رسالة الملائكة

القول في المسألة التي ذكرها أبن كيسان في كتابه المهذب
وهو قوله هذا هذا هذا هذا أربع مرات فذكر على قول الكوفيين إن الأولى تقريبٌ والثانية مثال وهو اسم الفاعل والثالثة فعلٌ والرابعة مفعول وهذه المسالة بينة وأما قوله تقريب فهو من قرب الشيء كقولهم من كان يريد الماء، فهذا النهر، ومن كان يريد الكسوة فهذه البرودُ ومنهُ، قول جرير:
هذا ابنُ عُمي في دمشق خليفةٌ ... لو شئت ساقكم إلي قطينا

(/)


وقوله مثالٌ يريد أنه على معنى التشبيه الذي أسقطت منه مثل كما تقول زيدٌ عمروٌ أي مثل عمر ثم يحذف فكأنه يريد هذا مثل هذا أي نائب منابه وقوله هو اسم الفاعل كلام صحيح وليس مراده به ان الفعل تقدمه كما تقدم في قولك قام زيدٌ وانما يريد به أن الفعل وقع منه ولا يُبالي أمتقدما كان أم متأخرا كما انك إذا قلت زيد ضرب عمرا فزيد اسم الفاعل وإن كان مرفوعا بالابتداء وقد بان أمر المسألة فيما ذ كر وهو جلي لا يفتقر إلى إطالة وقد يقع في الكتب الفاظُ مستغلقةُ فمنها ما يكون تعذر فهمه من قبل عبارة واضع الكتاب لأنه يكون مستورا على ما بعده من الألفاظ وعلى ذلك جاءت عبارة سيبويه في بعض المواضع ومنها ما يستبهم لأن صاحب الكتاب يكون قاصدا لإبهامه ويقال إن النحويين المتقدمين فعلوا مثل ذلك ليفتقروا اليهم في إيضاح المشكلات ومن ألفاظ الكتب ما يستعجم لتصحيف يقعُ فيه فان الحرف ربما زاغ عن هيئته فأتعب الناظر وشغل قلب المفكر وربما كان الكلام قد سقط منه شيء فيكون الإخلال به أعظم ومعناه أبعد من الإبانة.