رسالة الملائكة القول في اللفظ
المنقول من كتاب المراغي
إذا أشكلت الألفاظ في كتب والغرض معلوم فما ينبغي للناظر أن يحفل بذلك
وليقصد أخذ المعنى والفاء ما يظهر من اللفظ الفاسد وان كان الغرض غير
مفهوم فعند ذلك يجب التوقف والذي قصده المراغي بين واضح والكرم الذي
نقل قد سقط منه شيء يحتمل أن يكون عبارة من عبارات مختلفةٍ ولا يفتقر
إلى تمثيله لأن الباب في هذا إن الياء إذا كانت في الواحد مخففة فهي في
الجمع كذلك وإذا كانت مشددة في الآحاد رجع التشديد في الجموع مثال ذلك
أنك تقول أضحية وأمنية وتقول في الجمع أماني وأضاحي وقد يجوز في مثل
ذلك التخفيف وان كانوا لم يخففوا الواحد لأنهم قد قالوا الأماني
بالتخفيف والتشديد هو اللغة العلية قال الشاعر في التخفيف:
فيا زيد عللنا بمن يسكن الغضا ... وان لم يكن يازيد إلا أمانيا
وقال جرير:
تراغيتم يوم الزبير كأنكم ... ضباغ بذي قار غنلا الأمانيا
وكذلك قالوا أثفيه بالتشديد وقالوا في الجمع أثافيُّ فكان تشديد الياء
هو الوجه كما قال زهير: أثافي سفعا وقد يجيء مخففة قال الراعي: نصبت
لها بعد الهدو الأثافيا
(/)
وقال قوم إن العرب تلزم تخفيف الأثافي
الجمع والقول في هذا أن الواحد إذا كان مشددا فالوجه تشديد الجمع ويجوز
تخفيفه وهو إذا شد دتام وإذا خفف ناقص وإذا كان الواحد مخففا فالتخفيف
في الجمع واجب ولا يجوز إلا ذلك تقول جارية وجوار وجوار ومارية وموار
فهو ناقص في الرفع والخفض فإذا نصب تم فقلت رأيت جواري وقد يجيء
التشديد في الجمع إذا كان الواحد ممدودا كما قالوا صحراء وصحاري وعلباء
وعلابي وكذلك لو جمعت مفعالا مثل معطاء ومهداء لقلت في الجمع معاطي
ومهادي كما تقول في جمع مطعام مطاعيم ولو بنيت مفعيلا من أتيت ونحو ثم
جمعته كما تجمعت مسكينا على مساكين لقلت مآتي فالتشديد في هذا الباب
ليس له مزية على غيره من باب مفتاح وأما التخفيف فانه إذا وجد في
الواحد وجب إن يكون الجمع مخففا فنقول سارية وسوار والسواري فتثبت
الياء مع الألف واللام ويكون هذا الوجه كما كان الوجه إذا جمعت ضاربة
إن تقول ضوارب وكره إن تقول ضواريب ألا عند الضروة فهذا نظير لقولك
الجارية والجوادي وقولك الكافور والكوافير والمساكين والملعلون
والملاعين نظير لقولك بختي وبخاتي لأنك تنظر في الزائد الذي قبل الحرف
الآخر وكره تخفيف المشدد في الأثافي والأماني كراهة غير شديدة لان
التضعيف مكروه في الياء إذا كانت حرف علة واستثقال فآثروا فيها التيسير
ويدلك على كراهتهم أن يجمعوا بين الياءين أنهم قالوا حي الرجل وعي
بالأمر ولم يستعملوا من الأفعال الماضية ما يجتمع فيه الياءآن غير هذين
النوعين وما تصرف منها ومن قال في جمع مصباح مصابح وفي مفتاح مفاتح فهو
الذي يخفف ياء أثافي وبخاتي قال الشاعر:
بخاني قطار مدا عناقها السفر
ومن حذف في الجمع لم يحذف في الواحد لأن الجمع تحذف الزوائد فيه ومن
العبارات التي يصلح بها الكلام لذي في كتاب المراغي وهي كثيرة أن يقال
وليس كذلك بخاتي لأن الياء فيه مشددة وكذلك في واحدة وبتشديد الياء
وتخفيفها يجب القياس في الناقصة والتامة فان قيل فما تصنع فقل.
(/)
|