حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -485-
الإدغام:
أَوَّلَ مِثْلَيْنِ مُحَركَيْنِ فِي
كِلْمَةٍ ادْغِمْ لا كَمِثْلِ صُفَفِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرد على ابن عصفور.
تنبيهان: الأول: اختلف كلام الناظم في المحذوف؛ فذهب في
شرح الكافية إلى أن المحذوف اللام، وذهب في التسهيل إلى أن
المحذوف العين، وهو ظاهر كلام سيبويه.
الثاني: أجاز في الكافية وشرحها إلحاق المضموم العين
بالمكسور فأجاز في اغن أن يقال: غضن قياسًا على قرن، واحتج
له بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإذا كان فك
المفتوح قد فر منه إلى الحذف في قرن المفتوح القاف ففعل
ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولًا. اهـ.
فصل في الإدغام:
يعني: اللائق بالتصريف كما قيده في الكافية. وهو لغة:
الإدخال، واصطلاحًا: الإتيان بحرفين ساكن فمتحرك من مخرج
واحد بلا فصل، والإدغام بالتشديد افتعال منه، وهو لغة
سيبويه. وقال ابن يعيش: الإدغام بالتشديد من ألفاظ
البصريين والإدغام بالتخفيف من ألفاظ الكوفيين. ويكون
الإدغام في المتماثلين وفي المتقاربين وفي كلمة وفي كلمتين
وهو باب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن عصفور... إلخ. قوله: "على ابن عصفور" أي: وعلى سيبويه
أيضًا. قوله: "في اغن أن يقال غضن" بنون النسوة فيهما، هذا
هو الصواب، وإسقاطها تحريف؛ لأن الكلام في الفعل المسند
إلى نون النسوة كما قاله الشارح فيما مر. قوله: "فك
المفتوح" أي: الذي هو أخف من فك المكسورة الذي هو أخف من
فك المضموم. قوله: "أحق بالجواز" لما فيه من مزيد الثقل.
فصل في الإدغام:
قوله: "اللائق بالتصريف" وهو إدغام المثلين في كلمة
والاحتراز به عن الإدغام اللائق بالقراء فإنه أعم. قوله:
"وهو" أي: الإدغام لا بقيد اللائق بالتصريف حتى يرد أن
التعريف أعم من المعرف. قوله: "لغة الإدخال" يقال: أدغمت
اللجام في فم الفرس أي: أدخلته. قوله: "الإتيان... إلخ"
وسمي هذا إدغامًا لخفاء الساكن عند المتحرك كخفاء الداخل
في المدخول فيه. قوله: "من مخرج واحد" صفة لحرفين وخرج به
الإخفاء؛ لأن الحرف المخفي ليس من مخرج ما بعده. وقوله:
بلا فصل يظهر أنه متعلق بالإتيان وأن المراد به دفعة واحدة
بدليل تعريف كثيرين الإدغام بأنه رفع اللسان بالحرفين
رفعًا واحدًا ووضعه بهما كذلك وخرج به الفك.
قوله: "افتعال منه" فأصله ادتغام فقلبت التاء دالًا
لوقوعها بعد الدال وأدغمت الدال في الدال. قوله: "ويكون
الإدغام" أي: لا بالقيد السابق. قوله: "وفي المتقاربين"
أي: باعتبار الأصل وإلا فليس إلا في المتماثلين؛ لأن
المتقاربين لا بد من قلب أحدهما مماثلًا للآخر.
ج / 4 ص -486-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متسع، واقتصر الناظم في هذا الفصل على ذكر إدغام المثلين
في كلمة فقال: "أول مثلين محركين في كلمة ادغم" أي: يجب
إدغام أول المثلين المتحركين بشروط وهي أحد عشر:
أحدها: أن يكونا في كلمة نحو: شد ومل وحب أصلهن شدد بالفتح
وملل بالكسر وحبب بالضم، فإن كانا في كلمتين مثل جعل لك
كان الإدغام جائزًا لا واجبًا بشرطين: ألا يكونا همزتين
نحو قرأ آية؛ فإن الإدغام في مثله رديء، وألا يكون الحرف
الذي قبلهما ساكنًا غير لين نحو شهر رمضان، فإن هذا لا
يجوز إدغامه عند جمهور البصريين، وقد روي عن أبي عمرو
إدغام ذلك، وتأولوه على إخفاء الحركة وأجازه الفراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أول مثلين محركين" أما المثلان الساكن أولهما
المتحرك ثانيهما فيجب إدغام أولهما بثلاثة شروط؛ أحدها:
ألا يكون أول المثلين هاء سكت، فإن كان هاء سكت لم يدغم؛
لأن الوقف على الهاء منوي الثبوت، وقد روي عن ورش إدغام
"ماليه هلك"، وهو ضعيف من جهة القياس. والثاني: ألا يكون
همزة منفصلة عن الفاء نحو: لم يقرأ أحد؛ فإن الإدغام في
ذلك رديء، فلو كانت الهمزة متصلة بالفاء وجب الإدغام نحو
سآل. والثالث: ألا يكون مدة في الآخر أو مبدلة من غيرها
دون لزوم؛ فإن كان أول المثلين مدة في الآخر لم يدغم نحو:
يعطي ياسر ويدعو واقد؛ لئلا يذهب المد بسبب الإدغام بخلاف
ما لو كان لينًا فقط نحو: اخشى ياسرًا واخشوا واقدا، فيدغم
فإن لم تكن في الآخر وجب الإدغام نحو مغزو أصله مغزوو على
وزن مفعول، واغتفر زوال المدة في هذا لقوة الإدغام فيه،
وإن كان مدة مبدلة من غيرها دون لزوم لم يجب الإدغام؛ بل
يجوز إن لم يلبس نحو: "أثاثًا وريًا" في وقف حمزة، ويمتنع
إن ألبس نحو: قوول بالبناء للمفعول؛ لأنه لو أدغم لالتبس
بقول، وإن كانت المدة مبدلة من غيرها إبدالًا لازمًا وجب
الإدغام، كما لو بنيت من الأوب على مثال أبلم فتقول أوّب
بهمزة مضمومة وواو مشددة مضمومة أصله أأوب بهمزتين مضمومة
فساكنة أبدلت الثانية واوًا وأدغمت في الواو الثانية
ويمتنع الإدغام إذا تحرك أول المثلين وسكن ثانيهما نحو:
ظللت ورسول الحسن؛ لأن شرط الإدغام تحرك المدغم فيه. اهـ
تصريح مع زيادة من الدماميني. وقد ذكر هذا في الكافية
فقال:
أول مثلين ادغم أن سكنا
وليس همزة نأت عن فاالبنا
وليس ها سكت ولا مدا ختم
أو مبدلًا ابداله لم يلتزم
قوله: "نحو شهر رمضان" حذف الفعل وأمر، ونحو
{الشَّمْسَ سِرَاجًا}
[نوح: 16]
{عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الأعراف: 77]
{ذِكْرُ رَحْمَتِ} [مريم: 2]
{الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدخان: 24] "من خزي يومئذ". قوله: "لا يجوز إدغامه عند جمهور
البصريين" لما يلزم عليه من اجتماع الساكنين على غير حده
وصلًا ومقابل جمهورهم أبو عمرو فإنه منهم كما في الهمع عن
أبي حيان، وعبارته: لم يجزه البصريون غير أبي عمرو وهو رأس
في البصريين. قوله: "وتأولوه على إخفاء الحركة" أي: فيكون
تسميته إدغامًا لقربه، ومقتضاه: أن أبا عمرو لا يقرأ
بالإدغام المحض، وليس كذلك بل يقرأ به كما نقله شيخنا
وغيره، وقد نقل ابن الحاجب هذا التأويل عن الشاطبي، وأنه
جمع به بين
ج / 4 ص -487-
وذُلُلٍ وكِلَلٍ ولَبَبِ
ولا كجُسَّسٍ ولا كَاخْصُصَ ابِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: ألا يتصدرا نحو ددن، قال المصنف في بعض كتبه: إلا
أن يكون أولهما تاء المضارعة، فقد تدغم بعد مدة أو حركة
نحو:
{وَلَا تَيَمَّمُوا}
[البقرة: 267] و{تَكَادُ تَمَيَّزُ}
[الملك: 8] انتهى. ويجوز الإدغام في الفعل الماضي إذا
اجتمع فيه تاءان والثانية أصلية نحو تتابع، ويؤتى بهمزة
الوصل فيقال اتابع، وسيأتي الكلام عليه، ولم يذكر هنا هذا
الشرط لوضوحه، وقد ذكره في الكافية وغيرها. الثالث والرابع
والخامس والسادس: ألا يكونا في اسم على فعل بضم أوله وفتح
ثانيه كصفف جمع صفة وجدد جمع جدة وهي الطريق في الجبل، أو
فعل بضمتين نحو ذلل جمع ذلول بالمعجمة ضد الصعبة وجدد جمع
جديد، أو فعل بكسر أوله وفتح ثانيه نحو كلل جمع كلة ولم
جمع لمة، أو فعل بفتحتين نحو لبب وطلل، فكل هذه يمتنع
إدغامها. وإلى ذلك أشار بقوله: "لا كمثل صفف وذلل وكلل
ولبب" وعلة امتناع الإدغام في هذه الأمثلة الأربعة أن
الثلاثة الأول منها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منع النحاة هذا الإدغام وتجويز القراء له، ثم رده بأن
القراء لا يمتنعون من الإدغام المحض؛ بل كان الشاطبي نفسه
يقرأ به، فلا يصح الجمع بذلك. ثم قال: والأولى الأخذ بقول
القراء؛ إذ ليس قول النحاة حجة إلا عند إجماعهم، ولم
يجمعوا على المنع، ولأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته عن الغلط
في مثله، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولثبوت القرآن
تواترًا، وما نقله النحاة آحاد، ولو سلم أن مثل ذلك
بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر. اهـ باختصار. وعبارة إتحاف
فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر إذا كان ما قبل
المدغم ساكنًا صحيحًا عسر الإدغام معه؛ لكونه جمعًا بين
ساكنين ليس أولهما حرف علة، وذلك نحو شهر رمضان، وفيه
طريقان صحيحان: طريق المتقدمين إدغامه إدغامًا صحيحًا،
وطريق أكثر المتأخرين إخفاؤه بمعنى اختلاس حركته، وهو
المسمى بالروم، وهو في الحقيقة مرتبة ثالثة لا إدغام ولا
إظهار، وليس المراد به الإخفاء المذكور في باب النون
الساكنة والتنوين؛ لأن الجمع بين ساكنين أولهما صحيح لا
يجوز إلا وقفًا لعروضه لا وصلًا. وأجاب المجوزون للإدغام
المحض بأنا لا نسلم أن الجمع بين الساكنين غير جائز؛ بل هو
غير مقيس، وما خرج عن القياس وثبت سماعه يقبل ويكون شاذًّا
قياسًا فقط، ولا يمتنع وقوعه في القرآن، وبأن الوصل هنا
كالوقف؛ إذ لا فرق بين الساكن للوقف والساكن للإدغام. اهـ
باختصار.
قوله: "نحو ددن" بدالين مهملتين وهو اللعب، ويقال فيه: ددى
كفتى ودد كدم. قوله: "وسيأتي الكلام عليه" أي: في شرح
قوله: كذاك نحو تتجلى واستتر. قوله: "جمع صفة" اسم لبناء
والصفة أيضًا الظلة كالسقيفة غزى. قوله: "جمع جدة" بضم
الجيم وتشديد الدال. تصريح. قوله: "جمع كلة" هي بكسر الكاف
وتشديد اللام الستر الرقيق يخاط كالبيت يتقى به من البعوض،
ويسمى في عرفنا الناموسية. تصريح. قوله: "جمع لمة" بكسر
اللام وتشديد الميم الشعر المجاوز شحمة الأذن. اهـ تصريح.
وعبارة المصباح: الشعر يلم بالمنكب أي: يقرب. اهـ. قوله:
"نحو لبب" هو موضع القلادة من المصدر وما يشد على صدر
المركوب ليمنع الرحل من الاستئخار وما استدق من الرمل.
زكريا. قوله: "وطلل" هو الشاخص من آثار الديار. تصريح.
ج / 4 ص -488-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مخالفة للأفعال في الوزن، والإدغام فرع عن الإظهار، فخص
بالفعل لفرعيته، وتبع الفعل فيه ما وازنه من الأسماء دون
ما لم يوازنه، وأما الرابع فإنه وإن كان موازنًا للفعل إلا
أنه لم يدغم لخفته وليكون منبهًا على فرعية الإدغام في
الأسماء؛ حيث أدغم موازنه في الأفعال نحو رد، فيعلم بذلك
ضعف سبب الإدغام فيه وقوته في الفعل.
تنبيهات: الأول: يمتنع الإدغام أيضًا فيما وازن أحد هذه
الأمثلة بصدره لا بجملته نحو خششاء لعظم خلف الأذن، ونحو
رُددان مثل سلطان بمعنى سلطان من الرد، ونحو حِببة جمع
حُب، ونحو الدَّجَجان مصدر دج بمعنى دب.
الثاني: كان ينبغي أن يسثني مثالًا خامسًا يمتنع فيه
الإدغام وهو فعل نحو إبل لكونه مخالفًا لأوزان الأفعال،
فلو بنيت من الرد مثل إبل قلت ردد بالفك، ولعل عذره في عدم
استثنائه أنه بناء لم يكثر في الكلام ولم يسمع في المضاعف،
وقد استثناه في بعض نسخ التسهيل.
الثالث: اعلم أن أوزان الثلاثي التي يمكن فيها اجتماع
مثلين متحركين لا تزيد على تسعة وقد سبق ذكر خمسة منها،
وبقيت أربعة منها واحد مهمل فلا كلام فيه وهو فعل بكسر
الفاء وضم العين، وثلاثة مستعملة وهي: فعل نحو كتف، وفعل
نحو عضد، وفعل نحو دئل، فإذا بنيت من الرد مثل كتف أو عضد
قلت: رد أو رد بالإدغام؛ لأنهما موافقان لوزن الفعل وليسا
في خفة فعل نحو لبب، هذا مذهب الجمهور، وخالف ابن كيسان
فقال: ردد وردد بالفك، ووافقه الناظم في التسهيل في الأول
دون الثاني. وإذا بنيت من الرد مثل دئل قلت: ردد بالفك،
ومن رأى أن فعل أصل في الفعل ينبغي أن يدغم وقياس مذهب ابن
كيسان الفك؛ بل هو في هذا أولى، وعليه مشى في التسهيل.
انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وتبع الفعل فيه... إلخ" الفعل مفعول مقدم وما فاعل
مؤخر. قوله: "وإن كان موازنًا للفعل" الواو للحال. قوله:
"وقوته في الفعل" أي: لثقله بتركب مدلوله فاحتاج للتخفيف
بالإدغام بخلاف الاسم.
قوله: "نحو خششاء" بمعجمات فإنه موازن بصدره لفعل بضم
ففتح، وفي الصحاح ما يخالف كلام الشارح كالموضح؛ فإنه قال:
الخشاء أصله الخششاء على فعلاء فأدغم، نبه عليه المصرح.
قوله: "ونحو رددان" من الرد؛ فإنه موازن بصدره لفعل
بضمتين. وقوله: مثل سلطان بضم اللام، في المصباح: السلطان
بضم اللام للإتباع لغة. قوله: "ونحو حببة" بحاء مهملة
وموحدتين جمع حب بضم الحاء وهو الخابية كما في الدماميني؛
فإنه موازن بصدره لفعل بكسر ففتح. قوله: "ونحو الدججان"
بدال مهملة فجيمين فإنه موازن بصدره لفعل بفتحتين. قوله:
"قلت: رد أو رد" بفتح الراء فيهما ولا يصح ضم راء أحدهما؛
لأن حركة المدغم لا تنقل لما قبله إلا إذا كان ما قبلها
ساكنًا كما يأتي، وكان يكفيه الاقتصار على أحدهما كما في
عبارة المرادي. قوله: "بل هو"
ج / 4 ص -489-
ولا كَهَيْلَلٍ وشَذَّ في أَلِلْ
ونحوه فَكٌّ بنَقْلٍ
فقُبِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابع من الشروط: ألا يتصل بأول المثلين مدغم فيه، وإليه
أشار بقوله: "ولا كجسس" وهو جمع جاس اسم فاعل جس الشيء إذا
لمسه، أو من جس الخبر إذا فحص عنه وهو الجاسوس، وإنما وجب
الفك؛ لأنه لو أدغم فيه المدغم لالتقى ساكنان.
الثامن: ألا يعرض تحريك ثانيهما، وإليه أشار بقوله: "ولا
كاخصص ابي" لأن الأصل اخصص بالإسكان فنقلت حركة الهمزة إلى
الساكن قبلها فلم يعتد بها لعروضها.
التاسع: ألا يكون ما هما فيه ملحقًا بغيره، وإليه أشار
بقوله: "ولا كهيلل" وهذا نوعان؛ أحدهما: ما حصل فيه
الإلحاق بزائد قبل المثلين نحو هيلل إذا أكثر من لا إله
إلا الله، فإن الياء فيه مزيدة للإلحاق بدحرج، والآخر ما
حصل فيه الإلحاق بأحد المثلين نحو جلبب؛ فإن إحدى ياءيه
مزيدة للإلحاق بدحرج، وإنما امتنع في هذين النوعين
لاستلزامه فوات ما قصد من الإلحاق.
العاشر: ألا يكون مما شذت العرب في فكه اختيارًا، وهي
ألفاظ محفوظة لا يقاس عليها، وإلى هذا أشار بقوله: "وشذ في
ألل ونحوه فك بنقل فقبل" أي: شذ الفك في ألفاظ منها قولهم:
ألل السقاء إذا تغيرت رائحته، وكذلك الأسنان إذا فسدت،
والأذن إذا رقت، وقولهم: دبِب الإنسان إذا نبت الشعر في
جبينه، وصكِك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: الفك أولى في هذا؛ لأن ابن كيسان فك فيما هو على الوزن
المتفق على أصالته في الفعل وهو ردد بفتح فكسر وردد بفتح
فضم فلأن يفك فيما هو على الوزن المختلف في أصالته في
الفعل وهو ردد بضم فكسر بالأولى. قوله: "مدغم فيه" أي: حرف
مدغم في أول المثلين وهو مساو لقول الموضح: ألا يتصل أول
المثلين بمدغم. قوله: "وهو الجاسوس" الضمير يرجع إلى الجاس
من جس الخبر. وقال جماعة: الجاسوس بالجيم صاحب خبر الشر،
والحاسوس بالحاء المهملة والناموس صاحب خبر الخير.
قوله: "حركة الهمزة" أي: من أبي. قوله: "كهيلل" فعل ماض
ملحق بدحرج، وهو أحد الألفاظ المنحوتة من المركبات كبسمل
إذا قال: باسم الله، وسبحل إذا قال: سبحان الله، وحوقل إذا
قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحيعل إذا قال: حي على
كذا، وحمدل إذا قال: الحمد الله، وجعفل إذا قال: جعلت
فداءك، وطلبق إذا قال: أطال الله بقاءك، ودمعز إذا قال:
أدام الله عزك، وحسبل إذا قال: حسبي الله، والباب سماعي،
وقد أوسعنا الكلام فيه في آخر رسالتنا الكبر على البسملة.
قوله: "وهذا" أي: ما المثلان فيه ملحق بغيره المشار إليه
بقوله: كهيلل. قوله: "نوعان" بل ثلاثة ثالثها ما حصل فيه
الإلحاق بأحد المثلين وغيره نحو اقعنسس أي: تأخر ورجع فإنه
ملحق باحرنجم؛ وإلا إلحاق حصل فيه بالسين الثانية على
المختار وبالهمزة والنون، قاله المصرح.
قوله: "ما قصد من الإلحاق" هو موازنة الملحق للملحق به.
قوله: "في ألل" بوزن فرح. قوله: "دبب" بدال مهملة
فموحدتين، قال شيخنا والبعض: بابه ضرب، وقد يؤخذ من كلام
القاموس كونه من باب فرح.
قوله: "إذا نبت الشعر في جبينه" مثله في الصحاح، وعبارة
الفارضي: في جبهته. قوله:
ج / 4 ص -490-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرس إذا اصطكت عرقوباه، وضبِبت الأرض إذا كثر ضِبابها،
وقطِط الشعر إذا اشتدت جعودته، ولحِحت العين ولخخت إذا
التصقت بالرمص، ومشِشت الداية إذا شخص في وظيفها حجم دون
صلابة العظم، وعزِزت الناقة إذا ضاق إحليلها وهو مجرى
لبنها، فشذوذ ترك الإدغام في هذه الأفعال كشذوذ ترك
الإعلال في نحو: القود والحيد والصيد والحوكة والخونة مما
سبق في موضعه. فلا يجوز القياس على شيء من هذه المفكوكات
كما لا يقاس على شيء من تلك المصححات، وما ورد من ذلك في
الشعر عد من الضرورات؛ كقول أبي النجم:
1312-
ألحمد لله العلي الأجلل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وصكك الفرس" جعله شيخنا نقلًا عن المختار من باب دخل،
وتبعه البعض في هذا الضبط، وقد راجعت المختار فلم أجد فيه
صكك بالمعنى الذي ذكره الشارح؛ وإنما فيه ما نصه: صكه ضربه
وبابه رد من قوله تعالى:
{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29]. اهـ. والذي في القاموس:
رجل أصك مضطرب الركبتين والعرقوبين، وقد صككت يا رجل كمللت
صككا. اهـ. وهو يفيد أن بابه فرح. قوله: "عرقوباه" العرقوب
من الإنسان عصب غليظ فوق عقبه ومن الدابة في رجلها بمنزلة
الركبة في يدها. قال الأصمعي: كل ذي أربع عرقوباه في رجليه
وركبتاه في يديه ومن القطا ساقها، كذا في الصحاح وغيره.
قوله: "وضببت" بضاد معجمة فموحدتين بوزن فرح كما في
القاموس. وقوله: ضبابها بكسر الضاد جمع ضب كما في القاموس.
قوله: "وقطط" بقاف فطاءين مهملتين بوزن فرح، وجاء بالإدغام
أيضًا، كذا في القاموس. قوله: "ولححت العين" بلام فحاءين
مهملتين، قال شيخنا السيد والبعض: من باب فرح. قوله:
"ولخخت" بلام فخاءين معجمتين، ولم يذكره صاحب الصحاح
والقاموس إلا مدغمًا. قوله: "ومششت" بميم فشينين معجمتين
بوزن فرح، كما في الصحاح والقاموس.
قوله: "إذا شخص" قال البعض: بضم الخاء، وهو خطأ؛ لأن
المضموم الخاء بمعنى بدن وضخم، وهو لا يناسب هنا. وأما شخص
بغير هذا المعنى كالذي بمعنى ارتفع، والذي بمعنى طلع فبفتح
الخاء كمنع كذا في القاموس.
قوله: "في وظيفها" الوظيف بظاء معجمة ثم فاء مستدق الذراع
والساق من الخيل والإبل. وقوله: حجم أي: شيء ذو حجم.
وقوله: دون صلابة العظم أي: ليس لهذا الشيء الشاخص صلابة
العظم الصحيح هكذا تفيد عبارة الصحاح. قوله: "وعززت" بعين
مهملة فزايين معجمتين، قال شيخنا وتبعه البعض: بابه دخل.
والذي في القاموس: العزوز الناقة الضيقة إلا حليل والجمع
عزز، وقد عزت كمدت عزوزًا وعزازًا بالكسر، وعززت ككرمت
وأعزت وتعززت. اهـ. قوله: "كشذوذ ترك الإعلال في نحو
القود... إلخ" فيه نظر وإن سكتوا عليه؛ لأن تصحيح العين في
ذلك مطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1312- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 2/ 390، والدرر 6/
138، وشرح شواهد المغني 1/ 449، والمقاصد النحوية 4/ 595،
وبلا نسبة في الخصائص 3/ 87، والمقتضب 1/ 142، 253،
والممتع في التعريف 2/ 649، والمنصف 1/ 339، ونوادر أبي
زيد ص44، وهمع الهوامع 2/ 157.
ج / 4 ص -491-
وحَيي افْكُكْ وادَّغِمْ دُونَ حَذَرْ
كَذَاكَ نَحْوُ تَتَجَلَّى واسْتَتَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: قد شذ الفك أيضًا في كلمات من الأسماء منها قولهم:
رجل ضفف الحال وحبب، وحكى أبو زيد طعام قضَضَ إذا كان فيه
ييس.
"وحيي" وعيي ونحوهما مما عينه ولامه ياءان لازم تحريكهما
"افك وادغم دون حذر" في واحد منها لوروده، فمن أدغم نظر
إلى أنها مثلان في كلمة وحركة ثانيهما لازمة وحق ذلك
الإدغام لاندراجه في الضابط المتقدم، ومن فك نظر إلى أن
حركة الثاني كالعارضة لوجودها في الماضي دون المضارع
والأمر والعارض لا يعتد به غالبًا؛ ومن ثَم لم يجز الإدغام
في نحو: لن يحيي ورأيت محييًا، وأما قوله:
1313-
وكأنها بين النساء سبيكة
نمشي بسُدة بيتها فتُعِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستثنى من قاعدة قلب الواو والياء ألفًا عند تحركهما
وانفتاح ما قبلهما، كما مر في قول الناظم: وصح عين فعل
وفعلا... إلخ.
قوله: "رجل ضفف الحال" بضاد معجمة ففاءين بوزن كتف من
الضفف بفتحتين وهو الضيق والشدة والحاجة، والذي في القاموس
والصحاح: رجل ضف الحال بالإدغام، فليس ضفف في عبارة الشارح
كلبب حتى يتجه توقف البعض في شذوذ فك ضفف في قولهم: رجل
ضفف الحال بأنه كلبب. نعم، يتجه التوقف في طعام قضض بقاف
فضادين معجمتين؛ لأنه كليب على ما في القاموس، وعبارته: قض
الطعام يقض بالفتح وهو طعام قضض محركة. ثم قال: وقض المكان
يقض بالفتح فهو قض وقضض ككتف صار فيه الق كأقض واستقض.
اهـ. وقوله: صار فيه القضض بفتحتين أي: الحصا الصغار كما
في القاموس والصحاح. قوله: "ومحبب" بحاء مهملة فموحدتين
على وزن اسم المفعول. قوله: "لازم تحريكهما" صوابه تحريك
ثانيهما كما عبر به الموضح وغيره وكما سيعبر به في قوله:
وحركة ثانيهما لازمة؛ لأن اللازم تحريكه من نحو: حيي الياء
الثانية فقط؛ لأنه فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. أما
الأولى فيجوز تحريكها على الفك وإسكانها على الإدغام.
قوله: "كالعارضة" أي: بجامع عدم اللزوم في جميع التصاريف.
قوله: "والعارض لا يعتد به غالبًا" أي: فكذا ما هو
كالعارض. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل عدم الاعتداد بالعارض.
قوله: "في نحو لن يحيي" مضارع أحيا ورأيت محييا اسم فاعل
أحيا؛ لأن حركة الثانية فيهما عارضة بعروض الناصب وهو لن
ورأيت.
قوله: "سبيكة" أي: قطعة مستطيلة من فضة، وسدة البيت بضم
السين بابه. اهـ عيني بزيادة. وقوله: فتعي ضبطه البعض بفتح
التاء الفوقية، وهو خطأ؛ لأن الكلام في المثلين العارض
تحريك ثانيهما، وتعي بفتح التاء مضارع عيي عار عنهما؛ لأنه
بياء تحتية فألف متعذرة التحريك؛ بل هو بضم الفوقية وكسر
العين المهملة مضارع أعيا، كما قاله الدماميني، وكسرة
العين منقولة إليها من الياء الأولى عند إرادة إدغامها في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1313- البيت من الكامل، هو بلا نسبة في الدرر 1/ 172،
ولسان العرب 15/ 112 "عيا"، والمحتسب 2/ 269، والممتع في
التعريف 2/ 585، 587، والمنصف 2/ 206، وهمع الهوامع 1/ 53.
ج / 4 ص -492-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فشاذ لا يقاس عليه خلافًا للفراء.
تنبيه: الفك أجود من الإدغام وإن كان كل منهما فصيحًا
مقروءًا به في المتواتر، ولعل الناظم أومأ إلى ذلك بتقديم
الفك في النظم. اهـ.
"كذلك" يجوز الفك والإدغام فيما اجتمع فيه تاءان إما في
أوله أو وسطه "نحو تتجلى واستتر" أما الأول فقال في شرح
الكافية: إذا أدغمت فيما اجتمع في أوله تاءان زدت همزن وصل
تتوصل بها إلى النطق بالتاء المسكنة للإدغام فقلت في
تتجلى: اتجلى.
هذا كلامه، فيه نظر؛ لأن تتجلى فعل مضارع، واجتلاب همزة
الوصل لا يكون في المضارع، والذي ذكره غيره من النحاة أن
الفعل المفتتح بتاءين إن كان ماضيًا نحو: تتبع وتتابع جاز
فيه الإدغام واجتلاب همزة الوصل فيقال: اتبع وأتابع، وإن
كان مضارعًا نحو تتذكر لم يجز فيه الإدغام إن ابتدئ به لما
يلزم من اجتلاب همزة الوصل، وهي لا تكون في المضارع؛ بل
يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءين، وسيأتي في كلامه، وإن وصل
بما قبله جاز إدغامه بعد متحرك أو لين نحو:
{تَكَادُ تَمَيَّزُ} [الملك: 8] {وَلَا تَيَمَّمُوا}
[البقرة: 268] لعدم الاحتجاج في ذلك إلى اجتلاب همزة
الوصل.
وأما الثاني وهو استتر ونحوه من كل فعل على افتعل اجتمع
فيه تاءان، فهذا يجوز فيه الفك وهو قياسه لبناء ما قبل
المثلين على السكون، ويجوز فيه الإدغام بعد نقل حركة أول
المثلين إلى الساكن فتقول: ستر بطرح همزة الوصل من أوله
لتحرك الساكن بحركة النقل.
تنبيهات: الأول: إذا أوثر الإدغام في استتر صار اللفظ به
كاللفظ بستر الذي وزنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء الثانية، وأعيا يستعمل لازمًا ومتعديًا، ومن الأول
ما هنا، والشاهد في فتعي حيث أدغم اعتدادًا بالحركة
العارضة في البيت لأجل الرويّ مع أنها في غيره أيضًا عارضة
لأجل الناصب.
قوله: "لأن تتجلى... إلخ" عبارة التوضيح: ولم يخلق الله
همزة وصل في أول المضارع؛ وإنما إدغام هذا النوع في الوصل
دون الابتداء، وبذلك قرأ البزي في الوصل نحو: "ولا تيمموا"
"ولا تبرجن".
قوله: "واجتلاب همزة الوصل لا يكون في المضارع" قد يقال:
مرادهم أنها لا تكون فيه على وجه اللزوم له عند الابتداء
به كما في الماضي والأمر والمصدر، ولا يظن بالمصنف أن يقدم
على ذلك بمجرد التشهي من غير سند كسماع واستنباط من لغة
العرب وقياس ليس في لغتهم ما ينافيه، وناهيك بمن نقل
الثقات عنه أنه قال: طالعت الصحاح جميعًا فلم أستفد منه
إلا ثلاث مسائل ولا يضره عدم ذكر السند صريحًا. قال يس:
ونص ابن الناظم على أن الناظم ذكر المسألة في بعض كتبه على
ما يوافق الجمهور.
قوله: "فيقال اتبع" أي: بتشديد الفوقية والموحدة. قوله:
"ونحوه" كاقتتل واكتتب. قوله: "وهو قياسه" فيه عندي نظر
وإن سكتوا عليه؛ لأنه يقتضي أن الإدغام خلاف القياس، وليس
كذلك؛ لتوفر ضابط الإدغام فيه، ولو قال: وهو الأحسن لكان
مستقيمًا. قوله: "لبناء ما قبل المثلين على السكون" أي:
فيحوج الإدغام إلى تكلف نقل حركة
ج / 4 ص -493-
وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ
فِيهِ عَلَى تَا كَتَبَيَّنُ
العِبَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل بتضعيف العين؛ ولكن يمتازان بالمضارع والمصدر؛ لأنك
تقول في مضارع الذي أصله افتعل يستر بفتح أوله وأصله يستتر
فنقل وأدغم، وتقول في مضارع الذي وزنه فعل يستر بضم أوله،
وتقول في مصدر الذي أصله افتعل سِتَّارًا وأصله استارًا،
فلما أريد الإدغام نقلت الحركة فطرحت الهمزة، وتقول في
مصدر الذي وزنه فعل تستيرًا على وزن تفعيل.
الثاني: يجوز في استتر ونحوه إذا أدغم وجه آخر وهو أن
يقال: ستر بكسر فائه؛ وذلك أن الفاء ساكنة وحين قصد
الإدغام سكنت التاء الأولى فالتقى ساكنان فكسر أولهما على
أصل التقاء الساكنين، ويجوز على هذه اللغة كسر التاء
إتباعًا لفاء الكلمة فتقول فعل والمضارع واسم الفاعل واسم
المفعول مبنية على ذلك؛ إلا أن اسم الفاعل يشتبه بلفظ اسم
المفعول على لغة من كسر التاء إتباعًا فيصير مشتركًا
كمغتار فيحتاج إلى قرينة.
الثالث: ما ذكره في هذا البيت كالمستثنى من الضابط
المتقدم. اهـ.
"وما بتاءين ابتدي قد يقتصر فيه على تا كتبين العبر" الأصل
تتبين بتاءين الأولى تاء المضارعة والثانية تاء تفعل، وعلة
الحذف أنه لما ثقل عليهم اجتماع المثلين ولم يكن سبيل إلى
الإدغام لما يؤدي إليه من اجتلاب همزة الوصل وهي لا تكون
في المضارع عدلوا إلى التخفيف بحذف إحدى التاءين، وهذا
الحذف كثير جدًّا، ومنه في القرآن مواضع كثيرة نحو:
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ}
[القدر: 4]
{لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ}
[هود: 105]
{نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14].
تنبيهات: الأول: مذهب سيبويه والبصريين أن المحذوف هو
التاء الثانية؛ لأن الاستثقال بها حصل، وقد صرح بذلك في
شرح الكافية، وقال في التسهيل: والمحذوفة هي الثانية لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أول المثلين إلى الساكن. قوله: "بفتح أوله" أي: وثانيه
وتشديد ثالثه مع كسره، ولم يذكر الشارح ذلك؛ لأنه قدر
مشترك بين المضارعين. قوله: "ستارًا" بكسر أوله وتشديد
ثانيه. قوله: "بكسر فائه" وهي السين.
قوله: "على أصل التقاء الساكنين" فليست الكسرة منقولة؛ إذ
لا كسر في التاء المدغمة. قوله: "مبينة على ذلك" أي: فإن
فتحت سين الماضي فتحت سين المضارع واسم الفاعل واسم
المفعول، وكانت التاء على ما يقتضيه الحال، فهي مكسورة في
المضارع واسم الفاعل ومفتوحة في اسم المفعول، وإن كسرت سين
الماضي وتاؤه كسرتا في الثلاثة؛ وحينئذ يشتبه اسم الفاعل
واسم المفعول، كما قاله الشارح. قوله: "من الضابط المتقدم"
أي: ضابط وجوب الإدغام المتقدم في قوله: أول مثلين... إلخ.
قوله: "قد يقتصر... إلخ" قد للتحقيق أو للتقليل النسبي.
وفي قول الشارح: وهذا الحذف كثير جدًّا رمز إلى الأول.
قوله:
{نَارًا تَلَظَّى} فأصله تتلظى، فحذفت إحدى التاءين، ولو كان ماضيًا لقيل:
تلظت لوجوب التأنيث مع المجازي إذا كان ضميرًا متصلًا.
قوله: "لأن الاستثقال بها حصل" ولدلالة الأولى على
المضارعة والحذف مخل بها.
ج / 4 ص -494-
وفُكَّ حَيْثُ مُدْغَمٌ فِيهِ سَكَنْ
لِكَوْنِهِ بِمُضْمَرِ
الرَّفْع اقْتَرَنْ
نَحْوُ حَلَلْتُ مَا حلَلْتَهُ وفِي
جَزْمٍ وشِبْهِ الجَزْمِ تَخْييرٌ قُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأولى خلافًا لهشام يعني: أن مذهب هشام أن المحذوفة هي
الأولى، ونقله غيره عن الكوفيين.
الثاني: قد أرشد بالمثال إلى أن هذا إنما في المضارع
الواقع في الابتداء؛ لأنه الذي يتعذر فيه الإدغام، وأن
الماضي نحو تتابع فلا يتعذر فيه الإدغام، وكذا المضارع
الواقع في الوصل كما سبق بيانه.
الثالث: قال في شرح الكافية: وقد يفعل ذلك -يعني التخفيف-
بالحذف بما تصدر فيه نونان، ومن ذلك ما حكاه أبو الفتح من
قراءة بعضهم:
{ونزلُ الملائكةَ تنزيلا} [الفرقان: 25] وفي هذه القراءة دليل على أن
المحذوفة من تاءي تتنزل حين قال تنزل إنما هي الثانية؛ لأن
المحذوفة من نوني نزل في القراءة المذكورة إنما هي
الثانية. هذا كلامه. قال الشارح: ومنه على الأظهر قوله
تعالى:
{كَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
[الأنبياء: 88] في قراءة عاصم، أصله ننجي؛ ولذلك سكن آخره.
انتهى.
الحادي عشر من شروط وجوب الإدغام: ألا يعرض سكون ثاني
المثلين إما لاتصاله بضمير رفع، وإما لجزم وشبهه، وقد أشار
إلى الأول بقوله: "وفك حيث مدغم فيه سكن لكونه بمضمر الرفع
اقترن" لتعذر الإدغام بذلك، والمراد بمضمر الرفع تاء
الضمير ونا ونون الإناث "نحو حللت ما حللته" وحللنا
والهندات حللن، فالإدغام في ذلك ونحوه لا يجب بل لا يجوز،
قال في التسهيل: والإدغام قبل الضمير لغية، قال سيبويه:
وزعم الخليل أن ناسًا من بكر بن وائل يقولون: ردنا ومرنا
وردت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "خلافا لهشام" أي: الضرير، ودليله أن الثانية لمعنى
كالمطاوعة وحذفها مخل بهذا المعنى. قوله: "بما تصدر فيه
نونان" أي: متحركان. قوله: "ونزل الملائكة" برفع اللام
ونصب الملائكة. قوله: "دليل... إلخ" وجه الدلالة ضم النون؛
إذ لا وجه لضم الثانية. ابن غازي. قوله: "من نوني نزل"
الأوضح والأنسب بقوله قبل: من تاءي تتنزل أن يقول: من نوني
ننزل. قوله: "ومنه" أي: حذفت إحدى النونين. قوله: "على
الأظهر" مقابله قولان؛ الأول: أن نجي فعل ماض مجهول سكنت
ياؤه للتخفيف على لغة، وأنيب عن الفعل ضمير المصدر. قال في
المغني: وفيه ضعف من جهات إسكان آخر الماضي وإنابة ضمير
المصدر مع أنه مفهوم من الفعل، فلا فائدة في ذكره وإنابة
غير المفعول به مع وجوده. اهـ. الثاني: أن أصله ننجي بسكون
النون الثانية فأدغمت في الجيم كإجاصة وإجانة أصلهما
انجاصة وانجانة، فأدغمت النون في الجيم، وهذا أضعف مما
قبله؛ لأن إدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف، كما في
التصريح. قوله: "أصله ننجي" بفتح النون الثانية وتشديد
الجيم. قوله: "وفك" ماض مجهول نائب فاعله ضمير يرجع إلى
أول المثلين أو فعل أمر. وقوله: لكونه علة سكن. وقوله:
بمضمر الرفع أي: البارز المتحرك.
قوله: "بل لا يجوز" أي: عند جمهور العرب كما يفيده قوله:
قال في التسهيل... إلخ وقوله: قال سيبويه... إلخ وهؤلاء
الجمهور يلتزمون إسكان ما قبل الضمير بدون زيادة حرف.
قوله: "لغية" أي:
ج / 4 ص -495-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه لغة ضعيفة كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء
وأبقوا اللفظ على حاله. وأشار إلى الثاني بقوله: "وفي جزم
وشبه الجزم" والمراد به الوقف "تخيير" أي: بين الفك
والإدغام "قفي" أي: تبع نحو: لم يحلل ولم يحل واحلل وحل،
الفك لغة أهل الحجاز والإدغام لغة تميم.
تنبيهات: الأول: المراد بالتخيير استواء الوجهين في أصل
الجواز لا استواؤهما في الفصاحة؛ لأن الفك لغة أهل الحجاز،
وبها جاء القرآن غالبًا نحو: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ}
[آل عمران: 120] {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي} [طه: 81]
{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}
[لقمان: 19]
{وَلَا تَمْنُنْ} [المدثر: 6] وجاء على لغة تميم:
{مَنْ يَرْتَدَّ} [المائدة: 54]
{وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ}
[الحشر: 4].
الثاني: إذا أدغم في الأمر على لغة تميم وجب طرح همزة
الوصل لعدم الاحتجاج إليها، وحكى الكسائي أنه سمع من عبد
القيس أرد واغض وامر بهمزة الوصل، ولم يحك ذلك أحد من
البصريين.
الثالث: إذا اتصل بالمدغم فيه واو جمع نحو ردوا، أو ياء
مخاطبة نحو ردى، أو نون توكيد نحو ردن، أدغم الحجازيون
وغيرهم من العرب؛ لأن الفعل حينئذ مبني على هذه العلامات
فليس تحريكه بعارض.
الرابع: التزم المدغمون فتح المدغم فيه قبل ها الغائبة نحو
ردها ولم يردها، والتزموا ضمة قبل هاء الغائب نحو رد ولم
يرده؛ لأن الهاء خفيفة فلم يعتدوا بوجودها، فكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقوم لا يلتزمون إسكان ما قبل الضمير، وحكي ردن بزيادة نون
ساكنة قبل نون الإناث مدغمة فيها وردات بزيادة ألف قبل تاء
الضمير، كذا في شرح التسهيل لعلي باشا، والمحكي عنه هذا
يلتزمون الإسكان المذكور مع زيادة الحرف الساكن. قوله:
"قبل دخول النون والتاء" أي: ونا.
قوله: "وأبقوا اللفظ على حاله" أي: بعد دخولهما. قوله:
"والمراد به الوقف" أي: البناء لا ما قابل الوصل. قوله:
"الإدغام لغة تميم" عبارة الهمع: والإدغام لغة غير
الحجازيين من العرب نظرًا إلى عدم الاعتداد بالعارض. قوله:
"الثالث إذا اتصل بالمدغم فيه... إلخ" وجه تعلقه بما نحن
بصدده من اشتراط أن لا يعرض سكون ثاني المثلين أنه مما صدق
عليه هذا النفي، وكان الأنسب كما قال البعض، ذكره في شرح
قوله: ولا كاخصص ابي، المشار به إلى اشتراط عدم عروض حركة
ثاني المثلين. قوله: "أدغم الحجازيون وغيرهم" أي: أبقوا
الإدغام. قوله: "مبني على هذه العلامات" لو قال: متحرك قبل
هذه العلامات؛ لكان واضحًا، فتأمل. قوله: "التزم المدغمون
فتح المدغم فيه... إلخ" أي: على قول بدليل ما سيأتي. قوله:
"قبل ها الغائبة" بقراءة ها بالقصر على إرادة اللفظ المركب
من الهاء والألف؛ لأن المجموع هو ضمير الغائبة وإضافته إلى
الغائبة من
ج / 4 ص -496-
وفَكُّ أَفْعِلْ في التعجب التُزِمْ
والتُزِمَ الإدغامُ
أيضًا في هَلُمّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدال قد وليها الألف والواو، وحكى الكوفيون ردها بالضم
والكسر ورده بالفتح والكسر وذلك في المضموم الفاء، وحكى
ثعلب الأوجه الثلاثة قبل هاء الغائب وغلط في تجويزه الفتح.
وأما الكسر فالصحيح أنه لغية سمع الأخفش من ناس من عقيل
مده عضه بالكسر، والتزم أكثرهم الكسر قبل ساكن فقالوا رد
القوم؛ لأنها حركة التقاء الساكنين في الأصل ومنهم من يفتح
وهم بنو أسد، وحكى ابن جني الضم، وقد روي بهن قوله:
1314-
فغُضَّ الطرف إنك من نُمَير
نعم الضم قليل، قال في التسهيل في باب التقاء الساكنين: ولا
يضم قبل ساكن بل يكسر وقد يفتح. هذا لفظه، فإن لم يتصل
الفعل بشيء مما ذكر ففيه ثلاث لغات: الفتح مطلقًا نحو رد
وفر وعض هي لغة أسد وناس غيرهم، والكسر مطلقًا نحو رد وفر
وعض وهي لغة كعب ونمير، والإتباع لحركة الفاء نحو رد وفر
وعض وهذا أكثر في كلامهم. اهـ.
"وفك أفعل في التعجب التزم" قال في شرح الكافية: بإجماع،
وكأنه أراد إجماع العرب لأن المسموع الفك، ومنه قوله:
1315-
وقال نبي المسلمين تقدموا
وأجبب إلينا أن تكون المقدَّما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضافة الدال للمدلول، وهذا بخلاف قوله: هاء الغائب فإنه
بالمد. قوله: "ورده بالفتح والكسر" ظاهره بقاء ضم الهاء مع
كسر الدال، وهو إنما يأتي على لغة الحجازيين الذي يضمون
هاء الغائب وإن وليت كسرة أو ياء ساكنة لا على لغة غيرهم؛
لأن غيرهم يكسرها بعد هاتين كما تقدم في باب الضمير. قوله:
"وغلط في تجويزه الفتح" لا وجه لتغليطه بعد حكاية الكوفيين
له، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. قوله: "فالصحيح أنه لغية"
أي: في مضموم الفاء ومفتوحها بدليل قوله: سمع الأخفش...
إلخ. قوله: "فغض الطرف إنك من نمير" قاله جرير وتمامه:
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
ونمير بضم النون من قيس عيلان. اهـ عيني. قوله: "قال في
التسهيل... إلخ" استدلال بإنكار المصنف الضم على قلته؛ لأن
شأن ما ينكره كثير الاطلاع مع وجوده أن يكون قليلًا. قوله:
"مما ذكر" أي: واو الجمع وياء المخاطبة ونون التوكيد وها
الغائبة وهاء الغائب. قوله: "مطلقًا" أي: مضموم الفاء أو
مكسورها أو مفتوحها، وقد مثل للثلاثة على هذا الترتيب.
قوله: "وفك أفعل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1314- عجزه:
فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
والبيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص821،
وجمرة اللغة ص1096، وخزانة الأدب 1/ 72، 74، 9/ 542،
والدرر 6/ 322، وشرح المفصل 9/ 128، ولسان العرب 3/ 142،
وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 411، وخزانة الأدب 6/ 531،
9/ 306، وشرح شافية ابن الحاجب ص244، والكتاب 3/ 533،
والمقتضب 1/ 185.
1315- البيت من الطويل، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه
ص102، والدرر 5/ 234، والمقاصد النحوية 3/ 656، وبلا نسبة
في الجنى الداني ص49، والدرر 5/ 343، 6/ 321، وشرح التصريح
2/ 89، وشرح ابن عقيل ص451، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"،
والمقاصد النحوية 4/ 593، وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227.
ج / 4 ص -497-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلا فقد حكي عن الكسائي إجازة إدغامه "والتزم الإدغام
أيضًا في هلم" بإجماع، كما قاله في شرح الكافية فلم يقل
فيه هلمم.
تنبيهات: الأول: هذا البيت استدراك على ما قبله أي: يستثنى
من فعل الأمر صيغتان لا تخيير فيهما؛ الأولى: أفعل في
التعجب فإنه ملتزم فكه، والثانية: هلم في لغة تميم فإنه
ملتزم إدغامه، وقد سبق في باب أسماء الأفعال أن هلم عند
الحجازيين اسم فعل بمعنى احصر أو أقبل، وعند بني تميم فعل
أمر، وباعتبار هذه اللغة ذكر هاهنا.
الثاني: التزموا أيضًا فتح هلم، وحكى الجرمي الفتح والكسر
عن بعض تميم وإذا اتصل بها هاء الغائب نحو هلمه لم يضم بل
يفتح، وكذا إذا اتصل بها ساكن نحو هلم الرجل، وقد تقدم أن
لكونها عند تميم فعلًا اتصلت بها ضمائر الرفع البارزة
فيقال: هلما وهلموا وهلمي بضم الميم قبل الواو وكسرها قبل
الياء، وإذا اتصل بها نون الإناث فالقياس هلممن، وزعم
الفراء أن الصواب هلمن بفتح الميم وزيادة نون ساكنة بعدها
وقاية لفتح الميم، ثم تدغم النون الساكنة في نون الضمير.
وحكي عن أبي عمرو أنه سمع هلمين يا نسوة بكسر الميم مشددة
وزيادة ياء ساكنة قبل نون الإناث، وحكي عن بعضهم هلمُّن
بضم الميم، وهو شاذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكسر العين. تصريح. قوله: "إجازة إدغامه" فيقول: أحب بزيد.
قوله: "في هلم بإجماع" لثقلها بالتركيب، وفي كيفية تركيبها
خلاف سيذكره الشارح. قوله: "من فعل الأمر" أي: ولو صورة
فدخل فعل التعجب فصح استثناؤه من فعل الأمر. قوله: "ذكرها
هنا" أي: على وجه استثنائها من فعل الأمر. قوله: "التزموا
أيضًا" أي: كما التزموا الإدغام. قوله: "فتح هلم" تخفيفًا
لثقلها بالتركيب ولم يجيزوا في آخرها ما أجازوا في آخر نحو
رد من الضم للإتباع والكسر على الأصل في التخلص من التقاء
الساكنين. قوله: "هاء الغائب" مثلها بالأولى ها الغائبة.
قوله: "لم يضم" أي: تبعًا لضم الهاء. قوله: "بل يفتح" هل
يأتي هنا ما حكاه الجرمي عن بعض تميم من الكسر. قوله: "أن
لكونها" اسم أن ضمير الشأن محذوف. قوله: "وكسرها قبل
الياء" لم يقل: وفتحها قبل الألف لمجيئه على الأصل فيها،
فلم يحتج للتنبيه عليه.
قوله: "وإذا اتصل بها نون الإناث... إلخ" حاصل ما ذكره
فيها حينئذ أربعة أقوال. قوله: "وقاية لفتح الميم" لأن نون
النسوة تستدعي سكون ما قبلها كغيرها من ضمائر الرفع
البارزة المتحركة، فلولا زيادة النون لسكنت الميم. قوله:
"بكسر الميم" أي: لمناسبة الياء بعدها. وقوله: وزيادة ياء
ساكنة أي: محافظة على ما تستدعيه نون النسوة من ساكن
قبلها. قوله: "وحكي عن
ج / 4 ص -498-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث: مذهب البصريين أن هلم مركبة من ها التنبيه ومن لم
التي هي فعل أمر من قولهم: لَمَّ الله شعثه أي: جمعه، كأنه
قيل: اجمع نفسك إلينا فحذفت ألفها تخفيفًا، وقال الخليل:
ركبا قبل الإدغام فحذفت الهمزة للدرج إذ كانت همزة وصل
وحذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم نقلت حركة الميم الأولى
إلى اللام. وقال الفراء: مركبة من هل التي للزجر وأم بمعنى
اقصد فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها فصار
هلم. ونسب بعضهم هذا القول إلى الكوفيين. وقول البصريين
أقرب إلى الصواب. قال في البسيط: ومنهم من يقول: إنها ليست
مركبة. اهـ.
خاتمة في النون الساكنة ومنها التنوين: اعلم أن للنون
الساكنة أربعة أحكام؛ أولها: الإدغام، وهو بلا غنة في
اللام والراء، وبغنة في حروف ينمو، ما لم تكن مواصلتها في
كلمة واحدة كالدنيا وصنوان وأنمار؛ فإن الفك في ذلك لازم.
والثاني: الإظهار وهو في حروف الحلق الستة: العين والغين
والحاء والخاء والهاء والهمزة؛ لبعد مخرج النون من مخرجها.
والثالث: القلب ميمًا عند الباء، ويستوي كونها في كلمة
نحو:
{أَنْبِئْهُمْ}، أو كلمتين نحو:
{أَنْ بُورِكَ}، وموجب هذا القلب أن
الباء بعدت من النون وشابهت أقرب الحروف إليها وهي الميم؛
لأن النون والميم حرفا غنة، فلما بعدت عن الباء لم يمكن
إدغامها فيها ولما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعضهم هلمن بضم الميم" أي: مع تشديدها، ولعل ضمها إتباع
لضم اللام، وهل مع زيادة نون ساكنة قبل نون الإناث كما
تقدم عن الفراء أولا الأقرب الأول فراجعه. قوله: "اجمع
نفسك إلينا" هذا إنما يناسب استعمالها بمعنى أقبل،
والمناسب لاستعمالها بمعنى أحضرا جمع كذا إلينا. قوله:
"تخفيفًا" أي: ونظرا إلى أن أصل لام لم قبل الإدغام السكون
كما في التصريح أي: فالحذف للتخفيف وللتخلص من التقاء
الساكنين باعتبار الأصل.
قوله: "فحذفت الهمزة" أي: همزة الميم الذي هو أصل لم قبل
الإدغام. قوله: "ثم نقلت حركة الميم الأولى" أي: وأدغمت في
الميم الثانية بعد تحريكها تخلصًا من الساكنين. قوله:
"بإلقاء حركتها على الساكن قبلها" أي: ثم حذفها. قوله:
"قال في البسيط... إلخ" بهذا يرد ادعاء بعضهم الإجماع على
تركيبها وإن كان تركيبها هو الأصح. قوله: "ما لم تكن
مواصلتها... إلخ" أنت خبير بأن هذا التقييد بالنسبة إلى
الياء والميم والواو دون النون؛ ولهذا لم يمثل لمواصلة
النون للنون في كلمة؛ لأن إدغام إحدى النونين في الأخرى
واجب ولو كان اجتماعهما في كلمة واحدة نحو:
{فَمَنَّ اللَّهُ
عَلَيْنَا} [الطور: 27] وإضافة مواصلتها من إضافة
المصدر إلى فاعله أو مفعوله. قوله: "ويستوي" أي: في القلب
ومثله الإظهار والإخفاء كونها أي: النون مع الياء وقوله:
أو كلمتين أو بمعنى الواو؛ لأن الاستواء إنما يكون بين
متعدد. قوله: "أن الباء بعدت من النون" أي: في الصفة؛ لأن
النون حرف لين أغن والباء حرف شديد مع أن مخرجيهما
مختلفان. وقوله: وشابهت أي: النون، وكذا الضمير في بعدت
وإدغامها.
ج / 4 ص -499-
وما بِجَمْعِهِ عُنِيتُ قَدْ كَمَلْ
نَظْمًا على جُلِّ
الْمُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قربت بمشابهة القريب منها لم يحسن إظهارها، فأوجب التخفيف
أمرًا آخر وهو قلبها ميمًا؛ لأنها أختها في الغنة.
والرابع: الإخفاء وذلك إذا وليها شيء من الحروف غير
المذكورة، وذلك خمسة عشر حرفًا يجمعها أوائل هذا البيت:
ترى جار دعد قد ثوى زيد في ضنى
كما ذاق طير صيد سوء شبا ظفر
وإنما أخفيت عند هذه الحروف؛ لأنها قربت منها قربًا متوسطًا؛
لأن حروف الحلق بعدت منها فأظهرت. وحروف لم يرو قربت منها
قربًا شديدًا فأدغمت، وهذه الخمسة عشر لم تبعد بعد تيك ولم
تقرب قرب هذه فأخفيت. والإخفاء حال بين الإظهار والإدغام،
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولما يسر الله له إكمال ما وعد به في الخطبة من قوله:
مقاصد النحو بها محويه
أخبر بذلك فقال:
وما بجمعه عنيت قد كمل
نظمًا على جل المهمات اشتمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولما قربت" أي: النون من الباء. وقوله: بمشابهة...
إلخ أي: بسبب مشابهة النون الحرف القريب من الباء وهو
الميم لكون الميم والباء من مخرج واحد ووجه المشابهة كما
أسلفه أن كلا من النون والميم حرف أغن ويصح أن يكون قوله:
منها تنازعه كل من قربت والقريب. قوله: "لأنها أختها" أي:
لأن النون أخت الميم في الغنة. قوله: "قد ثوى" بالمثلثة
أي: أقام. وقوله: زيد في ضنى حال من فاعل ثوى بتقدير قد
ويحتمل غير ذلك. وقوله: كما ذاق راجع لقول زيد في ضنى.
وقوله: صيد بالبناء للمجهول نعت لطير. وقوله: سوء مفعول
ذاق. وقوله: شبا ظفر بشين معجمة مفتوحة فموحدة أي: حدة ظفر
الصائد من كلب وصقر ونحوهما.
قوله: "لأن حروف الحلق... إلخ" علة لقوله: قربت منها قربًا
متوسطًا. قوله: "وحروف لم يرو" من الرواية أو الرى أو
الإرواء لا الرؤية، وإلا كان حقه أن يكتب بألف بعد الواو؛
لأنها واو جماعة وكتابته بها مخل وحروف لم يرو هي حروف
الإدغام أعم من أن يكون بغنة أولا، وأسقط منها النون؛ لأنه
لا يصح أن يقال: قربت النون من النون، ولأن وجوب إدغام
النون الساكنة في النون في غاية الوضوح. قوله: "كمال ما
وعد به" لو قال: إكمال ما استعان الله فيه لكان أوفق بما
سلف في الخطبة.
قوله: "وما يجمعه عنيت" الواو للاستئناف أو لعطف قصة على
قصة، وما موصولة واقعة على الألفاظ على ما هو الأقرب
والأليق بقوله: نظمًا... إلخ. وقوله: أحصى... إلخ وتذكير
ضمير ما باعتبار لفظها أو لأن المراد مجموع الألفاظ؛ لأنه
المناسب لقوله: بجمعه. قوله: "قد كمل" بتثليث الميم والكسر
أضعف اللغات والفتح أفصحها وأولى هنا لسلامة البيت عليه من
عيب إسناد التوجيه اللازم على الضم وهو اختلاف حركة ما قبل
الروي المقيد، والكمال والتمام بمعنى واحد لغة
ج / 4 ص -500-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: عني بكذا أي: اهتم به ويلزم بناؤه للمفعول، وبناؤه
للفاعل لنية حكاها في اليواقيت، وأنشد عليها:
1316-
عان بأُخراها طويل الشغل
ونظمًا حال من الهاء في بجمعه أو تمييز محول عن الفاعل
واشتمل نعت لنظما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالتكميل والتتميم، وأما في اصطلاح علماء المعاني فالتكميل
ويسمى بالاحتراس أيضًا هو أن ما يؤتى في كلام يوهم خلاف
المقصود بما يدفعه كما في قوله:
فسقي ديارك غير مفسدها
صوب الربيع وديمة تهم
والتتميم أن يُؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة من
مفعول أو حال أو نحوهما لنكتة كالمبالغة في نحو:
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي: مع حبه. قوله:
"على جل المهمات" فيه إشارة إلى أن قوله: في الخطبة مقاصد
النحو على حذف مضاف كما تقدم بسطه، والمهمات جمع مهم أو
جمع مهمة، فتقدير الموصوف على الأول الأحكام المهمات وعلى
الثاني المسائل المهمات؛ لكن يلزم على الثاني وصف جمع
الكثرة لما لا يعقل بالمطابق، مع أن الأفصح فيه الإفراد
كما أن الأفصح في غيره المطابقة إلا أن يقال: لما حذف ضعف
عن المراعاة. وقوله: اشتمل أي: اشتمال الدال على المدلول،
والجملة يحتمل أن تكون في محل نصب صفة لنظمًا، وعليه اقتصر
الشارح فيما يأتي؛ لأنه أقرب أو حالًا أخرى أو في محل رفع
خبر آخر لما، وكذا جملة أحصي، فافهم.
قوله: "ويلزم بناؤه للمفعول" أي: وإن كان بمعنى المبني
للفاعل كما تفيده عبارته؛ وإنما يلزم ذلك إذا كان بمعنى
اهتم، أما عنا عنوا من باب قعد بمعنى خضع وذل، وعنا يعنو
عَنْوَةً بمعنى أخذ الشيء قهرًا أو صلحًا، وعنى من باب رمى
بمعنى قصد، وعناه كذا من باب رمى شغله، وعَنِيَ من باب تعب
أصابه مشقة فبالبناء للفاعل، كذا في المصباح.
قوله: "وبناؤه للفاعل" أي: مجعولًا كرمى يرمي عناية كما في
المصباح. وقوله: لغية أي: قللة. قوله: "وأنشد عليها" وجهه
أن اسم الفاعل إنما يصاغ من المبني للفاعل، فعلى اللغة
المشهورة إنما يقال: أنا معني بكذا. قوله: "حال" أي: فيكون
مصدرًا بمعنى اسم المفعول، أما على كونه تمييزًا فباقٍ على
مصدريته. وقوله: من الهاء في بجمعه، فيه عندي نظر لما يلزم
عليه من الفصل بين الحال وصاحبها بأجنبي، وهو قد كمل وذلك
ممنوع، فينبغي جعله حالًا من الضمير في كمل، ثم الحال هنا
موطئة لما بعدها لانفهام كونه نظمًا من قوله: وما بجمعه
عنيت؛ لأن الذي عنى بجمعه ألفية في النحو والألفية؛ إنما
تكون نظمًا، وكذا يقال في احتمال التمييز. قوله: "أو
تمييز... إلخ" رجح هذا بأن مجيء المصدر حالًا مع كثرته
سماعي، وقد ترجح الحالية بأنها أوفق بوصف نظمًا بالجملتين
بعده؛ لأن الاشتمال على المهمات وإحصاء خلاصة الكافية أليق
بالنظم بمعنى المنظوم من النظم بالمعنى المصدري، فتدبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1316- الرجز بلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص263، ولسان
العرب 15/ 105 "عنا".
ج / 4 ص -501-
أَحْصَى من الكافية الخلاصه
كما اقتضى غِنًى بلا
خصاصه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى جل المهمات متعلق باشتمل.
ثم وصف نظما بصفة أخرى فقال: "أحصى من الكافية الخلاصه"
أي: جمع هذه النظم من منظومة المصنف المسماة بالكافية
الخالص الصافي مما يكدره "كما اقتضى" أي: أخذ "غِنًى بلا
خصاصه" تشوبه، والخصاصة ضد الغنى وهو كناية عما جمع من
المحاسن الظاهرة. ثم قابل بالشرك نعمة الإتمام، وأردفه
بالصلاة على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه
الكرام؛ لإحراز أجر ذلك ويمنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من الكافية" أي: من معانيها، ومن تبعيضية حال من
الخلاصة أو ابتدائية متعلقة بأحصى، وإلى هذا الثاني أشار
الشارح بعد: وبالخلاصة اشتهر هذا النظم أعني الألفية.
قوله: "أي جمع هذا النظم... إلخ" أشار به إلى أن أحصى فعل
ماض، ومن الكافية صلته، والخلاصة مفعوله. قال جماعة: ولا
يجوز أن يكون أحصى أفعل تفضيل خبرًا مقدمًا. والخلاصة
مبتدأ مؤخرًا؛ لأن بناء أفعل التفضل من الرباعي شاذ على
الصحيح ولتكذيب الحس له إذا الكافية مشتملة على أبواب
كاملة ليست في الخلاصة كباب ضمير الشأن وضمير الفصل
والتاريخ والتقاء الساكنين وتصحيحه بإرادة كافية ابن
الحاجب تكلف بارد ومما يؤيد كون أحصى فعلا إسناد الفعل إلى
ضمير النظم في قوله: كما اقتضى؛ وإلا لقال: كما اقتضت، ثم
إن كانت أل في الخلاصة للاستغراق كما هو المناسب للمدح كان
في الكلام مبالغة؛ لأن المقام مقام مدح؛ وإلا فقد فات
الألفية كثير من زبد الكافية كما علم.
قوله: "كما اقتضى" ما مصدرية والجار والمجرور صفة لمصدر
محذوف أي: إحصاء كاقتضائه الغنى بجامع حصول السرور والنفع
بكل. فإن قلت: مقتضى جعله إحصاء الألفية خلاصة الكافية
مشبهًا واقتضائها الغني مشبهًا به أن الاقتضاء أقوى من
الإحصاء، فما وجه ذلك؟ قلت: وجهه أنه يلزم من إغنائها
الطالبين إحصاؤها خلاصة الكافية وإلا لم تغنهم لاحتياجهم
حينئذ إلى ما في الكافية، ولا يلزم من الإحصاء الإغناء
لاحتمال احتياجهم إلى زيادة على خلاصة الكافية مع أن الكاف
قد تأتي لمجرد التشريك بين شيئين في أمر من غير اعتبار كون
المشبه به أقوى كما في كل من زيد وعمرو كصاحبه.
قوله: "أي أخذ غنى" المناسب لتفسيره الاقتضاء بالأخذ أن
يكون المراد بالغنى القدر المغني كما يفيده قوله: وهو أي:
الغني كناية أي: لغوية عما جمع من المحاسن الظاهرة، وعبر
عنه بالمصدر مبالغة؛ فإن فسر الاقتضاء بالاستلزام لم يحتج
لذلك، والغنى بالكسر والقصر الاستغناء وبالكسر والمد
التغني وبالفتح والمد النفع. وقوله: بلا خصاصة أي: فقر دفع
به توهم تخلل الفقر بين أزمنة الغني، وفي كلامه تشبيه
العلم بالمسائل الكثيرة بالغني والجهل بها بالفقر، ووجه
الشبه ظاهر، وقد قيل: العلم محسوب من الرزق؛ وإنما مدح هذا
النظم باقتضائه الغنى بلا خصاصة؛ لأنها لصغرها تقبل الناس
عليها فيحصل لهم الغنى بما فيها الكافية لكبرها تقصر عنها
همم كثير من الناس، فلا يشتغلون بها، فلا يحصل الغنى
بمسائل العربية.
قوله: "ويمنه" أي: بركته. وقوله: في البدء والختام يرد
عليه أن المناسب لاقتصاره أولًا على مقابلة نعمة الإتمام
أن يقال في الختام كالبدء؛ إلا أن يقدر قبل التعليل كما
فعل ذلك في الابتداء.
قوله: "وجمعني وإياه في دار السلام" اعترض الشارح سابقًا
على تخصيص الناظم في
ج / 4 ص -502-
فأحمدُ الله مصليًا على
محمد خير نبي أُرْسِلا
وآله الغُرِّ الكرام البرره
وصَحْبِه المنتخبين الخيَرَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في البدء والختام، فقال رحمه الله: وجمعني وإياه في دار
السلام:
فأحمد الله مصليًا على
محمد خير نبي أرسلا
وآله الغر الكرام البررة
وصحبه المنتخبين الخيره
الحمد لله أولًا وآخرًا باطنًا وظاهرًا، وصلى
الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين
الطاهرين، وصحبه أجمعين، صلاة وسلامًا دائمين متلازمين إلى
يوم الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الدعاء بنفسه وبابن معطى بأن الأولى تعميم الدعاء،
فيعترض على الشارح هنا بمثل ذلك. قوله: "فأحمد الله" أي:
فبسبب كمال هذا النظم على الوجه المذكور... إلخ. قوله:
"مصليا" في كون هذه الحال مقدرة أو مقارنة ما سلف في نظيره
في الخطبة. قوله: "خبر نبي" بدل من محمد لا نعت له ولا عطف
بيان لاختلاف محمد وخبر نبي تعريفًا وتنكيرًا. قوله:
"وآله" الأولى أن يراد بهم أتباعه كما تقدم بسطه. قوله:
"الغر" جمع أغر وهو في الأصل الأبيض الجبهة من الخيل، ففي
الكلام استعارة تصريحية أو تشبيه بليغ، ويحتمل أن يكون
تلميحًا إلى ما وصف به نبينا صلى الله عليه وسلم أمته
بقوله:
"أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من أثر الوضوء".
قوله: "المنتخبين" أي: المختارين. قوله: "الخيرة" بكسر
الخاء المعجمة وفتح التحتية وسكونها بمعنى الاختيار كما في
المصباح، فهو مصدر أو اسم مصدر على الخلاف وصف به مبالغة؛
ولهذا التزم إفراده وحيث كان المراد من الخيرة هنا
المختارين، فذكره بعد المنتخبين تأكيد؛ لأن المقام مقام
مدح. قال ابن غازي: ويحتمل أن يضبط هنا بفتح الخاء على أنه
جمع خير، حكى الفراء: قوم خيرة بررة. اهـ. قوله: "أولًا
وآخرًا" ظرف عامله الاستقرار الذي هو متعلق الجار والمجرور
قبله أو محذوف تقديره: أقول ذلك أولًا وآخرًا، والله أعلم.
تم بعون الله تعالى ما قصدته من حاشية نطقت بدقائق هذا
الشرح ونكاته، وكشفت النقاب عن وجوه مخدراته ومخبآته،
وأوضحت من مكنونات أسراره ما خفي على الواقفين، وأبرزت من
عرائس أبكاره ما احتجب عن الناظرين، فهي جديرة بأن يرد عذب
مناهل تحقيقاتها الظامئون، حقيقة بأن يهتدي بأنوار شموس
تدقيقاتها الحائرون، ومع ذلك لم أبعها بشرط البراءة من
كلِّ عيب؛ لأن الإنسان محل الخطأ والنسيان بلا ريب، غير أن
كثير الحسنات يمحو قليل السيئات، فالحمد لله على ما أولاه،
والصلاة والسلام على نبيه الختام.
قال مؤلفها خاتمة المحققين وتتمة المدققين كان الفراغ من
رقم هذه الحاشية ضحوة يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة مضت من
صفر سنة 1193 ثلاثة وتسعين ومائة وألف على يد مؤلفها
الفقير إلى عفو مولاه "محمد بن علي الصبان" عاملهما
مولاهما بمزيد الإحسان الأمين.
بحمد الله تعالى تم طبع كتاب "حاشية العلامة الصبان" على
شرح الشيخ الأشموني: على ألفية الإمام ابن مالك.
ج / 4 ص -503-
الفهرس:
3 عوامل الجزم
46 فصل لو
62 أما ولولا ولوما
75 الإخبار بالذي والألف واللام
86 العدد
112 كم وكأين وكذا
124 الحكاية
133 التأنيث
149 المقصور والممدود
168 جمع التكسير
218 التصغير
249 النسب
286 الوقف
309 الإمالة
331 التصريف
382 فصل في زيادة همزة الوصل
391 الإبدال
435 فصل من لام فعلى اسمًا أتى الواو بدل
439 فصل إن يسكن السابق من واو ويا
449 فصل لساكن صح انقل التحريك من
462 فصل ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا
478 فصل فا أمر أو مضارع من كوعد
485 الإدغام
503 فهرس المحتويات |