حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 2 ص -302-
حروف الجر:
هاك حروف الجر وهي من إلى
حتى خلا حاشا عدا في عن على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أريد به الشيء الذي يتزود به من أفعال البر، وعليهما فمثل
نعت له تقدم فصار حالًا. وأما قوله:
532-
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت
رد التحية نطقًا أو بإيماء
ففتاة حال مؤكدة، والله أعلم.
حروف الجر:
"هاك حروف الجر وهي" عشرون حرفًا "من" و"إلى" و"حتى"
و"خلا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظاهر أنه يصح أن يكون حالًا مؤكدة من الزاد على قياس ما
فعله في قول الشاعر نعم الفتاة إلخ. قوله: "نعت له" أي
بحسب ما كان بدليل بقية كلامه. قوله: "فصار حالًا" أي كما
هو شأن صفة النكرة إذا تقدمت نحو:
لمية موحشًا طلل
حروف الجر:
قدمها على الإضافة لما قيل إن العمل فيها للحرف المقدر.
وإنما سميت حروف الجر إما؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى
الأسماء أي توصلها إليها فيكون المراد من الجر المعنى
المصدري، ومن ثم سماها الكوفيون حروف الإضافة؛ لأنها تضيف
معاني الأفعال أي توصلها إلى الأسماء. وإما؛ لأنها تعمل
الجر فيكون المراد بالجر الإعراب المخصوص كما في قولهم
حروف النصب وحروف الجزم، ولا يرد على الأول أن مقتضاه أن
لا يكون خلا وعدا وحاشا في الاستثناء أحرف جر؛ لأنهن
لتنحية معنى الفعل عن مدخولهن لا لإيصاله إليه؛ لأن المراد
بإيصال حرف الجر معنى الفعل إلى الاسم ربطه به على الوجه
الذي يقتضيه الحرف من ثبوته له، أو انتفائه عنه قاله
الدماميني. قوله: "هاك حروف الجر" ها بالقصر هنا وقد تمد
كما في:
{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]، اسم فعل بمعنى
خذ والكاف حرف خطاب تتصرف تصرف الكاف الاسمية بحسب حال
المخاطب من تذكير وتأنيث، وإفراد وتثنية وجمع كالكاف في
رويدك ومع اسم الإشارة، وأرأيتك بمعنى أخبرني ونحو إياك.
قاله يس وغيره. قوله: "وهي من إلخ" الخبر مجموع المتعاطفات
فالعطف ملحوظ قبل الإخبار ويقال في من منا كإلى، بل قيل:
إنها الأصل فخففت لكثرة الاستعمال بحذف الألف وسكون النون.
قوله: "ورب" ويقال: رب بفتح الراء ورب بضم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
532- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/
277؛ وخزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/
95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب ص464؛ والمقاصد
النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86.
ج / 2 ص -303-
مذ منذ رب اللام كي واو وتا
والكاف والبا ولعل ومتى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حاشا" و"عدا" و"في" و"عن" و"على" و"مذ" و"منذ" و"رب"
و"اللام" و"كي" و"واو وتا والكاف والبا ولعل ومتى" كلها
مشتركة في جر الاسم على التفصيل الآتي. وقد تقدم الكلام
على خلا وحاشا وعدا في الاستثناء. وقل من ذكر كي ولعل ومتى
في حروف الجر لغرابة الجر بهن. أما كي فتجر ثلاثة أشياء:
الأول ما الاستفهامة المستفهم بها عن علة الشيء نحو كيمه
بمعنى لمه. والثاني ما المصدرة مع صلتها كقوله:
533-
يراد الفتى كيما يضر وينفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراء والباء، وربت بضم الراء وفتح الباء والتاء، وربت بضم
الراء وفتح الباء وسكون التاء، وربت بفتح الثلاثة، وربت
بفتح الأولين وسكون التاء، وبتخفيف الباء من هذه السبعة،
وربتا بالضم وفتح الباء المشددة، ورب بالضم فالسكون، ورب
بالفتح فالسكون، فهذه سبع عشرة لغة. ا. هـ. همع.
فائدة: ما مشى عليه المصنف من حرفية رب هو مذهب البصريين،
وذهب الأخفش والكوفيون إلى اسميتها وأيده الرضي بأنها في
التقليل أو التكثير مثل كم الخبرية في التكثير؛ إذ معنى رب
رجل قليل أو كثير من هذا الجنس، كما أن معنى كم رجل كثير
من هذا الجنس، ولا خلاف في اسمية كم. ثم استشكل حرفية رب
بأمور فراجعه. وجنح إليه الدماميني أيضًا. قال: ويمكن أن
يكون سبب بنائها مع اسميتها ما قيل في كم من تضمنها معنى
الإنشاء الذي حقه أن يؤدى بالحرف أو مشابهتها الحرف وضعا
في بعض لغاتها، وهو تخفيف الباء وحمل التشديد عليه. قوله:
"على التفصيل الآتي" أي من اختصاص بعضها بالوقت وبعضها
بالنكرات، وبعضها بالظاهر إلى غير ذلك. قوله: "وقد تقدم
الكلام إلخ" اعتذار عن سكوت الناظم عن الستة التفصيل
الآتي. قوله: "كيمه" أصلها كيما فحذفت ألف ما وجوبًا لدخول
حرف الجر عليها، وجيء بهاء السكت وقفًا حفظًا للفتحة
الدالة على الألف المحذوفة، وهكذا يفعل مع سائر حروف الجر
الداخلة على ما الاستفهامية قاله المصرح وغيره. قوله: "ما
المصدرية مع صلتها" كان الأولى أن يقول المصدر المنسبك من
صلة ما وكذا يقال فيما بعده، يدل على ذلك قوله بعد في
تأويل المصدر مجرور بها كذا قال البعض، والأوجه أن مجموع
الحرف وصلته مجرور محلًّا بالحرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
533- صدره:
إذا أنت لم تنفع فضر فإنما
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق
ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني
1/ 507؛ وللنابغة الجعدي أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن
الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/
245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235، وكتاب
الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛
والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/
10؛ وتذكرة النحة ص609؛ والجني الداني ص262؛ والحيوان 3/
76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني
اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31.
ج / 2 ص -304-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي للضر والنفع قاله الأخفش. وقيل ما كافة الثالث أن
المصدرية وصلتها نحو جئت كي أكرم زيدًا إذا قدرت أن بعدها،
فأن والفعل في تأويل مصدر مجرور بها، ويدل على أن تضمر
بعدها ظهورها في الضرورة كقوله:
534-
فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا
لسانك كيما أن تغر وتخدعا
والأولى أن تقدم كي مصدرة، فتقدر اللام قبلها بدليل كثرة
ظهورها معها نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23]،
وأما لعل فالجر بها لغة عقيل ثابتة الأول ومحذوفته مفتوحة
الآخر ومكسورته. ومنه قوله:
535-
لعل الله فضلكم علينا
بشيء إن أمكم شريم
وقوله:
536-
لعل أبي المغوار منك قريب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه الذي تسلط عليه الحرف، ودلالة قول الشارح في تأويل
مصدر مجرور بها إنما يظهر إذا قرىء مجرور بالجر، فإن قرىء
بالرفع خبر ثان لقوله فإن والفعل فلا، ولم يقل على هذا
مجروران؛ لأن المراد مجموع أن والفعل فتأمل. قوله: "للضر
والنفع" أي ضر من يستحق الضر ونفع من يستحق النفع. قوله:
"وقيل ما كافة" أي لكي عن عملها الجر مثلها في ربما. قوله:
"فقالت أكل الناس إلخ" كل مفعول أول لمانحًا ولسانك أي
حلاوة لسانك المفعول الثاني كما في التصريح وغيره، وإن عكس
البعض وعطف تخدع تفسيري والخدع إرادة المكر بالغير من حيث
لا يعلم. قوله: "والأولى" أي في الموضع الثالث. قوله:
"ثابتة الأول إلخ" حال من الضمير المجرور بالباء، فهذه
أربع لغات يجوز الجر فيها، ولا يجوز في غيرها من بقية لغات
لعل كما قاله المصرح.
قوله: "لعل الله"، فالله مرفوع تقديرًا بالابتداء منع من
ظهوره حركة حرف الجر الشبيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
534- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛
وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488؛ والدرر 4/ 67؛ وشرح
التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان
بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛
والجني الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/
30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني
اللبيب 10/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5.
535- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 7؛
والجني الداني ص584؛ وجواهر الأدب ص403؛ وخزانة الأدب 7/
422، 423، 430؛ ورصف المباني ص375؛ وشرح التصريح 2/ 2؛
وشرح ابن عقيل ص351؛ وشرح قطر الندى ص249؛ والمقاصد
النحوية 3/ 247؛ والمقرب 1/ 193.
536- صدره:
فقلت ادع وارفع الصوت داعيًا
ج / 2 ص -305-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما متى فالجر بها لغة هذيل وهي بمعنى من الابتدائية. سمع
من كلامهم أخرجها متى كمه أي من كمه. وقوله:
537-
شربن بماء البحر ثم ترفعت
متى لجج خضر لهن نئيج
وأما الأربعة عشر الباقية فسيأتي الكلام عليها.
تنبيهان: الأول إنما بدأ بمن؛ لأنها أقوى حروف الجر ولذلك
دخلت على ما لم يدخل عليه غيرها نحو من عندك. الثاني عد
بعضهم من حروف الجر ها التنبيه وهمزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالزائد، وفضلكم خبر وإن أمكم شريم أي مفضاة بدل من شيء.
قوله: "وهو بمعنى من الابتدائية" قال في الهمع، وتأتي
اسمًا بمعنى وسط. حكى وضعها متى كمه: أي وسطه. قوله:
"شربن" أي السحب وضمن شربن معنى روين فعداه بالباء أو هي
بمعنى من وقوله لهن نئيج أي صوت حال من النون في شربن،
وهذا على قول العرب والحكماء: إن السحاب يأخذ الماء من
البحر ثم يمطره. قال في التصريح يقال: إن السحاب في بعض
المواضع تدنو من البحر الملح، فتمتد منها خراطيم عظيمة
تشرب من مائه فيكون لها صوت عظيم مزعج، ثم تذهب صاعدة إلى
الجو، فيلطف ذلك الماء ويعذب بإذن الله تعالى في زمن
صعودها، وترفعها ثم تمطر حيث يشاء الله تعالى. ا. هـ.
قوله: "لأنها أقوى حروف الجر"؛ ولأن من معانيها الابتداء
فناسب الابتداء بها. قوله: "نحو من عندك" أي من كل ظرف
ملازم النصب على الظرفية. قوله: "ها التنبيه" أي صورة لا
معنى إذ هي حرف قسم وكذا يقال في قوله، وهمزة الاستفهام
كما في سم، وقوله إذا جعلت أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والبيت من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات
ص96؛ وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛
وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح
شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب" 11/ 473
"علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني
ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213؛ وكتاب
اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"؛ ومغني اللبيب
ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33.
537- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية
ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة
الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر
صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح
أشعار الهذليين 1/ 129؛ وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان
العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162 "محز"، 15/ 474 "متى"؛
والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية 3/ 249؛ وبلا نسبة في
أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛ وأوضح المسالك 3/ 6؛
والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب ص47، 378؛ ورصف
المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح عمدة الحافظ ص268؛
وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه اللغة ص175؛ ومغني
اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34.
ج / 2 ص -306-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام إذا جعلت عوضًا من حرف الجر في القسم. قال في
التسهيل: وليس الجر في التعويض بالعوض خلافًا للأخفش ومن
وافقه. وذهب الزجاج والرماني إلى أن أيمن في القسم حرف جر
وشذا في ذلك. وعد بعضهم منها الميم مثلثة في القسم نحو م
الله. وجعله في التسهيل بقية أيمن قال: وليست بدلًا من
الواو ولا أصلها من خلافًا لمن زعم ذلك. وذكر الفراء أن
لات قد تجر الزمان، وقرئ:
{وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3]، وزعم الأخفش أن بله
حرف جر بمعنى من والصحيح أنها اسم. وذهب سيبويه إلى أن
لولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلتاهما. قوله: "في التعويض" أي أصورة تعويض ها التنبيه،
وهمزة الاستفهام عن باء القسم يقال: ها الله بقطع الهمزة
ووصلها مدًا وقصرًا فاللغات أربع وآلله بالمد مع الوصل،
وألله بالقطع بلا تعويض شيء عن الباء كذا في الهمع. قال
الدماميني: وأضعف اللغات الأربع في ها الله حذف ألف ها مع
قطع همزة الله بل أنكر هذه اللغة ابن هشام، لكن نقلها غير
واحد عن الجرمي. قوله: "بالعوض" أي بل بالمعوض عنه المحذوف
وهو الباء؛ لأنها أصل حروف القسم.
قوله: "خلافًا للأخفش ومن وافقه" أي حيث ذهبوا إلى أن الجر
بالعوض، وهو المتجه عندي بدليل أن الجر بواو القسم وتائه
مع أن الواو عوض من الباء والتاء عوض من الواو وقياس ها
التنبيه، وهمزة الاستفهام على فاء السببية وواو المعية حيث
لم يكن النصب بهما بل بأن المضمرة قياس مع الفارق؛ لأن
الفاء والواو ليستا في الحقيقة عوضين عن أن بدليل إضمارها
بعدهما بخلاف ها التنبيه والهمزة فافهم. قوله: "إلى أن
أيمن" بفتح الهمزة وضم الميم هذا هو الأفصح، وبالكسر
فالضم، وبالكسر فالفتح، وبفتحتين. ويقال: إيم بكسر فضم،
وأيم بفتح فضم، وإيم بكسرتين، وهيم بفتح الهاء المبدلة من
الهمزة فضم: قال أبو حيان وهي أغرب لغاتها. وإم بكسرتين،
وأم بفتحتين، وأم بفتح فضم، وأم بفتح فكسر، وأم بكسر فضم،
وأم بكسر ففتح ومن بفتح الحرفين وكسرهما وضمهما، وم
مثلثًا، فهذه عشرون لغة كذا في الهمع. قوله: "وشذا في
ذلك"؛ لأنها اسم بمعنى البركة. قوله: "نحو م الله" هو على
هذا القول مبني على إحدى الحركات؛ لأنه حرف جر وبهذا يعرف
ما في كلام البعض فانظره. وأما على غيره فالحركة حركة بنية
حركة الإعراب على النون المحذوفة تخفيفًا. قوله: "وليست
بدلًا من الواو" رد لقول بعضهم السابق ووجهه أنها لو كانت
بدلًا لوجب فتحها كما في التاء قاله الدماميني. وفيه أن
الواو بدل من الباء، ولم توافقها في الحركة إلا أن يقال
خالفتها للتخفيف. قوله: "ولا أصلها من"، أي التي هي حرف
قسم على رأي جماعة مشى عليه المصنف في تسهيله في مبحث من
الجارة مختص برب مضافًا إلى الياء نحو من ربي لأفعلن بضم
الميم وكسرها مع سكون النون فيهما، وإنما لم يكن الأصل من
هذه فحذفت نونها؛ لأن الأشهر في من هذه الاختصاص بربي وأما
رواية الأخفش من الله فشاذة بخلاف م. وأما من التي هي لغة
في أيمن فمثلثة الحرفين كما مر قاله الدماميني بعضه في
مبحث من الجارة، وبعضه في مبحث أيمن.
قوله: "والصحيح أنها اسم" أي مصدر أو اسم فعل، أو بمعنى
كيف كما تقدم في المفعول
ج / 2 ص -307-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو لولاي ولولاك ولولاه،
فالضمائر مجرورة بها عند سيبويه. وزعم الأخفش أنها في موضع
رفع بالابتداء، ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع، ولا عمل
للولا فيها كما لا تعمل لولا في الظاهر. وزعم المبرد أن
هذا التركيب فاسد لم يرد من لسان العرب، وهو محجوج بثبوت
ذلك عنهم كقوله:
538-
أتطمع فينا من أراق دماءنا
ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن
وقوله:
539-
وكم موطن لولاي طحت كما هوى
بأجرامه من قنة النيق منهوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلق. قوله: "أن لولا حرف جر" أي لا يتعلق بشيء كرب ولعل
الجارة تنزيلًا للثلاثة منزلة الجار الزائد كذا في المغني،
وفيه نظر للفرق باختلال أصل المعنى بحذف لولا دون رب ولعل،
ولهذا ضعف الرضي مذهب سيبويه هذا بأن حرف الجر الأصلي لا
بد له من متعلق ولا متعلق للولا. فافهم. والضمير بعدها في
موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف، فيكون للضمير محلان على
رأي سيبويه، فقول الشارح وزعم الأخفش أنها في موضع رفع أي
فقط. قوله: "ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع" أي، وإن كان
غالب نيابة الضمائر في الضمائر المنفصلة، فقد وجدت في
المتصلة كما في عساه وعساك وعساني على قول تقدم في أفعال
المقاربة. وانظر هل وضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع لازم
على مذهب سيبويه، من حيث إن الضمير في محل رفع بالابتداء،
أو غير لازم الظاهر الثاني لما مر من أن معنى كون الكاف،
والهاء والياء ليست ضمائر رفع أنها لا تكون في محل رفع
فقط، فلا ينافي أنها تكون في محل رفع وجر كما في عجبت من
ضربك زيدًا. واعلم أنك إذا عطفت على مدخول لولا اسمًا
ظاهرًا تعين رفعه إجماعًا؛ لأنها لا تجر الظاهر نبه عليه
الدماميني. قوله: "حسن" قال العيني: أراد به الحسن بن علي
رضي الله تعالى عنهما، ويروى عبس بسكون الموحدة اسم قبيلة.
ويروى جبن. قوله: "وكم موطن" كم خبرية بمعنى كثير في محل
نصب بطحت، أو رفع بالابتداء خبره جملة لولاي طحت والرابط
محذوف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
538- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 693؛
وجواهر الأدب ص397؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ وشرح المفصل 3/
120؛ ولسان العرب 15/ 470 "أمالا".
539- البيت الطويل، وهو ليزيد بن الحكم في الأزهية ص171؛
وخزانة الأدب 5/ 336، 337، 342؛ والدرر 4/ 175؛ وسر صناعة
الإعراب ص395، وشرح أبيات سيبويه 2/ 202، وشرح المفصل 3/
118، 9/ 23، والكتاب 2/ 374، ولسان العرب 12/ 92 "جرم" 15/
370 "هوا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 691؛ والجني الداني
ص603؛ وجواهر الأدب ص397؛ وخزانة الأدب 10/ 333؛ ورصف
المباني ص295؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ ولسان العرب 15/ 470
"إمالا" والممتع في التصريف 1/ 191؛ والمنصف 1/ 72.
ج / 2 ص -308-
بالظاهر اخصص منذ مذ وحتى
والكاف والواو ورب
والتا
واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب
منكرا والتاء لله ورب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى "بالظاهر اخصص منذ" و"مد وحتى والكاف والواو ورب
والتا"، وكي ولعل ومتى وقد سبق الكلام على هذه الثلاثة،
وما عدا ذلك فيجر الظاهر والمضمر على ما سيأتي بيانه
"واخصص بمذ ومنذ وقتًا" وأما قولهم. ما رأيته منذ أن الله
خلقه فتقديره منذ زمن من الله خلقه أي منذ زمن خلق الله
إياه.
تنبيه: ويشترط في مجرورهما مع كونه وقتًا أن يكون معينًا
لا مبهمًا، ماضيًا أو حاضرًا لا مستقبلًا؛ تقول: ما رأيته
مذ يوم الجمعة أو مذ يومنا، ولا تقول مذ يوم، ولا أراه مذ
غد وكذا في منذ. ا. هـ "و" اخصص "برب منكرا" نحو رب رجل،
ولا يجوز رب الرجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي طحت فيه. وطحت بفتح التاء مع كسر الطاء أو ضمها من طاح
يطيح ويطوح أي هلك. وقوله كما هوى ما مصدرية وهوى بفتح
الواو سقط، وفاعله منهوي أي ساقط. والأجرام جمع جرم بالكسر
وهو الجثة. والقنة بضم القاف وتشديد النون أعلى الجبل،
وكذا النيق بكسر النون وبالقاف آخره، فالإضافة من إضافة
المسمى إلى الاسم.
قوله: "بالظاهر اخصص" الباء داخله على المقصور عليه على
عكس قوله الآتي واخصص بمذ ومنذ، وإنما اختصت المذكورات
بالظاهر لضعف غالبها باختصاص بعضه بالوقت وبعضه بالمنكر،
وبعضه بالآخر أو المتصل بالآخر وكون بعضها عوضًا عن باء
القسم لا أصلًا فيه، وغرابة الجر ببعضها ولتأدية إدخال
الكاف على الضمير إلى اجتماع كافين في نحو كك وطردنا
المنع. قوله: "واخصص بمذ ومنذ وقتًا" قال ابن عصفور: ما
يسأل به عن الوقت كالوقت بشرط أن يكون مما يستعمل ظرفًا،
فتقول: منذ كم ومذ متى ومذ أي وقت، ولا تقول: مذ ما؛ لأن
ما لا تكون ظرفًا. فإن قلت: سينص على دخولهما على الأفعال،
فكيف يصح دعوى الاختصاص بالوقت. أجيب بأنهما حينئذٍ ليساحر
في جر باتفاق والكلام. فيما إذا كانا جارين. ا. هـ. يس على
أن منهم من يرى أنهما حينئذٍ داخلان على زمان مقدر مضاف
للجملة وعليه لا إشكال. قوله: "منذ أن الله خلقه" أي على
رواية فتح الهمزة أما على رواية الكسر، فمند اسم لدخولها
على الجملة. قوله: "ويشترط في مجرورهما"، وكذا في مرفوعهما
وبقي شرط رابع، وهو أن يكون متصرفًا فلا يجوز منذ سحر تريد
سحر يوم بعينه، ويشترط في عاملهما أن يكون فعلًا ماضيًا
منفيًا نحو ما رأيته منذ يوم الجمعة، أو متطاولًا نحو سرت
منذ يوم الخميس، ولا يجوز قتلته منذ يوم الخميس قاله يس.
قوله: "واخصص برب منكرًا" أي في الكثير فلا يرد قوله
الآتي، وما رووا إلخ على أن مذهب جماعة كابن عصفور
والزمخشري أن مثل هذا الضمير نكرة؛ لأنه عائد على واجب
التنكير وقال جماعة كالفارسي معرفة جار مجرى النكرة، وقد
يعطف على مجرورها مضاف إلى ضميره نحو رب رجل وأخيه؛ لأنه
نكرة تقديرًا إذ التقدير وأخ له، وإنما لم يجز رب أخي
الرجل؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع أما
رب رجل وزيد مثلًا فلا يجوز. قال في التسهيل، ولا يلزم
وصفه أي المنكر
ج / 2 ص -309-
وما رووا من نحو ربه فتى
نزر كذا كها ونحوه أتى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والتاء لله ورب" مضافًا للكعبة أو لياء المتكلم نحو:
{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57]، وترب الكعبة، وتربي لأفعلن، وندر تالرحمن وتحياتك
"وما رووا من نحو ربه فتى"، وقوله:
540-
وربه عطبًا أنقذت من عطبه
"نزر" أي قليل.
تنبيه: يلزم هذا الضمير المجرور بها الإفراد والتذكير
والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى، فيقال: ربه رجلًا وربه
امرأة. قال الشاعر:
541-
ربه فتية دعوت إلى ما
يورث المجد دائبًا
فأجابوا
وقد سبق التنبيه عليه في آخر باب الفاعل "كذا كها ونحوه أتى"
أي قد جرت الكاف ضمير الغيبة قليلًا كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجرور بها خلافًا للمبرد ومن وافقه.
قوله: "والتاء لله ورب" يوهم التسوية في الدخول عليهما،
وليس كذلك فإن دخولها على رب قليل وقد يؤخذ عدم التسوية من
تقديم لفظ الجلالة. قوله: "ربه فتى" قال الجامي: هذا
الضمير عائد على مبهم في الذهن يعني قبل ذكره مؤخرًا
تمييزًا، فلا ينافي عدهم هذا الضمير مما يعود على متأخر
لفظًا ورتبة كما مر هذا ما ظهر. قوله: "وربه عطبًا" أي
مشرفًا على العطب أي الهلاك قاله العيني، ولا ينافيه قوله:
أنقذت من عطبه؛ لأن المراد أبعدته عن العطب، وإنما عبر
بالإنقاذ المشعر بالوقوع مبالغة. قوله: "أي قليل" أي
بالنسبة للظاهر، وقيل: معنى نزر شاذ من جهة القياس وإن كان
كثيرًا مطردًا في الاستعمال. قوله: "الإفراد والتذكير" أي
استغناء بمطابقة التمييز للمعنى المراد، وهذا مذهب
البصريين وجوز الكوفيون مطابقة الضمير لفظًا نحو ربها
امرأة، وربهما رجلين وهكذا واستندوا إلى السماع. قوله:
"والتفسير بتمييز بعده" يؤخذ منه وجوب ذكره وهو كذلك بخلاف
مميز نعم وبئس، ولعل الفرق قوة العامل في باب نعم وبئس،
فاحتمل معه ترك التمييز بخلافه في ربه رجلًا، فإنه ضعيف
وإشعار المخصوص بنوع التمييز في باب نعم وبئس، وعدم إشعار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
540- صدره:
واه رأيت وشيكًا صدع أعظمه
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 127؛ وشرح ابن
عقيل ص356؛ وشرح عمدة الحافظ ص271؛ والمقاصد النحوية 3/
257؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 27.
541- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/
19؛ والدرر 4/ 128؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ وشرح شذور الذهب
ص172؛ وشرح شواهد المغني ص874؛ ومغني اللبيب ص491؛
والمقاصد النحوية 3/ 259؛ وهمع الهوامع 2/ 27.
ج / 2 ص -310-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
542-
وأم أو عال كها أو أقربا
وقوله:
543-
ولا ترى بعلا ولا حلائلا
كه ولا كهن إلا حاظلا
وهذا مختص بالضرورة.
تنبيه: قوله ونحوة يحتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكون إشارة
إلى بقية ضمائر الغيبة المتصلة كما في قوله: كه ولا كهن.
الثاني أن يكون إشارة إلى بقية الضمائر مطلقًا، وقد شذ
دخول الكاف على ضمير المتكلم والمخاطب، كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء به في رب فتنبه. قوله: "دائبًا" أي إرثًا دائبًا أي
دائمًا. قوله: "وأم أو عال كها أو أقربا" صدره:
خلى الذنابات شمالًا كثبا
وضمير خلى لحمار وحشي والذنابات بفتح الذال المعجمة اسم
موضع، وشمالًا ظرف أي ناحية شماله وكثبًا بفتح الكاف
والمثلثة أي قريبًا منه، والمفعول الثاني لخلى إما شمالًا
وكثبًا حال، أو بالعكس وأم أو عال اسم موضع مرتفع، وهو
منصوب عطفًا على الذنابات، أو مرفوع بالابتداء خبره كها أي
كالذنابات، وأقربا على الأول معطوف على محل الجار والمجرور
وعلى الثاني معطوف على المجرور. قوله: "ولا ترى بعلًا" أي
زوجًا ولا حلائلًا أي زوجات كه أي كالحمار الوحشي، ولا كهن
أي الأتن إلا حاظلًا استثناء من بعلًا، والحاظل المانع من
التزويج كالعاضل، وكانت عادة الجاهلية إذا طلقوا امرأة
منعوها أن تتزوج بغيرهم إلا بإذنهم. قوله: "وهذا مختص
بالضرورة" أي خلافًا لما توهمه عبارة المصنف من أن دخول
الكاف على ضمائر الغيبة المتصلة قليل فقط، حيث شبهه بربه
مع أنه قليل جدًا، وضرورة ويجاب بأن التشبيه في أصل القلة،
قوله: "مطلقًا" أي سواء كانت ضمائر غيبة أو تكلم أو خطاب
متصلة أو منفصلة. قوله: "وقد شذ إلخ" غرضه التورك على
المتن إذا حملت عبارته على الاحتمال الثاني بإيهام عبارته
أن دخول الكاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
542- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 269؛ وأوضح المسالك
3/ 16؛ وجمهرة اللغة ص61؛ وخزانة الأدب 10/ 195، 196؛ وشرح
أبيات سيبويه 2/ 95؛ وشرح شواهد الشافية ص345؛ والكتاب 2/
384؛ ومعجم ما استعجم ص212؛ والمقاصد النحوية 3/ 253؛ وبلا
نسبة في شرح ابن عقيل ص356؛ وشرح المفصل 8/ 16، 42، 44.
543- الرجز لرؤية في ديوانه ص128؛ وخزانة الأدب 10/ 195،
196؛ والدرر 5/ 268، 4/ 152؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 163؛
وشرح التصريح 2/ 4؛ والمقاصد النحوية 3/ 256؛ وللعجاج في
الكتاب 2/ 384؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك
3/ 18؛ وجواهر الأدب ص124؛ ورصف المباني ص204؛ وشرح ابن
عقيل ص357؛ وشرح عمدة الحافظ ص269؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
ج / 2 ص -311-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
544-
وإذا الحرب شمرت لم تكن كي
وكقول الحسن: أنا كك وأنت كي. وأما دخولها على ضمير الرفع
نحو ما أنا كهو، وما أنا كأنت، وما أنت كأنا، وعلى ضمير
النصب نحو ما أنا كإياك وما أنت كإياي، فجعله في التسهيل
أقل من دخول على ضمير الغيبة المتصل. قال المرادي: وفيه
نظر بل إن لم يكن أكثر فهو مساو. والثالث أن يكون إشارة
إلى بقية ما يختص بالظاهر، أي أن بقية ما يختص بالظاهر
دخوله على الضمير قليل كقوله:
545-
فلا والله لا يلفي أناس
فتى حتاك يا ابن أبي زياد
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على غير ضمائر الغيبة من بقية الضمائر كدخولها على ضمائر
الغيبة مع أنه دون دخولها على ضمائر الغيبة؛ لأنه شاذ يحفظ
ولا يقاس عليه بخلاف دخولها على ضمائر الغيبة فجائز ضرورة
حتى لنا. قوله: "وإذا الحرب شمرت" أي نهضت وكي بكسر الكاف
لمناسبة ياء المتكلم، كما في الدماميني عن سيبويه. قوله:
"وأما دخولها" مقابل لمحذوف أي هذا دخولها على ضمير الجر
وأما إلخ. قوله: "فجعله في التسهيل أقل" يتجه لي أن المراد
الأقلية من حيث القياس، وحينئذٍ لا يرد عليه نظر المرادي
الذي سيذكره الشارح، وأن وجه أقليته أنه شاذ من جهتين كون
مدخول الكاف ضميرا، وكون ذلك الضمير ضمير رفع أو نصب بخلاف
ما مر، فإن شذوذه من الجهة الأولى، فاعرفه فإنه في غاية
النفاسة.
قوله: "قال المرادي وفيه نظر إلخ" حاصله منع الأقلية بأنه
إن لم يكن أكثر في لسان العرب كان مساويا. قوله: "كقوله"
أي في حتى الجارة التي الكلام فيها أما حتى العاطفة، فتدخل
على المضمر كضربتهم حتى إياك. وقال ابن هشام الخضراوي: لا
تعطف إلا الظاهر كالجارة. ا. هـ. فارضي. قوله: "فلا والله
إلخ" الفاء عاطفة ولا لتأكيد لا في جواب القسم على ما قاله
العيني وغيره، وفيه أن الحقيق بكونه تأكيدا لا الثانية دون
الأولى، فيكون القسم مقحما بين النافي والمنفي إلا أن يراد
التوكيد اللغوي، ولا يلفى جوابه أي لا يجد وأناس فاعل وفتى
مفعول، وقوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
544- عجزه:
حين تدعو الكماة فيها نزال
والبيت من الخفيف، وهو لبشار بن برد في ديوانه، والدرر 4/
154؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 197، 198؛ والمقاصد
النحوية 3/ 265؛ وهمع الهوامع 2/ 31.
545- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص544؛
وجواهر الأدب ص408؛ وخزانة الأدب 9/ 474، 475؛ والدرر 4/
111؛ ورصف المباني ص185؛ وشرح ابن عقيل ص355؛ والمقاصد
النحوية 3/ 265؛ والمقر 1/ 194؛ وهمع الهوامع 2/ 23.
ج / 2 ص -312-
بعض وبين وابتدئ في الأمكنة
بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
546-
أتت حتاك تقصد كل فج
ترجي منك أنها لا تخيب
ا. هـ.
وهذا شروع في ذكر معاني هذه الحروف "بعض وبين وابتدئ في
الأمكنة بمن" أي تأتي من لمعان، وجملتها عشرة اقتصر منها
هنا على الخمسة الأولى الأول التبعيض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتاك أي إليك أي إلى لقيك، والمعنى لا يجدون فتى إلى أن
يلقوك فحينئذٍ يجدون الفتى هذا ما ظهر لي. قوله: "في ذكر
معاني إلخ"، اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب
بعضها عن بعض قياسًا، كما لا تنوب حروف الجزم والنصب عن
بعض، وما أوهم ذلك محمول على نحو تضمين الفعل معنى فعل
يتعدى بذلك الحرف، أو على شذوذ النيابة، فالتجوز عندهم في
غير الحرف أو في الحرف لكن على الشذوذ، وجوز الكوفيون
واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسًا، كما في
التصريح والمغني، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، فالتجوز
عندهم في الحرف قال في المغني: وهذا المذهب أقل تعسفًا.
قوله: "بمن" قال في الهمع الغالب في نون من إذا وليها ساكن
أن تكسر مع غير لام التعريف، وتفتح معها وحذفها مع لام لم
تدغم فيما بعدها قال ابن مالك: قليل وابن عصفور: ضرورة
وأبو حيان: كثير حسن، فإن كانت اللام مدغمة لم يجز حذف
النون، فلا يقال في من الظالم ومن الليل: م الظالم وم
الليل ونظيره حذف نون بني، فإنهم لا يحذفونها إلا إذا لم
تدغم اللام بعدها، وأما نون عن، فالغالب فيها الكسر مطلقًا
مع اللام وغيرها، وحكى الأخفش ضمها مع اللام قال أبو حيان:
وليس له وجه من القياس. ا. هـ. باختصار. قوله: "أي تأتي من
لمعان" أشار به إلى أن الأمر في كلام المصنف ليس على
حقيقته، إذ المراد الإخبار عما نقل عن العرب لا طلب ذلك،
وظاهر كلام الشارح أن المعاني العشرة حقائق، والظاهر خلافه
وأن الزيادة وما عدا التعليل من الخمسة الأخيرة مجازية
لعدم تبادرها الذي هو علامة الحقيقة. قوله: "على الخمسة
الأولى"، قد ذكر الخامس بقوله ومن وباء يفهمان بدلًا.
قوله: "التبعيض" إن أريد به التبعيض الملحوظ لغيره أي
لكونه حالة بين المتعلق والمجرور، وآلة لربط أحدهما بالآخر
فلا مسامحة في العبارة، وإن أريد به مطلق التبعيض كان في
العبارة مسامحة؛ لأن معنى من ليس مطلق التبعيض بل التبعيض
الملحوظ لغيره لما تقرر أن معنى الحرف في غيره، وقس على
ذلك بقية المعاني الآتية للحروف قال في المطول والمختصر:
قال صاحب المفتاح: المراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر
بها عنها عند تفسير معانيها مثل قولنا: من معناها ابتداء
الغاية وفي معناها الظرفية، وكي معناها الغرض فهذه ليس
معاني الحروف، وإلا لما كانت حروفًا بل أسماء؛ لأن الاسمية
والحرفية إنما هما باعتبار المعنى، وإنما هي متعلقات
لمعانيها أي إذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
546- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 111؛ وشرح
التصريح 2/ 3؛ وشرح شواهد المغني ص370؛ ومغني اللبيب ص123؛
وهمع الهوامع 2/ 23.
ج / 2 ص -313-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو:
{حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وعلامتها أن يصح أن يخلفها بعض، ولهذا قرئ بعض ما
تحبون. الثاني بيان الجنس نحو:
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ
مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30]، وعلامتها
أن يصح أن يخلفها اسم موصول. الثالث ابتداء الغاية في
الأمكنة باتفاق نحو:
{مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1]، "وقد تأتي لبدء الغاية في "الأزمنة" أيضًا خلافًا
لأكثر البصريين نحو:
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفادت هذه الحروف معاني رجعت تلك المعاني إلى هذه بنوع
استلزام. ا. هـ. وكتب سم على قوله معاني الحروف ما نصه
كالابتداء المخصوص والظرفية المخصوصة، والغرض المخصوص وكتب
على قوله بنوع استلزام ما نصه؛ لأن الخواص تستلزم العوام.
ا. هـ. وبذلك يفهم أن قول الشارح أن يخلفها بعض أي في أصل
المعنى لا من كل وجه، وأن مراده بقوله: الخامس أن تكون
بمعنى بدل توافقهما في أصل المعنى، وكذا يقال في نظائر ذلك
من العبارات المتسامح فيها، ولا خلاف في كون المعنى
المستعمل فيه الحرف جزئيا ملحوظا للغير، وإنما اختلفوا في
كون هذا الجزئي هو الموضوع له أولا، ذهب إلى الأول العضد
والسيد، ومن وافقهما فقالوا: معاني الحروف جزئيات وضعا
واستعمالا، فمن مثلًا موضوعة لكل فرد من الابتداآت الجزئية
الملحوظة للغير مستحضرة بكلي يعمها. وذهب إلى الثاني
الأوائل فقالوا: هي كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. قال عبد
الحكيم في حاشية المطول: ذهب الأوائل إلى أنها موضوعة
للمعاني الكلية الملحوظة لغيرها، فلهذا شرط الواضع في
دلالتها ذكر الغير معها، فمعنى من مثلًا هو الابتداء لكن
من حيث إنه آلة لتعرّف حال غيره، فلهذا وجب ذكر الغير،
وهذا ما اختاره الشارح في تصانيعه. ا. هـ. يعني
التفتازاني. وما قيل: يلزم حينئذٍ أن لا تستعمل إلا في
معان جزئية، فيلزم أن تكون مجازات لا حقائق لها، مع أنهم
ترددوا في أن المجاز يستلزم الحقيقة أولًا مدفوع بأن هذا
إنما يلزم لو كان استعمالها في الجزئيات من حيث خصوصياتها،
أما إذا كان من حيث أنها أفرادها المعاني الكلية فلا. ا.
هـ. باختصار. وبسط الكلام على ذلك في رسالتنا البيانية.
قوله: "أن يخلفها اسم موصول" أي مع ضمير يعود على ما قبلها
لكن هذا إن كان ما قبلها معرفة، فإن كان نكرة فعلامتها أن
يخلفها الضمير فقط نحو:
{مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}
[الكهف: 31]، أي هي ذهب ولو قال: أن يصح الإخبار بما بعدها
عما قبلها لكان أحسن. واعلم أن من البيانية مع مجرورها ظرف
مستقر في محل نصب على الحالية، إن كان ما قبلها معرفة ونعت
تابع لما قبلها في إعرابه إن كان نكرة. قوله: "ابتداء
الغاية" يعني المسافة لا معناها الحقيقي الذي هو آخر
الشيء، فهو من تسمية الكل باسم الجزء، وعلامتها أن يحسن في
مقابلتها إلى أو ما يفيد فائدتها، نحو أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم؛ لأن معنى أعوذ بالله ألتجىء إليه فالباء
هنا أفادت معنى الانتهاء نقله الشمني عن الرضي. قوله: "في
الأمكنة" الأول أن يراد بها ما عدا الأزمنة، فيشمل ما ليس
زمانًا ولا مكانًا نحو:
{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ}
[النمل: 30]. قوله: "نحو لمسجد أسس على التقوى من أول يوم"
إن أريد بالتأسيس البناء، فالابتداء ظاهر أو مجرد وضع
ج / 2 ص -314-
وزيد في نفي وشبهه فجر
نكرة كما لباغ من مفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108]، وقوله:
547-
تخيرن من أزمان يوم حليمة
إلى اليوم قد جرين كل التجارب
الرابع التخصيص على العموم أو تأكيد التنصيص
عليه وهي الزائدة، لها شرطان: أن يسبقها نفي أو شبهه وهو
النهي والاستفهام، وأن يكون مجرورها نكرة وإلى ذلك الإشارة
بقوله: "وزيد في نفي وشبهه فجر نكرة"، ولا تكون هذه النكرة
إلا مبتدأ "كما لبغ من مفر"، أو فاعلًا نحو لا يقم من أحد،
أو مفعولًا به، نحو:
{هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأساس فمن يعني في كما قاله الرضي قال: ومن في الظروف
كثيرًا ما تقع بمعنى في نحو جئت من قبل زيد ومن بعده،
{وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}
[فصلت: 5]. قوله: "تخيرن" مبني للمجهول أي اصطفين، وضميره
يرجع إلى السيوف، ويوم حليمة من أيام حروب العرب المشهورة
وحليمة بنت الحرث بن أبي شمر ملك غسان، وجه أبوها جيشًا
إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيبًا وطيبتهم فلما
قدموا على المنذر، قالوا له: أتيناك من عند صاحبنا، وهو
يدين لك، ويعطيك حاجتك فتباشر هو وأصحابه، وغفلوا بعض
الغفلة، فحمل ذلك الجيش على المنذر وقتلوه. ويقال: إنه
ارتفع في ذلك اليوم من العجاج ما غطى عين الشمس. والتجارب
كمساجد جمع تجربة كذا في المصباح.
قوله: "ولها شرطان" يؤخذ من الشرح شرط ثالث، وهو كون
النكرة فاعلًا أو مفعولًا به، أو مبتدأ أي أو مفعولًا
مطلقًا على ما جنح إليه ابن هشام ومثل له تبعًا لأبي
البقاء بقوله تعالى:
{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، أي من تفريط، فلا تزاد مع غير
هذه الأربعة عند الجمهور وقيل: تزاد قبل الحال كقراءة من
قرأ:
{مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ
مِنْ أَوْلِيَاءَ}
[الفرقان: 18]، ببناء نتخذ للمفعول، وتقدم في باب الحال عن
ابن هشام رده بأنه يلزم على الحالية إثبات الملائكة
لأنفسهم الولاية، وجعل ابن مالك من الداخلة على الظروف
التي لا تتصرف زائدة كما مر في محله. قوله: "أن يسبقها نفي
أو شبهه"، فلا تزاد في الإثبات ويستثنى منه تمييز كم
الخبرية إذا فصل بينه وبين كم فعل متعد نحو:
{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ}
[الدخان: 25]، كما نقله التفتازاني عن القوم. قوله:
"والاستفهام" أي بهل وكذا الهمزة على الأوجه، فلا تزاد مع
غيرهما لعدم السماع؛ ولأن غيرهما لا يطلب به التصديق بل
التصور بخلافهما، فإن هل لطلب التصديق فقط والهمزة له
ولطلب التصور. قوله: "إلا مبتدأ" أي ولو في الأصل، فدخل
فيه أول مفعولي ظن، وثاني مفاعيل أعلم كما قاله الدماميني.
قوله: "أو مفعولًا به" أي حقيقة، فخرج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
547- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه
ص45؛ وخزانة الأدب 3/ 331؛ وشرح التصريح 2/ 8؛ وشرح شواهد
المغني ص349، 731؛ ولسان العرب 1/ 261 "جرب"، 12/ 149
"حلم"؛ ومغني اللبيب ص319؛ والمقاصد النحوية 3/ 270؛ وبلا
نسبة في أوضح المسالك 3/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص358.
ج / 2 ص -315-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3]، والتي لتنصيص العموم هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي،
والتي لتأكيده هي التي مع نكرة تختص به كأحد وديار. وذهب
الكوفيون إلى عدم اشتراط النف وشبهه، وجعلوها زائدة نحو
قولهم: قد كان من مطر. وذهب الأخفش إلى عدم اشتراط الشرطين
معًا، فأجاز زيادتها في الإيجاب جارة لمعرفة وجعل من ذلك
قوله تعالى:
{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31]، الخامس أن تكون بمعنى بدل نحو:
{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} [التوبة: 38]، وقوله:
548-
أخذوا المخاض من الفصيل غلبة
ظلمًا ويكتب لللأمير أفيلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثاني مفعولي ظن وثالث مفاعيل أعلم؛ لأنهما خبران في الأصل
لا مفعولان حقيقة، والمفعول حقيقة ما يتضمنه ثانيهما
مضافًا إلى أولهما، إذ المظنون في ظننت زيدًا قائمًا قيام
زيد قاله الدماميني.
قوله: "هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي" أي؛ لأنها قبل
دخول من تحتمل نفي الوحدة بمرجوحية ونفي الجنس على سبيل
العموم براجحية، فدخولها منصص على الثاني، فيمتنع أن يقال:
ما جاءني من رجل بل رجلان. فإن قلت: إذا أفادت التنصيص
فكيف تكون زائدة؟ قلت: المراد بزيادتها وقوعها في موضع
يطلبه العامل بدونها، فتكون مقحمة بين طالب ومطلوب، وإن
كان سقوطها مخلًا بالمقصود قاله المصرح. قوله: "مع نكرة
تختص به" أي بالنفي أو شبهه وإنما كانت لتأكيده؛ لأن
النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم نصًا، فزيادة من
تأكيد لذلك. قوله: "وذهب الكوفيون" أي بعضهم أما الكسائي
وهشام منهم، فيوافقان الأخفش في عدم اشتراط الشرطين معًا،
واختاره في التسهيل كذا في الهمع. قوله: "وجعلوها زائدة
إلخ" أجيب بأن من تبعيضية أو بيانية لمحذوف أي قد كان شيء
من مطر. واعترض بأن حذف الموصوف وإقامة الجملة، أو الظرف
مقامه قليل لا سيما إذا كان الموصوف فاعلًا. وأجيب أيضًا
بأن الفاعل ضمير مستتر يعود إلى اسم فاعل تضمنه الفعل،
والتقدير كان هو أي كائن من جنس المطر، والظرف مستقر حال
من الضمير، وبأن زيادتها في ذلك حكاية كأنه سئل هل كان من
مطر، فأجيب بذلك على سبيل حكاية السؤال كما قالوا: دعنا من
تمرتان كذا في الدماميني.
قوله: "وجعل من ذلك قوله تعالى إلخ"، أجيب بأن من للتبعيض
ولا ينافيه قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا}؛ لأن الذنوب في الأول ذنوب أمة نوح عليه
عليه الصَّلاة والسَّلام. وفي الثاني ذنوب أمة نبينا عليه
أفضل الصَّلاة والسَّلام على أنه لا يناقض الموجبة
الجزئية، إلا السالبة الكلية لا الموجبة الكلية. قوله:
"أخذوا إلخ" أي عمال الزكاة والمخاض النوق الحوامل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
548- البيت من الكامل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص242؛
وتذكرة النحاة ص311؛ وشرح شواهد الإيضاح ص607؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 736؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص273؛ وشرح
المفصل 6/ 44؛ ومغني اللبيب 1/ 320.
ج / 2 ص -316-
للآنتها حتى ولام وإلى
ومن وباء يفهمان بدلًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادس الظرفية نحو:
{مَاذَا خَلَقُوا مِنَ
الْأَرْضِ} [الأحقاف: 4]،
{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]. السابع التعليل نحو:
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25] وقوله:
549-
يغضي حياء ويغضى من مهابته
الثامن موافقة عن نحو:
{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا}
[الأنبياء: 97]. التاسع موافقة الباء نحو:
{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]. العاشر موافقة
على نحو:
{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا} [الأنبياء: 77]، "للآنتها حتى ولام وإلى"
أي تكون هذه الثلاثة لانتهاء الغاية في الزمان والمكان،
وإلى أمكن في ذلك من حتى؛ لأنك تقول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا واحد لها من لفظها بل من معناها وهو خلفة، والفصيل ولد
الناقة إذا فصل عنها، والغلبة بالغين المعجمة واللام
المضمومتين وتشديد الموحدة الغلبة، والأفيل صغير الإبل
لأفوله أي غيبته بينها، ونصبه بفعل محذوف أي أدّى فلان
أفيلًا. قوله: "ماذا خلقوا من الأرض إلخ" كونها للظرفية،
أو بمعنى عن. أو الباء. أو على مذهب الكوفيين، وللبصريين
أن يجعلوها في هذه الآية لبيان الجنس، وفي:
{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97]، للابتداء لإفادة أن ما بعد ذلك من العذاب أشد. قال
الدماميني قال ابن هشام: وعلى هذا تكون متعلقة بويل كما
في:
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27]، لكن التعلق في آية:
{يَا وَيْلَنَا} [الأنبياء: 14]، معنوي لا صناعي للفصل. ا.
هـ. ملخصًا وكذا،
{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ
خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، وفي:
{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [الأنبياء: 77]، على تضمين نصر معنى نجى كما قيل بكل ذلك. وقال
الدماميني والشمني: إن أريد كون الظرف آلة للنظر فمن بمعنى
الباء أو مبدأ له، فهي للابتداء فهما معنيان متغايران
موكولان إلى إرادة المستعمل، قوله: "موافقة عن" أي لازم
موافقتها وهو المجاوزة وكذا يقال في نظائره الآتية، ومن
التي للمجاوزة على أظهر أوجه في الهمع الداخلة على ثاني
المتضادين نحو:
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]،
{حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
[آل عمران: 179]. قوله: "موافقة الباء" أي باء الاستعانة
دماميني.
قوله: "وإلى أمكن في ذلك" أي أقوى لاستعمالها فيما لم
تستعمل فيه حتى بما بينه الشارح؛ ولأنه يجوز كتبت إلى زيد،
وأنا إلى عمرو أي هو غايتي وسرت من البصرة إلى الكوفة ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
549- عجزه:
فما يكلم إلا حين يبتسم
والبيت من البسيط، وهو للحزين الكناني "عمرو بن
عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263؛ ولسان العرب 13/ 114 "حزن"؛
والمؤتلف والمختلف ص89؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 179؛ وأمالي
المرتضى 1/ 68؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1622؛ وشرح
شواهد المغني 2/ 732؛ ومغني اللبيب 1/ 320؛ والمقاصد
النحوية 2/ 513؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 146؛ وشرح
المفصل 2/ 53.
ج / 2 ص -317-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سرت البارحة إلى نصفها، ولا يجوز حتى نصفها؛ لأن مجرور حتى
يلزم أن يكون آخرًا أو متصلًا بالآخر نحو: أكلت السمكة حتى
رأسها ونحو:
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
[القدر: 5]، واستعمال اللام للانتهاء قليل نحو:
{كُلٌّ جْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2]، وسيأتي الكلام
على بقية معانيها في هذا الكتاب، وعلى بقية أحكام حتى في
باب إعراب الفعل، وأما إلى فلها ثمانية معان: الأول انتهاء
الغاية مطلقًا كما تقدم. الثاني المصاحبة نحو:
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى
أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2]، الثالث التبيين
وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حبًا، أو بغضًا
من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو:
{رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33]: الرابع موافقة اللام نحو:
{وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ}
[النمل: 33]، وقيل: لانتهاء أي منته إليك: الخامس موافقة
في نحو:
{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [النساء:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجوز حتى زيد وحتى عمرو لوضع حتى لإفادة تقضي الفعل قبلها
شيئًا فشيئًا إلى الغاية، وليس ما قبل حتى في المثالين
مقصودًا به التقضي، ولا حتى الكوفة لضعف حتى في الغاية،
فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية ذكره في المغني، ولا ينافيه
أن حتى قد تستعمل فيما لم يستعمل فيه إلى، وهو جر أن
المضمرة والمضارع المنصوب بها نحو سرت حتى أدخلها؛ لأنه قد
يلتزم أن ما انفردت به إلى أكثر مما انفردت به حتى، وظاهر
كلام المصنف والشارح أن حتى الجارة للانتهاء دائمًا، ومحله
ما لم تدخل على المضارع المنصوب بأن المضمرة، وإلا فقد
تكون له، وقد تكون للتعليل وللاستثناء كما سيأتي قاله
الدماميني. قوله: "لأن مجرور حتى إلخ"، خالفه في التسهيل،
فقال: لا يلزم كونه آخر جزء ولا ملاقي آخر جزء خلافًا
لزاعم ذلك. قوله: "أن يكون آخرًا إلخ" أي وأن يكون ظاهرًا
لا ضميرًا إلا ما شذ كما سيأتي. قيل: لأنها لو دخلت على
الضمير قلبت ألفها ياء كما في إلى وعلى ولدي، وهي فرع عن
إلى، فيلزم مساواة الفرع لأصله بلا ضرورة، قوله: "نحو أكلت
السمكة إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "ونحو سلام هي إلخ"
نقل يس عن ابن هشام أن حتى متعلقة بتنزل لا بسلام، ويلزم
عليه الفصل بين العامل والمعمول بجملة سلام هي. قوله:
"انتهاء الغاية مطلقًا" أي في الزمان والمكان في الآخر،
والمتصل بالآخر وغيرهما. قوله: "الثاني المصاحبة" قال بذلك
الكوفيون وجماعة من البصريين، ومن أنكره جعلها في مثل
الآية التي ذكرها الشارح للانتهاء والمعنى، ولا تأكلوا
أموالهم مضمومة إلى أموالكم. دماميني.
قوله: "نحو ولا تأكلوا إلخ" أي من كل تركيب اشتمل على ضم
شيء إلى آخر في كونه محكومًا به على شيء، أو محكومًا عليه
بشيء، أو متعلقًا بشيء سواء كان من جنسه أو لا، فلا يجوز
إلى زيد مال بمعنى مع زيد مال إذ ليس فيه ضم شيء إلى آخر
في شيء مما ذكرنا كذا في المغني والشمني. قوله: "من فعل
تعجب أو اسم تفضيل"، أي مشتقين من لفظي الحب والبغض كذا
قاله الشمني، وأقره شيخنا والبعض، ويظهر لي أن المشتق مما
في معناهما كالمشتق منهما نحو ودّ وكره، ويشير إليه قول
الشارح بعدما يفيد حبًا أو بغضًا فتدبر. ثم رأيت في
ج / 2 ص -318-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
87، الأنعام: 12]، وقوله:
550-
فلا تتركني بالوعيد كأنني
إلى الناس مطلي به القار أجرب
السادس موافقة من كقوله:
551-
تقول وقد عاليت بالكور فوقها
أيسقى فلا يروى إلي ابن أحمرا
السابع موافقة عند كقوله:
552-
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره
أشهر إلي من الرحيق السلسل
الثامن التوكيد وهي الزائدة، أثبت ذلك الفراء مستدلًا بقراءة
بعضهم:
{أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37]، بفتح الواو.
وخرجت على تضمين تهوى معنى تميل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماميني ما يؤيده وسيأتي. قوله: "موافقة اللام" أي
الاختصاصية. قوله: "نحو ليجمعنكم إلخ"، وقيل: ضمن يجمع
معنى يضم. قوله: "وقوله" أي النابغة الذبياني يخاطب
النعمان بن المنذر.
قوله: "مطليّ" أي جمل مطلي به القار أي الزفت فيه قلب
نكتته الإشارة إلى كثرة القار التي تزيد في النفرة عنه،
فافهم واعترض جعل إلى بمعنى في بأنه لو صح ذلك لساغ أن
يقال: زيد إلى الكوفة بمعنى فيها، وهو لا يجوز فتجعل إلى
متعلقة بمحذوف أي مضافًا إلى الناس، وفيه نظر إذ الظاهر
جواز زيد إلى الكوفة بمعنى فيها على مذهب الكوفيين، الذي
عد هذه المعاني عليه كما علم مما مر. قوله: "تقول" أي
الناقة وقد عاليت أي علوت بالكور بكاف مضمومة، ثم راء
الرحل والباء بمعنى على ويسقى مبني للمجهول، فلا يروى
مضارع روى من باب رضى أي زال عطشه والسقي كناية عن الركوب،
وعدم الارتواء كناية عن عدم السآمة من الركوب، وابن أحمر
هو عمرو بن أحمر قائل البيت. وكل من إلى وابن أحمر معمول
ليسقى أو تنازعهما الفعلان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
550- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه
ص73؛ وأدب الكاتي ص506؛ والأزهية ص273؛ والجني الداني
ص387؛ وخزانة الأدب 9/ 465؛ والدرر 4/ 101؛ وشرح شواهد
المغني ص 223؛ ولسان العرب 15/ 435؛ وبلا نسبة في جمهرة
اللغة ص798؛ وجواهر الأد ص343؛ ورصف المباني ص83؛ ومغني
اللبيب ص75؛ وهمع الهوامع 2/ 20.
551- البيت من الطويل، وهو لابن أحمر في ديوانه ص84؛ وأدب
الكاتب ص511؛ والجني الداني ص388؛ والدرر 4/ 102؛ وبلا
نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 225؛ ومغني اللبيب 1/ 75؛
وهمع الهوامع 2/ 20.
552- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في أدب الكاتب
ص512؛ والجني الداني ص389؛ والدرر 4/ 102؛ وشرح أشعار
الهذليين 3/ 1069؛ وشرح شواهد المغني 1/ 226؛ ولسان العرب
11/ 343 "سلسل"، والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 5/ 237؛ والاشتقاق ص479؛ ومغني اللبيب 1/
74؛ وهمع الهوامع 2/ 20.
ج / 2 ص -319-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: إن دلت قرينة على دخول ما بعد إلى، وحتى نحو قرأت
القرآن من أوله إلى آخره. ونحو قوله:
553-
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله
والزاد حتى نعله ألقاها
أو على عدم دخوله نحو:
{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}
[البقرة: 187]، ونحو قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وذكره إلخ" جملة حالية، والرحيق من أسماء الخمر
والسلسل السهل الدخول في الحلق، ويظهر لي أنه لا مانع من
جعل إلى في البيت للتبيين كهي في زيد أحب إليّ لوجود
ضابطها تأمل، ثم رأيت الدماميني صرح به فللَّه الحمد،
قوله: "نحو قرأت القرآن إلخ" قال: سم كأن القرينة هنا وقوع
القرآن الظاهر في جميعه مفعولاً لقرآن. ا. هـ. وفيه إشارة
إلى أن القرآن قد يستعمل في القدر المشترك الصادق بالقليل
والكثير، وقيل: القرينة ظهور إرادة الاستيفاء. قوله: "ألقى
الصحيفة" الضمير في ألقى يرجع إلى المتلمس كان هو وطرفة بن
العبد هجوا عمرو بن هند، فبلغه ذلك فلم يظهر لهما شيئاً،
ثم مدحاه فكتب لكل منهما كتابا إلى عامله بالحيرة، وأوهم
أنه كتب لكل بصلة فلما وصلا الحيرة، قال المتلمس لطرفة:
إنا هجوناه ولعله اطلع على ذلك ولو أراد أن يصلنا لأعطانا،
فهلم ندفع الكتابين إلى من يقرؤهما، فإن كان خيرا، وإلا
فررنا فامتنع طرفة ونظر المتلمس إلى غلام قد خرج من
المكتب، فقال له أتحسن القراءة قال: نعم، فأعطاه الكتاب
فقرأه فإذا فيه قتله، فألقاه في النهر وفر إلى الشام وأتى
طرفة إلى عامل الحيرة بالكتاب فقتله. وقوله حتى نعله
بالجر؛ لأن الكلام في حتى الجارة كما هو ظاهر، وإن روي
أيضا بالنصب على الاشتغال، فحتى ابتدائية والهاء في ألقاها
للنعل أو على العطف، فحتى عاطفة والهاء للنعل أو الصحيفة،
أو الثلاثة وجملة ألقاها توكيد والرفع على الابتداء، فحتى
ابتدائية والهاء للنعل، والقرينة على دخول النعل فيما قبل
حتى قوله ألقاها بناء على الظاهر من عود الهاء إلى النعل،
أو الثلاثة وأورد أن الذي قبل حتى الصحيفة، والزاد والنعل
غير داخلة فيها قطعا. وأجيب بتأويلهما بالمثقل وهو يشمل
النعل، فكأنه قال ألقى ما يثقله حتى نعله. ولما كانت النعل
متصلة بالآخر، وهو القدم جرها بحتى.
قوله: "ثم أتموا الصيام إلى الليل" القرينة نهى الشارع عن
المواصلة، وكون الصيام شرعاً إنما هو الإمساك عن المفطر
جميع النهار، وإلى متعلقة بالصيام لكونه مما يمتد لا
بأتموا؛ لأن الإتمام فعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
553- البيت من الكالم، وهو للمتلمس في ديوانه ص327؛ وشرح
شواهد المغني 1/ 370؛ ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في
خزانة الأدب 3/ 21، 24؛ والدرر 4/ 113؛ وشرح التصريح 2/
141؛ والكتاب 1/ 97؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص269؛
وأوضح المسالك 3/ 365؛ والجني الداني ص547، 553؛ وخزانة
الأدب 9/ 472؛ والدرر 6/ 140؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 411؛
وشرح عمدة الحافظ ص614؛ ورصف المباني ص182؛ وشرح قطر الندى
ص304؛ وشرح المفصل 8/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 24؛ وهمع
الهوامع 2/ 24، 36.
ج / 2 ص -320-
واللام للملك وشبهه وفي
تعدية أيضًا وتعليل قفي
وزيد والظرفية استبن ببا
وفي وقد يبينان السببا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
554-
سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت
لهم فلا زال عنها الخير محدودا
عمل بها، وإلا فالصحيح في حتى الدخول، وفي إلى
عدمه مطلقًا حملًا على الغالب فيهما عند القرينة، وزعم
الشيخ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد
حتى، وليس كما ذكر بل الخلاف مشهور، وإنما الاتفاق في حتى
العاطفة لا الخافضة. والفرق أن العاطفة بمنزلة الواو.
انتهى "ومن يفهمان بدلا"، أي تأتي من والباء بمعنى بدل أما
من، فقد سبق بيان ذلك فيها وأما الباء، فسيأتي الكلام عليا
قريبًا إن شاء الله تعالى، "واللام للملك وشبهه وفي تعدية
أيضًا، وتعليل قفي وزيد" أي تأتي اللام الجارة لمعان
جملتها أحد وعشرون معنى: الأول انتهاء الغاية وقد مر.
الثاني الملك نحو المال لزيد. الثالث شبه الملك نحو الجل
للدابة، ويعبر عنها بلام الاستحقاق أيضًا، لكنه غاير
بينهما في التسهيل، وجعلها في شرحه الواقعة بين معنى وذات
نحو: الحمد لله، و{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}
[المطففين: 1]، وقد يعبر عن الثلاث بلام الاختصاص. الرابع
التعدية، ومثل له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الأخير، فلا يمتد والمغيا لا بد أن يكون ممتدًا.
قوله: "سقى الحيا" بالقصر وقد يمد أي المطر والقرينة دعاء
الشاعر على ما بعد حتى بانقطاع الخير عنه. وقوله: محدودًا
بحاء ودالين مهملات أي ممنوعًا، أو بجيم ودالين مهملتين أو
معجمتين أي مقطوعًا قال الدماميني: ولا أعلم الرواية.
قوله: "مطلقًا" أي سواء كان ما بعدها من جنس ما قبلها
أولا، وهو راجع إلى الدخول في حتى وعدمه في إلى، والمقابل
في الأول القول بعدم الدخول مطلقًا، والقول بأن ما بعدها
إن كان من جنس ما قبلها دخل نحو سرت بالنهار حتى وقت
العصر، وإلا فلا نحو سرت بالنهار حتى الليل، والمقابل في
الثاني القول بالدخول مطلقًا، والقول بالتفصيل فالأقوال
الثلاثة في كل من إلى، وحتى على الصحيح خلافًا للقرافي هذا
ما تفيده عبارة الفارضي، وانظر حكم اللام إذا كانت للغاية
والأقرب أنها كإلى. قوله: "للملك"، وهي الواقعة بين ذاتين
ومدخولها يملك.
قوله: "نحو الجل للدابة" الجل بالضم والفتح ما تلبسه
الدابة لتصان به. قاموس. قوله: "وجعلها" أي لام الاستحقاق،
وعليه فلام شبه الملك هي الواقعة بين ذاتين، ومدخولها لا
يملك، وقد تسمى لام الاختصاص أقول أو بين ذاتين ومصاحب
مدخولها لا يملك نحو أنت لي، وأنا لك ولزيد ابن كما يؤخد
من تمثيل الهمع للام الاختصاص بنحو:
{إِنَّ لَهُ أَبًا}
[يوسف: 78]،
{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}
[النساء: 11] فتدبر. قوله:
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}
التمثيل به مبني على أن ويل اسم للعذاب لا على أنه اسم واد
في جهنم؛ لأنه على هذا اسم ذات. قوله: "وقد يعبر عن الثلاث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
554- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني
1/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 124.
ج / 2 ص -321-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شرح الكافية بقوله تعالى:
{فَهَبْ لِي مِنْ
لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] لكنه قال في شرح
التسهيل: إن هذه اللام لشبه التمليك قال في المغني:
والأولى عندي أن يمثل للتعدية بما أضرب لعمرو وما أحبه
لبكر. الخامس التعليل نحولة حكم بين الناس وقوله:
555-
وإني لتعروني لذكراك هزة
السادس الزائدة، وهي إما لمجرد التوكيد كقوله:
556-
وملكت ما بين العراق ويثرب
ملكًا أجار لمسلم ومعاهد
وإما لتقوية عامل ضعف بالتأخير، أو بكونه فرعًا عن غيره نحو:
{لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ"، وقد يعبر بلام الاختصاص عن الواقعة بين ذاتين،
ومدخولها لا يملك نحو الجلّ للدابة أو بين ذاتين، ومصاحب
مدخولها لا يملك نحو لزيد ابن كما مر. قوله: "بلام
الاختصاص" الراجح أن المراد بالاختصاص هنا التعلق
والارتباط لا القصر. قوله: "الرابع التعدية" أي المجردة،
فلا ينافي أنها في بقية المواضع للتعدية لكن مع إفادة شيء
آخر قاله الحفيد. قوله: "بما أضرب زيدًا لعمرو إلخ" أي؛
لأن ضرب وحب مثلًا متعديان في الأصل، وببنائهما للتعجب
نقلًا إلى فعل بضم العين، فصارا قاصرين ثم عديا بالهمزة
إلى زيد، وباللام إلى عمرو وبكر هذا مذهب البصريين، ومذهب
الكوفيين أن الفعلين باقيان على تعديتهما إلى المفعول
كعمرو وبكر، وأنهما لم ينقلا، فليست اللام للتعدية وإنما
هي مقوية للعامل لضعفه باستعماله في التعجب، وهذا الخلاف
مبني على الخلاف في فعل التعجب المصوغ من متعد، فمذهب
الكوفيين أنه يبقى على تعديته ومذهب البصريين أنه لا يبقى
كذا في التصريح، واعلم أنه سيأتي في باب التعجب أن هذه
اللام للتبيين، فلا تكون للتعدية المجردة اللهم إلا أن
يكون فيها خلاف، فما هنا قول وما سيأتي قول آخر تأمل.
قوله: "السادس الزائدة" فيه أن الكلام في عد معاني اللام
والزائدة ليست من معاني اللام، بل نفس اللام فكان الأولى
أن يقول كما قال سابقًا ولاحقًا السادس التوكيد، وهي
الزائدة وقول البعض كان الأولى أن يقول الزيادة غير مستقيم
أيضًا، إذ الزيادة ليست من معاني اللام فافهم. قوله: "إما
لمجرد التوكيد" هي الواقعة بين فعل ومفعوله، وبين
المتضايفين نحو لا أبا لك على حد الأوجه فيه، وفائدتها
تقوية المعنى دون العامل، فغايرت المزيدة لتقوية العامل.
قوله: "وملكت" بتاء الخطاب. قاله الشاعر يمدح به عبد
الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان. تصريح. قوله:
"وإما لتقوية إلخ"، ولما لم تكن اللام المقوية زائدة محضة
نظرًا لجهة التقوية تعلقت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
555- راجع التخريج رقم 443.
556- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في الأغاني 2/ 288؛
والدرر 4/ 170، 6/ 250؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 580؛ والمقاصد النحوية 3/ 278؛ وبلا نسبة في
أوضح المسالك 3/ 29؛ والجني الداني ص107؛ ومغني اللبيب 1/
215؛ وهمع الهوامع 2/ 33، 157.
ج / 2 ص -322-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَرْهَبُونَ}
[الأعراف: 154]،
{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا
تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]، ونحو:
{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}
[البقرة: 91]،
{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107]، هذا ما ذكره الناظم في هذا الكتاب. السابع التملك نحو
وهبت لزيد دينارًا. الثامن شبه التمليك نحو:
{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}
[النحل: 72]. التاسع النسب نحو لزيد أب ولعمرو عم. العاشر
القسم والتعجب معًا كقوله:
لله يبقى على الأيام ذو حيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعامل الذي قوته عند الموضح بخلاف الزائدة المحضة، فلا
تتعلق بشيء أفاده في التصريح.
فائدة: قال في المغني قال ابن مالك: ولا تزاد لام التقوية
مع عامل يتعدى لاثنين؛ لأنها إن زيدت في مفعوليه، فلا
يتعدى فعل إلى اثنين بحرف واحد، وإن زيدت في أحدهما لزم
الترجيح من غير مرجح، وهذا الأخير ممنوع؛ لأنه إذا تقدم
أحدهما دون الآخر، وزيدت اللام في المقدم لم يلزم ذلك وقد
قال الفارسي في قراءة من قرأ: "ولك وجهة هو موليها" بإضافة
كل إنه من هذا وإن المعنى الله مولي كل ذي وجهة وجهته،
فقدم المفعول الأول أو زيدت فيه لام التقوية، وحذف المضاف
والمفعول الثاني. والضمير في موليها على هذا اللتولية
المفهومة من مولى، وإنما لم يستغن عن تقدير المضاف، ويجعل
الضمير للجهة لئلا يتعدى العامل إلى الظاهر وضميره معًا،
ولهذا قالوا في الهاء من قوله:
هذا سراقة للقرآن يدرسه
إن الهاء مفعول مطلق لا ضمير القرآن. ا. هـ. بإيضاح وبعض
تصرف وأجاب الدماميني عن ابن مالك بحمل كلامه على ما يذكر
فيه المفعولان معًا مع كونهما متقدمين على العامل، أو
متأخرين عنه، وأجاز التفتازاني في حاشية الكشاف الاستغناء
عن تقدير المضاف، وجعل الضمير للجهة ودفع لزوم تعدي العامل
إلى الظاهر، وضميره معًا بتقدير عامل للظاهر يفسره عامل
الضمير أي لكل وجهة الله مول موليها، والمفعول الآخر على
هذا محذوف أي أهلها نقله الشمني. قوله: "نحو وهبت لزيد
دينارًا" فيه أن التمليك مستفاد من الفعل لا من اللام
بدليل أنك لو أسقطت اللام، وقلت: وهبت زيدًا دينارًا كان
الكلام صحيحًا دالًا على التمليك، ولو مثل بجعلت لزيد
دينارًا لكان أحسن. قوله: "شبه التمليك إلخ" قد يقال:
المفيد لشبه التمليك مجموع الكلام لا اللام وحدها، وكذا
يقال في النسب بل، وفي التمليك على التمثيل له بجعلت لزيد
دينارًا، كما هو التحقيق في التمثيل اللهم إلا أن يقال:
لما توقف فهم شبه التمليك والنسب، والتمليك من التركيب على
اللام نسبت إليها فتأمل. قوله: "نحو لزيد أب" جعل في الهمع
من أمثلة لام الاختصاص:
{إِنَّ لَهُ أَبًا}
[يوسف: 78]،
{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11]. قوله: "القسم والتعجب معًا" قولهم في باب التعجب: إن
المفيد للتعجب التركيب بتمامه يدل على أن نسبة الدلالة على
التعجب هنا إلى اللام، كنسبتهم الطلب إلى السين، والتاء
على ما حققه السيد من أنها مجاز من نسبة ما للكل إلى الجزء
ج / 2 ص -323-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو: لله لا يؤخر الأجل. وتختص باسم الله تعالى. الحادي
عشر التعجب المجرد عن القسم، ويستعمل في النداء كقولهم: يا
للماء والعشب إذا تعجبوا من كثرتهما. وقوله:
557-
فيا لك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل شدت بيذبل
وفي غيره كقولهم: لله دره فارسًا. ولله أنت. وقوله:
558-
شباب وشيب وافتقار وثروة
فلله هذا الدهر كيف ترددا
الثاني عشر الضيرورة نحو:
{فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا
وَحَزَنًا} [القصص:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ا. هـ. دنوشري. قوله: "لله" بكسر اللام يبقى أي لا يبقى،
والحيد بكسر المهملة ففتح التحتية جمع حيدة كبدرة وبدر
العقدة في قرن الوعل وتمامه:
بمشخر به الظيّان والآس
بشين ثم خاء معجمتين الجبل العالي. والظيان بالظاء المشالة
والتحتية المشددة ياسمين البر والآس شجر معروف. كذا في
الشمني والدماميني. وقوله جمع حيدة أي بفتح فسكون كما يصرح
به التنظير ببدرة وبدر، وإن كان المقيس جمعه على فعل فعلة
بكسر، فسكون على ما يفيده قول المصنف في جمع التكسير
ولفعلة فعل. والذي في القاموس أن اسم العقدة في قرن الوعل
الحيد أي بفتح فسكون ثم قال: والجمع حيود وأحياد وحيد
كعنب. ا. هـ فلعل في المفرد لغتين التأنيث بالتاء وتركه.
والمعنى أن هذا الوعل لا يحتاج إلى الخروج إلى موضع يمكن
أن يصاد فيه؛ لأن عنده المرعى المستلزم للماء غالبًا ومع
هذا لا بد أن يفنى. قوله: "يا للماء والعشب" بفتح اللام
على أنهما مستغاث بهما مجازًا لتشبيههما بمن يستغاث به
حقيقة أي يا ماء، ويا عشب أقبلا فهذا وقتكما، واللام على
هذا متعلقة بالفعل المحذوف بتضمينه هنا معنى أتعجب، وفي
نحو يا لزيد لعمرو معنى ألتجىء على خلاف سيأتي، وبكسرها
على أنهما مستغاث لأجلهما، والمستغاث به محذوف واللام
متعلقة بالفعل المحذوف، والمعنى أدعو قومي للماء والعشب
على خلاف أيضًا سيأتي. قوله: "فيا لك" الأظهر جعل ما بعدها
مستغاثًا به مجازًا، والمغار اسم مفعول من أغرت الحبل
فتلته، فإضافته إلى الفتل للمبالغة، وقوله: شدّت أي ربطت
والباء في بيذبل بمعنى في ويذبل علم جبل لا ينصرف، وإنما
جره لأجل الروي والمعنى كأن نجومه لطوله، وعدم غيبتها ربطت
بالحبال المفتولة في يذبل، فلا تسير هذا ما ظهر لي.
قوله: "وثروة" أي غنى. قوله: "الصيرورة" أنكرها البصريون،
وجعلوا اللام في مثالها للتعليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
557- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص19؛
وخزانة الأدب 2/ 412، 3/ 269؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 574؛ وشرح عمدة الحافظ ص303؛ والمقاصد النحوية
4/ 269؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص220؛ ومغني اللبيب 1/
215؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
558- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وشرح
شواهد المغني 2/ 575؛ والمقاصد النحوية 3/ 59؛ وبلا نسبة
في الجني الداني ص98؛ ومغني اللبيب 1/ 215.
ج / 2 ص -324-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8]، وتسمى لام العاقبة ولام المآل. الثالث عشر التبليغ،
وهي الجارة لاسم السامع نحو قلت له كذا، وجعله الشارح
مثالًا للام التعدية. الرابع عشر التبيين على ما سبق في
إلى. الخامس عر موافقة على في الاستعلاء الحقيقي نحو:
{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ}
[الإسراء: 107، 109]، وقوله:
فخر صريعًا لليدين وللفم
والمجاري نحو:
{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، واشترطي لهم
الولا، وأنكره النحاس. السادس عشر موافقة بعد نحو:
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]،
{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ}
[الأنبياء: 47]، بكسر اللام وتخفيف الميم. الثامن عشر
موافقة في نحو:
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]
{لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجازي حيث شبه ترتب العداوة والحزن لكونه نتيجة التقاطهم
بترتب المحبة، والتبني واستعيرت له اللام. قوله: "نحو قلت
له كذا" وأذنت له، وفسرت له ومنه:
{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القصص: 51]، دماميني. قوله: "التبيين على ما سبق في إلى" اعلم أن
ما بعد إلى التبيينية فاعل وما قبلها مفعول واللام
التبيينية بعكس ذلك، فإذا قلت: زيد أحب إليّ كنت أنت المحب
وزيد المحبوب، وإذا قلت: زيد أحب لي كنت أنت المحبوب وزيد
المحب إذا علمت ذلك علمت أن كلام الشارح يوهم خلاف المراد،
ثم اعلم أنهم جعلوا من لام التبيين اللام في نحو تبًا
لزيد، واللام في نحو سقيا لعمرو، وجعلوا الأولى لتبيين
الفاعل، والثانية لتبيين المفعول قالوا: وهي ومجرورها خبر
لمحذوف أي إرادتي لزيد، أو متعلق بمحذوف أي لزيد أعني
فالكلام جملتان والأولى عندي جعل هذه اللام زائدة للتقوية
متعلقة بالمصدر، فالكلام جملة واحدة فتأمل. ثم رأيت
الدماميني نقل عن ابن الحاجب، وابن مالك ما يوافقه نعم
يتعين ما قالوه في نحو سقيا لك إن جعل سقيًا نائب عن إسق،
إذ لا يجتمع خطابان لشخصين في جملة واحدة، فإن جعل نائبًا
عن سقى على أن الخبر بمعنى الطلب كان الأولى فيه أيضًا ما
قلنا فتدبر. قوله:
{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} جمع ذقن بالتحريك مجتمع اللحيين من أسفلهما كما في القاموس،
والمراد يسقطون على وجوههم، وإنما ذكر الذقن؛ لأنها أقرب
ما يكون من الوجه إلى الأرض عند الهويّ للسجود. قوله:
"وأنكره النحاس" انظر هل مرجع الضمير كونها للاستعلاء
المجازي، أو كونها للاستعلاء مطلقًا الأظهر الثاني، وعبارة
المغني ونحو قوله عليه الصَّلاة والسَّلام لعائشة اشترطي
لهم الولاء. وقال النحاس المعنى من أجلهم قال: ولا يعرف في
العربية لهم بمعنى عليهم. ا. هـ.
قوله: "نحو كتبته لخمس خلون" الأظهر ما نقله الدماميني عن
بعضهم أنها في المثال بمعنى بعد كما أنها في قولك: كتبته
لليلة بقيت بمعنى قبل، وفي قولك كتبته لغرة كذا بمعنى في.
قوله: "قراءة الجحدري" في القاموس الجحدر القصير ثم قال:
وجحدر كجعفر رجل. قوله: "لا
ج / 2 ص -325-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِلَّا هُوَ}
[الأعراف: 187]، وقولهم: مضى لسبيله التاسع عشر موافقة من
كقوله:
559-
لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم
ونحن لكم يوم القيامة أفضل
المتمم عشرين موافقة عن نحو:
{قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38]، وقوله:
560-
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسدًا وبغضًا إنه لدميم
الحادي والعشرون موافقة مع كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجليها لوقتها إلا هو" أي في وقتها إن قلت: الساعة وقت
فيلزم ظرفية الشيء في نفسه. أجيب بأنه يصح أن يراد بالساعة
زمن البعث من القبور، وبالوقت اليوم الآخر كله فتكون
الظرفية من ظرفية الجزء في الكل، أو المراد لا يجلي ما
فيها. قوله: "موافقة من" أي البيانية على خلاف يأتي في
أفعل التفضيل. قوله: "راغم" أي لاصق بالرغام بفتح الراء،
وهو التراب كناية عن الذلة والاحتقار. قوله: "موافقة عن"
جعل ابن الحاجب من هذا المعنى قوله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا
لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}
[الأحقاف: 11]، ولولا ذلك لقيل: ما سبقتمونا يعني لو جعلت
اللام للتبليغ لكن يندفع ما قال بأمور: أحدها أن يكون في
الكلام التفات عن الخطاب إلى الغيبة الثاني أن يكون اسم
المقول عنهم محذوفًا، أي:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِلَّذِينَ آَمَنُوا} [الأحقاف: 11]، عن طائفة أخرى
أسلمت:
{لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا
إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]، الثالث أنه يجوز اعتبار
اللفظ والمعنى في المحكي بالقول، فلك في حكاية من قال: أنا
قائم أن تقول: قال زيد: أنا قائم رعاية للفظ المحكي، وأن
تقول: قال زيد هو قائم رعاية للمعنى وحال الحكاية فإن
زيدًا غائب حال الحكاية، وكذا إذا خاطبت شخصًا بأنت بخيل،
وأردت الحكاية فلك أن تقول: قلت لعمرو أنت بخيل وقلت
لعمرو: هو بخيل قاله الرضي. قوله: "نحو
{قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ}
يحتمل أن المعنى في شأن أولاهم، وكذا فيما بعده فلا شاهد
فيهما. قوله: "لدميم" بالدال المهملة من الدمامة وهي
القبح، أو معناه مطلي بالدمام ككتاب وهو ما يطلى به الوجه
لتحسينه.
فائدة: كسر لام الجر مع الظاهر إلا المستغاث، وفتحها مع
الضمير إلا الياء هو المشهور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
559- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والجني
الداني ص102؛ وجواهر الأدب ص75؛ وخزانة الأدب 9/ 480؛
والدرر 4/ 169؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ ولسان العرب 2/
24 "حتت"؛ ومغني اللبيب 1/ 213؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب
من 75.
560- البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه
ص304؛ وخزانة الأدب 8/ 567؛ والدرر 4/ 170؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 570؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص360؛ والجني
الداني ص 100؛ ولسان العرب 12/ 208 "دمم"؛ ومغني اللبيب 1/
214؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
ج / 2 ص -326-
بالبا استعن وعد عوض ألصق
ومثل مع ومن وعن بها انطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
561-
فلما تفرقنا كأني ومالكًا
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
"والظرفية استبن ببا وفي وقد يبينان السببا. بالبا استعن
وعد عوض ألصق. ومثل مع ومن وعن بها أنطق" أي تأتي كل واحدة
من الباء وفي لمعان، أما في فلها عشر معان ذكر منها هنا
معنيين: الأول الظرفية حقيقة ومجازًا نحو زيد في المسجد،
ونحو:
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 189]، الثاني السببية نحو:
{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفتحها بعض العرب مع الظاهر مطلقًا وكسرها خزاعة مع
الضمير، وكسر الباء مطلقًا هو المشهور قال أبو حيان: وحكى
أبو الفتح عن بعضهم فتحها مع الظاهر كذا في الهمع، قوله:
"استبن" أي اطلب بيانها والدلالة عليها بما ذكر. قوله:
"وقد يبينان السببا" قد للتحقيق بالنسبة إلى الباء،
وللتقليل بالنسبة إلى في فهي من المشترك المستعمل في
معنييه، أو هي للتحقيق فقط، فلا اعتراض بأن بيان السبب
بالباء كثير لا قليل. قوله: "ومثل مع إلخ" حال من الضمير
المجرور بالباء متقدمة عليه لجواز ذلك على مذهب المصنف كما
مر، والمراد المثلية في أصل المصاحبة، فلا ينافي أن مدلول
مع المصاحبة الكلية الملحوظة لذاتها، ومدلول الباء
المصاحبة الجزئية الملحوظة لغيرها كما هو معنى الحرف على
ما اشتهر عند المتأخرين وقد مر بيانه. قوله: "حقيقة" أي
بأن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيز، فإن فقدا نحو في
علمه نفع أو الاحتواء نحو زيد في سعة، أو التحيز نحو في
صدر زيد علم، فمجاز ومنه الزمانية نحو زيد في يوم كذا
أفاده يس. وقضية كلام المغني والهمع أن الزمانية حقيقة
فتدبر. فإن قلت الظرفية في قوله تعالى:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45، الذاريات: 15]، حقيقية بالنسبة إلى
الجنات مجازية بالنسبة إلى العيون فيلزم استعمال كلمة في
حقيقة، ومجازًا فما وجهه عند مانع ذلك. أجيب بأنه يجعل من
عموم المجاز بجعل في مستعملة في ظرفية مجازية تناسبهما،
وهي مطلق الملابسة ومن المكانية الحقيقية أدخلت الخاتم في
أصبعي، والقلنسوة في رأسي إلا أن فيهما قلبًا؛ لأنه لما
كان المناسب نقل المظروف للظرف والأمر هنا بالعكس قلبوا
الكلام رعاية لهذا الاعتبار، ونظيرهما في القلب عرضت
الناقة على الحوض؛ لأن المعروض ليس له اختيار، وإنما
الاختيار للمعروض عليه فقد يقبل، وقد يرد لكن لما كان
المناسب أن يؤتى بالمعروض عند المعروض عليه، والأمر هنا
بالعكس قلبوا الكلام رعاية لهذا الاعتبار، وقيل: المقلوب
عرضت الحوض على الناقة، وقيل: لا قلب في واحد منهما من
الدماميني والشمني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
561- البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص122؛
وأدب الكاتب ص519؛ والأزهية 289؛ والأغاني 15/ 238؛ وجمهرة
اللغة ص1316؛ وخزانة الأدب 8/ 272؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح
اختيارات المفضل ص1177؛ وشرح شواهد المغني 2/ 565؛ والشعر
والشعراء 1/ 345؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص102؛ ورصف
المباني ص223؛ وشرح التصريح 2/ 48؛ ولسان العرب 12/ 564
"لوم"؛ ومغني اللبيب 1/ 212؛ وهمع الهوامع 2/ 32.
ج / 2 ص -327-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
68]، وفي الحديث:
"دخلت امرأة النار في هرة حبستها"، وتسمى التعليلية أيضًا. الثالث المصاحبة نحو:
{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ}
[الأعراف: 38] الربع الاستعلاء نحو:
{لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]، وقوله:
بطل كأن ثيابه في سرحة
الخامس المقايسة نحو:
{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ
إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38]. السادس موافقة إلى نحو:
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9]، السابع موافقة من كقوله:
562-
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
563-
وهل يعمن من كان أحدث عهده
ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "دخلت امرأة إلخ" المرأة من بني إسرائيل والمتبادر
من كون دخولها النار بسبب الهرة أنها مؤمنة. قوله:
{لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي عليها فشبه الاستعلاء
المطلق بالظرفية المطلقة، فسرى التشبيه لجزئيات كل،
فاستعير بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظة في
لمعنى على، وهو استعلاء جزئي هذا مذهب الكوفيين، وجعلها
البصريون للظرفية بناء على تشبيه المصلوب، لتمكنه من الجذع
بالحال فيه على طريق الاستعارة بالكناية، أو تشبيه الجذوع
بالظروف بجامع التمكن في كل على طريق الاستعارة بالكناية
أيضًا، وفي على الوجهين تخييل، وبهذا التحقيق يعرف ما في
الحواشي من التساهل. قوله: "في سرحة" أي شجرة عظيمة،
والمعنى أنه طويل كأن ثيابه على شجرة عظيمة. قوله:
"المقايسة" أي كون ما قبلها ملحوظًا بالقياس إلى ما بعدها،
وهي الواقعة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق كما في المغني،
ويظهر لي صحة العكس أيضًا. قوله: "موافقة من" أي التبعيضية
وحملها الشمني على الابتدائية، فالمعنى في البيت ثلاثين
شهرًا مبتدأة من انقضاء ثلاثة أحوال، فتكون المدة خمسة
أعوام ونصفًا، وكذا عند من جعلها للمصاحبة وتقدم الكلام
على البيت الأول في الموصول، قوله: "من كان أحدث عهده" لعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
562- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛
وجمهرة اللغة ص1319؛ وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/
371، 10/ 44؛ والدرر 5/ 192؛ وشرح شواهد المغني 1/ 340؛
والكتاب 4/ 39؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 148؛ وخزانة
الأدب 7/ 105؛ وشرح شواهد المغني 1/ 485؛ ومغني اللبيب 1/
169؛ وهمع الهوامع 2/ 83.
563- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛
وأدب الكاتب ص518؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 1/
62؛ والجني الداني ص252؛ وجواهر الأدب ص230، والدرر 4/
149؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة الخصائص 2/ 313؛
ورصف المباني ص391؛ ولسان العرب 15/ 168 "فيا"؛ ومغني
اللبيب؛ وهمع الهوامع 2/ 30.
ج / 2 ص -328-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي من ثلاثة أحوال. الثامن موافقة الباء كقوله:
564-
ويركب يوم الروع منا فوارس
يصيرون في طن الأباهر والكلا
التاسع العويض، وهي الزائدة عوضًا من أخرى محذوفة كقولك:
ضربت فيمن رغبت تريد ضربت من رغبت فيه، أجاز ذلك الناظم
قياسًا على قوله:
565-
ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث
إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق
أي فانظر من تثق به. العاشر التوكيد وهي الزائدة لغير تعويض،
أجاز ذلك الفارسي في مضرورة كقوله:
566-
أنا أبو سعد إذا الليل دجا
يخال في سواده يرندجا
وأجاز بعضهم في قوله تعالى:
{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ} [هود: 41]. وأما الباء فلها خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة: الأول
البدل نحو ما يسرني بها حمر النعم. وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراد طلل كان أقل زمن مضى من تأنسه بأهله تلك المدة،
واستعمل من في غير العاقل مجازًا. قوله: "موافقة الباء" أي
التي للإلصاق حقيقة أو مجازًا شمني. قوله: "يوم الروع"
بفتح الراء الفزع والفوارس جمع فارس على غير قياس،
والأباهر جمع أبهر وهو عرق إذا انقطع مات صاحبه. قال
الجوهري: وهما أبهران يخرجان من القلب. والكلا جمع كلية أو
كلوة بضمهما. قوله: "قياسًا إلخ" أورد عليه أن المقيس عليه
لا يتعين زيادة الباء فيه، لجواز أن تكون من استفهامية لا
موصولة، وأن الكلام تم بقوله: فانظر ثم ابتدأ مستفهمًا
استفهامًا إنكاريًا بقوله بمن تثق على أن زيادة الباء في
مثل ذلك غير قياسي، فلا يقاس عليه غيره، وفي الهمع أن ابن
مالك حكى الزيادة عوضًا في الباء، وعن وعلى وقاسها في إلى،
وفي واللام ومن فيقال: عرفت ممن عجبت ولمن قلت وإلى من
أويت، وفيمن رغبت وأن أبا حيان منعها في الجميع.
قوله: "ولا يؤاتيك" مهموز الفاء ولك إبدال الهمزة واوًا
كما قاله الدماميني أي يساعدك. قوله: "دجا" أي أظلم، يخال
بالبناء للمجهول يرندجا بفتح الياء، والراء وسكون النون أي
جلدًا أسود كذا قال البعض وعبارة القاموس الأرندج وبكسر
أوله جلد أسود، ثم قال واليرندج السواد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
565- البيت من البسيط، وهو لسالم بن وابصة في شرح شواهد
المغني 2/ 419؛ والمؤتلف والمختلف ص197؛ ونوادر أبي زيد
ص181؛ وبلا نسبة في الدرر 4/ 107؛ ومجالس ثعلب 1/ 300؛
ومغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
566- الرجز لسويد بن أبي كاهل اليشكري في خزانة الأدب 6/
125؛ والدرر 4/ 150؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة
في جواهر الأدب ص230؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ وهمع الهوامع
2/ 30.
ج / 2 ص -329-
....................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
567-
فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا
شنوا الإغارة فرسانًا وركبانا
الثاني الظرفية نحو:
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123]، و{نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}
[القمر: 34]. الثالث السببية نحو:
{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40]. الرابع التعليل نحو:
{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ
أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160]. الخامس
الاستعانة نحو كتبت بالقلم، السادس التعدية تسمى باء النقل
وهي المعاقبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسوّد به الخف أو هو الزاج. ا. هـ. ويحتمل أن تكون في
سببية فلا شاهد فيه. قوله: "شنوا" أي فرقوا، والإغارة
مفعول به أو المفعول به محذوف أي فرقوا الأعداء، والإغارة
مفعول له والفرسان ركاب الخيل والركبان ركاب الإبل. قوله:
"الظرفية" أي زمانية أو مكانية ولهذا مثل بمثالين. قوله:
"الثالث السببية" منها الباء التجريدية نحو لقيت بزيد
أسدًا أي بسبب لقاء زيد، فهو على حذف مضاف كما قاله الرضي،
وقيل: إنها ظرفية وقيل: للمعية والتجريد
أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله مبالغة في كماله في تلك الصفة
كذا في الدماميني والشمني. قوله: "الرابع التعليل" ينبغي
إسقاطه كما في المغني وغيره؛ لأن التعليلية والسببية شيء
واحد، كما قاله أبو حيان والسيوطي وغيرهما ويوافقه قوله في
الكلام على في السببية، وتسمى التعليلية أيضًا. وفرق الشيخ
يحيى بين العلة والسبب بأن العلة متأخرة في الوجود متقدمة
في الذهن، وهي العلة الغائية والغرض، وأما السبب فهو متقدم
ذهنًا، وخارجًا لكن يمنع من توجيه صنيع الشارح بهذا تمثيله
للتعليل وبسبب متقدم، وكان الموافق له أن يمثله بنحو حفرت
البئر بالماء.
قوله: "الاستعانة" الفرق بينها وبين السببية أن باء
السببية هي الداخلة على سبب الفعل نحو مات بالجوع، وباء
الاستعانة هي الداخلة على آلة الفعل أي الواسطة بين
الفاعل، ومفعوله نحو بريت القلم بالسكين قاله سم. قوله:
"التعدية" أي الخاصة كما يفيده ما بعده. قوله: "وهي
المعاقبة للهمزة" التعدية بهذا المعنى مختصة بالباء، وأما
التعدية بمعنى إيصال معنى الفعل إلى الاسم، فمشتركة بين
حروف الجر التي ليست بزائدة، ولا في حكم الزائدة. شمني
ودماميني. قوله: "في تصيير الفاعل مفعولًا" لكن مفعوليته
مع الباء بواسطتها ومع الهمزة بلا واسطة. قوله: "وأكثر ما
تعدى" الرابط محذوف أي تعديه كما جزم به الدماميني، وقوله
الفعل القاصر خبر أكثر وجعل البهوتي، وأقره البعض نصب
الفعل على المفعولية لتعدي أولى بناء على أن ما مصدرية،
وخبر أكثر محذوف أي ثابت ناشىء عن عدم التأمل. قال في
المغني: ومن ورودها مع المتعدي دفع الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
567- البيت من البسيط، وهو لقريط بن أنيف في خزانة الأدب
6/ 253؛ والدرر 3/ 80؛ وشرح شواهد المغني 1/ 69؛ والمقاصد
النحوية 3/ 72، 277؛ وللعنبري في لسان العرب 1/ 429 "ركب"؛
وللحماسي في همع الهوامع 2/ 21؛ وبلا نسبة في الجني الداني
ص40؛ وجواهر الأدب ص47؛ والدرر 4/ 103؛ وشرح شواهد المغني
1/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص295، 361؛ ومغني اللبيب 1/ 104؛
وهمع الهوامع 1/ 195.
ج / 2 ص -330-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر
نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه:
{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا
بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة
ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا
يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو:
{اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48]، أي معه. العاشر التبعيض نحو:
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس
بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا
كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل
على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم،
ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم
المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله: "بمعنى أذهبته" ولا فرق
بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في
الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى:
{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}
[البقرة: 17]، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى
وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى
بالمجيء في قوله تعالى:
{وَجَاءَ رَبُّكَ}
[الفجر: 22]؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف
حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله
وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب
السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم
وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري،
والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب
مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا.
قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء
العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن
في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد
الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء
البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من
الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في
الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن
يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح.
قوله: "نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت
بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه،
ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من
الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان
يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق
في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل
إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من
المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي
كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله: "وهذا
المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف،
كما في:
{ذَهَبَ اللَّهُ
بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو
اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف
لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه
مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني.
ج / 2 ص -331-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللَّهِ}
[الإنسان: 6]، وقوله:
568-
شربن بماء البحر ثم ترفعت
متى لجج خضر لهن نئيج
الحادي عشر المجاوزة كعن نحو:
{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}
[الفرقان: 59]، بدليل
{يَسْأَلُونَ عَنْ
أَنْبَائِكُمْ} [الأحزاب: 20]، وإلى هذه
الثلاثة الإشارة بقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "العاشر التبعيض" اختلف في الباء من قوله تعالى:
{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}
[المائدة: 6]، فنقل صاحب الكشاف عن مالك أنها زائدة، فيجب
مسح كل الرأس قال: وهو وإن كان عملًا بالمجاز لكنه أحوط،
وقال بعض أتباعه: هي للإلصاق، فيجب أيضًا الاستيعاب إذ
المعنى ألصقوا المسح بالرأس، وهو اسم لكله لا لبعضه وقال
بعض من لم يوجب الاستيعاب كإمامنا الشافعي هي للتبعيض نحو:
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}
[الإنسان: 6]، لما في صحيح مسلم من أنه صلى الله عليه
وسلّم مسح بناصيته، وعلى عمامته، وما في سنن أبي داود
وغيرها من أنه صلى الله عليه وسلّم مسح مقدم رأسه بدون ذكر
مسح على العمامة، كما في فتح الباري، وقال بعضهم:
للاستعانة نحو كتبت بالقلم لكن مسح يتعدى لمفعول بنفسه،
وهو المزال عنه والآخر بالباء، وهو المزيل فحذف الأول،
والأصل وامسحوا أيديكم برءوسكم، فلم يقع المسح المأمور به
على الرأس حتى يجب استيعابه بل على اليد، وجعل الرأس آلة،
فاستفادة التبعيض على هذا ليس من كون الباء موضوعة له، بل
من كون مدخولها آلة لمسح اليد دماميني ملخصًا. قوله: "نحو
عينًا إلخ"، وقيل: ضمن يشرب معنى يروى. وقال الزمخشري:
المعنى يشرب بها الخمر كما تقول: شربت الماء بالعسل فجعلها
للمصاحبة. قوله: "المجاوزة" قال بعضهم: يختص هذا المعنى
بالسؤال، وقيل: لا يختص بدليل قوله تعالى:
{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12]،
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25]، وأنكر البصريون مجيء الباء للمجاوزة، وحملوها مع
السؤال على السببية، ورد بأن الكلام حينئذٍ لا يفيد أن
المجرور هو المسؤول عنه مع أنه المقصود، وجعلها بعضهم في
وبأيمانهم ظرفية أي ويكون في أيمانهم؛ لأن أصل النور فيها؛
لأن بها أخذ السعداء صحائفهم، وما بين أيديهم منبسط منه،
وفي بالغمام للاستعانة؛ لأن الغمام كالآلة، وجعلها
البيضاوي سببية بتقدير مضاف، فقال: بسبب طلوع الغمام منها،
وهو الغمام المذكور في قوله تعالى:
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
568- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية
ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة
الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر
صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 129؛
وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162
"مخر"، 15/ 474 "متى"؛ والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية
3/ 249؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛
وأوضح المسالك 3/ 6؛ والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب
ص47، 378؛ ورصف المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح
عمدة الحافظ ص268؛ وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه
اللغة ص175؛ ومغني اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34.
ج / 2 ص -332-
على للاستعلا ومعنى في وعن
بعن تجاوزًا عنى من قد
فطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثل مع ومن وعن بها انطق:
هذا ما ذكره في هذا الباب. الثاني عشر موافقة على نحو:
{مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75]، بدليل:
{هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ
عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64]. الثالث عشر القسم، وهي أصل حروفه ولذلك خصت بذكر الفعل
معها نحو أقسم بالله. والدخول على الضمير نحو بك لأفعلن.
الرابع عشر موافقة إلى نحو:
{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: 100]، أي إلى وقيل: ضمن أحسن معنى لطف. الخامس عشر التوكيد،
وهي الزائدة نحو:
{كَفَى بِاللهِ
شَهِيْدًا} [الرعد: 43]،
{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، بحسبك درهم ليس زيد بقائم "على للاستعلا ومعنى في
وعن" أي تجيء على الحرفية لمعان عشرة ذكر منها هنا ثلاثة:
الأول الاستعلاء، وهو الأصل فيها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [لبقرة: 220]. ا. هـ.
قوله: "هذا ما ذكره في هذا الكتاب" اعترض بأن المصنف لم
يذكر التعليل، ولهذا قال الشارح سابقًا وأما الباء فلها
خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة، وهذا مناف لقوله هذا ما ذكره
إلخ لاقتضائه أن ما ذكره أحد عشر، فكان الصواب تأخيره بعد
قوله هذا ما ذكره إلخ. ويمكن دفعه بأن المصنف ذكر التعليل
بذكره السبب لاتحادهما معنى على ما مر، وإنما عد أولًا بما
ذكره المصنف عشرة نظرًا لاتحادهما معنى، وثانيًا أحد عشر
نظرًا إلى اختلافهما عبارة، قوله: "ولذلك خصت إلخ" بقي
خاصة ثالثة، وهي استعمالها في القسم الاستعطافي، وهو ما
جوابه إنشائي نحو بالله هل قام زيد، وزاد بعضهم رابعة وهي
جرها في القسم وغيره ورد بأن اللام كذلك. ا. هـ. دماميني.
ومنهم من لا يجعل الاستعطاف قسمًا، بل الباء فيه متعلقة
بأسألك محذوفًا لا بأقسم. قوله: "نحو كفى بالله شهيدًا
إلخ" عدد الأمثلة إشارة إلى أنها زيدت مع الفاعل، ومع
المفعول ومع المبتدأ ومع خبر ليس، وزيدت مع غير ذلك كما مر
في فصل في ما ولا إلخ، والزائدة مع الفاعل قد تكون لازمة،
وهي المصاحبة لفاعل أفعل في التعجب على قول الجمهور، كما
سيأتي في باب وجائزة في الاختيار، وهي المصاحبة لفاعل كفى،
وواردة في الضرورة نحو:
ألم يأتيك والأنباء تنمى
بما لاقت لبون بني زياد
والزائدة مع المفعول غير مقيسة، وإن كان مفعول كفى نحو كفى
المرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع كذا في الجنى الداني،
وقاسها الرضي في مفعول عرف وعلم الذي بمعناه وجهل، وسمع
وأحسن، وكذا مع المبتدأ نحو كيف بك إذا كان كذا، وبحسبك
درهم وكذا مع خبره نحو:
ومنعكها بشيء يستطاع
فلا قياس معهما. والزائدة مع خبر ليس وما
النافية، وكان المنفية ومع التوكيد بالنفس والعين مقيسة.
دماميني ملخصًا. قوله: "أن تجيء على الحرفية" قيد بالحرفية
هنا دون الكاف وعن
ج / 2 ص -333-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويكون حقيقة ومجازًا نحو:
{عَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ
تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22]، ونحو:
{فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253] الثاني الظرفية كفي نحو:
{عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ}
[القصص: 15]. الثالث المجاوزة كعن كقوله:
569-
إذا رضيت علي بنو قشير
الرابع التعليل كاللام نحو:
{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37]، وقوله:
علام تقول الرمح يثقل عاتقي
الخامس المصاحبة كمع نحو:
{وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177]،
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6]. السادس موافقة من نحو:
{إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2]. السابع موافقة الباء نحو:
{حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ}
[الأعراف: 105] وقد قرأ أبي بالباء. الثامن الزيادة
للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع مجيء كل اسمًا لبعد تنبيه المصنف الآتي على الاسمية في
على، وقربه في الكاف وعن. قوله: "ويكون حقيقة ومجازًا" قال
الفارضي وأما نحو: توكلت على الله، فهو بمعنى الإضافة
والإسناد أي أضفت توكلي، وأسندته إلى الله إذ لا يعلو على
الله تعالى شيء لا حقيقة ولا مجازًا. ا. هـ. قوله: "ونحو
فضلنا إلخ" جعل الدماميني الاستعلاء المجازي الاستعلاء على
ما يقرب من المجرور نحو:
{أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]، أي هاديًا وجعل الاستعلاء المعنوي على نفس المجرور نحو:
{فَضَّلَنَا}
إلخ، ونحو:
{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14]، حقيقا. قوله: "كقوله إذا رضيت عليّ"، وقيل: ضمن رضى
معنى عطف. قوله: "على حبه" أي مع حب المال وقيل: على
تعليلية والضمير لله. قوله: "موافقة من" من ذلك قوله عليه
الصَّلاة والسَّلام:
"بني الإسلام على خمس"، أي منها، وبه يندفع ما يقال هذه الخمس هي الإسلام، فكيف يكون
مبنيًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
569- عجزه:
لعمرو الله أعجبني رضاها
والبيت من الوافر، وهو للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص507؛
والأزهية ص277؛ وخزانة الأدب 10/ 132، 133؛ والدرر 4/ 135؛
وشرح التصريح 2/ 14؛ وشرح شواهد المغني 1/ 416؛ ولسان
العرب 14/ 323 "رضي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 282؛ ونوادر أبي
زيد ص176؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 118؛ والإنصاف
2/ 630؛ وأوضح المسالك 3/ 41؛ وجمهرة اللغة ص1314؛ والجني
الداني ص477؛ والخصائص 3/ 311؛ و389؛ ورصف المباني ص372؛
وشرح شواهد المغني 2/ 954؛ وشرح ابن عقيل ص365؛ وشرح
المفصل 1/ 120؛ ولسان العرب 15/ 444 "يا"؛ والمحتسب 1/ 52،
348؛ ومغني اللبيب 2/ 143؛ والمقتضب 2/ 320؛ وهمع الهوامع
2/ 28.
ج / 2 ص -334-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
570-
إن الكريم وأبيك يعتمل
إن لم يجد يومًا على من يتكل
أي من يتكل عليه. التاسع الزيادة لغير تعويض، وهو قليل
كقوله:
571-
أبى الله إلا أن سرحة مالك
على كل أفنان العضاه تروق
وفيه نظر. العاشر الاستدراك والإضراب كقوله:
572-
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه وأجيب أيضًا بأنه من بناء الكل على أجزائه، والتغاير
بالكلية والجزئية كاف. قوله: "يعتمل" أي يعمل بالأجرة
وقيل: إن مفعول يجد محذوف أي إن لم يجد شيئًا، ثم استأنف
مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا فقال: على من يتكل. قوله:
"أفنان العضاه" جمع فنن وهو الغصن والعضاه بكسر العين
المهملة آخره هاء كما في الشمني، وغيره جمع عضه كعنب، أو
عضهة كعنبة، أو عضاهة كرسالة كل شجرة ذات شوك، أو ما عظم
منها كذا في القاموس. وتروق أي تعجب، وهو يتعدى بنفسه
يقال: راقه أي أعجبه كما في القاموس، وإيقاع الإعجاب على
الأفنان على طريق المجاز، وقيل: كنى الشاعر بالسرحة عن
امرأة مالك، وبالأفنان عن بقية النسوة، وعليه فالإيقاع
حقيقي.
قوله: "وفيه نظر" وجهه أنه لا يتعين كون تروق بمعنى تعجب،
حتى تكون على زائدة إذ يصح أن يكون بمعنى تزيد وتفضل، وهو
بهذا المعنى يتعدى بعلى كما في القاموس هذا ما ظهر لي في
وجه النظر، ولا يخفى حسنه على غيره مما قيل هنا. قوله:
"والإضراب" أي عما توهمه الجملة قبلها، وهو من عطف اللازم،
وهو إضراب إبطالي، فإن قوله على أن قرب الدار خير من البعد
أبطل به ما يوهمه قوله: فلم يشف ما بنا من تساوي القرب
والبعد من كل وجه، وقوله على أن قرب الدار ليس بنافع أبطل
به ما توهمه الجملة قبله من أن القرب مطلقًا خير من البعد،
وعلى التي بهذا المعنى يحتمل أن تكون غير متعلقة بشيء،
لكونها بمنزلة حرف الاستدراك، والإضراب كما قيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
570- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 292؛ والجنى
الداني ص478؛ وخزانة الأدب 10/ 146؛ والخصائص 2/ 305؛
والدرر 4/ 108؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 205؛ وشرح التصريح 2/
15؛ وشرح شواهد المغني ص419؛ والكتاب 3/ 81؛ ولسان العرب
11/ 475 "عمل"؛ والمحتسب 1/ 281؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
571- البيت من الطويل وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص41؛
وأدب الكاتب ص523؛ وأساس البلاغة ص 185 "روق"؛ والجني
الداني ص479؛ والدرر 4/ 137؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح
شواهد المغني 1/ 420؛ ولسان العرب 2/ 479 "سرح"؛ ومغني
اللبيب 1/ 144؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص377؛ وخزانة
الأدب 2/ 194، 10/ 144، 145.
572- البيتان من الطويل، وهما ليزيد من الطثرية في ديوانه
ص72؛ وذيل الأمالي ص104؛ وللمجنون في ديوانه ص89؛ ولعبد
الله بن الدمينة في ديوانه ص82؛ وشرح شواهد المغني 1/ 425؛
وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 454؛ ومغني اللبيب 1/
145.
ج / 2 ص -335-
وقد تجي موضع بعد وعلى
كما على موضع عن قد جعلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أن قرب الدار ليس بنافع
إذا كان من تهواه ليس بذي ود
"بعن تجاوزًا عنى من قد فطن.
وقد تجي" عن "موضع بعد و" موضع "على كما على موضع عن قد
جعلا" كما رأيت. وجملة معاني عن عشرة أيضًا اقتصر منها
الناظم على هذه الثلاثة: الأول المجاوزة وهي الأصل فيها،
ولم يذكر البصريون سواه، نحو سافرت عن البلد ورغبت عن كذا.
الثاني البعدية وهو المشار إليه بقوله: وقد تجي موضع بعد،
نحو:
{عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ
نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]،
{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]، أي حالًا بعد حال. الثالث الاستعلاء كعلى نحو:
{فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38]، وقوله:
573-
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب
عني ولا أنت دياني فتخزوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك في حاشا الجارة، ويحتمل أن الجار والمجرور خبر مبتدأ
محذوف أي والتحقيق كائن على أن إلخ؛ لأن ما قبلها وقع لا
على وجه التحقيق. قوله: "وقد تجيء عن موضع بعد"، قال أبو
حيان يلزم أن تكون حينئذٍ ظرفا، ولا أعلم أحدًا قال: إنها
اسم إلا إذا دخل عليها حرف الجر همع. قوله: "كما على إلخ"
فيه وصل ما المصدرية بجملة اسمية، وهو جائز وإن كان
قليلًا. قوله: "كما رأيت" أي في قوله:
إذا رضيب عليّ بنو قشير
قوله: "المجاوزة" هي بعد شيء مذكور، أو غير
مذكور عما بعدها بسبب الحدث قبلها، فالأول نحو رميت السهم
عن القوس أي جاوز السهم القوس بسبب الرمي. والثاني نحو رضي
الله عنك أي جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا، ثم المجاوزة تارة
تكون حقيقية كهذين المثالين، وتارة تكون مجازية نحو أخذت
العلم عن عمرو، كأنه لما علمت ما يعلمه جاوزه العلم بسبب
الأخذ هذا ملخص ما أفاده سم. ومن المجازية سألت زيدًا عن
كذا، كأنه لما عرفك المسؤول بالمسؤول عنه جاوزه المسؤول
عنه بسبب السؤال، وأنت خبير بأن هذا إنما يظهر إذا أفاد
المسؤول المسؤول عنه لا إذا لم يفده، وأن المناسب لهذا
المثال جعل البعد للمجرور عن الشيء، لا جعل البعد للشيء عن
المجرور، فلا يلائم تعريفهم المجاوزة هذا المثال فاعرف
ذلك. قوله: "ولم يذكر البصريون سواه"، وتكلفوا لها في
المحال التي لا تظهر فيها المجاوزة معنى يصلح للمجاوزة،
ولم يرتكبوا التضمين ولا غيره مما ارتكبوه في غيرها من
الحروف، قوله: "أي حالًا بعد حال" من البعث والسؤال
والموت، وقيل: من النطفة إلى ما بعدها، وقيل غير ذلك قال
في شرح اللباب: والأولى أن عن باقية على ظاهرها، والمعنى
طبقًا متجاوزًا في الشدة عن طبق آخر دونه. قوله: "لاه ابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
573- البيت من البسيط، وهو لذي الإصبع العدواني في أدب
الكاتب ص513؛ والأزهية ص279؛ وإصلاح المنطق ص373؛ والأغاني
3/ 108؛ وأمالي المرتضى 1/ 252؛ وجمهرة اللغة ص596؛ وخزانة
الأدب 7/ 173، 177، 184، 186؛ والدرر 4/ 143؛ وسمط اللآلي
ص289؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح =
ج / 2 ص -336-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرابع التعليل نحو:
{وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي
آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53]،
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ
مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ}
[التوبة: 114]. الخامس الظرفية كقوله:
574-
وآس سراة الحي حيث لقيتهم
ولا تك عن حمل الرباعة وانيا
السادس موافقة من نحو:
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}
[الشورى: 25]، نحو:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ
نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}
[الأحقاف: 16]. السابع موافقة الباء نحو:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]، والظاهر أنها على
حقيقتها وأن المعنى وما يصدر قوله عن الهوى. الثامن
الاستعانة قاله الناظم، ومثل له بنحو رميت عن القوس؛ لأنهم
يقولون: رميت بالقوس، وفيه رد على الحريري في إنكاره أن
يقال ذلك، إلا إذا كانت القوس هي المرمية. التاسع البدل
نحو:
{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمك" أي لله در ابن عمك، فحذف لام الجر واللام الأولى من
اسم الجلالة، ففيه شذوذ من وجهين وحذف المضاف، وأناب عنه
المضاف إليه، ولك أن تستغني عن تقدير المضاف. أفضلت أي
زدت. دياني أي مالكي. فتخزوني أي تسوسني وتقهرني، وهو
بسكون الواو إما تخفيفًا من فتحة النصب مثل ما تأتينا،
فتحدثنا بالنصب وإما رفعًا عطفًا على الجملة الاسمية
المنفية قبله؛ لأن المعنى ما أنت دياني، فما أنت تخزوني.
قوله: "نحو وما نحن إلخ"، ويحتمل أن المعنى تركا صادرًا عن
قولك لا صادرًا عن موعدة. قوله: "وآس سراة الحي" من آساه
بمد الهمزة أي واساه أي أعط أشرافهم. والرباعة بالكسر نجوم
الحمالة أي أقساط ما يتحمل الإنسان من دية، أو غيرها فعن
بمعنى في بدليل:
{وَلَا تَنِيَا فِي
ذِكْرِي} [طه: 42]، قال في المغني: والظاهر أن معنى
وني عن كذا جاوزه ولم يدخل فيه، ووني فيه دخل فيه وفتر. ا.
هـ. أي والمراد في البيت المعنى الأول، فكيف تجعل عن فيه
ظرفية. قوله: "عن عباده"، ويحتمل أن المعنى الصادرة عن
عباده. قوله: "بنحو رميت عن القوس" أي إن أريد جعل القوس
آلة للرمي ومستعانًا بها فيه. قوله: "في إنكاره أن يقال
ذلك إلخ" على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شواهد المغني 1/ 430؛ ولسان العرب 11/ 525 "فضل"، 13/
167، 170 "دين" 295، 296 "عنن"، 539 "لوه" 14/ 226 "خزا"؛
والمؤتلف والمختلف ص118؛ ومغني اللبيب 1/ 147؛ والمقاصد
النحوية 3/ 286؛ ولكعب الغنوي في الأزهية ص97؛ وبلا نسبة
في الأشباه والنظائر 1/ 263، 2/ 121، 302؛ والإنصاف 1/
394؛ وأوضح المسالك 3/ 43؛ والجني الداني ص246؛ وجواهر
الأدب ص323؛ وخزانة الأدب 10/ 124، 344؛ والخصائص 2/ 288؛
ورصف المباني ص254، 368؛ وشرح ابن عقيل ص364؛ وشرح المفصل
8/ 53؛ وهمع الهوامع 2/ 29.
574- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص379؛ والدرر
4/ 145؛ وشرح شواهد المغني 1/ 434؛ وبلا نسبة في الجني
الداني ص247؛ وجواهر الأدب ص324؛ ومغني اللبيب 1/ 148؛
وهمع الهوامع 2/ 30.
ج / 2 ص -337-
شبه بكاف وبها التعليل قد
يعنى وزائدًا لتوكيد ورد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[البقرة: 48]. وفي الحديث:
"صومي عن أمك". العاشر الزيادة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:
575-
أتجزع أن نفس أتاها حمامها
فهلا التي عن بين جنبيك تدفع
"شبه بكاف وبها التغليل قد يعنى وزائدًا لتوكيد ورد" أي
تجيء الكاف لمعان، وجملتها أربعة اقتصر منها في النظم على
ثلاثة: الأول التشبيه وهو الأصل فيها نحو زيد كالأسد.
الثاني التعليل نحو:
{وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}
[البقرة: 198]، أي لهدايتكم. وعبارته هنا وفي التسهيل
تقتضي أن ذلك قليل، لكنه قال في شرح الكافية: ودلالتها على
التعليل كثيرة. الثالث التوكيد وهي الزائدة نحو:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا تكون الباء للتعدية، ويكون رمي متعديًا تارة بنفسه،
وتارة بالباء كذا يظهر. قوله: "أتجزع إن نفس" يصح في أن
فتح الهمزة على أنها مخففة من الثقيلة، وكسرها على أنها
شرطية داخلة على فعل حذف لدلالة ما بعده عليه، وأبقى فاعله
وهو نفس أي إن هلكت نفس والحمام الموت. وقوله: فهلا إلخ
الأصل، فهلا تدفع عن التي بين جنبيك، فحذف الجار قبل
الموصول وزيد بعده عوضًا عنه قال الدماميني ظاهر كلام
المغني، والتسهيل أن شرط زيادتها التعويض، وفي تفسير
الثعلبي أنهم اختلفوا في قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}
[الأنفال: 1]، فقيل: عن علمها، وقيل: عن صلة وعلى هذا قرأ
ابن مسعود، وهذا الخلاف مبني على أن السؤال هل هو سؤال
استخبار، أو سؤال استعطاء، فقد حكى قولًا بالزيادة ولا
تعويض.
قوله: "أربعة" زاد في المغني خامسًا وهو المبادرة، قال:
وذلك إذا اتصلت بما في نحو سلم كما تدخل، وصل كما يدخل
الوقت، ذكره ابن الخباز والسيرافي وغيرهما، وهو غريب جدًا.
ا. هـ. ويمكن تخريجهما على زيادة الكاف، وجعل ما مصدرية
وقتية أي سلم وقت دخولك، وصل وقت دخول الصلاة فتستفاد
المبادرة. قوله: "الثاني التعليل" جعل قوم منه قوله تعالى:
{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82]، أي أعجب لعدم فلاح الكافرين.
قوله: "تقتضي أن ذلك قليل" أي بناء على المتبادر من قد
الداخلة على المضارع، وقد يقال: التقليل بالنسبة إلى
التشبيه، فلا ينافي كثرته في نفسه. قوله: "ليس كمثله شيء"
أي بناء على رأي عزاه في المغني إلى الأكثرين، قالوا: إذ
لو لم تكن زائدة لزم المحال، وهو إثبات المثل قال
التفتازاني في حاشية العضد: لأن النفي يعود إلى الحكم لا
إلى المتعلقات، فقولنا: ليس كابن زيد أحد يدل ظاهرًا على
أن لزيد ابنًا، وإن كان يحتمل أن يكون نفي المثل له بناء
على عدمه، وقد يجاب بمنع إثبات مثله تعالى كيف، وهو من
قبيل الظاهر، ونقيضه وهو نفي مثله قطعي؟ ا. هـ. ومنع
كثيرون زيادتها في الآية فبعض هؤلاء قالوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
575- البيت من الطويل، وهو لزيد بن رزين في جواهر الأدب
ص325؛ وشرح شواهد المغني 1/ 436؛ وله أو لرجل من محارب في
ذيل أمالي القالي ص105؛ وذيل سمط اللآلي ص49؛ وبلا نسبة في
الجني الداني ص248؛ وخزانة الأدب 10/ 144؛ والدرر 4/ 107؛
وشرح التصريح 2/ 16؛ والمحتسب 1/ =
ج / 2 ص -338-
واستعمل اسمًا وكذا عن وعلى
من أجل ذا عليهما من
دخلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس شيء مثله. وقوله:
576-
لواحق الأقراب فيها كالمقق
أي فيها المقق أي الطول. الرابع الاستعلاء، قيل: بعضهم كيف
أصبحت؟ قال: كخير أي على خير وهو قليل، أشار إلى ذلك في
التسهيل بقوله: وقد توافق على "واستعمل" الكاف "اسمًا"
بمعنى مثل كما في قوله:
577-
يضحكن عن كالبرد المنهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المثل بمعنى الصفة وبعضهم قالوا المثل بمعنى الذات،
والمحققون منهم قالوا الآية من باب الكناية للمبالغة في
التنزيه، فهي باقية على حقيقتها من نفي مثله، لكن المراد
لازم ذلك، وهو نفي مثله، وإنما كان لازمًا؛ لأنه لو كان له
مثل لكان هو مثلًا لمثله، فلا يصح نفي مثله؛ ولأن مثل
الشيء من يكون على أوصافه، فإذا نفوه عمن يماثله فقد نفوه
عنه، ونظيره مثلك لا يبخل فإنهم نفوا البخل عن مثله
والمراد نفيه عنه، فليس المراد بالذات من الآية حقيقتها من
نفي مثل المثل حتى يلزم وجود المثل، وقد صرحوا بأنه لا يضر
استحالة المعنى الحقيقي للكناية فضلًا عن استحالة لازمها؛
لأن المعنى الحقيقي لها غير مقصود منها بالذات فاعرفه.
قوله: "لواحق الأقراب" قاله رؤبة يصف خيلًا، أي ضوامر
الأقراب جمع قرب بضمتين، وبضم فسكون الخاصرة، أو من
الشاكلة إلى مراق البطن كما في القاموس. والضمير في فيها
يرجع إلى الخيل الموصوفة. والمقق الطول الفاحش مع رقة.
قوله: "على خير" وقيل: الكاف بمعنى الباء أي بخير، وقد قيل
في قولهم كن كما أنت أن المعنى كن على الحال الذي أنت
عليه، وقيل: إن المعنى كن كالشخص الذي هو أنت، أي كن فيما
يستقبل مماثلًا لنفسك فيما مضى. قوله: "واستعمل اسمًا"،
فيكون فاعلًا ومكفعولًا وغيرهما، وزعهما ابن مضاء اسمًا
دائمًا كما في الهمع. قوله: "عن كالبرد" أي عن مثل البرد
أي عن سن مثل البرد، والمنهم بسكون النون، وتشديد الميم
الثانية الذائب أي الذي ذاب منه شيء فصغر. وبحث سم في
الاستشهاد بالبيت باحتمال أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 281؛ ومغني اللبيب 10/ 149؛ وهمع الهوامع 2/ 22.
576- الرجز لرؤية في ديوانه ص106؛ وجواهر الأدب ص129؛
وخزانة الأد 1/ 89؛ وسر صناعة الإعراب ص292، 295، 815؛
وسمط اللآلي ص322؛ وشرح شواهد المغني 2/ 764؛ وشرح ابن
عقيل ص366؛ والمقاصد النحوية 3/ 290؛ وبلا نسبة في أسرار
العربية ص264؛ والإنصاف 1/ 299؛ وجمهرة اللغة ص824؛ واللمع
في العربية ص158؛ والمقتضب 4/ 418.
577- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 328؛ وخزانة الأدب
10/ 166، 168؛ والدرر 4/ 156؛ وشرح شواهد المغني 2/ 503؛
والمقاصد النحوية 3/ 294؛ وبلا نسبة في أسرار العربية
ص258؛ وأوضح المسالك 3/ 54؛ والجني الداني ص79؛ وجواهر
الأدب ص126؛ وشرح المفصل 8/ 42، 44؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛
وهمع الهوامع 2/ 31.
ج / 2 ص -339-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي عن مثل البرد. وقوله:
578-
بكا للقوة الشغواء جلت فلم أكن
لأولع إلا بالكمي المقنع
وهو مخصوص عند سيبويه، والمحققين بالضرورة، وأجازه كثيرون
منهم الفارسي والناظم في الاختيار "وكذا عن وعلى" استعملا
اسمين: الأول بمعنى جانب، والثاني بمعنى فوق "من أجل ذا
عليهما من دخلا" في قوله:
579-
ولقد أراني للرماح دريئة
من عن يميني تارة وأمامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاف حرف ومجرور عن محذوف وموصوف بقوله كالبرد، فلا شاهد
فيه حينئذٍ، ويضعفه أن حذف موصوف الجملة، وشبهها لا يطرد
في مثل هذا الموضع. قوله: "بكا للقوة" أي بفرس كاللقوة
بفتح اللام وكسرها، وسكون القاف كما في القاموس وهي
العقاب، والشغواء بمعجمتين المعوجة المنقار. وجلت من
الجولان، والكمي الشجاع المتكمي بسلاحه أي المتغطي به.
والمقنع المغطى رأسه بالبيضة قاله زكريا. قوله: "في
الاختيار"، فأجازوا في زيد كالأسد أن تكون الكاف في موضع
رفع، والأسد مخفوضًا بالإضافة. مغني.
قوله: "استعملا اسمين" وهما حينئذٍ مبنيان لمشابهة الحرف
في اللفظ. وأصل المعنى كما قاله ابن الحاجب وغيره ونقل أبو
حيان عن بعض أشياخه أنهما معربان كذاب في الهمع، والقول
بإعراب عن الاسمية مع التزام سكونها لا يظهر له وجه. وفي
الهمع عن ابن الطراوة والفارسي، والشلوبين أن على اسم
دائمًا معرب، واستعملت على فعلًا ماضيًا، تقول علا يعلو
علوًّا، وعلى يعلى علاء كبقي يبقى بقاء. ولم يتعرض له
لشهرته؛ ولأن علا الفعلية ليس رسمها كرسم على الحرفية؛
لأنها ترسم بالألف؛ لأن أصلها علو بخلاف الحرفية فترسم
بالياء، ومقتضى هذا أن على الاسمية ترسم بالياء، وهو إنما
بظهر إذا كانت من على يعلى أما إذا كانت من علا يعلو،
فكتابتها بالألف؛ لأنها حينئذٍ واوية لكن يكفي في نكته ذكر
على الاسمية دون الفعلية موافقة الاسمية الحرفية لفظًا،
ورسمًا على أحد الوجهين بخلاف الفعلية، فإنها لا توافق
الحرفية رسمًا في وجه أصلًا فاعرفه. ولم يتعرض المصنف لإلى
مع أنها جاءت اسمًا بمعنى المنتهي، ولعل ذلك لقلته وجاءت
منوية بمعنى النعمة. قوله: "من أجل ذا عليهما من دخلا"
استشهاد على استعمالهما اسمين لا تقييد، ولذا خص من؛ لأنها
المسموع دخولها عليهما كثيرًا، وسمع جر عن بعلى نادرًا،
فعلم أن اسميتها لا تتقيد بدخول من، نعم تتعين اسميتها
بدخولها، وكذا بدخول غيرها من حروف الجر، فإذا قلت: زيد
على السطح، وسرت عن البلد احتملا الاسمية والحرفية، وعند
دخول من تتعين اسميتهما. قوله: "دريئة"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
578- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص82؛
والدرر 4/ 158؛ والمقاصد النحوية 3/ 295؛ وهمع الهوامع 2/
31.
579- البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه
ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 158، 160؛ والدرر 2/ 269، 4/ 185؛
وشرح التصريح 2/ 10؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛
وشرح =
ج / 2 ص -340-
ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا
أو أوليا الفعل كجئت مذ
دعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكقوله:
580-
عدت من عليه بعد ما تم ظمؤها
تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
"ومذ ومنذ" يستعملان أيضًا أسمين وحرفين فهما "اسمان حيث
رفعا" اسمًا مفردًا "أوليا" جملة كما إذا أوليا "الفعل" مع
فاعله وهو الغالب، ولهذا اقتصر على ذكره، أو المبتدأ مع
خبره: فالأول نحو ما رأيته مذ يومان، أو منذ يوم الجمعة،
وهما حيئنذ مبتدآن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهمزة بعد تحتية ساكنة مفعول ثان لأرى، وهي الحلقة التي
يتعلم عليها الرمي والطعن. قاله العيني والمصرح، وفي شرح
شواهد المغني للسيوطي جواز ياء بدل الهمزة.
قوله: "غدت" أي سارت القطاة من عليه أي الفرخ، والظمؤ بكسر
الظاء المشالة، وسكون الميم بعدها همزة مدة صبرها عن
الماء، وتصل بفتح الفوقية وكسر المهملة، أي تصوّت أحشاؤها
من العطش، وقوله وعن قيض عطف على قوله من عليه، والقيض
بفتح القاف وسكون التحتية بعدها ضاد معجمة. قال الدماميني
القشر الأعلى من البيض، وزيزاء بزايين معجمتين مكسورة
أولاهما، وتفتح كما قاله السيوطي أرض غليظة، مجهل بفتح
الميم على قاعدة اسم المكان من مفعل أي محل لجهل السائر،
وتوهانه قال في التصريح نقلًا عن ابن السيد، وهو مجرور
بإضافة زيزاء إليه، ولا يجوز أن يكون نعتًا لزيزاء عند
البصريين. ا. هـ. ولك أن تجعله بدلًا. قوله: "ومذ ومنذ"،
وكسر ميمهما لغة همع. قوله: "اسمين وحرفين" قال الشاطبي:
قد يحتملان الاسمية والحرفية كما في ما رأيته مذ، أو منذ
أن الله خلقه بفتح الهمزة أما إن كسرت، فالاسمية متعينة.
قوله: "كما إذا أوليا الفعل" جعل الشارح قول المصنف الفعل
مثالًا لا قيدًا، والمراد الفعل الماضي، فلا يجوز مذ يقوم؛
لأن عاملهما لا يكون إلا ماضيًا، فلا يجتمع مع المستقبل،
ولم يجيزوه على حكاية الحال لئلا يجتمع مجازان تأويل
المضارع بالمصدر؛ لأنه مضاف إليه واستعماله في الماضي نقله
يس عن ابن هشام، وينبغي جواز ذلك عند من جوز اجتماع مجازين
في الكلمة فتدبر.
قوله: "فالأول" أي ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شواهد المغني 1/ 438؛ والمقاصد النحوية 3/ 150، 305؛
وبلا نسبة في أسرار العربية ص255؛ والأشباه والنظائر 3/
13؛ وأوضح المسالك 3/ 57؛ وجواهر الأدب ص322؛ وشرح ابن
عقيل ص368؛ وشرح المفصل 8/ 40؛ ومغني اللبيب 1/ 149؛ وهمع
الهوامع 1/ 156، 2/ 36.
580- البيت من الطويل، وهو لمزاحم العقيلي في أدب الكاتب
ص504؛ والأزهية ص194؛ وخزانة الأدب 10/ 147، 150؛ والدرر
4/ 187؛ وشرح التصريح 2/ 19؛ وشرح شواهد الإيضاح ص230؛
وشرح شواهد المغني 1/ 425؛ وشرح المفصل 8/ 38؛ ولسان العرب
11/ 383 "صلل"، 15/ 88 "علا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 301؛
ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص103؛
والأشباه والنظائر 3/ 12؛ وأوضح المسالك 3/ 58؛ وجمهرة
اللغة ص1314؛ والجني الداني ص470؛ وجواهر الأدب ص375؛
وخزانة الأدب 6/ 535؛ ورصف المباني ص371؛ وشرح ابن عقيل
ص367؛ والكتاب 4/ 231؛ ومجالس ثعلب ص304؛ ومغني اللبيب 1/
146، 2/ 532؛ والمقتضب 3/ 53؛ والمقرب 1/ 196؛ وهمع
الهوامع 2/ 36.
ج / 2 ص -341-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما بعدهما خبر، والتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وأول
انقطاع الرؤية يوم الجمعة، وقد أشعر بذلك قوله حيث رقعا،
وقيل بالعكس والمعنى بيني وبين الرؤية يومان. وقيل ظرفان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا رفعا اسمًا مفردًا. قوله: "وهما حينئذٍ مبتدآن" أي حين
إذ رفعا ما بعدهما، وساغ الابتداء بهما؛ لأنهما معرفتان
لفظًا ومعنى، أو معنى فقط على الخلاف إذ معناهما أمد
انقطاع الرؤية، وأول أمد انقطاع الرؤية، وأورد على
ابتدائيتهما أنه هلا جاز يومان مذ كما جاز يومان أمد ذلك،
وأجيب بأنهما أجروهما رافعين مجراهما خافضين في أنهما لا
يدخلان إلا على اسم الزمان، أفاد بعض ذلك سم وبعضه
الدماميني. قوله: "والتقدير أمد إلخ" فيه لف ونشر مرتب،
ومثل المعدود كما في المغني الحاضر نحو مذ يومنا بناء على
تجويز بعض العرب رفعهما الحاضر، كما هو المفهوم من قول
الشارح الآتي: أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر. قوله:
"وأول انقطاع" أي أول أمد انقطاع، فوافق قول المغني، وإن
كان أي الزمان ماضيًا، فمعناهما أول المدة، فاقتصار البعض
على الاعتراض بأن ظاهر كلام الشارح يخالف ما في المغني
تقصير. قوله: "وقد أشعر إلخ" أي؛ لأن المبتدأ هو الرافع
للخبر من غير عكس على المختار.
قوله: "وقيل بالعكس"، قال في التصريح: وهو مذهب الأخفش،
وأبي إسحاق الزجاج، وأبي القاسم الزجاجي، ومعناهما بين
وبين مضافين، فمعنى ما لقيته مذ يومان بيني وبين لقائه
يومان. ا. هـ. قال ابن الحاجب: وهذا القول وهم؛ لأن المعنى
واللفظ يأبياه: أما الأول؛ فلأنك تخبر عن جميع المدة بأنها
يومان، وذلك غير محقق على هذا الإعراب. وأما الثاني؛ فلأن
يومان نكرة لا مسوغ لها، وليس الظرف الواقع خبرًا ظرفًا
للمبتدأ حتى يكون تقديمه مسوغًا، إذ لو كان ظرفًا لكان
زائدًا عليه، وهو مناف للمراد إذ المراد أنه هو. ا. هـ.
وأنا أقول في كل من توجيهه للأول، وتوجيهه للثاني نظر: أما
النظر في توجيهه للأول؛ فلأن هذا التركيب على هذا الإعراب،
وإن لم يفد أن جميع المدة يومان باعتبار أصل اللغة؛ لأن
كينونة اليومين بينه، وبين لقائه لا تنافي كينونة غيرهما
أيضًا لكن يفيده باعتبار العرف، إذ لا يقال مثلًا: بيني
وبين لقائه يومان عرفًا إلا إذا لم يكن إلا اليومان فقط،
وأما النظر في توجيهه للثاني، فيمنع قوله يومان نكرة لا
مسوغ لها، بل المسوغ موجود وهو تقديم الظرف المختص،
وتعليله عدم كون تقديمه مسوغًا بأن الظرف المجعول خبرًا
ليس ظرفًا للمبتدإ، إذ لو كان ظرفًا إلخ مردود لبطلان
الملازمة، إذ لا يجب كون ظرف الشيء زائدًا عليه، بل يجوز
كونه مساويًا له بدليل صحة نحو في يوم الخميس صوم، وبين
طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت صلاة الصبح، وليت شعري، كيف
يحكم على إعراب هؤلاء الجماعة بالوهم مع أن التركيب المعرب
به كالمثال المجمع على إعرابه بهذا الإعراب؟، إذ معنى مذ
يومان على كلامهم بيني، وبين لقائه يومان، أي كائن بيني
وبين لقائه يومان، فهو كالمثال الثاني، فوجب أن يكون الحكم
فيه كالحكم في المثال الثاني، وقد علم من هذا التحقيق أن
جعلهم مذ ومنذ خبرين على التسامح الشائع في إعراب نحو زيد
في الدار بقولهم زيد مبتدأ، وفي الدار خبر، وأن الخبر في
الحقيقة متعلق مذ ومنذ على الراجح، وهذا المتعلق نكرة،
وحينئذٍ لا يرد ما قيل إذا كان معنى مذ ومنذ على هذا القول
بين
ج / 2 ص -342-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما بعدهما فاعل بفعل محذوف، أي مذ كان أو مذ مضى يومان،
وإليه ذهب أكثر الكوفيين، واختاره السهيلي والناظم في
التسهيل والثاني: "كجئت مذ دعا" وقوله:
581-
ما زال مذ عقدت يداه إزاره
وقوله:
582-
وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبين مضافين إلى المعرفة كانا معرفتين فهما الحقيقان
بالمبتدئية، فتدبر ما قلناه بإنصاف فإنه متين. قال
الدماميني: واعترض على جعل مذ ومنذ خبرًا بأن المعنى عليه
كما قالوه بيني وبين لقائه يومان، وبين زمانية هنا، فكيف
يكون الشيء ظرفًا لنفسه؟، والجواب أن هذا يرد على قولك:
بيني وبين لقائه يومان، وهو جائز فما كان جوابًا عن هذا
فهو جواب عن ذلك. ا. هـ. وقد أسلفنا في أول باب المفعول
فيه ما يؤخذ منه الجواب فاعرفه.
قوله: "والمعنى بيني إلخ" أورد عليه عدم اطراده؛ لأنه لا
يأتي في نحو قولك يوم الأحد ما رأيته مذ يوم الجمعة إلا أن
يجعل على حذف العاطف، والمعطوف أي بيني وبين رؤيته يوم
الجمعة، وما بعده إلى الآن وفيه تكلف. قوله: "وقيل: ظرفان
إلخ" على هذا القول يكون التركيب كلامًا واحدًا مشتملًا
على جملتين بخلافه على الأولين، فكلامان ثانيهما، وهو مذ
كذا مستأنف استئنافيًّا بيانيًّا كما في الدماميني. قوله:
"مذ كان" أي وقت وجد. قوله: "أو مذ مضى يومان" فيه أنا إذا
قدرنا كان، أو مضى كان مفاد الكلام انتفاء الرؤية وقت وجود
اليومين، ومضيهما فيصدق بالرؤية فيهما قبل تمامهما،
والمقصود انتفاء الرؤية فيهما اللهم إلا أن يقدر مضاف،
ويلاحظ استمرار الانتفاء إلى آن التكلم، والتقدير وقت وجود
أول اليومين، ومضيه أي واستمر الانتفاء إلى الآن فتأمل.
قوله: "والثاني" أي ما إذا أوليا الجملة الاسمية أو
الفعلية. قوله: "يافع" أي ناهز الحلم أو عشرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
581- عجزه:
ودنا فأدرك خمسة الأشبار
والبيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه
والنظائر 5/ 123؛ والجني الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛
وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛
وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح
المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب
2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ وأوضح المسالك 2/
61؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 67 "خمس"، ومغني اللبيب
1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150.
582- عجزه:
وليدًا وكهلًا حيث شبت وأمردا
والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وتذكرة النحاة
ص 589؛ 632؛ والدرر 3/ 139؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح
شواهد المغني 2/ 577، 757؛ والمقاصد النحوية 3/ 60، 326؛
وبلا نسبة في وأضح المسالك 3/ 63؛ ومغني اللبيب 2/ 336؛
وهمع الهوامع 1/ 216.
ج / 2 ص -343-
وإن يجرا في مضي فكمن
هما وفي الحضور معنى في استبن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمشهور أنهما حنيئذ ظرفان مضافان إلى الجملة، وقيل: إلى
زمن مضاف إلى الجملة، وقيل: مبتدآن فيجب تقدير زمن مضاف
إلى الجملة يكون هو الخبر "وإن يجرا"، فهما حرفا جر ثم إن
كان ذلك "في مضي فكمن هما" في المعنى نحو ما رأيته مذ يوم
الجمعة، ومنذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة، "وفي الحضور
معنى في استبن" بهما نحو ما رأيته مذ يومنا، أو منذ يومن
أي في يومنا هذا من المعرفة كما رأيت، فإن كان المجرور
بهما نكرة، كانا بمعنى من وإلى معًا كما في المعدود، نحو
ما رأيته مذ أو منذ يومين، وكونهما إذا جرا حرفي جر هو ما
ذهب إليه الأكثرون، وقيل: هما ظرفان منصوبان بالفعل
قبلهما.
تنبيهات: الأول أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر، وعلى
ترجيح جر منذ للماضي على رفعه كقوله:
583-
وربع عفت آثاره منذ أزمان
وعلى ترجيح رفع مذ للماضي على جره، فمن القليل فيها قوله:
584-
لمن الديار بقنة الحجر
أقوين مذ حجج ومذ دهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنة على الخلاف يقال: أيفع الغلام فهو يافع، ولا يقال:
موفع وإن كان هو القياس. قوله: "وقيل إلى زمن مضاف إلى
الجملة"، انظر ما الداعي لتقدير الزمن على هذا القول مع
كونهما ظرفين. قوله: "وقيل مبتدآن" هذا القول مقابل
المشهور، وليس معطوفًا على قيل الذي قبله شمني. قوله:
"يكون هو الخبر"، أي لتوقف صحة الإخبار عليه حينئذٍ. قوله:
"فكمن" أي الابتدائية. قوله: "معنى في استبن"، أي اطلب
بيان معنى في وهو الظرفية، والدلالة عليه بهما. قوله:
"نكرة" أي معدودة إذ لا يجوز مذ يوم، كما تقدم أول الباب،
ولا ينافيه ما في البيت الآتي ومذ دهر؛ لأنه متعدد في
المعنى، وبهذا يعلم أن الكاف في قول الشارح، كما في
المعدود استقصائية وفي نسخ، فإن كان المجرور بهما نكرة
معدودًا كانا بمعنى من وإلى معًا، نحو مذ يومين وهو واضح.
قوله: "نحو ما رأيته مذ أو منذ يومين"، فالمعنى ما رأيته
من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها. قوله: "وربع عفت
آثاره"، أي ومنزل اندرست علاماته. وقوله منذ أزمان قال سم:
لعل هذا من العدد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
583- صدره:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه
ص89؛ والدرر 3/ 142؛ وشرح التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد
المغني 1/ 374، 2/ 750؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 49؛
ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع الهومع 1/ 217.
584- البيت من الكامل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه
ص86؛ والأزهية ص283؛ وأسرار العربية ص273؛ والأغاني 6/ 86؛
والإنصاف 1/ 371؛ وخزانة الأدب 9/ 439، 440؛ والدرر 3/
142؛ وشرح =
ج / 2 ص -344-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني أصل مذ منذ بدليل رجوعهم إلى ضم الذال من مذ عند
ملاقاة الساكن نحو مذ اليوم، ولولا أن الأصل الضم لكسروا؛
ولأن بعضهم بقول مذ زمن طويل، فيضم مع عدم الساكن، وقال
ابن ملكون: هما أصلان؛ لأن لا يتصرف في الحرف وشبهه، ويرده
تخفيفهم إن وكأن ولكن ورب. وقال المالقي: إذا كانت مذ
اسمًا، فأصلها منذ أو حرفًا فهي أصل. الثالث بقي من الحرف
رب، وهي للتكثير كثيرًا وللتقليل قليلًا: فالأول كقوله
-صلى الله عليه وسلم:
"يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة"، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: يا رب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتكون بمعنى من وإلى معًا. قوله: "بقنة الحجر" القنة بضم
القاف، وتشديد النون أعلى الجبل، والمراد بالحجر بكسر
الحاء حجر ثمود. وأقوين أي خلون حال من الديار بتقدير قد،
والحجج بالكسر السنون. قوله: "رجوعهم إلى ضم الذال"، أي
على الأشهر وجاء كسرها عند ملاقاة الساكن لا يقال: يحتمل
أن الضم لكراهة الكسر بعد الضم؛ لأنا نقول هذا الكسر عارض
مثل:
{قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2]، فلا يكره نعم قد يقال الضم
اتباع للميم لا رجوع إلى الأصل. قوله: "ولأن بعضهم يقول مذ
إلخ"، قد يقال: الضم اتباع. قوله: "ملكون" قال شيخنا
السيد: بضم الميم، وسكون اللام وضم الكاف. قوله: "في الحرف
وشبهه"، قال الشارح عند قول المصنف:
حرف وشبهه من الصرف برى
ما نصه: المراد بشبه الحرف الأسماء المبنية، والأفعال
الجامدة، وذلك عسى وليس ونحوهما، فإنها تشبه الحرف في
الجمود. ا. هـ. قوله: "ويرده تخفيفهم أن إلخ" أي، وهذا
التخفيف تصرف جرى في الحرف شذوذًا، كما سيذكره الشارح في
أول باب التصريف، فليكن تخفيفهم منذ من هذا القبيل، قوله:
"المالقي" نقل شيخنا السيد أنه بفتح اللام. قوله: "بقي من
الحروف رب" أي بقي من معاني الحروف معنى رب، وأما نفس رب،
فقد ذكرها المصنف، ولعل المصنف لم يذكر معناها لما فيه من
الخلاف، فقيل التكثير دائمًا، وقيل: التقليل دائمًا وعزى
إلى الأكثرين وقيل: التكثير كثيرًا والتقليل قليلًا، وقيل:
العكس. قوله: "يا رب كاسية" أي مكتسية يقال: كسى بكسر
السين يكسى بفتحها، فهو كاس ويا للتنبيه أو النداء،
والمنادى محذوف وفي الدنيا ظرف لغو متعلق بكاسية، وعارية
خبر المبتدأ الذي هو كاسية هذا هو الظاهر المتجه، وقول
البعض كاسية مبتدأ، وفي الدنيا صفته وعارية خبره أو الظرف
خبر وعارية خبر بعد خبر ركيك بوجهيه أما الأول؛ فلأن جعل
في الدنيا ظرفًا مستقرًا صفة كاسية غير صريح في كون
اكتسائها في الدنيا الذي هو المراد، وأما الثاني؛ فلأن
المقصود من الحديث الإخبار عن الكاسية في الدنيا بأنها
عارية يوم القيامة لا الإخبار عن الكاسية بأنها في الدنيا،
كما لا يخفى على أحد، وجوّز البعض في عارية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد المغني 2/ 750؛ وشرح عمدة
الحافظ ص264؛ وشرح المفصل 4/ 93، 8/ 11؛ والشعر والشعراء
1/ 145؛ ولسان العرب 3/ 421 "منن"، 4/ 170 "هجر"؛ والمقاصد
النحوية 3/ 312؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 48؛ وجواهر
الأدب ص270؛ ورصف المباني ص320؛ ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع
الهوامع 1/ 217.
ج / 2 ص -345-
وبعد من وعن وباء زيد ما
فلم يعق عن عمل قد علما
وزيد بعد رب والكاف فكف
وقد يليهما وجر لم يكف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صائمه لن يصومه وقائمه لن يقومه. والثاني كقوله:
585-
ألا رب مولود وليس له أب
وذي ولد لم يلده أبوان
"وبعد من وعن وباء زيد ما فلم
يعق عن عمل قد علما"، لعدم إزالتها الاختصاص نحو:
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25]،
{عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40]،
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمرن: 159]، "وزيد بعد رب
والكاف فكف"، عن الجر غالبًا وحيئنذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجر صفة لكاسية على اللفظ، والرفع صفة لها على المحل،
والنصب على الحال المنتظرة من الضمير في كاسية، والخبر على
الثلاثة محذوف أي ثابتة، وفي الأخير نظر؛ لأن صاحب الحال
لا يقدر العري، فكيف تكون عارية حالًا منتظرة إلا أن يجعل
المعنى مقدرًا عريها بزنة المفعول، لا مقدر عريها بزنة
الفاعل. وإنما كانت ربّ في الحديث للتكثير؛ لأنه مسوق
للتخويف والتقليل لا يناسبه، وكذا قول بعض العرب.
قوله: "يا رب صائمه إلخ" استدل به الكسائي على إعمال اسم
الفاعل ماضيًا، إذ لو لم يكن عاملًا النصب في ضمير رمضان،
لكانت إضافته إليه محضة؛ لأنها إضافة وصف إلى غير معموله،
فتفيد التعريف مع أن رب لا تجر المعرفة، وقد يجاب بأنه
حكاية حال ماضية بلفظ حكايتها قبل مضيها، فاسم الفاعل غير
ماض تنزيلًا، وقوله: لن يصومه، ولن يقومه عبر بلن
الاستقبالية؛ لأن المراد لن يجوز ثواب صيامه، وقيامه يوم
القيامة، أو لن يعيش إلى صيام مثله وقيامه. قوله: "ألا رب
مولود، وليس له أب" هو عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام،
وقوله: وذي ولد إلخ هو آدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وضمير
لم يلده إلى ذي ولد، وأصله لم يلده بكسر اللام، وسكون
الدال فسكنت اللام تشبيهًا بتاء كتف فالتقى ساكنان، فحركت
الدال بالفتح اتباعًا للياء أو بالضم اتباعًا للهاء كذا في
التصريح وغيره، وعندي أنه يجوز التحريك بالكسر على الأصل
في التخلص من التقاء الساكنين، قوله: "فلم يعق إلخ" نقل في
الهمع أن ما تكف بقلة الباء، ومن ويدخلان حينئذٍ على
الفعل. قوله: "نحو مما خطاياهم إلخ"، فخطاياهم مجرورة
بكسرة مقدرة بدليل ظهورها في القراءة الثانية خطيآتهم، ولو
مثل بها لكان أظهر، ولا يقدح في هذا المثال، وما بعده
احتمال ما للاسمية بمعنى شيء، فيكون ما بعدها بدلًا؛ لأن
المثال يكفيه الاحتمال. قوله: "وزيد بعد رب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
585- البيت من الطويل، وهو لرجل من أزد السراة في شرح
التصريح 2/ 18؛ وشرح الإيضاح ص257؛ وشرح شواهد الشافية
ص22؛ والكتاب 2/ 266، 4/ 115؛ وله أو لعمرو الجنبي في
خزانة الأدب 2/ 381؛ والدرر 1/ 173، 174؛ وشرح شواهد
المغني 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 354؛ وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 1/ 19؛ وأوضح المسالك 3/ 51؛ والجني
الداني ص441؛ والخصائص 2/ 333؛ والدرر 4/ 119؛ ورصف
المباني ص189؛ وشرح المفصل 4/ 48. 9/ 126؛ والمقرب 1/ 199؛
ومغني اللبيب 1/ 135؛ وهمع الهوامع 1/ 54، 2/ 26.
ج / 2 ص -346-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يدخلان على الجمل كقوله:
586-
ربما الجامل المؤبل فيهم
وعناجيج بيهن المهار
وكقوله:
587-
كما الحبطات شر بني تميم
"وقد تليهما وجر لم يكف" كقوله:
588-
ربما ضربة بسيف صقيل
بين بصري وطعنة نجلاء
وكقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" قد يفرق بين رب والكاف، وبين الثلاثة قبلها بأن
اختصاصها بالأسماء أقوى لجرها كل اسم بخلاف رب والكاف،
فإنهما يجران بعض الأسماء فلضعفهما بما ذكر كفًا عن العمل
بخلافهما سم. قوله: "فكف" أنكر أبو حيان كف الكاف بما،
وأوّل ما يوهم ذلك بجعل ما مصدرية منسبكة مع الجملة بعدها
بمصدر بناء على جواز وصلها بالاسمية همع. قوله: "ربما
الجامل المؤبل" الجامل بالجيم القطيع من الإبل، والمؤبل
بالموحدة المعدّ للقنية. والعناجيج بعين مهملة، وجيمين
الخيل الجياد، والمهار بكسر الميم جمع مهر بضمها، وهو ولد
الفرس والأنثى مهرة، وفيهم خبر الجامل، وحذف خبر عناجيج
لعلمه من خبر الجامل، قوله: "كما الحبطات" جماعة من تميم
سموا باسم أبيهم الحبط بفتح فكسر وبفتحتين، وهو الحرث بن
مالك بن عمرو، وسمي بذلك لأكله نباتًا بالبادية يسمى
الذرق، وهو الحندقوق فانتفخ بطنه وانتفاخ البطن من أكله
يسمى الحبط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
586- البيت من الخفيف، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه
ص316؛ والأزهية ص94؛ 266؛ وخزانة الأدب 9/ 586، 588؛
والدرر 4/ 124؛ وشرح شواهد المغني 1/ 405؛ وشرح المفصل 8/
29، 30؛ ومغني اللبيب 1/ 137؛ والمقاصد النحوية 3/ 328؛
وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 71؛ والجني الداني ص448،
455؛ وجواهر الأدب ص368؛ والدرر 4/ 250؛ وشرح التصريح 2/
22؛ وشرح ابن عقيل ص370؛ وهمع الهوامع 2/ 26.
587- صدره:
فإن الخمر من شر المطايا
والبيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص97؛ والأزهية
ص77؛ وخزانة الأدب 10/ 204، 206، 208، 211، 213؛ والمقاصد
النحوية 3/ 346؛ وبلا نسبة في الحيوان 1/ 363؛ وشرح ابن
عقيل ص370.
588- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء في الأزهية
ص82، 94؛ والاشتقاق ص486؛ والأصمعيات ص152؛ والحماسة
الشجرية 1/ 194؛ وخزانة الأدب 9/ 582، 585؛ والدرر 4/ 205؛
وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني ص725؛ ومعجم
الشعراء ص252؛ أوضح المسالك 3/ 65؛ والجني الداني ص456؛
ورصف المباني ص194، 316؛ ومغني اللبيب ص137؛ وهمع الهوامع
2/ 38.
ج / 2 ص -347-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
589-
وننصر مولانا ونعلم أنه
كما الناس مجروم عليه وجارم
تنبيه: الغالب على رب المكفوف بما أن تدخل على فعل ماض
كقوله:
590-
ربما أوفيت في علم
وقد تدخل على مضارع نزل منزلته لتحقق وقوعه نحو:
{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتحتين، والمنتفخ بطنه منه يسمى الحبط بفتح فكسر، فلهذا
لقب بذلك. من القاموس والعيني. وبهذا يعلم ما في كلام
البعض من الخطأ. قوله: "بين بصرى" أي بين جهاتها، فحصل
التعدد الذي تقتضيه بين، وهي من أرض الشام، وقوله: وطعنة
نجلاء أي واسعة عطف على ضربة. قوله: "وننصر مولانا" لعل
المراد به مولى الموالاة، وقوله: مجروم عليه وجارم من
الجرم بضم الجيم، وهو الذنب أي مذنب عليه، ومذنب ويروى
مظلوم عليه وظالم. قوله: "الغالب على رب المكفوفة بما"
مثلها غير المكفوفة، فإن الغالب في العامل بعدها كونه
فعلًا ماضيًا كما في المغني، وقال في الهمع: والأصح أن رب
تتعلق بالعامل الذي يكون خبرًا لمجرورها، أو عاملًا في
موضعه أو مفسرًا له، ويجب كونه أي العامل الذي تتعلق به رب
ماضيًا معنى قاله المبرد، والفارسي وابن عصفور. وقال أبو
حيان: أنه المشهور عند الأكثرين. وقيل: يأتي حالًا أيضًا
قاله ابن السراج قيل: ويأتي مستقبلًا أيضًا قاله ابن مالك.
ا. هـ. مع حذف وترجيحه تعلق رب سيجري الشارح على خلافه،
وقوله: أو مفسرًا له فيه نظر إذ الظاهر أن تعلقها في صورة
الاشتغال بالعامل المحذوف لا بالمذكور المفسر له. قوله:
"على فعل ماض" أي حقيقة لا تنزيلًا؛ لأن دخولها على الماضي
تنزيلًا من جملة المقابل للغالب، كما سيصنع الشارح. قوله:
"ربما أوفيت في علم" أي نزلت على جبل. قوله: "نزل منزلته
إلخ" حاصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
589- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن براقة في أمالي القالي
2/ 122؛ والدرر 4/ 210؛ وسمط اللآلي ص749؛ وشرح التصريح 2/
21؛ وشرح شواهد المغني 1/ 202، 500، 2/ 725، 778؛ والمؤتلف
والمختلف ص67؛ والمقاصد النحوية 3/ 332؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 3/ 97؛ والجني الداني ص166، 482؛ وجواهر الأدب
ص133؛ وخزانة الأدب 10/ 207؛ والدرر 6/ 81؛ وشرح ابن عقيل
ص371؛ ومغني اللبيب 1/ 65؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 130.
590- عجزه:
ترفعن ثوبي شمالات
البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛
والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛
وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛
ولسان العرب 3/ 32 "شيخ" 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية
3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر
الأدب ص293، 366، 368؛ وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/
162؛ ورصف المباني ص235؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل
9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛
والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78.
ج / 2 ص -348-
وحذفت رب فجرت بعد بل
والفا وبعد الواو شاع ذا العمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الحجر: 2]، وندر دخولها على الجملة الاسمية كقوله:
ربما الجامل المؤبل فيهم
حتى قال الفارسي يجب أن تقدر ما اسمًا مجرورًا بمعنى شيء،
والجامل خبر لضمير محذوف، والجملة صفة ما: أي رب شيء هو
الحامل المؤبل: "وحذفت رب" لفظًا "فجرت" منوبة "بعد بل
وألفا" لكن على قلة كقوله:
591-
بل بلد ملء الفجاج قتمه
لا يشتري كتانه وجهرمه
وقوله:
592-
بل بلد ذي صعد وأصباب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما أشار إليه الشارح أن يود مستقبل حقيقة؛ لأنه في يوم
القيامة لكن لما كان معلومًا لله تعالى نزل منزلة الماضي
بجامع التحقق في كل، واعلم أن عبارة الشارح هي عبارته
التوضيح بعينها، فزعم البعض أنه لم يعتدّ بقيد
التنزيل في التوضيح باطل، ونقله عن التوضيح عبارة ليست
عبارته تقوّل فاضح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قوله: "حتى
قال الفارسي" غاية لقوله وندر. قوله: "والجملة صفة ما"،
وفيهم متعلق بحال محذوفة أي رب شيء هو الجامل المؤبل
كائنًا فيهم، وإنما قدّر الفارسي ضميرًا محذوفًا، ولم يجعل
الجملة على حالها صفة لما ليحصل الربط بين الصفة والموصوف.
تصريح. قوله: "أي رب شيء إلخ"، وعلى هذا تكتب ما مفصولة من
رب بخلاف ما الكافة، فإنها تكتب موصولة.
قوله: "بعد بل والفا" قيل: وبعد ثم. همع. قوله: "ملء
الفجاج" بكسر الفاء جمع فج، وهو الطريق الواسع. والقتم
بفتحتين والقتم بفتح وسكون والقتام كسحاب الغبار. وقوله:
لا يشتري كتانه وجهرمه أي جهرميه بحذف ياء النسب للضرورة،
والمراد به البسط المنسوبة إلى جهرم بفتح الجيم قرية
بفارس، وقيل: الجهرم البساط من الشعر، والجمع جهارم وجواب
رب قطعت في بيت بعد. من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله:
"ذو صعد" بضمتين جمع صعود بفتح الصاد العقبة، وأضباب جمع
ضب وهو الحيوان المعروف، والباء الواقعة رويا في هذا البيت
يجب إسكانها كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
591- الرجز لرؤية في ديوانه ص150؛ والدرر 1/ 114، 4/ 194؛
وشرح شواهد الإيضاح ص376، 431؛ 440؛ وشرح شواهد المغني 1/
347؛ ولسان العرب 11/ 654 "ندل"، 12/ 111 "جهرم"؛ والمقاصد
النحوية 3/ 335؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص225؛ وجواهر الأدب
ص529؛ ورصف المباني ص 156؛ وشرح شذور الذهب ص417؛ وشرح ابن
عقيل ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛ وشرح المفصل 8/ 105؛
ومغني اللبيب 1/ 112؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
592- الرجز لرؤية في ديوانه ص6؛ وخزانة الأدب 10/ 32، 33؛
ولسان العرب 1/ 517 "صبب"؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني
1/ 403 "وفيه وآكام" مكان "وأسباب"؛ ومغني اللبيب 1/ 136
"وفيه وآكام" مكان "وأصباب".
ج / 2 ص -349-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
593-
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
وقوله:
594-
فخور قد لهوت بهن عين
"وبعد الوو شاع ذا العمل" بكثرة كقوله:
595-
وليل كموج البحر أرخى سدوله
تنبيهات: الأول قد يجر بها محذوفة بدون هذه الأحرف كقوله:
596-
رسم دار وقفت في طلله
كدت أقضي الحياة من جلله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يخفى على من له إلمام بفن العروض. قوله: "فمثلك حبلى"
خص الحبلى والمرضع بالذكر؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال.
وقوله: قد طرقت أي أتيتها ليلًا. قوله: "فحور" جمع حوراء
وهي شديدة سواد العين مع شدة بياضها، وعين جمع عيناء وهي
الواسعة العين. قوله: "وليل كموج البحر" أي في كثافته
وظلمته. والسدول الستور والابتلاء الاختبار. قوله: "رسم
دار" أي رب رسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
593- عجزه:
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص12؛ والأزهية
ص244؛ والجني الداني ص75؛ وجواهر الأدب 63؛ وخزانة الأدب
1/ 334؛ والدرر 4/ 193؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 450؛ وشرح
شذور الذهب ص416؛ وشرح شواهد المغني 1/ 402، 463؛ والكتاب
2/ 163؛ ولسان العرب 8/ 126، 127 "رضع" 11/ 511 "غيل"؛
والمقاصد النحوية 3/ 336؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/
73؛ ورصف المباني ص387؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ ومغني اللبيب
1/ 136، 161؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
594- عجزه:
نواعم في المروط وفي الرياط
والبيت من الوافر، هو للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين
3/ 1267؛ وشرح شواهد الإيضاح ص385؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛
وللهذلي في الجني الداني ص75؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/
380؛ وجمهرة اللغة ص761؛ وشرح المفصل 2/ 118. 8/ 53.
595- عجزه:
علي بأنواع الهموم ليبتلي
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ وخزانة
الأدب 2/ 326؛ 3/ 271؛ وشرح شواهد المغني 2/ 574؛ 272؛
وشرح عمدة الحافظ ص272؛ والمقاصد النحوية 3/ 338؛ وبلا
نسبة في أوضح المسالك 3/ 75؛ وشرح شذور الذهب ص415.
596- البيت من الخفيف، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص189؛
والأغاني 8/ 94؛ وأمالي القالي 1/ 246؛ وخزانة الأدب 10/
20؛ والدرر 4/ 48، 199؛ وسمط اللآلي ص557؛ وشرح التصريح 2/
23؛ وشرح شواهد المغني 1/ 395، 403؛ ولسان العرب 11/ 120
"جلل"؛ ومغني اللبيب ص121؛ والمقاصد=
ج / 2 ص -350-
وقد يجر بسوى رب لدى
حذف وبعضه يرى مطردًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو نادر. وقال في التسهيل: تجر رب محذوف بعد الفاء
كثيرًا، وبعد الواو أكثر وبعد بل قليلًا، ومع التجرد أقل.
ومراده بالكثرة مع الفاء الكثرة النسبية أي كثير بالنسبة
إلى بل. الثاني قال في التسهيل: وليس الجر بالفاء وبل
باتفاق. وحكى ابن عصفور أيضًا الاتفاق، لكن في الارتشاف:
وزعم بعض النحويين أن الجر هو بالفاء، وبل لنيابتهما مناب
رب، وأما الواو، فذهب الكوفيون والمبرد إلى أن الجر بها،
والصحيح أن الجر برب المضمرة، وهو مذهب البصريين "وقد يجر
بسوى رب" من الحروف "لدى حذف"، وهذا بعضه يرى غير مطرد
يقتصر فيه على السماع، وذلك كقول رؤبة، وقد قيل له: كيف
أصبحت؟ قال خير عافاك الله. التقدير على خير وقوله:
597-
أشارت كليب بالأكف الأصابع
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دار ورسم الدار ما كان من آثارها لاصقًا بالأرض، كالرماد
والطلل ما شخص من آثارها كالوتد والأثافي، وقوله: من جلله
بفتح الجيم واللام الأولى أي من أجله، أو من عظيم شأنه؛
لأن الجلل يطلق بمعنى أجلّ وعظيم، وحقير وأما جلل بالبناء
على السكون، فحرف بمعنى نعم من المغني، وشرح شواهده
للسيوطي. قوله: "وهو نادر" أي جدًا كما يدل عليه ما بعده.
قوله: "كثير بالنسبة إلى بل"، أي وإن كان قليلًا بالنسبة
إلى الواو، فلا ينافي قول الشارح سابقًا، لكن على قلة.
قوله: "لكن في الارتشاف إلخ" يجاب بأن المصنف، وابن عصفور
لم يعتدا بالمخالف لشذوذه فحكيا الاتفاق. قوله: "والصحيح
أن الجر برب المضمرة"؛ لأنه لم يعهد الجر ببل والفاء
أصلًا، ولا بالواو إلا في القسم. قوله: "وهذا" أي الجر
بسوى رب لدى الحذف. قوله: "كقول رؤبة" بضم الراء، وسكون
الهمزة ابن العجاج بن رؤبة كان من فصحاء العرب، قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= النحوية 3/ 339؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 77؛
والإنصاف 1/ 378؛ والجني الداني ص454، 455؛ والخصائص 1/
285/ 3/ 150؛ ورصف المباني ص156/ 191/ 254/ 528؛ وسر
صناعة الإعراب ص1/ 133؛ وشرح ابن عقيل ص373؛ وشرح عمدة
الحافظ ص274؛ وشرح المفصل 3/ 28، 79، 8/ 52؛ ومغني اللبيب
ص136؛ وهمع الهوامع 2/ 37.
597- صدره:
إذا قيل: أي الناس شر قبيلة
والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/
420؛ وتخليص الشواهد ص504؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115؛
والدرر 4/ 191؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد المغني 1/
12؛ والمقاصد النحوية 2/ 542؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك
2/ 178؛ وخزانة الأدب 10/ 41؛ والدرر 5/ 185؛ وشرح ابن
عقيل ص374؛ ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 643؛ وهمع الهوامع 2/
36، 81.
ج / 2 ص -351-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
598-
حتى تبذخ فارتقى الأعلام
أي إلى كليب وإلى الأعلام "وبعضه يرى مطردًا" وذلك في ثلاثة
عشر موضعًا الأول لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو الله
لأفعلن. الثاني بعدكم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر
نحو بكم درهم اشتريت أي من درهم خلافًا للزجاج في تقديره
الجر بالإضافة كما يأتي في بابها. الثالث في جواب ما تضمن
مثل المحذوف نحو زيد في جواب بمن مررت. الرابع في المعطوف
على ما تضمن مثل المحذوف بحرف متصل نحو:
{وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ
مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الجاثية: 4]، أي وفي اختلاف
الليل. وقوله:
599-
أخلق بدي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"التقدير على خير" أي أو بخير كما في التصريح. قوله: "حتى
تبذخ" أي تكبر والأعلام الجبال. قوله: "وذلك" أي البعض
الذي يرى مطردا من الجر بسوى رب لدى الحذف. قوله: "دون
عوض" أي من حرف القسم المحذوف وقيد بذلك ليكون من الجر
بالمحذوف اتفاقا لأنه مع العوض قيل هو الجار كما مر ذلك.
قوله: "في جواب ما" أي سؤال تضمن مثل المحذوف أي اشتمل على
حرف مثل الحرف المحذوف. قوله: "بحرف متصل" متعلق بالمعطوف
وليس الجر بالعطف على خلقكم حتى يقال الجر بفي المذكورة لا
المحذوفة لما يلزم عليه من العطف على مفعولي عاملين
مختلفين وهو ممنوع على الأصح. المعمولان خلق وآيات
والعاملان في والابتداء فعلى ما ذكره الشارح يكون العطف من
عطف الجمل.
قوله: "أن يحظى" قال في القاموس الحظوة بالضم والكسر
والحظة كعدة المكانة والحظ من الرزق والجمع حظا وحظاء.
وحظي كل واحد من الزوجين عند صاحبه كرضي واحتظى وهي حظية
كغنية. ا. هـ. ولم أجد فيه ولا في غيره حظي متعديا بالباء
فلعله على تضمين معنى ظفر أو تنعم مثلا وقوله ومدمن أي
مديم والولوج الدخول. قوله: "أي وبمد من" ولو لم يقدر
الباء لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين المعمولان ذي
وأن يحظى والعاملان الباء وأخلق لكن قد يقال أن يحظى بدل
اشتمال من ذي الصبر فالعامل واحد وهو الباء إلا أن يقال
العامل في البدل باء أخرى مقدرة على ما رجحه أكثر
المتأخرين فالمحذور موجود. قوله: "في المعطوف عليه"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
598- صدره:
وكريمة من آل قيس ألفته
والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 192؛ وشرح ابن
عقيل ص375؛ ولسان العرب 9/ 9 "ألف"؛ والمقاصد النحوية 3/
341؛ وهمع الهوامع 2/ 36.
599- البيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في الأغاني 4/
40؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1175؛ والشعر والشعراء
ص883؛ وبلا نسبة في العقد الفريد 1/ 70.
ج / 2 ص -352-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي وبمدمن. الخامس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلا كقوله:
600-
ما لمحب جلد أن يهجرا
ولا حبيب رأفة فيجبرا
السادس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلو كقوله:
601-
متى عذتم بنا ولو فئة منا
كفيتم ولم تخشوا هوانًا ولا وهنا
السابع في المقرون بالهمزة بعدما تضمن مثل المحذوف، نحو أزيد
ابن عمرو استفهامًا لمن قال مررت بزيد. الثامن في المقرون
بهلا بعده، نحو هلا دينار لمن قال: جئت بدرهم. التاسع في
المقرون بأن بعده، نحو امرر بأيهم أفضل إن زيد وإن عمرو،
وجعل سيبويه إضمار هذه الباء بعد أن أسهل من إضمار رب بعد
الواو فعلم بذلك اطراده. العاشر في المقرون بفاء الجزاء
بعده. حكى يونس مررت برجل صالح إلا صالح فطالح: أي إلا
أمرر بصالح فقد مررت بطالح، والذي حكاه سيبويه إلا صالحًا
فطالح، وإلا صالحًا فطالحًا، وقدره إلا يكن صالحًا فهو
طالح، وإلا يكن صالحًا يكن طالحًا. الحادي عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي على ما تضمن مثل المحذوف. قوله: "ما لمحب جلد أن يهجرا"
أي قوة للهجر والشاهد في قوله ولا حبيب وقوله فيجبرا
بالنصب على إضمار أن. قوله: "ولو فئة" أي ولو بفئة أي ولو
عذتم بفئة وعدم صحة كون الجر هنا بالعطف على نا لأن لولا
تدخل إلا على الجملة دون المفرد والغالب في مثل هذا النصب
كقولهم ائتني بدابة ولو حمارا كما في الهمع. قوله: "بعده"
أي بعد ما تضمن مثل المحذوف وكذا الضمير في نظائره الآتية.
قوله: "أسهل من إضمار رب إلخ" أي فيكون عملها محذوفة بعد
أن أكثر مما ذكر ووجهه كما في زكريا أن أن مختصة بالأفعال
وهي قوية الطلب للجار. قوله: "مررت برجل صالح" أي في
اعتقادي وقوله إلا صالح أي في نفس الأمر فطالح أي في نفس
الأمر فلا تنافي، وليس لفظ صالح الأول في عبارة المرادي
والأمر عليها ظاهر. قوله: "إلا صالح فطالح" الشاهد في
فطالح وأما جر صالح فمن الموضع التاسع لأنه لم يقيد فيه
المقرون بأن بالتكرار ولا بعدم الفصل أفاده شيخنا.
قوله: "أي إلا أمرر بصالح فقد مررت بطالح" قال في التصريح
هذا تقدير ابن مالك وقدره سيبويه إلا أكن مررت بصالح
فبطالح قيل وتقدير سيبويه هو الصواب لأنك إذا قلت إلا أمرر
نقضت أخبارك أولا بالمرور فيما مضى لأن إلا أمرر معناه إلا
أمرر فيما يستقبل فلا بد من تقدير الكون أي إلا أكن فيما
يستقبل موصوفا بكوني مررت فيما مضى بصالح فأنا قد مررت
بطالح. ا. هـ. ملخصا ويمكن حمل تقدير ابن مالك على هذا بأن
يجعل معنى إلا أمرر إلا أكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
600- الرجز بلا نسبة في الدرر 4/ 199؛ والمقاصد النحوية 3/
353؛ وهمع الهومع 2/ 37.
601- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 200؛ وهمع
الهوامع 2/ 37.
ج / 2 ص -353-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لام التعليل إذا جرت كي وصلتها ولهذا تسمع النحويين في نحو
جئت كي تكرمني أن تكون كي تعليلية وأن مضمرة بعدها، وأن
تكون مصدرية واللام مقدرة قبلها. الثاني عشر مع أن، وأن
نحو عجبت أنك قائم وأن قمت على ما ذهب إليه الخليل
والكسائي. وقد سبق في باب تعدي الفعل ولزومه. الثالث عشر
المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الجار. أجاز سيبويه
في قوله:
602-
بدا لي أني لست مدرك ما مضى
ولا سابق شيئًا إذا كان جائيا
الخفض في سابق على توهم وجود الباء في مدرك، ولم يجزه جماعة
من النحاة. ومنه قوله:
603-
أحقا عباد الله أن لست صاعدا
ولا هابطًا إلا على رقيب
ولا سالك وحدي ولا في جماعة
من الناس إلا قيل أنت مريب
وقوله:
604-
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة
ولا ناعب إلا ببين غرابها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مررت. قوله: "على ما ذهب إليه الخليل والكسائي" أي من أن
أن وصلتها أو أن وصلتها في موضع جر بالحرف المقدر أما على
ما ذهب إليه سيبويه فموضعهما نصب بنزع الخافض. قوله:
"الصالح لدخول الجار" أي بأن يكون اسما لم ينقض نفيه.
قوله: "ولم يجزه جماعة من النحاة" وأما الجر بالمجاورة نحو
هذا حجر ضب خرب فأثبته جمهور البصريين والكوفيين في نعت
وتوكيد زاد بعضهم وعطف ورده أبو حيان بأنه ضعيف لأنه تابع
بواسطة بخلافهما وأما الآية ففي المسح على الخف على قول،
وزاد ابن هشام عطف البيان قياسا وسيأتي بسطه في أول النعت.
قوله: "مريب" بفتح الميم اسم مفعول. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
602- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه
ص278؛ وتخليص الشواهد ص512؛ وخزانة الأدب 8/ 492، 496،
552، 9/ 100، 102، 104، والدرر 6/ 163؛ وشرح شواهد المغني
1/ 282؛ وشرح المفصل 2/ 52، 7/ 56؛ والكتاب 1/ 65، 3/ 29،
51، 100، 4/ 160؛ ولسان العرب 6/ 160 "نمش"؛ ومغني اللبيب
1/ 96؛ والمقاصد النحوية 2/ 267، 3/ 351؛ وهمع الهوامع 2/
141؛ ولصرمة الأنصاري في شرح أبيات سيبويه 1/ 72 والكتاب
1/ 306؛ ولصرمة أو لزهير في الإنصاف 1/ 191؛ وبلا نسبة في
أسرار العربية ص154؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ وجواهر
الأدب ص52؛ وخزانة الأدب 1/ 120، 4/ 135، 10/ 293، 315؛
والخصائص 2/ 353، 424؛ وشرح المفصل 8/ 69؛ والكتاب 2/ 155.
603- البيتان من الطويل، وهما لابن الدمينة في ديوانه
ص103؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1364.
604- البيت من الطويل، وهو للأخوص "أو الأحوص" الرباحي في
الإنصاف ص193؛ والحيوان 3/ 431؛ وخزانة الأدب 4/ 158، 160،
164؛ وشرح شواهد الإيضاح ص589؛ وشرح شواهد المغني ص871؛=
ج / 2 ص -354-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
605-
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة
إليَّ ولا دين بها أنا طالبه
تنبيه: لا يجوز الفصل بين حرف الجر ومجروره في الاختيار، وقد
يفصل بينهما في الاضطرار بظرف أو مجرور كقوله:
إن عمرًا لا خير في اليوم عمرو
وقوله:
606-
وليس إلى منها النزول سبيل
وندر الفصل بينهما في النثر بالقسم، نحو اشتريته بوالله
درهم.
خاتمة: يجب أن يكون للجار والظرف متعلق وهو فعل أو ما شبهه
أو مؤول بما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"مشائيم" جمع مشئوم وناعب بالعين المهملة أي صائح وبابه
ضرب ونفع كما في المصباح والبين البعد وقوله غرابها أي
غراب تلك المشائيم. قوله: "وما زرت ليلى إلخ" ينبغي إسقاط
هذا البيت إذ ليس فيه ليس ولا ما العاملة عملها بل الجر
فيه ليس من جر التوهم أصلا بل الجر فيه بسبب العطف على أن
تكون، لأن محله جر باللام المقدرة على ما ذهب إليه الخليل
والكسائي، نعم هو من جر التوهم على المذهب الآخر فيمكن أنه
مراد الشارح ويكون قوله سابقا ومنه قوله إلخ أي من الجر
على التوهم أعم من أن يكون بعد ليس وما أولا فتنبه.
قوله: "يجب أن يكون للجار والظرف متعلق" أي لأن الحرف
موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم والظرف لا بد له من شيء
يقع فيه فالموصل معناه والواقع هو المتعلق. والتحقيق أن
ذلك المتعلق إنما يعمل في المجرور وأنه الذي في محل نصب
بالمتعلق بمعنى أنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وشرح المفصل 2/ 52؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 74، 2/ 105؛
والكتاب 1/ 65، 306؛ ولسان العرب 12/ 314 "شأم" والمؤتلف
والمختلف ص49؛ وهو للفرزدق في الكتاب 3/ 29؛ وبلا نسبة في
أسرار العرب ص155؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ 4/ 313؛
والخزانة 8/ 295، 554؛ والخصائص 2/ 354؛ وشرح المفصل 5/
68، 7/ 57؛ ومغني اللبيب ص478؛ والممتع في التصريف ص50.
605- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 84؛
والإنصاف ص395؛ وتخليص الشواهد ص511؛ والدرر 5/ 183؛ وسمط
اللآلي ص572؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 103؛ وشرح شواهد المغني
ص885؛ والكتاب 3/ 29؛ ولسان العرب 1/ 336 "حنطب"؛ والمقاصد
النحوية 2/ 556؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص526؛ وهمع
الهوامع 2/ 81.
606- صدره:
مخلفة لا يستطاع ارتقاؤها
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الخصائص 2/ 395، 3/ 107؛
ورصف المباني ص255؛ والمقرب 1/ 197.
ج / 2 ص -355-
....................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشبهه أو ما يشير إلى معناه نحو:
{أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}
[الفاتحة: 7]،
{وَهُوَ اللَّهُ فِي
السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}
[الأنعام: 3]، أي وهو المسمى بهذا الاسم،
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}
[القلم: 2]، أي انتفى ذلك بنعمة ربك، فإن لم يكن شيء من
هذه الأربعة موجودًا في اللفظ قدر الكون المطلق متعلقًا
كما تقدم في الخبر والصلة. ويستثنى من ذلك خمسة أحرف:
الأول الزائد كالباء في نحو:
{كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الرعد: 43]،
{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [قاطر: 3]. الثاني لعل في لغة عقيل لأنها بمنزلة الزائد ألا ترى أن
مجرورها في موضع رفع بالابتداء بدليل ارتفاع ما بعدها على
الخبرية. الثالث لولا فيمن قال: لولاي ولولاك ولولاه على
قول سيبويه إن لولا جارة فإنها أيضًا بمنزلة لعل في أن ما
بعدها مرفوع المحل بالابتداء الرابع رب في نحو رجل صالح
لقيت أو لقيته لأن مجرورها مفعول في الأول ومبتدأ في
الثاني أو مفعول أيضًا على حد زيدًا ضربته. ويقدر الناصب
بعد المجرور لا قبل الجار لأن رب لها الصدر من بين حروف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقتضي نصبه لو كان متعديا إليه بنفسه فتعلق المجرور به
تعلق عمل، وأما الجار فلا عمل للمتعلق فيه ونسبة التعلق
إليه مسامحة أو مرادهم تعلق الإيصال لأن الحرف يوصل معاني
الأفعال إلى الأسماء فعلم أن المحل للمجرور فقط هذا إذا لم
يقعا عوضا عن العامل المحذوف وإلا حكم على محل مجموعهما
بإعراب العامل رفعا نحو زيد في الدار أو نصبا نحو خرج زيد
بثيابه أو جرا نحو مررت برجل من الكرام أفاده الدماميني
وغيره. قوله: "أو ما يشبهه" أي في العمل وهو المشتق
والمصدر واسمه وكذا اسم الفعل وإن لم يذكره غير واحد
كالبعض. قوله: "أو ما أول بما يشبهه" كلفظ الجلالة فإنه
مؤول بالمسمى بهذا الاسم أو بالمعبود. قوله: "أو ما يشير
إلى معناه" أي معنى الفعل وسيأتي التمثيل له بما في قوله
تعالى:
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2]، وظاهره أن ما هي المتعلق وهو مبني على جواز التعلق
بأحرف المعاني ومذهب الجمهور المنع فعلى مذهبهم المتعلق هو
الفعل الذي يسير إليه النافي كما في المغني. قوله: "نحو
أنعمت عليهم إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "أي انتفى ذلك"
أي الكون مجنونا وهو تفسير لمعنى ما وليس مراده أن المتعلق
الفعل الذي دل عليه النافي وإلا لنافي آخر كلامه أوله.
قوله: "الأول الزائد" لأنه إنما أتى به للتأكيد لا لربط
الفعل بالمفعول لعدم احتياجه إليه في الربط. نعم استثنى من
الزائد اللام المقوية فإنه لا مانع من تعليقها بالعامل
المقوي لأن زيادتها ليست محضة كما مر عن ابن هشام.
قوله: "بدليل ارتفاع ما بعدها" أي بعد مجرورها ولو قال ما
بعده أي بعد المجرور لكان أوضح. قوله: "لأن مجرورها مفعول"
أي مفعول فعل يتعدى إليه بنفسه من غير احتياج إلى توسط
الحرف وإلا فالمجرور بحرف يتعلق مفعول في المعنى فلا يتم
التعليل أفاده سم. قوله: "لا قبل الجار إلخ" أي ولا بين
الجار والمجرور لأن الفعل لا يقع بعد رب إلا مكفوفة بما
كما مر. |