حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 1 ص -396-        إن وأخواتها:

لإن أن ليت لكن لعل                     كأن عكس ما لكان من عمل

كإن زيدًا عالم بأني                      كفء ولكن ابنه ذو ضغن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح والله أعلم.
إن وأخواتها:
"لإن" و"أن" و"ليت" و"لعل" و"كأن عكس ما لكان" الناقصة "من عمل" فتنصب المبتدأ اسمًا لها وترفع الخبر خبرًا لها "كإن زيدا عالم بأني كفء ولكن ابنه ذو ضغن" أي حقد. وقس الباقي هذه اللغة المشهور. وحكى قوم منهم ابن سيده أن قومًا من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامًا واحدًا لأن قوله وما كادوا يفعلون حال من فاعل فذبحوها فيكون المجموع جملة واحدة. قوله: "كل واحد منهما إلخ" أي ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر.
إن وأخواتها:
قوله: "فتنصب المبتدأ" أل في المبتدأ والخبر للجنس فإن من المبتدأ ما لا تنصبه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن وكواجب الابتداء نحو طوبى للمؤمن ومن الخبر ما لا ترفعه كالطلبي والإنشائي. قال الدماميني: ومن هنا يعلم أن جملتي نعم وبئس خبريتان لا إنشائيتان لقوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} [النساء: 58]، ولقوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [التوبة: 9]، وسيأتي في ذلك كلام في باب نعم وبئس إن شاء الله تعالى. ا. هـ. أشار بقوله: وسيأتي إلخ إلى ما ذكره هناك وسنذكره إن شاء الله تعالى من قول جماعة كابن الحاجب إن نعم وبئس لإنشاء المدح والذم واعتراض الدماميني عليه بما هو متجه ولمن يجعلهما للإنشاء تأويل الآيتين بإضمار القول كما قيل به في قول الشاعر:

إن الذين قتلتم أمس سيدهم                لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما

أو جعلهما واردين على الاستعمال الثاني في نعم وبئس وشبههما وهو استعمالهما أخبارًا كما سيأتي في باب نعم وبئس. قال في المغني: ينبغي أن يستثنى من منع الأخبار هنا بالطلب خبر أن المفتوحة المخففة فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كما في قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور: 9]، على القراءة بتخفيف النون بعدها جملة فعلية. وقولهم أما أن جزاك الله خيرًا على فتح الهمزة. ا. هـ. وحذف أحدهما لقرينة جائز على قلة إلا الاسم الذي هو ضمير الشأن فإن حذفه كثير وعليه خرج المصنف حديث: "إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون". والتزم حذف الخبر في ليت شعري مردفًا باستفهام نحو ليت شعري هل قام زيد أي ليت شعري جواب أو بجواب هذا الاستفهام حاصل. وقيل: جملة الاستفهام هي الخبر على تقدير مضاف أي ليت مشعوري جواب هذا الاستفهام. وتختص ليت أيضًا بجواز اتصال ومعموليها بها سادة مسد معموليها نحو ليت أنك قائم وقيل: الخبر محذوف تقديره حاصل مثلًا وقاس الأخفش لعل على ليت فجوز لعل أن زيدًا قائم. قوله: "وحكى قوم إلخ" ظاهره أن ذلك لغة وبه صرح

 

ج / 1 ص -397-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرب تنصب بها الجزأين معًا من ذلك قوله:
266-

إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن                 خطاك خفافًا إن حراسنا أسدا

267-

يا ليت أيام الصبا رواجعا

وقوله:
268-

كأن أذنيه إذا تشوفا                               قادمة أو قلما محرفا

تنبيهات: الأول لم يذكر الناظم في تسهيله أن المفتوحة نظرًا إلى كونها فرع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعضهم ومنع الجمهور ذلك وأولوا ما ثبت منه بأن الجزء الثاني حال والخبر محذوف والتقدير في أن حراسنا أسدًا تلقاهم أسدًا، وفي يا ليت ألخ أقبلت رواجعًا، وفي كأن أذنيه إلخ يحكيان قادمة بل التأويل في الثالث متعين لئلا يلزم الاخبار بالمفرد عن المثنى. قوله: "جنح الليل" بالضم والكسر طائفة منه، والخطاء بالكسر والمد لكن قصره الشاعر للوزن جمع خطوة بالفتح كركوة وركاء كما في الصحاح. وهي نقل القدم. وجعلها بالضم جمع خطوة بالضم ما بين القدمين كما زعمه الشمني فتبعه شيخنا والبعض غير مناسب في البيت.
قوله: "كأن أذنيه" أي الحمار والتشوف التطلع، والعامل في إذا معنى التشبيه في كأن، والقادمة واحدة قوادم الطير وهي مقادم ريشه وهي عشر في كل جناح. ا. هـ. شمني. قوله: "نظرًا إلى كونها إلخ" وإنما ذكر كأن مع أن أصلها إن المكسورة أدخلت عليها الكاف التشبيهية ففتحت الهمزة لانتساخ هذا الأصل بإدخال الكاف وجعل المجموع كلمة واحدة بدليل عدم احتياج الكاف إلى متعلق وعدم كون مدخولها في موضع جر عند الجمهور بخلاف أن المفتوحة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
266- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في الجني الداني ص394؛ والدرر 2/ 167؛ وشرح شواهد المغني ص122؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 167، 10/ 242؛ ومغني اللبيب ص37.
267- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 1/ 104؛ وليس في ديوانه، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 306؛ وشرح شواهد المغني 2/ 690؛ وبلا نسبه في الأشباه والنظائر 4/ 262؛ والجني الداني ص492؛ وجواهر الأدب ص358؛ وخزانة الأدب 10/ 234، 235؛ والدرر 2/ 170؛ ورصف المباني ص298؛ وشرح عمدة الحافظ ص434؛ وشرح المفصل 1/ 104؛ والكتاب 2/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 285؛ وهمع الهوامع 1/ 134.
268- الرجز لمحمد بن ذؤيب في خزانة الأدب 10/ 237، 240؛ والدرر 2/ 168؛ وللعماني في سمط اللآلي ص876؛ وشرح شواهد المغني ص515؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص173؛ والخصائص 2/ 430؛ وديوان المعاني 1/ 36؛ ومغني اللبيب 1/ 193؛ وهمع الهوامع 1/ 134.

 

ج / 1 ص -398-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكسورة، وهو صنيع سيبويه حيث قال: هذا باب الحروف الخمسة. الثاني أشار بقوله عكس ما لكان إلى ما لهذه الأحرف من الشبه بكان في لزوم المبتدأ والخبر والاستغناء بهما، فعملت عملها معكوسًا ليكونا معهن كمفعول قدم وفاعل أخر تنبيهًا على الفرعية، ولأن معانيها في الأخبار فكانت كالعمد والأسماء كالفضلات فأعطيا إعرابيهما. الثالث معنى إن وأن التوكيد، ولكن الاستدراك والتوكيد، وليست مركبة على الأصح. وقال الفراء:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فليس أصلها منسوخًا بدليل جواز العطف بعدها على معنى الابتداء كما يعطف بعد المكسورة قاله في الهمع. قوله: "في لزوم المبتدأ والخبر" بيان لوجه الشبه، واحترز باللزوم عن ألا وأما الاستفتاحيتين لدخولهما على الجملتين، وقوله: والاستغناء بهما إلخ احتراز عن لولا الامتناعية لاحتياجهما معها إلى جواب وإذا الفجائية لاحتياجها معهما إلى سبق كلام. قوله: "معكوسًا" ليس من جملة المفرع إذ المشابهة لا تنتج العكس ولذلك احتاج إلى تعليله بقوله ليكونا إلخ فينبغي جعله معمولًا لمحذوف أي وعملت عملًا معكوسًا ليكونا إلخ. قوله: "تنبيهًا على الفرعية" أي بإعطائها الفرع الذي هو تقدم شبه المفعول وتأخر شبه الفاعل ولم يحتج لذلك في ما وأخواتها المحمولة على ليس لعدم احتياج فرعيتها إلى تنبيه لعدم اتفاق العرب على إعمالها واشتراط شروط في عملها يبطل بفقدان واحد منها.
قوله: "ولأن معانيها في الأخبار" قال سم: وقد يقال: وكان وأخواتها كذلك. ا. هـ. قال الأسقاطي: هو كذلك لكن هذا الوجه عارضه في كأن وأخواتها أصالتها فأعطيت الأصل وهو تقديم المرفوع على المنصوب بخلافه في إن وأخواتها. ا. هـ. بقي أن الدماميني اعترض على العلتين بجريانهما في ما الحجازية وأخواتها مع منصوبها لم يقدم على مرفوعها وقد أسلفنا قريبًا دفعه عن العلة الأولى فتأمل. قوله: "فأعطيا" أي الأخبار والأسماء. وقوله إعرابيهما أي العمد والفضلات. وفي الكلام توزيع. قوله: "التوكيد" أي تقوية النسبة وتقريرها في ذهن السامع إيجابية أو سلبية على الصحيح، وتوكيد النسبة تارة يكون لدفع الشك فيها وتارة يكون لدفع انكارها وتارة يكون لا ولا، فالأول مستحسن والثاني واجب والثالث لا ولا، قاله في التصريح فالثالث عربي إلا أنه غير بليغ ولذا لم يذكره أهل المعاني قاله الروداني. قال سم: ولا ينافي كون المفتوحة للتوكيد أنها بمعنى المصدر وهو لا يفيد التوكيد لأن كون الشيء بمعنى الشيء لا يلزم أن يساويه في كل ما يفيده فاندفع ما لأبي حيان. قوله: "الاستدراك" هو تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم منه ثبوته أو إثبات ما يتوهم منه نفيه هذا هو التعريف السالم من التكلف المحتاج إليه في تصحيح تعريفه بقولهم تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه وهو جعل نفيه بالجر عطفًا على ضمير ثبوته هذا. وذكر شيخنا السيد عن الدماميني ويس أن رفع التوهم ليس لازمًا للكن بل هو أغلبي فقط لأنها قد لا تكون لرفع التوهم نحو زيد قائم لكنه ضاحك فالتعريفان المذكوران مبنيان على الغالب، وفسر بعضهم الاستدراك كما في الروداني بمخالفة حكم ما بعد لكن لحكم ما قبلها مع التوهم أولًا وهذا أعم. قوله: "والتوكيد" أي على قلة نحو لم جاء زيد لأكرمته لكنه لم يجىء إذا

 

ج / 1 ص -399-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلها لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف ونون لكن للساكنين. كقوله:
269-

ولست بآتيه ولا أستطعه                ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل

وقال الكوفيون: مركبة من لا وإن الكاف الزائدة لا التشبيهية وحذفت الهمزة تخفيفًا.
ومعنى ليت التمني في الممكن والمستحيل لا في الواجب فلا يقال: ليت غدًا يجيء. وأما قوله تعالى:
{فَتَمَنَّوُا الْمَوْت} [البقرة: 94، الجمعة: 6] مع أنه واجب فالمراد تمنيه قبل وقته وهو الأكثر. ولعل الترجي في المحبوب نحو: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، والإشفاق في المكروه نحو: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود: 12]، وقد اقتصر على هذين في شرح الكافية وزاد في التسهيل أنها تكون للتعليل والاستفهام فالتعليل نحو: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [طه: 44] والاستفهام نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدم المجيء معلوم من لو. قوله: "لكن أن" بفتح الهمزة كما في الهمع وسم. قوله: "ونون لكن للساكنين إلخ" أنشد البيت ليدفع بما دل عليه من عهد حذف نون لكن للساكنين ما يقال هلا كان المحذوف النون الأولى من أن لأن الضرر حصل بها ويدفع أيضًا بلزوم الاجحاف حينئذٍ فافهم.
قوله: "ولست بآتيه إلخ" هذا حكاية لكلام ذئب دعاه المخاطب ليرافقه ويؤاخيه. فقوله: ولست بآبيه أي ما دعوتني إليه والفضل الزيادة. قوله: "من لا وإن" أي المكسورة الهمزة كما هو صريح كلام يس وشخينا السيد. قوله: "والكاف الزائدة" أي المفتوحة أصالة لكن كسرت اتباعًا للهمزة كما قاله يس وقال شيخنا السيد: كسرتها كسرة نقل من الهمزة. قوله: "لا التشبيهية" لأن المعنى على الاستدراك لا التشبيه. قوله: "وحذفت الهمزة" أي بعد نقل حركتها إلى الكاف على ما قاله شيخنا السيد وقد مر. قوله: "وليت" ويقال لت بإبدال الياء تاء وإدغامها في التاء. همع. قوله: "في الممكن" أي غير المتوقع أي المنتظر وقوعه بخلاف الممكن في الترجي فمنتظر وقوعه. قوله: "وهو الأكثر" أي التمني في المستحيل. قوله: "والإشفاق" وهو توقع المخوف. قوله: "فلعلك تارك إلخ" أورد أن ترك بعض ما يوحى إليه غير ممكن لعصمته. وأجيب بأن المراد بالممكن في قوله وتختص لعل بالممكن الممكن عقلًا وإن استحال عادة أو شرعًا كذا في حاشية البعض. وفيه نظر لأن ترك النبي بعض ما يوحى إليه مستحيل عقلًا لأن دليل استحالته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
269- البيت من الطويل، وهو للنجاشي الحارثي في ديوانه ص111، والأزهية ص296؛ وخزانة الأدب 10/ 418، 419، وشرح أبيات سيبويه 1/ 195؛ وشرح التصريح 1/ 196؛ وشرح شواهد المغني 2/ 701؛ والكتاب 1/ 27؛ والمنصف 2/ 229؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 132، 261؛ والإنصاف 2/ 684؛ وأوضح المسالك 1/ 671؛ وتخليص الشواهد ص269؛ والجني الداني ص592؛ وخزانة الأدب 5/ 265؛ ورصف المباني ص277، 360؛ وسر صناعة الأعراب 2/ 440؛ وشرح المفصل 9/ 142؛ واللامات ص159؛ ولسان العرب 13/ 391 "لكن"؛ ومغني اللبيب 1/ 291؛ وهمع الهوامع 2/ 156.

 

ج / 1 ص -400-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَزَّكَّى} [عبس: 3]، وتابع في الأول الأخفش وفي الثاني الكوفيين وتختص لعل بالممكن وليست مركبة على الأصح، وفيها عشر لغات مشهور، وكأن التشبيه وهي مركبة على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقلي كما قرر في فن الكلام. قوله: "لعله يزكى" أي يزكى أي ما يدريك جواب هذا السؤال.
قوله: "وتختص لعل إلخ" لا يرد قول فرعون لعلي أطلع إلى إله موسى لأنه في زعمه الباطل ممكن هذا. وقد اختلف في لعل الواقعة في كلامه تعالى لاستحالة ترقب غير الموثوق بحصوله في حقه تعالى فقيل: إنها باعتبار حال المخاطبين، فالرجاء والإشفاق متعلق بهم كما أن الشك في أو كذلك. وفي شرح المناوي على الجامع الصغير إن لعل في كلام الله تعالى وكلام رسوله للوقوع. ا. هـ. وفيه نظر ظاهر وكلعل عسى ويؤخذ من التصريح كما قال الروداني أن معنى عسى ولعل في القرآن أمر بالترجي أو الإشفاق. وفي حاشية الكشاف للتفتازاني لعل موضوعة لتوقع محبوب وهو الترجي أو مكروه وهو الإشفاق والتوقع بوجهيه قد يكون من المتكلم وقد يكون من المخاطب وقد يكون من غيرهما كما تشهد به موارد الاستعمال وقد وردت في القرآن للاطماع مع تحقق حصول المطمع فيه لكن عدل عن طريق التحقيق إلى طريق الاطماع دلالة على أنه لا خلف في اطماع الكريم وأنه كجزمه بالحصول. ولما كان ما بعد لعل الاطماعية محقق الحصول وصالحًا لكونه غرضًا مما قبلها زعم ابن الأنباري وجماعة أن لعل قد تكون بمعنى كي ورده المصنف يعني الزمخشري بأن عدم صلوحها لمجرد معنى العلية يأباه، ألا تراك تقول دخلت على المريض كي أعوده ولا يصح لعل وقد لا تصلح لعل لشيء من هذه المعاني كما في قوله تعالى:
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة: 21 وغيرها]، أما كونها ليست للإشفاق فظاهر أو لترجي الله فلاستحالته أو لترجي المخلوقين فلأنهم لم يكونوا حال الخلق عالمين بالتقوى حتى يرجوها، أو للإطماع فلأنه إنما يكون فيما يتوقعه المخاطب ويرغب فيه من جهة المتكلم والتقوى ليست كذلك بل هي مستعارة لحالة شبيهة بالترجي لتردد حال العباد بين التقوى وعدمها كتردد المترجي بين حصول المرجو وعدمه أو مجاز في الطلب. نعم إن قلنا بأن لعل قد تأتي للتعليل صح حملها في الآية عليه عند من لا يمنع تعليل فعله تعالى بالغرض العائد إلى العباد فإن منعه بعيد جدًا لمخالفته كثيرًا من النصوص. ا. هـ. باختصار.
قوله: "وفيها عشر لغات" قال في التسهيل: وقد يقال في لعل عل ولعن وعن ولأن وأن ورعن ورغن ولغن أي بغين معجمة في هذين ولعلت. قال شيخنا: وزاد بعضهم لغتين وغلّ وغن بالمعجمة فيهما، وفي الهمع زيادة لونّ ولعا ورعل بمهملة. ونقل البعض زيادة على وأل بفتح اللام في هذين، فإن أراد فتح اللام مشددة لزمه التكرار لتقدم عل المشددة اللام في كلامه وإن أراد فتحها مخففة ورد عليه قول الشارح في آخر الباب. خاتمة لا يجوز تخفيف لعل على اختلاف لغاتها. ا. هـ. فإن هذا الكلام وإن قاله الشارح في مقام تخفيف حروف الباب بالسكون يفيد ظاهره ثبوت التشديد في جميع لغات لعل. وبالجملة فزيادة هذين محتاجة إلى تحرير ونقل صريح ولم أقف عليه ومجموع اللغات بهما سبع عشرة. قوله: "وكأن التشبيه" أي المؤكد. وقيد البطليوسي

 

ج / 1 ص -401-                            وراع ذا الترتيب إلا في الذي    كليت فيها أو هنا غير البذي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصحيح، وقيل بإجماع. من كاف التشبيه وأن، فأصل كأن زيدًا أسد إن زيدًا كأسد، فقدم حرف التشبية اهتمامًا به ففتحت همزة أن لدخول الجار "وراع ذا الترتيب" وهو تقديم اسمها وتأخير خبرها وجوبًا "إلا في" الموضع "الذي يكون الخبر فيه ظرفًا أو مجرورًا "كليت فيها أو هنا غير البذي" للتوسع في الظروف والمجرورات. قال في العمدة: ويجب أن يقدر العامل في الظرف بعد الاسم كما يقدر الخبر وهو غير ظرف.
تنبيهان: الأول حكم معمول خبرها حكم خبرها فلا يجوز تقديمه إلا إذا كان ظرفًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونها للتشبيه بما إذا كان خبرها اسمًا أرفع من اسمها أو أحط وليس صفة من صفاته نحو كأن زيدًا ملك وكأن زيدًا حمار فإن كان خبرها فعلًا أو ظرفًا أو جارًا ومجروًا أو صفة من صفات اسمها كانت للظن نحو كأن زيدًا قام أو قائم أو عندك أو في الدار لأن زيدًا نفس القائم ونفس المستقر والشيء لا يشبه بنفسه.
فائدة: قال الرضي أولى ما قيل في كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل أن التقدير كأنك تبصر بالدنيا أي تشاهدها كما في قوله تعالى:
{فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب} [القصص: 11]، والجملة بعد المجرور بالباء حال بدليل رواية ولم تكن ولم تزل. وقولهم كأني بالليل وقد أقبل وكأني بزيد وهو ملك وأما قولهم كأنك بالشتاء مقبل وكأنك بالفرج آت فالأولى فيه أن ما بعد المجرور هو الخبر والمجرور متعلق به. قوله: "لدخول الجار" أو تخفيفًا لثقل الكلمة بالتركيب. قوله: "وراع ذا الترتيب" أي المعلوم من الأمثلة السابقة لضعف العمل بالحرفية. قوله: "إلا في الذي إلخ" إن قلت حيث توسع في الظرف والمجرور فهلا جاز تقديم خبرها عليها نفسها إذا كان ظرفًا أو مجرورًا. قلت لم يجز لأن لها الصدر كما في الحاجبية قالوا ليعلم من أول الأمر اشتمال الكلام على التأكيد أو التشبيه أو الاستدراك أو التمني أو الترجي سوى أن المفتوحة فليس لها الصدر. فإن قلت: فحينئذٍ لم لم يجر تقدم خبرها عليها. قلت: يوجه بالحمل على المكسورة فإنها فرعها. فإن قلت: فلم أمتنع خبر ما الحجازية على اسمها وإن كان ظرفًا أو مجرورًا كما تقدم. قلت: يوجه بأن هذا أقوى لأنها تشبه الأفعال لفظًا من حيث كونها على ثلاثة أحرف فصاعدًا ومبنية على الفتح ومعنى لأنها بمعنى أكدت وشبهت وتمنيت إلخ ولأنها مشبهة بفعل متصرف وهو كان وما مشبهة بفعل جامد وهو ليس والفعل المتصرف أقوى سم باختصار ووجه استثناء أن المفتوحة من لزوم الصدر أنها تستدعي سبق بعض كلامها فلا ترد لكن لأنها تستدعي سبق كلام تام فلا ينافي صدارتها في كلامها فاعرفه.
قوله: "غير البذي" أي فاحش اللسان. قوله: "بعد الاسم" هذا يؤدي إلى أن المتقدم على الاسم معمول الخبر لا الخبر بناء على أن الخبر هو العامل مع أن كلامه في تقديم الخبر إلا أن يقال جعل المثالين من تقديم الخبر باعتبار الظاهر وقطع النظر عن المتعلق المحذوف. قوله: "وهو غير ظرف" كما في قولهم إن مالًا وإن ولدًا. قوله: "فلا يجوز تقديمه" أي على الاسم ويجوز

ج / 1 ص -402-                       وهمز إن افتح لسد مصدر            مسدها وفي سوى ذاك اكسر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو جارًّا ومجرورًا، نحو إن عندك زيدًا مقيم وإن فيك عمرًا راغب، ومنه قوله:
270-

فلا تلحني فيها فإن بحبها                    أخاك مصاب القلب جم بلابلة

وقد صرح به في غير هذا الكتاب ومنعه بعضهم الثاني محل جواز تقديم الخبر إذا كان ظرفًا أو مجرورًا في غير نحو إن عند زيد أخاه وليت في الدار صاحبها لما سلف "وهمز إن افتح" وجوبًا "لسد مصدر مسدها" مع معموليها لزومًا بأن وقعت في محل فاعل نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51]، أو  مفعول غير محكي بالقول نحو:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديمه مطلقًا على الخبر كما يأتي في قوله: وتصحب الواسط معمول الخبر ويفرق بأن في تقديمه على الاسم فعلًا لها من معموليهما معًا. قوله: "فلا تلحني" أي تلمني، جم كثير بلا بله وساوسه وهمومه. قوله: "ومنعه بعضهم" الوجه خلافه لأنه يجوز تقديمه في ما وهذه أقوى بدليل جواز تقديم الخبر إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا هنا وامتناعه هناك أفاده سم. وما علل به المنع من أن تقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل والعامل هنا لا يتقدم نظر فيه شيخنا بأنه أغلبي كما مر لا كلي. قوله: "محل جواز تقديم الخبر إلخ" إذا حمل الجواز على مقابل الامتناع صدق بالوجوب فلا يحتاج إلى التقييد.
قوله: "في غير نحو إلخ" أي من كل تركيب لابس فيه الاسم ضميرًا يعود على شيء في الخبر فيجب التقديم فرارًا من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. وقد يمتنع نحو إن زيدًا لفي الدار لامتناع تقديم الخبر المصحوب باللام. وأما التمثيل لممتنع التقديم بنحو إن صاحب الدار فيها فنوقش بأن امتناع التقديم فيه مذهب الكوفيين وأما البصريون فأجازوه لأن الاسم وإن تأخر لفظًا متقدم رتبة فكذا ما أضيف هو إليه. قوله: "وجوبًا" أبقى الشارح الأمر هنا على ظاهره لأن التأويل في الثاني أعني قوله وفي سوى ذاك أكسر بجعله شاملًا للكسر الواجب والجائز على طريق استعمال صيغة الأمر في حقيقتها ومجازها أولى من التأويل هنا وإبقاء الثاني على ظاهره. قوله: "لسد مصدر" هو مصدر خبرها إن كان مشتقًا والكون إن كان جامدًا. قوله: "لزومًا" متعلق بسد. قوله: "في محل فاعل" أي ولو لفعل مقدر نحو:
{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5]، أي ثبت أنهم صبروا على قول الكوفيين أن المرفوع بعد لو فاعل ثبت مقدرًا واختاره المحققون. وقال أكثر البصريين هي مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا ونحو اجلس ما إن زيدًا جالس أي ما ثبت بناء على أن ما المصدرية لا توصل بالجملة الاسمية وهو الأصح. فقول البعض: إن ما المصدرية لا تدخل إلا على الفعل إجماعًا فأن ومعمولاها بعدها فاعل لمقدر إجماعًا غير صحيح. قوله: "مفعول" أي به أوله نحو جئت أني أجلك أو معه نحو يعجبني جلوسك وأنك تحدثنا وتقع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
270- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 231؛ وخزانة الأدب 8/ 453 ، 455؛ والدرر 2/ 172؛ وشرح شواهد المغني 2/ 969؛ وشرح ابن عقيل ص178؛ والكتاب 2/ 133؛ ومغني اللبيب 2/ 693؛ والمقاصد النحوية 2/ 309؛ والمقرب 1/ 108؛ وهمع الهوامع 1/ 135.

ج / 1 ص -403-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم} [الأنعام: 81]، أو نائب عن الفاعل نحو: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} [الجن: 1]، أو مبتدأ نحو: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39]، أو خبر عن اسم معني غير قول ولا صادق عليه خبرها نحو اعتقادي أنك فاضل، بخلاف قولي إنك فاضل، واعتقاد زيد أنه حق، أو مجرور بالحرف نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق} [الحج: 62] أو الإضافة نحو {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23]، أو معطوف على شيء من ذلك نحو: {الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} [البقرة: 47]، أو مبدل منه نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستثنى نحو يعجبني أمورك إلا أنك تشتم الناس، لا مفعولًا فيه ولا مفعولًا مطلقًا ولا حالًا ولا تمييزًا كذا في الدماميني وغيره. قوله: "غير محكي" أي بالقول وكان عليه أن يزيد وغير خبر في الأصل ليخرج نحو ظننت زيدًا أنه قائم إلا أن يقال تركه لاستفادته من التنبيه الآتي قريبًا.
قوله: "أو مبتدأ" أي في الحال كما في الآية أو في الأصل نحو كان عندي أنك فاضل. قوله: "نحو ومن آياته إلخ" هذا مذهب الخليل ونقل المطرزي عن سيبويه أن اسم الحدث المرفوع بعد الظرف فاعل له وإن لم يعتمد الظرف على شيء قال ومنه:
{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْض} [فصلت: 39]، أفاده في التصريح.
قوله: "أو خبر عن اسم معنى إلخ" حاصله أن المخبر عنه إذا كان اسم معنى فإما أن يكون قولًا أو غيره وعلى كل إما أن يكون خبر إن صادقًا على اسم المعنى أي يصح حمله عليه أو لا. وتكلم الشارح على ثلاثة وسكت عما إذا كان قولًا وخبر إن صادقًا عليه نحو قولي إنه حق لعلم وجوب كسرها بالأولى لأنها إذا كانت تكسر مع واحد من كون اسم المعنى قولًا وصدق خبر إن عليه فمعهما أولى. نعم في صورة كون اسم المعنى قولًا إذا كان خبر إن قولًا واتحد قائل القولين جاز الفتح والكسر نحو قولي إني أحمد الله كما سيأتي فإن اختلف القائل وجب الكسر نحو قولي إن زيدًا يحمد الله. قوله: "عليه خبرها" أي على المعنى خبر إن. قوله: "اعتقادي أنك فاضل" أي معتقدي فضلك ولم يجز الكسر على أن تكون مع معموليها جملة مخبرًا بها عن المبتدأ لعدم الرابط. قوله: "واعتقاد زيد أنه حق" لم يصح الفتح على معنى اعتقاد زيد كون اعتقاده حقًّا لاختلاف الضمير ومرجعه لأن الاعتقاد الواقع عليه الضمير في قولنا اعتقاد زيد أنه حق غير الاعتقاد المجعول مبتدأ الراجع إليه الضمير بحسب الظاهر لأن هذا هو المتعلق بكون ذلك حقًّا فاستفده. قوله: "ذلك بأن الله هو الحق" أي متلبس بحقية الله. قوله: "أو الإضافة" أي إن كان المضاف إليها مما لا يضاف إلا إلى المفرد بدليل ما سيأتي، فاندفع اعتراض سم. وغيره بأن الفتح لا يجب عند كل إضافة لوجوب الكسر إذا كان المضاف إلى أن مما لا يضاف إلا إلى الجملة كحيث، وجواز الفتح والكسر إذا كان مما يضاف إلى المفرد والجملة.
قوله: "مثل ما أنكم" ما زائدة. قوله: "وأني فضلتكم" عطف خاص على عام. قوله: "أنها

 

ج / 1 ص -404-                                     فاكسر في الابتدا وفي بدء صلة وحيث إن ليمين مكملة


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: إنما قال: لسد مصدر ولم يقل: لسد مفرد لأنه قد يسد المفرد مسدها. ويجب الكسر نحو ظننت زيدًا إنه قائم "وفي سوى ذاك اكسر" على الأصل "فاكسر في الابتدا" أما حقيقة نحو:
{إِنَّا فَتَحْنَا لَك} [الفتح: 1]، أو حكمًا كالواقعة بعد ألا الاستفاحية نحو: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه} [يونس: 62]، الواقعة بعد حيث نحو اجلس حيث إن زيدًا جالس والواقعة خبرًا عن اسم الذات نحو زيد إنه قائم، والواقعة بعد إذ نحو جئتك إذ إن زيدًا غائب "وفي بدء صلة" نحو: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ} [القصص: 76]، بخلاف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكم" أي استقرارها لكم وهو بدل اشتمال من إحدى الطائفتين. قوله: "نحو ظننت زيدًا إنه قائم" فإن فيه واجبة الكسر لعدم سد المصدر مسدها إذ لا يصح ظننت زيدًا قيامه. قوله: "اكسر" أي أدم الكسر. قوله: "في الابتدا" أي ابتداء جملتها إما حقيقة بأن لا يسبقها شيء له تعلق بتلك الجملة أو حكمًا بأن يسبقها ذلك، ومن القسم الأول الواقعة بعد كلا بناء على قول الجمهور إنها حرف ردع وزجر لا غير حتى أجازوا أبدًا الوقف عليها والابتداء بما بعدها، وحتى قال جماعة منهم حتى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية لأن أكثرها ما نزل التهديد والوعيد بمكة لأن أكثر العتو كان بها. وقال أبو حاتم تكون بمعنى ألا الاستفتاحية ووافقه على ذلك الزجاج وغيره وعليه تكون من القسم الثاني. وقال النضر بن شميل: تكون حرف تصديق كأن. وقال الكسائي تكون بمعنى حقًّا وضعف بأنه لم يسمع فتح أن بعدها وهو واجب بعد حقًا وما بمعناه قال مكي وهي حينئذٍ اسم كمرادفها ولتنوينها في قراءة بعضهم "كلا سيكفرون بعبادتهم" وقال غيره: اشتراك اللفظ بين الاسمية والحرفية قليل مخالف للأصل ومحوج لتكلف علة لبنائها وخرج التنوين في الآية على أنه بدل من حرف الإطلاق المزيد في رؤوس الآي ثم وصل بنية الوقف أفاده في الهمع. قوله: "بعد ألا الاستفتاحية" أي التي يستفتح بها الكلام لتنبيه المخاطب على ذلك الكلام لتأكد مضمونه عند المتكلم. ا. هـ. دماميني وفي المغني ألا تكون للتنبيه فتدل على تحقق ما بعدها ويقول المعربون فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها. ا. هـ. ويقال فيها هلا بإبدال الهمزة هاء. ا. هـ. همع. وهل هي بسيطة أو مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية قولان.
قوله: "والواقعة بعد حيث" أي عقب حيث فخرج نحو جلست حيث اعتقاد زيد أنه مكان حسن فإن هذه واجبة الفتح كما علم مما مر. هذا والصحيح جواز الفتح عقب حيث. أما على القول بجواز إضافتها إلى المفرد فظاهر. وأما على المشهور من وجوب إضافتها إلى الجملة فلأنه يقدر تمام الجملة من خير أو فعل وقيل يكتفي بإضافتها إلى صورة الجملة وإذ مثل حيث في جواز الفتح فيما يظهر. قوله: "والواقعة خبرًا عن اسم الذات" لم يصح الفتح لتأول المفتوحة بمصدر ولا يخبر به عن اسم الذات إلا بتأويل وهو ممتنع مع أن على ما ذكره المصرح وإن كان للبحث فيه مجال. وما نقل عن السيد من جواز الاخبار بالمصدر المؤول عن اسم الذات من غير تأويل الظاهر أنه مفروض في بعض التراكيب نحو عسى زيد أن يقوم وعمرو إما أنه قائم أو قاعد، فقول البعض: الظاهر على كلام السيد جواز الفتح غير ظاهر فتأمل. قوله: "وفي بدء صلة" أي

ج / 1 ص -405-                                  أو حكيت بالقول أو حلت محل       حال كزرته وإني ذو أمل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حشو الصلة نحو جاء الذي عندي أنه فاضل، ولا أفعله ما أن في السماء نجمًا؛ إذ التقدير ما ثبت أن في السماء نجمًا "وحيث إن ليمين مكمله" يعني وقعت جوابًا له سواء مع اللام أو دونها نحو:
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 1-3]، "أو حكيت بالقول" نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّه} [مريم: 30]، فإن لم تحك بل أجرى القول مجرى الظن وجب الفتح، ومن ثم روي بالوجهين قوله:
271-

أتقول إنك بالحياة ممتع


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لموصول اسمي أو حرفي وقد مثل الشارح لهما ومثل الصلة الصفة نحو مررت برجل إنه فاضل. قوله:
{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوء} أي تثقل والاستشهاد مبني على أن ما موصولة ويصح كونها نكرة موصوفة. قوله: "بخلاف حشو الصلة" أي بحسب اللفظ فلا ينافي كونها في الصدر باعتبار الرتبة في جاء الذي عندي أنه فاضل والمراد باللفظ ما يشمل المقدر ليدخل في الحشو لا أفعله ما أن في السماء نجمًا.
قوله: "سواء مع اللام" أي ولا فرق معها بين وجود فعل القسم أو لا. وقوله: أو دونها أي مع حذف فعل القسم فلا يعارض. هذا ما يأتي من جواز الوجهين عند عدم اللام وذكر فعل القسم، على أن من فتح في هذه الصورة الآتية لم يجعلها جواب القسم كما سيذكره الشارح وكلامنا هنا فيما إذا كانت جوابًا. فبان لك أن كلام المصنف والشارح شامل لثلاث صور وإن لم يمثل الشارح إلا لصورتين، وأن قول البعض الكلام هنا في قسم لم يصرح بفعله بقرينة قول الشارح فيما يأتي أو فعل قسم ظاهر غير ظاهر لأنه يلزم عليه عدم تعرض المصنف هنا وفينا يأتي لحكم صورة ذكر فعل القسم مع ذكر اللام وما استند إليه من القرينة لا يشهد له كما لا يخفى ولا يشهد له أيضًا قول الشارح فيما يأتي والتقييد إلخ لما ستعرفه. هذا وفي التصريح أن ابن كيسان حكى عن الكوفيين جواز الوجهين إذا حذف الفعل ولم تذكر اللام نحو والله إن زيدًا قائم وأنهم يفضلون الفتح في هذا المثال على الكسر وأن أبا عبد الله الطوال منهم يوجبه ولم يثبت لهم سماع بذلك. ا. هـ. وفي شرح الجامع أن القول بجواز الفتح في نحو هذا المثال لم يؤيده سماع وليس له وجه بل هو غلط وأطال في بيان ذلك كما نقله شيخنا ولعدم سماع الفتح حكي في التوضيح إجماع العرب على تعين الكسر في الصور الثلاث.
قوله: "أو حكيت بالقول" الباء للآلة. قوله: "فإن لم تحك بل أجرى القول مجرى الظن" أي بالفعل بأن عمل عمله وجعل بمعناه بالفعل فلا منافاة بين إيجاب الشارح الفتح في هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
271- تمام البيت:

وقد استبحت دم امرئ مستسلم

وهو من الكامل، وهو للفرزدق في المقاصد النحوية 2/ 314؛ وليست في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص229.

ج / 1 ص -406-                             وكسروا من بعد فعل علقا      باللام كاعلم إنه لذو تقى

بعد إذا فجاءة أو قسم                              لا لام بعده بوجهين نمي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو حلت محل حال" أما مع الواو "كزرته وإني ذو أمل"
{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] وقوله:
272-

ما أعطياني ولا سألتهما                         إلا وإني لحاجزي كرمي

أو بدونه نحو: {إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام} [الفرقان: 20]، "وكسروا" أيضًا "من بعد فعل" قلبي "علقا" عنها "باللام كاعلم إنه لذو تقى" {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: 1]، وأنشد سيبويه:
273-

ألم تر إني وابن أسود ليلة                 لنسري إلى نارين يعلو سناهما

"وبعد إذا فجاءة أو" فعل "قسم" ظاهر "لا لام بعده بوجهين نمي" أي نسب نظرًا لموجب كل منهما صلاحية المقام لهما على سبيل البدل، فمن الأول قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحالة وبين تجويز المرادي الفتح والكسر عند صلاحية القول للحكاية به ولإجرائه مجرى الظن قبل اختيار أحدهما وارتكابه بالفعل قال لأن الحكاية بالقول مع استيفائه شروط إجرائه مجرى الظن جائزة. قوله: "أو حلت محل حال" لم تفتح حينئذٍ لأن وقوع المصدر حالًا وإن كثر سماعي، على أن السماع إنما ورد في المصدر الصريح لا المؤوّل، ولأن المصدر المنسبك من أن المفتوحة الناصبة لمعرفة معرفة والحال نكرة ولا بد من كون إن في ابتداء الحال ليخرج نحو خرج زيد وعندي أنه فاضل. قوله: "كما أخرجك" ما مصدرية. قوله: "إلا أنهم" أي المرسلين ولكسر إن في الآية سبب آخر وهو قوع اللام في خبرها. قوله: "علقا عنها باللام" أي لام الابتداء واحترز عن غير اللام من المعلقات الآتية. قوله: "ليلة" ظرف لتسري وقوله سناهما أي ضوءهما. قوله: "بعد إذا" حال من الضمير في نمى الراجع إلى همز إن. قوله: "ظاهر" أي حقيقة أو حكمًا بأن كان مقدرًا جائز الذكر بأن كان حرف القسم الباء الموحدة دون الواو والتاء الفوقية. قوله: "نمى" أي همز إن بقطع النظر عن كونه مفتوحًا أو مكسورًا. قوله: "نظرًا لموجب كل منهما" موجب الكسر مع إذا اعتبار إن ومعموليها جملة بلا احتياج إلى تقدير خبر، ومع فعل القسم اعتبار ذلك جملة جواب القسم، وموجب الفتح مع إذا اعتبار ذلك مفردًا مبتدأ مع تقدير الخبر ومع فعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
272- البيت من المنسرح، وهو لكثير عزة في ديوانه ص273؛ وتخليص الشواهد ص344؛ والكتاب 3/ 145؛ والمقاصد النحوية 2/ 308؛ وبلا نسبة في الدرر 134؛ وشرح ابن عقيل ص180؛ وشرح عمدة الحافظ ص227، والمقتضب 2/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 246.
273- البيت من الطويل، وهو للشمردل بن شريك اليربوعي في شرح أبيات سيبويه 2/ 141؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص373؛ والكتاب 3/ 149؛ ولسان العرب 14/ 403 "سنا"؛ والمقاصد النحوية 2/ 222.

ج / 1 ص -407-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
274-

وكنت أرى زيدًا كما قيل سيدًا                        إذا إنه عبد القفا واللهازم

يروى بالكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، وبالفتح على معنى فإذا العبودية أي حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا الأسد. قال الناظم: والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير. لكن ذهب قوم إلى أن إذا هي الخبر، والتقدير فإذا العبودية، أي ففي الحضرة العبودية وعلى هذا فلا تقدير في الفتح أيضًأ فيستوي الوجهان. ومن الثاني قوله:
275-

أو تحلفي بربك العلي                              أني أبو ذيالك الصبي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القسم اعتبار تقدير الخافض كما سيبينه الشارح، وقوله لصلاحية علة النظر وضمير لهما إلى الموجبين.
قوله: "وكنت أرى" بضم الهمزة بمعنى أظن لغلبة استعماله بالضم في معنى أظن كما قاله يس وإن جاز في الذي بمعنى أظن الفتح أيضًا وتتعدى إلى مفعولين سواء فتحت أو ضمت، فزيدًا مفعوله الأول وسيدًا مفعوله الثاني كما قاله المصرح والعيني ووجه تعدية المضموم إلى مفعولين مع أنه مضارع أرى المتعدي إلى ثلاثة استعماله بمعنى أظن المتعدي إلى اثنين من باب الاستعمال في اللازم كما قاله الغزي، إذ معنى أراني زيد عمرًا فاضلًا جعلني زيد ظانًا عمرًا فاضلًا، ويلزم هذا المعنى ظن المتكلم عمرًا فاضلًا لكن في شرح المتن للمرادي أن من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة أرى بالبناء للمفعول مضارع أريت بمعنى أظننت كذلك وكذا في شرحه للتسهيل وزاد فيه عن سيبويه وغيره أن أريت بمعنى أظننت لم ينطق له بمبني للفاعل كما لم ينطق بأظننت التي أريت بمعناها قال ولا يكون المفعول الأول لأريت هذه ومضارعها إلا ضمير متكلم كأريت وأرى ونرى، وقد يكون ضمير مخاطب كقراءة من قرأ:
{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2]، بضم التاء ونصب الناس اهـ يس، والقفا مؤخر العنق واللهازم جمع لهزمة بالكسر طرف الحلقوم وخصهما بالذكر لأن القفا موضع الصفع واللهازم موضع اللكز. وقوله كما قيل أي ظنًا موافقًا لما يقوله الناس من أنه سيد. قوله: "لكن ذهب قوم إلخ" يحتمل أنه من كلام الناظم وأنه من كلام الشارح وعلى كل ليس المقصود به منازعة قول الناظم والكسر أولى إلخ حتى يرد عليه اعتراض غير واحد كالبعض بأنه لا ينهض على المصنف لأن مذهبه أن إذا حرف بل دفع ما يتوهم من أن أولوية الكسر متفق عليها. قوله: "هي الخبر" أي لكونها ظرف مكان بقرينة قوله أي ففي الحضرة العبودية وإن ذهب بعضهم إلى أنها ظرف زمان وأنها خبر أي ففي الوقت العبودية. قوله: "أو تحلفي" أو بمعنى إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
274- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 338؛ وتخليص الشواهد ص348؛ والجني الداني ص378، 411؛ وجواهر الأدب ص352، وخزانة الأدب 10/ 265؛ والخصائص 2/ 399؛ والدرر 2/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 218؛ وشرح شذور الذهب ص269؛ وشرح ابن عقيل ص181؛ وشرح عمدة الحافظ ص828؛ وشرح المفصل 4/ 97/ 8/ 61؛ والكتاب 3/ 144؛ والمقاصد النحوية 2/ 224؛ والمقتضب 2/ 351؛ وهمع الهوامع 1/ 138.
275- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص188؛ وشرح التصريح 1/ 219؛ والمقاصد النحوية 2/ 2321؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 340؛ وتلخيص الشواهد ص348؛ والجني الداني ص413؛ وشرح ابن عقيل ص 182؛ وشرح عمدة الحافظ ص 231؛ ولسان العرب 15/ 450 "ذا"، واللمع في العربية ص 304.

 

ج / 1 ص -408-                     مع تلوفا الجزا وذا يطرد     في نحو خير القول إني أحمد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويروى بالكسر على جعلها جوابًا للقسم، وبالفتح على جعلها مفعولًا بواسطة نزع الخافض أي على أني. والتقييد بكون القسم بفعل ظاهر للاحتراز عما مر قريبًا في المكسورة. وبقوله لا لام بعده عما بعده اللام من ذلك حيث يتعين فيه الكسر نحو: 
{وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُم} [التوبة: 56]، و: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} [المائدة: 53]، وقد اتضح لك أن من فتح إن لم يجعلها جواب القسم؛ لأن الفتح متوقف على كون المحل مغنيًا فيه المصدر على أن وصلتها، وجواب القسم لا يكون كذلك، فإنه لا يكون إلا جملة، ويجوز الوجهان أيضًا "مع تلوفا الجزا" نحو: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} "الأنعام: 54]، جواب: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} [الأنعام: 54]، قرئ بالكسر على جعل ما بعد الفاء جملة تامة أي فهو غفور رحيم، وبالفتح على تقديرها بمصدر هو خبر مبتدأ محذوف أي فجزاؤه الغفران، أو مبتدأ خبره محذوف أي فالغفران جزاؤه، والكسر أحسن في القياس. قال الناظم: ولذلك لم يجئ الفتح في القرآن إلا مسبوقًا بأن المفتوحخة "وذا"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو إلا وذيالك تصغير ذلك على غير قياس. قوله: "على جعلها مفعولًا إلخ" أي سادًا مسد الجواب. قوله: "للاحتراز عما مر" أي بعض ما مر وهو الصورتان اللتان مثل لهما عند قول المصنف:

وحيث إن ليمين مكمله

وهما صورة عدم ذكر فعل القسم مع عدم ذكر اللام وصورة عدم ذكر فعل القسم مع ذكر اللام لوجوب الكسر حينئذٍ. قوله: "عما بعده اللام" أي عن فعل القسم الظاهر الذي بعده اللام وقوله من ذلك أي مما مر أي حالة كونه بعض ما مر من الصور الثلاث الداخلة تحت قول المصنف سابقًا:

وحيث إن ليمين مكمله

كما قدمناه. قوله: "وقد اتضح لك" أي من قوله يروى بالكسر إلخ. قوله: "لم يجعلها جواب القسم" أي بل مفعولًا كما تقدم ولا يضر عدم الجواب لأن الجار والمجرور يقوم مقامه ويؤدي مؤاده. قوله: "ويجوز الوجهان أيضًا" أشار بذلك إلى أن الظرف معطوف على بعد إذا بحذف حرف العطف. قوله: "مع تلو فالجزا" مثل فاء الجزاء ما يشبهها كما في قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه} [الأنفال: 41]. قوله: "هو خبر مبتدأ محذوف" هو أولى مما بعده لأن نظائره أكثر نحو: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوس} [فصلت: 49]، أي فهو يئوس. قوله: "أحسن في القياس" لعدم إحواجه إلى تقدير. قوله: "إلا مسبوقًا بأن المفتوحة" أي كقوله: {أَلَمْ

ج / 1 ص -409-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحكم أيضًا "يطرد في" كل موضع وقعت أن فيه خبر قول وكان خبرها قولًا والقائل واحد كما في "نحو خير القول إني أحمد" الله، فالفتح على معنى خير القول حمد الله، والكسر على الأخبار بالجملة لقصد الحكاية، كأنك قلت: خير القول هذا اللفظ، أما إذا انتفى القول الأول فالفتح متعين، نحو عملي أني أحمد الله، أو القول الثاني أو لم يتحد القائم فالكسر، نحو قولي إني مؤمن وقولي إن زيدًا يحمد الله.
تنبيه: سكت الناظم عن مواضع يجوز فيها الوجهان: الأول أن تقع بعد واو مسبوقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّم} [التوبة: 63]، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّه} [الحج: 4]، بخلاف ما لم تسبق بأن المفتوحة فواجبة الكسر نحو: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} [طه: 74]، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين} [يوسف: 90]، ولذلك لم يفتح: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} [الأنعام: 54]، إلا من فتح: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} [الأنعام: 54]، ونافع ممن فتح أنه من عمل وكسر فإنه غفور رحيم كذا في البيضاوي. قوله: "وذا الحكم" أي جواز الوجهين. قوله: "خبر قول" أي ما بمعنى القول سواء كان من مادة القول أو الكلام أو نحوهما وكذا يقال في قوله وكان خبرها قولًا. قوله: "خبر القول" إنما كان المخبر عنه هنا قولان لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه. قوله: "فالفتح" إذا فتحت فالقول على حقيقته من المصدرية وإذا كسرت فهو بمعنى المقول. قاله في التصريح ولا بد في كل حال من جعل أل للعهد أي قولي أو القول مني لئلا يلزم الاخبار بخاص عن عام. قوله: "قول حمد الله" أي اللغوي بأي عبارة كانت. قوله: "على الإخبار بالجملة" ولم تحتج إلى رابط لأنها عين المبتدأ قال الشارح في شرح التوضيح ومثل سيبويه هذه المسألة بقوله أول ما أقول إني أحمد الله، وخرج الكسر على أنه من باب الإخبار بالجملة وعليه جرى أكثر النحويين وقيل الكسر على أن الجملة مقول القول محكية به والخبر محذوف كأنك قلت أول قولي هذا اللفظ ثابت وليس بمرضي، ثم أطال في بيان ذلك وعلل في شرح الجامع رده بأن مفهوم الكلام عليه أن غير أول القول من بقيته غير ثابت وليس مرادًا اللهم إلا أن يدعي زيادة أول والبصريون لا يجيزونها.
قوله: "لقصد الحكاية" أي حكاية لفظ الجملة أي الإتيان بها بلفظها وليس المراد أنها مقول القول كما اتضح مما نقلناه عن شرح التوضيح للشارح وإن زعم شارح الجامع أنها مقول القول. قوله: "نحو عملي أني أحمد الله" محل وجوب الفتح في هذا المثال إذا لم يرد بالعمل المعمول اللساني وهو المنطوق وتجعل الإضافة للعهد فإن كان كذلك جاز الكسر وكان هذا التركيب مثل قولي إني أحمد الله في جواز الوجهين وفاقًا لحفيد الموضح وابن قاسم الغزي. وقال في شرح الجامع مؤيدًا وجوب الفتح أن البصريين يمنعون حكاية الجمل بما يرادف القول كالكلام فما لا يرادفه مما أريد به معناه كما في هذا المثال على الوجه المذكور أولى بالمنع فعلى قواعدهم يجب الفتح في المثال حينئذٍ. ا. هـ. وأقره شيخنا والبعض وفيه نظر إذ ليس الكلام على

 

ج / 1 ص -410-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمفرد صالح للعطف عليه نحو:
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119]، قرأ نافع وأبو بكر بالكسر إما على الاستئناف أو العطف على جملة أن الأولى والباقون بالفتح عطفًا على أن لا تجوع. الثاني أن تقع بعد حتى فتكسر بعد الابتدائية نحو مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه، وتفتح بعد الجارة والعاطفة نحو عرفت أمورك حتى أنك فاضل. الثالث أن تقع بعد أما نحو أنك فاضل فتكسر إن كانت أما استفتاحية بمنزلة ألا، وتفتح إن كانت بمعنى حقًّا كما تقول حقًّا أنك ذاهب ومنه قوله:
276-

أحقًّا أن جيرتنا استقلوا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكسر من حكاية الجمل حتى يتجه ما ذكر بل من الأخبار بالجملة فاعرفه. قوله: "سكت الناظم" أي لم يصرح بذلك وإلا فهي داخلة في كلامه. قوله: "بعد واو" ليست الواو قيدًا. قوله: "صالح للعطف عليه" احتراز عن نحو إن لي مالًا وإن عمرًا فاضل فما لا غير صالح لعطف إن الثانية عليه لصيرورة المعنى أن لي مالًا وفضل عمرو. قوله: "فتكسر بعد الابتدائية" أي التي تبتدأ بها الجمل وتستأنف وهي بمعنى فاء السببية. وبحث البعض في عد هذا من مواضع جواز الوجهين بأن المراد جوازهما في تركيب واحد، والتركيب هنا مختلف. وهو بحث قوي وإن كان يمكن دفعه بأن اتحاد ما قبل إن في التركيبين هنا كاف. هذا وما ذكره الشارح من وجوب الكسر بعد الابتدائية قال شيخنا السيد مخالف لما لابن الحاجب حيث قال إذا وقعت إن بعد حتى الابتدائية فإن قلنا لا يجوز في المبتدأ الواقع بعدها أن يحذف خبره وجب كسرها وإن قلنا يجوز حذفه وإثباته جاز الكسر والفتح.
قوله: "حتى أنك فاضل" الأظهر أنها فيه عاطفة، ومثال الجارة أصاحبك حتى إنك تعصى. قوله: "فتكسر" قدم الكسر لأنه الكثير. قوله: "أما استفتاحية" أي حرف استفتاح على ما مر قريبًا في ألا بسيطًا. وقيل مركب من همزة الاستفهام وما النافية، وفي الهمع أن همزتها تبدل هاء وعينًا وأن ألفها تحذف في الأحوال الثلاثة وأن همزتها تحذف مع ثبوت الألف. ا. هـ. قال الدماميني: وأجاز المصنف الفتح على أن المصدر المؤول مبتدأ خبره محذوف كأنه قيل أما معلوم أنك فاضل. ا. هـ. وهو يستلزم جواز الفتح بعد ألا الاستفتاحية ونقل عن بعضهم. قوله: "بمعنى حقًّا" الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
276- تمام البيت:

فنيتنا ونيتهم فريق

وهو من الوافر، وهو للمفضل النكري في الأصمعيات ص200؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 208؛ وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر 5/ 120؛ وشرح شواهد المغني 1/ 170؛ ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكري في تخليص الشواهد ص351؛ والمقاصد النحوية 2/ 235؛ وللعبدي في خزانة الأدب 10/ 277؛ والكتاب 3/ 136؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص391؛ ولسان العرب 10/ 301 "فرق" ومغني اللبيب 1/ 54، 68؛ وهمع الهوامع 2/ 71.

 

ج / 1 ص -411-                                   وبعد ذات الكسر تصحب الخبر      لام ابتداء نحو إني لوزر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي أفي حق هذا الأمر؟ الرابع أن تقع بعد لا جرم نحو:
{لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} [النحل: 23] فالفتح عند سيبويه على أن جرم فعل وأن وصلتها فاعل، أي وجب أن الله يعلم ولا صلة، وعند الفراء على أن لا جرم بمنزلة لا رجل ومعناه لا بد، ومن بعدها مقدرة والكسر على ما حكاه الفراء من أن بعضهم ينزلها اليمين فيقول: لا جرم لآتينك "وبعد ذات الكسر تصحب الخبر" جوازًا "لام ابتداء نحو إني لوزر" أي ملجأ، وكان حق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صوبه في المغني أنها بمعنى أحقًّا وأنها كلمتان همزة الاستفهام وما التامة بمعنى شيء وذلك الشيء هو الحق وموضع ما على هذا نصب على الظرفية الاعتبارية كما نصب حقًّا عليها في البيت الآتي على قول سيبويه. وقال المبرد: حقًّا مصدر لحق محذوفًا وأن وصلتها فاعل. وقال ابن خروف: أما هذه حرف بسيط وهي مع أن ومعموليها كلام تركب من حرف واسم كما قال الفارسي في يا زيد كذا في شرح التوضيح للشارح. وفي المغني عن بعضهم أنها اسم وأنها عند هذا البعض وابن خروف بمعنى حقًّا. قوله: "واستقلوا" أي نهضوا مرتحلين.
قوله: "ولا صلة" الذي في الدماميني عن سيبويه أن لا نافية رد على الكفرة، ثم رأيت الوجهين في المغني. قوله: "من أن بعضهم" أي العرب. قوله: "فيقول لا جرم لآتينك" فأجيبت باللام كما يجاب بها القسم قال شيخنا: وهو صريح في أن لآتينك جواب لا جرم وهو أظهر من جعل البعض لآتيتك جواب قسم محذوف قام مقامه لا جرم، وانظر ما اعرابها على ما حكاه الفراء هل هو كما يقول سيبويه فيكون الجواب مغنيًا عن الفاعل، أو كما يقول الفراء فيكون الجواب مغنيًا عن خبر لا الأقرب الثاني لكون الحاكي هو الفراء، وزاد في الأوضح في مواضع جواز الوجهين أن تقع في موضع التعليل نحو:
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم} [الطور: 28]، قرىء بالفتح على تقدير لام العلة وبالكسر على أنه تعليل مستأنف مثل: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُم} [التوبة: 103]. قوله: "وبعد ذات الكسر" الظرف متعلق بتصحب قدم لإفادة الحصري أي لا بعد ذات الفتح ولا غيرها من أخوات المكسورة ونحوهن فالحصر إضافي فلا ينافي أنها تصحب المبتدأ وكذا خبره المقدم نحو لقائم زيد على الأصح قيل والفعل نحو ليقوم زيد: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [المائدة: 62]، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم} [التوبة: 128]، والمشهور أنها في ذلك لام القسم وأنها لا تدخل على الجملة الفعلية إلا في باب إن. قاله في المغني.
قوله: "تصحب الخبر لام ابتداء" بشروط أربعة: تأخره عن الاسم، وكونه مثبتًا، وغير ماض متصرف، وغير جملة شرطية بأن كان مفردًا أو مضارعًا ولو مقرونًا بحرف تنفيس خلافًا للكوفيين أو ماضيًا غير متصرف أو ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة اسمية وأول جزأيها أولى باللام، فقولك أن زيدًا لوجهه حسن أولى من أن زيدًا وجهه لحسن بل في البسيط أنه شاذ لا عدم تقدم معمول الخبر عليه خلافًا لابن الناظم بدليل:
{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِير} [العاديات: 11]، وسميت لام الابتداء لدخولها على المبتدأ أو على غيره بعد إن المكسورة العاملة فيما أصله المبتدأ. قوله:

ج / 1 ص -412-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه اللام أن تدخل على أول الكلام لأن لها الصدر، لكن لما كانت للتأكيد وإن للتأكيد كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد فزحلقوا اللام إلى الخبر.
تنبيه: اقتضى كلامه أنها لا تصحب خير غير إن المكسورة وهو كذلك، وما ورد من ذلك يحكم فيه بزيادتها، فمن ذلك قراءة بعض السلف:
{إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20]، بفتح الهمزة وأجازه المبرد، وما حكاه الكوفيون من قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وكان حق هذه اللام إلخ" أي كما أن حق إن وأخواتها ذلك لأن لها أيضًا الصدارة إلا أن هذا لم يكن مانعًا من تقدم لام الابتداء بحسب الأصل لجواز أن يكون تقدمها كتقدم حرب العطف وألا الاستفتاحية لا يفوت صدارة ما بعدها فاندفع اعتراض البعض على قوله لأن لها الصدر بأنه قد يعارض بأن إن وأخواتها لها أيضًا الصدر. قوله: "بين حرفين لمعنى واحد" أورد عليه أمران: الأول هلا جمع بينهما على طريق التأكيد اللفظي وأجاب سم بأن التأكيد اللفظي إعادة اللفظ بعينه أو مرادفه وذلك مفقود هنا وفيه نظر وإن أقره شيخنا والبعض وغيرهما لوجود الترادف لاتحاد المعنى كما صرح به الشارح وقد عدوا من التوكيد اللفظي بالمرادف في الحروف قول الشاعر:

وقلن على الفردوس أول مشرب                نعم جير إن كانت أبيحت دعائره

وسيأتي هذا للشارح في باب التوكيد فافهم. الثاني أنهم جمعوا بينهما في لهنك قائم بإبدال الهمزة هاء سواء قيل إن اللام للقسم أو للابتداء. لأن كلًا منهما لتأكيد النسبة كان وهن وأيضًا اجتمع حرفا تأكيد في لقد قام زيد فإن قد لتحقيق النسبة وهو التأكيد وحرفا تنبيه في ألا يا ليتك تقوم، وقد يدفع إيراد لهنك بأن الاجتماع سهله زوال صورة ما له الصدر بإبدال همزته هاء كما في الروداني. قوله: "فزحلقوا اللام" بالقاف والفاء، أي أخروا ولم يزحلقوا إن لأنها قويت بالعمل وحق العامل التقدم، وإنما ادعى أن الأصل في إن زيدًا لقائم لأن زيدًا قائم ولم يدع أن الأصل إن لزيدًا قائم لئلا يفصل بين إن ومعموليها معًا بما له صدر الكلام، ولنطقهم باللام مقدمة على أن في قولهم لهنك ولأن صدارتها بالنسبة لما قبل إن دون ما بعدها، دليل الأول أنها تمنع من تسلط فعل القلب على إن ومعموليها ولهذا كسرت في نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه} [المنافقون: 1]، ودليل الثاني أن عمل أن يتخطاها تقول إن في الدار لزيدًا وإن زيدًا لقائم وأن عمل العامل بعدها يتخطاها تقول إن زيدًا طعامك لآكل كذا في المغني.
قوله: "اقتضى كلامه" لتقديمه الظرف. قوله: "لا تصحب خبر غير إن المكسورة" إنما لم تدخل اللام على خبر غيرها لأنها تدخل على الجملة ولا تغير معناها ولا حكمها بخلاف أخواتها فليت تحدث في الخبر التمني ولعل الترجي وكأن التشبيه ولكن تصير الجملة لا تستعمل إلا بعد كلام وأن المفتوحة تصير جملة في تأويل المصدر قاله يس. قوله: "بزيادتها" أي مع كونها مفيدة للتأكيد فالمنسلخ عنها كونها لام الابتداء فقط. قوله: "بفتح الهمزة" أي شذوذًا فلا يشكل بما

 

ج / 1 ص -413-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
277-

ولكنني من حبها لعميد

ومنه قوله:
278-

أم الحليس لعجوز شهربه                   ترضى من اللحم بعظم الرقبة

279-

فقال من سئلوا أمسى لمجهودا


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم من وجوب كسر إن في صدر الحال. قوله: "لعميد" من عمده العشق بكسر الميم أي هده. قوله: "ومنه قوله" أعاد من لاختلاف النوع ولدفع توهم أنه مما حكاه الكوفيون. وقيل إن اللام داخلة على مبتدأ مقدر أي لهي عجوز فلا تكون من الداخلة على خبر غير إن المكسورة. قوله: "شهربه" أي فانية ومن تبعيضية إن قدر مضاف أي بلحم عظم الرقبة وبمعنى بدل إن لم يقدر. قوله: "فقال من سألوا" بالبناء للفاعل والعائد محذوف أي من سألوه أو للمفعول وهذا أقرب لمساعدة الرسم له لأن الهمزة مكتوبة بصورة الياء ولو كان مبنيًّا للفاعل لكتبت بصورة الألف ولعدم إحواجه إلى تقدير وإن كان في الأول مراعاة لفظ من وهو أكثر من مراعاة معناها فادعاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
277- صدر البيت:

يلومونني في حب ليلى عواذلي

وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 38؛ والإنصاف 1/ 209؛ وتخليص الشواهد ص357؛ والجني الداني ص132، 618؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 1/ 16، 10/ 361، 363، والدرر 2/ 185؛ ورصف المباني ص235، 279؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 380؛ وشرح شواهد المغني 2/ 605؛ وشرح ابن عقيل ص184؛ وشرح المفصل 8/ 62، 64؛ وكتاب اللامات ص158؛ ولسان العرب 13/ 391 "لكن"؛ ومغني اللبيب 1/ 233، 292؛ والمقاصد النحوية 2/ 247؛ وهمع الهوامع 1/ 140.
278- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص170؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ وشرح المفصل 3/ 130، 8/ 23؛ وله أو لعنتره بن عروس في خزانة الأدب 10/ 323، والدرر 2/ 187؛ وشرح شواهد المغني 2/ 604؛ والمقاصد النحوية 1/ 535، 2/ 251؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 210؛ وتخليص الشواهد ص358؛ وجمهرة اللغة ص1121؛ والجني الداني ص128؛ ورصف المباني ص336؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 378؛ 381؛ وشرح ابن عقيل ص185؛ وشرح المفصل 7/ 75؛ ولسان العرب 1/ 510 "شهرب"؛ ومغني اللبيب 1/ 230؛ 323؛ وهمع الهوامع 1/ 140.
279- صدر البيت:

مروا عجالًا فقالوا كيف صاحبكم

وهو من البسيط وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص429؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 10/ 327، 11/ 332؛ والخصائص 1/ 316، 2/ 382؛ والدرر 2/ 188؛ ورصف المباني ص238؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 379؛ وشرح ابن عقيل ص185؛ وشرح المفصل 8/ 64، 87؛ ومجالس ثعلب ص155؛ والمقاصد النحوية 2/ 310؛ وهمع الهوامع 1/ 141.

 

ج / 1 ص -414-                                ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا            ولا من الأفعال ما كرضيا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
280-

وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها                   لكالهائم المقصى بكل مراد

وقوله:
281-

أمسى أبان دليل بعد عزته                      وما أبان لمن أعلاج سودان

"ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا" ذي إشارة واللام نصب بالمفعولية وما من قوله ما قد نفيا في موضع رفع بالفاعلية، أي لا تدخل هذه اللام على منفي إلا ما ندر من قوله:
282-

وأعلم أن تسليما وتركا                            للامتشابهان ولا سواء


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعض أولوية الأول غير مسلم وصدر البيت:

مروا عجالى فقالوا كيف سيدكم

قوله: "من ليلى" أي من أجل حبها والهائم الذاهب لا يدري أين يتوجه والمقصي بضم الميم وفتح الصاد المهملة المبعد والمراد بفتح الميم المذهب. قوله: "أبان" بالصرف نظرًا إلى أن وزنه فعال وبمنعه نظرًا إلى أن وزنه أفعل منقول من أبان ماضي يبين وهو الأصح والأعلاج جمع علج بكسر العين الرجل الغليظ من كفار العجم. وسودان جمع أسود. وذهب الكوفيون كما في شرح الجامع إلى أن اللام بمعنى إلا فلا شاهد فيه وهذا المعنى هو المناسب هنا لأن المقام للذم وللبصريين أن يجعلوا التنوين في سودان للتعظيم والنفي منصبًا على القيد فيناسب الذم. قوله: "ولا يلي" ليس المراد بالولي التبعية من غير فاضل وإلا اقتضى جواز التبعية مع الفصل بين اللام وما نفي بأداة النفي مع أنه ممتنع، وإنما لم يلها لأن غالب أدواة النفي مبدوءة باللام فلو وليتها لزم توالي لامين وهو مكروه وحمل الباقي، وللتنافي بين اللام التي هي لتأكيد الإثبات وبين حرف النفي.
قوله: "ذي إشارة إلخ" كان الأولى بل الصواب أن يقول ذي اسم إشارة في محل نصب على المفعولية واللام بدل أو عطف بيان أو صفة. قوله: "وأعلم إن" بالكسر تسليمًا أي على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
280- البيت من الطويل وهو لكثير عزة في ديوانه ص443؛ وتذكرة النحاة ص429؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 10/ 328؛ والدرر 2/ 188؛ وشرح شواهد المغني 2/ 605؛ والمقاصد النحوية 2/ 249؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص357؛ ومغني اللبيب 1/ 223؛ وهمع الهوامع 1/ 141.
281- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص88؛ والدرر 2/ 189؛ وشرح شواهد المغني 2/ 604؛ ومغني اللبيب 1/ 232، 233؛ وهمع الهوامع 1/ 141.
282- البيت من الوافر، وهو لأبي حزام العكلي في خزانة الأدب 10/ 330، 331، والدرر 2/ 184؛ وسر صناعة الإعراب ص377؛ وشرح التصريح 1/ 222؛ والمقاصد النحوية 2/ 244؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 345؛ وجواهر الأدب ص85؛ وتخليص الشواهد ص356؛ وشرح ابن عقيل ص186؛ والمحتسب 1/ 143؛ وهمع الهوامع 1/ 140.

ج / 1 ص -415-                    وقد يليها مع قد كإن ذا      لقد سما على العدا مستحوذا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا" يليها أيضًا "من الأفعال ما كرضيا" ماض متصرف غير مقرون بقد، فلا يقال: إن زيدًا لرضي، وأجازه الكسائي وهشام، فإن كان الفعل مضارعًا دخلت عليه: متصرفًا كان نحو إن زيدًا ليرضى، أو غير متصرف نحو إن زيدًا ليذر الشر. وظاهر كلامه جواز دخول اللام على الماضي إذا كان غير متصرف نحو إن زيدًا لنعم الرجل، أو لعسى أن يقوم، وهو مذهب الأخفش والفراء؛ لأن الفعل الجامد كالاسم، والمنقول عن سيبويه أنه لا يجيز ذلك، فإن اقتران الماضي المتصرف بقد جاز دخول اللام عليه كما أشار إليه بقوله: "وقد يليها مع قد كإن ذا لقد سما على العدا مستحوذا" لأن قد تقرب الماضي من الحال فأشبه حينئذ المضارع، وليس جواز ذلك مخصوصًا بتقدير اللام للقسم خلافًا لصاحب الترشيح وقد تقدم أن الكسائي وهشامًا يحيزان أن زيدًا لرضي، وليس ذلك عندهما إلا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناس وقيل: المراد تسليم الأمر وتركًا أي للتسليم للامتشابهان أي متقاربان ولا سواء أي ولا متساويان وكان حقه أن يقول لا سواء ولا متشابهان لكنه اضطر فقدم وأخر وسواء اسم مصدر بمعنى الاستواء فلذلك صح وقوعه خبرًا عن اثنين فقول البعض سواء في الأصل مصدر فيه مسامحة قال في التصريح وتبعه غير واحد. وفيه أي في البيت شذوذ من وجهين دخول اللام على الخبر المنفي وتعليق الفعل عن العمل حيث كسرت إن وكان القياس أن لا يعلق لأن الخبر المنفي ليس صالحًا للام وسوغ ذلك كما قيل إنه شبه لا بغير فأدخل عليها اللام. ا. هـ. وقد يقال: كيف يحكم بشذوذ التعليق وكسر إن مع وجود موجبهما وهو لام الابتداء وإن كان وجوده هنا شاذًّا إلا أن يقال جعل ذلك شاذًّا من حيث ترتبه على الشاذ. قوله: "من الأفعال" بيان لما تقدم عليه مشوب بتبعيض، وقوله: ماض إلخ بدل أو عطف بيان لقوله ما كرضيا وأشار به إلى وجه الشبه. قوله: "فلا يقال إن زيدًا لرضي" أي على أن اللام للابتداء فيقال على أنها للقسم. قوله: "وأجازه الكسائي وهشام" أي على إضمار قد كما في المغني وسيأتي في الشرح وفي الأوضح بدل الكسائي الأخفش ويمكن الجمع. قوله: "دخلت" عليه أن لشبهه بالاسم كما تقدم. قوله: "أو غير متصرف" أي تصرفًا تامًا وإلا فقد جاء ليذر أمر نحو:
{فَذَرْهُم} الآية. قوله: "إذا كان غير متصرف" دخل في ظاهر عمومه ليس مع أنه يمتنع دخول اللام عليها. قال الشاطبي: ولعله لم يحترز عنها اتكالًا على علة امتناع دخول اللام على أدوات النفي. وقال ابن غازي وتبعه البعض بل على أنه داخل في قوله ما قد نفيا وفيه نظر ظاهر إذ ليست ليس مما قد نفي لأنها للنفي. قوله: "كالاسم" أي الجامد في عدم التصرف. قوله: "مستحوذًا" أي غالبًا. قوله: "فأشبه حينئذٍ المضارع" أي المشبه للاسم ومشبه المشبه مشبه. قوله: "وليس جواز ذلك" أي دخول اللام على قد بقطع النظر عن كونها لام الابتداء لئلا يعارضه قوله بتقدير اللام للقسم. قوله: "خلافًا لصاحب الترشيح" خطاب بن يوسف الماردي حيث ذهب إلى أن لام الابتداء لا تدخل على الماضي المقترن بقد وإذا سمع دخول اللام عليه قدرت لام جواب القسم فالتقدير في إن زيدًا لقد قام إن زيد والله لقد قام.

ج / 1 ص -416-                           وتصحب الواسط معمول الخبر  والفصل واسما حل قبله الخبر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لإضمار قد، واللام عندهما لام الابتداء، أما إذا قدرت اللام للقسم فإنه يجوز بلا شرط. ولو دخل على أن والحالة هذه ما يقتضي فتحهخا فتحت مع هذه اللام نحو علمت أن زيدًا لرضي "وتحصب" هذه اللام أعني لام الابتداء أيضًا "الواسط" بين اسم إن وخبرها "معمول الخبر" بشرط كون الخبر صالحًا لها نحو إن زيدًا لعمرًا ضارب، فإن لم يكن الخبر صالحا لم يجز دخولها على معموله المتوسط، نحو إن زيدًا عمرًا ضرب؛ لأن دخولها على المعمول فرع دخولها على الخبر، وبشرط أن لا يكون ذلك المعمول حالًا، فإن كان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وقد تقدم أن الكسائي إلخ" قيل هو رد لكلام صاحب الترشيح. وحاصله أن الكسائي وهشامًا ذهبا إلى أن قد المضمرة مجوزة لدخول لام الابتداء فقد الظاهرة بالأولى. وأنت خبير بأن هذا معارضة مذهب بمذهب وهي لا تصلح ردًّا، فالأولى جعله تذكيرًا بمخالفتهما صاحب الترشيح. قوله: "واللام عندهما إلخ" جملة حالية وقوله أما إذا قدرت مقابل قوله واللام عندهما إلخ. وقوله بلا شرط أي بلا شرط إضمار قد لأن لام القسم تدخل على الماضي مطلقًا. قوله: "والحالة هذه" أي تقدير اللام للقسم وقوله فتحت مع هذه اللام أي لما مر من أن كسر إن إنما يكون بعد الفعل المعلق بلام الابتداء لا بغيرها من بقية المعلقات كلام القسم. قوله: "الواسط" أي المتوسط من وسط الشيء كوعد أي توسطه. وقوله بين اسم إن وخبرها جرى على ظاهر المتن ولو حمل الواسط على المتوسط بين الألفاظ الواقعة بعد إن لكان أولى ليدخل نحو إن عندك لفي الدار زيدًا جالس مما وقع فيه المعمول المقرون باللام بعد معمول آخر قبل الاسم والخبر وقوله معمول الخبر بدل أو عطف بيان أو حال. والمراد بمعمول الخبر عند المصنف ما يشمل المفعول به والمفعول المطلق نحو إن زيدًا لضربا ضارب، والمفعول له نحو إن زيدًا لا جلالًا قادم ونازع أبو حيان في الأخيرين. قوله: "بشرط إلخ" الشروط أربعة: واحد في المتن وهو التوسط وذكر الشارح شرطين يمكن أخد أولهما من المتن بجعل أل في الخبر للعهد أي الخبر الذي سبق أنه يصح اقترانه باللام. والشرط الرابع أن لا تدخل اللام على الخبر فلا يجوز أن زيدًا لعمر الضارب وأجازه بعضهم قاله الشارح على الأوضح كذا ذكره شيخنا. قال البعض وظاهره أن الرابع لم يذكره الشارح وليس كذلك بل صرح به بقوله تنبيه إذا دخلت اللام إلخ. ا. هـ. وهو غفلة عجيبة فإن الشارح لم يتعرض في التنبيه المذكور لامتناع دخول اللام على الخبر ومعموله معًا أصلًا كما ستعرفه.
قوله: "لم يجز دخولها على معموله إلخ" جوزه الأخفش والفراء محتجين بأن المانع قام بالخبر لكونه فعلًا ماضيًا والمعمول ليس كذلك، ورجحه الموضح قال بدليل إجازة البصريين تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ مع حكمهم بامتناع تقديم نفس الخبر لأن المانع من تقديمه الإلباس وذلك لا يوجد في المعمول. قوله: "فرع دخولها على الخبر" أي وهي لا تدخل عليه فكذا معموله. قوله: "حالًا" مثله التمييز والفرق بينهما وبين المفعول أنه ينوب عن الفاعل فيصير عمدة وإذا قدم صار مبتدأ واللام تدخل عليه بخلافهما أفاده المصرح وسم. قوله:

ج / 1 ص -417-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالًا لم يجز دخولها عليه، فلا يجوز أن زيدًا لراكبًا منطلق. واقتضى كلامه أنها لا تصحب المعمول المتأخر، فلا يجوز أن زيدًا ضارب لعمرًا "و" تصحب أيضًا "الفصل" وهو الضمير المسمى عمادًا نحو:
{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62]، إذا لم يعرب هو مبتدأ "و" تحصب "اسمًا" لأن "حل قبله الخبر" نحو إن عندك لبرًّا، وإن لك لأجرًا، وفي معنى تقدم الخبر تقدم معموله نحو إن في الدار لزيدًا قائم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لا تصحب المعمول المتأخر" أي لأن المعمول من تمام الخبر فإذا دخلت عليه مع تقدمه كان كدخولها على الخبر لكونه في موضعه بخلافه مع التأخر وكالمتأخر المتقدم على الاسم فلا يقال إن لعندك زيدًا جالس.
قوله: "وتصحب الفصل" قيل هو حرف لا محل له من الإعراب وعليه أكثر النحاة كما في الروداني فتسميته ضميرًا مجاز علاقته المشابهة في الصورة. وسمي ضمير الفصل لفصله بين الخبر والصفة في نحو زيد هو القائم، وعمادًا لاعتماد المتكلم عليه في رفع الاشتباه بين الخبر والصفة. وقيل: هو اسم لا محل له من الإعراب كما أن اسم الفعل كذلك. وقيل محله محل ما قبله. وقيل محل ما بعده ففي نحو زيد هو القائم محله رفع باتفاق القولين الأخيرين وفي نحو كان زيد هو القائم محله رفع على أولهما ونصب على ثانيهما، وفي نحو إن زيدًا هو القائم بالعكس وإنما يكون على صيغة ضمير الرفع مطابقًا لما قبله غيبة وحضورًا وغيرهما بين مبتدأ وخبر في الحال أو في الأصل معرفتين أو ثانيهما كالمعرفة في عدم قبول أل كأفعل من، وفي بعض هذه الشروط خلاف بسطه في المغني، وفائدته الاعلام من أول الأمر بأن ما بعده لا صفة وتأكيد الحكم لما فيه من زيادة الربط وقصر المسند على المسند إليه. قال التفتازاني في حاشية الكشاف وهذا إنما يتأتى فيما الخبر فيه نكرة وإلا فتعريف الخبر بلام الجنس يفيد قصره على المبتدأ وإن لم يكن معه ضمير فصل مثل زيد الأمير وعمرو الشجاع وتعريف المبتدأ بلام الجنس يفيد قصره على الخبر وإن كان معه ضمير الفصل نحو الكرم هو التقوى. وقال في المطول التحقيق أنه قد يكون للتخصيص أي قصر المسند على المسند إليه نحو زيد هو أفضل من عمرو وزيد هو يقاوم الأسد. وقد يكون لمجرد التأكيد إذا كان في الكلام ما يفيد قصر المسند على المسند إليه نحو:
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاق} [الذاريات: 58] أي لا رزاق إلا هو أو قصر المسند إليه على المسند نحو الكرم هو التقوى أي لا كرم إلا التقوى. ا. هـ. قال الناظم وجاز دخول لام الابتداء عليه لأنه مقو للخبر لرفعه توهم السامع كون الخبر تابعًا فنزل منزلة الجزء الأول من الخبر أي إذا كان الخبر جملة اسمية.
قوله: "إذا لم يعرب هو مبتدأ" فإن أعرب مبتدأ كان جزءًا من الخبر فتكون داخلة عليه وكان غير ضمير فصل كما في التصريح. قوله: "حل قبله الخبر" في هذا البيت إيطاء لكن في بعض النسخ تنكير خبر الثاني وهو دافع للإيطاء على الأصح. قوله: "وفي معنى تقدم الخبر تقدم

 

ج / 1 ص -418-                                ووصل ما بذي الحروف مبطل           إعمالها وقد يبقى العمل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: إذا دخلت اللام على الفصل أو على الاسم المتأخر لم تدخل على الخبر، فلا يجوز أن زيدًا لهو القائم، ولا إن لفي الدار لزيدًا، ولا إن في الدار لزيدًا لجالس "ووصل ما" الزائدة "بذي الحروف مبطل إعمالها" لأنها تزيل اختصاصها بالأسماء وتهيئها للدخول على الفعل فوجب إهمالها لذلك، نحو إنما زيد قائم، وكأنما خالد أسد، ولكنما عمرو جبان، ولعلما بكر عالم "وقد ينقى العمل" وتجعل ما ملغاة وذلك مسموع في ليت لبقاء اختصاصها كقوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معموله" مثله تقدم معمول الاسم نحو إن في الدار لساكنًا رجل. قوله: "أو على الاسم المتأخر" أي عن الخبر أو عن معموله كما يفيده التمثيل. قوله: "ووصل ما الزائدة" فخرجت الموصولة والموصوفة والمصدرية نحو إن ما عندك حسن وإن ما فعلت حسن وتكتب مفصولة من أن بخلاف ما الزائدة. واعلم أن إنما وأنما يفيدان الحصر وقد اجتمعا في قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108]، أي ما يوحى إليّ إلا قصر الإله على الوحدة فالحصر الأول من قصر الصفة على الموصوف قصر قلب نزل المخاطبون المشركون منزلة من اعتقد إيحاء الإشراك إلى نبينا صلى الله عليه وسلّم حيث أصروا عليه والثاني من قصر الموصوف على الصفة قلب أيضًا والإتيان به مبالغة في الرد وإلا فمجرد ثبوت الوحدة ناف للتعدد والاعتراض على إفادة إنما لحصر بفواته عند التأويل بالمصدر مدفوع بأن الحصر من اللفظ المصرح به ولا يضر فواته بالتأويل كفوات التأكيد لأنه أمر تقديري. ثم قيل: الحصر من اجتماع إن وهي للإثبات وما وهي للنفي فصرف الإثبات للمذكور والنفي لغيره. وقيل: لاجتماع مؤكدين إن وما الزائدة واعترض هذا بأن اجتماع مؤكدين لا يستلزم الحصر وإلا لوجد في إن زيدًا لقائم مثلًا والأول بأنه ينافي ما قدمنا من أن ما الملحقة بأن وإن زائدة. وقد يجاب عن اعتراض الثاني بأن اجتماع مؤكدين على وجه تركبهما أقوى لشدة التلاصق فيه وعن اعتراض الأول بأن ما هذه نافية أصالة لكن انسلخ عنها النفي بعد التركيب فصارت زائدة بدليل عدم ذكر منفيها هذا ما ظهر لي فاعرفه واعترض في المغني الأول أيضًا بأن إن ليست للإثبات بل لتوكيد الكلام إثباتًا نحو إن زيدًا قائم أو نفيًا نحو إن زيدًا ليس بقائم. قال الشمني: فيه بحث لأن إن لتوكيد النسبة التي بين اسمها وخبرها وهي لا تكون إلا ثبوتًا وإن كان نفس خبرها نفيًا.
قوله: "مبطل إعمالها" أي وجوب إعمالها فلا ترد ليت. قوله: "تزيل اختصاصها بالأسماء" أي ما عدا ليت كما سيأتي. قوله: "فوجب إهمالها" أي ما عدا ليت ووجوب الإهمال هو مذهب سيبويه والجمهور كما يؤخذ مما يأتي في الشرح وقوله لذلك يغني عنه التفريع. قوله: "وقد يبقي العمل" قد للتقليل بالنسة لغير ليت وللتحقيق بالنسبة لليت لأن إعمالها كثير بل أوجبه بعضهم كما سيأتي ففي كلامه استعمال المشترك في معنييه. قوله: "ملغاة" أي عن الكف. قوله: "قالت" أي زرقاء اليمامة ولفظ مقولها: ليت الحمام ليه إلى حمامتيه أو نصف قديه تم الحمام ميه. وقصتها أنها كانت لها قطاة ومر بها سرب من القطا بين جبلين فقالت ما ذكر. ثم

ج / 1 ص -419-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
283-

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا                      إلى حمامتنا أو نصفه فقد

يروى بنصب الحمام على الأعمال ورفعه على الإهمال. وأما البواقي فذهب الزجاج وابن السراج إلى جوازه فيها قياسًا، ووافقهم الناظم ولذلك أطلق في قوله: وقد يبقى العمل، ومذهب سيبويه المنع لما سبق من أن ما أزالت اختصاصها بالأسماء وهيأتها للدخول على الفعل نحو: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108]، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال: 6]، وقوله:
284-

فوالله ما فاقتكم قاليا لكم                    ولكن ما يقضى فسوف يكون

وقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن القطا وقع في شبكة صياد فعد فإذا هو ستة وستون فإذا ضم إليها نصفها مع قطاتها كانت مائة. قوله: "أو نصفه" أو بمعنى الواو. قوله: "قياسًا" قال الدماميني: ظاهر كلام الزجاجي في الجمل أنه مسموع من العرب وذلك أنه قال في باب حروف الابتداء: ومن العرب من يقول إنما زيدًا قائم ولعلما بكرًا قائم فيلغي ما وينصب بأن وكذلك أخواتها هذا كلامه. ا. هـ. قوله: "ومذهب سيبويه" أي والجمهور وصححه ابن الحاجب كما في النكت. قوله: "لما سبق إلخ" للمصنف ومن وافقه أن يقول يكفي في صحة الأعمال الاختصاص بحسب الأصل ولا يضر عروض زواله، ولذلك نظائر كثيرة كجواز إعمال إن المخففة من الثقيلة على قلة مع تعليلهم إعمالها بكثرة بزوال اختصاصها بالأسماء كما في وإن كانت لكبيرة أفاده سم. قوله: "ولكن ما يقضى إلخ" الصواب التمثيل بدله بقول امرء القيس:

ولكنما أسعى لمجد مؤثل

لأن ما في البيت الذي ذكره موصول اسمي بدليل عود الضمير في يقضي عليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
283- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص24، والأزهية ص89، 114؛ والأغاني 11/ 31؛ والإنصاف 2/ 479؛ وتخليص الشواهد ص362؛ وتذكرة النحاة ص353؛ وخزانة الأدب 10/ 252، 253؛ والخصائص 2/ 460؛ والدرر 1/ 216، 2/ 204؛ ورصف المباني ص299، 316، 318؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص362؛ وشرح شواهد المغني 1/ 75، 200، 2/ 690؛ وشرح عمدة الحافظ ص233؛ وشرح المفصل 8/ 85؛ والكتاب 2/ 137؛ واللمع ص320 ومغني اللبيب 1/ 63، 286، 308؛ والمقاصد النحوية 2/ 254؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 349؛ وخزانة الأدب 6/ 157؛ وشرح قطر الندى ص151؛ ولسان العرب 3/ 347 "قدد" والمقرب 1/ 110؛ وهمع الهوامع 1/ 65.
284- البيت من الطويل، وهو للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي 1/ 99؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح قطر الندى ص149؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 315؛ وهمع الهوامع 1/ 110.

 

ج / 1 ص -420-                         وجائز رفعك معطوفًا على          منصوب إن بعد أن تستكملا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
285-

أعد نظرا يا عبد قيس لعلما                   أضاءت لك الناء الحمار المقيدا

بخلاف ليت فإنها باقية على اختصاصها بالأسماء، ولذلك ذهب بعض النحويين إلى وجوب الأعمال في ليتما، وهو يشكل على قوله في شرح التسيهل: يجوز إعمالها وإهمالها بإجماع "وجائز" بالإجماع "رفعك معطوفًا على منصوب إن" المكسورة "بعد أن تستكملا" خبرها نحو إن زيدًا آكل طعامك وعمرو، ومنه:
286-

فمن يك لم ينجب أبوه وأمه                        فإن لنا الأم النجيبة والأب

وليس معطوفًا حينئذ على محل الاسم مثل ما جاءني من رجل وامرأة بالرفع؛ لأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أعد إلخ" غرض الشاعر هجو عبد قيس بأنه يفعل بالحمار الفاحشة. وأضاء قد يستعمل متعديًا كما في البيت. قوله: "ولذلك" أي لبقائها على اختصاصها بالأسماء. قوله: "وهو يشكل إلخ" قد يقال لم ينظر المصنف إلى هذا الخلاف لكونه واهيًا فحكى الإجماع. قوله: "معطوفًا على منصوب إن" ظاهره أن المعطوف عليه هو اسم إن فيكون الرفع باعتبار محله قبل إن بناء على القول بعدم اشتراط وجود الطالب للمحل ونسب إلى الكوفيين وبعض البصريين وهو الأقرب إلى عبارة المصنف وسيأتي بقبة الأوجه. ولو قال: رفعك تالي عاطف لكان جاريًا على سائر الأوجه الآتية. وفي التسهيل أن النعت والتوكيد وعطف البيان كعطف النسق عند الجرمي والزجاج والفراء تقول إن زيدًا قائم الفاضل أو أبو عبد الله أو نفسه بالنصب والرفع. قال سم فيما كتبه بهامش شرح التسهيل للدماميني هو ظاهر إن قلنا إن الرفع على العطف على محل اسم إن فإن قلنا على الابتداء وإنه من عطف الجمل فالقياس امتناع ما عدا النسق فليتأمل. وقاس الرضي البدل ومثل له بقوله إن الزيدين قد استحسنتهما شمائلهما بالرفع. وقيل: الرفع مخصوص بعطف النسق. قال في الهمع وهو الأصح. قال في شرح الجامع: ولم يقيد العطف بالواو لأن لا كذلك تقول: إن زيدًا قائم لا عمرًا أو لا عمرو. ا. هـ. والظاهر أن الفاء وثم واو وحتى كذلك.
قوله: "بعد أن تستكملا" متعلق برفعك أو معطوفًا لا بجائز خلافًا للمكودي لما فيه من الفصل بالمبتدأ وهو أجنبي من الخبر. قوله: "لم ينجب" أي يلد ولدًا ناجيًا. وقوله النجيبة من وضع فعيل موضع مفعل أي المنجبة، أو الأصل النجيبة أبناؤها فحذف المضاف واتصل الضمير. قوله: "وليس معطوفًا إلخ" أي كما هو ظاهر كلام المصنف. ويمكن أن تسميته معطوفًا عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
285- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 180؛ والأزهية ص88؛ والدرر 2/ 208؛ وشرح شواهد الإيضاح ص116؛ وشرح شواهد المغني ص693؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص319؛ وشرح شذور الذهب ص361؛ وشرح قطر الندى ص151؛ وشرح المفصل 8/ 54؛ ومغني اللبيب ص287؛ 288؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
286- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 353؛ وتخليص الشواهد ص370؛ والدرر 6/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 265؛ وهمع الهوامع 2/ 144.

ج / 1 ص -421-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرفع في مسألتنا الابتداء، وقد زال بدخول الناسخ، بل إما مبتدأ محذوف والجملة ابتدائية عطف على محل ما قبلها من الابتداء أو مفرد معطوف على الضمير في الخبر إن كان فاصل كما في المثال والبيت، فإن لم يكن فاصل نحو إن زيدًا قائم وعمرو تعين الوجه الأول. وقد أشعر قوله وجائز أن النصب هو الأصل والأرجح، أما إذا عطف على المنصوب المذكور قبل استكمال إن خبرها تعين النصب وأجاز الكسائي الرفع مطلقًا تمسكًا بظاهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجاز علاقته المشابهة الصورية. قوله: "مثل ما جاءني إلخ" ظاهره أن رجلًا إعرابه محلي وهو القول الأصح لعدم لزوم اجتماع حركتي إعراب وقيل: تقديري ويلزم عليه ما ذكر لكن مر في أول الابتداء دفعه. قوله: "وقد زال بدخول إلخ" لم يشترط بعض البصريين بقاء الطالب لذلك المحل ونسب إلى الكوفيين أيضًا كما مر وعليه لا إشكال في العطف على محل اسم إلا من جهة لزوم الفصل بين التابع والمتبوع بأجنبي وهو الخبر وذلك ممنوع كما في الروداني. قوله: "ابتدائية" أي استئنافية. قوله: "على محل ما قبلها من الابتداء" من باب لما على تقدير مضاف أي ذات الابتداء أي الجملة الابتدائية أي المستأنفة. وفي عبارته أمران: الأول كان ينبغي حذف محل لأن الابتدائية لا محل لها. الثاني القصور لعدم شمولها البيت لأن الجملة فيه جواب الشرط الجازم فهي في محل جزم لا ابتدائية، وكذا ما عطف عليها. قوله: "تعين الوجه الأول" أي كونه من عطف الجمل أي عند الجمهور وإلا فبعضهم يجيز العطف على الضمير المستتر بلا فصل بقلة فعلية يجوز الوجه الثاني.
قوله: "تعين النصب" أي لما يلزم على الرفع من العطف قبل تمام المعطوف عليه إن جعل من عطف الجمل ومن تقدم المعطوف على المعطوف عليه إن عطف المرفوع على الضمير في الخبر. قال سم: لم لا يجوز الرفع قبل الاستكمال على أنه مبتدأ حذف خبره ويكون من قبيل الاعتراض بين اسم إن وخبرها لا العطف. وأقول مقتضى التعليل بما ذكر جواز الرفع بالعطف على محل اسم إن بناء على عدم اشتراط بقاء طالب المحل. وقال الرضي: إنما منعوا رفع المعطوف قبل الاستكمال لأن العامل في خبر المبتدأ هو المبتدأ وفي خبر إن هو إن فيكون قائمان من قولك إن زيدًا وعمرو قائمان خبرًا عن إن وعمرو معًا فيعمل عاملان مستقلان في معمول واحد ولا يجوز ذلك. ا. هـ. ومقتضى هذا التعليل تخصيص المنع بما إذا كان الخبر للاسمين معًا وبه صرح ابن هشام في شرح بانت سعاد كما سيأتي قريبًا ومقتضى إطلاق الموضح وغيره والتعليل السابق وبحث سم فيه شمول المنع لغير ذلك نحو إن زيدًا وعمرو قائم وهو الذي حققه الروداني. وصنيع الشارح فيما يأتي أقرب إلى هذا فتدبر.
قوله: "وأجاز الكسائي إلخ" موضع الخلاف حيث يتعين جعل الخبر للاسمين جميعًا نحو إن زيدًا وعمرو ذاهبان، فإن لم يتعين ذلك نحو إن زيدًا وعمرو في الدار اتفاقًا، قاله الموضح في شرح بانت سعاد وهو مخالف لما أطلقه هنا كذا في التصريح ومثل إن زيدًا وعمرو في الداران زيدًا وعمر وقائم وقد رد الفاضل الروداني كلام الموضح في شرح بانت سعاد وحقق أن نحو إن

 

ج / 1 ص -422-        قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: 69]، وقراءة بعضهم: "إن الله وملائكتُه يصلون" [الأحزاب: 65]، برفع ملائكته. وقوله:
287-

فمن يك أمسى بالمدينة رحلة                           فإني وقيار بها لغريب

وخرج ذلك على التقديم والتأخير أو حذف الخبر من الأول كقوله:
288-

خليلي هل طب فإني وأنتما                     وإن لم تبوحا بالهوى دنفان

ويتعين الأول في قوله:

فإني وقيار بها لغريب


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيدًا وعمرو في الدار أو قائم من محل الخلاف فتنبه. قوله: "مطلقًا" أي سواء قبل الاستكمال وبعده وسواء ظهر إعراب المعطوف عليه أو خفي فالإطلاق في مقابلة التقييد السابق والتقييد اللاحق وإن جعله البعض في مقابلة اللاحق فقط. قوله: "رحله" أي منزله. وقيار اسم فرس الشاعر وقيل اسم جمل. وقوله: فإني إلخ دليل الجواب أي فأنا لا يمسى فيها رحلي لأني إلخ. قوله: "على التقديم والتأخير" أي تقديم المعطوف وتأخير الخبر والقصد العكس والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن إلخ والصابئون والنصارى كذلك ومن آمن في محل رفع بالابتداء وخبره فلا خوف إلخ والجملة خبر إن وخبر الصابئون محذوف أي كذلك كما علم. ويجوز أن يكون من آمن إلخ خبر الصابئون وخبر إن محذوف لدلالة خبر الصابئون عليه فالحذف على هذا من الأول لدلالة الثاني وعلى الأول من الثاني لدلالة الأول وهو الكثير كما في المغني والعائد على كل محذوف أي من آمن منهم. وأورد بعضهم على التخريج على التقديم والتأخير أنه يستلزم العطف قبل تمام المعطوف عليه ومجرد ملاحظة التقديم والتأخير لا يدفع ذلك وقد يقال: بل يدفعه التقدم المعطوف عليه بتمامه حينئذٍ في النية هذا. وقال الروداني: اعتبار التقديم والتأخير وأمثاله إنما يرجع إليه في التخريج المسموع ولا يجوز لأحد اليوم أن يتكلم بمثل ذلك ويدعي أنه نوى التقديم والتأخير. قوله: "هل طب" مثلث الطاء كما في القاموس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
287- البيت من الطويل، وهو لضابئي بن الحارث بن البرجمي في الأصمعيات ص184؛ والإنصاف ص94 وتخليص الشواهد ص385؛ وخزانة الأدب 9/ 326، 312، 313، 320؛ والدرر 6/ 182؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 369؛ وشرح التصريح 1/ 228؛ وشرح شواهد المغني ص867؛ وشرح المفصل 8/ 86؛ والشعر والشعراء ص358؛ والكتاب 1/ 75؛ ولسان العرب 5/ 125 "قير"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 2/ 318؛ ونوادر أبي زيد ص20؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103؛ وأوضح المسالك 1/ 358؛ ورصف المباني ص267؛ وسر صناعة الإعراب ص372؛ ومجالس ثعلب ص316، 598؛ وهمع الهوامع 2/ 144.
288- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 361؛ وتخليص الشواهد ص374؛ وشرح التصريح 1/ 229؛ وشرح شواهد المغني 2/ 866؛ ومغني اللبيب 2/ 475؛ والمقاصد النحوية 2/ 274.

 

ج / 1 ص -423-                        وألحقت بإن لكن وأن     من دون ليت ولعل وكأن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأجل اللام في الخبر، والثاني في ملائكته لأجل الواو في يصلون إلا أن قدرت للتعظيم مثلها في
{رَبِّ ارْجِعُون} [المؤمنون: 99] ووافق الفراء الكسائي فيما خفي فيه إعراب المعطوف عليه نحو إنك وزيد ذاهبان، وإن هذا وعمرو عالمان تمسكًا ببعض ما سبق قال سيبويه: وأعلم أن ناسًا من العرب يغلطون فيقولون إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان "وألحقت بإن" المكسورة فيما تقدم من جواز العطف بالرفع بعد الاستكمال "لكن" باتفاق كقوله:
289-

وما قصرت بي في التسامي خؤلة             ولكن عمي الطيب الأصل والخال

"وأن" المفتوحة على الصحيح إذا كان موضعها موضع الجملة بأن تقدمها علم أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ويتعين الأول إلخ" نظر فيه سم بجواز أن تقدم اللام داخلة على مبتدأ محذوف أي لهو غريب وقد يقال الأصل والظاهر عدم التقدير وكلام الشارح مبني عليه. قوله: "إلا إن قدرت للتعظيم" بحث فيه بأنه لم يسمع إنا قائمون على التعظيم بل لا بد من المطابقة اللفظية على حد:
{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون} [الحجر: 23]، كما في المغني. قوله: "فيما خفي" أي في تركيب خفي إلخ أي لكونه مبنيًّا أو مقصورًا مثلًا. قال سم: انظر لو خفي إعراب المعطوف دون المعطوف عليه. ويحتمل أنه عنده كذلك. وقال الروداني: قضية التعليل بالاحتراز من تنافر اللفظ أن خفاء إعراب المعطوف كذلك فيجوز عنده العطف بالرفع في أن زيدًا والفتى ذاهبان. ا. هـ. قوله: "وأعلم" بهمزة المتكلم والقصد بنقل ما ذكره الرد به على الفراء والكسائي ولا يخفى أنه من باب رد دعوى بدعوى. وقوله يغلطون من باب فرح. واعترض بأنه كيف يسند الغلط إلى العرب. وأجيب بأنه لا مانع من ذلك لما سبق من أن الحق قدرة العربي على الخطأ إذا قصد الخروج عن لغته والنطق بالخطأ. وقيل مراد سيبويه بالغلط مجرد توهم أن ليس في الكلام إن وهذا هو ما يدل عليه بقية كلامه كما بسطه في المغني. ويحتمل أن مراده بالغلط شدة الشذوذ. قوله: "باتفاق" ولهذا قدم المصنف لكن على أن.
قوله: "في التسامي" أي العلو والعراقة في النسب، خؤولة أي ولا عمومة بدليل ما بعده. قال العيني هي إما مصدر أو جمع خال كالعمومة وفيه ما فيه. قوله: "وأن المفتوحة على الصحيح" اختلف فيه إن ولكن لعدم نقلهما الجملة إلى باب المفرد فأشبها الحروف الزائدة للتأكيد بخلافها. قوله: "إذا كان موضعها موضع الجملة" لأنها حينئذٍ بمنزلة المكسورة وذلك بأن وقعت في محل الجملة بحسب الأصل لسدها ومعموليها بعد العلم مسد مفعوليه وهما أصلهما المبتدأ والخبر وخرج بذلك نحو أعجبني إن زيدًا قائم وعمرًا فيتعين النصب لأنها ليست في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
289- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 355؛ وتخليص الشواهد ص370؛ والدرر 6/ 186؛ وشرح التصريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 316؛ وهمع الهوامع 2/ 144.

ج / 1 ص -424-                           وخففت أن فقل العمل            وتلزم اللام إذا ما تهمل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معناه نحو:
{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]، "من دون ليت ولعل وكأن" حيث لا يحوز في المعطوف مع هذه الثلاث إلا النصب تقدم المعطوف أو تأخر لزوال معنى الابتداء معها وأجاز الفراء الرفع معها أيضًا متقدمًا ومتأخرًا بشرطه السابق وهو خفاء الإعراب "وخففت إن" المكسورة "فقل العمل" وكثر الإهمال لزوال اختصاصها حينئذ نحو: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32]، وجاز إعمالها استصحابًا للأصل نحو: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع الجملة ولذلك جاز دخول لام الابتداء وكسر إن في نحو علمت إن زيدًا لقائم وامتنع ذلك في نحو أعجبني إن زيدًا قائم كما قاله الدماميني نقلًا عن ابن الحاجب. قوله: "أو معناه" أي دال معناه كأذان في الآية الشريفة أي إعلام. قوله: "ورسوله" أي بالرفع وقرئ شاذًّا ورسوله بالنصب عطفًا على لفظ اسم إن كما في الفارضي. قوله: "لزوال معنى الابتداء" أي معنى الجملة ذات الابتداء لأن الكلام قبل هذه الثلاثة للاخبار عن المسند إليه بالمسند وبعدها لتمني المسند للمسند إليه أو ترجيه أو تشبيهه به. وقيل لأن هذه الثلاثة تغير معنى الجملة بنقلها من الخبر إلى الإنشاء فيلزم عليه عطف الخبر على الإنشاء لكن هذا التعليل لا يتم على القول بجواز عطف الخبر على الإنشاء ولا على أن العطف على الضمير في خبر إن ولهذا قال في متن الجامع: يرفع مطلقًا تالي العاطف إن نسق على ضمير الخبر وبعد إن وأن ولكنَّ إن قدر مبتدأ إلخ، وكذا لا يتم على أن العطف على محل الاسم، هذا وقد لزم مما تقرر أن الكلام مع كأن إنشاء لا خبر وقد يتوقف فيه فتأمل. ثم رأيت صاحب المغني صرح بأن كان للأخبار ورأيت الدماميني نقل قولًا آخر عن بعضهم أنها لإنشاء التشبيه.
قوله: "بشرطه السابق" راجع إلى قوله متقدمًا فقط كما هو صريح قول الهمع وأجازه أي الرفع الفراء في ليت وأختيها بعد الخبر مطلقًا وقبله بشرطه المذكور عنه. قوله: "وخففت إن" أي بشرط أن لا يكون اسمها ضميرًا وأن يكون خبرها صالحًا لدخول اللام ويستثنى الخبر المنفي لأنه وإن لم تدخل عليه اللام لا يتوهم معه أن إن نافية نقله يس عن ابن هشام. قوله: "فقل العمل" إنما قل هنا وبطل فيما إذا كفت بما على مذهب سيبويه مع أن العلة في الموضعين زوال الاختصاص بالأسماء لأن المزيل هناك أقوى لأنه لفظ أجنبي زيد وهو ما بخلافه هنا فإنه نقصان بعض الكلمة، ومحل ما ذكر إن وليها اسم فإن وليها فعل كما في الأمثلة الآتية وجب الإهمال ولا يدعي الاعمال وإن اسمها ضمير الشأن والجملة الفعلية خبرها. قاله زكريا. قوله: "نحو وإن كل لما إلخ" أي على قراءة تخفيف الميم أما على قراءة التشديد فلا شاهد فيه لأن إن عليها نافية ولما بمعنى إلا. واعرابه على التخفيف كل مبتدأ واللام لام الابتداء وما زائدة وجميع خبر ومحضرون نعته وجمع على المعنى ولدينا متعلق به أو جميع مبتدأ ثان ومحضرون خبره والجملة خبر الأول وهذا أولى لما يلزم على الأول من دخول لام الابتداء على خبر المبتدأ، والمسوّغ للابتداء بجميع العموم أو الإضافة تقديرًا والرابط على جعل جميع مبتدأ ثانيًا إعادة المبتدأ بمعناه

ج / 1 ص -425-                                  وربما استغني عنها إن بدا            ما ناطق أراده معتمدًا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[هود: 111] "وتلزم اللام إذا ما تهمل" لتفرق بينها وبين أن النافية ولهذا تسمى اللام الفارقة، وقد عرفت أنها لا تلزم عند الأعمال لعدم اللبس.
تنبيه: مذهب سيبويه أن هذه اللام هي لام الابتداء. وذهب الفارسي إلى أنها غيرها اجتلبت للفرق، ويظهر أثر الخلاف في نحو قوله عليه الصلاة والسلام:
"قد علمنا إن كنت لمؤمنًا"، فعلى الأول يجب كسر إن، وعلى الثاني يجب فتحها "وربما استغني عنها" أي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه على هذا بمعنى كل وعلى الأول بمعنى مجموع.
قوله: "وإن كلا لما إلخ" أي على قراءة تخفيف الميم أما على قراءة التشديد فلا شاهد فيه لما مر ولعل نصب كلا حينئذٍ بمحذوف تقديره أرى ثم رأيته في المغني. واعرابه على التخفيف كلا اسم إن واللام الأولى لام الابتداء وما زائدة للفصل بين اللامين أو موصولة خبر إن وليوفينهم جواب قسم محذوف وجملة القسم وجوابه صلة ما والتقدير وإن كلا للذين والله ليوفينهم. قال في المغني: لكن الصلة في المعنى جملة الجواب فقط وإنما جملة القسم مسوقة لمجرد التأكيد فلا يقال: جملة القسم إنشائية والصلة لا تكون إلا خبرية. ا. هـ. وقيل ما نكرة موصوفة بقول مقدر حذف وأقيم معموله وهو جملة القسم مقامه أي وإن كلا لخلق مقول فيهم والله ليوفينهم ولا حاجة لتقدير القول كما علم مما مر عن المغني وكذا الإعراب على التخفيف مع تشديد النون. وأما على تشديد النون والميم معًا فقال ابن الحاجب: أحسن ما قيل فيه أن لما هي الجازمة حذف فعلها تقديره لما يهملوا، واعترضه في المغني بأن لما تفيد توقع منفيها وإهمال الكفار غير متوقع. وأجاب الدماميني بأن توقع منفيها غالب لا لازم ولو سلم فالكفار يتوقعون الإهمال ولا يشترط في التوقع أن يكون من المتكلم. ثم قال في المغني: والأولى عندي أن يقدر لما يوافوا أعمالهم لدلالة ليوفينهم إلخ عليه ولتوقع التوفية.
قوله: "وتلزم اللام" أي عند عدم القرينة على المراد بدليل ما يأتي فلا تنافي بين قوله وتلزم اللام وقوله وربما استغنى إلخ وينبغي كما بحثه الروداني أن محل لزوم اللام إذا قصد البيان وأنه إذا قصد الإجمال لم تلزم لأن الإجمال من مقاصد البلغاء. قوله: "إذا ما تهمل" أي أو تعمل مع حصول اللبس بأن كان إعراب الاسم خفيًّا نحو إن هذا أو الفتى لقائم كما يؤخذ من قول الشارح لعدم اللبس وصرح به الدماميني. قوله: "وذهب الفارسي إلخ" قال الدماميني: حجته دخولها على الماضي المتصرف نحو إن زيد لقام وعلى منصوب الفعل المؤخر عن ناصبه نحو:
{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِين} [الأعراف: 102]، وكلاهما لا يجوز مع المشددة. ا. هـ. وقد يجاب بأن المخففة ضعفت بالتخفيف فتوسع معها ما لم يتوسع مع غيرها فتأمل. قوله: "يجب فتحها" أي لطلب العامل ولا معلق لأن اللام الفارقة على الثاني ليست من المعلقات وظاهر هذا الكلام دخول اللام الفارقة على خبر أن المفتوحة المخففة مع أنها لا تلتبس بأن النافية حتى يحتاج للفرق. وقد يقال إنها دخلت بعد إن المكسورة للفرق فلما دخل الفعل فتحت الهمزة

ج / 1 ص -426-                              والفعل إن لم يك ناسخًا فلا  تلفيه غالبا بإن ذي موصلًا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن اللام "إن بدا" أي ظهر "ما ناطق أرادة معتمدًا" على قرينة إما لفظية كقوله:
290-

إن الحق لا يخفى على ذي بصيرة

أو معنوية كقوله:
291-

أنا ابن أباة الضيم من آل مالك                   وإن مالك كانت كرام المعادن

"والفعل إن لم يك ناسخًا" للابتداء وهو كان وكاد وظن وأخواتها "فلا تلفيه" أي لا تجده "غالبًا بأن ذي" المخففة من الثقلية "موصلًا" وإن كان ناسخًا وجدته موصلًا بها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأبقيت اللام، فالكسر وقصد الفرق سابقان على دخول الطالب لفتح الهمزة أو يقال: لام الفرق قد تدخل مع عدم الاحتياج إلى الفرق كما تدخل بعد المكسورة عند قيام القرينة والاستغناء عن اللام.
قوله: "وربما استغني عنها" ليس المراد بالاستغناء عدم الاحتياج إلى اللام حتى يعترض بأن التعبير بربما يقتضي أن اللام قد لا يستغنى عنها مع القرينة بل المراد به ترك اللام ولا شك أنه مع القرينة يجوز ترك اللام وذكرها. قوله: "إن الحق إلخ" القرينة اللفظية فيه لفظ لا فإنه يبعد معها أن يراد بأن النفي إذ لو أريد ما ذكر لجيء بالإثبات بدلًا عن نفي النفي الصائر إلى الإثبات، وفيه أيضًا قرينة معنوية وهي أنه لو أريد بأن النفي ونفي النفي إثبات لكان المعنى الحق يخفى على ذي بصيرة وفساده ظاهر. وينبغي أن تكون القرينة المعتمد عليها هذه القرينة المعنوية لأن لا مبعدة للنفي لا مانعة منه فتأمل. قوله: "أنا ابن أباة إلخ" القرينة هنا دلالة مقام المدح على أن الكلام إثبات فلأجلها لم يقل كانت لكرام، وأما عدم قوله لكانت كرام فلما مر من امتناع أن يلي اللام فعل متصرف خال من قد وما قيل من أن هذا الامتناع مخصوص بأن العاملة دون المهملة يرده تصريح أبي حيان في ارتشافه باستوائهما في ذلك وبأن اللام لو دخلت في هذا البيت لدخلت على كرام فاعرف ذلك. والأباة جمع آب كقضاة وقاض من أبي إذا امتنع. والضيم الظلم. ومالك اسم قبيلة. ولهذا قال كانت، وصرفها مراعاة للحي قاله المصرح. قوله: "غالبًا" ظرف زمان أو مكان متعلق بالنفي والمعنى انتفى في غالب الأزمنة أو في غالب التراكيب وجود الفعل موصلًا بأن إذا لم يكن ناسخًا، ومفهوم ذلك أن وجود الفعل الناسخ موصلًا بأن لم ينتف في الغالب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
290- عجزه:

وإن هو لم يعدم خلاف معاند

والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شواهد المغني 2/ 604؛ ومغني اللبيب 1/ 232.
291- البيت من الطويل، وهو للطرماح واسمه الحكم بن حكيم، في ديوانه ص512؛ والدرر 2/ 193؛ والمقاصد النحوية 2/ 276؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 367؛ وتخليص الشواهد ص378؛ وتذكرة النحاة ص43؛ والجني الداني ص134؛ وشرح ابن عقيل ص191؛ وشرح عمدة الحافظ ص237؛ وشرح قطر الندى ص165؛ وهمع الهوامع 1/ 141.

ج / 1 ص -427-        .............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثيرًا نحو:
{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51]، {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: 186]، وأكثر منه كونه ماضيًا نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} [البقرة: 143]، {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56]، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102]، ومن النادر قوله:
292-

شلت يمينك إن قتلت لمسلما

ولا يقاس عليه، نحو إن قام لأنا وإن قعد لزيد خلافًا للأخفش والكوفيين، وأندر منه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيصدق بالكثرة ولو جعل متعلقًا بالمنفي لكان المفهوم أن وجود الفعل الناسخ موصلًا بأن غالبي مع أن القوم إنما ذكروا الكثرة لا الغلبة أفاده سم.
قوله: "موصلًا" اسم مفعول من أوصل الرباعي المتعدي وثلاثيه اللازم وصل بمعنى اتصل وإن كان وصل يستعمل متعديًا أيضًا، فقول البعض تبعًا لما نقله شيخنا عن الغزي اسم مفعول من أوصل بمعنى اتصل فاسد. قوله: "وجدته موصلًا إلخ" بشرط كونه غير ناف ليخرج ليس وغير منفي ليخرج زال وأخواتها وغير صلة ليخرج دام ودخول اللام مع الفعل الناسخ على ما كان خبرًا في الأصل نحو:
{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَة} [البقرة: 143]، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِين} [الأعراف: 102]، ومع غير الناسخ على معموله فاعلًا كان أو مفعولًا ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا فالفاعل بقسميه نحو: إن يزينك لنفسك وأن يشينك لهبه. والمفعول الظاهر نحو إن قتلت لمسلمًا وأما المفعول الضمير فكما لو عطف على قولك إن قتلت لمسلمًا قولك وإن أهنت لإياه لكن إنما تدخل على المفعول دون الفاعل إذا كان الفاعل ضميرًا متصلًا كما رأيت أو مستترًا نحو زيد إن ضرب لعمرًا. قوله: "وأكثر منه" أي من كون مدخولها مضارعًا المفهوم من الأمثلة أو من نحو وأن يكاد إلخ. والحاصل أن الأقسام أربعة كثير وأكثر ويقاس عليهما اتفاقًا، ونادر وفي القياس عليه خلاف، وأندر ولا يقاس عليه اتفاقًا. وسبب ذلك أن إن المشددة مختصة بالمبتدأ والخبر فلما ضعفت بالتخفيف وزال اختصاصها بهما عوضوها كثرة الدخول على فعل يختص بهما وهو الناسخ مراعاة لحقها الأصلي في الجملة وكان الماضي أكثر لشبهها بعض الماضي كقيل في عدد الحروف والهيئة والبناء على الفتح ولما انتفى في الثالث اختصاص مدخولها بالمبتدأ والخبر كان نادرًا، ولما انتفى الاختصاص والشبه في الأخير كان أندر.
قوله: "شلت" بفتح الشين من باب فرح والضم لغة رديئة. قوله: "خلافًا للأخفش والكوفيين" تبع في هذا العزو التوضيح والتسهيل، والذي في الهمع والمغني أن الكوفيين لا يجيزون تخفيف إن المكسورة ويؤولون ما ورد مما يوهم ذلك بأن إن نافية واللام إيجابية بمعنى إلا ولذلك رد عليهم بقوله تعالى:
{وَإِنَّْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} [هود: 111] في قراءة من خفف إن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
292- البيت من الكامل، وهو لعاتكة بنت زيد العدوية.

 

ج / 1 ص -428-                            وإن تخفف أن فاسمها استكن            والخبر اجعل جملة من بعد أن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونه لا ناسخًا ولا ماضيًا، كقولهم: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه "وإن تخفف أن" المفتوحة "فاسمها" الذي هو ضمير الشأن "استكن" بمعنى حذف من اللفظ وجوبًا ونوى وجوده لا أنها تحملته لأنها حرف، وأيضًا فهو ضمير نصب وضمائر النصب لا تستكن.
وأما بروز اسمها وهو غير ضمير الشأن في قوله:
293-

فلو أنك في يوم الرخاء سألتني                   طلاقك لم أبخل وأنت صديق

وقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولما وإن أجيب عنهم بأن لهم أن يجعلوا نصب كلا بأرى محذوفًا واللام بمعنى إلا كما هو رأيهم في مثلها وما مزيدة للفصل بين اللامين أو موصولة أو نكرة على ما مر، ويمكن الاعتذار بأن ذكر الكوفيين مع الأخفش نظرًا إلى موافقتهم له صورة لقياسهم أيضًا على إن قتلت لمسلمًا وإن كان قياسهم عليه على وجه أن إن نافية واللام بمعنى إلا، وقياس الأخفش عليه على وجه أن إن مخففة واللام لام الابتداء فمراد الشارح خلافًا لمن ذكروا في مطلق القياس على إن قتلت لمسلمًا. قوله: "الذي هو ضمير الشأن" أي فقط عند ابن الحاجب وهو أو غيره عند المصنف والجمهور فكان المناسب حذف القيد ليجري في حل كلام المصنف على مذهبه. ومما يتعين فيه تقدير ضمير الشأن قول الشاعر:

في فتية كسيوف الهند قد علموا                أن هالك كل من يحفى وينتعل

قال ابن الحاجب في شرح المفصل ولولا أن ضمير الشأن مقدر لم يستقم تقديم الخبر هنا فالذي سوّغ التقديم كون الجملة واقعة خبرًا لا كون إن بطل عملها فصار ما بعدها مبتدأ وخبرًا لأنهم يعتبرون مع التخفيف ما يعتبرونه مع التشديد من امتناع تقديم خبرها. ا. هـ. باختصار. قوله: "وأما بروز إلخ" وارد على قوله فاسمها الذي هو ضمير الشأن استكن. وحاصل الإيراد أنه وجد في كلامهم اسم أن المخففة غير ضمير الشأن وغير مستكن. قوله: "فلو أنك إلخ" يصف هذا الشاعر نفسه بكثرة الجود حتى لو سأله الحبيب الفراق لأجابه كراهة رد السائل. وخص يوم الرخاء بالذكر لأن الإنسان ربما يفارق الأحباب في الشدة. وجملة وأنت صديق حالية قيد بها لأن الإنسان لا يعز عليه فراق عدوه. وصديق فعيل بمعنى اسم المفعول أي مصادقة بفتح الدال أو من إجراء فعيل بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول. وفي المصباح يقال: امرأة صديق وصديقة. قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
293- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأزهية ص62؛ والأشباه والنظائر 5/ 238، 262؛ والإنصاف 1/ 205؛ والجني الداني ص218؛ وخزانة الأدب 5/ 426، 427، 10/ 381، 382؛ والدرر 2/ 198؛ ورصف المباني ص115، وشرح شواهد المغني 1/ 105؛ وشرح ابن عقيل ص193؛ وشرح المفصل 8/ 71؛ ولسان العرب 4/ 81؛ وشرح شواهد المغني 1/ 105؛ وشرح ابن عقيل ص193؛ وشرح المفصل 8/ 71؛ ولسان العرب 4/ 81 "حرر"، 10/ 194 "صدق"، 13/ 30 "أنن"؛ ومغني اللبيب 1/ 31؛ والمقاصد النحوية 2/ 31؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143.

ج / 1 ص -429-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
294-

بأنك ربيع وغيث مريع                          وأنك هناك تكون الثمالا

فضرورة "والخبر اجعل جملة من بعد أن" نحو علمت أن زيد قائم، فأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف وزيد قائم جملة في موضع رفع خبرها.
تنبيه: أن المفتوحة أشبه بالفعل من المكسورة لأن لفظها كلفظ عض مقصودًا به الماضي أو الأمر. والمكسورة لا تشبه إلا الأمر كجد فلذلك أو ثرت أن المفتوحة المخففة ببقاء عملها على وجه يبين فيه الضعف وذلك بأن جعل اسمها محذوفًا لتكون بذلك عاملة كلا عاملة. ومما يوجب مزيتها على المكسورة أن طلبها لما تعمل فيه من جهة الاختصاص ومن جهة وصليتها بمعمولها ولا تطلب المكسورة ما تعمل فيه إلا من جهة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"مريع" بفتح الميم أي كثير العشب من مرع الوادي بتثليث الراء أي كثر عشبه كأمرع فوصف الغيث به من وصف الحال بوصف المحل، وبضمها من أراع الشيء أي نما وكثر كراع يريع ريعًا أفاده في القاموس. والثمال بكسر المثلثة الغياث.
قوله: "فضرورة" أي من وجهين عند ابن الحاجب كون اسمها غير ضمير الشأن وكونه مذكورًا. ومن الوجه الثاني فقط عند الناظم. قوله: "والخبر اجعل جملة" أي إن حذف الاسم سواء كان ضمير شأن أو لا على مذهب المصنف فإن ذكر الاسم جاز كون الخبر جملة وكونه مفردًا وقد اجتمعا في قوله بأنك ربيع إلخ. قوله: "من بعد أن" من وضع الظاهر موضع المضمر للضرورة. قوله: "تنبيه أن المفتوحة إلخ" هذا جواب عما قيل لماذا أعملوا أن المفتوحة وأهملوا المكسورة غالبًا وكان اللائق التسوية أو العكس لئلا يلزم مزية الفرع عن الأصل. وحاصل الجواب أن الفرع قد يميز على الأصل لمعنى فيه لا يوجد في الأصل. قوله: "لا تشبه إلا الأمر" قد يقال: بل تشبه نحو قيل وبيع أيضًا إلا أن يقال صيغة المجهول محولة عن صيغة المعلوم لا أصلية. قوله: "فلذلك" أي لكونها أشبه بالفعل إلخ أوثرت أي خصت، وقوله على وجه إلخ ليس من جملة التفريع إذ لا ينتجه ما قبل التفريع فهو متعلق بمحذوف دل عليه السياق أي وعملت على وجه إلخ أي لئلا يظهر بالكلية مزية الفرع على أصله، وبه يجاب عما قيل لم أعملوا المفتوحة في محذوف غالبًا والمكسورة في مذكور، وأجاب بعضهم بأن ذلك إعطاء للأصل الأصل والفرع الفرع بوذها أيضًا يجاب عما قيل لم أعملوا المفتوحة في ضمير والمكسورة في ظاهر. قوله: "من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
294- البيت من المتقارب، وهو لكعب بن زهير في الأزهية ص62؛ وتخليص الشواهد ص380؛ وليس في ديوانه؛ وهو لجندب بنت عجلان في الحماسة الشجرية 1/ 309؛ وخزانة الأدب 10/ 384؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 585؛ وشرح التصريح 1/ 232؛ والمقاصد النحوية 2/ 282؛ ولعمرة بنت عجلان أو لجنوب بنت عجلان في شرح شواهد المغني 1/ 106؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 207؛ وأوضح المسالك 1/ 370؛ وخزانة الأدب 5/ 427؛ وشرح قطر الندى ص156؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ ولسان العرب 13/ 30 "أنن"، ومغني اللبيب 1/ 31.

 

ج / 1 ص -430-                                  وإن يكن فعلًا ولم يكن دعا            ولم يكن تصريفه ممتنعا

فالأحسن الفصل بقدر أو نفي أو                     تنفيس أو لو وقليل ذكر لو


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاختصاص فضعفت بالتخفيف وبطل عملها بخلاف المفتوحة "وإن يكن" صدر الجملة الواقعة خبر أن المفتوحة المخففة "فعلًا ولم يكن" ذلك الفعل "دعا ولم يكن تصريفه ممتنعًا فالأحسن" حينئذ "الفصل" بين أن وبينه "بقد" نحو:
{وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة: 113] وقوله:
295-

شهدت بأن قد خط ما هو كائن                     وأنك تمحو ما تشاء وتثبت

"أو نفي" بلا أو لن أو لم نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71]، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} [البلدة: 5]، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7]، "أو" حرف "تنفيس" نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُون} [المزمل: 20]، وقوله:
296-

واعلم فعلم المرء ينفعه                        أن سوف يأتي كل ما قدرا

"أو لو" نحو: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} [الجن: 16]، "وقليل" في كتب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جهة الاختصاص" أي بالأسماء وقوله وصليتها أي كونها حرفًا موصولًا بمعمولها.
قوله: "وبطل عملها" أي في الغالب كما سبق. قوله: "صدر الجملة إلخ" أشار به إلى أن الضمير في يكن إلى الخبر بتقدير مضاف أي صدر الخبر ولو عبر الشارح بذلك لكان أحسن وإن كان المآل واحدًا أو دفع بذلك ما يوهمه ظاهر عبارته أن الخبر نفس الفعل. فإن قلت: الظاهر أن الحرف الفاصل بين أن والفعل جزء من الخبر فهو الصدر لا الفعل. قلت المراد صدر ما بعد هذا الحرف من التركيب الإسنادي. قوله: "دعا" أي ذا دعاء قصد به الدعاء. قوله: "فالأحسن حينئذٍ الفصل" أي للفرق بين المخففة والمصدرية التي تنصب المضارع. ولما كانت المصدرية لا تقع قبل الاسمية ولا الفعلية التي فعلها جامد أو دعاء لم يحتج لفاصل معها. وأفعل التفضيل ليس على بابه كما يدل عليه تعبير الموضح بالوجوب فعدم الفصل قبيح لكن ينبغي أن يكون محل قبحه إذا لم يكن هناك فارق بين المخففة والمصدرية غير الفصل كوقوع أن بعد العلم وإلا لم يقبح كما في الروداني، ويظهر أن ترك الفصل عند وجود فارق آخر خلاف الأولى وأن من الفارق غير الفصل ظهور رفع المضارع كما في أن تهبطين.
قوله: "وبينه" أي الفعل. قوله: "بلا" أي مع الماضي والمضارع وكذا لو. واستشكل الفصل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
295- البيت من الطويل.
296- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 30؛ وشرح شواهد المغني 2/ 828؛ وشرح ابن عقيل ص195؛ ومعاهد التنصيص 1/ 377؛ ومغني اللبيب 2/ 398؛ والمقاصد النحوية 2/ 313؛ وهمع الهوامع 1/ 248.

ج / 1 ص -431-                           وخففت كأن أيضًا فنوي           منصوبها وثابتا أيضًا روي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النحاة "ذكر لو" وإن كان كثيرًا في لسان العرب. وأشار بقوله فالأحسن الفصل إلى أنه قد يرد والحالة هذه بدون فاصل كقوله:
297-

علموا أن يؤملون فجادوا                     قبل أن يسألوا بأعظم سؤال

وقوله:
298-

إني زعيم يا نويـ                               ـقة إن أمنت من الرزاح

ونجوت من عرض المنو                       ن من العشي إلى الصباح

إن تهبطين بلاد قو                             م يرتعون من الطلاح

أما إذا كانت جملة الخبر اسمية أو فعلية فعلها جامد أو دعاء فلا تحتاج إلى فاصل كما هو مفهوم الشرط من كلامه نحو: {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] "والخامسة أنْ غضب الله عليها" [النور: 9]، "وخففت كأن أيضًا" حملًا على أن المفتوحة "فنوي منصوبها" وهو ضمير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلا بأنه لا فائدة فيه لأن أن المخففة لا تحتاج بعد العلم إلى تمييزها عن المصدرية لأن المصدرية لا تقع بعد العلم وأما بعد الظن فيقعان لكن لا تميز لا بينهما لوقوعها بعد كل منهما فلا يتم تعليل الفصل بالفرق بين المخففة والمصدرية وكذا استشكل الفصل بعد العلم بغير لا كقد والسين بأنه لا فائدة فيه لعدم وقوع المصدرية بعد العلم. والجواب أن كون الفصل للتفرقة المذكورة باعتبار الغالب وفي شرح الجامع أن الفصل بالمذكورات إما لئلا تلتبس بالمصدرية أو ليكون كالعوض من تخفيفها ولا إشكال عليه. قوله: "أن لا تكون" أي على قراءة تكون بالرفع على أن أن مخففة. قوله: "زعيم" أي كفيل والرزاح بضم الراء وكسرها الهزال والمنون الموت، وإضافة عرض إليه من إضافة الصفة للموصوف أي المنون العرض أي العارض. والطلاح بالكسر جمع طلحة بالفتح شجرة من شجر الغضي. قوله: "فلا يحتاج إلى فاصل" أن لما علمت من أن هذه الجمل لا تقع بعد أن الناصبة للمضارع.
قوله: "أن غضب الله" أي في قراءة نافع أن بسكون النون وغضب بصيغة الماضي مقصودًا به الدعاء فهي قراءة سبعية وما في التصريح مما يخالف ذلك سبق قلم. قوله: "فنوى منصوبها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
297- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 372؛ وتخليص الشواهد ص383؛ والجني الداني ص219؛ والدرر 2/ 197؛ وشرح التصريح 1/ 233؛ وشرح ابن عقيل ص196؛ وقطر الندى ص155؛ والمقاصد النحوية 2/ 294؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
298- الأبيات من مجزوء الكامل، وهي للقاسم بن معن في المقاصد النحوية 2/ 279؛ وبلا نسبة في الأزهية ص65؛ وخزانة الأدب 8/ 42؛ ورصف المباني ص113؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 448؛ وشرح المفصل 7/ 9؛ ولسان العرب 2/ 532 "طلح"، 9/ 198 "صلف" 13/ 136 "أنن".

ج / 1 ص -432-        ............................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشأن كثيرًا "وثابتا أيضا روي" وهو غير ضمير الشأن قليلًا كمنصوب أن. فمن الأول قوله:
299-

وصدر مشرق النحر                                      كأن ثدياه حقان

وقوله:
300-

ويومًا توافينا بوجه مقسم                كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" أي حذف وعلم من ذلك أنها واجبة الإعمال لأنه أثبت لها منصوبًا منويًّا تارة وثابتًا أخرى قاله يس لكن جوز الدماميني في قوله: كأن ظبية إلخ على رواية رفع ظبية أن يكون الرفع لإهمال كأن بتخفيفها. قوله: "كثيرًا" راجع لكل من قوله فنوى وقوله وهو ضمير الشأن فيفيد أن منصوبها قد يثبت وذكر هذا المصنف بقوله وثابتًا إلخ وأنه قد ينوي وهو غير ضمير الشأن وسيمثل له الشارح بالشاهد الثاني هذا هو المناسب لما عليه المصنف من أن اسم كأن المخففة المحذوف قد يكون ضمير الشأن وقد يكون غيره ولما سيذكره الشارح أن الخبر في الشاهد الثاني مفرد إذ لو وجب كون الاسم المحذوف ضمير الشأن لم يجز أن يكون الخبر عند حذف الاسم مفردًا لأن ضمير الشأن لا يخبر عنه بمفرد بخلاف ما لو أرجح كثيرًا لقوله فنوى فقط فإن مفاد كلام الشارح على هذا أن اسمها المنوي لا يكون إلا ضمير الشأن وهذا خلاف مذهب المصنف ومناف لقول الشارح بعد وأن يكون مفردًا كما في الثاني فافهم. قوله: "قليلًا" راجع لقوله وثابتًا إلخ. قوله: "كمنصوب أن" التشبيه في مطلق الثبوت والذكر فلا ينافي أن ثبوت منصوب أن ضرورة كما مر بخلاف ثبوت منصوب كأن فإنه ليس بضرورة. قوله: "فمن الأول" أي المحذوف لا بقيد كونه ضمير الشأن بدليل الشاهد الثاني فإن المحذوف فيه غير ضمير الشأن كما سيصرح به بل ضمير المرأة على أن الدماميني قال لا يظهر لي تعين كون الاسم في الشاهد الأول ضمير الشأن إذ يجوز أن يكون ضميرًا عائدًا إلى المتقدم الذكر أي كأن النحر ثدياه حقان.
قوله: "مشرق النحر" أي مضيء العنق ثدياه أي الصدر أي الثديان فيه حقان أي في الاستدارة. ويجوز أن يكون ثدياه اسم كأن على لغة من يلزم المثنى الألف وحقان خبرها ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "توافينا" أي تقابلنا، والمقسم الحسن من القسام وهو الحسن، تعطو أي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
299- البيت من الهزج، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 197؛ وأوضح المسالك 1/ 378؛ وتخليص الشواهد ص389؛ والجني الداني ص575؛ وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 2/ 99؛ وشرح التصريح 1/ 134؛ وشرح شذور الذهب ص369؛ وشرح ابن عقيل ص197؛ وشرح قطر الندى ص158؛ وشرح المفصل 8/ 82؛ والكتاب 2/ 135، 140؛ ولسان العرب 13/ 30، 32 "أنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 305؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
300- البيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص157؛ والدرر 2/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سبيويه 1/ 525؛ ولزيد بن أرقم في=

 

ج / 1 ص -433-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على رواية من رفع فيهما وعلى رواية النصب هما من الثاني. وقد عرفت أنه لا يلزم في خبرها عند حذف الاسم أن يكون جملة كما في أن، بل يجوز جملة في البيت الأول وأن يكون مفردًا كما في الثاني.
تنبيه: إذا كان خبر كأن المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل كما في البيت الأول، وإن كانت فعلية فصلت بقدم أو لم نحو:
{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24] وكقوله:
301-

لا يهولنك اصطلاء لظى الحر                        ب فمحذورها كأن قد ألما


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأخذ وعداه بإلى وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى الميل. وقال الدماميني: أي تتطاول إلى الشجر لتتناول منه كذا في القاموس. ا. هـ. والجملة صفة لظبية، إلى وارق السلم أي مورق هذا الشجر، يقال: ورق يرق وأورق يورق أي صار ذا ورق. قوله: "هما من الثاني" وعليه فالخبر في البيت الثاني محذوف أي هذه المرأة على عكس التشبيه للمبالغة ويروى ظبية بالجر أيضاً على أن الأصل كظبية وزيدت أن بين الكاف ومجرورها.
قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل بالبيت الثاني وقوله كما في أن راجع للمنفي لا للنفي. قوله: "وأن يكون مفرداً كما في الثاني" لكون الاسم فيه غير ضمير الشأن إذ التقدير كأنها أي المرأة ظبية، وبما قررناه لك يندفع ما أورد هنا مما هو ناشىء عن عدم التأمل في أطراف كلام الشارح. قوله: "وإن كانت فعلية" أي فعلها غير جامد وغير دعاء قياساً على ما مر. قوله: "فصلت بقد أو لم" للفرق بين كأن المخففة وأن الناصبة للمضارع الداخلة عليها كاف الجر. قوله: "لا يهولنك" أي لا يفزعنك. واللظى النار فهي إما استعارة لمشقات الحرب أو إضافتها إلى الحرب من إضافة المشبه به للمشبه واصطلاء النار التدفي بها فهو ترشيح للاستعارة أو التشبيه والمراد باصطلاء الحرب تعاطيها والتلبس بها ومحذورها هو الموت، كأن قد ألما أي نزل أي فالموت لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإنصاف 1/ 202؛ ولكعب بن أرقم في لسان العرب 12/ 482 "قسم"؛ ولباغث بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390؛ وشرح المفصل 8/ 83؛ والكتاب 2/ 134؛ وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301؛ ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111؛ ولأحدهما أو لرشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377؛ وجواهر الأدب ص197؛ والجني الداني ص222، 522، ورصف المباني ص117، 211؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 683؛ وسمط اللآلي ص829؛ وشرح عمدة الحافظ ص241،/ 331؛ وشرح قطر الندى ص157؛ والكتاب 3/ 165؛ والمحتسب 1/ 308؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقرب 1/ 111، 2/ 204؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
301- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 379؛ وسر صناعة الإعراب ص419؛ وشرح التصريح 1/ 235؛ وشرح شذور الذهب ص369؛ والمقاصد النحوية 2/ 306.

 

ج / 1 ص -434-        ............................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاتمة: لا يجوز تخفيف لعل على اختلاف لغاتها. وأما لكن فتخفف فتهمل وجوبًا نحو: "ولكنْ الله قتلهم" [الانفال: 17]، وأجاز يونس والأخفش إعمالها حينئذ قياسًا.
وحكي عن يونس أنه حكاه عن العرب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بد منه قوله: "فتهمل وجوبًا" لزوال اختصاصها بالأسماء لدخول المخففة على الجملتين.
تم الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني وأوله: لا التي لنفي الجنس.

 

ج / 1 ص -435-        الفهرس:
3 مقدمة المؤلف
11 خطبة الكتاب
29 الكلام وما يتألف منه
71 المعرب والمبني
154 النكرة والمعرفة
186 العلم
202 اسم الإشارة
212 الموصول
257 المعرف بأداة التعريف 
275 الابتداء بأداة التعريف
331 كان وأخواتها
363 فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
379 أفعال المقاربة
396 إن وأخواتها