حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -391-
الإبدال:
أَحْرُفُ الإبدالِ هَدَأْتَ مُوطِيَا
فأَبْدِلِ الهمزةَ من واوٍ وَيَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البصريين أن أصل همزة الوصل الكسر؛ وإنما فتحت في بعض
المواضع تخفيفًا وضمت في بعضها إتباعًا، وذهب الكوفيون إلى
أن كسرها في اضرب وضمها في اسكن إتباعًا للثالث، وأورد عدم
الفتح في اعلم. وأجيب بأنها لو فتحت في مثله لالتبس الأمر
بالخبر. والله أعلم.
الإبدال:
الغرض من هذا الباب بيان الحروف التي تُبدل من غيرها
إبدالًا شائعًا لغير إدغام؛ فإن إبدال الإدغام لا ينظر
إليه في هذا الباب؛ لأنه يكون في جميع حروف المعجم إلا
الألف،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النقل للإدغام أكثر" أي: فلم يعتبر معه ما كان قبل النقل.
قوله: "أو جار مجراه" أي: أو ساكن معتل جار مجرى الصحيح؛
بأن تكون حركة ما قبله غير مجانسة له، فخرج نحو:
{قَالُوا اقْتُلُوا}. قوله: "نحو:
{أَنِ اقْتُلُوا} {أَوِ انْقُصْ}" على اللف والنشر
المرتب.
قوله: "مذهب البصريين... إلخ" عبارة الهمع: اختلف البصريون
في كيفية وضعها؛ فقال الفارسي وغيره: اجتلبت ساكنة؛ لأن
أصل المبني السكون، وكسرت لالتقاء الساكنين، وقيل: اجتلبت
متحركة؛ لأن سبب الإتيان بها التوصل إلى الابتداء بالساكن،
فوجب كونها متحركة كسائر الحروف المبدوء بها، وأحق الحركات
بها الكسرة؛ لأنها راجحة على الضمة بقلة الثقل، وعلى
الفتحة بأنها لا توهم استفهامًا. اهـ. فمراد الشارح الأصل
الثاني أو الأول على القولين. قوله: "وأورد" أي: على قول
الكوفيين. قوله: "بالخبر" أي: بالمضارع حالة الوقف. اهـ
تصريح. والمضارع ليس بقيد؛ لأنه قد يلتبس أيضًا بالماضي
المعدى بالهمزة كما في مثال الشارح؛ فإن فتح همزة أعلم
يلبس بالمضارع وقفًا بالماضي المعدى بالهمزة وقفًا، والله
أعلم.
الإبدال:
وهو في الاصطلاح جعل حرف مكان حرف آخر مطلقًا، فخرج بقيد
المكان العوض؛ فإنه قد يكون في غير مكان المعوض عنه كتاء
عدة وهمزة ابن، وبقيد الإطلاق القلب؛ فإنه مختص بحروف
العلة. اهـ تصريح. ومقتضاه أن الإبدال يجري في جميع الحروف
وهو كذلك إن كان هذا تعريفًا لمطلق الإبدال الشامل لإبدال
الإدغام، وكذلك إن كان هذا تعريفًا للإبدال غير إبدال
الإدغام؛ لكن أعم من أن يكون شائعًا أو غير شائع.
قوله: "إبدالًا شائعًا" أي: في التصريف لما ستعرفه أن
الشائع في كلام العرب أعم من الشائع في التصريف المراد
هنا. قوله: "حروف المعجم" قيل: المعجم صفة موصوف محذوف أي:
الخط المعجم اسم مفعول أعجمت الحرف نقطته، وقيل: مصدر ميمي
بمعنى الإعجام أي: النقط، فتكون إضافة الحروف من إضافة
الشيء إلى ما هو من متعلقات ذلك الشيء، وفي العبارة
الوجهين تغليب أكثر الحروف، وهو ما ينقط، وقيل: المعجم من
أعجمت الكتاب
ج / 4 ص -392-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أن الزائد للتضعيف لا ينظر إليه في حروف الزيادة لذلك.
وأراد بالإبدال ما يشمل القلب؛ إذ كل منهما تغيير في
الموضع؛ إلا أن الإبدال إزالة والقلب إحالة؛ ومن ثم اختص
بحروف العلة والهمزة؛ لأنها تقارب حروف العلة بكثرة
التغيير، وذلك كما في قام أصله قوم فألفه منقلبة عن واو في
الأصل، وموسى ألفه عن الياء، وراس ألفه عن الهمزة؛ وإنما
لينت لثبوتها فاستحالت ألفًا، والبدل لا يختص كما ستراه
ويخالفهما التعويض؛ فإن العوض يكون في غير موضع المعوض منه
كتاء عدة وهمزة ابن وياء سفيريج، ويكون عن حرف -كما ذكر-
وعن حركة كسين إسطاع كما تقدم.
وقد ضمن الناظم هذا الباب أربعة أحكام من التصريف: الإبدال
والقلب والنقل والحذف، وأشار إلى حصر حروف البدل الشائع في
التصريف بقوله: "أحرف الإبدال هدأت موطيا" وخرج بالشائع
البدل الشاذ نحو إبدال اللام من نون أصيلان تصغير أصيل على
غير قياس، كما في مغرب ومغيربان في قوله:
1271-
وقفتُ فيها أصيلالًا أُسائِلُها
أَعْيَتْ جوابًا وما بالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: أزلت عجمته أي: خفاءه بما يوضحه كالنقط كما في المصباح
وغيره، وعليه لا تغليب؛ لأن الخفاء كما يزول عما ينقط
كالجيم بنقطه يزول عما لا ينقط كالحاء المهملة بترك نقطه،
وهذا ما نقله ابن جني عن أبي علي الفارسي وارتضاه، كما في
حاشية السيوطي على المغني.
قوله: "وأراد بالإبدال ما يشمل القلب" أي: مجازًا؛
فالإبدال على هذا جعل حرف مكان حرف آخر أعم من أن يكون على
وجه الإحالة أو الإزالة. وقوله: إذ كل منهما أي: من
الإبدال بالمعنى الخاص الحقيقي المباين للقلب والقلب ففي
كلامه استخدام. وقوله: إلا أن الإبدال أي: بالمعنى الخاص
الحقيقي، فلا تنافي بين جعله أولًا الإبدال أعم من القلب،
وجعله ثانيًا الإبدال مباينًا له. وقوله: ومن ثم أي: من
أجل أن القلب إحالة اختص... إلخ؛ لأن الإحالة إنما تكون
بين الأشياء المتشاكلة المتقاربة، ثم أخصية أحد الشيئين من
الآخر محلًّا لا تنافي تباينهما مفهومًا، وإن توهمه شيخنا،
والباء في قوله: بحروف العلة داخلة على المقصور عليه.
قوله: "إلا أن الإبدال... إلخ" انظر ما الدليل على هذه
الدعوى. قوله: "وموسى" أي: الذي هو اسم للحديد المعروف.
قوله: "لثبوتها" عبارة بعضهم لنبرتها، وعبارة المرادي:
لشدتها.
قوله: "ويخالفهما التعويض" سكت عن الإعلال وهو كما في شرح
الغزى تغيير حرف العلة بقلب أو حذف أو إسكان للتخفيف.
قوله: "كتاء عدة... إلخ" فإن التاء عوض عن فاء الكلمة،
والهمزة عوض عن لامها، والياء عوض عن خامس سفرجل. قوله:
"كسين إسطاع" فإن السين بدل من حركة عين أطاع عند سيبويه
ومن وافقه -كما مر- ذلك مع بيان الخلاف فيه. قوله: "الشائع
في التصريف" أما الشائع في كلام العرب -ولو قومًا منهم-
فحروفه أكثر من تسعة. قوله: "تصغير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1271- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه
ص14، والأغاني 11/ 27، والإنصاف 1/ 170، وخزانة الأدب 4/
122، 124، 11/ 36، والدرر 3/ 159، وشرح أبيات سيبويه 2/
54، وشرح شواهد الإيضاح ص191، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب
2/ 321، ولسان العرب 11/ 17 "أصل"، واللمع ص151، والمقتضب
4/ 414، وبلا نسبة في أسرار العربية ص260، والإنصاف 1/
170، ورصف المباني ص324، ومجالس ثعلب ص504.
ج / 4 ص -393-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ضاد اضطجع في قوله:
1272-
مال إلى أرطاة حقف فالطجع
والقليل نحو إبدال الجيم من الياء المشددة في الوقف كقوله:
1273-
خالي عُويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة كتل البرنج
يقلع وبالصيصج
وربما أبدلت دون وقف كقولهم في الأيَّل أجَّل. ودون تشديد
كقوله:
1274-
لا همَّ إن كنت قَبِلْتَ حِجَّتِجْ
فلا يَزَالُ شَاحِجٌ يأتيكَ بِجْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصيل" وقال الجوهري: تصغير أصلان جمع أصيل على غير قياس
أيضًا؛ لأن الجمع إنما يصغر على لفظ واحده. اهـ. والأصيل
الوقت بعد العصر إلى المغرب كما في الصحاح. اهـ تصريح.
قوله: "أعيت جوابًا" أي: عجزت دار الحبيبة عن الجواب.
وقوله: وما بالربع أي: المنزل. قوله: "ومن ضاد اضطجع" لأن
بعض العرب -كما قاله المازني- يكره الجمع بين حرفي إطباق
ويبدل من الضاد أقرب حرف إليها وهو اللام. قوله: "مال إلى
أرطاة حقف فالطجع" الضمير يرجع إلى الذئب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1272- الرجز لمنظور بن حية الأسدي في شرح التصريح 2/ 367،
والمقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر
2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371،
والخصائص 1/ 63، 263، 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة
الإعراب 1/ 321، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 324، 3/ 226،
وشرح شواهد الشافية ص274، وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 46،
ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أرط" 8/ 219 "ضجع"، 14/
325 "رطا"، والمحتسب 1/ 107، والممتع في التعريف 1/ 403،
والمنصف 2/ 329.
1273- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 372، وجمهرة
اللغة ص42، 242، وسر صناعة الإعراب 1/ 175، وشرح التصريح
2/ 367، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية
ص212، وشرح المفصل 9/ 74، 10/ 55، والصاحبي في فقه اللغة
ص55، والكتاب 4/ 182، ولسان العرب 2/ 320 "عجج"، 4/ 395
"شجر"، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 29، والممتع في التعريف
1/ 353، والمنصف 2/ 178، 3/ 79.
1274- الرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 3/ 40، والمقاصد
النحوية 4/ 570، وبلا نسبة في الدرر 6/ 229، وسر صناعة
الإعراب 1/ 177، وشرح التصريح 2/ 367، وشرح شافية ابن
الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص215، وشرح المفصل 9/
75، 10/ 50، ولسان العرب 10/ 103 "دلق"، ومجالس ثعلب 1/
143، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 166، والممتع في التعريف
1/ 355، ونوادر أبي زيد ص164، وهمع الهوامع 1/ 178، 2/
157.
ج / 4 ص -394-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقْمُرنَّهاتٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ
وتسمى هذه عجعجة قضاعة، ومعنى هدأت سكنت، وموطيا من أوطأته
جعلته وطيئًا، فالياء فيه بدل من الهمزة. وذكره الهاء
زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في طويت دائمًا. ثم
إن لم يتكلم عليها هنا مع عده إياها، ووجهه أن إبدالها من
التاء إنما يطرد في الوقف على نحو: رحمة ونعمة، وذلك مذكور
في باب الوقف. وأما إبدالها من غير التاء فمسموع كقولهم:
هِياك ولهنك قائم، وهرقت الماء، وهردت الشيء، وهرحت
الدابة.
تنبيهات: الأول: ذكر في التسهيل أن حروف البدل الشائع
-يعني في كلام العرب- اثنان وعشرون حرفًا، وهذه التسعة
المذكورة هنا حروف الإبدال الضروري في التصريف،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأرطاة شجر من شجر الرمل، والحقف بكسر الحاء المهملة
وسكون القاف بعدها فاء المعوج من الرمل. عيني.
قوله: "في الوقف" أي: على الكلمة المشتملة على الجيم
المبدلة من الياء، وإن لم يكن على نفس الجيم كما في الشعر
الذي استشهد به؛ فإن الجيم في أشطاره الأربعة مشددة وبعدها
ياء الإطلاق، فلم يكن الوقف على الجيم حتى يستشكل
بتشديدها؛ بل على حرف الإطلاق كما في سائر القوافي
المطلقة. وأما ما نقله المصرح عن السيد في شرح الشافية
وأقره وتبعه شيخنا والبعض من أن هذا من إجراء الوصل مجرى
الوقف ففيه نظر؛ لأن الضروب وما في حكمها من الأعاريض
المقصود موافقتها للضروب محال للوقف، ولا ضرورة إلى دعوى
الوصل، فتدبر.
قوله: "كتل البرنج... إلخ" الكتل بضم الكاف وفتح الفوقية
جمع كتلة بضم الكاف وسكون الفوقية وهي القطعة المجتمعة،
والبرني بفتح الموحدة وسكون الراء ضرب من التمر، والود
بفتح الواو وتشديد الدال الوتد سكنت التاء تخفيفًا وأبدلت
دالًا وأدغمت في الدال، والصيصي بكسر الصادين المهملتين
قرن البقرة. قوله: "الأيَّل" بضم الهمزة وكسرها مع فتح
التحتية المشددة وبفتح الهمزة مع كسر التحتية المشددة
الوعل كذا في القاموس.
قوله: "شاحج" بشين معجمة وحاء مهملة بعدها جيم هو البغل.
وقوله: أقمر أي: أبيض صفة لشاحج، وكذا نهات بفتح النون
وتشديد الهاء آخره فوقية أي: صياح، وكذا جملة ينزي بفتح
النون وتشديد الزاي أي: يحرك، والوفرة شعر الرأس إذا بلغ
شحمة الأذن. قوله: "وذكره الهاء" أي: في إجمال العدد هنا
زيادة... إلخ ووجهه أنها تقع بدلًا من التاء وقفًا باطراد،
ووجه إسقاط التسهيل لها في إجمال العدد وتفصيله علم ذلك من
باب الوقف. قوله: "ولهنك قائم" بفتح اللام وكسر الهاء، ولم
يبالوا بتوالي حرفين مؤكدين لتغيير صورة الثاني بهذا
الإبدال.
قوله: "الشائع يعني في كلام العرب" منه يعلم أن الشائع في
التصريف وهو الإبدال الضروري في التصريف أقل من الشائع في
كلام العرب كلهم أو قوم منهم. قوله: "وهذه التسعة... إلخ"
ليس المعنى: وذكر أن هذه التسعة... إلخ؛ لأنه لم يذكر فيه
التسعة؛ بل ثمانية، وأسقط الهاء كما
ج / 4 ص -395-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال: يجمع حروف البدل الشائع في غير إدغام قولك: لجدّ صرف
شكس آمن طي ثوب عزته، والضروري في التصريف: هجاء دائمًا،
هذا كلامه. فأفهم أن باقي حروف المعجم وهي الحاء والخاء
والذال والظاء والضاء والغين والقاف قد تبدل على وجه
الشذوذ. وقد قال ابن جني في قراءة الأعمش:
{فَشَرِّدْ بِهِم} [الأنفال: 57] بالذال المعجمة أن الذال بدل من الدال كما قالوا:
لحم خراذل وخَرادل. والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران
ومتقاربان، وخرَّجها الزمخشري على القلب بتقديم اللام على
العين من قولهم: شذر مذر. وأفهم أيضًا من أن الشائع ما
تقدم من إبدال اللام من النون ومن الضاد، ومن إبدال الجيم
من الياء، وكذا إبدال النون من اللام كقولهم في الرفل -وهو
الفرس الذَّيال- رفن، ومن الميم كقولهم في أمغرت الشاة
-إذا خرج لبنها أحمر كالمغرة- أنغرت. وينبغي ألا يسمى ذلك
شائعًا؛ بل الشائع في ذلك ما اطرد أو كثر في بعض اللغات
كالعجعجة في لغة قضاعة، والعنعنة كقولهم: ظننت عنك ذاهب
أي: أنك، والكشكشة في لغة تميم، كقولهم -في خطاب المؤنث-
ما الذي جاء بِشِ، يريدون بك، وقراءة بعضهم: "قد جعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسلفه الشارح، وكما سينقله عنه بقوله فقال: يجمع حروف
البدل، إلى أن قال: والضروري في التصريف هجاء طويت دائمًا؛
بل هذه جملة معترضة بين المعطوف عليه وهو قوله: ذكر في
التسهيل والمعطوف وهو قوله: فقال، ولو حذفها لكان أحسن.
قوله: "لجد صرف شكس... إلخ" الشكس بفتح الشين المعجمة وضم
الكاف أو كسرها الصعب الخلق كذا في القاموس. قوله: "وهي
الحاء والخاء... إلخ" كلها بالإعجام إلا الحرف الأول
فبالإهمال. قوله: "لحم خراذل وخرادل" في القاموس خردل
اللحم قطع أعضاءه وافرة أو قطعه وفرقه ولحم خراديل مخردل،
ثم قال: وخرذل اللحم أي: بإعجام الذال لغة في خردل أي:
بإهمالها ولم يذكر فيه خرادل بلا تحتية، والمتبادر من صنيع
القاموس أن الخاء مفتوحة.
قوله: "والمعنى الجامع لهما" أي: للدال والذال. قوله:
"وخرجها" أي: قراءة الأعمش. وقوله: على القلب أي: المكاني.
قوله: "شذر مذر" كلمتان مبنيتان على الفتح للتركيب، قال في
القاموس: وتفرقوا شذر مذر ويكسر أولهما ذهبوا في كل وجه
وتشذر الجمع تفرقوا. قوله: "أن من الشائع" يعني: في كلام
العرب ولو قومًا منهم فلا ينافي ما أسلفه من إخراج ما ذكر
بالشائع في التصريف.
قوله: "في الرفل" بكسر الراء وفتح الفاء وتشديد اللام كما
في القاموس. قوله: "الذيال" بفتح الذال المعجمة وتشديد
التحتية أي: طويل الذيل. قوله: "كالمغرة" المغرة بفتح
الميم وسكون الغين المعجمة وبفتحتين طين أحمر، والمغرة بضم
الميم والمغر بفتحتين لون ليس بناصع الحمرة أو شقرة بكدرة،
كذا في القاموس. قوله: "ألا يسمى ذلك" أي: المذكور من
إبدال اللام من النون وما بعده. قوله: "كالعجعجة" هي إبدال
الجيم من الياء. قوله: "والعنعنة" هي إبدال العين من
الهمزة كما سيذكره الشارح بعد، فقول شيخنا أو من الحاء في
حتى أو نحو ذلك، فيه نظر. قوله: "في لغة تميم" راجع
للعنعنة أيضًا بدليل كلام شرح الكافية الآتي قريبًا.
ج / 4 ص -396-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربشِ تحتَش سرايا" والكسكسة في لغة بكر، كقولهم -في خطاب
المؤنث- أبوس وأمسّ يريدون أبوك وأمك. قال في شرح الكافية:
وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يذكر في كتب اللغة لا في
كتب التصريف، وإلا لزم أن تذكر العين؛ لأن إبدالها من
الهمزة المتحركة مطرد في لغة بني تميم، ويسمى ذلك عنعنة،
وكان يلزم أيضًا أن يذكر الكاف؛ لأن إبدالها من تاء الضمير
مطرد؛ كقول الراجز:
1275-
يابن الزبير طالما عَصَيْكَا
وطالما عَنِيتَنَا إليكا
أراد عصيت، وأمثال هذا من الحروف المبدلة من غيرها كثيرة؛
وإنما ينبغي أن يعد في الإبدال التصريفي ما لو لم يبدل
أوقع في الخطأ أو مخالفة الأكثر، فالموقع في الخطأ كقولك
في مال: مول، والموقع في مخالفة الأكثر كقولك في سقاءة:
سقاية، هذا كلامه.
الثاني: عد كثير من أهل التصريف حروف الإبدال اثني عشر
حرفًا، وجمعوها في تراكيب كثيرة منها: طال يوم أنجدته،
وأسقط بعضهم اللام وعدها أحد عشر، وجمعها في قوله: أجد
طويت منها. وزاد بعضهم الصاد والزاي وعدها أربعة عشرة،
وجمعها في قوله: انصت يوم زل طاه جد. وعدها الزمخشري ثلاثة
عشر، وجمعها في استنجده يوم طال. قال ابن الحاجب: هو وهم؛
لأنه أسقط الصاد والزاي وهما من حروف الإبدال؛ كقولهم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهذا النوع" أي: العجعجة وما بعدها إلا أنه لم يذكر
في شرح الكافية قبل اسم الإشارة العنعنة؛ ولهذا قال: وإلا
لزم أن تذكر العين... إلخ. قوله: "وإلا لزم أن تذكر
العين... إلخ" فيه إشعار بأن من ذكر في كتاب التصريف جميع
الحروف التي تبدل من غيرها باطراد أو كثرة ولو عند قوم من
العرب لا اعتراض عليه؛ وإنما الاعتراض على من ذكر البعض
وترك البعض، ويخالفه أول كلامه وآخره، فتدبر. قوله: "ما لو
لم يبدل" أي: إبدال ما أي: حرف لو لم يبدل... إلخ، ولك أن
تستغني عن التقدير وتوقع ما على الإبدال. قوله: "كقولك في
مال: مول" لوجوب قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما
قبلها. قوله: "كقولك في سقاءة" بفتح السين وتشديد القاف
تأنيث سقاء، وكذا قوله: سقاية؛ إلا أن الأول بالهمز على
الكثير والثاني بالياء على القليل؛ لما سيأتي في شرح قول
الناظم، فأبدل الهمزة من واو ياء... إلخ.
قوله: "حروف الإبدال" أي: الأعم من الضروري. قوله: "طال
يوم أنجدته" بإضافة الظرف إلى الجملة. قوله: "أجد" فعل أمر
من الإجادة. قوله: "طاه" بالطاء المهملة اسم فاعل من طها
يطهو أي: طبخ وهو فاعل زل وجد فاعل أنصت. قوله: "فإن أورد"
أي: الزمخشري على وجه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1275- الرجز لرجل من حمير في خزانة الأدب 4/ 428، 430،
وشرح شواهد الشافية ص425، وشرح شواهد المغني 446، ولسان
العرب 15/ 445 "تا"، والمقاصد النحوية 4/ 591، ونوادر أبي
زيد ص 105، وبلا نسبة في الجنى الداني ص468، وسر صناعة
الإعراب 1/ 280، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 202، ولسان
العرب 15/ 193 "قفا"، ومغني اللبيب 1/ 153، والمقرب 2/
183، والممتع في التعريف 1/ 414.
ج / 4 ص -397-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زِراط وزَقَر في صراط وسقر، وزاد السين وليست من حروف
الإبدال، فإن أورد اسمَّع ورد اذَّكر واظَّلم؛ لأنه من باب
الإدغام لا من باب الإبدال المجرد، هذا كلامه. قلت: قد
أجاز النحاة في استخذ أن يكون أصله اتخذ، فأبدلوا من التاء
الأولى السين، كما أبدلوا التاء من السين في ست؛ إذ اصله
سدس، فلعله نظر إلى ذلك. والذي ذكره سيبويه أحد عشر حرفًا:
ثمانية من حروف الزيادة وهي ما سوى اللام والسين، وثلاثة
من غيرها وهي الدال والطاء والجيم.
الثالث: يعرف الإبدال بالرجوع في بعض التصاريف إلى المبدل
منه لزومًا أو غلبة، فالأول نحو جدف فإن فاءه بدل من ثاء
جدث؛ لأنهم قالوا في الجمع أجداث بالثاء فقط، والثاني نحو
أفلط أي: أفلت؛ فإن طاءه بدل من التاء؛ لأن التاء أغلب فيه
في الاستعمال وكذا قولهم في لِصّ لصت التاء بدل من الصاد؛
لأن جمعه على لصوص أكثر من لصوت، فإن لم يثبت ذلك في ذي
استعمالين فهو من أصلين نحو: أرخ وورخ ووكد وأكد؛ لأن جميع
التصاريف جاءت بهما فليس أحدهما بدلًا من الآخر. وقال ابن
الحاجب: يعرف البدل بكثرة اشتقاقه كتراث، فإن أمثلة
اشتقاقه ورث ووارث وموروث، وبقلة استعماله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمثيل لوقوع السين بدلًا. وقوله: اسمع أي: بتشديد السين
وتخفيف الميم وعلى وزنه اذكر واظلم. قوله: "اذكر واظلم"
والأصل اذتكر واظتلم، فأبدلت التاء في الأول دالًا والدال
ذالًا وأدغم وفي الثاني طاء والطاء ظاء وأدغم أي: فكان
ينبغي أن يذكر الذال المعجمة والظاء المشالة. قوله: "لأنه
من باب الإدغام... إلخ" علة لمحذوف أي: مع أنه لا يصح
إيراد اسمع؛ لأنه من باب الإدغام أي: من باب الإبدال
للإدغام لا من باب الإبدال المجرد عن الإدغام. قوله: "في
ستّ" اسم العدد المخصوص، قال في القاموس: الستّ بالكسر
معروف أصله سدس، فأبدلت السين تاء، وكذا الدال وأدغم.
قوله: "فلعله" أي: الزمخشري. قوله: "في بعض التصاريف...
إلخ" أي: في بعض تصاريف الكلمة التي فيها البدل فيكون محل
الرجوع إلى المبدل منه لزومًا أو غلبة غير تلك الكلمة من
تصاريفها، وبهذا تعلم أنه لا يصح التمثيل الثاني الذي هو
الرجوع غلبة بأفلط؛ لأن غلبة الرجوع إلى التاء هي نفس
أفلط؛ فإن استعمالها بالتاء أكثر من استعمالها بالطاء لا
في غيرها من تصاريفها كمفلت ومفلت أي: وإفلات للزوم التاء
بقية تصاريفها كما قاله الدماميني، فكان عليه أن يمثل به
للأول أيضًا، ويقتصر في التمثيل للثاني على نحو لصت، وتعلم
أيضًا أن التعليل بقوله: لأن التاء أغلب فيه أي: في أفلط
في الاستعمال غير مناسب لأول كلامه، فتنبه.
قوله: "في لص" بكسر اللام أفصح من الضم والفتح. وقوله: لصت
بفتح اللام، نقل ذلك شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله:
"فإن لم يثبت ذلك" أي: الرجوع لزومًا أو غلبة. وقوله: في
ذي استعمالين أي: في لفظ ذي استعمالين. وقوله: فهو أي: ذو
الاستعمالين. قوله: "بكثرة اشتقاقه" على تقدير مضافين أي:
بكثرة أمثلة اشتقاق مبدلة أي: بكثرة الأمثلة الملاقية للفظ
البدل في الاشتقاق المشتملة على الحرف الأصلي المبدل منه.
قوله: "كتراث" هو المال الموروث. قوله: "وبقلة استعماله"
على تقدير مضاف أي: استعمال لفظه أي: اللفظ المشتمل على
البدل. قوله: "لها
ج / 4 ص -398-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقولهم: الثعالي في الثعالب، والأراني في الأرانب. وأنشد
سيبويه:
1276-
لها أشاريرُ من لحم تُتَمِّرُهُ
من الثعالي ووَخزٌ من أرَانِيهَا
قال ابن جني: ويحتمل أن يكون الثعالي جمع ثعالة ثم قلب،
فيكون كقولهم: شراعي في شرائع. والذي قاله سيبويه أولى
ليكون كأرانيها. وأيضًا فإن ثعالة اسم جنس، وجمع أسماء
الأجناس ضعيف يعني بقوله: اسم جنس علم جنس، وبكونه فرعًا
والحرف زائد كضويرب تصغير ضارب؛ لأنه لما علم الأصل علم أن
هذه الواو مبدلة من الألف وبكونه فرعًا وهو أصل كمويه فإنه
تصغير ماء، فلما صغر على مويه علم أن الهمزة مبدلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشارير... إلخ" الضمير يرجع إلى فرخة عقاب، والأشارير
بالشين المعجمة قطع قديد من اللحم، والتتمير بفوقيتين
التجفيف، ووخز بالخاء والزاي المعجمتين شيء قليل، وهو عطف
على أشارير. قوله: "ثم قلب" أي: الجمع قلبًا مكانيًّا
بتقديم اللام على الهمزة، والأصل ثعائل كذؤابة وذوائب؛ إلا
أن الهمزة لما أخرت عن محلها أبدلت ياء تخفيفًا. قوله:
"ضعيف" لأن الجمع للإفراد وموضوع علم الجنس الماهية
باعتبار حضورها ذهنًا وقطع النظر عن الإفراد.
قوله: "يعني بقوله: اسم جنس... إلخ" أي: وبقوله: أسماء
الأجناس أعلام الأجناس. قوله: "وبكونه" أي: البدل أي: لفظه
أي: اللفظ المشتمل عليه فرعًا أي: عن لفظ آخر. قوله:
"والحرف" أي: المبدل منه زائد أي: على أصول الكلمة من
فائها وعينها ولامها، وأتى بهذه الجملة الحالية وبنظيرتها
أعني: قوله بعد: وهو أصل تقسيمًا للفرع قسمين. قوله: "لأنه
لما علم الأصل" وهو المكبر. قوله: "وبكونه فرعًا وهو
أصل... إلخ" هذه العبارة عندي غير مستقيمة؛ لأنها إن أجريت
على نسق ما قبلها بأن كان المراد وبكون لفظ البدل فرعًا عن
لفظ آخر والحرف المبدل منه أصل من أصول الكلمة، ورد أن
الفرع الذي هو مويه ليس لفظ البدل؛ بل لفظ الحرف الأصلي
المبدل منه، كما سيذكره بقوله: فلما صغر على مويه علم أن
الهمزة مبدلة من هاء، فإن قلت: كون همزة المكبر بدلًا من
هاء لا ينافي كون هاء المصغر بدلًا من همزة مكبرة ولا دور؛
لأنا لم ندع أن همزة المكبر بدل من نفس هاء التصغير. قلت:
لو أراد الشارح بيان بدلية هاء المصغر من همزة المكبر لقال
على نسق ما قبله؛ لأنه لما علم الأصل -وهو المكبر- علم أن
هاء مويه بدل من همزة ماء وإن كان أصل همزته هاء، مع أنه
يرد عليه أنه لا وجه لتخصيص الهمزة بالذكر؛ لأن واو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1276- البيت من البسيط، وهو لأبي كاهل النمر بن ثولب
اليشكري في الدرر 3/ 47، والمقاصد النحوية 4/ 583، ولأبي
كاهل اليشكري في شرح أبيات سيبويه 1/ 560، وشرح شواهد
الشافية ص443، ولسان العرب 1/ 433 "رنب"، 4/ 93 "تمر"، 401
"شرر"، 5/ 428 "وخز"، ولرجل من بني يشكر في الكتاب 2/ 273،
وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص327، وجمهرة اللغة ص395،
1246، وسر صناعة الإعراب 2/ 742، وشرح شافية ابن الحاجب 3/
212، وشرح المفصل 10/ 24، والشعر والشعراء 1/ 107، وكتاب
الصناعتين ص151، ولسان العرب 1/ 237 "ثعب"، 11/ 84 "ثعل"،
12/ 66 "تلم"، والمقتضب 1/ 247، والممتع في التعريف 1/
369، وهمع الهوامع 1/ 181، 2/ 157.
ج / 4 ص -399-
آخرًا اثْرَ أَلِفٍ زِيدَ وفي
فَاعِلِ ما أعل عينًا ذَا اقْتُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هاء وبلزوم بناء مجهول نحو هراق يحكم بأن أصله أراق؛
لأنه لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون وزنه هفعل وهو بناء
مجهول.
"فأبدل الهمزة من واو ويا آخرا اثر ألف زيد" أي: تبدل
الهمزة من الواو والياء وجوبًا في أربع مسائل؛ الأولى:
هذه، وهي إذا تطرفت إحداهما بعد ألف زائدة نحو: كساء وسماء
ودعاء، ونحو: بناء وظباء وقضاء، بخلاف نحو: قاول وبايع
وتعاون وتباين لعدم التطرف، ونحو: غزو وظبي لعدم الألف،
ونحو واو وآي لعدم زيادة الألف؛ لأنها أصلية فيهما فلا
إبدال، وإلا لتوالى إعلالان وهو ممنوع.
تنبيهان: الأول: تشاركهما في ذلك الألف في نحو حمراء؛ فإن
أصلها حمرى كسكرى، فزيدت الألف قبل الآخر للمد كألف كتاب
وغلام، فأبدلت الثانية همزة، فكان الأحسن أن يقول كما قال
في الكافية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصغر بدل من ألف المكبر، كما أن ألف المكبر أيضًا بدل من
واو، فتأمل.
قوله: "وهو بناء مجهول" أي: لا يعرف في الأوزان. قوله:
"آخرًا" جعله حالًا من المتعاطفين قبله وإن أحوج إفراده
إلى تأويلهما بالمذكور وإلى ارتكاب الحال من النكرة بلا
مسوغ وهو نادر هو السالم مما يلزم على جعل آخرًا ظرفًا
لصفة محذوفة أي: كائنتين في آخر من ظرفية الشيء في نفسه
المستفاد من نصب لا ما في قول الشارح بعد: فلو أتى موضع
قوله: آخرًا بلا ما فقال: لا ما باثر ألف زيد لاستقام،
فاعرف ذلك. قوله: "أي: تبدل الهمزة... إلخ" كان ينبغي حذف
أي: إلا أن يدعي أنه تفسير لقول الناظم: فأبدل الهمزة...
إلخ مع ما بعده من بقية كلامه على المسائل الأربع. قوله:
"إذا تطرفت إحداهما" بأن كانت لا ما أو زائدة بعدها
للإلحاق على ما ستعرفه.
قوله: "بعد ألف زائدة" سواء كسر أول كلمتها أم فتح أم ضم.
اهـ تصريح. وهذا نكتة تمثيل الشارح لكل من الواو والياء
بثلاثة أمثلة، ومبنى ذلك أن ظباء بضم الظاء المعجمة، ولم
أجد في القاموس ظباء بالضم، والمدبل جمع الظبية بالكسر
والمد، وجمع الظبة التي هي حد السيف ونحوه بالضم والقصر،
وكذا اسم الموضع على ما في نسخ القاموس. قوله: "ونحو
بناء... إلخ" قال في التصريح: ونحو: علباء وقوباء، فالهمزة
فيهما مبدلة من باء زائدة للإلحاق بقرطاس وقرناس. قوله:
"لعدم التطرف" أي: لوقوعهما عينًا. قوله: "ونحو واو" أي:
اسم الحرف المخصوص وآي بمد الهمزة جمع آية بمعنى العلامة
أو القطعة من السورة.
قوله: "لأنها أصلية فيهما" أي: منقلبة عن أصل وهو في
الكلمة الأولى واو عند أبي علي وياء عند أبي الحسن، وفي
الثانية ياء، ووزن كل فعل بفتحتين قلبت العين ألفًا
لتحركها وانفتاح ما قلبها، قاله المصرح. قوله: "وإلا" بأن
أبدلت لامهما. وقوله: لتوالي إعلالان هما قلب عينهما ألفًا
وقلب لامهما همزة ومن تذكر ما تقدم عن شرح الغزى من أن
الإعلال تغيير حرف العلة بقلب أو حذف أو إسكان علم أن قول
شيخنا والبعض: الأولى أن يقول: وإلا لتوالى إعلال وإبدال؛
إلا أن يجعل في كلامه تغليب، أو يقال: مراده بالإعلال مطلق
التغيير، فيه نظر ظاهر. قوله: "تشاركهما" أي: الواو
والياء. قوله: "فكان الأحسن أن يقول... إلخ" أمر لشموله
الأحرف الثلاثة.
ج / 4 ص -400-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حرف لين آخر بعد ألف
مزيد إبدل همزة وذا ألف
الثاني: هذا الإبدال مستصحب مع هاء التأنيث العارضة نحو:
بناء وبناءة، فإن كانت هاء التأنيث غير عارضة امتنع
الإبدال نحو: هداية وسقاية وعداوة؛ لأن الكلمة بنيت على
التاء أي: أنها لم تبنَ على مذكر. قال في التسهيل: وربما
صح مع العارضة وأبدل مع اللازمة؛ فالأول كقولهم في المثل:
اسق رقاش، فإنها سَقَّاية لأنه لما كان مثلًا والأمثال لا
تغير أشبه ما بني على هاء التأنيث. ومنهم من يقول: فإنها
سقاءة بالهمز كحاله في غير المثل. والثاني كقولهم: صلاءة
في صَلاية. وحكم زيادتي التثنية حكم هاء التأنيث في
استصحاب هذا الإبدال نحو: كساءين ورداءين، فإن بنيت الكلمة
على التثنية امتنع الإبدال وذلك كقولهم: عقلته بثنايين،
وهما طرفا العقال.
الثالث: قد أورد على الضابط المذكور مثل غاوي في النسب إذا
رخمته على لغة من لا ينوي؛ فإنك تقول: يا غاو بضم الواو من
غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مع هاء التأنيث العارضة" أي: على صيغة المذكر. قال
سم: وعبارة المصنف صادقة على ذلك بأن يراد الآخر ولو
تقديرًا؛ لأن هاء التأنيث في تقدير الانفصال.
قوله: "نحو بناء وبناءة" كلاهما صيغة مبالغة. قوله:
"وسقاية" بكسر السين وضمها موضع السقي كما في القاموس.
قوله: "وإداوة" بكسر الهمزة وهي المطهرة كما في القاموس.
قوله: "لم تُبنَ على مذكر" أي: لم تصغ بغير تاء لمذكر من
المعنى بأن لم تصغ لمذكر أصلًا كهداية، أو صيغت له من معنى
آخر كسقاية؛ فإن السقاء جلد السخلة المهيأ للماء أو اللبن،
كما في القاموس، وهو غير معنى السقاية الذي هو محل السقي
كما مر.
قوله: "وربما صح" أي: حرف اللين أي: أبقي من غير قلب.
قوله: "اسق رقاش فإنها سقاية" بفتح السين وتشديد القاف،
ويروى سقا بلا ياء وهاء، وعليه فلا شاهد فيه، وهو مثل يضرب
للمحسن أي: أحسن إليه لإحسانه. قوله: "لأنه لما كان
مثلًا... إلخ" فيه عندي نظر؛ لأنه إنما يصلح تعليلًا
لتصحيح الياء بعد صيرورة هذا التركيب مثلًا لا لتصحيحها في
النطق به أولًا. قوله: "كقولهم صلاءة في صلاية" بفتح الصاد
وتخفيف اللام فيهما، قال في القاموس: الصلاية ويهمز الجبهة
واسم ومدق الطيب والجمع صلى وصلى. قوله: "في استصحاب هذا
الإبدال" أي: جوازًا فلا ينافي قول الناظم السابق:
ونهو علباء كساء وحيا
بواو أو همز. قوله: "نحو كساءين ورداءين" أي: مما همزته بدل
من أصل أو من حرف إلحاق لا من ألف تأنيث؛ لأن الهمزة
المبدلة من ألف التأنيث يجب في التثنية قلبها واوًا. قوله:
"على الضابط المذكور" أي: في قوله: فأبدل الهمزة من واو
وياء... إلخ؛ لأن التقدير من كل واو وياء. قوله: "في
النسب" ليس بقيد؛ فإنه إذا رخم غاوى بلا نسب كان حكمه
كذلك، ومن ثم لما نقل السيوطي في النكت عبارة المرادي أسقط
هذه اللفظة منها. نعم، الشرط في ترخيمه أن يكون علمًا كما
هو مصرح به، وأجيب عن إيراد ما ذكر بأنه لا يرد؛ لأن واو
غاو ليست آخرًا؛ بل
ج / 4 ص -401-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبدال مع اندراجه في الضابط المذكور؛ وإنما لم يبدل لأنه
قد أعلّ بحذف لامه فلم يجمع فيه بين إعلالين، فلو أتى موضع
قوله: آخرًا بلامًا فقال: لامًا باثر ألف زيد -لاستقام.
الرابع: اختلف في كيفية هذا الإبدال؛ فقيل: أبدلت الياء
والواو همزة وهو ظاهر كلام المصنف. وقال حذاق أهل التصريف:
أبدل من الواو والياء ألف، ثم أبدلت الألف همزة؛ وذلك أنه
لما قيل: كساو ورداي تحركت الواو والياء بعد فتحة ولا حاجز
بينهما إلا الألف الزائدة، وليست بحاجز حصين لسكونها
وزيادتها، وانضم إلى ذلك أنهما في محل التغيير وهو الطرف،
فقلبا ألفًا حملًا على باب عصا ورحا، فالتقى ساكنان فقلبت
الألف الثانية همزة؛ لأنها من مخرج الألف. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي حشو والحذف عارض. سم. قوله: "بحذف لامه" أي: لأجل ياء
النسب كما أفصح به المرادي. قوله: "لاستقام" لأنه يخرج
غاو؛ لأن الواو فيه عين. اهـ سم. ويرد على التعبير بلاما
أنه لا يشمل نحو: علباء وقوباء مما الهمزة فيه مبدلة من
ياء زائدة للإلحاق؛ ولهذا قال المرادي بإصلاح الضابط أن
يقال من واو وياء هي لام أو ملحق بها، ويرد أيضًا على
تعبير الشارح بلاما وعلى إصلاح المرادي الضابط أنهما لا
يشملان نحو: حمراء مما الهمزة فيه مبدلة من ألف التأنيث.
قوله: "فقلبت الألف الثانية همزة" ولم تقلب الأولى؛ لأن
قبلها يفوت الغرض منها وهو المد، ولأن التغيير أليق
بالأواخر، ولأن في تحريك الثانية تحصيلًا لظهور الإعراب
الذي يحصل به الفرق بين المعاني. قوله: "لأنها من مخرج
الألف" فيه تساهل؛ لأن الهمزة من أقصى الحلق والألف من
الجوف فهما متقاربا المخرج.
"فائدة" في حاشية السيوطي على المغني أن الفراء يرى ترادف
الهمزة والألف فيقول: الهمزة هي الأصل والألف الساكنة هي
الهمزة ترك همزها. وفرق سيبويه بينهما فقال: الهمزة حرف
كالعين يحتمل الحركة والسكون ويكون في أول الكلمة وآخرها
ووسطها، والألف حرف آخر لا يكون إلا ساكنًا ولا يكون في
أول الكلمة؛ ولذلك وضع واضع حروف المعجم الهمزة أول
الحروف، والألف مع اللام قبل الياء. وقال ابن جني في سر
الصناعة: اعلم أن حروف المعجم عند الكافة تسعة وعشرون
حرفًا بعد الهمزة والألف اللينة حرفين. وعدها أبو العباس
ثمانية وعشرين بإسقاط الهمزة؛ لأنها لا تثبت في الخط على
صورة واحدة كبقية الحروف، وهو غير مرضي؛ وبيان ذلك أن
الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمز في الحقيقة؛
وإنما كتبت الهمزة واوًا مرة وياء مرة على مذهب أهل الحجاز
في التخفيف، ولو أريد تحقيقها ألبتة لوجب أن تكتب ألفًا،
على كل حال يدل على صحة ذلك أنك إذا أوقعتها موقعًا لا
يمكن فيه تخفيفها لم يحز أن تكتب إلا ألفًا مفتوحة كانت أو
مضمومة أو مكسورة، وذلك إذا وقعت أولًا نحو: أخذ وإبراهيم،
وأن كل حرف سميته فأول حروف اسمه لفظه بعينه، وكذلك ألف
حروفه همزة، فهذان دليلان على أن صورة الهمزة مع التحقيق
ألف.
أما الألف في نحو: قام وكتاب، فصورتها أيضًا صورة الهمزة
المحققة؛ إلا أن هذه الألف لا
ج / 4 ص -402-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أشار إلى الثانية بقوله: "وفي فاعل ما أعل عينًا ذا
اقتفي" أي: اتبع ذا إشارة إلى إبدال الواو والياء همزة أي:
يجب إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقعت عينًا لاسم
فاعل أعلت عين فعله نحو: قائل وبائع، الأصل: قاول وبايع،
فحملا على الفعل في الإعلال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون إلا ساكنة، ولا ينافي اتحاد صورتها وصورة الهمزة
المحققة اختلاف مخرجيهما؛ بدليل أن النون الساكنة من نحو:
من وعن، والمحركة من نحو: نعم ونفر، تسمى كل واحدة منهما
نونًا، ويكتبان شكلًا واحدًا مع أن المتحركة من طرف اللسان
مع ما يليه من الحنك الأعلى والساكنة من ذلك مع الخيشوم.
وأما إخراج أبي العباس لها من الحروف محتجًّا بعدم ثباتها
على صورة واحدة فليس بشيء؛ لأن جميع هذه الحروف إنما أثبتت
لوجودها في اللفظ الذي هو قبل الخط والهمزة موجودة في
اللفظ كغيرها من الحروف وانقلابها في بعض أحوالها لعارض
كتخفيف وإبدال لا يخرجها عن كونها حرفًا، ألا ترى أن
انقلاب غيرها في بعض أحواله لعارض لا يخرجه عن كونه حرفًا.
اهـ. وقال التفتازاني في حاشية الكشاف: الألف اسم للمدة
التي هي أوسط حروف جاء، والهمزة التي هي آخرها بدليل
قولهم: الألف واللام للتعريف، وألف الوصل تسقط في الدرج،
وقولهم: الألف على ضربين: لينة ومتحركة؛ فاللينة تسمى
ألفًا والمتحركة تسمى همزة، والهمزة اسم مستحدث لا أصلي؛
وإنما يذكر في حروف التهجي اسم الألف لا الهمزة. اهـ.
فعلم أن الألف تطلق بمعنى عام يشمل الهمزة والألف اللينة
وبمعنى خاص باللينة. اهـ ما في حاشية السيوطي بتلخيص وبعض
زيادة. وفي الهمع عن ابن جني: لما لم يمكن أن يلفظ بالألف
اللينة في أول اسمها كما فعل في أخواتها توصل إلى النطق
بها باللام، وقيل في اسمها لا كما توصل إلى النطق بلام
التعريف بالألف، وقيل في الابتداء الغلام ليتقارضا، وقول
المعلمين لام ألف خطأ؛ لأن كلا من اللام والألف مضى ذكره،
وليس الغرض بيان كيفية تركيب الحروف؛ بل سرد أسماء الحروف
البسائط. اهـ. ويرد عليه أن تقارض اللام في نحو الغلام مع
الهمزة لا مع الألف اللينة، وقد يجاب بأنه يكفي في تحقق
تقارض اللام مع الألف اللينة أن كلا من الهمزة والألف
اللينة يسمى ألفًا. وقوله: لأن كلا من اللام والألف مضى
ذكره يرد عليه أن الألف الماضي ذكرها صدر الحروف الهمزة لا
الألف اللينة المشار إليها بلا -كما مر- فيوجه قول
المعلمين لام ألف بأن ذكرهم الألف تنبيه على أن لا إشارة
إلى الألف اللينة وذكرهم اللام؛ لأنها المتوصل بها إلى
النطق بالألف اللينة في قولهم: لا، فاعرف ذلك.
قوله: "ثم أشار إلى الثانية" أي: من مسائل إبدال الهمزة من
الواو والياء. قوله: "وفي فاعل ما أعل عينًا" أي: وفي اسم
فاعل فعل أعلت عينه، ولا فرق في اسم الفاعل المذكور بين أن
يتجرد من علامة التأنيث والتثنية والجمع أو لا. قوله: "إذا
وقعت" أي: كل منهما. قوله: "فحملا على الفعل في الإعلال"
قال في التصريح: ما ذكره تبعًا لغيره من أن اسم الفاعل فرع
الفعل في الإعلال، والتصحيح مشكل لوجهين؛ أحدهما: أنه قد
يدخله الإعلال وإن لم يكن له فعل أصلًا كما سيذكره من جائز
وجائزة، فإن ادعوا أنهما منقولان من أسماء الفاعلين، فقد
كثروا النقل في أسماء
ج / 4 ص -403-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف نحو عور، فهو عاور، وعين فهو عاين.
تنبيهات: الأول: هذا الإبدال جار فيما كان على فاعل ولم
يكن اسم فاعل؛ كقولهم: جائز وهو البستان، قال:
1277-
صَعْدَةٌ نابتة في جائز
أينما الريح تُمَيِّلُها تَمِلْ
وكقولهم: جائزة وهي خشبة تجعل في وسط السقف. وكلام الناظم
هنا وفي الكافية لا يشمل ذلك، وقد نبه عليه في التسهيل.
الثاني: اختلف في هذا الإبدال أيضًا؛ فقيل: أبدلت الواو
والياء همزة كما قال المصنف. وقال الأكثرون: بل قلبتا
ألفًا، ثم أبدلت الألف همزة كما تقدم في كساء ورداء، وكسرت
الهمزة على أصل التقاء الساكنين. وقال المبرد: أدخلت ألف
فاعل قبل الألف المنقلبة في قال وباع وأشباههما، فالتقى
ألفان وهما ساكنان فحركت العين لأن أصلها الحركة، والألف
إذا تحركت صارت همزة.
الثالث: يكتب نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأجناس وهو قليل؛ بل قيل: ممنوع. والوجه الثاني أن الصحيح
أن الوصف فرع عن المصدر لا عن الفعل. اهـ. وقد يجاب عن
الأول بالتزام النقل ومنع التكثير، وعن الثاني بأن فرعية
الوصف عن المصدر على الراجح من حيث الاشتقاق، وهذا لا
ينافي ما قالوه هنا من أن فرعيته عن الفعل من حيث الإعلال
والتصحيح، فافهم. قوله: "في الإعلال" أي: في مطلق الإعلال
وإن كان الإعلال فيهما بقلب العين همزة وفي الفعل بقلبها
ألفًا. قوله: "نحو عور... إلخ" في القاموس: العور ذهاب حس
إحدى العينين، عور كفرح وعار يعار وأعور وأعوار فهو أعور
والجمع عور وعيران وعوران. وفيه عين كفرح عينا وعينة
بالكسر عظم سواد عينه في سعة فهو أعين.
قوله: "هذا الإبدال جار" بالراء من الجري كما في عبارة
المرادي، وفي نسخ من الشرح: جائز بالزاي من الجواز بمعنى
عدم الامتناع لوجوب الإبدال في هذا القسم أيضًا، كما هو
صريح التسهيل. واغتر شيخنا السيد بظاهر ما في هذه النسخ
فقال ما قال. قوله: "كقولهم جائز" ضبطه الشيخ خالد بالجيم
والزاي وفسره بالبستان. قوله: "وضبطه" العيني في البيت
بالحاء المهملة والراء وفسره بمجتمع الماء. قوله: "صعدة"
هي القناة المستوية تنبت كذلك قاموس. قوله: "لا يشمل ذلك"
لأنه لا فعل له؛ بل ليس اسم فاعل حقيقة. قوله: "كما قال
المصنف" لو قال: وهو ظاهر كلام المصنف كما قال في نظيره
السابق لكان أحسن.
قوله: "قلبتا ألفًا" لتحرك كل منهما بعد فتحة مفصولة بحاجز
غير حصين. قوله: "قبل الألف... إلخ" عبارة التصريح على ألف
قال وباع ونحوهما. اهـ. أي: فلم يلحظ الواو والياء في اسم
الفاعل على قول المبرد بخلافهما على القولين قبله هذا ما
ظهر لي، وبه يفارق قول المبرد قول الأكثرين، فتأمل. قوله:
"بالياء" أي: مع رسم همزة فوقها، وبها استغني عن النقطتين.
قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1277- راجع التخريج رقم 1125.
ج / 4 ص -404-
والمدُّ زِيدَ ثالثًا في الواحدِ
هَمْزًا يُرَى في مِثْلِ كالقَلائِدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائل وبائع بالياء على حكم التخفيف؛ لأن قياس الهمزة في
ذلك أن تسهل بين الهمزة والياء؛ فلذلك كتبت ياء، وأما
إبدال الهمزة في ذلك ياء محضة فنصوا على أنه لحن، وكذلك
تصحيح الياء في بائع، ولو جاز تصحيح الياء في بائع لجاز
تصحيح الواو في قائل، ومن ثم امتنع نقط الياء من قائل
وبائع، قال المطرزي: نقط الياء من قائل وبائع عامي، وقال:
ومر بي في بعض تصانيف أبي الفتح ابن جني أن أبا علي
الفارسي دخل على واحد من المتسمين بالعلم، فإذا بين يديه
جزء مكتوب فيه: قائل -بنقطتين من تحت- فقال أبو علي لذلك
الشيخ: هذا خط من؟ فقال: خطي، فالتفت إلى صاحبه وقال: قد
أضعنا خطواتنا في زيارة مثله، وخرج من ساعته. انتهى.
ثم أشار إلى الثالثة بقوله: "والمد زيد ثالثًا في الواحد
همزا يُرى في مثل كالقلائد" أي: يجب إبدال حرف المد الزائد
الثالث همزة إذا جمع على مثال مفاعل نحو: رعوفة ورعائف،
وقلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز، وسليق
وسلائق، وشمال وشمائل، بخلاف نحو: قسورة وقساور لعدم المد،
وبخلاف نحو: مفازة ومفاوز،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"التخفيف" أي: بتسهيل الهمزة بين الهمزة المحضة والياء
المحضة بدليل ما بعده. قوله: "فلذلك كتبت ياء" مكرر مع ما
قبله. قوله: "تصحيح الياء" أي: الإتيان بها على أنها
الأصلية لا مبدلة من الهمزة، فهو غير ما قبله. قوله: "ومن
ثم" أي: من أجل أن ما ذكره من الإبدال والتصحيح لحن. قوله:
"هذا خط من" كان الواجب أن يقول: خط من هذا؟ لوجوب صدارة
الاستفهام وما أضيف اليه. قوله: "والمد" أي: حرف المد
واوًا أو ياء أو ألفًا، وجملة زيد حال من ضمير يُرى،
وثالثًا حال من ضمير زيد، فهي حال متداخلة أو من ضمير يرى،
فهي مترادفة. وقوله: في الواحد بيان للواقع لا للاحتراز؛
ولهذا لم يذكر له الشارح محترزًا.
قوله: "أي يجب إبدال... إلخ" وذلك لأنك لما جمعت قلادة على
مفاعل وقعت ألف الجمع ثالثة ووقع بعدها ألف قلادة، فاجتمع
ألفان فلم يكن بد من حذف إحداهما أو تحريكها، فلو حذفوا
الأولى فاتت الدلالة على الجمع، ولو حذفوا الثانية تغير
بناء الجمع؛ لأن هذا الجمع لا بد أن يكون بين ألفه وحرف
إعرابه حرف مكسور ليكون كمفاعل، فتعين تحريك الثانية
بالكسر ليكون كعين مفاعل والألف إذا حركت قلبت همزة ثم
شبهت واو عجوز وياء صحيفة بألف قلادة لسكونهما إثر حركة من
جنسهما كالألف، هذا تعليل ابن جني. وقال الخليل: إنما همزت
الألف والياء والواو في رسائل وصحائف وعجائز؛ لأن حروف
اللين فيهن ليس أصلهن الحركة؛ وإنما هي حروف ميتة لا
تدخلهن الحركة، فلما وقعن بعد الألف همزن ولم يظهرن؛ إذ كن
لا أصل لهن في الحركة، كذا في التصريح.
قوله: "نحو رعوفة" بالراء والعين المهملة والفاء من رعف
كنصر ومنع وكرم وعنى وسمع خرج من أنفه الدم كذا في
القاموس. قوله: "وسليق" كأمير يطلق على معانٍ منها ما تحات
من صغار الشجر وسليق الطريق جانبه. قوله: "قسورة" هو
الأسد، ويقال فيه: قسور بغير تاء. قوله:
ج / 4 ص -405-
كذاكَ ثاني لَيِّنَيْنِ اكْتَنَفَا
مد مَفَاعِلَ كجَمْعِ
نَيِّفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعيشة ومعايش، ومثوبة ومثاوب؛ لعدم الزيادة، وشذ مصائب
ومنائر، والأصل مصاوب ومناور، وقد نطق فيهما بهذا الأصل،
وبخلاف نحو: صيرفي وعوسج وحائط ومفتاح وقنديل ومكوك لعدم
كونه ثالثًا.
ثم أشار إلى الرابعة بقوله: "كذاك ثاني لينين اكتنفا مد
مفاعل كجمع نيفا" نيفًا نصب على المفعول به بالمصدر المنون
وهو جمع، وأضافه في الكافية للفاعل فقال: كجمع شخص نيفًا
أي: يجب أيضًا إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقع ثاني
حرفين لينين بينهما ألف مفاعل، سواء كان اللينان ياءين
كنيائف جمع نيف، أو واوين كأوائل جمع أول، أو مختلفين
كسيائد جمع سيد وأصله سيود، وصوائد جمع صائد، والأصل سياود
وصوايد.
واعلم أن ما اقتضاه إطلاق الناظم هو مذهب الخليل وسيبويه
ومَن وافقهما، وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط،
ولا يهمز في الياءين ولا في الواو مع الياء، فيقول: نيايف
وسياود وصوايد على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين
إنما كان لثقلها، ولأن لذلك نظيرًا وهو اجتماع الواوين أول
كلمة، وأما إذا اجتمعت الياءان أو الياء والواو فلا إبدال؛
لأنه إذا التقت الياءان أو الياء والواو أول كلمة فلا همز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وشذ مصائب ومنائر" وشذ أيضًا همزة معايش في رواية عن نافع
والمشهور عنه الياء كما في المرادي. قوله: "وقد نطق فيهما"
الضمير راجع لمصائب ومنائر بقطع النظر عن همزهما. قوله:
"نحو صيرف وعوسج" فيه أن صيرفًا وعوسجًا خرجا بقيد المد،
والصيرف المحتال في الأمور كالصيرفي، والعوسج شوك واسم فرس
كذا في القاموس. قوله: "اكتنفا" أي: أحاطا. قوله: "نيفا"
هو الزيادة على العقد من ناف ينيف. وقول الشاطبي: أصله
نيوف، مبني على أنه من ناف ينوف، وتقدم في العدد بيانه كذا
في التصريح. قوله: "بالمصدر المنون" تصريح بأن لفظ جمع في
قوله: كجمع ليس عبارة عن اللفظ الدال على جماعة؛ وحينئذ لا
يصح التمثيل به لمفاعل؛ لأنه لفظ، فلا يمثل له بالحدث ولا
للإبدال؛ لأن الجمع ليس إبدالًا. ويجاب بأنه مثال لمفاعل
على حذف مضاف أي: كحاصل جمع نيفًا أي: الحاصل به أي:
كاللفظ الحاصل بسبب جمعك نيفًا وهو نيائف فقد مثل بنيائف
وهو لفظ سم.
قوله: "أو مختلفين" تحته صورتان تقديم الياء على الواو
وعكسه وقد مثل لهما. قوله: "وصوائد" الواو بدل ألف صائد.
اهـ سم. لما تقدم في قوله في التصغير الذي مثله التكسير
والألف الثاني المزيد يجعل واوًا. قوله: "في الواوين" أي:
في صورة الواوين. قوله: "ولأن لذلك نظيرًا" الإشارة
للإبدال في الواوين. وقوله: وهو اجتماع أي: الإبدال عند
اجتماع الواوين أول الكلمة نحو أواصل؛ فإن أصله وواصل،
ومناظرة هذا لمسألتنا في مطلق إبدال إحدى الواوين همزة وإن
كانت المبدلة في مسألتنا الثانية وفي النظير الأولى. قوله:
"وأما إذا اجتمعت الياءان أو الياء والواو" أي: في جمع
مفاعل نحو: نيائف وسيائد، ولو حذف قوله: وأما... إلخ
واقتصر على قوله: وإذا التقت الياءان... إلخ لكان أخصر
وأسبك. قوله: "نحو يين ويوم" الأول بفتحتين قرية باليمن
وعين أو واد بين ضاحك وضويحك وهما جبلان بالحجاز، والثاني
بفتح فكسر يقال: يوم أيوم ويوم كفرح شديد، كذا
ج / 4 ص -406-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: يَيَن ويَوم اسم موضع، واحتج أيضًا بقول العرب في جمع
ضَيْوَن، وهو ذكر السنانير ضياون من غير همز، والصحيح ما
ذهب إليه الأولان للقياس والسماع؛ أما القياس فلأن الإبدال
في نحو أوائل إنما هو بالحمل على كساء ورداء لشبهه به من
جهة قربه من الطرف وهو في كساء ورداء لا فرق بين الياء
والواو فكذلك هنا. وأما السماع فحكى أبو زيد في سيِّقة
سيائق بالهمز، وهو فعلية من ساق يسوق، وحكى الجوهري في تاج
اللغة جيد وجيائد وهو من جاد، وحكى أبو عثمان عن الأصمعي
في جمع عيل عيائل، وأما ضياون فشاذ مع أنه لما صح في واحده
صح في الجمع فقالوا: ضياون، كما قالوا: اضيون، وكان قياسه
ضين، والصحيح أنه لا يقاس عليه.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: مد مفاعل اشتراط اتصال المد
بالطرف، فلو فصل بمدة شائعة ظاهرة أو مقدرة فلا إبدال،
فالأولى نحو طواويس، والثانية نحو قوله:
1278-
وكَحَلَ العينين بالعَوَاوِرِ
أراد بالعواوير لأنه جمع عوار وهو الرمد، فحذف الياء ضرورة،
فهي في تقدير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في القاموس، ومنه يعلم أنه كان الأولى أن يقدم الشارح
قوله: اسم موضع، على قوله: ويوم، كما صنع المصرح.
قوله: "في جمع ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية
وفتح الواو كصيقل كما نقله يس عن شرح الشافية. قوله: "ذكر
السنانير" جمع سنور بكسر السين المهملة وتشديد النون
مفتوحة وسكون الواو. قوله: "من جهة قربه" من سببية، وإضافة
جهة إلى قرب للبيان، وفي الكلام حذف أي: قرب حرف العلة
منه. قوله: "وهو" الإبدال بالهمزة. قوله: "سيقة" بياء
مشددة ما استقاقه العدو من الدواب والدريئة يستتر فيها
الصائد فيرمي الوحش كما في القاموس وأصله سيوقة بوزن فيعلة
اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو
ياء وأدغمت الياء في الياء. فقول الشارح: وهو فيعلة صوابه
فعيلة بتقديم الياء على العين كما في المرادي. قوله: "مع
أنه... إلخ" كان المناسب أن يجعله تعليلًا لقولهم: ضياون
شذوذًا. قوله: "والصحيح أنه لا يقاس عليه" أي: على ضياون
في تصحيح الواو وما أشبهه في صحة واحدة إذا وجد وذهب أناس
إلى القياس، كذا في المرادي. قوله: "مد مفاعل" أي: ألفه.
وقوله: اتصال المد أي: اللين الثاني الذي ينقلب همزة ووجه
فهم ما ذكر من قوله: مد مفاعل أن المفصول مفاعيل لا مفاعل.
قوله: "بمدة شائعة" أي: قياسية.
قوله: "وكحل" الضمير فيه يرجع إلى الدهر، وضبطه المصرح
بتخفيف الحاء ولعله الرواية؛ وإلا فالتشديد صحيح معنى.
قوله: "جمع عوار" قال العيني: بضم العين وتخفيف الواو وهو
الرمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1278- الرجز للعجاج في الخصائص 3/ 326، وليس في ديوانه،
ولجندل بن المثنى الطهوي في شرح أبيات سيبويه 2/ 429، وشرح
التصريح 2/ 369، وشرح شواهد الشافية ص374، والمقاصد
النحوية 4/ 571، =
ج / 4 ص -407-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموجودة. أما الفصل بمدة غير شائعة فلا أثر له، ويجب
الإبدال كقوله:
1279-
فيها عيائيلُ أُسُودٍ ونُمُرْ
الأصل عيائل؛ لكنه أشبع الهمزة اضطرارًا فنشأت الياء كقوله:
تنقاد الصياريف؛ لأنه جمع عيل واحد العيال. قال الصغائي:
واحد العيال عيل والجمع عيائل مثل: جيد وجياد وجيائد.
الثاني: لا يختص هذا الإبدال بتالي ألف الجمع كما أوهمه
كلامه؛ بل لو بنيت من القول مثل عوارض قلت: قوائل بالهمز،
هذا مذهب سيبويه والجمهور وعليه مشى في التسهيل، وخالف
الأخفش والزجاج فذهبا إلى منع الإبدال في المفرد لخفته.
الثالث: حكم هذه الهمزة في كتابتها ياء ومنع النقط كما سبق
في قائل وبائع. ثم أشار إلى تقييد ما أطلقه من الحكم في
الهمز المبدل مما بعد ألف مفاعل في النوعين المذكورين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشديد، وقيل: هو كالقذى. اهـ. وتبعه المصرح في هذا الضبط.
قال سم: وضبطه المكي بتشديد الواو وهو الظاهر. اهـ.
قوله: "فهي في تقدير الموجودة" ولذلك صحت فيه الواو لبعدها
من الطرف في التقدير. قوله: "تنقاد" بفتح التاء أي: نقد،
وإضافته إلى الصياريف من إضافة المصدر لفاعله. قوله: "لأنه
قد جمع عيل واحد العيال" يؤخذ منه وما بعده أن للعيل جمعين
عيالًا وعيائل. قوله: "كما أوهمه كلامه" قد يقال: مراد
المصنف موازن مفاعل في مجرد عدد الحروف والهيآت فيشمل
المفرد ولا ينافيه قول كجمع نيفًا؛ لأن المثال لا يخصص.
اهـ سم. وقولهم: عدد المصنف إعطاء الحكم بالمثال غير مطرد.
قوله: "مثل عوارض" أي: مفردًا على وزن عوارض. قوله: "ثم
أشار إلى تقييد ما أطلقه... إلخ" فيه شيء؛ لأن الحكم الذي
أطلقه فيما سبق إطلاقه معتبر؛ لأن الإبدال همزة ثابت في
هذه الصورة أيضًا غير أنه بين هنا زيادة حاصلها أن الهمزة
المبدلة لا تبقى فيما إذا كانت اللام معتلة؛ بل تغير وتصير
ياء إلا أن يريد بالإطلاق الإطلاق باعتبار بقاء الحكم
فحينئذ يتضح التقييد؛ لأنه بين هنا أن ذلك الحكم وهو
الإبدال همزة لا يبقى؛ بل يغير. قاله سم. قوله: "في
النوعين المذكورين" أي: المشار إلى أولهما بقوله: والمد
زيد... إلخ وإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 785، وأوضح المسالك 4/ 374،
والخصائص 1/ 195، 3/ 164، وسر صناعة الإعراب 2/ 771، وشرح
شافية ابن الحاجب 3/ 131، وشرح المفصل 5/ 70، 10/ 91، 92،
والكتاب 4/ 370، ولسان العرب 4/ 615 "عور"، والمحتسب 1/
107، 124، والممتع في التعريف 1/ 339، والمنصف 2/ 49، 3/
50.
1279- الرجز لحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 397،
ولسان العرب 5/ 234 "نمر"، والمقاصد النحوية 4/ 586، وبلا
نسبة في أوضح المسالك 4/ 316، 376، وشرح التصريح 2/ 310،
370، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 132، وشرح شواهد الشافية
ص376، وشرح المفصل 5/ 18، 10/ 92، والكتاب 3/ 574، ولسان
العرب 11/ 489 "عيد"، والمقتضب 2/ 203، والممتع في التعريف
1/ 344.
ج / 4 ص -408-
وافْتَحْ وَرُدَّ الهمزَ يا فِيمَا أعلّ
لامًا وَفِي هِرَاوةٍ جُعِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعني: ما استحق الهمز لكونه مدًّا مزيدًا في الواحد، وما
استحق الهمز لكونه ثاني لينين اكتتفا مد مفاعل بقوله:
"وافتح ورد الهمز يا فيما أعل لامًا" فالألف واللام في
الهمز للعهد أي: يجب في هذين النوعين إذا اعتلت لامهما أن
يخففا بإبدال كسرة الهمزة فتحة ثم بإبدالها ياء فيما لامه
همزة أو ياء أو واو ولو تسلم في الواحد، فالنوع الأول مثال
ما لامه همزة منه: خطيئة وخطايا، ومثال ما لامه ياء منه:
هدية وهدايا، ومثال ما لامه واو منه لم تسلم في الواحد:
مطية ومطايا، فأصل خطايا خطائي بياء مكسورة، وهي ياء
خطيئة، وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد
الإبدال في صحائف فصار خطائي بهمزتين، ثم أبدلت الثانية
ياء لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء
وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة، ثم فتحت
الأولى تخفيفًا، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما
قبلها فصار خطاءا بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف
فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فأبدلت الهمزة ياء فصار خطايا بعد
خمسة أعمال. وأصل هدايا هدايي -بياءين الأولى ياء فعيلة
والثانية لام هدية- ثم أبدلت الأولى همزة كما في صحائف، ثم
قلبت كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبت الياء ألفًا، ثم قلبت
الهمزة ياء، فصار هدايا بعد أربعة أعمال، وأصل مطايا
مطايو؛ لأن أصل مفرده وهو مطية مطيوة -فعيلة من المطا وهو
الظهر- أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء فيها، على حد ما فعل
بسيد وميت، فقلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة كما في
الغازي والداعي، ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيهما بقوله: كذاك ثاني... إلخ. قوله: "أعني: ما استحق"
أي: جمعا استحق الهمز بكونه أي: الهمز في الأصل مدًّا
مزيدًا في الواحد، وكذا يقال فيما بعده. قوله: "فيما" أي:
جمع أعل لامًا، وأراد به ما يشمل المهموز كما سينبه عليه
الشارح، ولو قال: فيما اعتل لامًا لكان أوفق باصطلاحهم.
قوله: "للعهد" أي: الذكري، فالمراد بالهمز الهمز المذكور
سابقًا في النوعين. قوله: "كسرة الهمزة" أي: الوالية لألف
مفاعيل. قوله: "فيما لامه... إلخ" ما واقعة على جمع والجار
والمجرور بدل من قوله: في هذين النوعين. قوله: "ولم تسلم
في الواحد" حال من الواو فقط أي: بل انقلبت ياء، وسيأتي
محترزة في قوله: وفي مثل هراوة جعل واوًا ولو حذف الواو
كما في نظيره الآتي لسلم من إتيان الحال من النكرة بلا
مسوغ. قوله: "فالنوع الأول" أي: من النوعين. قوله:
"بهمزتين" الأولى المبدلة من الياء والثانية لام الكلمة.
قوله: "لما سيأتي" أي: في قوله: ما لم يكن لفظًا أتم فذاك
ياء مطلقًا جا.
قوله: "والهمزة تشبه الألف" لقرب مخرجها وهو أقصى الحلق من
مخرج الألف وهو الجوف، فقول شيخنا والبعض: لكونها من
مخرجها، فيه تساهل. قوله: "وهو مطية" المطية الراحلة.
قوله: "من المطا وهو الظهر" أو من المطو وهو المد يقال:
مطوت بهم في السير أي: مددت. تصريح. قوله: "أبدلت الواو...
إلخ" راجع للمفرد. وقوله: فقلبت الواو... إلخ راجع للجمع.
ج / 4 ص -409-
واوًا وهمزًا أَوَّلَ الواوين رُدّ
في بَدْءِ غير شِبْهِ
ووفي الأَشُدّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحائف، ثم أبدلت الكسرة فتحة ثم الياء ألفًا ثم الهمزة
ياء، فصار مطايا بعد خمسة أعمال. وإن كانت الهمزة أصلية
سلمت نحو: المرآة والمرآة والمرائي، فإن الهمزة موجودة في
المفرد، فإن المرآة مفعلة من الرؤية فلا تغير في الجمع،
وشذ مرايا كهدايا سلوكًا بالأصلي مسلك العارض، كما شذ عكسه
وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قوله:
1280-
فما بَرِحَتْ أقدامُنا في مَكَانِنَا
ثَلاثَتَنَا حتى أُزِيرُوا الْمَنَائِيَا
وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائئي -بهمزتين-
والنوع الثاني مثاله زاوية وزوايا أصله زوائي بإبدال الواو
همزة لكونه ثاني لينين اكتنفا مد مفاعل، ثم خفف بالفتح
فصار زوائي، ثم قلبت الياء ألفًا فصار زواءًا، ثم قلبت
الهمزة ياء على نحو ما تقدم في هدايا.
تنبيه: أدرج الناظم هنا الهمزة في حروف العلة حسبما حمل
الشارح كلامه على ذلك؛ ولكنه غاير بينهما في التسهيل. وفي
الهمزة ثلاثة أقوال؛ أحدها: حرف صحيح، والثاني: حرف علة،
وإليه ذهب الفارسي، والثالث: أنها شبيهة بحرف العلة.
انتهى.
وأشار بقوله: "وفي مثل هراوة جُعل واوًا" إلى أن المجموع
على مثال مفاعل إذا كانت لامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن كانت الهمزة" أي: الوالية لألف مفاعل أصلية،
هذا محترز القيد الذي تضمنه قول المصنف: الهمز بلام العهد؛
لأن المعهود الهمز السابق في كلامه، وهو لهمز المبدل من
مدة الواحد الزائدة أو ثاني لينيه أو القيد الذي في قول
الشارح أعني: ما استحق الهمز لكونه أي: الهمز في الأصل
مدًّا مزيدًا في الواحد.
قوله: "مفعلة" بكسر الميم. تصريح. قوله: "فلا تغير في
الجمع" بل تبقى هي وكسرتها والياء بعدها. قوله: "سلوكًا
بالأصلي" أي: الهمز الأصلي مسلك العارض بسبب الجمع. قوله:
"فما برحت أقدامنا... إلخ" قاله عبيدة بن الحارث بن عبد
المطلب ابن عم النبي، من قصيدة قالها في شأن يوم بدر وما
جرى له يومه من قطع رجله ومبارزته هو وحمزة وعلي، وهم
المراد من قوله: ثلاثتنا، ومات رضي الله عنه بالصفراء وهم
راجعون، وثلاثتنا بدل من "نا" في أقدامنا.
قوله: "وقول بعض العرب" بجر قول عطفًا على المجرور بفي
قبله. قوله: "والنوع الثاني" أي: الجمع الذي ألفه بين
لينين. قوله: "مثاله زاوية وزوايا" لم يقل قياس صنيعه في
النوع الأول مثال ما لامه ياء منه زاوية وزوايا، ومثال ما
لامه واو منه لم تسلم في الواحد كذا وكذا؛ لعدم هذا القسم
فيما يظهر، فتدبر. قوله: "أصله زوائي" أي: أصله الثاني كما
يؤخذ من بقية كلامه وأصله الأول زواوي. قوله: "حسبما" بفتح
السين. قوله: "غاير بينهما في التسهيل" لعطفه الهمزة على
حرف العلة، والعطف يقتضي المغايرة. قوله: "وفي مثل هراوة"
أي: في جمع مثل هراوة وهي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1280- البيت من الطويل، وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد
المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188، ولبعض الصحابة في شرح
عمدة الحافظ ص588، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 188.
ج / 4 ص -410-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واوًا لم تعل في الواحد؛ بل سلمت فيه كواو هراوة جعل موضع
الهمزة في جمعه واوًا فيقال: هراوي، والأصل هرائو بقلب ألف
هراوة همزة، ثم هرائي بقلب الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة،
ثم خففت بالفتح فصار هراءي، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها
وانفتاح ما قبلها فصار هراءًا، فكرهوا ألفين بينهما همزة
-لما سبق- فأبدلوا الهمزة واوًا طلبًا للتشاكل؛ لأن الواو
ظهرت في واحده رابعة بعد ألف، فقصد تشاكل الجمع لواحده،
فصار هراوي، بعد خمسة أعمال.
تنبيهات: الأول: إنما ترد الهمزة ياء فيما أعل لامًا من
الجمع المذكور إذا كانت عارضة كما رأيت، فإن كانت أصلية
سلمت.
الثاني: شذ جعل الهمزة واوًا فيما لامه ياء، وذلك قولهم في
هدايا: هداوي، وفيما لامه واو أعلت في الواحد، وذلك قولهم
في مطايا: مطاوي، وقاس الأخفش على هداوي، وهو ضعيف؛ إذ لم
ينقل منه إلا هذه اللفظة.
الثالث: مذهب الكوفيين أن هذه الجموع كلها على وزن فعالي
صحت الواو في هراوي كما صحت في المفرد، وأعلت في مطايا كما
أعلت في المفرد، وهدايا على وزن الأصل، وأما خطايا فجاء
على خطية بالإبدال والإدغام على وزن هدية، وذهب البصريون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العصا الضخمة، كما في التصريح. قوله: "جعل موضع الهمزة" لو
قال: أبدلت الهمزة فيه واوًا، أو جعلت الهمزة فيه واوًا
-كما قال الناظم- لكان أخصر وأظهر في كون الواو مبدلة من
الهمزة. قوله: "لما سبق" أي: من اجتماع شبه ثلاث ألفات،
وهم يكرهون اجتماع الأمثال.
قوله: "لأن الواو ظهرت في واحده... إلخ" إلا أن الواو في
الواحد لام الكلمة، وفي الجمع بدل من الهمزة الزائدة
المبدلة من ألف الواحد. قوله: "فقصد تشاكل الجمع لواحده"
قد يستغنى عنه بقوله: طلبًا للتشاكل على أن صوابه أن يقول:
تشاكل الجمع وواحده أو مشاكلة الجمع لواحده؛ لأن التشاكل
تفاعل يقتضي التعدد، ولازم لا يتعدى ولا بلام التقوية.
قوله: "إنما ترد الهمزة ياء... إلخ" هذا التنبيه متعلق
بقوله: وافتح ورد الهمز... إلخ، فكان المناسب ذكره في شرحه
مع التنبيه المذكور مع أنه مكرر مع قوله سابقًا: وإن كانت
الهمزة أصلية... إلخ. نعم، في بعض النسخ إسقاط ما سبق،
وعليه لا تكرار هنا.
قوله: "وقاس الأخفش على هداوي" أي: بالدال، ورسمه في بعض
النسخ بالراء تحريف، ولا يبعد عندي أن يقيس على مطاوي
أيضًا؛ فإنه أولى بأن يقاس عليه من هداوي؛ لأن الإتيان
بالواو في مطاوي له وجه وهو الرجوع إلى الأصل، فراجع.
قوله: "وهو ضعيف" وقال الدماميني: لا يظهر لقياسه على
هداوي وجه. قوله: "على وزن فعالي" فما بعد ألف الجمع لام
الكلمة والألف للتأنيث. قوله: "وهدايا على وزن الأصل" أي:
على طبق المفرد أي: صحت لامه كما صحت لام المفرد. فقوله
هنا على وزن الأصل بمنزلة قوله: في هراوي صحت الواو فيه
كما صحت في المفرد
ج / 4 ص -411-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أنها فعائل حملًا للمعتل على الصحيح، ويدل على صحة
مذهب البصريين قوله: حتى أزيروا المنائيا. وأما ما نقل عن
الخليل من أن خطايا وزنها فعالي فليس كقول الكوفيين؛ لأن
الألف عندهم للتأنيث وعنده بدل من المدة المؤخرة؛ وذلك
لأنه يقول: إن مدة الواحد لا تبدل في هذا همزة؛ لئلا يلزم
اجتمع همزتين؛ بل تقلب بتقديم الهمزة على الياء فيصير
خطائي ثم يعل كما تقدم. انتهى طائي.
"وهمزًا أول الواوين رد في بدء غير شبه ووفي الأشد" أي:
هذه مسألة خامسة اختصت بها الواو يعني: أن كل كلمة اجتمع
في أولها واوان؛ فإن أولاهما يجب إبدالها همزة بشرط ألا
تكون الثانية منهما مدة غير أصلية، فخرج أربع صور؛ الأولى:
أن تكون الثانية مدة بدلًا من ألف فاعل نحو: ووفي الأشد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: في مطايا أعلت الواو فيه كما أعلت في المفرد؛ إلا
أنه خالف الأسلوب تفننًا في التعبير، فلا يرد الاعتراض بأن
هراوي ومطايا على وزن الأصل. قوله: "فجاء على خطية
بالإبدال والإدغام" يرد أنه على هذا يكون خطايا أيضًا على
وزن الأصل كهراوي ومطايا وهدايا، فلا تحسن مقابلة الثلاثة
بخطايا في قوله: وأما خطايا... إلخ إلا أن يقال: المقابلة
من حيث ظهور كون الثلاثة على وزن الأصل من غير احتياج إلى
شيء بخلاف خطايا؛ فإنهم احتاجوا في كونها على وزن الأصل
إلى جعلها جمع خطية بالإبدال والإدغام، فافهم.
قوله: "وذهب البصريون... إلخ" وهو الذي ذهب اليه المصنف
حملًا للمعتل كهدية وهدايا على الصحيح كصحيفة وصحائف.
قوله: "لأن الألف عندهم للتأنيث" أي: زائدة للتأنيث. وأما
اللين الزائد في المفرد فحذف في الجمع للتخلص من التقاء
الساكنين. قوله: "بدل من المدة" أي: التي كانت في المفرد.
وقوله: المؤخرة أي: التي عرض تأخيرها في الجمع بعد أن كانت
مقدمة في المفرد، وهي المدة التي تقلب همزة في فعائل.
قوله: "لا تبدل في هذا" أي: فيما لامه همزة كخطيئة. قوله:
"لئلا يلزم اجتماع همزتين" اعترض بأن القياس قلب الياء
همزة وإذا اجتمع همزتان فعل فيهما ما يقتضيه القياس،
وبأنهم قد نطقوا به على الأصل، سمع من بعض العرب: اللهم
اغفر لي خطائي، ولو كان كما قال الخليل لم يكن ثم همزة
ألبتة، كذا في المرادي والتصريح.
قوله: "بل تقلب" أي: مدة الواحد قلبًا مكانيًّا. فقوله:
على الياء من وضع الظاهر موضع المضمر وكان مقتضى الظاهر أن
يقول عليها أي: المدة. قوله: "وهمزًا" مفعول ثانٍ لرد وأول
مفعوله الأول. قوله: "الأشد" نائب فاعل ووفي والأشد، ويضم
أوله القوة وهو ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة واحد جاء
على صيغة الجمع أو جمع لا واحد له من لفظه أو واحده شدة
بالكسر على غير قياس، أو شد ككلب وأكلب، أو شد كذئب وأذؤب،
قاله في القاموس، وعن ابن عباس في قوله تعالى:
{بَلَغَ أَشُدَّهُ} [يوسف: 22] أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة.
قوله: "أي: هذه مسألة خامسة" أي: للمسائل الأربع المذكورة
في قوله: فأبدل الهمزة من واو يا... إلخ لكن هذه الخامسة
مختصة بالواو بخلاف الأربع ولم يقدمها على قوله: وافتح ورد
الهمز... إلخ لتعلقه بالثالثة والرابعة فسقط ما اعترض به
شيخنا وتبعه البعض. قوله: "ألا تكون الثانية
ج / 4 ص -412-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وووري عنهما.
والثانية: أن تكون مدة بدلًا من همزة كالوولى مخفف الوؤلى
بواو مضمومة فهمزة، وهي أنثى الأوأل أفعل تفضيل من وأل إذا
لجأ.
والثالث: أن تكون عارضة كأن تبني من الوعد مثال فوعل ثم
ترده إلى ما لم يسم فاعله.
والرابعة: أن تكون زائدة كأن تبني من الوعد مثال طومار
فتقول: ووعاد، فهذه الصور الأربع لا يجب فيها الإبدال بل
يجوز، وخالف قوم في الرابعة فأوجبوا الإبدال لاجتماع واوين
وكون الثانية غير مبدلة من زائد، فإن الضمة التي قبلها غير
عارضة، وإلى هذا ذهب ابن عصفور، واختار المصنف القول بجواز
الوجهين؛ لأن الثانية وإن كان مدها غير متجدد لكنها مدة
زائدة فلم تخلُ عن الشبه بالألف المنقلبة، ودخل صورتان يجب
فيهما الإبدال:
الأولى: أن تكون الثانية غير مدة نحو قولك في جمع الأولى
أنثى الأول: أوّل، الأصل وول، وقولك في جمع واصلة وواقية:
أواصل وأواق، والأصل وواصل ووواق بواوين؛ أولاهما فاء
الكلمة، والثانية بدل من ألف فاعلة كما تبدل في التصغير
نحو: أويصل وأويق، وكذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منهما مدة غير أصلية" بأن تكون غير مدة أو تكون مدة أصلية.
قوله: "من ألف فاعل" بفتح العين. قوله: "وهي أنثى الأوأل"
إن قرئ الأوأل بواو ساكنة فهمزة فالضمير في وهي راجع
للوؤلى بالهمز، وإن قرئ بواو مشددة فالضمير راجع للوولى
بلا همز.
قوله: "أن تكون عارضة" أي: لا لإبدال لتباين هذه الصورة ما
قبلها. قوله: "مثال فوعل" بفتح فسكون ففتح. قوله: "ثم ترده
إلى ما لم يسم فاعله" فتقول ووعد، فالثانية مدة عارضة
لعروض الضمة قبلها كما يفهم من كلامه الآتي: والعارضة غير
أصلية. سم. قوله: "مثال طومار" بضم الطاء المهملة الصحيفة،
ويقال لها: الطامور أيضًا، كذا في القاموس. قوله: "غير
مبدلة من زائد" أي: وإن كانت مدة زائدة بخلاف واو نحو:
ووفي. قوله: "فإن الضمة... إلخ" تعليل لكون الثانية غير
مبدلة من زائد أي: بخلاف الضمة قبل مدة نحو: ووفي، واعترض
البعض التعليل بأنه يفيد أن الضمة إذا كانت عارضة تكون
الثانية مبدلة دائمًا، وليس كذلك، كما يشهد له ما تقدم في
الثالثة، وفيه نظر؛ لأنه إنما يفيد أن الضمة إذا كانت
عارضة لا يلزم أن تكون الثانية غير مبدلة، وهذا صادق
بكونها في بعض الصور غير مبدلة، كما في المثال المتقدم
للثالثة.
قوله: "وإن كان مدها غير متجدد" أي: لبناء الكلمة ووضعها
عليه. قوله: "بالألف المنقلبة" أي: الصائرة واوًا ثانية في
نحو: ووفي، ولو قال بالواو المنقلبة عن الألف واضحًا.
قوله: "وأواق" هو مما أعل إعلال قاض فتثبت الياء إذا حُلي
بأل. قوله: "ووواق" بثلاث واوات أولاها عاطفة والثانية
والثالثة من بنية الكلمة، وهما مراد الشارح بقوله:
بواوين... إلخ. قوله: "كما تبدل" أي: ألف فاعلة واوًا في
التصغير؛ لأن التكسير كالتصغير في ذلك. قوله: "نحو: أويصل
وأويق" تصغير واصل وواق، فالواو في تصغيرهما بدل من
ألفهما، كما تقول في ضارب: ضويرب، ولو قال نحو: أويصلة
وأويقية لكان أنسب بما قبله.
ج / 4 ص -413-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو بنيت من الوعد مثال كوكب قلت: أوعد والأصل ووعد.
والثانية: أن تكون مدة أصلية نحو الأولى أنثى الأول أصلها
وولى بواوين أولاهما فاء مضمومة والثانية عين ساكنة؛ وإنما
وجب الإبدال حينئذ كراهة ما لا يكون في أول الكلمة من
التضعيف إلا نادر كددن، وخرج بتقييده بالبدء نحو: هووي
ونووي.
تنبيهات: الأول: ظهر أن في كلام المصنف أمورًا:
أحدها: أنه يوهم قصر المستثنى على نحو ووفي مما مدته زائدة
بدل من ألف فاعل، وأن ما سواه مما مدته زائدة يجب فيه
الإبدال، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها أنه يوهم أيضًا أن
المستثنى ممتنع الإبدال، وليس كذلك؛ لما عرفت أن الصور
الأربع المخرجة يجوز فيها الإبدال. ثالثها: أن كلامه ليس
صريحًا في وجوب الإبدال فيما يجب فيه مما سبق، فلو قال:
واوًا وهمزًا بدء واوي مبدا
حتمًا سوى ما الثان طار مدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "حينئذ" أي: حين إذ كانت الواو الثانية غير مدة أو
مدة أصلية. قوله: "كراهة... إلخ" ولأنهم لما أجازوا البدل
في وجوه وهي واو مفردة لثقلها بالضمة التزموه عند توالي
واوين؛ لأنه أثقل من واو مفردة مضمومة. قوله: "من التضعيف"
قال سم: قد يقال: التضعيف موجود في الصور الثلاث الأول من
الصور الخارجة السابقة؛ إلا أن يقال: هو عارض فلا يعتبر.
اهـ. وأقره شيخنا وتبعه البعض، وهو مثل سؤالًا وجوابًا؛
أما الأول فلأن التضعيف موجود في الصورة الرابعة من الصور
الخارجة، فلا وجه لتخصيص السؤال بالثلاث الأول منها، وأما
الثاني فلأن الصورة الثالثة لم يعرض فيها التضعيف؛ وإنما
العارض فيها المد، فتأمل.
قوله: "كددن" بفتح الدالين المهملتين اللعب. قوله: "نحو:
هووي ونووي" أي: في المنسوب إلى هوى ونوى، فلا تبدل الواو
الأولى همزة لعدم تصدرها. تصريح. قوله: "يوهم قصر
المستثنى" اعترض بأن فيه قصر الشيء على نفسه، وأجيب بأن
المراد بالمستثنى الاستثناء أو أل في المستثنى للجنس،
فالمعنى المستثنى في كلام النحاة لا في خصوص المتن، وما
أجاب به البعض عن هذا الإيهام من أن المراد بشبه ووفي
الأشد ما مدته عارضة أو زائدة؛ إنما يصحح عبارة المصنف: لا
يدفع إيهامها.
قوله: "يوهم أيضًا أن المستنثى... إلخ" أجاب سم بأن رد فعل
أمر لا ماض مجهول، والأصل في الأمر الوجوب، فالمفهوم حينئذ
أنه لا يجب الإبدال فيما خرج لا أنه لا يجوز. قال شيخنا
وتبعه البعض: ومنه يعلم جواب الأمر الثالث، وفيه نظر؛ إذ
الصريح ما لا يحتمل غير المراد، ورد على تسليم أنه فعل أمر
ظاهر في الوجوب لا صريح فيه كما لا يخفى على مَن له مسكة.
قوله: "واوًا" معمول جعل في قول المصنف وفي مثل هراوة جعل
واوًا... إلخ، وهمزًا عطف على واوًا، وبدء بالرفع عطف على
نائب فاعل جعل. والمعنى: وجعل أول واوين وقعا مبدأ كلمة
أي: صدرها همزًا حتمًا. وخفف الشارح مبدأ بإبدال همزته
ألفًا كما خفف طار بإبدال همزته ياء وأعله إعلال قاض.
وقوله: سوى ما الثان... إلخ استثناء من مبدأ، وما موصول
عائد محذوف أي: سوى الصدر الذي الثاني
ج / 4 ص -414-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لخلص من ذلك كله لما عرفت.
الثاني: زاد في التسهيل: لوجوب الإبدال شرطًا آخر؛ وهو ألا
يكون اتصال الواوين عارضًا بحذف همزة فاصلة، مثال ذلك أن
تبني افعوعل من الوأي فتقول: ايأوأي، والأصل اوأوأى، فقلبت
الواو الأولى ياء لسكونها بعد كسرة، وقلبت الياء الأخيرة
ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإذا نقلت حركة الهمزة
الأولى إلى الياء الساكنة قبلها حذفت همزة الوصل للاستغناء
عنها، ورجعت الياء إلى أصلها وهو الواو لزوال موجب قلبها،
فتصير الكلمة إلى ووأى، فقد اجتمع واوان أول الكلمة، ولا
يجب الإبدال؛ ولكن يجوز الوجهان، وكذلك لو نقلت حركة
الهمزة الثانية إلى الواو فصارت ووا جاز الوجهان وفاقًا
للفارسي، قيل: وذهب غيره إلى وجوب الإبدال في ذلك، سواء
نقلت الثانية أم لا.
الثالث: بقي مما تبدل منه الهمزة خمسة أشياء؛ أحدها: الواو
المضمومة ضمة لازمة غير مشددة ولا موصوفة بموجب الإبدال
السابق. ثانيها: الياء المكسورة بين ألف وياء مشددة.
ثالثها: الواو المكسورة المصدرة. رابعها وخامسها: الهاء
والعين، وقد ذكرتين في التسهيل؛ وإنما لم يذكر هذه الخمسة؛
لأن إبدال الهمزة منها جائز لا واجب؛ وإنما تعرض هنا
للواجب وإن تعرض لغيره فعلى سبيل الاستطراد، فأما إبدالها
من الواو المضمومة المذكورة فحسن مطرد نحو أُجُوه جمع وجه،
وأدؤر جمع دار، وأنؤر جمع نار، الأصل وجوه وأدور وأنور،
ونحو سؤوق جمع ساق، وغؤور مصدر غار الماء يغور غورًا
وغؤورًا، وليس القلب في هذا الاجتماع الواوين؛ لأن الثانية
مدة زائدة، والاحتراز بالمضمومة عن المكسورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه أوأل عوض عن الضمير أي: ثانيه ومدًّا بفتح الميم تمييز
محول عن فاعل طار، والأصل طارئ مده لا يقال لا يخرج بهذا
الاستثناء نحو ووفي؛ لأن مد ثانيه لم يطرأ، غاية الأمر أن
الثاني بعد عروض البناء للمجهول واو وقبله ألف؛ لأنا نقول:
شخص مد ووفي طارئ، والمد الموجود قبل ذلك غيره. قوله: "أن
تبني افعوعل" أي: موازن افعوعل. قوله: "من الوأي" بفتح
الواو وسكون الهمزة وهو الوعد.
قوله: "فإذا نقلت... إلخ" فيه وفيما بعده مخالفة لما سيأتي
في كلام المصنف لساكن صح... إلخ من أن النقل؛ إنما يكون
لحرف صحيح، فتأمل. قوله: "إلى ووأى" بواو مفتوحة فواو
ساكنة فهمزة مفتوحة فألف. قوله: "فصارت ووا" بواوين
مفتوحتين فألف. قوله: "الوجهان" إقرار الواو وإبدالها
همزة. سم. قوله: "نقلت الثانية" أي: حركة الهمزة الثانية.
قوله: "أحدها الواو المضمومة... إلخ" مصدرة كالمثال الأول
أولًا كباقي الأمثلة.
قوله: "لازمة" مما خرج به ضمة واو سور جمع سوار؛ لأنها
يجوز إسكانها تخفيفًا. قوله: "وقد ذكرتين" في بعض النسخ:
ذكرهن، وهي الأولى لذكر الخمسة في التسهيل. قوله: "وإن
تعرض لغيره" أي: كما يأتي في قوله: وأؤم ونحوه وجهين في
ثانيه أم. قوله: "لأن الثانية مدة زائدة" أورد شيخنا وتبعه
البعض على التعليل أنه لا ينافي
ج / 4 ص -415-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمفتوحة، وسيأتي الكلام عليهما. وبكون الضمة لازمة من
ضمة الإعراب نحو: هذه دلو وضمة التقاء الساكنين نحو:
{اشْتَرَوُا
الضَّلَالَةَ} [البقرة: 16]
{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ}
[البقرة: 237] والاحتراز بغير مشددة من نحو: التعوذ
والتحول؛ فإنه لا يبدل فيه، والاحتراز بالقيد الأخير من
نحو: أواصل وأواق؛ فإن ذلك واجب كما مر. وأما إبدالها من
الياء المذكورة فنحو: رائي وغائي في النسب إلى راية وغاية
الأصل راييّ وغاييّ بثلاث ياءات فخفف بقلب الأولى همزة،
وأما إبدالها من الواو المكسورة المصدرة فنحو: أشاح وإفادة
وإسادة في وشاح ووفادة ووسادة.
وقرأ أبيّ وابن جبير والثقفي: "من إعاء أخيه" [يوسف: 76]
ورأى أبو عثمان ذلك مطردًا مقيسًا وقصره غيره على السماع،
والاحتراز بالمصدرة عن نحو واو طويل فلا تقلب؛ لأن
المكسورة أخف من المضمومة فلم تقلب في كل موضع والوسط أبعد
من التغيير. وأما الواو المفتوحة فلا تقلب لخفة الفتحة إلا
ما شذ من قولهم: امرأة أناة، والأصل وناة؛ لأنه من الوَنية
وهو البطء. قال ابن السراج: وأسماء اسم امرأة؛ لأنه في
الأصل وسماء من الوسامة وهو الحسن، وأحد المستعمل في
العدد، أصله وحد من الوحدة بخلاف أحد في ما جاءني أحد،
فقيل: همزته أصلية؛ لأنه ليس بمعنى الوحدة. وأما إبدال
الهمزة من الهاء والعين فقليل، فمن إبدالها من الهاء
قولهم: ماه، والأصل ماء، وأصل ماه موه بدليل أمواه ومويه
فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وإعلال حرفين
متلاصقين من الشاذ، ومن ذلك أيضًا قولهم: أل فعلت وألا
فعلت بمعنى هل فعلت وهلا فعلت، ومن إبدالها من العين قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جواز الإبدال لما تقدم من أنه يجوز إذا كانت الثانية مدة
زائدة، فالصواب تعليل سم بأنهما ليسا في المبدأ، ولك دفعه
بأن الذي تقدم الجواز فقط والذي ذكره الشارح هنا أن إبدال
الواو المضمومة المذكورة حسن، والحسن أخص من الجائز. قوله:
"وسيأتي الكلام عليهما" أي: في قوله: وأما إبدالها من
الواو المكسورة... إلخ وقوله: وأما الواو المفتوحة... إلخ.
قوله: "من نحو أواصل وأواق" سبقه إلى هذا المرادي في شرح
التسهيل. قال الدماميني: وهو سهو؛ لأن الكلام في الواو
المضمومة لا المفتوحة.
قوله: "ورأى أبو عثمان... إلخ" عبارة الدماميني: وهذا مطرد
عند الجمهور، وبعض النحاة يجعل ذلك مقصورًا على السماع،
والصحيح اطراده، ثم نقل عن المرادي أنه قال في بعض الكتب:
إنه لغة هذيل. قوله: "أناة" بالنون بوزن قناة. قوله: "من
الونية" بفتح الواو وسكون النون كما يفهم من القاموس.
قوله: "اسم امرأة" احترز به عن أسماء جمع اسم. قوله: "فقيل
همزته أصلية" وقيل: بدل من الواو. قوله: "فقليل" أي: شاذ.
قوله: "وإعلال حرفين... إلخ" استئناف نبه به على أن في ماء
شذوذًا من وجهين. قوله: "وألا فعلت" هذا أحد قولين ثانيهما
أن الهمزة أصلية كما أن
ج / 4 ص -416-
ومَدًّا ابْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ
كلمةٍ انْ يَسْكُنْ
كآثِرْ وائْتَمِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1281-
وماج ساعات ملا الوديق
أُباب بَحْر ضاحك
هَرْوَقِ
فأصل أباب عباب. وقال بعضهم: ليست الهمزة فيه
بدلًا من العين؛ وإنما هو فعال من أب إذا تهيأ؛ لأن البحر
يتهيأ للارتجاج، فالهمز على هذا أصل. ومما شذ إبدالها من
الألف في قولهم: دأبة وشأبة وابيأض، وما روي عن العجاج من
همز العألم والخأتم، وإبدالها من الفاء في قولهم: قطع الله
أديه أي: يديه، يريد يده. فردت اللام وأبدلت الياء همزة،
وقالوا في أسنانه ألل أي: يلل، واليلل قصر الأسنان، وقيل:
إحديدًا بها إلى داخل الفم. يقال: رجل أيل وامرأة يلاء ،
وهمز بعضهم الشيمة وهي الخلقة، وكذلك رئبال وهو الأسد.
انتهى.
"ومدا ابدل ثاني الهمزين من كلمة إن يسكن كآثر وائتمن" أي:
إذا اجتمع همزتان في كلمة كان لهما ثلاثة أحوال: أن تتحرك
الأولى وتسكن الثانية، وعكسه، وأن يتحركا معًا. وأما
الرابع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاء أصلية، فألا وهلا مادتان مستقلتان. قوله: "وماج
ساعات... إلخ" قال في القاموس: الملاة كقناة فلاة ذات حر
وسراب والجمع ملا، وقال أيضًا: الوديقة شدة الحر، وذكر من
معاني العباب الموج، وقال أيضًا ضحك السحاب برق والقرد
صوت. قوله: "من أب" بتشديد الموحدة.
قوله: "دأبة وشأبة وابيأض" بفتح الهمزة في الثلاثة للساكن،
قاله شيخنا السيد. قوله: "أديه" بفتح الهمزة وسكون الدال
المهملة. وقال الفارسي: هي لغة فيديه وأديه بمنزلة يلملم
وألملم، ونازعه تلميذه أبو الفتح ابن جني. اهـ فارضي.
قوله: "في أسنانه ألل" يقال: أللت أسنانه من باب فرح.
قوله: "احديدا بها" أي: ميلها. قوله: "رجل أيل" بفتح
الهمزة والتحتية وتشديد اللام. وقوله: وامرأة يلاء بفتح
التحتية وتشديد اللام مع المد كذا في القاموس. قوله:
"الشيمة" بشين معجمة. قوله: "وكذلك رئبال" براء مكسورة
فهمزة أو تحتية ساكنة فموحدة.
قوله: "ومدًّا ابدل" بنقل فتحة همزة ابدل إلى التنوين.
قوله: "إن يسكن" أي: الثاني أي: والأول متحرك لوضوح تعذر
سكونهما معًا. قوله: "وائتمن" بفتح التاء على أنه فعل أمر
كما نقل عن خط ابن هشام؛ لأنه مقتضى رسمه بالتحتية لا
بضمها على أنه ماض مجهول، وإن أوهمه صنيع الشارح بعد وصنيع
الفارضي؛ لأنه لو كان كذلك لرسم بالواو ونكتة تعداد المثال
الإشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون أولى الهمزتين همزة
قطع أو همزة وصل، ثم التمثيل بائتمن باعتبار حالة الابتداء
به؛ إذ لا يلتقي الهمزتان إلا حينئذ لا باعتبار حالة وصله
بما قبله، كما في عبارة الناظم؛ حيث عطفه على ما قبله، ولو
حذف المصنف واو العطف ليكون قوله: ائتمن بهمزة وصل مكسورة
فياء مبدلة من همزة ساكنة على أنه جملة مبتدأة غير موصولة
بما قبلها لكان واضحًا. قوله: "أي: إذا اجتمع" المناسب حذف
أي: كما لا يخفى.
قوله: "همزتان" لم يتعرض المصنف والشارح لتفصيل الهمزة
المفردة. وفي الهمع: يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1281- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص106، وشرح
شافية ابن الحاجب 3/ 207، وشرح شواهد الشافية ص432، وشرح
المفصل 10/ 15، 16، ولسان العرب 1/ 205 "أبب"، والمقرب 2/
164.
ج / 4 ص -417-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو أن يسكنا معًا فمتعذر، فإن تحركت الأولى وسكنت الثانية
وجب -في غير ندور- إبدال الثانية حرف مد يجانس حركة ما
قبلها نحو: آثرت أوثر إيثارًا الأصل أأثرت أؤثر إئثارًا،
ومن الإبدال ألفًا بعد الفتحة قول عائشة رضي الله عنها:
"وكان يأمرني أن آتَزِر" بهمزة فألف، وعوام المحدثين
يحرفونه فيقرءونه بألف وتاء مشددة.
وبعضهم يرويه بتحقيق الهمزتين، ولا وجه لواحد منهما؛ وإنما
وجب الإبدال لعسر النطق بهما، وخص بالثانية لأن أفراط
الثقل حصل بها، وشذت قراءة بعضهم: "ائلافهم رحلة الشتاء
والصيف" [قريش: 2] بتحقيق الهمزتين، والاحتراز بكونهما من
كلمة عن نحو: أأتمن زيد أم لا؟ وأأنت فعلت هذا؟ وأأتمر بكر
أم لا؟ فإنه لا يجب فيه الإبدال؛ بل يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخفيف الهمزة المفردة الساكنة بإبدالها بمجانس حركتها
فتبدل ألفًا في رأس وياء في ذئب وواوًا في بؤس، والمتحركة
بعد ساكن بحذفها ونقل حركتها إلى الساكن قبلها كقولك في
اسأل: سل ما لم يكن الساكن قبلها مدًّا زائدًا غير ألف
كخطيئة ومقروءة، أو ياء تصغير كخطيئة، فتبدل الهمزة بمثل
المد وتدغم فيه أو نون انفعال كانأطر أي: اعوع فتقر الهمزة
أو ألفًا فتسهل بجعلها بينها وبين مجانس حركتها كالهباءة
وهي أرض لغطفان، وكذا تسهل أن تحركت بعد فتح مطلقًا مفتوحة
كسال أو مكسورة كسئم أو مضمومة كلؤم، أو كانت بعد كسر أو
ضم، وهي في الصورتين مكسورة أو مضمومة كمئين وسئل ويستهزئ
ورءوس، فإن كانت مفتوحة أبدلت بعد الكسرة ياء كمير في مئر
جمع مئرة وهي التميمة، وبعد الضم واوًا كجون في جؤن جمع
جؤنة، وهي سل مغسى بجلد يجعله العطار ظرفًا لطيبه، ورجل
سولة في سؤلة، وخالف الأخفش في صورتين المضمومة بعد كسر
كيستهزئ، والمكسورة بعد ضم كسؤل، فأبدل الأولى ياء
والثانية واوًا. اهـ. بزيادة من القاموس. قال الرضي في شرح
الشافية: وقد تبدل الهمزة ألفًا إذا انفتحت وانفتح ما
قبلها كسال وياء ساكنة إذا انكسرت وانكسر ما قبلها
كمستهزئين واوًا ساكنة إذا انضمت وانضم ما قبلها كرءوس.
قال سيبويه: وهذا سمعي وليس بقياسي، إلا في الضرورة. اهـ
ملخصًا. وإذا أبدلت ياء ساكنة في مستهزئين واوًا ساكنة في
رءوس التقى ساكنان، فيحذف أحدهما للتخلص.
قوله: "في غير ندور" احترازًا من قراءة: "ائلافهم" بهمزتين
شذوذًا. قوله: "وكان" أي: النبي يأمرني أي: إذا حضت أن
آتزر أي: لحرمة ما وراء الإزار من الحائض. قوله: "بألف"
أي: يابسة وهي الهمزة. قوله: "ولا وجه لواحد منهما" لأن
التاء لا تبدل من الهمزة الساكنة وتحقيق الهمزتين ممنوع.
قال شيخنا السيد: لكن أجاز البغداديون اتزر واتمن واتهل من
الإزار والأمانة والأهل بقلب الثانية تاء وإدغامها في
التاء. وحكى الزمخشري اتزر بالإدغام. وقال الناظم: إنه
مقصور على السماع.
قوله: "عن نحو: أأتمن زيد" بصيغة المعلوم وبهمزة استفهام
مفتوحة فهمزة ساكنة هي فاء الكلمة وحذفت همزة الوصل
المكسورة التي كانت بينهما للاستغناء عنها لعدم الابتداء
بكلمتها بعد دخول همزة الاستفهام. وقوله: وأأنت بهمزتين
مفتوحتين، فإن قلت: هذا المثال لا يناسب فرض
ج / 4 ص -418-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحقيق كما رأيت والإبدال فتقول: أوتمن زيد أم لا؟ وآنت
فعلت؟ وايتمر بكر أم لا؟ لأن همزة الاستفهام كلمة، والهمزة
التي بعدها أول كلمة أخرى.
وأما قول القراء في همزة الاستفهام وما يليها همزتان في
كلمة، فتقريب على المتعلمين. وإن سكنت الأولى وتحركت
الثانية، فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية
نحو: سآل ولآل ورآس، ولم يذكر هذا القسم؛ لأنه لا إبدال
فيه. وإن كانتا في موضع اللام فسيأتي الكلام عليهما عند
قوله: ما لم يكن لفظًا أتم. وإن تحركتا معًا فإما أن يكون
ثانيهما هذا في موضع اللام أم لا، فهذان ضربان: فأما الأول
فسيأتي بيانه، وأما الثاني فله تسعة أنواع؛ لأن الثانية
إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وعلى كل حال من هذه
الثلاثة فالأولى أيضًا إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة،
فثلاثة في ثلاثة بتسعة، وقد أخذ في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامه وهو سكون الهمزة الثانية. قلت: لعل الشارح أراد
بالضمير في قوله: والاحتراز بكونهما الهمزتين لا بقيد كون
ثانيتهما ساكنة إشارة إلى أن كونهما من كلمة شرط لوجوب
الإبدال في غير صورة سكون ثانيتهما أيضًا. وقوله: وأأتمر
بكر بصيغة المعلوم وهمزة استفهام مفتوحة فهمزة ساكنة هي
فاء الكلمة، وحذفت همزة الوصل المكسورة التي كانت بينهما
لما مر.
قوله: "فتقول أوتمن... إلخ" كذا في النسخ برسم أوتمن بألف
فواو، ورسم ايتمر بألف فياء، وفيه -كما قال سم- توقف؛ لأن
همزة الاستفهام مفتوحة وإبدال الهمزة الثانية إنما يكون من
جنس حركة الأولى فما وجه قلب الثانية في أوتمن واوًا وفي
ايتمر ياء، واعتذر شيخنا وتبعه البعض بأن الإبدال واوًا
وياء فيما ذكر مبني على فرض ضم همزة الاستفهام أو كسرها،
فيقرأ أوتمن بضم همزة الاستفهام وايتمر بكسرها، والمثال لا
يشترط صحته، وأنا أقول: فرار هذا من خطأ إلى خطأ، وإزالة
لضرر بضرر، والذي ينبغي قراءة أوتمن وايتمر بهمزة استفهام
مفتوحة فألف لينة؛ وإنما رسم الشارح هنا الألف في الأول
واوًا وفي الثاني ياء اعتبار لما يرسم في بعض أحوال
الكلمتين قبل دخول الاستفهام، وهو حال قراءة أوتمن بالبناء
للمجهول وايتمر بصيغة الأمر ولا يخفى بعده، فتأمل. قوله:
"وآنت فعلت" بهمزة استفهام مفتوحة فألف لينة بدل من همزة
أنت وقول البعض بإبدال همزة أنت ياء لا واوًا خلافًا لما
في الحواشي خطأ فاحش، وتقول: باطل.
قوله: "وأما قول القراء" بالقاف جمع قارئ؛ كقول الشاطبي:
منهم باب الهمزتين من كلمة وعد من ذلك نحو: "أأنذرتهم"،
فإن كانتا في موضع العين... إلخ ولا تكونان في موضع الفاء
لتعذر الابتداء بالساكن. سم. قوله: "نحو سآل" أي: كثير
السؤال ولآل أي: بائع اللؤلؤ ورآس أي: بائع الرءوس. سم.
قوله: "فسيأتي الكلام عليهما" عند قوله: ما لم يكن لفظًا
أتم فإنه سيصرح ثم بأنك إذا بنيت من قرأ مثال قمطر قلت:
قرأي بإبدال الهمزة الثانية ياء. قوله: "فإما أن يكون
ثانيهما" لم يقل: فإما أن يكونا على صنيعه في الهمزتين
الساكنة أولاهما؛ لأن الهمزتين الساكنة أولاهما كالحرف
الواحد بخلاف المتحركتين. قوله: "فسيأتي بيانه" أي: في
الكلام على قوله: ما لم يكن لفظًا أتم؛ فإنه سيصرح ثم بأن
الثانية تبدل ياء مطلقًا، سواء فتحت الأولى أو كسرت أو
ضمت.
ج / 4 ص -419-
إِنْ يُفْتَح اثْر ضَمٍّ اوْ فَتْح قُلِبْ
واوًا وياءً إثْرِ
كَسْرٍ يَنْقَلِبْ
ذُو الكَسْرِ مطلقًا كَذَا ومَا يُضَمُّ
واوًا أَصِرْ ما لم يَكُنْ لفظًا أَتَمُّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان ذلك بقوله: "إن يفتح" أي: ثاني الهمزتين "اثر ضم أو
فتح قلب واوًا" فهذان اثنان من التسعة:
الأول: نحو أويدم تصغير آدم. والثاني: نحو أوادم جمعه،
والأصل أويدم وأآدم بهمزتين، فالواو بدل من الهمزة وليست
بدلًا من ألفه كما في ضارب وضويرب وضوارب؛ لأن المقتضي
لإبدال همزته ألفًا زال في التصغير والجمع، وذهب المازني
إلى إبدال المفتوحة إثر فتح ياء فيقول في أفعل التفضيل من
أنَّ: زيد أينّ من عمرو، ويقول الواو في أودام بدل من
الألف المبدلة من الهمزة؛ لأنه صار مثل خاتم، والجمهور
يقولون: هو أونّ من عمرو.
"وياء إثر كسر ينقلب" ثاني الهمزتين المفتوحة وثانيهما "ذو
الكسر مطلقًا كذا" أي: ينقلب ياء، سواء كان إثر فتح أو كسر
أو ضم، فهذه أربعة أنواع، مثال الأول أن تبنى من أم مثل
إصبع بكسر الهمزة وفتح الباء، فتقول ائمم بهمزتين مكسورة
فساكنة، ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة قبلها
لتتمكن من إدغامها من الميم الثانية فيصير ائم، ثم تبدل
الهمزة الثانية ياء فتصير الكلمة ايم، ومثال الثاني
والثالث والرابع أن تبنى من أم مثل أصبع بفتح الهمز أو
كسرها أو ضمها والباء فيهن مكسورة، وتفعل ما سبق فتصير
الكلمة إيم وأيم وأيم. وأما قراءة ابن عامر والكوفيين
"أئمة" بالتحقيق فمما يوقف عنده ولا يتجاوز "وما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إن يفتح... إلخ" هذا تصريح بمفهوم قوله: إن يسكن
لما فيه من التفصيل. قوله: "نحو أويدم... إلخ" قال المصرح:
التمثيل بجمع آدم وتصغيره مبني على أنه عربي، وقد اضطرب
فيه كلام الزمخشري؛ فذهب في الكشاف إلى أنه أعجمي على وزن
فاعل كآزر، وذهب في المفصل إلى أنه عربي على وزن أفعل.
اهـ. وأقره أرباب الحواشي. وأنت خبير بأن هذا الخلاف إنما
هو في آدم العلم لا آدم الصفة المشتقة من الأدمة، وهي
اللون المعروف؛ فإنه عربي باتفاق، ولا ضرورة إلى حمل
المثال على العلم حتى يجعل التمثيل به مبنيًّا على أحد
القولين، فافهم.
قوله: "وليست" أي: الواو في التصغير والجمع بدلًا من ألفه
أي: ألف آدم. قوله: "كما في ضارب" راجع للمنفي. قوله: "لأن
المقتضي" هو وقوعها ساكنة بعد همزة مفتوحة. قوله: "بدل من
الألف... إلخ" أي: لا من الهمزة حتى يرد على المازني.
وقوله: لأنه صار... إلخ علة لقوله: بدل من الألف، وقوله:
صار مثل خاتم أي: فأشبهت ألفه المبدلة من همزة ألف خاتم
الغير المبدلة.
قوله: "وياء إثر كسر ينقلب" معطوف على جملة قوله: إن
يفتح... إلخ أي: وينقلب الهمز الثاني المفتوح ياء بعد كسر
للهمز الأول. قوله: "وثانيهما" هذا تقدير لمنعوت ذو. قوله:
"مطلقًا" حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور أعني
كذا. قوله: "من أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم أي: قصد.
قوله: "حركة الميم الأولى" وهي الفتحة. وقوله: فتصير
الكلمة إيم أي: بكسر الهمزة وفتح الياء. قوله: "وما يضم...
إلخ" لم يقل مطلقًا: كما في سابقه ولاحقه؛ اكتفاء بترك
التقييد ببعض
ج / 4 ص -420-
فَذَاكَ ياء مطلقًا جَا وأؤم
ونَحْوُه وجهين في ثَانِيهِ أم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يضم" من ثاني الهمزين المذكورين "واوًا أصر" سواء كان
الأول مفتوحًا أو مكسورًا أو مضمومًا، فهذه ثلاثة أنواع
بقية التسعة المذكورة. أمثلة ذلك أوب جمع أب وهو المرعى،
وأن تبنى من أم مثل إصبع بكسر الهمزة وضم الباء، أو مثل
أبلم فتقول: إوم بهمزة مكسورة وواو مضمومة، وأوم بهمزة
وواو مضمومتين، وأصل الأول أأبب على وزن أفلس. وأصل الثاني
والثالث ائمم وأؤمم فنقلوا فيهن، ثم أبدلوا الهمزة واوًا
وأدغموا أحد المثلين في الآخر.
تنبيه: خالف الأخفش في نوعين من هذه التسعة وهما المكسورة
بعد ضم فأبدلها واوًا والمضمومة بعد كسر فأبدلها ياء،
والصحيح ما تقدم. انتهى. ثم أشار إلى الضرب الأول من ضربي
اجتماع الهمزتين المتحركتين؛ وهو أن يكون ثانيهما في موضع
اللام بقوله: "ما لم يكن" أي: ثاني الهمزتين "لفظًا أتم"
أتم فعل ماضٍ، ولفظًا إما مفعول به مقدم والجملة خبر يكن،
أو خبر يكن ومفعول أتم محذوف أي: أتم الكلمة أي: كان
آخرها، والجملة نعت للفظًا.
"فذاك ياء مطلقًا جا" أي: سواء كان إثر فتح أو كسر أو ضم
أو سكون، أمثلة ذلك أن تبنى من قرأ مثل جعفر وزبرج وبرثن
وقمطر، فتقول في الأول قرأى على وزن سلمى، والأصل قرأأ،
فأبدلت الهمزة الأخيرة ياء ثم قلبت الياء لتحركها وانفتاح
ما قبلها، وتقول في الثاني قرء على وزن هند، والأصل قرئئ،
أبدلت الهمزة الأخيرة ياء ثم أعل إعلال قاض، وتقول في
الثالث قرء على وزن جمل، والأصل قرؤؤ، أبدلت الهمزة
الأخيرة ياء ثم أعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحوال عن التصريح بالإطلاق. قوله: "واوًا أصر" أي: صيره
واوًا. قوله: "جمع أب" بفتح الهمزة وتشديد الموحد. قوله:
"أو مثل أبلم" بضم الهمزة واللام وبينهما موحدة ساكنة وهو
سعف المقل. تصريح.
قوله: "ما لم يكن... إلخ" تنازعه كل من قوله: قلب واوًا،
وقوله: واوًا أصر؛ لأنه تقييد لهما. قوله: "إما مفعول به
مقدم" ولفظًا على هذا واقع على الكلمة المختومة بالهمزة،
وعلى الثاني واقع على نفس الهمزة؛ فيكون عليه من الأخبار
الموطئة لما بعدها كما في
{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}
فاعرفه.
قوله: "أو سكون" فيه إن فرض كلام المصنف في الهمزتين
المتحركتين فكان ينبغي أن يقول: وكذا إذا سكنت الأولى
وتحركت الثانية. قوله: "وتقول في الثاني قرء" أي: بكسر
الهمزة؛ لأنه منقوص، وكذا الثالث كما سيذكره الشارح. قوله:
"ثم أعل إعلال قاض" أي: سكنت الياء تخفيفًا ثم حذفت
لالتقاء الساكنين. قوله: "أيد" وأصله أيدي كأفلس. قوله:
"أي: سكنت الياء" أي: تخفيفًا وأبدلت الضمة قبلها كسرة أي:
لتناسب الياء أي: ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وهل
التسكين قبل إبدال الضمة أو بعده؟ كل محتمل، ولعل الثاني
أولى، ثم ما صنعه الشارح أقرب مسافة مما صنعه الدماميني،
وعبارته: وإذا بنيت مثل برثن قلت: قرؤو أصله قرؤؤ، قلبت
الثانية ياء فقيل: قرءي فاستثقلت الضمة على الياء فسكنت
فانقلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها فصار آخر الاسم
واوًا
ج / 4 ص -421-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعلال أيد أي: سكنت الياء وأبدلت الضمة قبلها كسرة، فهذا
والذي قبله منقوصان كل منهما على هذا الوزن رفعًا وجرًّا،
وتعود له الياء في النصب فيقال: رأيت قرئيًّا وقرئيًّا،
وتقول في الرابع قرأى، والأصل قرأأ بهمزتين ساكنة فمتحركة
أبدلت المتحركة ياء وسلمت لسكون ما قبلها؛ وإنما أبدلت
الهمزة الأخيرة ياء ولم تبدل واوًا، قال في شرح الكافية:
لأن الواو الأخير لو كانت أصلية ووليت كسرة أو ضمة لقلبت
ياء ثالثة فصاعدًا، وكذلك تقلب رابعة فصاعدًا بعد الفتحة،
فلو أبدلت الهمزة الأخيرة واوًا -فيما نحن بصدده- لأبدلت
بعد ذلك ياء فتعينت الياء.
"وأؤم ونحوه" مما أولى همزتيه للمضارعة "وجهين في ثانيه
أم" أي: اقصد وهما الإبدال والتحقيق، فتقول في مضارع أم
وأن أوم وأين بالإبدال، وأؤمم وأئن بالتحقيق تشبيهًا لهمزة
المتكلم بهمزة الاستفهام نحو:
{أَأَنْذَرْتَهُمْ}
[البقرة: 6، يس: 10] لمعاقبتها النون والتاء والياء.
تنبيهات: الأول: قد فهم من هذا أن الإبدال فيما أولى
همزتيه لغير المضارعة واجب في غير ندور كما سبق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساكنة قبلها ضمة، فقلبت الضمة كسرة والواو ياء فأعل إعلال
قاض. اهـ.
قوله: "كل منهما على هذا الوزن" الكلام على التوزيع أي:
الأول على وزن هند، والثاني على وزن جمل؛ وإنما أعاده
توطئة لقوله: رفعًا وجرًّا... إلخ. قوله: "وقرئيا" همزته
مكسورة كهمزة ما قبله لا مضمومة كما توهم، بدليل اقتصار
الشارح على عود الياء، وبدليل
{وَكَفَّ أَيْدِيَ
النَّاسِ عَنْكُمْ}.
قوله: "أبدلت المتحركة ياء" أي: فرارًا من الثقل، وسأل أبو
عثمان أبا الحسن: هلا أدغموا في مثال قمطر من قرأ كما
أدغموا في سآل؟ فأجاب: بأن العينين لا يكونان إلا من جنس
واحد، بخلاف اللامين بدليل درهم وقردد أي: فالعينان أحرى
بالإدغام من اللامين، وبأن الحشو يجوز فيه ما لا يجوز في
الطرف بدليل توالي الواوين في هووى وامتناعه في جمع واقية.
قوله: "أبدلت الهمزة الأخيرة ياء... إلخ" توجيه لقول
المصنف: فذاك ياء مطلقًا جا، وسكت عن توجيه الإبدال بعد
سكون الهمزة الأولى، ولعله الحمل على الإبدال بعد الحركة،
فتدبر. قوله: "لو كانت أصلية" أي: غير منقلبة عن همزة.
وقوله: ووليت كسرة أو ضمة أي: كثمي في ثمو. قوله: "رابعة"
أي: كمعطعيان فإن ياءه منقلبة عن الواو التي هي أخيرة
تقديرًا؛ لأن علامة التثنية في تقدير الانفصال.
قوله: "وأؤم... إلخ" تقييد لبعض الصور المتقدمة، فتأمل.
قوله: "تشبيهًا... إلخ" تعليل لجواز الوجهين، والجامع
دلالة كل من الهمزتين على معنى زائد على أصل معنى الكلمة.
قوله: "لمعاقبتها... إلخ" تعليل لتشبيه همزة المتكلم بهمزة
الاستفهام أي: إنما شبهنا همزة المتكلم بهمزة الاستفهام
دون الهمزة التي من كلمة الهمزة الثانية لمعاقبتها بقية
أحرف المضارعة التي يجوز في الهمزة بعدها الوجهان، كما في
يؤمن من الإيمان، ويؤمن من التأمين، ولو جعله علة ثانية
لجواز الوجهين في همزة المتكلم لكان أحسن. قوله: "أن
الإبدال" أي: المذكور سابقًا من إبدال المفتوحة إثر همزة
مفتوحة أو مضمومة واوًا وإثر مكسورة ياء وهكذا. قوله:
"حققت الأولى... إلخ"
ج / 4 ص -422-
وياءً اقْلِبْ ألفًا كَسْرًا تَلا
أو ياءَ تَصْغِيرٍ بواو ذَا افْعَلا
في آخِرٍ أو قَبْلَ تا التأنيث أَوْ
زِيَادَتَيْ فَعْلانَ ذا أيضًا رَأَوْا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: لو توالى أكثر من همزتين حققت الأولى والثالثة
والخامسة وأبدلت الثانية والرابعة، مثاله: لو بنيت من
الهمزة مثل أترجة قلت: أُوأُوأَة والأصل أُأْأُأْأَة.
الثالث: لا تأثير لاجتماع همزتين بفصل نحو آأ وآأة. انتهى.
"وياء اقلب ألفا كسرا تلا أو ياء تصغير" ألفًا مفعول أول
باقلب، وياء مفعول ثان قدم، وكسرًا مفعول بتلا، وياء تصغير
عطف عليه، وتلا ومعموله في موضع نصب نعت لألف، والتقدير:
اقلب ألفًا تلا كسرًا أو تلا ياء تصغير أي: يجب قلب الألف
ياء في موضعين؛ الأول: أن يعرض كسر ما قبلها كقولك في جمع
مصباح ودينار: مصابيح ودنانير، وفي تصغيرهما: مصيبيح
ودنينير. والثاني: أن يقع قبلها ياء التصغير كقولك في
تصغير غزال: غزيل.
"بواو ذا" القلب "افعلا في آخر" أي: تفعل بالواو الواقعة
آخرًا ما تفعل بالألف من قبلها ياء إذا عرض قلبها كسرة أو
ياء التصغير، فالأول نحو: رضي وغزي وقوي وغاز، أصلهن: رضو
وغزو وقوو وغازو؛ لأنهن من الرضوان والغزو والقوة فقلبت
الواو ياء لكسر ما قبلها وكونها آخرًا؛ لأنها بالتأخير
تتعرض لسكون الوقف وإذا سكنت تعذرت سلامتها فعوملت بما
يقتضيه السكون من وجوب إبدالها ياء توصلًا إلى الخفة
وتناسب اللفظ، ومن ثم لم تتأثر الواو بالكسرة وهي غير
متطرفة كعوض وعوج؛ إلا إذا كان مع الكسرة ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: فيما إذا كانت الهمزات خمسًا، وقس على ذلك ما إذا كانت
أقل من خمس أو أكثر. قوله: "قلت: أوأوأة" أي: بهمزة مضمومة
فواو ساكنة فهمزة مضمومة فواو ساكنة فهمزة مفتوحة فتاء
تأنيث. فقوله: "والأصل أأأأأة" أي: بخمس همزات الثانية
والرابعة ساكنتان، والأولى والثالثة مضمومتان، والخامسة
مفتوحة. قوله: "نحو آأ" بهمزة مفتوحة فألف ساكنة فهمزة اسم
نوع من الشجر، كما في الدماميني مفرده آأة. قوله: "ذا
القلب" أي: إلى الياء لا بقيد كونه قلب ألف. قوله: "في
آخر" أعربه بعضهم صفة لواو وهو ما يشير إليه صنيع الشارح؛
وعليه فالفصل بين النعت والمنعوت للضرورة، وأعربه بعضهم
ظرفًا لغوا متعلقًا بأفعل، والأول أظهر معنى.
قوله: "إذا عرض قبلها... إلخ" قوله: في التعبير هنا تغليب
ياء التصغير وكسرة غزي المبني للمجهول على كسرة رضي وقوي
وغاز. قوله: "وقوي" إنما رجحوا الإبدال في قوي ويقوى على
الإدغام كما في قوة مع تحقق مقتضى الإدغام أيضًا وحصول
التخفيف به أيضًا؛ لأن التخفيف بالإبدال أكثر من التخفيف
بالإدغام؛ لأن التلفظ بالهمزة فالبدل أسهل من التلفظ
بالهمزة المدغمة فالهمزة المدغم فيها، نقله الدنوشري.
قوله: "وإذا سكنت" أي: للوقف. وقوله: تعذرت سلامتها أي:
صناعة لوقوعها ساكنة إثر كسرة، والقاعدة تقتضي قلبها ياء.
وقوله: فعوملت أي: وهي متحركة في غير الوقف بما يقتضيه
السكون أي: للوقف، والذي يقتضيه سكونها مع كسر ما قبلها
قلبها ياء، كما قال: من وجوب... إلخ. قوله: "وتناسب اللفظ"
أي: الملفوظ من الكسرة والياء. قوله: "ما يعضدها"
ج / 4 ص -423-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعضدها كحياض وسياط، كما سيأتي بيانه. والثاني: كقولك في
تصغير جرو: جري، والأصل جريو فاجتمعت الياء والواو وسبقت
إحداهما بالسكون وفقد المانع من الإعلال فقلبت الواو ياء
وأدغمت في الياء.
تنبيه: هذا الثاني ليس بمقصود من قوله: بواو ذا افعلا في
آخر؛ إنما المقصود التنبيه على الأول؛ لأن قلب الواو ياء
لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون لا يختص بالواو
المتطرفة ولا بما سبق ياء التصغير على ما سيأتي بيانه في
موضعه؛ ولذلك قال في التسهيل: تبدل الألف ياء لوقوعها إثر
كسرة أو ياء تصغير، وكذلك الواو الواقعة إثر كسرة متطرفة،
فاقتصر في الواو على ذكر الكسرة، فلو قال:
باثر يا التصغير أو كسر ألف
تقلب يا والواوان كسرا ردف
لطابق كلامه في التسهيل. انتهى.
"أو قبل تا التأنيث أو زيادتي فعلان" أي: نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: وهو الألف الذي هو في حكم الياء، كما يأتي سم.
قوله: "كما سيأتي" أي: في شرح قوله: وجمع ذي عين... إلخ
سم. قوله: "وفقد المانع من الإعلال" هو كونهما من كلمتين
كالقاضي ولى وكون السابق غير متأصل ذاتًا وسكونًا كديوان؛
لأن أصله دووان قلبت الواو الأولى ياء كما يأتي ذلك. قوله:
"وأدغمت في الياء" في العبارة قلب، والأصل: وأغمت فيها
الياء. قوله: "لا يختص... إلخ" قد يقال: عدم الاختصاص
المذكور لا يمنع من كون الثاني أيضًا مقصودًا بكلام
المصنف: لا يقال: يلزم على قصده تكراره مع ما سيأتي لدخوله
في عموم ما سيأتي؛ لأنا نقول: ذكر العام بعد الخاص لا
تكرار فيه. نعم، قد يجاب بأن المراد ليس بواجب القصد، وأما
جواب الحواشي بأن المراد ليس بمقصود بالذات، فلا يدفع
الاعتراض بالكلية، فتأمل.
قوله: "متطرفة" حال من الضمير في الواقع. قوله: "أو قبل تا
التأنيث" عطف على: في آخر. قال المصرح: ولم يفرقوا بين كون
تاء التأنيث بنيت الكلمة عليها أو لا، وكان ينبغي في
عريقية ألا تقلب الواو ياء؛ لأن الكلمة قد بنيت على التاء
بدليل أنه ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة. اهـ.
قوله: "أو زيادتي فعلان" ليس المراد خصوص فعلان بهذه
الهيئة؛ بل هو تمثيل لموضع الزيادتين؛ لأن الواو تقلب ياء
في فعلان ساكن العين؛ بل في مكسورها، كما سيصرح به الشارح؛
ولهذا عبر الموضح بقوله: أو قبل الألف والنون الزائدتين.
قوله: "أي نحو شجية" بتخفيف الياء أي: حزينة؛ وإنما خص
الشارح الكلام بالواو بعد كسرة كما هو ظاهر صنيعه مع أن
ظاهر المتن يشمل الواو قبل ياء التصغير أيضًا كجرية تصغير
جروة جرياء على ما أسلفه من أن قلب الواو ياء بعد ياء
التصغير غير مقصود هنا، وتقدم ما فيه. قوله: "وعريقية" قال
المصرح: كان ينبغي في عريقية ألا تقلب الواو ياء لبناء
عرقوة على التاء؛ إذ ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة؛
وحينئذ فعرقوة بمنزل عنفوان. قوله: "تصغير عرقوة" بفتح
العين المهملة وسكون الراء وضم القاف كما في القاموس أحد
الخشبتين المعترضتين على فم الدلو.
ج / 4 ص -424-
في مصدر المعتل عينًا والفِعَلْ
منه صحيحٌ غالبًا نحو الحِوَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شجية وأكسية وغازية وعريقية تصغير عرقوة، الأصل شجوة
وأكسوة وغازوة وعريقوة، ونحو: غزيان وشجيان من العزو
والشجو، والأصل غزوان وشجوان، فعلة القلب ياء هو تطرف
الواو بعد كسرة؛ لأن كلا من تاء التأنيث وزيادتي فعلان
كلمة تامة، فالواقع قبلها آخر في التقدير، فعومل معاملة
الآخر حقيقة، وشذ تصحيحًا من الأول مقاتوة بمعنى خدام
وسواسوة جمع سواء، ومن الثاني إعلالًا قولهم: رجل عليان،
مثل عطشان من علوت، وناقة عليان، وقولهم: صبيان بضم الصاد،
وأما صبية وصبيان بكسر الصاد فسهل أمره وجود الكسرة
والفاصل بينه وبين الواو ساكن وهو حاجز غير حصين.
ثم أشار إلى موضع ثان تقلب فيه الواو ياء بقوله: "ذا" أي:
الإعلال المذكور في الواو بعد الكسرة "أيضًا رأوا في مصدر"
الفعل "المعتل عينًا" إذا كان بعدها ألف كصيام وقيام
وانقياد واعتياد بخلاف سواك وسوار لانتفاء المصدرية، ونحو:
لاوذ لواذًا وجاور جوارًا لصحة عين الفعل، وحال حولًا وعاد
المريض عودًا لعدم الألف، والأصل: صوام وقوام وانقواد
واعتواد؛ لكن لما أعلت عينه في الفعل اسثقل بقاؤها في
المصدرية فعلوها في المصدر بعد كسرة وقبل حرف يشبه الياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وشجيان" قال المصرح: على وزن قطران بفتح القاف وكسر
الطاء. اهـ. ويؤخذ منه أن الألف والنون فيه ليستا للتثنية؛
بل هما زائدتان كما هما في قطران. قوله: "مقاتوة" بقاف ثم
فوقية. قال الدماميني: جمع مقتو اسم فاعل من اقتوى بمعنى
خدم. اهـ. وأصله -كما في التصريح- مقتوو قلبت الواو
الثانية ياء لتطرفها إثر كسرة ثم أعل إعلال قاض.
قوله: "وسواسوة" قال الدماميني: هم الجماعة المستوون في
السن. وقوله: جمع سواء بفتح السين والمد بمعنى متسوو
قالوا: سواسية على الأصل في الإعلال ووزنه فعافلة، وفيه
شذوذ من جهات أخرى؛ إحداها: تكرار الفاء في الجمع مع عدم
تكرارها في الواحد، وهو نظير تكرار العين في تصغير عشية
على عشيشية مع عدم تكرارها في المكبر. الثانية: جمع فعال
على هذا الوزن، فإن قياس جمعه أسوية كقباء وأقبية.
الثالثة: تكرار الفاء زائدة مع عدم تكرار العين معها، فإن
قياس تكرارها زائدة أن تكرار العين معها كمرمريس، فإن كانت
أصلية فتكرارها وحدها قياس كقرقف وسندس، كذا في التصريح.
قوله: "ومن الثاني إعلالا" أي: وشذ من الثاني إعلالا...
إلخ ووجه الشذوذ أن الكلام في الواو المكسور ما قبلها
والواو في المذكورات لم يكسر ما قبلها بل سكن فيكون
الإعلال شاذًّا.
قوله: "لصحة عين الفعل" أي: عدم إعلالها وإلا فهي معتلة.
يس. قوله: "لعدم الألف" كان عليه أن يزيد نحو: رواح وعوار
لعدم الكسرة قبل الواو؛ إذ ما قبلها في الأول مفتوح وفي
الثاني مضموم ليستكمل محترزات الشروط الأربعة. قوله:
"فعلوها في المصدر" صوابه فأعلوها. قوله: "وقبل حرف" هو
الألف وقوله: يشبه الياء أي: يقرب منها قربًا أكثر من قربه
من الواو. قوله: "فأعلت" مكرر مع قوله: فعلوها. قال البعض:
وفي النسخ الصحيحة إسقاط. قوله: فعلوها في المصدر. قوله:
"ليصير العمل في اللفظ" أي: المادة من وجه واحد وهو
الإعلال وإن كان في الفعل
ج / 4 ص -425-
وجَمْعُ ذي عَيْنٍ أَعِلَّ أَوْ سَكَنْ
فاحْكُمْ بِذَا الإعلال
فيه حَيْثُ عَنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأعلت بقلبها ياء حملًا للمصدر على فعلة فقلبها ياء ليصير
العمل في اللفظ من وجه واحد. وشذ تصحيحًا مع استيفاء
الشروط قولهم: نار نوارًا أي: نفر، ولا نظير له، وكان
الأحسن أن يقول: المعل عينًا؛ لأن لاوذ يطلق عليه معتل
العين؛ إذ كل ما عينه حرف علة فهو معتل وإن لم يعل. وقد
أشار إلى الشرط الأخير بقوله: "والفعل منه صحيح غالبًا نحو
الحول" يعني: أن كل ما كان على فعل من مصدر الفعل المعل
العين فالغالب فيه التصحيح نحو: الحول والعود. قال في شرح
الكافية: ونبه بتصحيح ما وزنه فعل على أن إعلال المصدر
المذكور مشروط بوجود الألف فيه حتى يكون على فعال. انتهى.
وفي تخصيصه بفعال نظر؛ فإن الإعلال المذكور لا يختص به لما
عرفت من مجيئه في الانفعال والافتعال كما سبق، واحترز
بقوله: منه أي: من المصدر عن فعل من الجمع؛ فإن الغالب فيه
الإعلال كما سيأتي؛ لكن قال في التسهيل: وقد يصحح ما حقه
الإعلال من فعل مصدرًا أو جمعًا وفعال مصدرًا فسوى بين هذه
الثلاثة في أن حقها الإعلال، وهو يخالف ما هنا من أن
الغالب على فعل مصدرا التصحيح. ثم أشار إلى موضع ثالث تقلب
فيه الواو ياء بقوله: "وجمع ذي عين أعل أو سكن فاحكم بذا
الإعلال" أي: المذكور وهو القلب ياء لكسر ما قبلها "فيه
حيث عن" أي: إذا وقعت الواو عينًا لجمع صحيح اللام وقبلها
كسرة، وهي في الواحد إما معلة، وإما شبيهة بالمعل وهي
الساكنة وجب قلبها ياء؛ فالأول: نحو دار وديار وحيلة وقيمة
وقيم، الأصل: دوار وحول وقوم؛ لأنه لما انكسر ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقلب ألفًا وفي المصدر بالقلب ياء. قوله: "قولهم نار"
بنون ثم راء. قوله: "وكان الأحسن" لم يقل: الصواب؛ لإمكان
الجواب بأنه أراد بالمعتل المعل، وقد وقع من المصنف ذلك
غير مرة. قوله: "إلى الشرط الأخير" وهو أن يكون بعد العين
ألف. قوله: "منه" أي: من مصدر الفعل المعل عينًا. قوله:
"في الانفعال والافتعال" أي: كالانقياد والاعتياد. قوله:
"كما سيأتي" أي: في قوله: وفي فعل وجهان، والإعلال أولى
كالحيل.
قوله: "من فعل مصدرا" هذا محل مخالفة التسهيل للنظم. قوله:
"وجمع" أي: وأما جمع كما قيل في وربك فكبره سم، وجعل خالد
الفاء في فاحكم زائدة. قوله: "ذي عين" أي: مفرد ذي عين.
قوله: "بذا الإعلال" يؤخذ منه أن العين واو وأن قبلها
كسرة. قوله: "حيث عن" أي: ظهر الجمع غزى. قوله: "فالأولى"
أي: الواو المعلة ولا يشترط أن يكون بعدها في الجمع ألف
كما يؤخذ من التمثيل بحيلة وحيل وقيمة وقيم، ومن ذكر هذا
الشرط في الثانية وتركه هنا؛ لكن هذا الصنيع إنما يوافق ما
مر عن التسهيل من أن حق فعل مصدرًا أو جمعًا الإعلال،
والموافق لقوله هنا: بذا الإعلال، وقوله: وفي فعل وجهان...
إلخ تقييد الواو المعلة أيضًا بأن يكون بعدها في الجمع
ألف، ولم يجر الشارح على ما يوافقه؛ لأنه سيرد.
قوله: "لأنه لما انكسر... إلخ" تعليل لقلب الواو ياء في
نحو ديار. وقوله: وإعلال الباقي... إلخ
ج / 4 ص -426-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الواو في الجمع في نحو ديار، وكانت في الإفراد معلة
بقلبها ألفًا ضعفت فسلطت الكسرة عليها، وقوى تسلطها وجود
الألف وإعلال الباقي لإعلال واحده ولوقوع الكسرة قبل
الواو، وشذ من ذلك حاجة وحوج، والثانية وشرطها أن يكون
بعدها في الجمع ألف نحو: سوط وسياط وحوض وحياض وروض ورياض،
الأصل: سواط وحواض ورواض؛ لأنه لما انكسر ما قبلها في
الجمع وكانت في الإفراد شبيهة بالمعل لسكونها ضعفت فسلطت
الكسرة عليها وقوى تسلطها وجود الألف لقربها من الياء وصحة
اللام؛ لأنه إذا صحت اللام قوي إعلال العين. فتلخص أن لقلب
الواو ياء في هذا ونحوه خمسة شروط: أن يكون جمعًا، وأن
تكون الواو في واحده ميتة بالسكون، وأن يكون قبلها في
الجمع كسرة، وأن يكون بعدها فيه ألف، وأن يكون صحيح اللام،
فالثلاثة الأول مأخوذة من البيت، والرابع يأتي في البيت
بعده، والخامس لم يذكره هنا وذكره في التسهيل: فخرج بالأول
المفرد فإنه لا يعل، نحو: خوان وسوار؛ إلا المصدر وقد
تقدم، وشذ قولهم في الصوان والصوار: صيان وصيار، وبالثاني
نحو طويل وطوال، وشذ قوله:
1282-
تَبيَّنَ لي أن القماءة ذِلة
وأن أعزاء الرجال طيالُها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليل لقلبها ياء في نحو: حيل وقيم. قوله: "في نحو ديار"
أي: مما كان بعد عينه ألف وقلبت عين مفردة ألفًا. وقوله:
وكانت أي: الواو. قوله: "فسلطت الكسرة عليها" أي: غلبت
عليها. قوله: "وجود الألف" أي: لما مر من أن الألف تشبه
الياء. قوله: "في هذا" أي: المذكور من سياط وحياض ورياض
ونحوه أي: من كل جمع كان بعد عينه ألف. فقوله: فتلخص...
إلخ مرتبط بالواو الثانية فقط أعني: الشبيهة بالمعل؛ ولهذا
اقتصر على قوله: وأن تكون الواو في واحده ميتة بالسكون،
ولم يقل: أو معلة، وذكر من الشروط أن يكون بعدها ألف، وهذا
إنما يشترط في الثانية، قاله سم. قوله: "ميتة بالسكون" أي:
بسبب السكون. قوله: "مأخوذة من البيت" محل أخذ الثالث منه
اسم الإشارة في قوله: بذا الإعلال كما مر. قوله: "يأتي في
البيت بعده" أي: يؤخذ من البيت بعده. قوله: "نحو خوان"
الخوان ككتاب وغراب ما يؤكل عليه الطعام. قاموس. قوله: "في
الصوان" صوان الثوب وصيانه مثلثين ما يصان فيه. اهـ قاموس.
قوله: "والصوار" بالصاد المهملة ككتاب وغراب قطيع من
البقر. قاموس.
قوله: "أن القماءة" بفتح القاف والمد أي: القصر. قوله:
"قيل: ومنه" أي: من شذوذ إعلال الواو المتحركة في المفرد،
وهو مبني على أن الجياد جمع جواد. قوله: "الصافنات" أي:
الخيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1282- البيت من الطويل، وهو لأنيف بن زبان في الحماسة
البصرية 1/ 35، وشرح شواهد الشافية ص385، ولآثال بن عبدة
بن الطبيب في خزانة الأدب 9/ 488، وبلا نسبة في أوضح
المسالك 4/ 886، وشرح التصريح 2/ 389، وشرح المفصل 5/ 45،
10/ 88، وعيون الأخبار 4/ 54، ولسان العرب 11/ 410 "طول"،
والمحتسب 1/ 184، ومجالس ثعلب 2/ 412، والمقاصد النحوية 4/
588، والممتع في التعريف 2/ 497، والمنصف 1/ 342.
ج / 4 ص -427-
وصححوا فِعَلَة وفي فِعَلْ
وجهان والإعلالُ
أَوْلَى كالخِيَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: ومنه
{الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}،
وقيل: إنه جمع جيد لا جواد، وبالثالث نحو: أسواط وأحواض،
وبالرابع ما أشار إليه بقوله: "وصححوا فعلة" أي: جمعًا
لعدم الألف، فقالوا: كوز وكوزة وعود وعودة، وشذ الإعلال في
قولهم: ثور وثيرة. قال المبرد: أرادوا أن يفرقوا بين الثور
الذي هو الحيوان والثور الذي هو القطعة من الأقط، فقالوا
في الحيوان: ثيرة، وفي الأقط: ثورة، وذهب ابن السراج
والمبرد فيما حكاه عنه الناظم أن ثيرة مقصور من فعالة
وأصله ثيارة كحجارة، حذفت الألف وبقيت الفتحة دليلًا
عليها، وقيل: جمعوه على فعلة بسكون العين فقلبت الواو ياء
لسكونها ثم حركت وبقيت الياء، وقيل: حملًا على ثيران ليجري
الجمع على سنن واحد. وبالخامس نحو رواء في جمع ريان وأصله
رويان؛ لأنه لما أعلت اللام في الجمع سلمت العين لئلا
يجتمع إعلالان، ومثله جواء جمع جو بالتشديد أصله جواو،
فلما اعتلت اللام سلمت العين "وفي فعل" جمعًا "وجهان"
الإعلال والتصحيح "والإعلال أولى كالحيل" جمع حيلة، والقيم
جمع قيمة، والديم جمع ديمة، وجاء التصحيح أيضًا نحو: حاجة
وحوج.
تنبيهان: الأول: اقتضى تعبيره بأولى أن التصحيح مطرد، وليس
كذلك؛ بل هو شاذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصافنات؛ وهي التي تقوم على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة
وهو من الصفات المحمودة في الخيل لا تكاد تكون إلا في
العراب الخلص الجياد أي: المسرعة في جريها، وقيل: التي
تجود بالركض، ويظهر أن الأول مبني على أن الجياد جمع جيد
من لجودة، والثاني على أنه جمع جواد من الجود، ووصفها
بالأمرين ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وسائرة.
قوله: "وقيل: إنه جمع جيد لا جواد" عبارة التصريح: وقيل:
الجياد في الآية ليس بشاذ؛ وإنما هو جمع جيد بتشديد الياء
لا جمع جواد. اهـ. أي: وأصل جيد جيود فيكون من أفراد الواو
المعلة. قوله: "وعود" بعين مفتوحة ودال مهملتين وهو المسن
من الإبل والشتاء، كما في القاموس.
قوله: "في قولهم" أي: في الجمع من قولهم. قوله: "فقالوا في
الحيوان: ثيرة... إلخ" ولم يعكسوا مع حصول الفرق بالعكس
أيضًا؛ لأنهم لما قالوا في جمع ثور من الحيوان ثيران بقلب
الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها حملوا ثيرة في جمعه
عليه، وليس لثور من الأقط ما يحمل جمعه في القلب عليه،
نقله المصرح عن الجاربردي. قوله: "فيما حكاه... إلخ" إنما
قال ذلك لمخالفة هذه الحكاية للحكاية قبلها. قوله: "نحو
رواء" كرجال وأصله رواي أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف
زائدة. تصريح. قوله: "في جمع ريان" نقيض عطشان. قوله:
"وأصله رويان" اجتمع فيه الواو والياء وسبقت إحداهما
بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، واكتفي
هنا باستفادة أصل الجمع من ذكر أصل المفرد عن التصريح بأصل
الجمع الذي سلكه في لاحقه. قوله: "إعلالان" إعلال العين
بإبدالها ياء للكسرة قبلها وإعلال اللام بإبدالها همزة
لوقوعها طرفًا إثر ألف زائدة، فاقتصر على إعلال اللام؛
لأنها محل التغيير. تصريح. قوله: "كما تقدم" أي: في قوله
ج / 4 ص -428-
والواوُ لامًا بعد فَتْحٍ يا انْقَلَبْ
كالْمُعْطَيَانِ
يُرْضَيان وَوَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما تقدم، فكان اللائق أن يقول:
وصححوا فعلة وفي فعل
قد شذ تصحيح فحتم أن يعل
وقد تقدم نقل كلامه في التسهيل.
الثاني: إنما خالف فعل فعلة؛ لأن فعلة لما عدمت الألف وخف
النطق بالواو بعد الكسرة لقلة عمل اللسان انضم إلى ذلك
تحصين الواو ببعدها عن الطرف بسبب هاء الثأنيث فوجب
تصحيحها بخلاف فعل. ثم أشار إلى موضع رابع تقلب فيه الواو
ياء بقوله: "والواو لامًا بعد فتح يا انقلب كالمعطيان
يرضيان" أي: إذا وقعت الواو طرفًا رابعة فصاعدًا بعد فتح
قلبت ياء وجوبًا؛ لأن ما هي فيه حينئذ لا يعدم نظيرًا
يستحق الإعلال فيحمل هو عليه، وذلك نحو أعطيت أصله أعطوت؛
لأنه من عطا يعطو بمعنى أخذ، فلما دخلت همزة النقل صارت
الواو رابعة فقلبت ياء حملًا للماضي على مضارعه، وقد أفهم
بالتمثيل أن هذا الحكم ثابت لها، سواء كانت في اسم كقولك
المعطيان وأصله المعطوان فقلبت الواو ياء حملًا لاسم
المفعول على اسم الفاعل، أو في فعل كقولك يرضيان أصله
يرضوان؛ لأنه من الرضوان فقلبت الواو ياء حملًا لبناء
المفعول على بناء الفاعل، وأما يرضيان المبني للفاعل من
الثلاثي المجرد فلقولك في ماضيه رضي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ من ذلك حاجة وحوج. قوله: "فحتم أن يعل" تصريح بما فهم
من قوله: قد شذ تصحيح.
قوله: "وقد تقدم" أي: في شرح قوله: والفعل منه صحيح غالبًا
نحو الحول، وقوله: نقل كلامه في التسهيل أي: الدال على ما
قلنا من شذوذ التصحيح. قوله: "لما عدمت الألف وخف... إلخ"
لعل العطف من عطف المسبب على السبب؛ إذ بفقد البعيد من
الواو وهو الألف يخف النطق بالواو ولا يخفى أن انعدام
الألف وخفة النطق جهة جمع وموافقة لا جهة فرق ومخالفة فكان
اللائق أن يقتصر على قوله: لأن في فعلة تحصين الواو...
إلخ.
قوله: "لامًا" حال من ضمير انقلب. وقوله: كالمعطيان بفتح
الطاء يرضيان بفتح الضاد مع فتح أوله أو ضمه، وعلى هذا حل
الشارح. قوله: "طرفًا" أخذه من قوله: لامًا، وقوله: رابعة
فصاعدا أخذه من التمثيل بجعله قيد اسم. قوله: "لأن ما هي
فيه" أي: لأن اللفظ الذي تلك الواو فيه. قوله: "نظيرًا"
كمعطيان اسم فاعل فإنه نظير معطيان اسم مفعول. قوله:
"فيحمل" بالرفع هو أي: ما هي فيه عليه أي: على النظير.
قوله: "وذلك" أي: المستوفي للشروط. قوله: "على مضارعه"
لأنها قلبت في مضارعه وهو يعطي ياء لوقوعها بعد كسرة.
قوله: "كقولك يرضيان" بضم أوله على البناء للمفعول أخذًا
مما بعده. قوله: "على بناء الفعل" وهو يرضيان بكسر الضاد
مع ضم أوله. قوله: "وأما يرضيان" أي: بفتح أوله وثالثه.
قوله: "فلقولك في ماضيه رضي" أي: وأصل رضي رضو فقلبت الواو
ياء لوقوعها بعد كسرة. قوله: "نحو المعطاة" فألفه منقلبة
عن ياء لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذه الياء منقلبة عن
ج / 4 ص -429-
إبدالُ واوٍ بعد ضَمٍّ من أَلِفْ
ويا كمُوقِنٍ بذالها
اعْتُرِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: يستصحب هذا الإعلال مع هاء التأنيث نحو
المعطاة، ومع تاء التفاعل نحو تغازينا وتداعينا مع أن
المضارع لا كسر قبل آخره. قال سيبويه: سألت الخليل عن ذلك
فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله وهو غازينا
وداعينا حملًا على نغازي ونداعي، ثم استصحب معها.
الثاني: شذ قولهم في مضارع شأو بمعنى سبق يشأيان والقياس
يشأوان؛ لأنه من الشأو، ولا كسرة قبل الواو فتقلب لأجلها
ياء ولم تقلب في الماضي فيحمل مضارعه عليه، نعم إن دخلت
عليه همزة النقل قلت: يشأيان حملًا على المبني للفاعل.
وأشار بقوله: "ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف ويا كموقن
بذالها اعترف" إلى إبدال الواو من أختيها الألف والياء؛
أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة وهي أن ينضم ما
قبلها نحو: بويع وضورب، وفي التنزيل:
{مَا وُورِيَ عَنْهُمَا}
[الأعراف: 20] وأما إبدالها من الياء لضم ما قبلها ففي
أربع مسائل؛ الأولى: أن تكون ساكنة مفردة أي: غير مكررة في
غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واو لوقوعها رابعة إثر فتحة، وفي التسهيل وشرحه للدماميني
بعد مبحث إبدال الواو الواقعة إثر كسرة ياء ما نصه: وكذلك
الواو الواقعة إثر فتحة في الاسم نحو ملهى، أو في الفعل
نحو عاديت فصاعدا نحو مصطفى واصطفيت طرفا -كما مثلنا- أو
قبل هاء التأنيث نحو: مدعاة ومصطفاة. اهـ. فقلب الواو ياء
أعم من الظاهر والمقدر، فحمل شيخنا التمثيل بنحو المعطاة
على ما إذا ثني أو جمع فإنه يقال فيه حينئذ: المعطيتان
والمعطيات غير محتاج إليه؛ بل غير ملائم للتعبير بهاء
التأنيث؛ إذ المستصحب معه حينئذ تاء التأنيث لا هاؤه؛ لأن
تاءه هي الموجودة في تثنية المعطاة وجمعه؛ بل دعوى أن
تثنيته المعطيتان غير صحيح؛ لأن تثنيته المعطاتان لا غير،
فاعرف ذلك، والله الموفق.
قوله: "مع أن المضارع" وهو نتغازى ونتداعى. قوله: "وهو"
عائد على معلوم من السياق وهو المعل المجرد من التاء.
قوله: "في مضارع شأو" بفتح الهمزة وكذا المضارع. قوله:
"لأنه من الشأو" بسكون الهمزة أي: فهو واوي. قوله: "فتقلب"
بالنصب أي: حتى تقلب، وكذا قوله: فيحمل. قوله: "قلت
يشأيان" بالبناء للمفعول، وقوله: حملا على المبني للفاعل
أي: المقلوبة واوه ياء لأجل الكسرة قبلها، وفي بعض النسخ
قلت: يشئيان وكان قياسًا وتقول فيه: مبنيًّا للمفعول
يشأيان بالقلب أيضًا... إلخ وعليه يقرأ قلت: يشئيان
بالبناء للفاعل.
قوله: "ووجب إبدال... إلخ" اعترضه الغزى بأن فيه العيب
المسمى بالتضمين وهو أن يتصل آخر البيت بأول البيت بعده.
وقوله: من ألف متعلق بإبدال. قوله: "ويا كموقن" أي:
باعتبار أصله، فلا يقال: موقن لا ياء فيه. قوله: "بذا"
الإشارة راجعة إلى الإبدال واوًا لا بقيد كون المبدل منه
ألفًا. قوله: "إلى إبدال الواو" أي: إبدالًا غير ما تقدم
في محله من إبدال الواو من الألف في جمع نحو ضاربة على
ضوارب وتصغير نحو ضارب على ضويرب، وكذا قوله: أما إبدالها
من الألف فصح قول الشارح: ففي مسألة واحدة واندفع الاعتراض
عليه بمسألة الجمع، أما التصغير فداخل في عموم هذه المسألة
الواحدة وإن أوهم اقتصاره في التمثيل لها على نحو: بويع
وضورب خلافه.
ج / 4 ص -430-
ويُكْسَرُ المضمومُ في جَمْعٍ كَمَا
يُقَالُ هِيمٌ عند
جَمْعِ أَهْيَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع نحو: موقن وموسر أصلهما ميقن وميسر؛ لأنهما من أيقن
وأيسر، فقلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها، وخرج بالساكنة
المتحركة نحو هيام؛ فإنها تحصنت بحركتها، فلا تقلب إلا
فيما سيأتي بيانه، وبالمفردة المدغمة نحو حيض؛ فإنها لا
تقلب لتحصنها بالإدغام، وبغير الجمع من أن تكون في جمع؛
فإنها لا تقلب واوًا؛ بل تبدل الضمة قبلها كسرة فتصح
الياء، وإلى هذا أشار بقوله: "يكسر المضموم في جمع كما
يقال هيم عند جمع أهيما" أو هيماء، فأصل هيم هيم بضم
الهاء؛ لأنه نظير حمر جمع أحمر أو حمراء، فخفف بإبدال ضمة
فائه كسرة لتصح الياء؛ وإنما لم تبدل ياؤه واوًا كما فعل
في المفرد؛ لأن الجمع أثقل من المفرد والواو أثقل من الياء
فكان يجتمع ثقلان، ومثل هيم بيض جمع أبيض أو بيضاء.
تنبيهات: الأول: سمع في جمع عائط عوّط بإقرار الضمة وقلب
الياء واوًا وهو شاذ، وسمع عيط على القياس.
الثاني: سيأتي في كلامه أن فعلى وصفًا كالكوسى أنثى الأكيس
يجوز فيها الوجهان عنده، فكان ينبغي أن يضمها إلى ما تقدم
في الاستثناء من الأصل المذكور.
الثالث: حاصل ما ذكره أن الياء الساكنة المفردة المضمومة
ما قلبها إذا كانت في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو موقن وموسر" هذا في الاسم، ومثاله من الفعل
يوقن ويوسر. قوله: "نحو هيام" بضم الهاء وتخفيف الياء يطلق
على العطش الشديد، وعلى اختلال العقل من العشق، وعلى ما
يأخذ الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى.
قوله: "إلا فيما سيأتي بيانه" أي: في قوله: وواوًا إثر
الضم رد اليا متى... إلخ. قوله: "نحو حيض" بتشديد الياء
جمع حائض، فهذا المثال خارج بقوله: في غير جمع أيضًا. قال
المصرح: والمثال الجيد أن يبنى من البيع مثل حماض فتقول:
بياع، ولا يعل لما ذكرنا. قوله: "فكان يجتمع ثقلان" اسم
كان ضمير الشأن. قوله: "عائط" بعين وطاء مهملتين الناقة
التي لا تحمل. تصريح. قوله: "كالكوسى أنثى الأكيس"
والكياسه تطلق على معانٍ منها العقل وخلاف الحمق. قوله:
"عنده" أي: المصنف، أما عند سيبويه والجمهور فيتعين فيه
إقرار الضمة وقلب الياء واوًا، كما سيأتي. قوله: "فكان
ينبغي أن يضمها" أي: باعتبار أحد وجهيها وهو إبدال الضمة
كسرة وإقرار الياء، ويجاب بأن ضمها إلى ذلك معلوم مما
يأتي. سم.
قوله: "إلى ما تقدم" أي: الجمع الذي تقدم. وقوله: في
الاستثناء أراد الاستثناء بالمعنى اللغوي وهو مطلق
الإخراج. وقوله: من الأصل المذكور أي: القاعدة المذكورة في
قوله: وياء كموقن... إلخ؛ لأنه في قوة قولك: كل ياء قبلها
ضمة تقلب واوًا. قوله: "في اسم مفرد" قيد بالاسم مع أن
كلام المصنف يشمل الفعل نحو يوقن ويوسر -كما مر- فلو قال:
في فعل أو اسم مفرد... إلخ لكان
ج / 4 ص -431-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم مفرد غير فعلى الوصف تقلب واوًا، تحت ذلك نوعان؛
أحدهما: ما الياء فيه فاء الكلمة نحو موقن -وقد مر-
والآخر: ما الياء فيه عين الكلمة كما إذا بنيت من البياض
مثل برد فتقول: بيض، وفي هذا خلاف: فمذهب سيبويه والخليل
إبدال الضمة فيه كسرة كما فعل في الجمع، ومذهب الأخفش
إقرار الضمة وقلب الياء واوًا، وظاهر كلام المصنف موافقته،
فتقول على مذهبهما: بيض، وعلى مذهبه: بوض؛ ولذلك كان ديك
عندهما محتملًا لأن يكون فِعلًا وأن يكون فَعلًا، ويتعين
عنده أن يكون فعلا بالكسر. وإذا بنيت مفعلة من العيش قلت
على مذهبهما: معيشة، وعلى مذهبه: معوشة؛ ولذلك كانت معيشة
عندهما محتملة أن تكون مفعَلة وأن تكون مفعِلة، ويتعين
عنده أن تكون مفعلة بالكسرة واستدل لهما بأوجه؛ أحدها:
وقول العرب: أعيس بين العيسة، ولم يقولوا: العوسة، وهو على
حد أحمر بين الحمرة. ثانيها: قولهم مبيع والأصل مبيوع،
نقلت الضمة إلى الباء ثم كسرت لتصح الياء وسيأتي بيانه.
ثالثها: أن العين حكم لها بحكم اللام فأبدلت الضمة لأجلهما
كما أبدلت لأجل اللام، واستدل الأخفش بأوجه؛ أحدها: قول
العرب: مضوفة لما يحذر منه، وهي من ضاف يضيف إذا أشفق
وحذر. قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موافقًا. قوله: "مثل برد" أي: اسمًا مفردًا على وزن برد.
قوله: "وظاهر كلام المصنف موافقته" لدخوله في قوله: كموقن
مع كونه لم يستثن إلا الجمع. قوله: "أن يكون فعلا بالكسر"
إذ لو كان فعلًا بالضم لوجب أن يقال فيه: دوك. قوله: "قلت"
أي: بعد نقل ضمة العين إلى الفاء ثم قلبها كسرة. قوله: "أن
تكون مفعلة بالكسر" إذ لو كانت مفعلة بالضم لوجب أن يقال
فيه: معوشة. قوله: "بين العيسة" بعين وسين مهملتين بياض
يخالطه شقرة، كما في القاموس. قوله: "على حد أحمر بين
الحمرة" أي: على طريقته فيكون أصل العيسة بضم العين. قوله:
"نقلت الضمة إلى الباء" أي: الموحدة أي: فحذفت الواو
لالتقاء الساكنين. وقوله: ثم كسرت أي: الباء الموحدة لتصح
الياء أي: التحتية.
قوله: "أن العين حكم لها... إلخ" حاصله أن الضمة أبدلت
كسرة لأجل اللام في نحو أظب جمع ظبي؛ إذ أصله أظبي كأرجل
فكسرت الموحدة لتسلم التحتية، فيقاس على ذلك إبدالها كسرة
لأجل العين فيما إذا بنيت من البياض مثل برد، ولو قال
الشارح: ثالثها قياس العين على اللام في إبدال الضمة كسرة
لأجلها لكان أوضح. قوله: "مضوفة" بضاد معجمة وفاء. قوله:
"إذا أشفق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1283- البيت من الطويل، وهو لأبي جندب في شرح أشعار
الهذليين 1/ 588، وشرح شواهد الشافية ص383، ولسان العرب 4/
154 "جور"، 9/ 212 "ضيق"، 9/ 331 "نصف"، 13/ 366 "كون"،
والمعاني الكبير ص700، 1119، وبلا نسبة في إصلاح المنطق
ص241، وخزانة الأدب 7/ 417، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي
ص29، 688، وشرح المفصل 10/ 81، والمحتسب 1/ 214، والممتع
في التعريف 2/ 470، والمنصف 1/ 301.
ج / 4 ص -432-
وواوًا اثر الضم رُدَّ اليا متى
أُلْفِيَ لام فَعْلٍ او من قَبْلِ تَا
كتَاءِ بانٍ من رَمَى كمَقْدُرَهْ
كذا إذا كسَبُعَانَ ضَيَّرَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1283-
وكنت إذا جاري دعا لمضوفة
أشمر حتى يبلغ الساق مئزري
ثانيها: أن المفرد لا يقاس على الجمع؛ لأنا
وجدنا الجمع يقلب فيه ما لا يقلب في المفرد، ألا ترى أن
الواوين المتطرفتين يقلبان ياءين في الجمع نحو عتي جمع
عات، ولا يقلبان في المفرد نحو عتو مصدر عتا.
ثالثها: أن الجمع أثقل من المفرد، فهو أدعى إلى التخفيف،
وصحح أكثرهم مذهب الخليل وسيبويه، وأجابوا عن الأول من
أدلة الأخفش بوجهين؛ أحدهما: أن مضوفة شاذ، فلا تبنى عليه
القواعد، والآخر: أن أبا بكر الزبيدي ذكره في مختصر العين
من ذوات الواو، وذكر أضاف إذا أشفق رباعيًّا، ومن روى ضاف
يضيف فهو قليل. وعن الثاني والثالث بأنهما قياس معارض للنص
فلا يلتفت إليه. اهـ. ثم أشار إلى ثلاث مسائل أخرى ثانية
وثالثة ورابعة تبدل فيها الياء واوًا لانضمام ما قبلها
بقوله: "وواوًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحذر" العطف للتفسير كما يفيده كلام القاموس. قوله:
"أشمر... إلخ" كناية عن شدة قيامه واهتمامه في نصرة جاره
عند حلول النائبة به، والساق بالنصب مفعول مقدم، ومئزري
فاعل مؤخر. قوله: "نحو عتى" بضم العين وكسرها، واقتصار
البعض على الكسر قصور. قوله: "جمع عات" أصله عتوو بواوين
فاستثقل اجتماعهما بعد ضمتين، فكسرت التاء فانقلبت الواو
الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فاجتمعت واو وياء
وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في
الياء وكسرت العين في إحدى اللغتين إتباعًا لما بعدها.
قوله: "ولا يقلبان في المفرد" أي: لا يجب ذلك؛ بل هو قليل؛
لما سيأتي عند قوله: كذاك ذو وجهين جا الفعول... إلخ أنه
يقل الإعلال المذكور نحو عتا عتيا. قوله: "أن الجمع أثقل
من المفرد" لو جعله علة ثانية لكون المفرد لا يقاس على
الجمع لكان أحسن. قوله: "أن مضوفة شاذ" أي: والقياس مضيفة،
وحكى أبو سعيد سماعه وسماع مضافه أيضًا كما في العيني.
قوله: "من ذوات الواو" فيكون مضوفة من ضاف يضوف فلا شاهد
فيه؛ لأن الواو حينئذ أصل لا بدل ياء. قوله: "وذكر أضاف
إذا أشفق رباعيًّا" هذا زيادة فائدة، ولا دخل له في
الجواب. قوله: "بأنهما قياس" لعل مراده بالقياس ما كان من
جهة نظر العقل لا من جهة النقل. وقوله: للنص هو قول العرب
أعيس بين العيسة، وقولهم: مبيع.
قوله: "ثم أشار إلى ثلاث مسائل... إلخ" قال الأسقاطي: جعل
الشارح هذا البيت إشارة إلى ثلاث مسائل وقياس ما أسلفه في
قول النظم قبل بواو ذا افعلا في آخر أو قبل تاء التأنيث أو
زيادتي فعلان من جعل ذلك مسألة واحدة أن يجعل ما هنا مسألة
واحدة. اهـ. ويمكن توجيه المخالفة بأنها إشارة إلى جواز
الاعتبارين. قوله: "وواوًا إثر الضم... إلخ" أي: رد أي:
صير الياء إثر الضم واوًا متى ألفي أي: وجد الياء لام فعل
أو من قبل تاء التأنيث كتاء شخص بأن من رمى كلمة كمقدرة
بفتح الميم وضم الدال كذا رد الياء إثر الضم واوًا إذا صير
الباني لفظ رمى مثل سبعان بفتح السين المهملة وضم الموحدة
وأضاف التاء للباقي لملابسته لها؛ لأنه المتكلم بها
وسبعان. قال ابن هشام: الصواب فتح نونه على لغة من أجرى
المثنى مسمى به مجرى سلمان ولو
ج / 4 ص -433-
وإِنْ تَكُنْ عينًا لفُعْلَى وصفًا
فذاك بالوجهين عنهم
يُلْفَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اثر الضم رد اليا متى ألفي لام فعل أو من قبل تا كتاء بان
من رمى كمقدرة كذا إذا كسبعان صيره" فالأولى من هذه
الثلاثة أن تكون الياء لام فعل نحو قضو الرجل ورمو، وهذا
مختص بفعل التعجب، فالمعنى ما أقضاه وما أرماه، ولم يجئ
مثل هذا في فعل متصرف إلا ما ندر من قولهم: نهو الرجل فهو
نهي إذا كان كامل النهية وهو العقل، والثانية أن تكون لام
اسم مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها كأن تبنى من الرمي مثل
مقدرة فإنك تقول: مرموة، بخلاف نحو تواني توانية؛ فإن أصله
قبل دخول التاء توانيًا بالضم كتكاسل تكاسلًا، فأبدلت ضمته
كسرة لتسلم الياء من القلب؛ لأنه ليس في الأسماء المتمكنة
ما آخره واو قبلها ضمة لازمة، ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة
وبقي الإعلال بحاله؛ لأنها عارضة لا اعتداد بها، والثالثة
أن تكون لام اسم مختوم بالألف والنون كأن تبنى من الرمي
مثل سبعان اسم الموضع الذي يقول فيه ابن أحمر:
1284-
ألا يا ديارَ الحيّ بالسبُعَان
أَمَلَّ عليها بالبِلى الْمَلَوَانِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرت النون لزم أن يقال: كسبعين. اهـ. وعندي فيما ذكره من
اللزوم نظر؛ لأن إلزام المثنى وما ألحق به الألف لغة كما
سبق.
قوله: "وهذا" أي: كون الياء المنقلبة واوًا لوقوعها إثر ضم
لام فعل مختص... إلخ. قوله: "فإنك تقول: مرموة" ولا يرد
قولهم: ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة لازمة؛ لأن
التاء لما كانت لازمة لبناء الكلمة عليها كانت الواو كأنها
حشو لا لام؛ ولهذا لم يقل: توانوة؛ لأن تاءها ليست لازمة
كما سيذكره الشارح. قوله: "بخلاف نحو توانية" هذا محترز
قوله: بنيت الكلمة عليها. قوله: "لأنه ليس... إلخ" علة
لسلامة الياء من القلب.
قوله: "وبقي الإعلال بحاله... إلخ" جواب عما يقال: لا يلزم
بعد طروّ التاء من إعادة الضمة وقلب الياء واوًا وقوع اسم
معرب آخره واوًا قبلها ضمة لازمة، فهلا قيل: توانوة،
وإطلاق الإعلال على إبدال الضمة كسرة مجاز؛ لأن الإعلال
كما في الشافية تغيير حرف العلة للتخفيف بحذف أو قلب أو
إسكان.
قوله: "ابن أحمر" رده العيني بأن قائله تميم بن أبي مقبل
لا ابن أحمر. قوله: "أمل" إملال الكتاب واملأوه أن يقوله
فيكتب عنه، ولعله ضمن أمل معنى كر فعداه بالباء، والبِلى
بكسر الموحدة والقصر مصدر بلي الثوب إذا خلق، والملوان
الليل والنهار. قوله: "لا يكونان أضعف... إلخ" لك أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1284- البيت من الطويل، وهو لابن أحمد في ديوانه ص188،
ولابن مقبل في ديوانه ص335، وإصلاح المنطق ص394، وخزانة
الأدب 7/ 302، 303، 304، وسمط اللآلي ص533، وشرح أبيات
سيبويه 2/ 422، وشرح التصريح 2/ 329، 384، والكتاب 4/ 259،
ولسان العرب 8/ 150 "سبع"، 11/ 621 "ملل"، 15/ 291 "ملا"،
ومعجم ما استعجم ص719، ولأحدهما في معجم البلدان 3/ 185
"السبعان"، والمقاصد النحوية 4/ 542، وبلا نسبة في أوضح
المسالك 4/ 333، والخصائص 3/ 202، ولسان العرب 4/ 591
"كفزر".
ج / 4 ص -434-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يكونان أضعف حالًا من التاء اللازمة في التحصين من
الطرف "وإن تكن" الياء الواقعة إثر ضم "عينا لفعلى وصفا
فذاك بالوجهين عنهم" أي: عن العرب "يُلفَى" أي: يوجد
كقولهم في أنثى الأكيس والأضيق الكيسي الضيقي والكوسي
والضوقي بترديد بين حمله على مذكره تارة وبين رعاية الزنة
أخرى، واحترز بقوله: وصفًا عما إذا كانت عينًا لفعلى اسما
كطوبى مصدرًا لطاب، أو اسما لشجرة في الجنة تظلها فإنه
يتعين قلبها واوًا، وأما قراءة طيبي لهم فشاذ.
تنبيه: فعلى الواقعة صفة على ضربين؛ أحدهما: الصفة المحضة،
وهذه يتعين فيها قلب الضمة كسرة لسلامة الياء، ولم يسمع
منها إلا
{قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائرة يقال ضازه حقه يضيزه إذا بخسه
وجار عليه، ومشية حِيكى أي: يتحرك فيها المنكبان، يقال:
حاك في مشيه يحيك إذا حرك منكبيه، والآخر غير المحضة وهي
الجارية مجرى الأسماء وهي فعلى أفعل كالطوبى والكوسى
والضوقى والخورى مؤنثات الأطيب والأكيس والأضيق والأخير،
وهذا الضرب هو مراد المصنف، وهو فيما ذكره فيه مخالف لما
عليه سيبويه والنحويون؛ فإنهم ذكروا هذا الضرب في باب
الأسماء، فحكموا له بحكم الأسماء أعني: من إقرار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقول: إذا بني من الغزو مثل ظربان، فإنه يقال: غزيان،
فيعطى ما قبل الألف والنون حكم ما وقع آخرًا محضًا كرضي
أي: من قلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة، ومقتضى هذا أنه لا
يقال في مثل سبعان من الرمي رموان؛ لأنه لا يجوز أن يقال
في مثل عضد من الرمي رمو؛ لأنه ليس لنا اسم متمكن آخره واو
لازمة بعد ضمة؛ بل يجب أن تقلب الضمة كسرة فتسلم الياء
فيقول: رم، فكذا يجب أن يقال رميان بإعلال الحركة دون
الحرف، قاله الموضح. اهـ تصريح. وقوله: في التحصين متعلق
بأضعف أي: تحصين الواو. وقوله: من الطرف أي: من أن تكون
طرفا فيلحقها الإعلال أي: بل هما كالتاء أو أقوى في هذا
التحصين. قوله: "فذاك" أي: الياء الواقع إثر ضم.
قوله: "بالوجهين" أي: السابقين وهما إبدال الضمة التي قبل
الياء كسرة وإبقاء الضمة فتقلب الياء واوًا. قوله:
"بترديد" أي: لفعلى المذكور والباء سببية وفي نسخ ترديدًا.
وقوله: بين حمله على مذكره أي: في وجود الياء وتعبيره
بالحمل أولًا وبالرعاية ثانيًا تفنن، ولو قال: رعاية
لمذكره تارة وللزنة أخرى لكان أوضح وأخصر. قوله: "مصدرًا"
عبارة المرادي: اسم مصدر من الطيب. قوله: "ومشية حيكى"
بحاء مهملة مكسورة فتحتية ساكنة فكاف، ويقال فيها: حيكى
بفتحات كجمزى كما في القاموس. قوله: "كالطوبى" تمثيله هنا
بالطوبى للصفة الجارية مجرى الأسماء لا ينافي تمثيله به
سابقًا للاسم؛ لأن الممثل به هنا طوبى مؤنث الأطيب -كما
سيصرح به- وسابقًا طوبى المصدر أو اسم الشجرة كما صرح به.
قوله: "هو مراد المصنف" أي: وإن صدق كلامه على الأولى
أيضًا. قوله: "في باب الأسماء" أي: نوعها لجريانه مجراها.
وقوله: فحكموا الأحسن وحكموا بالواو. وقوله: أعني من إقرار
الضمة ينبغي حذف أعني أو من، فتأمل. قوله: "كما في طوبى"
أي: كالعمل الذي في طوبَى
ج / 4 ص -435-
فصل: من لام فعلى اسما أتى الواو
بدل
من لام فَعْلَى اسمًا أتى الواوُ بَدَلْ
ياء كتَقْوَى غالبًا جا ذا البدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمة وقلب الياء واوًا كما في طوبى مصدرًا، وظاهر كلام
سيبويه أنه لا يجوز فيه غير ذلك. والذي يدل على أن هذا
الضرب من الصفات جار مجرى الأسماء أن أفعل التفضيل يجمع
على أفاعل فيقال: أفضل وأفاضل وأكبر وأكابر، كما يقال في
جمع أفكل -وهي الرعدة- أفاكل، والمصنف ذكره في باب الصفات
وأجاز فيه الوجهين، ونص على أنهما مسموعان من العرب، فكان
التعبير السالم من الإيهام الملاقي لغرضه أن يقول:
وإن يكن عينًا لفعلى أفعلا
فذاك بالوجهين عنهم يجتلي
فصل:
"من لام فعلى اسمًا أتى الواو بدل ياء كقتوى
غالبًا جا ذا البدل" أي: إذا اعتلت لام فعلى بفتح الفاء
فتارة تكون لامها واوًا وتارة تكون ياء، فإن كانت واوًا
سلمت في الاسم نحو دعوى، وفي الصفة نحو نشوى، ولم يفرقوا
في ذوات الواو بين الاسم والصفة. وإن كانت ياء سلمت في
الصفة نحو خزيا وصديا مؤنثًا خزيان وصديان، وقلبت واوًا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والكاف للتنظير. وقوله: مصدرًا أي: أو اسم الشجرة؛ لأن
طوبى الاسم ليس محصورًا في طوبى المصدر كما مر. قوله: "كما
يقال في جمع أفكل" أي: الذي هو اسم لا صفة. قوله: "وأجاز
فيه الوجهين" أي: فيكون مخالفًا لسيبويه والنحويين من
وجهين. قوله: "السالم من الإيهام" أي: إيهام الشمول للصفة
المحضة. وقوله: الملاقي لغرضه أي: من خصوص الصفة الجارية
مجرى الأسماء. قوله: "وإن يكن" بالياء التحتية كما في قول
المصنف: وإن يكن عينًا لفعلى وصفًا بقرينة إشارة المذكر في
قوله: فذاك.
فصل:
قوله: "اسمًا" حال من فعلى. وقوله: بدل ياء حال من
الواو. قوله: "كتقوى" أصله وقيا قلبت واوه تاء كما في تراث
وياؤه واوًا وهو غير منصرف؛ لأن ألفه للتأنيث. وفي الكشاف
عن عيسى بن عمر: أنه قرأ: "على تقوى" بالتنوين بجعل الألف
للإلحاق كتترى، ولا يمتنع اجتماع إعلالين غير متواليين في
كلمة كما هنا، وكما في يفون ومصطفى؛ إذ أصلهما يوفيون
ومصنفو؛ إنما الممتنع تواليهما بلا فاصل. صرّح به زكريا في
فصل لساكن صح... إلخ، ولا يرد تواليهما في نحو ماء لشذوذه.
قوله: "غالبًا" إن جعل متعلقا بجا كان لقوله: جا ذا البدل
فائدة من حيث تقييده بغالبًا وإن جعل متعلقًا بأتى كان
تكرارًا. قوله: "نحو نشوى" في المصباح النشوة السكر، ورجل
نشوان مثل سكران إن بحروفه أي: وامرأة نشوى مثل سكرى
والفعل منه نشى كما في القاموس لا نشو لوجوب قلب الواو ياء
على قياس رضي ونحوه كما مر، فقول شيخنا والبعض: في المصباح
نشو سكر خطأ نقلًا ومنقولًا، والله الموفق. قوله: "مؤنثًا
خزيان وصديان" أي: وهما مؤنثًا... إلخ. قوله:
ج / 4 ص -436-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم نحو: تقوى وشروى وفتوى، فرقًا بين الاسم والصفة،
وأوثر الاسم بهذا الإعلال؛ لأنه أخف فكان أحمل للثقل،
وإنما قال: غالبًا للاحتراز من الريا للرائحة وطغيًا لولد
البقرة الوحشية وسعيًا لموضع كما صرح بذلك في شرح الكافية،
وفي الاحتراز عن هذه نظر: أما ريا فالذي ذكره سيبويه وغيره
من النحويين أنها صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل رائحة
ريا أي: مملوءة طيبًا، وإما طغيًا فالأكثر فيه ضم الطاء،
ولعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف، وأما سعيًا
فعلم فيحتمل أنه منقول من صفة كخزيا وصديا.
تنبيه: ما ذكره الناظم هنا وفي شرح الكافية موافق لمذهب
سيبويه وأكثر النحويين أعني: في كون إبدال الباء واوًا في
فعلى الاسم مطردًا وإقرار الياء فيها شاذ، وعكس في التسهيل
فقال: وشذ إبدال الواو من الياء لفعلى اسمًا. وقال أيضًا
في بعض تصانيفه: من شواذ الإعلال إبدال الواو من الياء في
فعلى اسمًا كالنشوى والتقوى والعنوى والفتوى، والأصل فيهن
الياء، ثم قال: وأكثر النحويين يجعلون هذا مطردًا فألحقوا
بالأربعة المذكورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وشروى" بشين معجمة فراء بمعنى مثل يقال لك: شرواه أي:
مثله. تصريح. قوله: "لأنه أخف" أي: من الصفة لتركب معناها.
قوله: "للاحتراز من الريا" قيل: لا شذوذ في الريا؛ لأنها
إنما لم تقلب ياؤها واوًا لمانع وهو إن قلب ياؤها واوًا
يستلزم قلب الواو ياء عملًا بقاعدة أخرى؛ وهي أنه إذا
اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو
ياء، وأدغمت في الياء، ونظر فيه الدنوشري بأن شرط هذه
القاعدة أن تكون الواو أصلية كما يأتي وهي هنا عارضة
بالإبدال من الياء، وسيأتي ما فيه في أول الفصل الآتي.
قوله: "للرائحة" وأماريا من الري ضد عطشى، فعدم القلب فيها
واضح؛ لكونها صفة دنوشري. قوله: "وطغيا" بطاء مهملة فغين
معجمة.
قوله: "وسعيًا لموضع" هذا بالإهمال فقط، أما سعيا اسم
النبي الذي بشر بعيسى، فبإهمال السين وإعجامها كذا في
القاموس. وحكى الدنوشري أن اسم الموضع بإعجام الشين واقتصر
عليه البعض. قوله: "وفي الاحتراز عن هذه نظر... إلخ" أي:
فكان الأولى إسقاط قوله: غالبًا لخروج الأول والثالث
بقوله: اسما، والثاني بقوله: فعلى أي: بالفتح. قوله: "أنها
صفة" أي: وتصحيح الصفة ليس بشاذ. قوله: "منقول من صفة" أي:
واستصحب التصحيح بعد جعله علمًا. تصريح. قوله: "أعني: في
كون... إلخ" ينبغي حذف في. قوله: "وإقرار الياء فيها شاذ"
جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. وفي بعض النسخ: شاذًّا
بالنصب فيكون إقرارًا بالجر عطفًا على إبدال أي: وكون
إقرار... إلخ. قوله: "كالنشوى" ينافي ما مر أنها صفة نعم
نشوى بدون أل بلد بأذربيجان كما في القاموس. قوله:
"والعنوى" في النسخ رسم هذا المثال بعين مهملة فنون ولم
أجد له ذكرًا في القاموس ولا في المصباح ولا في غيرهما
والذي في كتب اللغة العَنْوَة بتاء التأنيث وفسرت بالقهر
وبالمودة، فحرره.
قوله: "يجعلون هذا" أي: الإبدال المذكور. قوله: "والطغوى"
بطاء مهملة فغين معجمة بمعنى الطغيان كما في القاموس.
قوله: "واللقوى" كذا في النسخ بالقاف، ولم أجد له ذكرًا في
القاموس
ج / 4 ص -437-
بالعَكْسِ جاء لامُ فُعْلَى وَصْفَا
وكونُ قُصْوَى نادرًا لا
يَخْفَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشروى والطغوى واللقوى والدعوى زاعمين أن أصلها الياء،
والأولى عندي جعل هذه الأواخر من الواو سدًّا لباب التكثير
من الشذوذ، ثم قال: ومما يبين أن إبدال يائها واوًا شاذ
تصحيح الريا وهي الرائحة، والطغيا -وهي ولد البقرة
الوحشية- تفتح طاؤها وتضم، وسعيًا اسم موضع، فهذه الثلاثة
الجاثية على الأصل، والتجنب للشذوذ أولى بالقياس عليها،
هذا كلامه. وقد مر تعقب احتاجه بهذه الثلاثة، وهذه المسألة
خامس مسألة تبدل فيها الياء واوًا. ثم أشار إلى موضع خامس
تقلب فيه الواو ياء بقوله: "بالعكس جاء لام فعلى وصفًا
وكون قصوى نادرًا لا يخفى" أي: إذا اعتلت لام فعلى بضم
الفاء فتارة تكون لامها ياء وتارة تكون واوًا؛ فإن كانت
ياء سلمت في الاسم نحو الفتيا، وفي الصفة نحو القصيا تأنيث
الأقصى، فلم يفرقوا في فعلى من ذوات الياء بين الاسم
والصفة كما لم يفرقوا في فعلى بالفتح من ذوات الواو كما
سبق، وإن كانت واوًا سلمت في الاسم نحو حزوى اسم موضع قال
الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغيره والذي فيه اللغوى بالغين المعجمة بمعنى اللغو، وهو
ما لا يعتد به من كلام أو غيره، فلعل ما في النسخ تحريف
وإن لم يتنبه له أرباب الحواشي. قوله: "هذه الأواخر" أي:
الشرى والثلاثة بعده. وقوله: من الواو أي: من ذوات الواو،
وهذا هو الموافق لما أسلفه الشارح قريبًا في دعوى، ولما في
القاموس في طغوى حيث قال: طغا يطغو طغوًا وطغوانًا بضمهما
كطغى يطغى والاسم الطغوى
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}. اهـ. وقوله: كطغى يطغى أي: بمعنى طغى يطغى
كرضي يرضى. قوله: "سدًّا لباب التكثير من الشذوذ" هذا لا
يرد على أكثر النحويين؛ لأنهم لا يقولون بشذوذ هذه
الأربعة.
قوله: "أن إبدال يائها" أي: النشوى والثلاثة بعده. قوله:
"تصحيح الريا... إلخ" في استدلاله بتصحيح الألفاظ الثلاثة
نظرًا لاحتمال أن يكون تصحيحها هو الشاذ وبتسليم عدم شذوذه
عليه ما قدمه الشارح في قوله: وفي الاحتراز عن هذه نظر...
إلخ، وسينبه الشارح على هذا. قوله: "وقد مر تعقب احتجاجه
بهذه الثلاثة" أي: مر ما يؤخذ منه تعقب احتجاجه بها وهو
تعقب الاحتراز عنها بقول الناظم: غالبًا. قوله: "تبدل فيها
الياء واوًا" والأربعة تقدمت في قوله: وياء كموقن... إلخ.
قوله: "تقلب فيه الواو ياء" وتقدمت الأربعة في قوله: بواو
ذا افعلا، إلى قوله: يرضيان. قوله: "بالعكس" أي: عكس لام
فعلى بالفتح اسمًا. قوله: "تأنيث الأقصى" قال شيخنا
والبعض: احترازًا من القصيا الآتي الخلاف فيها بين
الحجازيين والتميميين، فإن أصلها الواو وهذه أصلها الياء.
اهـ. وما ذكراه من التفرقة هو صريح كلام الشارح، ومقتضاه
أن القصيا المختلف فيها ليست تأنيث الأقصى، وفيه توقف،
فتأمل. قوله: "نحو حزوى" بحاء مهملة فزاي. قوله:
"أدارًا... إلخ" الهمزة للنداء، ونصب المنادى مع أنه نكرة
مقصودة لوصفه بما بعده، والنكرة المقصودة إذا وصفت ترجح
نصبها على
ج / 4 ص -438-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1285-
أدارًا بحزوى هجت للعين عَبرة
فماءُ الهوى يرفض أو يَترقْرَقُ
وقلبت ياء في الصفة نحو:
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا}
ونحو قولك: للمتقين الدرجة العليا، وأما قول الحجازيين:
القصوى، فشاذ قياسًا فصيح استعمالًا، نبه به على الأصل،
وتميم يقولون: القصيا على القياس، وشذ أيضًا الحلوى عند
الجميع.
تنبيه: ما ذهب إليه الناظم مخالف لما عليه أهل التصريف؛
فإنهم يقولون: إن فعلى إذا كانت لامها واوًا تقلب في الاسم
دون الصفة، ويجعلون حزوى شاذًّا. قال الناظم في بعض كتبه:
النحويون يقولون: هذا مخصوص بالاسم، ثم لا يمثلون إلا بصفة
محضة أو بالدنيا والاسمية فيها عارضة، ويزعمون أن تصحيح
حزوى شاذ كتصحيح حيوة، وهذا قول لا دليل على صحته، وما
قلته مؤيد بالدليل وموافق لأئمة اللغة. حكى الأزهري عن
الفراء وابن السكيت أنهما قالا: ما كان من النعوت مثل
الدنيا والعليا فإنه بالياء؛ فإنهم يستثقلون الواو مع ضمة
أوله، وليس فيه اختلاف إلا أن أهل الحجاز أظهروا الواو في
القصوى وبنو تميم قالوا: القصيا. انتهى. وأما قول ابن
الحاجب: بخلاف الصفة كالغزوى يعني: تأنيث الأغزى، فقال ابن
المصنف: هو تمثيل من عنده وليس معه نقل، والقياس أن يقال:
الغزيا، كما يقال: العليا. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمها كما في حديث:
"يا عظيم يرجى لكل عظيم"، والعَبرة بفتح العين المهملة الدمع، وماء الهوى دمعه أضيف إليه
لكونه سببه، ويرفض بسكون الراء وفتح الفاء وتشديد الضاد
المعجمة يسيل بعضه في إثر بعض، ويترقرق براءين وقافين يبقى
في العين متحيرًا يجيء ويذهب. قوله: "الدنيا... إلخ" الأصل
الدنوي والعلوي؛ لأنهما من الدنوّ والعلو قلبت الواو فيهما
ياء لاستثقال الواو مع الضمة وعلامة التأنيث في الصفة.
تصريح.
قوله: "فصيح استعمالًا" لوروده في قوله تعالى:
{وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}.
قوله: "على الأصل" وهو الواو. قوله: "يقولون هذا" أي: قلب
واو فعلى ياء. قوله: "ثم لا يمثلون... إلخ" أي: فتمثيلهم
ينافي دعواهم. قوله: "أو بالدنيا" أي: المراد بها ما قابل
الآخرة؛ لأنها التي عرضت لها الاسمية لا الواقعة صفة موصوف
كالتي في قوله تعالى:
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} لأنها محضة بدليل النعت بها، فتأمل. قوله: "كتصحيح حيوة" بفتح
الحاء المهملة وسكون التحتية والدرجاء المحدث أي: وكان
القياس قبل الواو ياء كما سيأتي في الفصل الآتي. قوله:
"مؤيد بالدليل" قال شيخنا والبعض: كالبيت السابق؛ وهو
قوله: أدارًا بحزوى... إلخ وكون حزوى شاذًّا خلاف الأصل.
قوله: "يستثقلون الواو مع ضمة أوله" أي: ومع ثقل النعت،
فلا يرد أن ذلك القدر موجود في الاسم. قوله: "أظهروا
الواو" أي: مخالفين للقياس تنبيهًا على الأصل كما مر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1285- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص456،
وخزانة الأدب 2/ 190، وشرح أبيات سيبويه 1/ 488، والكتاب
2/ 199، والمقاصد النحوية 4/ 236، 579، وبلا نسبة في
الأغاني 10/ 119، وأوضح المسالك 4/ 388، والمقتضب 4/ 203.
ج / 4 ص -439-
فصل: إن يسكن السابق من واو ويا
إِنْ يَسْكُنِ السابقُ من واوٍ وَيَا
واتَّصَلا ومِنْ عروض عَزِيَا
فياءَ الواو اقْلِبَنْ مُدْغِمَا
وشَذَّ مُعْطَى غير ما قَدْ رُسِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
"إن يسكن السابق من واو ويا واتصلا ومن عروض عريا فياء
الواو اقلبن مدغما" أي: هذا موضع سادس تقلب فيه الواو ياء؛
وهو أن تلتقي هي والياء في كلمة أو ما هو في حكم الكلمة
كمسلمي والسابق منهما ساكن متأصل ذاتًا وسكونًا، ويجب
حينئذ إدغام الياء في الياء. مثال ذلك فيما تقدمت فيه
الياء: سيد وميت، أصلهما سيود وميوت، ومثاله فيما تقدمت
فيه الواو: طي ولي، مصدرًا طويت ولويت، وأصلهما طوى ولوى.
ويجب التصحيح إن لم يلتقيا كزيتون، وكذا إن كانا من كلمتين
نحو: يدعو ياسر ويرمي واعد، أو كان السابق منهما متحركًا
نحو: طويل وغيور، أو عارض الذات نحو: روية مخفف رؤية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
قوله: "واتصلا" بأن كانا من كلمة ولم يفصل بينهما فاصل
فتحت قوله: واتصلا شرطان. قوله: "ومن عروض" أي: جائز كما
في روية مخفف رؤية بالهمز بخلاف العروض الواجب؛ فإنه لا
يمنع الإبدال كما في ايم الله؛ فإنه على مثال أبلم بضم
الأول والثالث، وأصله أؤيم، أبدلت الهمزة الثانية واوًا
وجوبًا لسكونها وضم ما قبلها، فقلبت الواو ياء وأدغمت في
الياء للقاعدة، كذا في المرادي والتصريح. قوله: "ومن عروض
عريا" المتبادر من صنيع الناظم أن الألف للتثنية، والمفهوم
من كلام الموضح والشارح أنها للإطلاق، وقضيته أن الثاني لو
كان عارضًا جاءت هذه القاعدة، وهو كذلك كما في ريا
للرائحة؛ فإنها قلبت ياؤها الثانية واوًا عملًا بالقاعدة
المتقدمة في الفصل السابق، ثم قلبت الواو ياء عملًا
بالقاعدة المذكورة في قوله: إن يسكن السابق... إلخ هذا ما
ارتضاه شيخنا وتبعه البعض. وقد يقال: لا حاجة إلى هذا
التكلف، وما المانع من أن يقال: محل القاعدة المتقدمة في
الفصل السابق إذا لم يمنع منها مانع كلزوم قلب الواو ياء
كما مر.
قوله: "فياء الواو اقلبن" لأنها أثقل من الياء. قوله: "أو
ما هو في حكم الكلمة كمسلمي" أي: حالة الرفع؛ لأن
المتضايفين كالشيء الواحد، لا سيما إذا كان المضاف إليه
ياء المتكلم. قوله: "ويجب حينئذ" أي: حين إذ قلبت الواو
ياء. قوله: "أصلهما: سيود وميوت" لأنهما من ساد يسود
اتفاقًا ومات يموت على إحدى اللغتين، ووزنهما على الراجح
عند البصريين فيعل بكسر العين. وقال البغداديون: فيعل
بفتحها كضغيم وصيرف نقل إلى فيعل بكسرها قالوا: لأنه لم
يوجد مكسور العين في الصحيح حتى يحمل عليه المعتل ورد بأن
المعتل نوع مستقل قد يأتي فيه ما لا يأتي في الصحيح، فيجوز
أن يختص هذا البناء بالمعتل كاختصاص جمع فاعل منه بفعلة
بضم الفاء كقضاة ورماة، كذا في التصريح. قوله: "ويجب
التصحيح" الأولى فاء التفرع. قوله:
ج / 4 ص -440-
مِنْ واوٍ أو ياءٍ بتحريك أصِلْ
ألفًا ابْدِلْ بَعْدَ
فَتْحٍ مُتَّصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وديوان إذ أصله دوان، وبويع إذ واوه بدل من ألف بايع، أو
عارض السكون نحو قوي؛ فإن أصله الكسر ثم سكن التخفيف، كما
يقال في علم علم.
تنبيه: لوجوب الإبدال المذكور شرط آخر لم ينبه عليه هنا؛
وهو ألا يكون في تصغير ما يكسر على مفاعل، فنحو: جدول
وأسود للحية يجوز في مصغره الإعلال نحو: جديل وأسيد، وهو
القياس، والتصحيح نحو: جديول وأسيود حملًا للتصغير على
التكسير، أما أسود صفة فتقول فيه أسيد لا غير؛ لأنه لم
يجمع على أسود.
"وشذ معطى غير ما قد رُسما" وذلك ثلاثة أضرب: ضرب أعل ولم
يستوفِ الشروط كقراءة بعضهم:
{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
[يوسف: 43] بالإبدال، وحكى بعضهم اطراده على لغة، وضرب صحح
مع استيفائها نحو ضيون، وهو السنور الذكر، ويوم أيوم، وعوى
الكلب عوية، ورجاء بن حيوة. وضرب أبدلت فيه الياء واوًا
وأدغمت الواو فيها نحو: عوى الكلب عوة، وهو نهو عن المنكر.
ثم أشار إلى إبدال الألف من أختيها بقوله: "من واو أو راء
بتحريك أصل ألفًا ابدل بعد فتح متصل" أي: يجب إبدال الواو
والياء ألفًا بشروط أحد عشر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"نحو روية" أي: بالواو مخفف رؤية أي: بالهمز. قوله: "نحو
قوي" أي: بسكون الواو. قال المصرح: وأجاز بعضهم قيّ
بالإدغام بعد القلب.
قوله: "كما يقال في علم" أي: بكسر اللام علم أي: بسكونها.
قوله: "وهو ألا يكون" أي: اجتماع الواو والياء في تصغير ما
يكسر على مفاعل أي: في مصغر مفرد محرك الواو ويجمع جمع
تكسير على ما فعل. واحترزنا بقولنا: محرك الواو من نحو:
عجوز؛ لأن إعلال مصغره واجب، وإن جمع على مفاعل، والفرق
ضعف الساكن وقوة المحرك. تصريح. قوله: "بالإبدال" أي:
والإدغام مع أن الواو عارضة الذات. قوله: "وحكى بعضهم
اطراده" أي: الإبدال في نحو الريا مما واوه بدل من همزة،
هكذا يظهر.
قوله: "نحو ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية وفتح
الواو. قوله: "أيوم" أي: كثير الشدة. تصريح. قوله: "ورجاء"
براء فجيم ممدودة. وقوله: ابن حيوة بفتح الحاء المهملة
وسكون التحتية. قوله: "وهو نهوّ" قال المصرح: بضم النون
وتشديد الواو والقياس نهى؛ لأن أصله نهوى؛ لأنه فعول من
النهي. اهـ. قال شيخنا: انظر هل هو مصدر وصف به الواحد
للمبالغة أو هو جمع. زاد البعض: وظاهر عبارة الشارح أنه
مصدر أي: حيث عبر بضمير الواحد في قوله: وهو نهوّ، والوجه
عندي أنه بفتح النون مبالغة الناهي فهو على فعول بفتح
الفاء، ويؤيده أنه يقال على القياس نهى عن المنكر وأمر
بالمعروف كما في القاموس، ثم رأيت في كلام يس ما يؤيده.
قوله: "أصل" ضبطه الشيخ خالد بالبناء للمجهول وأقره غيره،
وفيه عندي نظر؛ لأنه إنما يصح إذا كان له من هذا المعنى
فعل متعد مبني للفاعل ولم أجده بعد مراجعة القاموس وغيره؛
وحينئذ ينبغي قراءته في المتن ككرم بمعنى تأصل، وإن لزم
عليه اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد، وهو عيب من عيوب
القافية يسمى سناد التوجيه، فاعرف ذلك. ثم رأيت هذا الضبط
منقولًا عن خط ابن النحاس تلميذ الناظم، فلله الحمد. قوله:
"ألفًا ابدل" بنقل همزة ابدل إلى تنوين ألفًا. قوله:
ج / 4 ص -441-
إِنْ حُرِّكَ التالي وإِنْ سُكِّنَ كَفّ
إعلالَ غيرِ اللامِ وَهِيَ لا
يُكَفّ
إعلالُها بساكنٍ غيرِ أَلِفْ
أو ياء التشديد فيها قَدْ أَلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول: أن يتحركا فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما،
والثاني: أن تكون حركتهما أصلية؛ ولذلك صحتا في جيل وتوم
مخففي جيئل وتوءم، وفي:
{اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} [البقرة: 16]
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}
[آل عمران: 186]
{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
[البقرة: 237]. والثالث: أن ينفتح ما قبلهما؛ ولذلك صحتا
في العوض والحل والسور. والرابع: أن تكون الفتحة متصلة أي:
في كلمتيها؛ ولذلك صحتا في أن عمر وجد يزيد. والخامس: أن
يكون اتصالهما أصليًّا، فلو بنيت مثل بنيت مثل علبط من
الغزو والرمي قلت فيه: غزو ورمي منقوصًا، ولا تقلب الواو
والياء ألفًا؛ لأن اتصال الفتحة بهما عارض بسبب حذف الألف؛
إذ الأصل غزاوي ورمايي؛ لأن علبطًا أصله علابط. والسادس:
أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين وألا يليهما ألف ولا
ياء مشددة إن كانتا لامين. وإلى هذا أشار بقوله: "إن حرك
التالي" أي: التابع "وإن سكن كف إعلال غير اللام وهي لا
يكف إعلالها بساكن غير ألف أو ياء التشديد فيها قد ألف"
ولذلك صحت العين في نحو: بيان وطويل وغيور وخورنق، واللام
في نحو: رميا وغزوا وفتيان وعصوان وعلوى وفتوى، وأعلت
العين في قام وباع وناب وباب لتحرك ما بعدها، واللام في
غزا ودعا ورمى وتلا؛ إذ ليس بعدها ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لسكونهما" علة لعلية اشتراط التحرك أي: واقتضى اشتراط
التحرك الصحة في القول والبيع لسكونهما. قوله: "مخففي جيئل
وتوءم" أي: حال كونهما مخففي... إلخ. اهـ تصريح. وإنما
جعله حالًا لا صفة؛ لأن المراد لفظ جيئل، ولفظ توءم فهما
معرفتان، والجيئل بالجيم الضبع، والتوءم بالفوقية معروف.
قوله: "والحيل" بالحاء المهملة. قوله: "أي: في كلمتيهما"
لم يقل أي: في كلمتيهما من غير فاصل مع أن المراد بالاتصال
مجموع الأمرين -كما مر- اقتصارًا على الخفي. قوله: "في إن
عمر وجد يزيد" إنما كان ذلك في حكم المنفصل لجواز الوقف
بين الكلمتين. قوله: "والخامس" هذا لا يؤخذ من المتن.
قوله: "علبط" بضم العين المهملة وفتح اللام وكسر الموحدة
الضخم. قوله: "غزو ورمي" أصلهما غزو وبواوين ورمي بياءين.
وقوله: منقوصًا أي: فتكون الواو والياء الموجودتان
مكسورتين، ويكون إعلال الكلمتين كإعلال قاض، وأفرد منقوصًا
مع أن صاحب الحال اثنان للتأويل بما ذكر.
قوله: "إن حرك التالي" إن كان هناك تالٍ وإلا لم يتأتَ هذا
الاشتراط. قوله: "إعلال" بالنصب مفعول كف. وقوله: غير
اللام هو العين. قوله: "أو ياء... إلخ" أي: أو نون توكيد،
ولم يذكر ذلك لعلمه من باب نون التوكيد. قوله: "وخورنق"
بفتح الخاء المعجمة قصر بالعراق كما في التصريح. وعبارة
القاموس: قصر للنعمان الأكبر. قوله: "وعلوي وفتوي" جمع بين
هذين المثالين؛ لأن الواو في الأول منقلبة عن ياء على
الثانية المنقلبة عن واو، وفي الثاني منقلبة عن ألف فتي
المنقلبة عن ياء. قوله: "في قام... إلخ" الألف في الفعل
الأول والاسم الثاني منقلبة عن واو، وفي الفعل
ج / 4 ص -442-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا ياء مشددة، وكذلك يخشون ويمحون وأصلهما يخشيون
ويمحوون، فقلبتا ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ثم
حذفتا للساكنين، وكذلك تقول في جمع عصا مسمى به قام عصون
والأصل عصوون ففعل به ما ذكر، وعلى هذا لو بنيت من الرمي
والغزو مثل عنكبوت.
قلت: رمْيَوْت وغزْوَوْت والأصل ومييوت وغزوووت ثم قلبتا
وحذفتا لملاقاة الساكن، وسهل ذلك أمن اللبس؛ إذ ليس في
الكلام فعلوت، وذهب بعضهم إلى تصحيح هذا لكون ما هو فيه
واحدًا؛ وإنما صححوا قبل الألف والياء المشددة؛ لأنهم لو
أعلوا قبل الألف لاجتمع ألفان ساكنان، فتحذف إحداهما،
فيحصل اللبس في نحو رميا؛ لأنه يصير رمى، ولا يدرى للمثنى
هو أم للمفرد؟ وحمل لا لبس فيه على ما فيه لبس؛ لأنه من
بابه. وأما نحو علوى فلأن واوه في موضع تبدل فيه الألف
واوًا. والسابع: ألا تكون إحداهما عينًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني والاسم الأول عن ياء. قوله: "ورمى" ألفه عن ياء
وألفات الاثنين قبله والرابع بعده عن واو، فالجمع بين
الثلاثة للإيضاح. قوله: "ويمحون" أي: بفتح الحاء المهملة
على لغة من قال: محاه يمحاه محوًا، لا على لغة من قال:
محاه يمحاه كما زعم البعض؛ لأنه يرده قول الشارح: ويمحوون
بواوين؛ لأن أصله على هذه اللغة يمحيون بياء فواو. نعم،
وجد هكذا في بعض النسخ فلعل كتابة البعض على هذه، ولا على
لغة من قال: محاه يمحيه محيا؛ لأن حاء يمحون على هذه
مضمومة، ولأن أصله عليها يمحيون لا يمحوون، ولا على لغة من
قال: محاه يمحوه محوًا، أو هي الأشهر لضم حاء يمحون على
هذه أيضًا. نعم، إن قرئ بالبناء للمفعول صح عليها، فتبين
أن فيه أربع لغات كما في القاموس، واندفع اعتراض المصرح
بأن يمحي لم يثبت لغة؛ وإنما الثابت يمحو؛ فلا يصح التمثيل
بيمحون بفتح الحاء؛ إلا أن يقرأ بالبناء للمفعول.
قوله: "مسمى به" أي: مسمى به مذكر عاقل والتقييد بذلك ليصح
جمعه بالواو والنون. قوله: "وعلى هذا" أي: ما ذكر في يخشون
ويمحون وعصون. قوله: "قلت: رميوت وغزووت" أي: بفتح أولهما
وثالثهما وسكون ثانيهما. قوله: "أمن اللبس" أي: لبس المعل
بالأصل. قوله: "إذ ليس في الكلام فعلوت" أي: فيفهم أنه معل
والأصل فعللوت. قوله: "إلى تصحيح هذا" أي: حرف العلة في
المبني على عنكبوت من الرمي والغزو بقرينة قوله: لكون ما
هو فيه واحدًا أي: لكون اللفظ الذي حرف العلة فيه واحدًا،
ولو كان اسم الإشارة راجعًا إلى نفس المبني المذكور لقال:
لكونه واحدًا يعني: والواحد دون الجمع أي: الدالّ على
جماعة كيخشون ويمحون وعصون في الثقل، فناسب في الجمع
التخفيف بالإعلال المذكور.
قوله: "ولا يدرى... إلخ" ولو قال: ويتبادر منه المفرد لكان
أولى لاقتضاء عبارته أنه إجمال لا لبس. قوله: "ما لا لبس
فيه" نحو: فتيان وعصوان. قوله: "لأنه من بابه" أي: على
طريقة في أن بعد الياء والواو ألفًا ساكنة. قوله: "فلأن
واوه... إلخ" أي: لأن ياء النسب تستوجب قلب الألف واوًا،
فلو قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها لقلبت
الألف واوًا لأجل ياء النسب، ولزم التسلسل، ولم نزل في قلب
إلى الألف وقلب إلى الواو.
ج / 4 ص -443-
وصَحَّ عينُ فَعَلٍ وفَعِلا
ذَا أَفْعَل كأَغْيَد وأَحْوَلا
وإِنْ يَبِنْ تَفَاعُلٌ مِن افْتَعَلْ
والعينُ واوٌ سَلِمَتْ وَلَمْ تُعَلّ
وإِنْ لحرفَيْنِ ذَا الإعلال استُحِقّ
صُحِّحَ أَوَّلٌ وعَكْسٌ قَدْ يَحِقّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفعل الذي الوصف منه على أفعل. والثامن: ألا تكون عينًا
لمصدر هذا الفعل، وإلى هذين الشرطين الإشارة بقوله: "وصح
عين فعل" أي: نحو الغيد والحول "وفعلا" أي نحو: غيد وحول
"ذا أفعل" أي: صاحب وصف على أفعل "كأغيد وأحولا" وإنما
التزم تصحيح الفعل في هذا الباب حملًا على أفعل نحو: أحول
وأعور؛ لأنه بمعناه، وحمل مصدر الفعل عليه في التصحيح،
واحترز بقوله: ذا أفعل من نحو خاف؛ فإنه فعل بكسر العين
بدليل أمن واعتل؛ لأن الوصف منه فاعل كخائف لا على أفعل.
والتاسع: وهو مختص بالواو ألا تكون عينًا لافتعل الدال على
معنى التفاعل أي: التشارك في الفاعلية والمفعولية، وإلى
هذا أشار بقوله: "وإن يبن" أي: يظهر "تفاعل من افتعل
والعين واوًا سلمت ولم تعل" أي: إذا كان افتعل واوي العين
بمعنى تفاعل صحح حملًا على تفاعل لكونه بمعناه نحو:
اجتوروا وازدوجوا بمعنى تجاوروا وتزاوجوا.
واحترز بقوله: وإن يبن تفاعل من أن يكون افتعل لا بمعنى
تفاعل؛ فإنه يجب إعلاله مطلقًا نحو اختان بمعنى خان،
واحتاز بمعنى جاز، وبقوله: والعين واو من أن تكون عينه
ياء؛ فإنه يجب إعلاله ولو كان دالًا على التفاعل نحو:
امتازوا وابتاعوا واستافوا أي: تضاربوا بالسيون، بمعنى
تمايزوا وتبايعوا وتسايفوا؛ لأن الياء أشبه بالألف من
الواو، فكانت أحق بالإعلال منها. والعاشر: ألا تكون إحدهما
متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال. وإلى هذا أشار بقوله: "وإن
لحرفين ذا الإعلال استحق صحح أول" أي: إذا اجتمع في الكلمة
حرفا علة واوان أو ياءان أو واو وياء وكل منهما يستحق أن
يقلب ألفًا لتحركه وانفتاح ما قبله فلا بد من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لفعل" بكسر العين. قوله: "ذا أفعل" حال من المعطوف.
قوله: "كأغيد" هو بالغين المعجمة الناعم البدن، ويقال في
الأنثى: غيداء وغادة. قوله: "حملا على أفعل" قال شيخنا
السيد: هو بتشديد اللام. وقوله: لأنه بمعناه فعور بمعنى
اعورّ بتشديد الراء، وهكذا. قوله: "وحمل مصدر الفعل عليه"
أي: على الفعل فهو مقيس على المقيس. قوله: "بدليل أمن" أي:
وأمن ضد خاف، والشيء يعرف بضده. قوله: "لأن الوصف منه" أي:
من نحو خاف. قوله: "ولم تعل" عطف على سلمت. قوله: "لكونه
بمعناه" أي: فحركة تاء اجتوروا في حكم السكون. قوله: "نحو
اجتوروا" بالجيم. وقوله: وازدوجوا أصله ازتوجوا أبدلت
التاء دالًا. قوله: "مطلقًا" أي: يائيًّا نحو ارتاب، أو
واويًّا نحو اجتاز، ومثله اختان؛ لأنه وإن كان من الخيانة
فأصل الخيانة الخوانة بدليل خان يخون، وإن أوهم صنيع
الشارح خلافه.
قوله: "أشبه بالألف" أي: أقرب إليها في الخفة. وقوله:
فكانت أي: الياء. قوله: "ذا الإعلال" بنقل حركة الهمزة إلى
اللام وحذف ألف ذا إبقاء لما كان حذفها لالتقاء الساكنين،
وإن زال هذا
ج / 4 ص -444-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصحيح إحدهما؛ لئلا يجتمع إعلالان في كلمة، والآخر أحق
بالإعلال؛ لأن الطرف محل التغيير، فاجتماع الواوين نحو
الحوى مصدر حوى إذا اسود، ويدل على أن ألف الحوى منقلبة عن
واو قولهم في مثناه حووان وفي جمع أحوى حو، وفي مؤنثه
حواء، واجتماع الياءين نحو الحيا للغيث وأصله حيي؛ لأن
تثنيته حييان، فأعلت الياء الثانية لما تقدم، واجتماع
الواو والياء نحو الهوى وأصله هوى فأعلت الياء؛ ولذلك صحح
في نحو حيوان؛ لأن المستحق للإعلال هو الواو وإعلاله
ممتنع؛ لأنه لام وليها ألف، وأشار بقوله: "وعكس قد يحق"
إلى أنه ربما أعل فيما تقدم الأول وصحح الثاني، كما في نحو
غاية أصلها غيية أعلت الياء الأولى وصحت الثانية، وسهل ذلك
كون الثانية لم تقع طرفًا، ومثل غاية في ذلك ثاية وهي
حجارة صغار يضعها الراعي عند متاعه فيثوي عندها، وطاية وفي
السطح والدكان أيضًا، وكذلك آية عند الخليل أصلها أيية
فأعلت العين شذوذًا؛ إذ القياس إعلال الثانية، وهذا أسهل
الوجوه كما قال في التسهيل.
أما من قال أصلها أيية بسكون الياء الأولى فيلزمه إعلال
الياء الساكنة، ومن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الالتقاء بعد نقل حركة الهمزة إلى اللام، هذا ما ظهر لي،
فاحفظه؛ فإنه نفيس. قوله: "وكل من منهما... إلخ" فلو كان
المستحق للإعلال أحدهما؛ ولكن لزم من إعلاله الآخر لم يكن
ذلك من توالي الإعلالين الممنوع، فلا إشكال في نحو: معدي
وعصي جمع عصا وعتي مصدر عتا، قاله البعض. قوله: "إحداهما"
أي: الواو والياء. قوله: "لئلا يجتمع إعلالان" أي: بلا
فاصل؛ وإلا فاجتماعهما جائز مع الفاصل نحو يفون؛ إذ أصله
يوفيون؛ بل رد في شرح الكافية أن توالي الإعلالين إجحاف
ينبغي اجتنابه على الإطلاق، فمنع تواليهما إذا اتفقا
واغتفره إذا اختلفا كماء وشاء وترى؛ فإن الأصل موه وشوه
وترأى، وقد يجاب بأن هذه الألفاظ شاذة، قاله يس.
قوله: "والآخر" بكسر الخاء. قوله: "نحو الحوى" بفتح الحاء
المهملة. وقوله: مصدر حوى أي: على وزن قوى. قوله: "حوّ"
بضم الحاء وتشديد الواو. قوله: "نحو الحيا" بالقصر. قوله:
"قد يحق" أي: يثبث شذوذًا. قوله: "فيما تقدم" أي: في
اجتماع حرفي علة في الكلمة. قوله: "أصلها غيية" أي: بفتح
الياءين. قوله: "غاية" بفتح الثاء المثلثة كما يؤخذ من
قوله: فيثوى عندها. وأما التاية بالفوقية فهي الطاية كما
في القاموس. قوله: "فيثوي بوزن يرمي" أي: يقيم.
قوله: "وهذا أسهل الوجوه" أي: الستة على ما في التصريح،
وأقره شيخنا والبعض وغيرهما الأربعة التي ذكرها الشارح.
الخامس: أن أصلها أيية بضم الياء الأولى كسمرة قلبت العين
ألفًا. قال المصرح: وردّ بأنه إنما كان يجب قلب الضمة
كسرة. اهـ. وفيه نظر لا يخفى وإن أقروه. وعبارة الفارضي:
وقيل: أيية بضم الياء الأولى فإعلالها على القياس. اهـ.
السادس: أن أصلها أيية بفتح الأولى كالقول الأول. اهـ. أنه
أعلت الثانية على القياس فصار أياة كحياة، فقدمت اللام إلى
موضع العين فوزنها حينئذ فلعة بثلاث فتحات. وفي تفسير
القاضي البيضاوي وجهان آخران: أوية بسكون الواو
ج / 4 ص -445-
وعَيْنُ ما آخره قَدْ زِيدَ مَا
يَخُصُّ الاسمَ واجِبٌ
أَنْ يَسْلَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلها آيية على وزن فاعلة فيلزمه حذف العين لغير موجب، ومن
قال: أيية كنبقة فيلزمه تقديم الإعلال على الإدغام،
والمعروف العكس، بدليل إبدال همزة أئمة ياء لا ألفًا.
والحادي عشر: ألا تكون عينًا لما آخره زيادة تختص
بالأسماء، وإلى هذا أشار بقوله: "وعين ما آخره قد زيد ما
يخص الاسم واجب أن يسلما" يعني: أنه يمنع من قلب الواو
والياء ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما كونهما عينًا لما
في آخره زيادة تخص الأسماء؛ لأنه بتلك الزيادة بعد شبهه
بما هو الأصل في الإعلال وهو الفعل، وذلك نحو: جولان
وسيلان، وما جاء من هذا النوع معلًا عد شاذًّا نحو: داران
وماهان، وقياسهما دوران وموهان، وخالف المبرد فزعم أن
الإعلال هو القياس، والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه.
تنبيهات: الأول: زيادة تاء التأنيث غير معتبرة في التصحيح؛
لأنها لا تخرجه عن صورة فعل؛ لأنها تلحق الماضي فلا يثبت
بلحاقها مباينة في نحو: قالة وباعة، وأما تصحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو وأوية بفتحها فتكون الأوجه ثمانية. قوله: "فيلزمه حذف
العين لغير موجب" أي: لحذفها؛ لأن المعهود في مثله قلب
الياء الأولى همزة كما في بائعة وقاتلة. قوله: "فيلزم
تقديم الإعلال... إلخ" فيه أن هذا لازم على الوجه الأول
أيضًا، وأنه قد ثبت في كلامهم تقديم الإعلال على الإدغام
كما في قوى، والمراد بالتقديم الترجيح أي: اختيار الشيء
على شيء آخر كما في تقديم الإعلال على الإدغام في آية وقوى
أو البدء به أولًا قبل غيره كما في تقديم الإدغام على
الإعلال في أئمة.
قوله: "بدليل إبدالي همزة أئمة ياء لا ألفًا" وجه الدلالة
أن إبدال الهمزة ياء إنما هو لتقديم الإدغام على الإعلال،
وبيان ذلك أن أصل أئمة أممة، فلم يقدموا الإعلال ويبدلوا
أولًا الهمزة الثانية الساكنة ألفًا من جنس حركة الهمزة
الأولى؛ بل قدموا الإدغام فنقلوا لأجله أولًا كسرة الميم
الأولى إلى الساكن قبلها وهو الهمزة الثانية وأدغموا ثم
أبدلوا الهمزة الثانية ياء من جنس حركتها، وهذا منهم يدل
على أن عنايتهم بالإدغام فوق عنايتهم بالإعلال، وذهب
الجاربردي إلى تقديم الإعلال، وبعضهم إلى تقديم الإدغام في
العين وتقديم الإعلال في اللام، كما بسطه المصرح، فانظره.
قوله: "ألا تكون" أي: إحدى الواو والياء. قوله: "زيادة
تختص بالأسماء" كالألف والنون وألف التأنيث. تصريح. قوله:
"ما آخره" بنصب آخر على الظرف متعلق بزيد، وما في قوله: ما
يخص الاسم نائب فاعل زيد وواجب خبر عين. قوله: "من هذا
النوع" أي: نحو جولان وسيلان مما عينه واو أو ياء وفي آخره
ألف ونون. قوله: "داران وماهان" قال شيخنا السيد: قيل:
إنهما أعجميان، فلا يحسن عدهما فيما شذ.
قوله: "فزعم أن الإعلال" أي: فيما عينه واو أو ياء وفي
آخره ألف ونون. وقوله: هو القياس أي: لأن الألف والنون لا
يخرجان الاسم عن مشابهة الفعل لكونهما في تقدير الانفصال.
قال الفارسي: ويؤيده قولهم في زعفران: زعيفران، فبقيا في
التصغير ولم يحذفا. تصريح. قوله: "لا تخرجه" أي: لا تخرج
ما هي فيه.
قوله: "لأنها تلحق الماضي" الضمير يرجع لتاء التأنيث لا
بقيد اللاحقة للأسماء وهي
ج / 4 ص -446-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوكة وخونة، فشاذ بالاتفاق.
الثاني: اختلف في ألف التأنيث المقصورة في نحو صَوَرَى،
وهو اسم ماء، فذهب المازني إلى أنها مانعة من الإعلال
لاختصاصها بالاسم، وذهب الأخفش إلى أنها لا تمنع الإعلال؛
لأنها لا تخرجه عن شبه الفعل لكونها في اللفظ بمنزلة فعلى،
فتصحيح صورى عند المازني مقيس، وعند الأخفش شاذ لا يقاس
عليه، فلو بني مثلها من القول لقيل على رأي المازني: قولي،
وعلى رأي الأخفش: قالي، وقد اضطرب اختيار الناظم في هذه
المسألة: فاختار في التسهيل مذهب الأخفش، وفي بعض كتبه
مذهب المازني، وبه جزم الشارح. واعلم أن ما ذهب إليه
المازني هو مذهب سيبويه.
الثالث: بقي شرطان آخران؛ أحدهما: وذكره في التسهيل وشرح
الكافية: ألا تكون العين بدلًا من حرف لا يعل، واحترز به
عن قولهم في شجرة: شيرة، فلم يعلوا؛ لأن الياء بدل من
الجيم. قال الشاعر:
1286-
إذا لم يَكُنْ فِيكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنَى
فأبعدكُنَّ اللهُ من شِيَرَات
والآخر: ألا تكون في محل حرف لا يعل وإن لم تكن بدلًا،
والاحتراز بذلك عن نحو: أيس بمعنى يئس؛ فإن ياءه تحركت
وانفتح ما قبلها، ولم تعل؛ لأنها في موضع الهمزة، والهمزة
لو كانت في موضعها لم تبدل، فعوملت الياء معاملتها لوقوعها
موقعها، هكذا قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتحركة يعني: أن جنس تاء التأنيث يلحق الماضي، فلا يختص
بالأسماء؛ فلهذا لم تمنع الإعلال إذا لحقت آخر الاسم
المستحق للإعلال، وإن كانت تاء التأنيث المتحركة تختص
بالأسماء، فاندفع تنظير الأسقاطي، وأقره شيخنا والبعض بأن
اللالحقة للماضي هي الساكنة، والكلام فيما يخص الأسماء،
وهي المتحركة. قوله: "في نحو: قالة وباعة" جمعي قائل وبائع
أصلهما قولة وبيعة ككملة جمع كامل، وكذلك حوكة وخونة جمعًا
حائك وخائن. قوله: "في نحو صورى" بفتح الصاد المهملة
والواو والراء. تصريح. قوله: "اسم ماء" مثله في شرح
المرادي. وقال الصغاني: اسم واد، وقد خلا عنه الصحاح
والقاموس، كذا في التصريح، والذي في القاموس صورى كسكرى
ماء ببلاد مزينة. قوله: "بمنزلة فعلا" أي: بمنزلة ألف فعلا
الدالة على اثنين. قوله: "مثلها" أي: مثل هذه الكلمة التي
هي صورى. قوله: "لا يعل" أي: لا يجوز إعلاله قياسًا. قوله:
"شيرة" بفتح الشين وكسرها أجود، نقله شيخنا السيد عن شرح
الكافية.
قوله: "وإن لم تكن بدلًا" الواو للحال. قوله: "لو كانت
موضعها" الظاهر أن الضمير للهمزة، ويصح رجوعه للياء أي:
موضع الياء الذي حدث لها بسبب التأخير. وقوله: لم تبدل أي:
لعدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1286- البيت من الطويل، وهو لجعيثنة البكائي في سمط اللآلي
ص834، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 589.
ج / 4 ص -447-
وقبل بَا اقْلِبْ ميمًا النون إذَا
كان مُسَكَّنًا كمَنْ
بَتَّ انْبِذَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شرح الكافية قال: ويجوز أن يكون تصحيح ياء أيس انتفاء
علتها؛ فإنها كانت قبل الهمزة ثم أخرت فلو أبدلت لاجتمع
فيها تغييران: تغيير النقل وتغيير الإبدال، هذا كلامه.
وذكر بعضهم: أن أيس إنما لم يعل لعروض اتصال الفتحة به؛
لأن الياء فاء الكلمة فهي في نية التقديم والهمزة قبلها في
نية التأخير، وعلى هذا فيستغنى عن هذا الشرط بما سبق من
اشتراط أصالة اتصال الفتحة.
الرابع: ذكر ابن بابشاذ لهذا الإعلال شرطًا آخر؛ وهو أن
يكون التصحيح للتنبيه على الأصل المرفوض، واحترز بذلك عن
القود والصيد والجيد، وهو طول العنق وحسنه، والحيدي يقال:
حمار حيدي إذا كان يحيد عن ظله لنشاطه، والحوكة والخونة،
وهذا غير محتاج إليه؛ لأن هذا مما شذ مع استيفائه الشروط،
ومثل ذلك في الشذوذ قولهم: روح وغيب جمع رائح وغائب، وعفوة
جمع عفو وهو الجحش، وهيوة، وأوو جمع أوة وهو الداهية من
الرجال، وقروة جمع قرو وهي ميلغة الكلب. انتهى.
"وقبل با اقلب ميمًا النون إذا كان مُسكنًا" أي: تبدل
النون الساكنة قبل الباء ميمًا؛ وذلك لما في النطق بالنون
الساكنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توفر شروط إبدالها القياسي. قوله: "انتفاء علتها" لئلا
ينتفي إعلالها لو أعلت؛ إذ لو أبدلت ألفًا لزال القلب
لامتناع توالي إعلالين، وإذا زال القلب لم يكن لإبدالها
ألفًا سبب، فيؤدي إعلالها إلى عدمه، وما أدى وجوده إلى
عدمه كان باطلًا من أصله، وفي نسخة: إبقاء علتها بالموحدة
فالقاف أي: ليبقى اعتلالها بالقلب المكاني. قوله: "النقل"
أي: القلب المكاني. قوله: "والصيد" بالصاد المهملة له
معانٍ منها التكبر وميل العنق وداء يصيب الإبل. قوله:
"والجيد" بالجيم والوصف منه للذكر أجيد وللأنثى جيداء
وجيدانة والجمع جود، قاله في القاموس. قوله: "والحيدى"
بحاء مهملة وكون الحيدى شاذًّا إنما يتمشى على مذهب الأخفش
أن ألف التأنيث لا تمنع الإعلال لا على مذهب المازني أنها
تمنعه. قوله: "روح وغيب" الأول براء ثم حاء مهملة، والثاني
بغين معجمة ثم موحدة. وقوله: جمع رائح وغائب أي: وجمع
غائب، ومراده هنا وفيما بعده الجمع اللغوي.
قوله: "وعفوة" صريح كلامه أنه بفتح الفاء؛ وعليه فهل العين
المهملة مفتوحة ككملة، أو مكسورة كقردة حرره، والذي في
القاموس عفوة بفتح العين المهملة وسكون الفاء. وقوله: جمع
عفو بتثليث العين وسكون الفاء كما في القاموس. قوله:
"وهيوة" كذا في النسخ بهاء فتحتية فواو فهاء تأنيث، ولم
أجد لها ذكرًا في القاموس والمصباح وغيرهما، والذي وجدته
في التسهيل: هيؤ بهاء مفتوحة فتحتية مضمومة فهمزة مرسومة
واوًا على صيغة الفعل الماضي، فالظاهر أن ما في النسخ
تحريف، وإن لم يتنبه له أحد من المحشين، والله الهادي.
قوله: "وأوو" بضم الهمزة كصرد. وقوله: جمع أوة بضم الهمزة
وتشديد الواو كذا في القاموس. قوله: "وقروة" بقاف فراء.
وقوله: جمع قرو بتثليث القاف، كما في القاموس، وانظر حركة
قاف الجمع؛ فإني لم أرَ لهذا الجمع ذكرًا في القاموس.
قوله: "ميلغة الكلب" ميلغ الكلب وميلغته بكسر الميم فيهما
الإناء الذي يلغ فيه، قاله في
ج / 4 ص -448-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الباء من العسر لاختلاف مخرجيهما مع تنافر لين النون
وغنتها لشدة الباء؛ وإنما اختصت الميم بذلك لأنها من مخرج
الباء ومثل النون في الغنة، ولا فرق في ذلك بين المنفصلة
والمتصلة، وقد جمعهما في قوله: "كمن بت انبذا" أي: من قطعك
فألقه عن بالك واطرحه، وألف انبذا بدل من نون التوكيد
الخفيفة.
تنبيهات: الأول: كثيرًا ما يعبرون عن إبدال النون ميمًا
بالقلب كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر بالإبدال لما عرفت
أول الباب.
الثاني: قد تبدل النون ميمًا ساكنة ومتحركة دون ياء وذلك
شاذ، فالساكنة كقولهم في حنظل: حمظل، والمتحركة كقولهم في
بنان: بنام، ومنه قوله:
1287-
يا هالُ ذاتُ المنطقِ التَّمْتَامِ
وكفك المخضَّبِ البَنَامِ
وجاء عكس ذلك في قولهم: أسود قاتن وأصله قاتم.
الثالث: أبدلت الميم أيضًا من الواو في فم؛ إذ أصله فوه
بدليل أفواه، فحذفوا الهاء تخفيفًا ثم أبدلوا الميم من
الواو، فإن أضيف رجع به إلى الأصل فقيل: فوك، وربما بقي
الإبدال نحو:
"لخلوف فم الصائم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس. قوله: "بين المنفصلة" أي: النون المنفصلة عن
الباء بأن كانت في كلمة والباء في أخرى مع تلاقيهما. قوله:
"كمن بت" في نسخة بالفوقية، وعليها شرح الشارح، وفي نسخة
بالمثلثة أي: من أفشى أسرارك. قوله: "انبذا" بكسر الموحدة.
قوله: "لما عرفت أول الباب" أي: من أن القلب اصطلاحًا إنما
يكون في حروف العلة أو الهمزة. قوله: "يا هال" منادى مرخم،
هالة علم امرأة، والتمتام من التمتمة وهي تكرير التاء
والميم، والبنام أطراف الأصابع، وكفك إما بالرفع مبتدأ،
والمخضب البنام تركيب إضافي خبر، والجملة حال من المنادى
أو من الضمير في ذات؛ لأنه بمعنى صاحبه أو بالجرِّ عطفًا
على المنطق، والمخضب نعت له، أو بالنصب مفعولًا لمقدر، ولا
يصح نصبه عطفًا على المنادى؛ لما مرَّ في النداء أنه لا
يصح: يا غلامك. قال يس: والجر هو المضبوط به في النسخ
المصححة، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1287- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183، وجواهر الأدب ص98،
وسر صناعة الإعراب 422، وشرح التصريح 2/ 392، وشرح شافية
ابن الحاجب 3/ 216، وشرح شواهد الشافية ص455، وشرح المفصل
10/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 580، وبلا نسبة في أوضح
المسالك 4/ 401، وشرح المفصل 10/ 35.
ج / 4 ص -449-
فصل: لساكن صح انقل التحريك من
لساكنٍ صَحَّ انْقُلِ التحريكَ مِنْ
ذِي لِينٍ آتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَأَبِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
"لساكن صح انقل التحريك من ذي لين آت عين فعل كأبن" أي:
إذا كان عين الفعل واوًا أو ياء وقبلهما ساكن صحيح وجب نقل
حركة العين إليه لاستثقالها على حرف العلة نحو: يقوم
ويبين، الأصل يقوم ويبين بضم الواو وكسر الياء، فنقلت حركة
الواو والياء إلى الساكن قبلهما وهو قاف يقوم وياء يبين
فسكنت الواو والياء، ثم اعلم أنه إذا نقلت حركة العين إلى
الساكن قبلها فتارة تكون العين مجانسة للحركة المنقولة،
وتارة تكون غير مجانسة، فإن كانت مجانسة لها لم تغير بأكثر
من تسكينها بعد النقل وذلك مثل ما تقدم، وإن كانت غير
مجانسة لها أبدلت حرفًا يجانس الحركة كما في نحو: أقام
وأبان، أصلهما أقوم وأبين، فلما نقلت الفتحة إلى الساكن
بقيت العين غير مجانسة لها فقلبت ألفًا لتحركها في الأصل
وانفتاح ما قبلها، ونحو يقيم أصله يقوم فلما نقلت الكسرة
إلى الساكن بقيت العين غير مجانسة لها فقلبت ياء لسكونها
وانكسار ما قبلها؛ ولهذا النقل شروط؛ الأول: أن يكون
الساكن المنقول إليه صحيحًا، فإن كان حرف علة لم ينقل إليه
نحو: قاول وبايع وعوق وبين، وكذا الهمزة لا ينقل إليها نحو
يأيس مضارع أيس؛ لأنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
اعلم أن نقل حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله في
أربع مسائل؛ إحداها: أن يكون حرف العلة عين فعل وذكرها
بقوله: لساكن صح... إلخ. الثانية: أن يكون عين اسم يشبه
المضارع في وزنه دون زيادته أو عكسه وذكرها بقوله: ومثل
فعل... إلخ. الثالثة: أن يكون عين إفعال أو استفعال وذكرها
بقوله: وألف الإفعال... إلخ. الرابعة: أن يكون عين مفعول
وذكرها بقوله: وما لا فعال... إلخ.
قوله: "انقل التحريك" أي: أثره وهو الحركة. قوله: "ذي لين"
أي: أو همزة كما سيأتي في الشرح. قوله: "كأبن" فعل أمر
أصله أبين نقلت حركة الياء إلى الباء الموحدة وحذفت الياء
لالتقائها ساكنة مع النون، وهذا العمل مع زيادة في نحو قل
والأصل أقول نقلت ضمة الواو إلى القاف وحذفت همزة الوصل
للاستغناء عنها بالحركة والواو لالتقاء الساكنين. قوله:
"لاستثقالها... إلخ" أي: إذا كانت الحركة ضمة أو كسرة، فإن
كانت فتحة فنقلها حملًا على أختيها وطردًا للباب؛ وإنما لم
تستثقل الضمة والكسرة على الواو والياء في نحو دلو وظبي
فتنقلا إلى الساكن قبلهما؛ لأن حركة الإعراب منتقلة لا
لازمة، ولأنها دالة على معنى فكانت قوية.
قوله: "مجانسة للحركة المنقولة" بأن كانت واوًا والحركة
ضمة أو ياء والحركة كسرة. قوله: "مثل ما تقدم" أي: من يقوم
ويبين. قوله: "وانفتاح ما قبلها" أي: الآن. قوله: "نحو
يأيس"
ج / 4 ص -450-
ما لم يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ ولا
كابْيَضَّ أو أَهْوَى
بلام عُلِّلا
ومِثْلُ فِعْلٍ في ذا الاعلالِ اسم
ضَاهَى مضارعًا وفيه وَسْمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرضة للإعلال بقلبها ألفًا، نص على ذلك في التسهيل؛ وإنما
لم يستثنها هنا؛ لأنه قد عدها من حروف العلة فقد خرجت
بقوله: صح.
الثاني: ألا يكون الفعل فعل تعجب نحو ما أبين الشيء وأقومه
وأبين به وأقوم به، حملوه على نظيره من الأسماء في الوزن
والدلالة على المزية وهو أفعل التفضيل.
الثالث: أن لا يكون من المضاعف اللام نحو ابيض واسود،
وإنما لم يعلوا هذا النوع لئلا يلتبس مثال بمثال، وذلك أن
ابيض لو أعل الإعلال المذكور لقيل فيه باض، وكان يظن أنه
فاعل من البضاضة وهي نعومة البشرة.
الرابع: أن لا يكون من المعتل اللام نحو أهوى، فلا يدخله
النقل لئلا يتوالى إعلالان، وإلى هذه الشروط الثلاثة أشار
بقوله: "ما لم يكن فعل تعجب ولا كابيض أو أهوى بلام عللا"
وزاد في التسهيل شرطًا آخر؛ وهو أن لا يكون موافقًا لفعل
الذي بمعنى أفعل نحو: يعور ويصيد مضارعا عور وصيد، وكذا ما
تصرف منه نحو: أعوره الله، وكأنه استغنى عن ذكره هنا بذكره
في الفصل السابق في قوله: وصح عين فعل وفعلا ذا أفعل. فإن
العلة واحدة "ومثل فعل في ذا الإعلال اسم ضاهى مضارعًا
وفيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتحتيتين مفتوحتين بينهما همزة ساكنة. قوله: "بقلبها ألفا"
أي: تخفيفًا أي: فكأنها ألف والألف لا ينقل إليها؛ لأنها
لا تقبل الحركة والباء للتصوير. قوله: "في الوزن" لا يخفى
أن الموازن لأفعل التفضيل إنما هو ما أفعله لا أفعل به؛
لكنه حمل على ما أفعله. قال الفارضي: وحكى أبو حيان عن
الكسائي جواز النقل في التعجب نحو أقوم به فتقول أقم به،
وهو ضعيف. اهـ.
قوله: "وهو أفعل التفضيل" إنما لم يعلّ أفعل التفضيل لكونه
اسمًا أشبه المضارع في الوزن والزيادة، وسيأتي أن ما كان
كذلك يصحح. قوله: "نحو ابيضّ واسودَّ" بتشديد الضاد
والدال. قوله: "لو أعل الإعلال المذكور" بأن نقلت حركة
الياء إلى الباء ثم قلبت ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح
ما قبلها الآن حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، وكذلك
يلتبس اسودّ بسادّ من السد. تصريح. قوله: "باض" بتشديد
الضاد. قوله: "أنه فاعل" بفتح العين. قوله: "بلام عللا"
أي: حكم بأنه حرف علة ابن غازي إنما قال بلام عللا؛ لئلا
يظن خصوص افعل فيخرج استهوى ونحوه. قوله: "موافقا" أي: في
المعنى بأن يدل على خلقة أو لون. وقوله: بمعنى افعل بتشديد
اللام. وقوله: نحو يعور ويصيد تمثيل للموافق.
قوله: "وكذا ما تصرف منه" أي: من الموافق المذكور. قوله:
"بذكره" أي: ضمنًا لا صريحًا، ولو قال:بفهمه لكان أوضح.
قوله: "فإن العلة" أي: علة التصحيح هنا وهناك واحدة وهي
الحمل على افعل بتشديد اللام. قوله: "ضاهى مضارعًا" إنما
اشترط في إعلال الاسم مشابهته للمضارع من وجه؛ لأن الفعل
هو الأصل في الإعلال، فلا يحمل عليه فيه إلا إذا أشبهه وجه
واشترط مخالفته له من وجه لدفع التباسه به الحاصل على
تقدير إعلال الاسم مع المشابهة من كل وجه. قوله:
ج / 4 ص -451-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسم" أي: الاسم المضاهي للمضارع وهو الموافق له في عدد
الحروف والحركات يشارك الفعل في وجوب الإعلال بالنقل
المذكور بشرط أن يكون فيه وسم يمتاز به عن الفعل، فاندرج
في ذلك نوعان:
أحدهما: ما وافق المضارع في وزنه دون زيادته كمقام؛ فإنه
موافق للفعل في وزنه فقط، وفيه زيادة تنبئ على أنه ليس من
قبيل الأفعال وهي الميم فأعل، وكذلك نحو: مقيم ومبين. وأما
مدين ومريم فقد تقدم أن وزنهما فعلل لا مفعل وإلا وجب
الإعلال، ولا فعيل لفقده في الكلام. ولو بنيت من البيع
مفعلة بالفتح قلت مباعة أو مفعِلة بالكسر قلت مبيعة أو
مفعُلة بالضم، فعلى مذهب سيبويه تقول مبيعة أيضًا، وعلى
مذهب الأخفش تقول مبوعة، وقد سبق ذكر مذهبهما. والآخر: ما
وافق المضارع في زيادته دون وزنه كأن تبنى من القول أو
البيع اسمًا على مثال تِحْلِئ بكسر التاء وهمزة بعد اللام،
فإنك تقول: تقيل وتبيع بكسرتين بعدهما ياء ساكنة، وإذا
بنيت من البيع اسمًا على مثال تُرْتُب قلت: على مذهب
سيبويه تبيع بضم فكسر، وعلى مذهب الأخفش تبوع، فالوسم الذي
امتاز به هذا النوع عن الفعل هوكونه على وزن خاص بالاسم
وهو أن تفعلا بكسر التاء وضمها لا يكون في الفعل ولذلك
أعل، أما ما شابه المضارع في وزنه وزيادته أو باينه فيهما
معًا فإنه يجب تصحيحه؛ فالأول: نحو ابيض واسود؛ لأنه لو
أعل لتوهم كونه فعلًا، وأما نحو يزيد علمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وفيه وسم" أي: علامة يمتاز بها عن المضارع. قوله: "فإنه
موافق للفعل في وزنه فقط" لأن أصله مقوم بفتح الميم والواو
وسكون القاف كيعلم فنقلوا وقلبوا.
قوله: "وجب الإعلال" أي: بالنقل ثم القلب. قوله: "ولو بنيت
من البيع مفعلة... إلخ" إنما أعلت مفعلة بأوجهها الثلاثة
لمشابهتها المضارع في الوزن دون الزيادة؛ لأن تاء التأنيث
في تقدير الانفصال فلا تمنع الوزن ولدفع توهم مخالفتها له
في الوزن أيضًا بسبب التاء، نبه الشارح على إعلالها. قوله:
"فعلى مذهب سيبويه" أي: من إبدال الضمة في مثل ذلك كسرة.
وقوله: وعلى مذهب الأخفش أي: من إقرار الضمة وقلب الياء
واوًا. قوله: "وقد سبق ذكر مذهبهما" أي: في شرح قول
المصنف: ويكسر المضموم في جمع... إلخ. قوله: "بكسر التاء"
أي: الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام يطلق على شعر
وجه الأديم ووسخه وقشره. قوله: "بكسرتين... إلخ" راجع لكل
من الكلمتين وقوله: بعدهما ياء ساكنة أي: أصلية في تبيع
ومنقلبة عن الواو في تقيل فإعلال تبيع بالنقل فقط وإعلال
تقيل بالنقل والقلب. قوله: "على مثال ترتب" بفوقيتين
مضمومتين وتفتح الثانية بينهما راء آخره موحدة الشيء
المقيم الثابت.
قوله: "وهو" أي: كونه على وزن خاص بالاسم أي: بيان ذلك.
قوله: "بكسر التاء" أي: والعين، وهذا راجع إلى ما على مثال
تحلئ. وقوله: وضمها أي: مع ضم العين، وهذا راجع إلى ما على
مثال ترتب. قوله: "لا يكون في الفعل" أي: فلا يتوهم كون
موازنه فعلا. قوله: "نحو ابيض
ج / 4 ص -452-
ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كالْمِفْعَالِ
وأَلِفَ الأفعالِ
واسْتِفْعَالِ
أَزِلْ لِذَا الإعلالِ والتَّا الزَمْ عِوَضْ
وحَذْفُهَا بالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمنقول إلى العلمية بعد أن أعل إذ كان فعلًا. والثاني:
كمخيط، هذا هو الظاهر، وقال الناظم وابنه: حق نحو مخيط أن
يعل؛ لأن زيادته خاصة بالأسماء وهو مشبه لتعلم أي: بكسر
حرف المضارعة في لغة قوم؛ لكنه حمل على مخياط لشبهه به
لفظًا ومعنى. انتهى.
وقد يقال: لو صح ما قالا للزم أن لا يعل مثال تحلئ؛ لأنه
يكون مشبهًا لتحسب في وزنه وزيادته، ثم لو سلم أن الإعلال
كان لازمًا لما ذكرا لم يلزم الجميع؛ بل من يكسر حرف
المضارعة فقط. وقد أشار إلى هذا الثاني بقوله: "ومفعل صحح
كالمفعال" يعني: أن مفعالًا لما كان مباينًا للفعل أي: غير
مشبه له في وزن ولا زيادة استحق التصحيح كمسواك ومكيال،
وحمل عليه في التصحيح مفعل لمشابهته له في المعنى كمقول
ومقوال ومخيط ومخياط، والظاهر ما قدمته من أن علة تصحيح
نحو مخيط مباينته الفعل في وزنه وزيادته؛ لأنه مقصور من
مخياط هو لا أنه محمول عليه، وعلى هذا كثير من أهل
التصريف.
"وألف الإفعال واستفعال أزل لذا الإعلال والتا الزم عوض"
أي: إذا كان المصدر على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واسود" هما وصفان على وزن أحمر، فهذان أشبها أعلم في الوزن
والزيادة. قوله: "وأما نحو يزيد... إلخ" جواب عما يقال نحو
يزيد علما شابه المضارع وزنا وزيادة مع أنه أعل، وحاصل
الجواب أن علميته بعد إعلاله؛ لأن إعلاله حين فعليته.
قوله: "نحو مخيط" بكسر الميم؛ فإنه مباين للمضارع في كسر
أوله وكون أوله ميما زائدة. قوله: "هذا" أي: كون تصحيح نحو
مخيط لمباينته المضارع وزنا وزيادة بدون التفات إلى من
يكسر حرف المضارعة لقلته.
قوله: "لكنه حمل على مخياط" لم يعكسوا لأصالة التصحيح دون
الإعلال والضمير في لكنه حمل إن أرجع إلى نحو مخيط كان
قوله على مخياط على تقدير مضاف أي: على نحو مخياط، وإن
أرجع إلى مخيط فلا، والمراد بالحمل القياس، وأما في
التصريح وأقره شيخنا والبعض من أن المراد به مخيطا مقصور
من مخياط ففي غاية البعد من العبارة. قوله: "لفظا" أي:
لعدم الفرق بين لفظهما إلا بالألف ومعنى أي: لاتحاد
معناهما. قوله: "لو صح ما قالا... إلخ" أجيب بأن صحته في
مخيط لم يعارضها شذوذ في الفعل بخلافها في مثال تحلئ؛ لأن
كسر العين في تحسب شاذ كذا ذكره زكريا، وأقره شيخنا
والبعض، وفيه أنه إنما ينفع في خصوص تحسب دون غيره من
الأفعال المضارعة المكسورة العين قياسا كتجلس وتضرب وتعرف
لموازنة تحلئ لها على لغة من يكسر حرف المضارعة بدون شذوذ
كسر العين. قوله: "مشبها لتحسب" أي: بكسر التاء في لغة
قوم. قوله: "لم يلزم الجميع" أي: جميع العرب. تصريح.
قوله: "إلى هذا الثاني" أي: المباين للمضارع وزنا وزيادة
كمخيط. قوله: "لأنه مقصور... إلخ" لعل احتياجه إلى تعليل
المباينة بذلك لدفع دعوى موازنة مخيط لتعلم في لغة من يكسر
حرف المضارعة. قوله: "إلا أنه محمول عليه" عطف على مباينة.
قوله: "عوض" حال من التاء ووقف عليه
ج / 4 ص -453-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إفعال أو استفعال مما أعلت عينه حمل على فعله في الإعلال،
فتنقل حركة عينه إلى فائه ثم تقلب ألفًا لتجانس الفتحة
فيلتقي ألفًا فتحذف إحداهما لالتقاء الساكنين ثم تعوض عنها
تاء التأنيث، وذلك نحو: إقامة واستقامة أصلهما إقوام
واستقوام، فنقلت فتحة الواو إلى القاف ثم قلبت الواو ألفًا
لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها فالتقى ألفان الأولى
بدل العين والثانية ألف افعال واستفعال فوجب حذف إحداهما.
واختلف النحويون أيتهما المحذوفة؛ فذهب الخليل وسيبويه إلى
أن المحذوفة ألف إفعال واستفعال؛ لأنها الزائدة ولقربها من
الطرف، ولأن الاستثقال بها حصل، وإلى هذا ذهب الناظم؛
ولذلك قال: وألف الإفعال واستفعال أزل. وذهب الأخفش
والفراء إلى أن المحذوفة بدل عين الكلمة. والأول أظهر.
ولما حذفت الألف عوض عنها تاء التأنيث فقيل: إقامة
واستقامة. وأشار بقوله: "وحذفها بالنقل" أي: بالسماع "ربما
عرض" إلى أن هذه التاء التي جعلت عوضًا قد تحذف، فيقتصر في
ذلك على ما سمع ولا يقاس عليه، من ذلك قول بعضهم: أراه
إراء، وأجابه إجابًا، حكاه الأخفش.
قال الشارح: ويكثر ذلك مع الإضافة كقوله تعالى:
{وَإِقَامَ الصَّلَاةَ} [الأنبياء: 73]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالسكون على لغة ربيعة. قوله: "مما أعلت عينه" خبر ثان
لكان أو حال من افعال واستفعال أي: كائنين مما أعلت عينه
أي: مما عينه حرف علة وأعل في فعله. قوله: "لتحركها في
الأصل... إلخ" علل الانقلاب هنا بهذا، وعلله قبله بمجانسة
الفتحة؛ إشارة إلى صحة التعليلين، وإن كان الثاني أقوى،
وأورد على كلامه أن شرط قلب الواو ألفًا إذا كانت عينًا
ألا يقع بعدها ساكن كما مر، وأجيب بأن محل ذلك في غير
الأفعال والاستفعال؛ لأن الإعلال فيه بالحمل على الفعل،
والاشتراط المذكور إنما هو في استحقاق الكلمة لذاتها هذا
الإعلال، ويمكن دفعه أيضًا بأن هذا الساكن لما كان يحذف
بعد الإعلال بناء على مذهب الخليل وسيبويه واختاره الناظم
كان وجوده كالعدم.
قوله: "ولأن الاستثقال" نظر فيه الدنوشري بأنه لا يمكن
الجمع بين الألفين حتى يحصل الاستثقال وزيفه الأسقاطي بأن
الجمع بين الألفين ممكن؛ بل واقع كما هو صريح كلام القراء
والنحويين أي: عند المد بقدر أربع حركات. قوله: "بدل عين
الكلمة" يؤيد هذا المذهب تعويض التاء عنها؛ لأن المعهود في
التاء أنها لا تعوض إلا من الأصول كما في عدة وثبة وسنة.
قوله: "بالنقل" الباء للملابسة متعلقة بعرض. قوله: "إراء"
أصله ارآي نقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذفت الهمزة
وتطرفت الياء إثر ألف زائدة فقلبت همزة ولم يؤت بتاء
التعويض لا يقال: المتحرك فيه همزة لا حرف علة؛ لأنا نقول:
قد تقدم أن الناظم عدها من حروف العلة. اهـ زكريا. وأقره
غيره؛ لكن ظاهر قوله: ثم حذفت الهمزة أنها حذفت ابتداء
بدون قلبها ألفًا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها
الآن، وهو خلاف صورة المسألة، فلعل المراد حذفت بعد قلبها
ألفًا بناء على أن المحذوف بدل عين الكلمة.
قوله: "ويكثر ذلك مع الإضافة" أي: لسدها مسد التاء، أفاده
المصرّح. قوله: "أعول إعوالا"
ج / 4 ص -454-
وما لإِفْعَالٍ مِنَ الْحَذْفِ ومِنْ
نَقْلٍ فمَفْعُولٌ به
أيضًا قَمنْ
نَحْوُ مَبِيعٍ ومَصُونٍ ونَدَرْ
تَصْحِيحُ ذِي الواوِ وفي ذي اليا اشتُهِر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: وحسن حذف الياء في الآية مقارنته لقوله بعد:
{وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [الأنبياء: 73].
تنبيه: قد ورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما في ألفاظ:
منها أعول إعوالًا، وأغيمت السماء إغيامًا، واستحوذ
استحواذًا، واستغيل الصبي استغيالًا، وهذا عند النجاة شاذ
يحفظ ولا يقاس عليه. وذهب أو زيد إلى أن ذلك لغة قوم يقاس
عليها. وحكى الجوهري عنه أنه حكى عن العرب تصحيح أفعل وقام
واستفعل تصحيحًا مطردًا في الباب كله. وقال الجوهري في
مواضع أخر: تصحيح هذه الأشياء لغة فصيحة. وذهب في التسهيل
إلى موضع ثالث وهو أن التصحيح مطرد فيما أهمل ثلاثيه،
وأراد بذلك نحو: استنوق الجمل استنواقًا، واستتيست الشاة
استتياسًا أي: صار الجمل ناقة وصارت الشاة تيسًا، وهذا مثل
يضرب لمن يخلط في حديثه، لا فيما له ثلاثي نحو استقام.
انتهى.
"وما لإفعال" واستفعال المذكورين "من الحذف ومن نقل فمفعول
به أيضًا قمن" أي: حقيق "نحو مبيع ومصون" والأصل مبيوع
ومصوون، فنقلت حركة الياء والواو إلى الساكن قبلهما،
فالتقى ساكنان الأول عين الكلمة والثاني واو مفعول
الزائدة، فوجب حذف إحداهما، واختلف في أيتهما المحذوفة على
حد الخلف في إفعال واستفعال المتقدم. ثم ذوات الواو نحو:
مصوم ومقول ليس فيها عمل غير ذلك، وأما ذوات الياء نحو:
مبيع ومكيل فإنه لما حذفت واوه على رأي سيبوبه بقي مبيع
ومكيل بياء ساكنة بعد ضمة فجعلت الضمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو بالعين المهملة يطلق بمعنى رفع صوته بالبكاء وبمعنى كثر
عياله. قوله: "وأغيمت السماء" بالغين المعجمة أي: صارت ذا
غيم أي: سحاب. وقوله: واستحوذ أي: غلب. قوله: "واستغيل
الصبي" أي: بالغين المعجمة أي: شرب الغيل بفتح الغين
المعجمة وسكون التحتية وهو اللبن الذي ترضعه المرأة ولدها
وهي تُؤْتَى أو وهي حامل. قوله: "تصحيح أفعل... إلخ"
الظاهر أن مثل أفعل واستفعل ما تصرف منهما كالمصدر واسم
الفاعل. قوله: "وقام" كذا في بعض النسخ، وفي بعضها إسقاطه،
وكذا أسقطه المرادي، واعترض أرباب الحواشي ذكره بأنه ليس
فيه نقل، والكلام فيما فيه نقل، وقد يقال: بل المراد فيما
حكاه الجوهري عن أبي زيد الأعم مما فيه نقل بأن يراد ما
عينه حرف علة مطلقًا. قوله: "في الباب كله" أي: سواء أهمل
ثلاثيه أو لا. قوله: "وهذا مثل... إلخ" يحتمل رجوع اسم
الإشارة إلى مجموع الجملتين وإلى كل منهما. قوله: "من
الحذف ومن نقل" أي: دون التعويض بالتاء. وقوله: فمفعول أي:
فاسم مفعول الفعل الثلاثي المعتل. وقوله: به متعلق بقمن.
قوله: "لما حذفت واوه على رأي سيبويه" أورد عليه أمران؛
الأول: أن الواو علامة اسم المفعول فلا تحذف. وأجيب بمنع
أنها علامة بدليل عدمها في اسم مفعول المزيد كالمنتظر
وإنما جيء بها لرفضهم مفعلا إلا في مكرم ومعون ومألك
ومهلك؛ وإنما العلامة الميم الثاني أن المحذوف من نحو: قاض
الأصلي وهو الياء دون الزائد وهو التنوين ومن نحو: قل وبع
وخف
ج / 4 ص -455-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنقولة كسرة لتصح الياء، وأما على رأي الأخفش فإنه لما
حذفت ياؤه كسرت الفاء وقلبت الواو ياء فرقًا بين ذوات
الواو وذوات الياء، وقد خالف الأخفش أصله في هذا، فإن أصله
أن الفاء إذا ضمت وبعدها ياء أصلية باقية قلبها واوًا
لانضمام ما قبلها إلا في الجمع نحو بيض، وقد قلب هاهنا
الضمة كسرة مراعاة للعين التي هي ياء مع حذفها، ومراعاتها
موجودة أجدر.
تنبيه: وزن مصون عند سيبويه مفُعْل، وعند الأخفش مفول،
وتظهر فائدة الخلاف في نحو مسو مخففًا. قال أبو الفتح:
سألني أبو علي عن تخفيف مسوء فقلت: أما على قول أبي الحسن
فأقول: رأيت مسوّا، كما تقول في مقروء: مقروّ؛ لأنها عنده
واو مفعول. وأما على مذهب سيبويه فأقول: رأيت سواء، كما
تقول في خبء: خب، فتحرك الواو لأنها في مذهبه العين، فقال
لي أبو علي: كذلك هو. اهـ. "وندر تصحيح ذي الواو" من ذلك
في قول بعض العرب: ثوب مصوون، ومسك مدووف، وفرس مقوود، ولا
يقاس على ذلك خلافًا للمبرد "و" التصحيح "في ذي اليا" من
ذلك "اشتهر" لخفة الياء كقولهم: خذه مطيوبة به نفسًا،
وقوله:
كأنها تفاحة مطيوبة
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الساكن الأول لا الثاني. وأجيب بأن محل ذلك كله إذا كان
ثاني الساكنين حرفًا صحيحًا وهما هنا حرفا علة. اهـ تصريح
بإيضاح وزيادة. قوله: "وقد خالف الأخفش... إلخ" فيه عندي
نظر وإن أقروه؛ لأنا لا نسلم أن قبله هاهنا الضمة كسرة
والواو ياء مراعاة للعين المحذوفة؛ بل الفرق بين ذوات
الواو وذوات الياء كما قدمه الشارح، فافهم. قوله: "في هذا"
متعلق بخالف أي: في نحو مبيع ومكيل. قوله: "عند سبيويه
مفعل" بضم الفاء وسكون العين. قوله: "مخففًا" أي: بإبدال
همزته واوًا ثم إدغام واو مفعول فيها على رأي الأخفش وبنقل
حركتها إلى الواو التي هي عين ثم حذفها على رأي سببويه،
ولا يخفى أن أصل مسوء مسووء بوزن مفعول. قوله: "أما على
قول... إلخ" وجه ذلك أن الهمزة المتحركة إذا كانت الواو
التي قبلها زائدة لغير إلحاق قلبت الهمزة واوًا وأدغمت
الواو فيها، وإن كانت أصلية نقلت حركة الهمزة إليها وحذفت.
قوله: "خب" أي: بحذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى الباء.
قوله: "كذلك هو" أي: تخفيف مسوء. قوله: "ومسك مدووف" بدال
مهملة ثم فاء آخره أي: مبلول، وقيل: مسحوق، وسمع مدوف على
القياس، كذا في المختار وغيره، ورسمه بنون -كما في بعض
النسخ- تحريف. قوله: "خذه مطيوبة" اسم مفعول طابه يقال:
طابه وأطابه أي: طيبه، ولعل الصواب مطيوبة به نفس برفع نفس
على النيابة على الفاعل، أو مطيوبًا به نفسًا بالتذكير
وإنابة الضمير في مطيوبا العائد على فاعل خذ عن الفاعل،
فتأمل. قوله: "كأنها" أي: الخمرة. قوله:
ج / 4 ص -456-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1288-
وأخَالُ أنَّكَ سيِّدٌ مَعْيُونُ
وقوله:
1289-
حتى تذَّكر بيضاتٍ وهيَّجه
يوم الرِّذاذ عليه الدَّجْنُ مَغْيُومُ
وهذه لغة تميمية.
تنبيه: قالوا مشيب في المختلط بغيره والأصل مشوب؛ ولكنهم
لما قالوا في الفعل شيب حملوا عليه اسم المفعول، وكما
قالوا مشيب بناء على شيب قالوا مهوب بناء على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"معيون" اسم مفعول عانه من باب باع أي: أصابه بالعين.
قوله: "حتى تذكر" الضمير يرجع لذكر النعام، ويوم فاعل
هيجه، والرذاذ بذالين معجمتين كسحاب المطر الضعيف، ويروى:
يوم رذاذ بالتنكير، ويظهر أن الهاء في عليه لليوم، وأن على
بمعنى في، والدجن بفتح الدال المهملة وسكون الجيم -كما في
كتب اللغة- إلباس الغيم السماء، ودجن يومنا من باب نصر صار
ذا دجن. وقوله: مغيوم أي: ذو غيم مطبق صفة ثانية ليوم
الرذاذ بعد الصفة الجملة أعني: فيه الدجن بناء على أن أل
جنسية مدخولها في معنى النكرة بدليل الرواية الثانية، فإن
جعل خبرًا عن الدجن والجملة صفة أو حال من يوم احتيج إلى
جعل الدجن بمعنى الغيم، وإلى ادعاء المبالغة في وصف الغيم
بأنه مغيوم، ثم صريح كلام القاموس وغيره أن غام لازم بمعنى
صار ذا غيم؛ وحينئذ فبناء اسم المفعول منه خلاف القياس،
ولك أن تجعله على الحذف والإيصال أي: مغيوم فيه أي: اليوم
السماء، أو مغيوم به أي: الدجن هذا ما ظهر لي في تقرير
البيت، فتأمله. قوله: "قالوا مشيب" أي: بقلب ضمته كسرة
وواوه ياء بعد صيرورته مشوبا فرع مشووب بنقل ضمة واوه إلى
شينه وحذف إحدى الواوين الساكنين على الخلاف.
قوله: "والأصل" أي: القياس مشوب لا مشيب؛ لأنه واوي العين
وليس مراده الأصل التصريفي؛ إذ هو مشووب بواوين. قوله:
"قالوا مهوب" أي: بإبقاء الضمة بعد نقلها من الياء وحذف
الياء بناء على مذهب الأخفش أن المحذوف العين وبإبقاء
الضمة بعد نقلها من الياء وقلب الياء واوًا بناء على مذهب
سيبويه أن المحذوف واو مفعول، فعلم ما في كلام الحواشي من
القصور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1288- صدره:
نبئت قومك يزعمونك سيدًا
والبيت من الكامل، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص108،
وجمهرة اللغة ص956، والحيوان 2/ 142، وشرح التصريح 2/ 395
وشرح شواهد الشافية ص387، ولسان العرب 13/ 301 "عين"،
والمقاصد النحوية 4/ 574، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/
404، والخصائص 1/ 261، والمقتضب 1/ 102.
1289- البيت من البسيط، وهو لعلقمة بين عبدة في ديوانه
ص59، وجمهرة اللغة ص963، وخزانة الأدب 11/ 295، والخصائص
1/ 261، وشرح المفصل 10/ 87، 80، والمقتضب 1/ 101، والممتع
في التعريف 2/ 460، والمنصف 1/ 286، 3/ 47.
ج / 4 ص -457-
وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا
وأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوب الأمر في لغة من يقول: بوع المتاع، والأصل مهيب.
"وصحح المفعول من" كل فعل واوي اللام مفتوح العين كما في
"نحو عدا" ودعا؛ فإنك تقول في المفعول منهما: معدو ومدعو
حملًا على فعل الفاعل. هذا هو المختار. ويجوز الإعلال
مرجوحًا كما أشار إليه بقوله: "وأعلل إن لم تتحر" أي: لم
تقصد "الأجودا" فتقول: معدي ومدعي، ويروى بالوجهين قوله:
1290-
أنا الليث معديًّا عليه وعاديا
أنشده المازني معدوًّا بالتصحيح، وأنشده غيره بالإعلال.
واختلف في علة الإعلال؛ فقيل: حملًا على فعل المفعول، وهو
قول الفراء وتبعه المصنف واعترض بوجود القلب في المصدر
نحو: عتا عتيا، والمصدر ليس مبنيًّا على فعل المفعول،
وقيل: أعل تشبيهًا بباب أدل وأجر؛ لأن الواو الأولى ساكنة
زائدة حقيقة بالإدغام فلم يعتد بها حاجزًا، فصارت الواو
التي هي لام الكلمة كأنها وليت الضمة فقلبت ياء على حد
قلبها في أدل وأجر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والأصل" أي: القياس مهيب؛ لأنه يائي العين، وليس
مراده الأصل التصريفي؛ إذ هو مهيوب بياء فواو. قوله: "وصحح
المفعول" أي: اسم المفعول. قوله: "حملا على فعل الفاعل"
وهو عدا فإنه صحح بمعنى أنه لم يعل بقلب واوه ياء وإن قلبت
ألفًا. زكريا. قوله: "ويجوز الإعلال مرجوحًا... إلخ" كلام
المصنف والشارح يفيد عدم شذوذ الإعلال، وصرَّح ابن هشام
بشذوذه. قوله: "وأعلل إن لم" بنقل حركة الهمزة إلى اللام
وحذف الهمزة. قوله: "حملا على فعل المفعول" وهو عدى ودعي.
قوله: "والمصدر ليس... إلخ" يجاب بجواز تعدد العلل فيجوز
أن تكون العلة في المصدر شيئًا آخر، وبأن المصدر يصلح
للفاعل والمفعول فاعل مصدر المفعول، وحمل عليه مصدر الفاعل
طردًا لباب المصدر. يس. قوله: "ليس مبنيًّا" أي: محمولًا.
قوله: "لأن الواو الأولى" أي: من معدوو ومدعوو. قوله:
"كأنها وليت الضمة" أي: وليس في الأسماء العربية المعربة
بالحركات ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1290- صدره:
وقد عَلِمَتْ عِرسي مُليكةُ أنَّنِي
والبيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص
الحارثي في خزانة الأدب 2/ 101، وسر صناعة الإعراب 2/ 691،
وشرح أبيات سيبويه 2/ 433، وشرح اختيارات المفصل ص771،
وشرح التصريح 2/ 382، والكتاب 4/ 385، ولسان العرب 5/ 219
"نظر"، 15/ 34 "عدا"، والمقاصد النحوية 4/ 589، وبلا نسبة
في أدب الكاتب ص569، 600، وأمالي ابن الحاجب ص331، وأوضح
المسالك 4/ 390، وشرح شافية ابن الحاجب ص172، وشرح شواهد
الشافية ص400، وشرح المفصل 5/ 36، 10/ 22، 110، ولسان
العرب 6/ 115 "شمس"، 14/ 148 "جفا"، والمحتسب 2/ 207،
والمقرب 2/ 187، والممتع في التعريف 2/ 550، والمنصف 1/
118، 2/ 122.
ج / 4 ص -458-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والاحتراز بواوي اللام من يائيها، فإنه يجب الإعلال نحو:
رمى وقلى، فإنك تقول في المفعول منه: مرمي ومقلي، والأصل:
مرموي ومقلوي، قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق
إحداهما بالسكون وأدغمت في لام الكلمة وكسر المضموم لتصح
الياء، وقد سبق الكلام على هذا. وبكونه مفتوح العين من
مكسورها وهو على قسمين: ما ليس عينه واوًا، وما عينه واو؛
فأما الأول نحو رضي؛ فإن الإعلال فيه أولى من التصحيح؛ لأن
فعله في قلبت فيه الواو ياء في حالة بنائه للفاعل وفي حالة
بنائه للمفعول، فكان إجراء اسم المفعول على الفعل في
الإعلال أولى من مخالفته له؛ ولهذا جاء الإعلال في القرآن
دون التصحيح فقال تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 28] ولم يقل: مرضوة
مع كونه من الرضوان، وقرأ بعضهم: "مرضوة" وهو قليل. هذا ما
ذكره المصنف أعني: ترجيح الإعلال على التصحيح في نحو مرضي.
وذكر غيره أن التصحيح في ذلك هو القياس، وأن الإعلال فيه
شاذ، فإن كان فعل بكسر العين واويها نحو قوي تعين الإعلال
وجهًا واحدًا فتقول: مقوي، والأصل مقووو، فاستثقل اجتماع
ثلاث واوات في الطرف مع الضمة فقلبت الأخيرة ياء ثم قلبت
المتوسطة ياء؛ لأنه قد اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما
بالسكون، ثم قلبت الضمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخره واو قبلها ضمة لثقل ذلك. وقوله: فقلبت ياء أي: والضمة
التي قبلها كسرة يشير إلى ذلك كله. قوله: على حد قلبها...
إلخ وعدم ذكر المصنف هذا في أسباب قلب الواو ياء لا ينهض
الاعتراض به على الشارح، وإن اعترضوا به مع أنه يمكن تقديم
قلب الضمة كسرة على قلب الواو ياء، فيكون من الأسباب التي
ذكرها المصنف، فتأمل.
قوله: "على حد قلبها في أدل وأجر" أي: على طريقته من قلب
الضمة التي قبل الواو كسرة دون بقية أعمال أدل وأجر،
وكأنهم لم يستثقلوا الضمة والكسرة على الياء فيحذفوها ثم
يحذفوا الياء لالتقاء الساكنين كما فعلوا في أدل وأجر؛
نظرًا إلى كون الواو تلت في الوقع ساكنًا فخفت.
قوله: "فإنه يجب فيه" أي: في اسم مفعوله الإعلال، سواء
كانت عينه مفتوحة أو مكسورة، وسواء كانت واوًا أو غيرها.
قوله: "وقد سبق الكلام على هذا" أي: في عموم قوله: إن يسكن
السابق من واو ويا... إلخ. قوله: "وبكونه" أي: الفعل
الواوي اللام؛ إذ الكلام فيه. قوله: "فإن الإعلال فيه" أي:
في اسم مفعوله. قوله: "وقرأ بعضهم: مرضوة" أي: شذوذًا.
قوله: "ما ذكره المصنف" أي: في غير هذا الكتاب كالتسهيل.
قوله: "فإن كان فعل... إلخ" مقابل قوله: فأما الأول نحو
رضي... إلخ ولو قال: وأما الثاني نحو قوي فيتعين إعلاله
لكان أخصر وأحسن في المقابلة، وقد علم من كلام المصنف
والشارح أن الفعل الذي لامه واو ثلاثة أقسام: ما يختار
تصحيح اسم مفعوله، وهو ما ذكره الناظم بقوله: وصحح
المفعول... إلخ، وما يختار إعلال اسم مفعوله، وهو مكسور
العين غير واويها كرضي، وما يتعين إعلال اسم مفعوله، وهو
مكسور العين واويها كقوي.
قوله: "ثم قلبت المتوسطة ياء" ولا يضر عروضها؛ لأن اشتراط
الأصالة ذاتًا وسكونًا إنما هو
ج / 4 ص -459-
كَذَاكَ ذَا وَجْهَيْنِ جَا الفُعُولُ مِنْ
ذِي الوَاوِ لام جَمْعٍ او فَرْدٍ يَعِن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرة لأجل الياء وأدغمت الياء في الياء فقيل: مقوي.
تنبيه: باب مرضي ومقوي سابع موضع تقلب فيه الواو ياء.
"كذاك ذا وجهين جا الفعول من ذي الواو لام جمع أو فرد يعن"
هذا موضع ثامن تقلب فيه الواو ياء أي: إذا كان الفعول مما
لامه لم يخل من أن يكون جمعًا أو مفردًا، فإن كان جمعًا
جاز فيه الإعلال والتصحيح إلا أن الغالب نحو: عصا وعصي
وفقا وقفي ودلو ودلي، والأصل: عصوو وقفوو ودلوو، فأبدلت
الواو الأخيرة ياء حملًا على باب أدل، وأعطيت الواو التي
قبلها ما استقر لمثلها من إبدال وإدغام، وقد ورد بالتصحيح
ألفاظ، قالوا: أبوّ وأخوّ، ونحوّ -جمعًا لنحو وهي الجهة-
ونجوّ -بالجيم جمعًا لنجو وهو السحاب الذي هراق ماؤه-
وبهوّ -جمع لبهو وهو الصدر- وإن كان مفردًا جاز فيه
الوجهان؛ إلا أن الغالب التصحيح نحو:
{وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21]
{لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}
[القصص: 83] وتقول: نما المال نموًّا وسما زيد سموًّا، وقد
جاء الإعلال في قولهم: عتا الشيخ عتيًّا وعسا عسيًّا أي:
ولى وكَبِرَ، وقسا قلبه قسيًّا؛ وإنما كان الإعلال في
الجمع أرجح والتصحيح في المفرد أرجح لثقل الجمع وخفة
المفرد.
تنبيهان: الأول: في كلامه ثلاثة أمور؛ أحدها: أن ظاهره
التسوية بين فعول المفرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في السابق من الواو والياء كما مر، والسابق هنا أصلي، نقله
شيخنا السيد عن الدنوشري. قوله: "باب مرضي ومقوي... إلخ"
لم يقل: ومعدي؛ لقلة قلب واوه ياء كما مر. قوله: "ذا
وجهين" حال من الفعول بضم الفاء والعين مؤكدة لما يستفاد
من التشبيه. وقوله: لام جمع حال من الواو. قوله: "أي: إذا
كان الفعول" لا يخفى أنه ينبغي إسقاط أي. قوله: "حملا على
باب أدل" وجهه ما أسلفه الشارح قريبًا في قوله: وقيل أعل
أي: اسم مفعول نحو عدا تشبيهًا بباب أدل وأجر... إلخ.
قوله: "ما استقر لمثلها" أي: في قول المصنف: إن يسكن
السابق... إلخ وقوله: من إبدال وإدغام أي: وكسر ما قبل
الياء. قوله: "أبو وأخو" جمعين لأب وأخ حكاهما ابن
الأعرابي. تصريح. قوله: "ونحوّ" بالحاء المهملة، حكى
سيبويه: إنكم لتطيرون في نحو كثيرة. تصريح. قوله: "هراق
ماؤه" كذا في النسخ، والذي في القاموس وغيره أن هراق متعد،
فالصواب نصب ماءه أو بناء الفعل للمجهول. قوله: "جمعا
لبهو" بفتح الموحدة وسكون الهاء. تصريح. قوله: "أي: ولى
وكَبِرَ" ارجع لكلا الفعلين والعطف للتفسير، هذا ما تفيده
كتب اللغة.
قوله: "التسوية بين فعول المفرد وفعول الجمع في الوجهين"
لا يخفى أن التسوية بينهما في الوجهين صادقة بتساوي
الوجهين في كل منهما، وبكون التصحيح أولى في كل، وبكون
الإعلال أولى في كل؛ وحينئذ لا يغني هذا الأمر الأول عن
الأمر الثاني المذكور بقول الشارح: ثانيها ظاهره أيضًا
التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة أي: إعلال الجمع
والمفرد وتصحيحهما. نعم، الأمر الثاني يغني عن الأول
لاستلزام الثاني للأول؛ لكن ليس من عادتهم
ج / 4 ص -460-
وشَاعَ نَحْوُ نُيِّمٍ في نُوَّم
ونَحْوُ نُيَّام شُذُوذُهُ نُمِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفعول الجمع في الوجهين، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها:
ظاهره أيضًا التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة، وليس
كذلك كما عرفت، وقد رفع هذين الأمرين في الكافية بقوله:
ورجح الإعلال في الجمع وفي
مفرد التصحيح أولى ما قفي
ثالثها: أطلق جواز التصحيح في فعول من الواوي اللام وهو
مشروط بألا يكون من باب قوي، فلو بني من القوة فعول وجب أن
يفعل به ما فعل بمفعول من القوة وقد تقدم، فكان التعبير
السالم من هذه الأمور المناسب لغرضه أن يقول:
كذا الفعول منه مفردًا وإن
يعن جمعًا فهو بالعكس يعن
والضمير في منه يرجع لنحو عدا في البيت قبله. الثاني: ظاهر
كلامه هنا وفي الكافية وشرحها أن كلًّا من تصحيح الجمع
وإعلال المفرد مطرد يقاس عليه؛ أما تصحيح الجمع فذهب
الجمهور إلى أنه لا يقاس عليه، وإليه ذهب في التسهيل قال:
ولا يقاس عليه خلافًا للفراء، هذا لفظه، وأما إعلال المفرد
فظاهر التسهيل اطراده، والذي ذكره غير أنه شاذ.
"وشاع" أي: كثر الإعلال بقلب الواو ياء إذا كانت عينًا
لفعل جمعًا صحيح اللام "نحو نيم في نوم" جمع نائم، وصيم في
صوم جمع صائم، وجيع في جوع جمع جائع، ومنه قوله:
1291-
ومُعَرِّص تَغْلِي المآجل تحته
عَجِلَتْ طبيختُه لقَوْمٍ جُيَّعِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراض بإغناء الثاني عن الأول كما هو مشهور، فعلم ما في
كلام شيخنا والبعض. نعم، يرد على الشارح أنا لا نسلم الأمر
الثاني؛ لأن قول المصنف: كذاك ناف لاستواء التصحيح،
والإعلال مقتض لرجحان التصحيح في الجمع والمفرد لرجوع اسم
الإشارة إلى المفعول من نحو عدا المتقدم في قوله: وصحح
المفعول... إلخ، فكان ينبغي للشارح أن يقول في كلامه:
أمران أحدهما أن ظاهره التسوية بين فعول المفرد وفعول
الجمع في رجحان التصحيح على الإعلال، وليس كذلك كما عرفت
ثانيهما أطلق جواز التصحيح... إلخ.
قوله: "المناسب لغرضه" قد يمنع بأن ما ذكره من البيت لا
يشمل الفعول من باب رضي لإرجاعه الضمير في منه لنحو عدا.
قوله: "جمع نائم" أصله ناوم؛ لأنه من النوم، فأبدلت الواو
همزة على القاعدة وكذا صائم وجائع. قوله: "ومعرّص" بضم
الميم وفتح العين المهملة والراء المشددة وبالصاد المهملة
وهو اللحم الملقى في العرصة للجفاف، ويروى بغير هذا الوجه،
كما في العيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1291- البيت من الكامل، وهو للحادرة "واسمه قطبة" في
ديوانه ص58، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 219، ولسان العرب 8/
61 "جوع"، والممتع في التعريف 2/ 497، والمنصف 2/ 3.
ج / 4 ص -461-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجه ذلك أن العين شبهت باللام لقربها من الطرف فأعلت كما
تعل اللام فقلبت الواو الأخيرة ياء ثم قلبت الواو الأولى
ياء وأدغمت الياء في الياء، ومع كثرته التصحيح أكثر منه
نحو: نوم وصوم، ويجب إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان
وذلك كشوى وغوى جمع شاو وغاو، أو فصلت من العين كنوام
وصوام لبعد العين حينئذ من الطرف "ونحو نيام شذوذه نمي"
أي: روي في قوله:
1292-
فما أرَّق النُّيَّامَ إلا كَلامُهَا
تنبيهات: الأول: قوله شاع ليس نصًّا في أنه مطرد، وقد نص
غيره من النحويين على اطراده. وقد بان لك أن قوله شاع نحو
نيم هو بالنسبة إلى نيام لا إلى نوم.
الثاني: يجوز في فاء فعل المعل العين والكسر، والضم أولى،
وكذلك فاء نحو دلي وعصي وألي جمع ألوى وهو الشديد الخصومة.
الثالث: هذا الموضع تاسع موضع تقلب فيه الواو ياء، وبقي
عاشر لم يذكره هنا وهو أن تلي الواو كسرة وهي ساكنة مفردة
نحو: ميزان وميقات، الأصل موازن وموقات، فقلبوا الواو ياء
استثقالًا للخروج من كسرة إلى الواو كالخروج من كسرة إلى
ضمة؛ ولذلك لم يكن في كلامهم مثل فِعل، وخرج بالقيد الأول
نحو موعد، وبالثاني نحو طِوَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتغلي كترمي كما في القاموس، والمراجل جمع مرجل، وهو القدر
من النحاس.
قوله: "ويجب إن اعتلت اللام" هذا محترز قوله: صحيح اللام.
وقوله: أو فصلت من العين محترز اتصال اللام بالعين المفهوم
من التمثيل بنحو نيم في نوم. قوله: "كشوى وغوى" بإعجام
أولهما وضمه وتشديد ثانيهما والأصل شوى وغوى قلبت ياؤهما
ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الألف لالتقاء
الساكنين. قوله: "جمع شاو وغاو" اسمي فاعل شوى يشوي كرمى
يرمي وغوى يغوي كرمى يرمي وغوى يغوي كعمى يعمي غواية
بالفتح كما في القاموس، والأول أفصح، كما في التصريح.
قوله: "أي روى" وقال السندوبي أي: نسب لعلماء العربية.
قوله: "جمع ألوى" ضبط في نسخ القاموس كأفعل التفضيل. قوله:
"مثل فعل" أي: بكسر الفاء وضم العين. قوله: "نحو طول" بكسر
الطاء المهملة وفتح الواو مخففة حبل تشد به قائمة الدابة
كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1292- صدره:
ألا طرقتنا مية بنة منذر
والبيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1003، وخزانة
الأدب 3/ 419، 420، وشرح شواهد الشافية ص381، وشرح المفصل
10/ 93، والمنصف 2/ 5، 49، ولأبي النجم الكلابي في شرح
التصريح 2/ 383، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 391، وشرح
شافية ابن الحاجب 3/ 143، 173، وشرح ابن عقيل ص707، ولسان
العرب 12/ 596 "نوم"، والممتع في التعريف 2/ 498، ويروى
"سلامُها" بدل "كلامُها".
ج / 4 ص -462-
فصل: ذو اللن فاتا في افتعال أبدلا
ذُو اللينِ فَاتَا في افتعالٍ أَبْدِلا
وشَذَّ فِي ذي الهمز نَحْوُ ائتَكَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعوض وصوان وسوار، بالثالث نحو: اجلواذ واعلواط.
فصل:
"ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا" تا مفعول ثانٍ لأبدل،
والأول ضمير مستتر نائب عن الفاعل يعود على ذي اللين، وفا
حال منه أي: إذا كان فاء الافتعال حرف لين يعني واوًا أو
ياء وجب في اللغة الفصحى إبدالها تاء فيه وفي فروعه من
الفعل واسمي الفاعل والمفعول لعسر النطق بحرف اللين الساكن
مع التاء لما بينهما من مقاربة المخرج ومنافاة الوصف؛ لأن
حرف اللين من المجهور والتاء من المهموس. مثال ذلك في
الواو اتصال واتصل ويتصل واتصل ومتصل ومتصل به، والأصل
واتصال واوتصل ويوتصل وايوتصل وموتصل وموتصل به، ومثاله في
الياء اتسار واتسر ويتسر واتسر ومتسر ومتسر، والأصل ايتسار
وايتسر وييتسر وايتسر وميتسر وميتسر؛ وإنما أبدلوا الفاء
في ذلك تاء؛ لأنهم لو أقروها لتلاعبت بها حركات ما قبلها،
فكانت تكون بعد الكسرة ياء وبعد الفتحة ألفًا وبعد الضمة
واوًا، فلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس. قوله: "وصوان" هو وعاء الشيء. قوله: "نحو اجلواذ"
بالجيم والذال المعجمة دوام السير مع السرعة. تصريح. قوله:
"واعلواط" بالعين والطاء المهملتين التعلق بالعنق يقال:
اعلوط بعيره أي: تعلق بعنقه. تصريح. والله أعلم.
فصل:
قوله: "فاتا" تقدم للشاطبي أن ما لم يضف وقصر من أسماء هذه
الحروف منون على حد شربت ما بالقصر، ونقل ابن غازي عن
بعضهم أن الصواب عدم تنوينها؛ لأنها مبنية لوضعها وضع
الحروف، وعندي أنه يجوز الوجهان: التنوين على أن مقصور تلك
الأسماء مختصر من ممدودها، وعدمه على أنه موضوع أصالة،
فافهم.
قوله: "فاء الافتعال" أي: وفروعه بدليل ما بعد. قوله:
"يعني: واوًا أو ياء" إنما أتى بالعناية؛ لأن حرف اللين
يشمل الألف مع أنه ليس مرادًا كما سيذكره الشارح. قوله:
"إبدالها تاء" ولم تقلب الواو ياء تحتية على ما هو مقتضى
القياس؛ لأنها إن قلبت ياء لزم قلبها تاء في هذه اللغة،
فالأولى الاكتفاء بإعلال واحد، كذا ذكره ابن الحاجب. قال
التفتازاني: وفيه نظر؛ إذ لو قلبت الواو ياء تحتية لم يجز
قلب التحتية فوقية كما في الياء التحتية المنقلبة عن
الهمزة. وأجيب بأنه يجوز هنا للفرق بين الياء المنقلبة عن
الواو والمنقلبة عن الهمزة؛ لأن الهمزة لا تبدل فوقية
بخلاف الواو، كذا في التصريح. قوله: "اتسار" فسره الفارضي
بالقمار وأقره شيخنا، ووجه أخذه من اليسر بأن أهل الجاهلية
كانوا يظنون أنه يورث اليسار، وفي المصباح الميسر مثال
مسجد قمار العرب منه يسر الرجل يسرًا من باب وعد فهو ياسر.
قوله: "لتلاعبت بها حركات ما قبلها" أي: طلبًا للمجانسة.
قوله: "فكانت تكون" لا حاجة إلى تكون. وقوله: ياء أي:
أصلية إن كانت الفاء ياء ومنقلبة
ج / 4 ص -463-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأوا مصيرها إلى تغيرها لتغير أحوال ما قبلها أبدلوا منها
حرفًا وجهًا واحدًا وهو التاء وهو أقرب الزوائد من الفم
إلى الواو، وليوافق ما بعده فيدغم فيه. وقال بعض النحويين:
البدل في باب اتصل إنما هو من الياء؛ لأن الواو لا تثبت مع
الكسرة في اتصال وفي اتصل، وحمل المضارع واسم الفاعل واسم
المفعول منه على المصدر والماضي.
تنبيهان: الأول: ذو اللين يشمل الواو والياء كما تقدم،
وأما الألف فلا مدخل لها في ذلك؛ لأنها لا تكون فاء ولا
عينًا ولا لامًا.
الثاني: من أهل الحجاز قوم يتركون هذا الإبدال، ويجعلون
فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها فيقولون: ايتصل ياتصل
فهو موتصل وايتسر ياتسر فهو موتسر، وحكى الجرمي أن من
العرب من يقول: ائتصل وائتسر بالهمز وهو غريب "وشذ" إبدال
فاء الافتعال تاء "في ذي الهمز نحو" قولهم في "ائتكلا"
وايتزر افتعل من الأكل والإزار: اتكل واتزر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن واو إن كانت الفاء واوًا، وكذا يقال في قوله: وبعد
الضمة واوًا. قوله: "وبعد الفتحة ألفًا" يرد عليه أن شرط
قلب الياء والواو ألفًا تحركهما كما مر في قوله: من ياء أو
واو بتحريك أصل... إلخ؛ إلا أن يقال: هذا الشرط لم تجمع
عليه العرب، كما يستفاد من التنبيه الثاني.
قوله: "وهو أقرب الزوائد" في معنى التعليل لمحذوف يدل عليه
قوله: وهو التاء، تقديره: واختاروا التاء؛ لأنه أقرب...
إلخ والمراد الأقربية في المخرج؛ لأن التاء من بين طرف
اللسان والثنيتين العليين والواو من الشفة إن لم تكن حرف
مد، فإن كانت حرف مد فمن الجوف وأقربية التاء إليها؛ حينئذ
من حيث مرور الحرف الجوفي على مخرج التاء وغيره لا في
الصفة؛ إذ صفة التاء الهمس وصفة حرف اللين الذي منه الواو
الجهر، فهما متباعدان صفة، ويرد على دعواه أقربية التاء
إلى الواو الميم؛ فإنها أقرب إلى الواو مخرجًا من التاء؛
لأنها من الشفة إلا أن يقال: مراده الأقربية في الجملة،
ولما كان يرد حينئذ أن يقال: هلا جعلوا البدل الميم دفعه
بقوله: ليوافق ما بعده فيدغم فيه، والمراد بالزوائد حروف
الزيادة المجموعة بقول بعضهم: سألتمونيها.
وقوله: من الفم أي: الخارجة من الفم، والمراد مقدم الفم من
الشفتين والثنايا وطرف اللسان أو ما يعم جميع المخارج.
وقوله: إلى الواو متعلق بأقرب. وقوله: ليوافق المناسب أنه
على حذف العاطف على قوله: وهو أقرب... إلخ بقرينة التصريح
به في نسخة، ولما كان التعليل بالأقربية قاصرًا على إبدال
التاء من الواو دون إبدالها من الياء أتى بالتعليل
بالموافقة الجاري فيهما، فتأمل.
قوله: "وقال بعض النحويين... إلخ" للأول أن يقول محل
قولهم: إن الواو لا تثبت مع الكسرة إذا أريد ثبوتها
دائمًا، وهنا ليست كذلك، فتثبت ثم تبدل تاء. زكريا. قوله:
"ولا عينًا ولا لامًا" أي: مع أصالة الألف، فلا ينافي أنها
تكون عينًا ولامًا، وهي بدل كما في قام ورمى. قوله: "من
أهل الحجاز... إلخ" هذا مع قوله: وحكى الجرمي... إلخ محترز
قوله سابقًا في اللغة الفصحى. قوله: "نحو ايتكلا" قال
المرادي: ظاهر تمثيله بايتكلا أنه مما سمع فيه الإبدال
شذوذًا، وهو ما يدل عليه
ج / 4 ص -464-
طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ
في آدَّانَ وازْدَدْ وادَّكِرْ دالًّا بَقِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بإبدال الياء المبدلة من الهمزة تاء وإدغامها في التاء.
وكذا قولهم في أوتمن افتعل من الأمانة اتمن بإبدال الواو
المبدلة من الهمزة تاء، واللغة الفصيحة في ذلك كله عدم
الإبدال وإلا توالى إعلالان، وقول الجوهري في اتخذ أنه
افتعل من الأخذ وهم؛ وإنما التاء أصل وهو من تخذ كاتبع من
تبع. قال أبو علي: قال بعض العرب تخذ بمعنى اتخذ، ونازع
الزجاج في وجود مادة تخذ، وزعم أن أصله اتخذ، وحذف وصحح ما
ذهب إليه الفارسي بما حكاه أبو زيد من قولهم: تخذ يتخذ
تخذًا، وذهب بعض المتأخرين إلى أن تخذ مما أبدلت فاؤها تاء
على اللغة الفصحى؛ لأن فيه لغة وهي وخذ بالواو، وهذه اللغة
وإن كانت قليلة إلا أن بناءه عليها أحسن؛ لأنهم نصوا على
أن اتمن لغة رديئة.
"طا تا افتعال رد إثر مطبق" طا مفعول ثان لرد والمفعول
الأول تا إن كان رد أمرًا وضميره إن كان رد مجهولًا أي:
إذا بني الافتعال وفروعه مما فاؤه أحد الحروف المطبقة؛ وهي
الصاد والضاد والطاء والظاء وجب إبدال تائه طاء، فتقول في
افتعل من صبر: اصطبر، ومن ضرب: اضطرب، ومن طهر: اططهر، ومن
ظلم: اظطلم، والأصل اصتبر واضترب واطتهر واظتلم، فاستثقل
اجتماع التاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام بعضهم، وفي كلام الشارح -يعني ابن الناظم- خلافه؛ حيث
قال: ولا يريد أنه يقال في افتعل من الأكل: اتكل. اهـ. أي:
بل المراد أن الإبدال سمع فيما هو من جنسه وإن كان لم يسمع
فيه. اهـ ملخصًا. وقول شارحنا نحو قولهم صريح في الأول.
قوله: "اتكل واتزر" مقول قولهم. قوله: "في أوتمن" بالبناء
للمجهول كما يدل عليه قوله: بإبدال الواو... إلخ؛ إذ لو
كان مبنيًّا للفاعل لقال بإبدال الياء. قوله: "وإلا توالى
إعلالان" فيه نظر وإن أقروه؛ لأن توالي الإعلالين الممنوع
تواليهما على حرفين لا على حرف واحد كما هنا، فتأمل. قوله:
"وهم" علله التفتازاني -كما في التصريح- بأنه لو كان من
الأخذ لوجب أن يقال: ايتخذ بغير إبدال وإدغام. قوله:
"وإنما التاء" أي: الأولى، أما الثانية فتاء الافتعال
قطعًا. وقوله: أصل أي: لا بدل من ياء مبدلة من همزة كما
زعم الجوهري.
قوله: "وزعم أن أصله اتخذ" يحتمل أنه يقول: أصل تخذ افتعل
من الأخذ كما يقول الجوهري، أو من الوخذ كما سيحكيه الشارح
عن بعض المتأخرين، وهو الأَوْلَى، واقتصار شيخنا والبعض
على ترجى أنه يقول بالأول قصور. قوله: "وحذف" أي: حذف منه
همزة الوصل وتاء الافتعال وفتحت التاء التي هي فاء الكلمة
وكسرت الخاء. قوله: "تخذ يتخذ تخذًا" من باب تعب وقد تسكن
خاء المصدر، قاله في المصباح. قوله: "إلا أن بناءه" أي:
اتخذ عليها بأن يكون افتعل من الوخذ والأصل اوتخذ قلبت
الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال على القياس. وقوله: أحسن
أي: من جعله افتعل من الأخذ. قوله: "تا افتعال" وقد تجري
تاء الضمير مجرى هذه التاء تشبيهًا بها في نحو حصط من
الحوص وهو الخياطة، حكاه الجابردي. فارضي.
قوله: "وضميره" أن ضمير تا. قوله: "المطبقة" بفتح الموحدة
على الحذف والإيصال أي: المطبق عندها اللسان بأعلى الحنك
فاندفع ما قيل هنا، ويجوز كسرها -كما في زكريا- على
ج / 4 ص -465-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع الحرف المطبق لما بينهما من تقارب المخرج وتباين الصفة؛
إذ التاء مهموسة مستفلة والمطبق مجهور مستعل، فأبدل من
التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء.
تنبيه: إذا أبدلت التاء طاء بعد الطاء اجتمع مثلان والأول
منهما ساكن فوجب الإدغام. وإذا أبدلت بعد الظاء اجتمع
متقاربان فيجوز البيان والإدغام مع إبدال الأول من جنس
الثاني ومع عكسه. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:
1293-
وهو الجواد الذي يعطيك نائله
عفوًا ويُظْلَمُ أحيانًا فيَظْطَلِمُ
روي فيظطلم وفيظلم وفيطلم، وقد روي أيضًا فينظلم بالنون،
وليس مما نحن فيه. وإذا أبدلت بعد الصاد اجتمع أيضًا
متقاربان، فيجوز البيان والإدغام بقلب الثاني إلى الأول
دون عسكه فتقول: اصطبر اصبر، ولا يجوز اطبر؛ لما في الصاد
من الصفير الذي يذهب في الإدغام، وإذا أبدلت بعد الضاد
اجتمع أيضًا متقاربان، فيجوز البيان والإدغام بقلب الثاني
إلى الأول دون عكسه فتقول: اضطرب واضرب، ولا يجوز اطرب؛
لأن الضاد حرف مستطيل، فلو أدغم في الطاء لذهب ما فيه من
ذلك. وقد حكي في الشذوذ اطجع وهو في الندور والغرابة مثل
الطجع باللام. وقد روي بالأوجه الأربعة قوله:
1294-
مَالَ إلى أرطاة حِقْفِ فَالْطَجَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزرية. قوله: "من تقارب المخرج" أي: في الجملة؛ وإلا فمن
المطبق الطاء وهي من مخرج التاء كما سيذكره الشارح قريبًا
على أن مخرجيهما الشخصيين مختلفان في الحقيقة كما قرر في
محله. قوله: "حرف استعلاء" أي: وجهر، كما لا يخفى فتم
تباين الصفة. قوله: "من مخرجها" عبارة التصريح: من مخرج
المطبق واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء. قوله: "ومع
عكسه" قال التفتازاني: هذا عكس الإدغام -أي: المشهور- الذي
هو إدخال الحرف الأول في الثاني؛ لأن هذا إدخال الثاني في
الأول. وقال شيخنا: لا يسمى هذا إدغامًا عند القراء.
قوله: "وهو الجواد" الضمير لهرم بن سنان، والنائل العطاء.
وقوله: عفوا أي: سهلا بلا منٍّ ولا مطل. وقوله: ويظلم
أحيانًا بالبناء للمجهول أي: يطلب منه في أوقات لا يطلب من
مثله فيها فيظطلم أي: يتحمل ذلك ولا يرد سائله نقله المصرح
عن الجاربردي. قوله: "الذي يذهب في الإدغام" أي: إدغامها
في الطاء بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1293- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سُلمى في ديوانه
ص152، وسر صناعة الإعراب 1/ 219، وسمط اللآلي ص467، وشرح
أبيات سيبويه 2/ 403، وشرح التصريح 2/ 391، وشرح شواهد
الشافية ص493، وشرح المفصل 10/ 47، 149، والكتاب 4/ 468،
ولسان العرب 12/ 377 "ظلم"، والمقاصد النحوية 4/ 582، وبلا
نسبة في أوضح المسالك 4/ 399، والخصائص 2/ 141، وشرح شافية
ابن الحاجب 3/ 189، ولسان العرب 13/ 273 "ظنن".
1294- الرجز لمنظور بن حية الأسدي في شرح التصريح 2/ 367،
والمقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر
2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371،
والخصائص 1/ 63، 263، =
ج / 4 ص -466-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"في ادَّانَ وازدد وادَّكر دالا بقي" أي: إذا بني الافتعال
مما فاؤه دال نحو دان، أو زاي نحو زاد، أو ذال نحو ذكر
-وجب إبدال تائه دالًا فيقال: ادان وازداد وادكر، والأصل
ادتان وازتاد واذتكر، فاستثقل مجيء التاء بعد هذه الأحرف؛
لأن هذه الأحرف مجهورة والتاء مهموسة، فجيء بحرف يوافق
التاء في مخرجه، ويوافق هذه الأحرف في الجهر وذلك الدال.
تنبيهات: الأول: إذا أبدلت تاء الافتعال دالًا بعد الدال
وجب الإدغام لاجتماع المثلين، وإذا أبدلت دالًا بعد الزاي
جاز الإظهار والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عسكه
فيقال: ازدجر وازجر، ولا يجوز ادجر لفوات الصغير، وإذا
أبدلت دالًا بعد الذال جاز ثلاثة أوجه: الإظهار الإدغام
بوجهيه فيقال: اذدكر، ومنه قوله:
1295-
والْهَرْمُ تُذْرِيه اذدراء عَجَبًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلبها طاء. قوله: "مال" أي: الذئب، والأرطاة شجرة من شجر
الرمل، والحقف بكسر الحاء المهملة وسكون القاف بعدها فاء
الرمل المعوج. عيني. قوله: "دالًا بقي" دالًا خبر بقي؛
فإنها بمعنى صار والضمير في بقي يعود على التاء. اهـ
فارضي. وأعرب المكودي دالًا حالًا من فاعل بقي. قوله:
"ويوافق هذه الأحرف... إلخ" فيه أن من جملة هذه الأحرف
الدال، ولا معنى لموافقة الشيء نفسه؛ إلا أن يقال: التعبير
بالموافقة باعتبار الجملة. قوله: "والهرم تذريه اذدراء
عجبا" صدره:
تنحى على الشوك جرازا مقضبا
والضمير في تنحى يرجع إلى الناقة، وهو بالنون فالحاء المهملة
إما مبني للفاعل من أنحى على الشيء أي: أقبل عليه -كما في
القاموس- أو للمفعول من أنحاه أي: أماله -كما في القاموس-
وجرازا بجيم فراء ثم زاي كغراب السيف القاطع -كما في
القاموس- وأما قوله: البعض المراد بالجراز بكسر الجيم
أسنان الناقة فلم أرَ له مساعدًا في كتب اللغة، وهو حال من
الضمير في تنحى على تقدير أداة التشبيه، ومقضبا بقاف فضاد
معجمة فموحدة كمنبر السيف القاطع والمنجل -كما في القاموس-
وهو بدل من جرازا، والهرم بفتح الهاء وسكون الراء، قال في
القاموس: نبت وشجر أو البقلة الحمقاء. اهـ. وقوله: تذريه
بضم الفوقية من أذرى، قال في القاموس: ذرت الريح الشيء
ذروا وأذرته وذرنه أطارته وأذهبته وذرا هو بنفسه. اهـ.
وأخبرني بعض من أثق به من فضلاء الطلبة أن شرح دلائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة الإعراب 1/ 321، وشرح
شافية ابن الحاجب 3/ 324، وشرح شواهد الشافية ص 274، وشرح
المفصل 9/ 82، 10/ 46، ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255
"أر"، 8/ 219 "ضجع"، 14/ 325 "رطا"، والمحتسب 1/ 107،
والممتع في التعريف 1/ 403، والمنصف 2/ 329.
1295- الرجز لأبي حكاك في سر صناعة الإعراب 1/ 187، وشرح
المفصل 10/ 49، والممتع في التعريف 1/ 358، والمقرب 2/
166، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص523، وشرح المفصل 10/ 150،
ولسان العرب 4/ 308 "ذكر".
ج / 4 ص -467-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وادكر واذاكر بذال معجمة، وهذا الثالث قليل. وقد قرئ
شاذًّا: فهل من مذكر" بالمعجمة.
الثاني: مقتضى اقتصار الناظم على إبدال تاء الافتعال طاء
بعد الأحرف الأربعة ودالًا بعد الثلاثة أنها تقر بعد سائر
الحروف ولا تبدل. وقد ذكر في التسهيل أنها تبدل ثاء بعد
الثاء فيقال: أثرد بثاء مثلثة وهو افتعل من ثرد، أو تدغم
فيها الثاء فيقال: اترد بتاء مثناة. قال سيبويه: والبيان
عندي جيد -يعني الإظهار- فيقال اثترد، ولم يذكر المصنف هذا
الوجه. وذكر في التسهيل أيضًا أنها قد تبدل دالًا بعد
الجيم كقولهم في اجتمعوا اجدمعوا، وفي اجتز اجدز. ومنه
قوله:
1296-
فقلتُ لصاحبي لاتحبسانا
بنزع أصوله واجدزَّ شِيحَا
وهذا لا يقاس عليه. وظاهر كلام المصنف في بعض كتبه أنه لغة
لبعض العرب، فإن صح أنه لغة جاز القياس عليه، وهذا آخر ما
ذكره الناظم م باب الإبدال وما يتعلق به من أوجه الإعلال.
خاتمة: قد علم مما ذكر أن حروف الإبدال منقسمة إلى ما يبدل
ويبدل منه كالهمزة وحروف العلة الثلاثة، وكالهاء فإنها
تبدل من الهمزة أولًا كهراق وتبدل منها الهمزة آخرًا كماء
فإن أصله موه، وإلى ما يبدل ولا يبدل منه وهو الميم والطاء
والدال،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخيرات للفاسي أنه يقال: ذرت الريح الشيء ذروًا وذريًا،
وعلى هذا يصح فتح تاء المضارعة في البيت. وقوله: اذدراء
مفعول مطلق لتذريه موافق له في أصل الاشتقاق نحو:
{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} هذا ما ظهر لي في ضبط البيت وحله، وتكلم
شيخنا السيد عليه بما هو بمعزل عنه معنى ولفظًا.
قوله: "وهذا الثالث" أي: اذكر بذال معجمة. قوله: "ثاء بعد
الثاء" أي: ثاء مثلثة بعد الثاء المثلثة. قوله: "أو تدغم
فيها" أي: في التاء الفوقية الثاء أي: المثلثة أي: بعد
قلبها تاء فوقية كما هو معلوم. قوله: "وفي اجتز" بالزاي
بقرينة ما بعد. قوله: "لا تحبسانا" من خطاب الواحد بما
للاثنين كما قد تفعله العرب أي: لا تحبسنا عن شيء اللحم
بقلع أصول الكلأ؛ بل جز الشيخ وأسرع لنا في الشيِّ، قاله
العيني. قوله: "إلى ما يبدل" أي: يكون بدلًا. وقوله: ويبدل
منه أي: يكون مبدلًا منه. قوله: "وكالهاء... إلخ" فيه أن
هذا لم يعلم مما ذكره الناظم، ولا يدفع الاعتراض إعادة
الكاف وإن زعمه البعض. قوله: "أولًا" حال من الهمزة.
وقوله: بعد آخرًا حال من الضمير في منها العائد على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1296- البيت من الوافر، وهو لمضرس بن ربعي في شرح شواهد
الشافية ص481، وله أو ليزيد بن الطثرية في لسان العرب 5/
319، 320 "جزز"، والمقاصد النحوية 4/ 591، وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 8/ 85، وخزانة الأدب 11/ 17، وسر صناعة
الإعراب ص187، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 228، وشرح المفصل
10/ 49، والصاحبي في فقه اللغة ص109، 218، ولسان العرب 4/
125 "جرر"، والمقرب 2/ 166، والممتع في التعريف 1/ 357.
ج / 4 ص -468-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى ما يبدل منه ولا يبدل وهو التاء، أما إبدال الحروف
المتقاربة بعضها من بعض لأجل الإدغام فلم يعدوها في باب
الإبدال لعروضها، وعلم أيضًا أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف
وهي الألف والواو والياء، وأن الياء تبدل من ثلاثة أحرف
وهي الهمزة والألف والواو، وأن الواو تبدل من ثلاثة أحرف
وهي الهمزة والألف والياء، وأن الألف تبدل من ثلاثة أحرف
وهي الهمزة والواو والياء، وأن الميم تبدل من النون، وأن
التاء تبدل من حرفين وهما الواو والياء، وأن الطاء تبدل من
التاء، وأن الدال تبدل من التاء، وأن الثاء تبدل من التاء
على ما سبق مفصلًا.
وقد تقدم أول الباب أن ما قصد الناظم ذكره هنا هو الضروري
في التصريف، وأن حروف الإبدال الشائع اثنان وعشرون حرفًا،
وأن الإبدال قد وقع في غيرها أيضًا؛ ولكنه ليس بشائع. وقد
رأيت أن أذيل ما سبق ذكره باستيفاء الكلام على إبدال جميع
الحروف على سبيل الإيجاز مرتبًا للحروف على ترتيبها في
المخارج، فأقول وبالله التوفيق: الهمزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاء؛ وإنما قلنا ذلك اعتبارًا بالأصل في الموضعين. قوله:
"وهو التاء" إن قرئ بالفوقية كما في غالب النسخ ورد أنه قد
علم من النظم كما سيعترف به الشارح أن الفوقية تبدل ويبدل
منها الأول من قوله:
ذو اللين فا تا في افتعال أبدلا
والثاني من قوله:
طا تا افتعال رد اثر مطبق
وإن قرئ بالمثلثة كما في بعض النسخ ورد أن كلامه في حروف
الإبدال التي ذكرها المنصف بدليل قوله: قد علم مما ذكره...
إلخ مع أن المثلثة وقعت بدلًا ومبدلًا منها كما أفاده
الشارح فيما مر قريبًا وفيما يأتي، وبهذا التحقيق يعرف ما
في كلام البعض من الخطأ. قوله: "أما إبدال الحروف
المتقاربة... إلخ" مقابل لمحذوف تقديره: هذا في غير إبدال
الحروف المتقاربة للإدغام أما... إلخ. قوله: "فلم يعدوها"
أنث الضمير مع رجوعه إلى إبدال الحروف المتقاربة لاكتسابه
التأنيث من المضاف إليه. قوله: "وعلم أيضًا" أي: من كلام
الناظم حيث قال:
أحرف الإبدال هدأت موطيا
فأبدل الهمزة من واو ويا
إلخ؛ إلا أن الشارح لم يذكر هنا أول الأحرف التي يجمعها هدأت
موطيا وهو الهاء اكتفاء بذكره قريبًا في قوله: وكالهاء...
إلخ، واقتداء بالمصنف في عدم ذكره لها في تفصيل أحرف
الإبدال استغناء بما ذكره في باب الوقف من إبدالها من تاء
التأنيث وقفًا. قوله: "وهي الألف" فيه أن إبدال الهمزة من
الألف لم يعلم من كلام المصنف؛ وإنما ذكره الشارح في شرح
قول المصنف: فأبدل الهمزة من واو ويا... إلخ، واعترض هناك
على المصنف بعدم شمول عبارته الألف. قوله: "الضروري في
التصريف" أي: اللازم بمقتضى قاعدة التصريف. قوله: "الشائع"
أي: في كلام العرب كلهم أو قوم منهم على ما مر في أول باب
الإبدال. قوله: "ما سبق ذكره" أي: متنًا
ج / 4 ص -469-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدلت من سبعة أحرف وهي الألف والياء والواو والهاء والعين
والخاء والغين، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرين. فأما
إبدالها من الخاء فقولهم في صرخ: صرأ، حكاه الأخفش عن
الخليل، ومن الغين قولهم في غنه: رأنه، حكاه النضر بن شمبل
عن الخليل، وإبدالها من هذين الحرفين غريب جدًّا. الألف
أبدلت من أربعة أحرف وهي الياء والواو والهمزة والنون
الخفيفة، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرة، فأما إبدالها
من النون الخفيفة فنحو:
{لَنَسْفَعًا}. الهاء أبدلت من ستة أحرف وهي الهمزة والألف والواو والواو والياء
والتاء والحاء، فإبدالها من الهمزة قد تقدم أول الباب،
وأما إبدالها من الألف ففي قوله:
1297-
قد وردت من أمكنه
من هاهنا ومن هنه
إن لم أُرَوِّهَا فَمَه
فأبدل الهاء في هنه من الألف، وأما قوله: فمه فيجوز أن يكون
من ذلك أي: فما أصنع أو فما انتظاري لها، ويجوز أن يكون
فمه بمعنى اكفف أي: أنها قد وردت من كل جانب وكثرت؛ فإنه
لم أروها فلا تلمني واكفف عني، ومن ذلك قولهم في أنا: أنه،
ويجوز أن تكون ألحقت لبيان الحركة، وقالوا في حيهله: إن
الهاء الأخيرة بدل من الألف في حيهلا. وأما إبدالها من
الواو ففي قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشرحًا. قوله: "في رغنه" الرغن كالمنع الإصغاء للقول
وقبوله.
قوله: "وقد تقدم الكلام عليها" أي: في باب الإبدال فلا
يعترض قوله: سوى الأخيرة بتقدم الكلام عليها في باب نوني
التوكيد. قوله: "قد وردت" أي: الإبل. قوله: "من ذلك" أي:
من إبدال الهاء من الألف. قوله: "أن تكون" أي: الهاء ألحقت
أي: في الوقت بعد حذف الألف لبيان الحركة أي: حركة النون؛
إذ لو وقف عليها بعد حذف الألف بدون الهاء لسكنت لا أن
الهاء بدل من الألف، وإيضاح ذلك أن ألف أنا زيدت عند
البصريين وقفًا لبيان حركة النون، وقد تحذف الألف ويُؤْتَى
بالهاء فيحتمل أن يكون الإتيان بها لإبدالها من الألف،
ويحتمل أن تكون لبيان حركة النون كالألف إذا لم تحذف، وعلى
هذا الاحتمال اقتصر الدماميني في باب الضمير من شرح
التسهيل؛ حيث قال بعد ذكره: إن ثبوت الألف في الوقف لبيان
الفتحة ما نصه: وقد تبين فتحتها بهاء السكت؛ كقول حاتم
هكذا فزدني أنه.
قوله: "وقالوا في حيهله... إلخ" لعل وجه التبري أنه يجوز
أن تكون الهاء لبيان الحركة كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1297- الرجز بلا نسبة في الدرر 1/ 242، 2/ 214، ورصف
المباني ص163، وسر صناعة الإعراب 1/ 163، وشرح شواهد
الشافية ص476، وشرح المفصل 3/ 138، 4/ 6، 9/ 81، 10/ 42،
43، والمحتسب 1/ 277، والمقرب 2/ 32، والممتع في التعريف
1/ 400، والمنصف 2/ 156، وهمع الهوامع 1/ 78، 2/ 157.
ج / 4 ص -470-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1298-
وقد رَابَنِي قولُها يَاهَنَا
هُ وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرًّا بِشَرّ
وقد اختلف في ذلك؛ فذهب الجماعة إلى أنها مبدلة من الواو
والأصل يا هناو، وقال أبو الفتح: ولو قيل: إن الهاء بدل من
الألف المنقلبة من الواو الواقعة بعد الألف لكان قولًا
قويًّا؛ إذ الهاء إلى الألف أقرب منها إلى الواو، وإبدالها
من الياء في قولهم هذه في هذي وهنيهة في هنية، وإبدالها من
التاء في نحو طلحة في الوقف على مذهب البصريين وقد تقدم،
وحكى قطرب عن طيئ أنهم يقولون: كيف البنون والبناه؟ وكيف
الإخوة والأخواه؟ وهو شاذ. ومن الشاذ قولهم في التابوت
تابوه، قال بن جني: وقد قرئ بها يعني في الشواذ. قال: وسمع
بعضهم يقول: قعدنا على الفراه يريد على الفرات، وإبدالها
من الحاء في قولهم: طهر الشيء بمعنى طحره أي: أبعده، ومته
الدلو بمعنى متحها، ومدهه بمعنى مدحه.
وفرق بعضهم بين ذي الحاء وذي الهاء فجعل المدح في الغيبة
والمده في الوجه، والأصح كونهما بمعنى واحد إلا أن المدح
هو الأصل. العين أبدلت من حرفين الحاء والهمزة، فالحاء في
قولهم ضبع بمعنى ضج، والهمزة في نحو عن زيدًا قائم بمعنى
إن زيدًا قائم وهي عنعنة تميم وقد تقدم. الغين أبدلت من
حرفين وهما الخاء والعين، فالخاء نحو قولهم: غطر بيديه
يغطر بمعنى خطر يخطر حكاه ابن جني. والغين في قولهم لغن في
لعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاز حذف هذا في أنه. قوله: "ولو قيل: إن الهاء بدل من
الألف" الظاهر أن مراده بالألف الهمزة؛ لأنها المبدلة من
الواو في باب كساء وغطاء. قوله: "في قولهم هذه" أي: بإسكان
الهاء. قوله: "وهنيهة في هنية" هي الشيء اليسير.
قوله: "ومته الدلو بمعنى متحها" بفوقية فيهما، قال في
القاموس: مته الدلو كمنع متحها، وفسر المتح في موضع آخر
بالنزع، وفسر الميح بالتحتية في موضع آخر بدخول البئر لملء
الدلو لقلة مائها، وفي المصباح: متحت الدلو من باب نفع إذا
استخرجتها، ثم قال في موضع آخر: ماح الرجل ميحًا من باب
باع انحدر في الركية فملأ الدلو وذلك حين يقل ماؤها، ولا
يمكن أن يستقي منها إلا بالاغتراف باليد فهو مائح. اهـ.
ولم أجد فيهما ولا في غيرهما الميه بمعنى الميح بالتحتية
فيهما؛ وإنما الميه -كما في القاموس- طلاء السيف وغيره
بماء الذهب، وميه الركية وموهها كثرة مائها، فعلم ما في
كلام شيخنا من الخطأ، والله الهادي.
قوله: "وفرق بعضهم... إلخ" قال البعض: الظاهر أنه على هذا
لا إبدال إلا أن يكون التخصيص في كل استعماليًّا لا
وضعيًّا. اهـ. وهو متجه. قوله: "ضبح" بضاد معجمة فموحدة
يقال: ضبح الفرس كمنع أي: صوت صوتًا ليس بصهيل ولا همهمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1298- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص160،
وخزانة الأدب 1/ 375، 7/ 275، وسر صناعة الإعراب 1/ 66، 2/
560، وشرح المفصل 10/ 43، ولسان العرب 13/ 438 "هنن"، 15/
366، 367 "هنا"، والمقاصد النحوية 4/ 264، وبلا نسبة في
رصف المباني ص400، وشرح المفصل 1/ 48، ولسان العرب 15/ 369
"هنا"، والمنصف 3/ 139.
ج / 4 ص -471-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاء أبدلت من العين قالوا: ربح بمعنى ربع وهو قليل.
الخاء أبدلت من الغين قالوا: الأخن يريدون الأغن، فقد وقع
التكافؤ بينهما وذلك في غاية القلة. القاف أبدلت من الكاف
قالوا في وكنة الطائر -وهي مأواه من الجبل- وقنة حكاه
الخليل. الكاف أبدلت من حرفين القاف والتاء، فالقاف في
قولهم: عربي كح أي: قح، وفسر الأصمعي القح فقال: هو الخالص
من اللؤم، فقد وقع التكافؤ بينهما؛ لكن إبدال الكاف من
القاف أكثر من عكسه والتاء في قوله:
يابن الزبير طالما عصيكا
وقد تقدم. الجيم أبدلت من الياء وقد تقدم. الشين أبدلت من
ثلاثة أحرف: الكاف التي للمؤنث والجيم والسين، فالكاف في
نحو أكرمتك قالوا: أكرمتش وهي كشكشة تميم كما تقدم، والجيم
كما في قوله:
1299-
إذ ذاك إذ حبل الوصال مُدْمَشُ
أي: مدمج. قال ابن عصفور: ولا يحفظ غيره، وسهل ذلك كون الجيم
والشين متفقتين في المخرج. والسين قالوا: جعشوش في جعسوس
وهو القميء الذليل، ويجمع بالمهملة دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بمعنى خطر يخطر" في القاموس: خطر بباله وعليه يخطِر
ويخطُر خطورًا ذكره بعد نسيان، والفحل بذنبه يخطِر خَطْرًا
وخَطَرانًا وخطيرًا ضرب به يمينًا وشمالًا، والرجل بسيفه
ورمحه رفعه مرة ووضعه أخرى وفي مشيته رفع يديه ووضعهما
خطرانًا والرمح اهتز. اهـ. وقاعدته أنه إذا ذكر المضارع
مرة واحدة ولم يقيده صراحة بضبط فهو بكسر العين؛ وحينئذ
تفيد عبارته أن مضارع خطر بباله بكسر العين وضمها ومضارع
غيره بالكسر لا غير، فاحفظه.
قوله: "في لعنّ" أي: التي هي لغة في لعل. قوله: "ربع" قال
في القاموس: ربع كمنع وقف وانتظر ثم ساق معاني أخر. قوله:
"يريدون الأغن" هو الذي يخرج صوته من خيشومه. قوله: "فقد
وقع التكافؤ بينهما" أي: إبدال كل منهما من الأخرى. قوله:
"وذلك" أن التكافؤ بينهما. قوله: "وكنة الطائر" بتثليث
الواو وسكون الكاف بعدها نون. وأما وقنة بالقاف فبالضم لا
غير. وفي نسخ رسمها بفاء بدل النون وهو تحريف، نقله شيخنا
السيد. قوله: "أي: مدمج" أي: مدخل بعضه في بعض لشدة فتله
وإحكامه. قوله: "جعشوش" بوزن عصفور. وقوله: وبذلك أي:
بجمعه بالمهملة دون المعجمة.
قوله: "وهو القميء" بقاف مفتوحة فميم مكسورة فياء ساكنة
فهمزة، قال في القاموس: قمَأ كجمع وكرُم قَمْأ وقَمَاءة
وقُمْأء بالضم وبالكسر ذل وصغر فهو قميء. اهـ. وفي بعض
النسخ وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1299- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 205، ولسان
العرب 2/ 274 "رمج"، والممتع في التعريف 1/ 412.
ج / 4 ص -472-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعجمة؛ وبذلك علم الإبدال. الياء وهي أوسع حروف الإبدال،
أبدلت من ثمانية عشر حرفًا؛ من الألف في نحو مصابيح وغليم
تصغير غلام، ومن الواو في نحو أغزيت وما تصرف منه، ومن
الهمزة في نحو بير في بئر، ومن الهاء قالوا دهديت الحجر في
دهدهته، وقالوا صهصيت بالرجل أي: صهصهت به إذا قلت له: صه
صه، ومن السين في قوله:
1300-
إذا ما عُد أربعة فِسَالٌ
فزوجُك خامسٌ وأبوك سَادِي
أي: سادس. ومن الباء في قولهم: الأراني والثعالي، والأصل
الأرانب والثعالب وقد مر. ومن الراء في قيراط وشيراز
والأصل قراط وشراز لقولهم في الجمع: قراريط وشراريز. وقال
بعضهم في شيراز: شواريز، فيكون البدل من الواو والأصل
شوراز، ومن النون في أناسي وظرابي والأصل أناسين وظرابين؛
لأنهما جمعا إنسان وظربان، وكذلك تظنيت أصله تظننت من
الظن. وكان أبو عمرو بن العلاء يذهب إلى أن قوله تعالى:
{لَمْ يَتَسَنَّهْ} أصله يتسنن أي: لم يتغير من قوله تعالى:
{مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}
[الحجر: 26 و28 و33] وكذلك دينار أصله دنار لقولهم دنانير
ودنينير، وقالوا في إنسان: إيسان بالياء، ومن الصاد في
قولهم: قصيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقمأ بالهمزة على صيغة اسم مفعول أقمأ، قال في القاموس:
قمأه كمنعه وأقمأه صغره وأذله. اهـ. وعلى كل فقول الشارح
الذليل صفة كاشفة وإن كان أنسب بالنسخة الأولى. قوله: "في
نحو أغزيت" بغين معجمة فزاي يقال: أغزيته إذا بعثته بغزو.
مصباح.
قوله: "وما تصرف منه" أي: من مصدره نحو: يغزي ومغزى. قوله:
"دهديت الحجر" أي: دحرجته. قوله: "فسال" بكسر الفاء جمع
فسل بفتحها وسكون السين المهملة أي: ردى، كما في المصباح.
قوله: "فزوجك" بكسر الكاف بقرينة تذكير خامس. قوله:
"وشيراز" في المصباح: الشيراز مثل دينار اللبن الرائب
يستخرج منه ماؤه. وقال بعضهم: لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف
حتى يتثقف ويميل طعمه إلى الحموضة، وشيراز بلد بفارس. اهـ.
قوله: "في شيراز" أي: في جمعه. قوله: "لم يتسنه" لم يتغير
بمر السنين عليه. قوله: "أصله يتسنن" أي: فأبدلت النون
الأخيرة ياء ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم
حذفت للجازم وزيدت هاء السكت، وغير قول أبي عمرو قولان؛
أحدهما: أن أصله يتسنو بناء على أصل سنة سنو لقولهم: سانيت
قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت للجازم
وزيدت هاء السكت. ثانيهما: أن الهاء أصلية بناء على أن أصل
سنة سنة لقولهم: سانهت.
قوله: "من حمأ" أي: طين أسود مسنون أي: متغير. قوله: "في
قولهم: قصيت أظفاري" بتشديد الصاد، قال في المصباح: قصصته
قصًّا من باب قتل قطعته وقصيته بالتثقيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1300- البيت من الوافر، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه
ص459، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص301، والدرر 6/ 226، وسر
صناعة الإعراب 2/ 741، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213، وشرح
شواهد الشافية ص446، وشرح المفصل 10/ 24، ولسان العرب 2/
40 "ستت"، 11/ 519 "فسل"، 14/ 377 "سدا"، 15/ 492 "يا"،
والممتع في التعريف 1/ 368، وهمع الهوامع 2/ 157.
ج / 4 ص -473-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أظفاري. والأصل قصصت، وقيل: إن الياء هاهنا أصلها الواو
وأن المعنى تتبعت أقصاها، ومن الضاد في قوله:
1301-
إذا الكرامُ ابتدَرُوا الباغَ بَدَرْ
تَقَضِّي البازِي إذا البازِي كَسَرْ
أي: تقضض البازي من الانقضاض، ومن اللام في أمليت وأصله
أمللت، ومن الميم في قوله:
1302-
تَزُورُ امرأً أمَّا الإله فيتَّقِي
وأمَّا بفعل الصالحين فيَأْتَمِي
قالوا ابن الأعرابي: أراد فيأتم. ومن العين في قوله:
1303-
ومَنْهَل ليس له حَوَازِقُ
ولضَفَادِي جَمِّه نَقَانِقُ
يريد: ولضفادع. وقالوا: تعليت من اللعاعة وهي بقلة والأصل
تلععت. ومن الدال في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبالغة والأصل قصصته فاجتمع ثلاثة أمثال فأبدل من أحدها
ياء للتخفيف. اهـ.
قوله: "ابتدروا الباغ" بدر إلى الشيء من باب قعد وابتدر،
وبادر أسرع، والباغ بموحدة ثم غين معجمة الكرم كما في
العيني والمصباح، وعبارته: الباغ الكرم لفظة أعجمية
استعملها الناس بالألف واللام. اهـ. والضمير في بدر يرجع
إلى الممدوح. وقوله: تقضي البازي، في القاموس: انقض الطائر
هوى ليقع كتق وتقضي. اهـ. ومنه يؤخذ أن التقضي مصدر تقضى
فيكون بكسر الضاد المعجمة المشددة كالتدلي والتجلي والتحلي
والتخلي وهو مفعول مطلق لبدر ملاق له في المعنى كفرح
جذلًا.
قوله: "من الانقضاض" أي: مأخوذ من الانقضاض، وبجعل هذا
أخذًا لا اشتقاقًا يندفع ما يقال: لا يشتق مصدر مزيد من
أزيد منه. قوله: "حوازق" بحاء مهملة وقبل القاف زاي أي:
جوانب تحزق الماء أي: تحسبه. وقوله: ولضفادي جمه ضفادي
مضاف وجم مضاف إليه وجم مضاف والهاء مضاف إليه أي: لضفادي
عظمه وكثرته كما نقله شيخنا السيد عن الجاربردي. وقوله:
نقانق بفتح النون الأولى وقافين أي: أصوات وهو مبتدأ مؤخر
خبره لضفادي. قوله: "تلعيت... إلخ" ضبط في القاموس اللعاعة
بضم اللام وفسرها بمعان منها الهندبا، فلعلها مراد الشارح
بالبقلة، ثم قال: وتلعى تناولها ويؤخذ منه أن العين في قول
الشارح: تلعيت مشددة، وكذا العين الأولى من قوله: تلععت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1301- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 42، وأدب الكاتب ص487،
والأشباه والنظائر 1/ 48، وإصلاح المنطق ص302، والدرر 6/
20، وشرح المفصل 10/ 25، والممتع في التعريف 1/ 374، وبلا
نسبة في الخصائص 2/ 90، والمقرب 2/ 171، وهمع الهوامع 2/
157.
1302- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب
2/ 760، وشرح المفصل 10/ 24، ولسان العرب 12/ 26 "أمم"،
14/ 46 "أما"، 256 "دسا"، والمقرب 2/ 172، والممتع في
التعريف 1/ 374.
1303- الرجز لخلف الأحمر في الدرر 6/ 227، وبلا نسبة في
خزانة الأدب 4/ 438، وسر صناعة الإعراب 2/ 762، وشرح شافية
ابن الحاجب 3/ 212، وشرح المفصل 10/ 24، والكتاب 2/ 273،
والمقتضب 1/ 247، والممتع في التعريف 1/ 376.
ج / 4 ص -474-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصدية وهي التصفيق والصوت، والأصل تصددة لأنها من صددت
أصد، قال تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] ومن التاء في قوله:
1304-
قام بها ينشد كل منشد
وايتصلت بمثل ضوء الفرقد
أي: واتصلت. ومن الثاء في قوله:
1305-
قد مر يومان وهذا الثالي
أي: الثالث. ومن الجيم في قوله:
1306-
فأبعدكن الله من شيرات
أي: من شجرات، وقالوا: دياجي في جمع ديجوج والأصل دياجيج.
ومن الكاف في قولهم: مكوك ومكاكي، والأصل مكاكيك، وهو
مكيال. الصاد أبدلت من حرفين؛ من السين في قولهم: صراط في
السراط، ومن اللام في قولهم: رجل جصد أي: جلد. اللام أبدلت
من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "في التصدية" أقول: وكذا في التصدي قال في المصباح:
تصديت للأمر تفرغت له وتبتلت والأصل تصددت فأبدل للتخفيف.
قوله: "من صددت أصد" من باب ضرب يضرب كما في المصباح.
قوله: "في جمع ديجوج" بدال مهلة وتحتية وجيمين يقال: ليلة
ديجوج أي: مظلمة.
قوله: "والأصل دياجيج" قال البعض أي: فحذفت ياء الجمع ثم
أبدلت الجيم ياء. اهـ. والقياس أن يقال مثل هذا في قوله:
والأصل مكاكيك وهو إنما يصح إذا كانت الياء من دياجي
ومكاكي مخففة فإذا كانت مشددة كما ضبطت به ياء مكاكي فيما
رأيته من نسخ القاموس الصحيحة فلا؛ بل تكون الياء الساكنة
ياء الجمع والتي تليها بدل الجيم، والله أعلم. قوله:
"مكوك" كتنور. قوله: وهو مكيال أي: يسع صاعًا ونصفًا على
أحد أقوال ذكرها في القاموس. قوله: "الصاد أبدلت من حرفين
من السين في قولهم: صراط في السراط ومن اللام... إلخ" كذا
في بعض النسخ، قال السندوبي: كل كلمة فيها سين بعدها طاء
أو خاء أو غين أو قاف جاز إبدال سينها صادًا، سواء كانت
هذه الأحرف ثانية أو ثالثة أو رابعة نحو: صراط وبصط والصخب
والمصغبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1304- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 764، وشرح
المفصل 10/ 24، 26، ولسان العرب 11/ 726 "وصل"، والمقرب 2/
173، والممتع في التعريف 1/ 378.
1305- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 224، وسر صناعة الإعراب
ص764، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213، وشرح شواهد الشافية
ص448، وشرح المفصل 10/ 24، 28، ولسان العرب 2/ 121 "ثلث"،
وهمع الهوامع 2/ 157.
1306- صدره:
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى
والبيت من الطويل، وهو لجعيثنة البكائي في سمط اللآلي ص834،
وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 589.
ج / 4 ص -475-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرفين وهما النون في أصيلان، والضاد في اضطجع كما مر.
الراء أبدلت من اللام في قولهم: نثره بمعنى نثله، ورعلّ
بمعنى لعل. النون أبدلت من أربعة أحرف: من اللام في قولهم:
لعن في لعل، ونَابَنْ فعلت كذا في لابل لم فعلت كذا، ومن
الميم في قولهم للحية: أيم وأين.
وقالوا: أسود قاتم وقاتن، ومن الواو في صعناني وبهراني
نسبة إلى صنعاء وبهراء والأصل صنعاوي وبهراوي؛ لأن همزة
التأنيث في النسب تقلب واوًا كما تقدم في بابه. ومن الهمزة
حكى الفراء حنان في حناء وهو الذي يخضب به، وأما قول
الخليل وسيبويه أن نون فعلان الذي مؤنثه فعلى بدل من همزة
فعلاء كنون سكران وغضبان، فليس المراد به هذا البدل؛ وإنما
المراد أن النون عاقبت الهمزة في هذا الموضع كما عاقبت لام
التعريف التنوين الطاء أبدلت من حرفين: من التاء في
الافتعال بعد حروف الأطباق وقد تقدم، ومن الدال حكى يعقوب
عن الأصمعي مط الحرف في مده، والإبعاط في الإبعاد. الدال
أبدلت من ثلاثة أحرف: من التاء في الافتعال بعد الدال
والذال والزاي والجيم كما مر، ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصيقل في سراط وبسط وسخب ومسغبة وسيقل. اهـ. وعلى هذه
النسخة يكون قوله: بعد الصاد أبدلت من السين في نحو: صراط
مكررًا. وفي بعض النسخ: الضاد أي: المعجمة أبدلت من اللام
في قولهم: رجل جضد أي: جلد. وعلى هذه النسخة لا تكرار، ولا
يخفى أن النسختين متعارضتان في رجل جضد لاقتضاء النسخة
الأولى أنه بالصاد المهملة، واقتضاء الثانية أنه بالمعجمة
فحرره؛ فإني لم أجد في كتب اللغة بعد المراجعة شيئًا من
اللفظين. قوله: "النون في أصيلان" رسمه بالنون التي هي
مبدل منها دون اللام التي هي بدل مع أن رسمها باللام قياس
صنيعه في النظائر ليتعين للناظر أن اللام المبدلة نونًا هي
اللام الثانية لا الأولى.
قوله: "نثره بمعنى نثله" بنون فمثلثة فيهما على ما رأيت في
النسخ، وفيه أن نثله بمعنى استخرجه، وليس نثره بهذا
المعنى، فلعلهما في كلامه بنون ففوقية لتشاركهما حينئذ في
معنى الجذب. قوله: "أيم وأين" بفتح همزتها وسكون يائهما
التحتية. قال في الصحاح: قال ابن السكيت: أصل أيم أيم
فخففت مثل لين ولين وهين وهين. اهـ. وما نقله عن ابن
السكيت هو قضية صنيع القاموس. قوله: "أسود قاتم وقاتن" قال
في القاموس: القتام كسحاب الغبار. ثم قال: والأقتم الأسود
كالقاتم. اهـ. وحينئذ فالقاتم تأكيد للأسود. قوله: "ومن
الواو في صنعاني وبهراني... إلخ" إنما جعلوا النون بدل
الواو لا بدل همزة التأنيث إجراء للنسب إلى ذي الهمزة على
وتيرة واحدة في قلب الهمزة واوًا. قوله: "كنون سكران
وغضبان" تمثيل لنون فعلان. قوله: "هذا البدل" أي:
الاصطلاحي الذي الكلام فيه.
قوله: "عاقبت الهمزة" لأن الهمزة للمؤنث والنون للمذكر فلا
يجتمعان، وفي إطلاق المعاقبة على ذلك تجوز الحرفين
المتعاقبين يكونان في كلمة واحدة وما هنا ليس كذلك؛ إذ
ج / 4 ص -476-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطاء، قالوا: المردي في المرطي وهو حيث يمرط الشعر حول
السرة، ومن الذال في قولهم ذكر في جمع دكرة. التاء أبدلت
من سبعة أحرف: من الطاء في فستاط والأصل فسطاط؛ لقولهم في
الجمع: فساطيط دون فساتيط، ومن الدال في قولهم: نافة
تَرَبوت والأصل دربوت أي: مذللة لأنه من الدُّربة، ومن
الواو في تراث وتجاه ونحوهما، ومن الياء في نحو اتسر الأصل
ايتسر كما مر. وفي قولهم ثنتان الأصل ثنيان؛ لأنه من ثنيت
الواحد ثنيا، وفي قولهم: كيت وذيت الأصل كية وذية، فحذفت
تاء التأنيث وأبدلت من الياء الأخيرة وهي لام الكلمة تاء
لقولهم كان من الأمر كية وكية وذية وذية، ومن الصاد في
قولهم في لص: لصت، ومن السين في قولهم في طس: طست، وقولهم
في العدد: ست والأصل سدس؛ لقولهم: سديسة، ثم أبدلت الدال
تاء وأدغمت، ومن الباء في قولهم: ذعالت في ذعالب، والذعالب
والذعاليب الأخلاق من الثياب، الواحد ذعلوب. قال في
التسهيل: وربما أبدلت من هاء السكت، ومثاله ما تأوله بعضهم
في قولهم:
العاطفونة حين ما من عاطف
أنه أراد العاطفونه بهاء السكت، ثم أبدلها تاء وحركها
للضرورة، ومثله بعضهم بنحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤنث سكران سكرى بالقصر لا سكراء بالمد. قوله: "في المرطي"
لم أقف على نقل صحيح فيه بالمعنى المذكور في الشرح، والذي
في القاموس مرطي كجمزي ضرب من العدو، والمريطاء كالغبيراء
ما بين السرة أو الصدر إلى العانة، وساق معاني أخر، ثم
قال: وما اكتنف العنفقة من جانبيها كالمرطاوان بالكسر
والإبط وبالقصر اللهاة. اهـ. ولم يزد في الصحاح على ما في
القاموس؛ بل لم يستوعبه، فحرر. قوله: "وهو حيث يمرط الشعر"
براء وطاء مهملتين. قال البعض أي: المكان الذي ينبت فيه
الشعر. اهـ. وانظر ما سنده في ذلك؛ فإن الذي رأيته في
الصحاح والقاموس وغيرهما أن مرط الشعر نتفه بنون ففوقية
ففاء، وضبط شيخنا السيد تمرط في عبارة الشارح بالفوقية
وفتح الميم وشد الراء على صيغة الماضي وفسره بتحات.
قوله: "دكر في جمع دكرة" هما كعبرة وعبر، كما قاله شيخنا
السيد. وقال في الصحاح: الذكر والذكرى نقيض النسيان وكذلك
الذكرة. اهـ. ونقل صاحب القاموس عن الليث أن المعجمة تبدل
بالمهملة في الذكر جمع ذكرة إذا دخلت عليه أل، فإذا جرد
منها قيل: ذكر بالمعجمة. قوله: "فستاط" بضم الفاء الخيمة.
قوله: "تربوت" وزن ملكوت وقوله: أي مذللة يعني سهلة.
وقوله: من الدربة بضم الدال وسكون الراء وهي اعتياد الشيء
والجراءة عليه ويلزم من اعتياد الحيوان شيئًا وجراءته عليه
سهولته فيه. قوله: "الأصل ثنيان" ضبطه البعض بفتحات. قوله:
"من ثنيت الواحد" من باب رمى أي: صرت معه ثانيًا كذا في
المصباح، وبه يعرف ما في كلام البعض. قوله: "ذعالت" بذال
معجمة فعين مهملة. وقوله: الواحد ذعلوب أي: كعصفور. قوله:
"الأخلاق" أي: الباليات. قوله: "وحركها للضرورة" فيه أن
الوزن صحيح بدون تحريكها، فلا ضرورة إليه كما لا
ج / 4 ص -477-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنت ونعمت؛ لأنه جعل الهاء أصلًا. الصاد أبدلت من السين في
نحو صراط. الزاي أبدلت من حرفين من السين الساكنة قبل دال
نحو يُزدل في يسدل ويزدر في يسدر، يقال: سدر البعير يسدر
سدرًا إذا تحير من شدة الحر، ومن الصاد الساكنة قبل الدال
نحو يزدق في يصدق، ونحو القزد في القصد، فإن تحركت الصاد
لم تبدل، وفي كلامهم: لم يحرم الرفد من قزد له أي: من قصد
له، فأسكن الصاد وأبدلها زايًا. السين أبدلت من ثلاثة
أحرف: من التاء في استخذ على أحد الوجهين وأصله اتخذ، ومن
الشين في قولهم في مشدود: مسدود، ومن اللام في قولهم:
استقطه في التقطه، وهو في غاية الشذوذ. الظاء لم أرَ في
إبدالها شيئًا. الذال أبدلت من حرفين: من الدال في قراءة
من قرأ: "فشرذ بهم" بالمعجمة، ومن الثاء في قولهم: تلعذم
الرجل أي: تلعثهم إذا أبطأ في الجواب. الثاء أبدلت من
حرفين: من الفاء في مغثور والأصل مغفور، ومن الذال في
قولهم في الجذوة من النار: جثوة. الفاء أبدلت من حرفين: من
الثاء في قولهم: زيد فُم عمرو أي: ثم عمرو حكاه يعقوب.
وقولهم: فوم بمعنى ثوم، ومن الباء في قولهم خذه بإفانه أي:
بإبانه. الباء أبدلت من حرفين: من الميم في قولهم: با
اسمك؟ يريدون: ما اسمك؟ ومن الفاء في قولهم: البسكل في
الفسكل. الميم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخفى على من له أدنى إلمام بالعروض. قوله: "نحو يزذل في
يسدل... إلخ" سدل باللام من باب ضرب ونصر أي: أرخى وسدر
بالراء من باب فرح كذا في القاموس. قوله: "ونحو القزد"
بقاف فزاي.
قوله: "فإن تحركت الصاد لم تبدل" وكذا السين، وإنما اقتصر
على الصاد؛ لأنه إنما أتى بهذا الكلام توطئة لما بعده.
قوله: "لم يحرم الرفد" بكسر الراء وسكون الفاء أي: العطاء،
والهاء من قزد له ترجع إلى الممدوح. قوله: "على أحد
الوجهين" قال البعض: والوجه الثاني أن السين أصلية. اهـ.
أي: فيكون استخذ افتعل من سخذ ولست على وثوق منه؛ فإني لم
أجد في القاموس ولا في غيره وجودًا لمادة سخذ، فلعل الوجه
الثاني أن السين بدل من واو هي فاء الكلمة بتاء، على ما
نقله الشارح سابقًا عن بعض المتأخرين: أن الأصل قبل تاء
الافتعال وخذ وبعدها اوتخذ فأبدلت الواو سينًا تارة وتاء
أخرى. قوله: "وهو غاية الشذوذ" أي: إبدال اللام من السين.
قوله: "في مغثور والأصل مغفور" الذي يؤخذ من القاموس أنهما
بميم مضمومة وغين معجمة؛ فإنه قال في فصل الغين المعجمة في
باب الراء: المغثور بالضم والمغثر كمنبر شيء ينضحه الثمام،
إلى أن قال: والجمع مغاثير، ثم قال: والمغافير المغاثير
الواحد مغفر كمنبر ومغفر ومغفور بضمهما ومغفار ومغفير
بكسرهما. اهـ. ولم يصح مثل ذلك في عثر وعفر بالعين
المهملة؛ وحينئذ فرسم معثور ومعفور في كلام الشارح بالعين
المهملة تصحيف وإن لم يتنبه له أرباب الحواشي. قوله:
"بإفانه" بكسر الهمزة وتشديد الفاء أي: في وقته. قوله: "في
الفسكل" كقنفذ وزبرج الفرس الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل
ورجل فسكل كزبرج رذل وقد فسكل في القاموس في فصل الفاء من
باب
ج / 4 ص -478-
فصل: فا أمر أو مضارع من كوعد
فا أمر او مضارع من كوعد
احذف وفي كعدة ذاك اطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدلت من أربعة أحرف: من الواو في فم عند الأكثر أصله فوه
مثل فوج فحذفت الهاء تخفيفًا؛ لأنه قد يضاف إلى الضمير
فيقال فوهه، فيستثقل ذلك، ثم أبدلت الميم من الواو، ومن
النون في نحو: عمير والبنام في نحو البنان، ومن البناء في
قولهم: بنات مخر في بنات بَخْر للسحاب؛ لأنه من البخار،
وقولهم: ما زلت راتمًا على هذا أي: راتبًا، وعن ابن السكيت
رأيته من كثب ومن كثم أي: قرب، فالميم بدل من الباء؛ لأنهم
قالوا: كتب الفقيه الأمر، ولم يقولوا: كتم. ومنه قوله:
1307-
فبادرت سربها عجلى مثابرة
حتى استقت دون محيا جيدها نغما
أراد: نغبًا، والنغبة الجرعة. ومن لام التعريف في اللغة
اليمنية. الواو أبدل من ثلاثة أحرف: الألف والياء والهمزة،
وقد تقدمت، والله أعلم.
فصل في الإعلال
بالحذف:
وهو على ضربين: مقيس وشاذ، فالمقيس هو الذي تعرض لذكره هذا
الفصل وهو ثلاثة أنواع، وقد أشار إلى الأول منها بقوله:
"فا أمر أو مضارع من كوعد احذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللام وفسكله غيره لازم ومتعد. اهـ. وفيه في فصل الباء
الموحدة البسكل بالضم الفسكل من الخيل. اهـ.
قوله: "في بنات بخر" بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة كما
في القاموس. قوله: "من كثب ومن كثم" بكاف ومثلثة مفتوحتين
فيهما كما في المصباح والقاموس، فكتابتهما بالفوقية تصحيف
وإن لم يتنبه له شيخنا والبعض وغيرهما. وقوله: لأنهم
قالوا: كتب الفقية الأمر إن كان بالفوقية -كما في النسخ-
فهو تصحيف أو تعليل باطل لخروجه عن الموضوع، وإن كان
بالمثلثة فلعل معناه قرب من الأمر. قوله: "فبادرت سربها"
أي: أسرعت إلى جماعتها. وقوله: مثابرة بمثلثة ثم موحدة أي:
مواظبة على العجلة والسرعة يقال: ثابر على كذا أي: واظب
كما في القاموس. وقوله: دون محيا جيدها لعله حال من نغما
أي: حال كونه دون القدر الذي به حياة عنقها يعني نفسه.
وقوله: نغما بفتح النون وسكون الغين المعجمة وكذا النغب
وفعله نغب كمنع ونصر وضرب كما في القاموس. قوله: "والنغبة
الجرعة" في القاموس النغبة أي: بالفتح الجرعة وتضم أو
الفتح للمرة والضم للاسم. اهـ.
فصل في الإعلال بالحذف:
قوله: "ثلاثة أنواع" ما يتعلق بفاء الكلمة وما يتعلق بحرف
زائد فيها وما يتعلق بعينها أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1307- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب
1/ 426، وشرح المفصل 10/ 33، ولسان العرب 1/ 765 "نغب"،
والمقرب 2/ 178، والممتع في التعريف 1/ 393.
ج / 4 ص -479-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي كعدة ذاك اطرد" أي: إذا كان الفعل ثلاثيًّا واوي الفاء
مفتوح العين فإن فاءه تحذف في المضارع ذي الياء نحو وعد
يعد والأصل يوعد، فحذف الواو استثقالًا لوقوعها بين ياء
مفتوحة وكسرة، وحمل على ذي الياء أخواته نحو: أعد وتعد
ونعد، والأمر نحو عد، والمصدر الكائن على فعل بكسر الفاء
وسكون العين نحو عدة؛ فإن أصله وعد على وزن فعل، فحذفت
فاؤه حملًا على المضارع وحركت عينه بحركة الفاء وهي
الكسرة؛ ليكون بقاء كسرة الفاء دليلًا عليها وعوضوا منها
تاء التأنيث؛ ولذلك لا يجتمعان، وتعويض التاء هنا لازم،
وقد أجاز بعضهم حذفها للإضافة تمسكًا بقوله:
1308-
وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا
يعني: عدة الأمر، وهو مذهب الفراء، وخرجه بعضهم على أن عدا
جمع عدوة أي: ناحية أي: وأخلفوك نواحي الأمر وعدوا.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: من كوعد أن حذف الواو مشروط
بشروط؛ أولها: أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لامها على الخلاف الآتي، وقد ذكرها على هذا الترتيب. قوله:
"إذا كان الفعل" أي: الماضي. وقوله: مفتوح العين في مفهومه
تفصيل؛ لأن مضمومها لا تحذف فاء مضارعه نحو: وضؤ يوضؤ ووسم
يوسم ومكسورها انكسرت عين مضارعه حذفت فاء مضارعه نحو: وثق
يثق وومق يمق وورث يرث، وإن فتحت فقد تحذف فاء مضارعه نحو:
وسع يسع ووطئ يطأ، وقد لا تحذف نحو: وجل يوجل ووجع يوجع،
وإن استعملت بالكسر والفتح جاز حذف فاء مضارعه وعدم حذفها
كقوله: فإنه جاء من باب تعب فلم تحذف فاء مضارعه ومن باب
وعد فحذفت؛ لكن هذه لغة قليلة كما في المصباح.
قوله: "لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة" أي: وهما ضدان للواو
والواقع بين ضديه مستثقل. قوله: "وتعويض التاء" أي:
التعويض بالتاء. وقوله: هنا لعله احتراز عن التعويض بالتاء
في باب إقامة واستقامة؛ فإنه غالب لا لازم. قوله: "لازم"
فحذفها شاذ على الراجح.
قوله: "وقد أجاز بعضهم... إلخ" مقابل قوله: وتعويض التاء
هنا لازم. وقوله: للإضافة أي: لقيامها مقام التاء. قوله:
"وخرجه بعضهم... إلخ" اعلم أن احتمال ما في البيت لأن يكون
مفردًا وأن يكون جمعًا إنما هو بقطع النظر عن رسمه؛ وإلا
فهو إن رسم بألف بعد الدال تعين كونه جمعًا أولا تعين كونه
مفردًا فاندفع ما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "أن حذف الواو"
أي: من المضارع. قوله: "يدع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1308- صدره:
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا
والبيت من البسيط، وهو للفضل بن عباس في شرح التصريح 2/ 396،
وشرح شواهد الشافية ص64، ولسان العرب 1/ 651 "غلب"، 7/ 293
"خلط"، والمقاصد النحوية 4/ 572، وبلا نسبة في الأشباه
والنظائر 5/ 241، وأوضح المسالك 4/ 407، والخصائص 3/ 171،
وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 158، وشرح عمدة الحافظ ص486،
ولسان العرب 3/ 462 "وعد"، 7/ 293 "خلط".
ج / 4 ص -480-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون الياء مفتوحة فلا تحذف من يوعد مضارع أوعد، ولا من
يوعد مبنيًّا للمفعول، وشذ من ذلك قولهم: يُدَع ويُذَر في
لغة. ثانيها: أن تكون عين الفعل مكسورة، فإن كانت مفتوحة
نحو يوجل، أو مضمومة نحو يوضؤ لم تحذف الواو، وشذ قول
بعضهم في مضارع وجد يجد، ومنه قوله:
1309-
لو شئت قد نُقع الفؤاد بشربة
تدع الصوادي لا يجدن غليلا
وهي لغة عامرية، وأما حذف الواو من يقع ويضع ويهب فللكسر
المقدر؛ لأن الأصل فيها كسر العين؛ إذ ماضيها فعل بالفتح،
فقياس مضارعها يفعل بالكسر ففتح لأجل حرف الحلق تخفيفًا،
فكان الكسر فيه مقدرًا، ويسع كذلك لأنه وإن كان ماضيه وسع
بالكسر وقياس مضارعه الفتح إلا أنه لما حذفت منه الواو دل
ذلك على أنه كان مما يجيء على يفعل بالكسر نحو ومق يمق،
وإلى هذا أشار في التسهيل بقوله: بين ياء مفتوحة وكسرة
ظاهرة كيعد أو مقدرة كيقع ويسع. ثالثها: أن يكون ذلك في
فعل، فلو كان في اسم لم تحذف الواو، فتقول في مثال يقطين
من وعد يوعيد؛ لأن التصحيح أولى بالأسماء من الإعلال.
الثاني: فهم من قوله: كعدة أن حذف الواو من فعلة المشار
إليها مشروط بشرطين:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويذر" ببنائهما للمفعول وشذوذهما كما في التصريح من وجهين:
ضم يائهما وفتح عينهما، فقد انتفى فيهما الشرط الأول
والثاني والقياس يودع ويوذر؛ لكن حمل فعل المفعول على فعل
الفاعل، وحسنه أن هذه الواو لم ينطق بها في شيء من تصاريف
هذين الفعلين إلا نادرًا. قوله: "أن تكون عين الفعل" أي:
المضارع، فالمدار على كسر العين فيه لا على فتحها في
الماضي وإن أوهمه كلامه السابق. قوله: "يجد" أي: بضم
الجيم، أما على اللغة المشهورة من كسرها فلا شذوذ.
قوله: "لو شئت" خطاب لأمامة ونقع بالنون والقاف والعين
المهملة أي: روي والصوادي جمع صادية وهي العطشى، وغليلا
بالغين المعجمة مفعول لا يجدن بمعنى لا يصبن؛ ولهذا اقتصر
على مفعول واحد، والجملة حال من الصوادي. اهـ عيني. وفي
القاموس: نقع بالشراب كمنع اشتفى منه، وفيه أيضًا الغليل
كأمير العطش أو شدته أو حرارة الجوف. قوله: "دل ذلك" أي:
حذف الواو منه. وقوله: على أنه كان... إلخ قد يبحث فيه
بأنه يحتمل أن يكون الحذف مجرد شذوذ، كما يشير إليه قول
المصرح: وشذ يسع من وجهين: كون ماضيه مكسور العين وكون
مضارعه مفتوحها. اهـ. نعم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1309- البيت من الكامل، وهو لجرير في الدرر 5/ 103، وشرح
شواهد الشافية ص53، ولسان العرب 8/ 361 "نقع"، ومغني
اللبيب 1/ 272، والمقاصد النحوية 4/ 591، وليس في ديوانه،
وهو للبيد بن ربيعة في شرح شافية ابن الحاجب 1/ 32، وللبيد
أو جرير في لسان العرب 3/ 445 "وجد"، وبلا نسبة في سر
صناعة الإعراب 2/ 596، وشرح المفصل 10/ 60، والمقرب 2/
184، والممتع في التعريف 1/ 177، 2/ 427، والمنصف 1/ 187،
وهمع الهوامع 2/ 66.
ج / 4 ص -481-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما: أن تكون مصدرًا كعدة، وشذ من الأسماء رقة للفضة
وحشة للأرض الموحشة، ومن الصفات لدة بمعنى ترب، ويقع على
الذكر فيجمع بالواو والنون، وعلى الأنثى وبالألف والتاء
قال:
1310-
رأين لداتهن مؤزَّرات
وشَرْخ لدي أستار
الهرام
وفيها احتمال؛ وهو أن تكون مصدرًا وصف به، ذكره الشلوبين.
وقوله في التسهيل: وربما أعل بذا الإعلال أسماء كرقة وصفات
كلدة فيه نظر؛ لأن مقتضاه وجود أقل الجمع من النون عين،
أما الأسماء فقد وجد رقة وحشة وجهة عند من جعلها اسمًا،
وأما الصفات فلا يحفظ غير لدة. وقد أنكر سيبويه مجيء صفة
على حرفين. ثانيهما: ألا تكون لبيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجه الأول لا ينهض مع كون المدار على كسر عين المضارع
-كما قدمنا- وبأن القياس على ومق يمق في كسر عين المضارع
قياس على ما هو خلاف القياس؛ لأن قياس الماضي مكسور العين
فتح عين مضارعه، فتدبر. ثم رأيت في المصباح كلامًا آخر
حسنًا لا يرد عليه ما ذكر، وعبارته: قيل: الأصل في المضارع
الكسر؛ ولهذا حذفت الواو لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم
فتحت بعد الحذف لمكان حرف الحلق، ومثله يهب ويقع ويدع ويلغ
ويطأ ويضغ ويلع. اهـ. قوله: "للفضة" أي: المضروبة. قوله:
"للأرض الموحشة" بكسر الحاء المهملة أي: الخالية التي لا
أنيس بها كما يستفاد من الصحاح والقاموس.
قوله: "ومن الصفات لدة بمعنى ترب" بفوقية مكسورة فراء
ساكنة فموحدة من ساواك سنًّا، ولم أجد للدة سواء قلنا: إنه
صفة أو مصدر فعلًا بهذا المعنى، والذي في القاموس: ولدت
تلد ولادًا وولادة وإلادة ولدة ومولدًا. ثم قال: واللدة
الترب. ثم قال: ووقت الولادة كالمولد والميلاد. قوله:
"رأين" أي: النسوة لداتهن أي: أترابهن مؤزرات أي: مستورات
بالأزر، وشرخ لدى بشين معجمة مفتوحة فراء ساكنة فخاء معجمة
قال البعض: أي ستر أترابي. اهـ. ولم أجد في القاموس ولا
الصحاح ولا غيرهما الشرخ بمعنى الستر، وعبارة الصحاح:
الشارخ الشاب والجمع شرخ مثل صاحب وصحب. ثم قال: وشرخ
الأمر والشباب أوله. ثم قال: وهما شرخان أي: مثلان والجمع
شروخ وهم الأتراب. اهـ. وانظر هل الهرام جمع هرم ككتف يطلق
على النفس والعقل وكبير السن كما في القاموس، وتأمل
المعنى.
قوله: "عند من جعلها" أي: جهة اسمًا أي: لا مصدرًا كما
يأتي عن الشلوبين. قوله: "وقد أنكر سيبويه مجيء صفة على
حرفين" المناسب للسياق أن المراد استعمال صفة على حرفين
أصليين وإن وضعت في الأصل على ثلاثة أحرف حذف أحدها وعوض
عنه، ثم يحتمل أن المراد: أنكر سيبويه مجيء صفة كذلك غير
لدة؛ فيكون تأييدًا لما قبله، ويحتمل أن المراد أنكر ذلك
بالكلية حتى منع كون لدة صفة فيكون مقابلًا له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1310- البيت من الوافر، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 291،
ولسان العرب 3/ 469 "ولد".
ج / 4 ص -482-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة نحو الوعدة والوقفة المقصود بهما الهيئة؛ فإنه لا
يحذف منهما كما اقتضاه كلام الكفاية.
الثالث: قد ورد إتمام فعلة شاذًّا قالوا: وتره وترًا ووترة
بكسر الواو، حكاه أبو علي في أماليه. قال الجرمي: ومن
العرب من يخرِّجه على الأصل فيقول: وعدة ووثبة ووجهة، وذهب
المازني والمبرد والفارسي إلى أن وجهة اسم للمكان المتوجه
إليه؛ فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه؛ لأنه ليس بمصدر،
وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو ظاهر كلام سيبويه، ونسب إلى
المازني أيضًا، وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ. قال بعضهم:
والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير
جار على فعله؛ إذ لا يحفظ وجه يجه، فلما فقد مضارعه لم
يحذف منه؛ إذ لا موجب لحذفها إلا حمله على مضارعه ولا
مضارع، والفعل المستعمل منه توجه واتجه، والمصدر الجاري
عليه التوجه فحذفت زوائده، وقيل: وجهة، ورجح الشلوبين
القول بأنه مصدر قال: لأن وجهة وجهة بمعنى واحد، ولا يمكن
أن يقال في جهة: إنها للمكان؛ إذ لا يبقى للحذف وجه.
الرابع: ربما فتحت عين هذا المصدر لفتحها في مضارعه نحو:
سعة وضعة، قد تضم. قالوا في الصلة صلة بالضم، وهو شاذ.
الخامس: ربما أعل بهذا الإعلال مصدر فعل بالضم نحو وقح
قحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لا يحذف منهما" أي: لا تحذف واوهما للإلباس. تصريح.
قوله: "قالوا وتره" يقال: وترت العدد أفردته والصلاة
جعلتها وترًا وزيدا حقه نقصته إياء والكل من باب وعد، كذا
في المصباح. قوله: "بكسر الواو" راجع للثاني فقط. قوله:
"من يخرجه" أي: فعلة المصدر أن ينطق به على الأصل الذي هو
الإتمام شذوذًا ليوافق ما قبله وما بعده، ويحتمل أن مراد
الجرمي أن ذلك لغة مطردة لبعض العرب، فيكون قولًا آخر.
قوله: "إلى أنه مصدر" أي: غير جار على فعله، وهو توجه أو
اتجه لحذف زوائده. قال الطبلاوي: وهذا هو المراد بقول
بعضهم: اسم مصدر؛ لأن اسم المصدر هو المصدر الجاري على غير
فعله. اهـ. قوله: "لإثباتها فيه" أي: شذوذًا. وقوله: دون
غيره من المصادر لعل هذا القائل لم يطلع على ورود وترة
ووعدة ووثبة أو لم يثبت عنده ورودها. قوله: "التوجه" أي:
أو الاتجاه.
قوله: "ولا يمكن أن يقال في جهة: إنها اسم" قدم الشارح أن
منهم من جعلها اسمًا حذفت واوها شذوذًا كرقة وحشة. قوله:
"إذ لا يبقى للحذف وجه" أي: لأن الاسم لا يحذف منه؛ وإنما
يحذف من المصدر، والقائل باسميتها يقول: المصدرية شرط
لاطراد الحذف، والحذف في وجهة شاذ. قوله: "نحو سعة وضعة"
بفتح أولهما ويكسر في لغة، وبالكسر قرأ بعض التابعين: "ولم
يؤت سعة من المال" كما في المصباح. قوله: "وقد تضم" أي:
عين المصدر وإن كانت في مضارعه مكسورة. قوله: "وقح قحة"
القحة والوقاحة قلة الحياء كما في المصباح. قوله: "يسر
ج / 4 ص -483-
وحذف همز أَفْعَلَ اسْتَمَرَّ فِي
مضارعٍ وبِنْيَتَيْ
مُتَّصِف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادس: فهم من تخصص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه
ياء لا حظ له في هذا الحذف إلا ما شذ من قول بعضهم في
مضارع يسر يسر والأصل ييسر، وفي مضارع يئس يئس والأصل
ييئس. انتهى.
ثم أشار إلى النوع الثاني بقوله: "وحذف همز أفعل استمر في
مضارع وبنيتي متصف" أي: مما اطرد حذفه همزة أفعل من مضارعه
واسمي فاعله ومفعوله، وهما المراد بقوله: وبنيتي متصف،
فتقول: أكرم يكرم فهو مكرم ومكرم، والأصل يؤكرم ومؤكرم
ومؤكرم؛ إلا أنه لما كان من حروف المضارعة همزة المتكلم
حذفت همزة أفعل معها؛ لئلا يجتمع همزتان في كلمة واحدة،
وحمل على ذي الهمزة أخواته واسما الفاعل والمفعول، ولا
يجوز إثبات هذه الهمزة على الأصل إلا في ضرورة أو كلمة
مستندرة، فمن الضرورة قوله:
1311-
فإنه أهل لأن يؤكرما
والكلمة المستندرة قولهم: أرض مؤرنبة بكسر النون
أي: كثيرة الأرانب، وقولهم: كساء مؤرنب إذا خلط صوفه بوبر
الأرانب، هذا على القول بزيادة همزة أرنب، وهو الأظهر.
تنبيه: لو أبدلت همزة أفعل هاء كقولهم في أراق: هراق، أو
عينًا كقولهم في أنهل الإبل: عنهل لم تحذف؛ لعدم مقتضى
الحذف، فتقول: هراق يهريق فهو مهريق ومهراق، وعنهل الإبل
يعنهلها فهو معنهل وهي معنهلة. اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسر" كوعد يعد أي: لعب القمار كما في المصباح. قوله: "وفي
مضارع يئس" اعلم أن كلا من مضارع يئس بتحتية فهمزة مكسورة
ومضارع يبس بتحتية فموحدة مكسورة جاء كيمنع اطرادًا وكيضرب
شذوذًا كما في القاموس، وأن كلا من المضارعين سمع فيه
الحذف شذوذًا، كما في شرح علي باشا على التسهيل، فيصح ضبط
يئس في عبارة الشارح بالهمزة وبالموحدة، والظاهر أن سماع
الحذف فيهما على لغة كسر عينهما وإلا كان شذوذ الحذف فيهما
من وجهين: كون المحذوف الياء، وكون عينه مفتوحة.
قوله: "وبنيتي متصف" أي: صيغتي الذات المتصف أي: الصيغتين
الدالتين على الذات المتصف بذلك المعنى على جهة القيام به
والوقوع عليها. سم. قوله: "أخواته" نحو: نكرم وتكرم ويكرم.
قوله: "كساء مؤرنب" بفتح النون كما في القاموس. قوله:
"هذا" أي: استندار قولهم: أرض مؤرنبة وكساء مؤرنب على
القول... إلخ أما على القول بأصالة همزة أرنب؛ فلا يكون
قولهم ذلك مستندرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1311- الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص11، وأوضح المسالك 4/
406، وخزانة الأدب 2/ 316، والخصائص 1/ 144، والدرر 6/
319، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 139، وشرح شواهد الشافية
ص58، ولسان العرب 1/ 435 "رنب"، 12/ 512 "كرم"، والمقاصد
النحوية 4/ 578، والمقتضب 2/ 98، والمنصف 1/ 37، 192، 2/
184، وهمع الهوامع 2/ 218.
ج / 4 ص -484-
ظِلْتُ وظَلْتُ في ظَلِلْتُ اسْتُعْمِلا
وقِرْنَ في اقْرِرْنَ
وقَرْنَ نُقِلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أشار إلى النوع الثالث بقوله: "ظلت وظلت في ظللت
استعملا" أي: كل فعل ثلاثي مكسور العين ماض عينه ولامه من
جنس واحد يستعمل في إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة
أوجه: تامًّا كظللت، ومحذوف اللام مع نقل حركة العين إلى
الفاء كظلت، ودون نقلها كظلت. وكذا تفعل في ظللن. فإن زاد
على الثلاثة تعين الإتمام نحو أقررت، وشذ أحست في أحسست،
وكذا يتعين الإتمام إن كان مفتوح العين نحو حللت، وشذ همت
في هممت حكاه ابن الأنباري. وإن كان الفعل مضارعًا أو
أمرًا واتصل بنون نسوة جاز الوجهان الأولان فقط نحو: يقررن
ويقرن واقررن وقرن، وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وقرن في
اقررن" أي: استعمل قرن في اقررن، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}
وهو أمر من قررت بالمكان أقر بالفتح في الماضي والكسر في
المستقبل، فلما أمر منه اجتمع مثلان وأولهما مكسور فحسن
الحذف كما فعل بالماضي، وقيل: هو أمر من الوقار، يقال: وقر
يقر فيكون قرن محذوف الفاء مثل عدن، ورجح الأول لتتوافق
القراءتان، فإن كان أول المثلين مفتوحًا كما في لغة من
قال: قررت بالمكان بالكسر أقر بالفتح فالتخفيف قليل، وإليه
أشار بقوله: "وقرن نقلا" أي: في قراءة نافع وعاصم؛ لأنه
تخفيف لمفتوح، وقد أفهم بقوله: نقلا أن ذلك لا يطرد وصرح
به في الكافية، وأما الذي قبله فصرح في الكافية باطراده
فقال:
وقرن في اقررن وقس معتضدا
وذكر غيره أنه لا يطرد وهو ظاهر كلام التسهيل؛
بل ذهب ابن عصفور إلى أن الحذف في ظللت ونحوه غير مطرد،
وقد صرح سيبويه بأنه شاذ، وأنه لم يرد إلا في لفظتين من
الثلاثي وهما: ظلت ومست، وفي لفظ ثالث من الزوائد على
ثلاثة وهو أحست في أحسست، وإلى الاطراد ذهب الشلوبين، وحكي
في التسهيل أن الحذف لغة سليم، وبذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو عينًا" أي: مهملة. قوله:"يهريق" بفتح الهاء وكذا
مهريق ومهراق. قوله: "استعملا" ألفه للتثنية. قوله:
"تامًّا" هو وما بعده بدل من قوله: على ثلاثة أوجه الواقع
حالًا فلا إشكال في نصب تامًّا. قوله: "فإن زاد... إلخ"
محترز ثلاثي. وقوله: وكذا يتعين الإتمام إن كان... إلخ
محترز مكسور العين. وقوله: وإن كان الفعل... إلخ محترز ماض
ولم يذكر محترز قوله: عينه ولامه... إلخ لوضوحه. قوله:
"نحو أقررت" فلا يقال: أقرت. قوله: "وشذ أحست في أحسست"
حذف منه العين أو اللام ونقلت حركة العين إلى الفاء.
قوله: "جاز الوجهان الأولان فقط" أي: الإتمام وحذف اللام
مع نقل حركة اللعين وهي الكسرة إلى الفاء؛ لكن العين هنا
عين المضارع أو الأمر وفيما سبق عين الماضي. قوله: "من وقر
يقر" كوعد يعد. قوله: "فالتخفيف" أي: بحذف الهمزة مع نقل
حركة العين وهي الفتحة إلى الفاء. قوله: "لأنه تخفيف
لمفتوح" تعليل لقوله: فالتخفيف قليل، وجوز في شرح الكافية
أن يكون المفتوح من قار يقار إذا اجتمع ومنه القارة وهي
الأكمة لاجتماعها قوله: "وإلى الاطراد" أي: اطراد الحذف في
ظللت ونحوه، فهو مقابل لقوله: بل ذهب |