شرح الكافية الشافية

باب: الإعراب والبناء وما يتعلق بذلك
مدخل
...
باب: الإعراب والبناء وما يتعلق بذلك
"ص"
من الثلاث معرب ومنها ... صنف هو المبني فابحث عنها
فالمعرب اسم لا يضاهي الحرفا ... وفعل امتاز بـ كم كـ"يخفى"
ما لم يباشر نون توكيد، ولا ... نون إناث كـ"يسرن" الخوزلى
"ش" من الثلاث أي: من الكلمات الثلاث معرب، ومنها مبني.
فالمعرب اسم لا يضاهي الحرف، أي: لا يشابهه، وسيأتي بيان وجوه شبه الحرف "المانعة من الإعراب الموجبة للبناء.
"وقولي":
...................................... ... وفعل امتاز بـ"كم"..................

(1/174)


أي: أجد نوعي المعرب اسم سالم من شبه الحرف"1، وثانيهما الفعل الذي يصلح أن تدخل عليه "لم" وهو المضارع، لقولي في الباب الأول:
مضارعًا سم الذي يصحب لم2 ... .............................
"وقولي":
ما لم يباشر نون توكيد
أي: استحقاق المضارع للإعراب مشروط بألا يباشر نون توكيد، فإنه يبنى معها على الفتح.
ولا نون إناث، فإنه يبنى معها على السكون.
ولتأكيد الفعل بالنون باب يبين فيه إن شاء الله -تعالى- ما يحتاج إليه".
وفي ذكر المباشرة إشعار بأن المؤكد بالنون لا يبنى -مطلقًا- بل إذا باشر آخره نون التوكيد نحو: "هل يفعلن"3.
فإنلم يباشرها فهو معرب تقديرًا نحو: "هل يفعلان"4؛ لأن
__________
1 ع سقط ما بين القوسين.
2 هكذا في الأصل وفي باقي النسخ:
مضارعًا سم الذي لم أتبعا ... ..........................
3 ك، ع "هل تفعلن".
4 ك، ع "هل تفعلان".

(1/175)


سبب البناء هو تركيب الفعل مع النون، وتنزله منها منزلة الصدر من العجز في "بعلبك"1.
فإذا حال بينهما ألف الضمير، أو واوه، أو ياؤه لم يبق تركيب؛ لأن ثلاثة أشياء لا تجعل شيئًا واحدًا.
ولذلك اعتبروا التركيب في: "لقيته صحرة بحرة" لا في "لقيته صحرة بحرة نحرة"2.
وإذا ثبت أن "تفعلان" وأخويه3 بواق على الإعراب، فليعلم أن الأصل "تفعلانِّ":
"تفعلانِنَّ".
فاستثقل توالي الأمثال، فحذفت نون الرفع.
وكانت أولى بالحذف؛ لأنها جزء كلمة، والمؤكدة كلمة4 قائمة مقام تكرير الفعل، وحذف جزء أسهل من حذف ما ليس جزءًا.
ولأن المؤكدة تدل أبدًا على معنى، ونون الرفع لا تدل -في الغالب- على معنى، وبقاء ما يدل أبدًا أولى من بقاء ما يدل في بضع الأحوال.
وإنما بني المتصل بنون الإناث كـ"يسرن" حملًا على الماضي.
__________
1 بعلبك: بلد بالشام.
2 لقيته بلا حجاب "قاموس".
3 ك، ع "وأخواته".
4 ع سقط "والمؤكدة كلمة".

(1/176)


المتصل بها؛ لأنهما مستويان في أصالة السكون، وعروض حركة البناء في الماضي، وحركة الإعراب في المضارع.
وقد روجع الأصل بالنون في الماضي، فروجع الأصل بها في المضارع.
والخوزلى: مشية عجب وتبختر1:
"ص"
رفعًا ونصبًا أعرب النوعان ... والجر ما للاسم فيه ثان
والجزم للفعل وكل مجتلب ... بعامل يأتي به فهو السبب
فارفع بضم، وانصبن بفتح ... واجرر بكسر كـ"ابغ" نيل الربح
واجزم بتسكين ونائبًا يرد ... غير الذي ذكرته فلا تزد
"ش" النوعان هنا هُمَا2: الاسم السالم من شبه الحرف، والفعل المضارع، وهما في الرفع والنصب مشتركان.
والجر مخصوص بالاسم، فلاحظ للفعل فيه، لامتناع دخول عامله عليه.
__________
1 التبختر: المشية حسنة.
2 ك، ع سقط "هما".

(1/177)


والجزم مخصوص بالفعل فلاحظ للاسم فيه لامتناع دخول عامله عليه.
"وقولي":
.................... وَكُلٌّ مُجْتَلَبْ ... بعاملٍ يَأتِي بِهِ...................
أي: كل واحد من وجوه الإعراب الأربعة له عامل يجيء به، ويتغير بتغيره نحو: "جاء زيد" و"رأيت زيدًا" و"مررت بزيد".
فكل واحد من "جاء" و"رأيت" والباء: عامل جلب من الإعراب غير ما جلبه الآخر.
وكذا إعراب الفعل نحو "أقوم" و"لن أقوم" و"لم أقم".
فـ"أقوم" مرفوع لتجرده من ناصب وجازم.
و"أقوم" منصوب بـ"لَنْ".
و"أقم" مجزوم بـ"لَمْ".
ونبه على الأصل، والنائب في كل واحد من وجوه الإعراب.
فالضمة في الرفع أصل، وتنوب عنها، الواو والألف والنون.
والفتحة في النصب أصل، وتنوب عنها: الألف، والياء، والكسرة وحذف النون.

(1/178)


والكسرة في الجر أصل، وتنوب عنها الياء، والفتحة.
والسكون في الجزم أصل، وينوب عنه الحذف.
وسيأتي ذلك مفصَّلًا إن شاء الله -تعالى.
"ص"
وجر بالفتح الذي لا ينصرف ... ما لم تصدره بـ اَلْ ولم تضف
"ش" ما لا ينصرف: هو الاسم الذي لا ينون لكونه ذا سببين كـ"أحمد" و"إبراهيم" و"طلحة" و"عمر" و"عمران" و"بعلبك" و"أحمر" و"سكران" و"ثلاث".
أو سبب يقوم مقام سببين كـ"زُلْفَى"1 و"صحراء" و"دراهم" و"دنانير".
وسيأتي تفصيل ذلك في بابه.
فهذا النوع يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة كقوله -تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} 2.
فإن أضيف، أو دخلت عليه الألف، واللام التحق بالمنصرف في الجر بالكسرة.
__________
1 الزلفى: المنزلة.
2 من الآية رقم "163" من سورة "النساء" وتمامها:
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ... } .

(1/179)


وسواء كانت الألف واللام للتعريف، كما في قوله -تعالى: {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَم} 1.
أو زائدة كالداخلة على "يزيد" في قوله:
5-
رأيت الوليد من اليزيد مباركًا ... شديدًا بأحناء الخلافة كاهله
أو موصولة كالداخلة على "يقظان" في قوله:
6-
وما أنت باليقظان ناظره إذا ... نسيت بما تهواه ذكر العواقب
__________
5- من الطويل مطلع قصيدة لابن ميادة في مدح الوليد، ذكر أبياتًا منها العيني في
المقاصد النحوية 1/ 218، والبغدادي في الخزانة 1/ 327.
ويزيد: هو يزيد بن عبد الملك بن مروان.
ويروى "بأعباء الخلافة" موضع "بأحناء الخلافة"، وأراد بها الشاعر: أمور الخلافة الشاقة، والكاهل: ما بين الكتفين ورأيت هنا علمية لا بصرية.
6- من الطويل استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 7 وروايته:
.................................. ... رضيت بما ينسيك ذكر العواقب
ولم ينسبه المصنف، وقال العيني 1/ 215: لم أقف على اسم قائله.
1 من الآية رقم "24" من سورة "هود" وتمامها:
{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} .

(1/180)


فلذلك قيل: بـ"ال"، ولم يقل بحرف التعريف.
ومن العرب من يجعل مكان اللام الميم، ويعامل ما تدخل عليه معاملة ما دخلت عليه اللام كقول الشاعر:
7-
أَأَنْ شمت من نجد بريقًا تألقا ... تبيت بليل امأرمد اعتاد أولقا
أراد: بليل1 الأرمد فجره بالكسرة، وإن كان لا ينصرف لما ذكرت لك.
"ص":
ذو المعرب ارفعه بواو والألف ... لنصبه، وجره باليا عرف
كذا فَمٌ إن دون ميم وصلا ... يغير2 يا النفس مضافًا فاقبلا
__________
7- من الطويل لم ينسبه المصنف هنا، ولا في شرح التسهيل ص 7 ورواه هناك:
................................ ... تكابد ليل أمارمد اعتاد أولقا
وشمت: نظرت من بعيد إلى السحاب والبرق بريقًا: لمعانًا.
تألقا: ومص ولمع.
الأولق: شبه الجنون. أو هو الجنون.
قال العيني 1/ 222 أقول: قائله بعض الطائيين لم أقف على اسمه.
1 ك، ع سقط "بليل".
2 ط "لغير".

(1/181)


وهكذا أب آخ حم هن ... أو أجره كاليد فهو أحسن
وفي أب وتالييه يندر ... وقصرها من نقصهن أشهر
"ش": قيد "ذو" بـ"المعرب" احترازًا من "ذو" بمعنى "الذي" فإنه مَبْنِيُّ.
وبعض طيئ يعربه فيكون مقصودًا.
وقدم ذكره على ذكر أخواته؛ لأن الإعراب بالحروف لا يفارقه وسائر أخواته قد تفرد فتعرب1 بالحركات.
ولا يكون "فم" مثله في الإعراب بالحروف، ولزوم الإضافة إلا دون ميم.
وشرط في الإضافة المصححة لذلك أن يكون "المضاف إليه غير باء النفس، فإن المضاف إلى ياء النفس لا يظهر إعرابه إلا أن يكون"2 مثنى أو مجموعًا على حده في غير رفع.
ثم قيل:
وهكذا أبٌ أخٌ حمٌ هنٌ ... .................................
__________
1 ع "فيعرب".
2 ع سقط ما بين القوسين.

(1/182)


أي: يشترط في هذه الأربعة أن تضاف إلى غير ياء النفس. إذا أعربت بالحروف.
ثم قيل:
................................ ... أو أجره كاليد..................
أي: أجر الـ"هَنَ" مجرى "يَد" في لزوم النقص، والإعراب بالحركات فهو أحسن من جريه مجرى هذه الأسماء في الإعراب بالحروف.
ثم بين أن هذا الذي هو في "هن" أحسن نادر في "أب" و"أخ" و"حَمٍ".
ومن مجيء ذلك في "هن"1 قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" 2. ولم يقل: بَهَنِي أبيه.
__________
1 ع "ومن مجيء ذلك فيهن".
2 أخرجه ابن الجوزي في جامع المسانيد 1/ 5 وأحمد 5/ 136 ورواه أحمد والترمذي عن أبي بن كعب:
"إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" وتعزى: انتسب وانتمى، ويقصد به من يقول: يا لفلان ليحرك الناس إلى القتال في الباطل.
ولا تكنوا: أي قولوا له: اعضض بأير أبيك، ولا تكنوا عن الأير بالهن.
وينظر الجامع الصغير ص 24 وما بعدها. وكشف الخفا للعجلوني ص 240.

(1/183)


ومن مجيء ذلك في غير الهن وهو نادر1 قول الراجز:
8- بأبه اقتدى عدي في الكرم
9- ومن يشابه أبه فما ظلم
ثم بين أن القصر في هذه الثلاثة أشهر من النقص ومنه قول الراجز:
10-
إن أباها وأبا أباها
11-
قد بلغا في المجد غايتاها
__________
8 و 9- هذا رجز نسبه العيني 1/ 129 إلى رؤبة بن العجاج، وهو موجود في زيادات الديوان ص 182.
وعدي: هو عدي بن حاتم الطائي.
10 و 11- الضمير في "أباها" يعود إلى "ريا" المذكورة في بيت سابق على هذين البيتين وهو:
واهًا لربا ثم واهًا واهًا ... هي المنى لو أننا نلناها
يا ليت عيناها لنا وفاها ... بثمن نرضى به أباها
وينسب هذا الرجز المسدس إلى أبي النجم العجلي "الفضل بن قدامة"، كما ينسب إلى رؤبة بن العجاج -وليس في ديوانه.
وأنشده أبو زيد في نوادره عن المفضل الضبي قال:
أنشدني أبو الغول لبعض أهل اليمن -وذكر أربعة أبيات ثم البيتين الشاهد.
1 ك، ع سقط "وهو نادر".

(1/184)


إعراب المثنى والمجموع على حده، وما يتعلق بذلك:
"ص"
مثنى أو شبيهه ارفع بالألف ... وغير رفع فيهما باليا ألف
كـ"ابنيك" سل كليهما وإن تضف ... كلا لظاهر فألزمها الألف
إلا قليلًا، والمثنى قد يرد ... بألف في كل حال فاعتمد
"ش": / المثنى: ما دل على اثنين بزيادة، صالحًا للتجريد، وعطف مثله عليه دون اختلاف معنى كـ"رجلين".
وشبه المثنى: ما أعرب إعرابه غير صالح لذلك.
وكذا إن صلح له، واختلف معناه.
فـ"ابنان" مثنى لقولك فيه: "ابن وابن" بلا اختلاف معنى.
و"اثنان" شبيه1 مثنى؛ لأنه لا يصلح لما قلنا.
وكذا نحو "القمرين" في: الشمس والقمر؛ لأنه لا يغني عنه "قمر وقمر".
__________
1 هكذا في ك وع في الأصل "شبه".

(1/185)


وكذا المقصود به التكثير1 كـ"قوله تعالى": {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} 2.
لأن المراد به3: ارجع البصر كرات لقوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} .
أي: مزدجرًا وهو كليل.
وكذا قول الشاعر:
12-
فاعمد لما تعلو فما لك بالذي ... لا تستطيع من الأمور يدان
المراد نفي اليد فما فوقها
__________
1 ع "التنكير".
2 من الآية رقم 4 من سورة "الملك" وتمامها: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ
3 كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} .
والقراءة المشهورة بجزم الفعل "ينقلب"، وقرأ برفعه الخوارزمي عن الكسائي.
الكر: الرجوع، والكرة: المرة والجمع الكرات.
ك سقط "به".
12- من الكامل قاله كعب الغنوي.
قال أبو علي القالي في الأمالي 2/ 312.
أنشدنا أبو عبد الله: إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لكعب الغنوي يقول لابنه وذكر سنة أبيات منها:
وإذا رأيت المرء يشعب أمره ... شعب العصا، ويلج في العصيان
فاعمد لما تعنو فمالك بالذي ... لا تستطيع من الأمور يدان

(1/186)


ومما يتناوله شبيه1 المثنى "كِلَا" المضاف إلى مضمر نحو: "جاء كلاهما" و"رأيت كليهما" و"مررت بكليهما"2.
فإذا أضيف إلى ظاهر كان بالألف على كل حال في اللغة المشهورة فيقال: "جاء كلا أخويك" و"رأيت كلا أخويك" و"مررت بكلا أخويك".
وأشرت بقولي:
إلا قليلًا................................
إلى لغة حكاها الفراء3 منسوبة إلى كنانة4.
فيقال على لغتهم: "جاء كلا أخويك" و"رأيت كِلَيْ أخويك" و"مررت بكلي أخويك"5.
__________
1 في الأصل "شبه".
2 في الأصل "ومررت بكليهما، ورأيت كليهما".
3 يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور أبو زكريا الديلمي، الكوفي توفي سنة 207 هـ تقريبًا.
4 قال الفراء في معاني القرآن 2/ 184:
وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في "كلا الرجلين" في الرفع، والنصب والخفض إلا بني كنانة، فإنهم يقولون: "رأيت كلي الرجلين" و"مررت بكلي الرجلين"، وهي قبيحة قليلة، مضوا على القياس.
5 في الأصل "ومررت بكلي أخويك" و"رأيت كلي أخويك".

(1/187)


فيجرون "كلا"1 مجرى المثنى مع الظاهر، كما يجريه2 الجميع مجراه مع المضمر.
و"كلتا" في جميع ما ذكر مثل "كلا".
وقولنا:
........... والمثنى قد يرد ... بألف3 في كل حال...............
أشير به إلى لغة بني الحارث بن كعب فإنهم يجرون المثنى، وشبهه مجرى المقصور، فتثبت ألفه في النصب والجر4، كما تثبت في الرفع.
ومنه قراءة من قرأ: "إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ"5.
__________
1 في الأصل "كلى".
2 في ك، ع "تجريه".
3 في الأصل "بالألف".
4 في الأصل "في الجر والنصب".
5 من الآية رقم "63" من سورة طه، وفيها قراءات:
قرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف بتشديد النون من "إنَّ" و"هذان" بالألف وتخفيف النون وفيها أوجه:
أحدهما: كون "إن" بمعنى "نعم"، وهذان مبتدأ، خبره "لساحران".
الثاني: "إن" عاملة واسمها ضمير الشأن محذوف والجملة الاسمية خبرها.
الثالث: "إن" عامله و"هذان" اسمها على لغة من أجرى المثنى =

(1/188)


وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِر1:
13-
وأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغًا لناباه الشجاع لصمما
__________
= بالألف دائمًا، وقرأ ابن كثير وحده بتخفيف "إن" و"هذانّ" بالألف وتشديد النون، وقرأ حفص كذلك إلا أنه خفف النون، ووافقه ابن محيصن.
وهاتان القراءتان أوضح القراءات معنى ولفظًا وخطًا على أن "إنْ" مخففة من الثقيلة أهملت، و"هذان" مبتدأ و"لساحران" الخبر، واللام فارقة.
وقرأ أبو عمرو "إن" بتشديد النون وهذين بالياء مع تخفيف النون، ووافقه اليزيدي والمطوعي، وهي واضحة من حيث الإعراب، والمعنى لكن استشكلت من حيث خط المصحف.
13- من الطويل نسبه ابن الشجري في مختاراته 32، وابن قتيبة في الشعر والشعراء والآمدي في المؤتلف 71 للمتلمس، وهو في ديوانه ص 34 وروايته في الديوان:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى ... مساغًا لنابيه الشجاع لصمما
وفي الأمالي نسبه القالي لعمرو بن شأس، وذكره مع سبعة أبيات ذكر قصتها وروايته:
وأطرقت إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغًا لنابيه الشجاع لقد أزم
لكن رواية المصنف هي الرواية المشهورة التي اعتمدها كثير من العلماء. قال الأزهري في تهذيب اللغة 12/ 128: هكذا أنشده الفراء "لناباه" على اللغة القديمة لبعض العرب، وفي معاني القرآن للفراء 2/ 184، وأنشدني رجل من الأسد عنهم "يريد بني الحارث" ثم ذكر البيت.
الشجاع: الذكر من الحيات. صمم: عض في العظم.
1 في الأصل "وقول الشاعر".

(1/189)


وذكر ابن درستويه1 أن بني الهجيم2، وبني العنبر3 يوافقون بني الحارث في لزوم ألف المثنى.
"ص":
وارفع بواو وانصبن واجرر بيا ... سالم جمع خص باسم عريا
من تاء أنثى صفة، أو علما ... لعاقل، أو شبهه إن أفهما
مذكرًا4 لا مثل سكران ولا ... أحوى صبور وفعيل فعلا
وشذ أسودون أحمرونا ... كذا علانون وعانسونا
وغير ذي العقل به يلحق إن ... يضاهه كـ ساجدين فاستبن5
__________
1 عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان، الفارسي، الفسوي، النحوي، أخذ عن المبرد، وانتصر لمذهب البصريين في اللغة، والنحو. توفي لسبع بقين من صفر سنة 347 هـ.
2 الهجيم: كزبير: بطنان في العرب أحدهما: ابن عمرو بن تميم والثاني: ابن علي
من الأزد.
3 العنبر: أبو حي من تميم، وبنو العنبر أهدى قوم في العرب. ولذلك يقولون في المثل: فلان عنبري البلد.
4 ع "مذكر".
5 سقط هذا البيت من ك وع وس وش وود في الأصل في هذا الموضع، وجاء في ط قبل البيت الذي يسبقه.

(1/190)


وهكذا أولوا وعشرون إلى ... تسعين مع باب سنين1 بولا
وما لذا الجمع من إعراب ففي ... تسمية به على الأولى اقتفي
وقد يجي2 كـ"الحين" أو كـ"الدون" ... أو لازم الواو وفتح النون
والنون في جمع له فتح وفي ... تثنية كسر، وعكس قد يفي
"ش": وربما استعمل مثل "حين"
باب "سنين" نحو "مذ سنين"
هذا الفصل يشتمل على ما يرفع بالواو، وينصب، ويجر بالياء، وهو على ضربين:
جمع كـ"زيدين" و"سنين".
وغير جمع كـ"أولي" و"عشرين".
والمراد بالجمع: ماله واحد من لفظه صالح لعطف مثليه، أو أمثاله عليه دون اختلاف معنى.
والمطرد منه: ما كان واحده لمذكر عاقل، أو شبيه به، كـ
__________
1 ع "السنين".
2 ع "يجيء".

(1/191)


ِ"قوله تعالى": {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} 1 خاليًا من تاء التأنيث، علمًا، أو صفة لا من "أفعل فعلاء"، ولا من "فعلان فعلى" كـ"أحوى"2. "وسكران" ولا مما يستوي فيه الذكر والأنثى كـ"صبور" و"قتيل".
وإن3 ورد من هذه الأنواع مجموع بالواو والنون حفظ، ولم يقس عليه كقولهم4: "رجل علانية" و"رجال علانون" إذا كانوا مشاهير. فجمعوه بالواو والنون، وليس خاليًا5 من التاء:
وكذا قول الشاعر:
14-
منا الذي هو ما إن طر شاربه ... والعانسون ومنا المرد والشيب
__________
1 من الآية رقم "4" من سورة "يوسف" وتمامها: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} .
2 ع "حوى".
3 في الأصل "فإن".
4 ك وع سقط "عليه".
5 ع "جالبًا".
14- من البسيط نسبه السيرافي إلى أبي قيس بن رفاعة، وهو شاعر جاهلي ونسبه غيره إلى أبي قيس بن الأسلت، وهذا أدرك الإسلام ولم يسلم، وليس في ديوانه.
وطر الشارب: نبت. والأجرد: الشاب الذي بلغ خروج اللحية ولم تبد لحيته.
والعانس: الجارية يطول مكثها في بيت أهلها بعد إدراكها حتى تخرج من سن الشباب ولم تتزوج.

(1/192)


فجمع "عانسًا" بالواو والنون، وهو مما يستوي فيه الذكر والأنثى كـ"صبور" و"قتيل".
وكذا قول الآخر:
15-
فما وجدت نساء بني نزار ... حلائل أسودين وأحمرينا
فجمع "أسود" و"أحمر" الجمع المشار إليه مع أنهما من باب "أفعل فعلاء".
فهذا وأمثاله يحفظ ولا يقاس عليه.
وكثر هذا الاستعمال في المحذوف اللام، المؤنث بالتاء بتغير الفاء إن كان مفتوحها كـ"سنة" و"سنين".
وبسلامتها إن كان مكسورها كـ"مائة" و"مئين".
وبالوجهين إن كان مضمومها كـ"قلة" و"قلين" و"قلين"1.
__________
15- من الوافر قاله الكميث بن زيد الأسدي "الديوان 2/ 116"، وروايته وما وجدت.
ونزار: والد مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
الحلائل: جمع حليل وهو الزوج.
1 ك وع سقط "قلين" الثانية.

(1/193)


وقد يجعل إعراب هذا النوع في نونه، وتلزمه الياء، ولا تحذف نونه حينئذ للإضافة.
وإلى هذا أشرت بقولي:
وربما استعمل مثل حين ... باب سنين..............
ومنه قول الشاعر:
16-
دعاني من نجد فإن سنينة ... لعبن بنا شيبًا، وشيبننا مردا
وعومل هذا النوع بهذه1 المعاملة لشبهة بجمع التكسير؛ لأن تغييره2 أكثر من سلامته.
وقد يفعل ذلك بـ"بنين" لشبهه بـ"سنين"3 في حذف
__________
1 ك ع "هذه" بدون الباء.
2 ع "تغيره".
3 ع "لسنين".
16- من الطويل ينسب للصمة بن عبد الله القشيري من قصيدة ذكرها العيني في المقاصد النحوية 1/ 170، وقد ذكره ابن الشجري في أماليه، ولم ينسبه 2/ 53، وكذا فعل ابن يعيش في شرح المفصل 5/ 11. والبيت في اللسان مادة
"سنه"، وفي المفصل نسب الزمخشري البيت إلى سحيم.
وقبل البيت:
لحا الله نجدا كيف يترك ذا الغنى ... فقيرًا وحر القوم يتركه عبدا
والمرد: جمع الأمرد وهو الشاب طر شاربه ولم تنبت لحيته.

(1/194)


اللام وعدم سلامة نظم1 الواحد قال الشاعر:
17-
وكان لنا أبو حسن علي ... أبًا برًّا ونحن له بنين
واطرد الجمع بالواو والنون في المشبه بمن يعقل نحو "قوله تعالى": {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} 2.
وقريب من هذا إلحاق ما يستعظمون بهذا كقول الشاعر:
__________
1 ك وع سقط "نظم".
2 من الآية رقم "4" من سورة "يوسف".
17- من الوافر ذكره العيني 1/ 156 ولم ينسبه، ونسبه صاحب الخزانة 3/ 418 إلى سعيد بن قيس الهمذاني، وذكر القصيدة التي منها الشاهد وقصتها، وبين أنها قيلت في حرب صفين وروى البغدادي البيت هكذا:
ألم تر أن والينا علينا
أب بر ونحن له بنين
ورواه الرضى في شرح الكافية:
وإن لنا أبا حسن.................. ... ................................
قال المصنف في شرح التسهيل 1/ 14 بعد أن ذكر البيت يعلل معامله "بنين" هذه المعاملة: لأنه أشبه "سنين" في حذف اللام وتغيير نظم الواحد، ولتغيير نظم واحدة قيل فيه: "فعلت البنون" ولا يقال: "فعلت المسلمون".
ثم قال:
ولو عومل بهذه المعاملة "عمرون"، وأخواته لكان حسنًا؛ لأنها ليست جموعًا فكان لها حق في الإعراب بالحركات كـ"سنين".

(1/195)


18-
يلاعب الريح بالعصرين قسطله ... والوابلون وتهتان التجاويد
شبه المطر في عموم نفعه بالرجل الجواد1 الكثير الإحسان، وإن سمي بهذا الجمع على سبيل النقل، أو على سبيل الارتجال فقيه أربعة أوجه:
أجودها: إجراؤه على ما كان له كقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} 2.
والثاني: إجراؤه مجرى "غسلين"3 في لزوم الياء، وكون النون حرف إعراب.
"والثالث: إجراؤه مجرى "عربون" في لزوم الواو، وكون النون حرف إعراب4".
__________
1 ك وع سقط "الجواد".
2 الآيتان "18" و"19" من سورة "المطففين".
3 ع زادت "غسلين وعربون" ولا موضع لكلمة "عربون" هنا. والغسلين: هو ما يغسل من الثوب ونحوه، وما يسيل من جلود أهل النار.
4 سقط ما بين القوسين من الأصل، وجاء في ك وع.
18- من البسيط قائلة أبو صخر الهذلي كما في شرح السكري لأشعار الهذليين ص 925، واللسان مادة "جود".
وقسطله: غباره، والتجاويد: المطر دون الوبل.
والوابلون: جماع الوابل.

(1/196)


ولم يتأت1 في النظم إلا ذكر "حين" و"دون" فاستغنيت2 بهما عن "غسلين" و"عربون".
والرابع: استصحاب الواو على كل حال مع كون النون مفتوحة غير ساقطة في الإضافة.
ذكر هذا الوجه أبو سعيد السيرافي3، وزعم أنه ثابت في كلام العرب، وأشعارها بالرواية الصحيحة ثم قال:
"كأنهم حكوا لفظ الجمع المرفوع في حال التسمية، وألزموه طريقة واحدة، وأنشد:
19-
ولها بالماطرون إذا ... أكل النمل الذي جمعا
20-
خلفة حتى إذا ارتبعت ... ذكرت من جلق بيعا
__________
1 ك وع "يأت".
2 ك وع "فاستغنى".
3 الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو سعيد، القاضي السرافي، النحوي توفي 368 هـ.
19 و 20- هذين بيتان من المديد المعروف أنهما من قطعة تنسب ليزيد بن معاوية، يتعزل بها في جارية نصرانية كانت قد ترهبت في دير خراب عند الماطرون.
وفي الكامل للمبرد 217 "طبع ليبسك" وبعضهم ينسبها إلى الأحوص. وفي الحيوان للجاحظ نسب البيتين 4/ إلى أبي دهبل الجمحي "وينظر: الأغاني/ 150 ومعجم البلدان "الماطرون" والخزانة 3/ 278".
الماطرون: بلدة بالشام، الخلفة: الدواب التي تختلف أي تذهب وتجيء.
جلق: دمشق أو غوطتها، ارتبع بالمكان: أقام فيه زمن الربيع، البيع: جمع بيعة بسكر الباء، كنيسة النصارى.

(1/197)


ففتح1 نون "الماطرون" وأثبت الواو. وهو في موضع جر. قال:
والعرب تقول: "اليَاسَمُون" في حال الرفع، والنصب، والجر2، ويقولون: "ياسمون البر" فيثبتون النون مع الإضافة ويفتحونها".
ومنهم من يرويه بـ"الماطرون" ويعرب نون "الياسمون"3 ويجريه مجرى "الزيتون" وهو الأجود، وأنشد:
21-
طال ليلي وبت كالمجنون4 ... واعترتني الهموم بالماطرون
__________
1 ع "ففتحوا".
2 ك ع سقط "والجر".
3 ع سقط ما بين القوسين، والياسمون: واحدة باسم -كصاحب أو عالم: نبات له زهر. أبيض وأصفر له فوائد طبية "قاموس".
4 أول النسخة الأزهرية المرموز إليها بـ"هـ".
21- من الخفيف قاله عبد الرحمن بن حسان من قصيدة تشبب فيها برملة بنت معاوية "الديوان ص 59".
والماطرون: اسم موضع في الشام.

(1/198)


وَلَمْ يذكُرْ سيبويه إلا الوجهين الأولين1.
ولو نظر السيرافي "ياسمون البر" ونحوه بـ"عربون" لا بـ"زيتون" لكان أولى بالصواب؛ لأن نون "عربون" زائدة بلا ريب، لقولهم: "أعرب المشتري": إذا أعطى العربون.
وأما نون "الزيتون" فالأكثر على أنها زائدة بناء على أنه من "الزيت".
والصحيح أنها غير زائدة، لقول بعض العرب: "أرض زتنة" إذا كانت كثيرة الزيتون.
فَوَزْنُ "زيتون" -على هذا: "فيعول" كـ"قيصرم"2.
ونون المثنى وشبهه مكسورة، وفتحها لغة، أنشد الفراء3 -رحمه الله4.
22-
على أحوذيين استقلت عشية ... فما هي إلا لمحة وتغيب
__________
1 فصل هذه المسألة ونقل كلام سيبويه، وذكر الأوجه الأربعة ابن سيدة في المخصص 7/ 104.
2 القيصوم: نبات أطرافه نافعة، وزهره مروله فوائد طبية "قاموس".
3 معاني القرآن 2/ 423.
4 هكذا في ك وع وسقط من الأصل "رحمه الله".
22- من الطويل من قصيدة لحميد بن ثور الهلالي يصف قطاه "الديوان ص 55".
وعلى أحوذيين: جار ومجرور متعلق بـ"استقلت"، والضمير في هذا الفعل يعود إلى القضاة، التي تقدم ذكرها في أبيات قبل الشاهد. فما هي إلا لمحة.
أي: فما مشاهدتها إلا لمحة وتغيب بعدها أي: اللمحة، ثم حذف المضاف فصار: فما هي.
والأحوذي: الخفيف الحاذق.

(1/199)


ونون الجمع الذي على حد المثنى، والمحمول عليه مفتوحة، وكسرها لغة1.
قال الشاعر:
23-
عربين من عرينة ليس منا ... برئت إلى عرينة من عرين
24-
عرفنا جعفرًا وبني رباح ... وأنكرنا زعانف آخرين
__________
1 ك وع "وكسرها ضرورة".
2 هكذا في ك وع وس وش، وفي الأصل "أقف" وفي ط "أصنف".
23 و 24- هذان بيتان من الوافر قالهما جرير من أبيات أربعة يخاطب بها فضالة العرني "ديوان جرير ص 577".
والرواية في الديوان:
عرفنا جعفرًا وبني عبيد

(1/200)


إعراب المجموع بالألف والتاء، وما جرى مجراه:
"ص"
أولات مع جمع بتاء وألف ... زيدا اكسرن نصبا كـ"آيات" أصف1
__________
1 هكذا في ك وع وس وش، وفي الأصل "أقف" وفي ط "أصنف".
23 و 24- هذان بيتان من الوافر قالهما جرير من أبيات أربعة يخاطب بها فضالة العرني "ديوان جرير ص 577".
والرواية في الديوان:
عرفنا جعفرًا وبني عبيد ورواية الأصل "وبني رباح" وفي ك وع "بني رباح"- بالباء الموحدة وعرين: هو عرين بن ثعلبة بن يربوع من آباء فضالة.
وعرينة: بطن من بجيلة.
وجعفر: أخو عرين.
وزعانف: جمع زعنفة -بكسر الزاي- وهم الأتباع والملحقون.

(1/200)


"ش": أولات بمعنى ذوات، والواحدة منها1: ذات. لكن "ذوات" جمع؛ لأن واحده من لفظه، و"أولات" اسم جمع؛ لأن واحده من غير لفظه إلا أن يجري مجرى الجمع الذي علامته ألف، وتاء زائدتان.
وقيدت الألف والتاء بالزيادة احترازًا من نحو2 "أبيات" فإن ألفه زائدة، وتاءه أصلية.
ومن نحو "قضاة" فإن تاءه مزيدة، وألفه منقلبة عن الأصل.
"ص"
وهو لذي التا مطلقًا وما خلا ... منها اسم أنثى3 نحو هند وحلى
"ش" الضمير من "وهو لذي التا" عائد إلى الجمع بالتاء والألف.
أي: الجمع بالألف والتاء المزيدتين على ضربين: مقيس وغير مقيس.
فالمقيس: ما كان واحده بتاء التأنيث -مطلقًا.
__________
1 في الأصل "منهما".
2 ع "من لفظ أبيات".
3 هكذا في الأصل وفي ط "منها لأنثى" وفي ك وع وس وش:
...................... واسم خلا ... منها لأنثى........................

(1/201)


وأعني بـ"مطلقًا"1 أن وجود التاء في الواحد مصحح لجمعه بالألف والتاء:
علم مؤنث كان كـ"عمرة" و"سلمة".
أو علم مذكر كـ"طلحة" و"حمزة".
أو اسم جنس جامدًا كـ"تمرة" و"غرفة".
أو اسم جنس صفة كـ"ضخمة" و"حلوة".
و"ما" من قولي:
................... وما خلا ... ...........................
بمعنى "الذي" معطوفة على "ذي التا".
أي: الجمع المذكور لذي التاء -مطلقًا- ولما خلا منها من اسم علم لأنثى كـ"هند" و"حلى"2 -والمراد بهما امرأتان3".
"ص":
وما خلا منها اسم جنس أنثا ... لغير نقل فيه لا تنبعثا
وقسه في ذي ألف التأنيث لا ... شبهًا لـ حمراء وسكرى واعدلا
__________
1 ك وع "مطلق".
2 ع "حبلى".
3 سقط ما بين القوسين من ك وع وجاء موضعه "أي: وهو باطراد لما فيه تاء التأنيث من أعلام الذكور، والإناث كطلحة وسلمة وأسماء الأجناس جوامدها ومشتقاتها كتمرة وضخمة، ولما خلا من التاء من أعلام الإناث كحبلى، وهو اسم امرأة".

(1/202)


ولا مذكر المسمى علمًا ... بل مثل1 صحراء حبارى أدمى2
وقس على دريهمات وعلى ... نحو جبال راسيات واقبلا3
إذا كان المؤنث اسم جنس وخلا من علامة التأنيث لم يجز جمعه بالألف والتاء إلا فيما سمع كـ"خود"4 و"خودات" و"ثيب" و"ثيبات" و"سماء" و"سماوات" و"شمال"5 و"شمالات".
وما لم يسمع فلا يجمع بالألف والتاء.
فلا يقال في "عين": "عينات" ولا في "دار": دارات" ولا في "شمس": "شمسات".
وإن كان في الاسم ألف التأنيث جاز جمعه بالألف والتاء -مطلقًا.
__________
1 ع "مثله".
2 أُدَمَى: موضع.
3 هكذا في الأصل وط وش وفي ع وك وس جاء الشطر الثاني كما يلي:
........................................ ... حمامك "راسيًا" تريد الجبلا
4 الخود: المرأة الحسنة الخلق الشابة أو الناعمة.
5 الشمال: ريح تهب من قبل الحجر.

(1/203)


ما لم يكن علم مذكر1 كـ"سلمى" و"ورقاء" اسمي2 رجلين.
ولا "فعلاء"3 مؤنث "أفعل" كـ"حمراء" و"صفراء".
أو "فَعْلَى" فَعْلَان" كـ"سكرى" و"غضبى".
واطرد هذا الجمع في تصغير غير الثلاثي من أسماء المذكرات التي لا تعقل نحو: "دريهمات".
وفي صفات المذكرات التي لا تعقل كقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} 4 "وقوله": {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} 5.
وعلى هذا نبهت بقولي:
........................... وعلى ... جمعك راسيًا تريد الجبلا6
"س":
وما به سمي من ذا الباب ... فهو على ما كان من إعراب
وترك تنوين قليل، وجعل ... أيضًا كـ"أرطاة" لإنسان نقل
__________
1 هـ "علمًا لمذكر".
2 هـ "اسما رجلين".
3 ع "فعلى".
4 من الآية رقم "197" من سورة "البقرة".
5 من الآية رقم "203" من سورة "البقرة".
6 سقط ما بين القوسين من الأصل.

(1/204)


وجاء في نحو "ثبات" فتح ... في النصب نزرًا، لا عداك نجح1
"ش": أي: إذا سمي بـ"أولات"، أو بنحو "هندات" من المجموع فإعرابه بعد التسمية به كإعرابه قبل التسمية به.
فتقول في رجل اسمه "هندات": "هذا هندات" و"رأيت هندات" و"مررت بهندات".
كما كنت تقول إذ كان جمعًا.
هذه2 اللغة الجيدة.
قال الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} 3.
ومن العرب من يزيل التنوين "ويبقي الكسرة في جره ونصبه.
ومنهم من يزيل التنوين"4 ويمنعه الكسرة فيقول5:
"هذه عرفات مباركًا فيها"، و"رأيت عرفات"، و"مررت بعرفات".
__________
1 ط "النجح".
2 ك وع "هذه هي اللغة الجيدة".
3 من الآية رقم "198" من سورة "البقرة" وتمامها: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ.....} .
4 هـ سقط ما بين القوسين.
5 هـ "فتقول".

(1/205)


وإلى هذه اللغة أشرت بقولي:
.................. وجعل ... أيضا كـ أرطاة1......
وأما "ثبات" ونحوه من جمع المحذوف اللام المعوض منها التاء، فالمشهور جريه مجرى "هندات".
ومن العرب من ينصبه بفتحة، ومن قول بعض العرب:
"سمعت لغاتهم".
وأنشد الفراء2 لأبي ذؤيب:
25-
فلما جلاها بالأيام تحيزت ... ثباتًا عليها ذلها واكتئابها
__________
1 الأرطاة: شجرة لها نور، وثمرها كالعناب مر تأكله الإبل غضًا، وعروقها حمر.
2 قال الفراء في معاني القرآن 2/ 93:
السبت واللغات: ربما أعربوا التاء منهم بالنصب، والخفض وهي تاء جماع ينبغي أن تكون خفضًا في النصب والخفض.
فيتوهمون أنها هاء، وأن الألف قبلها من الفعل.
وأنشدني بعضهم:
إذا ما جلاها بالأيام تحيرت ... .........................
وتحيزت: اجتمع بعضها إلى بعض ويروى تحيرت وفي: وع "تميزت".
ثبات: جماعات.
25- من الطويل نسبه المصنف لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 79 وفي الاقتضاب 409 وفي الخصائص 3/ 304 ورواية الديوان:

(1/206)


إعراب ما اتصل به من الفعل ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة:
"ص":
بالنون رفع نحو تذهبونا ... وتذهبان ثم "تذهبينا
واحذف إذا جزمت أو نصبتا ... كـ"لم تكونا" لتروما سحتا
وحذفها في الرفع قبل "ني" أتى ... والفك والإدغام أيضًا ثبتا
ودون ني في الرفع حذفها حكوا ... في النثر والنظم ومما قد رووا1
أبيت أسري وتبيتي تدلكي ... وجهك بالعنبر والمسك الذكي
"ش": إذا اتصل بالفعل المضارع ألف اثنين، أو واو جمع، أو ياء
__________
فلما اجتلاها................ ... ...........................
والضمير يعود إلى جماعات النحل. واجتلاها: طردها.
والأيام: الدخان.
1 ك وع وش:
وقل حذف دون ني نثرًا كما ... لا تؤمنوا حتى ومما نظما
وفي ط:
ودون ني في الرفع حذفها حكوا ... نظما ونثرًا نادرًا وقد رووا
وفي س:
ودون ني في الرفع حذفها حكوا ... نثرًا ونظمًا قد أتى وقد رووا

(1/207)


مخاطبة فعلامة رفعه نون مكسورة بعد الألف نحو: "تذهبان" ومفتوحة بعد الواو والياء نحو: "تذهبون" و"تذهبين".
وحذف هذه النون علامة للجزم نحو: "لم تذهبا"1.
وعلامة للنصب نحو: "لن تَذْهَبَا".
وإذا اتصل بهذه النون نون الوقاية جاز حذفها تخفيفًا، وإدغامها في نون الوقاية، والفك.
وبالوجه الأول قرأ نافع: "تَأْمُرُوني أَعْبد"2.
وقرأ ابن عامر: "تَأْمُرُونَني" -بالفكِّ.
وقرأ الباقون بالإدغام.
وزعم قوم: أن المحذوف في نحو: "تَأْمُرُونِي" هو الثاني، وليس كذلك.
بل المحذوف هو الأول. نص على ذلك سيبويه3.
__________
1 ك وع: "لم يذهبا".
2 من الآية رقم "64" من سورة "الزمر" وتمامها: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُون} ، وينظر: إتحاف فضلاء البشر 376/ 377.
3 قال سيبويه في الكتاب 2/ 154:
"وإذا كان فعل الجميع مرفوعًا، ثم أدخلت فيه النون الخفيفة أو الثقيلة حذفت نون الرفع، وذلك قولك:"لتفعلت ذاك" "ولتذهبن"؛ لأنه اجتمعت فيه ثلاث نونات، فحذفوها استثقالًا.
وتقول: "هل تفعلن ذاك" تحذف نون الرفع؛ لأنك ضاعفت النون، وهم يستثقلون التضعيف.
فحذفوها إذا كانت تحذف، وهم في هذا الموضع أشد استثقالًا للنونات. وقد حذفوها فيما هو أشد من ذا.
بلغنا أن بعض القراء قرأ: "أتحاجُّوني"، وكان يقرأ "فبم تبشرونِ" وهي قراءة أهل المدينة، وذلك أنهم استثقلوا التضعيف.

(1/208)


ويدل على صحة قوله: أن نون الوقاية لا يجوز حذفها مفردة مع فعل غير "ليس".
وأن الأول قد حذف دون ملاقاة1 مثل مع عدم الجازم والناصب، فحذفها عند ملاقاة مثل أولى.
وأيضًا فلو حذف نون الوقاية، وأبقي نون الرفع لتعرض بذلك إلى حذف نون الرفع عند دخول الجازم والناصب.
وإذا حذف نون الرفع لم يعرض لنون الوقاية ما يقتضي حذفها.
وحذف ما لا يحوج إلى حذف أولى من حذف ما يحوج إلى حذف. وقولي:
ودون ني.......................... ... .....................................
أي: ودون اتصال2 نون الوقاية بنون الرفع قد حكي حذفها.
ومثال ذلك في النثر ما روي من قول النبي -عليه
__________
1 هـ "مالاقاه".
2 ك وهـ "إيصال".

(1/209)


السلام1: "والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا" 2.
الأصل: 3لا تدخلون ولا تؤمنون؛ لأن "لا" نافية، و "لا" النافية لا تعمل في الفعل شيئًا.
ومثال4 ذلك في النظم قول الراجز:
26-
أبيت أسري وتبيتي تدلكي
27-
وجهك بالعنبر والمسك الذكي
__________
1 ك وع وهـ "صلى الله عليه وسلم".
2 أخرجه مسلم في باب الإيمان 94، وأبو داود في باب الأدب 131، والترمذي في باب الاستئذان، والقيامة 56، وابن ماجه في المقدمة 9 وباب الأدب 11، وأحمد بن حنبل 1/ 165، 167، 2/ 391، 442، 447، 495، 512.
3 ك وع "والأصل".
4 ك وع "ومثل ذلك".
26 و 27- هذا رجز استشهد به كثير من العلماء، ولم ينسبه أحد إلى قائل.
وفي الخصائص قال ابن جني 1/ 388 وما بعدها:
وسألت أبا علي رحمه الله عن قوله:
أبيت أسري ...
فخضنا فيه واستقر الأمر فيه على أنه حذف النون من "تبيتين"
كما حذف الحركة للضرورة في قوله:
فاليوم أشرب غير مستحقب
كذا وجهته معه. فقال لي: فكيف تصنع بقوله: تدلكي؟ فقلت: بجعله بدلًا من "تبيتي" أو حالًا فيحذف النون كما حذفها من الأول في الموضعين. فاطمأن الأمر على هذا.

(1/210)


والأصل: "تبيتين" و"تدلكين" فحذف النونين1 دون جازم ولا ناصب.
ومن ذلك قول 2 أبي طالب:
28-
فإن يك قوم سرهم ما صنعتم ... سيحتلبوها لاقحًا غير باهل
أراد: فسيحتلبونها.
فحذف الفاء3، والنون للضرورة.
ولا يجوز اعتقاد حذف النون4 للجزم على ما يستحقه المضارع المجرد من حرف التنفيس إذا وقع جوابًا.
لأن شرط جزم الجواب أن يصلح لمباشرة5 حرف الشرط.
__________
1 ك "حذف حرف النون".
2 ك وع "ومنه قول أبي طالب".
3 ع "فحذف الفاء فحذف الفاء".
4 ك "حذف حرف النون".
5 ع "لمباشر ط".
28- من الطويل وينظر غاية المطالب في شرح ديوان أبي طالب للخطيب ص 27.
اللاقح: التي قبلت اللقاح من الإبل.
الباهل: أبهل الناقة أهملها من غير صرار، ولا خطام، ولا سمة.

(1/211)


فإن لم يصلح لها وجب اقترانه بالفاء، ولا تحذف1 إلا في ضرورة.
ولا شك في2 أن المقترن بالسين لا يباشره3 حرف الشرط.
__________
1 في الأصل "يحذف" -بالمثناة التحتية.
2 ع سقط "في".
3 ك "تباشره" ع "تباشره".

(1/212)


إعراب المعتل من الأسماء والأفعال:
"ص":
آخر ذي الإعراب حرفه فإن ... يعتل فالإعراب فيه مستكن
والاعتلال في حروف المد ... كـ المرتضى يقضي ويزكو المهدي
ففي الثلاث الرفع ينوى وكذا ... ينوى انجرار نحو "شاف" من "أذى
كذاك نصب نحو "لن تخشى1 العشا ... تقديره في كل حال قد فشا
وجازمًا حذف الثلاث الزم كـ"من ... يسع ويرض يرج توفير المنن
"ش": ذو2 الإعراب يتناول الاسم المتمكن، والفعل المضارع
__________
1 ع وط "يخشى".
2 هـ "ذوا".

(1/212)


وحرف الإعراب "من كل واحد منهما آخره كالهاء والميم من قولك: "الله يعلم".
فإن يعتل الأجر فالإعراب1" فيه مستكن أي: مستتر.
وحروف الاعتلال حروف المد وهي:
الألف ولا تكون2 إلا بعد فتحة نحو: "المرتضى يرضى"3.
والياء الخفيفة بعد كسرة نحو: "القاضي يقضي".
والواو الخفيفة بعد ضمة، ولا يوجد ذلك إلا في فعل نحو: "يَزكُو" و"يَدْعُو". وهذا مثال لتقدير الرفع في الواو.
وتقديره في الألف وفي الياءات4 نحو: "المرتضى يرضى" و"القاضي يقضي".
ومثال تقدير الجر في الياء والألف: "أعوذ بالله من أذى كل مؤذ".
ومثال تقدير النصب في الألف: "إن الأتقى لن يشقى".
والحاصل: أن حرف الإعراب إذا كان ألفًا لم يظهر فيه
__________
1 ع سقط ما بين القوسين.
2 هـ "يكون".
3 ع سقط "يرضى".
4 ك "وفي الياء" هـ "والياء" ع "وفي الألف وفي الياء".

(1/213)


رفع ولا نصب، ولا جر، لتعذر تحريك الألف.
وإذا كان ياء خفيفة بعد كسرة قدر فيها الرفع والجبر. وإذا كان واوًا خفيفة بعد ضمة قدر فيها الرفع خاصة؛ لأنه لا يكون1 حرف إعراب إلا في فعل، والفعل لا يجر.
وسكت عن النصب حين بين ما ينوي في الياء والواو2.
فعلم أن النصب فيهما ظاهر نحو: "إن المتقي لن يبغي ولن يجفو".
ولما سبق اختصاص الجزم بالفعل لم يحتج هنا3 إلى ذكر الفعل إذ قيل:
وجازمًا حذف الثلاث الزم ... .........................
أي: حذف الألف، والياء، والواو نحو: "من يسع ويرض يرج توفير المنن".
والأصل: "يسعى" و"يرضى" و"يرجو"4، فحذفت ألف "يسعى"؛ لأنه جواب الشرط.
وياء "يرضى"؛ لأنه معطوف على الشرط.
__________
1 هـ ك ع "لأنها لا تكون".
2 هـ ك ع "في الواو والياء".
3 ك ع "ههنا".
4 في الأصل "يسعى ويرجو ويرضى".

(1/214)


وواو "يرجو"؛ لأنه جواب الشرط1.
"ص"
وكـ"الفتى" المقصور فاعلم والذي ... سموه منقوصًا كـ"شاك" و"أذي
والاسم يبنى شبه حرف معنى او ... إهمالًا او وضعًا كـ"رحنا" أو"غدوًا"2
أو في3 افتقاره أو إيجاب العمل ... دون تأثر بعامل حصل
كـ"أين" والتا من فعلت و"الذي ... و"بَلْهَ"4 "هيهات" و"حا" وشبه ذي
ما لم يعارض شبه الحرف بما ... يحمي عن البنا كـ"أي" فاعلما
"ش": المقصور: هو الاسم المتمكن الذي آخره ألف لازمة كـ"الفتى".
احترز بـ"المتمكن"5 من 6 "ذا"، ونحوه من المبنيات التي آخرها ألف.
__________
1 هـ "لأنه شرط وياء يرضي جواب الشرط".
2 ع "وعدوا".
3 ك وع "وفي".
4 ع "وبلد".
5 ع "التمكن".
6 ك وع "عن".

(1/215)


واحترز باللزوم من المثى المضاف المرفوع، ومن الأسماء الستة في حال النصب؛ لأن آخرها حينئذ ألف لكنها غير لازمة.
والمنقوص: هو الاسم المتمكن الذي آخره ياء خفيفة لازمة بعد كسرة.
فاحترز بـ"المتمكن" من نحو "الذي" وشبهه1 من المبنيات التي آخرها ياء.
واحترز بـ"خفيفة" من نحو "صبي".
وبـ"لازمة" من نحو "بنيك" و"أبيك".
ولما كمل2 الكلام على المعرب بإعراب ظاهر، وإعراب مقدر شرع في ذكر المبني من الأسماء، وسبب بنائه:
أما شبه الحرف في المعنى كـ"أين" فإنها متضمنة معنى حرف الشرط. إذا قصد بها الشرط، ومعنى حرف الاستفهام إذا قصد بها الاستفهام.
وأما شبه الحرف في الإهمال -والإشارة بذلك إلى ما يورد من الأسماء دون تركيب كحروف الهجاء المفتتح بها السور- فإنها مبنية لشبهها بالحروف المهملة في أنها لا عاملة، ولا معمولة.
__________
1 هـ "ونحوه".
2 هكذا في الأصل -وفي ك وع "أكمل".

(1/216)


وبعضهم يجعلها معربة؛ لأنها تتأثر1 بالعوامل لو دخلت عليها.
وهذا اختيار الزمخشري2 في الكشاف3.
وأما شبه الحرف في الوضع، والإشارة به إلى ما وضع على حرف واحد كواو "غدوًا"4 وتاء5 "فعلت" أو على حرفين كالنون والألف من "رحنا".
وأشير بكون هذا النوع شبيهًا في الوضع إلى أن الموضوع
__________
1 هـ "سائر".
2 محمود بن عمر بن محمد بن عمر أبو القاسم الزمخشري، الخوارزمي، جار الله إمام اللغة، والنحو والبيان ولد سنة 467 هـ بزمخشر، ومات بها سنة 538 هـ.
3 قال الزمخشري في الكشاف 1/ 107.
"فإن قلت: هل لهذه الفواتح محل من الإعراب؟ قلت: نعم لها محل فيم جلعها أسماء السور؛ لأنها عنده كسائر الأسماء الأعلام.
فإن قلت: ما محلها؟ قلت: يحتمل الأوجه الثلاثة.
أما الرفع فعلى الابتداء.
وأما النصب والجر فلما مر من صحبة القسم بها، وكونها بمنزلة "الله" و"الله" على اللغتين.
ومن لم يجعلها أسماء للسور لم يتصور أن يكون لها محل في مذهبه".
4 في الأصل "عدوا" -بالعين المهملة.
5 هـ "وكتاء".

(1/217)


على حرف أو حرفين حقه ألا يكون إلا حرفًا؛ لأن الحرف1 يجاء به لمعنى في غيره فهو كجزء لما دل على معنى فيه.
فإذا وضع على حرف أو حرفين ناسب ذلك معناه. بخلاف الاسم والفعل.
فأي اسم وضع على حرف، أو حرفين فقد أشبه الحرف في وضعه.
ولا يدخل في هذا ما عرض له النقص كـ"دم" فإن له ثالثًا يعود إليه في التصغير كـ"دمي" وفي التكسير كـ"دماء" وفي الاشتقاق كـ"دمي العضو".
ومن شبه الحرف: الشبه في الافتقار إلى جملة على سبيل اللزوم كافتقار "إذا" و"الذي" إليها فإنه افتقار لازم كافتقار الحرف إليها، فلذلك بنيا.
ومن شبه الحرف الموجب للنباء ما في أسماء الأفعال من الشبه بـ"إن" وأخواتها في أنها تعمل عمل الفعل، ولا يعمل فيها عامل لا لفظًا، ولا تقديرًا.
وهذا معنى قولنا:
..................... أو ايجاب العمل ... دون تأثر2 بعامل.............
__________
1 ك وع سقط "لأن الحرف".
2 ع "تأثير".

(1/218)


وبهذا امتاز اسم الفعل من المصدر النائب عن فعل الأمر.
فإن قوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَاب} 1 واقع موقع: "اضربوا الرقاب"، كما أن "دراك زيدًا" واقع موقع "أدرك زيدًا".
إلا أن "فضرب الرقاب" متأثر بعامل مقدر صار هو بدلًا من اللفظ به، ولم يمنع من تقديره.
و"دَرَاكِ" نائب عن "أدرك" ومنع من تقديره، فهو مؤثر غير متأثر، كالحروف العاملة.
كما أن أسماء الحروف التي افتتح بها غير مؤثرة، ولا متأثرة كالحروف المهملة.
ومعنى "بله": دع، وهو اسم فعل لا فعل؛ لأن كل ما دل على الأمر لا تثبت فعليته حتى يصلح لياء المخاطبة، ونون التوكيد. وإلا فهو اسم.
و"هيهات" بمعنى: بعد، وليس بفعل، بل هو اسم فعل؛ لأن كل ما دل على حدث ماض لا تثبت فعليته حتى يصلح لتاء التأنيث الساكنة، أو تاء الفاعل، وإلا فهو اسم.
ونبهت بـ"حا" على أسماء الحروف كألف لام ميم.
__________
1 من الآية رقم "4" من سورة "محمد" وتمامها: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ... } .

(1/219)


وقولي:
ما لم يعارض شبه الحرف بما ... يحمي عن البنا.............
أشير به إلى نحو "أي" فإنها إن كانت استفهامية، ففيها شبه حرف الاستفهام، وإن كانت شرطية ففيها شبه حرف الشرط، وإن كانت موصولة فهي كالحرف في الافتقار إلى الجملة.
إلا أن شبه الحرف في "أي" معارض1 بما فيها من شبه الأسماء المتمكنة بالإضافة التي انفردت بها من بين أخواتها، مع أ، ها بمعنى "كل"2 إذا3 أضيفت إلى نكرة، وبمعنى "بعض" إذا أضيفت إلى معرفة.
فحمي "أيًّا" عن التأثر4 بشبه الحرف شبهها بـ"بعض" و"كل" في المعنى، والإضافة.
وكان اعتبار شبه "بعض" و"كل" أولى من اعتبار شبه الحرف لوجهين:
أحدهما: أن شبه الحرف مخرج5 عن حكم الأصل، وشبه البعض والكل مبق على الأصل.
__________
1 هكذا في ك -أما في الأصل وفي هـ وع فالعبارة "إلا أن لشبه الحرف في أي معارضًا".
2 ع "كن".
3 هـ "معنى كل إلى أضيفت".
4 ع "التأثير".
5 هـ "مخرج" وفي باقي النسخ والأصل "يخرج".

(1/220)


والمبقي على الأصل غالب للمخرج عنه.
الثاني: أن حمله1 على "كل" و"بعض" من باب حمل الشيء على ما هو من نوعه للاشتراك في الاسمية.
وهذا2 أولى من حمل "أي" على الحرف لتخالفهما في النوعية -والله الموفق3.
__________
1 هـ "حمل أي".
2 هكذا في ك، وفي الأصل "وهو أولى" وفي ع سقط "وهذا".
3 هكذا في الأصل، وسقط "والله الموفق" من ك وع.

(1/221)