شرح أبيات سيبويه إلغاء عمل (ما) لدخول (إنْ) عليها
قال سيبويه في باب (إنْ) الخفيفة: (فتصرف الكلام إلى الابتداء، كما
صرفتها ما إلى الابتداء. وذلك قولك: ما إنْ زيد ذاهب). يريد أنّ (إنْ)
هذه الخفيفة إذا دخلت بعد (ما) التي للنفي، لم تعمل (ما) عمل ليس على
مذهب أهل الحجاز، لأن (إنْ) كفتها عن العمل.
وقوله: (كما صرفتها ما) يعني كما صرفت (ما) إنّ المشددة عن عملها في
قولك: إنما زيد قائم. و (ما) صرفت إنّ المشددة عن العمل في (إنما)، و
(إنْ) المخففة صرفت (ما) عن العمل.
قال فروة بن مُسيك:
فإنْ نُهزَمْ فهزّامون قِدماً ... وإنْ نُغْلبْ فغيرُ مُغلبينا
(2/113)
(فما إنْ طِبّنا جُبنُ ولكنْ ... مناياناْ
ودولةُ آخَرينا)
الشاهد فيه أنه ألغى عمل (ما) لما دخلت (إنْ) عليها. ويقال: ما طِب
فلان كذاْ وكذا، أي ليس هو من شأنه. ويقول الرجل للرجل يعامله: ما طِبي
أن أخدعك، يريد ليس من شأني أن أخدعك.
يقول: ليس الجبن من شأننا. وقوله: (فإنْ نُهزَمْ فهزّامون قِدماً)
يقول: إن انهزمنا
في هذه الوقعة فقد هَزمنا الناسَ قبلها مراراً كثيرة. والمُغلب: الذي
يُغلب كثيراً. يقول: نحن غير مغلبين.
يقول: ليست العادة أن يغلبنا الناس، بل العادة أن نغلبهم، ولكن هذه
الوقعة هُزمنا فيها لأنه كانت منايانا قد حضرت، وقُدرت الدولة لغيرنا،
فلم يمكنا دفعهم.
و (منايانا) مرفوع بإضمار فعل، معناه: ْ ولكن قدرت مناياناْ ودولة قوم
آخرين.
حذف الفاء من جواب الشرط
قال سيبويه في باب الجزاء، قال كعب بن مالك الأنصاري:
فإنما هذه الدنياْ وزينتُها ... كالزادِ لابد يوماً أنه فانِ
(2/114)
(من يفعل الحسناتِ اللهُ يشكرُها ...
والشرُّ بالشرِ عند الله مِثْلانِ)
الشاهد فيه أنه حذف الفاء من جواب الشرط. وكان ينبغي أن يقول: فالله
يشكرها.
والمعنى أنه مَن فعل خيراً شكره الله عزْ وجلْ وضاعفه، ومَن فعل سوءاً
فعل به مثله.
ويروى: من يفعلِ الخيرَ فالرحمنُ يشكرُهُ
ولا شاهد فيه على هذه الرواية.
الرفع على البدل في اللغة التميمية
قال سيبويه في الاستثناء، قال: غيلان بن حُريث:
تهدَى لزُغْبٍ دارُهُنّ دارُها
دَرادِقُ لمّا تطِرْ صغارُها
لم يَغْذُها الرِسْلُ ولا أيسارُها
(إلا طريُّ اللحمِْ واستجزارُها)
(2/115)
الشاهد فيه أنه أبدل (طري اللحم) من
(الرِسْل). والرِسْل: اللبن. وهو في تأويل:
لم يغذها الطعام إلا طري اللحم.
وصف عُقاباً وفراخها، والزغب: فراخ العقابْ وغيرها من الطير. دارهن
دارها: لأنهن في وكرها يكن، والدَرادِقُ: الصغار، لما تطر، يقول: لم
تقو على الطيران، لم يغذها اللبن لأن العقاب لا لبن لها، ولا أيسارها:
يريد أنها لم تأخذ من اللحم الذي يتقامر عليه الأيسار، إنما لحمها مما
تصيد من الصحراء، وطري اللحم: يعني به ما تصيده عند حاجتها إلى اللحم،
واستجزارُها: أخذها الصيدْ وتقطيعها لحمه. ومثله: (فتركته جَزَرَ
السباع) يريد أن السباع تقطّع لحمها.
العطف بـ (أو)
قال سيبويه: (وتقول: ما أدري هل تأتينا أو تحدثنا، وليت شعري هل تأتينا
أو تحدثنا، فـ (هل) هاهنا بمنزلتها في الاستفهام إذا قلت هل تأتينا أو
تحدثنا). وإنما يريد أن (أو) يُعطف بها في هذه المواضع، لأنه قد يجوز
الاقتصار على الكلام الأول لو قلت: ليتَ شعري هل تأتينا، جاز.
وقول سيبويه (فهل هاهنا بمنزلتها في الاستفهام) يريد أنك إذا استفهمت
فقلت: هل تأتيني أو تحدثني، عطفت بـ (أو)، وأم لا تكون
(2/116)
عاطفة لما بعدها - من اسم أو فعل - على ما
قبلها، وإنما تكون (أم) عاطفة على ما بعد الألف، ولا يكون هذا في (هل).
ثم قال سيبويه: (فإنما دخلت (هل) هاهنا، لأنك إنما تقول: أعلمني، كما
أردت ذلك حين قلت: هل تأتينا أو تحدثنا).
يريد: إنما تأتي بقولك (ليت شعري) وبعده (هل تأتينا) لأنك تريد: ليت
علمي بالشيء الذي أستفهم عنه - إذا أردتُ استعلامه بقولي: هل تأتينا أو
تحدثنا - واقعُ أو كائنْ وما أشبه ذلك. وهذا كثير في الكلام. ومثله:
أعلمُ هل قام زيد، أي أعلم الشيء الذي تعلمه إذا استعلمت بقولك: هل قام
زيد.
ثم قال سيبويه: (فجرى هذا مجرى قوله عزْ وجل (هل يسمعونكم إذ تدعون، أو
ينفعونكم أو يضرون). وقال زهير:
(ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى ... من الأَمرِ أو يبدو لهم ما بدا
ليا)
(2/117)
يبدو: يظهر. يقول: ليت شعري، هل يرى الناس
- من أحوال الدنياْ وتغيرها، وزوال النعم عن الملوك - ما أراه أنا.
وأرى: من رؤية القلب.
وقوله: ما أرى من الأمر (ما) بمعنى الذي، والعائد إليه ضمير محذوف هو
المفعول الأول، تقديره: ما أراه من الأمر. يريد من أمور الدنياْ
وأحوالها. والمفعول الثاني في قوله: (هل يرى الناس) محذوف، كأنه قال:
هل يرى الناس من الأمور ما أراه منها؟ فاكتفى بالمفعول الثاني في قوله:
(ما أرى من الأَمر) عن ذكر المفعول الثاني في الفعل الأول.
أو يبدو لهم ما بدا ليا: أي يظهر لهم من معرفة الدنيا ما يظهر لي.
وقال مالك بن الريب:
(ألا ليت شِعري هل تغيرتِ الرَّحَى ... رَحَى الحَزْنِ أو أضْحَتْ
بْفَلجٍ كما هيا)
الحَزْن: موضع. ويروى: رَحَى المِثْل.
والرَّحَى: موضع عال فيه استدارة، وفَلج: موضع بعينه، والحَزْن: موضع
بعينه. والحزن: المكان الغليظ، فأراد الحزن الذي عند فَلج، فلذلك قال:
أو أضْحَتْ بْفَلج. وفي (أضْحَتْ) ضمير يعود إلى الرحى.
(2/118)
النصب بعد فاء
السببية
قال سيبويه: (وسألته عن قول ابن زهير:
(ومن لا يُقدِّمْ رِجْله مطمئنةً ... فيثبتها في مستوَى الأرضِ
يَزْلقِ)
أكفُّ لساني عن صديقي فإن أُجأْ ... إليه فإني عارقُ كلَّ مَعرَقِ
فقال - يعني الخليل -: (النصب في هذا جيد). يريد نصب (يثبتها) على
الجواب
بالفاء، ويكون معناه: من لا يقدم رجله مثبتاً لها.
وقول سيبويه: (لأنه أراد من المعنى ما أراد في قوله: لا تأتينا إلا لم
تحدثنا. أي من لا يقدم إلا لم يثبتْ، زلق). معناه: ما تأتينا إلا غير
محدث. وقوله: إلا غير محدث مثل معنى: ما تأتينا محدثاً.
يريد: من لا يضع رجله إذا مشى في موضع يتأمله قبل أن يضعها يزلق. وهذا
على طريق المَثَل. يريد: من لم يتأمل ما يريد أن يفعله قبل أن يفعله،
لم يأمن أن يقع في أمر يكون فيه عَطبُه، ومعنى أُجاء: ألجأ، يقال:
أجأته إلى كذاْ وكذا أي ألجأته. والعارق: الذي يأخذ اللحم عن العظم
بفمه.
يقول: أنا أكف لساني
(2/119)
عن ذكر صديقي بالقبيحْ وهجوه، فإن اضطررت
إليه - لشيءٍ فعله بي من القبيح - لم أُبق عليه، وتناهيت في انتقامي
منه.
حذف الموصوفْ وإقامة الصفة مقامه
قال سيبويه في الاستثناء، قال ابن مقبل:
(وما الدهرُ إلا تارتان فمنهما: ... أموتُ، وأخرى أبتغي العيشَ أكدَحُ)
الشاهد فيه أنه حذف الموصوفْ وأقام الصفة مقامه. والمعنى: فمنهما تارة
أموت فيها، وتارة أخرى أبتغي فيها المعاش.
وتارتان: مرتان. يريد أن الانسان بين حالتين كلتاهما فيها له أذىْ
وعليه مشقة: إما أن يكون جلداً قوياً شاباً فهو يكدحْ ويكد في طلب
المعاش، وإما أن يكون شيخاً فانياً لا يمكنه التصرف فهو بمنزلة الميت.
و (الدهرُ) مبتدأْ و (تارتان) خبرهْ و (أموت) في موضع رفع لأنه قام صفة
مبتدأ. وتقديره: فمنهما تارةُ أموت فيها. و (منهما) خبر المبتدأ.
في فتح همزة (أنّ)
قال سيبويه في أبواب (إنّ): (وزعم الخليل أن مثل ذلك قوله عزْ وجل:
(ألم يعلموا أنه من يحادد اللهَ ورسوله فإنَّ له نار جهنم).
(2/120)
قدم سيبويه قبل هذه الحكاية عن الخليل، أنّ
(أنّ) قد تكون بدلاً في قوله تعالى: (أيَعِدُكم إذا مِتّمْ وكنتم
تراباً وعظاماً أنكم مخرجون).
ذكر أن (أنكم) الثاني بدل من (أنكم) الأول، وذكر مسائل فيها مثل هذا
الحكم. ثم قال: وزعم أن مثل ذلك - يريد: مثل مجيء (أنّ) المفتوحة
المشددة بعد تقدم (أنّ) المشددة التي هي مثلها - قوله تعالى: (ألم
يعلموا أنه من يحادد اللهَ ورسوله فأنّ له نار جهنم). وليس يريد أن
قوله تعالى: (فإنّ له نار جهنم) بدل من قوله (إنه من يحادد اللهَ)
وإنما يريد أنّ (أنّ) جاءت مفتوحة بعد (أنّ) المفتوحة التي تقدمتها من
قبل أن يتم الكلام الذي فيه (أنّ) الأولى.
ولا يجوز أن تكون (أنّ) في هذه الآية بدلاً، لأن الفاء فيها، ولا تكون
(أنّ) التي بعد الفاء بدلاً من (أنّ) التي قبلها، لأنها لو كانت بدلاً،
ما دخلت الفاء عليها. ومع هذا (أنّ) التي تكون بدلاً، يكون اسمها هو
اسم (أنّ) التي قبلها، وهنا: (فإنّ له نار جهنم) ليس من هذا في شيء.
وإنما أتى به سيبويه لأجل أنّ (أنّ) مفتوحة بعد فتح (أنّ) الأولى من
قبل أن يتم الكلام الذي فيه (أنّ) الأولى. و (أنّ) التي بعد الفاء، في
موضع رفع بالابتداءْ وخبرها محذوفْ وتقديره: فله أنّ له نار جهنم.
(2/121)
ثم قال سيبويه: (ولو قال (فإنّ) كانت عربية
جيدة). يريدْ ولو قال: فإنّ له نار جهنم، بالكسر.
وجودة هذا الوجه واضحة، لأن الفاءْ ومل بعدها جواب الشرط، وهو في حكم
كلام مستأنف، والفاء في جواب الشرط تدخل على المبتدأْ وخبره، كقولك: إن
تأتني فأنت محسن، و (إنّ) المكسورة تدخل في الموضع الذي يدخل فيه
الابتداء.
وأنشد لابن مقبل:
وعِلمي بأَسدامِ المياهِ فلم تَزَلْ ... قلائصُ تُحدَى في طريقٍ طلائحُ
(وأني إذا ملتْ رِكابي مُناخَها ... فإني على حظي من الأمرِ جامحُ)
الشاهد فيه كسر (إنّ) التي بعد الفاء.
واسدام المياه: جمع سُدُمْ وهو الماء المندفن، والطلائح: المُعيية،
الواحدة طليح.
و (عِلمي) معطوف على شيء قبله، ويجوز أن يكون مبتدأْ وخبره محذوف كأنه
قال: وعِلمي بأسدام المياه علم بيِّن لا لبس فيه.
(2/122)
يريد أنه يعرف الفلوات، ومجاهيل الأرض،
والمياه المندفنة، لكثرة أسفاره.
وقوله: فلم تَزَلْ قلائصُ، يريد قلائصه التي يسير عليها، تحدى: يحدوها
هو. و (أني إذا ملت رِكابي) معطوف على ما عملت فيه الباء من قوله
(بأسدام المياه) كأنه قال: علمي بأسدام المياهْ وبأني إذا ملت ركابي.
والركاب: الإبل، ومُناخها: الموضع الذي أنيخت فيه. يريد أن إبله إذا
كرهت المقام في موضع رحلت عنه، وجعل كراهته للمقام في موضع، كأنه كراهة
لإبله. يريد أنه يفعل ما عنده أنه صواب.
والجامح: الممتنع يريد أنه يمتنع من فعل ما لا يرى أنه صواب. وقد فسرتُ
الشعر على ما وجدته في الكتاب.
وفي ديوان ابن مقبل:
نبا ما نبا عني من الدهر ماجِداً ... أُكارمُ مَن آخيتهْ واُسامحُ
وإني إذا ملت ركابي مُناخَها ... ركبتُ ولم تعجِزُ عليّ المنادحُ
وإني إذا ضنّ الرَّفودُ برِفده ... لمُخْتبِطُ من تالد المال جازحُ
وعاودتُ أسدامَ المياهِ فلم تزَلْ ... قلائصُ تحتي في طريقٍ طلائحُ
(2/123)
نبا ما نبا عني من الدهر: يريد أنه ذهب عنه
من الدهر ما ذهبْ وهو ماجدْ
والمنادحُ: جمع مُنْتدحْ وهو المتسع من الأرض، والرَّفودُ: الذي يعطي
الناسْ ويزيدهم، والمُخْتبِطُ: الطالبْ والسائل، وأصله الرجل الذي يخبط
الشجر، يضربها ليسقط ورقها فيُعلفه إبله. وتالد المال: قديمه،
والجازحُ: القاطع قطعة من المال، يقال: جزحت له من المال جَزحاً أي
قطعت، وعاودتُ أسدامَ المياهِ: قصدتها في سفري مرة بعد مرة.
واعلمْ أن خلاف الإنشاد إذا وقع في مثل ذا الموقع، لا ينبغي أن ينسبه
أحد إلى اضطراب سيبويه، وإنما الرواية تختلف في الإنشاد، ويسمعه سيبويه
ينشد على بعض الروايات التي له فيها حجة، فينشده على ما سمعه. ويرويه
راوٍ آخر على وجه آخر لا حجة فيه، والرواة المختلفون إنما أخذوه من
أفواه العرب الذين يحفظون الأشعار فالتغيير في الإنشاد واقع من جهتهم.
والشواهد - في كل رواية صحيحة، لأن العربي الذي غيّر الشعر - وأنشده
على وجه دون وجه قوله حجة، ولو كان الشعر له لكان يحتج به. ألا ترى أن
الحطيئة راوية زهير، وكثيراً راوية جميل. . . والراويْ والمروي عنه
كلاهما حجة.
رفع الفعل في جواب (إذا)
قال سيبويه في الجزاء. قال كعب بن زهير:
(وإذا ما أشاءُ أبعث منها ... مَغربَ الشمسِ ناشطاً مذعوراً)
(2/124)
ذا وشُومٍ كأنَّ جلدَ شَواهُ ... في
ديابيجَ أو كسينَ نُمورا
الشاهد فيه أنه لم يجزم الفعل بـ (إذا ما) وجعل الفعل بعدها مرفوعاً
وهذا هو الوجه.
والضمير في (منها) يعود إلى ناقته، والناشط: الثور الوحشي الذي يجيء من
بلد إلى بلد. وأراد أنه إذا بعث ناقته للسير، فكأنه بعث ببعثه إياها
ثوراً وحشياً قد خرج من أرض إلى أرض لشيء خافه، فهو يعدو أشد العدو.
وقوله: مغرب الشمس، يريد أنه يبعث منها في ذلك الوقت. والوشوم: الخطوط
التي في قوائم الثور، والشوى: أطرافه، يداهْ ورجلاه. والديابيج: جمع
ديباج. شبّه جلد قوائمه بالديباج للخطوط التي فيها، أو كسين نموراً: أي
جلد نمور. يعني أن جلد قوائمه يشبه ألوان النمور للنقط التي فيها من
السواد.
وقال ذو الرمة:
(تُصغي إذا شَدَها بالرَّحْلِ جانحةً ... حتى إذا ما استوى في غَرْزها
تَثِبُ)
(2/125)
الشاهد فيه أنه لم يجزم الفعل في جواب
(إذا) وهو الوجه الجيد. والجزم بـ (إذا) يجوز في ضرورة الشعر. وفي
(تصغي) ضمير يعود إلى الراحلة.
وتصغي: تُميل رأسها كأنها تستمع. يريد أنها مؤدبة ليست بنفور، ولا تضجر
إذا شُدّ الرحل عليها. والكور: الرحلْ والجمع أكوار، والغَرز للناقة
بمنزلة الركاب للدابة، والجانحة: المائلة. يعني أنها قد مالت إلى ناحية
الراكب. وأراد أن راكبها إذا وضع رجله اليسرى في الغرز، وثبتْ من قبل
أن يستوي على ظهرها. عنى بذلك أنها نشيطة حديدة الفؤاد.
وقد عيب عليه هذا المعنى. وزعموا أن أعرابياً سمعه ينشد القصيدة، فلما
انتهى إلى قوله. (حتى إذا ما استوى في غرزها تثب) قال: سقطْ والله
الرجل، وحكَوا أن أبا عمرو بن العلاء قال له: أتُنشدني:
ما بالُ عَينيْكَ منها الماء ينسكبُ. . .
فأنشده حتى انتهى إلى قوله: (حتى إذا ما استوى في غرزها تثب) فقال أبو
عمرو: ما قال عمك الراعي الحسن:
وَهْيَ إذا قام في غَرْزها ... كمِثل السفينة أو أوقرُ
(2/126)
ولا تُعْجِلِ المرَء قبل الركوبِ ...
وَهْيَ بِرِكْبَتِهِ أبصَرُ
رفع جواب الشرط على تقدير التقديم
قال سيبويه: (ولا يحسن (إنْ تأتِني آتيك) من قبل أنّ (إنْ) هي
العاملة).
يريد أنك إذا جئت في الشرط بفعل مجزوم، لم يحسن أن تأتي في الجواب بفعل
مرفوعْ وتقدره مقدماً على الشرط، كما يُفعل ذلك إذا كان الشرط بفعل
ماض. ثم قال: (وقد جاء في الشعر) يعني أنه قد أتى الفعل مرفوعاً بعد
الفعل المجزوم في الشرط، ويقدَر فيه التقديم على (إنْ) (قال جرير بن
عبد الله البَجَلي).
(يا أقرعَ بنَ حابسٍ يا أقرعُ ... إنّك إنْ يُصْرَعْ أخوك تُصْرَعُ)
وجدت هذا الشعر في الكتاب منسوباً إلى جرير بن عبد الله البَجَلي،
والشعر لغيره من بَجيلة.
وقال أبو الخُثارم البجلي في منافرة بَجليةْ وكلب، وتحاكموا إلى الأقرع
بن حابس، فقالت بَجلية: نحن اخوة نزارْ ولهم الأحاديث. فقال في ذلك أبو
الخُثارم:
يا أقرعَ بنَ حابسٍ يا أقرعُ ... إني أخوك فانظرَنْ ما تصنعُ
(2/127)
إنك إنْ تَصْرَعْ أخاك تُصرعوا ... إني أنا
الداعي نزاراً فاسمعوا
وجعل (تُصرعوا) للجماعة. يريد الأقرعْ وقومه. ولا شاهد فيه على هذا
الوجه.
ويروى هذا الرجز مجروراً، فمن رواه مجروراً أنشد:
يا أقرعَ بنَ حابسٍ يا أقرعُ ... إني أنا الداعي نزاراً فاسمعِ
في باذخٍ من عِزّةٍْ ومَفْزَعِ ... وقائمِاً ثُمَّتَ قلْ في المَجمعِ
للمرء أرطاةٍ أنا ابنُ الأقرعِ ... ها إنّ ذا يومُ عُلاْ ومَجْمعِ
ومنظرٍ لمن رأىْ ومسمعِ
الإبدال في الاستثناء المنقطع - عند تميم
قال سيبويه في الاستثناء، قال ضِرار بن الأزور:
فلو سألتْ عنا جَنوبُ لخُبّرتْ ... عشيَّةَ سالتْ عَقْرَباءُ من الدَمِ
(عشيَّة لا تُغني الرماحُ مكانَها ... ولا النَّبْلُ إلا المَشرَ فيُّ
المصمِّمُ)
(2/128)
عَقْرَباءُ: موضع بعينه، وجَنوبُ: اسم
امرأة. وأراد أنهم اقتتلوا بعَقْرَباءُ حتى سالت الدماء فيها. وقوله:
لا تُغني الرماحُ مكانَها، لا تنفع في الموضع الذي هي فيه، أي رماحهم
التي كانت معهم لم يقاتلوا بها لمّا تضايقوا، والنبل أسوأ حالاً من
الرماح، وإنما يُنتفع بالنبل إذا تباعد ما بينهم مقدار الموضع الذي
يقطعه السهم إذا رُمي به، وإذا تقاربوا شيئاً أخذوا الرماح، فإذا ضاق
بهم المكان أخذوا السيوف.
ومثله قول زهير:
يطعَنُهُمْ ما ارتمَوْا حتى إذا اطَّعنوا ... ضاربَ حتى إذا ما ضاربوا
اْعتَنَقا
المشرفي: سيوف منسوبة إلى المشارف، وهي قرى تُعمل فيها السيوف،
والمصمم: الذي يمضي في العظام.
زيادة (لا)
قال سيبويه في النفي: (وأما قول جرير:
(ما بالُ جهلِكَ بعدَ الحِلْمِْ والدينِ ... وقد عَلاكَ مَشيبُ حينَ لا
حِينِ)
فإنما هي (حينَ حينِ) و (لا) بمنزلة (ما) إذا ألغيت).
(2/129)
جعل سيبويه (لا) زائدة في هذا الموضع.
والمعنى أنه علاك مشيب حينَ حينِ نزول المشيب، يعني أنه لم يعجل في غير
وقته. ومعناه واضح.
جزم جواب (إذا) - ضرورة
قال سيبويه في الجزاء: (قال بعض السلويين):
(إذا لم تَزَلْ في كلِّ دارٍ عرفتها ... لها واكفُ من دمعِ عينيْكَ
يَسْجُمِ)
وفي بعض النسخ (تسكب)، كذا رأيته في الكتاب منسوباً إلى بعض السلويين:
والشاهد فيه أنه جازى بـ (إذا) وجعل الفعل الذي هو جواب (إذا) مجزوماً.
والشعر لجرير.
قال جرير:
أرى طائراً أشفقتُ من نَعَبانِهِ ... فإن فارقوا غَدْواً فما شئتَ
فانْعَبِ
إذا لم تزَلْ في كلِ دارٍ عرفتَها ... لها ذارفُ من دمع عينَيْكَ
تَذْهَبِ
النَّعبْ والنَّعَبان: صوت الطائر. وقوله: أشفقتُ من نَعَبانِه أي من
صوته، لأنهم يتشاءمون بصوت الغراب، ويتشاءمون ببعض الطير
(2/130)
سوى الغربان. يقول له: أخِّر نعبانك إلى أن
يرحلوا، فإذا فارقونا فانعب كيف شئت. ثم قال لنفسه: إذا لم تزل في كل
دار.
وفي (تزل) ضمير، هو الاسم، و (عرفتَها) وصف للدار. يريد عرفتها أنها
نزلتها وحلتها. وذارفُ: سائلْ وهو مبتدأ، و (من دمع عينَيْكَ) وصف لـ
(ذارفُ) و (لها) خبر (ذارفُ)، والجملة في موضع خبر (لم تزلّ) و (تذهب)
جواب، وفاعله يحتمل أن يكون ضمير المخاطب.
يريد أنه إذا أدام البكاء في كل دار عهد فيها أحبته؛ ذهبْ وتلف من حزنه
عليهمْ وتذكره إياهم، ويحتمل أن يكون ضمير العينين، وأفرد الضميرْ ولم
يقل: تذهبا، لأن العبارة بعين واحدة تراد به العينان في كثير من
المواضع.
حذف (لا) من جواب القسمْ وهو يريدها
قال سيبويه في باب الأفعال، في القسم: (وقد يجوز لكْ وهو من كلام العرب
أن تحذف (لا) وأنت تريد معناها، وذلك قولك: والله أفعل ذاك أبداً.
تريدْ والله لا أفعل) ذاك. قال لقيط بن زُرارة:
(2/131)
ألا مَن رأى العبدَيْن إذْ ذُكرا له ...
عديُّ وتيمُ تبتغي من تُحالفُ
(فحالفُ فلاْ والله تهبطُ تَلعةً ... من الأرض إلا أنت للذل عارفُ)
الشاهد فيه أنه حذف (لا) من جواب اليمينْ وهو يريدها، لأن حكمها باقٍ
في
الكلام. يريد: فلاْ والله لا تهبطُ تَلعة.
وعديُّ وتيمُ ابنا عبد مناة بن أُدّ، وجعلهما بمنزلة العبدين
لابتغائهما من يحالفهما. و (عديُّ وتيمُ) مرفوعان على خبر ابتداء، كأنه
قال: هما عديْ وتيم. وأفرد (تبتغي) لأنه رجع إلى جملة القبيلة، تبتغي
من يعاهدهاْ ويناصرها، ويعينها إن قصدها قوم.
والجملة التي بعد (إلا) في موضع الحال. وقوله (فحالف) يريد الحي. فلذلك
ذكرو أفرد.
العطف على فعل الشرط
قال سيبويه في الجواب، قال جحدر بن معاوية العُكْليّْ ويقال هو للخَطيم
من الملاص:
ولا تمْشِ في الحربِ الضَّراَء ولا تُطِعْ ... ذوي الضَّعفِ عند
المأْزِقِ المتحفلِ
(2/132)
(ولا تَشْتمِ المولىْ وتبلغْ أذاتَه ...
فإنك إنْ تفعلْ تسفهْْ وتَجْهلِ)
الشاهد فيه أنه عطف (وتبلغْ) على (تَشْتمّْ) ولم يجعله جواباً.
والمولى: ابن العم، والمولى: الحليف.
وجوب نصب المستثنى المقدم
قال سيبويه في الاستثناء، قال الكميت:
(فما ليَ إلا آلَ أحمدَ شِيعةُ ... وما ليَ إلا مَشْعَبَ الحَقِّ
مَشْعَبُ)
الشاهد فيه أنه نصب (آل أحمد) لمّا قدمه، ولو أخره لكان الوجهُ فيه
البدل، وكان يقول: وما ليَ شِيعةُ إلا آلُ أحمد، فجعل (آلُ أحمد) بدلاً
من (شِيعةُ) وكان يجوز فيه النصب على الاستثناء، فإذا تقدم لم يكن فيه
إلا النصب، لأنه لا يجوز بدل الأول من الثاني، والمتقدم من المتأخر.
ومَشْعَبَ الحَقِّ هاهنا بمنزلة شعب الحق. يريد الموضع الذي استقر فيه
الحق. وذكر الشعب على طريق المثل.
(2/133)
(لا جرم) معناهاْ وعملها
قال سيبويه: (وأما قوله جلْ وعز: (لا جرم أن لهم النار) فإن (جرم) عملت
لأنها فعل، ومعناها: لقد حق أن لهم النار، ولقد استحق أن لهم النار).
ثم قال: (فـ (جرم) قد عملت في (أن) عملها في قول الفزاري). كذا في
الكتاب.
والشعر لرجل من بني فزارة، والمطعون رجل من فزارة، وزعموا أن حِصن بن
حذيفة الفزاري خرج لبعض شؤونه فلما كان بالحاجز، لقيه عداة من بني عامر
بن صعصعة، فاقتتلوا، فهُزمت بنو عامر، وشد كرز العقيلي على حصنْ وهو لا
يعرفه، فطعنه فقتله، فتتبعت بنو فزارة بني عامر، فقتلوهم قتلاً ذريعاً.
فقال كرز لبني عامر: إني قد طعنت رجلاً منهم مُعْلِماً بسِبٍّ أصفر،
فلما دنوت منه وجدت رائحة الطيب، وأرجو أن يكون من عظمائهم. فقال أبو
أسماء بن الضريبة أو عطية بن عفيف:
يا كُرزُ إنك قد فتكتَ بفارسٍ ... بطلٍ إذا هابَ الكماةُ مجرَّبِ
(ولقد طعنْتَ أبا عُيينةَ طعنةً ... جَرَمَتْ فزارةَ بعدها أنْ يغضبوا)
(2/134)
وفي ظاهر الأمر أنه قد أقوى. ولو روي (بطل)
على الرفع لجاز. وأبو عيينة هو حصن.
الجزم بـ (إذا) اضطراراً
قال سيبويه: (وقد جازوا بـ (إذا) مضطرين في الشعر، شبهوها بـ (إنْ) حيث
رأوها لما يستقبل، وأنه لابد لها من جواب. قال ابن الخَطيم).
(إذا قَصُرتْ أسيافنا كان وَصْلها ... خُطانا إلى أعدائنا فنضاربِ)
وأضربُهم يوم الحَديقة حاسراً ... كأنّ يدي بالسيف مِخراقُ لاعبِ
الشاهد فيه أنه جزم (نضاربّ) وعطفه على (كان) وكان، هي جواب (إذا)
والماضي يستعمل في الجزاء في موضع المستقبل، فكأنّ التقدير أن (كان) في
موضع (يكن) المجزومة، فلذلك عطف عليها فعلاً مجزوماً وهو (نضارب).
والمعنى أن أسيافنا إذا لم تنل المضروبين، تقدمواْ وخطوا إلى من
نقاتلهم حتى يضربوه.
(2/135)
الإبدال في
الاستثناء المنقطع
قال سيبويه في الاستثناء قال نزال بن غلاب، ويقال: جِران العَوْد:
قد تدع المنزلَ يا لميسُ
يعتسّ فيه السَّبُعُ الجَروسُ
الذئبُ أو ذو لبدة هَموسُ
بسابساً ليس به أنيسُ
(إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ)
الجَروس: الشديد الأكل. الشاهد فيه أنه رفع (اليعافير) وجعلها بدلاً من
(أنيس).
والهموس: الذي يطأ وطئاً خفياً، حتى لا يُسمع صوت وطئه، يعني الأسد.
واللبدة: الشعر الذي على كتفهْ وأعلى ظهره.
(2/136)
في كسر همزة (إنّ)
قال سيبويه قال الشَّمَرْدَلُ بن شُريك اليربوعيّ.
(ألم تَرَ إنيْ وابن أسودَ ليلةً ... لنَسْري إلى نارَيْن يعلو
سَناهما)
إذا هَبطتْ أيدي الرِكابِ قرارةً ... بنا، مدّ عِلباوَيْهِ حتى يراهما
الشاهد فيه أنه كسر (إني) لأن اللام في خبرها.
ونسري: نسير بالليل، والسنا: ضوء النار، والقرارة: منخفض من الأرضْ
والركاب: الإبل، والعِلباوان: عصبان في جانبي العنق. حتى يراهما: يعني
النارين.
يريد أن رفيقه الذي كان معه، وهو ابن أسود، كان إذا هبطا مكاناً - بعد
ما رأيا النارين - يمد عنقه ليرى النار حتى يقصدها. وفي شمره:
ألم تَرَ إنيْ وابن أسودَ ليلةً ... سَرَينا إلى نارَيْن. . .
تجرد خبر عسى من (أنْ)
قال سيبويه في باب من أبواب إنَّ، قال سماعة النعاميّ:
إنا وجدنا العَجْرديَّ ابنَ قادر ... نَسيبَ العُمَيْريين شرَّ نسيبِ
غَضوباً إذا لم يملأ الجارُ بطنَه ... وعند اهتضام الجار غيرُ غَضوبِ
(2/137)
(عسى الله يُغني عن بِلادِ ابن قادرٍ ...
بمنهمرٍ جَوْنِ الرَّباب سَكوبِ)
الشاهد فيه أنه أتى بالفعل بعد (عسى) وليست فيه (أن).
يهجو سماعة بهذا الشعر رجلاً من بني نمير ثم أحد بني عجرد، وكان يقال
له ابن قادر، وكان له نسب في بني عمرو بن جذيمة بن نصر، واهتضام الجار:
أن يظلمْ ويُؤذى.
يقول: هو يغضب على جاره إذا لم يطعمه، وإن ظلِم جارُه لم يغضب له.
والمنهمر: المطر الكثير، والجَوْان الأسود، والرَّباب: جمع ربابةْ وهو
سحاب دون سحاب، أي يسير تحت السحاب. والسكوب: الكثير الصب.
يقول: عسى الله أن يمطر بلادنا فتخصب فنتحول عن جوار ابن قادر.
قال سيبويه: (وأعلم أن من العرب من يقول (عسى يفعل) تشبيهاً بـ (كاد
يفعل) فـ (يفعل) حينئذ في موضع الاسم المنصوب في قوله: عسى الغوير
أبؤساً).
(الغوير) اسم عسىْ و (أبؤساً) مفعوله، وهو مثل اسم كانْ وخبرها،
(2/138)
وإذا جاز أن
يقع الاسم الذي هو غير (أنْ والفعل) في موضع مفعول (عسى) وأُجريت مُجرى
(كان)، جاز أن يقع في موقع الاسم الفعلُ كما يجوز ذلك في (كان). قال
هدبة بن الخشرم:
فقلت له: هداك اللهُ مهلاً ... وخيرُ القولِ ذو العَيَج المُصيبُ
(عسى الكربُ الذي أمسيتُ فيه ... يكون وراءه فرجُ قريبُ)
الشاهد فيه أنه أتى بـ (يكون)، ولم يدخل عليها (أنْ).
والعَيَج من القول: ما ينتفع به، وهو مأخوذ من قولهم: ما عِجت بكلامه
أي ما انتفعت به، وكذا وجدته: العَيَج بفتح العينْ والياء.
وكان هدبة قد هرب من أرض قومه لأن السلطان طلبه لأجل قتله ابن عمه
زيادة بن زيد.
التصدر - من شروط عمل (إذن)
قال سيبويه في باب (إذن): (ولو قلت: والله إذن أفعل. تريد أن تخبر أنك
فاعل لم يجز، كما لا يجوز: (والله أذهب إذن) إذا
(2/139)
أخبرت أنك فاعل، فقبح هذا يدلك على أن
الكلام معتمد على اليمين).
يريد أن القسم إذا جاء في أول الكلام، وجب أن يكون الفعل الذي يأتي
بعده جوابه، وتكون (إذن) ملغاة فالفعل الواقع بعد (إذن) جواب، ولا يخلو
من أن يكون إيجاباً أو نفياً، والفعل في جواب القسم إذا كان إيجاباً،
تدخل عليه النون الثقيلة أو الخفيفة، ويدخل في أوله اللام.
فلو كان الفعل في هذه المسألة جواباً لليمين - وأنت تريد إثبات الفعل -
لوجب أن تقول: (والله إذن لأفعلنّ) ولا يجوز في جواب القسم أن تقول:
(والله أذهبُ) فكذا لا يجوز (والله إذن أفعلُ) وإن أردت أن يكون الجواب
منفياً، صلح الكلام فقلت: (والله إذن لا أفعلُ). وتحذف (لا) وأنت
تريدها فتقول: (والله إذن أفعلُ). قال
كثير:
حلفْتُ برب الراقصاتِ إلى مِنى ... يغولُ البلادَ نصّهاْ وذَميلها
(لئن عادَ لي عبدُ العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذن لا أُقيلها)
الرقص: ضرب من الخبب في العدو. حلف برب الإبل التي يسار عليها
(2/140)
إلى الحج، وتغول البلاد: تقطعها، والنصْ
والذميل: ضربان من العدو. (لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها) أي بمثل
المقالة التي كان قالها لي. وكان عبد العزيز وعد كثيّراً عِدَةً، فتأخر
كثيّر عنه. فقال: لئن عاد لي عبد العزيز بعدة أخرى، سارعت إليها. ولا
أُقيلها: لا أردها. ويروى (لا أفيلها) أي لا أفيل في التأخر عنهْ
والتثبط عن تنجز ما وعدني به. وقال يَفيل: إذا ترك الرأي الجيد، وفعل
ما لا ينبغي للعقلاء أن يفعلوه.
(أم) المنقطعةْ ومعناها
قال سيبويه: (ومن ذلك أيضاً (أعندك زيد أم لا) كأنه حيث قال: (أعندك
زيد)، كان يظن أنه عنده، ثم أدركه مثل ذلك الظن في أنه ليس عنده فقال:
(أم لا). يعني أن المستفهم قد يستفهم عن شيء يظن أنه كائن فيقول: أعندك
زيد، فالسائل سألْ وهو يظن أن زيداً قد حصل عند المسؤول، فربما أدركه
ظن غير ظنه الأول في أنّ زيداً ليس عند المسؤول فيأتي بـ (أم) ويجعل
الذي بعدها جملة، وتكون (أم) هذه منقطعة.
يعني أن الكلام الذي بعدها منقطع عن الكلام الأول، ويكون في (أم) معنى
الإضراب عن الكلام الأول، وإذا جاءت (أم) على هذا الوجه، جاز أن تأتي
بعد جملة فيها استفهام، بعد جملة لا استفهام فيها.
وعلى كل وجه يكون الكلام بها في تقدير استفهام مستأنف، وقد أُضرب عن
الكلام المتقدم.
(2/141)
قال كثيّر:
(أليس أبي بالنَّضْرِ أم ليس والدي ... لكلِّ نجيبٍ من خُزاعةَ
أزْهَرا)
أراد النضر بن كنانة، وولدُ النضر هم قريش.
والشاهد فيه أنه جاء بـ (أم) منقطعةْ وفيها معنى الإضراب. والتقدير:
أليس أبي النضر، بل أليس والدي لكل نجيب.
والأزهر: الأبيض، وأراد به أنه هو مشهور يضيء بحسنهْ وشرفه. ويروى:
أليس أبي بالصِّلتِ أم ليس اخوتي ... لكلِ هجانٍ من بني النَّضْر أزهرا
ويقال: إنه إنما قالها لأنه كان يزعم أنه من بني الصلت، والصلت من ولد
النضر بن كنانة، وعنى بإخوته قبيصة بن ذئب الخزاعي، وكان أخا عبد الملك
ابن مروان من الرضاعة، وكان على فلسطين استعمله عليها عبد الملك.
قال سيبويه: (وتقول: (أتضرب زيداً أو تشتم عمراً)، إذا أردت: هل يكون
شيء من هذه الأفعال. وإن شئت قلت: (أتضرب زيداً
(2/142)
أو تشتم عمراً) على معنى: أيهما).
يريد أنك إذا عطفت بـ (أو) فأنت شاك في وقوع واحد من الأمرين، وإنما
تستفهم لتعلم أوقع واحد منهما؟.
وإذا عطفت بـ (أم) فأنت مُدَع أن أحدهما كائنْ وإن لم تعرفه بعينه.
وهذا الحكم ثابت في الأفعال المعطوف بعضها على بعض كثباته في الأسماء.
نحو قولك: أزيد في الدار أم عمرو؟.
قال حسان:
رُبَّ حِلم أضاعه عدَمُ المالِ ... وجهلٍ غَطا عليه النعيمُ
(ما أُبالي أنَبَّ بالحَزْنِ تيسُ ... أم لحاني بظهرِ غيبٍ لئيمُ)
يعني أن الفقر قد يذهب بمحاسن الفقيرْ ومكارم أخلاقه، فإن الناس
يطرحونه لأجل
فقره فلا تُعرف أخلاقه، فإن كان غنياً قصدوهْ وسألوه فعُرفت أخلاقه.
وقوله: (وجهلٍ غطا عليه النعيم) يعني أن الغنَى يسترعيب صاحبه لمحبة
الناس للمالْ وإكرامهم للغني. والحزن: الغليظ من الأرض، والحَزن مكان
بعينه في بلاد بني تميم. يقول: كلام اللئيم لي وعيبه لي، بمنزلة صياح
التيس حين يصيح عند النزو. ولحاني: لامني.
(2/143)
في الحال
قال سيبويه: (وتقول: لأضربَنَّه ذهبَ أو مكثَ كأنه قال: لأضربنه ذاهباً
أو ماكثاً، ولأضربنه إن ذهب أو مكث).
يعني أن الفعل الماضي قد وقع في هذا الموضع حالاً، وهذا لا يسوغ في كل
موضع. وفيه معنى الشرط، كأنه قال: لأضربنه على كل حال. وقال زيادة
العذريّ:
(إذا ما انتهى علمي تناهيتُ عنده ... أطالَ فأمْلى أو تناهى فأقصرا)
الشاهد فيه أنه عطف (تناهى) على الحال، كأنه قال: تناهيت عنده مطيلاً
أو متناهياً. و (أطال) وزنه (أفعلَ) (فأملى) معطوف على (أطال)، (فأقصر)
معطوف على (تناهى). وقوله: أطال يعني به أن علمه إذا امتد في شيء،
واستتبّ له معرفته، ووضح له معناه، تكلم فيه، وأنه إذا لم يعرف سكتْ
ولم يتكلم بما لا يعلمه.
وقوله: (إذا ما انتهى علمي تناهيت عنده) يريد أنه إذا بلغ علمي
بالأشياء إلى موضع، بلغتُ إليه: ولم أتجاوزه فأتكلم بما لا أعلمه،
(2/144)
مطيلاً كان علمي أو متناهياً، وقوله: فأملى
أي امتد في الزمان، والمّلاوة: الحين من الدهر، يعني أنه إذا امتد علمه
- حالاً حيناً طويلاً - تبعه، وإن تناهى أي انقطع، أقصرْ ولم يتكلم.
وقال مَليح بن علاق القعيني يرثي ابنه:
(ألا لا أُبالي بعدَ يوم مُطرِفٍ ... حتوفَ المنايا أكثرتْ أو أقَلتِ)
لعَمْري لئن أمستْ رِكابُ مطرف ... تعفت، لقد كانت أُهينتْ وذلتِ
ويروى: (بعد موت مطرف) يريد مكثرة أو مقلة. والحال حال من الحتوف.
يريد أنا لا أبالي بعد موت ابني على من وقعت المنايا، ولا أبالي أكثرت
من أخذها أو أقلت.
نصب المضارع بعد فاء السببية
قال سيبويه: وتقول: (كأنك لم تأتنا فتحدثنا) تقديره:
(2/145)
كأنه لم يكن منك إتيان فحديث. قال رجل من
دارم:
(كأنك لم تذبح لأهلك نعجةً ... فيصبحَ ملقىً بالفناء إهابُها)
إهابُها: جلدها. والشاهد فيه نصب (فيصبحَ) وجعل (فيصبحَ) جواباً للأول،
كأنه قال: كأنك لم يكن من شأنك أنك متى ذبحت، ألقيت إهابُها بفنائك.
وسبب هذا الشعر، أن أبا بدر اليربوعي قتل، وادّعى الأحوص اليربوعي قتله
على بني دارم. وقال:
سيأتي الذي أحدثتمُ في صديقكُمْ ... رِفاقاً من الآفاق شتى مآبُها
خطاطيفُ ليسوا مصلحين عشيرةً ... ولا ناعباً إلا بشؤمٍ غرابُها
فأجابه سويد بن الطويلة:
ليبكِ أبا بدرٍ حمارُ وثلةُ ... وساليةُ راثت، عليها وِطابُها
(2/146)
كأنك لم تذبحْ لأهلك نعجةً ... فيصبحَ
ملقىً بالفِناء إهابُها
يهجو أبا بدرْ ويقول: إنه كان صاحبَ قطيع من غنمْ وفيها حمار.
والوِطاب: زِقاق اللبن، راثت: أبطأ عليها اللبن الذي يستخرج زبده فيعمل
منه السمن.
والسالية: التي تسلأ السمن فتعمله، وقوله: (كأنك لم تذبح لأهلك نعجة)
يريد أن أكثر ما يذكر من أمره، وأعلى مراتب أفعاله ذبح نعجة لأهله.
ويحكى عن شيخ من بني حنيفة أنه قال: مررت بخباء عظيم فيه عجوز، بين
يديها شاب يجود بنفسه، وحولها نسوة، وهي تبكيْ وتقول:
أصعْصَعَ مالي لا أراك تجيبنا ... أتسمعُ نجواناك أم ليس تسمعُ
فلو كان والي الموت يَقبل فِديةً ... فدتكَ ثمانٍ مشفِقاتُ وأربعُ
ثم تلتفت إليهنْ وتقول: أتفعلن؟ فيقلن: اللهم نعم. ثم تقول:
كأنك لم تذبحْ لأهلكَ نعجةً ... وتلقِ على باب الخباء إهابَها
ولم تَجُبِ البيدَ التنائف تقتنِصْ ... بها جرَةٍ حسْلانَهاْ وضِبابَها
(2/147)
فإن متَّ أردَى الموتُ أبناَء عامرٍ ...
وخصَّ بني كعبْ وعمروٍ كلابَها
وإنما كتبت هذه الأبيات، لئلا يرى إنسان أن سيبويه وقع عليه غلط في رفع
البيت الذي استشهد به، وليُعلم أن هذا البيت وقع في أبيات مرفوعة
لشاعر، وفي أبيات منصوبة لغيره.
حذف ألف الاستفهامْ وهي مرادة
قال سيبويه قال عمر بن أبي ربيعة:
(لعمرُكَ ما أدريْ وإن كنتُ دارياً ... بسبعٍ رميْنَ الجمرَ أم بثمانِ)
هذا إنشاد الكتابْ وإنشاد كل مستشهد. ورأيت في شعره:
بدا ليَ مِعصمُ يومَ جَمّرتْ ... وكفُّ خضيبُ زُينتْ ببَنانِ
فلما التقينا بالثنيةِ سلمتْ ... ونازَعَني البغلُ اللعينُ عناني
فوالله ما أدري - وإني لحاسبُ - ... بسبع رميْنَ الجمرَ أم بثمانِ
والشاهد فيه حذف ألف الاستفهام - وهي تراد - وتقديره: أبسبع رميْنَ
الجمرَ أم بثمان.
(2/148)
يعني أبسبع حصيات رمين أم بثمان حصيات.
والجمر: جمع جمرة، والجمار ثلاثْ وهي معروفة بِمنىَ. والمعصم: طرف
الذراع مما يلي الكف، وجَمّرتْ: رمت الجمار، والثنية: عند جمرة العقبة.
نصب المضارع بعد فاء السببية
قال سيبويه في الجواب بالفاء، قال البُرْجُ بن مُسْهر:
(ألم تربَعْ فتخبرَكَ الرّسومُ ... على فرتاجِ والعهدُ القديمُ)
تحمّلَ أهلهْ وجرَتْ عليه ... رياحُ الصيفِْ والسَّبَطُ المُديمُ
الشاهد فيه أنه نصب (فتخبرَك) على جواب الاستفهام. أي لو ربعت لخبرتْكَ
الرسوم عن أهلها إذا سألتها. وليس أنها تخبر بالقول، وإنما يريد أن
الآثار التي تراها في الرسم تدل على ذهاب الذين كانوا فيه، فكأنها
تخبره بالقول.
وفرتاج: موضع بعينه، والرسم: ما لم يكن له شخص قائم في الدار، والطلل:
ما شخص من الدار، ورياح الصيف: تسفي الرياح التراب على الآثار، وإنما
خص الصيف لأن الأرض فيه يابسة لا تمطر، فالريح تثير العجاج لجفاف
الأرض. ورياح الشتاء تهبْ والأرض ندية فلا تسفي التراب، والسبط المديم:
السحاب الذي مطره دائم.
(2/149)
رفع جواب الشرط على
تقدير التقديم
قال سيبويه قال العُجير السلولي:
ومستلحَمٍ قد صكه الخصمُ صَكةً ... قليلِ الموالي نيل ما كان يمنعُ
رددْتُ له ما أفرط القولُ بالضحى ... وبالأمس حتى اقتافهْ وهو أضرعُ
(وما ذاك أن كان ابنَ عميْ ولا أخي ... ولكنْ متى ما أملكِ الضَرَّ
أنفعُ)
الشاهد فيه أنه رفع (أنفعُ) في موضع الجواب، وإنما رفعه لأنه قدره قبل
الشرط، كأنه قال: ولكن أنفعُ متى ما أملك الضَّر.
والمستلحَم. وأصله في الحرب: وهو الذي أحيط به فأُثخن فلم يمكنه أن
يبرح. أراد: ورب مستلحم قد صكه خصمه بحجة. وبنو عمهْ وأنصاره أذلاء لم
يكن
فيهم من يعينه، نيل منه ما كان يمنعه.
رددت له ما أفرط القول: يريد أنه قد فرط منه قول غلط فيه، فوقع في أمر
من المكروه لا يستطيع دفعه. ويروى: (أفرط القولَ) بالنصب. أراد أنه قدم
قولاً خطأ.
ورأيته في موضع آخر مرفوعاً، يريد: الذي أفرطه القول، أي قدمه، ويكون
الضمير الذي يعود إلى (ما) محذوفاً، تقديره: أفرطه القولُ.
(2/150)
واقتافه: أخذه عنيْ ولَقِنَهُ، يعني أنه
لقّنه حجتَه.
واقتافه: تتبعه، تقول: قفت الشيء واقتفته إذا اتبعته. وهو أضرع: أي
ذليل. وما فعلت ذلك لأنه ابن عميْ ولا أخي، يريد: ْ وما كان نصري له
لأنْ كان ابنَ عميْ ولا أخي. وقوله: متى ما أملك الضر، يريد متى ما
أملك دفع الضر أنفع، فحذف المضافْ وأقام المضاف إليه مقامه.
النصب بعد (إلا) على الحال بعامل قبلها
قال سيبويه في الاستثناء: (وتقول: (من لي إلا أبوكَ صديقاً) حين جعلته
مثل: ما مررت بأحدٍ إلا أبيك خيراً منه).
(أبيك) مجرور لأنه بدل من (أحد) و (خيراً منه) منصوب على الحال، وهي
حال من (أبيك) وكأنه: ما مررت إلا بأبيك خيراً من كل أحد. والضمير
المجرور يعود إلى (أحد).
وقال سيبويه: (ومثله قول الشاعر - وهو الكلحَبَة). واسمه هبيرة بن عبد
الله من بني عَرين بن ثعلبة بن يربوع:
(أمرتُهُمُ أمري بمنعرَج اللوى ... ولا أمرَ للمَعْصِيِّ إلا مضيعا)
(2/151)
الشاهد فيه أنه نصب (مضيَّعاً) على الحال،
ودخلت (مضيَّعاً) على الحال، ودخلت (إلا) على الحال، والاستثناء إنما
وقع على بعض الأحوال، والعامل للحال
(للمعصي) كما تقول: المال لك ثابتاً، وهو لك خالصاً. وجعل دخولها على
الحال بمنزلة دخولها على (غير) في الاستثناء، وبمنزلة دخولها قبل
(إلا). و (صديقاً) منصوب في قولك: (من لي إلا أبوك صديقاً) بقوله (لي).
و (لي) خبر الابتداءْ وهو (مَن).
فجعل (مضيَّعاً) في أن ما قبل (إلا) يعمل فيه بمنزلة (صديقاً) في أن
الذي قبل (إلا) يعمل فيه. وعلى مذهب أبي العباس يكون العامل فعلاً
محذوفاً و (إلا) في موضعهْ وهو خلاف في أصل الاستثناء.
ثم قال سيبويه بعد إنشاده البيت: (وقد يكون أيضاً على قوله (لا أحد
فيها إلا زيداً). يريد أن (مضيَّعاً) قد ينتصب أيضاً على غير وجه
الحال، على أن تكون مستثنى من (أمر) في قوله: (ولا أمرَ) كما استثني
زيد من رجل في قوله: (لا رجل فيها إلا زيداً) وكأنه قال: (ولا أمر
للمعصي إلا أمراً مضيعاً، فحذف المنعوتْ وأقام النعت مقامه.
(2/152)
واللوى: مسترقّ الرملة، ومنعرجه: منعطفة.
وقوله: (ولا أمر للمعصي إلا مضيعاً) أي من عُصيْ ولم يُقبل ما يأمر به،
ضاع رأيه لأنه لا يُعمل به فيُعرف موقع جودته.
قال هذا الشعر في يوم زَرود، وهو يوم فرّت فيه بنو تغلب من بني يربوع.
فلما التقوا هزمتهم بنو يربوع. وحديثه مشهور.
(كأنْ) المخففة
قال سيبويه في باب (إن) قال النابغة الجعدي:
وأحضرَهُمْ خصماً شديداً ضريرُه ... بني دارم أهلَ التبولْ ونَهشلا
وذو التاج من غسانَ ينصر جاهداً ... ليجعلَ فيها جدَنا هو أسفلا
(قُروماً تَسامى عند بابٍ دفاعُهُ ... كأنْ يؤخذُ المرءُ الكريمُ
فيُقتلا)
الشاهد فيه على أنه جعل (كأنْ) مخففة من كأنّ، أراد: كأنه يؤخذُ المرء
الكريم فيقتلا.
و (يؤخذ) مرفوع. وقوله (فيُقتلا) منصوب لضرورة الشعر
(2/153)
كما قال الأعشى:
. . . . . . . . ... ويأوي إليها المستجير فيُعصما
وفي (أحضَرَهم) ضمير يعود إلى ملك تقدم ذكره، والضمير المنصوب يعود إلى
قوم النابغة، وهم بنو عامر بن صعصعة. ويقال: إنه لذو ضرير، إذا كان ذا
صبر على الخصومةْ والشرْ والبلاء.
والتبول: جمع تَبْلْ وهو التِّرَةْ والذَّحْل، و (نَهشلا) معطوف على
(بني دارم) وذو التاج: الملك من ملوك غسان، ينصر خصمنا عليناْ ويعينهم
حتى يقضي لهم منا، فيعلواْ ونسفُل. والقروم: جمع قَرْمْ وهو الفحل من
الإبل، شبه السادات بالفحول من الإبل، عند بابٍ: يريد باب الملك،
وتَسامى: يعلو بعضها على بعضْ ويرتفع. وقوله (دفاعه) يريد الدفع عن
الدخول فيهْ والوصول إلى ما وراءه - وهو حضرة الملك - كأخذ الرجلْ
وقتله. |