأولى أن يقول ما وضع لشيء لم يسبق وضعه لغيره. ا. هـ. وفيه أنه يخرج عن هذا العلم المرتجل المسمى به شخص بعد تسمية آخر به فيكون هذا أيضًا غير جامع فتأمل. قوله: "وأدد" نوزع بأنه جمع أدة بمعنى المرة من الودّ فالهمزة بدل من واو كما في أقتت فهو منقول من جمع لا مرتجل. قوله: "ومن المنقول إلخ" أشار بذلك لدفع ما يوهمه ظاهر المتن من عطفه على ما قبله المقتضى كونه قسيمًا للمنقول والمرتجل. وإنما تكلم على المنقول من جملة، والمنقول من مركب مزجي، والمنقول من متضايقين دون المنقول من بقية المركبات كالمركب التقييدي لكونها المسموعة عن العرب دون غيرها. قاله يس. قوله: "قرناها" أي ذؤابتاها.
قوله: "على أطرقا باليات الخيام" يحتمل أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر، ويحتمل أن الجار والمجرور متعلق بقوله عرفت الديار في البيت السابق. وباليات الخيام منصوب على الحال من الديار. وسميت تلك المفازة بأطرقًا لأن السالك فيها يقول لصاحبيه أطرقا أي اسكتا مخافة ومهابة. قاله العيني. قوله: "نبئت" أي أخبرت يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: الأول التاء التي نابت عن الفاعل. الثاني أخوالي، وبني يزيد بدل أو بيان لأخوالي. الثالث جملة لهم فديد أي صياح، وظلمًا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
71- تمام البيت:

إلا الثمام وإلا العصي

وهو من المتقارب، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 2/ 317، 7/ 372، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100؛ وشرح المفصل 1/ 31؛ ولسان العرب 10/ 224 "طرق"؛ ومعجم ما استعجم 1/ 167؛ والمقاصد النحوية 1/ 397؛ وللهذلي في خزانة الأدب 7/ 326؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص333.
72- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد " 329 "قدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626.

ج / 1 ص -194-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
73-

أشلى سلوقية باتت وبات بها                 بوحش إصمت في أصلابها أود

تنبيه: حكم العلم المركب تركيب إسناد وهو المنقول من جملة أن يحكي أصله،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفعول لأجله ناصبه محذوف تقديره يصيحون، وعلينا متعلق بهذا المحذوف لا بفديد لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولم يقل: عليهم لأن المتكلم يغلب على غيره في إعادة الضمير تقول: أنا وزيد فعلنا ولا تقول: فعلا كذا في التصريح. وأنت خبير بأنه حيث كان العامل في ظلمًا وعلينا محذوفًا تقديره يصيحون كان هو الجدير بجعله المفعول الثالث فيكون جملة لهم فديد حالًا مؤكدة. والشاهد في يزيد فإنه علم منقول عن الجملة بدليل ضمة الدال. والمشهور في يزيد في البيت أنه بالياء التحتية. وتصويب ابن يعيش أنه بالتاء الفوقية أبو قبيلة من العرب تنسب إليه البرود التزيدية رده ابن الحاجب كما في زكريا بأن الرواية إنما صحت بالتحتية. وبأن تزيد بالفوقية لم يسمع إلا مفردًا لا جملة ونظير يزيد في هذا البيت جلا في قوله:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا 

على القول بأنه علم محكي منقول من نحو زيد جلا، فيكون جملة لا من نحو جلا زيد وإلا كان مفردًا منصرفًا لأن هذا الوزن لا يؤثر منع الصرف عند الجمهور. وقيل: الموصوف محذوف أي أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها كذا في المغني والدماميني. قوله: "ومنه إصمت" بهمزة قطع وميم مكسورتين. وإن كان الأمر من الصمت بهمزة وصل وميم مضمومتين على أنه من صمت بفتح الميم، وبهمزة وصل مكسورة وميم مفتوحة على أنه من صمت بكسرها لأن الأعلام كثيرًا ما يغير لفظها عند النقل كما في التصريح. قوله: "أشلى" أي أغرى الصائد سلوقية أي كلابًا سلوقية نسبة إلى سلوق قرية باليمن. والباء في بها بمعنى مع. وقوله: بوحش صلة أشلى. وقوله في أصلابها أود أي عوج جملة في محل نصب صفة لسلوقية. وعندي وقفة في الاستشهاد بهذا البيت على النقل من جملة فعل الأمر وفاعله المستتر لأن إصمت في البيت مجرور بالفتحة كما هو شأن المنقول من الفعل وحده، ولو كان منقولًا من الجملة لوجب بقاء سكون الفعل كما وجب بقاء ضمة يزيد في البيت السابق وكون التحريك للضرورة بعيد. ثم رأيت بعضهم نقل عن بعض شرّاح التسهيل الاستشهاد به على النقل من الفعل وحده، ورأيت صاحب التصريح عد أصمت مما نقل من الفعل وحده كشمر ويشكر وهو يؤيد ما قلنا فاحفظه. قوله: "حكم العلم المركب تركيب إسناد" مثله المركب العددي فإنه يحكى وكذا المركب من حرفين كأنما أو حرف وفعل كقد قام أو حرف واسم كيازيد فكل ذلك يحكى، ولم ينص الشارح على ما ذكر لأنه شبيه بالمركب الإسنادي فكأنه داخل فيه. ويستثنى من المركب من حرف واسم المركب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
73- البيت من البسيط، وهو للراعي النميري في ديوانه ص69؛ وخزانة الأدب 7/ 324، 327، 336، 341؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ 30؛ ولسان العرب 2/ 55 "صمت"؛ والمعاني الكبير 1/ 220؛ ومعجم البلدان 1/ 212 "إصمت"؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص306، 341.

 

ج / 1 ص -195-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يرد عن العرب علم منقول من مبتدأ وخبر، لكنه بمقتضى القياس جائز. ا. هـ. "و" من العلم "ما بمزج ركبًا" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة تاء التأنيث مما قبلها، نحو بعلبك. وحضرموت، ومعديكرب، وسيبويه و"ذا" المركب تركيب مزج "إن بغير ويه تم" أي ختم "أعربًا" إعراب ما لا ينصرف على الجزء الثاني، والجزء الأول يبنى على الفتح ما لم يكن آخره ياء كمعديكرب فمبني على السكون. وقد يبنى ما تم بغير ويه على الفتح تشبيها بخمسة عشر. وقد يضاف صدره إلى عجزه والأول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من جار فوق حرف مجرور فإن الأجود فيه إعراب الجار مضافًا لمجروره معطى ما له لو سمي به وحده بأن يضعف آخره إن كان لينًا كفي ولا يضعف بل يجعل كيد ودم إن كان صحيحًا كمن ويجوز حكايته. وقيل: يجب الإعراب والإضافة في ثلاثي أو ثنائي صحيح كربّ ومن، والحكاية في ثنائي معتل كفي فإن كان الجار حرفًا أحاديًا وجبت الحكاية عند الجمهور. وأجاز المبرد والزجاج إعرابهما مكملًا أولهما بتضعيف حرف لين يجانس حركته كما لو سمي به وحده فيقال في زيد جاءني زيد كذا في الهمع. وأما المركب من تابع ومتبوع فكالمفرد كما صرح به شيخ الإسلام فيعرب بحسب العوامل. وأما نحو قائم أبوه فيعرب قائم بحسب العوامل ويبقى مرفوعه بحاله ومثله شارب زيدًا.
قوله: "أن يحكي أصله" أي ويكون معربًا تقديرًا كما نقله يس عن السيد واللباب. وقيل مبني لا محكي. وذكر في التسهيل أنه ربما أضيف صدر ذي الإسناد إلى عجزه إن كان ظاهرًا نحو جاء برق نحره. واحترز من المضمر نحو برقت وخرجت مسمى بهما فلا يجوز فيهما إلا الحكاية وأجاز بعضهم إعرابه تقول هذا قمت ورأيت قمتا ومررت بقمت أفاده الدماميني. قوله: "ولم يرد عن العرب إلخ" بيان لمفهوم قوله سابقًا وجملة فعلية. قوله: "ومن العلم" الأولى ومن المنقول. قوله: "بمزج" أي مع مزج. قوله: "منزلًا ثانيهما" حال من ضمير جعلا الراجع إلى الاسمين. وقوله منزلة تاء التأنيث مما قبلها أي في فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب عليها. واعترض اللقائي هذا الحد بأنه لا يشمل نحو معديكرب ولا نحو سيبويه، ومنشؤه جعل وجه التنزيل فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب غير المحلي عليها ولو جعل وجهه لزوم ما قبلها حالة واحدة في أحوال الإعراب الثلاثة وجريان حركات الإعراب ولو محلًا لم يتجه هذا الاعتراض. وقد يؤيد ما قلنا التعبير بتاء التأنيث التي قد يكون ما قبلها ساكنًا كما في بنت وأخت دون هاء التأنيث فتأمل. قوله: "ومعديكرب" بكسر الدال شذوذًا والقياس فتحها كمرمى ومسعى قاله المصرح هنا، لكن قال في باب النداء: معنى معديكرب عداه الكرب أي تجاوزه. ا. هـ. وقضيته أنه اسم مفعول أعلّ إعلال مرمى فلا شذوذ في كسر داله لا مفعل فإنه خلاف المعنى المذكور قاله الروداني، ويبعد كونه اسم مفعول تخفيف يائه إذ القياس تشديدها كما في مرميّ.
قوله: "يبنى على الفتح إلخ" كان الأولى والأخصر يبقى على ما كان عليه من فتح أو سكون لأنهما ليسا للبناء. قوله: "تشبهًا بخمسة عشر" أي تشبيهًا بصنف آخر من المزجي

 

ج / 1 ص -196-                           وشاع في الأعلام ذو الإضافة   كعبد شمس وأبي قحافة

ووضعوا لبعض الأجناس علم                    كعلم الأشخاص لفظًا وهو عم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الأشهر. أما المركب المزجي المختوم بويه كسيبويه وعمرويه فإنه مبني على الكسر لما سلف. وقد يعرب غير منصرف كالمختوم بغير ويه "وشاع في الأعلام ذو الإضافة" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة التنوين. وهو على ضربين: غير كنية "كعبد شمس و" كنية مثل "أبي قحافة" وإعرابه إعراب غيره من المتضايفين "ووضعوا لبعض الأجناس" التي لا تؤلف غالبًا كالسباع والوحوش والأجناس "علم" عوضًا عما فاتها من وضع الإعلام لأشخاصها لعدم الداعي إليه. وهذا هو النوع الثاني من نوعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمركب العددي فلا يقتضي كلامه أن العددي ليس من المزجي كما زعمه البعض تبعًا لغيره. ولا ينافيه تعريفه السابق لأن المراد بالإعراب فيه ما يشمل الإعراب المحلي كما مر، لكن قال يس: إذا كان العددي من المزجي ورد أنه إذا سمي به يحكي كما صرح به اللقاني، والناظم لم يذكر الحكاية في المزجي. ا. هـ. وهو مدفوع بأنه لا مانع من اختصاص صنف من نوع بحكم وأن المصنف لم يذكر الحكاية في المزجي لأن كلامه في المزجي غير العددي. قوله: "وقد يضاف صدره إلى عجزه" فيخفض العجز ويعطى ما يستحقه لو انفرد من صرف وغيره نحو هذا رام هرمز. ويجري الأول بوجوه الإعراب إلا أن الفتحة لا تظهر في المعتل نحو معديكرب وقد يمنع العجز من الصرف مطلقًا مع جريان الأول بوجوه الإعراب. ا. هـ. دماميني بإيضاح وزيادة من الهمع. قوله: "لما سلف" علة لكون البناء على الكسر لأن مراده بما سلف كون الكسر الأصل في التخلص من التقاء الساكنين. وأما أصل البناء فلأن ويه اسم صوت وهو مبني بما سيأتي في بابه فيبني سيبويه تغليبًا لجانب الصوت لأنه الآخر. قوله: "وقد يعرب غير منصرف إلخ" وقد يبنى على الفتح كخمسة عشر قاله في الهمع. قوله: "وهو على ضربين إلخ" نبه على حكمة تعداد المثال ويحتمل أن تكون حكمته الإشارة إلى أنه لا فرق في الجزء الأول بين أن يكون معربًا بالحركات أو الحروف وفي الثاني بين أن يكون منصرفًا أو غير منصرف. قوله: "وإعرابه إعراب غيره من المتضايقين" أي لأنهم أجروا على كلمتيه أحكامهما قبل العلمية فأعربوا الجزأين وأعطوا جزءه الأخير حكم العلم فمنعوا صرف أوبر وهريرة في بنات أوبر وأبي هريرة، وقالوا: جاء أبو بكر بن زيد بترك تنوين بكر مع أن الموصوف بابن مجموع المركب قاله ابن هشام وغيره.
قوله: "ووضعوا" أي العرب وإسناد الوضع إليهم مجاز لكونه ظهر على ألسنتهم وإلا فالواضع على الأصح هو الله تعالى. وفي كلامه إشارة إلى أن علم الجنس سماعي فلا يقاس على ما ورد منه. قوله: "غالبًا" وقد يوضع العلم الجنسي لجنس يؤلف كما سيذكره الشارح في الخاتمة. قوله: "والوحوش" عطف عام لشموله ما لا يعدو بنابه. وقوله: والأحناش بحاء مهملة ثم شين معجمة آخره عطف مغاير لأن الحنش كما في القاموس الذباب والحية وكل ما يصطاد من الطير والهوام وحشرات الأرض وهي صغار دوابها. قوله: "لعدم الداعي" علة للفوات والداعي

ج / 1 ص -197-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم وهو "كعلم الأشخاص لفظًا" فلا يضاف، ولا يدخل عليه حرف التعريف؛ ولا ينعت بالنكرة ويبتدأ به، وتنصب النكرة بعده على الحال، ويمنع من الصرف مع سبب آخر غير العلمية كالتأنيث في أسامة وثعالة ووزن الفعل في بنات أوبر وابن آوى، والزيادة في سبحان علم التسبيح، وكيسان علم على الغدر، وعلم مفعول بوضعوا، ووقف عليه بالسكون على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الألفة. قوله: "وهو كعلم الأشخاص" ظاهره أن كعلم خبر مبتدأ محذوف والأولى أنه نعت لعلم. قوله: "فلا يضاف" أي ما دامت علميته فإن نكر جازت إضافته وكذا يقال فيما بعده.
فائدة: قد ثنوا وجمعوا علم الجنس أيضًا فقالوا الأسامتان والأسامات. وينبغي أن يكون ذلك كما في الارتشاف بالنظر إلى الشخص الخارجي لا الكلي الذهني لاستحالة ذلك فيه. ا. هـ. شرح الجامع وتقدم في مبحث جمع المذكر السالم أنه لا يجمع منه بالواو أو الياء والنون إلا علم الشمول التوكيدي كأجمع فيقال أجمعون. قوله: "ويبتدأ به" أي لا مسوغ وكذا يقال فيما بعده. قوله: "بعده" إنما قيد به لأن تقدم الحال مسوّغ لمجيئها من النكرة. قوله: "في بنات أوبر" علم على ضرب رديء من الكمأة. قوله: "وابن آوى" علم على حيوان كريه الرائحة فوق الثعلب ودون الكلب فيه شبه من الذئب وشبه من الثعلب طويل الأظفار يشبه صياحه صياح الصبيان قاله الكمال الدميري. ا. هـ. تصريح. قوله: "علم التسبيح" أي عند قطعه عن الإضافة كما عليه البيضاوي أو مطلقًا عليه كما عليه غيره، وإضافته للإيضاح كحاتم طيئ وفرعون موسى فلا تبطل العلمية لأن المبطلة لها ما للتعريف أو التخصيص ومنع كثير علميته. قال الرضي: لا دليل على علميته لأن أكثر ما يستعمل مضافًا فلا يكون علمًا وإذا قطع فقد جاء منونًا في الشعر كقوله:

سبحانه ثم سبحانًا نعوذ به

وقد جاء باللام كقوله:

سبحانك اللهم ذا السبحان 

قالوا دليل علميته قوله:

سبحان من علقمة الفاخر

ولا منع من أن يقال حذف المضاف إليه ونوى وبقي المضاف على حالة مراعاة لأغلب أحواله أعني التجرد عن التنوين كقوله:

خالط من سلمى خياشم وفا

هذا وقول الشارح علم التسبيح كذا في بعض النسخ. وفي بعضها علم على التسبيح وهو المناسب لقوله وكيسان علم على الغدر ويتعين عليه رفع علم بالخبرية لمحذوف أي وهو علم إلخ ولا يصح جر علم على النعتية لسبحان لأن المقصود لفظه فيكون معرفة فلا يصح وصفه بالنكرة، وهكذا قوله علم على الغدر. قوله: "عمّ" فعل ماض كما أشار إليه الشارح بالعطف لا أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة لاقتضائه العموم في المفضل عليه وهو علم الشخص وليس كذلك. قوله: "في أمته" أي جماعته وأفراده. قوله: "وأنه في الشياع كأسد" أي الذي هو اسم

ج / 1 ص -198-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لغة ربيعة. ولفظًا تمييز: أي العلم الجنسي كالعلم الشخصي من حيث اللفظ "وهو" من جهة المعنى "عم" وشاع في أمته فلا يختص به واحد دون آخر، ولا كذلك علم الشخص لما عرفت. وهذا معنى ما ذكره الناظم في باب النكرة والمعرفة من شرح التسهيل من أن أسامة ونحوه نكرة معنى معرفة لفظًا، وأنه في الشياع كأسد، وهو مذهب قوم من النحاة لكن تفرقة الواضع بين اسم الجنس وعلم الجنس في الأحكام اللفظية تؤذن بالفرق بينهما في المعنى أيضًا. وفي كلام سيبويه الإشارة إلى الفرق، فإن كلامه في هذا حاصله أن هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنس نكرة وهو من ذكر اللازم بعد الملزوم. قوله: "بين اسم الجنس" أي الذي هو النكرة كما للآمدي وابن الحاجب وجماعة. وكما هو الظاهر من عبارات كثير من النحاة وسيصرح به الشارح نقلًا عن بعضهم. وأما ما في حواشي شيخنا السيد أن النحاة على أن اسم الجنس وضع للماهية بلا قيد الاستحضار ففيه ما فيه. قوله: "تؤذن بالفرق إلخ" إذ لو لم يكن بينهما فرق من جهة المعنى لزم التحكم. قوله: "الإشارة إلى الفرق" أي بين علم الجنس واسم الجنس الذي هو النكرة على ما مر. ولما لم يبين سيبويه معنى اسم الجنس اتكالًا على ظهوره عندهم عبر بالإشارة. واشتهر عن كثير من العلماء الفرق بين الثلاثة بما حاصله أن علم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا باعتبار حضورها فيه بمعنى أن الحضور جزء مفهومه أو شرط على القولين، والصحيح عندي منهما الثاني وإن اقتصر البعض على الأول لأن التعين سواء كان شخصيًّا كما في علم الشخص أو ذهنيًّا كما في علم الجنس أمر اعتباري كما صرحوا به، فلو كان جزءًا داخلًا في مفهوم العلم لزم أن يكون مدلول العلم شخصيًّا أو جنسيًّا أمرًا اعتباريًّا لأن المجموع المركب من الوجودي والاعتباري اعتباري، وأن دلالة لفظ زيد مثلًا على مجرد الذات تضمن لا مطابقة، وكل من اللازمين في غاية البعد إن لم يكن باطلًا، واسم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا لا بهذا الاعتبار والنكرة موضوعة للفرد المنتشر. قال البعض ولي فيه وقفة لأن اسم الجنس على تقدير كونه موضوعًا للحقيقة يلزم أن يكون معرفة لأن الحقيقة من حيث هي متحدة ذهنًا وعدم اعتبار قيد الحضور معها لا يخرجها عن التعين وحينئذٍ فالفرق المذكور من جهة المعنى لا يجدي نفعًا في إجراء أحكام المعارف على علم الجنس دون اسمه ويؤيد ذلك حكمهم على مدخول أل الجنسية في قولك: الرجل خير من المرأة بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي مع أن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق فالذي يختاره العقل ويميل إليه أن اسم الجنس كالنكرة موضوع للفرد المنتشر كما سيذكره الشارح هذا كلامه. وأنا أقول: قال العلامة سم في الآيات البينات عند قوله ابن السبكي العلم ما وضع لمعين إلخ ما نصه: فيه أي في تعريف العلم بما ذكر أن النكرة وضع لمعين أيضًا إذ الواضع إنما يضع لمعين فقوله أي المحلي خرج النكرة ممنوع. ويجاب بأن المراد أنه وضع لمعين باعتبار تعينه فخرج النكرة فإنه وإن وضع لمعين لم يعتبر تعينه. ا. هـ.
وقد عرّف غير واحد من المحققين المعرفة بما وضع لمعين باعتبار تعينه. فتبين أن تعين

 

ج / 1 ص -199-        ............................


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء موضوعة للحقائق المتحدة في الذهن، ومثله بالمعهود بينه وبين مخاطبه، فكما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع له حاصل في النكرة أيضًا وأن الفرق بين النكرة والمعرفة اعتبار التعين في المعرفة وعدم اعتباره في النكرة، فوجود التعين المراد من الحضور في عبارة من عبر به في اسم الجنس من غير اعتباره لا يقتضي كونه معرفة واستناده إلى حكمهم على مدخول أل الجنسية بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي من باب الاشتباه لأن المراد بقولهم من حيث هي في كلامهم على مدخول أل الجنسية عدم اعتبار الفرد معها بالكلية لا عدم اعتبار التعين لأنه معتبر في مدخولها كما صرح به السعد في مطوله ومختصره في الكلام على تعريف المسند إليه بأل، وكذا سائر المعارف كما علمت. ومن ثم فرقوا بين علم الجنس ومدخول أل الجنسية بأن دلالة الأول على اعتبار التعين بجوهره والثاني بقرينة أل. والمراد بقولهم من حيث هي في تعريف اسم الجنس عدم اعتبار التعين فيه وتشبثه بأن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق لا ينهض لأن النكرة تطلق اطلاقين خاصًا وعامًا كما قاله يس وغيره: فتطلق تارة ويراد بها ما قابل المعرفة فتعم اسم الجنس، وتطلق تارة ويراد بها ما قابل اسم الجنس فتخص. إذا أشرقت في سماء بصيرتك شمس أنوار هذا التحقيق عرفت انحلال وقفته بحذافيرها والله ولي التوفيق. وكثيرًا ما يخطر ببالي فرق آخر بين علم الجنس واسمه قريب من الفرق السابق وهو أن الحقيقة الذهنية لها جهتان: جهة تعينها ذهنًا وجهة صدقها على كثيرين، فعلم الجنس هو ما وضع للحقيقة من حيث تعينها ذهنًا بمعنى أن تعينها ذهنًا هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون الصدق، فيكون الصدق حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان معرفة، واسم الجنس ما وضع لها من حيث صدقها على كثيرين، بمعنى أن الصدق هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون التعين فيكون التعين حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان نكرة عند تجرده من أل والإضافة وهو فرق نفيس، وفي ظني أني رأيت ما يؤيده في كلام بعضهم والذي استوجهه الشيخ الغنيمي وتلميذه الشبراملسي أن الفرق بين اسم الجنس والنكرة بأن اسم الجنس للحقيقة بلا قيد والنكرة للفرد اعتباري وأن كلًا من رجل وأسد يصح أن يكون نكرة واسم جنس بالاعتبارين المذكورين ويمكن مثله في فرقنا أيضًا هذا. وفي حواشي شيخنا السيد أن المراد بالذهن في هذا المقام ذهن المخاطب لأن المعتبر في جميع المعارف تعينها وعهدها في ذهن المخاطب، وكان رحمه الله تعالى يقرر ذلك في دروسه، ويعكر عليه أن بعض أصحاب الفرق الأول وهو المحقق الخسروشاهي شيخ القرافي صرح بأنه ذهن الواضع فاعرف ذلك.
قوله: "أن هذه الأسماء" أي أعلام الأجناس. قوله: "للحقائق المتحدة في الذهن" أي المتوحدة فيه، وانظر هل يقول سيبويه بأن اسم الجنس للحقيقة المتحدة ذهنًا فيكون الفرق بين علم الجنس واسمه عنده اعتبار التعين في علم الجنس دون اسمه كما هو المشهور. أو بأنه للفرد المنتشر فيكون الفرق عنده ظاهرًا ولعل هذا أقرب إلى كلامه. قوله: "ومثله" أي نظيره وشبهه في اعتبار التعين فقط فلا يرد أن الممثل ماهية والممثل به فرد والضمير يرجع إلى الحقائق المتحدة

 

ج / 1 ص -200-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صح أن يعرف ذلك المعهود باللام فلا يبعد أن يوضع له علم. قال بعضهم: والفرق بين أسد وأسامة أن أسدًا موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، وأسامة موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن. فإذا أطلقت أسدًا على واحد أطلقته على أصل وضعه وإذا أطلقت أسامة على واحد فإنما أردت الحقيقة. ولزم من إطلاقه على الحقيقة باعتبار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الذهن، وذكره للتأول بالمذكور أو مدلول هذه الأسماء أي وتماثلهما يقتضي أن ما ثبت لأحدهما يثبت هو أو نظيره للآخر فلذلك قال: فكما صح أن يعرف ذلك المعهود باللام أي التي هي أحد طرق التعريف فلا يبعد أن يوضع له أن للمذكور من تلك الحقائق علم لأن العلمية أحد طرق التعريف أيضًا نظير أل. قوله: "قال بعضهم" هذا تأييد وإيضاح لما قاله سيبويه في علم الجنس وتصريح بما سكت عنه من بيان اسم الجنس. قوله: "لا بعينه" أي حالة كون الواحد غير ملتبس بتعينه في أصل وضعه. قوله: "أطلقته على أصل وضعه" أي إطلاقًا جاريًا على أصل هو وضعه، أو المراد بالوضع الموضوع له والظرف حينئذٍ لغو متعلق بأطلقته والإضافة على كل للبيان وهذا على ما قدمه من أنه موضوع للواحد لا بعينه. وأما على أنه موضوع للحقيقة فإذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين من حيث وجودها فيه وصدقها عليه كان إطلاقًا حقيقيًّا وإلا كان مجازًا، وكذا يقال في علم الجنس إذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين كما قاله الفاكهي. وما ذكر من التفصيل هو الذي قاله السعد في مطوّله. والذي قاله الكمال بن الهمام ونقله عن المتقدمين أن إطلاق اسم الحقيقة على أفرادها حقيقة مطلقًا.
قوله: "وإذا أطلقت أسامة على واحد" أي معين كما في هذا أسامة مقبلًا أو مبهم كما في إن رأيت أسامة ففر منه. قوله: "فإنما أردت الحقيقة" أي لاحظت حال إطلاقه على الفرد ما تضمنه من الحقيقة فالذي استعمل فيه اللفظ وأطلق عليه حقيقة هو الحقيقة الموجودة في الفرد. ويرد عليه أنه يجوز أن يريد بأسامة الفرد من غير ملاحظة الحقيقة فما ذكره من الحصر ممنوع ويمكن دفعه بأن كلامه في الإطلاق الحقيقي أي وإذا أطلقت إسامة على واحد إطلاقًا حقيقيًّا فيتم الحصر. قوله: "باعتبار الوجود" أي وجودها في ضمن الأفراد المستعمل فيها اللفظ وقوله: فجاء التعدد أي تعدد معنى أسامة تعددًا بدليًا ضمنًا أي لزومًا من الإطلاق والاستعمال، إذ يلزم من إطلاقه على الحقيقة التي توجد في ضمن أفراد متعددة التعدد. وقوله باعتبار أصل الوضع عطف على محذوف أي باعتبار الاطلاق والاستعمال لا باعتبار أصل الوضع فاندفع قول البعض كان المناسب لقوله لا باعتبار أصل الوضع أن يقول فجاء التعدد باعتبار الاستعمال. قوله: "وهي" أي مسألة الفرق. قوله: "للفجره" لم يقل للفجور لأن فعال من أعلام المؤنث. قوله: "بمعنى الفجور" أي لا بمعنى المرة من الفجور فالتاء لتأنيث الحقيقة لا للوحدة. قوله: "أنا اقتسمنا" بفتح همزة أنا لوقوعها مفعولًا لعلمت في البيت قبله والخطة بالضم الخصلة. وأما بالكسرة فالأرض التي يخط عليها لتحاز وتبنى. قوله: "دعوا" بالبناء للمفعول كيسان أي إلى كيسان.
قوله: "يكون للذوات والمعاني" هذا التقسيم على مذهب غير المصنف باعتبار الماصدق

 

ج / 1 ص -201-                                من ذاك أم عريط للعقرب    وهكذا ثعالة للثعلب

ومثله برة للمبرة                                       كذا فجار علم للفجرة


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجود التعدد، فجاء التعدد ضمنًا لا باعتبار أصل الوضع. قال الأندلسي شارح الجزولية: وهي مسألة مشكلة "من ذاك" الموضوع علما للجنس "أم عريط" وشبوة "للعقرب وهكذا ثعالة" وأبو الحصين "للثعلب" وأسامة وأبو الحرث للأسد، وذؤالة وأبو جعدة للذئب "ومثله برة" علم "للمبره" بمعنى البرو "كذا فجار" بكسر كحذام "علم للفجرة" بمعنى الفجور وهو الميل عن الحق. وقد جمعهما الشاعر في قوله:
74-

أنا اقتسمنا خطتينا بيننا                      فحملت برة واحتملت فجار

ومثله كيسان علم على الغدر. ومنه قوله:
75-

إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم             إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد

وكذا أم قشعم للموت، وأم صبور للأمر الشديد. فقد عرفت أن العلم الجنسي يكون للذوات والمعاني ويكون اسمًا وكنية.
وخاتمة: قد جاء علم الجنس لما يؤلف كقولهم للمجهول العين والنسب: هيان بن بيان، وللفرس: أبو المضاء، وللأحمق أبو الدغفاء وهو قليل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا المفهوم الذي هو دائمًا الماهية الذهنية وكونه للذوات أكثر من كونه للمعاني. قوله: "قد جاء علم الجنس لما يؤلف" هو ما احترز عنه بقوله فيما مر غالبًا. قوله: "كقولهم للمجهول إلخ" وكقولهم للبغل أبو الأثقال، وللجمل أبو أيوب، وللحمار أبو صابر، وللدجاجة أم جعفر، وللشاة أم الأشعث، وللنعجة أم الأموال. قوله: "هيان بن بيان" هو من أسماء الأضداد لأن المجهولات مستصعبة خفية، لا هينة بينة. قوله: "وهو قليل" لأن الأشياء المألوفة توضع الأعلام لآحادها لا لأجناسها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
74- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55 ؛ وإصلاح المنطق ص336 ، وخزانة الأدب 6/ 327 ، 330، 333، والدرر 1/ 97؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 216؛ وشرح التصريح 1/ 125؛ وشرح المفصل 4/ 53؛ والكتاب 3/ 274؛ ولسان العرب 5/ 42 "برر"، 5/ 48 "فجر"، 11/ 174 "حمل"؛ والمقاصد النحوية 1/ 405؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 349؛ وجمهرة اللغة ص463؛ وخزانة  الأدب 6/ 284؛ والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265؛ وشرح عمدة الحافظ ص141؛ وشرح المفصل 1/ 38؛ ولسان العرب 13/ 37 "أنن"، ومجالس ثعلب 2/ 464؛ وهمع الهوامع 2/ 29.
75- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ملحق ديوانه ص399؛ والأغاني 14/ 28؛ وله أو لضمرة بن ضمرة في شرح المفصل 1/ 37، 38 ؛ ولسان العرب 6/ 201 "كيس"؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 215.