شرح الأشموني على ألفية ابن مالك
ج / 1 ص -386-
الفاعل:
"تعريفه
وأحكامه":
225-
الفاعل الذي كمرفوعي "أتى
زيد" "منيرا وجهه" "نعم الفتى"
"الفاعل" في عرف النحاة: هو
الاسم "الذي" أسند إليه فعل تام أصلي الصيغة أو مؤول به
"كمرفوعي" الفعل والصفة من قولك: "أتى زيد منيرا وجهه نعم
الفتى" فكل من "زيد" و"الفتى" فاعل؛ لأنه أسند إليه فعل
"تام" أصلي الصيغة، إلا أن الأول متصرف والثاني جامد،
و"وجهه" فاعل؛ لأنه أسند إليه مؤول بالفعل المذكور وهو
"منيرا".
فالذي أسند إليه فعل يشمل الاسم الصريح، كما مثل، والمؤول
به، نحو
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا}1، والتقييد بالفعل يخرج المبتدأ، وبالتام، نحو: اسم "كان"، وبأصلي
الصيغة النائب عن الفاعل، وذكر "أو مؤول به" لإدخال الفاعل
المسند إليه صفة، كما مثل، أو مصدر، أو اسم فاعل، أو ظرف،
أو شبهه.
تنبيه: للفاعل أحكام أعطى الناظم منها بالتمثيل البعض،
وسيذكر الباقي:
الأول: الرفع، وقد يجر لفظه بإضافة المصدر، نحو:
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ}2
أو اسمه، نحو: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء"، أو بـ"من"
أو الباء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العنكبوت: 51.
2 البقرة: 251؛ والحج: 40.
3 هذا أثر رواه مالك في الموطأ من طريق عبد الله بن مسعود.
ج / 1 ص -387-
الزائدتين، نحو:
{أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}1، ونحو: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}2، وقوله "من الوافر":
ألم يأتيك والأنباء تنمي
بما لاقت لبون بني زياد3
ويقضى حينئذ بالرفع على محله، حتى يجوز في تابعه الجر حملا
على اللفظ، والرفع حملا على المحل، نحو: "ما جاءني من رجل
كريمٍ، وكريمٌ"، و"ما جاءني من رجل ولا امرأةٍ، ولا
امرأةٌ"؛ فإن كان المعطوف معرفة تعين رفعه، نحو: "ما جاءني
من عبد ولا زيد"؛ لأن شرط جر الفاعل بـ"من" أن يكون نكرة
بعد نفي أو شبهه.
الثاني: كونه عمدة، لا يجوز حذفه؛ لأن الفعل وفاعله كجزأي
كلمة لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وأجاز الكسائي حذفه
تمسكا بنحو قوله "من الطويل":
354-
فإن كان لا يرضيك حتى تردني
إلى قطري لا إخالك راضيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1المائدة: 19.
2 الفتح: 28؛ والنساء: 79، 166.
3 تقدم بالرقم 43.
354- التخريج: البيت لسوار بن المضرب في شرح التصريح 1/
272؛ والمقاصد النحوية 2/ 451؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب
10/ 479؛ والخصائص 2/ 433؛ وشرح المفصل 1/ 80؛ والمحتسب 2/
192.
الإعراب: "فإن": الفاء حرف استئناف، و"إن": حرف شرط جازم،
"كان": فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر. "لا": حرف نفي.
"يرضيك": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل،
وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو، يعود إلى اسم
"كان"، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. "حتى":
حرف جر. "تردني": فعل مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة وعلامة
نصبه الفتحة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنت"،
والنون حرف للوقاية، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب
مفعول به. والمصدر المؤول من "أن تردني" في محل جر بحرف
الجر، والجار والمجرور متعلقان بـ"يرضيك". "إلى قطري": جار
ومجرور متعلقان بـ"تردني". "لا": حرف نفي. "إخالك": فعل
مضارع مرفوع بالضمة، وكسرت همزته على غير القياس، وفاعله
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والكاف ضمير متصل مبني
في محل نصب مفعول به أول. و"راضيا": مفعول به ثان منصوب.
وجملة "تردني" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
وجملة "لا يرضيك" في محل نصب خبر "كان"، وجملة "لا إخالك
راضيا" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير
مقترن بالفاء إذا الفجائية. وجملة فعل الشرط وجوابه
استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله "كان لا يرضيك" حيث حذف اسم "كان" المرفوع،
وقد تمسك الكسائي بهذا فأجاز حذف الفاعل.
ج / 1 ص -388-
وأوله الجمهور على أن التقدير: فإن كان هو،
أي: ما نحن عليه من السلامة.
الثالث: وجوب تأخيره عن رافعه، فإن وجد ما ظاهره تقدم
الفاعل وجب تقدير الفاعل ضميرا مستترا، وكون المقدم إما
مبتدأ كما في نحو: "زيد قام"، وإما فاعلا محذوف الفعل كما
في نحو:
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}1 ويجوز الأمران في
نحو:
{أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}2،
{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ}3 والأرجح الفاعلية؛ لما سيأتي في باب الاشتغال، وإلى هذا الثالث
الإشارة بقوله:
226-
وبعد فعل فاعل فإن ظهر
فهو وإلا فضمير استتر
"وبعد فعل" أي وشبهه "فاعل"
"فاعل": مبتدأ خبره في الظرف قبله: أي يجب أن يكون الفاعل
بعد الفعل "فإن ظهر" في اللفظ، نحو: "قام زيد"، و"الزيدان
قاما" "فهو" ذاك "وإلا"، أي: وإلا يظهر في اللفظ "فضمير"،
أي: فهو ضمير "استتر" نحو: "قم"، و"زيد قام"، و"هند قامت"؛
لما مر من أن الفعل وفاعله كجزأي كلمة، ولا يجوز تقديم عجز
الكلمة على صدرها، وأجاز الكوفيون تقدم الفاعل مع بقاء
فاعليته، تمسكا بقول الزباء "من الرجز":
355-
ما للجمال مشيها وئيدا
أجندلا يحملن أم حديدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التوبة: 6.
2 التغابن: 6.
3 الواقعة: 59.
355- التخريج: الرجز للزباء في أدب الكاتب ص200؛ والأغاني
15/ 256؛ وجمهرة اللغة ص742، 237؛ وخزانة الأدب 7/ 295؛
والدرر 2/ 281؛ وشرح التصريح 1/ 271؛ وشرح شواهد المغني 2/
912؛ وشرح عمدة الحافظ ص179؛ ولسان العرب 3/ 443 "وأد"؛
ومغني اللبيب 2/ 581؛ وللزباء أو الخنساء في المقاصد
النحوية 2/ 448؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159.
شرح المفردات: السير الوئيد: السير على مهل. الجندل:
الصخر.
الإعراب: "ما" اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. "للجمال":
جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. "مشيها": فاعل
مقدم لـ"وئيدا" على مذهب الكوفيين، ومبتدأ مرفوع على مذهب
البصريين، وخبره محذوف، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر
بالإضافة. "وئيدا": حال منصوب. "أجندلا": الهمزة
للاستفهام، "جندلا": مفعول به مقدم. "يحملن": فعل مضارع
مبني على السكون، والنون ضمير في =
ج / 1 ص -389-
وأوله البصريون على أن "مشيها" مبتدأ محذوف
الخبر، والتقدير: مشيها يكون أو يوجد وئيدا، وقيل: ضرورة،
وقد روي مثلنا: الرفع على ما ذكرنا، والنصب على المصدر،
أي: تمشي مشيها؛ والخفض بدل اشتمال من الجمال.
227-
وجرد الفعل إذا ما أسندا
لاثنين أو جمع كـ"فاز الشهدا"
228-
وقد يقال سعدا وسعدوا
والفعل للظاهر بعد مسند
"وجرد الفعل" من علامة التثنية
والجمع "إذا ما أسندا لاثنين" كفاز الشهيدان، ويفوز
الشهيدان "أو جمع كفاز الشهدا" ويفوز الشهداء، وفازت
الهندات، وتفوز الهندات؛ هذه اللغة المشهورة.
"وقد يقال" على لغة قليلة "سعدا" الزيدان، ويسعدان
الزيدان، "وسعدوا" العمرون، ويسعدون العمرون، وسعدن
الهندات، ويسعدن الهندات؛ ومن ذلك قوله "من الطويل":
356-
تولى قتال المارقين بنفسه
وقد أسلماه مبعد وحميم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= محل رفع فاعل، "أم": حرف عطف. "حديدا": مفعول به منصوب.
وجملة "ما للجمال" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"مشيها" حالية. وجملة "يحملن" استئنافية لا محل لها من
الإعراب.
الشاهد: قوله: "مشيها وئيدا" حيث قدم الفاعل، وهو قوله:
"مشيها" على عامله، وهو الصفة المشبهة "وئيدا". وهذا ما
قاله الكوفيون الذين أجازوا تقديم الفاعل على عامله، أما
البصريون فخرجوا البيت على أن "مشيها" مبتدأ، و"ئيدا" حال
من فاعل فعل محذوف، والتقدير: مشيها يظهر وئيدا، وجملة
الفعل المحذوف مع فاعله في محل رفع خبر المبتدأ، أو على أن
"مشيها" بدل من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع
خبرا، وهما قوله: "للجمال"، ويروى البيت بنصب "مشيها"
وجرها، وفي هاتين الروايتين ينتفي الشاهد.
356- التخريج: البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه
ص196؛ وتخليص الشواهد ص473؛ والدرر 2/ 282؛ وشرح التصريح
1/ 277؛ وشرح شواهد المغني 2/ 784، 790؛ والمقاصد النحوية
2/ 461؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 106؛ والجنى الداني
ص175؛ وجواهر الأدب ص109؛ وشرح ابن عقيل ص239؛ ومغني
اللبيب 2/ 367، 371؛ وهمع الهوامع 1/ 160.
اللغة والمعنى: المارقين: الخارجين على الدين. أسلماه:
خذلاه، ولم ينصراه. المبعد: البعيد الصلة. الحميم: القريب.
=
ج / 1 ص -390-
وقوله "من الخفيف":
357-
نسيا حاتم وأوس لدن فا
ضت عطاياك يابن عبد العزيز
وقوله "من الكامل":
358-
نصروك قومي فاعتزرت بنصرهم
ولو أنهم خذلوك كنت ذليلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= يقول: إن مصعبا بنفسه تولى قتال الخارجين على الدين في
العراق، وقد تجشم الكثير من المصاعب، ولكن خذله البعيد
والقريب وأسلماه للعدو.
الإعراب: تولى: فعل ماض، والفاعل: هو. قتال: مفعول به
منصوب، وهو مضاف. المارقين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه
جمع مذكر سالم. بنفسه: جار ومجرور متعلقان بـ"تولى"، وهو
مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. وقد: الواو: حالية،
قد: حرف تحقيق. أسلماه: فعل ماض، والألف حرف دال على
التثنية، والهاء: في محل نصب مفعول به. مبعد: فاعل مرفوع.
وحميم: الواو حرف عطف، حميم: اسم معطوف على "مبعد" مرفوع.
وجملة "تولي قتال..." الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية أو استئنافية. وجملة "قد أسلماه" الفعلية في محل
نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "وقد أسلماه مبعد وحميم" حيث ألحق
بالفعل المسند إلى الفاعل الظاهر ضمير التثنية، وذلك على
لغة بلحارث بن كعب، وهي لغة ما يسمى "أكلوني البراغيث".
357- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة: فاضت: كثرت وجاوزت الحد. العطايا: ج العطية، وهي
الهبة أو المنحة. ابن عبد العزيز: قد يكون عمر بن عبد
العزيز.
المعنى: يمدح الشاعر ابن عبد العزيز بسخائه وكثرة عطاياه
ما جعل الناس ينسون حاتما وأوسا اللذين اشتهرا بجودهما.
الإعراب: نسيا: فعل ماض للمجهول، و"الألف": حرف دال على
التثنية لا محل لها من الإعراب. حاتم: نائب فاعل مرفوع.
وأوس: "الواو": حرف عطف، "أوس": معطوف على "حاتم" مرفوع
بالضمة. لدن: ظرف زمان متعلق بـ"نسي". فاضت: فعل ماض،
و"التاء": للتأنيث. عطاياك: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة،
وهو مضاف، و"الكاف": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
يا: حرف نداء. ابن: منادى منصوب بالفتحة، وهو مضاف. عبد:
مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. العزيز: مضاف إليه
مجرور بالكسرة.
وجملة "نسبا...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"فاضت ..": في محل جر بالإضافة.
الشاهد: قوله: "نسيا حاتم وأوس" حيث ألحق ألف التثنية
بالفعل "نسي" رغم كونه مسندا إلى اثنين.
358- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر. =
ج / 1 ص -391-
وقوله "من المتقارب":
359-
يلومونني في اشتراء النخيـ
ـل قومي فكلهم يعذل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= اللغة: نصروك: ساعدوك. اعتززت: صرت ذا عزة ومنعة. خذلوك:
امتنعوا عن نصرتك. الذليل: المهان.
المعنى: يقول إن قومي قد ناصروك وجعلوك عزيزا ذا قوة
ومنعة، ولو لم يناصروك لكنت ذليلا مهانا.
الإعراب: نصروك: فعل ماض، و"الواو": حرف دال على جمع
الفاعل، و"الكاف": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
قومي: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل مبني في
محل جر بالإضافة. فاعتززت: "الفاء": حرف عطف، "اعتززت":
فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. بنصرهم: جار
ومجرور متعلقان بـ"اعتززت": وهو مضاف، و"هم": ضمير متصل
مبني في محل جر بالإضافة. ولو: "الواو": حرف استئناف،
"لو": حرف امتناع لامتناع. أنهم: حرف مشبه بالفعل. و"هم":
ضمير متصل في محل نصب اسم "أن". خذلوك: فعل ماض، و"الواو":
ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"الكاف": ضمير متصل في محل
نصب مفعول به. كنت: فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير متصل في
محل رفع اسم "كان". ذليلا: خبر "كان" منصوب.
وجملة "نصروك...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"اعتززت...": معطوفة على سابقتها. وجملة "لو أنهم خذلوك":
استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "خذلوك": في محل
رفع خبر "أن". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل
رفع فاعل محذوف تقديره: "ولو ثبت خذلانهم إياك". وجملة
"كنت ذليلا" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير
جازم.
الشاهد: قوله: "نصروك قومي" حيث ألحق بالفعل علامة الجمع،
وهي واو الجماعة مع كون هذا الفعل "نصر" مسندا غلى اسم
ظاهر دال على الجمع؛ وهذه لغة بعض العرب.
359- التخريج: البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48؛
والدرر 2/ 283؛ وشرح التصريح 1/ 276؛ وبلا نسبة في الأشباه
والنظائر 2/ 363؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 629؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 783؛ وشرح ابن عقيل ص239؛ وشرح المفصل 3/ 87، 7/
7؛ ومغني اللبيب 2/ 365؛ والمقاصد النحوية 2/ 460؛ وهمع
الهوامع 1/ 160.
الإعراب: "يلومونني": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو
حرف دال على الجمع، والنون الثانية للوقاية، والياء ضمير
في محل نصب مفعول به. "في اشتراء": جار ومجرور متعلقان
بـ"يلوم"، وهو مضاف. "النخيل": مضاف إليه مجرور. "أهلي":
فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة.
"فكلهم": الفاء حرف استئناف، "كل" مبتدأ مرفوع، وهو مضاف،
"هم": ضمير في محل جر بالإضافة. "يعذل": فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر.
وجملة "يلومونني" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"يعذل" في محل رفع خبر. وجملة: "كلهم يعذل" استئنافية لا
محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "يلومونني... أهلي" حيث ألحق واو الجماعة
بالفعل المسند إلى الفاعل الظاهر على لغة بني الحارث بن
كعب. والقياس "يلومني أهلي".
ج / 1 ص -392-
وقوله "من الطويل":
360-
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي
فأعرضن عني بالخدود النواضر
ويعبر عن هذه اللغة بلغة "أكلوني البراغيث"، وعليه حمل
الناظم قوله عليه الصلاة والسلام:
"يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار"
أخرجه مالك في الموطأ. ثم قال: لكنني أقول في حديث مالك:
إن الواو فيه علامة إضمار؛ لأنه حديث مختصر رواه البزار
مطولا مجردا؛ فقال:
"إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم".
وحكى بعض النحويين أنها لغة طيئ، وبعضهم أنها لغة أزد
شنوءة.
"والفعل" على هذه اللغة ليس مسندا لهذه الأحرف، بل هو
"للظاهر بعد مسند". وهذه أحرف دالة على تثنية الفاعل
وجمعه، كما دلت التاء في: "قامت هند" على تأنيث الفاعل.
ومن النحويين من يحمل ما ورد من ذلك على أنه خبر مقدم
ومبتدأ مؤخر، ومنهم من يحمله على إبدال الظاهر من المضمر،
وكلا الحملين غير ممتنع فيما سمع من غير أصحاب هذه اللغة؛
ولا يجوز حمل جميع ما جاء من ذلك على الإبدال أو التقدير
والتأخير؛ لأن الأئمة المأخوذ عنهم هذا الشأن اتفقوا على
أن قوما من العرب يجعلون هذه الأحرف علامات للتثنية
والجمع، وذلك بناء منهم على أن من العرب من يلتزم مع تأخير
الاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
360- التخريج: البيت لمحمد بن عبد الله العتبي في الأغاني
14/ 191؛ وتخليص الشواهد ص474؛ والمقاصد النحوية 2/ 473؛
ولمحمد بن أمية في العقد الفريد 3/ 43؛ وبلا نسبة في شرح
ابن عقيل ص240.
اللغة والمعنى: الغواني: ج الغانية، وهي المرأة الجميلة
المستغنية عن الزينة. لاح: ظهر. العارض: جانب الوجه.
أعرضن: ابتعدن. النواضر: ج الناضر، وهو ذو الحسن والرونق.
الإعراب: رأين: فعل ماض، والنون: علامة جمع المؤنث.
الغواني: فاعل مرفوع. الشيب: مفعول به منصوب. لاح: فعل
ماض، والفاعل: هو. بعارضي: جار ومجرور متعلقان بـ"لاح"،
وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. فأعرضن: الفاء: حرف
عطف، أعرضن: فعل ماض، والنون: فاعل. عني: جار ومجرور
متعلقان بـ"أعرض". بالخدود: جار ومجرور متعلقان بـ"أعرض".
النواضر: نعت لـ"الخدود".
وجملة "رأين الغواني..." الفعلية لا محل لها من الإعراب
لأنها ابتدائية. وجملة "لاح بعارضي" الفعلية في محل نصب
حال. وجملة "أعرضن عني" الفعلية معطوفة على جملة "رأين
الغواني" لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "رأين الغواني" على لغة "أكلوني
البراغيث"، حيث اتصل بفعل "رأين" ضمير الفاعل، وهو نون
النسوة مع ذكر الفاعل الظاهر، وهو "الغواني"، على لغة
بلحارث بن كعب.
ج / 1 ص -393-
الظاهر الألف في فعل الاثنين، والواو في
فعل جمع المذكر، والنون في فعل جمع المؤنث: فوجب أن تكون
عند هؤلاء حروفا، وقد لزمت للدلالة على التثنية والجمع كما
لزمت التاء للدلالة على التأنيث؛ لأنها لو كانت أسماء للزم
إما وجوب الإبدال، أو التقديم والتأخير، وإما إسناد الفعل
مرتين؛ واللازم باطل اتفاقا.
"حذف الفعل":
229-
ويرفع الفاعل فعل أضمرا
كمثل "زيد" في جواب "من قرا"
"ويرفع الفاعل فعل أضمرا" أي:
حذف من اللفظ؛ إما جوازا كما إذا أجيب به استفهام محقق
"كمثل زيد في جواب من قرا" إذا جعل التقدير: قرأ زيد، ومنه
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}1، أي: خلقهن الله، أو مقدر2،
كقراءة ابن عامر وشعبة
{يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا
بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ، رِجَالٌ}3
وقراءة ابن كثير "كَذَلِكَ يُوحَي إِلَيْكَ وَإِلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ"4 وقراءة بعضهم: "زُيِّنَ
لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادِهِمْ
شُرَكَاؤُهُمْ"5، وقوله "من الطويل":
361-
ليبك يزيد ضارع لخصومة
ومختبط مما تطيح الطوائح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزمر: 38؛ ولقمان: 25.
2 معطوف على قوله: "محقق"، أي: ومن المحذوف جوازا ما يجاب
به استفهام مقدر.
3 النور: 36.
4 الشوري: 3.
5 الأنعام: 137.
361- التخريج: البيت للحارث بن نهيك في خزانة الأدب 1/
303؛ وشرح شواهد الإيضاح ص94؛ وشرح المفصل 1/ 80؛ والكتاب
1/ 288؛ وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص362؛ ولنهشل بن
حري في خزانة الأدب 1/ 303؛ ولضرار بن نهشل في الدرر 2/
268؛ ومعاهد التنصيص 1/ 202؛ وللحارث بن ضرار في شرح أبيات
سيبويه 1/ 110؛ ولنهشل، أو للحارث، أو لضرار، أو لمزرد بن
ضرار، أو للمهلهل في المقاصد النحوية 2/ 454؛ وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 2/ 345، 7/ 24؛ وأمالي ابن الحاجب ص447،
789؛ وتخليص الشواهد ص478؛ وخزانة الأدب 8/ 139؛ والخصائص
2/ 353، 424؛ وشرح المفصل 1/ 80؛ والشعر والشعراء ص105،
106؛ والكتاب 1/ 366، 398؛ ولسان العرب 2/ 536 "طوح"؛
والمحتسب 1/ 230؛ ومغني اللبيب ص620؛ والمقتضب 3/ 282؛
وهمع الهوامع 1/ 160.
شرح المفردات: الضارع: الخاضع والمستكين. المختبط: السائل
بلا وسيلة، أو قرابة، أو معرفة. =
ج / 1 ص -394-
ببناء الأفعال للمفعول، والأسماء المذكورة
رفع بالفاعلية لأفعال محذوفة، كأنه قيل: من يسبح، ومن
يوحي، ومن زينه، ومن يبكيه؛ فقيل: يسبح رجال، ويوحي الله،
وزينه شركاؤهم، ويبكيه ضارع.
وهذا أولى من تقدير هذه المرفوعات أخبار مبتدآت محذوفة؛
لاعتضاد التقدير الأول بما رجحه؛ أما الآية الأولى فلثبوته
فيما يشبهها، وهو:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}1 وفيما هو على طريقتها، وهو:
{قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ
يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}2،
{قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ
الْخَبِيرُ}3 وأما البواقي فبالرواية الأخرى، وهي
رواية البناء للفاعل.
نعم في غير ما ذكر يكون الحمل على الثاني أولى؛ لأن
المبتدأ عين الخبر؛ فالمحذوف عين الثابت، فيكون الحذف كلا
حذف، بخلاف الفعل فإنه غير الفاعل.
أو أجيب به نفي، كقوله "من الطويل":
362-
تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه
من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= تطيح: تهلك. الطوائح: المصائب.
المعنى: يقول: فليبك يزيد بن نهشل، لأن البكاء هو أقل شيء
يجب عمله، فقد بكاه الذليل الخاضع كما بكاه العافي الذي
أنهكته حوادث الأيام فراح يستعطي أهل السخاء.
الإعراب: "ليبك": اللام للأمر، "يبك": فعل مضارع للمجهول
مجزوم بحذف حرف العلة. "يزيد": نائب فاعل مرفوع. "ضارع":
فاعل لفعل محذوف تقديره: "يبكيه ضارع": "لخصومة": جار
ومجرور متعلقان بـ"ضارع". "ومختبط": الواو حرف عطف،
"مختبط": معطوف على "ضارع". "مما": جار ومجرور متعلقان
بـ"مختبط". "تطيح": فعل مضارع مرفوع. "الطوائح": فاعل
مرفوع.
وجملة: "ليبك..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"يبكيه ضارع" المحذوفة بدل من جملة "ليبك يزيد". وجملة:
"تطح..." صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد قوله: "ليبك يزيد ضارع..." حيث حذف عامل الفاعل
لقرينة، والتقدير: يبكيه ضارع. و"ضارع" فاعل فعل محذوف دل
عليه دخول الاستفهام المقدر، كأنه قيل: من يبكيه؟ فقيل:
ضارع، أي يبكيه ضارع، ثم حذف الفعل، و"يزيد" نائب فاعل
"يبك" المجزوم بلام الأمر.
1 الزخرف: 9.
2 يس: 78، 79.
3 التحريم: 3.
362- التخريج: البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص478؛ وشرح
التصريح 1/ 273؛ والمقاصد النحوية 2/ 453. =
ج / 1 ص -395-
أي: بل عراه أعظم الوجد.
أو استلزمه فعل قبله، كقوله "من الرجز":
363-
رأسقى الإله عدوات الوادي
وجوفه كل ملث غادي
كل أجش حالك السواد
أي: سقاها كل أجش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شرح المفردات: تجلدت: تصبرت. عراه الوجد: أصابه العشق.
المعنى: يقول: إنه تكلف ضبط النفس، حتى قيل عنه إنه لم
يبرحه الوجد، ولكني أجيبهم بأن الشوق قد أضناني، وهد
كياني.
الإعراب: "تجلدت": فعل ماض، والتاء ضمير متصل في محل رفع
فاعل. "حتى": حرف غاية وجر. "قيل": فعل ماض للمجهول. "لم":
حرف جزم. "يعر": فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة. "قلبه":
مفعول به، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "من
الوجد": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "شيء". "شيء":
فاعل مرفوع والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر
بحرف الجر "حتى"، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "تجلدت".
"قلت": فعل ماض والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "بل": حرف
عطف. "أعظم": فاعل لفعل محذوف تقديره: "عراه أعظم الوجد"،
وهو مضاف. "الوجد": مضاف إليه مجرور.
وجملة: "تجلدت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"قيل..." صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجمل:
"لم يعر قلبه شيء" في محل رفع نائب فاعل. وجملة: "قلت"
استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عراه أعظم..."
المحذوفة في محل نصب مفعول به.
الشاهد: قوله: "بل أعظم الوجد" حيث رفع "أعظم" على أنه
فاعل لفعل محذوف يدل عليه سياق الكلام. وهذا الفعل مجاب به
على كلام منفي سابق، وهو قول القائلين: "لم يعر قلبه من
الوجد شيء".
363- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ والمقاصد
النحوية 2/ 475؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص477؛
والخصائص 2/ 425؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 384؛ والكتاب 1/
289؛ والمحتسب 1/ 117.
اللغة: العدوات: ج العدوة، وهي الجانب. الملث: المطر
الدائم. الغادي: الذي جاء وقت الغداة. الأجش: السحاب
الشديد الذي يتبعه رعد. حالك السواد: شديد السواد.
الإعراب: أسقى: فعل ماض. الإله: فاعل مرفوع بالضمة. عدوات:
مفعول به أول منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث
سالم، وهو مضاف. الوادي: مضاف إليه مجرور. وجوفه: "الواو":
حرف عطف، "جوفه": معطوف على "عدوات" منصوب بالفتحة، وهو
مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. كل: مفعول به
ثان منصوب بالفتحة، وهو مضاف. ملث: مضاف إليه مجرور. غادي:
نعت "ملث" مجرور بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه
اسم منقوص، و"الياء": للإطلاق. كل: "بالرفع" فاعل لفعل
محذوف تقديره: "سقاها كل"، وهو مضاف. أجش: مضاف إليه مجرور
بالفتحة عوضا عن =
ج / 1 ص -396-
وإما وجوبا، كما إذا فسر بما بعد الفاعل من
فعل مسند إلى ضميره أو ملابسه، نحو:
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}1،
و"هلا زيد قام أبوه"؛ أي: وإن استجارك أحد استجارك، وهلا
لابس زيد قام أبوه، إلا أنه لا يتكلم به؛ لأن الفعل الظاهر
كالبدل من اللفظ بالفعل المضمر؛ فلا يجمع بينهما.
"حكم الفعل مع الفاعل المؤنث من حيث التذكير والتأنيث":
230-
وتاء تأنيث تلي الماضي إذا
كان لأنثى كـ"أبت هند الأذى"
"وتاء تأنيث تلي الماضي إذا
كان لأنثى"؛ لتدل على تأنيث الفاعل، وكان حقها ألا تلحقه؛
لأن معناها في الفاعل، إلا أن الفاعل لما كان كجزء من
الفعل جاز أن يدل ما اتصل بالفعل على معنى في الفاعل، كما
جاز أن يتصل بالفاعل علامة رفع الفعل في الأفعال الخمسة،
وسواء في ذلك التأنيث الحقيقي: "كأبت هند الأذى"،
والمجازي: كطلعت الشمس.
231-
وإنما تلزم فعل مضمر
متصل أو مفهم ذات حر
"وإنما تلزم" هذه التاء من
الأفعال "فعل" فاعل "مضمر متصل" سواء عاد على مؤنث حقيقي؛
كهند قامت، والهندان قامتا، أم مجازي: كالشمس طلعت،
والعينان نظرتا "أو" فعل فاعل ظاهر متصل "مفهم ذات حر" أي:
فرج، وهو المؤنث الحقيقي: كقامت هند، وقامت الهندان، وقامت
الهندات؛ فميتنع: هند قام، والهندان قاما، والشمس طلع،
والعينان نظرا، وقام هند، وقام الهندان، وقام الهندات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل. حالك:
نعت "أجش" مجرور بالكسرة، وهو مضاف. السواد: مضاف إليه
مجرور بالكسرة.
وجملة "أسقى الإله": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "كل أجش حالك السواد" حيث رفع "كل" على أنه
فاعل لفعل محذوف دل عليه المذكور والتقدير: "سقاها كل".
1 التوبة: 6.
ج / 1 ص -397-
وقد أفهم أن التاء لا تلزم في غير هذين
الموضعين: فلا تلزم في المضمر المنفصل، نحو: "هند ما قام
إلا هي"، و"ما قام إلا أنت"، ولا في الظاهر المجازي
التأنيث، نحو: "طلع الشمس"، ولا في الجمع غير ما ذكر، على
ما سيأتي بيانه.
تنبيهان: الأول: يضعف إثبات التاء مع المضمر المنفصل.
الثاني: تساوي هذه التاء في اللزوم وعدمه تاء مضارع
الغائبة والغائبتين.
232-
وقد يبيح الفصل ترك التاء في
نحو "أتى القاضي بنت الواقف".
"وقد يبيح الفصل" بين الفعل
وفاعله الظاهر الحقيقي التأنيث "ترك التاء" كما "في نحو
أتى القاضي بنت الواقف". وقوله "من الوافر":
364-
لقد ولد الأخيطل أم سوء
"على باب استها صلب وشام"
وقوله "من البسيط":
365-
إن امرأ غره منكن واحدة
بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
364- التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص293؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص338، 405؛ وشرح التصريح 1/ 279؛ وشرح المفصل 5/
92؛ ولسان العرب 1/ 259 "صلب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 468؛
وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 175؛ وجواهر الأدب ص113؛ والخصائص
2/ 414؛ والمقتضب 2/ 148، 2/ 148، 3/ 349؛ والممتع في
التصريف 1/ 218.
الإعراب: "لقد": واقعة في جواب قسم مقدر، "قد": حرف تحقيق.
"ولد": فعل ماض، "الأخيطل": مفعول به مقدم. "أم": فاعل
مرفوع، وهو مضاف. "سوء": مضاف إليه مجرور. "على باب": جار
ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وهو مضاف. "استها": مضاف
إليه مجرور. "صلب": مبتدأ مؤخر مرفوع. "وشام": الواو حرف
عطف، "شام" معطوف على "صلب" مرفوع.
وجملة القسم المحذوفة الابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "ولقد ولد..." جواب قسم لا محل لها من الإعراب.
وجملة "على باب استها..." في محل رفع نعت "أم".
الشاهد: قوله: "لقد ولد الأخيطل أم سوء" حيث لم يصل بالفعل
تاء التأنيث مع أن فاعله مؤنث حقيقي، وذلك لفصله عن فاعله
بالمفعول وهذا جائز، والتأنيث أكثر.
365- التخريج: البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 174؛ وتخليص
الشواهد ص481؛ والخصائص 2/ 414؛ والدرر 6/ 271؛ وشرح
المفصل 5/ 93؛ ولسان العرب 5/ 11 "غرر"؛ واللمع ص116؛
والمقاصد النحوية 2/ 476؛ وهمع الهوامع 2/ 171.
الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. امرأ: اسم "إن" منصوب. غره:
فعل ماض، والهاء ضمير في =
ج / 1 ص -398-
والأجود الإثبات1.
233-
والحذف مع فصل بإلا فضلا
كـ"ما زكا إلا فتاة ابن العلاء
"والحذف مع فصل بإلا فصلا" على
الإثبات "كما زكا إلا فتاة ابن العلا" إذ معناه ما زكى إلا
فتاة ابن العلاء، ويجوز "ما زكت" نظرا إلى اللفظ؛ وخصه
الجمهور بالشعر، كقوله "من الرجز":
366-
ما برئت من ريبة وذم
في حربنا إلا بنات العم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= محل نصب مفعول به. منكن: جار ومجرور متعلقان بـ"غره" أو
بمحذوف حال من "واحدة". واحدة: فاعل "غر" مرفوع. بعدي: ظرف
متعلق بـ"غر"، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل في محل جر
بالإضافة. وبعدك: الواو: حرف عطف، بعدك: معطوفة على
"بعدي"، وهو مضاف، والكاف: ضمير في محل جر بالإضافة. في
الدنيا: جار ومجرور متعلقان بـ"مغرور"، أو بصفة محذوفة
لـ"امرئ". لمغرور: اللام: المزحلقة، مغرور: خبر "إن"
مرفوع.
وجملة "إن امرأ غره..." الاسمية لا محل لها من الإعراب
لأنها ابتدائية. وجملة "غره..." الفعلية في محل نصب نعت
لـ"امرأ".
والشاهد فيه قوله: "غره منكن واحدة"، فالفاعل هنا مؤنث
حقيقي، ولم يؤنث له الفعل للفاصل بين الفعل وفاعله بقوله:
"منكن"، وذكر علامة التأنيث في مثل هذه الحال أرجح من
حذفها.
1 هذا رأي جماعة من النحاة، وقال آخرون: إن إثبات التاء
واجب في هذه الحالة.
366- التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 272؛ وشرح
التصريح 1/ 279؛ والمقاصد النحوية 2/ 471؛ وهمع الهوامع 2/
171.
اللغة والمعنى: برئت: سلمت. الريبة: الشك.
يقول: لم تسلم امرأة من التهم والشكوك في حربنا إلا بنات
الأعمام. وهذا كناية عن منعتهم وحفاظهم على الشرف.
الإعراب: ما: حرف نفي. برئت: فعل ماض، والتاء: للتأنيث. من
ريبة: جار ومجرور متعلقان بـ"بريء". وذم: الواو: حرف عطف.
ذم: اسم معطوف على "ريبة". في حربنا: جار ومجرور متعلقان
بـ"بريء"، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. إلا:
أداة حصر. بنات: فاعل "بريء" مرفوع، وهو مضاف. العم: مضاف
إليه مجرور.
وجملة "ما برئت..." الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية.
والشاهد فيه قوله: "ما برئت إلا بنات العم" حيث أدخل تاء
التأنيث على الفعل مع أن فاعله فصل بـ"إلا"، ودخول تاء
التأنيث في مثل هذا مرجوح.
ج / 1 ص -399-
وقوله "من الطويل":
367-
"طوى النحز والأجراز ما في غروضها"
فما بقيت إلا الضلوع الجراشع
قال الناظم: والصحيح جوازه في النثر أيضا، وقد قرئ:
{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}1، "إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ"2.
234-
والحذف قد يأتي بلا فصل ومع
ضمير ذي المجاز في شعر وقع
"والحذف قد يأتي" مع الظاهر
الحقيقي التأنيث "بلا فصل" شذوذا؛ حكى سيبويه "قال فلانة".
"ومع ضمير ذي" التأنيث "المجاز" الحذف "في شعر وقع" أيضا،
كقوله "من المتقارب":
368-
فإما تريني ولي لمة
فإن الحوادث أودى بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
367- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص1296؛ وتخليص
الشواهد ص482؛ وتذكرة النحاة ص113؛ وشرح المفصل 2/ 87؛
والمحتسب 2/ 207؛ والمقاصد النحوية 2/ 477.
اللغة: النحز: الضرب والسوق الشديد. الأجراز: ج الجرز، وهي
الأرض القاحلة. الغروض: ج الغرض، وهو الحبل، أو حزام
السرج. الجراشع: ج الجرشع، وهو المنتفخ الجنبين.
المعنى: يصف الشاعر ناقته التي أصيبت بالهزال من شدة الضرب
والسير بها في أرض قاحلة لا نبات فيها.
الإعراب: "طوى": فعل ماض. "النحز": فاعل مرفوع.
"والأجراز": الواو حرف عطف، "الأجراز" معطوف على "النحز"
مرفوع. "ما": اسم موصول في محل نصب مفعول به. "في غروضها":
جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، وهو مضاف، و"ها":
ضمير في محل جر بالإضافة. "وما": الواو حرف عطف، "ما": حرف
نفي. "بقيت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. "إلا": أداة حصر.
"الضلوع": فاعل مرفوع. "الجراشع": نعت "الضلوع" مرفوع
بالضمة.
وجملة: "طوى..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"ما بقيت..." معطوفة على سابقتها.
الشاهد: قوله: "فما بقيت إلا الضلوع الجراشع" حيث دخلت تاء
التأنيث على الفعل "بقي" لأن فاعله مؤنث، مع كونه قد فصل
بينه وبين فاعله بفاصل هو "إلا". وهذا لا يجوز عند الجمهور
إلا في الشعر.
1 الأحقاف: 25.
2 يس: 53.
368- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص221 "مع تغيير
فيه"؛ وخزانة الأدب 11/ 430، =
ج / 1 ص -400-
وقوله "من المتقارب":
369-
فلا مزنة ودقت ودقها
ولا أرض إبقل إبقالها
235-
والتاء مع جمع سوى السالم من
مذكر كالتاء مع إحدى
اللبن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 431، 432، 433؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 477؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص346؛ وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41؛ والكتاب 2/ 46؛
ولسان العرب 2/ 132 "حدث"، 15/ 385 "ودي"؛ والمقاصد
النحوية 2/ 466؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص764؛ ورصف المباني
ص103، 316؛ وشرح المفصل 9/ 6.
شرح المفردات: اللمة: الشعر المجاوز شحمة الأذن. الحوادث:
المصائب. أودى بها: ذهب بها.
المعنى: يقول: فإذا رأيت شعر رأسي قد تبدل فذلك لما أصابني
من مصائب الدهر وآلامه.
الإعراب: "فإما": الفاء بحسب ما قبلها، "إما": "إن": حرف
شرط جازم، و"ما": زائدة. "تريني": فعل مضارع مجزوم بحذف
النون لأنه فعل الشرط، والياء ضمير في محل رفع فاعل،
والنون للوقاية، والياء الثانية في محل نصب مفعول به,
"ولي": الواو حالية، و"لي": جار ومجرور متعلقان بخبر
المبتدأ المحذوف. "لمة": مبتدأ مؤخر مرفوع. "فإن": الفاء
رابطة جواب الشرط، "إن": حرف مشبه بالفعل. "الحوادث": اسم
"إن" منصوب. "أودى": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره: "هي". "بها": جار ومجرور متعلقان بـ"أودى".
وجملة: "إما تريني..." الشرطية بحسب ما قبلها، وجملة "ولي
لمة" في محل نصب حال. وجملة "إن الحوادث..." في محل جزم
جواب شرط. وجملة "أودى بها" في محل رفع خبر "إن".
الشاهد: قوله: "إن الحوادث أودى بها" حيث لم يلحق تاء
التأنيث الفعل الذي هو "أودى" مع كونه مسندا إلى ضمير
مستتر عائد إلى اسم مؤنث، وهو "الحوادث"، وذلك للضرورة
الشعرية.
369- التخريج: البيت لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص483؛
وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50؛ والدرر 6/ 268؛ وشرح التصريح
1/ 278؛ وشرح شواهد الإيضاح ص339، 460؛ وشرح شواهد المغني
2/ 943؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 7/ 111 "أرض"، 11/ 60
"بقل"؛ والمقاصد النحوية 2/ 464؛ وبلا نسبة في أمالي ابن
الحاجب 1/ 352؛ وجواهر الأدب ص113؛ والخصائص 2/ 411؛ والرد
على النحاة ص91؛ ورصف المباني ص166؛ وشرح أبيات سيبويه 1/
557؛ وشرح ابن عقيل ص244؛ وشرح المفصل 5/ 94؛ ولسان العرب
1/ 357 "خضب"؛ والمحتسب 2/ 112؛ ومغني اللبيب 2/ 656؛
والمقرب 1/ 303؛ وهمع الهوامع 2/ 171.
شرح المفردات: المزنة: قطعة من السحاب الماطر. ودقت: قطرت.
أبقلت: أنبتت البقل، أعشبت.
الإعراب: "فلا": الفاء بحسب ما قبلها، "لا": حرف نفي تعمل
عمل "ليس". "مزنة": اسم "لا" =
ج / 1 ص -401-
236-
والحذف في "نعم الفتاة" استحسنوا
لأن قصد الجنس فيه بين
"والتاء مع جمع سوى السالم مع
مذكر" والسالم من مؤنث كما مر "كالتاء مع" المؤنث المجازي،
وهو: ما ليس له فرج حقيقي، مثل: "إحدى اللبن" أعني لبنة،
فكما تقول: "سقطت اللبنة"، و"سقط اللبنة"، تقول: "قامت
الرجال"، و"قام الرجال"، و"قامت الهنود"، و"قام الهنود"،
و"قامت الطلحات"، و"قام الطلحات"؛ فإثبات التاء لتأوله
بالجماعة، وحذفها لتأوله بالجمع، وكذا تفعل باسم الجمع
كـ"نسوة"، ومنه:
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي
الْمَدِينَةِ}1.
تنبيه: حق كل جمع أن يجوز فيه الوجهان، إلا أن سلامة نظم
الواحد في جمعي التصحيح أوجبت التذكير في نحو: "قام
الزيدون"، والتأنيث في نحو: "قامت الهندات".
وخالف الكوفيون؛ فجوزوا فيهما الوجهان، ووافقهم في الثاني
أبو علي الفارسي؛ واحتجوا بقوله: {آَمَنَتْ بِهِ بَنُو
إِسْرَائِيلَ}2.
{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ}3،
وقوله "من الكامل":
370-
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي
والظاعنون إلى ثم تصدعوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مرفوع. "ودقت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. وفاعله ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره: "هي". "ودقها": مفعول مطلق منصوب،
وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. "ولا": الواو
حرف عطف، "لا": نافية للجنس. "أرض": اسم "لا" مبني على
الفتح. "أبقل": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره "هي". "إبقالها": مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف،
و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
وجملة: "لا مزنة ودقت..." بحسب ما قبلها. وجملة: "ودقت..."
في محل نصب خبر "لا". وجملة: "ولا أرض أبقل" معطوفة على
السابقة. وجملة: "أبقل" في محل رفع خبر "لا".
الشاهد: قوله: "ولا أرض أبقل إبقالها" والقياس: "أبقلت
إبقالها..." لأن الفعل مسند إلى ضمير عائد على الأرض، وهو
مؤنث مجازي، فحذفت التاء للضرورة.
1 يوسف: 30.
2 يونس: 90.
3 الممتحنة: 12.
370- التخريج: البيت لعبدة بن الطيب في ديوانه ص50؛ وشرح
اختيارات المفضل ص701؛ ونوادر أبي زيد ص23؛ ولأبي ذؤيب في
المقاصد النحوية 2/ 472؛ وبلا نسبة في الخصائص 3/ 295؛
وشرح التصريح 1/ 280. =
ج / 1 ص -402-
وأجيب بأن البنين والنبات لم يسلم فيهما
نظم الواحد، وبأن التذكير في "جاءك" للفصل، أو لأن الأصل:
النساء المؤمنات، أو لأن "أل" مقدرة باللاتي، وهو اسم جمع.
"والحذف في: "نعم الفتاة"، و"بئس الفتاة" "استحسنوا" أي:
رأوه حسنا؛ "لأن قصد الجنس فيه بين" فالمسند إليه الجنس،
و"أل" في الفتاة جنسية، خلافا لمن زعم أنها عهدية، ومع كون
الحذف حسنا، الإثبات أحسن منه.
"الفعل والفاعل
والمفعول به من حيث التقديم والتأخير":
237-
والأصل في الفاعل أن يتصلا
والأصل في المفعول أن ينفصلا
238-
وقد يجاء بخلاف الأصل
وقد يجي المفعول قبل الفعل
"والأصل في الفاعل أن يتصلا"
بالفعل؛ لأنه كجزء منه، ألا ترى أن علامة الرفع تتأخر عنه
في الأفعال الخمسة؛ "والأصل في المفعول أن ينفصلا" عنه
بالفاعل؛ لأنه فضلة.
"وقد يجاء بخلاف الأصل" فيتقدم المفعول على الفاعل؛ إما
جوازا، وإما وجوبا، وقد يمتنع ذلك، كما سيأتي.
"وقد يجيء المفعول قبل الفعل" وفاعله، وهو أيضا على ثلاثة
أوجه: جائز، نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شرح المفردات: الشجو: الحزن. الظاعنون: الراحلون.
تصدعوا: تفرقوا.
الإعراب: "فبكى": الفاء بحسب ما قبلها، "بكى": فعل ماض.
"بناتي": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر
بالإضافة. "شجوهن": مفعول لأجله منصوب، وهو مضاف، و"هن":
في محل جر بالإضافة. "زوجتي": الواو حرف عطف، "زوجتي":
معطوف على "بناتي" وتعرف إعرابها. "والظاعنون": الواو حرف
عطف، "الظاعنون": معطوف على "بناتي" مرفوع بالواو لأنه جمع
مذكر سالم. "إلي": جار ومجرور متعلقان بـ"الظاعنون". "ثم":
حرف عطف. "تصدعوا": فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل.
والألف فارقة.
وجملة "بكي..." بحسب ما قبلها. وجملة "تصدعوا" معطوفة على
الجملة السابقة.
الشاهد: قوله: "بكى بناتي" حيث لم يصل بالفعل تاء التأنيث
مع أن المسند إليه مؤنث، وهذا جائز عند بعضهم، وشاذ عند
بعضهم الآخر، وضرورة عند فريق ثالث.
ج / 1 ص -403-
{فَرِيقًا هَدَى}1،
وواجب، نحو: "من أكرمت؟"، وممتنع، ويمنعه ما أوجب تأخره أو
توسطه، على ما سيأتي بيانه.
239-
وإخر المفعول إن لبس حذر
أو أضمر الفاعل غير منحصر
"وأخر المفعول" عن الفاعل
وجوبا "إن لبس حذر" بسبب خفاء الإعراب وعدم القرينة؛ إذ لا
يعلم الفاعل من المفعول والحالة هذه إلا بالرتبة؛ كما في
نحو: "ضرب موسى عيسى" و"أكرم ابن أخي"؛ فإن أمن اللبس
لوجود قرينة جاز التقديم، نحو: "ضربت موسى سلمى"، و"أضنت
سعدى الحمى".
تنبيه: ما ذكره الناظم هو ما ذهب إليه ابن السراج وغيره،
وتظافر عليه نصوص المتأخرين.
ونازع في ذلك ابن الحاج في نقده على ابن عصفور؛ فأجاز
تقديم المفعول والحالة هذه، محتجا بأن العرب تجيز تصغير
"عمر" و"عمرو" على "عمير"، وبأن الإجمال من مقاصد العقلاء،
وبأنه يجوز "ضرب أحدهما الآخر"، وبأن تأخير البيان إلى وقت
الحاجة جائز عقلا وشرعا، وبأنه قد نقل الزجاج أنه لا
اختلاف في أنه يجوز في نحو:
{فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ}2 أن تكون تلك اسم
"زال" و"دعواهم" الخبر والعكس.
قلت: وما قاله ابن الحاج ضعيف؛ لأنه لو قدم المفعول وأخر
الفاعل والحالة هذه لقضي اللفظ -بحسب الظاهر- بفاعلية
المفعول ومفعولية الفاعل: فيعظم الضرر ويشتد الخطر، بخلاف
ما احتج به؛ فإن الأمر فيه لا يؤدي إلى مثل ذلك. وهو ظاهر.
"أو أضمر الفاعل" أي: وأخر المفعول عن الفاعل أيضا وجوبا
إن وقع الفاعل ضميرا "غير منحصر"، نحو: "أكرمتك"، و"أهنت
زيدا".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأعراف: 30.
2 الأنبياء: 15.
ج / 1 ص -404-
240-
وما بإلا أو بإنما انحصر
أخر وقد يسبق إن قصد ظهر
"وما بإلا أو بإنما انحصر" من
فاعل أو مفعول، ظاهرا كان أو مضمرا "أخر" عن غير المحصور
منهما؛ فالفاعل المحصور نحو: "ما ضرب عمرا إلا زيد"، أو
"إلا أنا"، و"إنما ضرب عمرا زيد، أو أنا" والمفعول المحصور
نحو: "ما ضرب زيد إلا عمرا"، و"ما ضربت إلا عمرا"، و"إنما
ضرب زيد عمرا"، و"إنما ضربت عمرا".
"وقد يسبق" المحصور، فاعلا كان أو مفعولا، غير المحصور "إن
قصد ظهر" بأن كان الحصر بـ"إلا" وتقدمت مع المحصور بها،
نحو: "ما ضرب إلا زيد عمرا"، و"ما ضرب إلا عمرا زيد"، ومن
الأول قوله "من الطويل":
371-
فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا
عشية آناء الديار وشامها
وقوله "من البسيط":
372-
ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم
ولا جفا قط إلا جبأ بطلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
371- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص999؛ والدرر 2/
289؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص487؛ وشرح ابن عقيل
ص248؛ والمقاصد النحوية 2/ 493؛ والمقرب 1/ 55؛ وهمع
الهوامع 1/ 161.
شرح المفردات: الآناء: ج الإني، وهو الساعة من الليل، أو
النهار كله. الوشام: ج الوشم، وهو غرز الإبرة في اليد أو
غيرها من الأعضاء، ورش الشحم عليه، وقد كثر ذكره عند
الشعراء.
المعنى: يقول: إن الله وحده يعرف ما هيجت بنا الأطلال
ورسومها عندما وقفنا بها عند زوال النهار نتذكر الحبيبة.
الإعراب: "فلم": الفاء بحسب ما قبلها، "لم": حرف جزم.
"يدر": فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة. "إلا": أداة حصر.
"الله": لفظ الجلالة فاعل مرفوع. "ما": اسم موصول مبني في
محل نصب مفعول به لـ"يدري". "هيجت": فعل ماض، والتاء
للتأنيث. "لنا": جار ومجرور متعلقان بـ"هيج". "عيشة": ظرف
زمان منصوب متعلق بـ"هيج"، وهو مضاف. "آناء": مضاف إليه
مجرور، وهو مضاف. "الديار": مضاف إليه. "وشامها": فاعل
مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة: "لم يدر..." بحسب ما قبلها. وجملة: "هيجت..." صلة
الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "لم يدر إلا الله ما" حيث قدم الفاعل
المحصور بـ"إلا" وهو لفظ الجلالة "الله" على المفعول به
"ما"، وهذا غير جائز عند جمهور النحاة، وكان الكسائي يسوغه
في الشعر.
372- التخريج: البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص487؛
وتذكرة النحاة ص335؛ والدرر =
ج / 1 ص -405-
ومن الثاني قوله "من الطويل":
373-
تزودت من ليلى بتكليم ساعة
فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 2/ 290؛ وشرح التصريح 1/ 284؛ والمقاصد النحوية 2/ 490؛
وهمع الهوامع 1/ 161.
شرح المفردات: جفا: أعرض. الجبأ: الجبان.
المعنى: يقول: لا يعيب فعل الكريم إلا اللئيم، ولا يجفو
البطل إلا الجبان.
الإعراب: "ما": حرف نفي. "عاب": فعل ماض. "إلا": أداة حصر.
"لئيم": فاعل مرفوع. "فعل": مفعول به منصوب، وهو مضاف.
"ذي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، وهو
مضاف. "كرم": مضاف إليه مجرور. "وما": الواو حرف عطف،
"ما": حرف نفي. "جفا": فعل ماض. "قط": ظرف زمان مبني في
محل نصب مفعول فيه متعلق بـ"جفا". "إلا": أداة حصر. "جبا":
فاعل مرفوع. "بطلا": مفعول به منصوب.
وجملة: "ما عاب..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"ما جفا..." معطوفة على جملة "ما عاب".
الشاهد: قوله: "ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم" و"ما جفا إلا
جبأ بطلا" حيث قدم الفاعل المحصور بـ"إلا" في الجملتين على
المفعول به. وهذا جائز.
373- التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص194؛ والدرر 2/
287؛ وشرح التصريح 1/ 282؛ والمقاصد النحوية 2/ 481؛ وبلا
نسبة في تخليص الشواهد ص486؛ والدرر 3/ 172؛ وشرح ابن عقيل
ص248؛ وهمع الهوامع 1/ 161، 230.
المعنى: يقول: لقد تزودت من ليلى بساعة من الكلام، فما
زادني هذا الكلام إلا أضعاف ما أعانيه من هيام ووجد.
الإعراب: "تزودت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل.
"من ليلى": جار ومجرور متعلقان بـ"تزود". "بتكليم": جار
ومجرور متعلقان بـ"تزود"، وهو مضاف. "ساعة": مضاف إليه
مجرور. "فما": الفاء حرف عطف، "ما": حرف نفي. "زاد": فعل
ماض. "إلا": أداة حصر. "ضعف": مفعول به مقدم، وهو مضاف.
"ما": اسم موصول مبني في محل جر بالإضافة. "بي": جار
ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول. "كلامها": فاعل مرفوع،
و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
وجملة "تزودت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"زاد..." معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد: قوله: "فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها" حيث قدم
المفعول به "ضعف" على الفاعل "كلامها" مع كون المفعول به
محصورا بـ"إلا"، وهذا جائز عند بعضهم، ويروى العجز: "فما
زادني إلا غراما كلامها". والشاهد هو هو.
ج / 1 ص -406-
وقوله "من الطويل":
374-
ولما أبى جماحا فؤاده
ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل
فإن لم يظهر القصد -بأن كان الحصر بـ"إنما"، أو بـ"إلا" ولم
تتقدم مع المحصور- امتنع تقديمه؛ لانعكاس المعنى حينئذ،
وذلك واضح.
تنبيه: الذي أجاز تقديم المحصور بـ"إلا" مطلقا هو الكسائي،
محتجا بما سبق، وذهب بعض البصريين إلى منع تقديم المحصور
مطلقا، واختاره الجزولي والشلوبين، حملا لـ"إلا" على
"إنما"، وذهب الجمهور من البصريين والفراء، وابن الأنباري
إلى منع تقديم الفاعل المحصور، وأجازوا تقديم المفعول
المحصور؛ لأنه في نية التأخير.
241-
وشاع نحو "خاف ربه عمر"
وشذ نحو "زان نوره الشجر"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
374- التخريج: البيت لدعبل بن علي الخزاعي في ملحق ديوانه
ص349؛ والدرر 2/ 281؛ وشرح التصريح 1/ 282؛ والمقاصد
النحوية 2/ 480؛ وللحسين بن مطير في ديوانه ص182؛ وسمط
اللآلي ص502؛ ولابن الدمينة في ديوانه ص94؛ وللمجنون في
ديوانه ص181؛ وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 223؛ وتذكرة
النحاة ص334؛ والحماسة البصرية 2/ 173؛ والزهرة ص87؛ وشرح
ديوان الحماسة للمرزوقي ص1292؛ وهمع الهوامع 1/ 161.
شرح المفردات: الجماح: مصدر جمح أي ركب رأسه. سلا: نسي.
المعنى: يعبر الشاعر عن شدة غرامه بليلى التي علق بها وهام
بغرامها ولم يثنه عن ذلك شيء، ولما حاول نسيانها بتسليه مع
أخرى ازداد بها شغفا وولها.
الإعراب: "ولما": الواو بحسب ما قبلها، "لما": ظرف زمان
مبني متعلق بجوابه في بيت تال. "أبى": فعل ماض. "إلا":
أداة حصر. "جماحا": مفعول به مقدم منصوب. "فؤاده": فاعل
مؤخر لـ"أبي" مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في
محل جر بالإضافة. "ولم": الواو حرف عطف، "لم": حرف جزم.
"يسل": فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، وفاعله ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره: "هو". "عن ليلى": جار ومجرور متعلقان
بـ"يسل". "بمال": جار ومجرور متعلقان بـ"يسل". "ولا":
الواو حرف عطف. "لا": حرف نفي. "أهل": معطوف على "مال"
مجرور بالكسرة.
وجملة "لما أبى..." بحسب ما قبلها. وجملة: "أبي" في محل جر
بالإضافة. وجملة: "لم يسل" معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد: قوله: "أبى إلا جماحا فؤاده" حيث قدم المفعول به
"جماحا" المحصور بـ"إلا" على الفاعل "فؤاده".
ج / 1 ص -407-
"وشاع" في لسان العرب تقديم المفعول الملتبس بضمير الفاعل
عليه "نحو خاف ربه عمر" وقوله "من البسيط":
375-
جاء الخلافة أو كانت له قدرا
كما أتى ربه موسى على قدر
لأن الضمير فيه وإن عاد على متأخر في اللفظ؛ إلا أنه متقدم
في الرتبة.
"وشذ" في كلامهم تقديم الفاعل الملتبس بضمير المفعول عليه
"نحو: زان نوره الشجر"؛ لما فيه من عود الضمير على متأخر
لفظا ورتبة. قال الناظم: والنحويون -إلا أبا الفتح- يحكمون
بمنع هذا، والصحيح جوازه؛ واستدل على ذلك بالسماع، وأنشد
على ذلك أبياتا منها قوله "من الطويل":
376-
ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا
من الناس أبقى مجده الدهر مطمعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
375- التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 416؛ والأزهية
ص114؛ وخزانة الأدب 11/ 69؛ والدرر 6/ 118؛ وشرح التصريح
1/ 283؛ وشرح شواهد المغني 1/ 196؛ ومغني اللبيب 1/ 62،
70؛ والمقاصد النحوية 2/ 485، 4/ 145؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 2/ 124؛ والجنى الداني ص230؛ وشرح ابن عقيل ص499؛
وشرح عمدة الحافظ ص627؛ وهمع الهوامع 2/ 134.
اللغة: شرح المفردات: جاء الخلافة: أي تولى الخلافة. قدرا:
مقدرة، أو موافقة له.
المعنى: يقول: تولى الخلافة فكان أهلا لها، وقد قدرها الله
له كما قدر النبوة لموسى.
الإعراب: جاء: فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره: "هو". الخلافة: مفعول به منصوب بالفتحة.
أو: حرف عطف. كانت: فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث. واسمه
ضمير مستتر فيه تقديره: "هي". له: اللام حرف جر، والهاء
ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور
متعلقان بـ"قدرا". قدرا: خبر "كان" منصوب بالفتحة. كما:
الكاف حرف جر، "ما": حرف مصدري. أتى: فعل ماض مبني على
الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. على: حرف جر. قدر: اسم
مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل "أتى".
وجملة "جاء الخلافة..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "كانت له قدرا" معطوفة على الجملة الأولى. وجملة
"أتى ربه موسى..." صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
الشاهد فيه قوله: "أتى ربه موسى" حيث قدم المفعول به "ربه"
على الفاعل "موسى" مع كون المفعول به مضافا إلى ضمير يعود
إلى الفاعل. وذلك لأن الضمير هنا وإن كان يعود على متأخر
في اللفظ، عائد على متقدم في الرتبة، بسبب أن الرتبة
الطبيعية للفاعل أن يقع قبل المفعول.
376- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص243؛
والاشتقاق ص88؛ وتخليص =
ج / 1 ص -408-
وقوله "من الطويل":
377-
وما نفعت أعماله المرء راجيا
جزاء عليها من سوى من له الأمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الشواهد ص489؛ وتذكرة النحاة ص364؛ وشرح شواهد المغني 2/
875؛ ومغني اللبيب 2/ 492؛ والمقاصد النحوية 2/ 497؛ وبلا
نسبة في جمهرة اللغة ص738، 796.
اللغة: أخلد: كتب له الخلود أي دوام البقاء. مطعم: اسم
رجل.
المعنى: يقول أن لا بقاء لأحد من الناس في الحياة مهما كان
نافعا لعامة الناس.
الإعراب: "لو": الواو بحسب ما قبلها، "لو": شرطية غير
جازمة. "أن": حرف مشبه بالفعل. "مجدا": اسم "أن" منصوب.
"أخلد": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هو".
"الدهر": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"أخلد". والمصدر المؤول
من "أن" وما بعدها في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره:
"ثبت". "واحدا": مفعول به منصوب. "من الناس": جار ومجرور
متعلقان بمحذوف نعت لـ"واحدا". "أبقى": فعل ماض. "مجده":
فاعل مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة.
"الدهر": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"أبقى". "مطعما": مفعول
به منصوب.
وجملة: "لو أن مجدا..." الشرطية بحسب ما قبلها. وجملة:
"أخلد" في محل رفع خبر "أن". وجملة: "أبقى..." لا محل لها
من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
الشاهد: قوله: "أبقى مجده الدهر مطعما" حيث أخر المفعول
"مطعما" عن الفاعل "مجده"، مع أن الفاعل يشمل ضميرا يعود
على المفعول المتأخر لفظا ورتبة.
377- التخريج: البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص364.
المعنى: يقول: إن الأعمال التي يقوم بها الإنسان راجيا
ثوابا عليها من غير الله فهي مضرة له، ولا تنفعه.
الإعراب: وما: "الواو": بحسب ما قبلها، "ما": حرف نفي.
نفعت: فعل ماض و"التاء": للتأنيث. أعماله: فاعل مرفوع
بالضمة وهو مضاف والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
المرء: مفعول به منصوب بالفتحة. راجيا: حال منصوب. جزاء:
مفعول به لاسم الفاعل "راجيا" منصوب بالفتحة. عليها: جار
ومجرور متعلقان بـ"راجيا"، أو بمحذوف نعت "جزاء". من سوى:
جار ومجرور متعلقان بـ"راجيا"، وهو مضاف. من: اسم موصول
مبني في محل جر بالإضافة. له: جار ومجرور متعلقان بمحذوف
خبر مقدم. الأمر: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
وجملة "ما نفعت": بحسب ما قبلها. وجملة "له الأمر": صلة
الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "نفعت أعماله المرء" حيث قدم الفاعل "أعمال"
المضاف إلى ضمير عائد إلى المفعول به "الهاء" في "أعماله"
العائد إلى "المرء" المتأخر لفظا ورتبة، وهذا شاذ.
ج / 1 ص -409-
وقوله "من البسيط":
378-
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر
وحسن فعل كما يجزى سنمار
وقوله "من الطويل":
379-
كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد
ورقى نداه ذا الندى في ذرا المجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
378- التخريج: البيت لسليط بن سعد في الأغاني 2/ 119؛
وخزانة الأدب 1/ 293، 294؛ والدرر 1/ 219؛ ومعجم ما استعجم
ص516؛ والمقاصد النحوية 2/ 495؛ وبلا نسبة في تخليص
الشواهد ص489؛ وتذكرة النحاة ص364؛ وخزانة الأدب 1/ 280؛
وهمع الهوامع 1/ 66.
اللغة: أبو الغيلان: اسم رجل. سنمار: اسم رجل رومي كان قد
بنى للنعمان بن امرئ القيس قصر الخورنق، وخوفا من أن يبني
مثله لغيره قتله، فضرب به المثل: "جزاه جزاء سنمار".
الإعراب: "جزى": فعل ماض. "بنوه": فاعل مرفوع بالواو لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر
بالإضافة. "أبا": مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء
الستة، وهو مضاف. "الغيلان": مضاف إليه مجرور. "عن كبر":
جار ومجرور: متعلقان بـ"جزى". و"حسن": الواو حرف عطف،
"حسن": معطوف على "كبر": جار ومجرور متعلقان بـ"جزى".
"وحسن": الواو حرف عطف، "حسن": معطوف على "كبر" مجرور، وهو
مضاف. "فعل": مضاف إليه مجرور. "كما": الكاف اسم بمعنى
"مثل" مبني على الفتح في محل نصب مفعول مطلق، "ما":
مصدرية. "يجزى": فعل مضارع للمجهول مرفوع. "سنمار": نائب
فاعل مرفوع.
وجملة: "جزى بنوه" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"يجزى سنمار" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "جزى بنوه أبا الغيلان" حيث أخر المفعول
"أبا" عن الفاعل "بنوه" مع أن الفاعل يشمل ضميرا يعود على
المفعول المتأخر لفظا ورتبة.
379- التخريج: البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص490؛
وتذكرة النحاة ص364؛ والدرر 1/ 218؛ وشرح شواهد المغني 2/
875؛ ومغني اللبيب 2/ 492؛ والمقاصد النحوية 2/ 499؛ وهمع
الهوامع 1/ 66.
اللغة: كسا: ألبس. الحلم: العقل والأناة. السؤدد: المجد
والسيادة. رقى: صعد. الندى: الجود. الذرا: ج الذروة، وهي
أعلى الشيء.
الإعراب: "كسا": فعل ماض. "حلمه": فاعل مرفوع، وهو مضاف،
والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "إذا": مفعول به أول
منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "الحلم":
مضاف إليه مجرور بالكسرة. "أثواب": مفعول به ثان منصوب،
وهو مضاف. "سؤدد": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ورقى": الواو
حرف عطف، "رقى": فعل ماض. "نداه": فاعل مرفوع، وهو مضاف،
والهاء ضمير في =
ج / 1 ص -410-
وقوله "من الطويل":
380-
جزى ربه عني عدي بن حاتم
جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
وذكر لجوازه وجها من القياس، وممن أجاز ذلك قبله وقبل أبي
الفتح الأخفش من البصريين والطوال من الكوفيين.
وتأول المانعون بعض هذه الأبيات بما هو خلاف ظاهرها.
وقد أجاز بعض النحاة ذلك في الشعر دون النثر، وهو الحق
والإنصاف؛ لأن ذلك إنما ورد في الشعر.
تنبيهات: الأول: لو كان الضمير المتصل بالفاعل المتقدم
عائدا على ما اتصل بالمفعول المتأخر، نحو: "ضرب أبوها غلام
هند" امتنعت المسألة إجماعا، كما امتنع "صاحبها في الدار"،
وقيل: فيه خلاف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= محل جر بالإضافة. "ذا": مفعول به منصوب بالألف لأنه من
الأسماء الستة، وهو مضاف. "الندى": مضاف إليه مجرور. "في
ذرا": جار ومجرور متعلقان بـ"رقى"، وهو مضاف. "المجد":
مضاف إليه مجرور.
وجملة: "كسا..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"رقى..." معطوفة على سابقتها.
الشاهد: قوله: "كسا حلمه ذا الحلم ورقى نداه ذا الندى" حيث
تأخر المفعول عن الفاعل مع أن الفاعل يشمل ضميرا يعود على
المفعول المتأخر لفظا ورتبة.
380- التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص191؛
والخصائص 1/ 294؛ وله أو لأبي الأسود الدؤلي في خزانة
الأدب 1/ 277، 278، 281، 287؛ والدرر 1/ 217؛ وللنابغة أو
لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في شرح التصريح 1/ 283؛
والمقاصد النحوية 2/ 487؛ ولأبي الأسود الدؤلي في ملحق
ديوانه ص410؛ وتخليص الشواهد ص490؛ وبلا نسبة في أوضح
المسالك 2/ 125؛ وشرح ابن عقيل ص252؛ ولسان العرب 15/ 108
"عوي"؛ وهمع الهوامع 1/ 66.
الإعراب: جزى: فعل ماض. ربه: فاعل مرفوع وهو مضاف، والهاء:
في محل جر بالإضافة. عني: جار ومجرور متعلقان بـ"جزى".
عدي: مفعول به منصوب. ابن: نعت "عدي" منصوب، وهو مضاف.
حاتم: مضاف إليه مجرور. جزاء: مفعول مطلق منصوب. الكلاب:
مضاف إليه مجرور. العاويات: نعت "الكلاب" مجرور. وقد:
الواو: حالية، قد: حرف تحقيق. فعل: فعل ماض مبني على الفتح
وسكن للوقف، والفاعل: هو.
وجملة "جزى ربه..." الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية. وجملة "قد فعل" الفعلية في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "جزى ربه عني عدي" حيث عاد الضمير في
الفاعل "ربه" إلى المفعول "عدي"، والمفعول متأخر لفظا
ورتبة. وهذا ممنوع عند جمهرة النحاة، وأجازه بعضهم.
ج / 1 ص -411-
واختلف في نحو: "ضرب أباها غلام هند" فمنعه
قوم، وأجازه آخرون، وهو الصحيح؛ لأنه لما عاد الضمير على
ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته
التقديم.
الثاني: كما يعود الضمير على متقدم رتبة دون لفظ -ويسمى
متقدما حكما- كذلك يعود على متقدم معنى دون لفظ، وهو
العائد على المصدر المفهوم من الفعل، نحو: "أدب ولدك في
الصغر ينفعه في الكبر" أي: التأديب، ومنه:
{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}1، أي: العدل.
الثالث: يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة -سوى ما تقدم-
في ستة مواضع:
أحدها: الضمير المرفوع بـ"نعم" و"بئس"، نحو: "نعم رجلا
زيد"، و"بئس رجلا عمرو"، بناء على أن المخصوص مبتدأ لخبر
محذوف، أو خبر لمبتدأ محذوف.
الثاني: أن يكون مرفوعا بأول المتنازعين المعمل ثانيهما؛
كقوله "من الطويل":
381-
جفوني ولم أجف الأخلاء إنني
لغير جميل من خليلي مهمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المائدة: 8.
381- التخريج: البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 77،
5/ 282؛ وأوضح المسالك 2/ 200؛ وتخليص الشواهد ص515؛
وتذكرة النحاة ص359؛ والدرر 1/ 219، 5/ 318؛ وشرح التصريح
2/ 874؛ ومغني اللبيب 2/ 489؛ والمقاصد النحوية 3/ 14؛
وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 109.
اللغة: جفوني: ابتعدوا عني. الأخلاء: ج الخليل، وهو
الصديق.
المعنى: يقول: إن أصدقائي قد ابتعدوا عني في حين أنني لم
أبتعد عنهم، ولا أذكر إلا جميلهم وأتناسى كل قبيح صدر
عنهم.
الإعراب: جفوني: فعل ماض مبني على الضمة المقدرة على الألف
المحذوفة للتعذر، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل،
والنون للوقاية، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول
به. ولم: الواو حرف عطف، "لم": حرف جزم. أجف: فعل مضارع
مجزوم بحذف حرف العلة من آخره. وفاعله ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره: "أنا". الأخلاء: مفعول به منصوب بالفتحة.
إنني: حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل
مبني في محل نصب اسم "إن". لغير: اللام حرف جر، "غير": اسم
مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بـ"مهمل"، وهو
مضاف. جميل: مضاف إليه مجرور بالكسرة. من: حرف جر. خليلي:
اسم مجرور بالكسرة المقدرة، والجار والمجرور متعلقان
بمحذوف صفة لـ"جميل"، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في
محل جر بالإضافة. مهمل: خبر "إن" مرفوع بالضمة.
الشاهد فيه قوله: "جفوني ولم أجف الأخلاء" حيث تنازع
العاملان "جفوني" و"لم أجف" معمولا =
ج / 1 ص -412-
على ما سيأتي في بابه.
الثالث: أن يكون مخبرا عنه فيفسره خبره، نحو:
{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}1.
الرابع: ضمير الشأن والقصة2، نحو:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}3،
{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}4.
الخامس: أن يجر بـ"رب"، وحكمه حكم ضمير "نعم" و"بئس": في
وجوب كون مفسره تمييزا، وكونه مفردا، كقوله "من الخفيف":
382-
ربه فتية دعوت إلى ما
يورث المجد دائبا
فأجابوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= واحدا هو "الأخلاء"، فأعمل العامل الثاني لقربه منه،
وأضمر في العامل الأول. هذا هو مذهب البصريين، أما
الكوفيون فيعملون العامل الأول لأسبقيته في الورود، ولكن
أكثر النحاة رجحوا مذهب البصريين.
وفي البيت شاهد آخر للنحاة هو قوله: "جفوني" حيث قدم
الضمير على مفسره لأنه معمول لأول المتنازعين.
1 الأنعام: 29؛ والمؤمنون: 37.
2 قال محيي الدين عبد الحميد.
المراد بالشأن والقصة الحديث، وضمير الشأن هو ضمير غيبة
يفسره جملة خبرية بعده مصرح بجزأيها، فلا يكون ضمير حضور،
ولا يفسره مفرد، ولا جملة إنشائية، ولا جملة خبرية متقدمة
عليه، ولا جملة خبرية مؤخرة عنه وقد حذف أحد جزأيها، ويكون
هذا الضمير مذكرا باعتبار الشأن، ومؤنثا باعتبار القصة،
والغالب في الاستعمال تذكيره، وإنما يؤنث إذا كان في
الجملة بعده مؤنث وكان عمدة. سواء أكان مسندا أم كان مسندا
إليه، نحو إنها قمر جاريتك وإنها هند جميلة، ومنه قوله
تعالى:
{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} ولا يفسر بجملة فعلية إلا إذا دخل عليها ناسخ، وإنما يؤتى بضمير
الشأن للدلالة على قصد المتكلم استعظام السامع حديثه.
3 الإخلاص: 1.
4 الأنبياء: 97.
382- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 19؛
والدرر 4/ 128؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ وشرح شواهد المغني
ص874؛ ومغني اللبيب ص491؛ والمقاصد النحوية 3/ 259؛ وهمع
الهوامع 2/ 27.
اللغة والمعنى: الفتية: ج الفتى، وهو الشاب، أو الكريم.
يقول: رب فتية كرماء دعوتهم إلى ما يورثهم دائما الشكر
والثناء، فلبوا دعوتي.
الإعراب: ربه: رب: حرف جر شبيه بالزائد، والهاء ضمير متصل
مبني في محل جر بحرف الجر، وهو أيضا في محل رفع مبتدأ
شذوذا لأنه ضمير نصب وجر. فتية: تمييز منصوب بالفتحة.
دعوت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: فاعل. إلى: حرف
جر. ما: اسم موصول في محل جر بحرف الجر، متعلقان بـ"دعوت".
يورث: فعل مضارع مرفوع. والفاعل هو. المجد: مفعول به
منصوب. دائبا: حال =
ج / 1 ص -413-
ولكنه يلزم أيضا التذكير، فيقال: "ربه
امرأة" لا ربها، ويقال: "نعمت امرأة هند".
السادس: أن يكون مبدلا منه الظاهر المفسر له، كـ"ضربته
زيدا"، قال ابن عصفور: أجازه الأخفش، ومنعه سيبويه، وقال
ابن كيسان: هو جائز بإجماع. انتهى.
"اشتباه الفاعل
بالمفعول وطريق التمييز بينهما":
خاتمة: قد يشتبه الفاعل بالمفعول، وأكثر ما يكون ذلك
إذا كان أحدهما اسما ناقصا والآخر اسما تاما، وطريق معرفة
ذلك: أن تجعل في موضع التام: إن كان مرفوعا ضمير المتكلم
المرفوع، وإن كان منصوبا ضميره المنصوب، وتبدل من الناقص
اسما بمعناه في العقل وعدمه، فإن صحت المسألة بعد ذلك فهي
صحيحة قبله، وإلا فهي فاسدة، فلا يجوز: "أعجب زيد ما كره
عمرو" إن أوقعت "ما" على ما لا يعقل؛ لأنه لا يجوز: "أعجبت
الثوب"، ويجوز نصب "زيد"؛ لأنه يجوز: "أعجبني الثوب"، فإن
أوقعت "ما" على أنواع من يعقل جاز رفعه؛ لأنه يجوز: "أعجبت
النساء"؛ وتقول: "أمكن المسافر السفر" بنصب "المسافر"؛
لأنك تقول: "أمكنني السفر"، ولا تقول: "أمكنت السفر"،
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= منصوبة. فأجابوا: الفاء: حرف عطف، أجابوا: فعل ماض مبني
على الضم، والواو: فاعل، والألف: للتفريق.
وجملة "ربه فتية دعوت..." الاسمية لا محل لها من الإعراب
لأنها ابتدائية. وجملة "دعوت" الفعلية في محل رفع خبر
المبتدأ. وجملة "يورث" الفعلية لا محل لها من الإعراب
لأنها صلة الموصول. وجملة "أجابوا" الفعلية معطوفة على
جملة "دعوت".
والشاهد فيه قوله: "ربه فتية" حيث أعاد الضمير على "فتية"
المتأخر عنه لفظا ورتبة، وقد وجد بكون المفسر "فتية"
تمييزا وهو جمع، وكون الضمير مفردا. |