حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 4 ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم
عوامل الجزم:

بلا ولام طالبًا ضَعْ جَزْمَا                        في الفِعْلِ هكذا بلَمْ ولَمَّا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوامل الجزم:
"بلا ولام طالبًا ضع جزما في الفعل" طالبًا حال من فاعل ضع المستتر، وجزمًا مفعول به؛ أي: تجزم لا واللام الطلبيتان الفعل المضارع، أما لا فتكون للنهي نحو:
{لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13]، وللدعاء نحو: {لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286]، وأما اللام فتكون للأمر نحو: {لِيُنْفِقْ} [الطلاق: 7]، وللدعاء نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77]. وقد دخل تحت الطلب الأمر والنهي والدعاء. والاحتراز به من غير الطلبيتين مثل لا النافية والزائدة واللام التي ينتصب بعدها المضارع. وقد أشعر كلامه أنهما لا يجزمان فعلي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوامل الجزم:
الجزم في اللغة: القطع، وسميت هذه الكلمات جوازم؛ لأنها تقطع من الفعل حركة أو حرفًا، وإنما عملت الجزم لما فصله السيرافي فقال: إن أصل الجوازم وعملت الجزم لأنه لما طال مقتضاها -يعني: الشرط والجزاء- اقتضى القياس تخفيفه، والجزم إسقاط ثم حمل عليها لم؛ لأن كلا منهما ينقل الفعل، فإن تنقله إلى الاستقبال؛ أي: إلى التعين له، ولم إلى الماضي، وكذلك لما. وأما لام الأمر فجزمت لأن أمر المخاطب -أي: كاضرب- موقوف -أي: مبني- فجعل لفظ المعرب كلفظ المبني؛ لأنه مثله في المعنى، وحملت عليها لا في النهي من حيث كانت ضرة لها وفيه نظر من جهة حمل الإعراب على البناء، وقد أنكر على ابن الخياط مثله. اهـ حفيد. وأجيب بأنه لا يضر حمل الإعراب على البناء فيما ذكر؛ لكونه فرعًا عنه في الفعل، وسكت السيرافي عن بقية أدوات الشرط؛ لأنها ضمنت معنى "إن". قوله: "بلا" جوز ابن عصفور والأبدي حذف مجزومها مع إبقائها لدليل نحو: اضرب زيدًا إن أساء وإلا فلا. همع.
قوله: "طالبًا" أي: آمرًا أو ناهيًا أو داعيًا أو ملتمسًا. قوله: "الطلبيتان" لكن اللام لطلب الفعل ولا لطلب الترك، والمراد الطلبيتان أصالة، وإلا فاللام قد يراد بها وبمصحوبها الخبر نحو:
{فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} والتهديد نحو: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ولا قد تستعمل في التهديد كقولك لعبدك: لا تطعني، وأما {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا} فيحتمل اللامان فيه التعليل فيكون ما بعدهما منصوبًا والتهديد فيكون مجزومًا.
قوله: "للنهي" وللالتماس كقولك لمساويك: لا تفعل يا فلان، إذا لم ترد الاستعلاء عليه. قوله: "للأمر" وللالتماس كقولك لمساويك: لتفعل يا فلان، إذا لم ترد الاستعلاء عليه. دماميني. قوله: "الأمر" أي: في اللام والنهي؛ أي: في لا والدعاء؛ أي: فيهما. قوله: "والاحتراز به" أي: بالطلب. قوله: "مثل لا النافية" وأما تجويز الكوفيين الجزم في المنفي بلا الصالح قبلها كي لحكاية الفراء عن العرب ربطت الفرس لا ينفلت برفع ينفلت وجزمه، فعلى توهم وتقدير جملة شرطية، والتقدير:

 

ج / 4 ص -4- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتكلم، وهو كذلك في لا، وندر قوله:
1102-

لا أعرفن ربربًا حورًا مدامعها                       مردفات على أعقاب أكوار

وقوله:
1103-

إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد                   لها أبدًا ما دام فيها الجراضم

نعم، إن كان للمفعول جاز بكثرة نحو: لا أخرج ولا تخرج؛ لأن المنهي غير المتكلم. وأما اللام فجزمها لفعلي المتكلم مبنيين للفاعل جائز في السعة لكنه قليل، ومنه: قوموا فلأصلِّ لكم {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، وأقل منه جزمها فعل الفاعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربطت الفرس؛ لأني إن لم أربطه ينفلت قاله الدماميني.
قوله: "واللام التي يقتضي بعدها المضارع" هي لام كي ولام الجحود. قوله: "وقد أشعر كلامه... إلخ" أي: حيث قال طالبًا؛ لأن الانسان لا يطلب من نفسه؛ أي الغالب فيه ذلك، فاندفع تنظير سم. قوله: "فعلى المتكلم" أي: المبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون. تصريح. قوله: "وندر قوله... إلخ" أفاد أنه لا يقاس على ما سمع منه لا نثرًا ولا نظمًا. قوله: "لا أعرفن... إلخ" الربرب القطيع من البقر شبه النساء به في حسن العيون وسكون المشي حورًا صفته جمع حوراء من الْحَوَر؛ وهو شدة بياض العين في شدة سوادها، ومدامعها مرفوع بحورًا، وأراد بها العيون؛ لأنها مواضع الدمع، ومردفات حال من ربربا، والأكوار جمع كور بضم الكاف؛ وهو الرحل بأداته، والأعقاب جمع عقب، وعقب كل شيء آخره. اهـ عيني. ويصح جعل مردفات صفة ثانية لربربا، والمردفات المركبات خلف الراكب. قوله: "الجراضم" تعريض بمعاوية رضي الله تعالى عنه، والجراضم بضم الجيم الأكول الواسع البطن، وكان معاوية كذلك. عيني. قوله: "نعم إن كان" مقتضى الظاهر أن يقول: كانا أي: فعلا المتكلم، إلا أن يقال: أفرد للتأويل بالمذكور.
قوله: "لأن المنهي غير المتكلم" وهو الفاعل المحذوف النائب عنه ضمير المتكلم. قوله: "فجزمها لفعلي المتكلم... إلخ" سكت عن المبني للمفعول لفهمه بالأولى سم. قوله: "فلأصلِّ لكم" قال يس وتبعه غيره: كالبعض؛ أي: لأجلكم والفاء زائدة. اهـ. وفيه أن الفاء يحتمل أن تكون عاطفة جملة على جملة، وأن الأولى كون اللام للتعدية؛ لأن الصلاة بمعنى الدعاء بخير كما هنا تتعدى باللام فاعرفه. قوله: "وأقل منه جزمها... إلخ" وذلك لأن له صيغة تخصه، وهي فعل الأمر، واختص المخاطب بالأمر بالصيغة وغيره بالأمر باللام؛ لأن أمر المخاطب أكثر استعمالًا، فكان التخفيف فيه أَوْلَى. قوله: "فعل الفاعل المخاطب" أما المبني للمفعول نحو: لتكرم يا زيد بضم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1102- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 246.
1103- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في الأزهية ص150، ومغني اللبيب 1/ 247، وليس في ديوانه، وللوليد بن عقبة في شرح التصريح 2/ 246، وللفرزدق أو للوليد في شرح شواهد المغني 2/ 633، والمقاصد النحوية 4/ 420، وبلا نسبة في المسالك 4/ 200.

 

ج / 4 ص -5- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخاطب كقراءة أبي وأنس: "فبذلك فلتفرحوا" [يونس: 58]، وقوله عليه الصلاة والسلام:
"لتأخذوا مصافكم". والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر.
تنبيهات:
الأول: زعم بعضهم أن أصل لا الطلبية لام الأمر زيدت عليها ألف فانفتحت. وزعم بعضهم أنها لا النافية والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها، وحذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ، وهما ضعيفان.
الثاني: لا يفصل بين لا ومجزومها. وأما قوله:
1104-

وقالوا أخانا لا تخشع لظالم عزير ولاذا حق قومك تظلم

فضرورة. وأجاز بعضهم في قليل من الكلام نحو: لا اليوم تضرب.
الثالث: حركة اللام الطلبية الكسر، وفتحها لغة، ويجوز تسكينها بعد الواو والفاء وثم، وتسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها، وليس بضعيف بعد ثم ولا قليل ولا ضرورة خلافًا لمن زعم ذلك.
الرابع: تحذف لام الأمر ويبقى عملها، وذلك على ثلاثة أضرب: كثير مطرد، وهو حذفها بعد أمر بقول نحو:
{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31]، وقليل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التاء وفتح الراء فإنه كثير؛ لأن الأمر فيه للغائب. فارضي. قوله: "فانفتحت" أي: وحدث لها بسبب ذلك معنى وهو طلب الكف. قوله: "مضمرة قبلها" أي: ليتسلط الأمر على النفي فيكون نهيًا، وفيه أن النهي طلب الكف لا طلب النفي بمعنى الانتفاء. قوله: "وهما ضعيفان" لما فيهما من التكلف بلا حاجة ولما مر في الثاني. قوله: "وقالوا أخانا... إلخ" أي: يا أخانا لا تتخشع... إلخ. والشاهد في فصل لا الثانية من مجزومها، وهو تظلم بمفعولي تظلم، وهما: ذا وحق قومك كذا في العيني، وفي كون حق مفعولًا ثانيًا خفاء، ولعله منصوب بنزع الخافض؛ أي: ولا تظلم هذا في أخذ حق قومك منك فتأمل. قوله: "نحو لا اليوم تضرب" أي: من كل تركيب فصل فيه بين لا ومجزومها بالظرف أو الجار والمجرور. قوله: "حركة اللام الطلبية الكسر" أي: حملًا على لام الجر؛ لأنها أختها في الاختصاص بنوع وعملها فيه، فإن قلت لام الجر تفتح مع المضمر فهلا حملت على لام المضمر في الفتح. قلت: لأن مدخول لام الأمر هو المضارع، وهو شبيه باسم الفاعل الذي هو من الاسم المظهر. دماميني. قوله: "وفتحها لغة" أي: لغة سليم كما في المغني، قيل: إنما تفتح على هذه اللغة إن فتح تاليها بخلاف ما إذا كسر نحو: لتيذن أو ضم نحو لتكرم. سيوطي. قوله: "وليس" أي: التسكين بضعيف نعم الكسر بعد ثم أجود من الإسكان. فارضي. قوله: "كثير مطرد... إلخ" كذا في التسهيل وغيره. وقال السيوطي: الأصح أن جواز الحذف مختص بالشعر مطلقًا. قوله: "نحو قل لعبادي... إلخ" كون الجزم في هذه الآية بلام مقدرة هو اختيار المصنف، وذهب أكثر المتأخرين إلى كونه في جواب قل، وقد أشبعنا الكلام على ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1104- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 63، والمقاصد النحوية 4/ 444، وهمع الهوامع 2/ 56.

 

ج / 4 ص -6- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جائز في الاختيار، وهو حذفها بعد قول غير أمر؛ كقوله:
1105-

قلت لبواب لديه دارها                       تيذن فإني حمؤها وجارها

قال المصنف: وليس مضطرًّا لتمكنه من أن يقول: ايذن. قال: وليس لقائل أن يقول: هذا من تسكين المتحرك، على أن يكون الفعل مستحقًّا للرفع فكسن اضطرارًا؛ لأن الراجز لو قصد الرفع لتوصل إليه مستغنيًا عن الفاء، فكان يقول: تئذن إني، وقليل مخصوص بالاضطرار، وهو الحذف دون تقدم قول بصيغة أمر ولا بخلافه؛ كقوله:
1106-

محمد تفد نفسك كل نفس                         إذا ما خفت من أمر تبالا

وقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الباب السابق. قوله: "قلت لبواب... إلخ" لديه خبر مقدم ودارها مبتدأ مؤخر. والشاهد في تيذن أصله لتأذن، فحذف اللام وكسر حرف المضارعة. اهـ سم؛ أي: لأن كسره لغة مبنية بتفصيلها في كتب التصريف زاد البعض فانقلبت الهمزة ياء. اهـ. وهو مسلم إن كان الرواية وإلا فالانقلاب غير لازم.
قوله: "قال المصنف... إلخ" دفع به الاعتراض على قوله في الاختيار بأنه لا يصح الاستشهاد بالشعر على الوقوع في الاختيار. قوله: "وليس مضطرا لتمكنه... إلخ" لا يأتي على قول غير المصنف أن الضرورة ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر، وإن كان للشاعر عنه مندوحة، وكذا قوله بعده؛ لأن الراجز... إلخ لا يأتي على قوله غيره. قوله: "من أن يقول ايذن" قيل: هذا تخلص من ضرورة لضرورة؛ وهي إثبات همزة الوصل في الوصل، ورد بأن قوله: قلت... إلخ بيتان لا بيت مصرع فالهمزة في أول بيت لا في حشوه سلمنا أنه بيت مصرع، فالبيت المصرع أو المقفى يعامل معاملة بيتين، قال الدماميني: ولولا ذلك لم يكن للصدر روي كما للعجز. اهـ. بل قال بعضهم: لا ضرورة وإن لم يكن البيت مصرعًا؛ لما ذكره المبرد في كتاب الكامل: أن النصف الأول موقوف عليه؛ أي: وإن لم يكن البيت مصرعًا أو مقفى، قال الشاعر:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1105- الرجز لمنظور بن مرثد في الدرر 5/ 62، وشرح شواهد المغني 2/ 600، والمقاصد النحوية 4/ 444، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص340، والجنى الداني ص114، وخزانة الأدب 9/ 13، ولسان العرب 1/ 61 "حمأ"، 12/ 560 "لوم"، 13/ 10 "أذن"، 14/ 197 "حما"، 15/ 444 "تا"، ومغني اللبيب 1/ 225.
1106- البيت من الوافر، وهو لأبي طالب في شرح شذور الذهب ص275، وله أو للأعشى في خزانة الأدب 9/ 11، وللأعشى أو لحسان أو لمجهول في الدرر 5/ 61، وبلا نسبة في أسرار العربية ص319، 321، والإنصاف 2/ 530، والجنى الداني ص113، ورصف المباني ص256، وسر صناعة الإعراب 1/ 391، وشرح شواهد المغني 1/ 597، وشرح المفصل 7/ 35، 60، 62، 9/ 24، والكتاب 3/ 8، واللامات ص96، ومغني اللبيب 1/ 224، والمقاصد النحوية 4/ 418، والمقتضب 2/ 132، والمقرب 1/ 272، وهمع الهوامع 2/ 55.

 

ج / 4 ص -7- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1107-

فلا تستطل مني بقائي ومدتي                   ولكن يكن للخير منك نصيب

انتهى.
و"هكذا بلم ولما" أي: لم ولما يجزمان المضارع مثل لا واللام الطلبيتين نحو:
{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]، ونحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} [البقرة: 214]، {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 214]، ويشتركان في الحرفية والاختصاص بالمضارع والنفي والجزم وقلب معنى الفعل للمضي. وتنفرد لم بمصاحبة الشرط نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]، وجواز انقطاع نفي منفيها عن الحال، بخلاف لما فإنه يجب اتصال نفي منفيها بحال النطق؛ كقوله:
1108-

فإن كنت مأكولًا فكن خير آكل                         وإلا فأدركني ولما أمزق

ومن ثم جاز: لم يكن ثم كان. والفصل بينها وبين مجزومها اضطرارًا؛ كقوله:
1109-

فذاك ولم إذا نحن امترينا                     تكن في الناس يدركك المراء


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا نسب اليوم ولا خلة                         اتسع الخرق على الراقع

فاستأنف اتسع لكون النصف الأول موقوفًا عليه، قال: وهذا كثير حسن غير معيب. اهـ. قوله: "تبالا" التبال بفتح الفوقية فالموحدة الفساد، وقيل: الحقد والعداوة. عيني. قوله: "فلا تستطل... إلخ" يخاطب به ابنه لما تمنى موته. عيني. قوله: "وهكذا بلم ولما" أشار بتقدير الواو إلى أن قوله: "بلم ولما" معطوف على قوله: "بلا ولام". وقوله: هكذا أي: حالة كونهما كالمذكور في وضع الجزم به في الفعل وهو حشو. قوله: "بمصاحبة الشرط" أي: بجواز مصاحبته. قوله: "وجواز انقطاع... إلخ" أي: يجوز أن ينقطع وألا ينقطع، ومن غير المنقطع: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} إلخ وهذا الجواز ثابت للم في الجملة، وإلا فقد يكون نفيها واجب الاتصال بالحال كما في لم يزل ولم يبرح ولم ينفك. أفاده الحفيد. قوله: "فإن كنت مأكولًا... إلخ" قيل: كتبه عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- متمثلًا به إلى علي -كرم الله تعالى وجهه- يدعوه إليه حين حاصره الخوارج، وتوهم أنه بإغراء علي، وهو لشاعر جاهلي يلقب بالممزق لأجل هذا البيت. قوله: "والفصل" أي: وجواز الفصل.
قوله:"فذاك... إلخ" امترينا: تجادلنا، وجملة: يدركك المراء أي: الجدال خبر تكن والظرف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1107- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص112، والجنى الداني ص114، ورصف المباني ص256، وسر صناعة الإعراب ص390، وشرح شواهد المغني ص597، ومجالس ثعلب ص524، ومغني اللبيب ص224، والمقاصد النحوية 4/ 420.
1108- البيت من الطويل، وهو للممزق العبدي في الاشتقاق ص330، والأصمعيات ص166، وجمهرة اللغة ص823، وخزانة الأدب 7/ 280، وشرح شواهد المغني 2/ 680، والشعر والشعراء 1/ 407، ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 11/ 21 "أكل"، والمقاصد النحوية 4/ 590، وبلا نسبة في رصف المباني ص281، ومغني اللبيب 1/ 278.
1109- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 5، وجواهر الأدب ص256، وشرح شواهد المغني ص678، والمغني ص278.

 

ج / 4 ص -8- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1110-

فأضحت معانيها قفارًا رسومها            كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل

وأنها قد تلغَى فلا يجزم بها. قال في التسهيل: حملًا على لا، وفي شرح الكافية: حملًا على ما، وهو أحسن؛ لأن ما تنفي الماضي كثيرًا بخلاف لا. وأنشد الأخفش على إهمالها قوله:
1111-

لولا فوارس من ذهل وأسرتهم                   يوم الصليفاء لم يوفون بالجار

وصرح في أول شرح التسهيل بأن الرفع لغة قوم. وتنفرد لما بجواز حذف مجزومها والوقف عليها في الاختيار؛ كقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفاصل بين لم ومجزومها متعلق بيدرك، والأصل: ولم تكن في الناس يدركك المراء إذا نحن امترينا. قوله: "فأضحت مغانيها... إلخ" المغاني بالغين المعجمة جمع مغنى؛ وهو الموضع الذي كان غنيًّا به أهله، والقفار جمع قفر مفازة لا نبات فيها ولا ماء، والرسوم جمع رسم؛ وهو ما كان من آثار الديار لاصقًا بالأرض. اهـ شمني. والشاهد في فصل لم من مجزومها وهو تؤهل، والأصل: كأن لم تؤهل الدار سوى أهل من الوحش. قوله: "بخلاف لا" فإن الغالب نفيها المستقبل. قوله: "لولا فوارس... إلخ" الفوارس جمع فارس على غير قياس، وذهل بضم الذال المعجمة حي من بكر، وأسرة الرجل بالضم رهطه، والصليفاء بضم الصاد المهملة وبالفاء والمداسم موضع. اهـ عيني. والذي في المغني: نُعْم بضم النون وسكون العين بدل ذهل، ويجوز رفع أسرتهم عطفًا على فوارس وجره عطفًا على نعم أو ذهل. يوم الصليفاء يوم من العرب كانت فيه وقعة، والصليفاء في الأصل مصغر الصلفاء؛ وهي الأرض الصُّلْبة، والظرف متعلق بخبر فوارس المحذوف؛ أي: موجودة يوم الصليفاء، ولا يصح تعلقه بلم يوفون؛ لأنه جواب لولا وما في حيز الجواب لا يتقدم عليه. كذا في الشمني وغيره.
قوله: "بجواز حذف مجزومها" أي: لدليل كما في المغني والتسهيل، قال أبو حيان: إنما انفردت بذلك عن لم لتركها من لم وما، فكأن ما عوض عن المحذوف. وقال غيره: لأن مثبتها وهو قد فعل يجوز أن يقتصر فيه على قد؛ كقوله: وكأن قد. كذا في الهمع. قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1110- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1465، وخزانة الأدب 9/ 5، والخصائص 2/ 410، والدرر 5/ 63، وشرح شواهد المغني 2/ 678، والمقاصد النحوية 4/ 445، وبلا نسبة في الجنى الداني ص269، ومغني اللبيب 1/ 278، وهمع الهوامع 2/ 56.
1111- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص266، وخزانة الأدب 1/ 205، 9/ 3، 11/ 431، والدرر 5/ 68، وسر صناعة الإعراب 1/ 448، وشرح شواهد المغني 2/ 674، وشرح عمدة الحافظ ص376، وشرح المفصل 7/ 8، ولسان العرب 9/ 198 "صلف"، والمحتسب 2/ 42، ومغني اللبيب 1/ 277، 339، والمقاصد النحوية 4/ 446، وهمع الهوامع 2/ 56.

 

ج / 4 ص -9- ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1112-

فجئت قبورهم بدءًا ولما                         فناديت القبور فلم يجبنه

أي: ولما أكن بدءًا بل ذلك؛ أي: سيدًا. وتقول: قاربت المدينة ولما أي: ولما أدخلها، وهو أحسن ما خرج عليه قراءة من قرأ: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} ولا يجوز ذلك في لم. وأما قوله:
1113-

اخفظ وديعتك التي استودعتها                  يوم الأعازب إن وصلت وإن لم

فضرورة وبكون منفيها يكون قريبًا من الحال، ولا يشترط ذلك في منفي لم، تقول: لم يكن زيد في العام الماضي مقيمًا، ولا يجوز: لما يكن. وقال المصنف: كون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كقوله: فجئت... إلخ" شاهد على جواز حذف مجزومها، ولما لم يدل البيت على كون الحذف لمجزومها والوقف عليها اختيارًا احتاج إلى قوله: وتقول... إلخ، وبدأ حال من التاء، والهاء في فلم يجبنه للسكت. قوله: "أي ولما أكن بدءًا قبل ذلك" أي: قبل مجيء قبورهم، والظاهر أن قول هذا البيت بعد مضي مجيء قبورهم بدءًا، فيكون فيه مخالفة لما تقدم من وجوب اتصال نفي منفيها بحال التكلم.
قوله: "قراءة من قراء" أي: من السبعة
{وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} بتشديد نون أن وميم لما، قال ابن الحاجب: لما هذه جازمة حذف فعلها، والتقدير: لما يهملوا بدليل تقدم ذكر السعداء والأشقياء ومجازاتهم. قال ابن هشام: الأولى أن يقدر لما يوفوا أعمالهم؛ أي: أنهم إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها، ووجه رجحانه أمران؛ أحدهما: أن بعده ليوفينهم، وهو دليل على أن التوفية لم تقع بعد؛ أي: الآن، وأنها ستقع. والثاني: أن منفي لما متوقع الثبوت والإهمال غير متوقع الثبوت. اهـ. ولمانع أن يمنع أنه يلزم في منفي لما أن يكون متوقع الثبوت سلمناه؛ لكن لا نسلم أن الإهمال غير متوقع الثبوت؛ بل هو متوقع الثبوت للكفار؛ ولذا كانوا يسترسلون في الأفعال القبيحة؛ ظنًّا منهم أن يتركوا سدى ويقولون: نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين، فهم متوقعون الإهمال برأيهم الفاسد، ولا يشترط في توقع الثبوت أن يكون من المتكلم؛ بل قد ينفي المتكلم شيئًا بلما بناء على توقع غيره لثبوته كما أن قد تكون لتوقع المتكلم ولتوقع غيره. دماميني. قوله: "استودعتها" بالبناء للمجهول كما قاله العيني. وقوله: "يوم الأعازب" يُروى بالعين المهملة والزاي المعجمة والغين المعجمة والراء المهملة؛ أي: الأباعد. اهـ تصريح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1112- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 113، وخزانة الأدب 10/ 113، 117، والدرر 4/ 245، 5/ 69، وشرح شواهد المغني 2/ 681، والصاحبي في فقه اللغة ص149، ولسان العرب 12/ 554 "لمم"، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 57.
1113- البيت من الكامل، وهو لإبراهيم بن هرمة في ديوانه ص191، وخزانة الأدب 9/ 8، 10، والدرر 5/ 66، وشرح شواهد المغني 2/ 682، والمقاصد النحوية 4/ 443، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 114، وأوضح المسالك 4/ 202، وجواهر الأدب ص256، 424، والجنى الداني ص269، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 56.

 

ج / 4 ص -10-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منفي يكون قريبًا من الحال غالب لا لازم. وبكون منفيها يتوقع ثبوته بخلاف منفي لم، ألا ترى أن معنى:
{بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8]، أنهم لم يذوقوه إلى الآن، وأن ذوقهم له متوقع. قال الزمخشري في: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] ما: في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد. انتهى. وهذا بالنسبة إلى المستقبل، فأما بالنسبة إلى الماضي فهما سيان في التوقع وعدمه. مثال التوقع: ما لي قمت ولم تقم أو ولما تقم. ومثال عدم التوقع أن تقول ابتداء: لم يقم أو لما يقم.
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: ومنها لم ولما أختها، يعني من الجوازم، فقيد لما بقوله: أختها؛ احترازًا من لما بمعنى إلا، ومن لما التي هي حرف وجود لوجود. وكذلك فعل الشارح فقال: احترز بقولي أختها من لما الحينية، ومن لما بمعنى إلا. هذا كلامه، وإنما لم يقيدها هنا بذلك -وكذا فعل في الكافية- لأن هاتين لا يليهما المضارع؛ لأن التي بمعنى إلا لا تدخل إلى على جملة اسمية نحو:
{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، في قراءة من شدد الميم أو على الماضي لفظًا لا معنى نحو: أنشدك الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وبكون منفيها يكون قريبًا من الحال" أي: بكون انتفاء منفيها؛ أي: بالنظر إلى ابتدائه لما عرفت أنه يجب أن تكون متصلة بالحال، والمراد بالحال زمن التكلم كما مر. قوله: "يتوقع ثبوته" أي: ينتظر، وهو غالب في لما، ومن غير الغالب ندم إبليس ولما ينفعه الندم. تصريح. قوله:
{وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} جملة مستأنفة أو حال من الضمير في قولوا وليست تكرارًا بعد قوله: "لم تؤمنوا"؛ لأن فائدة قوله: "لم تؤمنوا" تكذيب دعواهم، وفائدة قوله: "ولما يدخل... إلخ" توقيت قوله: ما أمروا أن يقولوه. نقله شيخنا عن بعضهم، وإنما يظهر التوقيت على الحالية كما تفيده عبارة البيضاوي، ونصها: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} توقيت لقولوا، فإنه حال من ضميره أي: ولكن قولوا أسلمنا ولم تواطئ قلوبكم ألسنتكم بعد. قوله: "دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد" أي: لأن التوقع في كلامه تعالى يحمل على التحقيق، وهذا على أن التوقع من المتكلم، وقد مر عن الدماميني أنه يكون من غيره. قوله: "ولم تقم أو ولما تقم" أي: مع أني كنت متوقعًا منك فيما مضى القيام كما يشعر به التعجب من عدم قيام المخاطب. قوله: "أختها" أي: نظيرتها في الأمور الخمسة المتقدمة.
قوله: "التي هي حرف وجود لوجود" إنما يظهر على القول بأنها حرف، وهو خلاف مذهب المصنف كما ستعرفه، ويمكن إجراؤه على القول بأنها ظرف بجعل الحرف مراد به مطلق الكلمة، والقول بأنها حرف قال الدماميني: هو مذهب سيبويه، ورجح بأشياء منها قوله تعالى:
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ} وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} إذ ما بعد ما النافية وإذا الفجائية لا يعمل فيما قبلها، ومنها: إجماعهم على زيادة أن بعدها ولو كانت ظرفًا، والجملة بعدها في محل خفض بالإضافة لزم الفصل بين المضاف إليه بأن. اهـ. قوله:

 

ج / 4 ص -11-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما فعلت؛ أي: إلا فعلت، والمعنى: ما أسألك إلا فعلك. والتي هي حرف وجود لوجود لا يليها إلا ماضٍ لفظًا ومعنى نحو:
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا}. وأما قوله:
1114-

أقول لعبد الله لما سقاؤنا                ونحن بوادي عبد شمس وهاشم

فقد تقدم الكلام عليه في باب الإضافة. وتسمية الشارح لما هذه حينية هو مذهب ابن السراج، وتبعه الفارسي وتبعهما ابن جني وتبعهم جماعة؛ أي: أنها ظرف بمعنى حين. وقال المصنف: بمعنى إذ، وهو أحسن؛ لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة، وعند ابن خروف أنها حرف. الثاني: حكى اللحياني عن بعض العرب: أنه ينصب بلم. وقال في شرح الكافية: زعم بعض الناس أن النصب بلم لغة؛ اغترارًا بقراءة بعض السلف: "ألم نشرحَ لك صدرك" [الشرح: 1]، بفتح الحاء، وبقول الراجز:
1115-

في أي يومي من الموت أفر                         أيوم لم يقدر أم يوم قدر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا يليهما المضارع" أي: وكلامه فيما يليه المضارع فلا حاجة إلى الاحتراز عنهما. قوله: "إلا فعلك" أي: إلا أن تفعل فالماضي في لما فعلت بمعنى المستقبل؛ ولهذا قال الشارح: الماضي لفظًا لا معنى. قوله: "فقد تقدم... إلخ" حاصله أن وَهِيَ فعل بمعنى سقط مفسر لفعل محذوف رفع سقاؤنا على الفاعلية وشم فعل أمر من شمت البرق إذا نظرت إليه، ولا يستعمل إلا في البرق كما قاله الفارضي، وهو وفاعله مقول القول. قوله: "لما هذه" أي: التي هي حرف وجود لوجود.
قوله: "وعند ابن خروف" بل وسيبويه على ما مر. قوله: "أن النصب بلم لغة" جزم به السيوطي. قوله: "أيوم" بالجرّ بدل من يومي ويجوز بناؤه على الفتح. قوله: "على أن الفعل مؤكد... إلخ" قال الدماميني: أو على أن الفتحة إتباع للفتحة قبلها أو بعدها، وخرج في المغني النصب في لم يقدر على أنه نقلت حركة همزة أم إلى راء يقدر الساكنة، ثم أبدلت الهمزة الساكنة ألفًا، ثم الألف همزة متحركة لالتقاء الساكنين، وكانت الحركة فتحة إتباعًا لفتحة الراء، كما في: "ولا الضالين" فيمن همز، وعلى ذلك قولهم: المرأة والكماة بالألف وقوله:

كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا

ولكن لم تحرك الألف فيهن لعدم التقاء الساكنين، وبيان ذلك في "ترا" أن أصله ترأى حذفت الألف للجازم ونقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم أبدلت ألفًا. قال الدماميني: وعلى هذا تكتب ألف ترا ألفًا لا ياء. قوله: "وما" أي: الزائدة كما في الهمع. قوله: "تدخل همزة الاستفهام... إلخ" والأكثر كونها للتقرير أي: حمل المخاطب على الإقرار أي: على الاعتراف بالحكم الذي يعرفه من إثبات كما في: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أو نفي كما في: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1114- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 682، ومغني اللبيب 1/ 281.
1115- الرجز للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص79، وحماسة البحتري ص37، وللحارث بن منذر الجرمي في شرح شواهد المغني 2/ 674، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 14، والخصائص 3/ 94، والجنى الداني ص267، ولسان العرب 5/ 75 "قدر"، والمحتسب 2/ 366، ومغني اللبيب 1/ 277، والممتع في التصريف 1/ 322، ونوادر أبي زيد ص13.

 

ج / 4 ص -12-                                   واجزِمْ بإِنْ ومَنْ وما ومهما  أيٍّ متى أيَّان أين إذما


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو عند العلماء محمول على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت ونويت. هذا كلامه وفيه شذوذان: توكيد المنفي بلم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين. الثالث: الجمهور على أن لما مركبة من لم وما، وقيل: بسيطة. الرابع: تدخل همزة الاستفهام على لم ولما فيصيران ألم وألما باقيتين على عملهما نحو: ألم نشرح، ألم يجدك يتيمًا. ونحو قوله:
1116-

وقلت ألما أصح والشيب وازع

ولما فرغ مما يجزم فعلًا واحدًا انتقل إلى ما يجزم فعلين فقال: "واجزم بإن ومن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} لا حمله على الإقرار بما يلي الهمزة دائمًا والأورد مثل هاتين الآيتين، وقد تجيء لغيره كالاستبطاء نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} والتوبيخ نحو: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} ودخولها على لم أكثر. قوله: "وازع" أي: زاجر.
قوله: "إلى ما يجزم فعلين" أي: غالبًا وإلا فقد يجزم فعلًا وجملة كما إذا كان الجزاء جملة مقرونة بالفاء أو إذا الفجائية، فإن محلها جزم على ما في المغني من التفصيل، بين أن يكون الجزاء لشرط غير جازم مطلقًا أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذا الفجائية، فلا يكون له محل نحو: لو قام زيد لقام عمرو، ونحو: إن يقم أقم؛ لظهور الجزم في لفظ الفعل، وإن قمت قمت؛ لأن الذي في محل جزم الفعل لا الجملة بأسرها، وأن يكون الجزاء لشرط جازم، وقد اقترن بالفاء أو إذا الفجائية فيكون في محل جزم؛ لأنه لم يصدر بمفرد يقبل الجزم لفظًا أو محلًّا؛ لكن قال الدماميني وأقره الشمني: الحق أن جملة جواب الشرط لا محل لها مطلقًا؛ إذ كل جملة لا تقع موقع المفرد لا محل لها، وأما جزم "ويذرهم" من قوله تعالى: "فلا هادي له ويذرْهم" على قراءة الجزم، فبحرف شرط مقدر حذف لدلالة ما تقدم عليه، وإن يفعل ذلك يذرهم والمحكوم على محله بالجزم على القول به مجموع الفاء أو إذا وما بعدها كما في المغني في غير موضع، وفي الكشاف لأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1116- صدره:

على حين عاتبت المشيب على الصبا

والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32، والأضداد ص151، وجمهرة اللغة ص315، وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، والدرر 3/ 144، وسر صناعة الإعراب 2/ 506، وشرح أبيات سيبويه 2/ 53، وشرح التصريح 2/ 42، وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883، والكتاب 2/ 330، ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"، والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111، والإنصاف 1/ 292، وأوضح المسالك 3/ 133، ورصف المباني ص349، وشرح شذور الذهب ص102، وشرح ابن عقيل ص387، وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137، ومغني اللبيب ص571، والمقرب 1/ 290، 2/ 516، والمنصف 1/ 58، وهمع الهوامع 1/ 218.

ج / 4 ص -13-                            وحيثما أنَّى وحَرْفٌ إذما            كإن وبَاقِي الأدواتِ أَسْمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما ومهما أي متى أيان أين إذ ما وحيثما أنى" فهذه إحدى عشرة أداة، كلها تجزم فعلين نحو:
{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]، {وَإِمَّا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجموع هو الذي لو وقع موقعه ما هو مصدر بمضارع لجزم وعلى ما في الغني مع القول بأن جملة اسم جواب الشرط الواقع مبتدأ هي خبره تكون جملة الجواب في نحو: من يقم فأني أكرمه، لها محل جزم ومحل رفع باعتبارين، وفي نحو: من يمقم أكرمه، لها محل رفع ولا محل لها باعتبارين. اهـ ملخصًا. وقد يجزم فعلًا واحدًا كما إذا كان فعل الشرط ماضيًا وجاء بعده مضارع مرفوع على ما صرح به جمع كما سيأتي، والتحقيق في نحو قولهم: زيد وإن كثر ماله بخيل، أن إن زائدة لمجرد الوصل؛ ولهذا تسمى وصلية والواو للحال أو شرطية والواو للعطف على مقدر؛ أي: أن لم يكثر ماله وإن كثر ماله، والجواب محذوف للدلالة عليه بقولنا: زيد بخيل؛ لكن ليس المراد بالشرط فيها حقيقة التعليق؛ إذ لا يعلق حقيقة على الشيء ونقيضه معًا بأن المراد التعميم كما في الدماميني. وقد يكون المحذوف الواو ومعطوفها كما في قوله تعالى:
{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي: وإن لم تنفع على أحد أوجه فيه ذكرها في المغني. قوله: "واجزم بأن" ذكر هنا ورود إن شرطية وفي باب إن وأخواتها ورودها مخففة من الثقيلة، وفي فصل أدوات النفي العاملة عمل ليس ورودها نافية وزائدة، وهذه هي أوجهها الأربعة المشهورة. قال في المغني: وزعم قطرب أنها قد تكون بمعنى قد كما في: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}. وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى إذ التعليلية، وجعل منه: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، و{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ}، وحديث: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، وقول الشاعر:

أتغضب إن أذنا قتيبة حزنا                 جهارًا ولم تغضب لقتل ابن حازم

في رواية من كسر همزة إن أي: أغضبت جهارًا لقطع أذني قتيبة، ولم تغضب لما هو أعظم وهو قتل ابن حازم. وأجيب بأن إن قد يُؤتى بها للشرط المحقق لنكتة كالتهييج في الآية؛ كما تقول لابنك: إن كنت ابني فافعل كذا، وكتعليم العباد كيفية إخبارهم عن الأمر المستقبل في الثانية كالتبرك في الحديث، وأما البيت فإما على إقامة السبب مقام المسبب، والأصل: أتغضب أن يتفخر مفتخر بسبب حزه فيما مضى أذني قتيبة، وأما على معنى التبين أي: أتغضب أن يتبين حز أذني قتيبة فيما مضى، فالشرط غير محقق على الوجهين. اهـ بتخليص وإيضاح. وفي حاشية السيوطي على المغني الجواب عن أكثر أدلتهم بأن ما شأنه أن يكون مترددًا فيه بين الناس حسن تعليقه بأن من الله ومن غيره، سواء كان معلومًا للمتكلم أو للسامع أم لا.
قوله: "أنَّى" كما تأتي شرطًا تأتي استفهامًا بمعنى من أين نحو:
{أَنَّى لَكِ هَذَا}؟ وبمعنى كيف نحو: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ} وبمعنى متى فتكون ظرف زمان نحو: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} على أحد أوجه. قال الشهاب في حواشي البيضاوي: أجاز المفسرون وجوه "أنَّى" كلها في هذه الآية، واعترضه أبو حيان بأنه لا يصح كونها شرطية؛ لأنها حينئذ ظرف مكان فتقتضي إباحة الإتيان في غير القبل، ولأنها لا يعمل فيها ما قبلها لصدراتها ولا استفهامية؛ لأنها لا يعمل فيها ما قبلها، ولأنها تلحق ما بعدها نحو: {أَنَّى لَكِ هَذَا} وهذه مفتقرة لما قبلها، فهي مشكلة على كل حال، ثم استظهر

ج / 4 ص -14-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200]، ونحو: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، ونحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 284]، وقوله:
1117-

أرى العمر كنزًا ناقصًا كل ليلة                    وما تنقص الأيام والدهر ينفد

ونحو: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 230]، وقوله:
1118-

ومهما يكن عند امرئ من خليقة             وإن خالها تخفى على الناس تُعلم

ونحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وقوله:
1119-

في أي نحو يميلوا دينه يَمِل

ونحو قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها شرطية جوابها مقدر؛ أي: أنى شئتم فأتوه، نزل فيها تعميم الأحوال منزلة الظرفية المكانية، والجواب عن اعتراض الشرطية أن جوابها مقدر كما قال لتقدم دليله وما أوهمته من جوازه في غير القبل يأباه قوله حرث؛ لأن الحرث لا يكون إلا حيث ينبت البذر، وعن اعتراض الاستفهام بأنه لما خرج عن حقيقته جاز عمل ما قبله فيه نحو كان ماذا كما صرَّح به النحاة وأهل المعانى. اهـ ملخصًا. قوله:
{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} أي: وشر ففيه اكتفاء.
قوله: "وقالوا مهما تأتنا... إلخ" الضميران في به وبها عائدان -كما قال الزمخشري- على مهما حملًا على اللفظ في الأول والمعنى في الثاني؛ لأنها بمعنى الآية، والأولى -كما في المغني- أن يعود ضمير بها على الآية، ومن آية حال من الهاء في به، وإطلاق الحال على الجار والمجرور تسمح إذا لحال في الحقيقة المتعلق المحذوف، فلا يرد أن جعله حالًا من الهاء في به يستلزم كون العامل فيه تأت؛ لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها مع تصريحهم بأن اللغو لا يقع حالًا ولا صفة ولا خبرًا، وما في
{فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} حجازية، و"مؤمنين" في محل نصب خبرها؛ لأن الخبر لم يجئ في التنزيل مجردًا من الباء بعدما إلا منصوبًا. قوله: "من خليقة" أي: طبيعة بيان لمهما ويكن تامة ورابط الخبر والجملة الضمير في يكن، ويجوز غير ذلك كما سيأتي. وقوله: "خالها" أي: ظنها وتعلم جواب مهما. قوله: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} أي: اسم تسموه فأيا واقعة على اسم مفعول ثانٍ لتدعوا بمعنى تسموا، وما زائدة والمفعول الأول محذوف. قوله: "في أي نحو" أي: جهة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1117- البيت من الطويل.
1118- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص32، والجنى الداني ص612، والدرر 4/ 184، 5/ 72، وشرح شواهد المغني ص386، 738، 743، وشرح قطر الندى ص37، ومغني اللبيب ص330، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص323، وهمع الهوامع 2/ 35، 58.
1119- صدره:

لَمَّا تمكَّنَ دنياهم أطاعهم

والبيت من البسيط، وهو لعبد الله بن همام في الكتاب 3/ 80، وبلا نسبة في لسان العرب 13/ 414 "كمن".

 

ج / 4 ص -15-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1120-

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره                   تجد خير نار عندها خير موقد

وقوله:
1121-

متى ما تلقني فردين ترجف                          روانف أليتيك وتستطارا

ونحو قوله:
1122-

أيان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا                  لم تُدرك الأمن منا لم تزل حذرا

وقوله:
1123-

فأيان ما تعدل به الريح تنزل


ونحو قوله:
1124-

أين تصرف بنا العُداة تجدنا                    نصرف العِيسَ نحوها للتلاقي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله:"تعشو" مرفوع في موضع الحال أي: عاشيًا، من عشا إذا أتى نارًا يرجو عندها خيرًا. عيني. قوله: "فردين" حال من الضمير المستتر والياء في تلقني. وقوله: "روانف" براء ثم نون ففاء جمع رانفة، وهي كما في القاموس أسفل الألية إذا كنت قائمًا. وقوله: "وتستطارًا" يقال: استطير فلان أي: إذا زعر وفزع. قوله: "تصرف بنا" إلينا. والعداة بضم العين جمع عاد، والعيس إبل بيض بشقرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1120- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص51، وإصلاح المنطق ص198، والأغاني 2/ 168، وخزانة الأدب 3/ 74، 7/ 156، 9/ 92، 94، وشرح أبيات سيبويه 2/ 65، والكتاب 3/ 86، ولسان العرب 15/ 57 "عشا"، ومجالس ثعلب ص467، والمقاصد النحوية 4/ 439، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص871، وخزانة الأدب 5/ 210، وشرح ابن عقيل ص581، وشرح عمدة الحافظ ص363، وشرح المفصل 2/ 66، 4/ 148، 7/ 45، 53، وما ينصرف وما لا ينصرف ص88، والمقتضب 2/ 65.
1121- البيت من الوافر، وهو لعنترة في ديوانه ص234، وخزانة الأدب 4/ 297، 7/ 507، 514، 553، 8/ 22، والدرر 5/ 94، وشرح التصريح 2/ 294، وشرح شواهد الشافية ص505، وشرح عمدة الحافظ ص460، وشرح المفصل 2/ 55، ولسان العرب 4/ 513 "طير"، 14/ 43 "ألا"، 14/ 231 "خصا"، والمقاصد النحوية 3/ 174، وبلا نسبة في أسرار العربية ص191، وأمالي ابن الحاجب 1/ 451، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 301، وشرح المفصل 4/ 116، 6/ 87، ولسان العرب 9/ 127 "رنف"، وهمع الهوامع 2/ 63.
1122- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص436، وشرح ابن عقيل ص582، والمقاصد النحوية 4/ 423.
1123- صدره:

إذا النعجة الأدماء كانت بقفرة

والبيت من الطويل، وهو لأمية بن أبي عائذ في شرح أشعار الهذليين 2/ 526، وشرح عمدة الحافظ ص363، وبلا نسبة في الدرر 5/ 95، وشرح قطر الندى ص88، وهمع الهوامع 2/ 63.
1124- البيت من الخفيف، وهو لابن همام السلولي في الكتاب 2/ 58، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 105، 7/ 45، والمقتضب 2/ 48.

 

ج / 4 ص -16-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو قوله تعالى:
{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] وقوله:
1125-

صعدة نابتة في حائر                            أينما الريح تميلها تمل

ونحو قوله:
1126-

وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر                          به تلف من إياه تأمر آتيا

ونحو قوله:
1127-

حيثما تستقم يقدر لك اللـ                       ـه نجاحًا في غابر الأزمان

وقوله:
1128-

خليلي أن تأتياني تأتيا                    أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

"وحرف إذ ما" أي: إذ ما حرف "كإن" معنى وفاقًا لسيبويه، لا ظرف زمان زيد عليها ما، كما ذهب إليه المبرد في أحد قوليه، وابن السراج والفارسي. "وباقي الأدوات أسما" أما: من وما ومتى وأي وأيان وأين وأنى وحيثما فباتفاق، وأما: مهما فعلى الأصح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله:"صعدة... إلخ" أي: تلك المرأة في اللين والاعتدال كالصعدة أي: الرمح المستوي والحائر بالحاء والراء المهملتين مجتمع الماء.
قوله: "نجاحًا" أي: ظفرًا بالمقصود. وقوله: "في غابر الأزمان" الغابر يطلق على المستقبل والماضي والمراد هنا الأول كما قاله العيني والدماميني والشمني. قوله: "معنى" فهي لمجرد التعليق. قوله: "وباقي الأدوات أسما" تفصيل إعراب أسماء الشروط على ما في الهمع وغيره أن يقال: إذا وقعت الأداة الشرطية بعد حرف جار أو مضاف فهي في محل جر نحو: عما تسأل أسأل، وغلام من تضرب أضرب، وإلا فإن وقعت على زمان أو مكان فظرف، فهي في موضع نصب على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1125- البيت من الرمل، وهو لكعب بن جعيل في خزانة الأدب 3/ 47، والدرر 5/ 79، وشرح أبيات سيبويه 2/ 196، والمؤتلف والمختلف ص84، وله أو للحسام بن ضرار في المقاصد النحوية 4/ 424، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 618، وخزانة الأدب 9/ 39، 43، وشرح المفصل 9/ 10، والكتاب 3/ 113، ولسان العرب 4/ 223 "حير"، والمقتضب 2/ 75، وهمع الهوامع 2/ 59.
1126- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص583، وشرح عمدة الحافظ ص365، وشرح قطر الندى ص89، والمقاصد النحوية 4/ 425.
1127- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص736، وخزانة الأدب 7/ 20، وشرح شذور الذهب ص437، وشرح شواهد المغني 1/ 391، وشرح ابن عقيل ص583، وشرح عمدة الحافظ ص365، وشرح قطر الندى ص89، ومغني اللبيب 1/ 133، والمقاصد النحوية 4/ 426.
1128- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص437، وشرح ابن عقيل ص583، والمقاصد النحوية 4/ 426.

 

ج / 4 ص -17-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتنقسم هذه الأسماء إلى ظرف وغير ظرف، فغير الظرف: من وما ومهما، فمن لتعميم أولي العلم، وما لتعميم ما تدل عليه، وهي موصولة، وكلتاهما مبهمة في أزمان الربط، ومهما بمعنى ما، ولا تخرج عن الاسمية -خلافًا لمن زعم أنها تكون حرفًا- ولا عن الشرطية -خلافًا لمن زعم أنها تكون استفهامًا- ولا تجر بإضافة ولا بحرف جر بخلاف من وما. وذكر في الكافية والتسهيل أن ما ومهما قد يردان ظرفي زمان. قال في شرح الكافية: جميع النحوين يجعلون ما ومهما مثل من في لزوم التجرد عن الظرفية، مع أن استعمالهما ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب. وأنشد أبياتًا منها ما في قول الفرزدق:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظرفية نحو: متى تقم أقم و
{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] أو على حدث فمفعول مطلق نحو: أي ضرب تضرب أضرب، وإلا فإن وقع بعدها فعل لازم نحو: من يقم أقم معه، فمبتدأ خبره فعل الشرط وفيه ضميرها؛ لأن قولك: من يقم لو خلا عن معنى الشرط بمنزلة قولك: كل من الناس يقوم، وقيل: هو والجواب؛ لأن الكلام لا يتم إلا بالجواب، فكان داخلًا في الخبر، وقيل: الجواب؛ لأن الفائدة به تمت، ورد بأنه أجنبي من المبتدأ، وفيه نظر، وبأن توقف الفائدة عليه من حيث التعليق لا من حيث الخبرية أو متعد واقع عليها نحو: من يضرب زيدًا أضربه، ومن تضرب أضربه، فمفعول به أو واقع على ضميرها نحو: من يضربه زيد أضربه، ومن تضربه أضربه، أو متعلقها نحو: من يضرب زيد أخاه فاضربه، فاشتغال فيجوز في أداة الشرط أن تكون في موضع رفع على الابتداء، وأن تكون في موضع نصب بفعل مضمر يفسره الظاهر بعدها ومثلها في هذا التفصيل أسماء الاستفهام.
قوله: "لتعميم أولي العلم" أي: لأولي العلم عمومًا، وكذا يقال فيما بعده. قوله: "وهي موصولة" حال من فاعل تدل أي: لتعميم مدلولها في حال الموصولية وليس استئنافًا حتى يفيد أنها حال الشرطية موصولة. اهـ سم. ولعل الشارح إنما قال ذلك ولم يقل: لتعميم غير العاقل؛ ليجري كلامه على القول بوضع ما لغير العاقل، والقول بوضعها لما يعمه ويعم العاقل. قوله: "مبهمة في أزمان الربط" أي: لا تدل على زمن معين من أزمان ربط الجواب بالشرط. قوله: "ومهما بمعنى ما" وقيل: أعم منها. قوله: "أنها تكون حرفاً" زاعم ذلك هو السهيلي قال: هي في قوله: "ومهما يكن عند امرئ" البيت حرف بدليل أنها لا محل لها، ولم يعد عليها ضمير، ورد بأنها إما خبر يكن وخليقة اسمها ومن زائدة، وإما مبتدأ واسم يكن ضمير يعود عليها وعند امرئ خبرها إن جعلت يكن ناقصة أو الضمير في يكن فاعلها وعند امرئ ظرف لغو متعلق بيكن إن جعلت تامة، ومن بيان لمهما على وجهي كونها مبتدأ. قوله: "أنها تكون استفهامًا" زاعم ذلك هو المصنف وجماعة قالوا: هي في قوله:

مهما لي الليلة مهما ليه

مبتدأ ولي الخبر، وأعيدت الجملة توكيدًا، وأجيب بأنه يحتمل أن التقدير منه اسم فعل ثم استأنف استفهامًا بما وحدها. قوله: "ولا تجر بإضافة" فلا يقال جهة مهما تكن أكن.

 

ج / 4 ص -18-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1129-

وما تحي لا أرهب وإن كنت جارمًا                ولو عد أعدائي عليَّ لهم دخلا

وقول ابن الزبير:
1130-

فما تحي لا تُسأم حياة وإن تمت            فلا خير في الدنيا ولا العيش أجمعا

                                                      

وفي مهما قول حاتم:
1131-

وإنك مهما تُعطِ بطنك سؤله                   وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

وقول طفيل الغنوي:

نبئت أن أبا شُتيم يدَّعِي                مهما يعش يسمع بما لم يسمع

قال ابنه: ولا أرى في هذه الأبيات حجة؛ لأنه يصح تقديرها بالمصدر. انتهى. وأصل مهما ماما الأولى شرطية والثانية زائدة، فثقل اجتماعهما، فأبدلت ألف الأولى هاء. هذا مذهب البصريين. ومذهب الكوفيين أصلها مه بمعنى اكفف زيدت عليها ما، فحدث بالتركيب معنى لم يكن. وأجازه سيبويه. وقيل: إنها بسيطة. وأما أي: فهي عامة في ذوي العلم وغيرهم، وهي بحسب ما تضاف إليه، فإن أضيفت إلى ظرف مكان فهي ظرف مكان، وإن أضيفت إلى ظرف زمان فهي ظرف زمان، وإن أضيفت إلى غيرهما فهي غير ظرف. وأما الظرف فينقسم إلى زماني ومكاني؛ فالزماني: متى وأيان -وهما لتعميم الأزمنة- وكسر همزة أيان لغة سليم. وقرئ بها شاذًّا. والمكاني: أين وأنى وحيثما، وهي لتعميم الأمكنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وما تحي لا أرهب" أي: لا أخف وإن كنت جارمًا أي: مذنبًا. وقوله: "دخلًا" ذكر للدخل صاحب القاموس معاني منها الغدر والخديعة. قوله: "لأنه يصح تقديرها بالمصدر" أي: وحده من غير تقدير الظرف، والتقدير: أي حياة تحي وأي إعطاء تعط وأي عيشة تعش، فموضع ما ومهما في هذه الأبيات نصب على المفعولية المطلقة. قوله: "معنى لم يكن" وهو الشرط. قوله: "وقيل: إنها بسيطة" هو المختار؛ لأنه لم يقم على التركيب دليل قاله أبو حيان. اهـ سم. قال الدماميني: وينبغي لمن قال بالبساطة أن يكتبها بالياء، ولمن قال أصلها ماما أن يكتبها بالألف. اهـ. وكمن قال أصلها ماما من قال: أصلها مه وما، قال في الهمع: وألفها على البساطة قيل: تأنيث وقيل: إلحاق. قوله: "فالزماني متى وأيان... إلخ" ظاهر إطلاقه أن أيان لا تختص بالمستقبل، وهو صريح تمثيل السكاكي والقزويني بأيان جئت، والذي في التسهيل وكلام أبي حيان أنها تختص بالمستقبل؛ كقوله تعالى:
{أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 21، النمل: 65] فلا يقال: أيان خرجت قاله الدماميني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1129- البيت من الطويل، وهو في ديوان الفرزدق 2/ 127.
1130- البيت من الطويل، وهو ليس في ديوان ابن الزبير.
1131- البيت من الطويل، وهو في ديوان حاتم الطائي ص174، والجنى الداني ص610، وخزانة الأدب 9/ 27، والدرر 5/ 71، وشرح شواهد المغني ص744، ومغني اللبيب ص331.

 

ج / 4 ص -19-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: هذه الأدوات في لحاق ما على ثلاثة أضرب: ضرب لا يجزم إلا مقترنًا بها، وهو حيث وإذ -كما اقتضاه صنيعه- وأجاز الفراء الجزم بهما بدون ما، وضرب لا يلحقه ما وهو من وما ومهما وأنَّى، وأجازه الكوفيون في من وأنى، وضرب يجوز فيه الأمران، وهو إن وأي ومتى وأين وأيان، ومنع بعضهم في أيان، والصحيح الجواز. الثاني: ذكر في الكافية والتسهيل: أن إن قد تُهمل حملًا على لو كقراءة طلحة: "فإما ترين" [مريم: 26] بياء ساكنة ونون مفتوحة، وأن متى قد تُهمل حملًا على إذا، ومثل بالحديث: إن أبا بكر رجل أسيف، وأنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس. وفي الارتشاف: ولا تهمل حملًا على إذا خلافًا لمن زعم ذلك يعني متى. الثالث: لم يذكر هنا من الجوازم إذا وكيف ولو، أما إذا فالمشهور أنه لا يجزم بها إلا في الشعر، لا في قليل من الكلام ولا في الكلام إذا زيد بعدها ما، خلافًا لزاعم ذلك، وقد صرح بذلك في الكافية فقال:

وشاع جزم بإذا حملًا على                  متى وذا في النثر لم يُستعملا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "حيث وإذ" قال الدماميني: وإنما وجبت زيادة ما فيهما لتكفهما عن الإضافة فيتأتى الجزم بهما؛ وإنما لم تجتمع الإضافة والجزم؛ لأن المضاف إليه حال محل الاسم، فهو واجب الجر فكيف يجزم. اهـ. وقال الفارضي: زيدت ما عوضًا عن الجملة التي تضاف إليها إذ وحيث. اهـ. وقيل: فرقًا بين حالة جزمهما وحالة عدمه. قوله: "فإما ترين" بياء المخاطبة الساكنة ونون الرفع المفتوحة. قوله: "أسيف" أي: ذو أسف وحزن. وقوله: "يقوم مقامك" أي: في الصلاة. وقوله: "لا يسمع الناس" أي: لبكائه كما في الفارضي. قوله: "يعني متى" تفسير للضمير في ولا تهمل. قوله: "لم يذكر هنا... إلخ" قال في الهمع: ولا يجزم المسبب عن صلة الذي وعن صفة النكرة الموصوفة، وأجازه الكوفيون تشبهًا بجواب الشرط، فيقال: الذي يأتيني أحسن إليه، وكل رجل يأتيني أكرمه، واختاره ابن مالك. قوله: "أما إذا... إلخ" قال أبو حيان: وإذا استعملت إذا شرطًا فهل تكون مضافة للجملة بعدها أم لا؟ قولان وينبني على ذلك الخلاف في العامل فيها، فمن قال: إنها مضافة، أعمل فيها الجزاء ولا بد، ومن منع ذلك أعمل فيها الشرط كسائر الأدوات. اهـ.وظاهره أن الخلاف في الإضافة وعدمها جارٍ فيها وإن كانت جازمة، وهو خلاف ما في المغني من أنه إذا لم تكن جازمة -وهو الظاهر- لعدم اجتماع الإضافة كما مر قريبًا عن الدماميني، وفائدة الخلاف أن نحو: إذا جاء زيد فأنا أكرمه، جملة اسمية إن قلنا: إن عامل إذا جوابها أي: ما في جوابها من فعل أو شبهه؛ لأن صدر الكلام جملة اسمية، وإذا وما أضيف إليه في رتبة التأخير كما في يوم تسافر أنا أسافر، وإن قلنا: فعل الشرط وإذا غير مضافة فالجملة فعلية قدم ظرفها كما في: متى تقم فأنا أقوم، والقائل بالأول يعتبر فاء الربط مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها؛ لأن تقدم الاسم لغرض وهو تضمنه معنى الشرط الذي له الصدر جوز ذلك.
قوله: "لا يجزم بها إلا في الشعر" لأنها موضوعة لزمن معين واجب الوقوع والشرط المقتضي للجزم لا يكون إلا فيما يحتمل الوقوع وعدمه. قوله: "من الكلام" أي: النثر. قوله:

 

ج / 4 ص -20-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في شرحها: وشاع في الشعر الجزم بإذا حملًا على متى، فمن ذلك إنشاد سيبويه:
1132-

ترفَّع لي خندف والله يرفع لي                      نارًا إذا خمدت نيرانهم تقد

وكإنشاد الفراء:
1133-

واستغنَ ما أغناك ربك بالغنى                     وإذا تصبك خصاصة فتجمل

ولكن ظاهر كلامه في التسهيل جواز ذلك في النثر على قلة، وهو ما صرح به في التوضح فقال: هو في النثر نادر وفي الشعر كثير، وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام لعلي وفاطمة رضي الله عنهما: "إذا أخذتما مضاجعكما تُكبرا أربعًا وثلاثين" الحديث. وأما كيف فيجازى بها معنى لا عملًا خلافًا للكوفيين فإنهم أجازوا الجزم بها قياسًا مطلقًا ووافقهم قطرب، وقيل: يجوز بشرط اقترانها بما، وأما لو فذهب قوم -منهم ابن الشجري- إلى أنها يجزم بها في الشعر، وعليه مشى المصنف في التوضيح. وورد ذلك في الكافية فقال:

وجوَّز الجزم بها في الشعر                        ذو حجة ضعفها من يدري

وتأول في شرحها قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"خندف" بكسر الخاء المعجمة والدال وبالفاء بوزن زبرج لقب امرأة اسمها ليلى، قاله شيخنا السيد وخمدت بفتح الميم وكسرها. قوله: "وكإنشاد الفراء" لو قال: وإنشاد الفراء، عطفًا على إنشاد سيبويه لكان مناسبًا. قوله: "خصاصة" أي: فقر فتحمل يروي بالحاء المهملة وبالجيم. قوله: "معنى لا عملًا" لمخالفتها لأدوات الشرط بوجوب موافقة شرطها لجوابها قالوا: ومن ورودها شرطًا ينفق كيف يشاء
{يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: 6] وجوابها في ذلك محذوف لدلالة ما قبلها، وهذا يشكل على إطلاقهم وجوب مماثلة جوابها لشرطها، فأما أن يمنع كونها فيما ذكر شرطية أو يقيد إطلاقهم بما إذا كان شرطها غير المشيئة والإرادة.
قوله: "مشى المصنف في التوضيح" كتاب للمصنف ألَّفه في إعراب مشكلات البخاري. قوله: "وتأول" في شرحها. قوله: "لو يشأ... إلخ" سيذكر الشارح في فصل لو أن البيت الأول جاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1132- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في الأزمنة والأمكنة 1/ 241، وخزانة الأدب 7/ 22، وشرح المفصل 7/ 47، والكتاب 3/ 62، وبلا نسبة في المقتضب 2/ 56.
1133- البيت من الكامل، وهو لعبد قيس بن خفاف في الدرر 3/ 102، وشرح اختيارات المفضل ص1558، وشرح شواهد المغني 1/ 271، ولسان العرب 1/ 712 "كرب"، والمقاصد النحوية 2/ 203، ولحارثة بن بدر الغداني في أمالي المرتضى 1/ 383، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 335، وشرح عمدة الحافظ ص374، ومغني اللبيب 1/ 93، وهمع الهوامع 1/ 206.

 

ج / 4 ص -21-                                 فِعْلَيْنِ يَقْتَضِينَ شَرْطٌ قُدِّمَا    يتلو الجزاء وَجَوَابًا وُسِمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1134-

لو يشأ طار به ذو ميعة

وقوله:
1135-

تامت فؤادك لو يُحزنك ما صنعت              إحدى نساء بني ذهل ابن شيبانا

ووقع له في التسهيل كلامان؛ أحدهما: يقتضي المنع مطلقًا. والثاني: ظاهره موافقة ابن الشجري "فعلين يقتضين" أي: تطلب هذه الأدوات فعلين "شرط قدما يتلو الجزاء" أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على لغة من يقول في شاء يشاء شايشا بالألف، ثم أبدلت همزة ساكنة كما قيل العألم والخأتم، وأن الثاني سكن فيه الفعل تخفيفًا؛ كقراءة أبي عمر:
{وَيَنْصُرْكُمْ} [التوبة: 14] و{يُشْعِرُكُمْ} [الأنعام: 109] وهذا التأويل يجيء في الأول أيضًا، وفي بعض النسخ تمام البيت؛ وهو:

لاحق الآطال نهد ذو خصل

قال الشمني: والميعة النشاط وأول جري الفرس واللاحق الضامر، والآطال جمع إطل بكسر الهمزة وسكون الطاء وكسرها وهي الخاصرة، فاستعمل الشاعر الجمع فيما فوق الواحد، ونهد بفتح النون وسكون الهاء؛ أي جسيم، وخصل بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة جمع خصلة؛ وهي القطعة من الشعر. اهـ. وقوله: والميعة النشاط الذي في القاموس ماع الفرس يميع جرى. اهـ. وفي بعض النسخ منعة بالنون بدل التحتية؛ أي: قوة، والضمير في "يشأ" يرجع إلى الفارس المذكور في البيت قبله، والذي رأيته في المغني وشرح شواهده للسيوطي طار به بضمير مذكر يرجع إلى الفارس. قال السيوطي: أي لو يشأ أنجاه فرس له ذو ميعة... إلخ، فما في نسخ من تأنيث الضمير المجرور بالباء غير صواب. قوله: "تامت فؤادك... إلخ" يقال: تامة الحب وتيمه أي: أذله.
قوله: "المنع مطلقًا" أي: في النثر والشعر. قوله: "فعلين يقتضين" فعلين مفعول مقدم ليقتضين كما يفيده قول الشارح أي: تطلب هذه الأدوات فعلين، والجملة مستأنفة لا نعت لقوله: اسمًا؛ لإيهامه أن إذ ما وإن لا يقتضيان فعلين، وعلى الإعراب المذكور فاجزم في قوله سابقًا واجزم بأن... إلخ محذوف المفعول للعلم به من هنا أو منزل منزلة اللازم، ويصح جعل فعلين مفعوله وجملة يقتضين نعت لفعلين والرابط محذوف أي: يقتضينهما وعليه فقوله: سابقًا وحرف إذ ما... إلخ كلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1134- عجزه:

لا حق الآطال نهد ذو خُصل

والبيت من الرمل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص134، ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية 1/ 243، وخزانة الأدب 11/ 298، 300، والدرر 5/ 97، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1108، وشرح شواهد المغني 2/ 664، ولعلقمة أو لامرأة من بني الحارث في المقاصد النحوية 2/ 539، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 334، وتذكرة النحاة ص39، والجنى الداني ص287، ومغني اللبيب 1/ 271، وهمع الهوامع 2/ 64.
1135- البيت من البسيط، وهو للقيط بن زرارة في لسان العرب 12/ 75 "تيم"، والعقد الفريد 6/ 84، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص411، وشرح شواهد المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271.

ج / 4 ص -22-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبعه الجزاء "وجوابًا وسما" أي: علم؛ يعني: يسمى الجزاء جوابًا أيضًا؛ وإنما قال فعلين ولم يقل جملتين للتنبيه على أن حق الشرط والجزاء أن يكونا فعلين، وإن كان ذلك لا يلزم في الجزاء، وأفهم قوله يتلو الجزاء أنه لا يتقدم، وإن تقدم على أداة الشرط شبيه بالجواب فهو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معترض بين الفعل ومفعوله وشرط مبتدأ وسوغ الابتداء به وقوعه في معرض التفصيل خبره قدمًا أو خبر لمحذوف أي: أحدهما شرط وجملة المبتدأ والخبر على كل مستأنفة وجملة يتلو الجزاء إما مستأنفة أو خبر ثانٍ على جعل شرط مبتدأ أو صفة ثانية على جعله خبرًا لمحذوف والرابط محذوف أي: يتلوه. وفي بعض النسخ شرطًا بالنصب على المفعولية ليقتضين بناء على أن فعلين مفعول لا جزم لا ليقتضين وأن يقتضين مستأنف لا نعت لفعلين ولا يصح جعله بدلًا من فعلين؛ لأن التابع غير مستوفٍ للمتبوع؛ وإنما يجوز الاتباع فيما كان مستوفيًا نحو: لقيت الرجلين زيدًا وعمرًا، وبتقرير المقام على هذا الوجه التام يعلم ما في كلام البعض من القصور والإيهام. واعلم أن جملة الشرط يجب تصديرها بفعل مضارع غير دعاء ولا ذي تنفيس مثبت أو منفي بلا أو لم أو بفعل ماضٍ عارٍ من قد ونفي ودعاء وجمود، ولو كان الفعل مضمرًا يفسره فعل نحو:
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} وكونه في هذه الحالة مضارعًا دون لم ضرورة نحو:

ولديك أن هو يستزدك مزيد

والاختيار أن يكون عند الإضمار والتفسير ماضيًا أو مضارعًا مقرونًا بلم، وكذا تقديم الاسم عند الإضمار والتفسير مع غير أن ضرورة في الأصح نحو:

فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن

وقوله:

أينما الريح تميلها تمل

وجوَّزه الكسائي اختيارًا مع من وأخواته كذا في الهمع. قوله: "يتلو الجزاء" شرطه الإفادة كخبر المبتدأ، فلا يجوز: إن يقم زيد يقم. فإن دخله معنى يخرجه للإفادة جاز، ومنه: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". سيوطي. قوله: "وجوابا وسما" قال أبو حيان: التسمية بهما مجاز فإن الجزاء الثواب أو العقاب على فعل. والجواب ما وقع في مقابلة كلام المسائل؛ لكن لما أشبه الفعل الثاني في ترتبه على الأول الجزاء والجواب سُمي جزاء وجوابًا. اهـ ملخصًا. قال سم: دعوى التجوز صحيحة باعتبار اللغة، وأما باعتبار الاصطلاح فهي ممنوعة؛ بل الظاهر أن التسمية حقيقة اصطلاحية. قوله: "وإنما قال فعلين" أي: اعتبارًا بالمسند فقط ولم يقل جملتين أي: كما قال في التسهيل اعتبارًا بمجموع المسند والمسند إليه للتنبيه على أن... إلخ أي: ولأن التعبير بجملتين يوهم جواز كون الشرط جملة اسمية مع أنه ليس كذلك. قوله: "أنه لا يتقدم" كذا معموله إلا أن يكون الجواب مرفوعًا نحو: خيرًا إن أتيتني تصيب وسوغ ذلك أنه ليس فعل جواب؛ بل في نية التقديم والجواب محذوف. اهـ. سيوطي. وفي الفارضي ما نصه: أجاز الكسائي والفراء تقديم معمول الجزاء على أداة الشرط نحو: خيرًا إن تكرمني تصب، وأجاز الكسائي

 

ج / 4 ص -23-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دليل عليه وليس إياه. هذا مذهب جمهور البصريين. وذهب الكوفيون والمبرد وأبو زيد إلى أنه الجواب نفسه. والصحيح الأول. قوله: "وأفهم" يقتضين: أن أداة الشرط هي الجازمة للشرط والجزاء معًا لاقتضائها لهما: أما الشرط فنقل الاتفاق على أن الأداة جازمة له، وأما الجزاء ففيه أقوال؛ قيل: هي الجازمة له أيضًا كما اقتضاه كلامه، قيل: وهو مذهب المحققين من البصريين، وعزاه السيرافي إلى سيبويه. وقيل: الجزم بفعل الشرط، وهو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديم معمول الشرط نحو: زيدًا إن لقيت فأكرمه، والمعتمد خلاف ذلك كما سبق في الاشتغال. اهـ. قوله: "وإن تقدم على أداة الشرط... إلخ" قال في التسهيل: ولا يكون الشرط حينئذ أي: حين إذ حذف الجواب وقدم دليله غير ماضٍ إلا في الشعر؛ كقوله:

ولديك ان هو يستزدك مزيد

وإن كان غير ماضٍ مع من أو ما أو أي وجب في السعة جعلها موصولة، وإعطاؤها حكم الموصول فتقول: أعطِ من يعطي زيدًا وأحب ما يحبه وأكرم أيهم يحبك برفع الفعل والمجيء بالعائد وكون الجملة لا محل لها، أما في الضرورة فيجوز بقاء الشرطية والجزم، وكذا إن أضيف إليهن اسم زمان نحو: أتذكر إذ من يأتينا تأتيه؛ لأن أسماء الزمان لا تضاف إلى جملة مصدرة بأن، فكذا المصدرة بما تضمن معناها كمن، خلافًا للزيادي حيث جوَّز في هذه الصورة الجزم اختيارًا، ويجب ما ذكر لهن مطلقًا سعة أو ضرورة تلاهن ماضٍ أو مضارع إثر هل؛ لأن هل لا تدخل على أن، فكذا ما تضمن معنى أن بخلاف الهمزة فيجوز معها الجزم على الأصح نحو: أمن يأتك تأته لدخولها على أن أو إثر ما النافية أو باب كان أو باب أن، وأما قول الأعشى:

إن من يدخل الكنيسة يومًا                            يلق فيها جآذرا وظباء

فعلى تقدير ضمير الشأن، وإنما وجبت موصوليتها بعد هذه العوامل؛ لأن اسم الشرط لا يعمل فيه عامل متقدم إلا الجار أو إثر؛ لكن المخففة أو إذا الفجائية غير مضمر بعدهما مبتدأ، فإن أضمر جاز الجزم تقول: رأيت زيدًا فإذا من يأته يكرمه أي: فإذا هو وزيد جميل الأخلاق؛ لكن من يزره يهنه أي: لكن هو. اهـ. مع زيادات من الدماميني والهمع. قوله: "فنقل الاتفاق... إلخ" حُكي في التصريح قولًا بأن الشرط والجواب تجازما، وهو يمنع الاتفاق المذكور، فافهم.
قوله: "وأما الجزاء... إلخ" حاصل ما ذكره فيه أربعة أقوال وبقي قولان؛ أحدهما: ما في الفارضي عن المازني أن الشرط والجزاء مبنيان مطلقًا حتى في نحو: إن تقم أقم؛ لأن المضارع إنما أعرب لوقوعه موقع الاسم، وهو متعذر هنا، ونقض بلن أضرب؛ إذ لا يقع الاسم هنا أيضًا مع أن الفعل معرب ثانيهما ما حكاه في التصريح أنهما تجازما. قوله: "هي الجازمة له أيضًا" اعترض بأن الجازم كالجار فلا يعمل في شيئين، وبأنه ليس لنا ما يتعدد عمله إلا ويختلف كرفع ونصب، ويجاب بالفرق بأن الجازم لما كان لتعليق حكم على آخر عمل فيهما بخلاف الجار، وبأن تعدد العمل قد عهد من غير اختلاف كمفعولي ظن ومفاعيل أعلم. تصريح قوله: "بفعل الشرط" لأنه مستدع له بما أحدثت فيه الأداة من معنى الاستلزام ورد باستغراب عمل الفعل الجزم. دماميني.

 

ج / 4 ص -24-                                وماضِيَيْنِ أو مضَارِعَيْنِ          تُلْفِيهِمَا أو مُتَخَالِفَيْنِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذهب الأخفش، واختاره في التسهيل. وقيل: بالأداة والفعل معًا، ونسب إلى سيبويه والخليل. وقيل: بالجوار، وهو مذهب الكوفين. "وماضيين أو مضارعين تلفيهما" أي: تجدهما "أو متخالفين" هذا ماضٍ وهذا مضارع، فمثال كونهما مضارعين وهو الأصل نحو:
{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19]، وماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8]، وماضيًا فمضارعًا نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20]، وعكسه قليل، وخصه الجمهور بالضرورة، ومذهب الفراء والمصنف جوازه في الاختيار، وهو الصحيح لما رواه البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام: "مَن يقم ليلة القدر إيمانًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "معًا" أي: لارتباطهما، وحرف الشرط ضعيف كالجار لا يقدر على عملين، وجوابه مر آنفًا. قوله: "بالجوار" رد بأنه قد يكون بينهما معمولات فاصلة، فلا تجاور. تصريح.
قوله: "وماضيين" أي: لفظًا لا معنى؛ لأن هذه الأدوات تقلب الماضي للاستقبال شرطًا أو جوابًا، سواء في ذلك كان وغيرها على الأصح بدليل:
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] الآية. وقال ابن الحاجب: قد يستعمل الفعل الواقع شرطًا لأن أو غيرها في مطلق الزمان مجازًا نحو: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمد: 36] ونحو: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} فيدخل الماضي والمستقبل، كذا في الدماميني. وزعم المبرد وتبعه الرضي أن كان تبقى على المضي لقوتها فيه، كما أن كنت قلته علمته، ويجاب بأن المعنى إن أكن موصوفًا بأني قتلته فيما مضى، وسواء في ذلك أيضًا الجواب المقرون بالفاء وقد ظاهرة أو مقدرة وغيره على الأصح، وقال المصنف تبعًا للجزولي: إن الفعل المقرون بالفاء وقد ظاهرة أو مقدرة يكون جواب الشرط وهو ماضي اللفظ والمعنى نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] و{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 27] فكذبت أي: فقد كذبت. قال أبو حيان: وذلك مستحيل من حيث أن الشرط يتوقف عليه مشروطه، فيجب أن يكون الجواب بالنسبة إليه مستقبلًا، فيتأول ما ورد من ذلك على حذف الجواب أي: إن يسرق فتأسّ فقد سرق أخ له من قبل، ومثله {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ} [فاطر: 4] أي: فتسل فقد كذبت، قال: وإنما سُمي المذكور جوابًا لأنه مغنٍ عنه ومفهم له، كذا في الهمع، وتأوله بعضهم بأن المراد ترتيب الأخبار بسرقة أخيه في الزمن الماضي على سرقته في الزمن المستقبل، وترتيب الأخبار بكذبها في الزمن الماضي على قد قميصه من دبر في الزمن المستقبل. قال الدماميني: والأصل عدم تكرر المشروط بتكرر الشرط ما لم يقتضِ العرف ذلك كما في {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: 6] الآية، وكما في {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الآية. اهـ. واعلم أن الأحسن أن يكونا مضارعين لظهور تأثير العامل فيهما، ثم ماضيين للمشاكلة في عدم التأثير، ثم أن يكون الشرط ماضيًا والجواب مضارعًا؛ لأن فيه الخروج من الأضعف إلى الأقوى؛ أعني: من عدم التأثير إلى التأثير، وأما عكسه فخصه الجمهور بالضرورة. سيوطي عن أبي حيان.
قوله: "وخصه الجمهور بالضرورة" لأن إعمال الأداة في لفظ الشرط ثم المجيء بالجواب ماضيًا كتهيئة العامل للعمل ثم قطعه. اهـ حفيد. قوله: "إيمانًا" أي: تصديقًا بأنها حق وطاعة واحتسابًا

ج / 4 ص -25-                                     وبعد ماضٍ رفعك الجزا حَسَنْ        ورفعه بعد مضارع وَهَنْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحتسابًا غفر له". ومن قوله عائشة رضي الله عنها: إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك رق. ومنه:
{إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ} لأن تابع الجواب جواب. وقوله:
1136-

من يكدني بسيئ كنت منه                      كالشجا بين حلقه والوريد

وقوله:
1137-

إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا                     ملأتم أنفس الأعداء إرهابًا

وقوله:
1138-

إن يسمعوا سُبة طاروا بها فرحًا               مني وما يسمعوا من صالح دفنوا

وأورد له الناظم في توضيحه عشرة شواهد شعرية: "وبعد ماض رفعك الجزا حسن" كقوله:
1139-

وإن أتاه خليل يوم مسغبة                    يقول لا غائب ما لي ولا حرم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: طلبًا لرضا الله وثوابه لا للرياء ونحوه. قوله: "لأن تابع الجواب جواب" قد يقال: يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويُجاب بأن هذا خلاف الأصل؛ ولذا لم يغتفر مطلقًا بل في مواضع مخصوصة. سم. قوله: "كنت منه" بفتح التاء لأنه يمدح شخصًا به والشجا بفتح الشين المعجمة والجيم ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره، والوريد عرق غليظ في العنق. عيني.
قوله: "إن تصرمونا" من الصرم؛ وهو القطع، وبابه ضرب ونصر كما أفاده في القاموس والإرهاب الإخافة. قوله: "إن يسمعوا سبة" بضم السين وتشديد الموحدة ما يسب به من العيوب، وفي بعض النسخ سيئة بياء مخففة فهمزة. قوله: "وبعد" متعلق برفع وتقديم معمول المصدر المقدر بأن والفعل جائز إذا كان ظرفًا ويصح جعله حالًا من الجزاء، وإن لم يذكروه وما ذكروه من احتمال كونه لغوًا متعلقًا بحسن ضعيف معنى فتأمل. قوله: "ماض" أي: لفظًا أو معنى كما سيذكره. قوله: "وإن أتاه خليل" أي: فقير من الْخَلة بفتح الخاء؛ وهي الحاجة، يوم مسغبة أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1136- البيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص52؛ وخزانة الأدب 9/ 76، والمقاصد النحوية 4/ 427، وبلا نسبة في رصف المباني ص105، وشرح ابن عقيل ص585، والمقتضب 2/ 59، والمقرب 1/ 275، ونوادر أبي زيد ص68.
1137- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 73، والمقاصد النحوية 4/ 428، وهمع الهوامع 2/ 59.
1138- البيت من البسيط، وهو لقعنب ابن أم صاحب في سمط اللآلئ ص362، وشرح شواهد المغني 2/ 965، ولسان العرب 4/ 434 "شور"، 8/ 378 "هيع"، 13/ 10 "أذن"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص203، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1450، والمحتسب 1/ 206، ومغني اللبيب 2/ 692.
1139- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سُلمى في ديوانه ص153، والإنصاف 2/ 625، وجمهرة اللغة ص108، وخزانة الأدب 9/ 48، 70، والدرر 5/ 82، ورصف المباني ص104، وشرح أبيات سيبويه 2/ 85، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح شواهد المغني 2/ 838، والكتاب 3/ 66، ولسان العرب 11/ 215 "خلل"، 12/ 128 "حرم"، والمحتسب 2/ 65، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 4/ 429، والمقتضب 2/ 70، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 207، وجواهر الأدب ص203، وشرح شذور الذهب ص451، وشرح ابن عقيل ص586، وشرح عمدة الحافظ ص353، وشرح المفصل 8/ 157، وهمع الهوامع 2/ 60.

ج / 4 ص -26-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1140-

ولا بالذي إن بان عنه حبيبه                   يقول ويُخفي الصبراني لجازع

ورفعه عند سيبويه على تقدير تقديمه، وكون الجواب محذوفًا. وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنه على تقدير الفاء، وذهب قوم إلى أنه ليس على التقديم والتأخير ولا على حذف الفاء؛ بل لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط؛ لكونه ماضيًا ضعفت عن العمل في الجواب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجاعة، وفي رواية: يوم مسألة أي: سؤال، وقوله: "حرم" بفتح الحاء وكسر الراء المهملتين أي: ممنوع.
قوله: "ورفعه عند سيبويه... إلخ" فعلى مذهب سيبويه يكون المرفوع مستأنفًا دليل الجواب لا نفسه، فلا يجوز جزم ما عطف عليه، ويجوز أن يفسر ناصبًا لما قبل الأداة نحو: زيدًا إن أتاني أكرمه، وعلى قول المبرد يكون المرفوع نفس الجواب، فيجوز جزم ما عطف عليه، ويمتنع التفسير ضرورة أن ما بعد فاء الجواب لا يمكن تسليطه على ما قبل الأداة، فلا يفسر عاملًا فيه، فهذا ثمرة الخلاف، أفاده الدماميني. وإنما جاز جزم المعطوف على الجواب على قول المبرد؛ لأنه على قوله مجزوم محلًا، كما صرح به الفارضي، وظاهر هذا الكلام أن الذي في محل جزم هو الفعل فقط، ويرده أنه لا مانع من ظهور جزمه، فكيف يجعل محليًّا، ولهذا كتب الشنواني بهامش الدماميني ما نصه: محل جواز الجزم على قول المبرد أن قدر العطف على الجملة، وأما إن قدر العطف على الفعل فقط فلا وجه لجواز الجزم. اهـ. يعني جملة الجواب، وسيأتي أن التحقيق كون المرفوع خبرًا لمبتدأ محذوف، والجملة جواب الشرط، وسيأتي الكلام على القول الثالث.
قوله: "على تقدير الفاء" أي: لتقوم في إفادة الربط مقام جزم الجواب، فيصح رفعه وترك جزمه استغناء عنه بالفاء، هذا ما ظهر، ثم رأيت الفارضي علل تقدير الفاء بقوله: لأنه أي: الفعل يرفع بعد الفاء أي: لكونه حينئذٍ خبر مبتدأ محذوف، والجواب هو الجملة الاسمية. قال في التسهيل: وإن قرن أي: المضارع الواقع في حيز الجواب بالفاء رفع مطلقًا. قال الدماميني: أي سواء كان الشرط ماضيًا نحو:
{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] أو مضارعًا نحو: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ} [الجن: 13] وهو إذ ذاك خبر مبتدأ محذوف والجملة اسمية ولذلك دخلت الفاء. اهـ. قوله: "لما لم يظهر... إلخ" قضيته أن المضارع المبني كالماضي، فإذا وقع شرطًا جاز رفع الجواب، وقد يُفرق بأن شأن المضارع التأثر لفظًا. سم. قوله: "ضعفت عن العمل في الجواب"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1140- البيت من الطويل.

 

ج / 4 ص -27-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: مثل الماضي في ذلك المضارع المنفي بلم، تقول: إن لم تقم أقوم، وقد يشمله كلامه. الثاني: ذهب بعض المتأخرين إلى أن الرفع أحسن من الجزم، والصواب عكسه كما أشعر به كلامه. وقال في شرح الكافية: الجزم مختار، والرفع جائز كثير. "ورفعه" أي: رفع الجزاء "بعد مضارع وهن" أي: ضعيف. من ذلك قوله:
1141-

يا أقرع بن حابس يا أقرع                         إنك إن يُصرع أخوك تصرع

وقوله:
1142-

فقلت تحمَّل فوق طوقك إنها                       مطبعة من يأتها لا يضيرها

وقراءة طلحة بن سليمان: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78]، وقد أشعر كلامه بأنه لا يختص بالضرورة، وهو مقتضى كلامه أيضًا في شرح الكافية وفي بعض نسخ التسهيل، وصرح في بعضها بأنه ضرورة، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإنه قال: وقد جاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمرفوع نفس الجواب من غير تقدير الفاء، فالأقوال ثلاثة، وكلام المصنف يحتمل الثاني والثالث. قال الحفيد: يلزم من القول الثالث ألا يكون الجزاء معمولًا لأداة الشرط لفظًا ولا تقديرًا. اهـ. وتكون الأداة عليه لا عمل لها في الجزاء أصلًَا، صرح به الرضي؛ فعلم أنه على الثالث يمتنع جزم المعطوف ويمتنع التفسير؛ لأن الجواب لا يعمل فيما قبل الأداة فلا يفسر عاملًا فيه.
قوله: "وقد يشمله كلامه" بأن يراد الماضي لفظًا أو معنى. قوله: "كما أشعر به كلامه" حيث قال: حسن، ولم يقل: أحسن. قوله: "بعد مضارع" أي: غير منفي بلم كما مر وسيأتي. قوله: "وهن" سيأتي أنه مقيد بما إذا لم يتقدم على أن ما يطلب الجزاء. قوله: "فقلت تحمل... إلخ" الخطاب للبختي وضميره أنها للقربة مطبعة؛ أي: مملوءة من الطعام. وقوله: "لا يضيرها" أي: لا يضرها كذا في العيني، قال شيخنا السيد مطبعة بالعين المهملة كما في البهوتي. اهـ. ويشهد له قول القاموس طبع الدلو ملأها كطبعها، ولعل المعنى لا يضرها بكثرة النقص لقوة امتلائها، وكأن مقصود الشاعر توطين نفس الجمل الحامل على التجلد على حملها وتنشيطه على ذلك. قوله: "وقراءة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1141- الرجز لجرير بن عبد الله البجلي في شرح أبيات سيبويه 2/ 121، والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 11/ 46 "بجل"، وله أو لعمرو بن خثارم العجلي في خزانة الأدب 8/ 20، 23، 28، وشرح شواهد المغني 2/ 897، والمقاصد النحوية 4/ 430، ولعمرو بن خثارم البجلي في الدرر 1/ 227، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص202، والإنصاف 2/ 623، ورصف المباني ص104، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح ابن عقيل ص587، وشرح عمدة الحافظ ص354، وشرح المفصل 8/ 158، ومغني اللبيب 2/ 553، والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 2/ 72.
1142- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 9/ 52، 57، 71، وشرح أبيات سيبويه 2/ 193، وشرح أشعار الهذليين 1/ 208، وشرح التصريح 2/ 249، والشعر والشعراء 2/ 659، والكتاب 3/ 70، ولسان العرب 4/ 495 "ضير"، 8/ 233 "طبع"، والمقاصد النحوية 4/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 208، وشرح المفصل 8/ 158، والمقتضب 2/ 72.

 

ج / 4 ص -28-          ...............................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الشعر. وقد عرفت أن قوله: بعد مضارع ليس على إطلاقه؛ بل محله في غير المنفي بلم كما سبق.
تنبيهات: الأول: اختلف في تخريج الرفع بعد المضارع؛ فذهب المبرد إلى أنه على حذف الفاء مطلقًا، وفصل سيبويه بين أن يكون قبله ما يمكن أن يطلبه نحو: إنك في البيت، فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير، وبين ألا يكون، فالأولى أن يكون على حذف الفاء، وجوز العكس؛ وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء، وإلا فعلى التقديم والتأخير. الثاني: قال ابن الأنباري: يحسن الرفع هنا إذا تقدم ما يطلب الجزاء قبل إن كقولهم: طعامك إن تزرنا نأكل، تقديره: طعامك نأكل إن تزرنا. الثالث: ظاهر كلامه موافقة المبرد لتسميته المرفوع جزاء، ويحتمل أن يكون سماه جزاء باعتبار الأصل وهو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلحة" هذه القراءة تمنع اختصاصه بالضرورة. قوله: "على حذف الفاء مطلقًا" أي: سواء كان قبله ما يطلبه أو لا، كانت الأداة اسم شرط أو لا، وأورد في التصريح على هذا القول والقول بعده أن حذف فاء الجواب مع غير القول مختص بالضرورة ولك دفعه بأن ذلك فيما لا يصلح لمباشرة الأداة؛ لكون الفاء فيه واجبة، والكلام فيما يصلح، فتأمل.
قوله: "وفصل سيبويه... إلخ" قال شيخنا: انظر لِمَ خالف سيبويه هنا مذهبه فيما تقدم؟ ويمكن الفرق بين الماضي والمضارع. اهـ. ولعل الفرق أن الماضي لما لم تؤثر فيه الأداة الجزم احتيج إلى جعل الكلام على التقديم والتأخير وتقدير جواب يظهر فيه أثرها إذا نطق به وفاء بحقها في الجملة، بخلاف المضارع لتأثيرها فيه فحصل الوفاء بذلك، فتأمل. قوله: "نحو: إنك في البيت" أي: البيت الأول؛ لأن إن يمكن أن تطلب الجزاء خبرًا لها.
قوله: "فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير" لضعف طلب الأداة للفعل؛ بسبب تقدم ما يمكن أن يطلبه غيرها. قوله: "وجوز العكس" يفهم منه بالأولى أنه يجوز أيضًا كونه على التقديم والتأخير مطلقًا وكونه على حذف الفاء مطلقًا؛ لأن في العكس مخالفة الأولى في القسمين، وفي هذين الوجهين مخالفة الأولى في قسم واحد. قوله: "إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء" أي: ويكون المرفوع الجواب ووجهه ضعف طلب الأداة لجزم الجواب؛ بسبب عروض الشرطية على اسم الشرط بتضمنه معنى أن، فعلم ما في توجيه البعض ذلك بقوة طلب الأداة بكونها اسمًا. قوله: "ما يطلب الجزاء" قال شيخنا: يحتمل أن الجزاء بالنصب مفعول يطلب، وعليه فيقرأ في المثال: طعامك بالرفع على الابتداء وجملة: نأكل خبر؛ أي: والرابط محذوف فطعامك طالب للجزاء؛ لأن المبتدأ عامل في الخبر ويحتمل أن الجزاء بالرفع فاعل والمفعول محذوف؛ أي: ما يطلبه الجزاء قبل أن فيقرأ طعامك بالنصب مفعول نأكل فيكون طعامك مطلوبًا للجزاء. اهـ. وإنما أوجب على نصب الجزاء رفع طعامك وعلى رفعه نصب طعامك بناء على المتبادر من طلب لفظ للفظ من كون الطالب عاملًا والمطلوب معمولًا، فلو جعل الطلب شاملًا لطلب المعمول العامل لأن يعمل فيه لم يجب ما ذكر.
قوله: "قبل أن" ظاهره أن غير إن ليس كإن في ذلك، فليتأمل. قوله: "موافقة المبرد" فيه

 

ج / 4 ص -29-                             واقْرُنْ بفا حَتْمًا جوابًا لو جُعل    شرطًا لإِنْ أو غيرها لم يَنْجَعِلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزم وإن لم يكن جزاء إذا رفع "واقرن بفا حتمًا" أي: وجوبًا "جوابًا لو جعل شرطًا لإن أو غيرها" من أدوات الشرط "لم ينجعل" وذلك الجملة الاسمية نحو:
{وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17]، والطلبية نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظر وإن سكتوا عنه لاحتمال كلام المصنف مذهب المبرد، والمذهب الثالث من مذاهب الرفع بعد الماضي كما مر. قوله: "ويحتمل أن يكون سماه" أي: على جعله غير جواب جزاء باعتبار الأصل... إلخ أي: فيوافق كلامه جميع المذاهب. قوله: "واقرن بفا حتمًا" خصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية والتعقيب والجزاء متسبب عن الشرط ومتعقب عنه، أفاده في التصريح وصرح في المغني بأن المحل لمجموع الفاء وما بعدها ويستثنى من وجوب القرن بالفاء ما إذا صدر الجواب بهمزة الاستفهام، سواء كان جملة فعلية أو اسمية، فلا تدخل الفاء سابقة على الهمزة وإن دخلت مسبوقة بها؛ كما في قوله تعالى:
{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} [الزمر: 19] وخصت الهمزة بعدم دخول الفاء عليها دون أخواتها كهل ومن لعراقتها وقوة صدارتها، فغير الهمزة يجوز دخول الفاء عليه لعدم عراقته.
قوله: "الجملة الاسمية" أورد عليه نحو:
{وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] وأجاب الرضي بأن القسم مقدر قبل الشرط والجواب له، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه؛ لكن من غير اعتبار لوجود الفاء أو عدمها، فلا يقال: الجواب المذكور للقسم بلا فاء، فيدل على جواب للشرط مثله بلا فاء فيعود الإيراد، لا يقال: لو كان القسم مقدرًا لثبتت اللام الموطئة له لتدل عليه؛ لأنا نقول: ذكر هذه اللام عند حذف القسم أكيد لا واجب كما قاله الأسقاطي على ابن عقيل، ثم رأيت الشمني صرح به ويكفي دالًّا على القسم عدم الفاء في الجواب، وقول بعضهم: إن الجواب في الآية للشرط على تقدير الفاء مردود؛ لأن تقديرها إنما يجوز في الضرورة. وأما زيادة البعض أن جملة القسم وجوابه جواب الشرط، فيردها أن الفرض تقدير القسم قبل الشرط، فيلزم أن يتوسط الشرط بين أجزاء جوابه وهو ممنوع، وجملة ما ذكره الشارح من المواضع التي تجب فيها الفاء سبعة، نظمها بعضهم في قوله:

طلبية واسمية وبجامد                        وبما وقد وبلن وبالتنفيس

زاد الكمال بن الهمام تصديره برب وبالقسم، والدنوشري تصديره بأداة شرط نحو: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} [الأنعام: 35] الآية. قوله: "نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ}... إلخ" ذكر في المغني أن التحقيق في مثل: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ} [العنكبوت: 5] كون الجواب محذوفًا؛ لأن الجواب مسبب عن الشرط، وأجل الله آتٍ، سواء وجد الرجاء أو لم يوجد، فالأصل فليبادر للعمل فإن أجل الله لآت؛ وحينئذ يقال: كيف جعل الجواب الاسمية مع أن الله على كل شيء قدير، سواء مس بخير أو لا، وكأنه مشى مع بعض القوم الظاهر كما أفاده الدماميني، واستشكل في حاشيته على المغني ذكره من أمثلة ذلك: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ} [الأنعام: 17] {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ} [طه: 7] أي: فاعلم أنه غني عن جهرك، فإنه يعلم السر {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} أي: فتصبر فقد كذبت رسل، ونحو ذلك مما فعل الشرط فيه مضارع بأنهم نصوا على أن الجواب لا

ج / 4 ص -30-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، ونحو: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] في رواية ابن كثير، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 16]، والتي فعلها جامد نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي} [الكهف: 39]، أو مقرون بقد نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]، أو تنفيس نحو: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} [التوبة: 28] أو لن نحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115]، أو ما نحو: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} [يونس: 72]. وقد تحذف للضرورة كقوله:
1143-

من يفعل الحسنات الله يشكرها

وقوله:
1144-

ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا              سيُلغى على طول السلامة نادما

قال الشارح: أو ندور، ومثل لندور بما أخرجه البخاري من قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب: "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها". وعن المبرد إجازة حذفها في الاختيار. وقد جاء حذفها وحذف المبتدأ في قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحذف إلا إذا كان فعل الشرط ماضيًا لفظًا، ويجاب بأن محل هذا إذا لم يسد شيء مسد الجواب، وهذه المواضع التي فيها فعل الشرط مضارع فيها شيء سد مسد الجواب. قوله: "وقد اجتمعا" أي: الاسمية والطلبية.
قوله: "من قوله صلى الله عليه وسلم" أي: في شأن اللقطة وجواب الشرط الأول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1143- عجزه:

والشر بالشر عند الله مثلان

والبيت من البسيط، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص288، وشرح أبيات سيبويه 2/ 109، وله أو لعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 9/ 49، 52، وشرح شواهد المغني 1/ 178، ولعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 2/ 365، ولسان العرب 11/ 47 "بجل"، والمقتضب 2/ 72، ومغني اللبيب 1/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 433، ونوادر أبي زيد ص31، ولحسان بن ثابت في الدرر 5/ 81، والكتاب 3/ 65، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 114، وأوضح المسالك 4/ 210، وخزانة الأدب 9/ 40، 77، 11/ 357، والخصائص 2/ 281، وسر صناعة الإعراب 1/ 264، 265، وشرح شواهد المغني 1/ 276، وشرح المفصل 9/ 2، 3، والكتاب 3/ 114، والمحتسب 1/ 193، والمقرب 1/ 276، والمنصف 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 60، ويُروى "سيان" مكان "مثلان".
1144- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 211، وشرح التصريح 2/ 250، والمقاصد النحوية 4/ 433.

 

ج / 4 ص -31-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1145-

بَنِي ثُعَل من ينكع العنز ظالم

وإنما وجب قرن الجواب بالفاء فيما لا يصلح شرطًا ليعلم الارتباط، فإن ما لا يصح للارتباط مع الاتصال أحق بألا يصلح مع الانفصال، فإذا قرن بالفاء علم الارتباط. أما إذا كان الجواب صالحًا لجعله شرطًا -كما هو الأصل- لم يحتج إلى فاء يقترن بها، وذلك إذا كان ماضيًا متصرفًا مجردًا من قد وغيرها، أو مضارعًا مجردًا أو منفيًّا بلا أو لم. قال الشارح: ويجوز اقترانه بها، فإن كان مضارعًا رفع، وذلك نحو قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26]، وقوله: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ} [النمل: 90] وقوله: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن: 13]، هذا كلامه. وهو معترض من ثلاثة أوجه؛ الأول: أن قوله: ويجوز اقترانه بها، يقتضي ظاهره أن الفعل هو الجواب مع اقترانه بالفاء والتحقيق حينئذ أن الفعل خبر مبتدأ محذوف، والجواب جملة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محذوف للعلم به أي: فأدها إليه. قوله: "بني ثعل" أي: يا بني ثعل من ينكع العنز بتحتية فنون ساكنة فكاف مفتوحة فعين مهملة أي: يجهدها حلبًا. قوله: "مع الاتصال" أي: بأداة الشرط بأن يقع شرطًا. سم. قوله:"وغيرها" كما النافية ولن وحروف التنفيس. قوله: "أو منفيًّا بلا" أورده بعضهم على الضابط الذي ذكره المصنف من جهة أنه صالح لأن يجعل شرطًا ومع ذلك يجوز اقترانه بالفاء. وأجيب بأن لا تستعمل تارة لنفي المستقبل وتارة لمجرد النفي، فعلى التقدير الأول لا يصح مجامعتها لحرف الشرط فتجيء الفاء، وعلى الثاني يمكن مجامعتها لحرف الشرط فتمنع الفاء. اهـ دماميني. وعندي في كل من الإيراد والجواب نظر، أما الإيراد فلأن مفهوم كلام المصنف عدم وجوب الفاء في الصالح لا عدم جوازها حتى يتوجه الإيراد، وأما الجواب فلأنه قد يمنع عدم مجامعة لا لحرف الشرط على تقدير كونها لنفي المستقبل، ويمنع تفرع منع الفاء على مجامعة لا لحرف الشرط في تقدير كونها لمجرد النفي؛ لأن الفاء قد تجوز مع الصالح وقد تجب، كما سيأتي عن سم، فتدبر.
قوله: "ويجوز اقترانه" أي: الجواب الصالح لأن يكون شرطًا بصوره الأربع، قال الأسقاطي: ظاهره جواز اقترانه بها إذا كان مضارعًا منفيًّا بلم وكلام الكافية والجامي يخالفه. اهـ. قوله: "فإن كان مضارعًا رفع" هذا في غير المقرون بلم لأنه يجزم. قوله: "وذلك نحو قوله تعالى... إلخ" اسم الاشارة راجع إلى اقتران الجواب بالفاء. قوله: "أن الفعل هو الجواب مع اقترانه بالفاء" أي: وهو في المضارع مخالف للواقع على التحقيق كما سيأتي. وأما قول شيخنا أي: ويلزم عليه انتقاض الضابط الذي ذكره المصنف وهو أن الفاء تدخل على ما لا يصلح شرطًا ففيه أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1145- صدره:

بني ثعل لا تنكعوا العنز شِرْبَها

والبيت من الطويل، وهو للأسدي "من دون تحديد" في الكتاب 3/ 65، والمقاصد النحوية 4/ 448، وبلا نسبة في لسان العرب 8/ 364 "نكع"، والمحتسب 1/ 122، 193.

 

ج / 4 ص -32-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسمية.
قال في شرح الكافية: فإن اقترن بها فعلى خلاف الأصل، وينبغي أن يكون الفعل خبر مبتدأ، ولولا ذلك لحكم بزيادة الفاء، وجزم الفعل إن كان مضارعًا؛ لأن الفاء على ذلك التقدير زائدة في تقدير السقوط؛ لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها، فعلم أنها غير زائدة، وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مصرح به. الثاني: ظاهر كلامه جواز اقتران الماضي بالفاء مطلقًا، وليس كذلك؛ بل الماضي المتصرف المجرد على ثلاثة أضرب: ضرب لا يجوز اقترانه بالفاء، وهو ما كان مستقبلًا معنًى ولم يقصد به

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضابط الذي ذكره المصنف إنما هو لوجوب الفاء لا في الجواز الذي كلام ابن الناظم فيه. قوله: "والتحقيق حينئذ" أي: حين إذ قرن الجواب الصالح بالفاء أي: إذا كان مضارعًا بقرينة ما سيذكره الشارح في الماضي. قوله: "فإن اقترن" أي: الجواب الصالح للشرطية. قوله: "وينبغي" أي: يجب كما يُؤخذ من السياق.
قوله: "خبر مبتدأ" الظاهر أن الفاء على هذا الاعتبار واجبة؛ لأن الجواب على هذا جملة اسمية؛ وإنما جعلها ابن المصنف فيما نقله الشارح عنه جائزة؛ لأنه لم يقل بجعل الفعل خبر مبتدأ محذوف، فدعوى البعض تبعًا لشيخنا أنها على هذا جائزة لا دليل عليها، مع كونها خلاف المتبادر من كلام شارح الكافية، ومع كونها يشكل عليها تصريحهم بوجوب الفاء في الجملة الاسمية، فيحتاج إلى المحل بأن الجواز بالنظر إلى ظاهر اللفظ من عدم التقدير وصلاحية الجواب لمباشرة الأداة فعليك بالإنصاف. قوله: "وجزم الفعل إن كان مضارعًا" أي: جزمه رجحانًا لا وجوبًا لما مر أن رفع الجواب المضارع جائز يحسن بعد فعل الشرط الماضي ويضعف بعد فعل الشرط المضارع. قوله: "على ذلك التقدير" أي: تقدير كون مدخولها هو الجواب، وهذا التقدير إن كان تقدم في كلام شرح الكافية؛ لكن لم ينقله الشارح فلا إشكال في الإشارة بذلك، وإلا كانت باعتبار فهم التقدير من قوله: ولولا ذلك لحكم بزيادة الفاء؛ إذ معناه: ولولا جعل الفعل خبر مبتدأ محذوف لا نفس الجواب لحكم... إلخ.
قوله: "كما تدخل على مبتدأ مصرح به" لشيخنا وللبعض هنا كلام رددناه قريبًا. قوله: "جواز اقتران الماضي" أي: المتصرف المجرد من قد وغيرها. وقوله: "مطلقًا" أي: سواء كان مستقبلًا معنى أو لا قصد به وعد أو وعيد أو لا. قوله: "على ثلاثة أضرب" إذ لاحظته مع ما تقدم في المضارع المجرد أو المقرون بلا أو لم ظهر لك أن مفهوم قوله: لو جعل شرطًا... إلخ فيه تفصيل؛ وهو أنه تارة يجوز الوجهان كما في المضارع المقرون بلا أو لم والمجرد والماضي المستقبل معنى وقصد به وعد أو وعيد، وتارة تمتنع الفاء، وتارة يجب كما في الضرب الأول والثاني من هذه الأضرب الثلاثة. سم. قوله: "لا يجوز اقترانه بالفاء" جعل منه الجامي كالكافية المضارع المنفي بلم. قوله: "وهو ما كان مستقبلًا معنى" لأنه تحقق تأثير حرف الشرط فيه بقلب معناه إلى الاستقبال فاستغنوا منه عن الرابطة. جامي.

 

ج / 4 ص -33-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعد أو وعيد، نحو: إن قام زيد قام عمرو. وضرب يجب اقترانه بالفاء؛ وهو ما كان ماضيًا لفظًا ومعنى نحو:
{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26]، وقد معه مقدرة. وضرب يجوز اقترانه بالفاء؛ وهو ما كان مستقبلًا معنى وقصد به وعد أو وعيد، نحو: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90]. قال في شرح الكافية: لأنه إذا كان وعدًا أو وعيدًا حسن أن يقدر ماضي المعنى فعومل معاملة الماضي حقيقة، وقد نص على هذا التفصيل في شرح الكافية. الثالث: أنه مثل ما يجوز اقترانه بالفاء بقوله تعالى: {فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] وليس كذلك؛ بل هو مثال الواجب كما مر.
تنبيه: هذه الفاء فاء السبب الكائنة في نحو: يقوم زيد فيقوم عمرو، وتعينت هنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهو ما كان ماضيًا لفظًا ومعنى" يؤخذ مما مر عن الجامي تعليل وجوب الفاء في هذا بعدم تأثير حرف الشرط فيه لا لفظًا ولا معنى، فاحتيج إلى الرابط وعلل سم الوجوب فيه بعدم صلاحيته لأن يجعل شرطًا، وكذا نقل شيخنا السيد عن شرح الكافية للمصنف، وهو ينافي ما مر عن سم من التفصيل في مفهوم قول المصنف: لو جعل شرطًا... إلخ، وينافي كلام الشارح فيما يصلح لأن يجعل شرطًا، وكأن وجه عدم الصلاحية أنه على تقدير قد، فتأمل. وعبارة التسهيل: وقد يكون الجواب ماضي اللفظ والمعنى مقرونًا بالفاء مع قد ظاهرة أي نحو:
{إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}، أو مقدرة نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ} [يوسف: 27] الآية. قال الدماميني: وهذا لا يتمشى للمصنف مع القول بأن الشرط سبب والجزاء مسبب؛ إذ الشرط مستقبل. وأجاب ابن الحاجب مع التزام هذه القاعدة بأن الجزاء قسمان؛ أحدهما: أن يكون مضمونه مسببًا عن مضمون الشرط نحو: إن جئتني أكرمتك. والثاني: ألا يكون مضمون الجزاء مسببًا عن مضمون الشرط؛ وإنما يكون الإخبار به مسببًا نحو: إن تكرمني فقد أكرمتك أمس، والمعنى: إن اعتددت علي بإكرامك إياي فأنا أيضًا أعتد عليك بإكرامي إياك، والآيتان المتلوتان من هذا القبيل، فلا إشكال. وقال الرضي: لا نسلم أن الشرط سبب والجزاء مسبب دائمًا؛ وإنما الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازم، سواء كان الشرط سببًا أم لا كقولك: إن كان النهار موجودًا كانت الشمس طالعة.
قوله: "لفظًا ومعنى" بناء على جوازه بلا تأويل، وتقدم ما فيه عند قول الناظم: وماضيين أو مضارعين... إلخ. قوله: "وقد معه مقدرة" لتقربه من الحال الأقرب إلى الاستقبال من الماضي. قوله: "حسن أن يقدر ماضي المعنى" أي: مبالغة في تحقق وقوعه، وإن كان مستقبلًا في الواقع قاله الأسقاطي وبه تعلم ما في صنيع البعض من دعوى ما لغيره له، وقوله: "فعومل معاملة الماضي حقيقة" أي: الماضي لفظًا ومعنى أي: عومل معاملته في مجرد الإتيان بالفاء، وإن كان الإتيان به في الماضي حقيقة على سبيل الوجوب، وفي هذا على سبيل الجواز، والحاصل: أن الإتيان في هذا بالفاء نظرًا إلى تقديره ماضي المعنى فعومل معاملة الماضي حقيقة وتركها؛ نظرًا إلى كونه في الواقع مستقبل المعنى فعومل معاملة المضارع المستقبل فاعرفه. قوله: "الثالث أنه مثل ما يجوز... إلخ" يجاب بأن الجواز في ذلك في مقابلة الامتناع الذي عبر عنه الشارح ابن الناظم بالخلو فيصدق بالوجوب. زكريا. قوله: "هذه الفاء" أي: في الأصل، فلا ينافي. قوله: "بعد وتعينت هنا... إلخ"

 

ج / 4 ص -34-                                 وتخلُف الفاء إذا المفاجأة     كإن تجد إذا لنا مكافأة


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للربط لا للتشريك. وزعم بعضهم أنها عاطفة جملة على جملة فلم تخرج عن العطف وهو بعيد. "وتخلف الفاء إذا المفاجأة" في الربط إذا كان الجواب جملة اسمية غير طلبية لم يدخل عليها أداة نفي ولم يدخل عليها إن. "كإن تجد إذا لنا مكافأة"
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 36] لأنها مثلها في عدم الابتداء بها، فوجودها يحصل ما تحصل الفاء من بيان الارتباط. فأما نحو: إن عصى زيد فويل له، ونحو: إن قام زيد فما عمرو قائم، ونحو: إن قام زيد فإن عمرًا قائم، فيتعين فيها الفاء، وقد أفهم كلامه أن الربط بإذا نفسها لا بالفاء مقدرة قبلها خلافًا لمن زعمه، أنها ليست أصلًا في ذلك بل واقعة موقع الفاء، وأنه لا يجوز الجمع بينهما في الجواب.
تنبيهان: الأول: أعطي القيود المشروطة في الجملة بالمثال؛ لكنه لا يعطي اشتراطها، فكان ينبغي أن يبينه. الثاني: ظاهر كلامه أن إذا يربط بها بعد إن وغيرها من أدوات الشرط، وفي بعض نسخ التسهيل: وقد تنوب بعد إن إذا المفاجأة عن الفاء، فخصه بإن، وهو ما يؤذن به تمثيله. قال أبو حيان: ومورد السماع إن، وقد جاءت بعد إذا الشرطية نحو:
{فَإِذَا أَصَابَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: "فاء السبب" أي: التي تعطف الجمل لإفادة السببية، وقوله: "لا للتشريك" أي: في الإعراب، وإلا لجزم ما بعدها لفظًا إن كان مضارعًا ولا في المعنى، وإلا انقلب الجواب شرطًا فلا تكون عاطفة وبه صرَّح في المغني، فهي كالفاء في نحو: أحسن زيد إليك فأحسن إليه؛ إذ لو جعلت في هذا المثال عاطفة للزم عطف الإنشاء على الخبر. قوله: "وتخلف الفاء... إلخ" الفاء مفعول تخلف، وإذا فاعله، وإضافة إذا إلى المفاجأة من إضافة الدال إلى المدلول.
قوله: "ولم يدخل عليها إن" بكسر الهمزة وتشديد النون، وعبارة الفارضي: ولم يدخل عليها ناسخ، وهي أعم. قوله: "لنا" أي: منا. قوله: "في عدم الابتداء بها" وفي اقتضائها التعقيب. حفيد. قوله: "لا يجوز الجمع بينهما" لأنها عوض عن الفاء خلافًا لمن منع ذلك. اهـ تصريح. ويرد نحو:
{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] إلا أن يجاب بما قاله الأسقاطي على ابن عقيل: إن محل المنع من الجمع إذا كانت إذا عوضًا عن الفاء في الربط لا لمجرد التوكيد كما في الآية. قوله: "أعطي القيود... إلخ" أي: أعطي اعتبارها أعم من أن يكون على وجه الشرطية أو الكمال بدليل قوله لكنه... إلخ. وقوله: "في الجملة" أي: المصدرة بإذا المفاجأة، وقوله: "لكنه لا يعطي اشتراطها" فيه أن المصنف كثيرًا ما يعطي الاشتراط بالتمثيل. قوله: "وفي بعض نسخ التسهيل" وقد تنوب بعد أن... إلخ كلام التسهيل هذا في الشروط الجازمة، فلا يرد قول أبي حيان: جاء الربط بإذا الفجائية بعد إذا الشرطية.
وقوله: "ومورد السماع إن وقد جاءت... إلخ" قضيته أن الآية ليست من مورد السماع وهو باطل، إلا أن يقال: المراد ومورد السماع إن وإذا كما يؤخذ مما بعده، وهذا كله إن كان قوله: "وقد جاءت... إلخ" من كلام أبي حيان، وهو مقتضى صنيع غير واحد، فإن كان من كلام الشارح ردًّا على

ج / 4 ص -35-                                    والفعل من بعد الجزا إن يقترن       بالفا أو الواو بتثليث قَمِن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: 48]، "والفعل من بعد الجزا" وهو أن تأخذ أداة الشرط جوابها. "إن يقترن بالفاء أو الواو بتثليث قمن" أي: حقيق، فالجزم بالعطف والرفع على الاستئناف، والنصب بأن مضمرة وجوبًا وهو قليل، قرأ عاصم وابن عامر: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ} [البقرة: 284] بالرفع، وباقيهم بالجزم، وابن عباس بالنصب. وقرئ بهن: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ} [البقرة: 271]. وقد روى بهن نأخذ من قوله:
1146-

فإن يهلك أبو قابوس يهلك                       ربيع الناس والبلد الحرام

ونأخذ بعده بذناب عيش                         أجب الظهر ليس له سنام

وإنما جاز النصب بعد الجزاء لأن مضمونه لم يتحقق وقوعه، فأشبع الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام. أما إذا كان اقتران الفعل بعد الجزاء بثم، فإنه يمتنع النصب ويجوز الجزم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي حيان فالأمر ظاهر. قوله: "والفعل" مبتدأ وقمن خبره وجواب الشرط محذوف للضرورة؛ لأن شرط حذف الجواب اختيارًا مضى الشرط لفظًا أو معنى، ويصح جعل قمن خبر مبتدأ محذوف، والجملة جواب الشرط وحذف الفاء للضرورة، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ كما تقدم بسطه أول الكتاب عند قول المصنف:

ولأمر إن لم يك للنون محل

فيه هو اسم. قوله: "من بعد الجزا" ولو جملة اسمية كما في التصريح، وهو واضح لأنها في محل جزم ومثاله الآية الثانية والثالثة.
قوله: "وهو أن تأخذ... إلخ" لا حاجة إليه؛ بل هو غير مناسب؛ إذ الجزاء هو الجواب كما تقدم في النظم لا أخذ الأداة الجواب. قوله: "بتثليث قمن" قال في شرح الشذور: جزمه قوي ونصبه ضعيف ورفعه جائز. سيوطي. قوله: "فالجزم بالعطف" على الجزاء؛ لأنه مجزوم لفظًا أو محلًّا. قوله: "والرفع على الاستئناف" صريحة أن الفاء يستأنف بها كالواو، وفي المغني: أنه قيل بذلك ورده فليراجع؛ وحينئذ يكون مراده بالاستئناف عدم العطف على الجواب، فتكون للعطف على مجموع الشرط والجواب. قوله: "فإن يهلك أبو قابوس... إلخ" تقدم الكلام عليه في باب الصفة المشبهة. قوله: "فأشبه الواقع بعده" أي: بعد الجزاء. قوله: "فإنه يمتنع النصب" وقياس ما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1146- البيتان من الوافر، وهما للنابغة الذبياني في ديوانه ص106، والأغاني 11/ 26، وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363، وشرح أبيات سيبويه 1/ 28، وشرح المفصل 6/ 83، 85، والكتاب 1/ 196، والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434، وبلا نسبة في أسرار العربية ص200، والأشباه والنظائر 6/ 11، والاشتقاق ص105، وأمالي ابن الحاجب 1/ 458، والإنصاف 1/ 134، وشرح ابن عقيل ص589، وشرح عمدة الحافظ ص358، ولسان العرب 1/ 249 "حبب"، 390 "ذنب"، والمقتضب 2/ 179.

ج / 4 ص -36-                              وجزم أو نصب لفعل إثر فا        أو واوان بالجملتين اكتُنفا

والشرط يُغني عن جواب قد عُلم              والعكس قد يأتي إن المعنى فهم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والرفع، فإن توسط المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين جملة الشرط وجملة الجزاء فالوجه جزمه، ويجوز النصب. وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وجزم أو نصب لفعل إثر فا أو واو إن بالجملتين اكتنفا" فالجزم نحو:
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90] وهو الأشهر. ومن شواهد النصب قوله:
1147-

ومن يقترب منا ويخضع نؤوه

ولا يجوز الرفع؛ لأنه لا يصح الاستئناف قبل الجزاء. وألحق الكوفيون ثم الفاء والواو فأجازوا النصب بعدها، واستدلوا بقراءة الحسن: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} [النساء: 100]. وزاد بعضهم: "والشرط يغني عن جواب قد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يأتي عن الكوفيين من جوازه بعدها فيما إذا وقع المضارع بعدها بين الشرط والجزاء جوازه هنا أيضًا وإن لم يسمع. زكريا. قوله: "وجزم أو نصب" في الشذور الجزم قوي والنصب ضعيف، وفي شرح الكافية نحوه. اهـ سيوطي. قال في التصريح: والنصب في مسألة التوسط أمثل منه في مسألة التأخير؛ لأن العطف فيها على فعل الشرط، وفعل الشرط غير واجب، فكان قريبًا من الاستفهام والأمر والنهي نحوها. اهـ. وقوله: "أو نصب" عطف عليه. وقوله: "لفعل" خبر. وقال الشيخ خالد: تنازعه جزم ونصب، والخبر هو جملة إن بالجملتين اكتنفا مع الجواب المحذوف أو الخبر محذوف تقديره جائز. اهـ. وتقدير الجواب المحذوف فهو جائز. قوله: "إثر فا" في موضع الصفة لفعل. قوله:"اكتنفا" بألف الإطلاق وبالبناء للمفعول على الصواب كما قاله الشيخ خالد أي: حوط بالجملتين أي: توسط بينهما خلافًا لظاهر شرح الشاطبي أنه مبني للفاعل. قوله: "ولا يجوز الرفع" أجازه ابن خروف مع الواو خاصة على أن الفعل خبر محذوف، والجملة حال أفاده الشاطي.
قوله: "لأنه لا يصح الاستئناف" قال الأسقاطي: هلا جاز على الاعتراض فإنه يجوز الاعتراض بالجملة بين الشرط والجزاء إن صدرت بالفاء أو الواو، كما صرح به في المغني، وانظر لِمَ امتنع الاستئناف بين الشرط والجزاء دون الاعتراض. اهـ. ويظهر أنه لإشعار الاستئناف بتمام الكلام قبله دون الاعتراض. قوله: "وزاد بعضهم أو" لم يذكر زيادة ثم وأو إلا فيما بين الشرط والجزاء دون ما بعد الجزاء، وعبارة السيوطي في جمع الجوامع تقتضي عدم الفرق. قال الدماميني في شرح المغني: وهو الظاهر.
فائدة: إذا عُري الفعل من العاطف أعرب بدلًا إن جزم كما في قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1147- عجزه:

ولا يَخْشَ ظلمًا ما أقام ولا هضما

والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 214، وشرح التصريح 2/ 251، وشرح شواهد المغني 2/ 401، وشرح شذور الذهب ص454، وشرح عمدة الحافظ ص361، ومغني اللبيب 2/ 566، والمقاصد النحوية 4/ 434.

ج / 4 ص -37-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عُلم" أي: بقرينة نحو:
{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 35] الآية أي: فافعل. وهذا كثير. ويجب ذلك أن كان الدال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، أو ما تأخر من جواب قسم  سابق عليه كما سيأتي "والعكس" وهو أن يغني الجواب عن الشرط "قد يأتي" قليلًا "إن المعنى فُهم" أي: دل الدليل على المحذوف كقوله:
1148-

فطلقها فلست لها بكفء                         وإلا يعل مفرقك الحسام

أي: وإلا تطلقها يعل. وقوله:
1149-

متى تؤخذوا قسرًا بظنة عامر                      ولا ينجُ إلا في الصفاد يزيد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا                     تجد حطبًا جزلًا ونارًا تأججا

وحالًا إن رفع كما في قوله:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره                   تجد خير نار عندها خير موقد

أفاده الفارضي. قوله: "والشرط" أي: الماضي ولو معنى، فإن كان مضارعًا غير منفي بلم لم يغنِ عن الجواب إلا في الشعر كما سيأتي. وقوله: "يغني عن جواب" أي: يذكر دون الجواب سواء أشعر بالجواب كما في {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا...} إلخ، أو لا كما في قولك: إن جاء في جواب: أتكرم زيدًا. قوله: "ويجب ذلك" أي: الاستغناء عن الجواب. قوله: "كما سيأتي" وقد يغني عن جواب الشرط خبر ذي خبر متقدم على أداة الشرط نحو: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70] أو خبر مبتدأ مقدر بعد الشرط كقوله:

بني ثعل من ينكع العنز ظالم

قاله الشارح على التوضيح، وكأنه اعتبر في الثاني كون الجواب يظلم مقدرًا، وقد يقال: الجواب نفس فهو ظالم فحذف بعض الجواب، كما مر في الشرح، فليس من حذف الجواب لدليل، فتأمل. وعبارة المغني حذف جملة جواب الشرط واجب إن تقدم عليه أو اكتنفه ما يدل على الجواب، فالأول نحو: هو ظالم إن فعل، والثاني نحو: هو إن فعل ظالم {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70]. اهـ. قوله: "مفرقك" بفتح الميم والراء وبفتح الميم وكسر الراء وسط الرأس الذي يفرق فيه الشعر. قوله: "متى تؤخذوا قسرًا" أي: قهرًا. والظنة بكسر الظاء التهمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1148- البيت من الوافر، وهو للأحوص في ديوانه ص190، والأغاني 15/ 234، والدرر 5/ 87، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح التصريح 2/ 252، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحوية 4/ 435، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 215، ورصف المباني ص106، وشرح شذور الذهب ص445، وشرح ابن عقيل ص590، وشرح عمدة الحافظ ص369، ولسان العرب 15/ 469 "أما لا" ومغني اللبيب 2/ 647، والمقرب 1/ 276، وهمع الهوامع 2/ 62.
1149- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 90، وشرح التصريح 2/ 252، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 63.

 

ج / 4 ص -38-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد: متى تثفقوا تؤخذوا.
تنبيهات: الأول: أشار بقد إلى أن حذف الشرط أقل من حذف الجواب كما نص عليه في شرح الكافية؛ لكنه في بعض نسخ التسهيل سوَّى في الكثرة بين حذف الجواب وحذف الشرط المنفي بلا تالية إن كما في البيت الأول، وهو واضح، فليكن مراده هنا أنه أقل منه في الجملة. الثاني: قال في التسهيل: ويحذفان بعد إن في الضرورة؛ يعني: الشرط والجزاء كقوله:
1150-

قالت بنات العم يا سلمى وإن                      كان فقيرًا معدمًا قالت وإن

التقدير: وإن كان فقيرًا معدمًا رضيته. وكلامه في شرح الكافية يؤذن بجوازه في الاختيار على قلة. وكذا كلام الشارح. ولا يجوز ذلك؛ أعني: حذف الجزأين معًا مع غير إن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والصفاد بكسر الصاد المهملة ما يوثق به الأسير، وفي هذا البيت رد على مَن شرط في حذف فعل الشرط أن تكون الأداة إن، وزعم أنه لا يحفظ إلا فيها. اهـ زكريا. وقد جوز بعضهم في
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} أن تكون ما شرطية حذف فعل شرطها والأصل: وما يكن بكم... إلخ. قوله: "تثقفوا" بالبناء للمفعول أي: توجدوا.
قوله: "لكنه في بعض نسخ التسهيل... إلخ" عبارته يحذف الجواب كثيرًا لقرينة، وكذا الشرط المنفي بلا تالية إن. اهـ. ومفهومه أن الشرط إذا كان مثبتًا أو منفيًّا بلم لا يكثر حذفه وهو كذلك. قوله: "إنه أقل منه في الجملة" أي: في بعض الصور وهو ما عدا المنفي بلا التالية إن، وقد يقال: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الكلام في حذف الشرط وحده كله؛ لأن هذا هو القليل كما سيذكره الشارح، وليس المحذوف في البيت الأول الشرط كله؛ لأن لا من الشرط وهي لم تحذف، فتأمل. قوله: "ويحذفان... إلخ" قد بقي حذف الأداة وحدها. قال السيوطي: لا يجوز حذف أداة الشرط وإن كانت إن في الأصح، كما لا يجوز حذف غيرها من الجوازم، وجوز بعضهم حذف إن فيرتفع الفعل وتدخل الفاء إشعارًا بذلك وخرج عليه. قوله تعالى:
{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}. وقد وقع لشيخ الإسلام في شرح منهجه تقدير لو الشرطية فيحذفها من المتن ويذكرها في الشرح، فلينظر هل له سند في ذلك؟ قال شيخنا: وقد يقال كلامهم في الأدوات الجازمة فلا ينافي حذف غير الجازم كلو. قوله: "بجوازه في الاختيار على قلة" أيد السيوطي في الهمع هذا القول بأن الحذف ورد في عدة من الآثار.
قول: "مع غير إن" كذا في الهمع وغيره، وأورد عليه ما حكاه ابن الأنباري عن العرب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1150- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186، وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216، والدرر 5/ 88، وشرح التصريح 1/ 37، وشرح شواهد المغني 2/ 936، والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18، والدرر 5/ 181، ورصف المباني ص106، وشرح التصريح 1/ 195، وشرح عمدة الحافظ ص370، ومغني اللبيب 2/ 649، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 62، 80.

 

ج / 4 ص -39-                                      واحذف لدى اجتماع شرط وقسم  جواب ما أخرت فهو ملتزم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث: إنما يكون حذف الشرط قليلًا إذا حذف وحده كله، فإن حذف مع الأداة فهو كثير؛ من ذلك قوله تعالى:
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} [الأنفال: 17]، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم أنتم ولكن الله قتلهم، وقوله تعالى: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: 9]، تقديره: إن أرادوا وليًّا بحق فالله هو الولي بالحق ولا ولي سواه، وقوله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56]، أصله: فإن لم يتأتَ أن تخلصوا العبادة لي في أرض فإياي في غيرها فاعبدون، وكذا إن حذف بعض الشرط نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ونحو: إن خيرًا فخير. "واحذف لدى اجتماع شرط" غير امتناعي "وقسم جواب ما أخرت" أي: منهما استغناء بجواب المتقدم "فهو" أي: الحذف "ملتزم" فجواب القسم يكون مؤكدًا باللام أو إن أو منفيًّا. وجواب الشرط مقرون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما في التصريح: من يسلم عليك فسلم عليه ومن لا فلا، وما في حديث أبي داود:
"من فعل فقد أحسن ومن لا فلا". قال ابن رسلان وغيره: فيه شاهد على جواز حذف فعل الشرط المنفي بلا بعد من الشرطية. وأنا أقول: كلام الشارح وغيره في حذف الشرط والجواب معًا بتمامهما، وما أورد ليس كذلك لبقاء لا في كل من الشرط والجواب كما مر.
قوله: "إذا حذف وحده كله" برفع كله تأكيدًا للضمير في حذف، والمراد: إذا حذف جميع أجزاء الشرط أي: جميع أجزاء جملة فعل الشرط أي: الجملة التي فيها فعل الشرط. قوله: "فإن حذف مع الأداة... إلخ" هذا محترز قوله: وحده، وقوله: وكذا إن حذف بعض الشرط، هذا محترز قوله: كله. قوله: "نحو:
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}" اعترضه البعض بأن المحذوف في الآية الشرط بتمامه لا بعضه؛ لأنه الفعل لا جملة الفعل والفاعل، ويدفع بأن المراد بالشرط في قوله: إنما يكون حذف الشرط قليلًا... إلخ جملة فعل الشرط أي: الجملة التي فيها فعل الشرط كما أسلفناه، فلا اعتراض، ومن التمثيل بالآية يُعلم أن المراد بالكثير في قوله: فهو كثير ما يصدق بالواجب؛ فإن الحذف فيها واجب للتعويض عنه بمفسره بعده.
قوله: "غير امتناعي" أي: غير دال على امتناع لامتناع كلو أو على امتناع لوجود كلولا، فإنه يتعين ذكر جوابهما تقدمًا أو تأخرًا، والقرينة على هذا الاستثناء ذكر هذا الحكم قبل لو ولولا، فيشعر بأن مراده بالشرط الشرط غير الامتناعي، وسيشير الشارح إلى ذلك، وشمل الشرط غير الامتناعي الشرط غير الجازم كإذا، وإن لم يذكره المصنف هنا بخصوصه. قوله: "وقسم" ولو مقدرًا ومثله الحفيد بقوله تعالى:
{وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] قال: فالقسم مقدر قبل إن، وقول بعضهم: لو كان مقدرًا وجبت اللام الموطئة تنبيهًا عليه مردود بأن دخولها آكد لا واجب، وقول بعضهم: إن الجواب للشرط على تقدير الفاء مردود بأنه مختص بالشعر. قوله: "يكون مؤكدًا باللام" أي: وحدها وهو قليل أو مع نون التوكيد وهو كثير، وهذا في المثبت المضارع. أما الماضي فإن كان متصرفًا فتارة يقرن باللام وتارة بقد وتارة بهما وهو الغالب وتارة يجرد، وإن كان غير متصرف قرن باللام فقط. وأما الجملة الاسمية فتقرن بإن واللام -وهو الأكثر- أو

ج / 4 ص -40-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالفاء أو مجزوم، فمثال تقدم الشرط: إن قام زيد والله أكرمه، وإن يقم والله فلن أقوم. ومثال تقدم القسم: والله إن قام زيد لأقومن، والله إن لم يقم زيد إن عمرًا ليقوم، أو يقوم. والله إن لم يقم زيد ما يقوم عمرو. وأما الشرط الامتناعي نحو: لو ولولا، فإنه يتعين الاستغناء بجوابه تقدم القسم أو تأخر كقوله:
1151-

فأقسم لو أندى الندي سواده                لما مسحت تلك المسالات عامر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بإن فقط أو باللام فقط، وندر تجردها منهما أفاده الفارضي، وبه يُعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور لكن في خاتمة الباب الخامس من المغني أن حق الماضي لفظًا ومعنى المتصرف المثبت المجاب به القسم أن يقرن باللام وقد. ثم قال: وقيل في
{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [البروج: 4] إنه جواب القسم على إضمار اللام وقد جميعًا حذفًا للطول وقال:

حلفت لها بالله حلفة فاجر                 لناموا فما إن من حديث ولا صال

فأضمر قد وفى حرف القاف من الباب الأول أن ابن عصفور فصل فأوجبهما إن كان الماضي قريبًا من الحال، وإن كان بعيدًا جيء باللام وحدها، ثم ما اقتضاه كلام الفارضي السابق من أن للمضارع المثبت الواقع جواب للقسم حالتين القرن باللام ونون التوكيد والقرن باللام وحدها لا يوافق مذهب البصريين ولا مذهب الكوفيين، وإن تبعه في ذلك شيخنا والبعض؛ لأن مذهب البصريين وجوب اللام والنون، ومذهب الكوفيين جواز تعاقبهما كما صرَّح بذلك الشارح في باب نوني التوكيد، فللمضارع المثبت على الأول حالة واحدة، وعلى الثاني ثلاث حالات، فاعرف ذلك. وما ذكره من تدور وتجرد الجملة الاسمية من إن واللام هو ما ارتضاه أبو حيان، والذي في المغني أنه مع قلته مخصوص باستطالة القسم؛ كقول ابن مسعود: "والله الذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة". ونقل الدماميني عن ابن مالك أنه حسن مع الاستطالة قليل بدونها؛ كقول أبي بكر: "والله أنا كنت أظلم منه" يعني: من عمر في تفاقم جرى بينهما، ثم الكلام في جواب القسم غير الاستعطافي؛ إذ جواب الاستعطافي لا يكون إلا جملة إنشائية كما في المغني كقول:

بربك هل ضممت إليك ريا

وقوله:

بعيشك يا سلمى ارحمي ذا صبابة

قال الشمني: قال ابن جني: القسم جملة إنشائية يؤكد بها جملة أخرى، فإن كانت خبرية فهو القسم غير الاستعطافي وإن كانت طلبية فهو الاستعطافي. قوله: "أو إن" أي: سواء قرن خبرها باللام أو لا كما يؤخذ من الأمثلة. قوله: "أو منفيًّا" أي: بما أو إن أو لا، وشذ قرن المنفي بما باللام كقوله:

أما والذي لو شاء لم يخلق الورى        لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1151- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في لسان العرب 11/ 351 "سيل"؛ والمقاصد النحوي 4/ 450.

 

ج / 4 ص -41-                        وإن تواليا وقبل ذو خبر      فالشرط رجع مطلقًا بلا حذر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكقوله:
1152-

والله لولا الله ما اهتدينا

نص على ذلك في الكافية والتسهيل وهو الصحيح. وذهب ابن عصفور إلى أن الجواب في ذلك للقسم لتقدمه ولزوم كونه ماضيًا؛ لأنه مغنٍ عن جواب لو ولولا، وجوابهما لا يكون إلا ماضيًا. وقوله في باب القسم في التسهيل: وتصدر -يعني: جملة الجواب في الشرط الامتناعي- بلو أو لولا، يقتضي أن لو ولولا وما دخلتا عليه جواب القسم. وكلامه في الفصل الأول من باب عوامل الجزم يقتضي  أن جواب القسم محذوف استغناء  بجواب لو ولولا، والعذر له في عدم التنبيه هنا على لو ولولا أن الباب موضوع للشرط غير الامتناعي، المغاربة لا يسمون لولا شرطًا ولا لو إلا إذا كانت بمعنى إن، وهذا الذي ذكره إذا لم يتقدم على الشرط غير الامتناعي والقسم ذو خبرة، فإن تقدم جعل الجواب للشرط مطلقًا، وحذف جواب القسم تقدم أو تأخر، كما أشار إلى ذلك بقوله: "وإن تواليا وقبل ذو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ نفي الجواب بلم أو لن أفاده الفارضي. قوله: "لو أندى الندي... إلخ" كلام العين يفيد أن أندى بالنون لا بالباء كما توهمه البعض ففسره بأظهر، وعلى أنه بالنون يكون بمعنى أحضر، قال في القاموس: ندا القوم حضروا. اهـ. وإسناد الإحضار إلى الندى مجاز عقلي من باب الإسناد إلى المكان؛ لأن الندى مجلس القوم والضمير في سواده يرجع للمدوح وسواده بمعنى شخصه كما في العيني وهو المناسب، وإن فسره البعض بالجيش، قال العيني: والمسالاة بضم الميم وتخفيف السين المهملة جمع مسالة؛ وهي جانب اللحية وأراد بعامر قبيلة قريش. والمعنى: أن الشاعر يحلف أن الممدوح لو حضر مجلس القوم لما قدر عامر أن تمسح مسالاتهم من هيبته وسطوته على الناس. اهـ. قوله: "والتسهيل" أي: في باب الجوازم كما ستعرفه. قوله: "ولزوم" مبتدأ خبره قوله: لأنه مغنٍ... إلخ، وفي بعض النسخ: ولزم وهو الذي بخط الشارح وهو جواب عن سؤال تقديره: إذا كان الجواب للقسم فلم التزم كونه ماضيًا، مع أن المضي إنما يلزم في بجواب لو ولولا.
قوله: "يعني: جملة الجواب" أي: جواب القسم، وقوله في الشرط الامتناعي أي: في التعليق الامتناعي. وقوله: "بلو أو لولا" متعلق بتصدر. قوله: "يقتضي أن لو ولولا... إلخ" أي: وهذا قول ثالث غير ما نص عليه المصنف في الكافية وغير ما ذهب إليه ابن عصفور. قوله: "والمغاربة... إلخ" اعتذار ثانٍ حاصله أن مراد المصنف بالشرط هنا ما يُسمى شرطًا اتفاقًا. قوله: "وهذا الذي ذكره... إلخ" دخول على المتن. قوله: "وقبل ذو خبر" قبل خبر مقدم وذو مبتدأ مؤخر، والجملة حال أو معترضة، كما في الشيخ خالد وفي جعل قبل خبرًا منافاة لما سلف عن بعضهم من منع جعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1152- الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص108، ولعامر بن الأكوع في المقاصد النحوية 4/ 451، وله أو لعبد الله في الدرر 4/ 236، وشرح شواهد المغني 1/ 287، وبلا نسبة في الأزهية ص167، وشرح المفصل 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 43.

ج / 4 ص -42-                           وربما رُجح بعد قسم     شرط بلا ذي خبر مقدم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبر فالشرط رجح مطلقًا بلا حذر" وذلك نحو: زيد إن يقم والله يكرمك، وزيد والله إن يقم يكرمك، وإن زيدًا إن يقم والله يكرمك، وإن زيدًا والله إن يقم يكرمك؛ وإنما جعل الجواب للشرط مع تقدم ذي خبر؛ لأن سقوطه مخل بمعنى الجملة التي هو منها، بخلاف القسم فإن مسوق لمجرد التوكيد. والمراد بذي الخبر ما يطلب خبرًا من مبتدأ أو اسم كان ونحوه. وأفهم قوله رجح أنه يجوز الاستغناء بجواب القسم، فتقول: زيد والله إن قام أو إن لم يقم لأكرمنه، وهو ما ذكره ابن عصفور وغيره؛ لكن نص في الكافية والتسهيل على أن ذلك على سبيل التحتم، وليس في كلام سيبويه ما يدل على التحتم "وربما رجح بعد قسم شرط بلا ذي خبر مقدم"، كما ذهب الفراء تمسكًا بقوله:
1153-

لئن مُنيت بنا عن غب معركة                   لا تُلفنا عن دماء القوم تنتفل

وقوله:
1154-

لئن كان ما حُدثته اليوم صادقًا              أصم في نهار القيظ للشمس باديا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظرف المبني على الضم كقبل وبعد خبرًا وتأييدًا لما اخترناه من جواز ذلك. قوله: "لأن سقوطه" أي: الشرط مخل... إلخ وقد يقال: إخلال سقوط الشرط بمعنى الجملة موجود في صورة اجتماعهما بلا تقدم ذي خبر فهلا رجح الشرط مطلقًا فيها أيضًا إلا أن يقال: الإخلال فيها أخف من الإخلال في صورة الاجتماع مع تقدم ذي خبر، فتفطن.
قوله: "وأفهم قوله رجح" أي: دون أن يقول أوجب. قوله: "وربما رجح... إلخ" هذا مقيد لقوله السابق فهو ملتزم فالمعنى ملتزم غالبًا، ويحتمل أن يكون ذكره حكاية لمذهب الغير، فيبقى قوله ملتزم على إطلاقه. سم. قوله: "لئن منيت" أي: بليت بنا عن غب معركة غب الشيء بكسر الغين المعجمة عاقبته أي: حالة كوننا منفصلين عن عاقبة معركة؛ وإنما قيد بذلك لأنه مظنة الضعف والفتور؛ بسبب المعركة المنفصلين عنها. "لا تلفنا" أي: تجدنا، وفيه الشاهد فإنه جزمه بحذف الياء على أنه جواب الشرط المتأخر عن القسم من غير أن يتقدم عليهما ذو خبر. قال الفارضي: ويحتمل أنه للقسم وحذف الياء للضرورة. اهـ. وننتفل بالفاء لا بالقاف كما بخط الشارح وضبطه كذلك سم على ابن المصنف وفي القاموس انتقل منه تبرأ وانتفى. قوله: "لئن كان ما حدثته... إلخ" هذا الشاعر يعتذر للمخاطب من ذنب حُكي عنه مؤكد ذلك بنذر هذا الصوم الشاق معلقًا على صدق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1153- البيت من البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص113، وخزانة الأدب 11/ 227، 300، 331، 333، 357، ولسان العرب 11/ 672 "تفل"، والمقاصد النحوية 3/ 283، 4/ 437، وبلا نسبة في خزانة الأدب 11/ 343، وشرح ابن عقيل ص592.
1154- البيت من الطويل، وهو لامرأة من عقيل في خزانة الأدب 11/ 328، 329، 331، 336، والدرر 4/ 237، وشرح التصريح 2/ 254، وشرح شواهد المغني 2/ 610، والمقاصد النحوية 4/ 438، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 219، ولسان العرب 12/ 164 "ختم"، ومغني اللبيب 1/ 236، وهمع الهوامع 2/ 43.

ج / 4 ص -43-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنع الجمهور ذلك، وتأولوا ما ورد على جعل اللام زائدة.
تنبيهات: الأول: كل موضع استغني فيه عن جواب الشرط لا يكون فعل الشرط فيه إلا ماضي اللفظ أو مضارعًا مجزومًا بلم نحو:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] ونحو: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46] ولا يجوز: أنت ظالم إن تفعل، ولا والله تقم لأقومن، وأما قوله:
1155-

ولديك إن هو يستزدك مزيد

وقوله:
1156-

لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم                     ليعلم ربي أن بيتي واسع

فضرورة. وأجاز ذلك الكوفيون إلا الفراء. الثاني: إذا تأخر القسم وقرن بالفاء وجب جعل الجواب له، والجملة القسمية حينئذ هي الجواب. وأجاز ابن السراج أن تنوي الفاء فيعطى القسم المتأخر مع نيتها ما أعطيه مع اللفظ بها، فأجاز: إن تقم بعلم الله لأزورنك، على تقدير: فبعلم الله، ولم يذكر شاهدًا. وينبغي ألا يجوز ذلك؛ لأن حذف فاء جواب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الذي قيل عنه، والقيظ بالقاف والظاء المعجمة شدة الحر، وباديا حال من فاعل أصم. اهـ. دماميني. ويؤخذ منه أن التاء في ما حدثته مفتوحة وبه صرَّح شيخنا السيد. قوله: "على جعل اللام" أي: في لئن زائدة أي: وليست جواب قسم مقدر، وقيل: ترجيح الشرط في الأبيات ضرورة. قوله: "كل موضع استغني... إلخ" شامل لاجتماع الشرط مع القسم وانفراده كما تقدم في قوله:

والشرط يغني عن جواب قد علم

سم. قوله: "إلا ماضي اللفظ... إلخ" أي: ليكون على وجه لا تعمل فيه أدوات الشرط. جامي. قوله: "إن هو يستزدك" كذا في بعض النسخ بالجزم إعطاء للمفسر بالكسر حكم المفسر بالفتح كقول الشاعر:

فمن نحن نؤمنه بيت وهو آمن

كما في قواعد ابن هشام، وفي بعض النسخ: يستزيد بالرفع، وهو الذي بخط الشارح. قوله: "والجملة القسمية" أي: مع جوابها. وقوله: "هي الجواب" أي: جواب الشرط. قوله: "ما أعطيه مع اللفظ بها" أي: من كون الجواب للقسم وجملة القسم وجوابه جواب الشرط. قوله: "إذا توالى... إلخ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1155- صدره:

يثني عليك وأنت أهل ثنائه

والبيت من الكامل، وهو لعبد الله بن غلمة في خزانة الأدب 9/ 41، 42، والدرر 5/ 75، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1041، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 110، وهمع الهوامع 2/ 59.
1156- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في خزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 327.

 

ج / 4 ص -44-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط لا يجوز عند الجمهور إلا في الضرورة. الثالث: لم ينبه هنا على اجتماع الشرطين فتذكره مختصرًا: إذا توالى شرطان دون عطف فالجواب لأولهما، والثاني مقيد للأول كتقييده بحال واقعة موقعه؛ كقوله:
1157-

إن تستغثوا بنا إن تذعروا تجدوا                         منا معاقل عِز زانها كرم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقول لقول محذوف أي: فنقول إذا توالى... إلخ، وقد وجد لفظ فنقول في خط الشارح، وقوله: شرطان أي: أو أكثر نحو: إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فعبدي حر. قوله:"فالجواب لأولهما" هو الأصح وجواب ما بعده محذوف لدلالة الأول وجوابه عليه، ومنهم من جعل الجواب للأخير وجواب الأول الشرط الثاني وجوابه وجواب الثاني الشرط الثالث إن كان وجوابه، وهكذا على إضمار الفاء، فإذا قال: إن جاء زيد إن أكل إن ضحك فعبدي حر، فعلى الأصح الضحك أول ثم الأكل ثم المجيء، فإن وقعت على هذا الترتيب ثبت العتق وعلى مقابله عكسه، فإن وقع المجيء ثم الأكل ثم الضحك لزم العتق، وعلى أن الجواب للأول ينبغي مجيء فعل الشرط الثاني ماضيًا لما مر لا على مقابله؛ إذ على مقابله لا حذف. اهـ. سيوطي.
وقوله: "وجواب ما بعده" أي: بعد الأول محذوف لدلالة الأول وجوابه عليه أي: وتقديره في البيت الذي أورده الشارح: إن تذعروا فإن تستغيثوا بنا تجدوا، وبقول السيوطي المذكور تعلم أن قول الشارح والثاني مقيد للأول مخالف للأصح المذكور، وبه صرح شيخنا السيد، وبه يُعلم ما في كلام شيخنا، فتأمل.
ومن فروع المسألة ما إذا قال لامرأته: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، فلا تطلق على الأصح إلا إذا شربت ثم أكلت؛ لأن التقدير عليه: إن شربت فإن أكلت فأنت طالق، فالثاني أول والأول ثانٍ، وعلى مقابله لا تطلق إلا إذا أكلت ثم شربت؛ لأن التقدير عليه: إن أكلت فإن شربت فأنت طالق، فالأول أول والثاني ثانٍ. واعلم أن تصحيح الأول هو على مذهب أصحابنا الشافعية وكذا الحنفية كما قاله الشمني، ووجهه ابن الحاجب بأنه لا يصح أن يكون الجواب للشرطين معًا، وإلا توارد عاملان على معمول واحد ولا لغيرهما وإلا لزم ذكر ما لا دخل له في ربط الجزاء وترك ما له دخل ولا للثاني؛ لأنه يلزم حينئذ أن يكون الثاني وجوابه جوابًا للأول فتجب الفاء ولا فاء، وحذفها شاذ أو ضرورة فتعين أن يكون جوابًا للأول، ويكون الأول وجوابه دليل جواب الثاني. قال الدماميني: ومذهب مالك الطلاق سواء أتت بالشرطين مرتبين كما هما في اللفظ أو عكست الترتيب. قال: وبعض أصحابنا يوجه ذلك بأنه على حذف واو العطف؛ كما في قول الشاعر:

كيف أصبحت كيف أمسيت مما                    يغرس الود في فؤاد اللبيب

ثم قال: ولا أدري وجه اشتراط أهل المذهبين -يعني: مذهبي الشافعية والمالكية- في وقوع الطلاق فعلها لمجموع الأمرين مع أنه يمكن أن يكون جواب الأول محذوفًا لدلالة جواب الثاني ولا محذور في حذف الجواب؛ بل هو أسهل من تقديرهم لما فيه من الحذف والفصل بين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1157- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 5/ 90، وشرح التصريح 2/ 254، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحوية 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63.

 

ج / 4 ص -45-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن تواليا بعطف فالجواب لهما معًا، كذا قاله المصنف في شرح الكافية، ومثَّل له بقوله تعالى:
{وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمد: 36] الآية. وقال غيره: إن توالَى الشرطان بعطف بالواو فالجواب لهما نحو: إن تأتني وإن تحسن إلَيَّ أحسن أليك، أو بأو فالجواب لأحدهما نحو: إن جاء زيد أو إن جاءت هند فأكرمه أو فأكرمها، أو بالفاء فنصبوا على أن الجواب للثاني، والثاني وجوابه جواب الأول، وعلى هذا فإطلاق المصنف محمول على العطف بالواو.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط الأول وجوابه بالشرط الثاني فتأمله. اهـ. قال الشمني: وجه اشتراطهم لوقوع الطلاق مجموع الأمرين أنهم لو أوقعوا الطلاق بأيهما كان بناء على إمكان كون جواب الأول محذوفًا مدلولًا عليه بجواب الثاني لزم إيقاع الطلاق بالاحتمال وهو خلاف قاعدة الشرع. اهـ بحذف. قوله: "كقوله: إن تسغيثوا... إلخ"، وكقوله تعالى:
{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وكقوله تعالى: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ} [الأحزاب: 5] إلخ كذا قالوا. قال الدماميني بعد نقله جعل الآية الأولى من هذا القبيل ما نصه: قال ابن هشام: وفيه نظر؛ إذ لم يتوالَ في الآية شرطان وبعدهما جواب؛ وإنما تقدم عل الشرطين ما هو جواب في المعنى للشرط الأول؛ فينبغي أن يقدر إلى جانبه، ويكون الأصل: إن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم، وإما أن يقدر الجواب بعدهما ثم يقدر بعد ذلك مقدمًا إلى جانب الشرط الأول فلا وجه له. اهـ. وكذا يقال في الآية الثانية.
"فائدة": ليس من قاعدة توالي الشرطين قوله تعالى:
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا} [الفتح: 25] وإن اقتضاه كلام المغني، وإلا كان "لعذبنا" جواب لولا، ولولا وجوابها دليلًا على جواب لو المحذوف على قاعدة توالي الشرطين، وهو غير ظاهر كما قاله الدماميني، واستظهر ما ذكره الزمخشري من جعل جواب لولا محذوفًا لدلالة الكلام عليه. والمعنى: لولا كراهة أن تهلكوا ناسًا مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة لما كف أيديكم عنهم.
قوله: "إن تُذعروا" بالبناء للمفعول أي: تفزعوا. والمعاقل جمع معقل كمجلس وهو الملجأ. قوله: "ومثل له بقوله تعالى... إلخ" في هذا التمثيل نظر؛ إذ ليس فيه توالي أداتي شرط كما هو موضوع الكلام؛ لأن العطف ليس على نية تكرار العامل. قوله: "وقال غيره... إلخ" في نقل كلام غير المصنف إشارة إلى الاعتراض على كلام المصنف في شرح الكافية من وجهين؛ من حيث إطلاق العطف، ومن حيث التمثيل.
قوله: "فالجواب لهما" يلزم عليه اجتماع مؤثرين علي أثر واحد، إلا أن يقال: هما في حكم المؤثر الواحد، فتأمل. قوله: "أو بالفاء" أي: أو توالَى الشرطان بالفاء فهو معطوف على بعطف لا على بالواو؛ لأن الفاء هنا ليست عاطفة. قوله: "فإطلاق المصنف" أي: في قوله في شرح الكافية: وإن تواليا بعطف فالجواب لهما معًا.