شرح الأشموني على ألفية ابن مالك

ج / 2 ص -315-        النعت:
506-

"يتبع في الإعراب الأسماء الأُوَل                     نعت وتوكيد وعطف وبدل"

وتسمى لأجل ذلك التوابع.
فالتابع هو: المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد غير خبر.
فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ، والمفعول الثاني، وحال المنصوب، وبغير خبر "حامض" من قولك: "هذا حلو حامض".
تنبيهات: الأول: سيأتي أن التوكيد والبدل وعطف النسق تتبع غير الاسم، وإنما خص الأسماء بالذكر لكونها الأصل في ذلك.
الثاني: في قوله: "الأُوَل" إشارة إلى منع تقديم التابع على متبوعه، وأجاز صاحب البديع تقديم الصفة على الموصوف إذا كان لاثنين أو جماعة، وقد تقدم أحد الموصفين، فتقول: "قام زيد العاقلان وعمرو"؛ ومنه قوله "من الطويل":
782-

ولست مقرًّا للرجال ظلامةً                   أبى ذاك عمي الأكرمان وخاليا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
782- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 6/ 17؛ والمقاصد النحوية 4/ 73؛ وهمع الهوامع 2/ 12.
اللغة: ظلامة: المبالغة في الظلم. أبى: رفض عن عزة وكبرياء. =

 

ج / 2 ص -316-        وأجاز الكوفيون تقديم المعطوف بشروط تذكر في موضعها.
الثالث: اختُلف في العامل في التابع فذهب الجمهور إلى أن العامل فيه هو العامل في المتبوع، واختاره الناظم، وهو ظاهر مذهب سيبويه.
الرابع: لم يتعرض هنا لبيان رتبة التابع، قال في التسهيل: ويُبدأ عند اجتماع التوابع بالنعت، ثم بعطف البيان، ثم بالتوكيد، ثم بالبدل، ثم بالنسق، أي فيقال: "جاء الرجل الفاضلُ أبو بكر نفسُه أخوك وزيدٌ".
الخامس: قدم في التسهيل باب التوكيد على باب النعت، وكذا فعل ابن السراج وأبو علي والزمخشري، وهو حسن؛ لأن التوكيد بمعنى الأول، والنعت على خلاف معناه؛ لأنه يتضمن حقيقة الأول وحالًا من أحواله، والتوكيد يتضمن حقيقة الأول فقط، وقدم في الكافية النعت كما هنا، وكذا فعل أبو الفتح والزجاجي والجزولي، نظرًا لما سبق في التنبيه الرابع.
"تعريف النعت":
507-

فالنعت تابع متم ما سبق                    بوسمه أو وسم ما به اعتلق

"فالنعت" في عرف النحاة "تابع متم ما سبق" أي: مكمل المتبوع "بوسمه"، أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: إني كريم شهم أمًّا وأبًا، فلا أرضى الظلم للآخرين ولا أرضاه منهم.
الإعراب: ولست: "الواو": حسب ما قبلها، "لست": فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع اسمها. مقرًّا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة. للرجال: جار ومجرور متعلقان بالخبر مقرًّا. ظلامة: مفعول به لاسم الفاعل مقرًّا، منصوب بالفتحة الظاهرة. أبى فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. ذاك: اسم إشارة في محل نصب مفعول به و"الكاف": للخطاب. عمي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسب وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الأكرمان: صفة مرفوعة بالألف لأنها مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. وخاليا: "الواو": عاطفة، "خاليا": اسم معطوف على عمي مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسبة وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "فلست": بحسب الفاء. وجملة "أبى ذاك": استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "على الأكرمان وخاليا" فقد قدم الصفة المثناة "أكرمان" على أحد موصوفيها وهو خاليا.

 

ج / 2 ص -317-        بوسم المتبوع: أي علامته "أو وسم ما به اعتلق".
فالتابع: جنس يشمل جميع التوابع المذكورة.
وميم ما سبق: مخرج للبدل والنسق.
وبوسمه أو وسم ما به اعتلق: مخرج لعطف البيان والتوكيد؛ لأنهما شاركا النعت في إتمام ما سبق؛ لأن الثلاثة تكمل دلالته وترفع اشتراكه واحتماله، إلا أن النعت يوصل إلى ذلك بدلالته على معنى في المنعوت أو في متعلقه، والتوكيد والبيان ليسا كذلك.
والمراد بالمتم المفيد ما يطلبه المتبوع بحسب المقام: من توضيح، نحو: "جاءني زيد التاجر"، أو "التاجر أبوه"، أو تخصيص، نحو: "جاءني رجل تاجر"، أو تاجر أبوه"، أو تعميم، نحو: "يرزق الله عباده الطائعين والعاصين الساعية أقدامهم والساكنة أجسامهم"، أو مدح، نحو: "الحمد لله ربِّ العالمين الجزيل عطاؤه"، أو ذم، نحو: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، "ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلُها" أو ترخم، نحو: "اللهم أنا عبدك المسكين المنكسر قلبه" أو توكيد، نحو: "أمس الدابر المنقضي أمده لا يعود" أو إيهام، نحو: "تصدقت بصدقةٍ كثيرةٍ، أو قليلة نافعٍ ثوابُها أو شائع احتسابُها"، أو تفصيل، نحو: "مررت برجلين عربي وعجمي كريمٍ أبواهُما لئيمٍ أحدهما".
ويسمى الأول من هذه الأمثلة نعتًا حقيقيًّا، والثاني سببيًّا.
508-

وليعط في التعريف والتنكير ما                     لما تلا، كـ"امرر بقوم كرما"

"وليعط" النعت مطلقًا "في التعريف والتنكير ما" أي: الذي "لما تلا" وهو المنعوت "كامرر بقوم كرما" وبقوم كرماء آباؤُهم، وبالقوم الكرماء، وبالقوم الكرماءِ آباؤُهم.
تنبيهات: الأول: ما ذكره من وجوب التبعية في التعريف التنكير هو مذهب الجمهور، وأجاز الأخفش نعت النكرة إذا خصصت بالمعرفة، وجعل "الأوليان" صفة لـ"آخران" في قوله تعالى:
{فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ}
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المائدة: 107.

 

ج / 2 ص -318-        وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة، وأجازه ابن الطراوة بشرط كون الوصف خاصًّا بذلك الموصوف خاصًّا بذلك الموصوف، كقوله "من الطويل":
783-

أبيت كأني ساورتني ضئيلة               من الرفش في أنيابها السمُّ ناقعُ

والصحيح مذهب الجمهور، وما أوهم خلاف ذلك مؤول.
الثاني: استثنى بالشارح من المعارف المعرفة بلام الجنس، قال: فإنه لقرب مسافته من النكرة يجوز نعته بالنكرة المخصوصة، ولذلك تسمع النحويين يقولون في قوله "من الكامل":

ولقد أمر على اللئيم يسبني                      فأعف ثم أقول لا يعنيني1

إن جملة "يسبني" صفة لا حال؛ لأن المعنى ولقد أمر على لئيم من اللئام، ومنه قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}2، وقولهم: "ما ينبغي للرجل مثلك -أو خير منك- أن يفعل كذا".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم بالرقم 126.
783- التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص23؛ وخزانة الأدب 2/ 457؛ والحيوان 4/ 248؛ والدرر 6/ 9؛ وسمط اللآلي ص489؛ وشرح شواهد المغني 2/ 902؛ والكتاب 2/ 89؛ ولسان العرب 4/ 507 "طور"، 5/ 202 "نذر"، 8/ 360 "نفع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 73؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 117.
اللغة: ساورتني: وثبت علي. رقشاء: أفعى. ضئيلة: حية صغيرة شديدة السم.
المعنى: فبت خائفًا لا أستطيع النوم، كمن خاف أفعى خفية شديدة السم، تثب عليه في أي لحظة.
الإعراب: "أبيت": فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره "أنا". كأني: "كأن": حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب اسمها. ساورتني: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به و"التاء": للتأنيث. ضئيلة: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. من الرقش: جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة للفاعل. في أنيابها: جار ومجرور متعلقان بناقع، و"أنياب" مضاف، و"الهاء" ضميرمتصل في محل جر بالإضافة. السم: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. نافع: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة: "أبيت": بحسب ما قبلها. وجملة "كأني ساورتني": في محل نصب حال. وجملة "ساورتني": في محل رفع خبر. وجملة "السم نافع": في محل رفع صفة لـ"ضئيلة".
الشاهد في قوله: "السم ناقع" فقد رفع ناقع على أنه خبر السم، ويجوز فيه النصب على الحال، كما يجوز فيه الرفع على الصفة لجهة أن اللام للجنس فهو بحكم النكرة.
1 تقدم بالرقم 126.
2 يس: 37.

 

ج / 2 ص -319-        الثالث: لا يمتنع النعت في النكرات بالأخص، نحو: "رجل فصيح"، و "غلام يافع"، وأما في المعارف فلا يكون النعت أخص عند البصريين، بل مساويًا، أو أعم. وقال الشلوبين والفراء: ينعت الأعم بالأخص، قال المصنف: وهو الصحيح, وقال بعض المتأخرين: توصف كل معرفة بكل معرفة، كما توصف كل نكرة بكل نكرة. ا. هـ.
509-

وهو -لدى التوحيد، والتذكير أو                سواهما- كالفعل، فاقف ما قفوا

"وهو لدى التوحيد والتذكير أو سواهما" وهو التثنية والجمع والتأنيث "كالفعل فاقف ما قفوا" أي: يجري النعت في مطابقة المنعوت وعدمها مجرى الفعل الواقع موقعه، فإن كان جاريًا على الذي هو له رفع ضمير المنعوت وطابقه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، تقول: "مررت برجلين حسنين، وامرأة حسنة"، كما تقول: "مررت برجلين حسنًا وامرأة حسنت". وإن كان جاريًا على ما هو لشيء من سببه فإن لم يرفع السببي فهو كالجاري على ما هو له في مطابقته للمنعوت؛ لأنه مثله في رفعه ضمير المنعوت، نحو: "مررت بامرأةٍ حسنةِ الوجهِ أو حسنةٍ وجهًا، وبرجلين كريمي الأب، أو كريمين أبًا، وبرجال حسانِ الوجوهِ أو حسانٍ وجوهًا"، وإن رفع السببي كان بحسبه في التذكير والتأنيث كما هو في الفعل، فيقال: "مررت برجالٍ حسنةٍِ وجوهُهُم، وبامرأةٍ حسنٍ وجهُها"، كما يقال: "حسنت وجوهُهُم، وحسن وجهُهَا".
تنبيهات: الأول: يجوز في الوصف المسند إلى السببي المجموع الإفراد والتكسير، فيقال: "مررت برجلٍ كريمٍ آباؤُه، وكرامٍ آباؤه".
الثاني: قد يُعامل الوصف الرافع ضمير المنعوت معاملة رافع السببي، إذا كان معناه له، فيقال: "مررت برجلٍ حسنةِ العينِ"، كما يقال: "حسنت عينُه"، حكى ذلك الفراء، وهو ضعيف، وذهب كثير منهم الجرمي إلى منعه.
الثالث: أفهم قوله: "كالفعل" جواز تثنية الوصف الرافع للسببي وجمعه الجمع المذكر السالم على لغة "أكلوني البراغيث"، فيقال: "مررت برجلٍ كريمين أبواه"، و"جاءني رجل حسنون غلمانُه".

 

ج / 2 ص -320-        الرابع: ما ذكره من مطابقة النعت للمنعوت مشروط بأن لا يمنع منها مانع، كما في "صبور"، و"جريح"، و"أفعل من". ا. هـ.
510-

وانعت بمشتق كصعب وذرب                  وشبهه، كذا، وذي، والمنتسب

"وانعت بمشتق" والمراد به: ما دل على حدث وصاحبه، وذلك اسم الفاعل كضارب وقائم، واسم المفعول كمضروب ومهان، والصفة المشبهة "كصعب وذرب" وأفعل التفضيل كأقوى وأكرم، ولا يرد اسم الزمان والمكان والآلة؛ لأنها ليست مشتقة بالمعنى المذكور، وهو اصطلاح.
"وشبهه" أي: شبه المشتق، والمراد به: ما أقيم مقام المشتق في المعنى من الجوامد "كذا" وفروعه من أسماء الإشارة غير المكانية "وذي" بمعنى: صاحب، والموصولة، وفروعهما "والمنتسب" تقول: "مررت بزيد هذا، وذي المال، وذو قام، والقريشي"، فمعناها: الحاضر، وصاحب المال، والقائم، والمنسوب إلى قريش.
511-

ونعتوا بجملة منكرا                         فأعطيت ما أعطيته خبرا

"ونعتوا بجملة" بثلاثة شروط: شرط في المنعوت، وهو أن يكون "منكرًا" إما لفظًا ومعنى، نحو: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه}1، أو معنى لا لفظًا، وهو المعرف بـ"أل" الجنسية، كقول "من الكامل":

ولقد أمر على اللئيم يسبني2

وشرطان في الجملة: أحدهما: أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف: إما ملفوظ كما تقدم، أو مقدر كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البقرة: 281.
2 تقدم بالرقم 126.
3 البقرة: 48.

 

ج / 2 ص -321-        أي: لا تجزي فيه، أو بدل منه كقوله "من الطويل":
784-

كأن خفيف النبل من فوق عجسها                عوازب نحلٍ أخطأ الغار مطنف

أي: أخطأ غارها، فـ"أل" بدل من الضمير، وإلى هذا الشرط الإشارة بقوله: "فأعطيت ما أعطيته خبرًا".
والثاني: أن تكون خبرية، أي: محتملة للصدق والكذب، وإليه الإشارة بقوله:
512-

وامنع هنا إيقاع ذات الطلب                     وإن أتت فالقول أضمر تصب

"وامنع هنا إيقاع ذات الطلب" فلا يجوز: "مررت برجلٍ اضربه، أو لا تهنه"، ولا "بعبد بعتكه"، قاصدًا إنشاء البيع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
784- التخريج: البيت للشنفرى في ديوانه ص54؛ والأغاني 21/ 213؛ ولسان العرب 9/ 224 "طنف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 85.
اللغة: الحفيف: الصوت الخفيف. النبل: السهام. العجس: مقبض القوس. العوازب: ج العازب، وهو المبتعد. أخطأ الغار: ضل بيته. المطنف: هنا: رئيس النحل الذي يرشد النحل الضال إلى بيته.
المعنى: يصف الشاعر قوسًا بأنها محكمة الصنع شديدة الوتر، يسمع لها صوت كدوي النحل الذي ضل بيته.
الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. خفيف: اسم "كأن" منصوب، وهو مضاف. النبل: مضاف إليه مجرور. من فوق: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "خفيف"، وهو مضاف. عجسها: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. عوازب: خبر "كأن" مرفوع، وهو مضاف. نحل: مضاف إليه مجرور. أخطأ: فعل ماض. الغار: مفعول به منصوب. مطنف: فاعل "أخطأ" مرفوع بالضمة.
وجملة "كأن خفيف...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أخطأ الغار مطنف": في محل رفع نعت "عوازب"، أو جر نعت "نحل".
الشاهد فيه قوله: "عوازب نحل أخطأ الغار مطنف" حيث وقعت الجملة الفعلية "أخطأ الغار مطنف" نعتًا لـ"عوازب" أو لـ"نحل" دون أن تشتمل على رابط يربطها بالموصوف، وهذا الرابط قد يكون ضميرًا مذكورًا أو مقدرًا، ولما لم يجد النحاة هذا الرابط قالوا: إن "أل" الموجودة في "الغار" هي عوض عن الضمير. والأصل أن يقال: "عوازب نحل أخطأ غارها مطنف". وعندي أن أصل الكلام هو "عوازب نحل أخطأ الغار مطنفها" فحذف المضاف إليه مع أنه ينويه.

 

ج / 2 ص -322-        "وإن أتت" الجملة الطلبية في كلامهم "فالقول أضمر نصب"، كقوله "من الرجز":
785-

"حتى إذا جن الظلام واختلط"                جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

أي: جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول فيه عند رؤيته هذا الكلام.
تنبيهان: الأول: ذكر في البديع أن الوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالجملة الاسمية.
الثاني: فهم من قوله: "فأعطيت ما أعطيته خبرًا"، أنها لا تقترن بالواو، بخلاف الحالية، فلذلك لم يقل: ما أعطيته حالًا.
513-

ونعتوا بمصدر كثيرا                          فالتزموا الإفراد والتذكيرا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
785- التخريج: الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304؛ وخزانة الأدب 2/ 109؛ والدرر 6/ 10؛ وشرح التصريح 2/ 112؛ والمقاصد النحوية 4/ 61؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115؛ وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص477؛ وشرح عمدة الحافظ ص541؛ وشرح المفصل 3/ 52، 53؛ ولسان العرب 4/ 248 "خضر"، 10/ 340 "مذق"؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585؛ وهمع الهوامع 2/ 117.
شرح المفردات: جن الظلام: اشتد سواده. اختلط: اعتكر. المذق: اللبن المخلوط بالماء.
المعنى: يقول هاجيًا قومًا بخلاء: لما حل الظلام قدموا لنا لبنًا ممزوجًا بالماء فصار شبيهًا بلون الذئب في كدرته.
الإعراب: "حتى": حرف جر وغاية. "إذا": ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. "جن": فعل ماض. "الظلام": فاعل مرفوع. "واختلط": الواو حرف عطف؛ "اختلط" فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هو". "جاءوا": فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل. "بمذق": جار ومجرور متعلقان بـ"جاءوا". "هل": حرف استفهام. "رأيت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "الذئب": مفعول به منصوب. "قط": ظرف زمان مبني في محل نصب، متعلق بـ"رأيت".
وجملة: "إذا جن... جاءوا" الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "جن الظلام" في محل جر بالإضافة. وجملة: "اختلط" معطوفة على جملة "جن". وجملة: "جاءوا..." لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة "هل رأيت" في محل نصب مفعول به لفعل القول المحذوف الذي هو نعت لـ"مذق" تقديره: "بمذق مقول فيه هل رأيت...".
الشاهد فيه قوله: "بمذق هل رأيت الذئب" حيث جاء ظاهر الجملة الاستفهامية وكأنه نعت للنكرة "مذق"، والحقيقة هي مقول قول محذوف تقديره: "جاءوا بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب قط".

 

ج / 2 ص -323-        "ونعتوا بمصدر كثيرًا" وكان حقه أن لا ينعت به، لجموده، ولكنهم فعلوا ذلك قصدًا للمبالغة، أو توسعًا بحذف مضاف "فالتزموا الإفراد والتذكيرا" تنبيهًا على ذلك، فقالوا: رجل عدل، ورضا، وزور، وامرأة عدل ورضا وزور، ورجلان عدلٌ ورضًا وزورٌ، وكذا في الجمع: أي: هو نفس العدل، أو ذو عدل، وهو عند الكوفيين على التأويل بالمشتق: أي: عادل ومرضي وزائر.
تنبيهان: الأول: وقوع المصدر نعتًا -وإن كان كثيرًا- لا يطرد، كما لا يطرد وقوعه حالًا، وإن كان أكثر من وقوعه نعتًا.
الثاني: أطلق المصدر، وهو مقيد بأن لا يكون في أوله ميم زائدة كـ"مزار" و"مسير"، فإنه لا يُنعت به، لا بإطراد ولا بغيره.
514-

"ونعت غير واحد: إذا اختلف                       فعاطفًا فرقه، لا إذا ائتلف"

مثال المختلف: "مررت برجلين كريم وبخيل"، ومثال المؤتلف: "مررت برجلين كريمين" أو "بخيلين".
ويستثنى من الأول اسم الإشارة، فلا يجوز تفريق نعته، فلا يقال: "مررت بهذين الطويل والقصير"، نص على ذلك سيبويه وغيره: كالزيادي والزجاج والمبرد، قال الزيادي: وقد يجوز ذلك على البدل أو عطف البيان.
تنبيهات: الأول قيل: يندرج في غير الواحد ما هو مفرد لفطًا مجموع معنى، كقوله "من الوافر":
786-

فوافيناهم منا بجمعٍ                       كأسد الغاب مردانٍ وشيبِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
786- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص135؛ والمقاصد النحوية 4/ 77؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص544.
اللغة: وافيناهم: جئناهم. المردان: ج الأمرد، وهو الغلام الذي لم ينبت شعر لحيته. الشيب: الذين ابيضَّ شعر رءوسهم.
الإعراب: فوافيناهم: "الفاء": بحسب ما قبلها، "وافيناهم": فعل ماض، و"نا": ضمير في محل رفع فاعل، و"هم": ضمير في محل نصب مفعول به. منا: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "جمع" أصله نعت ولما تقدم عليه أصبح حالًا. بجمع: جار ومجرور متعلقان بـ"وافيناهم". كأسد: جار  ومجرور =

 

ج / 2 ص -324-        وفيه نظر.
الثاني: قال في الارتشاف: والاختيار في "مررت برجلين كريم وبخيل" القطع.
الثالث: قال في التسهيل: يغلب التذكير والعقل عند الشمول وجوبًا، وعند التفصيل اختيارًا.
515-

ونعت معمولي وحيدي معنى                         وعمل، أتبع بغير استثنا

"ونعت معمولي" عاملين "وحيدي معنى وعمل أتبع بغير استثنا" أي: أتبع مطلقًا، نحو: "جاء زيد وأتى عمرو العاقلان"، و"هذا زيد وذاك خالد الكريمان"، و"رأيت زيدًا وأبصرت عمرًا الظريفين" وخصص بعضهم جواز الإتباع يكون المتبوعين فاعلي فعلين أو خبري مبتدأين، فإن اختلف العاملان في المعنى والعمل، أو في أحدهما وجب القطع بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل، نحو: "جاء زيدٌ ورأيت عمرًا الفاضلان" أو "الفاضلين"، ونحو: "جاء زيد ومضى بكر الكريمان" أو "الكريمين"، ونحو: "هذا مؤلم زيدٍ وموجع عمرًا الظريفان" أو "الظريفين"، ولا يجوز الإتباع في ذلك؛ لأن العمل الواحد لا يمكن نسبته لعاملين من شأن كل واحد منهما أن يستقل.
تنبيهان: الأول: إذا كان عامل المعمولين واحدًا ففيه ثلاث صور:
الأولى: أن يتحد العمل والنسبة، نحو: "قام زيد وعمرو العاقلان"، وهذه يجوز فيها الإتباع والقطع في أماكنه من غير إشكال.
الثانية: أن يختلف العمل وتختلف نسبة العامل إلى المعمولين من جهة المعنى، نحو: "ضرب زيدٌ عمرًا الكريمان"، ويجب في هذه القطع قطعًا.
الثالثة: أن يختلف العمل وتتحد النسبة من جهة المعنى، نحو: "خاصم زيد عمرًا الكريمان"، فالقطع في هذه واجب عند البصريين، وأجاز الفراء وابن سعدان الإتباع، والنص عن الفراء أنه إذا اتبع غلب المرفوع، فتقول: "خاصم زيد عمرًا الكريمان"، ونص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= متعلقان بمحذوف نعت لـ"جمع"، وهو مضاف. الغاب: مضاف إليه مجرور. مردان: نعت "جمع" مجرور. وشيب: "الواو": حرف عطف، و"شيب": معطوف على "مردان" مجرور بالكسرة.
وجملة "وافيناهم": بحسب ما قبلها.
الشاهد فيه قوله: "بجمع... مردان وشيب" حيث ورد كل من "مردان" و"شيب" نعتًا لـ"جمع"، ولما كانا مختلفين بالمعنى فصل بينهما بحرف عطف، فعطف الثاني على الأول.

 

ج / 2 ص -325-        ابن سعدان على جواز إتباع أي شئت لأن كل منهما مُخاصِم ومُخاصَم، والصحيح مذهب البصريين، قيل: بدليل أنه لا يجوز "ضارب زيد هندًا العاقلة" برفع "العاقلة" نعتا لـ"هند"، لكن ذكر الناظم في باب أبنية الفعل من شرح التسهيل أن الاسمين من نحو: "ضارب زيد عمرًا"، ليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب، قال: ولو أتبع منصوبهما بمرفوع أو مرفوعهما بمنصوب لجاز، ومنه قول الراجز:
787-

قد سالم الحياتُ منه القدمَا                    الأفعوان والشجاع الشجعما

فنصب "الأفعوان" وهو بدل من "الحيات" وهو مرفوع لفظًا؛ لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان، وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير قد سالم الحيات منه القدم وسالمت القدم الأفعوان.
الثاني: قوله "أتبع" يوهم وجوب الإتباع، وليس كذلك؛ لأن القطع في ذلك منصوص على جوازه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
391- التخريج: الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 333؛ وجمهرة اللغة ص1139؛ وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري، أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 411، 415، 416؛ والمقاصد النحوية 4/ 81؛ وللعجاج أو لأبي حبان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للتدمري أو لعبد بني الحسحاس في الدرر 3/ 6؛ وللعجاج أو لأبي حبان الفقعسي أو لمساور العبسي، أو للتدمري، أو لعبد بني عبس في شرح شواهد المغني 2/ 973؛ ولمساور العبسي في لسان العرب 12/ 366 "ضمر"؛ ولعبد بني عبس في الكتاب 1/ 287؛ وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 1/ 201؛ ولأبي حناء في خزانة الأدب 10/ 240.
اللغة: الأفعوان والشجاع: ذكر الأفعى. الشجعم: الجريء.
المعنى: لقد تصالحت قدماه مع الأفاعي لأنهما أضحتا غليظتين صلبتين لطول ما سار حافيًا.
الإعراب: قد: حرف تحقيق. سالم: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. الحيات: مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. منه: جار ومجرور متعلقان بحال مقدم محذوف للقدم. القدما: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون لضرورة الشعر. الأفعوان: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة لفعل محذوف تقديره أعني. والشجاع: "الواو": عاطفة و"الشجاع": اسم معطوف منصوب بالفتحة الظاهرة. والشجعما: "الواو": حرف عطف، "الشجعما": صفة الشجاع منصوبة بالفتحة الظاهرة والألف للإطلاق.
وجملة "قد سالم القدما": ابتدائية لا محل لها. وجملة "الشجاع" مع فعله المحذوف تفسيرية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "قد سالم الحيات منه القدما" وفيه قولان:
1- نصب الفاعل "قدم".
2- هو فاعل مثنى وحذفت النون للضرورة ومنهم من قال إن الحيات فاعل والمفعول قدما.

 

ج / 2 ص -326-        "تعدد النعوت وتتاليها":
516-

وإن نعوت كثرت وقد تَلَتْ                            مفتقرًا لذكرهن أُتْبِعَتْ

"وإن نعوت كثرت وقد تلت" أي: تبعت منعوتًا "مفتقرًا لذكرهن" بأن كان لا يعرف إلا بذكر جميعها "أتبعت" كلها لتنزيلها منه حينئذ منزلة الشيء الواحد، وذلك كقولك: "مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب" إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة: أحدهم تاجر كاتب، والآخر تاجر فقيه، والآخر فقيه كاتب.
517-

واقطع أو اتبع إن يكن معينا                     بدونها، أو بعضها اقطع معلنا

"واقطع" الجميع "أو اتبع" الجميع، أو اقطع البعض وأتبع البعض "إن يكن" المنعوت "معينًا بدونها" كلها، كما في قول خرنق "من الكامل":
788-

لا يبعدن قومي الذين هم                            سمُّ العداة وآفةُ الجزر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
778- التخريج: البيتان للخرنق بنت هفان في ديوانها ص43؛ والأشباه والنظائر 6/ 231؛ وأمالي المرتضى 1/ 205؛ والإنصاف 2/ 468؛ وأوضح المسالك 3/ 314؛ والحماسة البصرية 1/ 227؛ وخزانة الأدب 5/ 41، 42، 44؛ والدرر 6/ 14؛ وسمط اللآلي ص548؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 16؛ وشرح التصريح 2/ 116؛ والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 64؛ ولسان العرب 5/ 214 "نضر"؛ والمحتسب 2/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 602؛ وبلا  نسبة في رصف المباني ص416.
شرح المفردات: يبعدن: يهلكن. سم العداة: أي قاهر الأعداء. الآفة: العاهة المهلكة. الجزر: ج الجزور، وهو من الإبل ما عد للذبح للضيفان. المعترك: موضع الاقتتال. معاقد الأزر: كناية عن العفة.
المعنى: تفخر الشاعرة بقومها فتدعو لهم بأل يهلكوا، فهم الأبطال الشجعان الذين يفتكون بالأعداء وينحرون الجزر للضيفان، لا يهابون نار الوغى، ويتصفون بالطهارة والعفة.
الإعراب: "لا": ناهية جازمة للدعاء. "يبعدن": فعل مضارع مبني لاتصاله بنون التوكيد، في محل جزم بـ"لا"، والنون للتوكيد. "قومي": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. "الذين": اسم موصول في محل رفع نعت "قومي". "هم": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "سم": خبر المبتدأ وهو مضاف. "العداة": مضاف إليه. "وآفة الجزر": معطوفة على "سم العداة". "النازلون": نعت ثان لـ"قومي"، أو خبر المبتدأ المحذوف تقديره "هم". "بكل": جار ومجرور متعلقان بـ"النازلون". وهو مضاف. "معترك": مضاف إليه. "والطيبون": حرف عطف، "الطيبون": معطوف على "النازلون" مرفوع بالواو. "معاقد": منصوب على أنه مشبه بالمفعول به، وهو مضاف. "الأزر": مضاف إليه مجرور.
وجملة: "لا يبعدن..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هم سم العداة" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. =

 

ج / 2 ص -327-                           النازلون بكل معترك    والطيبون معاقد الأزر

فيجوز رفع "النازلون" و "الطيبون" على الإتباع لـ"قومي"، أو على القطع بإضمار: هم، ونصبهما بإضمار: أمدح أو أذكر، ورفع الأول ونصب الثاني على ما ذكرنا، وعكسه على القطع فيهما.
"أو بعضها اقطع معلنا"، أي: إذا كان المنعوت مفتقرًا إلى بعض النعوت دون بعض وجب إتباع المفتقر إليه، وجاز فيما سواه القطع والإتباع، هكذا في شرح الكافية.
تنبيهات: الأول: إذا قطع بعض النعوت دون بعض قُدِّم المتبع على المقطوع، ولا يعكس، وفيه خلاف، قال ابن أبي الربيع: الصحيح المنع. وقال صاحب البسيط: الصحيح الجواز. ولو فرق بين الحالة الثانية -وهي الاستغناء عن الجميع- فيجوز، والحالة الثالثة -وهي الافتقار إلى البعض دون البعض- فلا يجوز؛ لكان مذهبًا.
الثاني: إذا كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع، وجاز في الباقي القطع، كقوله "من المتقارب":
789-

ويأوي إلى نسوةٍ عطلٍ                    وشعثًا مراضيعَ مثل السعالي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الشاهد: قولها: "النازلون" و"الطيبون" حيث يجوز فيهما الرفع على الإتباع لـ"قومي" أو على القطع بإضمار "هم". ويجوز نصبهما بإضمار "أمدح" أو "أذكر".
789- التخريج: البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في خزانة الأدب 2/ 42، 432، 5/ 40؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 146؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 507؛ وشرح التصريح 2/ 87؛ والكتاب 1/ 399، 2/ 66؛ ولأبي أمية في المقاصد النحوية 4/ 63؛ وللهذلي في شرح المفصل 2/ 18؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ ورصف المباني ص416؛ والمقرب 1/ 225.
شرح المفردات: يأوي: ينزل، يلجأ. العطل: ج العاطل، وهي من النساء من لا حلي عليها. الشعث: ج الأشعث مؤنثها الشعثاء، وهي المرأة السيئة الحال، والمتلبدة الشعر لعدم اعتنائها به. السعالي: ج السعلاة، وهي أنثى الغول.
المعنى: يقول: إنه يأوي إلى نسوة مهملات، سيئات الحال، متلبدات الشعر، يرضعن أطفالًا لهن، ويشبهن السعالي لقبح منظرهن.
الإعراب: "ويأوي": الواو بحسب ما قبلها، "يأوي": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره "هو". "إلى نسوة": جار ومجرور متعلقان بـ"يأوي". "عطل": نعت "نسوة" مجرور. "وشعثًا" الواو حرف عطف. "شعثًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أعني" مثلًا. "مراضيع": نعت "شعثًا" منصوب. "مثل": نعت ثان لـ"شعثًا" منصوب، وهو مضاف. السعالي": مضاف إليه مجرور بالكسرة. 
الشاهد: قوله: "نسوة عطل وشعثًا" حيث وردت الرواية فيه بحر "عطل" ونصب "شعثًا". أما الأول فلم يرو فيه إلا الجر، وأما الثاني "شعثًا" فقد روي مجرورًا ومنصوبًا مما يدل على أن نعوت النكرة يجب في أولها الإتباع، ويجوز فيما عداه الإتباع والقطع.

ج / 2 ص -328-        الثالث: يستثنى من إطلاقه النعت المؤكد، نحو: {إِلَهَيْنِ اثْنَيْن}1 والملتزم، نحو: "الشعرى العبور"، والجاري على مُشَارٍ به، نحو: "هذا العالم" فلا يجوز القطع في هذا.
518-

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرًا                       مبتدأً، أو ناصبًا، لن يظهرا

"وارفع أو انصب إن قطعت" النعت عن التبعية "مضمرًا مبتدأ أو ناصبًا لن يظهرا" أي لا يجوز إظهارهما.
وهذا إذا كان النعت لمجرد مدح أو ذم أو ترحم، نحو: "الحمد للهِ الحميدُ" بالرفع بإضمار "هو"، ونحو:
{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}2 بالنصب بإضمار "أذم"، أما إذا كان للتوضيح أو للتخصيص فإنه يجوز إظهارهما، فتقول: "مررت بزيدٍ التاجر"، بالأوجه الثلاثة، ولك أن تقول: هو التاجرُ، وأعني التاجرَ.
"حذف النعت أو المنعوت للعلم به":
519-

وما من المنعوت والنعت عقل                   يجوز حذفه، وفي النعت يقل

"وما من المنعوت والنعت عقل" أي: علم "يجوز حذفه"، ويكثر ذلك في المنعوت "وفي النعت يقل" فالأول شرطه إما كون النعت صالحًا لمباشرة العامل، نحو: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}3 أي: دروعًا سابغات، أو كون المنعوت بعض اسم مخفوض بـ"من" أو "في"، كقولهم: "منا ظعن ومنا أقام"، أي: منا فريق ظعن ومنا فريق أقام، وكقوله "من الرجز":
790-

لو قلت ما في قومها لم تيثم                    يفضلها في حسب وميسم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النحل: 51.
2 المسد: 4.
3 سبأ: 11.
790- التخريج: الرجز لحكيم بن معية في خزانة الأدب 5/ 62، 63؛ وله أو لحميد الأرقط في الدرر 6/ 19؛ ولأبي الأسود الحماني في شرح المفصل 3/ 59، 61؛ والمقاصد النحوية 4/ 71؛ ولأبي =

 

ج / 2 ص -329-        أصله: لو قلت ما في قومها أحد يفضلها لم تأثم، فحذف الموصوف وهو "أحد"، وكسر حرف المضارعة من "تأثم"، وأبدل الهمزة ياء، وقدم جواب "لو" فاصلًا بين الخبر المقدم -وهو الجار والجرور- والمبتدأ المؤخر، وهو "أحد" المحذوف.
فإن لم يصلح، ولم يكن المنعوت بعض ما قبله من مجرور بـ"من" أو "في"؛ امتنع ذلك: أي إقامة الجملة وشبهها مقامه، إلا في الضرورة كقوله "من الطويل":
791-

"لكم مسجدا الله المزوران والحصى"               لكم قبصه من بين أثرى وأقترا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الأسود الجمالي "وهذا تصحيف" في شرح التصريح 2/ 118؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 370؛ وشرح عمدة الحافظ ص547؛ والكتاب 2/ 345؛ وهمع الهوامع 2/ 120.
شرح المفردات: لم تيثم: أي لم تقع في الإثم أي الخطأ والكذب. يفضلها: يزيدها بالفضل. الحسب: الشرف. الميسم: الجمال.
المعنى: يقول: لو قلت إنها تفوق بنات قومها في الحسن والجمال لم تخطئ، فهي في الحقيقة تفوقهن حسبًا وجمالًا.
الإعراب: "لو": حرف شرط غير جازم. "قلت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "ما": حرف نفي. "في قومها": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "ما في قومها أحد..."، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. "لم": حرف جزم "تيثم": فعل مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالكسر للضرورة الشعرية. "يفضلها": فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"ها" ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هو". "في حسب": جار ومجرور متعلقان بـ"يفضلها". "وميسم": الواو حرف عطف. "ميسم": معطوف على "حسب" مجرور بالكسرة.
وجملة: "لو قلت..." الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ما من قومها" في محل نصب مقول القول. وجملة: "يفضلها" في محل رفع نعت المبتدأ المحذوف. وجملة "لم تيثم" جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "ما في قومها يفضلها" حيث حذف المنعوت، وأبقى النعت وهو جملة "يفضلها"، وأصل الكلام: "لو قلت ما في قومها أحد يفضلها".
791- التخريج: البيت للكميت بن زيد في لسان العرب 3/ 205 "سجد"، 7/ 68 "قبض" 14/ 111 "ثرا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 84؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص397؛ وشرح عمدة الحافظ ص548؛ ولسان العرب 5/ 71 "قتر".
اللغة: مسجدا الله: أراد بهما مسجد مكة ومسجد المدينة، زادهما الله تعالى شرفًا. الحصى: أراد به العدد العديد من البشر. القبص: أصله مجتمع النمل الكبير الكثير، ثم أطلق على العدد الكثير من الناس. أثرى: اغتنى، أقتر: صار فقيرًا.
المعنى: ترعون هذين المسجدين مسجد مكة والمسجد النبوي، وهؤلاء الناس الذين يأتون من كل فج عميق، على اختلاف طبقاتهم "من بين من أثرى ومن أقتر" فقيرهم وغنيهم هو جنودكم ورعيتكم. =

 

ج / 2 ص -330-        وقوله "من الرجز":
792-

"مالك عندي غير سهم وحجر                        وغير كبداء شديدة الوتر"

ترمي بكفي كان من أرمى البشر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإعراب: "لكم": جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف "مسجدا": مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة "الله" لفظ جلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. "المزوران": صفة "مسجدا" مرفوعة بالألف لأنها مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. "والحصى": "الواو" عاطفة، "الحصى": مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة. "لكم": جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم. "قبصه": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "من بين": جار ومجرور متعلقان بالخبر المقدم. "أثرى": فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو" "وأقترا": "الواو": عاطفة، "أقترا": معطوف على أثرى، وله إعرابه نفسه، والألف للإطلاق.
وجملة "لكم مسجدا الله": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "الحصى لكم قبصه": معطوفة على سابقتها لا محل لها من الإعراب. وجملة "لكم قبصه": في محل رفع خبر الحصى. وجملة "أثرى": صلة الموصول لا محل لها. وجملة "أقتر": صلة الموصول لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "من بين أثرى وأقترا" فإن هذا الكلام على تقدير من بين من أثرى ومن أقتر، فحذف الموصولين وأبقى صلتيهما، ولا يكون الكلام على تقدير موصول واحد؛ لأنه يلزم عليه أن يكون الذي أثرى هو نفس الذي أقتر، أي افتقر، وهو لا يريد ذلك، وإنما يريد من بين جميع الناس مثريهم وفقيرهم.
792- التخريج: الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 65؛ والخصائص 2/ 367؛ والدرر 6/ 22؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني 1/ 461؛ وشرح عمدة الحافظ ص550؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ ولسان العرب 13/ 370 "كون"، 421 "منن"؛ ومجالس ثعلب 2/ 513؛ والمحتسب 2/ 227؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقاصد النحوية 4/ 66؛ والمقتضب 2/ 139؛ والمقرب 1/ 227؛ وهمع الهوامع 2/ 120.
اللغة: الكبداء: القوس الواسعة المقبض. الوتر: مجرى السهم من القوس. أرمى: فعل تفضيل من رمى يرمي، أي الأشد رماية وإصابة.
المعنى: يهدد أحدهم بقوله: ليس لك عندي خير، بل سهم مصيب، وحجر قاتل، وقوس شديدة، تعطي أفضل ما لديها عندما يستخدمها من كان أفضل الرماة.
الإعراب: "ما": نافية لا عمل لها. "لك" جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "عندي": "عند" مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قيل ياء المتكلم، متعلق بمحذوف خبر مقدم، و"الباء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "غير": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. "سهم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "وحجر": "الواو": حرف عطف، "حجر": اسم معطوف على مجرور، مجرور مثله بالكسرة، وسكن لضرورة الشعر. "وغير": "الواو": حرف عطف، "غير": اسم معطوف على مرفوع، مرفوع =

 

ج / 2 ص -331-        وقوله "من الوافر":
793-

كأنك من جمال بني أفيش                          يقعقع بين رجليه بشن

والثاني: كقوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}1، أي: كل سفينة صالحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مثله بالضمة. "كبداء" مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. "شديدة" صفة "كبداء" مجرورة بالكسرة. "الوتر": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وسكن لضرورة الشعر. "ترمي": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هي" "يكفي": جار ومجرور بالياء لأنه مثنى. متعلقان بـ"ترمي". "كان": فعل ماض ناقص. "من أرمى": جار ومجرور بالكسرة المقدرة على الألف، متعلقان بخبر "كان" المحذوف. "البشر": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وسكن لضرورة الشعر.
وجملة "ما لك عندي": ابتدائية لا محل لها. وجملة "ترمي": في محل جر صفة لـ"كبداء" وجملة "كان": في محل جر صفة للمضاف إليه المحذوف "بكفي رجل كان".
والشاهد فيه قوله: "بكفي كان" حيث حذف الموصوف "رجل" وأبقى صفته، وهي جملة: "كان من أرمى البشر"، والتقدير: "بكفي رجل كان من أرمى البشر".
793-  التخريج: البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص126؛ وخزانة الأدب 5/ 67؛ 69؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 58؛ وشرح المفصل 3/ 59؛ والكتاب 21/ 345؛ ولسان العرب 6/ 373 "وقش"، 8/ 286، 287 "قعع"، 13/ 241 "شنن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 67؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 248؛ وشرح المفصل 1/ 61؛ ولسان العرب 4/ 231 "خدر"، 6/ 264 "أفش"، 14/ 272 "دنا"؛ والمقتضب 2/ 138.
اللغة: قعقع: صات. الشن: القربة اليابسة.
المعنى: يقول: إنك جبان وضعيف تنفر كما تنفر جمال بني أفيش إذا ما سمعت صوت الشن وقعقعته.
الإعراب: كأنك: حرف مشبه بالفعل، و"الكاف": ضمير متصل في محل نصب اسم "كأن"، وخبرها محذوف. من: حرف جر. جمال: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت خبر "كأن"، وهو مضاف. بني: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. أقيش: مضاف إليه مجرور. يقعقع: فعل مضارع للمجهول. بين: ظرف مكان متعلق بـ"يقعقع"، وهو مضاف. رجليه: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. بشن: جار ومجرور متعلقان بـ"يقعقع".
وجملة "كأنك...": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يقعقع": في محل رفع نعت خبر كأن المحذوف.
الشاهد فيه قوله: "كأنك من جمال بني أفيش" حيث حذف المنعوت "جمل" وأبقى النعت، والتقدير: "كأنك جمل من جمال بني أقيش"، وهذا للضرورة.
1 الكهف: 79.

 

ج / 2 ص -332-        وقوله "من المتقارب":
794-

"وقد كنت في الحرب ذا تُدرإ"                         فلم أُعط شيئًا ولم أُمنع

أي: شيئًا طائلًا.
وقوله "من الوافر":
795-

ورب أسيلة الخدين بكر                            مهفهفة لها فرع وجيد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
794- التخريج: البيت للعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والدرر 6/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني 2/ 925؛ وشرح عمدة الحافظ ص551؛ والشعر والشعراء 2/ 752؛ ولسان العرب 1/ 72 "درأ"؛ والمقاصد النحوية 4/ 69؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 627؛ وهمع الهوامع 2/ 120.
شرح المفردات: ذو تدرإ: أي ذو قوة ومنعة.
المعنى: يقول: لقد كنت في الحرب ذا منعة وقوة، ولي فضل كبير في الغنائم فكيف لم أعط شيئًا جزيلًا ولم أمنع؟
الإعراب: "وقد": الواو بحسب ما قبلها، و"قد": حرف تحقيق. "كنت": فعل ماض ناقص، والتاء ضمير في محل رفع اسم "كان". "في الحرب": جار ومجرور متعلقان بـ"كان". "ذا": خبر "كان" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "تدرإ": مضاف إليه مجرور. "فلم": الفاء حرف عطف، "لم": حرف جزم. "أعط": فعل مضارع للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره: "أنا". "شيئًا": مفعول به ثان. "ولم": الواو حرف عطف، "لم": حرف جزم. "أمنع" فعل مضارع للمجهول مجزوم، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره "أنا".
وجملة: "قد كنت..." بحسب ما قبلها. وجملة: "لم أعط" استئنافية لا محل لها من الإعراب وجملة: "لم أمنع" معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد فيه قوله: "فلم أعط شيئًا" حيث يريد: "فلم أعط شيئًا طائلًا" فحذف النعت "طائلًا" مثلًا، وأثبت المنعوت "شيئًا" وهذا جائز إذا علم.
795- التخريج: البيت للمرقش الأكبر في شرح التصريح 2/ 119؛ وشرح اختيارات المفضل ص998؛ وشرح عمدة الحافظ ص552؛ والمقاصد النحوية 4/ 72.
شرح المفردات: خد أسيل: لين أملس. البكر: العذراء. المهفهفة: الضامرة البطن. الفرع: الشعر. الجيد: العنق.
المعنى: يقول: رب فتاة عذراء ناعمة الخدين أحببتها، ضامرة البطن، مكتنزة اللحم، يزيتها شعر أسود، وعنق طويل.
الإعراب: "ورب": الواو بحسب ما قبلها، "رب": حرف جر شبيه بالزائد. "أسيلة": اسم مجرور لفظ مرفوع محلًّا على أنه مبتدأ، وهو مضاف. "الخدين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. "بكر": نعت "أسيلة" مجرور. "مهفهفة": نعت ثان لـ"أسيلة". "لها": جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف للمبتدأ. "فرع": مبتدأ مؤخر مرفوع. "وجيد": الواو حرف عطف، "جيد": معطوف على "فرع" مرفوع.
الشاهد فيه قوله: "لها فرع وجيد" حيث حذف الصفة، والتقدير: "لها فرع فاحم وجيد طويل" وهذا جائز إذا علم.

 

ج / 2 ص -333-        أي: فرع فاحم وجيد طويل.
تنبيهات: الأول: قد يلي النعت "لا" أو "إما" فيجب تكررها مقرونين بالواو، نحو: "مررت برجل لا كريمٍ ولا شجاعٍ"، ونحو: "ائتني برجلٍ إما كريمٍ وإما شجاعٍ".
الثاني: يجوز عطف بعض النعوت المختلفة المعاني على بعض، نحو: "مررت بزيد العالم والشجاع والكريم".
الثالث: إذا صلح النعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلًا منه المنعوت. نحو:
{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ}1
الرابع: إذا نعت بمفرد وظرف وجملة قدم المفرد، وأخرت الجملة، غالبًا، نحو:
{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}2، وقد تقدم الجملة، نحو: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية4.
خاتمة: من الأسماء ما ينعت وينعت به كاسم الإشارة، نحو: "مررت بزيد هذا" وبهذا العالم"، ونعته مصحوب "أل" خاصة؛ فإن كان جامدًا محضًا -نحو: "بهذا الرجل"- فهو عطف بيان على الأصح، ومنها ما لا ينعت ولا ينعت به، كالمضمر مطلقًا، خلافًا للكسائي في نعت ذي الغيبة تمسكًا بما سمع، من نحو: "صلى الله عليه الرءوف الرحيم"، وغيره يجعله بدلًا، ومنها ما ينعت ولا ينعت به، كالعلم، ومنها ما ينعت به ولا ينعت، كـ"أي"، نحو: "مررت بفارسٍ أيِّ فارسٍ"، و لا يقال: جاءني أيُّ فارس، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إبراهيم: 1، 2.
2 غافر: 28.
3 الأنعام: 92.
4 المائدة: 54.