رسالة الملائكة

القول في المسألتين اللتين ذكرهما النحويون


من قولهم أزيبداً ثم يضربه إلا هو وأزيد لم يضرب إلا اياه جعل النحويون المنفصل في هذا الباب من الضمير بمنزلة الاجنبي فقالوا أزيداً لم يضربه ألا هو كما قالوا أزيداً لم يضربه إلا عمرو وهذا بين واضح لأنهم جعلوا ما قرب إلى الاسم أولى به وإذا قالوا أزيد لم يضرب الا اياه فكأنهم قالوا أزيد لم يضرب إلا عمرا فارتفاع زيد في إحدى المسالتين بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده وانتصابه كذلك والتفسير فيما ظهر من الفعل وقال قوم يرفع على الابتداء ويتصل بهذه المسألة انهم لا يقولون زيد ضربه وهم يقولون زيد ضربه وهم يقولون زيد ضرب نفسه وقليل في كلامهم زيد ضرب اياه لانهم استغنوا بنفسه عن ذلك ولانه كان الأصل إن يتعدى فعله إلى الهاء ثم انهم رفضوه كما رفضوا غيره مما فيه لبس لانهم قالوا زيد ضربه وهم يريدون ضرب نفسه لا لتبس بقولهم زيد ضربه وهم يريدون الكناية عن غائب فينبغي أن يجرئ اياه في المسألة مجرى الاجنبي وكذلك هو لانا لو وضعنا في موضعهما أجنبيين لصلح الكلام فكنا نقول أزيد لم يضرب إلا عمراً وهذا كلام لا خلاف في حسنه وكذلك نقول أزيدا لم يضربه إلا عمرو فلا مرية في جوازه وإنما يقوى المنفصل ها هنا لأن حرف الاستثناء حال بينه وبين ما قبله فالمسألتان واضحتان ليس فيهما اشكال.