حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 2 ص -3-
بسم الله الرحمن الرحيم
لا التي لنفي الجنس:
عمل إن اجعل للا في نكرة
مفردة جائتك أو مكررة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا التي لنفي الجنس:
اعلم أنه إذا قصد بلا نفي الجنس على سبيل الاستغراق اختصت
بالاسم لأن قصد الاستغراق على سبيل التنصيص يستلزم وجود من
لفظًا أو معنى ولا يليق ذلك إلا بالأسماء النكرات فوجب للا
عند ذلك القصد عمل فيما يليها وذلك العمل إما رفع وإما نصب
وإما جر فلم يكن جرًا لئلا يعتقد أنه بمن المنوية فإنها في
حكم الموجودة لظهورها في بعض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا التي لنفي الجنس:
أي لنفي الخبر عن الجنس الواقع بعدها نصا. ونفيه عن الجنس
يستلزم نفيه عن جميع أفراده، وتسمى لا التبرئة بإضافة
الدال إلى المدلول لتبرئة المتكلم وتنزيهه الجنس عن الخبر،
والمراد بكونها لنفي الجنس نصا كونها له في الجملة لأن لا
العاملة عمل إن إنما تكون نصا في نفي الجنس إذا كان اسمها
مفردا فإن كان مثنى نحو لا رجلين أو جمعا نحو لا رجال كانت
محتملة لنفي الجنس ولنفي قيد الاثنينية أو الجمعة كما
أوضحه السعد في مطوله. وأما لا العاملة عمل ليس فإنها عند
إفراد اسمها لنفي الجنس ظهورا لعموم النكرة مطلقا في سياق
النفي ولنفي وحدة مدخولها المفرد بمرجوحية فتحتاج إلى
قرينة، ولهذا يجوز بعدها أن تقول بل رجلان أو رجال، فإن
ثني اسمها أو جمع كانت في الاحتمال مثل لا العاملة عمل إن
إذا ثني اسمها أو جمع، فالاختلاف بين العاملة عمل إن
والعاملة عمل ليس إنما هو عند إفراد الاسم. فاحفظ هذا
التحقيق ولا تلتفت إلى ما وقع في كلام البعض وغيره يخالفه.
والمهملة كالعاملة عمل ليس. ولا يرد على كون العاملة عمل
ليس ليست لنفي الجنس نصا عند إفراد اسمها أن الجنس منفي
نصاً في:
تعز فلا شيء على الأرض باقيا
مع عملها عمل ليس لأن التنصيص فيه لقرينة خارجية.
قوله: "على سبيل الاستغراق" أي نصا وقوله: اختصت بالاسم أي
النكرة بدليل قوله: ولا يليق ذلك إلخ. قوله: "لأن قصد
الاستغراق على سبيل التنصيص يستلزم وجود من" وذلك لأن
الموضوع لنفي الجنس نصا على سبيل الاستغراق لفظة لا متضمنة
معنى من قاله سم. قوله: "وجود من" أي الاستغراقية كما في
التصريح وهو الموافق لقول الشارح ولا يليق ذلك إلخ ويعبر
عنها بالزائدة. وفي سم أنها البيانية. قال شيخنا وهذا إن
صح فوجهه أن أصل لا رجل لا شيء من رجل. قوله: "ولا يليق
ذلك" أي وجود من لفظا أو معنى وقوله إلا بالأسماء النكرات
أي
ج / 2 ص -4-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحيان كقوله:
302-
فقام يذود الناس عنها بسيفه
وقال ألا لا من سبيل إلى هند
ولم يكن رفعًا لئلا يعتقد أنه بالابتداء فتعين النصب ولأن في
ذلك إلحاقًا للا بأن خففت في تضمن بعده ساكن فلما ناسبتها
حملت عليها في العمل. وقد أشار إلى عملها على وجه يؤذن
بذلك فقال: "عمل إن اجعل للا في نكرة مفردة جاءتك" نحو لا
غلام رجل قائم "أو مكررة" نحو لا حول ولا قوة إلا بالله،
وهو مع المفردة على سبيل الوجوب ومع المكررة على سبيل
الجواز كما ستراه.
تنبيه: شروط إعمال لا العمل المذكور على ما أفهمه كلامه
تصريحًا وتلويحًا سبعة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها التي تدخل عليها من المذكورة. قوله: "فوجب إلخ"
تفريع على قوله اختصت بالاسم وإنما وجب ذلك لأن حق المختص
بقبيل أن يعمل فيه. قوله: "بمن المنوية" أي تضمنا لا
تقديرا كما يفهم من الدماميني وذكره يس. قوله: "لظهورها في
بعض الأحيان" أي ضرورة كما في حاشية شيخنا السيد. قوله:
"يذود" أي يطرد. قوله: "لئلا يعتقد أنه بالابتداء" يرد
عليه أنه يخشى من هذا الاعتقاد في العاملة عمل ليس أيضا
ولم يراعوه إلا أن يقال اعتناؤهم بالعاملة عمل ليس أقل من
اعتنائهم بالعاملة عمل إن لأن العاملة عمل إن أقوى عملا من
العامل عمل ليس للإجماع على إعمالها دون إعمال العاملة عمل
ليس. قوله: "ولأن في ذلك إلخ" عطف على مقدر مفهوم مما سبق
والتقدير فتعين النصب لدفع الاعتقادين المذكورين ولأن إلخ
أو لسلامته مما ذكر ولأن إلخ. قوله: "لتأكيد النفي" يعني
للنفي المؤكد بمعنى أنها تفيد نفيا أكيدا قويا وهذا لا
يقتضي وجود النفي أولا بغيرها فلا اعتراض عليه. قوله: "وإن
لتأكيد الإثبات" أي إثبات المنسوب للمنسوب إليه ولو كان
المنسوب نفيا كما في القضية المعدولة المحمول نحو إن زيدا
ليس في الدار فاندفع الاعتراض بأنها لتوكيد النسبة مطلقا
إثباتا أو نفيا. قوله: "حملت عليها في العمل" ولذلك كانت
منحطة عنها فلم تعمل إلا بالشروط الآتية ولم تقدم خبرها
على اسمها ظرفا أو مجرورا.
قوله: "يؤذن بذلك" أي بالحمل. قوله: "شروط إعمال لا إلخ"
شمل الإعمال في عبارته إعمال النصب في المضاف والشبيه به،
وحينئذٍ فعده من الشروط كون النفي للجنس وكونه نصا صريحا
في أن لا لنفي الجنس نصا سواء بني اسمها أو نصب وهو كذلك
خلافا للتاج السبكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
302- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
13؛ وتخليص الشواهد ص396؛ والجني الداني ص292 والدرر 2/
221؛ وشرح التصريح 1/ 229؛ وشرح ابن عقيل ص255؛ ولسان
العرب 15/ 434 "ألا" 15/ 468 "لا" ومجالس ثعلب ص176؛
والمقاصد النحوية 2/ 322؛ وهمع الهوامع 1/ 146.
ج / 2 ص -5-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون نافية، وأن يكون منفيها الجنس، وأن يكون نفيه
نصًا، وأن لا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة وأن
يتصل بها، وأن يكون خبرها أيضًا نكرة فإن كانت غير نافية
لم تعمل. وشذ إعمال الزائدة في قوله:
303-
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها
إذن للأم ذوو أخسابها عمرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث خص إفادتها ذلك بما إذا بني اسمها. ولابن الهمام حيث
ذهب إلى أن المبنية أيضا ليست نصا في العموم وأنه يجوز لا
رجل بل رجلان كما جاز ذلك في رافعة الاسم، وكما جاز لا
رجال بل رجلان اتفاقا. فإن قيل تقدم عن سم أن الموضوع لنفي
الجنس نصاً على سبيل الاستغراق لا المضمنة معنى من وتضمنها
مفقود عند عملها في المضاف وشبهه وإلا لبنيا، قلت لا نسلم
الفقد كما صرح به غير واحد كالروداني وإنما أعربا لمعارضة
الإضافة وشبهها شبه الحرف. قوله: "سبعة" الثلاثة الأول
فهمت من الترجمة: أما الأولان ففهمهما منها ظاهر. وأما
الثالث فلأنه متى أطلق نفي الجنس انصرف إلى نفيه نصاً قاله
سم وعدم دخول جار عليها من قوله عمل إن اجعل للا لأن عملها
عمل إن إنما هو مع عدم دخول الجار لما هو معلوم أن الجار
إنما يتعلق بالأسماء فإذا دخل على لا لم يكن متعلقا بها بل
بالاسم بعدها فيكون الاسم بعدها معمولا للجار لا لها فلا
عمل لها حينئذٍ. وتنكير الاسم والخبر من قوله في نكرة
والاتصال من قوله الآتي وبعد ذاك الخبر اذكر لإفادته عدم
جواز الفصل بينها وبين اسمها بالخبر، وبالأولى عدم جوازه
بغيره قاله بعضهم. وبحث فيه بأنه إنما يفيد قوله وبعد ذاك
الخبر اذكر عدم تقدم الخبر على الاسم. وهذا لا يستلزم
امتناع الفصل بينها وبين الاسم لجواز أن يكون امتناع تقدم
الخبر على الاسم لوجوب الترتيب لا لامتناع الفصل. قوله:
"وأن يكون نفيه نصا" أي أن يقصد المتكلم نفيه نصا ولا شك
في سبق هذا القصد على المشروط الذي هو عملها عمل إن فلا
يرد أن يكون النفي نصا فرع عن العمل المذكور لأن السامع
إنما يفهمه من هذا العمل فلا يكون شرطا لسبق الشرط على
المشروط. قوله: "وشذ إعمال الزائدة" أي لعدم اختصاصها
فحقها الإهمال. قوله: "لو لم تكن إلخ" وجه كونها زائدة أن
معنى البيت لو لم يكن لغطفان ذنوب للاموا عمر أي امتنع
لومهم عمر بن هبيرة الفزاري الذي كان يهجو قبيلة غطفان
لثبوت الذنوب لها المستفاد من النفي المأخوذ من لو المسلط
على النفي المأخوذ من لم لأن نفي النفي إثبات فلم يستفد من
لا نفي أصلا فتعين أن تكون زائدة. وإنما أفاد البيت امتناع
لومهم لأن لو تدل على امتناع جوابها كشرطها على ما هو
المشهور. وقال الروداني الصواب جعلها نافية والمعنى لو كان
لغطفان ذنوب للاموا عمر لأن ذنوبهم كلا ذنوب بالنسبة إلى
ذنوبه فما بالك بأنهم يلومونه حين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
303- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 230؛
وخزانة الأدب 4/ 30، 32، 50؛ والدر 2/ 226؛ وشرح التصريح
1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 322؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 2/ 3؛ والخصائص 2/ 26؛ ولسان العرب 9/ 269 "غطف"
وهمع الهوامع 1/ 147.
ج / 2 ص -6-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان لنفي الوحدة أو لنفي الجنس لا على سبيل التنصيص
علمت عمل ليس كما مر، وإن دخل عليها جاز خفض النكرة نحو
جئت بلا زاد وغضبت من لا شيء، وشذ جئت بلا شيء بالفتح، وإن
كان الاسم معرفة أو منفصلًا أهملت ووجب تكرارها نحو لا زيد
في الدار ولا عمرو، ولا في الدار رجل ولا امرأة، وأما نحو:
قضية ولا أبا حسن لها و:
304-
لا هيثم الليلة للمطي
وقوله:
305-
يكدن ولا أمية في البلاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يذنبوا يعني أنهم يلومونه على كل حال كان لها ذنوب أو
لا مثل لو لم يخف الله لم يضعه. ا. هـ. وما ذكره محتمل لا
متعين فالتصويب في غير محله.
قوله: "أو لنفي الجنس" أي مطلقا عن قيد الوحدة وإلا فالتي
لنفي الوحدة لنفي الجنس أيضا لكن في ضمن الفرد المقيد
بالوحدة على ما أفاده البعض. ولك أن تقول إنها لنفي الفرد
بقيد الوحدة فتدبر. قوله: "عملت عمل ليس" أي أو أهملت
وكررت. قوله: "خفض النكرة" أي ولا ملغاة معترضة بين الجار
ومجروره وعن الكوفيين أن لا حينئذٍ اسم بمعنى غير مجرور
بالحرف وما بعده مجرور بإضافة لا إليه. قوله: "بلا شيء
بالفتح" وجه بأن الجار دخل بعد التركيب فأجرى المركب مجرى
الاسم الواحد فمحله جر بالباء ولا خبر للا حينئذٍ
لصيرورتها فضلة قاله في التصريح. قوله: "وإن كان الاسم
معرفة" سكت عن محترز تنكير الخبر لعلمه من محترز تنكير
الاسم بالمقايسة. قوله: "ووجب تكرارها" أي عند الجمهور أما
في المعرفة فجبرا لما فاتها من نفي الجنس، وأما في
الانفصال فتنبيها بالتكرير على كونها لنفي الجنس لأن نفي
الجنس تكرار للنفي في الحقيقة أفاده الدماميني، ومنه يعلم
أن إلغاءها لا يخرجها عن كونها لنفي الجنس في النكرات
وأجاز المبرد وابن كيسان عدم التكرار في الموضعين. قوله:
"قضية ولا أبا حسن لها" أي هذه قضية ولا أبا حسن قاض لها
وهو نثر من كلام عمر في حق علي رضي الله تعالى عنهما كما
في شرح الجامع لا شطر بيت ولهذا لم يذكره العيني في شواهده
وصار مثلا يضرب عند الأمر العسير، فقول البعض هو من كلام
علي وهو من الكامل ودخله الوقص في جزئيه الأول والثاني خبط
فاحش. قوله: "ولا هيثم" كلام آخر لقائل آخر والواو عاطفة
من كلام الشارح، وهيثم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
304- الرجز لبعض بني دبير في الدرر 2/ 213؛ وبلا نسبة في
أسرار العربية ص250؛ والأشباه والنظائر 3/ 82، 8/ 98؛
وتخليص الشواهد 179؛ وخزانة الأدب 4/ 57، 59؛ ورصف المباني
ص260؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 59؛ وشرح شواهد الإيضاح ص105؛
وشرح المفصل 2/ 102؛ 4/ 123؛ والكتاب 2/ 296؛ والمقتضب 4/
362؛ وهمع الهوامع 1/ 145.
305- صدره:
أرى الحاجات عند أبي حبيب والبيت من الوافر، وهو لعبد الله
بن زبير في ملحق ديوانه ص147، وخزانة الأدب 4/ 61، 62؛
والدرر 2/ 211؛ وشرح المفضل 2/ 102، 104؛ والكتاب 2/ 297
ولفاضلة بن شريك في الأغاني 12/ 66؛ وشرح أبيات سيبويه 1/
569؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص261؛ وشرح شذور الذهب
ص273؛ والمقتضب 4/ 362؛ والمقرب 1/ 189.
ج / 2 ص -7-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمؤول، وعدم التكرار في قوله:
306-
أشاء ما شئت حتى لا أزال لما
لا أنت شائية من شأننا شاني
ضرورة. ا. هـ. واعلم أن اسم لا على ثلاثة أضرب: مضاف، ومشبه
بالمضاف وهو ما بعده شيء من تمام معناهم ويسم مطولا
وممطولا أي ممدودا، ومفرد وهو ما سواهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمثلثة اسم سارق أو راع أو حاد أقوال. وهذا شطر بيت من
الرجز. قوله: "فمؤول" أي بأنه على تقدير مضاف لا يتعرف
بالإضافة كلفظ مثل أو بجعله اسم جنس لكل من اتصف بالمعنى
المشهور به مسمى ذلك العلم، والمعنى قضية ولا فيصل لها كما
قالوا لكل فرعون موسى بتنوين العلمين على معنى لكل جبار
قهار قاله الرضي، والثاني أولى من الأول لأنه معترض بأن
العرب التزمت تجرد الاسم المستعمل هذا الاستعمال من أل فلم
يقولوا ولا أبا الحسن مثلا ولو كانت إضافة مثل منوية لم
يحتج إلى ذلك الالتزام لعدم منافاة أل حينئذٍ تنكير اسم لا
في الحقيقة، وبأن العرب أخبروا عن الاسم المذكور بمثل كما
في قوله:
يبكي على زيد ولا زيد مثله
ولو كانت إضافة مثل منوية لكان التقدير ولا مثل زيد مثله وهو
فاسد وإن كان يجاب عن الأول بأن أل في أبي الحسن وإن كانت
للمح إلا أن الأصل فيها أن تكون علامة لفظية للتعريف
وتعريف العلمية وإن كان أقوى منها إلا أنه معنوي فلو وجدت
أل مع علامة التنكير وهي لا للزم القبح ظاهرا وعن الثاني
بأن الفساد في موضع لمقتض لا يستلزم الفساد في موضع ليس
فيه ذلك المقتضى، نعم ذلك يستلزم عدم الاطراد فتأمل. وأما
التأويل بإرادة مسمى هذا الاسم فغير مناسب إذ ليس كل مسمى
بهدا الاسم بتلك المزية لأنها ليست للاسم حتى تلزم مسماه.
قوله: "حتى لا أزال" الأظهر أن حتى ابتدائية بمعنى فاء
السببية فالفعل بعدها مرفوع وإن اقتصر شيخنا والبعض تبعا
للتصريح على كونها غائية بمعنى إلى والفعل بعدها منصوب.
وقوله شاني أي باغضا خبر لا أزال وقف عليه بالسكون على لغة
ربيعة ولما متعلق به وما موصولة أو موصوفة والرابط محذوف
أي شائيته. ومن شأننا متعلق بشائية على ما في الشواهد
الكبرى والظاهر أنه حال من ما أو صفة. قوله: "ومشبه
بالمضاف" من حيث إن كلا منهما اتصل به شيء من تمام معناه.
قوله: "وهو ما بعده شيء من تمام معناه" أي بعمل غير الجر
أو عطف فلا اعتراض بشموله المضاف والمنعوت مع أنه قسم من
المفرد، على أن سم نقل عن الرضي في النداء أن الموصوف
بالجملة من الشبيه بالمضاف، بل صرح صاحب الهمع في النداء
بأن الموصوف بمفرد أو جملة أو ظرف من شبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
306- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 7؛
والدرر 2/ 224؛ وشرح التضريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/
325؛ وهمع الهوامع 1/ 148.
ج / 2 ص -8-
فانصب بها مضافًا أو مضارعه
وبعد ذاك الخبر اذكر رافعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فانصب بها مضافًا" نحو لا صاحب بر ممقوت "أو مضارعه" أي
مشابهه نحو لا طالعًا جبلًا ظاهر "وبعد ذاك" المنصوب
"الخبر اذكر" حال كونك "رافعه" حتمًا. وأما الرافع فقال
الشلوبين لا خلاف في أن لا هي الرافعة له عند عدم
تركيبيها، فإن ركبت مع الاسم المفرد فمذهب الأخفش أنها
أيضًا هي الرافعة له. وقال في التسهيل إنه الأصح، ومذهب
سيبويه أنه مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها ولم تعمل
إلا في الاسم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضاف، والمراد بالتمام المتمم.
قوله: "فانصب بها مضافاً" قال سم إنما لم يبن لتعذر
التركيب فيما فوق اثنين وإنما بنى ظريف في لا رجل ظريف لأن
الصفة وموصوفها واحد في المعنى. ا. هـ. وهذا ظاهر على
القول بأن بناء اسمها المفرد لتركبه معها، أما على القول
بأنه لتضمنه معنى من فإعراب المضاف لمعارضة الإضافة التي
هي من خصائص الأسماء شبه الحرف وحمل المشبه به عليه. ودخل
في المضاف ما فصل باللام الزائدة من المضاف إليه نحو لا
أباً لك ولا أخاً لك ولا غلامي لك ولا يدي لك بناه على
مذهب سيبويه والجمهور أن مدخول لا مضاف حقيقة إلى المجرور
باللام الزائدة لئلا تدخل لا على ما ظاهره التعريف والخبر
محذوف والإضافة غير محضة فهي مثل مثلك لأنه لم يقصد نفي أب
معين مثلاً بل هو دعاء بعدم الأب وكل من يشبهه أي لا ناصر
لك والإضافة غير المحضة ليست محصورة في إضافة الوصف العامل
إلى معموله فلم تعمل لا في معرفة، ولو سلم أن الاسم معرفة
فهو نكرة صورة، ويؤيد مذهبهم وروده بصريح الإضافة عن العرب
شذوذاً، وأوله جماعة كالفارسي وابن الطراوة واختاره
السيوطي بأن مدخول لا مفرد لكن جاء أباك وأخاك على لغة
القصر وحذف تنوينه للبناء وحذفت نون غلامي ويدي للتخفيف
شذوذاً واللام ومجرورها خبر. وفيه أن المنصوص عليه أن
الجار هنا لا يكون غير اللام وعلى القصر لا بد من التزام
جواز كونه غير اللام إذ لا وجه لمنع لا أبا فيها أو عليها
على لغة القصر ومنهم من جعل اللام ومجرورها صفة وجعل الاسم
شبيها بالمضاف لأن الصفة من تمام الموصوف وجعل حذف التنوين
والنون للشبه به. قوله: "أو مضارعه" جوز البغداديون ترك
تنوينه حملا له في هذا على المضاف كما حمل عليه في الإعراب
وخرج ابن هشام على قولهم حديث:
"لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت". قال الدماميني ويمكن تخريجه على مذهب البصريين
الموجبين تنوينه أيضا بجعل مانع اسم لا مفردا مبنيا والخبر
محذوف أي لا مانع مانع لما أعطيت واللام للتقوية وكذا
القول في ولا معطي لما منعت. قوله: "وأما الرافع له"
معادلها محذوف أي أما الرافع فلا خلاف فيه وأما الرافع
إلخ. قوله: "لا خلاف" أي بين البصريين إذ الكوفيون لا
يقولون برفع إن للخبر فلا أولى بذلك أفاده الدماميني.
قوله: "فمذهب الأخفش إلخ" دليله أن ما استحقت به العمل باق
والتركيب لا يبطله.
قوله: "ومذهب سيبويه أنه مرفوع إلخ" مقتضاه أنه مرفوع
بالمبتدأ قبل دخول الناسخ وهو
ج / 2 ص -9-
وركب المفرد فاتحا كلا
حول ولا قوة والثان اجعلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: أفهم قوله وبعد ذاك الخبر اذكر أنه لا يجوز تقديم
خبرها على اسمها وهو ظاهر "وركب" الاسم "المفرد" وهو ما
ليس مضافًا لا مشبهًا به مع لا تركيب خمسة عشر "فاتحًا" له
من غير تنوين وهذه الفتحة فتحة بناء على الصحيح وإنما بني
والحالة هذه لتضمنه حرف الحر لأن قولنا: لا رجل في الدار
مبني على جواب سؤال سائل محقق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم بعد دخول الناسخ. وفي التصريح أن العامل فيه الرفع
لا مع اسمها لأن موضعهما رفع بالابتداء عند سيبويه والذي
يتجه كما أشار إليه ابن قاسم حمل عبارة التصريح ونحوها على
التسمح وأن العامل في الحقيقة هو النكرة فقط التي هي
المبتدأ قبل دخول الناسخ لكن لما كانت لا كجزء منها نسبوا
ذلك إلى المجموع تسمحاً وبه يندفع الاستشكال بأنه لو كانت
لا مع اسمها في محل رفع مبتدأ لزم أن المخبر عنه مجموعهما
فلا يكون للنفي تسلط على الخبر فيكون معنى لا رجل قائم غير
الرجل قائم ولي مراداً. وورد أن المبتدأ لا يكون مجموع اسم
وحرف غير سابك. فإن قلت كون النكرة مبتدأ زال بدخول الناسخ
فهي الآن ليست مبتدأ فلا ترفع الخبر. قلت يجاب بما ذكره
المصنف في شرح تسهيله وشرح كافيته أن لا عامل ضعيف فلم
تنسخ عمل الابتداء لفظاً وتقديراً بل هو باق تقديراً قال
ولهذا أتبعنا اسمها رفعاً باعتبار محله ولم نفعل ذلك في
اسم إن لقوتها ونسخها عمل الابتداء لفظاً ومحلاً. فتلخص أن
ما في الشارح هو التحقيق وأن ما يخالفه ينب غي إرجاعه
إليه بالتأويل هذا. وقد وجه سيبويه عدم عمل لا في الخبر
بضعف شبهها بأن حالة التركيب لأنها صارت كجزء كلمة وإنما
عملت في الاسم لقربه. وقال في المغني الذي عندي أن سيبويه
يرى أن المركبة لا تعمل في الاسم أيضاً لأن جزء الشيء لا
يعمل وأما لا رجل ظريفاً بالنصب فإنه عنده مثل يا زيد
الفاضل بالرفع. ا. هـ. أي أن النصب بالتبعية على اللفظ كما
أن الرفع في الفاضل كذلك. قال في شرح الجامع ويظهر أثر
الخلاف بين الأخفش وسيبويه في نحو لا رجل ولا امرأة قائمان
فعلى قول الأخفش يمتنع لما فيه من اعمال عاملين لا الأولى
ولا الثانية في معمول واحد وعلى قول سيبويه يجوز لأن
العامل واحد. ا. هـ. بإيضاح وسيأتي عند كلامنا على قول
الناظم أو مركباً ما يرده. قوله: "تقديم خبرها" ولو ظرفاً
أو جاراً أو مجروراً وكذا معمول خبرها وهل يتقدم معمول
الخبر على نفس الخبر الأقرب عندي نعم ويرشحه قوله:
تعز فلا إلفين بالعيش متعا
قوله: "فاتحاً له" فتحاً ظاهراً أو مقدراً كما
في المبني ولو على الفتح قبل دخول لا نحو لا خمسة عشر
عندنا وفي قوله فاتحاً قصور سيشير الشارح إليه لعدم شموله
المثنى والمجموع على حده لأنهما يبنيان على الياء وجمع
المؤنث السالم لأنه يبنى على الكسر كالفتح ويمكن أن يكون
اقتصاره على الفتح لكونه الأصل أو مراعاة لمذهب المبرد
الآتي قريباً وفي المثنى والجمع على حده ومذهب ابن عصفور
الآتي قريباً في جمع المؤنث السالم. قوله: "على الصحيح"
وقيل فتحة إعراب وحذف التنوين تخفيفاً. قوله: "لتضمنه حرف
الجر" اعترض بأن المتضمن ذلك إنما
ج / 2 ص -10-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو مقدر سأل فقال هل من رجل في الدار، وكان من الواجب أن
يقال لا من رجل في الدار ليكون الجواب مطابقًا للسؤال، إلا
أنه لما جرى ذكر من في السؤال استغنى عنه في الجواب فحذف
فقيل: لا رجل في الدار فتضمن من فبني لذلك، وبني على
الحركة إيذانًا بعروض البناء، وعلى الفتح لخفته. هذا إذا
كان المفرد بالمعنى المذكور غير مثنى أو مجموع جمع سلامة
وهو المفرد "كلا حول ولا قوة" إلا بالله. وجمع التكسير مثل
لا غلمان لك. أما المثنى والمجموع جمع سلامة لمذكر فيبنيان
على ما ينصبان به وهو الباء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو لا نفسها، ورده الروداني بأنه دعوى بلا دليل ولا نظير
إذ ليس في العربية حرف دال على معناه متضمن معنى حرف آخر
والتضمن إنما عهد في الأسماء فالصواب أن المتضمن معنى من
إنما هو النكرة وهو وجيه فينبغي حمل من قال بتضمن لا معنى
من على التسمح فافهم. قوله: "مبني" أي مرتب على جواب سؤال
وكان الصواب إسقاط جواب لأن لا رجل إلخ مرتب على السؤال
لا الجواب لأنه نفس الجواب كذا قال البعض ويمكن دفعه بأن
المراد موضوع ومذكور لأجل إجابة سؤال إلخ. قوله: "أو مقدر"
أي مفروض وإنما فرض لأن الكلام بعد السؤال أوقع في النفس.
قوله: "من الواجب" أي المستحسن.
قوله: "فتضمن من فبني لذلك" كلامه يوهم أن تضمن معنى من
مختص بالمبني وليس كذلك كما أسلفناه وحينئذٍ فإعراب المضاف
وشبهه لمعارضة الإضافة وشبهها شبه الحرف كما مر. وقول
البعض كلامه كالصريح في أن تضمن معنى من ليس مختصا بالمبني
غير مسلم واعترض على تعليل البناء بذلك بأن تضمن معنى
الحرف هنا عارض بدخول لا والتضمن المقتضى للبناء يشترط فيه
أن يكون بأصل الوضع ولهذا علل سيبويه وكثير البناء بتركيب
الاسم مع لا تركيب خمسة عشر وأشار إليه الناظم بقوله وركب
إلخ وإن نقل يس عن ابن هشام أن التركيب أيضا لا يصلح علة
لأصل البناء بل للفتح لاقتضائه التخفيف وبأن هذا التضمن
أشبه بالتضمن الذي لا يقتضي البناء كتضمن الحال معنى في
والتمييز معنى من بدليل ورود التصريح بمن في قوله فقام
يذود الناس إلخ. ويجاب عن الأول بأن اشتراط كون التضمن
بأصل الوضع إنما هو في البناء الأصلي لا العارض والحاصل أن
البناء على ثلاثة أنواع: أصلي وهو المشروط فيه ذلك وهو
الذي حصر ابن مالك سببه في شبه الحرف. وعارض واجب ومن
أسبابه التضمن العارض والتركيب وتوارد أسباب موانع الصرف.
وعارض جائز ومن أسبابه إضافة المبهم إلى المبنى وإضافة
الظرف إلى الجملة المصدرة بماض. فاحفظ هذا التحقيق ينفعك
في مواطن كثيرة وعن الثاني بأن التصريح بمن ضرورة كما مر
فلا يعتبر فليس هذا التضمن كتضمن الحال معنى في والتمييز
معنى من. قوله: "لخفته" ولأنه إعراب هذا النوع نصبا. قوله:
"وهو المفرد" أي في باب الإعراب والضمير للغير. قوله:
"فيبنيان إلخ" لم يعارض التثنية والجمع هنا سبب البناء مع
معارضتهما إياه في اللذين والذين على القول بإعرابهما لأن
سبب البناء وارد هنا على التثنية والجمع والوارد له قوة
وهناك بالعكس ولا يخفى أن القائل بإعراب اللذين والذين
يقول بأن تثنية
ج / 2 ص -11-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله:
307-
تعز فلا إلفين بالعيش متعا
ولكن لوراد المنون تتابع
وقوله:
308-
يحشر الناس لا بنين ولا آ
باء إلا وقد عنتهم شئون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللذين وجمع الذين حقيقيان فقول البعض إنهما غير حقيقيين
إنما يأتي على مذهب القائل ببنائهما وليس الكلام فيه.
قوله: "تعز" أي تسل وتصبر. قوله: "وقد عنتهم" أي أهمتهم
والشؤون جمع شأن وهو الخطب. قال في التصريح والجملة أي
جملة وقد عنتهم شؤون في موضع رفع خبر لا ولا يضر اقترانه
بالواو لأن خبر الناسخ يجوز اقترانه بالواو كقول الحماسي:
فأمسى وهو عريان، وقولهم ما أحد إلا وله نفس أمارة، وليست
حالاً خلافاً للعيني لأن واو الحال لا تدخل على الماضي
التالي إلا كما قاله الموضح في باب الحال. ا. هـ. قال
الروداني قوله لأن خبر الناسخ إلخ فيه أن هذا غير مسلم على
إطلاقه. وحاصل ما في التسهيل والهمع أن الخبران كان جملة
بعد إلا لم يقترن بالواو إلا بعد ليس وكان المنفية دون
غيرهما من النواسخ وبغير إلا يقترن بالواو بعد كان وجميع
أخواتها لا بعد جميع النواسخ هذا عند الأخفش وابن مالك
وغيرهما لا يجيز اقتران الخبر بالواو أصلاً، وحملوا ما ورد
من ذلك على أنه حال والفعل تام لا ناقص أو محذوف الخبر
ضرورة فظهر أن جملة وقد عنتهم شؤون لا يصح أن تكون خبر لا
وأيضاً هذه الجملة بعد إلا الإيجابية وسيأتي في باب
الاستثناء أن لا النافية للجنس لا تعمل في موجب وصرح في
المغنى بأن من شروط عملها أي لا يبطل نفيها. كما الحجازية
فالصواب أن الجملة حال كما قال العيني. وقد نقل الشارح في
باب الحال جواز اقتران الماضي التالي إلا بالواو وخبر لا
محذوف قبل إلا فلم يبطل نفيها إلا بعد استيفاء عملها نحو
ما زيد قائماً إلا في الدار. ا. هـ. وكتب على قوله وقولهم
ما أحد إلخ ما نصه فيه أن ما لإبطال نفيها بإلا ليست
ناسخاً ولو سلم أنه جاء على مذهب يونس الذي لا يشترط عدم
إبطاله بإلا فخبر هذا الناسخ لا يقترن بالواو لما تقدم
فأحد مبدأ محذوف الخبر والجملة بعد إلا حال لا أنه اسم ما
وخبرها محذوف قبل إلا كما مر في لا بنين لأن خبر ما لا
يجوز حذفه. ا. هـ. وقال الشارح في شرحه على التوضيح الجملة
صفة للنكرة عند الزمخشري. قال في قوله تعالى:
{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ
مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
307- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
10؛ وتخليص الشواهد ص395؛ والدرر 2/ 222؛ وشرح التصريح 1/
229؛ وشرح شذور الذهب ص109؛ والمقاصد النحوية 2/ 333؛ وهمع
الهوامع 1/ 146.
308- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
11؛ وتخليص الشواهد ص296؛ والدرر 2/ 223؛ وشرح التصريح 1/
239؛ وشرح شذور الذهب ص110؛ والمقاصد النحوية 2/ 334؛ وهمع
الهوامع 1/ 146.
ج / 2 ص -12-
مرفوعًا أو منصوبًا أو مركبًا
وإن رفعت أولا لا تنصبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذهب المبرد إلى أنهما معربان. وأما السلامة لمؤنث فيبنى
على ما ينصب به وهو الكسر، ويجوز أيضًا فتحه، وأوجبه ابن
عصفور، وقال الناظم: الفتح أولى وقد روي بالوجهين قوله:
309-
إن الشباب الذي مجد عواقبه
فيه تلذ ولا لذات للشيب
وقوله:
310-
لا سابغات ولا جأواء باسلة
تقي المنون لدى استيفاء آجال
"والثان" وهو المعطوف مع تكرر
لا كقوة من لا حول ولا قوة إلا بالله "اجعلا مرفوعًا"
كقوله:
311-
لا أم إن كان ذاك ولا أب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن ولها إلخ جملة وقعت صفة للنكرة وتوسط الواو لتأكيد لصوق
الصفة بالموصوف وتابعه على ذلك أبو البقاء وهو عند غيرهما
حال.
قوله: "وذهب المبرد إلى أنهما معربان" لبعدهما بالتثنية
والجمع عن مشابهة الحرف ولو صح هذا لأعرب يا زيدان ويا
زيدون ولا قائل به قاله الشارح في شرحه على التوضيح ومثله
في التصريح وتظهر ثمرة الخلاف في نحو لا بنين كراما لكم
فعنده لا يجوز بناء الصفة على الفتح وعند الجمهور يجوز.
قوله: "وهو الكسر" أي بلا تنوين لأن تنوينه وإن كان
للمقابلة لا للتمكن مشبه لتنوين التمكن وجوز بعضهم تنوينه
قياسا لا سماعا نظرا إلى أن التنوين للمقابلة وهو منقوض
بنحو يا مسلمات بلا تنوين قاله الرضى. قوله: "وقد روي
بالوجهين" ثبوتهما عن العرب يبطل تعيين أحدهما. قوله:
"للشيب" بفتح الشين على ما يتبادر من صنيع العيني فهو على
حذف مضاف أي لذي الشيب، وضبطه الشارح على الأوضح بالكسر
جمع أشيب وهو أنسب ببقية القوافي. قوله: "لا سابغات" أي
دروعا سابغات أي واسعة. والجأواء كحمراء فاؤها جيم وعينها
همزة الجماعة التي يعلوها الجأو أي السواد لكثرة الدروع.
وباسلة نعت لجأواء من البسالة وهي الشجاعة. قوله:
"والثاني" مفعول أول لا جعل لكن سكن الياء ضرورة وحذفها
للساكنين. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
309- البيت من البسيط، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص91؛
وتخليص الشواهد ص400، وخزانة الأدب 4/ 27 والدرر 2/ 224؛
وشرح التصريح 1/ 228؛ والشعر والشعراء ص278؛ والمقاصد
النحوية 2/ 326؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 9؛ وشرح
شذور الذهب ص111؛ وشرح ابن عقيل ص201؛ وهمع الهوامع 1/
146.
310- البيت من البسيط وهو في تخليص الشواهد ص396؛ والدرر
2/ 226؛ وشرح قطر الندى ص167، وهمع الهوامع 1/ 146.
311- صدره:
هذا العمر كم الصغار بعينه
=
ج / 2 ص -13-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو منصوبًا" كقوله:
312-
لا نسب اليوم ولا خلة
"أو مركبًا" كالأول نحو:
{لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ
وَلَا شَفَاعَةٌ}
[البقرة: 254]، في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو منصوبا" هذا أضعف الأوجه بل قيل ضرورة كما في التوضيح.
قوله: "اليوم" خبر لا الأولى وخبر الثاني محذوف لدلالة خبر
الأولى أي ولا خلة اليوم تمام قيل:
اتسع الخرق على الراقع
تسع الفتق على الراتق
وعلى هذا القالي وابن الوردي وغيرهما بل قيل هو الصواب لأن
القافية قافية. قوله: "أو مركبا" يجوز على هذا عند سيبويه
أن يقدر بعدهما خبر واحد لهما معا أي لا حول ولا قوة
موجودان لنا لأن لا حول عنده في موضع رفع مبتدأ ولا قوة في
محل رفع معطوف على المبتدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والبيت من الكامل وهو من أكثر الشواهد النحوية المختلف
عليها، فهو لرجل من مذحج في الكتاب 2/ 292؛ وهو لضمرة بن
جابر في خزانة الأدب 2/ 38، 40؛ وهو لرجل من مذحج أو لضمرة
بن ضمرة، أو لهمام أخي جساس ابني مرة في تخليص الشواهد
ص405، وهو لرجل من بني عبد مناف، أو لابن أحمر، أو لضمرة
بن ضمرة أو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة، أو لرجل من بني
عبد مناة في الدرر 6/ 175، وهو لهني بن أحمر أو لزرافة
الباهلي في لسان العرب 6/ 16 "حيس"؛ وهو لرجل من مذحج أو
لهمام بن مرة أو لرجل من بني عبد مناة أو لابن أحمر أو
لضمرة بن ضمرة في شرح التصريح 1/ 241؛ ولابن أحمر في
المؤتلف والمختلف ص38؛ والمقاصد النحوية 2/ 339؛ ولرجل من
مذحج أو لهمام أخي حسان بن مرة أو لضمرة بن ضمرة أو لابن
أحمر في شرح شواهد المغني ص921؛ ولهمام بن مرة في الحماسة
الشجرية 1/ 256؛ ولعامر بن جوين الطائي أو منقذ بن مرة
الكناني في حماسة البحتري ص78؛ ولرجل من بني عبد مناة بن
كنانة في سمط اللآلي ص288؛ وبلا نسبة جواهر الأدب ص241،
245؛ والأشباه والنظائر 4/ 162؛ وأمالي ابن الحاجب ص593،
847؛ وأوضح المسالك 2/ 16؛ ورصف المباني ص267، وشرح ابن
عقيل ص202؛ وشرح المفصل 2/ 292؛ وكتاب اللامات ص106،
واللمع في العربية ص129، ومعني اللبيب ص593؛ والمقتضب 4/
370.
312- عجزه:
اتسع الخرق على الراقع
والبيت من السريع، وهو لأنس بن العباس بن مرداس في تخليص
الشواهد ص405، والدرر 6/ 175، 313، وشرح التصريح 1/ 241؛
وشرح شواهد المغني 2/ 601؛ والكتاب 2/ 285، 309؛ ولسان
العرب 5/ 115 "قمر" 10/ 238 "عتق"؛ والمقاصد النحوية 2/
351؛ وله أو لسلامان بن قضاعة في شرح أبيات سيبويه 1/ 583،
587؛ ولأبي عامر جد العباس بن مرداس في ذيل سمط الآلي ص37،
وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 412، وأوضح المسالك 2/
20؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص75، 967؛ وشرح شذور
الذهب ص112؛ وشرح ابن عقيل ص202؛ وشرح المفصل 2/ 101، 135،
9/ 967، واللمع في العربية ص128، ومغني اللبيب 1/ 226؛
وهمع الهوامع 2/ 144، 211.
ج / 2 ص -14-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة أبي عمرو وابن كثير. فأما الرفع فإنه على أحد ثلاثة
أوجه: العطف على محل لا مع اسمها فإن محلهما رفع بالابتداء
عند سيبويه، وحينئذ تكون لا الثانية زائدة بين العاطف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمقدر خبر عن مجموعهما نحو زيد وعمرو قائمان فيكون
الكلام جملة واحدة ويجوز أن يقدر لكل خبر على حدته أي لا
حول موجود لنا ولا قوة موجودة لنا فيكون الكلام جملتين
وكذا يجوز عند غيره أن يقدر لهما معاً خبر واحد مرفوع بلا
الأولى والثانية لأنهما وإن كانتا عاملتين إلا أنهما
متماثلتان فيجوز أن يعملا في اسم واحد عملاً واحداً كما في
إن زيداً وإن عمراً قائمان، وأن يقدر لكل خبر على حدته كذا
في التصريح والدماميني وكتب عليه سم قوله فالمقدر خبر عن
مجموعهما ظاهره أنه خبر عن مجموع المبتدأين اللذين كل
منهما مجموع لا واسمها، وفيه أن الاخبار عن مجموع لا
واسمها يستلزم عدم تسلط النفي على الخبر وذلك مناف لكون لا
لنفي الجنس بمعنى نفي الخبر عن جنس الاسم فلا بد من تأويل
هذا الكلام كأن يراد أن الخبر للاسمين المتصلين بلا لا
لهما مع لا. ا. هـ. ببعض تصرف. وكتب الروداني قوله
متماثلتان أي لفظاً ومعنى فلا يرد أن زيد من جلس وقعد زيد
ليس فاعلاً بهما بل بأحدهما لعدم تماثل الفعلين لفظاً هذا
والحق المتجه أن رفع الخبر في ذلك وفي نحو إن زيداً وإن
عمراً قائمان إنما هو بمجموع الحرفين لا بكل إذ لا يعقل
معمول لعاملين لا متماثلين ولا مختلفين لاستحالة أثر بين
مؤثرين مطلقاً، ولأن قائمان لكونه مثنى لا يخبر به عن كل
من الاسمين لكونه مفرداً بل عن مجموعهما فلزم كونه معمولاً
لمجموع الحرفين وكذا نحو زيد أو وعمرو قائمان، فالرافع
للخبر مجموع الاسمين مثل الزيدان قائمان، ولا فرق إلا أن
التثنية في الأول بحرف العطف. وفي الثاني بالصيغة ولا أثر
له. ا. هـ. واقتصر في المغني على تقدير خبرين عند غير
سيبويه. قوله: "فأما الرفع" أي رفع الثاني مع فتح الأول.
قوله: "على محل لا مع اسمها إلخ" فالعطف من عطف المفردات
والخبر المحذوف مثنى خبر عنهما معا. وفي عبارة الشارح هنا
وفيما يأتي التسمح المتقدم بيانه، والمحل في الحقيقة للاسم
فقط باعتباره قبل دخول لا فلا تغفل.
قوله: "فإن محلهما إلخ" نقل سم عن الدماميني أن الأمر كذلك
عند سيبويه في المضاف وشبهه وهذا أيضا فيه التسمح المتقدم،
وفيه بعد نظر عندي لأنه يلزم عليه عدم عمل هذا المبتدأ في
شيء عند سيبويه لأن رفع الخبر بلا عنده كغيره إذا كان
اسمها مضافا أو شبهه كما مر إلا أن يقال النافي والمنفي
كالشيء الواحد فعمل أحدهما كأنه عمل الآخر ونظيره غير قائم
الزيدان فتأمل. قوله: "زائدة بين إلخ" فيه أن لا على هذا
الوجه من جملة المعطوف عليه فلا تسلط لها على المعطوف فكيف
تكون لا الثانية زائدة؟ والجواب أن في الكلام تسمحا كما مر
إيضاحه والمحل للاسم فقط باعتباره قبل دخول لا والعطف عليه
فقط بهذا الاعتبار ومن أحاط بما قدمناه لم يشكل عليه هذا
الجواب وإن أشكل على البعض. قال الروداني والفرق بين لا
الزائدة ولا الملغاة أن الزائدة هي التي لا عمل لها أصالة
والملغاة هي التي لها عمل أصالة لكن أهملت. ا. هـ. وظاهره
أن الزائدة باقية على كونها للنفي وينافيه قولهم الحرف
الزائد هو الذي لا معنى له ولا
ج / 2 ص -15-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعطوف لتأكيد النفي، أو بالابتداء وليس للا عمل فيه، أو
أن لا الثانية عاملة عمل ليس. وأما النصب فبالعطف على محل
اسم لا، وتكون لا الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف كما
مر "وإن رفعت أولا" إما الابتداء أو على إعمال لا عمل ليس،
فالثاني وهو المعطوف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يختل الكلام بسقوطه إلا أن يكون أغلبيا. والأوجه الفرق بأن
الزائدة يسغنى الكلام عنها بخلاف الملغاة فتأمل. قوله: "أو
بالابتداء وليس للا عمل فيه" أي بل هي ملغاة عن العمل في
الاسم وإن كانت نافية للجنس لوجود شرط جواز إلغائها وهو
تكرير لا قاله الدماميني. وظاهر صنيع الشارح حيث جعل الرفع
على هذا الوجه بالابتداء دون العطف كما في الوجه الذي قبله
أن يكون المرفوع مبتدأ مستقلا ليس معطوفا على مبتدأ تقدم
فيكون العطف الجمل. ويجب على هذا أن يقدر لكل خبر لئلا
يلزم توارد عاملين وهما لا والمبتدأ عند غير سيبويه
والمبتدأ الأول والمبتدأ الثاني المستقل عند سيبويه على
معمول واحد هو الخبر، هذا ما ظهر لي. قوله: "أو أن لا
الثانية إلخ" وعليه يقدر لكل من لا الأولى ولا الثانية خبر
والعطف من عطف الجمل، ولا يصح أن يكون المقدر واحدا خبرا
عنهما لامتناع توارد عاملين على معمول واحد ولزوم كون
الخبر مرفوعا منصوبا.
قوله: "وأما النصب فبالعطف إلخ" وعلى هذا يجب عند سيبويه
أن يقدر لكل خبر على حدته فيكون الكلام جملتين ويمتنع عنده
أن يقدر لهما خبر واحد لأن الخبر بعد لا الأولى مرفوع عنده
بما كان مرفوعا به قبل دخول لا والخبر بعد الثانية مرفوع
بلا الأولى لأن لا الأولى ناصبة لما بعد لا الثانية ولا
الناصبة عاملة في الخبر عنده كغيره فيلزم ارتفاع الخبر
بعاملين مختلفين وهو لا يجوز. وأما عند غيره فيقدر لهما
خبر واحد لأن العامل واحد وهو لا الأولى كذا في شرح الجامع
بإيضاح. ومثله في التصريح وفيه عندي نظر أما أولا فلأن
مقتضى جعل النصب بالعطف على محل الاسم ولا الثانية زائدة
أن العطف من عطف المفردات والكلام جملة واحدة والمقدر خبر
واحد مرفوع بما كان مرفوعا به قبل لا عند سيبويه وبلا
الأولى عند غيره. وأما ثانيا فلأنه يبعد رفع ما بعد
الثانية بالأولى مع عدم رفعها ما بعدها وتعليل ذلك بأن
الأولى ناصبة للاسم بعد الثانية أي لفظا فتكون عاملة في
الخبر بعد الثانية يرده إناطة عمل لا في الخبر وعدمه
بالتركيب وعدمه كما في عبارة الشارح السابقة وعبارة الهمع
وغيرهما. ولا في مبحثنا مركبة فلا عمل لها في الخبر عند
سيبويه مطلقا مع أن المتبادر من الناصبة الناصبة لاسمها
بأن كان مضافا أو شبهه لا مطلق الناصبة ولو للمعطوف على
اسمها فاعرف ذلك. وزاد في التصريح أنه يجوز أن يقدر لكل
خبر عند غير سيبويه وفي هذه الزيادة من النظر ما فيها
فتأمل.
قوله: "على محل اسم لا" أي أو على لفظه وإن كان مبينا
لمشابهة حركته حركة الإعراب في العروض ومثل ذلك جائز مطلقا
عند سيبويه وفي الضرورة عند الأخفش كما في شرح التوضيح
للشارح لكن الحركة على هذا اتباعية والإعراب مقدر رفعا أو
نصبا فتدبر. قوله: "أما رفعه" وعليه بالخبر واحد إن قدرت
لا الثانية زائدة وما بعدها معطوفا سواء جعلت لا الأولى
ج / 2 ص -16-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لا تنصبا" لأن نصبه إنما يكون بالعطف على منصوب لفظًا أو
محلًا، وهو حينئذ مفقود، بل يتعين أما رفعه، كقوله:
313-
فما هجرتك حتى قلت معلنة
لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وإما بناؤه على الفتح كقوله:
314-
فلا لغو ولا تأثيم فيها
وما فاهوا به أبدا مقيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهملة أو عاملة عمل ليس ويجب خبر إن إن قدرت لا الأولى
مهملة والثانية عاملة عمل ليس أو بالعكس ولا يصح على هذا
بقسميه أن يكون الخبر واحدا لئلا يلزم كون الخبر الواحد
مرفوعا ومنصوبا وتوارد عاملين على معمول واحد، فإن جعلتهما
معا عاملتين عمل ليس جاز لك تقدير خبرين وكذا تقدير خبر
واحد ولا ضرر على ما مر في حالة بنائهما معا على الفتح
فتنبه. واقتصر في المغني على تقدير خبرين عند جعلهما
عاملتين عمل ليس. قوله: "واما بناؤه على الفتح" وعلى هذا
يتعين خبر إن عند الجميع إن جعلت الأولى عاملة عمل ليس
لئلا يلزم المحذور إن السابقان وكذا إن جعلت مهملة عند غير
سيبويه لذلك وأما عند سيبويه فيجوز خبر إن، وكذا يجوز خبر
واحد عن مجموع المبتدأين إن كان سيبويه لا يوجب كون لا مع
اسمها مبتدأ مستقلا غير معطوف على مبتدأ قبله، فإن كان
يوجب ذلك وجب خبر إن، هكذا ظهر لي، ثم رأيت في كلام
الدماميني ما ظاهره وجوب خبرين مطلقا حيث قال الخامس لا
حول ولا قوة برفع الأول على إلغاء لا أو إعمالها عمل ليس
وفتح الثاني للتركيب والكلام جملتان. ا. هـ. قوله: "فلا
لغو إلخ" اللغو القول الباطل والتأثيم قولك لآخر أثمت
والضمير للجنة. قوله: "في نحو لا حول إلخ" أي من كل تركيب
تكررت فيه لا وسبق الثانية عطف وكان كل من الاسمين مفردا
صالحا لعمل لا فإن لم تتكرر لا فسيأتي حكمه في قول المصنف
والعطف إن لم تتكرر لا إلخ أو لم يسبق الثانية عطف فالكلام
جملتان مستقلتان، أو كان أحد الاسمين غير مفرد فإن كان
الأول ففيه أيضا خمسة أوجه بإبدال فتح الأول بنصبه نحو لا
غلام رجل ولا امرأة فيها، وهذا ما في التنبيه الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
313- البيت من البسيط، وهو للراعي النميري في ديوانه ص198،
وتخليص الشواهد ص405؛ وشرح التصريح 1/ 241؛ وشرح المفصل 2/
111، 113؛ والكتاب 2/ 295؛ ولسان العرب15/ 254 "لقا"؛
ومجلس ثعلب ص35، والمقاصد النحوية 2/ 336؛ وبلا نسبة في
أوضح المسالك 2/ 15؛ واللمع ص128.
314- البيت من الوافر، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه
ص54؛ وتخليص الشواهد ص406، 411؛ والدرر 6/ 178، وشرح
التصريح 1/ 241؛ ولسان العرب 12/ 6 "أثم"؛ والمقاصد
النحوية 2/ 346؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 19؛ وجواهر
الأدب ص93، 245؛ وخزانة الأدب 4/ 494؛ وسر صناعة الإعراب
1/ 415؛ وشرح الذهب ص115؛ وشرح ابن عقيل ص203؛ ولسان العرب
13/ 526 "فوه" اللمع ص129؛ وهمع الهوامع 2/ 144.
ج / 2 ص -17-
ومفردا نعتا لمبني يلي
فافتح أو انصبن أو ارفع تعديل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فحاصل ما يجوز في نحو لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه:
فتحهما، وفتح الأول مع نصب الثاني، وفتح الأول مع رفع
الثاني ورفعهما، ورفع الأول مع فتح الثاني.
تنبيهان: الأول أفهم كلامه أمه إذا الأول منصوبًا جاز في
المعطوف أيضًا الأوجه الثلاثة: الفتح، والنصب، والرفع، نحو
لا غلام رجل ولا امرأةَ ولا امرأةً ولا امرأةٌ.
الثاني محل جواز الأوجه الثلاثة في المعطوف إذا كان صالحًا
لعمل لا، فإن لم يكن صالحًا تعين رفعه نحو لا امرأة فيها
ولا زيد، ولا غلام رجل فيها ولا عمرو "ومفردًا نعتًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان الثاني تعين رفعه أو نصبه نحو لا امرأة ولا غلام
رجل فيها، وإن كان غير صالح لعمل لا تعين الرفع وهذا ما في
التنبيه الثاني. قوله: "خمسة أوجه" أي إجمالا وثلاثة عشر
تفصيلا لأن ما بعد الأولى إما مبني على الفتح أو مرفوع
بالابتداء أو على إعمال لا عمل ليس وما بعد الثانية كذلك
أو مرفوع بالعطف على محل لا مع اسمها فهذه اثنا عشر،
والثالث عشر بناء ما بعد الأولى على الفتح ونصب ما بعد
الثانية وهي بالقسمة العقلية عشرون حاصلة من ضرب أربعة ما
بعد الأولى الفتح والنصب والرفع بوجهيه في خمسة ما بعد
الثانية هذه الأربعة والرفع بالعطف على محل لا مع اسمها
يسقط منها نصب ما بعد الأولى مضروبا في خمسة ما بعد
الثانية ورفع ما بعد الأولى بوجهيه مع نصب ما بعد الثانية.
إذا سمعت ما تلوناه عليك عرفت أن قول شيخنا والبعض تبعا
للتصريح واثنا عشر تفصيلا لم يوافق القسمة الواقعية ولا
العقلية. قوله: "أفهم كلامه" يعني قوله:
وإن رفعت أولا لا تنصبا
لأنه علق منع النصب على رفع الأول فأفهم أنه إذا كان مفتوحا
أو منصوبا بأن كان مضافا أو شبهه جاز فيه الأوجه الثلاثة.
قوله: "صالحا لعمل لا" بأن كان نكرة. قوله: "تعين رفعه" أي
بالابتداء أو بالعطف على محل لا مع اسمها لا باعمال لا عمل
ليس لأن العاملة عمل ليس تختص أيضا بالنكرات. قوله:
"ومفردا" مفعول مقدم لا فتح لأن فاءه زائدة للتحسين فلا
تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها فقوله أجز فيه إلخ حل
معنى لا حل إعراب ونعتا عطف بيان أو بدل ولمبني صفة نعتا
ويلي صفة ثانية. هذا ومن النعت المذكور قولهم لا ماء ماء
باردا عندنا فماء الثاني نعت للأول فيجوز فيه الثلاثة لأنه
يوصف بالاسم الجامد إذا وصف بمشتق نحو مررت برجل رجل صالح
ويسمى نعتا موطئا ولا بد من تنوين باردا لأن العرب لا تركب
أربعة أشياء، ولا يصح أن يكون ماء الثاني توكيدا لفظيا ولا
بدلا لأنه مقيد بالوصف والأول مطلق فليس مرادفا حتى يكون
توكيدا ولا مساويا حتى يكون بدلا كما في التوضيح وشرحه
قاله شيخنا وقيل هو تأكيد لفظي وقد جوزوا التأكيد مع الوصف
كقوله تعالى:
{نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 16]، وقال في النكت يجوز كونه عطف
بيان أو بدلا لجواز كونهما أوضح من المتبوع ووجه الروداني
جواز كونه توكيدا أو بدلا بأنه لا مانع من اعتبار كون وصف
الثاني طارئا بعد التوكيد أو الإبدال
ج / 2 ص -18-
وغير ما يلي وغير المفرد
لا تبن وانصبه أو الرفع اقصد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمبني يلي" منعوته أجز فيه الأوجه الثلاثة "فافتح" على نية
تركيب الصفة مع الموصوف قبل دخول لا مثل خمسة عشر، نحو لا
رجل ظريف فيها "أو انصبن" مراعاة لمحل اسم لا نحو لا رجل
ظريفًا فيها "أو ارفع تعدل" مراعاة لمحل لا مع المنعوت،
نحو لا رجل ظريف فيها "وغير ما يلي" منعوته "وغير المفرد"
وهو المضاف والمشبه به "لا تبن" لتعذر موجب البناء بالطول
"وانصبه" نحو لا رجل فيها ظريفًا ولا رجل صاحب بر فيها ولا
رجل طالعًا جبلًا ظاهر "أو الرفع اقصد" نحو رجل فيها ظريف
ولا رجل صاحب بر فيها ولا رجل طالعًا جبلًا ظاهر. وكذا
يمتنع البناء ويجوز الأمران الآخران إذا كان المنعوت غير
مفرد نحو لا غلام سفر ماهرًا أو ماهر فيها وقد يتناوله
وقوله وغير المفرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو يكون وصف الأول محذوفا لدلالة وصف الثاني عليه وفيه بحث
لأن ما ذكره من الوجهين إنما يصلح توجيها للتوكيد لا
الإبدال لأن حاصل الوجه الأول اتحاد اللفظين إطلاقا وحاصل
الثاني اتحادهما تقييدا ومثل جاءني رجل رجل أو رجل عاقل
رجل عاقل إنما هو من التوكيد اللفظي لا من الإبدال.
قوله: "فافتح" جرى على الغالب وإلا فقد يكون مبنيا على غير
الفتح كالياء في النعت المثنى أو المجموع على حده وهل يقال
عند بناء النعت إن مجموع النعت والمنعوت في محل نصب أو
يحكم بالمحل على كل اختار يس على التصريح الثاني واستظهره
بعضهم وفارقت صفة لا صفة المنادى المبني حيث لم تبن لأن
الصفة هنا هي المنفية في المعنى بخلاف صفة المنادى فإنها
ليست المنادى في المعنى كما قاله سم. قوله: "على نية" أي
لنية تركيب الصفة مع الموصوف. فيه أن هذا خلاف ما مشى عليه
سابقا من أن بناء الاسم لتضمنه معنى من إلا أن يقال ما
تقدم في أصل البناء وما هنا في كونه على الفتح فلا مخالفة
لكن يمنع من هذا قوله بعد التعذر موجب البناء لأن المراد
به التركيب فالأولى أن يقال مشى في كل من الموضعين على قول
من القولين في علة البناء إشارة إلى الخلاف فيها هذا. وجوز
بعضهم أن تكون فتحة الصفة إعرابية باعتبار المحل لكن حذف
تنوينها للتشاكل وعلى قياس ما مر وما يأتي أن تكون
اتباعية. قوله: "قبل دخول لا" أي لئلا يلزم تركيب ثلاثة
أشياء. قوله: "أو انصبن" مفعوله محذوف وكذا ارفع ولا تنازع
لأن الناظم لا يرى التنازع في المتقدم. قوله: "مراعاة لمحل
اسم لا" أو اتباعا للحركة البنائية. قوله: "وغير المفرد
إلخ" وفارق صفة المنادى المضافة حيث يتعين فيها النصب
لتعينه ولو باشرتها يا وعدم تعينه لو باشرت النعت هنا لا
لجواز رفعه عند التكرار. قوله: "لتعذر موجب البناء" أي
مقتضيه وهو التركيب وقوله بالطول غير ظاهر بالنسبة إلى غير
ما يلي لأن الفاصل لاحظ له في البناء حتى يكون المانع
لبناء المجموع الذي هو منه الطول لأنه خبر والخبر لا يينى
في هذا الباب وكان ينبغي أن يزيد أو بالفصل أفاده سم.
قوله: "وكذا يمتنع البناءإلخ" هذا مفهوم قول المصنف
لمبنيّ. قوله: "أو ماهر فيها" بالرفع على القطع قيل أو
بالعطف على محل لا مع اسمها لأن موضعهما رفع بالابتداء عند
سيبويه في غير البناء أيضا كما تقدم وقد
ج / 2 ص -19-
والعطف إن لم تتكرر لا احكما
له بما للنعت ذي الفضل
انتمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والعطف إن لم تتكرر لا" معه "احكما له بما للنعت ذي الفضل
انتمى" من جواز النصب والرفع دون البناء كقوله:
315-
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه
بنصب ابن ويجوز رفعه ويمتنع بناؤه على الفتح. وأما ما حكاه
الأخفش من نحو لا رجل وامرأة بالفتح فشاذ، وما ذكره في
معطوف يصلح لعمل لا فإن لم يصلح تعين رفعه نحو لا رجل وهند
فيها.
تنبيه: حكم البدل الصالح لعمل لا حكم النعت المفصول نحو لا
أحد رجلًا وامرأة فيها، ولا أحد رجل وامرأة فيها. فإن لم
يصلح له تعين الرفع نحو لا أحد زيد وعمرو فيها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد أسلفنا ما فيه فتنبه. قوله: "وقد يتناوله قوله وغير
المفرد" أي بأن يراد وغير المفرد من نعت أو منعوت وفيه أنه
يمنعه قوله أو الرفع اقصد إلا أن يراد برفع المنعوت غير
المفرد رفعه على اعمال لا عمل ليس أو إلغائها. قوله: "دون
البناء" أي لوجود الفصل بحرف العطف. قوله: "مثل مروان" إما
صفة والخبر محذوف فمثل مرفوع أو منصوب أو خبر فهو مرفوع
فقط. قوله: "بالفتح" أي فتح البناء. قوله: "فشاذ" وخرجه
بعضهم على أن الأصل ولا امرأة فحذفت لا وأبقى البناء بحاله
على نية لا. قوله: "حكم البدل إلخ" مثل عطف البيان وأما
التوكيد فقال الرضي إن كان لفظيا فالأولى كونه على لفظ
المؤكد مجردا عن التنوين وجاز الرفع والنصب. ا. هـ. أي
وأما المعنوي فلا يجوز تأكيد المنفي المبني به أي لأنه
نكرة وألفاظ التوكيد المعنوي معارف وفي تأكيد النكرة
بالمعرفة قولان وعلى الجواز يتعين الرفع إذ لا تعمل لا في
معرفة فاحفظه وجوز الأندلسي بناء البدل إذا كان مفردا نكرة
نحو لا رجل صاحب لي قال الرضي وقوله أقرب إذا لم يفصل عن
المنفي المبني لأنه لا يقصر عن النعت الذي يبنى جوازا بل
يربو عليه من حيث كونه المقصود وتعليل امتناع بنائه بأنه
على نية تكرار العامل فهناك فاصل مقدر يقتضي جوازه لا
امتناعه لأن العامل المقدر هو لا وهي تقتضي الفتح.
قوله: "رجلا" أي منه أي من الأحد فوجه الضمير المشترط في
بدل البعض والنصب إما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
315- عجزه:
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
والبيت من الطويل، وهو للربيع بن ضبع الفزاري في
شرح شواهد المغني ص413، 414، وخزانة الأدب 4/ 67، 68؛ وشرح
التصريح 1/ 243؛ وشرح شواهد الإيضاح ص207؛ والمقاصد
النحوية 2/ 355؛ وللفرزدق أو لرجل من عبد مناة في الدرر 6/
172؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 419، 2/ 593، 847،
وأوضح المسالك 2/ 22، وجواهر الأدب ص241، وشرح قطر الندى
ص168؛ وشرح المفصل 2/ 101، 110؛ والكتاب 2/ 285؛ واللامات
ص105؛ واللمع ص130؛ والمقتضب 4/ 372؛ وهمع الهوامع 2/ 143.
ج / 2 ص -20-
وأعط لا مع همزة استفهام
ما تستحق دون الاستفهام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وأغط لا" هذه "مع همزة استفهام ما تستحق" من الأحكام "دون
الاستفهام" على ما سبق بيانه. وأكثر ما يكون ذلك إذا قصد
بالاستفهام معها التوبيخ والإنكار، كقوله:
316-
ألا طغان ألا فرسان عادية
إلا تجشؤكم حول التنانير
وقوله:
317-
لا ازعواء لمن ولت شبيبته
وآذنت بمشيب بعده هرم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتباع للمحل أو للفظ. قوله: "رجل" بالرفع بدل من محل لا مع
اسمها. قوله: "تعين الرفع" أي على الإبدال من محل لا مع
اسمها فالعامل فيه الابتداء. قوله: "نحو لا أحد زيد" منه
بدلا البعض والاشتمال المضافان إلى ضمير المبدل منه فإن لم
يضافا إلى ضميره بل جر ضميره بعدهما بالحرف كانا من
الصالح. قوله: "هذه" الأولى حذفه لشمول الإعطاء للعاملة
عمل ليس أيضا. قوله: "مع همزة استفهام" هذا باعتبار ما كان
وهي الآن همزة توبيخ وإنكار كذا في الشيخ يحيى والروداني
وكلامهما بالنسبة لغير صورة الاستفهام عن النفي واستعمال
الهمزة في غير الاستفهام الحقيقي مجاز كما سنوضحه في باب
العطف. قوله: "من الأحكام" كالإعمال عمل إن وجواز الإلغاء
إذا تكررت وجواز رفع المعطوف ونصبه بلا تكرار لا وجواز
تثليث النعت والمعطوف بعد لا الثانية بالشروط السابقة.
قوله: "وأكثر ما يكون ذلك" أي الإعطاء المذكور. قوله:
"التوبيخ" أي على الفعل الماضي والإنكار أي على الحال ويصح
جعل كليهما على كليهما والمراد بالإنكار عده منكرا قبيحا
لا الجحد والنفي. قوله: "ألا طعان" أي موجد وألا فرسان أي
موجودون على رواية من نصب عادية نعتا لفرسان، أما على
رواية من رفعها فهي خبر لا الثانية، والفرسان بضم الفاء
جمع فارس وعادية يروى بالعين المهملة من العدو وهو إسراع
السير أو العدوان وهو الظلم كناية عن القوة والشجاعة
بالمعجمة من الغدو ضد الرواح. وقوله إلا تجشؤكم أي الناشئ
من كثرة الأكل والاستثناء منقطع والتنور ما يخبر فيه. من
شرح شواهد المغني للسيوطي مع زيادة. قوله: "ألا ارعواء" أي
انكفاف والشبيبة وهو لغة حداثة السن. وعند الأطباء كون
الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية قوية قالوا وهو سن
الوقوف ويكون من نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
316- البيت من البسيط، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص179
"الحاشية"، وتخليص الشواهد ص414، والجني الداني ص384؛
وخزانة الأدب 4/ 69، 77، 79؛ وشرح شواهد المغني 1/ 210؛
والكتاب 2/ 306؛ والمقاصد النحوية 2/ 362؛ ولخداش بن زهير
في شرح أبيات سيبويه 1/ 588؛ ولحسان أو لخداش في الدرر 2/
230؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص80؛ وشرح عمدة الحافظ
ص318؛ ومغني اللبيب 1/ 68، 2/ 350؛ وهمع الهوامع 1/ 147.
317- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
25؛ وتخليص الشواهد ص414؛ والدرر 2/ 232؛ وشرح التصريح 1/
245؛ وشرح شواهد المغني 1/ 212؛ وشرح ابن عقيل ص206؛ وشرح
عمدة الحافظ ص319؛ ومغني اللبيب 1/ 68؛ والمقاصد النحوية
2/ 360؛ وهمع الهوامع 1/ 147.
ج / 2 ص -21-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويقل ذلك إذا كان مجرد استفهام عن النفي حتى توهم الشلوبين
أنه غير واقع، كقوله:
318-
لا اصطبار لسلمى أم لها جلد
إذا ألاقي الذي لا قاه أمثالي
أما إذا قصد بالاستفهام التمني وهو كثير كقوله:
319-
ألا عمر ولى مستطاع رجوعه
فيرأب ما أثأت يد الغفلات
فعند الخيل وسيبويه أن ألا هذه بمنزلة أتمنى فلا خبر لها،
وبمنزلة ليت فلا يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلاثين إلى نحو خمس وثلاثين أو أربعين سنة. والمشيب قيل
الشيب وقيل دخول الرجل في حد الشيب والشيب بياض الشعر
والهرم كبر السن. شمني مع زيادة. قال الدماميني وآذنت إن
كان حالا على تقدير قد فلا إشكال أو عطفا على الصلة
فارتباط الصلة المعطوفة بعود الضمير منها على الشبيبة
المضافة إلى ضمير الموصول مع أنه يمكن جعل الصلة مجموع
الجملتين فيكفي ضمير شبيبته في الربط لأن مجموعهما حينئذٍ
كجملة واحدة اهـ. باختصار.
قوله: "ويقل ذلك" أي الإعطاء المذكور وقوله عن النفي متعلق
باستفهام وتجرده خلوّه من التوبيخ والإنكار. وقرر البعض
العبارة بما لا ينبغي فاحذره. قوله: "لسلمى" هي زوجته.
وقوله الذي لاقاه أمثالي يعني الموت وأم تحتمل الاتصال
فيكون المطلوب بها وبالهمزة التعيين والانقطاع فتكون
إضرابا عن الاستفهام عن عدم الصبر إلى الاستفهام عن الصبر.
دماميني. قوله: "أما إذا قصد بالاستفهام" أي مع لا إذ
المجموع هو الدال على التمني على المذهبين الآتيين. وقوله
بالاستفهام أي بالهمزة التي للاستفهام باعتبار ما كان وإلا
فالآن قد انسلخ عنها الاستفهام كما انسلخ النفي عن لا
أفاده الروداني. قوله: "فيرأب" أي يصلح منصوب في جواب
التمني أثأث أخربت. قوله: "بمنزلة أتمنى فلا خبر لها" أي
لا لفظا ولا تقديرا كما قاله الدماميني كما أن أتمنى كذلك
إذ لا خبر للفعل وبحث فيه الروداني بأن كونها بمنزلة أتمنى
إن أوجب أن لا يكون لها خبر أوجب أيضا أن لا يكون لها اسم
فإن أتمنى كما لا خبر له لا اسم له وذلك باطل. قال والحق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
318- البيت من البسيط، وهو لقيس بن الملوح في ديوانه ص178؛
وجواهر الأدب ص245؛ والدرر 2/ 229؛ وشرح التصريح 1/ 244؛
وشرح شواهد المغني 1/ 42، 213؛ والمقاصد النحوية 2/ 358؛
وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 24؛ وتخليص الشواهد ص415،
والجني الداني ص384؛ وخزانة الأدب 4/ 70؛ وشرح ابن عقيل
ص207؛ وشر عمدة الحافظ ص320، 384؛ ومغني اللبيب 1/ 15؛
وهمع الهوامع 1/ 147.
319- البيت من الطويل،وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 26؛
وتخليص الشواهد ص415؛ والجني الداني ص384؛ وخزانة الأدب 4/
70، وشرح التصريح 1/ 245؛ وشرح شواهد المغني ص800؛ وشرح
ابن عقيل ص208؛ وشرح عمدة الحافظ ص318؛ ومغني اللبيب ص69،
381؛ والمقاصد النحوية 2/ 361.
ج / 2 ص -22-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراعاة محلها مع اسمها، ولا إلغاؤها إذا تكررت، وخالفهما
المازني والمبرد، ولا حجة لهما في البيت؛ إذ لا يتعين كون
مستطاع خبرًا أو صفة ورجوعه فاعلًا، بل يجوز كون مستطاع
خبرًا مقدمًا ورجوعه مبتدأ مؤخرًا والجملة صفة ثانية ولا
خبر هناك.
تنبيه: تأتي ألا لمجرد التنبيه وهي الاستفتاحية، فتدخل على
الجملتين نحو: {أَلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهما إن أراد بأنه لا خبر لها أنه يحذف ولا يذكر فمسلم
وإلا فتسليط التمني على مجرد الاسم دون معنى فيه لا يعقل
والمعقول إنما هو تمني المعنى في الاسم فيلزم كون ذلك
المعنى خبرا. ا. هـ. وقد يقال كما حصلت الفائدة المطلوبة
بقوله أتمنى ماء حصلت بما هو بمنزلته فلم يحتج إلى خبر فلا
يرد قوله وإلا فتسليط إلخ. والحاصل أن ألا ماء كلام تام
حملا على معناه وهو أتمنى ماء كما قاله الدماميني والاسم
هنا بمنزلة المفعول به وأتمنى له مفعول به فلا يرد قوله إن
أوجب كونها بمنزلة أتمنى إلخ. قوله: "وخالفهما المازني
والمبرد" فجعلاها كالمجردة من الهمزة واستدلا بالبيت لأن
مستطاع إما خبر للا أو صفة لاسمها ورفع مراعاة لمحل لا مع
اسمها والخبر على هذا محذوف أي راجع، وعلى كل فرجوعه نائب
فاعل مستطاع وأيا كان يبطل المذهب الأول. قال في الهمع
والفرق بين المذهبين من جهة المعنى أن التمني واقع على
الاسم على الأول وعلى الخبر على الثاني. قوله: "ولا حجة
لهما" أي للمازني والمبرد. قوله: "خبرا" أي حتى يمنع قول
الخليل وسيبويه لا خبر لها، وقوله أو صفة أو حتى يمنع
قولهما لا تجوز مراعاة محلها مع اسمها ففي كلامه لف ونشر
مرتب.
قوله: "ورجوعه" أي على الوجهين فاعلا أي نائب فاعل. قوله:
"والجملة صفة ثانية" أي في محل نصب اتباعا لمحل اسم لا
المفرد أو للفظه لمشابهة حركته البنائية حركة الإعراب في
عروضها بعروض لا وزوالها بزوالها فكأنها عاملة لها قاله
الشمني. وما ذكر من كون الجملة صفة ثانية يشكل عليه ما صرح
به الرضي في المنادى أن الموصوف بالجملة من الشبيه بالمضاف
وحينئذٍ فلو كان من الموصوف بالجملة لوجب نصبه إلا أن يخرج
على ما أجازه المصنف من ترك تنوين الشبيه بالمضاف مع
إعرابه. ا. هـ. سم أو يقال هو من وصف المنفي لا من نفي
الموصوف فيكون الوصف متأخرا عن البناء كما يقال في صورة
النداء من وصف المنادى لا من نداء الموصوف، وهذا الإشكال
وارد على كلام المازني والمبرد أيضا لأن جملة ولي صفة لعمر
كما نبه عليه الشارح بقوله صفة ثانية، وسيأتي في باب
النداء جواز جعل نحو يا حليما لا يعجل من المفرد وجعله من
الشبيه بالمضاف. وبحث الروداني في كون مستطاع رجوعه صفة
ثانية بأنه كمكابرة مقتضى العقل إذ لا يشك عاقل تأمل في أن
المتمني إنما هو استطاعة رجوع عمر ولي، فيكون مستطاع خبرا
ولا يعقل أن المتمني هو العمر المدبر المستطاع رجوعه.
قوله: "لمجرد التنبيه" أي فتدل على تحقق ما بعدها وتقويه
لتركبها في الأصل من همزة الإنكار الإبطالي ولا النافية
ونفي النفي يستلزم الثبوت فهو كدعوى الشيء ببينة كذا في
المغني والدماميني عليه. قال الشمني قال التفتازاني لكن
بعد التركيب صارت كلمة تنبيه تدخل على ما لا تدخل عليه لا
مثل
ج / 2 ص -23-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [يونس: 62]،
{أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8]، وللعرض والتحضيض فتختص بالفعلية نحو:
{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]،
{أَلَا تُقَاتِلُونَ
قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ}
[التوبة: 13]، وقوله:
320-
ألا رجلا جزاه الله خيرًا
يدل على محصلة تبيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألا إن زيدا قائم وكذا الكلام في أما والأكثر على أنهما
حرفان موضوعان لا تركيب فيهما. ا. هـ. قوله: "ألا يوم
يأتيهم" مثال لدخولها على الفعلية لأن ألا داخلة في
الحقيقة على ليس. قوله: "وللعرض" أي الطلب برفق والتحضيض
أي الطلب بإزعاج وقد مثل لهما على اللف والنشر المرتب.
قوله: "فتختص بالفعلية" أي ولو تقديرا كما في البيت،
ويشترط في الجملة أن تكون خبرية فعلها مضارع أو مؤول به
كما سيأتي. قوله: "ألا رجلا إلخ" بعده:
ترجل لمتى وتقم بيتي
وأعطيها الأتاوة إن
رضيت
قال الأزهري هما لأعرابي أراد أن يتزوج امرأة بمتعة، ورجلا
منصوب بمحذوف أي ألا ترونني رجلا أو هو منصوب بما يفسره
جزاه قاله البعض تبعا لغيره وفيه أن نصبه بما يفسره جزاه
يخرج ألا عن كونها للعرض أو للتحضيض لكون الفعل انشائيا
فلا يطلب ويصيرها استفتاحية فلا يكون البيت شاهدا لمدعى
الشارح. ثم رأيته في الدماميني على المغني. ثم رأيت صاحب
المغني اعترض أيضا جعله من الاشتغال بأن طلب رجل هذه صفته
أهم من الدعاء له فالحمل عليه أولى وبأن شرط منصوب
الاشتغال أن يقبل الرفع بالابتداء ورجلا نكرة. وأجيب بأن
النكرة هنا موصوفة بقوله يدل على محصلة تبيت وباستلزامه
الفصل بين الموصوف وصفته بالجملة المفسرة. وأجيب بأن ذلك
جائز كقوله تعالى:
{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ
لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176]، وبقي وجه ثالث
وهو قول يونس ألا للتمني ونون الاسم ضرورة ويروى بالجر على
تقدير من وبالرفع على الابتداء. والمحصلة المرأة التي تحصل
تراب المعدن واختارها لتكون عونا له على استخراج الذهب من
تراب معدنه. وقوله تبيت بفتح التاء من بات يفعل كذا إذا
فعله ليلا واسمه الضمير الذي فيه وخبره قوله في البيت
الثاني ترجل لمتي إلخ. وقيل بضم التاء من أبات أي تبيتني
عندها. وقيل معناه تكون لي بيتا أي امرأة بنكاح وقوله ترجل
لمتى أي تسرح شعر رأسي. واللمة بكسر اللام هي في الأصل
الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن فإذا بلغ المنكبين فهو جمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
320- البيت من الوافر، وهو لعمرو بن قعاس "أو قنعاس"
المرادي في خزانة الأدب 3/ 51، 53؛ والطرائف الأدبية ص73؛
وشرح شواهد المغني ص214، 215؛ وبلا نسبة في الأزهية ص164؛
وإصلاح المنطق ص431؛ وأمالي ابن الحاجب ص167، 412؛ وتخليص
الشواهد ص415؛ وتذكرة النحاة ص43؛ والجني الداني ص382؛
وجواهر الأدب ص337؛ وتخليص الشواهد 4/ 89؛ 183، 195، 268،
11/ 193؛ ورصف المباني ص79؛ شرح شواهد المغني ص641؛ وشرح
عمدة الحافظ ص317، وشرح المفصل 2/ 101؛ والكتاب 2/ 308؛
ولسان العرب 11/ 155 "حصل"؛ ومغني اللبيب ص69، 255، 600؛
والمقاصد النحوية 2/ 366، 3/ 352؛ ونوادر أبي زيد ص56.
ج / 2 ص -24-
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر
إذا المراد مع سقوطه
ظهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليست الأولى مركبة على الأظهر، وفي الأخيرتين خلاف،
وكلامه في الكافية يشعر بالتركيب "وشاع في ذا الباب إسقاط
الخبر" جوازًا عند الحجازيين ولزومًا عند التميميين
والطائيين "إذا المراد مع سقوطه ظهر" بقرينة نحو:
{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51]
{قَالُوا لَا ضَيْرَ}
[الشعراء: 50]، فإن خفي المراد وجب ذكره عند الجميع ولا فرق بين
الظرف وغيره. قال حاتم:
321-
ورد جازرهم حرفًا مصرمة
ولا كريم من الولدان مصبوح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بضم الجيم. وقوله وتقم بيتي بضم القاف أي تكنسه. والإتاوة
بكسر الهمزة وبالفوقية الخراج كما قاله العيني ولعل المراد
به هنا المهر.
قوله: "وليست الأولى" أي الاستفتاحية مركبة أي من همزة
الاستفهام ولا النافية. قوله: "على الأظهر" أي من الخلاف
بدليل تعبير التصريح بالأصح فما يوهمه قوله وفي الأخيرتين
خلاف من أنه لا خلاف في تركيب الأولى غير مراد. ولعل وجه
صنيعه أنه لم يظهر له ترجيح في الأخيرتين بخلاف الأولى لكن
في التصريح أن الأصح البساطة في الثلاث. قوله: "يشعر
بالتركيب" إلا أنهما انسلخا عن المعنى الأصلي. قوله:
"إسقاط الخبر" ومنه لا سيما ولا إله إلا الله فلفظ الجلالة
بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف وهو موجود لا خبر
لا لوجوب تنكيره ولأن خبرها خبر في الأصل لاسمها ولا يصح
أن يكون لفظ الجلالة خبر إله لتعريفه وتنكير إله، ولما قال
ابن الحاجب من أن المستثنى من مذكور لا يكون خبرا عن
المستثنى منه لأنه لم يذكر إلا لبيان ما قصد بالمستثنى منه
واحترز بقوله من مذكور من نحو وما محمد إلا رسول الله.
وقيل بدل من محل لا مع اسمها وقيل من محل اسمها قبل دخولها
وسنتكلم على القولين في الاستثناء. فإن قلت البدل هو
المقصود بالنسبة وهي بالنظر إلى المبدل منه سلبية فيفيد
التركيب ضد المطلوب. قلت النسبة إنما وقعت للبدل بعد نقض
النفي بإلا فالبدل هو المقصود بالنفي المعتبر في المبدل
منه لكن بعد نقضه ونفي النفي إثبات أفاده الدماميني. قوله:
"إذا المراد" بإذا الشرطية أو إذا التعليلية والشرط أولى
لإيهام التعليل ظهور المراد في كل تركيب وقعت فيه لا وليس
كذلك. قوله: "فلا فوت" أي لهم بدليل وأخذوا من مكان قريب
قالوا لا ضير أي علينا بدليل وأنا إلى ربنا لمنقلبون.
قوله: "قال حاتم" نوزع في نسبته إلى حاتم. والحرف الناقة
المهزولة وقيل المسنة. والمصرمة بفتح الراء المشددة التي
يعالج ضرعها لينقطع لبنها ليكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
321- البيت من البسيط، وهو لحاتم بن عبد الله الطائي في
ملحق ديوانه ص294؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 573؛ ولأبي ذؤيب
الهذلي في ملحق شرح أشعار الهذلين ص1307؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص205؛ وشرح المفصل 1/ 107؛ ولرجل جاهلي من بني
النبيت في المقاصد النحوية 2/ 368، 369؛ وبلا نسبة في
تخليص الشواهد ص422؛ ورصف المباني ص266، 267؛ وشرح ابن
عقيل ص 209؛ والكتاب 2/ 299؛ ولسان العرب 4/ 452 "صرر"؛
والمقتضب 4/ 370.
ج / 2 ص -25-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: ندرس من هذا الباب حذف الاسم وإبقاء الخبر، من ذلك
قولهم: لا عليك، يريدون لا بأس عليك. ا. هـ.
خاتمة: إذا اتصل بلا خبر أو نعت أو حال وجب تكراراها نحو:
{لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]،
{يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا
شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35]، وجاء زيد لا خائفًا ولا آسفًا. وأما قوله:
322-
وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا
حياتك لا نفع ومؤتك فاجع
وقوله:
323-
بكت جزعًا واسترجعت ثم آذنت
ركائبها أن لا إلينا رجوعها
وقوله:
324-
قهرت العدا لا مستعينًا بعصبة
ولكن بأنواع الخدائع والمكر
فضرورة والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوى لها. والولدان جمع وليد من صبي وعبد. والمصبوح اسم
مفعول من صبحته أي سقيته الصبوح وهو الشراب صباحا. وقد لفق
الشارح عجز بيت إلى صدر بيت آخر كما بينه العيني. قوله:
"ندر في هذا الباب إلخ" كما ندر حذفهما معا في قولك لا في
جواب القائل أعلى بأس. قوله: "إذا اتصل بلا خبرإلخ" وتكون
حينئذٍ مهملة. قوله: "وجب تكرارها" ما لم يكن الخبر أو
النعت أو الحال جملة فعلية نحو زيد لا يقوم ومررت برجل لا
يكرم أخاه وجاء زيد لا يركب فرسا. قوله: "نفع" أي لا نافية
ويحتمل أنها عاملة عمل ليس والخبر محذوف أي لا نفع فيها
فلا شاهد فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
322- البيت من الطويل، وهو للضحاك بن هنام في الاشتقاق
ص350؛ وخزانة الأدب 4/ 38؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 521؛
ولأبي زيد الطائي في حماسة البحتري ص116؛ ولرجل من سلول في
الكتاب 2/ 305؛ وبلا نسبة في الأزهية ص162؛ والدرر 2/ 235؛
وشرح المفصل 2/ 112؛ والمقتضب 4/ 360؛ وهمع الهوامع 1/
148.
323- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 34؛
والدر 2/ 233؛ ورصف المباني ص261؛ وشرح المفصل 2/ 112؛
والكتاب 2/ 298؛ والمقتضب 4/ 361؛ والمقرب 1/ 189؛ وهمع
الهوامع 1/ 148.
324- البيت من الطويل. وهو بلا نسبة في الجني الداني ص299؛
والدرر 2/ 235، 4/ 11؛ وهمع الهوامع 1/ 48، 245.
ج / 2 ص -27-
انصب بفعل القلب جزأي ابتدا
أعني رأى خال علمت وجدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول بقوله: "انصب بفعل القلب جزأي ابتدا" يعني المبتدأ
والخبر "أعني" بفعل القلب "رأى" بمعنى علم وهو الكثير
كقوله:
325-
رأيت الله أكبر كل شيء
محاولة وأكثرهم جنودًا
وبمعنى ظن وهو قليل. وقد اجتمعتا في قوله تعالى:
{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6]، أي يظنون ونعلمه، فإن كانت بصرية أو من الرأي أو
بمعنى أصاب رئته تعدت إلى واحد. وأما الحلمية فستأتي
و"خال" بمعنى ظن كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعطى ويبطل الثاني لأنها لا يجوز الغاؤها وباب ظن يجوز فيه
الإلغاء. ا. هـ. همع. وللأخفش ومن وافقه اختيار الثاني
ودفع هذا الإبطال بأن من باب ظن ما لا يجوز الغاؤه كهب
وتعلم وأفعال التصيير كما يأتي فلتكن سمع مثل ما ذكر
فتدبر. قوله: "لقيام معانيها" أي التضمنية. قوله: "جزأي
ابتدا" أي جزأي جملة ذات ابتداء وعبارته توهم جواز كون
المفعول الثاني جملة انشائية وليس كذلك ولهذا قال في
تسهيله ولهما أي للمفعولين من التقديم والتأخير ما لهما
مجردين أي عن هذه الأفعال ولثانيهما من الأقسام والأحوال
ما لخبر كان. ا. هـ. قال الدماميني فمن الأحوال أنه لا
يكون جملة طلبية ولهذا قال ما لخبر كان ولم يقل ما لخبر
المبتدأ وأما قول أبي الدرداء وجدت الناس أخبر تقله، فعلى
إضمار القول أي وجدت الناس مقولا في حق كل واحد منهم أخبر
تقله كما أول قول الشاعر:
وكوني بالمكارم ذكريني
بأنه خبر معنى أي تذكرينني. قوله: "رأى بمعنى
علم إلخ" يستثنى منه أرى المبني للمفعول فإنه استعمل بمعنى
أظن ولم يستعمل بمعنى أعلم وإن استعمل في الأكثر أريت
بمعنى أعلمت نقله اللقاني عن الرضي. قوله: "يرونه" أي
يظنون البعث ممتنعا ونعلمه واقعا لأن العرب تستعمل البعد
في الانتفاء والقرب في الحصول. قال الشيخ يحيى لا يخفى
أنهم جازمون بالبعد فحمله على الظن مشكل إلا أن يحمل الظن
على ما يشمل الاعتقاد الجازم المخالف للواقع. قوله: "أو من
الرأي" بمعنى الاعتقاد الناشىء عن اجتهاد يقال رأى أبو
حنيفة حل كذا أي اعتقد حله فيتعدى إلى واحد ولا يرد رأى
أبو حنيفة كذا حلالا لجواز أن يكون بمعنى ظن أو علم لكن
صرح بعضهم كما في الدماميني بأن رأى الاعتقادية متعدية إلى
اثنين. وقال الرضي لا دلالة في قولك رأى أبو حنيفة حل كذا
على أن رأى التي من الرأي متعدية إلى واحد دائما لجواز أن
تتعدى تارة إلى مفعولين كرأى أبو حنيفة كذا حلالا وتارة
إلى واحد هو مصدر ثاني هذين المفعولين مضافا إلى أولهما
كرأى أبو حنيفة حل كذا كما قد تستعمل علم المتعدية لاثنين
هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
325- البيت من الوافر، وهو لخداش بن زهير في المقاصد
النحوية 2/ 371؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص425؛ وشرح
ابن عقيل ص210؛ وشرح قطر الندى ص170؛ والمقتضب 4/ 97.
ج / 2 ص -28-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
326-
إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى
يسومك ما لا يستطاع من الوجد
وبمعنى علم وهو قليل كقوله:
327-
دعاني الغواني عمهن وخلتني
لي اسم فلا أدعى به وهو أول
فإن كان بمعنى تكبر أو ظلع هي لازمة و"علمت" بمعنى تيقنت
كقوله:
328-
علمتك الباذل المعروف فانبعثت
إليك بي واجفات الشوق والأمل
وقوله:
329-
علمتك منانًا فلست بآمل
نداك ولو ظمآن غرثان عاريا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعمال. ا. هـ. وهذا صريح في جواز استعمال أفعال هذا
الباب متعدية إلى واحد هو مصدر ثاني الجزأين مضافا إلى
أولهما من غير تقدير مفعول ثان لأن هذا المصدر هو المفعول
به في الحقيقة كما صرح به الرضي غير مرة فليجز الاقتصار
عليه في العبارة. وفي الدماميني ما يخالف ذلك وعلله بأن
المضاف إليه غير مقصود لذاته بل لغيره وهذه الأفعال
مستدعية في المعنى لشيئين ينعقد منهما المعنى المراد
فشرطوا استقلال كل منهما بنفسه فلا يكون أحدهما كالتتمة
للآخر وهو قابل للبحث وما قدمناه عن الرضي أوجه فتأمل.
قوله: "أصاب رئته" بالهمز عضو ذو شعبتين في القلب. قوله:
"إخالك" بكسر الهمزة على غير قياس وقد تفتح وذا هوى مفعوله
الثاني، تغضض الطرف أي تكفه، يسومك أي يكلفك والضمير
المستتر للهوى. قوله: "دعاني" أي سماني الغواني جمع غانية
وهي المرأة المستغنية بجمالها عن الحلي والحلل، وخلتني
الياء مفعول أول وجملة لي اسم مفعوله الثاني. وقوله فلا
أدعى يظهر أنه على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري أي أفلا
أدعى به وهو اسم لي وجملة وهو أول حال وقد عمل خال هنا في
ضميرين لشيء واحد وهو خاص بأفعال القلوب فلا يقال ضربتني
كما سنبسطه. قوله: "أو ظلع" من باب نفع كما في المصباح أي
عرج. قوله: "المعروف" بالنصب مفعول الباذل أو الجر بإضافة
الباذل إليه فانبعثت أي انطلقت واجفات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
326- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
45؛ والدرر 2/ 248؛ وشرح التصريح 1/ 249؛ وهمع الهوامع 1/
150.
327- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص370؛
وتخليص الشواهد ص437؛ والدرر 2/ 247، 266؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 629؛ والمقاصد النحوية 2/ 395؛ وبلا نسبة في شرح
ابن عقيل ص213؛ وهمع الهوامع 1/ 150.
328- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص211؛
والمقاصد النحوية 2/ 419.
329- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 2/ 86؛ وهمع
الهوامع 1/ 121.
ج / 2 ص -29-
ظن حسبت وزعمت مع عد
حجا درى وجعل اللذ كاعتقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبمعنى ظننت وهو قليل نحو:
{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 60]، فإن كانت من
قولهم علم الرجل إذا انشقت شفته العليا فهو أعلم فهي
لازمة. وأما التي بمعنى عرف فستأتي و"وجدا" بمعنى علم نحو:
{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}
[الأعراف: 102]، ومصدرها الوجود، فإن كانت بمعنى أصاب تعدت
إلى واحد ومصدرها الوجدان. وإن كانت بمعنى استغنى أو حزن
أو حقد فهي لازمة. و"ظن" بمعنى الرجحان كقوله:
330-
ظننتك إن شبت لظى الحرب صاليًا
فعردت فيمن كان عنها معردا
وبمعنى اليقين وهو قليل نحو:
{يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، وأما التي بمعنى اتهم فستأتي و"حسبت" بمعنى ظننت
كقوله تعالى:
{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ
أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}
[البقرة: 273]،
{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا
وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18]، وبمعنى تيقنت
وهو قليل كقوله:
331-
حسبت التقى والجود خير تجارة
رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلًا
وفي مضارعها لغتان: فتح السين وهو القياس وكسرها
وهو الأكثر في الاستعمال،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشوق أي دواعيه وأسبابه.
قوله: "منانا" أي معددا للنعم. والندى الجود. والغرثان
بفتح الغين المعجمة فسكون الراء بعدها ثاء مثلثة الجائع.
قوله: "علم الرجل" بالفتح فالكسر وأما علمه بفتحتين فمتعد
إلى واحد بمعنى شق شفته العليا كذا في القاموس. قوله:
"شفته العليا" أما مشقوق السفلى فأفلح. قوله: "ومصدرها
الوجود" وقيل الوجدان. قوله: "ومصدرها الوجدان" بكسر الواو
كما في القاموس قيل والوجود أيضا. قوله: "فهي لازمة" ومصدر
الأولى وجد بتثليث الواو، ومصدر الثانية وجد بفتحها ومصدر
الثالثة موجدة. ا. هـ. سم أي بفتح الميم وكسر الجيم. قوله:
"إن شبت" بفتح الشين وضمها كما في القاموس أي اتقدت، صاليا
هو اسم فاعل من صلى النار كرضى قاسى حرها، فعردت بالعين
المهملة فالراء المشددة أي انهزمت. قوله: "وظنوا أنهم
ملاقوا ربهم" التلاوة:
{الَّذِينَ يَظُنُّون أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}
[البقرة: 46]، ولعله لم يرد نظم القرآن. قوله: "ثاقلا" أي
ميتا. قوله: "وفي مضارعها لغتان" بخلاف التي بمعنى عد فهي
بفتح السين ومضارعها بالضم ومصدرها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
330- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
42؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 381.
331- البيت من الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه
ص246؛ وأساس البلاغة ص46 "ثقل"، والدرر 2/ 247؛ وشرح
التصريح 1/ 249؛ ولسان العرب 11/ 88؛ والمقاصد النحوية 2/
284؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 44؛ وتخليص الشواهد
ص435؛ وشراح ابن عقيل ص213؛ وشرح قطر الندى ص247؛ وهمع
الهوامع 1/ 149.
ج / 2 ص -30-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومصدرها الحسبان بكسر الحاء والمحسبة، فإن كان بمعنى صار
أحسب -أي ذا شقرة أو حمرة أو بياض كالبرص- فهي لازمة
"وزعمت مع عد" بمعنى الرجحان، فالأول كقوله:
332-
زعمتني شيخًا ولست بشيخ
إنما الشيخ من يدب دبيبًا
ومصدرها الزعم. قال السيرافي هو قول مقرون باعتقاد صح أم لا.
وقال الجرجاني هو قول مع علم. وقال ابن الأنباري إنه
يستعمل في القول من غير صحة، ويقوي هذا قولهم زعم مطية
الكذب أي هذه اللفظة مركب الكذب، فإن كانت بمعنى تكفل أو
رأس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسب بالفتح وحسبان بالضم والكسر وحساب وحسبة وحسابة بكسرهن
كذا في القاموس، فقول البعض مصدرها الحسبان فيه قصور.
قوله: "والمحسبة والمحسبة" أي بفتح السين وكسرها. قوله:
"مع عد" حال من مفعول أعني.
قوله: "يدب" بكسر الدال أي يمشي متمهلا. قوله: "ومصدرها
الزعم" بتثليث الزاي كما في القاموس. قوله: "قال السيرافي
إلخ" ساق كلام السيرافي دليلا لقوله للرجحان لكن قد يقال
الاعتقاد هو الحكم الجازم فالدليل مناف للمدلول إلا أن
يجاب بأن المراد بالاعتقاد الظن كهو في قول المصنف وجعل
اللذ كاعتقد أو بالرجحان ما عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن
دليل المسمى اعتقادا وساق كلام الجرجاني وكلان ابن
الأنباري ليقابل بكل منهما القول الأول أما مقابلته بكلام
الجرجاني فلاشتراط الجرجاني في الزعم العلم المستلزم للصحة
والجزم والدليل، وأما مقابلته بكلام ابن الأنباري فلاشتراط
ابن الأنباري عدم الصحة وإطلاقه القول عن قيد اقترانه
بالاعتقاد، فلعم أن بين القول الأول وقول الجرجاني التباين
بناء على أن المراد بالاعتقاد في الأول الظن أو بالرجحان
ما قابل اليقين كما مر وأن بين الأول وقول ابن الأنباري
العموم والخصوص من وجه نعم إن حمل كلام ابن الأنباري على
أن الزعم يستعمل في القول من غير صحة غالبا كما في كلام
كثير فلا ينافي أنه قد يستعمل في القول الصحيح كما في قول
أبي طالب يخاطبه صلى الله عليه وسلّم:
ودعوتني وزعمت أنك ناصح
ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
كان بينه وبين كلام السيرافي العموم والخصوص المطلق. وأما
بين قول الجرجاني وقول ابن الأنباري فالتباين لاشتراط
الصحة في أولهما لأن المعلوم لا بد أن يكون صحيحا كما عرفت
واشتراط عدمها في ثانيهما على ما مر والمراد الصحة وعدمها
في الواقع وإن خالفه الاعتقاد. وتقرير البعض كلام الشارح
على غير هذا الوجه ناشىء عن عدم التأمل. قوله: "فإن كانت
بمعنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
332- البيت من الخفيف، وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر
1/ 214 "سقط من الطبعة، وهو في الفهرس بقم 575" وشرح
التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني ص922؛ والمقاصد النحوية
2/ 297؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38؛ وتخليص الشواهد
ص428، وشرح شذوذ الذهب ص464؛ وشرح قطر الندى ص172؛ ومغني
اللبيب ص594.
ج / 2 ص -31-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعدت لواحد تارة بنفسها وتارة بالحرف، وإن كانت بمعنى سمن
أو هزل فهي لازمة.
تنبيه: الأكثر تعدي زعم أن وصلتها نحو:
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}
[التغابن: 7]، وقوله:
333-
وقد زعمت أني تغيرت بعدها
ومن ذا الذي يا عز لا يتغير
والثاني كقوله:
334-
فلا تعدد المولى شريكك في الغنى
ولكنما المولى شريكك في العدم
فإن كانت بمعنى حسب تعدت لواحد و"حجا" بمعنى ظن، كقوله:
335-
قد كنت أحجوا ابا عمرو أخا ثقة
حتى ألمت بنا يومًا ملمات
فإن كانت بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد أو رد تعددت إلى
واحد، وإن كانت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكفل إلخ" عبارة الهمع فإن كانت بمعنى كفل تعدت إلى واحد
والمصدر الزعامة أو بمعنى رأس تعدت تارة إلى واحد وأخرى
بحرف الجر. ا. هـ. وفي القاموس الزعم الكفيل وقد زعم به
زعما وزعامة ثم قال والزعامة الشرف والرياسة. قوله: "وتارة
بالحرف" أي الباء في الأولى وعلى في الثانية. قوله: "هزل"
هو بمعنى أصابه الهزال مما لزم البناء للمجهول وأما هزل
المبني للفاعل فضد الجد كما في الصحاح. قوله: "إلى أن" أي
المشددة والمخففة منها بدليل الأمثلة، وكزعم في أكثرية
التعدي إلى أن وصلتها تعلم كما سيذكره الشارح وبعكسهما هب
فإن تعديه إلى أن وصلتها قليل حتى منعه الجوهري والحريري
كذا في المغني والدماميني.
قوله: "والثاني" أي عد. قوله: "المولى" أي الصاحب مفعول
ثان وشريكك مفعول أول أي مخالطك في حال الغنى. والعدم
كقفل: الفقر. قوله: "بمعنى حسب" أي بفتح السين. قوله:
"ثقة" بالنصب صفة أخا فمعنى ثقة موثوقا به أو الخفض
بإضافته إليه فمعنى ثقة وثوق والملمات الحوادث النازلة
بالشخص. قوله: "في المحاجاة" في القاموس حاجيته محاجاة
وحجاء فحجوته فاطنته فغلبته. قوله: "أو رد" أي أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
333- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛
والأغاني 9/ 26؛ وتخليص الشواهد ص428؛ وخزانة الأدب 5/
222؛ 314؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ المقاصد النحوية 2/ 380؛
وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 40؛ وشرح شذور الذهب ص465.
334- البيت من الطويل، وهو للنعمان بن بشير ي ديوانه ص29؛
وتخليص الشواهد ص431؛ والدرر 2/ 238؛ وشرح النصريح 1/ 248؛
والمقاصد النحوية 2/ 377؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/
36؛ وخزانة الأدب 3/ 57؛ وشراح ابن عقيل ص214؛ وهمع
الهوامع 1/ 148.
335- البيت من البسيط، وهو لتميم بن مقبل في تخليص الشواهد
ص440؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 376؛ ولم
أقع عليه في ديوانه، وله أو لأبي شبل الأعرابي في الدرر 2/
237؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 35؛ وشرح شذور الذهب
ص463؛ وشرح ابن عقيل ص215؛ ولسان العرب 2/ 315 "ضربج"، 14/
167 "حجا"؛ وهمع الهوامع 1/ 148.
ج / 2 ص -32-
وهب تعلم والتي كصيرا
أيضًا بها انصب مبتدا وخبرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمعنى أقام أو بخل فهي لازمة و"درى" بمعنى علم كقوله:
336-
دريت الوفي العهد يا عرو فاعتبط
فإن اغتباطًا بالوفاء حميد
والأكثر فيه أن يتعدى إلى واحد بالباء تقول دريت بكذا، فإن
دخلت عليه همزة النقل تعدى إلى واحد نفسه وإلى آخر بالباء
نحو:
{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا
أَدْرَاكُمْ بِهِ}
[يونس: 16]، وتكون بمعنى ختل أي خدع فتتعدى لواحد نحو دريت
الصيد أي ختلته "وجعل اللذ كاعتقد" في المعنى نحو:
{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ
الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}
[الزخرف: 19]، فإن كانت بمعنى أوجد أو وجب تعدت إلى واحد
نحو: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1]،
وتقول جعلت للعامل كذا والتي بمعنى أنشأ قد مضى الكلام
عليها في بابها وأما التي بمعنى صير فستأتي "وهب" بلفظ
الأمر بمعنى ظن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساق أو حفظ أو كتم كما في التسهيل. قوله: "دريت" التاء
المفتوحة كما في شرح التوضيح للشارح نائب فاعل وهو المفعول
الأول والوفي مفعول ثان مضاف للعهد أو ناصب له أو رافع له
والنصب أرجحها والرفع أضعفها وعرو منادى مرخم عروة فاغتبط
أي دم على الاغتباط وهو تمني مثل حال المغبوط من غير أن
يزول عنه.
قوله: "والأكثر فيه إلخ" عطف على مقدر أي هذا الاستعمال
قليل والأكثر إلخ أي الكثير إذ لا كثرة في الاستعمال
الأول. قوله: "فإن دخلت عليه همزة النقل إلخ" محله إذا لم
يدخل على الفعل استفهام فإن دخل عليه تعدى إلى ثلاثة
مفاعيل نحو قوله تعالى:
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}
[القارعة: 3]، فالكاف مفعول أول والجملة بعدها سدت مسد
المفعولين قاله شيخ الإسلام. ولا يبعد عندي منع التقييد
وجعل الجملة سادة مسد الثاني المتعدي إليه بالحرف لما في
الهمع والمغني أنها تسد مسد المفعول المتعدي إليه بالحرف
فتكون في محل نصب بإسقاط الجار كما في فكرت أهذا صحيح أم
لا. قوله: "كاعتقد" أي ظن كما يدل عليه عد الشارح وغيره له
مما يدل على الرجحان كما سيأتي إلا أن يراد بالرجحان ما
عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن دليل كما قد يراد بالظن ذلك
كما في الأطول. ثم قضية المتن أن اعتقد يتعدى إلى اثنين
وقد نقل في الهمع عن السكاكي زيادة أفعال منها اعتقد
وتوهم. قوله: "وجعلوا الملائكة" قال الناظم في شرح الكافية
أي اعتقدوا. قال ابن الناظم. أي ظنوا. وقال الزمخشري أي
صيروا كذا في شرح الغزى فالتمثيل بالآية مبني على غير ما
ذكره الزمخشري. قوله: "تعدت إلى واحد" أي بنفسها فلا ينافي
أن جعل بمعنى أوجب يتعدى إلى ثان بحرف الجر كما في المثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
336- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في 2/ 33؛ الدرر 2/
245؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شذور الذهب ص466؛ وشرح ابن
عقيل ص212، 218؛ وشرح قطر الندى ص171؛ والمقاصد النحوية 2/
372؛ وهمع الهوامع 1/ 149.
ج / 2 ص -33-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله:
337-
فقلت أجرني أبا خالد
وإلا فهبني امرأ هالكا
أي اعتقدني و"تعلمْ" بمعنى اعلمْ، كقوله:
338-
تعلم شفاء النفس قهر عدوها
فبالغ بلطف في التحيل والمكر
والكثير المشهور استعمالها في أن وصلتها كقوله:
339-
فقلت تعلم أن للصيد غرة
وإلا تضيعها فأنك قتله
وقوله:
تعلم رسول الله أنك مدركي
وفي حديث الدجال
"تعلموا أن ربكم ليس
بأعور" أي اعلموا فإن كانت بمعنى تعلم الحساب ونحوه
تعدت لواحد. فقد بان لك أن أفعال القلوب المذكورة على
أربعة أنواع: الأول ما يفيد في الخبر يقينًا وهو ثلاثة:
وجد وتعلم ودرى. والثاني ما يفيد فيه رجحانًا وهو خمسة:
جعل وحجا وعد وزعم وهب. والثالث ما يرد للأمرين والغالب
كونه لليقين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بمعنى ظن" احتراز عن هب أمرا من الهبة وهب أمرا من
الهيبة. قوله: "أي اعتقدني" بمعنى ظنني كما عبر به في
الهمع أو أراد بالظن في قوله سابقا بمعنى ظن ما قابل
اليقين فلا منافاة في كلامه. قوله: "غرة" أي غفلة وقوله
وإلا تضيعها أي هذه الوصية فإنك قاتله أي مدركه ومصيبه.
قوله: "بمعنى تعلم الحساب" أي حصل علمه في المستقبل بتعاطي
أسبابه بخلاف التي بمعنى اعلم فهي أمر بتحصيل العلم في
الحال بما يذكر من المتعلق بالالتفات إلى سماع المتكلم
فحصل الفرق واندفع الاعتراض بأن معنى اعلم موجود في نحو
تعلم الحساب لأنه أمر بالعلم فأي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
337- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في
تخليص الشواهد ص442؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 2/ 243؛
وشرح التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني 2/ 923؛ ولسان
العرب 1/ 804 "وهب"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد
النحوية 2/ 378؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37؛ وشرح
شذور الذهب ص467؛ وشرح ابن عقيل ص216؛ ومغني اللبيب 2/
594؛ وهمع الهوامع 1/ 149.
338- البيت من الطويل وهو لزياد بن سيار في خزانة الأدب 9/
129؛ والدرر 2/ 246؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 923؛ والمقاصد النحوية 2/ 274؛ وبلا نسبة في
أوضح المسالك 2/ 31؛ وشرح شذر الذهب ص468؛ وشرح ابن عقيل
ص212؛ وهمع الهوامع 1/ 149.
339- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه
ص134؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ ولسان العرب 13/ 13 "أذن"؛
والمقاصد النحوية 2/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/
32.
ج / 2 ص -34-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو اثنان رأى وعلم. والرابع ما يرد لهما والغالب كونه
للرجحان وهو ثلاثة: ظن وخال وحسب.
تنبيه: إنما قال أعني رأى إلى آخره إيذانًا بأن أفعال
القلوب ليست كلها تنصب مفعولين إذ منها ما لا ينصب إلا
مفعولًا واحدًا نحو عرف وفهم، ومنها لازم نحو جبن وحزن.
وهذا شروع في النوع الثاني من أفعال الباب وهي أفعال
التصيير "والتي كصيرا" من الأفعال في الدلالة على التحويل
نحو جعل واتخذ وتخذ ووهب وترك ورد "أيضًا بها انصب" بعد أن
تستوفي فاعلها "مبتدا وخبرا" نحو:
340-
فصيروا مثل كعصف مأكول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرق أفاده سم. قوله: "في الخبر" أي في ثبوته للمخبر عنه
سم. قوله: "كصيرا" تضعيف صار أخت كان وربما أتى بالهمزة
بدل التضعيف فقيل أصار كما في التسهيل. وأما صير بمعنى نقل
تضعيف صار اللازم بمعنى انتقل فليست من أفعال هذا الباب.
قوله: "نحو جعل إلخ" إنما قال نحو لإدخال ما زاده كثير من
حذاق النحاة كما في الغزى وهو ضرب العامل في المثل نحو:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً}
[النحل: 112]
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13]، لكن الذي اختاره
المصنف في تسهيله عدم عده من أفعال هذا الباب وعليه فهو
بمعنى ذكر متعد لواحد والمنصوب الآخر بيان أو بدل وما زاده
بعضهم من نبذ في نحو:
{نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ
وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101]، فكتاب الله
مفعول أول ووراء مفعول ثان ولا يصح أن يكون ظرفا لنبذ لأن
الظرف لا بد أن يكون حاويا لفاعل العامل فيه وذلك متعذر
هنا كذا نقله غير واحد كالبعض عن ابن هشام وأقره، وهو
يقتضي أن ما كان بمعنى نبذ كرمى وطرح مثلها في ذلك، وأن
الظرفية للعامل لا تصح في نحو خلفت زيدا ورائي وأجلست عمرا
أمامي وهو بعيد جدا، ثم رأيت الفاضل الروداني قال ينبغي أن
لا يشك في بطلان هذه الدعوى إذ لا شك في صحة أبصرت الهلال
في السماء وبين السحاب مع عدم احتواء الظرف على الفاعل.
فالحق أن الظرف تارة يحوي الفاعل كدعوت الله في المسجد،
وتارة يحوي المفعول كالذي مر، وتارة يحويهما معا كضربت
زيدا في السوق فلا نسلم الحاق نبذ بأفعال التصيير.
قوله: "ووهب" وهو بهذا المعنى لازم المضي. قوله: "فصيروا
مثل كعصف مأكول" هو عجز بيت من السريع الموقوف، فلام مأكول
ساكنة وكاف كعصف قيل زائدة ومثل مضاف إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
340- الرجز لرؤية في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 10/
168، 175، 184، 189؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ وشرح شواهد
المغني 1/ 503؛ والمقاصد النحوية 2/ 402؛ ولحميد الأرقط في
الدرر 2/ 250؛ والكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك
2/ 52؛ والجني الداني ص90؛ وخزانة الأدب 7/ 73؛ ورصف
المباني ص201؛ وسر صناعة الإعراب ص296؛ ولسان العرب 9/ 247
"عصف"؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛ والمقتضب 4/ 141، 350؛ وهمع
الهوامع 1/ 150.
ج / 2 ص -35-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو:
{فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، ونحو:
{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}
[النساء: 125]، وكقوله:
341-
تخذت غراز إثرهم دليلًا
وما حكاه ابن الأعرابي من قولهم وهبني الله فداءك ونحو:
{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99]، وقوله:
342-
وربيته حتى إذا ما تركته
أخا القوم واستغنى عن المشح شاربه
ونحو:
{لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّارًا} [البقرة: 109]، وقوله:
343-
فرد شعورهن السود بيضا
ورد وجوههن البيض سودا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عصف وفيه قطع الجار عن العمل بلا كاف فالأولى أنها اسم
بمعنى مثل تأكيد لمثل الأولى أو مضافة إلى عصف ومضاف إليها
مثل. وأجيب كما في الروداني بأنه نظير لا أبا لك حيث جر
الضمير بالمضاف وزيدت اللام عند الجمهور. والعصف زرع أكل
حبه وبقي تبنه وقيل ورق الزرع. قوله: "غراز" بضم الغين
المعجمة وفتح الراء ثم زاي اسم واد ومنع من الصرف لقصد
البقعة، أثرهم أي عقب رحيلهم ودليلا بالدال المهلمة. قوله:
"فداءك" بالمد والقصر وقد يفتح المقصور كذا في القاموس.
قوله: "فرد" الضمير يرجع إلى الحدثان في البيت قبله وهو
قوله:
رمى الحدثان نسوة آل حرب
بمقدار سمدن له سمودا
والحدثان بالكسر كما في القاموس، وحدثان الأمر ابتداؤه،
وحدثان الدهر كما هنا تجدد مصائبه. وفي العيني ما يقتضي
أنه محرك مثنى لأنه فسره بالليل والنهار، وعليه فالضمير في
فرد للمقدار. وسمدن بفتح الميم كما يستفاد من القاموس أي
حزن. وقال العيني بالبناء للمفعول، ثم قال والسامد الساكت
والحزين الخاشع. ا. هـ. ففي كلامه تناف لأن فاعلا إنما
يصاغ من المبني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
341- عجزه:
وفروا في الحجاز ليعجزوني
والبيت من الوافر، وهو لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار
الهذليين 1/ 354؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ ولسان العرب 5/ 370
"عجز"، والمقاصد النحوية 2/ 200؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 2/ 51.
342- البيت من الطويل، وهو لفرعان بن الأعرف في الدرر 2/
251؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1445؛ ولسان العرب 3/
122 "جعد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 398؛ وبلا نسبة في شرح ابن
عقيل ص217؛ وهمع الهوامع 1/ 150.
343- البيت من الوافر، وهو لعبد الله بن الزبير في ملحق
ديوانه ص143، 144؛ وتخليص الشواهد ص443؛ وشرح ديوان
الحماسة للمرزوقي ص941؛ والمقاصد النحوية 2/ 417؛ ولأيمن
بن خريم في ديوانه ص126؛ ولفضالة بن شريك في عيون الأخبار
3/ 76؛ ومعجم الشعراء ص309؛ وللكميت بن معروف في ديل
الأمالي ص115؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص217.
ج / 2 ص -36-
وخص بالتعليق والإلغاء ما
من قبل هب والأمر هب قد ألزما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وخص بالتعليق" وهو إبطال العمل لفظا لا محلا "والإلغاء"
وهو إبطال لفظا ومحلا "ما" ذكر "من قبل هب" من أفعال
القلوب وهو أحد عشر فعلا وذلك لأن هذه الأفعال لا تؤثر
فيما دخلت عليه تأثير الفعل في المفعول لأن متناولها في
الحقيقة ليس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للفاعل. قوله: "وخص بالتعليق إلخ" المناسب لما قبله من
قوله: والتي كصيرا
أيضا انصب مبتدأ وخبرا
أن يكون خص فعل أمر ولما بعده من قوله والأمر هب
قد ألزما أن يكون خص ماضيا مبنيا للمجهول ويرجح الأول قوله
اجعل كل ماله زكن. وقوله وانو ضمير الشأن، وقوله وجوز
الإلغاء وقوله والتزم التعليق بناء على أن الرواية في هذين
بصيغة الأمر كما هو المشهور. ثم التخصيص إضافي أي بالنسبة
لهب وما بعده فلايرد جريان التعليق في نحو فكر وأبصر أو
التخصيص بالنظر إلى مجموع الإلغاء والتعليق والباء داخلة
على المقصور. ومما خص به الأفعال القلبية المتصرفة أيضا
جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين متحدين معنى نحو:
{أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7]، وظننتني داخلا، وظننتك داخلا وهل يجوز وضع نفس
مكان الضمير الثاني نحو ظننت نفسي عالما. قال ابن كيسان
نعم والأكثرون لا وألحق بها في ذلك رأي البصرية والحلمية
بكثرة، وعدم وفقد ووجد بقلة ولا يجوز ذلك في بقية الأفعال
فلا يجوز ضربتني مثلا بالاتفاق وعلله سيبويه بالاستغناء
عنه بالنفس نحو:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النحل: 44، القصص: 16]، وقيل لئلا يكون الفاعل
مفعولا وقيل لئلا يجتمع ضميران. أحدهما مرفوع والآخر منصوب
وهما لشيء واحد وقيل لأن الغالب في غير أفعال القلوب تغاير
الفاعل والمفعول، فلو قالوا ضربتني مثلا لربما سبق إلى
الفهم ما هو الغالب من التغاير ولم تقو حركة المضمر على
دفع ذلك، وأما أفعال القلوب فمفعولها ليس المنصوب الأول في
الحقيقة بل مصدر الثاني مضافا إلى الأول فجاز فيها ذلك،
وأيضا ليس الغالب فيها المغايرة لأن علم الإنسان بصفات
نفسه وظنه إياها أكثر فإن كان أحد الضميرين منفصلا جاز في
كل فعل نحو ما ضربت إلا إياك ويمتنع الاتحاد في هذا الباب
وفي غيره إن أضمر الفاعل متصلا مستترا مفسرا بالمفعول فلا
يجوز زيدا ظن قائما ولا زيدا ضرب تريد ظن نفسه وضرب نفسه،
أما مع الانفصال والبروز فجائز نحو ما ظن زيدا قائما إلا
هو وما ضرب عمرا إلا هو هذا حاصل ما في الهمع مع زيادة من
الدماميني. وفي المغني وغيره أنه يجب فيما أوهم كون الفاعل
والمفعول ضميرين متصلين متحدين معنى تقدير نفس نحو:
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}
[مريم: 25]،
{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}
[القصص: 32]،
{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37]، أي إلى نفسك وقس.
قوله: "وذلك" أي تخصيص ما ذكر من قبل هب بالتعليق والإلغاء
ثابت لأن إلخ. قوله: "تأثير الفعل" أي تأثيرا كتأثير الفعل
غيرها في المفعول وذلك لأنك إذا قلت ضربت زيدا كان متعلق
الضرب الذات لا الحدث بخلاف أفعال هذا الباب فإن متعلقها
الأحداث كقيام زيد في قولك علمت زيدا قائما فمراده
بمتناولها متعلقها. وقيل وجه التخصيص أن أفعال القلوب
ضعيفة
ج / 2 ص -37-
كذا تعلم ولغير الماض من
سواهما اجعل كل ما له زكن
وجوز الإلغاء لا في الابتدا
وانو ضمير الشان أو لام ابتدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الأشخاص وإنما متناولها الأحداث التي تدل عليها أسامي
الفاعلين والمفعولين، فهي ضعيفة العمل بخلاف أفعال
التصيير، وإنما لم يدخل التعليق والإلغاء هب وتعلم وإن
كانا قلبيين لضعف شبههما بأفعال القلوب من حيث لزوم صيغة
الأمر كما أشار إليه بقوله: "والأمر هب قد ألزما كذا تعلم"
ألزما ماض مجهول فيه ضمير مستتر يعود على هب نائب عن
الفاعل والألف للإطلاق، والأمر نصب بالمفعولين، والجملة
خبر المبتدأ وهو هب "ولغير الماض" وهو المضارع والأمر واسم
الفاعل واسم المفعول والمصدر "من سواهما" أي سوى هب وتعلم
من أفعال الباب "اجعل كل ما له" أي للماضي "زكن" أي علم من
الأحكام من نصب مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر، نحو ظن
زيدًا قائمًا، ويا هذا ظن زيدًا قائمًا، وأنا ظان زيدًا
قائمًا، ومررت برجل مظنون أبوه قائمًا، وأعجبني ظنك زيدًا
قائمًا، ومن جواز الإلغاء في القلبي وتعليقه على ما ستراه
"وجوز الإلغاء لا في" حال "الابتدا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حيث خفاء معانيها لكونها باطنية. قوله: "التي تدل" أي
دلالة تضمنية. قوله: "أسامي" أي الواقعة مفاعيل ثانية
غالبا. قوله: "بخلاف أفعال التصيير" فإن متناولها الذات
فهي قوية في العمل. قوله: "لضعف شبههما بأفعال القلوب" أي
غيرهما أي فلا يضم إليه وإلى ضعفهما الحاصل لغيرهما أيضا
من أفعال القلوب وهو ما ذكره الشارح آنفا ضعف آخر وهو دخول
الإلغاء والتعليق لئلا يجتمع على الكلمة ثلاث مضعفات، فلا
يقال إن تعليل الشارح يقتضي ثبوت التعليق والإلغاء فيهما
بالأولى. قوله: "كذا تعلم" قال الدماميني هذا مذهب الأعلم
وذهب غيره إلى أنها تتصرف وهو الصحيح حكى ابن السكيت تعلمت
أن فلانا خارج قال سم وقياس تصرفها أن يدخلها الإلغاء
والتعليق. قوله: "ألزما ماض مجهول إلخ" يلزم على هذا
الإعراب تقديم معمول الخبر الفعلي وفيه خلاف والبصريون
يجيزونه ولو رفع الأمر على أنه مبتدأ أول وهب مبتدأ ثان
وقد ألزما خبر المبتدأ الثاني والرابط محذوف تقديره ألزمه
لسلم من ذلك.
قوله: "ولغير الماض" مفعول ثان لأجعل ومن سواهما حال لازمة
من غير أتى به لبيان الواقع أي اجعل كل الأحكام التي علمت
للماضي ثابتة لغير الماضي حالة كونه جائيا من سوى هب
وتعلم. قوله: "وهو المضارع إلخ" نبه بالحصر على أن دخول
الصفة المشبهة وأفعل التفضيل وفعل التعجب غير مراد لأن
الأولى لا تصاغ إلا من لازم والأخيرين لا ينصبان مفعولين
وما نقله البعض عن البهوتي وأقره من التعليل بأنهما لا
يصاغان من فعل قلبي لا يخفى بطلانه إذ لا يمنع أحد زيد
أعلم من عمرو وما أعلم زيدا. قوله: "ومن جواز الإلغاء" أي
في غير المصدر أما فيه فيجب الإلغاء إذا تقدم عليه مفعولاه
أو أحدهما لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه كما سيأتي أو
المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب. قوله: "في
القلبي" قيد به لإخراج أفعال التصيير الداخلة في قوله
سابقا من أفعال الباب. قوله: "وتعليقه" إن عطف على جواز
فلا
ج / 2 ص -38-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالفعل بل في حال توسطه أو تأخره، وصدق ذلك بثلاث صور:
الأولى أن يتوسط الفعل بين المفعولين، والإلغاء والإعمال
حينئذ سواء كقوله:
344-
شجاك أظن ربع الظاعنين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إشكال أو على الإلغاء فالمراد بالجواز ما قابل الامتناع
فيصدق بالوجوب فلا ينافي ما سيأتي من أن التعليق لازم عند
وجود المعلق لا جائز أو المراد بجوازه جواز الإتيان بسببه
وهو المعلق. قوله: "بل في حال توسطه أو تأخره" لكن يقبح
الإلغاء إذا أكد الفعل بمصدر لمنافاة تأكيده لإلغائه ويقل
إذا أكد باسم إشارة أو ضمير عائدين إلى المصدر المفهوم منه
نحو زيد ظننت ذاك أي الظن منطلق وزيد ظننته أي الظن منطلق،
ورأيت بخط الشنواني على هامش شرح التسهيل للدماميني نقلا
عن سم ما نصه ذكر المرادي أن لجواز الإلغاء هنا قيدين
أهملهما المصنف: أحدهما أن لا تدخل لام الابتداء على الاسم
فإن دخلت نحو لزيد قائم ظننت وجب الإلغاء. الثاني أن لا
ينفى الفعل فإن نفى امتنع فيمتنع نحو زيد قائم لم أظن
لبناء الكلام على النفي، ولم يتعرض المصنف ولا غيره من
أتباعه لهذا الذي ذكره المرادي وهو محل نظر إذ قد يدفع
الأول بأنه لا حاجة لاستدراكه لأنه من باب التعليق إذ
الظاهر أن تأخير الفعل مع وجود المعلق لا يمنع من التعليق
ويدفع الثاني بمنعه وقد يؤيد. ا. هـ. أي يؤيد منعه بعدم
منافاة بناء الكلام على النفي للإلغاء وبقول الشاعر:
وما إخال لدينا منك تنويل
على ما فيه وما نقله المرادي نقله السيوطي في نكته عن أبي
حيان شيخ المرادي. قال سم وينبغي أن يكون كاللام غيرها من
المعلقات. ا. هـ. وقد تصرف البعض في عبارة السيوطي بلا فهم
صحيح فوقع في الخلل حيث قال عقب الشرط الأول فلا يجوز لزيد
قائم ظننت ولا لزيد ظننت قائم. قوله: "وصدق ذلك" أي قول
المصنف لا في الابتدا لأن المراد بالابتداء أن لا يسبق على
الفعل شيء كما هو صريح صنيع الشارح بعد. قوله: "سواء" أي
لأن العامل اللفظي لما ضعف بالتوسط قاومه العامل المعنوي
الذي هو الابتداء وقيل الأعمال أقوى لأن اللفظي أقوى وإن
توسط ورجحه في التوضيح وكل من التعليلين لا يجري في نحو
قول الشاعر شجاك إلخ على تقرير الشارح الآتي إذ ليس فيه
على تقريره عامل معنوي كما ستعرفه وإنما يجريان في نحو زيد
ظننت قائم. قوله: "شجاك" أي أحزنك ربع الظاعنين أي منزل
الراحلين. قوله: "يروى برفع ربع إلخ" مفاد كلام الشارح
تعين الإلغاء على رفع ربع وتعين الأعمال على نصبه وأن
جوازهما عند عدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
344- عجزه:
ولم تعبأ بعذل العاذلينا
والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص446؛
والدرر 2/ 261؛ وشرح شواهد المغني 2/ 806؛ ومغني اللبيب 1/
378؛ والمقاصد النحوية 2/ 419؛ وهمع الهوامع 1/ 153.
ج / 2 ص -39-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يروى برفع ربع على أنه فاعل شجاك أي أحزنك، وأظن لغو
وبنصبه على أنه مفعول أول لأظن، وشجاك المفعول الثاني
مقدم. الثانية أن يتأخر عنهما والإلغاء حينئذ أرجح كقوله:
345-
آت الموت تعلمون فلا ير
هبكم من لظى الحروب اضطرام
الثالثة أن يتقدم عليهما ولا يبتدأ به بل يتقدم عليه شيء نحو
متى ظننت زيدًا قائمًا والأعمال حينئذ أرجح. وقيل واجب.
ولا يجوز إلغاء المتقدم خلافًا للكوفيين والأخفش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التزام واحد بعينه من الرفع والنصب وهو كلام صحيح لا ينبغي
أن يقع فيه خلاف بين بصري وكوفي. وأما قول المصنف في
تسهيله وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا
للكوفيين فالظاهر عندي أن مراده بمرفوع الفعل ما يصلح
مرفوعا له لا المرفوع له بالفعل، وكيف يدّعي أحد جواز
الإلغاء مع فرض ما قبل العامل فعلا وما بعده مرفوعا به على
الفاعلية. وبما ذكرناه يعلم ما في كلام البعض فافهم ولا
تغفل. قوله: "وأظن لغو" فهو مع فاعله جملة معترضة كما في
المغني والجملة المعترضة تقع بين الفعل وفاعله والمبتدأ
وخبره فاعتراض البعض بأنه يلزم على الإلغاء المذكور الفصل
بين الفعل ومرفوعه بأجنبي مدفوع.
قوله: "وشجاك المفعول الثاني" أي جملة في محل نصب مفعول
ثان وجعل الدماميني وغيره شجا في البيت اسما مضافا إلى
الكاف لا فعلا ماضيا، والشجا الحزن. والمعنى أن سبب حزنك
ربع الأحبة الظاعنين أي المرتحلين باعتبار ما تثيره عندك
رؤيته خاليا منهم من لوعة الفراق وتذكر أوقات الأنس
الفائتة. قوله: "أن يتأخر عنهما" وجملته حينئذٍ استئنافية
كما في المغني. قوله: "فلا يرهبكم" بفتح الياء والهاء أو
بضم الياء وكسر الهاء أي يخفكم اضطرام أي اشتعال. قوله:
"بل يتقدم عليه شيء" أي سواء صلح لأن يكون معمول الخبر
كمتى في المثال أو لم يصلح كأني في البيت الآتي كما يدل
عليه قول الشارح الآتي نعم يجوز إلخ. وإنما جوّز تقدم ذلك
الإلغاء لتنزيله منزلة تقدم معمول الفعل وفي كلام شيخنا
وغيره تقييد الشيء المتقدم بأن لا يكون معمولا للفعل فإن
كان معمولا له كمتى في المثال إن جعل معمولا للفعل لا
للخبر امتنع الإلغاء عند البصريين لأن المتقدم على ظن
حينئذٍ معمولها فهي في الحقيقة في الابتداء بخلاف معمول
الخبر لأنه أجنبي من الفعل إذ معمول المعمول ليس بمعمول.
قوله: "وقيل واجب" لأن العبرة في الابتداء بالفعل بوقوعه
قبل المفعولين وإن سبقه شيء غيرهما. قوله: "ولا يجوز إلغاء
المتقدم" هذا بيان لمفهوم قوله لا في الابتداء ودخول على
المتن، والمراد المتقدم على المفعولين وغيرهما بأن لا
يتقدم عليه شيء كما يدل عليه كلامه قبل لكن ينافيه تمثيله
بعد لموهم إلغاء المتقدم بالبيتين الآتيين لأن الفعل فيهما
مسبوق بشيء وإنما يكون هذا التمثيل مناسبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
345- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد
ص445؛ والمقاصد النحوية 2/ 402.
ج / 2 ص -40-
في موهم إلغاء ما تقدما
والتزم التعليق قبل نفي ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وانو ضمير الشأن" ليكون هم المفعول الأول، والجزءان جملة
في موضع المفعول الثاني "أو" انو "لام ابتدا" لتكون
المسألة من باب التعليق "في موهم إلغاء ما تقدما" كقوله:
346-
أرجو وآمل أن تدنو مودتها
وما إخال لدينا منك تنويل
وقوله:
347-
كذاك أدبت حتى صار من خلقي
أني رأيت ملاك الشيمة الأدب
فعلى الأول التقدير إخاله ورأيته أي الشأن، وعلى
الثاني لملاك وللدينا. فالفعل عامل على التقديرين. نعم
يجوز أن يكون ما في البيتين من باب الإلغاء لتقدم ما في
الأول وإني في الثاني على الفعل، ولكن الأرجح خلافه كما
عرفت، فالحمل على ما سبق أولى "والتزم التعليق" عن العمل
في اللفظ إذا وقع الفعل قبل شيء له الصدر كما إذا وقع "قبل
نفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو حمل تقدم الفعل على تقدمه على المفعولين وإن سبق بشيء
غيرهما مما يتعلق بالجملة ويمكن أن يعمم في قول المصنف
وانو إلخ بأن يراد انو وجوبا وذلك إذا لم يسبق الفعل بشيء
وباعتبار هذا القسم اتجه الدخول على المتن بقوله ولا يجوز
إلخ، أو استحسانا وذلك إذا سبق بشيء غير مفعوليه وإن اقتصر
الشارح في التمثيل على القسم الثاني وقد يؤيد هذا قوله نعم
يجوز إلخ فتأمل.
قوله: "وآمل" من عطف المرادف ولا يكون إلا بالواو كما قاله
زكريا وغيره. قوله: "تنويل" أي إعطاء. قوله: "كذاك" أي مثل
الأدب المذكور. وقوله ملاك الشيمة بكسر اليم وفتحها ما
يقوم به. والشيمة بالكسر الخلق. قوله: "فالفعل عامل على
التقديرين" لكنه على تقدير ضمير الشأن عامل في محل كل من
المفعولين على حدته أعني ضمير الشأن المقدر والجملة بعده
وعلى تقدير لام الابتداء عامل في محل الجملة السادة مسد
المفعولين. قوله: "نعم يجوز إلخ" استدراك على ما يوهمه
التمثيل بالبيتين من أنه لا يصح أن يكون من باب الإلغاء.
قوله: "كما عرفت" أي من قوله والإعمال حينئذٍ أرجح وقيل
واجب. قوله: "فالحمل على ما سبق" أي حمل البيتين على نية
ضمير الشأن أو لام الابتداء. قوله: "نفي ما" أي ما النافية
فلا حاجة لقول الشارح النافية. قوله: "لقد علمت ما هؤلاء
ينطقون" جملة هؤلاء ينطقون لفظها واحد قبل التعليق وبعده
وإنما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
346- البيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص62،
وخزانة الأدب 11/ 311؛ والدرر 1/ 172، 2/ 259؛ وشرح
التصريح 1/ 258؛ وشرح عمدة الحافظ ص258؛ والمقاصد النحوية
2/ 412؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 67؛ وشرح ابن عقيل
ص220؛ وهمع الهوامع 1/ 53، 153.
347- البيت من البسيط وهو لبعض الفزاريين في خزانة الأدب
9/ 139، 143، 10/ 335؛ والدرر 2/ 257؛ وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 3/ 133؛ وأوضح المسالك 2/ 65؛ وتخليص
الشواهد ص449؛ وشرح التصريح 1/ 258؛ وشرح ديوان الحماسة
للمزروقي ص1146؛ وشرح عمدة الحافظ ص249؛ وشرح ابن عقيل
ص221؛ والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89؛ والمقرب 1/ 117؛
وهمع الهوامع 1/ 153.
ج / 2 ص -41-
وإن لا لام ابتداء أو قسم
كذا والاستفهام ذا له انحتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما" النافية نحو:
{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا
هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65]، "وإن ولا"
النافيتين في جواب قسم ملفوظ أو مقدر نحو علمت والله أن
زيد قائم، وعلمت أن زيد قائم، وعلمت والله لا زيد في الدار
ولا عمرو، وعلمت لا زيد في الدار ولا عمرو ,"لام ابتداء
أو" لام جواب "قسم كذا" نحو:
{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102]، وكقوله:
348-
ولقد علمت لتأتين منيتي
إن المنايا لا تطيش سهامها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرق بينهما أن المحل للجملة السادة مسد المفعولين بعد
التعليق ولكل من جزأيها قبله قاله يس. قوله: "وإن" أي سواء
كانت عاملة أو مهملة وإن لم يمثل الشارح إلا للمهملة.
قوله: "ولا" أي سواء كانت عاملة عمل إن أو عمل ليس أو
مهملة وإن اقتصر الشارح في التمثيل على المهملة وقيدها
شارح اللباب بالنافية للجنس.
قوله: "في جواب قسم" قيل الصحيح أنه ليس بقيد لكن في
المغني ما يظهر به وجه التقييد حيث نقل فيه أن الذي اعتمده
سيبويه أن لا النافية إنما يكون لها الصدارة حيث وقعت في
صدر جواب القسم. وقال في محل آخر لا النافية في جواب القسم
لها الصدر لحلولها محل ذوات الصدر كلام الابتداء وما
النافية. ا. هـ. وإن كلا. قوله: "علمت والله إن زيد قائم"
جواب القسم مع الفعل المقدر وهو أقسم في محل نصب سد مسد
المفعولين. وقولهم جواب القسم لا محل له إذا لم يضم إلى
غيره كما هنا ولا يضر وقوع المعلق بالكسر في غير صدر
الجملة المعلقة، أما على القول بعدم اشتراط ذلك فظاهر وأما
على الاشتراط فلأن المقصود بالقسم تأكيد الجواب فهو معه
كالشيء الواحد فالمتقدم عليه كالمتقدم على القسم هذا ما
قالوه. ولقائل أن يقول العلم إنما تعلق بمضمون جملة الجواب
فقط فهي التي في محل نصب سدت مسد المفعولين ولا يرد أن
جملة الجواب لا محل لها لجواز أن يكون لها محل باعتبار
التعليق ولا يكون لها باعتبار الجواب كما جوز المصرح في
قول الناظم في باب إعراب الفعل وستره حتم نصب أن الجملة
حالية معترضة ولها محل من حيث إنها حالية ولا محل لها من
حيث أنها معترضة ولا منافاة أو يخصص قولهم جملة الجواب لا
محل لها بما إذا لم يتسلط عليها عامل فاعرفه.
قوله: "لام ابتداء" مبتدأ خبره كذا أي كنفي ما وإن ولا.
قوله: "نحو ولقد علموا إلخ" اللام الأولى لام القسم ولا
شاهد فيها والثانية لام الابتداء وفيها الشاهد، ومن مبتدأ
أول وخلاق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
348- البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص308؛
وتخليص الشواهد ص453؛ وخزانة الأدب 9/ 159، 161؛ والدرر 2/
263؛ وشرح شواهد المغني 2/ 828؛ والكتاب 3/ 110؛ والمقاصد
النحوية 2/ 405؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 61؛ وخزانة
الأدب 10/ 334؛ وسر صناعة الإعراب ص400؛ وشرح شذور الذهب
ص471؛ وشر قطر الندى ص176؛ ومغني اللبيب 2/ 401، 407؛ وهمع
الهوامع 1/ 154.
ج / 2 ص -42-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والاستفهام ذا" الحكم "له انحتم" سواء كان بالحرف نحو:
{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109]، أم بالاسم سواء كان الاسم مبتدأ نحو:
{لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12]،
{وَلَتَعْلَمُنَّ
أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا} [طه: 71]، أم خبرًا
نحو علمت متى السفر، أم مضافًا إليه المبتدأ نحو علمت أبو
من زيد أم فضلة نحو:
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227]، فأي نصب على المصدر بما بعده أي ينقلبون منقلبًا
أي انقلاب، وليس منصوبًا بما قبله لأن الاستفهام له الصدر
فلا يعمل فيه ما قبله.
تنبيهات: الأول إذا كان الواقع بين المعلق والمعلق غير
مضاف نحو علمت زيدًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ ثان مجرور بمن الزائدة وله خبره والجملة خبر من،
وجملة من اشتراه إلخ في محل نصب سدت مسد المفعولين. قوله:
"ولقد علمت لتأتين إلخ" اللام الأولى للتأكيد والثانية لام
جواب القسم كما قاله العيني وجملة القسم المقدرة وجوابه في
محل نصب سدت مسد المفعولين على ما قيل وفيه ما مر ولك جعل
اللام الأولى لام جواب قسم آخر بأن يكون أقسم على العلم
وأقسم على الإتيان. قوله: "والاستفهام" أي ولو بهل على
الصحيح كما بسطه الدماميني. قوله: "ذا الحكم" أي التعليق
لالتزامه لقوله انحتم. قوله: "وإن أدري إلخ" أي ما أدري
جواب هذا السؤال، وما توعدون مبتدأ خبره ما قبله أو فاعل
بقريب لاعتماده على استفهام أو ببعيد على التنازع والجملة
على كل في محل نصب بأدري. قوله: "أحصى" فعل ماض وقيل اسم
تفضيل على غير قياس لأنه من رباعي. ورده في المغني بأن
الأمد ليس محصيا بل محصى وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل
كونه فاعلا في المعنى كزيد أكثر مالا واللام على الأول
زائدة وعلى الثاني للتعدية. قوله: "أم مضافا إليه المبتدأ"
أي أو الخبر نحو علمت صبيحة أي يوم سفرك. قوله: "أبو من"
أبو اسم استفهام مبتدأ مضاف إلى من فقول الشارح أو مضافا
إليه المبتدأ هو بالنظر للأصل وإلا فاسم الاستفهام بعد
الإضافة هو أبو كما مر. لا يقال ما له الصدر لا يعمل فيه
ما قبله فكيف عمل أبو في من لأنا نقول محل ذلك إذا لم يكن
العامل جارا.
قوله: "فأي نصب على المصدر إلخ" عبارة الفارضي فأي اسم
استفهام مفعول مطلق منصوب بينقلبون وهو مقدم من تأخير لأن
الأصل ينقلبون أي منقلب يعني أي انقلاب فقدم لأن له صدر
الكلام. قوله: "منقلبا أي انقلاب" يوهم أن أيا صفة لمصدر
محذوف وهو ينافي ما أسلفه من كونها استفهامية لأن
الاستفهامية لا تكون صفة كما أن الصفة لا تكون استفهامية
كما نص عليه الشمني. قوله: "فلا يعمل فيه ما قبله" ما لم
يكن حرف جر نحو ممن أخذت وبم جئت وعم تسأل وعلى أي حال
أتيت أو مضافا نحو غلام من أنت. قوله: "جاز نصبه" أي على
أنه مفعول أول والجملة بعده مفعول ثان وهذه الصورة مستثناة
من كون التعليق واجبا وليس من ذلك أرأيت زيدا أبو من هو
بمعنى أخبرني عن زيد لأن زيدا منصوب بنزع الخافض وجوبا
ج / 2 ص -43-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هو جاز نصبه وهو الأجود لكونه غير مستفهم به ولا مضاف
إلى مستفهم به، وجاز أيضًا رفعه لأنه المستفهم عنه في
المعنى، وهذا شبيه بقولهم أن أحدًا لا يقول ذلك، فأحدًا
هذا لا يستعمل إلا بعد نفي وهنا قد وقع قبل النفي لأنه
والضمير في لا يقول شيء واحد في المعنى، الثاني من
المعلقات أيضًا لعل نحو:
{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111]، ذكر ذلك أبو علي في التذكرة. ولو الشرطية كقوله:
349-
وقد علم الأقوام لو أن حاتمًا
أراد ثراء المال كان له وفر
وإن التي في خبرها اللام نحو علمت أن زيدًا لقائم، ذكر ذلك
جماعة من المغاربة، والظاهر أن المعلق إنما هو اللام لا
إن، إلا أن ابن الخباز حكى في بعض كتبه إنه يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجملة بعده مستأنفة ولا تعليق، فإن وقع بعد التاء كاف
فهي حرف خطاب. قال الشهاب في حواشي البيضاوي: استعمال
أرأيت بمعنى أخبرني مجاز ووجه المجاز أنه لما كان العلم
بالشيء وابصاره سببا للإخبار عنه استعمل رأي التي بمعنى
علم أو أبصر في الإخبار والهمزة التي للاستفهام عن الرؤية
في طلب الاخبار لاشتراكهما في مطلق الطلب ففيه مجازان. ا.
هـ. باختصار.
قوله: "وهو الأجود" وعليه فالتعليق ليس إلا عن المفعول
الثاني، وقد نقل الدماميني عن صاحب الانتصاف أنه قال
التعليق عن أحد المفعولين فيه خلاف وعن صاحب التقريب أنه
استشكل وقوع الجملة الاستفهامية مفعولا ثانيا بأنه لا معنى
لقولك علمت زيدا جواب هذا الاستفهام ويمكن دفعه بتقدير
متعلق بدل جواب. قوله: "أيضا" لعل أيضا مقدمة من تأخير
ويختص تعليقها بدرى فلا تعلق غيره كما في الجامع وشرحه.
ومنها كم الخبرية أيضا كما قاله الزمخشري وأيده صاحب
المغني في الجملة السادسة من الباب الخامس، بل قال
الدماميني إنما سكت عنها النحويون استغناء بتصريحهم بأن
لها الصدر كالاستفهامية إذ كل ما له الصدر يعلق، نعم لا
تعلق على ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من عدم التزام
صدارتها وقال إنه لغة رديئة. قوله: "لو أن حاتما" أي
ومعمولاها فاعل ثبت محذوفا وثراء المال بالفتح والمد كثرته
والوفر الكثير. قوله: "في خبرها" أو اسمها المتأخر نحو
علمت.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً}
[آل عمران: 13]، أو معمول خبرها نحو علمت أن زيدا لفي
الدار قائم. قوله: "والظاهر أن المعلق إنما هو اللام" يفيد
أن المعلق لا يشترط أن يكون في صدر الجملة المعلق عنها وقد
يقال أن اللام حقها في الأصل صدر الجملة لكن زحلقت عنه
كراهة توالي حرفي توكيد كما مر فهي مصدرة حكما نقله شيخنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
349- البيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص202؛
والأغاني 17/ 276، 295؛ وأمالي الزجاجي ص209؛ وخزانة الأدب
4/ 213؛ والدرر 2/ 264؛ والشعر والشعراء 1/ 253؛ ولسان
العرب 4/ 548 "عذر" 4/ 110 "ثرا"؛ وهمع الهوامع 1/ 154؛
وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص789؛ وشرح شذور الذهب ص473.
ج / 2 ص -44-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علمت أن زيدًا قائم بالكسر مع عدم اللام وأن ذلك مذهب
سيبويه، فعلى هذا المعلق إن، الثالث قد عرفت أن الإلغاء
سبيله عند وجود سببه الجواز، والتعليق سببه الوجوب، وأن
الملغي لا عمل له ألبته والمعلق عامل في المحل حتى يجوز
العطف بالنصب على المحل كقوله:
350-
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
ولا موجعات القلب حتى تولت
يروى بنصب موجعات بالكسر عطفًا محل قوله ما البكا. ووجه
تسميته تعليقا أن العامل ملغى في اللفظ عامل في المحل فهو
عامل لا عامل فسمي معلقًا أخذًا من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فعلى هذا المعلق إن" أي ولا يحتاج إلى ما سبق من
اشتراط وجود اللام في خبرها لأن إن أيضا لها الصدارة قال
سم. لعل التعليق هنا جائز لا واجب فيستثنى من وجوب التعليق
ونقل عن غيره أنه واجب فلا استثناء ولك أن تقول معنى تجويز
سم التعليق هنا أنه لا يتعين كسر إن وتعليق الفعل بها بل
يجوز الفتح وجعل الفعل غير معلق. ومعنى إيجاب غيره التعليق
أنه يتعين ما دام كسر إن فلا خلاف في الحقيقة. قوله:
"الجواز" أي في غير المصدر أما إذا كان الملغى مصدرا
متوسطا أو متأخرا فالغاؤه واجب لأن المصدر لا يعمل في
متقدم نحو زيد قائم ظني غالب وزيد ظني غالب قائم، وفي غير
اقتران المفعول الأول المقدم على عامله بلام الابتداء
فالإلغاء حينئذٍ واجب على ما مر. قوله: "والمعلق عامل في
المحل" أي في محل الجملة بعد أن كان عاملا في لفظ كل من
الجزأين أو في محله. قوله: "حتى يجوز إلخ" حتى ابتدائية
تفريعية فالفعل بعدها واجب الرفع. ويستفاد من جواز العطف
بالنصب على المحل أن المعلق إنما يمنع العمل بالنسبة
للجملة التي اتصل بها لا بالنسبة لتوابعها وأن العطف على
المحل جائز لا واجب. قوله: "كقوله وما كنت إلخ" قال
الدماميني ليس بقاطع لاحتمال أن تكون ما زائدة والبكاء
مفعول به أو أن الأصل ولا أدري موجعات القلب فيكون من عطف
الجمل. ا. هـ. ولا يخفى كفاية الظواهر في أمثال هذه
المقامات.
قوله: "ولا موجعات" عطف على محل ما البكا، ولا بد من تقدير
ما هي بعد موجعات القلب أو اعتبار أن موجعات القلب في معنى
الجملة أي ولا موجعات لقلبي وإلا لزم عمل أدري في مفعول
واحد وهو لا يجوز على ما مر فيشترط على المشهور في المعطوف
على المحل أن يكون جملة في الأصل لفظا نحو علمت لزيد قائم
وبكرا قاعدا أو تقديرا نحو الذي مرّ على الوجه الأول فيه
أو معنى نحو علمت لزيد قائم وغير ذلك من أموره لأنه بمعنى
وزيدا متصفا بغير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
350- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص95؛
وخزانة الأدب 9/ 144؛ وشرح التصريح 1/ 257؛ وشرح شذور
الذهب ص475؛ وشرح شواهد المغني ص813، 824؛ وشرح قطر الندى
ص178؛ ومغني اللبيب ص419؛ والمقاصد النحوية 2/ 408؛ وبلا
نسبة في أوضح المسالك 2/ 64.
ج / 2 ص -45-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرأة المعلقة التي لا مزوجة ولا مطلقة. ولهذا قال ابن
الخشاب لقد أجاد أهل هذه الصناعة في هذا اللقب لهذا
المعنى. الرابع قد ألحق بأفعال القلوب في التعليق أفعال
غيرها نحو:
{فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19]
{فَسَتُبْصِرُ
وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ}
[القلم: 6]،
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ
مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184]،
{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12]،
{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} [يونس: 53]، ومنه ما حكاه
سيبويه من قولهم: أما ترى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك ونحو الذي مر على الوجه الثاني فيه فلا يجوز علمت لزيد
قائم وعمرا بدون تقدير. وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام
البعض. قوله: "من المرأة المعلقة" أي المفقود زوجها فقوله
لا مزوجة أي بحسب الصورة. قوله: "ولهذا" أي لشبه المعلق
بالمرأة المذكورة. قوله: "بأفعال القلوب" أي الناصبة
للمفعولين، وقوله أفعال غيرها أي غير أفعال القلوب الناصبة
لهما بأن كان فعلا غير قلبي كما في الأمثلة غير أو لم
يتفكروا إلخ أو فعلا قلبيا غير ناصب لهما بل لواحد فقط
كنسى وعرف ولم يمثل له الشارح أولا لشيء أصلا أصلا كما في
أو لم يتفكروا ويختص التعليق في القسم الأول أعني غير
القلبي بالاستفهام بخلاف القلبي هذا هو المناسب لتمثيل
الشارح والمغني بقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا
مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ}
[الأعراف: 184]، بناء على الظاهر كما قاله الشمني أن ما
فيه لكن في التسهيل والهمع تخصيص تعليق هذه الأفعال
الملحقة بالاستفهام وعليه يكون الوقف على قوله أو لم
يتفكروا وما بعده استئناف. قال الشمني وقيل ما استفهامية
بمعنى النفي أي أي شيء بصاحبكم من الجنون أي ليس به شيء
منه. ا. هـ. وعليه لا مخالفة فتأمل.
فائدة: الجملة بعد المعلق سادة مسد المفعولين إن كان يتعدى
إليهما ولم ينصب الأول فإن نصبه سدت مسد الثاني نحو علمت
زيدا أبو من هو وإن لم يتعد إليها فإن كان يتعدى بحرف الجر
فهي في موضع نصب بإسقاط الجار نحو فكرت أهذا صحيح أم لا
وإن كان يتعدى إلى واحد سدت مسده نحو عرفت أيهم زيد فإن
كان مفعوله مذكورا نحو عرفت زيدا أبو من هو فقال جماعة
الجملة حال. ورد بأن الجملة الإنشائية لا تكون حالا. وقال
آخرون بدل فقيل بدل كل بتقدير مضاف أي عرفت شأن زيد، وقيل
بدل اشتمال ولا حاجة إلى تقدير. وقال الفارسي مفعول ثان
لعرفت بتضمينه معنى علمت واختاره أبو حيان كذا في الهمع
ومثله في المغني وزاد أن القول الأخير رد بأن التضمين لا
ينقاس، وهذا التركيب مقيس ورجح في محل آخر القول بالبدلية
قال وعلى تضمين عرف معنى علم هل يقال الفعل معلق أم لا؟
قال جماعة من المغاربة إذا قلت علمت زيد لا أبوه قائم أو
ما أبوه قائم فالعامل معلق عن الجملة عامل في محلها النصب
على أنه مفعول ثان وخالف بعضهم لأن حكم الجملة في مثل هذا
أن تكون في موضع نصب وأن لا يؤثر العامل في لفظها وإن لم
يوجد معلق نحو علمت زيد أبوه قائم.
قوله: "أو لم يتكفروا إلخ" ما نافية على ما مر والجنة
الجنون وتفكر لازم علق بما عن
ج / 2 ص -46-
لعلم عرفان وظن تهمه
تعدية لواحد ملتزمه
ولرأى الرؤيا انم ما لعلما
طالب مفعولين من قبل انتمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي برق ههنا "لعلم عرفان وظن تهمه تعدية لواحد ملتزمه"
نحو: {وَاللَّهُ
أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ
شَيْئًا}
[النحل: 78]، أي لا تعرفون. وتقول سرق مالي وظننت زيدًا:
أي اتهمته. واسم المفعول منه مظنون وظنين، قال الله تعالى:
{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}
[التكوير: 24] أي بمتهم. وقد نبهت على استعمال بقية أفعال
القلوب في غير ما يتعدى فيه إلى مفعولين كما رأيت. وإنما
خص هو علم وظن بالتنبيه؛ لأنهما الاصل إذ غيرهما لا ينصب
المفعولين إلا إذا كان بمعناهما. وأيضًا فغيرهما عند عدم
نصب المفعولين يخرج عن القلبية غالبًا بخلافهما "ولرأي"
التي مصدرها "الرؤيا" وهي الحلمية "انم" أي انسب "ما لعلما
طالب مفعولين من قبل انتمى" أي انتسب. ما موصول صلته انتمى
في موضع مفعول لا نم، وطالب حال من علم ولرأي متعلق بانم،
ولعلما متعلق بانتمى، وكذلك من قبل، والتقدير أنسب لرأي
التي مصدرها الرؤيا الذي انتسب لعلم متعدية إلى مفعولين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجرور إذ الأصل أو لم يتفكروا فيما ذكر. قوله: "لعلم
عرفان" من إضافة الدال للمدلول أي لهذه المادة الدالة على
العرفان بأي صيغة كانت وكذا يقال فيما بعده، والجار
والمجرور خبر تعدية، وملتزمة نعت تعدية، أو ملتزمة الخبر
والجار والمجرور متعلق به. قوله: "تعدية لواحد ملتزمه"
للفرق في المعنى بين علم العرفانية وعلم المتعدية إلى
اثنين بأن الأولى تتعلق بنفس الشيء وذاته كعلمت زيدا أي
عرفت ذاته، والثانية باتصاف الشيء بصفة كعلمت زيدا قائما
أي عرفت اتصاف زيد بالقيام كالفرق بين عرف وعلم، فمعنى
علمت أن زيدا قائم علمت اتصاف زيد بالقيام لا علمت حقيقة
القيام المضاف إلى زيد في نفسه، ومعنى عرفت أن زيدا قائم
عرفت القيام في نفسه لا اتصاف زيد به وبين المعنيين فرق
ظاهر. هذا ما ذهب إليه ابن الحاجب وغيره. وقال الرضي: لا
فرق بينهما في المعنى. والفرق في العمل إنما هو باختيار
العرب ولا مانع من تخصيصهم أحد المتساويين معنى بحكم لفظي.
قوله: "واسم المفعول منه" أما اسم المفعول من ظن التي
للرجحان فمظنون فقط وأراد اسم المفعول في المعنى فلا يرد
أن ظنينا ليس على وزن اسم المفعول. قوله: "في غير ما" أي
التركيب أو ما واقعة على المعنى وفي في فيه سببية. قوله:
"بالتنبيه" أي على استعمالهما في غير ما يتعديان فيه إلى
المفعولين. قوله: "غالبا" احتراز من نحو وجد بمعنى حزن
وحقد وحجا بمعنى بخل.
قوله: "بخلافهما" أي عند نصبهما مفعولا واحدا الذي نبه
عليه المتن وإن عم ظاهر الشرح لزومهما أيضا فلا يرد علم
إذا انشقت شفته العليا فإنه لازم. قوله: "التي مصدرها
الرؤيا" حل معنى لا حل إعراب وما يلزمه من تغيير إعراب
المتن مغتفر لأنه غير ظاهر. قوله: "وهي الحلمية" بضم الحاء
نسبة إلى الحلم بضم فسكون وبضمتين كما في القاموس مصدر حلم
بفتح اللام أي رأى في منامه. قوله: "من قبل" أي قبل ذكر
علم العرفانية، وهو ظرف لغو متعلق بانتمى كما
ج / 2 ص -47-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الأحكام، وذلك لأنها مثلها من حيث الإدراك بالحس
الباطن. قال الشاعر:
351-
أبو حنش يؤرقني وطلق
وعمار وآونه ثالا
أراهم رفقتي حتى إذا ما
تجافى الليل وانخزل انخزالا
إذا أنا كالذي يجري لورد
إلى آل فلم يدرك بلالا
فهم من أراهم مفعول أول، ورفقتي مفعول ثانٍ. وإنما قيد بقوله
طالب مفعولين من قبل لئلا يعتقد أنه أحال على علم
العرفانية. فإن قلت ليس في قوله الرؤيا نص على المراد إذ
الرؤيا تستعمل مصدر الرأي مطلقًا حلمية كانت أو يقظية. قلت
الغالب والمشهور كونها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيذكره الشارح أتى به لمجرد الإيضاح ويصح كونه مستقرا حالا
من علم. قوله: "من الأحكام" أي إلا التعليق والإلغاء خلافا
للشاطبي كما في التصريح وغيره. قوله: "أبو حنش يؤرقني إلخ"
أبو حنش وطلق وعمار وأثالة أشخاص فقوله، أثالا مرخم في غير
النداء للضرورة. يؤرقني أي يسهرني وآونة جمع أوان وهو
الحين أي الزمن كذا في القاموس. وقول البعض وأوان جمع آن
مخالف للمنصوص مع كونه يرده أن فعالا ليس من صيغ الجموع
وهو منصوب على الظرفية فصل به بين العاطف والمعطوف أعني
أثالا. وإذا الأولى ظرفية شرطية والثانية فجائية، والليل
الزمن المعروف ويجوز أن يكون أراد به النوم ومعنى تجافى
زال وكذا معنى انخزل، واللام في لورد تعليلية والورد
بالكسر المنهل أي الماء الذي يورد، والآل بالمد قال في
المصباح هو الذي يشبه السراب. ا. هـ. والصراف كما في
القاموس ما تراه نصف النهار كأنه ماء. وقال في القاموس
الآل السراب أو خاص بما في أول النهار. ا. هـ. والبلال
بالكسر ما يبل به الحلق من ماء وغيره وأراد به هنا الماء.
وبحث الدماميني في الاستشهاد بذلك بأن القصد أنه رأي
ذواتهم لا كونهم رفقته لأنه محقق ليس الكلام فيه، وجعل
رفقتي حالا وضعف بأن رفقتي معرفة والحال لا يكون معرفة.
وأجيب بأن الرفقة بمعنى المرافقين فهو بمعنى اسم الفاعل
وإضافته غير محضة. ولك أن تقول المحقق كونهم رفقته في
اليقظة لا كونهم رفقته في المنام الذي كلام الشاعر فيه فلا
يرد البحث.
قوله: "وإنما قيد بقوله إلخ" ظاهر صنيعه أن من قبل ظرف
مستقر حال وهو يخالف ما قدمه من أنه لغو متعلق بانتمى.
قوله: "أو يقظية" في تعبيره باليقظة دون البصرية إشعار بأن
الرؤيا قد تكون مصدرا لرأي العلمية والبصرية. هذا ومذهب
الحريري والمصنف أن الرؤيا لا تكون إلا مصدر الحلمية وعليه
لا إشكال. قوله: "الغالب إلخ" أي وأما الرؤية بالتاء
فالغالب كونها مصدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
351- البيت من الوافر، وهو لابن أحمر في ديوانه ص129؛
والحماسة البصرية 1/ 262؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 487؛
والكتاب 2/ 270؛ ولسان العرب 6/ 289 "حنش"؛ والمقاصد
النحوية 2/ 421؛ وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 1/ 240؛
والإنصاف 1/ 354؛ وتخليص الشواهد ص455؛ والخصائص 2/ 278؛
وشراح ابن عقيل ص223.
ج / 2 ص -48-
ولا تجز هنا بلا دليل
سقوط مفعولين أو مفعول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر للحلمية "ولا تجز هنا" في هذا الباب "بلا دليل سقوط
مفعولين أو مفعول" ويسمى اقتصارًا. أما الثاني فبالإجماع
وفي الأول وهو حذفهما معًا اقتصارًا خلاف: فعن سيبويه
والأخفش المنع مطلقًا كما هو ظاهر إطلاق النظم. وعن
الأكثرين الجواز مطلقًا تمسكًا بنحو:
{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: 35]، أي يعلم:
{وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 12] وقولهم من يسمع يخل، وعن الأعلم
الجواز في أفعال الظن دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأي البصرية ورأي العلمية. قال في القاموس الرؤية النظر
بالعين وبالقلب. قوله: "في هذا الباب" لانعدام الفائدة
بانعدامهما أو انعدام أحدهما أما في الثاني فظاهر وأما في
الأول فلأن الشخص لا يخلو عن ظن أو علم بخلاف المفعول في
غيره فيجوز حذفه بدليل وبلا دليل لحصول الفائدة مطلقا
وينبغي أن محل امتناع الحذف إذا أريد الاخبار بحصول مطلق
ظن أو علم، أما إذا أريد ظننت ظنا عجيبا أو عظيما أو نحو
ذلك أو أريد إعلام السامع بتجدد الظن أو العلم أو إبهام
المظنون أو المعلوم لنكتة فينبغي الجواز أفاده الروداني.
ومما يجوز الحذف أيضا تقييد الفعل بظرف أو جار ومجرور نحو
ظننت في الدار أو ظننت لك لحصول الفائدة حينئذٍ نص عليه في
التسهيل.
قوله: "ويسمى اقتصارا" أي يسمى الحذف بلا دليل اقتصارا
للاقتصار على نسبة الفعل إلى الفاعل بتنزيله منزلة اللازم
في صورة حذف المفعولين وعلى أحد المفعولين لتنزيله منزلة
المتعدي إلى واحد في صورة حذف أحدهما. فعلم أن الاقتصار
للتنزيل المذكور ولا ينافي ذلك نص البيانيين على أن المنزل
منزلة اللازم لا مفعول له لأن نظرهم إلى المعاني الحاصلة
في الحال ونظر النحاة إلى الألفاظ بحسب الوضع تعديا ولزوما
ووافق في المعنى البيانيين، ويحتمل أن الاقتصار لا للتنزيل
بل مع ملاحظة المفعولين من غير إقامة دليل عليهما والمتجه
عندي ضعف القول بالمنع على احتمال التنزيل وضعف القول
بالجواز على احتمال الملاحظة وأن الأولى الجمع بين القولين
بتوزيعهما على الاحتمالين فاحفظه. قوله: "أما الثاني
فبالإجماع" إنما أجمع هنا واختلف فيما بعده لأن المفعول
حقيقة مضمون المفعولين كقيام زيد في ظننت زيدا قائما فحذف
أحدهما كحذف جزء الكلمة وحذف الكلمة بتمامها كثير بخلاف
حذف جزئها. ومثله يقال في الحذف لدليل. وإنما أجمع على منع
حذف أحدهما اقتصارا. واختلف في حذف أحدهما اختصارا لأن
المحذوف لدليل كالمذكور ولهذا أجمع على جواز حذفهما
اختصارا واختلف في حذفهما اقتصارا.
قوله: "مطلقا" أي في أفعال العلم وأفعال الظن فهو في
مقابلة تفصيل الأعلم الآتي. قوله: "فهو يرى" أي ما يعتقده
حقا وقد يقال كما في الروداني أن قوله تعالى:
{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ}
[النجم: 35]، يشعر بالمفعولين فحذفهما لدليل. قوله:
"وظننتم ظن السوء" أي ظننتم انقلاب الرسول والمؤمنين إلى
أهلهم منتفيا أبدا، وظن السوء مفعول مطلق. ولي في كون
الحذف هنا لغير دليل نظر لأن قوله تعالى:
{بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ
وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ
ج / 2 ص -49-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفعال العلم. أما حذفهما لدليل ويسمى اختصارًا فجائز
إجماعًا نحو:
{أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] وقوله:
352-
بأي كتاب أم بأية سنة
ترى حبهم عارًا علي وتحسب
وفي حذف أحدهما اختصارًا خلاف: فمنعه ابن ملكون وأجازه
الجمهور من ذلك، والمحذوف الأول قوله تعالى:
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180]، في قراءة
يحسبن بالياء آخر الحروف، أي ولا يحسبن الذي يبخلون ما
يبخلون به هو خيرًا. ومنه -والمحذوف الثاني- قوله:
353-
ولقد نزلت فلا تظني غيره
مني منزلة المحب المكرم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} [الفتح: 12]، يشعر بالمفعولين أو بما سد مسدهما وهو أن لن ينقلب
إلخ. قوله: "من يسمع يخل" أي مسموعه حقا وجعله جماعة
كالرضي من الحذف لدليل. قال الروداني وينبغي أن لا يختلف
في أنه الحق لظهور أن يسمع دليل على المفعول الأول وحال
التخاطب دليل على الثاني. وما قيل لا دلالة فيه على الثاني
قطعا مكابرة لمقتضى الذوق السليم. ا. هـ. ومنهم من تخلص عن
ذلك بحمل جعله من الحذف لغير دليل على أن المعنى من يسمع
خبرا يحصل له خيلة أي ظن بتنزيله منزلة اللازم. قوله: "وعن
الأعلم الجواز في أفعال الظن" لكثرة فيها. ا. هـ. تصريح.
قوله: "تزعمون" التقدير تزعمونهم شركائي أو تزعمون أنهم
شركائي جريا على الأكثر من تعدي زعم إلى أن وصلتها، ولا
يرد أن الكلام في حذف المفعولين لا في حذف ما يسد مسدهما
لأن ما يسد مسدهما بمنزلتهما. قوله: "وتحسب" جعل الواو
بمعنى أو أبلغ في المعنى قاله الروداني. قوله: "ابن ملكون"
ضبطه بعضهم بضم الميم فحرره. قوله: "هو خيرا" هو ضمير فصل
والمفعول الأول محذوف قدره الشارح فيما يأتي ما يبخلون به
ويصح تقديره بخلهم. قوله: "بالياء آخر الحروف" أما على
قراءة الفوقية فالفعل استوفى مفعوليه مع تقدير مضاف أي ولا
تحسبن بخل الذين يبخلون إلخ. قوله: "ولقد نزلت إلخ" كون
البيت منه مبني على أن مني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
352- البيت من الطويل، وهو للكميت في خزانة الأدب 9/ 137؛
والدرر 2/ 253؛ وشرح التصريح 1/ 259؛ وشرح ديوان الحماسة
للمرزوقي ص692؛ والمحتسب 1/ 183؛ والمقاصد النحوية 2/ 413،
3/ 112؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 69؛ وشرح ابن عقيل
ص225؛ وهمع الهوامع 1/ 152.
353- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وأدب
الكاتب ص613؛ والأشباه والنظائر 2/ 405؛ والاشتقاق ص38؛
والأغاني 9/ 212؛ وجمهرة اللغة ص591؛ وخزانة الأدب 3/ 227،
9/ 136؛ والخصائص 2/ 216؛ والدرر 2/ 254؛ وشرح شذور الذهب
ص486؛ وشرح شواهد المغني 1/ 480؛ ولسان العرب 1/ 289
"حبب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 414؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 2/ 70؛ وشرح ابن عقيل ص225؛ والمقرب 1/ 117؛ وهمع
الهوامع 1/ 152.
ج / 2 ص -50-
وكتظن اجعل تقول إن ولي
مستفهمًا به ولم ينفصل
بغير ظرف أو كظرف أو عمل
وإن ببعض ذي فصلت يحتمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي فلا تظني غيره واقعًا مني "وكتظن" عملًا ومعنى "اجعل"
جوازًا "تقول" مضارع قال المبدوء بتاء الخطاب، فانصب به
مفعولين "إن ولي مستفهمًا به" من حرف أو اسم "ولم ينفصل"
عنه "بغير ظرف أو كظرف" وهو الجار والمجرور "أو عمل" أي
معمول "وإن ببعض ذي" المذكورات "فصلت يحتمل" فمن ذلك حيث
لا فصل قوله:
354-
علام تقول الرمح يثقل عاتقي
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متعلق بنزلت وهو الظاهر، أما على أنه مفعول ثان لتظن أي
فلا تظني غيره كائنا مني فليس منه فقول الشارح أي لا تظني
غيره واقعا مني موهم خلاف المراد والتاء مكسورة كما في
التصريح ولعل ضمير غيره للنزول المفهوم من نزلت. والمحب
المكرم بوزن اسم المفعول فيهما كما في التصريح. قوله:
"وكتظن" مفعول ثان لا جعل ومفعوله الأول تقول. قوله: "عملا
ومعنى" أي عند الجمهور وقيل عملا فقط وتظهر ثمرة الخلاف
كما بحثه صاحب التصريح في الإلغاء والتعليق فيجريان فيه
على الأول دون الثاني. قوله: "جوازا" فلذا تجوز الحكاية مع
استيفاء الشروط الآتية لكن إذا حكي به كان بمعنى التلفظ
كما في الروداني. قوله: "مضارع قال" وألحق به السيرافي.
قلت بالخطاب والكوفيون قل بالأمر كما في التصريح. قوله:
"بتاء الخطاب" أي لا بقيد الإفراد والتذكير. دماميني.
قوله: "مستفهما به" أي عن الفعل أو عن غيره مما يتعلق به
كما في الدماميني وغيره وإن اقتضى كلام بعضهم كالمصرح
اشتراط كون الاستفهام عن الفعل فالثاني نحو علام تقول
البيت فإن الاستفهام عن سبب القول لا عن القول ونحو:
متى تقول القلص الرواسما
البيت فإن متى ظرف ليدنين. قوله: "أي
معمول"المراد به ما يعم المفعولين معا نحو أزيدا قائما
تقول ومعمول المعمول نحو أهندا تقول زيدا ضاربا، والمعمول
غير المفعول كالحال نحو أراكبا تقول زيدا آتيا أفاده سم.
قوله: "وإن ببعض ذي" أي منفردا أو مجتمعا مع أحد أخويه أو
معهما فالفصل بكلها كالفصل ببعضها على ما بحثه سم، قال لأن
الأصل في ضم الجائز إلى الجائز الجواز، قال يس والأقرب أنه
احتراز عن الفصل بكلها، قال ويشهد له النهي عن تتبع الرخص
في الشرعيات وعلى هذا يندفع أن قوله وإن ببعض ذي إلخ حشو
لأنه لم يفد زيادة على ما قبله. قوله: "علام تقول إلخ" ما
استفهامية حذفت ألفها لدخول الجار عليها وأطعن بضم العين
وفتحها يدل عليه قول القاموس طعنه بالرمح كمنعه ونصره طعنا
ضربه ووخزه. ا. هـ. قيل والطعن في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
354- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه
ص72؛ وخزانة الأدب 2/ 436؛ والدرر 2/ 274؛ وشرح التصريح 1/
263؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص159؛ وشرح شواهد المغني
ص418؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"؛ والمقاصد النحوية 2/
436؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 76؛ ومغني اللبيب ص143؛
وهمع الهوامع 1/ 157.
ج / 2 ص -51-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
355-
متى تقول القلص الرواسما
يدنين أم قاسم وقاسما
ومنه -مع الفصل بالظرف- قوله:
356-
أبعد بعد تقول الدار جامعة
شملي بهم أم تقول البعد محتومًا
ومنه -مع الفصل بالعمول- قوله:
357-
أجهالًا تقول بني لؤي
لعمر أبيك أم متجاهلينا
فإن فقد شرط من هذه الأربعة تعين رفع الجزأين على الحكاية
نحو قال زيد عمرو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السن من باب منع وفي المصباح طعنه بالرمح ضربه وطعن في
المفازة ذهب وفي السن كبر وفي الأمر أخذ فيه ودخل وطعن فيه
بالقول وعليه طعنا وطعانا قدح وعاب وباب الكل نصر، وجاء
الأخير من باب منع في لغة وأجاز الفراء فتح عين المضارع في
الكل لمكان حرف الحلق. ا. هـ. بالمعنى، وإذا الأولى ظرف
ليثقل والثانية ظرف للم أطعن والمعنى بأي حجة أحمل السلاح
إذا لم أقاتل عند كر الخيل.
قوله: "القلص" بضمتين جمع قلوص الناقة الشابة، الرواسم جمع
راسمة من الرسم وهو التأثير في الأرض لشدة الوطء كذا في
القاموس. قوله: "أبعد بعد إلخ" هذا مثال الفصل بالظرف
الزماني ومثال الفصل بالظرف المكاني أعندي تقول زيدا
جالسا. قوله: "شملي" مصدر شملهم الأمر كفرح ونصر شملا
وشملا وشمولا إذا عمهم كما في القاموس. وفي شواهد العيني
هو الاجتماع. وفي المصباح جمع الله شملهم أي ما تفرق من
أمرهم، وفرق شملهم أي ما اجتمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
355- الرجز لهدبة بن خشرم في ديوانه ص130؛ وتخليص الشواهد
ص456؛ وخزانة الأدب 9/ 336؛ والدرر 2/ 273؛ والشعر
والشعراء 2/ 695؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"، 12/ 456
"فغم"؛ والمقاصد النحوية 2/ 427؛ وبلا نسبة في شرح شذور
الذهب ص488؛ وشرح ابن عقيل 227؛ وهمع الهوامع 1/ 157.
356- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر
2/ 232؛ وأوضح المسالك 2/ 77؛ وتخليص الشواهد ص457؛ والدرر
2/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح شذور الذهب ص489؛ وشرح
شواهد المغني 2/ 969؛ ومغني اللبيب 2/ 692؛ والمقاصد
النحوية 2/ 438؛ وهمع الهوامع 1/ 157.
357- البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في خزانة الأدب
9/ 183، 184؛ والدرر 2/ 276؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 132؛
وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح المفصل 7/ 78، 79؛ والكتاب 1/
123؛ والمقاصد النحوية 2/ 429؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة
في أمالي المرتضى 1/ 363؛ وأوضح المسالك 2/ 78؛ وتخليص
الشواهد ص457؛ وخزانة الأدب 2/ 439؛ وشرح شذور الذهب ص490؛
وشرح ابن عقيل ص228؛ والمقتضب 2/ 349؛ وهمع الهوامع 1/
157.
ج / 2 ص -52-
وأجري القول كظن مطلقا
عند سليم نحو قل ذا مشفقا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منطلق، ويقول زيد عمرو منطلق، وأنت تقول زيد منطلق، وأأنت
تقول زيد منطلق.
تنبيه: زاد السهيلي شرطًا آخر وهو أن لا يتعدى باللام نحو
أتقول لزيد عمرو منطلق، وزاد في التسهيل أن يكون حاضرًا.
وفي شرحه أن يكون مقصودًا به الحال. هذا كله في غير لغة
سليم "وأجرى القول كظن مطلقا" أي ولو مع فقد الشروط
المذكورة "عند سليم نحو قل ذا مشفقا" وقوله:
358-
قالت وكنت رجلا فطينًا
هذا لعمر الله إسرائينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أمرهم. قوله: "وأأنت تقول زيد منطلق" إنما يتعين فيه
الرفع إذا جعل فاعل محذوف يفسره المذكور جاز العمل اتفاقا
لتوفر الشروط كذا في التوضيح. واستشكله في التصريح بما
نقله عن الموضح في الحواشي من أن الحكم إنما هو للمذكور
وأما المضمر فلا عمل له إلا في المشتغل عنه خاصة والعمل
فيما عداه لهذا الظاهر وهو لم يتصل بالاستفهام لكن هذا غير
متفق عليه فقد صرح بعضهم بأن الحكم للمضمر وذكر الظاهر
لمجرد التفسير. قوله: "باللام" لأنها تبعده من الظن. قوله:
"أن يكون حاضرا" وعليه فيشترط في الاستفهام أن لا يكون بهل
لأنها تخصص المضارع بالاستقبال والذي عليه الأكثر عدم
اشتراط الحضور فالاستفهام على إطلاقه، واستدل لما عليه
الأكثر بنحو قوله:
فمتى تقول الدار تجمعنا
بنصب الدار على أنه المفعول الأول وتجمعنا في
موضع الثاني فقد عمل تقول مع استقباله لأن متى ظرف مستقبل
متعلق به. وبحث فيه الموضح والدماميني وغيرهما بأنا لا
نسلم تعلق متى بتقول بل هي متعلقة بتجمعنا فالمستقبل هو
الجمع وأما الظن فحال وكون الاستفهام عن القول غير شرط كما
مر حتى يتوجه نظر الشيخ خالد بأن الفعل على هذا البحث ليس
هو المسؤول عنه. قال الدماميني: فإن قيل المسؤول عنه هو ما
يلي أداة الاستفهام فالجواب أن ذلك في الهمزة وأم وهل على
ما فيه لأنها أحرف لا موضع لها من الإعراب فأما الأسماء
فإنها ترتبط بعواملها أو معمولاتها فذلك هو المسؤول عنه.
قوله: "وفي شرحه أن يكون إلخ" ظاهر العبارة أن هذا شرط آخر
غير ما ذكره في التسهيل وليس كذلك بل هو تفسير له فيؤول
كلام الشارح بأن المعنى وفسره في شرحه بأن يكون إلخ. قوله:
"وأجري القول كظن مطلقا عند سليم" وهو يعملونه باقيا على
معناه أو لا يعملونه حتى يضمنوه معنى الظن؟ قولان اختار
ثانيهما ابن جني، وعلى الأول الأعلم وابن خروف وصاحب
البسيط، واستدلوا بقوله قالت وكنت إلخ. ا. هـ. سم، ووجه
الاستدلال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
358- الرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 425؛ وبلا نسبة
في تخليص الشواهد ص456؛ والدرر 2/ 272؛ وسمط الآلي ص681؛
وشرح التصريح 1/ 264؛ وشرح ابن عقيل ص229؛ ولسان العرب 13/
323 "فطن"، 459، 460 "يمن"؛ والمعاني الكبير ص646؛ وهمع
الهوامع 1/ 157.
ج / 2 ص -53-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: على هذه اللغة تفتح أي بعد قلت وشبهه. ومنه قوله:
359-
إذا قلت أني آيب أهل بلدة
وضعت بها عنه الولية بالهجر
خاتمة: قد عرفت أن القول إنما ينصب المفعولين حيث تضمن معنى
الظن، وإلا فهو وفروعه مما يتعدى إلى واحد، ومفعوله إما
مفرد وهو على نوعين: مفرد في معنى الجملة نحو قلت شعرًا
وخطبة وحديثًا، ومفرد يراد به اللفظ نحو:
{يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}
[الأنبياء: 60]، أي يطلق عليه هذا الاسم، ولو كان مبنيا
للفاعل لنصب إبراهيم خلافًا لمن منع هذا النوع. وممن أجازه
ابن خروف والزمخشري. وإما جملة فتحكى به فتكون في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه ليس المعنى على الظن لأن هذه المرأة رأت عند هذا
الشاعر ضبا فقالت هذا إسرائين لأنها تعتقد في الضباب أنها
من مسخ بني اسرائيل قال ابن عصفور ولا حجة فيه لاحتمال أن
يكون هذا مبتدأ وإسرائين على تقدير مضاف أي مسخ بني
إسرائين فحذف المضاف الذي هو الخبر وبقي المضاف إليه على
جره بالفتحة لأنه غير منصرف للعلمية والعجمة لأنه لغة في
إسرائيل. ا. هـ. تصريح. قوله: "هذا" إشارة إلى ضب صاده
الأعرابي قائل هذا البيت والضمير في قالت إلى امرأته
إسرائينا أي من ممسوخ بني إسرائين لغة في إسرائيل ومعناه
عبد الله.
قوله: "على هذه اللغة" مقتضاه عدم الفتح على غير لغة سليم
وإن أجرى القول مجرى الظن وهو المنقول عن الكوفيين لقوة
إجرائه مجرى الظن عند سليم دون غيرهم، والمنقول عن
البصريين الفتح إذا أجرى مجرى الظن على لغة سليم وغيرها.
قوله: "تفتح أن" أي جواز لما مر أن الحكاية جائزة حتى مع
استيفاء الشروط، وقوله وشبهه أي من بقية تصرفات القول.
قوله: "آيب أهل بلدة" أي إلى أهل بلدة اسم فاعل من أبت إلى
بني فلان أتيتهم ليلا كذا في شواهد العيني. وفي القاموس
أنه بمعنى رجع وضمير عنه يعود إلى الجمل، والولية بفتح
الواو وكسر اللام وتشديد التحتية البرذعة. والهجر بفتح
الهاء وسكون الجيم ضرورة والأصل فتحها نصف النهار عند
اشتداد الحر كما في التصريح وغيره. قوله: "حيث تضمن معنى
الظن" المناسب لقوله سابقا وكتظن عملا ومعنى أن يقول حيث
كان بمعنى الظن لإيهام عبارته أن القول في هذه الحالة
مستعمل في معناه الأصلي أيضا. قوله: "وهو على نوعين" بقي
ثالث وهو المفرد الذي مدلوله لفظ نحو قلت كلمة إذا كنت
تلفظت بلفظة زيد مثلا صرح به الرضي.
قوله: "لمن منع هذا النوع" وجعل إبراهيم في الآية منادى أو
خبرا لمبتدأ محذوف. قوله: "وإما جملة" أي ملفوظ بجميع
أجزائها أولا كما في:
{قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}
[الذاريات: 25]، أي سلمنا سلاما وعليكم سلام. قوله: "فتحكي
به" يقتضي اعتبار كونها متلفظا بها قبل هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
359- البيت من الطويل، وهو للحطيئة في ديوانه ص225؛ وتخليص
الشواهد ص459؛ وخزانة الأدب 2/ 440؛ وشرح التصريح 1/ 262؛
والمقاصد النحوية 2/ 432؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/
72.
ج / 2 ص -54-
أعلم وأرى:
إلى ثلاثة رأى وعلما
عدوا إذا صارا أرى
وأعلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع مفعوله. والله أعلم.
أعلم وأرى:
"إلى ثلاثة" من المفاعيل "رأى وعلما" المتعديين إلى
مفعولين "عدو إذا" دخلت عليهما همزة النقل و"صار أرى
وأعلما" لأن هذه الهمزة تدخل على الفعل الثلاثي فيتعدى بها
إلى مفعول كان فاعلًا قبل، فيصير متعديًا إن كان لازمًا،
نحو جلس زيد وأجلست زيدًا، ويزاد مفعولًا إن كان متعديًا:
نحو لبس زيد جبة، وألبست زيدًا جبة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام وإلا لم يكن القول حكاية لها وهو كذلك وأما الحكاية
به لما لم يتلفظ به قبل وكقول المصنف قال محمد إلخ فعلى
طريق المجاز كما مر. واعلم أن الأصل في الحكاية بالقول أن
يحكى لفظ الجملة كما سمع وتجوز على المعنى بإجماع، فإذا
قال زيد: عمرو منطلق فلك أن تقول: قال زيد عمرو منطلق أو
المنطلق عمرو كذا في الهمع. وقال الرضي: فلك أن تقول حكاية
عمن قال زيد قائم قال فلان قام زيد وإذا قال زيد: أنا قائم
وقلت لعمرو: أنت بخيل فلك أن تقول: قال زيد أنا قائم وقلت
لعمرو أنت بخيل رعاية للفظ المحكي وأن تقول: قال زيد هو
قائم وقلت لعمرو هو بخيل بالمعنى اعتبار بحال الحكاية فإن
زيدا وعمرا فيه غائبان. ا. هـ. وصريح صدر عبارته جواز
تغيير الاسمية بالفعلية وهو ما رأيته بخط الشنواني.
والظاهر أن العكس كذلك قال في الهمع وتحكى الجملة الملحونة
بالمعنى فتقول في قول زيد عمرو قائم بالجر قال زيد عمرو
قائم بالرفع وهل تجوز حكايتها باللفظ قولان صح ابن عصفور
المنع قال لأنهم إذا جوزوا المعنى في المعربة فينبغي أن
يلتزموه في الملحونة. ا. هـ. والوجه عند الجواز إذا كان
قصد الحاكي حكاية اللحن. قوله: "في موضع مفعوله" أي
المفعول به عند الجمهور والمفعول المطلق النوعي عند غيرهم.
أعلم وأرى:
كذا في نسخ وفي نسخ أخرى أرى وأعلم ووجهت هذه بأن فيها
موافقة الترجمة لما بعدها في الترتيب ووجهت الأولى بأن
المخالفة ليتعادل كل من أرى وأعلم إذ لا مزية لإحداهما على
الأخرى فليست إحداهما تابعة في العمل للأخرى فليست إحدى
النسختين أحسن كما زعمه يس وتبعه البعض. وأصل أرى أرأى
قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الهمزة
بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها. قوله: "رأى" ولو حلمية
نحو:
{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ
قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا}
[الأنفال: 43]. قوله: "على الفعل الثلاثي" قيد بذلك لأن
غير الثلاثي لا تدخل عليه همزة النقل. قوله: "إن كان
متعديا" أي لواحد أو اثنين بقرينة التمثيل. قوله: "وما
حقق" قدر المتعلق حقق دون كان أو استقر مثلا لأنه الذي
يشعر به قول المصنف
ج / 2 ص -55-
وما لمفعولي علمت مطلقا
للثان والثالث أيضًا حققا
وإن تعديا لواحد بلا
همز فلاثنين به توصلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورأيت الحق غالبًا، وأراني الله الحق غالبًا، وعلمت الصدق
نافعًا، وأعلمني الله الصدق نافعًا "وما" حقق "لمفعولي
علمت" ورأيت من الأحكام "مطلقًا للثان والثالث" من مفاعيل
أعلم وأرى "أيضًا حققا" فيجو حذفهما معًا اختصارًا
إجماعًا، وفي حذف أحدهما اختصارًا ما سبق. ويمتنع حذف
أحدهما اقتصارًا إجماعًا، وفي حذفهما معًا اقتصارًا الخلف
السابق. ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما نحو عمرو أعلمت
زيدًا قائم ومنه البركة أعلمنا الله مع الأكابر. وقوله:
360-
وأنت أراني الله أمنع عاصم
وأرأف مستكفى وأسمح واهب
وكذلك يعلق بالفعل عنهما نحو: أعلمت زيدًا لعمرو
قائم، وأريت خالدًا لبكر منطلق. وأما المفعول الأول فلا
يجوز تعليق الفعل عنه ولا إلغاؤه. ويجوز حذفه اختصارًا
واقتصارًا "وإن تعديا" أي رأى وعلم "لواحد بلا همز" بأن
كانت رأى بصرية وعلم عرفانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للثان والثالث أيضا حققا. قوله: "مطلقا" حال من ضمير حقق
متعلق قوله بمفعولي أو حققا متعلق قوله للثان والثالث، أو
صفة لمفعول مطلق أي تحقيقا مطلقا أي عن التقييد بحكم
بخصوصه من الأحكام المتقدمة ويحتمل على جعله مرتبطا بحققا
متعلق قوله للثان والثالث أن الإطلاق عن التقييد ببعض
الأحوال كبناء أعلم ونحوه للمجهول ردا على من اشترطه لجواز
الإلغاء والتعليق في هذا الباب ليكون بمنزلة ظننت لفظا في
طلب مفعولين. قوله: "للثان والثالث" أي لأن أصلهما المبتدأ
والخبر كمفعولي علمت ورأيت.
قوله: "فيجوز حذفهما معا" أي مع ذكر الأول أو حذفه بل يجوز
حذف الثلاثة ولو اقتصارا ففي التصريح أما حذف الثلاثة
فالصواب كما قال الناظم جواز مطلقا لحصول الفائدة إذ
الاعلام قد يخلو عنه الشخص فلا يكون كحذف مفعولي ظننت
وحينئذٍ فالمتن مخصوص بغير الحذف. قوله: "وفي حذف أحدهما
اختصارا ما سبق" أي من الخلاف ووجه القول بالمنع ما في حذف
أحدهما من الاقتصار على ما هو كجزء الكلمة كما أوضحناه في
الباب السابق. قوله: "وفي حذفهما معا إلخ" قال سم قضيته أن
المانع هناك مانع هنا وهو غير لازم لحصول الفائدة هنا بذكر
الأول بخلافه هناك على أن الفائدة تحصل بدون ذكر الأول
أيضا كما علمت مما مر عن ابن مالك. قوله: "وأنت أراني الله
إلخ" الأصل أراني الله إياك أمنع عاصم فلما قدم المفعول
الثاني أبدل بضمير الرفع وجعل مبتدأ، والعاصم الحافظ.
قوله: "مستكفي" بفتح الفاء كما في العيني أي مطلوبا منه
الكفاية. قوله: "ويجوز حذفه" أي مع حذفهما أو ذكرهما وكذا
مع حذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
360- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/
80؛ والدرر 2/ 277؛ وشرح التصريح 1/ 266؛ وشرح شواهد
المغني ص679؛ والمقاصد النحوية 2/ 446؛ وهمع الهوامع 1/
158.
ج / 2 ص -56-
والثان منهما كثاني اثني كسا
فهو به في كل حكم ذو ائتسا
وكأرى السابق نبا أخبرا
حدث أنبأ كذاك خبرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فلاثنين به" أي بالهمز "توصلا" لما عرفت، فتقول: أريت
زيدًا الهلال، وأعلمته الخبر "والثان منهما" أي من هذين
المفعولين "كثاني اثني" مفعولي "كسا" وبابه من كل فعل
يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو كسوت
زيدًا جبة وأعطيته درهمًا "فهو" أي الثاني من هذين
المفعولين "به" أي بالثاني من مفعولي باب كسا "في كل حكم
ذو ائتسا" أي ذو اقتداء، فيمتنع أن يخبر به عن الأول،
ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول ويمتنع الإلغاء. نعم
يستثنى من إطلاقه التعليق، فإن أعلم وأرى هذين يعلقان عن
الثاني لأن أعلم قلبية وأرى إن كانت بصرية هي ملحقة
بالقلبية في ذلك ومن تعليق أرى عن الثاني قوله تعالى:
{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260]، "وكأرى
السابق"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما فقط اختصارا على الخلاف. قوله: "فلاثنين به توصلا"
اعترض بأن المسموع تعدية علم بمعنى عرف إلى اثنين بالتضعيف
نحو:
{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]، لا بالهمزة. وأجيب بأن في كلام الشاطبي دلالة على
سماع تعديتها بالهمزة إلى اثنين، ولو سلم عدم السماع
فالقياس على نحو ألبست زيدا جبة جائز. وتوصلا إما ماض مبني
للمجهول أو فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة المنقلبة ألفا
للوقف ويرجح هذا وجود الفاء بدون احتياج إلى تقدير قد
عقبها بخلاف الأول. قوله: "لما عرفت" أي في أول الباب.
قوله: "اثني مفعولي" الإضافة بيانية. قوله: "فهو به إلخ"
أتى به دفعا لما قد يتوهم من أن التشبيه في بعض الأحكام
فقط لكن لو قال بدل هذا الشطر:
ومن يعلق ههنا فما أسا
لكان أحسن كما ستعرفه. قوله: "في كل حكم ذو
ائتسا" منه عدم صحة كونه جملة كالمشبه به وكأن هذا حكمة
اقتصار الناظم على الثاني لأنه لو شبه المفعولين لمفعولي
كسا لتوهم أنه من تشبيه المجموع بالجميع وأنه في غير
امتناع كون الثاني جملة بدليل أن الأول لا يكون جملة قاله
سم. قوله: "ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول" ويجوز حذفهما
معا كما في التصريح وغيره. قوله: "ويمتنع الإلغاء" تقول
زيدا الهلال أريت وزيدا الكتابة أعلمت بالاعمال وجوبا، كما
تقول: زيدا درهما أعطيت. وإنما امتنع الإلغاء لامتناع
الأخبار بالثاني عن الأول. قوله: "ومن تعليق أرى عن
الثاني" أي بناء على أن الرؤية هنا بصرية وهو الظاهر، وقيل
علمية فلا شاهد فيها لما نحن بصدده وفي التمثيل بالآية
لتعليق الفعل بحث لاحتمال أن تكون كيف بمعنى الكيفية لأن
كيف تستعمل اسما معربا مجردا عن الاستفهام بمعنى كيفية كما
قيل به في قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} [الفجر: 6]، ويكون مضافا إلى الفعل بعده
بتأويله بالمصدر كما في يوم ينفع فالمعنى أرني كيفية
إحيائك الموتى، فظهر أن أرني كيفية إحيائك تفسير لكيف
برديفه لا تأويله بالمصدر وإن سبك جملة تحيي بإحياء لكونها
مضافا إليها أفاده الروداني وتقرير
ج / 2 ص -57-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل فيما عرفت من الأحكام "نبا"
وأخبرا" و "حدث" و"أنبأ" و"كذاك خبرا" لتضمنها معناه
كقوله:
361-
نبت زرعة والشفاهة كاسمها
يهدي إلي غرائب الأشعار
وكقوله:
362-
وما عليك إذا أخبرتني دنفا
وغاب بعلك يومًا أن تعوديني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصرح وتبعه غير واحد كالبعض البحث بأن جملة كيف تحيي
الموتى يحتمل كونها في تأويل مصدر مفعول أرني أي أرني
كيفية إحيائك الموتى كما قال الكوفيون وابن مالك في قوله
تعالى:
{وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا
بِهِمْ} [ابراهيم: 45]، أن التقدير كيفية فعلنا
بهم فليست الآية من باب التعليق يرد عليه أن الكيفية ليست
مصدرا.
قوله: "نبا وأخبرا إلخ" قال شيخ الإسلام اعلم أن نبأ وأنبأ
وحدث وأخبر وخبر لم تقع تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل في كلام
العرب إلا وهي مبنية للمفعول. ا. هـ. وقد وقع في القرآن
تعدية نبأ مبنية للفاعل إليها واحد صريح واثنين سد مسدهما
أن المكسورة المعلقة باللام ومعمولاها في قوله تعالى:
{يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ}
[سبأ: 7]، الآية، إلا أن يقال مراد شيخ الإسلام ثلاثة
مفاعيل صريحة، وفي الدماميني من ألحق هذه الأفعال بأعلم
ليس قائلا بأن الهمزة والتضعيف فيها للنقل إذ لم يثبت في
لسانهم ما ينقل عنه ما ذكر وإنما هو من باب التضمين أي
تضمينها معنى أعلم، وفي قول الشارح لتضمنها معناه إشارة
إلى ذلك، وفي التصريح عن الناظم أن أولى من اعتبار التضمين
حمل الثاني منها على نزع الخافض والثالث على الحال وعندي
فيه نظر إذ الحال قيد في عاملها على معنى في فيكون التقدير
أخبرت زيدا بعمرو في حال كونه قائما فيعطى الكلام تقييد
الأخبار بحال قيام عمرو ولا يعطى ما المخبر به من أحوال
عمرو مع أن هذا هو المطلوب دون ذاك وانظر ما المانع من كون
الهمزة والتضعيف للنقل عن فعل مقدر فإن له نظائر كثيرة
فاعرفه. قوله: "نبئت زرعة إلخ" التاء نائب فاعل وهي
المفعول الأول وزرعة مفعول ثان وجملة يهدي إلى إلخ مفعول
ثالث وجملة والسفاهة كاسمها أي قبيحة اعتراضية عرض الشاعر
فيها بذم زرعة الذي كان يسفه عليه في أشعاره. قوله: "وما
عليك إلخ" ما للاستفهام الإنكاري أي أي شيء عليك وقوله أن
تعوديني أي في أن تعوديني متعلق بما تعلق به عليك. وقول
البعض أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
361- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه
ص54؛ وتخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 6/ 315، 333، 334؛
وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 439؛ وبلا نسبة
في شرح ابن عقيل ص222؛ وشرح عمدة الحافظ ص252.
362- البيت من البسيط، وهو لرجل من بني كلاب في الدرر 2/
279؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 443؛ وبلا
نسبة في تخليص الشواهد ص468؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي
ص1423؛ وشرح ابن عقيل ص223.
ج / 2 ص -58-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكقوله:
363-
أو منعتم ما تسألون فمن حد
دثتموه له علينا الولاء؟
وكقوله:
364-
وأنبئت قيسًا ولم أبله
كما زعموا خير أهل
اليمن
وكقوله:
365-
وخبرت سوداء الغميم مريضة
فأقبلت من أهلي بمصر أعودها
تنبيه: دخول همزة النقل وصوغ الفعل للمفعول متقابلان بالنسبة
إلى ما ينشأ عنهما، فدخول الهمزة على الفعل يجعله متعديًا
إلى مفعول لم يكن متعديًا إليه بدونها، وصوغه للمفعول
يجعله قاصرًا عن مفعول كان متعديًا إليه قبل الصوغ، فالذي
لا يتعدى إن دخلته همزة النقل تعدى إلى واحد، والمتعدي إلى
ثلاثة إذا صغته للمفعول صار متعديًا إلى اثنين، وذو
الاثنين يصير متعديًا إلى واحد، وذو الواحد يصير غير متعد،
فإن كان المصوغ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعوديني مفعول لعليك فاسد. قوله: "ما تسألون" بالبناء
للمجهول كما قاله شيخنا. قوله: "ولم أبله" أي أجر به كما
زعموا أي بلوا كالبلو الذي زعموه. قوله: "سوداء الغميم"
سوداء لقب امرأة كانت تنزل بموضع من بلاد غطفان يسمى
الغميم بفتح الغين المعجمة واسمها ليلى. وقوله بمصر صفة
لأهلي أي الكائنين بمصر وجملة أعودها حال من تاء فأقبلت.
قوله: "فالذي لا يتعدى إلخ" تفريع على قوله فدخول الهمزة
إلخ ولم يقل والذي يتعدى إلى واحد إن دخلته همزة النقل
تعدى إلى اثنين والذي يتعدى إلى اثنين إن دخلته همزة النقل
تعدى إلى ثلاثة لتقدم ذلك أول الباب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
363- البيت من الخفيف، وهو للحارث بن حلزة في ديوانه ص27؛
وتخليص الشواهد ص468؛ والدرر 2/ 280؛ وشرح التصريح 1/ 265؛
وشرح القصائد السبع ص469؛ وشرح القصائد العشر ص387؛ وشرح
المعلقات السبع ص225؛ وشرح المعلقات العشر ص122؛ وشرح
المفصل 7/ 66؛ والمعاني الكبير 2/ 1011؛ والمقاصد النحوية
2/ 445؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص686؛ وشرح ابن عقيل
ص223؛ وشرح عمدة الحافظ ص253؛ وهمع الهوامع 1/ 159.
364- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص75؛ وتخليص
الشواهد ص467؛ والدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ ومجالس
ثعلب 2/ 414؛ والمقاصد النحوية 2/ 440؛ وبلا نسبة في شرح
ابن عقيل ص234؛ وشرح عمدة الحافظ ص251؛ وهمع الهوامع 1/
159.
365- البيت من الطويل، وهو للعوام بن عقبة "أو عتبة" في
الدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/
442؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 11/
369؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1414؛ وشرح ابن عقيل
ص335؛ وشرح عمدة الحافظ ص252؛ وهمع الهوامع 1/ 159. |