شرح الأشموني على ألفية ابن مالك
ج / 2 ص -198-
إعمال المصدر:
"إعمال المصدر عمل فعله":
424-
بفعله المصدر ألحق في العمل
مضافًا، أو مجردًا، أو مع أل
425-
إن كان فعل مع "أن" أو "ما" يحل
محله، ولا سم مصدر عمل
"يفعله المصدر ألحق في العمل"
تعديًا ولزومًا، فإن كان فعله المشتق منه لازمًا فهو لازم،
وإن كان متعديًا فهو متعدٍّ إلى ما يتعدى إليه: بنفسه، أو
بحرف جر.
"الفرق بين
المصدر والفعل":
تنبيه: يخالف المصدر فعله في أمرين: الأول: أن في رفعه
النائب عن الفاعل خلافًا، ومذهب البصريين جوازه، وإليه ذهب
في التسهيل. الثاني: أن فاعل المصدر يجوز حذفه بخلاف فاعل
الفعل، وإذا حذف لا يتحمل ضميره، خلافًا لبعضهم.
واعلم أنه لا فرق في إعمال المصدر عمل فعله بين كونه
"مضافًا أو مجردًا أو مع أل"، لكن إعمال الأول أكثر، نحو:
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ}1، والثاني أقيس، نحو:
{أَوْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البقرة: 251؛ والحج: 40.
ج / 2 ص -199-
إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي
مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا}1، وقوله "من الوافر":
678-
بضربٍ بالسيوفِ رءوسَ قوم
"أزلنا هامهن عن المقيل"
وإعمال الثالث قليل، كقوله "من المتقارب":
679-
ضعيفُ النكايةِ أعداءَهُ
"يخال الفرار يراخي الأجل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البلد: 14، 15.
678- التخريج: البيت للمرار بن منقذ التميمي في المقاصد
النحوية 3/ 499؛ وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه 1/ 393؛
وشرح المفصل 6/ 61؛ واللمع ص270؛ والمحتسب 1/ 219؛ والكتاب
1/ 190.
اللغة: الهام: ج الهامة، الرأس.
الإعراب: "بضرب": جار ومجرور متعلقان بـ"أزلنا".
"بالسيوف": جار ومجرور متعلقان بـ"ضرب". "رءوس": مفعول به
للمصدر "ضرب"، وهو مضاف. "قوم": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
"أزلنا": فعل ماض، و"نا": ضمير متصل في محل رفع فاعل.
"هامهن": مفعول به منصوب، وهو مضاف، "هن" ضمير متصل مبني
في محل جر بالإضافة. "عن المقبل": جار ومجرور متعلقان
بـ"أزلنا".
الشاهد فيه قوله: "بضرب... رءوس" حيث عمل المصدر المنون
عمل فعله، فنصب مفعولًا به.
679- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 208؛
وخزانة الأدب 8/ 127؛ والدرر 5/ 252؛ وشرح أبيات سيبويه 1/
394؛ وشرح التصريح 2/ 63؛ وشرح شواهد الإيضاح ص136؛ وشرح
ابن عقيل ص411؛ وشرح المفصل 6/ 59، 64؛ والكتاب 1/ 192؛
والمقرب 1/ 131؛ والمنصف 3/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 93.
اللغة والمعنى: النكاية: إغضاب الغير وقهره. القرار:
الهرب. يراخي الأجل: يبعد الموت.
يقول: إنه جبان، لا يقهر الأعداء، ويعتمد على الهرب ظنا
منه بأنه يبعد الموت.
الإعراب: ضعيف: خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هو"، وهو مضاف.
النكاية: مضاف إليه مجرور أعداءه: مفعول به للمصدر
"النكاية" منصوب، وهو مضاف، والهاء: في محل جر بالإضافة.
يخال: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هو. الفرار: مفعول به
منصوب. يراخي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
للثقل، والفاعل: هو. الأجل: مفعول به منصوب، وسكن للضرورة
الشعرية.
وجملة "ضعيف النكاية" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية. وجملة "يخال الفرار" الفعلية في محل رفع خبر
ثان. وجملة "يراخي الأجل" الفعلية في محل نصب حال أو مفعول
به ثان لـ"يخال".
والشاهد فيه قوله: "النكاية أعداءه" حيث نصب بالمصدر
المقترن بـ"أل"، وهو قوله: "النكاية"، مفعولًا به، وهو
قوله: "أعداء".
ج / 2 ص -200-
وقوله "من الطويل":
لقد علمت أولى المغيرة أنني
كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا1
وقوله "من الطويل":
680-
فإنك والتأبين عروةَ بعدما
دعاك وأيدينا إليه شوارع
وقد أشار إلى ذلك في النظم بالترتيب.
تنبيه: لا خلاف في إعمال المضاف، وفي كلام بعضهم ما يشعر
بالخلاف، والثاني أجازه البصريون ومنعه الكوفيون، فإن وقع
بعده مرفوع أو منصوب فهو عندهم بفعل مضمر.
وأما الثالث فأجازه سيبويه ومن وافقه، ومنعه الكوفيون وبعض
البصريين.
"إن كان فعل مع "أن" أو "ما" يحل محله" أي: المصدر إنما
يعمل في موضعين: الأول: أن يكون بدلًا من اللفظ بفعله،
نحو: "ضربًا زيدًا" وقوله:
فندلًا زريقُ المالَ ندلَ الثعالبِ2
وقوله "من البسيط":
681-
يا قابل الثوب غفرانًا مآثمَ قد
أسلفتها أنا منها خائف وجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم بالرقم 409.
680- التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص697؛
ولسان العرب 8/ 404 "وقع"؛ والمقاصد النحوية 3/ 524.
الإعراب: "فإنك": الفاء بحسب ما قبلها، "إنك": حرف مشبه
بالفعل، والكاف ضمير في محل نصب اسم "إن" و"التأبين":
الواو حرف عطف، "التأبيين": معطوف على الكاف منصوب.
"عروة": مفعول به للمصدر "التأبين". "بعدما": ظرف زمان
متعلق بـ"التأبين"، "ما": مصدرية. "دعاك": فعل ماض، والكاف
ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر
تقديره: "هو". والمصدر المؤول من "ما" وما بعدها في محل جر
بالإضافة. "وأيدينا": الواو حالية، "أيدينا": مبتدأ مرفوع،
وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. "إليه": جار
ومجرور متعلقان بـ"شوارع". "شوارع": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة: "إنك..." بحسب ما قبلها. وجملة "دعاك" صلة الموصول
الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وأيدينا..." في محل
نصب حال.
الشاهد فيه قوله: "والتأبين عروة" حيث نصب المصدر المقترن
بـ"أل" مفعولًا به.
2 تقدم بالرقم 14.
681- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
ج / 2 ص -201-
فـ"زيدًا" و"المال"، و"مآثم": نصب بالمصدر
لا بالفعل المحذوف على الأصح. والثاني: أن يصح تقديره
بالفعل مع الحرف المصدري: بأن يكون مقدرًا بـ"أن" والفعل"
أو بـ"ما" والفعل، وهو المراد هنا، فيقدر بـ"أن" إذا أريد
المضي أو الاستقبال، نحو: "عجبت من ضربك زيدًا -أمس، أو
غدًا"، والتقدير: من أن ضربت زيدًا أمس، أو من أن تضربه
غدًا، ويُقدر بـ"ما" إذا أريد الحال، نحو: "عجبت من ضربك
زيدًا الآن"، أي: مما تضربه.
تنبيهات: الأول: ذكر في التسهيل مع هذين الحرفين "أن"
المخففة نحو: "علمت ضربك زيدًا"، فالتقدير: علمت أن قد
ضربت زيدًا، فـ"أنْ" مخففة لأنها واقعة بعد علم، والموضع
غير صالح للمصدرية.
الثاني: ظاهر قوله: "إن كان" أن ذلك شرط لازم، وقد جعله في
التسهيل غالبًا. وقال في شرحه: وليس تقديره بأحد الثلاثة
شرطًا في عمله، ولكن الغالب أن يكون كذلك، ومن وقوعه غير
مقدر بأحدها قول العرب: "سمع أذنى أخاك يقول ذلك".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= اللغة: التوب: التوبة، الرجوع إلى الرب: الغفران: الصفح.
المآثم: ج المأثم، وهو الذنب. أسلفتها: قدمتها. الوجل:
شديد الخوف.
المعنى: يضرع الشاعر إلى ربه، ويقول: يا من يقبل التوبة من
عباده، اغفر لي الذنوب التي اقترفتها؛ لأنني شديد الخوف من
عقابك.
الإعراب: يا: حرف نداء. قابل: منادى منصوب، وهو مضاف.
التوب: مضاف إليه مجرور غفرانًا: مفعول مطلق لفعل محذوف
تقديره: "اغفر غفرانًا" مآثم: مفعول به لـ"غفرانًا" منصوب.
قد حرف تحقيق. أسلفتها: فعل ماضٍ، و"التاء": ضمير متصل في
محل رفع فاعل، و"ها" ضمير متصل في محل نصب مفعول به. أنا:
ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. منها: جار ومجرور
متعلقان بـ"خائف". خائف: خبر المبتدأ مرفوع. وجل: خبر ثان
مرفوع.
وجملة النداء ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"أسلفتها": في محل نصب نعت "مآثم". وجملة "أنا خائف":
استئنافية لا محل لها من الإعراب، أو في محل نصب نعت
"مآثم".
الشاهد فيه قوله: "غفرانًا مآثم" حيث ناب المصدر "غفرانًا"
مناب فعل الدعاء فنصب مفعولًا به "مآثم"، والتقدير: "اغفر
غفرانًا".
ج / 2 ص -202-
"شروط إعمال المصدر":
الثالث: لإعمال المصدر شروط ذكرها في غير هذا
الكتاب:
أحدها: أن يكون مظهرا، فلو أضمر لم يعمل خلافًا للكوفيين،
وأجاز ابن جني في الخصائص والرماني إعماله في المجرور
وقياسه في الظرف.
ثانيها: أن يكون مكبرًا، فلو صغر لم يعمل.
ثالثها: أن يكون غير محدود، فلو حد بالتاء لم يعمل، وأما
قوله "من الطويل":
682-
يحايي به الجلد الذي هو حازم
بضربه كفيه الملا نفس راكب
فشاذ.
رابعها: أن يكون غير منعوب قبل تمام عمله، فلا يجوز:
"أعجبني ضربك المبرح زيدًا"؛ لأن معمول المصدر بمنزولة
الصلة من الموصول فلا يفصل، بينهما. فإن ورد ما يوهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
682- التخريج: البيت بلا نسبة في حاشية يس 2/ 62؛ والدرر
5/ 243؛ والمقاصد النحوية 3/ 527.
اللغة: شرح المفردات: يحايي: أي يحيى، ينعش. الجلد: القادر
على تحمل المصاعب. الحازم: الضابط لأموره. الملا: التراب.
المعنى: كثرت شروحات هذا البيت، وخلاصتها أن الشاعر يصف
رجلًا كان معه ماء، فجاء به إلى آخر عطشان، وتيمم بدلًا من
أن يتوضأ، وبذلك أحيا الرجل العطش الذي كان بحاجة إلى ذلك
الماء. وهكذا يكون الرجل الجلد والحازم يحيي نفس الراكب
بالماء الذي كان معه.
الإعراب: يحايي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
للثقل. به: الباء حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني في محل
جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "يحايي".
الجلد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. الذي: اسم موصول مبني
في محل رفع نعت "الجلد". هو: ضمير منفصل مبني في محل رفع
مبتدأ. حازم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. بضربة:
الباء حرف جر، "ضربة": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور
متعلقان بالفعل "يحايي"، وهو مضاف. كفيه: مضاف إليه مجرور
بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في
محل جر بالإضافة. الملا: مفعول به لـ"ضربة" منصوب بالفتحة
المقدرة على الألف للتعذر. نفس: مفعول به لـ"يحايي" منصوب
بالفتحة، وهو مضاف. راكب: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "هو حازم" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "بضربة كفيه الملا"، فإن "ضربة" مصدر
محدود أضيف إلى فاعله، ونصب "الملا" وهو مفعوله، وهذا
النصب شاذ؛ لأن المصدر المحدود لا يعمل، فإذا ورد حكم
بشذوذه.
ج / 2 ص -203-
ذلك قدر فعل بعد النعت يتعلق به المعمول
المتأخر، فلو نعت بعد تمامه لم يمنع، والأولى أن يُقال
"غير متبوع" بدل "غير منعوت"؛ لأن حكم سائر التوابع حكم
النعت في ذلك.
خامسها: أن يكون مفردًا. وأما قوله "من البسيط":
683-
قد جربوه فما زادت تجاربهم
أبا قدامةَ إلا المجدَ والفنعا
فشاذ.
وليس من الشروط كونه بمعنى الحال أو الاستقبال؛ لأنه يعمل
لا لشبهة بالفعل بل لأنه أصل الفعل، بخلاف اسم الفاعل فإنه
يعمل لشبهه بالمضارع، فاشترط كونه حالًا أو مستقبلًا؛
لأنهما مدلولا المضارع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
683- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص159؛ وتذكرة النحاة
ص463؛ وشرح عمدة الحافظ ص694؛ ولسان العرب 1/ 261 "جرب"،
8/ 257 "فنع"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 394؛
والخصائص 2/ 208.
اللغة: جربوه: اختبروه. أبو قدامة: هو الممدوح هوذة بن علي
الحنفي. الحزم: ضبط الأمور. الفنع: الفضل والكرم.
المعنى: يقول: لقد اختبروه في المواقف الصعبة، فوجدوه سديد
الرأي شديد البأس.
الإعراب: قد: حرف تحقيق. جربوه، فعل ماض، و"الواو": ضمير
متصل في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول
به. فما: "الفاء": حرف عطف، و"ما": نافية. زادت: فعل ماض،
و"التاء": للتأنيث. تجاربهم: فاعل مرفوع. وهو مضاف و"هم":
ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أبا: مفعول به، وهو مضاف.
قدامة: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. إلا:
حرف استثناء. المجد: مفعول به منصوب والقنعا: "الواو": حرف
عطف، و"الفنعا": معطوف على "المجد" منصوب، و"الألف"
للإطلاق.
وجملة "قد جربوه": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"ما زادت تجاربهم": معطوفة على سابقتها.
الشاهد فيه قوله: "ما زادت تجاربهم أبا قدامة إلا المجد
والقنعا" حيث اجتمع عاملان، أحدهما الفعل "زادت" والآخر
اسم المصدر "تجاربهم"، وتأخر عنهما معمولان "أبا قدامة"
و"المجد" فالأول مطلوب لكل منهما، والآخر مطلوب لواحد
منهما. فالأول -في نظر النحاة- يدخل في باب التنازع،
وعامله الثاني مع حذف ما يقتضيه العامل الأول لكونه فضله،
ولم يجوزوا أن يكون عامله الأول لأنه لو أعمل الأول لكان
يجب أن يعمل العامل الثاني في ضمير المعمول.
ج / 2 ص -204-
"إعمال اسم المصدر":
"ولاسم مصدر عمل" واسم المصدر هو: ما ساوى
المصدر في الدلالة على معناه وخالفه بخلوه -لفظًا وتقديرًا
دون عوض- من بعض ما في فعله، كذا عرفه في التسهيل فخرج،
نحو: "قتال" فإنه خلا من ألف "قاتل" لفظًا لا تقديرًا،
ولذلك نُطق بها في بضع المواضع، نحو: قائل قيتالًا، وضارب
ضيرابًا، لكنها انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، ونحو: "عدة"
فإنه خلا من واو وعد لفظًا وتقديرًا، ولكن عوض منها التاء؛
فهما مصدران لا اسما مصدر، بخلاف الوضوء والكلام من قولك
توضأ وضوءًا وتكلم كلامًا فإنهما اسما مصدر، لا مصدران،
لخلوهما لفظًا وتقديرًا من بعض ما في فعلهما، وحق المصدر
أن يتضمن حروف فعله بمساواة، نحو: "توضأ توضؤا"، وبزيادة،
نحو: "أعلم إعلامًا".
"أنواع اسم
المصدر":
ثم اعلم أن اسم المصدر على ثلاثة أنواع: علم، نحو: "يسار"،
و"فجار"، و"برة"، وهذا لا يعمل اتفاقًا. وذي ميم مزيدة
لغير مفاعلة كالمضرب والمحمدة، وهذا كالمصدر اتفاقًا. ومنه
قوله "من الكامل":
684-
أظلوم إن مصابَكم رجلًا
أهدى السلام تحية ظلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
684- التخريج: البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه
ص91؛ والاشتقاق ص99، 151؛ والأغاني 9/ 225؛ وخزانة الأدب
1/ 454؛ والدرر 5/ 258؛ ومعجم ما استعجم ص504؛ وللعرجي في
ديوانه ص193؛ ودرة الغواص ص96؛ ومغني اللبيب 2/ 538؛
وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة 1/ 248؛ وشرح التصريح
2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 892؛ والمقاصد النحوية 3/
502؛ ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص66؛ وبلا نسبة في
الأشباه والنظائر 6/ 226؛ وأوضح المسالك 3/ 210؛ وشرح عمدة
الحافظ ص731؛ ومجالس ثعلب ص270؛ ومراتب النحويين ص127؛
وهمع الهوامع 2/ 94.
اللغة والمعنى: ظلوم: اسم امرأة. مصابكم: أي إصابتكم.
يقول: يا ظلوم، إن مقابلة تحية إنسان بالجفاء والأذى تجن
وظلم.
الإعراب: أظلوم: الهمزة: للنداء، ظلوم: منادى مبني على
الضم في محل نصب على النداء. إن: حرف مشبه بالفعل. مصابكم:
اسم "إن" منصوب، وهو مضاف، و"كم": في محل جر بالإضافة. =
ج / 2 ص -205-
والاحتراز بغير مفاعلة، من نحو: "مضاربة"
من قولك: "ضارب مضاربة" فإنها مصدر. وغير هذين -وهو مراد
الناظم- فيه خلاف، فمنعه البصريون، وأجازه الكوفيون
والبغداديون، ومنه قوله "من الوافر":
685-
أكفرًا بعد رد الموت عني
وبعد عطائك المائةَ الرتاعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= رجلًا: مفعول به للمصدر الميمي "مصابكم" منصوب. أهدى:
فعل ماض، والفاعل: هو. السلام: مفعول به منصوب. تحية:
مفعول لأجله منصوب، أو مفعول مطلق. ظلم: خبر "إن" مرفوع.
وجملة "أظلوم" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية. وجملة "إن مصابكم رجلًا ظلم" الاسمية لا محل لها
من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة "أهدى السلام" الفعلية
في محل نصب نعت "رجلًا".
والشاهد فيه قوله: "مصابكم رجلًا" حيث أعمل الاسم الدال
على المصدر عمل المصدر لكونه ميميًَّا، فقد أضاف "مصاب"
إلى فاعله. وهو كاف الخطاب، ثم نصب به مفعوله، وهو قوله:
"رجلًا"، وكأنه قد قال: إن إصابتكم رجلًا.
685- التخريج: البيت للقطامي في ديوانه ص37؛ وتذكرة النحاة
ص456؛ وخزانة الأدب 8/ 136، 137؛ والدرر 3/ 62؛ وشرح
التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 489؛ وشرح عمدة
الحافظ ص695؛ ولسان العرب 9/ 141 "رهف"، 15/ 69 "عطا"؛
ومعاهد التنصيص 1/ 179؛ والمقاصد النحوية 3/ 505؛ وبلا
نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 411؛ وأوضح المسالك 3/ 211؛
والدرر 5/ 262؛ وشرح ابن عقيل ص414؛ ولسان العرب 8/ 163
"سمع"، 15/ 138 "غنا"؛ وهمع الهوامع 1/ 188، 2/ 95.
اللغة والمعنى: الكفر: جحود النعمة. الرتاع: ج الراتعة،
وهي الإبل السمينة التي ترتع في خصب وسعة.
يقول: أمن المعقول أن أجحد نعمتك بعد أن دفعت عني الموت
"أي أطلقتني من الأسر" وأعطيتني مائة من الإبل السمينة؟!
الإعراب: أكفرًا: الهمزة: للاستفهام، كفرًا: مفعول مطلق
منصوب. بعد: ظرف متعلق بـ"كفرًا"، وهو مضاف. رد: مضاف إليه
مجرور، وهو مضاف. الموت: مضاف إليه مجرور. عني: جار ومجرور
متعلقان بـ"رد". وبعد: الواو: حرف عطف. بعد: معطوف على
"بعد" السابقة، وهو مضاف. عطائك: مضاف إليه مجرور، وهو
مضاف، والكاف: في محل جر بالإضافة. المائة: مفعول به لاسم
المصدر "عطاء" منصوب. الرتاعا: نعت "المائة" منصوب،
والألف: للإطلاق.
وجملة "...كفرًا" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية أو استئنافية تقديرها "أكفر كفرًا" أو "أضمر
كفرًا".
والشاهد فيه قولك: "عطائك المائة" فقد عمل اسم المصدر الذي
هو "عطاء" عمل الفعل، فنصب المفعول الذي هو قوله "المائة"
بعد إضافته لفاعله، وهو ضمير المخاطب.
ج / 2 ص -206-
وقوله "من الوافر":
686-
بعشرتك الكرامَ تعد منهم
"فلا ترين لغيرهم الوفاء"
وقوله "من البسيط":
687-
قالوا: كلامك هندًا وهي مصغية
يشفيك؟ قلت: صحيح ذاك لو كانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
686- التخريج: البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 527.
اللغة: العشرة: المخالطة. الألوف: الكثير المؤانسة.
الإعراب: "بعشرتك": جار ومجرور متعلقان بـ"تعد"، وهو مضاف،
والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "الكرام": مفعول به.
"تعد": فعل مضارع للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر
تقديره: "أنت". "منهم": جار ومجرور متعلقان بـ"تعد".
"فلا": الفاء استئنافية، "لا": ناهية. "ترين": فعل مضارع
للمجهول مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، والنون
للتوكيد، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره: "أنت" لغيرهم":
جار ومجرور متعلقان بـ"ألوفا"، وهو مضاف، و"هم": ضمير في
محل جر بالإضافة "الوفاء": مفعول به ثان لـ"ترى".
وجملة: "تعد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا
ترين" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "بعشرتك الكرام" حيث عمل اسم المصدر
"عشرة" المضاف إلى فاعله "الكاف"، عمل فعله، فنصب مفعولًا
به "الكرام".
687- التخريج: لم أقع عليه في ما عدت إليه من مصادر.
اللغة والمعنى: كلامك: أي تكليمك. مصغية: مستمعة إلى
الكلام. يشفيك: يزيل عنك الهم. كان: حصل.
يجيب الشاعر الذين سألوه عما إذا أصغت هند لكلامه هل يُشفى
من تباريح الوجد، فيقول: صحيح ذاك لو حصل.
الإعراب: قالوا: فعل ماضٍ مبني على الضم، والواو: فاعل.
كلامك: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. والكاف: مضاف إليه. هندًا:
مفعول به لاسم المصدر. وهي: الواو حالية، هي: ضمير
منفصل... مبتدأ. مصغية: خبر للمبتدأ. يشفيك: فعل مضارع
مرفوع. والفاعل... هو، والكاف: ضمير متصل مبني على السكون
في محل نصب مفعول به. قلت: فعل ماضٍ مبني على السكون.
والتاء: فاعل. صحيح: خبر مقدم للمبتدأ. ذاك: اسم إشارة في
محل رفع مبتدأ مؤخر. لو: حرف امتناع لامتناع. كانا: فعل
ماضٍ تام، والفاعل: هو، والألف: للإطلاق.
وجملة "قالوا..." الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "كلامك هندًا..." الاسمية في محل نصب مفعول به.
وجملة "هي مصغية" الاسمية في محل نصب حال. وجملة "يشفيك"
الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ "كلام". و"قلت..." الفعلية
استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "صحيح ذاك". =
ج / 2 ص -207-
وقوله "من الطويل":
688-
لأن ثوابَ الله كلَّ موحد
جنان من الفردوس فيها يخلد
وقول عائشة رضي الله عنها: "من قبلةِ الرجلِ زوجتَهُ
الوضوءُ".
تنبيه: إعمال اسم المصدر قليل، وقال الصيمري: إعماله شاذ،
وقد أشار الناظم إلى قلته بتنكير "عمل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الاسمية في محل نصب مفعول به. وجملة "كانا" الفعلية لا
محل لها من الإعراب لأنها فعل شرط غير جازم. وجملة جواب
الشرط غير الجازم محذوفة تقديرها: لو حصل ذلك لكان صحيحًا.
والشاهد فيه قوله: "كلامك هندًا" فإن "كلام"، هنا، اسم
مصدر عمل عمل المصدر، فرفع فاعلًا، وهو الكاف في "كلامك"،
ونصب مفعولًا به هو قوله: "هندًا".
688- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص339؛
والدرر 5/ 263؛ وشرح عمدة الحافظ ص694؛ ولسان العرب 6/ 164
"فردوس"؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 95.
اللغة والمعنى: الثواب: الجزاء. الموحد: المؤمن بإله واحد.
الفردوس: الجنة.
يقول: إن الله قد جعل جنته ثوابًا للموحدين خالدين فيها.
الإعراب: لأن: اللام: حرف جر، أن: حرف مشبه بالفعل. ثواب:
اسم "أن" منصوب، وهو مضاف. الله: اسم الجلالة مضاف إليه
مجرور. كل: مفعول به لـ"ثواب"، وهو مضاف. موحد: مضاف إليه
مجرور. جنان: خبر "أن" مرفوع. والمصدر المؤول من "أن"
واسمها وخبرها في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور
متعلقان بالفعل "نعبد" الوارد في البيت قبل هذا البيت
الشاهد. من الفردوس: جار ومجرور متعلقان بنعت لـ"جنان".
فيها: جار ومجرور متعلقان بـ"يخلد". يخلد: فعل مضارع
للمجهول مرفوع. ونائب الفاعل: هو.
وجملة "يخلد" في محل رفع نعت "جنان".
والشاهد فيه قوله: "ثواب الله كل موحد" حيث أعمل اسم
المصدر، وهو قوله: "ثواب"، عمل الفعل، فنصب المفعول به،
وهو "كل".
ج / 2 ص -208-
"أحوال المصدر المضاف":
426-
وبعد جره الذي أضيف له
كمل بنصب أو برفع عمله
اعلم أن للمصدر المضاف خمسة أحوال:
الأول: أن يضاف إلى فاعله ثم يأتي مفعوله: نحو:
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ}1.
الثاني: عكسه، نحو: "أعجبني شربُ العسلِ زيدٌ".
ومنه قوله "من البسيط":
689-
"أفنى تلادي وما جمعت من نشب"
قرعُ القواقيزِ أفواه الأباريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البقرة: 251؛ والحج: 40.
689- التخريج: البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص60؛
والأغاني 11/ 259؛ وخزانة الأدب 4/ 491؛ والدرر 5/ 256؛
وشرح التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 891؛ والشعر
والشعراء ص565؛ ولسان العرب 5/ 396 "قفز"؛ والمؤتلف
والمختلف ص56؛ والمقاصد النحوية 3/ 508؛ وبلا نسبة في
إصلاح المنطق ص338؛ والإنصاف 1/ 233؛ وأوضح المسالك 3/
212؛ واللمع ص271؛ ومغني اللبيب 2/ 536؛ والمقتضب 1/ 21؛
والمقرب 1/ 130؛ وهمع الهوامع 2/ 94.
اللغة والمعنى: التلاد:الأصلي القدم من المال والمواشي
ونحوها. النشب؛ الثابت من الأموال كالدور والأراضي.
القواقيز: ج القاقوزة. وهي القدح.
يقول: إن إدماني على شرب الخمر من أفواه الأباريق أدى إلى
إتلاف ما جمعت من أموال وعقارات.
الإعراب: أفنى: فعل ماض. تلادي: مفعول به منصوب، وهو مضاف
والياء: ضمير في محل جر بالإضافة. وما: الواو: حرف عطف،
ما: اسم موصول معطوف على "تلادي" في محل نصب مفعول به.
جمعت: فعل ماض، والتاء، فاعل. من نشب: جار ومجرور متعلقان
بـ"جمعت". قرع: فاعل مرفوع، وهو مضاف. القواقيز: مضاف إليه
مجرور. أفواه: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الأباريق: مضاف إليه
مجرور.
وجملة "أفنى تلادي" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها
ابتدائية. وجملة "جمعت..." الفعلية لا محل لها من الإعراب
لأنها صلة الموصول الأسمي.
والشاهد فيه قوله: "قرع القوافيز أفواه"، فقد أضاف المصدر،
وهو قوله "فرع" إلى مفعوله، وهو قوله "القواقيز"، ثم أتى،
بعد ذلك، بفاعله، وهو قوله: "أفواه"، ويروى بنصب "أفواه"،
وعلى هذه الرواية تكون الإضافة إلى الفاعل، والمذكور، بعد
ذلك، هو المفعول، على عكس الأول.
ج / 2 ص -209-
وقوله "من البسيط":
690-
"تنفي يداها الحصى في كل هاجرة"
نفي الدراهم تنقاد الصياريف
وليس مخصوصًا بالضرورة، خلافًا لبعضهم، ففي الحديث:
"وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا"
أي: وأن يحج البيت المستطيع، لكنه قليل.
الثالث: أن يضاف إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول، نحو:
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ}1،
{رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء}2.
الرابع: عكسه، نحو:
{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ
دُعَاءِ الْخَيْرِ}3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
690- التخريج: البيت للفرزدق في الإنصاف 1/ 27؛ وخزانة
الأدب 4/ 424، 426؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 25؛ وشرح التصريح
2/ 371؛ والكتاب 2/ 28؛ ولسان العرب 9/ 190 "صرف"؛
والمقاصد النحوية 3/ 521؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ وبلا
نسبة في أسرار العربية ص45، والأشباه والنظائر 2/ 29؛
وأوضح المسالك 4/ 376؛ وتخليص الشواهد ص169؛ وجمهرة اللغة
ص741؛ ورصف المباني 12، 446؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 769؛
وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1477؛ وشرح ابن عقيل ص416؛
ولسان العرب 1/ 683 "قطرب"، 2/ 295 "سحج"، 3/ 425 "نقد"،
8/ 211 "صنع"، 12/ 199 "درهم"، 15/ 338 "نفي"؛ والمقتضب 2/
258، والممتع في التصريف 1/ 205.
اللغة: شرح المفردات: تنفي: تفرق، تدفع. الحصى: الحجارة
الصغيرة. الهاجرة: اشتداد الحر عند الظهيرة. تنقاد: من نقد
الدنانير أي نظر فيها ليميز جيدها من رديئها. الصياريف: ج
صيرفي.
المعنى: يقول الشاعر واصفًا ناقته بأنها تفرق الحصى بيديها
عند الظهيرة، وقت اشتداد الحر، كما يفرق الصيرفي الدنانير.
الإعراب: تنفي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
للثقل. يداها: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى، وهو مضاف،
و"ها" ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. الحصى: مفعول به
منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. في: حرف جر. كل:
اسم مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل
"تنفي"، وهو مضاف. هاجرة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. نفي:
مفعول مطلق منصوب بالفتحة، وهو مضاف. الدراهم: مضاف إليه
مجرور بالكسرة. تنقاد: فاعل "نفي" مرفوع بالضمة الظاهرة،
وهو مضاف. الصياريف: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد فيه قوله: "نفي الدراهيم تنقاد" حيث أضاف المصدر
"نفي" إلى مفعوله "الدراهيم"، ثم أتى بعد ذلك بفاعله
"تنقاد".
وفي البيت شاهد آخر للنحاة هو قوله: "الدراهيم"
و"الصياريف" حيث مطل كسرة الراء، فتولدت الياء، وذلك
للضرورة الشعرية.
1التوبة: 114.
2 إبراهيم: 40.
3 فصلت: 49.
ج / 2 ص -210-
الخامس: أن يضاف إلى الظرف فيرفع وينصب
كالمنون، نحو: "أعجبني انتظارُ يومِ الجمعة زيدٌ عمرًا".
تنبيه: قوله: "كمل بنصب إلى آخره"، يعني إن أردت، لما عرفت
من أنه غير لازم.
427-
وجر ما يتبع ما جر، ومن
راعى في الإتباع المحل فحسن
"وجر ما يتبع ما جر" مراعاة
للفظه وهو الأحسن "ومن راعى في الإتباع المحل فحسن"
فالمضاف إليه المصدر إن كان فاعلًا فمحله رفع، وإن كان
مفعولًا فمحله نصب إن قدر بـ"أن" وفعل الفاعل، ورفع إن قدر
بـ"أن" وفعل المفعول، فتقول: "عجبت من ضربِ زيدٍ الظريفِ"،
بالجر، وإن شئت قلت "الظر يفُ" بالرفع، ومنه قوله "من
الطويل":
691-
حتى تهجر في الرواح وهاجها
طلب المعقبِ حقَّهُ المظلومُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
691- التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص128؛
والإنصاف 1/ 232؛ وخزانة الأدب 2/ 242، 245، 8/ 134؛
والدرر 6/ 118؛ وشرح التصريح 2/ 65؛ وشرح شواهد الإيضاح
ص133؛ وشرح المفصل 6/ 66؛ ولسان العرب 1/ 614؛ والمقاصد
النحوية 3/ 512؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص364؛ وخزانة
الأدب 8/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص417؛ وشرح المفصل 2/ 42، 46؛
وهمع الهوامع 2/ 145.
شرح المفردات: تهجر: سار عند اشتداد الحر. الرواح: وقت
مغيب الشمس. هاجها: أزعجها وأثارها. المعقب: المجد في طلب
الشيء.
المعنى: يقول: إن هذا الحمار الوحشي هاج أتانه في الهاجرة
لطلب الماء حثيثًا كطلب المعقب المظلوم لحقه.
الإعراب: "حتى": حرف جر وغاية. "تهجر": فعل ماضٍ، وفاعله
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو" والمصدر المؤول من "أن"
المضمرة بعد حتى وما بعدها في محل جر بحرف الجر، والجار
والمجرور متعلقان بلفظ في بيت سابق. "في الرواح": جار
ومجررو متعلقان بـ"تهجر". "وهاجها": الواو حرف عطف،
"هاجها": فعل ماض، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به،
وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هو". "طلب": مفعول مطلق منصوب،
وهو مضاف. "المعقب": مضاف إليه مجرور. "حقه": مفعول به
لـ"طلب" منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر
بالإضافة. "المظلوم": نعت المعقب، تبعه في المحل لأنه فاعل
للمصدر "طلب" مرفوع بالضمة.
وجملة "تهجر..." صلة الموصول الحرفي لا محل لها من
الإعراب. وجملة "هاجها" معطوفة على جملة "تهجر". =
ج / 2 ص -211-
فرفع "المظلوم" على الإتباع لمحل المعقب.
وقوله "من البسيط":
692-
السالك الثغرة اليقظان سالكها
مشي الهلوكِ عليها الخيعل الفضلُ
الفضل: اللابسة ثوب الخلوة، وهو نعت لـ"الهلوك: على الموضع
لأنها فاعل "المشي"، وتقول: "عجبت من أكل الخبز واللحم
واللحم"، فالجر على اللفظ والنصب على المحل، كقوله "من
الرجز":
693-
قد كنت داينت بها حسانا
مخافةَ الإفلاسِ والليانَا
"يحسن بيعَ الأصلِ والقيانَا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الشاهد فيه قوله: "المظلوم" بالرفع، وهو نعت لـ"المعقب"
المجرور لفظًا والمرفوع محلًّا على أنه فاعل المصدر "طلب"،
فيكون الشاعر قد أتبع النعت لمنعوته على المحل.
692- التخريج: البيت للمتنخل الهذلي في تذكرة النحاة ص346؛
وخزانة الأدب 5/ 11؛ وشرح أشعار الهذليين ص2181؛ والشعر
والشعراء 2/ 665؛ ولسان العرب 11/ 210 "حفل"، 526 "فضل"؛
والمعاني الكبير ص543؛ والمقاصد النحوية 3/ 516؛ وللهذلي
في الخصائص 2/ 167؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 611؛ وبلا نسبة
في خزانة الأدب 5/ 101، 103؛ والدرر 3/ 60، 6/ 189؛ وشرح
عمدة الحافظ ص701؛ وهمع الهوامع 1/ 187، 2/ 145.
اللغة: السالك الثغرة: كناية عن الشجاعة وعدم المبالاة
بالشدائد. الهلوك: المرأة المتكسرة لينًا. الخيعل: الدرع.
الفضل: الذي يبقى في ثوب واحد.
المعنى: يقول: إنه يسلك الطرق الحافلة بالشدائد، والتي
امتلأت بالحراس اليقظين الذين يرصدون من يسلكها للإيقاع
به، سائرا سير المرأة المتكسرة لينًا.
الإعراب: السالك: خبر مبتدأ محذوف تقديره: "هو"، وهو مضاف.
الثغرة: مضاف إليه مجرور، أو مفعول به لـ"السالك" اليقظان:
نعت "الثغرة" مجرور أو منصوب. سالكها: فاعل لـ"اليقظان"،
وهو مضاف، و"هما": ضمير في محل جر بالإضافة. مشي: مفعول
مطلق منصوب، وهو مضاف. الهلوك: مضاف إليه مجرور. عليها:
جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. الخيعل: مبتدأ
مؤخر. الفضل: نعت الهلوك مرفوع بالضمة.
وجملة "هو السالك": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"عليها الخيعل": في محل نصب حال.
الشاهد فيه قوله: "الفضل" حيث جعله مرفوعًا لمنعوته
"الهلوك" باعتبار محله لأنه فاعل بالمصدر.
693- التخريج: الرجز لرؤية في ملحق ديوانه ص187؛ والكتاب
1/ 191، 192؛ ولزياد العنبري في شرح التصريح 2/ 65؛ وشرح
المفصل 6/ 56؛ وله أو لرؤبة في الدرر 6/ 190؛ وشرح شواهد
الإيضاح ص131؛ وشرح شواهد المغني 2/ 869؛ والمقاصد النحوية
3/ 520؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب =
ج / 2 ص -212-
ولو قلت "واللحم" بالرفع جاز على معنى: من
أن أكل الخبز واللحم.
تنبيه: ظاهر كلامه جواز الإتباع على المحل في جميع
التوابع، وهو مذهب الكوفيين وطائفة من البصريين، وذهب
سيبويه ومن وافقه من أهل البصرة إلى أنه لا يجوز الإتباع
على المحل، وفصل أبو عمرو فأجاز في العطف والبدل ومنع في
التوكيد والنعت، والظاهر الجواز: لورود السماع، والتأويل
خلاف الظاهر.
خاتمة: قد تقدمت الإشارة إلى أن المصدر المقدر بالحرف
المصدري والفعل مع معموله كالموصول مع صلته، فلا يتقدم ما
يتعلق به عليه كما لا يتقدم شيء من الصلة على الموصول، ولا
يفصل بينهما بأجنبي كما لا يفصل بين الموصول وصلته، وأنه
إن ورد ما يوهم ذلك أُوِّل، فمما يوهم التقدم قوله "من
الهزج":
694-
وبعض الحلم عند الجهـ
ـل للذلةِ إذعانُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 5/ 102؛ وشرح ابن عقيل ص418؛ وشرح المفصل 6/ 69؛ ومغني
اللبيب 2/ 476؛ وهمع الهوامع 2/ 145.
شرح المفردات: داينت بها: أخذتها بدلًا من دين لي عنده.
الليان: المطل. القيان: ج القينة، وهي الجارية.
المعنى: يقول: إنه قد أخذ قينة بدلًا من دين له عند حسان
خوفًا من إفلاسه ومماطلته.
الإعراب: "قد": حرف تحقيق: "كنت": فعل ماض ناقص، والتاء
ضمير في محل رفع اسم "كان" "داينت": فعل ماض، والتاء: ضمير
في محل رفع فاعل. "بها": جار ومجرور متعلقان بـ"داينت".
"حسانًا": مفعول به. "مخافة": مفعول لأجله، وهو مضاف.
"الإفلاس": مضاف إليه مجرور. "والليانا": الواو حرف عطف،
"الليانا": معطوف على "الإفلاس" تبعه في المحل على أنه
مفعول به لـ"مخافة" منصوب، والألف للإطلاق. "يحسن": فعل
مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هو". "بيع":
مفعول به منصوب، وهو مضاف. "الأصل": مضاف إليه مجرور.
"والقيانا": الواو حرف عطف، "القيانا": معطوف على "بيع"
منصوب، والألف للإطلاق.
وجملة: "قد كنت داينت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "داينت" في محل نصب خبر "كان". وجملة: "يحسن..." في
محل نصب نعت "حسانًا".
الشاهد فيه قوله: "والليانا" حيث عطف "الليان" على
"الإفلاس" فتبعه في المحل دون اللفظ، ونصبه على أنه مفعول
به للمصدر "مخافة". وقيل: "الليان" مفعول به لفعل محذوف
تقديره: "خفت"، وقيل: يجوز أن يكون معطوفًا على "مخافة"،
والتقدير: مخافة الإفلاس ومخافة الليان، ثم حذف المضاف،
وهو قوله: "مخافة" وأقام المضاف إليه مقامه، فانتصب
انتصابه.
694- التخريج: البيت للقند الزماني "شهل بن شيبان" في
أمالي القالي 1/ 260؛ وحماسة البحتري ص56؛ وخزانة الأدب 3/
431؛ والدرر 5/ 250؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص38؛
وشرح =
ج / 2 ص -213-
فليست اللام من قوله "للذلة" متعلقة
بـ"إذعان" المذكور، بل بمحذوف قبلها يدل عليه المذكور،
والتقدير: وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلة إذعان. وهذا
التقدير نظير ما في نحو:
{وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِين}1. ومما يوهم الفصل بأجنبي قوله تعالى:
{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}2، فليس "يوم" منصوبًا بـ"رجعه" كما زعم الزمخشري، وإلا لزم الفصل
بأجنبي بين مصدر ومعموله، والإخبار عن موصول قبل تمام
صلته. والوجه الجيد أن يقدر لـ"يوم" ناصب، والتقدير: يرجعه
يوم تبلى السرائر، ومنه أيضًا قوله "من البسيط":
695-
المنُّ للذمِّ داعٍ بالعطاء فلا
تمنن فتلقى بلا حمد ولا مال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شواهد المغني ص944؛ والمقاصد النحوية 3/ 122؛ وبلا نسبة
في الأشباه والنظائر 6/ 147؛ وهمع الهوامع 2/ 93.
اللغة: الحلم: الروية والعقل. الجهل: الطيش. الإذعان:
الانقياد.
المعنى: يقول: إذا حلمت عن الجهل لحقتك المذلة.
الإعراب: وبعض: "الواو": بحسب ما قبلها، و"بعض": مبتدأ
مرفوع، وهو مضاف. الحلم: مضاف إليه مجرور. عند: ظرف متعلق
بـ"الحلم"، وهو مضاف. الجهل: مضاف إليه مجرور. للذلة: جار
ومجرور متعلقان بـ"إذعان". إذعان: خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله: "للذلة إذعان"، وظاهره أن الجار والمجرور
"للذلة" متعلق بالمصدر "إذعان"، ويلزم على هذا الظاهر تقدم
معمول المصدر عليه، وهذا غير جائز عند جمهور النحاة،
فأولوا البيت بأن الجار والمجرور متعلقان بمصدر محذوف هو
الذي يكون خبر المبتدأ، والمصدر المذكور مفسر ودليل على
ذلك المحذوف، والتقدير: وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلة
إذعان.
1 يوسف: 20.
2 الطارق: 8، 9.
695- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة: المن: تعداد المآثر على ما أنعمت عليه. الذم: ذكر
المعايب، أو الانتقاد. داع: جالب. تلغى: توجد. الحمد:
الذكر بالحسن.
المعنى: يقول: إن تعداد الإنسان للمآثر التي يقدمها إلى
إنسان آخر مجلبة للذم والانتقاد، ومن يمنن يصبح بلا حمد؛
لأنه يكون دق أفسد صنيعه بالمن، وبلا مال لأنه قد صرفه في
المعروف.
الإعراب: المن: مبتدأ مرفوع. للذم: جار ومجرور متعلقان
بـ"داع". داع: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
المحذوفة لأنه اسم منقوص. بالعطاء: جار ومجرور متعلقان
بمحذوف يقع بدلًا من "المن" تقديره: "المن داع للذم، المن
بالعطاء". فلا: "الفاء" الفصيحة، و"لا": ناهية. تمنن: فعل
مضارع مجزوم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنت".
فتلقى: "الفاء": السببية، و"تلفى": فعل =
ج / 2 ص -214-
فليست الباء الجارة للعطاء متعلقة بالمن
ليكون التقدير: "المن بالعطاء داع للذم -وإن كان المعنى
عليه- لفساد الإعراب؛ لأنه يستلزم المحذورين المذكورين،
فالمخلص من ذلك تعلق الباء بمحذوف، وكأنه قيل: المن للذم
داع المن بالعطاء، فالمن الثاني بدل من المن الأول، فحذف
وأبقى ما يتعلق به دليلًا عليه.
أما المصدر الآتي بدلًا من اللفظ بفعله فالأصح أنه مساوٍ
لاسم الفاعل في تحمل الضمير وجواز تقديم المنصوب به
والمجرور بحرف يتعلق به عليه؛ لأنه ليس بمنزلة موصول ولا
معموله بمنزلة صلته، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مضارع للمجهول منصوب بـ"أن" مضمرة، ونائب فاعله ضمير
مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنت". بلا: "الباء": حرف جر،
و"لا": نافية. حمد: اسم مجرور بالباء والجار والمجرور
متعلقان بـ"تلفى". ولا: "الواو": حرف عطف، و"لا": زائدة
لتأكيد النفي. مال معطوف على "حمد" مجرور بالكسرة.
وجملة "المن للذم داع": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "لا تمنن" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "المن للذم داع بالعطاء" حيث يوئم ظاهر
الكلام أن الجار والمجرور "بالعطاء" متعلقان بالمصدر
المذكور "المن"، فيلزم على ذلك محذوران: أحدهما الفصل بين
المصدر ومعموله بأجنبي، وهو قوله: "للذم داع". وثانيهما:
أن يخبر عما هو بمنزلة الموصول قبل استكمال ما هو بمنزلة
الصلة، فالمصدر بمنزلة حرف مصدري وصلته، ومعمول المصدر
بمنزلة معمول الصلة، ومعمولات الصلة من تمام الصلة، فإذا
أخبر بـ"داع" عن المصدر، وجعل قوله: "بالعطاء" متعلقًا
بالمصدر المذكور ترتب على ذلك ذكر ما أخبر به قبل ذكر
معمولاته، وهذا هو الإخبار عما هو كالموصول قبل استكمال ما
هو بمنزلة الصلة، وجمهور النحاة لا يجيزون ذلك، فلما لزم
هذان المحظوران على جعل الجار والمجرور متعلقين بالمصدر
المذكور في الكلام، قدر النحاة للجار والمجرور متعلقًا،
وهو فعل أو مصدر آخر يأتي قبل الجار والمجرور وبعد الخبر،
فلا يكون لهذا المصدر المذكور في الكلام متعلق، وحينئذ لا
يقال إن خبره قد وقع قبل استيفاء معمولاته. |