شرح الأشموني على ألفية ابن مالك
ج / 2 ص -298-
أفعل التفضيل:
وهو اسم، لدخول علامات الأسماء عليه، وهو ممتنع
من الصرف، للزوم الوصفية ووزن الفعل، ولا ينصرف عن صيغة
"أفعل"، إلا أن الهمزة حذفت في الأكثر من "خير" و"شر"
لكثرة الاستعمال، وقد يعامل معاملتهما في ذلك "أحب"، كقوله
"من البسيط":
767-
"وزادني كلفًا بالحب أن منعت"
وحب شيء إلى الإنسان ما منعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
767- التخريج: البيت للأحوص في ديوانه ص153؛ والأغاني 4/
301؛ وتذكرة النحاة ص48؛ 604؛ والحماسة الشجرية 1/ 521؛
وشرح عمدة الحافظ ص770؛ والعقد الفريد 3/ 306؛ ولمجنون
ليلى في ديوانه ص158؛ وبلا نسبة في الدرر 6/ 266؛ وعيون
الأخبار 2/ 5؛ ولسان العرب 1/ 292 "حبب"؛ ونوادر أبي زيد
ص27؛ وهمع الهوامع 2/ 166.
اللغة: الكلف: الولوع. حب: أحب.
المعنى: يقول: لقد منعتني وصالها فزادتني بذلك ولعًا. وإن
أحب الأشياء إلى الإنسان ما منعه.
الإعراب: وزادني: "الواو": بحسب ما قبلها، "زادني": فعل
ماض، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل
نصب مفعول به. كلفًا: مفعول به ثان. بالحب: جار ومجرور
متعلقان بـ"كلفًا". أن: حرف نصب ومصدري. منعت: فعل ماض،
و"التاء" للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره:
"هي". وحب: "الواو": استئنافية، و"حب" مبتدأ مرفوع، وهو
مضاف. شيء: مضاف إليه مجرور. إلى الإنسان: جار ومجرور
متعلقان بـ"حب". ما: اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ.
منعًا: فعل ماض للمجهول ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا
تقديره: "هو"، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "زادني": بحسب ما قبلها. والمصدر المؤول من "أن" وما
بعدها في محل رفع فاعل لـ"زادني". وجملة "حب شيء..."
استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "منعًا": صلة
الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "حب شيء" فأصله "أحبب" على وزن "أفعل"
ولما اجتمع مثلان أولهما متحرك والثاني ساكن أدغم أحدهما
بالآخر فصار "أحب". ولما كثر استعمال "أحب" خففوه بحذف
الهمزة الأولى فصار "حب".
ج / 2 ص -299-
وقد يستعمل "خير" و"شر" على الأصل كقراءة
بعضهم "من الكذابُ الأشرُّ"1، ونحو "من الرجز":
768-
بلال خيرُ الناسِ وابن الأخير
"شروط صوغه":
496-
صغ من مصوغ منه للتعجب
"أفعل" للتفضيل، وأب اللذ أبي
"صغ من" كل "مصوغ منه للتعجب"
اسمًا موازنًا "أفعل للتفضيل" قياسًا مطردًا، نحو: "هو
أضرب، وأعلم، وأفضل"، كما يقال: ما أضربه وأعلمه وأفضله.
"وأب" هنا "اللذأبي" هناك، لكونه لم يستكمل الشروط
المذكورة ثمة.
وشد بناؤه من وصف لا فعل له: كـ"هو أقمن به"، أي: أحق،
و"ألص من شظاظ"2. هكذا قال الناظم وابن السراج، لكن حكى
ابن القطاع: لصص بالفتح إذا استتر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القمر: 26.
768- التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 265؛ وشرح
التصريح 2/ 101؛ وشرح عمدة الحافظ ص770؛ وهمع الهوامع 2/
166.
الإعراب: بلال: مبتدأ مرفوع. خير: خبر المبتدأ مرفوع، وهو
مضاف. الناس: مضاف إليه مجرور. وابن: "الواو": حرف عطف،
و"ابن": معطوف على "خير" مرفوع، وهو مضاف. الأخير: مضاف
إليه مجرور.
الشاهد فيه قوله: "خير الناس" حيث جاء أفعل التفضيل على
غير الوجه الي يأتي عليه نظراؤه، فالقياس هو "أفعل" إذ يجب
أن يقال "أخير" غير أنه لكثرة استعماله خفف بحذف همزته
الأولى فصار "خير". فهو شاذ في القياس، فصيح في الاستعمال.
وقوله: "ابن الأخير" حيث جاء أفعل التفضيل على الوزن
القياسي وهو "الأخير" غير أن شيوع استعماله بخلاف ذلك،
فاعتبر استعماله القياسي شاذًّا.
2 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في جمهرة الأمثال 2/
180؛ وخزانة الأدب 2/ 210؛ والدرة الفاخرة 2/ 369؛ وكتاب
الأمثال ص366؛ والمستقصى 1/ 328؛ ومجمع الأمثال 2/ 257
ويقال: "أسرق من شظاظ".
ج / 2 ص -300-
ومنه اللص، بتثليث اللام، وحكى غيره: لصصه
"إذا أخذه بخفية، وما زاد على ثلاثة: كـ"هذا الكلام أخصر
من غيره" وفي "أفعل" المذاهب الثلاثة، وسمع "هو أعطاهم
للدراهم وأولاهم للمعروف"، و"هذا المكان أفقر من غيره"،
ومن فعل المفعول كـ"هو أزهى من ديك"1، و"أشغل من ذات
النحيين"2، و"أغنى بحاجتك"، وفيه ما تقدم عن التسهيل في
فعلى التعجب.
"وصل أفعل
التفضيل بـ"من":
497-
وما به إلى تعجب وصل
لمانع، به إلى التفضيل صل
"وما به إلى تعجب وصل لمانع"
من "أشد" وما جرى مجراه "به إلى التفضيل صل" عند مانع صوغه
من الفعل، لكن "أشد" ونحوه في التعجب فعل، وهنا اسم.
ويُنصب هنا مصدر الفعل المتوصل إليه تمييزًا فتقول: "زيد
أشد استخراجًا من عمرو، وأقوى بياضًا، وأفجع موتًا".
498-
"وأفعل التفضيل صله أبدا
-تقدير، أو لفظًا- بمن إن جردا"
من "أل" والإضافة، جارة للمفضول، وقد اجتمعا في
{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في الألفاظ الكتابية
ص135والدرة الفاخرة 1/ 213؛ وزهر الأكم 3/ 146؛ ومجمع
الأمثال 1/ 327؛ والمستقصى 1/ 151.
2 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في ثمار القلوب ص235،
293؛ وجمهرة الأمثال 1/ 564؛ 2/ 322؛ والدرة الفاخرة 1/
260؛ 2/ 405؛ وزهر الأكم 3/ 232؛ والفاخر ص86؛ وكتاب
الأمثال ص374؛ ولسان العرب 15/ 312 "نحا"؛ والمرصع ص298؛
والمستقصى 1/ 196؛ ومحمع الأمثال 1/ 258، 376، 388؛
والوسيط في الأمثال ص44.
وذات النحيين امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة، كانت تبيع
السمن في الجاهلية، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري، وساومها
فحلت نحيا "زقا"، فنظر إليه ثم قال: أمسكيه حتى أنظر إلى
غيره. فقالت: حل نحيا آخر، ففعل، فنظر إليه فقال: أريد غير
هذا فأمسكيه، ففعلت، فلما شغل يديها ساورها، فلم تقدر على
دفعه لأنها كانت ممسكة بفم النحيين، ولما قضى ما أراد هرب.
ج / 2 ص -301-
نَفَرًا}1، أي: منك، أما المضاف والمقرون بـ"أل" فيمتنع وصلهما بـ"من".
تنبيهات: الأول: اختلف في معنى "من" هذه: فذهب المبرد ومن
وافقه إلى أنها لابتداء الغاية، وإليه ذهب سيبويه، لكن
أشار إلى أنها تفيد مع ذلك معنى التبعيض فقال في "هو أفضل
من زيد": فضله على بعض ولم يعم، وذهب في شرح التسهيل إلى
أنها بمعنى المجاوزة، وكأن القائل: "زيد أفضل من عمرو"
قال: جاوز زيد عمرًا في الفضل، قال: ولو كان الابتداء
مقصودًا لجاز أن يقع بعدها "إلى"، قال: ويبطل كونها
للتبعيض أمران: أحدهما: عدم صلاحية "بعض" موضعها، والآخر:
كون المجرور بها عامًّا، نحو: الله أعظم من كل عظيم.
والظاهر -كما قال المرادي- ما ذهب إليه المبرد، وما رد به
الناظم ليس بلازم؛ لأن الانتهاء قد يترك الإخبار به، لكونه
لا يعلم، أو لكونه لا يُقصد الإخبار به، ويكون ذلك أبلغ في
التفضيل؛ إذ لا يقف السامع على محل الانتهاء.
الثاني: أكثر ما تحذف "من" ومجرورها إذا كان "أفعل" خبرًا
كالآية، ويقل إذا كان حالًا، كقوله "من الطويل":
769-
دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا
"فظل فؤادي من هواك مضللا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الكهف: 34.
769- التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 103؛ وشرح
ابن عقيل ص436؛ والمقاصد النحوية 4/ 50.
شرح المفردات: دنوت: اقتربت. خلناك: حسبناك. المضلل:
الضائع.
المعنى: يقول: لقد اقتربت، وكنت في ظني بدرًا، فإذا بك
أجمل منه، فسيطر هواك على فؤادي، ولم يعد يهتدي إلى صوابه.
الإعراب: "دنوت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل.
"وقد": الواو حالية، و"قد": حرف تحقيق. "خلناك" فعل ماض،
و"نا": ضمير في محل رفع فاعل، والكاف في محل نصب مفعول به
"كالبدر": جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول ثان لـ"خال".
"أجملا" حال منصوب، والألف للإطلاق. "فظل": الفاء حرف عطف،
"ظل": فعل ماض ناقص. "فؤادي": اسم "ظل" مرفوع، وهو مضاف،
والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "في هواك": جار ومجرور
متعلقان بـ"مضلل"، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر
بالإضافة. "مضللًا": خبر "ظل" منصوب. =
ج / 2 ص -302-
أي دنوت أجمل من البدر.
أو صفة، كقوله "من الرجز":
770-
تروحي أجدر أن تقيلي
غدًا بجنبي بارد ظليل
أي: تروحي وأتى مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.
الثالث: قوله "صله" يقتضي أنه لا يفصل بين "أفعل" وبين
"من"، وليس على إطلاقه، بل يجوز الفصل بينهما بمعمول
"أفعل"؛ وقد فصل بينهما بـ"لو" وما اتصل بها، كقوله "من
الكامل":
771-
ولفوك أطيب لو بذلت لنا
من ماء موهبة على خمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وجملة: "دنوت..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"وقد خلناك" في محل نصب حال. وجملة "ظل هواك" معطوفة على
جملة "دنوت" فهي مثلها.
الشاهد فيه قوله: "أجملا" يريد: أجمل فيه فحذف "من" من
المفعول عليه.
770- التخريج: الرجز لأحيحة بن الجلاح في شرح التصريح 2/
103؛ والمقاصد النحوية 4/ 36؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/
57.
شرح المفردات: تروحي: ارتفعي. أجدر: أحق. أن تقيلي: أن
تنامي في القيلولة.
المعنى: يخاطب الشاعر النخيل بقوله: تطاولي وارتفعي في
العلاء، في مكان أجدر من غيره بأن تقيلي فيه لأنه مكان
لائق بك، ذو ماء وظل.
الإعراب: "تروحي": فعل أمر مبني على حذف النون، والياء
ضمير في محل رفع فاعل. "أجدر" نعت لمحذوف تقديره: "واتخذي
مكانًا أجدر" مثلًا. "أن": حرف مصدرية ونصب. "تقيلي": فعل
مضارع منصوب بحذف النون، والياء ضمير في محل رفع فاعل.
والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بحرف جر
محذوف، والتقدير: "أجدر بقيلولتك" والجار والمجرور متعلقان
باسم التفضيل "أجدر". "غدًا": ظرف زمان منصوب، متعلق
بـ"تقيلي". "بجنبي": جار ومجرور متعلقان بـ"تقيلي" وهو
مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة، وهو مضاف. "بارد":
مضاف إليه مجرور. "ظليل": نعت "بارد" مجرور.
وجملة: "تروحي" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"تقيلي" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة
"أن تقيلي" في تأويل مصدر مجرور بحرف الجر المحذوف.
الشاهد فيه قوله: "أجدر أن تقيلي" حيث حذف "من" الجارة
للمفضول عليه مع مجرورها، وأصل الكلام: "تروحي واتخذ
مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه".
771- التخريج: البيت بلا نسبة في الاشتقاق ص374؛ وجمهرة
اللغة ص383؛ والدرر 5/ 297؛ =
ج / 2 ص -303-
ولا يجوز بغير ذلك.
الرابع: إذا بُني أفعل التفضيل مما يتعدى بـ"من" جاز الجمع
بينها وبين "من" الداخلة على المفضول؛ مقدمة أو مؤخرة،
نحو: "زيد أقرب من عمرو من كل خير"؛ و"أقرب من كل خير من
عمرو".
الخامس: قد تقدم أن المضاف والمقرون بـ"أل" يمتنع
اقترانهما بـ"من" المذكورة، فأما قوله "من المنسرح":
772-
نحن بغرس الودي أعلمنا
منا بركض الجياد في السدف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وشرح عمدة الحافظ ص764؛ ولسان العرب 1/ 804 "وهب"؛
والمقاصد النحوية 4/ 54؛ وهمع الهوامع 4/ 54.
اللغة: فوك: فمك. أطيب: أعذب. بذلت: قدمت. الموهبة: غدير
فيه ماء، أو النقرة في الصخرة.
المعنى: يقول: إن ماء فمها لأطيب وأشهى من ماء نقرة في
جبل، وقد مزج بالخمر، لو بذلته لنا لشفتنا من سقام الحب
وآلامه.
الإعراب: ولفوك: "الواو": حرف جر وقسم؛ والمقسم به محذوف
تقديره: "والله"، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم
المحذوف، و"اللام": واقعة في جواب القسم، و"فوك": مبتدأ
مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، و"الكاف":
ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أطيب: خبر المبتدأ مرفوع.
لو: شرطية غير جازمة. بذلت فعل ماض، و"التاء" ضمير في محل
رفع فاعل. لنا: جار ومجرور متعلقان بـ"أطيب"، وهو مضاف.
موهبة: مضاف إليه مجرور. على خمر: جار ومجرور متعلقان
بمحذوف نعت "ماء".
وجملة القسم ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"لفوك": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم. وجملة
"لو بذلت لنا": اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "أطيب من ماء موهبة" حيث فصل بين أفعل
التفضيل "أطيب" ومفضوله "من" الجارة بـ"لو" الشرطية وفعلها
وجوابها، وذلك للضرورة عند بعضهم، وجائز عند بعضهم الآخر.
772- التخريج: البيت لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص236؛
ولسعد القرقرة في فصل المقال ص210، 211؛ ولسان العرب 9/
147 "سدف"؛ ولسعد أو لقيس بن الخطيم في شرح شواهد المغني
2/ 845؛ والمقاصد النحوية 4/ 55؛ وللأنصاري في لسان العرب
15/ 386 "ودي"؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 219.
اللغة: الودي: صغار النخل. السدف: اختلاط الضوء بالظلمة.
المعنى: يقول: نحن بغرس الودي أعلم من ركض الجياد وقت
اختلاط الظلمة بالنور.
الإعراب: نحن: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. بغرس: جار
ومجرور متعلقان بـ"أعلمنا"، وهو =
ج / 2 ص -304-
وقوله "من السريع":
773-
ولست بالأكثر منهم حصى
"وإنما العزة للكاثر"
فمؤولان.
499-
وإن لمنكور يضف، أو جردا
ألزم تذكيرًا، وأن يوحدا
"وإن لمنكور يضف" أفعل التفضيل
"أو جردا" من "أل" والإضافة "ألزم تذكيرًا وأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مضاف. الودي: مضاف إليه مجرور بالكسرة. أعلمنا: خبر
المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة.
منا: جار ومجرور متعلقان بـ"أعلمنا" بركض: جار ومجرور
متعلقان بـ"أعلمنا"، وهو مضاف. الجياد: مضاف إليه مجرور
بالكسرة. في السدف: جار ومجرور متعلقان بـ"ركض".
وجملة "نحن بغرس...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "أعلمنا منا" حيث أضيف أفعل التفضيل إلى
ضمير المتكلم، وجاءت بعده "من" الجارة للمفضول المتعلقة
بأفعل التفضيل، وهذا شاذ.
773- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص193؛ والاشتقاق
ص65؛ وأوضح المسالك 3/ 295؛ وخزانة الأدب 1/ 185، 3/ 400؛
والخصائص 1/ 185، 3/ 236؛ وشرح التصريح 2/ 104؛ وشرح
المفصل 6/ 100، 103؛ ومغني اللبيب 2/ 572؛ والمقاصد
النحوية 4/ 38.
شرح المفردات: الحصى: هنا العدد والأنصار. العزة: الغلبة.
الكاثر: الكثير العدد.
المعنى: يقول هاجيًا علقمة بن علاثة: فيم تزعم أنك أعز من
عامر، ولست بأكثر منهم عددًا، وإنما العزة لصاحب الكثرة؛
لأن الجاهليين كانوا يعتبرون أن الكثرة العددية هي مقياس
للتفاخر لما تثير في نفوس الأعداء من خوف ورعب، وفي نفوس
أصحابها الشعور بالقوة والمنعة.
الإعراب: "ولست": الواو بحسب ما قبلها: فعل ماض ناقص،
والتاء ضمير في محل رفع اسم "ليس". "بالأكثر": الباء حرف
جر زائدة، "الأكثر": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا على أنه
خبر "ليس". "منهم": جار ومجرور متعلقان بـ"الأكثر". "حصى":
تمييز منصوب. "وإنما": الواو حرف عطف، "إنما": أداة حصر.
"العزة": مبتدأ مرفوع. "للكاثر": جار ومجرور متعلقان بخبر
المبتدأ المحذوف.
وجملة: "لست بالأكثر..." بحسب ما قبلها وجملة" إنما العزة
للكاثر" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "بالأكثر منهم" حيث جمع بين "أل" الداخلة
على أفعل التفضيل "الأكثر" و"من" الداخلة على المفضول عليه
فغاير بذلك القاعدة التي تقضي بأن تأتي "من" مع أفعل تفضيل
نكرة، لذلك قيل: إن "من" متعلقة بأفعل تفضيل نكرة محذوف
تقديره: "ولست بالأكثر أكثر منهم"، أو يجب اعتبار "أل"
زائدة.
ج / 2 ص -305-
يوحدا" فتقول: "زيد أفضلُ رجلٍ، وأفضلُ من
عمرو" و"هندٌ أفضلُ امرأةٍ"، وأفضلُ من دعدٍ"، و"الزيدان
أفضلُ رجلين، وأفضلُ من بكر" و"الزيدون أفضلُ رجالٍ،
وأفضلُ من خالدٍ"، و"الهندان أفضلُ امرأتين، وأفضلُ من
دعدٍ"، و"الهنداتُ أفضلُ نسوةٍ، وأفضلُ من دعدٍ" و لا تجوز
المطابقة، ومن ثم قيل في "أُخَر": إنه معدول عن "آخر" وفي
قول ابن هاني "من البسيط":
774-
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها
"حصباء در على أرض من الذهب"
إنه لحن.
تنبيه: يجب في هذا النوع مطابقة المضاف إليه الموصوف، كما
رأيت، وأما
{وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}1 فتقديره: أول فريق كافر به.
500-
وتلو "أل" طبق، وما لمعرفة
أضيف ذو وجهين عن ذي معرفة
501-
لهذا إذا نويت معنى "من"، وإن
لم تنو فهو طبق ما به قرن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
774- التخريج: البيت لأبي نواس في ديوانه ص34؛ وخزانة
الأدب 8/ 277؛ 315، 318؛ وشرح المفصل 6/ 102؛ وبلا نسبة في
مغني اللبيب 2/ 380.
اللغة: شرح المفردات: فقاقعها: ما يعلو الماء أو غيره من
النفاخات، ويروى: "فواقعها". الحصباء: الحجارة الصغيرة.
المعنى: يقول: إن الفقاقيع التي علت الكأس شبيهة بالحجارة
الصغيرة من الدر منثورة على أرض ذهبية اللون.
الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. صغرى: اسم "كأن" منصوب
بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. وكبرى: الواو: حرف عطف،
"كبرى": معطوف على "صغرى" منصوب بالفتحة المقدرة على الألف
للتعذر. من: حرف جر. فقاقعها: اسم مجرور بالكسرة، وهو
مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. حصباء:
خبر "كأن" مرفوع بالضمة، وهو مضاف. در: مضاف إليه مجرور
بالكسرة. على: حرف جر. أرض: اسم مجرور بالكسرة؛ والجار
والمجرور متعلقان بمحذوف حال من خبر "كأن". من: حرف جر.
الذهب: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف
نعت لـ"أرض".
التمثيل به في قوله: "صغرى وكبرى" حيث جاء أفعل التفضيل
مجردًا من "أل"، والإضافة ومؤنثًا، وكان حقه أن يأتي
مذكرًا مفردًا مهما كان أمر الموصوف به، لذلك لحن النحاة
أبا نواس في هذا القول، وقيل: إن الشاعر لم يرد معنى
التفضيل، وإنما أراد معنى الصفة المشبهة.
1 البقرة: 41.
ج / 2 ص -306-
"وتلو أل طبق" لما قبله من مبتدأ أو موصوف، نحو: "زيد
الأفضل"، و"هند الفضلي"، و"الزيدان الأفضلان"، و"الزيدون
الأفضلون"، و"الهندان الفضليان"؛ و"الهندات الفضليات، أو
الفُضل"، وكذلك "مرت بزيد الأفضل، وبهند الفضلى"، إلى
آخره. ولا يؤتى معه بـ"من" كما سبق.
"وما لمعرفة أضيف ذو وجهين" منقولين "عن ذي معرفة" هما
المطابقة وعدمها "هذا إذا نويت" بأفعل "معنى من" أي:
التفضيل على ما أضيف إليه وحده، فتقول على المطابقة:
"الزيدان أفضلا القوم"، و"الزيدون أفضلو القوم وأفاضل
القوم"، و"هند فضلى النساء"، و"الهندان فضليا النساء"،
و"الهندات فُضَّل النساء وفضليات النساء". ومنه:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ
قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}1
وعلى عدم المطابقة: "الزيدان أفضل القوم"، و"الزيدون أفضل
القوم"، وهكذا إلى آخره. ومنه:
{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاس}2 وهذا هو الغالب، وابن السراج
يوجبه، فإن قدر "أكابر" مفعولًا ثانيًا، و"مجرميها"
مفعولًا أول لزمه المطابقة في المجرد، وقد اجتمع
الاستعمالان في قوله صلى الله عليه وسلم:
"ألا اخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني منازل يوم
القيامة؟ أحاسنكم أخلاقًا".
"وإن لم تنوِ" بأفعل معنى من، بأن لم تنوِ به المفاضلة
أصلًا، أو تنويها لا على المضاف إليه وحده، بل عليه وعلى
كل ما سواه "فهو طبق ما به قرن" وجهًا واحدًا، كقولهم:
"الناقص والأشج3 أعدلًا بني مروان" أي: عادلاهم، ونحو:
"محمد صلى الله عليه وسلم أفضل قريش"، أي: أفضل الناس من
بين قريش.
وإضافة هذين النوعين لمجرد التخصيص، ولذلك جازت إضافة أفعل
فيهما إلى ما ليس هو بعضه، بخلاف المنوي فيه معنى "من"،
فإنه لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه، فلذلك يجوز "يوسف أحسن
إخوته" إن قصد الأحسن من بينهم، أو قصد حسنهم، ويمتنع إن
قصد أحسن منهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأنعام: 123.
2 البقرة: 96.
3 الناقص والأشج: عبد الملك بن مروان؛ وعمر بن عبد العزيز.
ج / 2 ص -307-
"ورود أفعل التفضيل عاريًا من معنى التفضيل":
تنبيه: يرد أفعل التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل
نحو:
{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُم}1،
{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه}2، وقوله "من الطويل":
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
بأعجلهم، إذا أجشع القوم أعجل3
وقوله: "من الطويل":
775-
إن الذي سمك السماء بنى لنا
بيتًا دعائمه أعز وأطول
وقوله "من الوافر":
776-
"أتهجوه ولست له بكفء"
فشركما لخيركما الفداء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإسراء:54.
2 الروم: 27.
3 تقدم بالرقم 217.
775- التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 20/ 155؛ والأشباه
والنظائر 6/ 50؛ وخزانة الأدب 6/ 539، 8/ 242، 243، 276،
278؛ وشرح المفصل 6/ 97، 99؛ والصاحبي في فقه اللغة ص257؛
ولسان العرب 5/ 127 "كبر"، 5 374 "عزز"؛ والمقاصد النحوية
4/ 42.
اللغة: سمك.
المعنى: يقول: إن الله بنى لهم بيتًا عزيزًا طويل الدعائم.
الإعراب: "إن": حرف مشبه بالفعل. "الذي": اسم موصول في محل
نصب اسم "إن". "سمك" فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:
"هو". "السماء": مفعول به منصوب. "بنى": فعل ماض، وفاعله
ضمير مستتر تقديره: "هو". "لنا": جار ومجرور متعلقان
بـ"بنى". "بيتًا": مفعول به. "دعائمه": مبتدأ مرفوع، وهو
مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "أعز": خبر المبتدأ
مرفوع. "وأطول": الواو حرف عطف، "أطول": معطوف على "أعز"
مرفوع.
وجملة: "إن الذي..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة: "سمك" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"بنى" في محل رفع خبر "إن" وجملة: "دعائمه أعز" في محل نصب
نعت "بيتًا".
الشاهد فيه قوله: "أعز وأطول" حيث استخدم الشاعر صيغتي
التفضيل من غير التفضيل، ولو فعل لاعترف بأن لمهجوه بيتًا
عزيز الجانب، وهذا ما لا يريده.
776- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص76؛ وخزانة
الأدب 9/ 232، 236، 237؛ ولسان العرب 3/ 420 "ندد"، 6/ 316
"عرش". =
ج / 2 ص -308-
وقاسه المبرد، وقال في التسهيل: والأصح
قصره على السماع، وحكى ابن الأنباري عن أبي عبيدة القول
بورود أفعل التفضيل مؤولًا بما لا تفضيل فيه، قال: ولم
يسلم له النحويون هذا الاختيار، وقالوا: لا يخلو أفعل
التفضيل من التفضيل، وتأولوا من استدل به.
قال في شرح التسهيل: والذي سمع منه، فالمشهور فيه التزام
الإفراد والتذكير، وقد يجمع إذا كان ما هو له جمعًا، كقوله
"من الطويل":
777-
إذا غاب عنكم أسود العين كنتم
كرامًا وأنتم ما أقام ألائم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: يقول مخاطبًا أبا سفيان بن الحارث: أتهجو الرسول
"صلى الله عليه وسلم" وما أنت بكفء له، ويدعو عليه بأن
يجعل الذي هو شر منهما فداء للذي هو خير منهما "أي فداء
للرسول "صلى الله عليه وسلم".
الإعراب: أتهجوه: "الهمزة": للاستفهام، "تهجوه": فعل مضارع
مرفوع، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وفاعله
ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنت". ولست: "الواو":
حالية، و"لست": فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير متصل في محل
رفع اسم "ليس" له: جار ومجرور متعلقان بـ"كفء". بكفء:
"الباء" حرف جر زائد، و"كفء": اسم مجرور لفظًا منصوب
محلًّا على أنه خبر "ليس". فشركما: "الفاء": حرف استئناف،
و"شركما": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"كما": ضمير في محل جر
بالإضافة. لخيركما: جار ومجرور متعلقان بـ"فداء" وهو مضاف،
و"كما": ضمير في محل جر بالإضافة. الفداء: خبر المبتدأ
مرفوع.
وجملة "أتهجوه": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"لست له بكفء": في محل نصب حال. وجملة "شركما لخيركما
الفداء": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "شركما لخيركما" فإن كلا منهما أفعل
تفضيل، وقد جاء عاريًا من معنى التفضيل، وهذا جائز. وقيل
إنهما ليسا أفعل تفضيل، بل هما على وزن "فَعْل".
777- التخريج: البيت للفرزدق في شرح التصريح 2/ 102؛ وشرح
شواهد المغني 2/ 799؛ والمقاصد النحوية 4/ 57، وليس في
ديوانه، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 171، 2/ 47؛ وجمهرة
اللغة ص650؛ وخزانة الأدب 8/ 277؛ وسمط الآلي ص430؛ ولسان
العرب 12/ 381 "عتم"؛ ومعجم البلدان 1/ 193 "أسود العين".
اللغة: أسود العين: اسم جبل. ألائم: ج ألأم بمعنى لئيم،
وهو الدنيء الأصل الشحيح.
المعنى: لا يمكن أن تكونوا بين الكرام حتى يزول هذا الجبل
من مكانه، فأنتم والبخل صنوان على مر الزمان.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لفعله متعلق
بجوابه مبني على السكون في محل نصب. غاب: فعل ماض مبني على
الفتحة الظاهرة. عنكم: جار ومجرور متعلقان بالفعل غاب.
أسود: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. العين: مضاف
إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على
السكون لاتصاله بالتاء المتحركة و"التاء": ضمير متصل في
محل رفع اسمها، والميم علامة =
ج / 2 ص -309-
قال: وإذا صح جمعه لتجرده من معنى التفضيل
جاز أن يؤنث، فيكون قول ابن هانئ:
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها1
صحيحًا. ا. هـ.
502-
وإن تكن بتلو "من" مسفهمًا
فلهما كن أبدًا مقدما
503-
كمثل "ممن أنت خير؟" ولدى
إخبار التقديم نزرًا وردا
"وإن تكن بتلو من" الجارة
"مستفهمًا فلهما" أي: لمن ومجرورها المستفهم به "كن أبدًا
مقدما على أفعل التفضيل، لا على جملة الكلام كما فعل
المصنف؛ إذ يلزم على تمثيله الفصل بين العامل ومعموله
بأجنبي، ولا قائل به "كمثل: ممن أنت خير؟" و"من أيهم أنت
أفضل؟" و"من كم دراهمك أكثر؟" و"من غلام أيهم أنت أفضل؟"
لأن الاستفهام له الصدر.
"ولدى إخبار" أي: وعند عدم الاستفهام "التقديم نزرًا وجدا"
كقوله "من الطويل":
778-
فقالت لنا: أهلًا وسهلًا، وزودت
جنى النخل، بل ما زودت منه أطيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= جمع الذكور. كرامًا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة.
وأنتم: "الواو": استئنافية، "أنتم": ضمير رفع منفصل في محل
رفع مبتدأ. ما أقام: "ما" مصدرية زمانية، "أقام": فعل ماضٍ
مبني على الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر جوازًا
تقديره هو. ألاثم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة "غاب": في محل جر بالإضافة. وجملة "كنتم كرامًا":
جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة "أنتم ألائم":
استئنافية لا محل لها. وجملة "أقام": صلة الموصول الحرفي
لا محل لها.
والمصدر المؤول من "ما أقام" في محل نصب على الظرفية
الزمانية، متعلق بـ"ألائم".
والشاهد فيه قوله أن: "ألائم" لم يقصد به المفاضلة، بل
الصفة المشبهة.
1 تقديم بالرقم 774.
778- التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ص32 "طبعة الصاوي"؛
وخزانة الأدب 8/ 269؛ والدرر 5/ 296؛ وشرح المفصل 2/ 60؛
والمقاصد النحوية 4/ 43؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/
294، 295؛ وتذكرة النحاة ص47؛ وشرح عمدة الحافظ ص766؛ وهمع
الهوامع 2/ 104.
الإعراب: "فقالت": الفاء بحسب ما قبلها، "قالت": فعل ماض،
والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير =
ج / 2 ص -310-
وقوله "من الكامل":
779-
ولا عيب فيها غير أن سريعها
قطوف، وأن لا شيء منهن أكسل
وقوله "من الطويل":
780-
إذا سايرت اسماء يومًا ظعينة
فاسماء من تلك الظعينة أملح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مستتر تقديره: "هي". "لنا": جار ومجرور متعلقان بـ"قالت"
"أهلًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أتيتم". "وسهلًا":
الواو حرف عطف، "سهلًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره:
"نزلتم". "وزودت": الواو حرف عطف، "زودت": فعل ماض، والتاء
للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هي". "جنى": مفعول به
منصوب، وهو مضاف. "النحل": مضاف إليه مجرور. "بل": حرف
استئناف وإضراب. "ما": اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ.
"زودت" فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر
تقديره: "هي". "منه": جار ومجرور متعلقان بـ"أطيب".
"أطيب": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة: "قالت" بحسب ما قبلها. وجملة "أتيتم أهلًا" في محل
نصب مفعول به. وجملة: "نزلتم سهلًا" معطوفة على سابقتها.
وجملة: "زودت" الأولى معطوفة على "قالت". وجملة: "زودت"
الثانية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ما
زودت أطيب" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "منه أطيب" حيث قدم الجار والمجرور "منه"
على أفعل التفضيل المتعلق به، وهذا شاذ لأن المجرور ليس
اسم استفهام ولا مضافًا إلى اسم استفهام.
779- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص1600؛ وتذكرة
النحاة ص47؛ وشرح عمدة الحافظ ص765؛ والمقاصد النحوية 4/
44.
اللغة: القطوف: البطيئة.
الإعراب: "ولا": الواو بحسب ما قبلها، "لا": النافية
للجنس. "عيب": اسم "لا". "فيها": جار ومجرور متعلقان بخبر
"لا" المحذوف. "غير": مستثنى منصوب. "أن": حرف مشبه
بالفعل. "سريعها": اسم "أن" منصوب، وهو مضاف، و"ها" ضمير
في محل جر بالإضافة. "قطوف": خبر "أن" مرفوع. والمصدر
المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بالإضافة. "وأن":
للواو حرف عطف، "أن": حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه ضمير
الشأن المحذوف. "لا": النافية للجنس. "شيء": اسم "لا".
"منهن": جار ومجرور متعلقان بـ"أكسل". "أكسل": خبر "لا"
مرفوع.
وجملة: "لا عيب فيها" بحسب ما قبلها. وجملة: "لا شيء أكسل"
في محل رفع خبر "أن" المخففة.
الشاهد فيه قوله: "منهن أكسل" حيث قدم الجار والمجرور على
أفعل التفضيل المتعلق به وهذا شاذ لأن المجرور ليس
استفهامًا أو مضافًا إلى استفهام.
780- التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص835؛ وتذكرة النحاة
ص47؛ وشرح التصريح 2/ 103؛ وشرح عمدة الحافظ ص766؛
والمقاصد النحوية 4/ 52؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص469.
=
ج / 2 ص -311-
"مسألة الكحل":
504-
ورفعه الظاهر نزر، ومتى
عاقب فعلًا فكثيرًا ثبتا
505-
كلن ترى في الناس من رفيق
أولى به الفضل من الصديق
"ورفعه الظاهر نزر" أي: أفعل
التفضيل يرفع الضمير المستتر في كل لغة، ولا يرفع اسمًا
ظاهرًا ولا ضميرًا بارزًا إلا قليلًا، حكى سيبويه: "مررت
برجل أكرم منه أبوه"، وذلك لأنه ضعيف الشبه باسم الفاعل،
من قبل أنه في حال تجريده لا يؤنث ولا يُثنى ولا يُجمع،
وهذا إذا لم يعاقب فعلًا، أي: لم يحسن أن يقع موقعه فعل
بمعناه "ومتى عاقب فعلًا فكثيرًا" رفعه الظاهر "ثبتًا"
وذلك إذا سبقه نفي، وكان مرفوعه أجنبيًّا، مفصلًا على نفسه
باعتبارين نحو: "ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في
عين زيد"، فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلًا يحسن في عينه
الكحل كحسنه في عين زيد؛ لأن أفعل التفضيل إنما قصر عن رفع
الظاهر لأنه ليس له فعل بمعناه، وفي هذا المثال يصح أن يقع
موقعه فعل بمعناه، كما رأيت، وأيضًا فلو لم يجعل المرفوع
فاعلًا لوجب كونه مبتدأ، فيلزم الفصل بين أفعل و"من"
بأجنبي.
والأصل أن يقع هذا الظاهر بين ضميرين: أولهما للموصوف،
وثانيهما للظاهر، كما رأيت، وقد يحذف الضمير الثاني وتدخل
"من": إما على الاسم الظاهر، أو على محله، أو على ذي
المحل، فتقول: "من كحل عين زيد" أو "من عين زيد"، أو "من
زيد" فتحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شرح المفردات: سايرت: رافقت. الظعينة: المرأة المرتحلة
في الهودج.
المعنى: يقول: إذا رافقت أسماء يومًا صاحباتها في الهوادج
ظهرحسنها وتفوقها عليهن في الملاحة.
الإعراب: "إذا": ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه.
"سايرت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. "أسماء": فاعل مرفوع.
"يومًا": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"سايرت". "ظعينة": مفعول
به. "فأسماء": الفاء رابطة جواب الشرط، "أسماء": مبتدأ
مرفوع. "من تلك": جار ومجرور متعلقان بـ"أملح". "الظعينة":
بدل من "تلك" مجرور. "أملح": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة: "إذا سايرت..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "سايرت..." في محل جر بالإضافة. وجملة "أسماء أملح"
لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
الشاهد فيه قوله: "من تلك الظعينة أملح" حيث قدم الجار
والمجرور "من تلك" على أفعل التفضيل "أملح" في غير
الاستفهام، وهذا شاذ.
ج / 2 ص -312-
مضافًا أو مضافين، وقد لا يؤتى بعد المرفوع
بشيء، نحو: "ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل"، وقالوا:
"ما أحد أحسن به الجميل من زيد" والأصل: ما أحد أحسن به
الجميل من حسن الجميل بزيد، ثم أضيف "الجميل" إلى "زيد"
لملابسته إياه، ثم حذف المضاف الأول، ثم الثاني، ومثله
قوله عليه الصلاة والسلام:
"ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم من أيام العشر"، والأصل: من محبة الصوم في أيام العشر، ثم من محبة صوم أيام العشر،
ثم من صوم أيام العشر، ثم من أيام العشر، وقول الناظم:
"كلن ترى في الناس من رفيق
أولى به الفضل من الصديق"
والأصل: من ولاية الفضل بالصديق، ففعل به ما ذكر.
تنبيهات: الأول: إنما امتنع نحو: "رأيت رجلًا أحسن في عينه
الكحل منه في عين زيد"، ونحو: "ما رأيت رجلًا أحسن منه
أبوه"، وإن كان أفعل فيهما يصح وقوع الفعل موقعه لأن
المعتبر في اطراد رفع أفعل التفضيل الظاهر جواز أن يقع
موقعه الفعل الذي بُني منه مفيدًا فائدته، وهو في هذين
المثالين ليس كذلك، ألا ترى أنك لو قلت: "رأيت رجلًا يحسن
في عينه الكحل كحسنه في عين زيد"، أو "يحسن في عينه الكحل
كحلًا في عين زيد" بمعنى يفوقه في الحسن، فاتت الدلالة على
التفضيل في الأول وعلى الغريزة في الثاني، وكذا القول في
"ما رأيت رجلًا يحسن أبوه كحسنه" إذا أتيت في موضع أحسن
بمضارع حسن حيث تفوت الدلالة على التفضيل، أو قلت: "ما
رأيت رجلًا يحسنه أبوه"، فأتيت موضع أحسن بمضارع حسنه إذا
فاقه في الحسن حيث تغير الفعل الذي بُني منه أحسن، ففاتت
الدلالة على الغريزة المستفادة من أفعل التفضيل، ولو رُمْت
أن توقع الفعل موقع أحسن على غير هذين الوجهين لم تستطع.
الثاني: قال في شرح التسهيل: لم يرد هذا الكلام المتضمن
ارتفاع الظاهر بأفعل إلا بعد نفي، ولا بأس باستعماله بعد
نهي أو استفهام فيه معنى النفي، كقوله: لا يكن غيرك أحب
إليه الخير منه إليك، وهل في الناس رجل أحق به الحمد منه
بمحسن لا يمن.
الثالث: قال في شرح الكافية: أجمعوا على أنه لا ينصب
المفعول به، فإن وجد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر
يفسره أفعل، نحو:
{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}1
فحيث هنا مفعول به لا مفعول فيه، وهو في موضع نصب بفعل
مقدر يدل عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأنعام: 124.
ج / 2 ص -313-
أعلم، ومنه قوله "من الطويل":
781-
"أكر وأحمى للحقيقة منهم"
وأضرب منا بالسيوفِ القوانسَا
وأجاز بعضهم أن يكون أفعل هو العامل لتجرده عن معنى التفضيل.
ا. هـ.
"خاتمة في تعدية
أفعل التفضيل بحروف الجر":
قال في شرح الكافية: وجملة القول في ذلك أن أفعل
التفضيل إذا كان من متعد بنفسه دال على حب أو بغض عدي
بالام إلى ما هو مفعول في المعنى، وبـ"إلى" إلى ما هو فاعل
في المعنى، نحو: "المؤمن أحب لله من نفسه، وهو أحب إلى
الله من غيره"، وإن كان من متعد بنفسه دال على علم عدي
بالباء، نحو: "زيد أعرف بي، وأنا أدرى به"، وإن كان من
متعد بنفسه غير ما تقدم عدي باللام؛ نحو: "هو أطلب للثأر،
وأنفع للجار"، وإن كان من متعد بحرف جر عدي به، لا بغيره،
نحو: "هو أزهد في الدنيا، وأسرع إلى الخير، وأبعد من
الإثم، وأحرص على الحمد، وأجدر بالحلم، وأحيد عن الخنا".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
781- التخريج: البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص69؛
والأصمعيات ص205؛ وحماسة البحتري ص48؛ وخزانة الأدب 8/
319، 321؛ وشرح التصريح 1/ 339؛ وشرح ديوان الحماسة
للمرزوقي ص441، 1700؛ ولسان العرب 6/ 184 "قنس"؛ ونوادر
أبي زيد ص59؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 344، 4/
79؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 460.
اللغة: قوانس: ج قونس، مقدمة الرأس.
المعنى: لم أر أكثر منهم حماية للحقيقة، ولم أر مثل كرمهم
ولكن كنا أفضل منهم بضربنا مقدمات الرءوس بسيوفنا.
الإعراب: أكر: صفة لـ"حيا" من البيت السابق في القصيدة
منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة. وأحمى: "الواو":
عاطفة، "أحمى": اسم معطوف على أكر منصوب مثله بالفتحة
المقدرة على الألف للتعذر. للحقيقة: جار ومجرور متعلقان
باسم التفضيل أحمى. منهم: جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل
أحمى و"الواو": للإشباع، و"الميم": للجماعة. وأضرب:
"الواو": عاطفة، "أضرب": مفعول به لفعل محذوف. منا: جار
ومجرور متعلقان باسم التفضيل أضرب. بالسيوف: جار ومجرور
متعلقان باسم التفضيل أضرب. القوانسا: مفعول به لفعل محذوف
منصوب بالفتحة الظاهرة والألف للإطلاق.
وجملة "لم أر أضرب": معطوفة على جملة سابقة. وجملة
"القوانسا": مع الفعل المحذوف في محل نصب حال من "نا" في
"منا".
والشاهد فيه قوله: القوانسا فقد نصبه بفعل محذوف مقدر، لا
باسم التفضيل "أضرب".
ج / 2 ص -314-
ولفعل التعجب من هذا الاستعمال ما لأفعل،
نحو: "ما أحب المؤمن لله، وما أحبه إلى الله، وما أعرفه
بنفسه، وأقطعه للعوائق، وأغضه لطرفه، وأزهده في الدنيا،
وأسرعه إلى الخير، وأحرصه عليه، وأجدره به". ا. هـ.
وقد سبق بعض ذلك في بابه، والله تعالى أعلم.
|