شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو

باب الإغراء:
بالمد، "وهو" في الأصل مصدر "أغريت"، والمراد به هنا "تنبيه المخاطب على أمر محمود ليفعله".
"وحكم الاسم" المنصوب "فيه حكم" الاسم في "التحذير الذي لم يذكر فيه "إيا" فلا يلزم حذف عامله إلا في عطف أو تكرار"، لما تقدم، "كقولك" في العطف: "المروءة والنجدة"، بنصبهما، "بتقدير "الزم"، وقوله"، وهو مسكين الدارمي في التكرار: [من الطويل]
747-
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح
بنصب "أخاك" بتقدير "الزم" وجوبًا، و"أخاك" الثاني: توكيد، والهيجا، بالقصر هنا، والأكثر فيها1 المد: الحرب.
__________
747- البيت لمسكين الدارمي في ديوانه ص29؛ والأغاني 20/ 171، 173، وخزانة الأدب 3/ 65، 67، والدرر 1/ 369، وشرح أبيات سيبويه 1/ 127، والمقاصد النحوية 4/ 305، ولمسكين أو لابن هرمة في فصل المقال ص269، ولقيس بن عاصم في حماسة البحتري ص245، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدرامي في الحماسة البصرية 2/ 60، وبلا نسبة في الاقتضاب ص100، والإنصاف 2/ 465, وأوضح المسالك 4/ 79، وتلخيص الشواهد ص62، والخصائص 2/ 480، والدرر 2/ 390، وشرح وابن الناظم ص434، وشرح شذور الذهب ص222، وشرح قطر الندى ص134، والكتاب 1/ 256، وعيون الأخبار 2/ 304، 3/ 2، والعقد الفريد 2/ 304، وهمع الهوامع 1/ 170، 2/ 125.
1 في "ب": "فيه".

(2/279)


ولا يعطف في التحذير والإغراء إلا بالواو خاصة، لأن المراد فيهما الجمع والاقتران في الزمان، فإن فقد العطف والتكرار جاز إظهار العامل نحو: الزم أخاك.
"ويقال: الصلاة جامعة"، بنصبهما، "فتنصب "الصلاة" بتقدير: احضروا و"جامعة" على الحال" من "الصلاة"، وناصبها "احضروا" المحذوف، "ولو صرح بالعامل" في "الصلاة" "لجاز"؛ لعدم1 العطف والتكرار. ويقال برفعهما على الابتداء والخبر، ويرفع الأول على الابتداء، ,حذف الخبر، ونصب "جامعة" على الحال، ونصب الأول على الإغراء، ورفع الثاني على الخبرية لمبتدأ محذوف. وإلى حكم الإغراء أشار الناظم بقوله:
636-
وكمحذر بلا إيا اجعلا ... مغرى به في كل ما قد فصلا
__________
1 سقطت من "ب".

(2/280)


باب أسماء الأفعال
مدخل
...
باب أسماء الأفعال:
وهل هي أسماء لألفاظ الأفعال1 أو لمعانيها من الأحداث والأزمنة. أو أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال، أو هي أفعال؟ أقوال: قال بالأول جمهور البصريين، وبالثاني صاحب البسيط، ونسبه إلى ظاهر قول سيبويه والجماعة، وبالثالث جماعة من البصريين، وبالرابع الكوفيون2، وعلى القول: إنها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا مواضع لها من الإعراب عند الأخفش وطائفة. واختاره ابن مالك3.
وعلى القول: إنها أسماء لمعاني الأفعال، موضعها رفع بالابتداء، وأغنى مرفوعها عن الخبر، وهو مذهب بعض النحويين.
وعلى القول: إنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال، موضعها نصب بأفعالها النائبة عنها لوقوعها موقع ما هو في موضع نصب، وهو قول المازني وطائفة، والصحيح أن كلا منها اسم لفعل، وأنه لا موضع لها من الإعراب.
"واسم الفعل ما ناب عن الفعل معنى واستعمالا كـ: شتان" فإنه اسم ناب عن فعل ماض وهو "افترق"، "و: صه" فإنه اسم ناب عن فعل أمر وهو "اسكت"، "و: أوه" فإنه اسم ناب عن فعل مضارع4 هو "أتوجع". [والمراد بالمعنى كونه يفيد ما يفيده الفعل الذي هو نائب عنه من الحدث والزمان] 5، "والمراد بالاستعمال كونه" أبدًا
__________
1 في "ط": "للألفاظ النائبة عن الأفعال"، قال ابن الناظم في شرحه ص435: "أسماء الأفعال: ألفاظ نابت عن الأفعال معنى واستعمالا".
2 انظر آراء البصريين والكوفيين في الإنصاف 1/ 228، المسألة رقم 27.
3 التسهيل ص210.
4 في "ب": "ماض"، وهو وجه ذكره ابن هشام في شرح شذور الذهب ص405، بمعنى توجعت.
5 سقط ما بين المعكوفين من "ب".

(2/281)


"عاملا غير معمول" لعامل يقتضي الفاعلية والمفعولية. "فخرجت" الحروف نحو "إن" وأخواتها، فإنها وإن نابت عن الفعل في المعنى والاستعمال لكنها قد تهمل إذا اتصلت بها "ما" الكافة، فليست أبدًا عاملة، وخرجت "المصادر والصفات" النائبة عن أفعالها "في نحو: ضربًا زيدًا"، فإنه نائب عن "اضرب"، "و: أقائم الزيدان" فإنه نائب عن "يقوم"، "فإن العوامل"1 اللفظية والمعنوية "تدخل عليها" فتعمل فيها، ألا ترى أن "ضربًا" منصوب بما ناب عنه، وهو "اضرب"، و"أقائم" مرفوع بالابتداء.
"و" اسم الفعل "وروده بمعنى الأمر كثير كـ: صه ومه وآمين" فـ"صه" "بمعنى "اسكت"، و" "مه" بمعنى "انكفف" لا بمعنى "اكفف" لأن اكفف يتعدى و"مه" لا يتعدى. قاله في شرح الشذور2 تبعًا لغيره3.
ورد بأن ذلك غير مطرد, فإن "آمين" لا يتعدى و"استجب" يتعدى. "و" آمين، بالمد وبالقصر وبالإمالة لا بتشديد اللام بمعنى "استجب، ونزال" بالنون والزاي والبناء على الكسر بمعنى "انزل" "وبابه"، وهو منقاس من كل فعل ثلاثي تام متصرف، ولا ينقاس في غيره، وشذ "دراك" من أدرك، و"بدار" من بادر، قال: [من الرجز]
748-
بدارها من إبل بدارها
وأجاز ابن طلحة بناءه من "أفعل" قياسًا على "دراك" وعلى بنائهم فعلي التعجب من "أفعل" وشذ قرقار بمعنى قرقر، أي: صوت، من قرقر بطنه، وأجاز الأخفش أن يقال: دحراج وقرطاس، قياسًا على قرقار4. ولا يجوز من هب ودع: وهاب وداع، للجمود، ولا كوان قائمًا للنقص، ويجوز من التامة.
ولم يقس المبرد شيئًا من الباب لأنه ابتداع لما لم يمسع من الأسماء5. ورد
__________
1 في شرح "ب": "العامل".
2 شرح شذور الذهب ص116.
3 منهم ابن مالك في التسهيل ص211، وفي شرح ابن الناظم ص435، وشرح ابن عقيل 2/ 302: "مه: بمعنى اكفف".
748- لم أقع عليه في المصادر المتاحة، ولعل الأزهري حرف روايته من "تراكها من إبل تراكها" انظر هذه الرواية في الإنصاف ص537، وشرح المفصل 4/ 50، والكتاب 1/ 241، 3/ 271، والمقتضب 3/ 369.
4 انظر الارتشاف 3/ 198، وشرح ابن الناظم ص435.
5 الكامل ص587-592.

(2/282)


بأنه باب واحد كثر استعماله على منهاج واحد، فكان حقيقًا بالاتساع وإن فقد السماع. وبناؤه على الحركة لالتقاء الساكنين، وكانت كسرة على الأصل، وبنو أسد تفتحه إتباعًا وتخفيفًا. "و" وروده "بمعنى الماضي المضارع" المبدوء بالهمزة "قليل كـ: شتان، وهيهات".
فـ شتان: بفتح النون، وفي فصيح ثعلب1 أن الفراء كان يكسرها "بمعنى افترق"، كذا أطلق الجمهور وقيده الزمخشري2 بكون الافتراق في المعاني والأحوال، قال ابن عمرون: كالعلم والجهل والصحة والسقم، قال: ولا تستعمل في غير ذلك، لا تقول: شتان الخصمان عن مجلس الحكم، ولا: شتان المتبايعان عن مجلس العقد، بمعنى افترقا عنه. انتهى.
وهيهات3: حكى الصغاني فيها ستا وثلاثين لغة: هيهات، وأيهات، وهيهان، وأيهان، وهيهاه، وأيهاه، كل واحدة4 من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته، وكل واحدة منها منونة وغير منونة، فتلك ست وثلاثون.
وحكى غيره، هيهاك، وأيهاك، بكاف الخطاب. وأيهاء، وأيها، وهيهاء، فهذه إحدى وأربعون لغة، وكلهم بمعنى بعد.
"وأوه، وأف" فـ"أوه" "بمعنى أتوجع، و" أف"؛ وفيها أربعون لغة؛ ذكرتها في صدر الكتاب5 وكلها بمعنى "أتضجر".
"و: وا، و: وي، و: واها"، الثلاثة6 "بمعنى: أعجب" بفتح الهمزة، "كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} " [القصص: 82] فـ"وي": اسم فعل مضارع بمعنى "أعجب" والكاف: حرف تعليل وأن: مصدرية مؤكدة, أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين". هذا قول الخليل وسيبويه7. وقال أبو الحسن8 "وي" "بمعنى"9 "أعجب"، والكاف: حرف خطاب، وقيل: الكاف للتشبيه بمعنى الظن، فهما كلمتان.
__________
1 في فصيح ثعلب 313: "والفراء يخفض نون شتان". وانظر شرح الفصيح للزمخشري ص624.
2 في المفصل ص161: "المعنى في شتان: تباين الشيئين في بعض المعاني والأحوال".
3 سقطت من "ب".
4 في "ب": "واحد".
5 انظر ما تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ص38، 39.
6 بعده في "ط": "كلها".
7 الكتاب 2/ 154.
8 الارتشاف 3/ 200.
9 في حاشية يس 1/ 197: "الصواب أن يقال: كان للتشبيه".

(2/283)


وقال الكسائي: "وي"1 محذوف من "ويلك"، قال عنترة: [من الكامل] .
749-
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قول الفوارس ويك عنتر أقدم
فهما كلمة واحدة. "وقول الشاعر": [من الرجز] .
570-
وا بأبي أنت وفوك الأشنب ... كأنما ذر عليه الزرنب
أو زنجبيل وهو عندي أطيب
[فـ"وا" اسم بمعنى أعجب، و"بأبي": جار ومجرور، خبر مقدم، و"أنت" بكسر التاء: مبتدأ مؤخر، و"فوك"، بكسر الكاف: مبتدأ] 2 و"الأشنب": من الشنب، بفتح الشين المعجمة والنون: حدة في الأسنان. ويقال: برد وعذوبة. كذا قاله الجوهري3.
و"كأنما ذر" بالبناء للمجهول4: خبر "فوك"5 وهو من ذررت الحب، بالذال المعجمة.
و"الزرنب" كـ: جعفر: ضرب من النبات الرائحة كرائحة الأترج، وورقه كورق الطرفاء، وقيل: كورق الخلاف6.
__________
1 في "أ": "هو"، والتصويب من "ط"، وسقطت من "ب".
749- البيت لعنترة في ديوانه ص219، والاقتضاب ص562، وأساس البلاغة "قدم"، والجنى الداني ص353، وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421، وشرح الأشموني 2/ 486، وشرح شواهد المغني ص481، 787، وشرح المرادي 4/ 80، وشرح المفصل 4/ 77، والصاحبي في فقه اللغة ص177، ولسان العرب 15/ 517 "ويا", والمحتسب 1/ 16، 2/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 318، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 369.
750- الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 2/ 341، وشرح شواهد المغني 2/ 786، والمقاصد النحوية 4/ 310، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 200، وأوضح المسالك 4/ 83، وتاج العروس "زرنب"، "وا" وتهذيب اللغة 13/ 386، وجمهرة اللغة ص345، 1218، والجنى الداني ص498 وجواهر الأدب ص287، وشرح الأشموني 2/ 486، وشرح قطر الندى ص257، ولسان العرب 1/ 448 "زرنب" ومجمل اللغة 3/ 396، ومغني اللبيب 2/ 369، ومقاييس اللغة 3/ 217، وهمع الهوامع 2/ 106.
2 سقط ما بين المعكوفين من "ب".
3 الصحاح "شنب".
4 في "ب": "للمفعول".
5 خبر فوك: هو قوله: "كأنما ذر عليه الزرنب"، وليس فقط: "كأنما ذر". انظر حاشية يس 2/ 197.
6 الخلاف: الصفصاف، وهو شجر عظام وأصنافه كثيرة. لسان العرب 9/ 97، "خلف".

(2/284)


"وقول الآخر"، وهو أبو النجم على ما قاله الجوهري1: [من الرجز]
751-
واها لسلمى واهًا واها ... هي المنى لو أننا نلناها
فـ"واها": اسم فعل بمعنى أعجب، قال الجوهري: إذا تعجبت من طيب شيء قلت: واهًا له، أي: ما أطيبه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
627-
ما نب عن فعل....... ... ..........................
البيتين2.
__________
1 الصحاح "ووه".
751- الرجز لأبي النجم في ديوانه ص227، ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، وتاج العروس 10/ 401 "جرر"، وله أو لرؤبة في الدرر 1/ 32، ولرؤبة في ديوانه ص168.
2 تمام البيتين:
ما ناب عن فعل كشتان وصه ... هو اسم فعل وكذا أوه ومه
وما بمعنى افعل كآمين كثر ... وغيره كوي وهيهات نزر

(2/285)


فصل:
"اسم الفعل ضربان:
أحدهما" مرتجل، وهو "ما وضع من أول الأمر كذلك": أي اسما للفعل "كـ: شتان، و: صه, و: وي"؛ فإنها موضوعة من أول أسماء لتلك الأفعال.
"والثاني": منقول، وهو "ما" وضع من أول الأمر لغير اسم الفعل ثم "نقل من غيره إليه، وهو"؛ أي المنقول بالنسبة إلى المنقول عنه؛ "نوعان":
أحدهما: "منقول من ظرف" للمكان، "أو جار ومجرور"، فالمنقول من الجار والمجرور "نحو: عليك" زيدًا، فإنه نقل عن موضوعه الأصلي، واستعمل اسم فعل "بمعنى الزم" زيدًا، "ومنه: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} " [المائدة/ 105] فـ"عليكم": اسم فعل، وفاعله مستتر فيه وجوبًا، و"أنفسكم": مفعول به على حذف مضاف، "أي: الزموا شأن أنفسكم. و" المنقول من ظرف المكان نحو: "دونك زيدًا، بمعنى: خذه، و: مكانك، بمعنى: اثبت1، و: أمامك، بمعنى: تقدم، و: وراءك، بمعنى: تأخر. و" من المنقول من الجار والمجرور: "إليك، بمعنى: تنح"، وكان المناسب أن يذكره مع "عليك" ولكنه ذكر المتعدي من الظرف والجار والمجرور على حدة، والقاصر منهما على حدة، وذكر أربعة ظروف، واحد متعد وهو "دونك" وثلاثة قاصرة وهي "مكانك" و"أمامك" و"وراءك" وهي منقسمة بالنسبة لما أنت فيه، ولما تقدمك، ولما تأخر عنك. وذكر جارين ومجرورين، أحدهما متعد وهو "عليك" والثاني قاصر وهو "إليك". وزعم الكوفيون أن "إليك" تأتي بمعنى "أمسك" فتتعدى بنفسها. قيل: وقد تتعدى "عليك" بالباء كقول الأخطل: [من الكامل]
752-
فعليك بالحجاج لا تعدل به ... أحدًا إذا نزلت عليك أمور
وفيه بحث لاحتمال أن تكون الباء زائدة.
__________
1 في "أ": "انثبت".
752- البيت للأخطل في ديوانه ص195، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص449.

(2/286)


وشذ مجيء "علي" اسم فعل مضارع بمعنى "الزم" و"عليه" اسم فعل لـ"يلزم"، والباب كله سماعي عند البصريين، والكسائي يقيس بقية الظروف على ما سمع بشرط الخطاب، نحو: عليك. واختلف في الكاف المتصلة بـ"عليك"1 وأخواته، فقال ابن بابشاذ: حرف خطاب وقال الجمهور: ضمير المخاطب، ثم اختلفوا في موضعها من الإعراب، فقال الكسائي: نصب على المفعولية، وقال الفراء: رفع على المفعولية، وقال البصريون: جر، فقيل: على ما كان قبل إقامته مقام الفعل بناء على أنها أسماء للأفعال, وقيل: الجر بالإضافة بناء على أنها أسماء للمصادر، واختاره الموضح في "الحواشي" فقال إن "علي" مثلا اسم للزوم، تقول: "عليك" بمعنى "إلزامك" فللكاف موضع خفض ورفع. ا. هـ.
واستفدنا من ذلك2 أن اسم الفعل إنما هو الجار فقط والمجرور خارج عنه، وذلك خلال ما صرح به هنا.
"و" النوع الثاني: "منقول من مصدر، وهو نوعان: مصدر استعمل فعله ومصدر أهمل فعله، فا" لنوع "الأول نحو: رويد زيدًا، فإنهم قالوا: أروده إروادا بمعنى أمهله إمهالا، ثم صغروا الإرواد" الذي هو مصدر "أرود" "تصغير الترخيم"، فحذفوا الهمزة والألف الزائدتين، وأوقعوا التصغير على أصوله فقالوا: رويدًا، وسمي تصغير ترخيم لما فيه من حذف الزوائد، والترخيم حذف، "وأقاموه مقام فعله" الدال على الأمر.
"واستعملوه تارة مضافًا إلى مفعوله فقالوا: رويد زيد، وتارة منونًا ناصبًا للمفعول" به "فقالوا: رويدًا زيدًا"، فـ"رويدا" فيهما بمعنى "أرود" وفاعله مستتر فيه وجوبًا، لأنه نائب عن فعل أمر، و"زيدًا" مفعول به مجرور في الأول، منصوب في الثاني. وتارة منونًا غير ناصب للمفعول، فقالوا: رويدًا يا زيد.
وقد لا يقيمونه مقام فعله فيستعملونه منصوبًا حالا عند سيبويه3، نحو: ساروا رويدًا، أي: مرودين، أو حال كون السير رويدًا، أو نعتًا لمصدر مذكور أو مقدر، فالأول، نحو: ساروا سيرًا رويدًا، والثاني نحو: ساروا رويدًا.
__________
1 سقطت من "ب".
2 في "ط": "واستفيدوا منه"، وفي "ب": "واستفد منه".
3 الكتاب 1/ 244.

(2/287)


"ثم [إنهم] 1 نقلوه" من المصدرية "وسموا به فعله فقالوا: رويد زيدًا"2 بفتح الدال من "رويد" ونصبها من زيد.
"والدليل على أن" رويدًا "هذا" المفتوح "اسم فعل" لا مصدر "كونه مبنيًا"، ولو كان مصدرًا كان معربًا. "والدليل على بنائه كونه غير منون"، ولو كان معربًا كان منونًا، والدليل على أنه مصغر ضم أوله وفتح ثانيه واجتلاب ياء ثالثة، والدليل على أن تصغير إرواد تصغير ترخيم، كما قال البصريون، مجيئه متعديًا، ولو كان تصغير رود3 بمعنى المهل4 والرفق، مثل5 قولهم: يمشي على رود، أي على مهل، كما قال الفراء6، كان قاصرًا.
"و" النوع "الثاني": المهمل فعله، نحو "قولهم: بله زيدًا" أي: دعه، "فإنه في الأصل مصدر فعل مهمل"، وذلك الفعل المهمل "مرادف لـ: دع"، و"دع" لا مصدر له من لفظه وإنما له مصدر من معناه وهو الترك، "يقال: بله زيد، بالإضافة إلى المفعول كما يقال: ترك زيد" بالإضافة إلى المفعول، وأما ما جاء في الحديث: "من ودعهم الجمعة" 7 فنادر، "ثم قيل" بعد أن نقلوه وسموا به فعله: "بله زيدًا، بنصب المفعول8 وبناء: بله" على الفتح، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، لأنه نائب عن فعل أمر. و"بله" هذا اسم فعل، والدليل "على أنه اسم فعل" كونه مبنيًا، والدليل على بنائه كونه غير منون، وسكت الموضح عن هذا التعليل لأنه9 لا يتم به التقريب، فإن
__________
1 إضافة من "ب", "ط".
2 من كلام العرب الذي جاء فيه هذا الاستعمال قول مالك بن خالد الهذلي: [من الطويل]
رويد عليًّا جد ما ثدي أمهم ... إلينا ولكن بغضهم متماين
وهو في شرح أبيات سيبويه 1/ 100، وشرح أشعار الهذليين 1/ 447، والكتاب 1/ 243، وشرح الأشموني 2/ 488، وشرح المفصل 4/ 40.
3 في "ب": "ورد".
4 في "ب": "المهمل".
5 في "ب": "من".
6 الارتشاف 3/ 205.
7 الحديث برواية: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات" , وهو في مسند أحمد 1/ 239، والنهاية 5/ 165.
8 بعده في "ب": "به".
9 سقطت من "ب".

(2/288)


"بله" المرادفة1 لـ"كيف" تشاركها في البناء وعدم التنوين، يقال: بله زيد، برفع زيد على الابتداء، وبله: خبر مقدم، أي كيف زيد، وبذلك يتم لـ"بله" ثلاثة أوجه: مصدر واسم مرادف لكيف، وقد روي بالأوجه الثلاثة قول الشاعر يصف السيوف: [من الكامل]
753-
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق
وقد تأتي لغير ذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
629-
والفعل من أسمائه عليكا ... وهكذا دونك مع إليكا
630-
كذا رويد بله ناصبين ... ويعملان الخفض مصدرين
__________
1 في "ب": "المرداف".
753- تقدم تخريج البيت برقم 394.

(2/289)


فصل:
"يعمل اسم الفعل عمل مسماه" في التعدي واللزوم غالبًا، فإن كان مسماه لازمًا كان اسم فعله كذلك، فيقتصر على الفعل، "تقول: هيهات نجد، كما تقول بعدت نجد، قال" جرير: [من الطويل]
754-
فهيهات هيهات العقيق ومن به ... وهيهات خل بالعقيق نواصله
فالعقيق: فاعل هيهات الأول، وخل: فاعل هيهات الثالث، وهيهات الثاني لا فاعل له، لأنه لم يؤت به للإسناد بل لمجرد التقوية، والتوكيد للأول.
"و" إذا كان مسماه ما لا يكتفي بمرفوع واحد كان اسم فعله كذلك، "تقول شتان زيد وعمرو، كما تقول: افترق زيد وعمرو"، لأن الافتراق من المعاني النسبية التي لا تقوم إلا باثنين فصاعدًا. "و" إن كان مسماه متعديًا كان اسم فعله كذلك، تقول: "دراك زيدًا"، بنصب المفعول، "كما تقول: أدرك زيدًا"، بالنصب، وفي بعض النسخ: تراك زيدًا، بالتاء والراء والكاف، وهي أحسن، لأن دراك شاذ، لأنه من أدرك، وتراك مقيس لأنه من ترك، ومن غير الغالب، آمين وإيه، فإنهما لم يحفظ لهما مفعول ومسماهما متعد نحو: رب استجب دعائي وزدني علمًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
631-
وما لما تنوب عنه من عمل ... لها...............................
"وقد يكون اسم الفعل مشتركًا بين أفعال سميت به، فيستعمل على أوجه باعتبارها"، فيعمل عملها، فيصل إلى المفعول به بنفسه إذا كان بمعنى فعل متعد، وبحرف1 جر إن كان بمعنى فعل لازم، "قالوا: حيهل الثريد"، بالنصب، "بمعنى: ائت الثريد"، وهو خبز مغموس2 بمرق اللحم.
__________
754- تقدم تخريج البيت 139، 382.
1 في "ب": "وبجر".
2 في "ب", "ط": "مغمور".

(2/290)


"و" قالوا: "حيهل على الخير" بـ"على" "أي: أقبل على الخير"، وهو ضد الشر، "وقالوا: إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر"1 فعدوه بالباء، وحذفوا المضاف، "أي: أسرعوا بذكره"، والمراد به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، كما قال الحريري في المقامة التاسعة، وهو أثر يروى عن ابن مسعود -رضي الله عنه.
ولكن اسم الفعل يخالف مسماه، فإن الفعل يجوز تقديم معموله المنصوب عليه، "ولا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه" لقصور درجته عن الفعل لكونه فرعه في العمل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
631-
........................... ... وأخر ما لذي فيه العمل
"خلافًا للكسائي" في إجازته تقديم معموله عليه إلحاقًا للفرع بأصله2، "وأما" ما احتج به وهو قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] وقوله": أي الشخص، وهي جارية من بني مازن: [من الرجز]
755-
يا أيها المائح دلوي دونكا ... إني رأيت الناس يحمدونكا
"فمؤولان"، وتأويل الآية أن "كتاب الله" مصدر منصوب بفعل محذوف، وعليكم: متعلق به أو بالعامل المحذوف، والتقدير: كتب الله ذلك كتابًا عليكم، فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعليه على حد: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البقرة: 138] ودل على ذلك المحذوف قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] لأن التحريم يستلزم الكتابة. قاله الموضح في شرح القطر3. وتأويل البيت أن "دلوي": مبتدأ، ودونك: خبره، وفيه نظر، لأن المعنى ليس على الخبر المحض حتى يخبر عن الدلو بكونه دونه.
__________
1 الحديث في النهاية 1/ 472، وغريب الحديث لابن الجوزي 1/ 258.
2 انظر الارتشاف 3/ 215، وشرح الكافية الشافية 3/ 1394.
755- الرجز لجارية من بني مازن في الدرر 2/ 340، والمقاصد النحوية 4/ 311، وبلا نسبة في أسرار العربية ص165، والأشباه والنظائر 1/ 344، والإنصاف 1/ 228، وأوضح المسالك 4/ 88، وجمهرة اللغة ص574، وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 207، وذيل السمط ص11، وشرح الأشموني 2/ 491، وشرح التسهيل 2/ 137، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص532، وشرح شذور الذهب ص407، وشرح عمدة الحافظ ص739، وشرح الكافية الشافية 3/ 1349، وشرح المفصل 1/ 117، ولسان العرب 2/ 609 "ميح"، ومعجم ما استعجم ص416، ومغني اللبيب 2/ 609، والمقرب 1/ 137، ومقاييس اللغة 5/ 287، وعمدة الحافظ "دون"، وهمع الهوامع 2/ 105.
3 شرح قطر الندى ص258.

(2/291)


وجوز ابن مالك أن يكون "دلوي" منصوبًا بـ"دونك" مضمرة مدلولا عليها بـ"دونك" الملفوظة1، مستندًا لقول سيبويه في "زيدًا عليك"2 كأنك قلت: عليك زيدًا. وفيما قاله نظر، لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفًا، كما صرح به الموضح في متن القطر3. وأما ما استند إليه من كلام سيبويه فمحمول على تفسير المعنى لا على تفسير الإعراب؟
وجوز بعضهم أن يكون "دلوي" منصوبًا بفعل محذوف دل عليه السياق، أي: تناول دلوي، وسكت عن "دونك". والمائح: من ماح، بالحاء المهملة، [وهو] 4 الذي ينزل5 البئر فيملأ الدلو إذا قل ماؤها.
__________
1 شرح الكافية الشافية 3/ 1349-1395، وفيه أيضًا جواز ابن مالك أن يكون "دلوي": مبتدأ، و"دونك": خبره.
2 الكتاب 1/ 252-253.
3 شرح قطر الندى ص256.
4 إضافة من "ط".
5 في "ب": "يندل".

(2/292)


فصل:
"وما نون من هذه الأسماء" النائبة عن الأفعال تنوين تنكير "فهو نكرة وقد التزم ذلك" التنكير "في: واها وويها، كما التزم تنكير نحو: أحد وعريب" بفتح العين المهملة وكسر الراء. "وديار" بفتح الدال وتشديد الياء، كلاهما مرادف لـ"أحد"، وأطلق أحدًا وله استعمالات.
أحدها: مرادف الأول1، وهو المستعمل في العدد، نحو: أحد عشر.
الثاني: مرادف الواحد بمعنى المنفرد، نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] .
الثالث: مرادف إنسان، نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] .
الرابع: أن يكون اسما عامًّا في جميع من يعقل، نحو: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد} [الحاقة: 47] وهو المراد هنا، وهذا ملازم للتنكير غالبًا, ومن تعريفه قوله: [من البسيط]
756-
وليس يظلمني في حب غانية ... إلا كعمرو وما عمرو من الأحد
قاله الموضح في الحواشي.
"وما لم ينون منها فهو معرفة، وقد التزم ذلك" التعريف "في نزال" بالنون والزاي، "وتراك" بالتاء والراء "وبابهما"، وهو كل فعل ثلاثي تام متصرف، كما التزم التعريف في المضمرات والإشارات والموصولات المعينة، أما إذا أريد بها غير معين فإنها تستعمل استعمال النكرات فتوصف بالنكرة، نحو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] . قاله الموضح في باب الاستثناء.
وفي ضمير الغائب أقوال:
__________
1 في "ب": "مرادف للأول".
756- البيت برواية "يطلبني" مكان "يظلمني"، وهو بلا نسبة في تهذيب اللغة 5/ 197، وتاج العروس 9/ 274، "وحد"، ولسان العرب 3/ 451 "وحد".

(2/293)


ثالثها: إن رجع إلى واجب التنكير كـ: ربه رجلا، فنكرة، وإن رجع إلى جائز التعريف كـ: جاء فأكرمته، فهو معرفة كالراجع إلى معرفة، والصحيح أنه معرفة مطلقًا.
"وما استعمل بالوجهين"، بالتنوين وتركه، "فعلى معنيين": التعريف والتنكير:"وقد جاء على ذلك صه ومه وإيه، وألفاظ أخر" نحو: أف، فما نون منها فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة. "كما جاء التعريف والتنكير في نحو: كتاب ورجل وفرس"، فمع التنوين نكرات وبدونه مع "أل" أو الإضافة معارف. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
632-
واحكم بتنكير الذي ينون ... منها وتعريف سواه بين
وذهب بعضهم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف. ما نون منها وما لم ينون، وأنها أعلام أجناس معنوية كـ: سبحان.
قال في البسيط: وهو ظاهر قول ابن خروف، والجميع مبني على الصحيح. وقال الفارسي وابن جني: ما كان منها ظرفًا فحركته إعرابية. نقله الموضح في الحواشي وقال: ينبغي أن لا يقولا به فيما كان مصدرًا نحو: رويد وبله. ا. هـ.

(2/294)


باب أسماء الأصوات:
والدليل على اسميتها وجود التنوين في بعضها، وإذا ثبت النوع ثبت الجنس، ويستشكل صدق حد الكلمة عليها، لأنها ليست دالة على معنى مفرد، لأن المخاطب، بها من لا يعقل، فهي بمنزلة النعيق للغنم.
والجواب أن الدلالة كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه العالم بالوضع معناه، وهذا كذلك، إذ لم يقل: إن حقيقة الدلالة كون اللفظ1 يخاطب به من يعقل لإفهام معناه، حتى يرد ما ذكر، والنعيق لا أحرف له فلا لفظ فيه. قاله الموضح في حواشيه2 ومن خطه نقلت3.
"وهي نوعان:
أحدهما: ما خوطب به ما لا يعقل مما يشبه اسم الفعل" في الاكتفاء به، ولكن اسم الفعل مركب لتحمله الضمير4، واسم5 الصوت مفرد لعدم تحمله الضمير6، وهذا النوع قسمان: أحدهما أن يكون لدعاء ما لا يعقل، والثاني لزجره.
فالدعاء "كقولهم في دعاء الإبل لتشرب: جئ جئ" بكسر الجيم فيهما مكررين "مهموزين" كالأمر من "جاء" قاله السمين، وفي المحكم أنهما أمر للإبل بورود الماء. ا. هـ.
__________
1بعده في "ط": "بحيث".
2 في "ب": "الحواشي".
3 انظر همع الهوامع 2/ 107.
4 سقط من "ب"، "ط": "لتحمله الضمير".
5 في "ب": "والاسم".
6 سقط من "ب": "لعدم تحمله الضمير".

(2/295)


يقال: جأجأت الإبل، إذا دعوتها لتشرب فقلت: جئ جئ. نقله الجوهري عن الأموي1 وأقره. والاسم "الجيء" على مثل البيع3، والأصل: جأ، بهمزتين ساكنة فمتحركة، أبدلت الهمزة الأولى ياء. ويقال في الإبل إذا دعيت للعلف: هأ هأ، والاسم "الهيء". قال أبو عمرو: الهيء: الطعام، والجيء: الشراب، قال: [من الهزج]
757-
وما كان على الجيء ... ولا الهيء امتداحيكا
"و" كقولهم "في دعاء الضأن: حاحا، و" في دعاء "المعز: عاعا" بالحاء المهملة في الأول، وبالعين المهملة في الثاني، حال كونهما "غير مهموزين، والفعل منهما حاحيت وعاعيت". قال سيبويه3: وأبدلوا الألف من الياء لشبهها بها4، لأن قولك: حاحيت، إنما هو صوت بنيت منه فعلا، يعني على فعللت وليست فاعلت. قال: والذي يدلك على أنها ليست فاعلت قولهم في الاسم: الحيحاء والعيعاء، بالفتح فيهما. ا. هـ.
"والمصدر: حيحاء وعيعاء"، بكسر أولهما، وأصلهما: حيحاي وعيعاي، أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة. قال الراجز وقد نطق بالفعل والمصدر جميعًا: [من الرجز]
758-
يا عنز هذا شجر وماء ... عاعيت لو ينفعني العيعاء
"و" الزجر كقولهم "في زجر البغل: عدس" بفتح العين والدال المهملتين وبإهمال السين، "قال" يزيد بن مفرغ الحميري يهجو عباد بن زياد بن أبي سفيان: [من الطويل]
759-
عدس ما لعباد عليك إمارة ... أمنت وهذا تحملين طليق
فـ"عدس": [صوت] 5 يزجر به البغل، وقد يسمى البغل به، والتقدير على التسمية به: يا عدس، فحذف حرف النداء. "وإمارة" بكسر الهمز [ة] 6: أي أمر وحكم.
__________
1 في "ب": "الأبدي".
2 في "ب": "الجميع".
757- البيت لمعاذ الهراء في لسان العرب 1/ 42 "جأجأ"، 53 "جيأ"، 179، "هأهأ"، 189 "هيأ"، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 83، والصاحبي في فقه اللغة ص71.
3 الكتاب 4/ 314.
4 بعده في "ب": "في".
758- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 90، والمقاصد النحوية 4/ 313.
759- تقدم تخريج البيت برقم 111.
5 إضافة من "ط".
6 إضافة من "ب"، "ط".

(2/296)


"وقولنا: مما يشبه الفعل، احتراز من نحو قوله"، وهو النابغة الذبياني: [من البسيط]
760-
يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
فإن قوله: "يا دار مية"، خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به، ولذلك احتاج إلى قوله: "أقوت"، وخاطب الدار توجعًا منه لما رأى تغيرها. وذهب الكوفيون إلى أن قوله "يا دار مية" اسم موصول، و"بالعلياء": صلته. والعلياء: ما ارتفع من الأرض، والسند: عطف على العلياء، وسند الجبل: ارتفاعه، حيث يسند فيه، أي: يصعد، والفاء فيه بمعنى الواو، وأقوت، بالقاف، خلت. والسالف: الماضي، والأمد: الدهر. "وقوله"، وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل]
761-
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فـ"أيها الليل" خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به، ولهذا احتاج إلى قوله: انجلي.
النوع "الثاني: ما حكي به صوت" مسموع، والمحكي صوته قسمان: حيوان وغيره، فالأول "كـ: غاق". بالغين المعجمة والقاف. "لحكاية صوت الغراب"، و"شيب" لحكاية صوت مشافر الإبل عند الشرب. "و" الثاني نحو: "طاق"، بالطاء المهملة والقاف، حكاية "لصوت الضرب، و: طق"، بفتح الطاء المهملة، حكاية "لصوت وقع الحجارة" بعضها على بعض، "و: قب"، بفتح القاف وسكون الموحدة، حكاية "لصوت وقع السيف على الضريبة"، وهي الدرقة.
"والنوعان" من أسماء الأصوت "مبنيان لشبههما بالحروف المهملة" كلام الابتداء "في أنها لا عاملة ولا معمولة، كما أن أسماء الأفعال بنيت لشبهها بالحروف المهملة"
__________
760- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، والدرر 1/ 156، 2/ 584، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، والصاحبي في فقه اللغة ص215، والكتاب 2/ 321، والمحتسب 1/ 251، والمقاصد النحوية 4/ 315 ولسان العرب 3/ 355 "قصد"، وتهذيب اللغة 8/ 353، 12/ 266، 15/ 668، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92، ورصف المباني ص452، وشرح الأشموني 2/ 493، ولسان العرب 3/ 223، "سند"، 14/ 141 "جرا"، 15/ 491 "يا"، وهمع الهوامع 1/ 85، 243.
761- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص18، والأزهية 271، وخزانة الأدب 2/ 326، 327، وسر صناعة الإعراب 2/ 513، ولسان العرب 11/ 361 "شلل"، والمقاصد النحوية 4/ 317، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 93، وجواهر الأدب 78، ورصف المباني ص79، وشرح الأشموني 2/ 493.

(2/297)


كـ: "ليت" "في أنها عاملة غير معمولة؛ وقد مضى ذلك في أول" هذا "الكتاب"1، بخلاف أسماء الأصوات فإنه لم يتقدم لبنائها ذكر فيتعين حمل قول الناظم:
634-
..................................... ... والزم بنا النوعين فهو قد وجب
على نوعي أسماء الأصوات، وهما المذكوران في قوله:
633-
وما به خوطب ما لا يعقل ... من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل
634-
كذا الذي أجدى حكاية كقب ... ...................................
وربما أعرب بعض أسماء الأصوات لتركيبه فقط، أو لتركيبه مع نقله عن معناه وجعله اسما للمحكي صوته أو للمصوت له به، فيكون حينئذ مرادفًا لاسم متمكن.
فالأول كقوله: [من الطويل]
726-
........................................... ... كما رعت بالحوب الظماء الصواديا
يروى الحوب، بالوجهين: على الحكاية وعدمها، أي: كما رعت بهذا اللفظ الذي يصوت به. وهو "حوب" بفتح الحاء المهملة، والباء الموحدة، وهو زجر للإبل، وأما "جوت"، بضم الجيم وبالتاء المثناة فوق، المفتوحة، فهو لدعاء الإبل لا لزجرها.
والثاني كقوله: [من الرجز]
762-
إذ لمتي مثل جناح غاق
فهذا بمنزلة قوله: مثال جناح غراب.
والثالث كقوله: [من الكامل]
764-
ووقعت في عدس كأني لم أزل
قال الموضح في حواشيه: وهذان النوعان الأخيران ينبغي أن لا يجوز فيهما إلا الإعراب.
__________
1 انظر ما تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ص38 وما بعدها.
762- صدر البيت:
دعاهن ردفي فارعوين لصوته
وهو لعويف القوافي في خزانة الأدب 6/ 381، والمقاصد النحوية 4/ 309، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص317، وخزانة الأدب 6/ 388، وشرح ابن الناظم ص438، وشرح المفصل 4/ 75، 82، ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، وتاج العروس "4/ 282 "جوت".
763- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180، والدرر 2/ 344، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 281، والاقتضاب ص625، وتاج العروس "غيق"، وتخليص الشواهد ص152، وشرح الأشموني 2/ 494، ولسان العرب 6/ 133 "عدس"، والمخصص 8/ 151، وهمع الهوامع 2/ 107.
764- لم أقف على تمام البيت ولا على مصادره.

(2/298)