شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك

فصل لو
لو حرف شرط في مضى ويقل ... إيلاؤها مستقبلا لكن قبل
لو تستعمل استعمالين:
أحدهما: أن تكون مصدرية وعلامتها صحة وقوع أن موقعها نحو وددت لو قام زيد أي قيامة وقد سبق ذكرها في باب الموصول.
الثاني: أن تكون شرطية ولا يليها غالبا إلا ماض معنى ولهذا قال لو حرف شرط في مضى وذلك نحو قولك لو قام زيد لقمت وفسرها سيبويه بأنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره وفسرها غيره بأنها حرف امتناع لامتناع وهذه العبارة الأخيرة هي المشهورة والأولى الأصح وقد يقع بعدها ما هو مستقبل المعنى وإليه أشار بقوله ويقل إيلاؤها مستقبلا ومنه قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ} وقوله:

(4/47)


347 - ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... على ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح

(4/48)


وهي في الاختصاص بالفعل كإن ... لكن لو أن بها قد تقترن
يعني أن لو الشرطية تختص بالفعل فلا تدخل على الاسم كما أن إن الشرطية كذلك لكن تدخل لو على أن واسمها وخبرها نحو لو أن زيدا قائم لقمت واختلف فيها والحالة هذه فقيل هي باقية على اختصاصها وأن وما دخلت عليه في موضع رفع فاعل بفعل محذوف والتقدير لو ثبت أن زيدا قائم لقمت أي لو ثبت قيام زيد وقيل زالت عن الاختصاص وأن وما دخلت عليه في موضع رفع مبتدأ والخبر محذوف والتقدير لو أن زيدا قائم ثابت لقمت أي لو قيام زيد ثابت وهذا مذهب سيبويه.
وإن مضارع تلاها صرفا ... إلى المضى نحو لو يفي كفى

(4/49)


قد سبق أن لو هذه لا يليها في الغالب إلا ما كان ماضيا في المعنى وذكر هنا أنه إن وقع بعدها مضارع فإنها تقلب معناه إلى المضى كقوله:
348 - رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا

(4/50)


لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خروا لغزة ركعا وسجودا
أي لو سمعوا ولا بد للو هذه من جواب وجوابها إما فعل ماض أو مضارع منفي بلم وإذا كان جوابها مثبتا فالأكثر اقترانه باللام نحو لو قام زيد لقام عمرو ويجوز حذفها فتقول لو قام زيد قام عمرو وإن كان منفيا بلم لم تصحبها اللام فتقول لو قام زيد لم يقم عمرو وإن نفى بما فالأكثر تجرده من اللام نحو لو قام زيد ما قام عمرو.
ويجوز اقترانه بها نحو لو قام زيد لما قام عمرو.

(4/51)


أما ولولا ولوما
أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبا ألفا
أما حرف تفصيل وهي قائمة مقام أداة الشرط وفعل الشرط ولهذا فسرها سيبويه بمهما يك من شيء والمذكور بعدها جواب الشرط فلذلك لزمته الفاء نحو أما زيد فمنطلق والأصل مهما يك من شيء فزيد منطلق فأنيبت أما مناب مهما يك من شيء فصار أما فزيد منطلق ثم أخرت الفاء إلى الخبر فصار أما زيد فمنطلق ولهذا قال وفا لتلو تلوها وجوبا ألفا.
وحذف ذي الفاقل في نثر إذا ... لم يك قول معها قد نبذا

(4/52)


قد سبق أن هذه الفاء ملتزمة الذكر وقد جاء حذفها في الشعر كقوله:
349 - فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرا في عراض المواكب

(4/53)


أي فلا قتال وحذفت في النثر أيضا بكثرة وبقلة فالكثرة عند حذف القول معها كقوله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أي فيقال لهم أكفرتم بعد إيمانكم والقليل ما كان بخلافه كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله هكذا وقع في صحيح البخاري ما بال بحذف الفاء والأصل أما بعد فما بال رجال فحذفت الفاء.

(4/54)


لولا ولوما يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عقدا
للولا ولوما استعمالان:
أحدهما: أن يكونا دالين على امتناع الشيء لوجود غيره وهو المراد بقوله إذا امتناعا بوجود عقدا ويلزمان حينئذ الابتداء فلا يدخلان إلا على المبتدأ ويكون الخبر بعدهما محذوفا وجوبا ولا بد لهما من جواب فإن كان مثبتا قرن باللام غالبا وإن كان منفيا بما تجرد عنها غالبا وإن كان منفيا بلم لم يقترن بها نحو لولا زيد لأكرمتك ولوما زيد لأكرمتك ولوما زيد ما جاء عمرو ولوما زيد لم يجيء
عمرو فزيد في

(4/55)


هذه المثل ونحوها مبتدأ وخبره محذوف وجوبا والتقدير لولا زيد موجود وقد سبق ذكر هذه المسألة في باب الابتداء.
وبهما التخضيض مز وهلا ... ألا ألا وأولينها الفعلا
أشار في هذا البيت إلى الاستعمال الثاني للولا ولوما وهو الدلالة على التخضيض ويختصان حينئذ بالفعل نحو لولا ضربت زيدا ولوما قتلت بكرا فإن قصدت بهما التوبيخ كان الفعل ماضيا وإن قصدت بهما الحث على الفعل كان مستقبلا بمنزلة فعل الأمر كقوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} أي لينفر.
وبقية أدوات التحضيض حكمها كذلك فتقول هلا ضربت زيدا وألا فعلت كذا وألا مخفة كألا مشددة.
وقد يليها أسم بفعل مضمر ... علق أو بظاهر مؤخر

(4/56)


قد سبق أن أدوات التخضيض تختص بالفعل فلا تدخل على الاسم وذكر في هذا البيت أنه قد يقع الاسم بعدها ويكون معمولا لفعل مضمر أو لفعل مؤخر عن الاسم فالأول كقوله:
350 - هلا التقدم والقلوب صحاح

(4/57)


ف التقدم مرفوع بفعل محذوف وتقديره هلا وجد التقدم ومثله قوله:
351 - تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى ولا الكمى المقنعا

(4/58)


ف الكمى مفعول بفعل محذوف والتقدير لولا تعدون الكمى المقنع والثاني كقولك لولا زيدا ضربت ف زيدا مفعول ضربت.

(4/59)