شرح الكافية الشافية

باب: النكرة والمعرفة
مدخل
...
باب: النكرة والمعرفة
"ص":
ما شاع في جنس كـ عبد نكره ... وغيره معرفة كـ عنتره
فمضمر أعرفها ثم العلم ... واسم إشارة وموصول متم
وذو أداة، أو منادى عينا ... أو ذو إضافة بها تبينا
"ش": ما كان شائعًا في جنسه كـ"حيوان"، أو في نوعه كـ"إنسان". فهو نكرة.
وما ليس شائعًا فهو معرفة، ما لم يكن مقدر الشياع. وجملة المعارف سبعة:
المضمر، والعلم، واسم الإشارة، والموصول، والمعرف بالأداة. والمعرفة بالنداء، والمعرف بالإضافة.

(1/222)


ولكل منها موضع بين1 فيه.
ووصف الموصول بـ"متم" تنبيهًا على أنه لا يحكم عليه بالتعريف إلا بعد تمامه2 بتمام صلته.
وقيد المنادي بالتعيين تنبيهًا على أن المراد من المناديات ما تجدد له التعيين بالنداء.
فلا يدخل في ذلك نحو: "يا زيد" فإنه لم يتجدد له3 التعيين بالنداء. بل كان معينًا، ثم ازداد بالنداء وضوحًا.
ولا يدخل أيضًا -المنادى الباقي على شياعه كقول الأعمى: "يا رجلًا خذ بيدي".
وقيد ذو الإضافة بأن يكون بها متبينًا4 تنبيهًا على أن من الإضافة ما لا يعرف المضاف، كالمضاف إلى نكرة، أو المضاف إضافة غير محضة نحو: "هذا ضارب زيد غدًا أو الآن" و"هذا حسن5 الوجه".
__________
1 هـ "مبين".
2 ع "بإتمامه".
3 ك وع "يتجدد به التعيين".
4 ك "مستبينًا".
5 ع "وهو أحسن الوجه" هـ "هذا الحسن الوجه".

(1/223)


فصل في المضمر:
"ص":
ما صيغ قصد حاضر أو غائب ... فهو ضمير نحو تا المخاطب1
وما يلي لام "فعلنا"، واليا ... في نحو "واصلني وهب لي" حذيا
كذاك "ها" "أكرمه غلامه ... وقد يرى مشتركًا إفهامه
كـ"انطلقا" و"انطلقوا" و"افعلنه ... و"ليذهبا" و"ليذهبوا" و"سرنه
ذو الرفع قد يخفى كمثل "قِسْ أَقِسْ"2 ... لأن معنى ما نووا لم يلتبس
والتاء واليا3 في "فعلت" و"افعلي ... وكاف "أهواك" و"فيك أملي
وقبل ذي اليا النون واقيًا لزم ... مع كل فعل غير نادر علم
__________
1 هكذا جاء ترتيب هذه الأبيات في الأصل، والأولى أن يتقدم البيت السادس على البيت الخامس.
وقد اختلف ترتيب هذه الأبيات من نسخة لأخرى.
2 ع "كمثله قد أقس".
3 ك وع وهـ "ومنه فاعلًا فعلت وافعلي".

(1/224)


كذا لدن ومن وعن وقط وقد ... وليت باقي أخواتها ورد
مخيرًا فيه وتجريد لعل ... أولى ومن لَعَلَّنِي لَيْتِي أقل
"ش": المضمر والضمير: اسمان لما وضع من الأسماء لمتكلم، أو مخاطب أو غائب، متميزًا بنفسه كـ"إنك" و"إنه".
أو بمصحوبه1 كـ"أنا" و"أنت" و"إياي" و"إيانا" و"فَعَلْتُ" و"فَعَلْتَ" و"فَعَلْتِ" و"اذهبا"2 و"ذهبا"3.
فإن مصحوب الألف الدالة على حاضرين: الأمر والمضارع ذو4 تاء5 الخطاب.
ومصحوب الألف الدالة على غائبين: الفعل الماضي، والمضارع ذو الياء.
ومن الضمائر ما معناه واحد، وإعرابه مختلف، وهو "نا"6 يشترك فيه7 الرفع، والنصب، والجر.
__________
1 ك وع "بمصحوب".
2 ك ع "أذهب".
3 ك وع "ذهب".
4 هـ "ذوا".
5 ع "وتاء".
6 في الأصل "ما".
7 ع سقط "فيه".

(1/225)


فعلامة رفعه كون مصحوبة1 فعلًا ماضيًا مسكن الآخر2.
واشترك3 النصب والجر في الباء التي للمتكلم.
فإن كان ناصبها فعلًا متصرفًا وجب فصلها منه بنون4 الوقاية نحو: "أكرمني".
وإن كان5: ناصبه "إن" أو إحدى6 أخواتها جاز حذف النون.
ويقل مع "ليت" ويكثر مع "لَعَلّ".
ولا تثبت هذه النون في الخفض إلا مع "من" و"عن" و"لدن" و"قط" و"قد" بمعنى: حسب.
وربما حذفت مع هذه الخمسة.
واشترك النصب والجر -أيضًا- في كاف الخطاب، وهاء الغيبة على حسب، مدلولهما.
وانفرد الرفع: بالتاء على حسب أحوالها7، وبياء8
__________
1 ك وع "فعلامة رفعه إيلاؤه فعلًا".
2 ع "الأخير".
3 ك وع "اشتراك".
4 ع "وجب فصلها من نون الوقاية".
5 سقط "كان".
6 ع "أحد أخواتها".
7 ع "أحواله".
8 ع "وبتاء".

(1/226)


المؤنثة، وبما للخطاب1، والغيبة من ألف، وواو2، ونون3 نحو: "تفعلان"4 و"فعلا" و"تفعلون"5 و"فعلوا" و"تفعلن"6 و"فعلن".
هذه تسمى متصلة؛ لأنه لا ينطق بها إلا وهي كجزء لما قبلها لفظًا، وخطًّا.
والمنفصل ما ليس كذلك كـ"أنا" و"أنت" و"هو" وفروعهن وهذه مرفوعة الموضع.
ومن المنفصل: "إياي" و"إياك" و"إياه" وفروعهن.
وخص ذو الرفع بالخفاء وجوبًا في نحو "افعل" و"نفعل" و"أفعل" و"تفعل يا رجل".
وجوازًا في نحو "زيد فعل".
والمراد7 بالواجب الخفاء ما لا يغني عنه ظاهر، ولا يقع
__________
1 ك وع "وكاف الخطاب".
2 ك "أو واو".
3 ك "أو نون".
4 ك "يفعلان".
5 ك "يفعلون".
6 ك "يفعلن".
7 ع "والمر".

(1/227)


موقعه ضمير بارز إلا وهو توكيد لمنويِ. وقد نبه على تخصيص ضمير الرفع بالخفاء إذا قيل:
.............................. ... لأن معنى ما نووا لم يلتبس
"ص":
وما مضى وشبهه متصل ... و"هو" و"أنت" و"أنا" منفصل
كذاك "إياي" و"إياك" وَزِدْ ... "إياه" والفروع عنها لا تحد
والأول المرفوع موضعًا وما ... يليه منصوب المحل فاعلما
ولا انفصال إن تأتى متصل ... ونحو "ها" "سلنيه" صل وقد فصل1
__________
1 كان المصنف -رحمه الله- دائم النظر في هذا الكتاب -كما هي عادته في كل مصنفاته، ينظر فيما كتبه، يضيف إليه أو يصلح من عبارته. وكثيرًا ما كان المصنف يفعل ذلك في الهوامش.
وكان صاحب نسخة الأصل الذي اعتمد عليه في التحقيق أمينًا حين راجع نسخته مقابلة بنسخة المصنف، إذا نقل ما وجده بخط المصنف في الهامش في موضعه، ولم يحاول إدخاله في صلب الكتاب، كما فعل بعض النساخ.
لذا جاء في هامش الأصل، وهامش هـ بعد قوله "وقد فصل" أربع أبيات هي:
في كنته وخلتنيه المنفصل ... يختار والمختار عندي المتصل
وقدم الأخص في اتصال ... وقدمن ما شئت في انفصال

(1/228)


في نحو "كنته" انفصال فضلًا ... وعندي المختار أن يتصلا
ولاضطرار سوغوا "قد ضمنت ... إياهم الأرض "فحقق ما ثبت
"ش": الإشارة بـ"ما مضى" إلى تاء المخاطب، والنون والألف من "فعلنا" وياء المتكلم، وتاء المخاطبة، ويائها، وكاف المخاطب وهاء الغائب، وألف الاثنين، واو الجماعة ونونها.
والإشارة بشبهه إلى بقية الفروع نحو: "فعلتما" و"فعلتم" و"فعلتن"1.
و"رأيتكما" و"رأيتكم" و"رأيتكن".
و"رأيتهما"2 و"رأيتهم" و"رأيتهن".
__________
وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا ... وقد يبيح الغيب فيه وصلا
مع اختلاف ما ونحو ِ"ضمنت ... إياهم الأرض الضرورة اقتضت
ولا يمكن أن تعد هذه الأبيات سقطت من الناسخ، فتداركها في الهامش؛ لأن البيتين الأخيرين في الأصل يتضمنان بعض ما جاء في الأبيات الأربعة.
وقد زادت ك وع ثلاثة أبيات من الأبيات الأربعة وأسقطت قوله:
وفي اتحاد الرتبة............... ... ..............................
أما س وش وط فذكرت الأربعة.
1 ك "فعلن".
2 ك وع "رأيتها".

(1/229)


ولما كمل الكلام على المتصل شرع في الكلام على المنفصل وهو ضربان:
مرفوع المحل، ومنصوبه:
فالمرفوع1 المحل: "أنا" و"أنت" و"هو" وفروعها: "نحن" و"أنت"2 و"أنتما"3 و"أنتم" و"أنتن" و"هي" و"هما" و"هم" و"هن".
وفروع المنصوب المنفصل: "إيانا" و"إياك" و"إياكما" و"إياكم" و"إياكن" و"إياها" و"إياهما" و"إياهم" و"إياهن".
والمراد بالفرع4: ما دل على أنثى أو اثنين، أو جماعة ذكور أو إناث.
ولما كان وضع الضمير لقصد5 الاختصار لم يجز أن يؤتى بمنفصل. إذا وجد سبيل إلى متصل، لكونه أخصر إلا في مواضع مخصوصة.
كثاني ضميرين أولهما غير مرفوع نحو: "سلنيه".
أو مرفوع بـ"كان" أو إحدى أخواتها نحو: "الصديق كنته"
__________
1 ع "فمرفوع".
2 ك وع سقط "أنت".
3 ع سقط "أنتما".
4 ك وع "بالفروع".
5 ع "القصد".

(1/230)


وكان حق أن يمتنع انفصاله لشبهه بهاء "ضربته".
ولكنه نقل فقبل1. وبقي الاتصال راجحًا لوجهين2:
أحدهما: الشبه بما يجب اتصاله، وإذا لم يساوه في الوجوب فلا أقل من الترجيح.
الثاني: أن الانفصال لم يرد إلا في الشعر، والاتصال وارد في أفصح النثر كقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر -رضي الله عنه في ابن صياد:
"إن يكنه فلن تسلط عليه، وإلا يكنه فلا خير لك في قتله" 3.
وقوله -عليه السلام- لعائشة:
"إياك أن تكونيها يا حمراء".
وكقول بعض فصحاء العرب: "عليه رجلًا ليسني".
وقد حكموا -أيضًا- لثاني منصوبي نحو "ظننتكه" بترجيح الانفصال.
__________
1 ع "ثقل فقيل".
2 ع "بوجهين".
3 أخرجه البخاري في الجنائز 80، والجهاد 178، وأبو داود في الملاحم 16. وأحمد 2/ 148، ومسلم في باب الفتن 95، والترمذي في باب الفتن 63.

(1/231)


وعندي أن اتصاله أولى؛ لأنه ثاني منصوبين بفعل، فكان كالثاني في قوله -تعالى: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} 1.
والذي دعاهم إلى ترجيح الانفصال ما "كان" و"ظننت" كون الضمير في الصورتين خبرًا لمبتدأ في الأصل، ولو بقي على ما كان عليه لتعين انفصاله، فأبقى عليه بعد انتساخ الابتداء ترجيح ما كان متعينًا قبل دخول الناسخ.
وهذا الاعتبار يستلزم جواز الانفصال في الأول؛ لأنه كان مبتدأ. وذلك ممتنع بإجماع2.
وما أفضى إلى ممتنعٍ: ممتنعٌ.
وقد يرجح انفصال ثاني مفعولي "ظن"3 بأنه مع كونه خبر مبتدأ في الأصل: منصوب بجائز4 التعليق والإلغاء.
ومع التعليق والإلغاء لا يكون إلا منفصلًا. فكان انفصاله5 مع الإعمال أولى.
__________
1 من الآية رقم "28" من سورة "هود" وتمامها: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} .
2 ع "باتباع".
3 ع سقط "ظن".
4 ك "جائز".
5 ك "انفصال".

(1/232)


وهذا الاعتبار -أيضًا- يستلزم ترجيح انفاصل المفعول الأول وهو ممتنع بإجماع، وما استلزم ممتنعًا فهو حقيق بأن يمنع.
وأما انفصال ما باشره الفعل، أو ولي ضميرًا مرتفعًا بفعل ليس من باب "كان" فلا1 يجوز انفصاله إلا في ضرورة كقول الشاعر:
29-
بالوارث الباعث الأموات قد ضمنت ... إياهم الأرض في دهر الدهارير
__________
29- من البسيط قاله الفرزدق من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك "الديوان" ص 266"، وهو من شواهد المصنف في شرح التهسيل ص 26.
والباعث والوارث: من أسماء الله -عز وجل.
ضمنتهم: تضمنتهم واشتملت عليهم، أو تكفلت بأبدانهم.
والجار والمجرور أول البيت متعلق بالبيت السابق وهو:
إني حلفت ولم أحلف على فند ... فناء بيت من الساعين معمور
قال المصنف في شرح التسهيل بعد أن ذكر البيت: فأوقع الشاعر الضمير المنفصل بغير سبب موقع المتصل، فلولا ضرورة إقامة الوزن لكان خطأ.
1 ع "ولا يجوز".

(1/233)


فصل: في ضمير الشأن
"ص":
ومضمر الشأن ضمير فسرا ... بجملة كـ "إنه زيد سرى"

(1/233)


للابتدا أو ناسخاته انتسب ... إذا أتى مرتفعًا أو انتصب
وإن يكن مرفوع فعل استتر ... حتمًا، وإلا فتراه قد ظهر
في باب "إن" اسما كثيرًا يحذف ... كـ"إن من يجهل يسل من يعرف
وجائز تأنيثه متلو ما ... أنت أو تشبيه1 أنثى أفهما
وقبل ما أنت عمدة فشا ... تأنيثه كـ"إنها هند رشا"2
"ش": قد يقصد المتكلم تعظيم مضمون كلامه قبل النطق به، فيقدم ضميرًا كضمير غائب يسمى ضمير الشأن، ويعمل فيه الابتداء، أو أحد نواسخه، وهي "كان" و"إن" و"ظن" أو إحدى أخواتهن.
ويجعل3 الجملة بعده4 متممة لمقتضى5 العامل
__________
1 ط، ع، ك "شبيه".
2 جاء هذا البيت في الأصل وفي س، وسقط من ك ع هـ س.
3 ك ع هـ "وتجعل".
4 ع "بعد".
5 ع. "بمقتضى".

(1/234)


نحو: "هو الله أحد"1 -في أحد الوجهين2.
و"كان الله أحد".
و"إنه الله3 أحد".
و"علمته الله أحد".
فموضع الضمير في المثال الأول رفع بالابتداء.
وفي الثاني رفع بـ"كان" إلا أنه استتر كما يستتر الفاعل إذا كان ضمير غائب.
وموضعه في الثالث والرابع نصب بـ"إن" و"علمت". وموضع الجملة في الأول، والثالث: رفع.
وفي الثاني والرابع: نصب.
__________
1 الآية رقم "1" من سورة "الإخلاص".
قرأ "الله أحد" النبي -صلى الله عليه وسلم- بغير قل، وقال: "من قرأ "الله أحد" فإنه يعدل القرآن كله".
وقرأ "هو الله أحد" عبد الله بن مسعود وأبي -بغير قل.
وقرأ "الله الواحد" عبد الله بن مسعود والأعمش.
ينظر: مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 182.
2 ينظر الوجهان في البحر المحيط لأبي حيان 8/ 528، والوجه الثاني أن يكون هو مبتدأ والله خبر وأحد: خبر ثان. وقال الزمخشري "أحد" بل من "الله" أو على "هو أحد".
3 ع سقط لفظ الجلالة.

(1/235)


ويجوز حذفه مع "إن" وأخواتها، ولا يخص1 ذلك بالضرورة وعليه يحمل قوله، عليه السلام: "إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون" 2.
التقدير: إنه من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون. وأنشد سيبويه:
30- ولكن من لا يلق أمرًا ينوبه
بعدته ينزل به وهو أعزل
وإن صدرت الجملة المفسرة لهذا الضمير بمؤنث، أو بفعل ذي علامة تأنيث، أو بمذكر شبه3 به مؤنث رجح تأنيثه باعتبار القصة، على تذكيره باعتبار الشأن.
__________
1 ك وهـ "تختص".
2 أخرجه البخاري في باب اللباس 89، 91، 92، 95.
ومسلم في باب اللباس 96، 97، 98، 99.
والنسائي في باب الزينة 113.
وأحمد 1/ 375، 426، 2/ 26، 55.
3 ع "يشبه".
30- من الطويل قائلة أمية بن أبي الصلت "الديوان ص 46"، وينظر سيبويه 1/ 439، وابن الشجري 295، والإنصاف 181، شرح شواهد المعنى 239.
والأعزل: الذي لا سلاح معه.
وفي ع "يعدله" موضع "بعدته".

(1/236)


ولأن1 القصة والشأن معناهما واحد، وفي التأنيث مشاكلة لما بعد فكان أولى.
فالأول نحو: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} 2.
والثاني نحو: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور} 3.
ونحو قول الشاعر:
31-
على أنها تعفو الكلوم وإنما ... نوكل بالأدنى وإن جَلَّ ما يمضي
والتذكير جائز كما قال أبو طالب:
__________
1 هكذا في ك ع هـ وفي الأصل "لأن" من غير واو.
2 من الآية رقم "97" من سورة "الأنبياء" وتمامها:
{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} .
3 من الاية رقم "46" من سورة "الحج" وتمامها:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} .
31- من الطويل قاله أبو خراش الهذلي "ديوان الهذليين 2/ 158" والرواية فيه "بلى إنها"، وهي رواية القالي في الأمالي، وديوان الحماسة 1/ 459.
والكلوم: جمع كلم ويعني به الحزن عند ابتداء المصيبة.
وفي ع على أنها بعض الكلام. نوكل بالأوس.

(1/237)


32-
وإن لم يكن لحم غريض فإنه ... تكب على أفواههن الغرائر
والثالث نحو: "إنها قمر جاريتك".
"فإن وليه ظرف مسند إلى مؤنث نحو: "إنه عندك جارية"1 جاز فيه الوجهان.
وإن تضمنت الجملة المفسرة لهذا الضمير مؤنثًا غير فضلة، ولا كفضلة كان تأنيثه باعتبار القصة مختارًا لا واجبًا2.
فإن كان المؤنث فضلة كقولك: "إنه زيد حب هند" أو كفضلة كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} 3 فالمسموع يه التذكير، ويجوز التأنيث4.
__________
1 ع "جارته".
2 حدث اضطراب في الأصل حيث زاد الناسخ أربعة أسطر من الكلام السابق.
3 سورة طه الآية 74.
4 ك ع هـ سقط ما بين القوسين.
32- من الطويل من قصيدة يرثي بها أبو طالب أبا أمية بن المغيرة "الديوان ص 11".
الغريض: الطري من اللحم. الغرائر: الأعدال يكون فيها الدقيق والحنطة وغيرهما.

(1/238)


فصل في الضمير المسمى فصلًا:
"ص":
وسم فصلًا مضمرًا طبقًا تَلَا ... ذا خبر معرف كـ"المجتلى
أو شبهه كأفعل التفضيل أو ... "مثل" مضاف فاقتف الذي اقتفوا
كـ"كنت أنت مثله أو أفضلا ... و"خلتني أنا أحق بالولا
وما لذا محل إعراب وإن ... تجعله ذا حرفية فهو قمن
ومبتدًا يجعله بعض العرب ... إذ للذي من بعده الرفع انتسب1
__________
1 جاء على هامش الأصل:
وسم فصلًا مضمرًا طبقًا تلا ... ذا خبر معرف كـ"المجتلى
أو ذي تنكر منافر لـ"ال ... كـ"كنت أنت مثل زين أو أجل
في سبقه حالًا، وإن يكتنفا ... اسمين منكورين خلف عرفا
وماله محل إعراب لدى ... أئمة البصرة حيث وجدا
وقد يرى مبتدأ وذا انتخب ... إن لمغايرة الثاني نسب
وقد اعتمدت ك وع وس وش وط هذه الأبيات مغفلة ما جاء في صلب الأصل.
ومما يثير العجب أن المصنف في نهاية شرح هذا الفصل نوه بالبيت الخامس من الأبيات، التي ذكرها في الهامش حين قال:

(1/239)


"ش" من الضمائر الذي يسمى1 عند البصريين فضلًا، وعند الكوفيين عمادًا.
ولفظه لفظ ضمير الرفع المنفصل.
ويتوسط بين مطلوبي2 الابتداء، أو ناسخ من نواسخه بشرط تأخر3 الخبر وكونه معرفًا، أو كمعرف في عدم قبول الألف واللام كـ"مثل" مضاف، وأفعل4 التفصيل.
ولا بد من مطابقته ما قبله في الإفراد، والتذكير، والحضور وغير ذلك نحو:
"زيد هو الكريم" أو"أكرم من عمرو" أو"مثله".
و"كنت أنا الخبير" أو"أخبر منك" أو"مثلك".
و"إنه هو الرحيم" أو"أرحم من غيره" أو"مثله"5.
و"ظننته هو الظريف" أو"أظرف منك" أو"مثلك"6.
__________
1 ع "تسمى".
2 ع "مطلوبين".
3 ع "يشترط تأخير".
4 هـ "فعل".
5 ع "مثلثه".
6 سقط من الأصل "أو مثلث".

(1/240)


وقد أشرت إلى هذا كله بقولي:
................ طبقًا1 تلا ... ذا خبر....................
أي: مطابقًا لما يقدم عليه من ذي خبر.
فتناول ذو2 الخبر المبتدأ، واسم "كان" و"إن" وأخواتهما.
وأول مفعولي "ظننت" وأخواتها.
ثم قيدت الخبر بكونه معرفًا كـ"المجتلى".
"أو بكونه كأفعل التفصيل و"مثل" مضاف في عدم قبول الألف واللام
ومثله قوله3 تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} 4.
فالياء من "ترني" مفعول أول، وهو مبتدأ في الأصل؛ لأن المراد رؤية القلب.
__________
1 سقط من الأصل "طبقًا".
2 ع "ذي".
3 جاء ما بين القوسين في ك وع على النحو التالي: "أو ذا تنكر منافر لـ"ال" والإشارة إلى أفعل التفصيل و"مثل" و"غير" مضافين" فالواقع قبل المعرف كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِين} .
والواقع قبل أفعل التفضيل كقوله تعالى: {إِنْ تَرَنِي ... } .
4 من الآية رقم "39" من سورة "الكهف".

(1/241)


و"أنا": فصل.
و"أقل": أفعل تفصيل وانتصب بـ"تر" مفعولًا ثانيًا، وهو خبر في الأصل.
وتسميته في حال المفعولية خبرًا جائز، وعلى ذلك اعتمدت إذا قلت في النظم1:
........................... ... ذا خبر معرف 2................
وأجاز قوم وقوعه3 قبل الحال، وجعلوا من ذلك قراءة بعضهم4: "هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ"5 بالنصب.
__________
1 زادت هـ "ذا خبر معرف أو ذي تنكير منافر لـ"ال".
2 زادت ك وع: "أو شبهه كأفعل التفصيل أو "مثل" مضاف، أو ذي تنكر منافر لـ"ال".
3 ك ع "تقديمه".
4 سعيد بن جبير، والحسن -بخلاف- ومحمد بن مروان، وعيسى الثقفي وابن أبي إسحاق "ينظر المحتسب 1/ 325".
5 من الآية رقم "78" من سورة هود" وتمامها: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} .
قال ابن جني في المحتسب 1/ 325:
وأنا من بعد أرى أن لهذه القراءة وجهًا صحيحًا، وهو أن تجعل "هن" أحد جزأي الجملة، وتجعلها خبرًا لبناتي، كقوله: "زيد أخوك هو" وتجعل "أطهر" حالًا من "هن"، أو من "بناتي" والعامل فيه معنى الإشارة كقولك: "هذا زيد هو قائمًا أو جالسًا".
وفي البحر المحيط قال أبو حيان 5/ 247 رويت هذه القراءة عن مروان بن الحكم.

(1/242)


وقول بعض العرب: "أكثر أكلي التفاحة هو نضيجة"1.
والوجه في الأول أن ينصب "أطهر" بـ2 "لكم" على أنه3 خبر "هن". فيكون من تقديم الحال على العامل الظرفي نحو قوله تعالى4: {مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه} 5، بنصب مطويات6.
وأما نصب7 "نضيجة"8 فبجعل "هو" مبتدأ ثانيًا.
و"هو" وخبره خبر المبتدأ الأول.
والتقديم: أكثر أكلي التفاحة هو إذا كانت نضيجة9.
__________
1 ك ع "نضجة".
2 ع "لكم" بسقوط الباء.
3 ع سقط "أنه".
4 ك ع سقط "قوله تعالى".
5 من الآية رقم "67" من سورة "الزمر" وتمامها: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
6 نسب المصنف -رحمه الله- هذه القراءة في شرح عمدة الحافظ للحسن البصري، ونسبها ابن خالويه في مختصر 131 إلى عيسى بن عمر.
ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 425، الكشاف للزمخشري 2/ 270.
7 في الأصل "نصبه".
8، 9 ك ع هـ "نضجة" -ونضج التمر: أدرك فهو نضيج وناضج.

(1/243)


أجاز -أيضًا- قوم وقوعه بين نكرتين كمعرفتين نحو:
"حسبت خيرًا من زيد هو خيرًا من عمرو".
ذكر1 ذلك سيبويه عن بعض المتقدمين، وأنكره إنكارًا شديدًا2، وقد أشرت إلى الخلف في ذلك.
واختلف في هذا الضمير المسمى "فصلًا" هل له موضع من الإعراب أَمْ لَا؟
فالأكثرون3 على أنه لا موضع له؛ لأن الغرض به: الإعلام من أول وهلة بكون الخبر خبرًا لا صفة، فاشتد شبهه
__________
1 هـ "وقد ذكر".
2 قال سيبويه في الكتاب 1/ 397 في "باب لا تكون "هو"، وأخواتها فيه فصلًا، ولكن يكن بمنزلة اسم مبتدأ".
وذلك قولك: "ما أظن أحدًا هو خير منك" و"ما أجعل رجلًا هو أكرم منك" و"ما إخال رجلًا هو أكرم منك".
لم يجعلوه فصلًا، وقبله نكرة، كما أنه لا يكون وصفًا، ولا بدلًا لنكرة.
وكما أن "كلهم" و"أجمعين" لا يكرران على نكرة فاستقبحوا أن يجعلوها فصلًا في النكرة، كما جعلوها في المعرفة؛ لأنها معرفة، فلم تصر فصلًا إلا لمعرفة، كما لم تكن وصفًا ولا بدلًا إلا لمعرفة. وأما أهل المدينة فينزلون "هو" ههنا
بمنزلة بين المعرفتين، ويجعلونها فصلًا في هذا الموضع، فزعم يونس أن أبا عمرو
رآه لحنا وقال: "احتبى ابن مروان في ذه في اللحن"، يقول: لحن وهو ورجل من
أهل المدينة، كما تقول: اشتمل بالخطأ، وذلك أنه قرأ: "هؤلاء بناتي هن أطهرَ لكم"، فنصب".
3 هكذا في الأصل وفي ك وع وهـ "فالبصريون".

(1/244)


بالحرف، إذ لم يجأ به إلا لمعنى في غيره، فلم يحتج إلى موضع من الإعراب؛
ولأنه لو كان له موضع من الإعراب لكان "إياي" أولى من "أنا" في نحو: "إن ترني أنا أقل".
ولكان "إياه"1 أولى من "هو" في نحو: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} 2.
وإذا لم يكن له موضع من الإعراب، فالحكم عليه بالحرفية أولى من الحكم3. بالاسمية.
كما فعل بكاف "ذلك" ونحوه.
والكوفيون يرون -أن له موضعًا من الإعراب:
فله عند الكسائي ما لما بعده.
وله عند الفراء ما لم قبله.
وبعض العرب4 يرفع ما بعد هذا الضمير بمقتضى الخبرية، وكون الضمير مبتدأ فَيَقْرَءُونَ: "إِنْ تَرَني أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ" و"تجدوه عند الله هو خير" -بالرفع- ومنه قراءة عبد الله بن
__________
1 ع "إياي".
2 من الآية رقم "20" من سورة "المزمل" قرأ أبو السمال وأبو السميفع بالرفع.
3 ك ع "غير مستبعد".
4 هم بنو تميم "البحر المحيط 8/ 367".

(1/245)


مسعود -رضي الله عنه: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} 1.
وقولي:
................. وذا انتخب ... إن لمغايرة الثاني نسب
أشرت به إلى كل ما الثاني2 فيه غير الأول نحو: "كان زيد هو القائمة جاريته"، فإن البصريين يلتزمون3 فيه الرفع.
فإن قلت: "كان زيد هو القائم الجارية" أجازوا النصب.
__________
1 من الآية رقم "76" من سورة "الزخرف"، وينظر مختصر ابن خالويه ص 136.
2 ك وع "ما كان الثاني".
3 ك وع "يلزمون".

(1/246)


فصل: العلم
"ص":
ما عين المعنى بلا قيد علم ... نحو: "سعيد" و"عماد" و"حكم"
"ش" كل اسم معرفة فهو معين لمدلوله.
أي: مبين لحقيقته تبيينًا يجعله كالمنظور إليه عيانًا.
إلاي أن غير العلم يعين مسماه بقيد، والعلم يعين مسماه دون1 قيد، ولذلك لا يختلف2 التعبير عن الشخص المسمى "زيدًا"3 بحضور ولا غيبة.
__________
1 هـ "بدون".
2 هـ "تختلف".
3 ع "زيد".

(1/246)


بخلاف التعبير عنه بـ"أنت" و"هو".
"ص"
فإن خلا من سابق استعمال ... كـ"مذحج" فانسبه لارتجال
وما سوى المرتجل المنقول ... نحو "ثقيف" هكذا "سلول"
"ش" العلم على ضربين: مرتجل ومنقول1.
فالمرتجل ما لم يعرف له استعمال في غير العلمية كـ"مذحج"، وهو أبو قبيلة من العرب.
والمنقول: ما استعمل قبل العلمية ثم تجدد جعله علمًا.
فمنه ما كان صفة كـ"ثقيف" -وهو الدرب بالأمور الظافر بالمطلوب، وكـ"سلول" وهو الكثير السل.
ومنه ما كان اسم عين شائعًا كـ"أسد" و"ثور".
ومنه ما كان فعلًا ماضيًا كـ"أبان"2 و"شمر"3.
ومنه ما كان فعلًا مضارعًا كـ"يزيد" و"يشكر".
ومنه ما كان جملة كـ"برق نحره" و"تَأَبَّطَ شَرًّا".
__________
1 هـ "منقول ومرتجل".
2 اسم رجل.
3 فرس جد الشاعر جميل بثينة.

(1/247)


وقد يكون أحد1 جزأي الجملة المسمى بها مستترًا فيعامل معاملة الجملة المصرح بجزأيها، ولا تتأثر بالعوامل، ومنه قول الراجز من رواية2. أبي العباس أحمد بن يحيى3.
ثعلب4:
33-
نبئت أخوالي بني يزيد
34-
ظلما علينا لهم فديد5
__________
1 هـ "إحدى".
2 هـ سقط "من رواية".
3 أحمد بن يحيى بن زيد بن يسار الملقب بثعلب إمام كوفي نحوي، لغوي بغدادي له معرفة بالقراءات ولد سنة 200 هـ، ومات سنة 291 هـ.
4 هـ سقط "أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب".
5 تنظر مجالس ثعلب 1/ 212.
33 و 34- نسب هذا الرجز العيني 1/ 388، 4/ 370 لرؤبة وهو في ملحقات ديوانه ص 172. واستشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 28 ولم ينسبه.
وفديد: الصوت الشديد أي: أن أصواتهم تعلو علينا ولا يوقروننا.
قال ابن الخباز في شرح الدرة الألفية ص 99:
وأما الجملة كتأبط شرًا وبرق نحره فلا ترخم؛ لأن النداء لم يؤثر فيها البناء كالمضاف، والمضارع له، ومن لطيف مسائلها أن يزيد من قوله:
نبئت أخوالي بني يزيد
لا يجوز ترخيمه؛ لأن معه ضميرًا منويًا فهو كالظاهر المصرح به.
والخالي من الضمير يرخم كبيت الكتاب:
فقالوا تعالوا يا يزي بن محرم ... فقلت لهم إني حليف صداء

(1/248)


"ص"
وكنية أيضًا يرى ولقبا ... ومفردًا يأتيك أو مركبا
"ش" الكنية من الأعلام كـ"أبي عمرو" و"أم سلمة".
واللقب كـ"بطة" و"أنف الناقة"
والمفرد: ما لا تركيب فيه.
والمركب: إما جملة. وقد ذكرت.
وإما مضاف، ومضاف إليه1 كـ"عبد الله"2.
أو اسمان نزل ثانيهما منزلة تاء التأنيث كـ"بعلبك" و"سيبويه".
إلا أن "بعلبك" معرب، و"سيبويه" مبني في أجود اللغتين.
"ص":
والاسم قدم إن يلاق اللقبا ... وأتبع أن بعضهما تركبا3
أو ركبا معًا، وحيث أفردا ... أضف، وإن تتبع فلن تفندا
__________
1 ع "أو مضاف إليه".
2 سقط "عبد الله" من ك وع.
3 ك وع سقط البيت الأول واقتصرت النسختان على البيت الثاني.

(1/249)


"ش": إذا كان لشخص اسم ولقب، وذكرا معًا، قدم الاسم على اللقب.
ثم إن كانا مركبين، أو كان أحدهما مفردًا، والآخر مركبا جعل اللقب تابعًا للاسم في إعرابه إما بدلًا، وإما عطف بيان كقولك: "هذا عبد الله عابد الكلب".
و"رأيت زيدًا أنف الناقة".
وإن كانا مفردين "أضيف الاسم إلى اللقب بإجماع.
وجاز عند الكوفيين جعل اللقب تابعًا للاسم1" كقولك: "هذا سعيد كرز" و"رأيت سعيدًا كرزًا".
"ص":
ولم يخصوا بالأناسي العلم ... بل وضعه لكل مألوف أهم
كـ"لاحق" و"شذقم" و"هيلة"
و"واشق" و"واسط" و"أيلة"
"ش": لما كان الباعث على التسمية بالأعلام تعيين2 المسمى، وذلك مطلوب في المألوفات3 كلها لم يختص بالإنسان، بل لكل ما يؤلف منها قسط كالخيل، والإبل، والغنم، والكلاب، والبلاد4.
__________
1 ع سقط ما بين القوسين.
2 هـ "تعين".
3 ك وع "الملوفات".
4 ع "في البلاد".

(1/250)


فـ"لاحق": فرس و"شذقم": جمل و"هيلة": شاة و"واشق": كلب و"واسط": مدينة و"أيلة": موضع معروف.
"ص":
ومن ضروب العلم اسم الجنس ... أجروه كالشخصي دون لبس
فالثعلب اسم جنسه "ثعالة" ... والذئب -أيضًا- اسمه "ذؤالة"
كذا "أسامة" اسم جنس للأسد ... و"شبوة" العقرب فاحفظ ما ورد
وكل حكم ناله الشخصي ... في لفظه يناله الجنسي
"ش": ذكر العلم الشخصي يحصل من المسمى به استحضار حلاه التي تلحقه بالحاضر المشار إليه.
فقول القائل: "رأيت زيدًا" يقوم مقام: رأيت الشخص المتحلي بكذا، وكذا.
فأرادت العرب أن تجعل لجنس ما لا يؤلف1 شخصه علمًا يقوم ذكره مقام قيود يتميز بذكرها من بين الأجناس ويجري2 في
__________
1 ك وع "الجنس ما يؤلف".
2 في الأصل "تجري".

(1/251)


اللفظ مجرى العلم المسمى به شخص فتوافقا في الاستغناء عن حرف التعريف، وعن الإضافة.
ومنعوه من الصرف إن كان فيه ما يؤثر مع العلمية الشخصية كـ"ثعالة" و"ذؤالة"، فإن فيهما ما في "طلحة" و"فضالة"1 من التأنيث والعلمية. وإن افترقا في المعنى.
لأن العلم الشخصي يختص بشخص من جنسه، وإن عرض فيه اشتراك فبتسمية أخرى.
والعلم الجنسي لا يختص بشخص من جنسه، بل لكل واحد من أشخاص2 جنسه فيه نصيب، إذ لا واحد أولى به من غيره.
__________
1 ع "فضال".
2 ع "من استغنى".

(1/252)


فصل الموصول:
"ص":
ملزوم عائد، وجملة، وما ... أشبهها موصول الاسما فاعلما
كـ"الَّذِ" و"الَّذْ" و"الَّذِيِّ" وَ"الَّذِي" ... ومثل ذي اللغات في "التي" احتذي
"ش": الموصول من الأسماء: ما لزمه عائد، وجملة أو شبهها.

(1/252)


فذكرت الأسماء تنيهًا على أن بعض ما يسمى موصولًا غير اسم، وسيأتي ذكره.
وذكر العائد ليخرج ما يشارك الاسم الموصول في الافتقار إلى جملة دون عائد. كـ"إذا" و"حيث".
وذكر اللزوم1 ليخرج الموصوف بجملة نحو: "رجل يقول الحق محمود".
وذكر شبه الجملة تنبيهًا على أن الصلة قد تكون غير جملة صريحة نحو "الذي عندك غير الذي في نفس المنطلق أبوه".
وبدئ بـ"الذي" و"التي"؛ لأنهما مستعملان2 في كل لغة، وفي كل مسمى.
ولأنهما كالأصل لغيرهما، إذ ما وقع أحدهما موقعه علم أنه موصول، وإلا فلا؛
ولأن موصوليتهما لازمة في الغالب.
بخلاف موصولية غيرهما.
وفيهما أربع لغات:
تخفيف الياء. وتشديدها. وحذفها مع كسر ما قبلها، وحذفها مع سكون ما قبلها.
__________
1 ع "الملزوم".
2 ك "يستعملان".

(1/253)


قال الشاعر في التشديد:
35-
وليس المال فاعلمه بمال ... وإن أرضاك إلا للذي
36-
ينال به العلاء ويصطفيه ... لأقرب أقربيه وللقصي
"وقال آخر في حذف الياء وبقاء الكسرة:
37- وَالَّذِ لو شاء لكنت صخرًا
38- أو جبلًا أصم مشمخرا
__________
35 و 36- من الوافر استشهد بهما المصنف في شرح التسهيل 1/ 32.
وابن الشجري في أماليه 2/ 305، وابن الأنباري في الإنصاف 675، ولم ينسبهما أحد ممن استشهد بهما.
ورواية الإنصاف:
وليس المال فاعلمه بمال ... من الأقوام إلا للذي
ينال به العلاء ويمتهنه ... لأقرب أقربيه وللقصي
وعلى هذه الرواية يكون جزم يمتهنة ضرورة. وهو من امتهنت الشيء: أهنته واحتقرته ورواية المصنف في شرح التسهيل هي رواية الإنصاف.
وفي ع "وليس الحال".
في هـ "تنال".
37 و 38- جبل أصم: صلب. مشمخر: عال.

(1/254)


وقال آخر في حذف الياء وتسكين ما قبلها:
39- كالذ تزبى زبية فاصطيدا"1
واللغات الأربع مقولة أيضًا في "التي"2.
__________
1 هكذا ورد في الأصل وزادات ك وع وهـ عن ذلك كما يلي:
وقال رجل من طيئ في الحذف وبقاء الكسرة "هـ: أنشده ابن الأنباري في أماليه عن الأصمعي".
لا تعذل الذ لا ينفك مكتسبًا ... حمدا ولو كان لا يبقي ولا يذر
وقال آخر:
والذ لو شاء لكنت صخرًا ... أو جبلًا أصم مشمخرا
ومثله:
شغفت بك ألت تيمتك فمثل ما ... بك ما بها من لوعة وغرام
وقال هيمان بن قحافة في تسكين الذال:
أحمد رب النعمة الذ تمت ... نعماؤه علي واستتبت
وقال آخر في تسكين التاء:
أرضنا الت آوت ذوي الفقر والذل ... فآضوا ذوي غنى واعتزاز
2 هـ سقط "واللغات الأربع مقولة أيضًا في التي".
39- تزبى اللحم: نشره في الزبية، وهي الرابية، لا يعلوها ماء.
وهذا بيت من مشطور الرجز من أرجوزة تنسب إلى رجل من هذيل وأولها: "أريت إن جاءت به أملودا"، رواها السكري في شرح أشعار هذيل "الإنصاف 2/ 672 اللسان 20/ 343، الخزانة 3/ 497، ابن يعيش 7/ 45".

(1/255)


"ص": وبـ"اللذين" و"اللتين" "ثنيا"1
وألفًا في الرفع -أيضًا-2 أعطيا
والنون قد تشد منهما3 ومن
"ذين" "تين" عوضًا كي لا يهن
"ش": يقال: "جاء اللذان ذهبًا، واللتان ذهبتا".
و"مررت باللذين ذهبا، وباللتين ذهبتا".
و"جاء ذان وتان". و "مررت بذين وتين".
أجريا مجرى مثنى المعرب.
وكان مقتضى الأصل أن يقال: "اللذيان" و"اللتيان" و"ذيان" و"تيان" كما يقال: "شجيان" و"فتيان".
إلا أن ياء "الذي" و"التي"، وألف "ذا" و"تا" لما4 لم يكن لهما حظ في الحركة شبهتا عند ملاقاتهما5 الف التثنية بألف المقصور إذا لقي ألف الندبة. فوافقتها6 ففي الحذف.
__________
1 ع "غنيا".
2 ع "أيضًا في الرفع".
3 ش وك "فيهما".
4 ك وع سقط "لما".
5 في الأصل "ملاقاتها".
6 ك وع "فوافقها".

(1/256)


فكما يقال1 في الندبة "واموساه" لا واموساه" لا "واموسياه"2 قيل هنا: "اللذان" و"ذان" لا "اللذيان"3 و"ذيان".
وأيضًا فحذف ألف المقصور المثنى أولى من قبله؛ لأن4 في حذفه5 تخلصًا6 من تصحيح حرف علة متحرك بعد فتحة.
لكن عدل إلى القلب، لئلا يلتبس مثنى بمفرد الحال الإضافة.
واسم الإشارة لا يضاف فعومل بالحذف، وحمل عليه "الذي" و"التي" لشبه7 ياءيهما في لزوم المد بالألف؛ ولأنهما لا يضافان.
ولما حذفت الياء، والألف من "الذي"8 و"التي" و"ذا" و"تا" في التثنية، وكان لهما حق في الثبوت شددوا النون من "اللذين" و"اللتين" و"ذين" و"تين" ليكون ذلك عوضًا9 من الياء والألف.
__________
1 ع "بقا".
2 ع "واموسيتاه".
3 ع "سقط اللذيان".
4 ع "لأنه".
5 ع "حذفها".
6 هـ "مخلصًا".
7 ك وع "ليشبهه".
8 ك "الذ".
9 ك وع "ليكون عوض".

(1/257)


"ص":
وللذكور العقلا "الذينا" ... في كل حال وأتى1 "الذونا"
في الرفع عن هذيل و"اللاءونا"2 ... وجا "الألى" و"اللاء" كـ"الذينا"
"ش": إذا جمع "الذي" وأريد به من يعقل فهو مبني عند غير هذيل. وأما هذيل فيشبهونه بصفات الذكور العقلاء فيعربونه، ويقولون: "نصر الذون هدوا على الذين ضلوا".
وكذا3 يفعلون4 بـ"اللائين" -وهو جمع "اللائي"5 بمعنى "الذين"- فيقولون: "لعن اللاءون كفروا".
ويقول غيرهم: "لعن اللائين" فيبنيه6.
ويستعمل "الألى" بمعنى "الذين" كثيرًا، و"اللاء" قليلًا ومن ورود "اللاء" بمعنى "الذين" قول الشاعر:
__________
1 ع "والتي".
2 هكذا في ك وع وهـ وس وش وط أما الأصل، فجاء الشطر كما يلي:
عن طيئ رفعًا كذا اللاءونا ... .........................
وهذا لا يتفق مع ما جاء في الشرح.
3 ك وع سقط "وكذا".
4 زادت ك وع "يفعلون ذلك".
5 ك "اللاء".
6 فيبنيه هكذا في الأصل وع وك أما هـ "فيبنونه".

(1/258)


40-
من النفر اللاء الذين إذا هم ... تهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا
"ومن ورود "اللاء" بمعنى "الذين" قول الشاعر"1:
41-
فما آباؤنا بأمن منه ... علينا اللاء قد مهدوا الحجورا
وسمع الكسائي2 "اللاء وفعلوا"3.
__________
40- من الطويل لم أعثر على قائله، ولم أجد من استدل به غير المصنف في هذا الكتاب إلا الفراء في معاني القرآن 3/ 84، وصاحب الخزانة 3/ 529 وروايتهما:
.......................... ... تهاب اللئام...............
ولم يعزوا البيت إلى قائل معين.
41- من الوافر أنشده ابن الشجري في أماليه 2/ 308. والعيني في المقاصد 1/ 429 وغيرهما ولم ينسبه أحد إلى قائل معين، وإنما هم رددوا مقالة الفراء:
"أنشدني رجل من سليم".
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 32.
1 سقط ما بين القوسين من الأصل.
2 علي بن حمزة بن بهمن بن فيروز الأسدي أبو الحسن، الكوفي، إمام في النحو واللغة والقراءات توفي سنة 189 هـ تقريبًا.
3 قال ابن الشجري في الأمالي 2/ 308:
قال الكسائي: سمعت هذيلًا تقول: "هم اللاءو فعلوا كذا وكذا".
ومنهم من يقول: "هم اللائي فعلوا" -بالباء- في الأحوال الثلاث".
قال الفراء:
وهذه اللغة سواء في الرجال والنساء، ومنهم من يحذف الياء في الرجال والنساء، فيقول: "هم اللاء فعلوا" و"هن اللاء فعلن". قال وأنشدني رجل من سليم:
فما آباؤنا....

(1/259)


أراد1 اللاءون فحذف2 النون دون ضرورة.
"ص"
وموضع "الذين" يكثر "الذي" ... إن كان مفهوم الجزا به احتذي
أو كان مقصودًا به الجنس وما ... خالف هذين فنزرا علمًا
نحو: "الذي حانت بفلج" وكذا
ما كان مشبهًا لـ"عمي اللذا".
"ش": مثال وقوع "الذي" في موضع "الذين" لتضمنه معنى الجزاء: قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} 3.
ومثال المقصود به الجنس قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي
__________
1 ك "إزاء".
2 ك "محذوف".
3 الآية رقم "33" من سورة "الزمر".
قرأ ابن مسعود: "والذي جاء بالصدق وصدقوا به".
وقرأ أبو صالح: "والذي جاء بالصدق وصدق به" -بفتح الصاد والدال من غير تشديد.
"ينظر: مختصر ابن خالويه ص 132".

(1/260)


اسْتَوْقَدَ نَار} 1 و"قوله": {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} 2، 3.
فهذان النوعان يستعملان كثيرًا.
وما سوى ذلك قليل كقول الشاعر:
42-
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد
أراد الذين فحذف النون
وكذا استعمال المثنى بلا نون قليل -أيضًا-4 ومنه قول الشاعر، وهو الأخطل:
__________
1 من الآية رقم 17 من سورة البقرة وتمامها: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} .
2 هـ "أو كما يقوم".
3 من الآية رقم "275" من سورة "البقرة".
4 ك وع سقط "أيضًا".
42- من الطويل من جملة أبيات تنسب للأشهب بن رميلة، كما تنسب لحريث بن محفض يرثي بها قومه، والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 32.
"ينظر: سيبويه 1/ 96، الخزانة 2/ 507، شرح شواهد المغني للسيوطي 175، أمالي ابن الشجري 2/ 307".

(1/261)


43-
أبني كليب إن عمَّيَّ اللذا ... قتلا الملوك وفككا الاغلالا
وأنشد الفراء في حذف نون "اللتين":
44- هما اللتا ولدت تميم
45- لقيل: فخر لهم صميم
__________
43 من الكامل من قصيدة للأخطل يفتخر فيها بقومه، ويهجو جريرًا وقومه "الديوان ص 44".
وعنى بعميه: عمرا ومرة ابني كلثوم.
فإن عمرا قتل عمرو بن هند ملك العرب
ومرة قتل المنذر بن النعمان بن المنذر
وأخطأ الزمخشري حين نسبه إلى الفرزدق.
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 32، ولم ينسبه المصنف هناك.
44 و 45- نسب العيني في المقاصد النحوية هذا الشاهد للأخطل، وليس في ديوانه.
قال البغدادي في الخزانة 2/ 503: وقد فتشت أنا في ديوان الأخطل فلم أجده فيه.
هما: متبدأ.
واللتا: خبره بتقدير موصوف أي هما المرأتان اللتا.
والجملة الشرطية مع جوابها صلة الموصول، والعائد محذوف لكونه مفعولًا أي: ولدتهما.
وتميم: فاعل ولدت وهو أبو قبيلة.
والصميم: الخالص المنتقي، وهو صفة للمبتدأ، ولهم: الخبر، والجملة مقول القول.

(1/262)


"ص": وصف "الذي" عن صلة يغني لدى
أبي علي منه قول من شدا ... حتى إذا كانا هما اللذين
مثل الجديلين المحملجين ... وفي الحروف المصدريات يعد
عن يونس فاعرف وحقق ما ورد1
"ش": أجاز الفراء في قوله تعالى: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَن} 2 أن تكون "الذي" موصوفة بـ"أحسن" جاعلًا" "أحسن" أفعل تفضيل.
__________
1 هكذا وردت هذه الأبيات في الأصل وفي س وش وط وع وك جاء موضعها ثلاثة أبيات أخرى هي:
وصف "الذي" معرفًا، أو مثله ... قد يغن عن وصلكه بجملة
كما إذا كانا هما اللذين ... مثل الجديلين المحملجين
قد يجيء مصدريًا مثل ما ... يونس والفرا بهذا حكما
2 من الآية رقم "154" من سورة "الأنعام" وتمامها:
{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} .
القراءة المشهورة بنصب "أحسن"، وقرأ الحسن والأعمش برفع "أحسن"، وقرأ ابن محيصن "أحسنوا"، وقرأ ابن مسعود "الذين أحسنوا".
"ينظر: المحتسب 1/ 234، إتحاق فضلاء البشر ص 220 مختصر ابن خالويه ص 141".
وفي كتاب إعراب القرآن المنسوب للزجاج: في فاعل "أحسن" قولان:
أحدهما: موسى. أي: تمامًا على إحسان موسى بطاعته. عن الربيع =

(1/263)


قال: لأن العرب "تقول: "مررت بالذي"1 خير منك".
ولا تقول: "مررت بالذي قائم".
لأن "خيرًا منك" كالمعرفة إذ لم تدخل2 فيه الألف واللام.
وكذا يقولون: "مررت بالذي أخيك" و"بالذي مثلك".
جعلوا صلة3 "الذي" معرفة، أو نكرة لا تدخلها4 الألف واللام، وجعلوها5 تابعة لـ"الذي".
قال: "وأنشدني الكسائي:
46- إن الزبيري الذي مثل الجلم
47- مشى بأسلابك في أهل الحرم"
__________
= والفراء ... فيكون مذهب "الذي" مذهب المصدر كقول يونس في قوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} .
الثاني: أن يكون الفاعل "ذكر الله" أي: تمامًا على إحسان الله إلى أنبيائه، عن أبي زيد.
وقيل: تمامًا على إحسان الله إلى موسى بالنبوة، وغيرها من الكرامة.
عن أبي علي. 46 و 47.
1 هـ ع سقط ما بين القوسين.
2 ك ع: "يدخل".
3 هـ "إذا جعلوا".
4 ع ك "يدخلها".
5 سقطت الواو من الأصل.
46- 47- رجز استشهد به المصنف هنا، وفي شرح التسهيل 1/ 37، ولم يعزه
في الموضعين وفي ع "مثنى بأسلابك".

(1/264)


وأجاز الفراء -أيضًا- في "الذي" من "قوله تعالى": {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} أن تكون مصدرية، جاعلًا "أحسن" فعلًا مسندًا إلى ضمير موسى -عليه السلام.
والتقدير: تمامًا على إحسانه.
وهذا الذي ذهب إليه الفراء حكى مثله أبو علي1 في الشيرازيات عن أبي الحسن2، عن 3 يونس4.
وبه أقول. وهو اختيار ابن خروف5.
__________
1 الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، الفارسي، النحوي، ولد بـ"فسا" من أرض فارس. ثم قدم بغداد فاستوطنها. توفي سنة 377 هـ "بغية الوعاة 216، تاريخ بغداد 7/ 275، تلخيص ابن مكتوم 49، ذيل كشف الظنون 1/ 288، شذرات الذهب 3/ 88، مسالك الأبصار جـ 4 مجلد 2، ص 300".
2 سعيد بن مسعدة المجاشعي، كان الطريق إلى كتاب سيبويه. توفي سنة 210 هـ "أخبار النحويين البصريين 50، إشارة التعيين 20، بغية الوعاة 258، ابن خلكان 1/ 208".
3 هـ سقط "عن".
4 يونس بن حبيب بن عبد الرحمن الضبي، أحد القراء الذين غلب النحو عليهم توفي سنة 182 هـ "البلغة 295، معجم الأدباء 20/ 64، طبقات الزبيدي 48، مراتب النحويين 21، طبقات القراء 2/ 406".
5 علي بن محمد بن علي بن محمد الأندلسي، النحوي، أقام في حلب زمانًا ثم اختل عقله ومات سنة 609 هـ تقريبًا.
"وفيات الأعيان 14/ 433، طبقات ابن قاضي شهبة 447، نفخ الطيب 2/ 18، تاريخ أبي الفدا 3/ 121 مرآة الجنان 4/ 21.

(1/265)


وحكي عن الفراء أنه سمع بعض العرب يقول: "أبوك بالجارية الذي يكفل" و"بالجارية ما يكفل".
والمعنى: أبوك بالجارية كفالته.
قال ابن خروف: "وهذا صريح في ورود "الذي" مصدرية".
قلت: ومن ورود "الذي" مصدرية قول عبد الله بن رواحة، رضي الله عنه:
48-
فثبت الله ما آتاك من حسن ... في المرسلين ونصرًا كالذي نصروا
وحكى1 أبو علي في الشيرازيات عن يونس وقوع "الذي" مصدرية مستغنية عن عائد، وجعل من ذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} 2.
__________
1 ع ك هـ "وذكر".
2 من الآية رقم "23" من سورة "الشورى".
48- من البسيط نسبه المصنف لعبد الله بن رواحه -رضي الله عنه- وهو في الديوان ص 94 من أبيات قالها بعد أن ودع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ذاهب إلى مؤتة "سيرة ابن هشام 2/ 374".
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 37.
ورواية الديوان:
فثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا

(1/266)


ثم قال أبو علي:
ويقوي هذا أنها جاءت موصوفة غير موصولة "ما"1 أنشد الأصمعي:
49-
حتى إذا كانا هما اللذين
50-
مثل الجديلين المحملجين
قال أبو علي: ومجيء قوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} 2 على قياس قول يونس.
__________
1 سقطت "ما" من جميع النسخ بما فيها الأصل، لكن المقام يقتضيها.
2 من الآية رقم 69 من سورة "التوبة" وتمامها:
{كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا.....} .
49 و 50- كثر الاستدلال بهذا الرجز في كتب النحو، ولم ينسبه أحد إلى قائله وهو من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 37.
وربما كان هذا من أرجوزة خطام المجاشعي المشهورة التي أولها:
حي ديار الحي بالسهبين ... وطلحة الدوم وقد تعفين
والجديل: الزمام.
المحملج: المحكم الفتل.

(1/267)


فيكون التقدير: وخضتم كخوضهم فلا يعود لـ"الذي" منه1 شيء.
"ص":
بـ"اللات" و"اللاء" أجمع "التي" وصل ... ياء جوازًا و"اللواتي" قد نقل
وهكذا "اللواء" و"اللاءات" ... بالكسر والإعراب عن ثقات2
"ش": يقال في جمع "التي": "اللات" و"اللاء" و"اللاتي" و"اللائي". وإلى الأخيرين أشرت بقولي:
.........................وصل ... ياء جوازًا..........................
و"اللواتي" و"اللوائي" و"اللاءات"3 -البناء على الكسر، وبالإعراب جمع جمع. قال الشاعر:
51-
أولئك إخواني الذين عرفتهم ... وأخدانك اللائات زين بالكتم
__________
1 ك وع سقط "منه".
2 جاء هذا البيت في الأصل فقط.
وجاء موضعه في ك وع وس وش وهـ وط.
و"اللا" "اللوا" "اللواء" و"اللاءات" بالكسر والإعاب -أيضًا- يأتي.
3 ع "اللاءاتي".
51- من الطويل، وقد استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 32، والسيوطي في الهمع 1/ 83 ولم ينسبه هؤلاء أو =

(1/268)


وقالوا في "اللاء" و"اللواء"1: "اللا" و"اللوا".
وهذا من قصر الممدود. قال الكميت2:
52-
وكانت من اللا لا يعيرها ابنها ... إذا ما الغلام الأحمق الأم عيَّرَا
وقال3 الراجز:
53-
جمعتها من أنيق عكار
54-
من اللوا شرفن بالصرار
__________
= غيرهم إلى قائل معين.
والكتم: نبت يخلط بالحناء، ويخضب به الشعر فيبقى لونه.
يعرض الشاعر بهن وأنهن غير مصونات.
قال المصنف في شرح التسهيل بعد أن استدل بالبيت:
اللاءات -بضم التاء على الإعراب، وبكسرها على البناء.
وفي الأصل ... وأخدانك "اللات" وضع فوق التاء ضمة وتحتها كسرة، ثم كتب عليها بين السطور "سمعا".
1 في الأصول "واللوائي".
2 ك وع زادت الواو فأصبح التعبير: "وقال الكميت".
3 سقطت الواو من الأصل وزادت في ك وع "وقال".
52- من الطويل قاله الكميت بن زيد الأسدي، والرواية في الديوان 1/ 221 بالغين في "يعيرها" و"عيرا" وهي كذلك في هـ.
وكانت من اللا لا يغيرها ابنها ... إذا مالغلام الأحمق الأم غيرا
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 33.
53 و 54- هذا رجز نسبه أبو زيد في النوادر إلى كثير بن عطية ص 60. =

(1/269)


كـ"اللات" جا "الأولى" وطيئ بـ"ذو" ... على جميع ما مضى تستحوذ
وبعضهم أرعبها نحو: "رمى ... ذو عز ذا اعتدى بذي أجرى دما"
وكـ"التي"1 عن بعضهم "ذات" أتت ... كذا "ذوات": "اللات" عنهم رادفت
"ش": ورود "الأولى" بمعنى "الذين" كثير. ووروده بمعنى "اللاتي" قليل. وقد اجتمعا2 في قول أبي ذؤيب3:
__________
= ورواية النوادر:
منحتها من أينق غزار ... من أينق شرفن بالصرار
واستشهد بهذا الرجز المصنف في شرح التسهيل 1/ 33 وروايته التي اعتمدها:
جمعتها من أينق غزار ... من اللوا شرفن بالصرار
وعكار: جمع عكره -محركة العين- وهي القطعة من الإبل، يعني أنه التقط هذه الإبل من إبل كثيرة فهي جيدة.
والصرار: ككتاب: خيط يشد فوق خلف الناقة لئلا يرضعها ابنها -يعني أنها مدرة للبن.
شرف الناقة: كاد يقع أخلافها بالصر، وإنما يفعل ذلك بالناقة.
ليبقى بدنها وسمنها ليحمل عليها في السنة المقبلة "لسان".
1 ع "الذي" موضع "التي".
2 هـ "اجتمعت".
3 في الأصل "قول الشاعر" موضع "قول أبي ذؤيب".

(1/270)


55-
فتلك خطوب قد تملت شبابنا ... قديمًا فتبلينا المنون وما نبلي1
56-
وتفني الأولى يستلئمون على الأولى ... تراهن يوم الروع كالحدأِ القبل
فالأول: بمعنى "الذين".
والثاني: بمعنى "اللاتي".
ولذلك ذكر ضمير الأول، وأنت ضمير الثاني.
وقد استعمل كثير "الأولاء"2 بمعنى "الذين" ممدودًا
فقال:
57-
أبى الله للشم الأولاء كأنهم ... سيوف أجاد القين يومًا صقالها
__________
1 سقط هذا البيت من الأصل، وجاء في ك وع وهـ.
2 ك وع "الأولى".
55 و 56- من الطويل قالها أبو ذؤيب الهذلي "ديوان الهذليين 1/ 37 وهما من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 32 ولم ينسبهما.
والخطوب: جمع خطب وهو الأمر العظيم.
تملت شبابنا: استمتعت بهم طويلًا.
يستلئمون: يلبسون اللأمة وهي الدرع.
القبل: جمع قبلاء وهي التي في عينها حول.
57- من الطويل قاله كثير عزة "الديوان 2/ 50"، والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 32.
= وأبى الله: بمعنى قضى.
والشم: جمع أشم وهو الذي في أنفسه ارتفاع في القصبة مع استواء أعلاه.
القين: الحداد.
صقالها: جلاؤها.

(1/271)


وقال آخر في "الأولى" بمعنى "اللاتي":
58-
وأما الأولى يسكن غور تهامة ... فكل فتاة تترك الحجل أقصما
وقال كثير:
__________
58- من الطويل أنشده المصنف في شرح التسهيل 1/ 32 ولم ينسبه، أحد ممن استشهد به من بعده قال العيني 1/ 453 لم أعثر له على قائل معين.
والغور -في اللغة- المطمئن من الأرض بخلاف النجد.
قال الباهلي: كل ما انحدر سيله إلى الغرب عن تهامه فهو غور، وذات عرق أول تهامة إلى البحر وجدة. واشتقاق تهامة من التهم وهو شدة الحر وركود الريح والمدينة لا تهامية ولا نجدية فإنها فوق الغور، ودون نجد.
الحجل: بفتح الحاء وكسرها وسكون الجيم: أصله القيد ونقل إلى الخلخال وهو المراد هنا.
أقصما -بالقاف أو الفاء- الفرق بينهما أن فصم الشيء كسره بلا إبانة، وأما القصم فهو الكسر بالإبانة، وبالقاف أظهر -هنا- لأن معناه أن سيقان الفتاة لضخامتها تكسر الخلاخيل.

(1/272)


59-
إذا شحطت دار بعزة لم أجد ... لها في الأولى يلحين في ودها مثلًا
وحكى الأزهري1 أن "ذو"2 في لغة طيئ يستعمل3 بمعنى "الذي" و"التي" وتثنيتهما وجمعهما.
فيقال: رأيت ذو فعل، ذو فعل، وذو فعلت، وذو فعلا، وذو فعلتا وذو فعلوا، وذو فعلن4.
ومن مجيئها بمعنى "الذي" قول الشاعر:
60-
ذاك خليلي وذو يواصلني ... يرمي ورائي بامْسَهْم وامْسَلِمَه
__________
1 محمد بن أحمد بن أزهر أبو منصور ولد سنة 282 هـ بهراة من مدن خراسان، وبرع في اللغة توفي سنة 370 هـ.
2 هـ "ذوا".
3 هـ "تستعمل".
4 هـ "وذوا فعلا، وذو فعلوا وذوا فعلتا، وذو فعلن".
ينظر تهذيب اللغة للأزهري 15/ 41-45. وقد نص ص 45 على أنه لغة طيئ.
59- البيت في ديوان كثير ص 382 والرواية هناك:
................. لعزة................... ... ........ يلحين في وصلها مثلًا
وفي الأصل "تلحين" -بالتاء المثناة الفوقية- ولحاه: شتمه.
60- من البسيط ينسب إلى بجير بن غنمة الطائي. وقد مر الحديث عنه عندما ذكر المصنف علامات الاسم.

(1/273)


ومن مجيئها بمعنى "التي" قول الآخر:
61-
فإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت
وذكر ابن جني1 في المحتسب "أن بعضهم يعربها ومنه قول بعضهم:
62-
وإما كرام موسرون أتيتهم ... فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا
__________
1 عثمان بن جني أبو الفتح الموصلي، النحوي، اللغوي، البارع، صحب أبا علي الفارسي ومات سنة 392 هـ تقريبًا في بغداد.
61- من الوافر من جملة أبيات قالها سنان بن الفحل الطائي يخاطب بها عبد الرحمن بن الضحاك في شأن بئر وقع فيها نزاع بين حيين من العرب "ينظر: شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 591، وللتبريزي 1/ 231، وشرح التسيهل 1/ 34".
قال ابن هشام:
وزعم ابن عصفور أن "ذو" خاصة بالمذكر، وأن المؤنث يختص بذات وأن البئر في البيت بمعنى: القليب.
ومعنى طويت البئر: بنيتها بالحجارة.
62- من الطويل قاله منظور بن سحيم الفقعسي يهجو امرأته من قصيدة في ديوان الحماسة 2/ 35، والرواية هناك "فإما" -بالفاء.
فإما كرام موسرون لقيتهم ... ........................
ورواية المصنف هنا هي روايته في شرح عمدة الحافظ ص 8، وشرح التسهيل 1/ 34.

(1/274)


وذكر ابن درستويه1 في الإرشاد مثل ما ذكر ابن جني في المحتسب2".
ومنهم من يقول: "ذات" إذا أراد معنى "التي".
و"ذوات" إذا أراد معنى "اللاتي".
ومن ذلك رواية الفراء عن بعضهم:
"الفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به".
التي: التي أكرمكم الله بها، فحذف ألف "بها".
وحرك الباء بحركة الهاء -وهو من لغة طيئ أيضًا- ومن ورود "ذوات" بمعنى "اللاتي"3 قول الراجز:
63-
جمعتها من أينق موارق
64-
ذوات ينهضن بغير سائق
__________
1 سبق التعريف به.
2 ع سقط ما بين القوسين.
3 ع "اللائي" وك "الأولى" -وفي هامش الأصل: "ذوات بمعنى اللاتي فيها لغتان: الإعراب والبناء".
63 و 64- بيتان من مشطور الرجز نسبهما العيني 1/ 39 إلى رؤبة بن العجاج وهما في زيادات الديوان ص /180 واستشهد بهما المصنف في شرح التسهيل 1/ 33.
وموارق: جمع مارقة وهي المسرعة وفي هـ وع "سابق" موضع "سائق".

(1/275)


"ص": و"من" و"ما" لكل ما مضى1 هما ... كفؤان، واخصص، "من" بذي عقلٍ و"ما"
تعم والأولى بها الذي خلا ... منه، وذو الإبهام حيث مثلا
وعند الاختلاط خير من نطق ... في أن يجئ، منهما بما اتفق
و"من" أجز في غير من يعقل إن ... شابهه كذا إذا به قرن
"ش" المراد بـ"كل ما مضى" "الذي" و"التي" وتثنيتهما، وجمعهما، فإن كل واحد من "ما" و"من" صالح أن يراد به ذلك كله.
إلا أن "مَنْ" يختص بمن يعقل، و"ما" صالحة للصنفين، لكن أولاهما به ما لا يعقل، والمبهم أمره.
ومن ورود "ما" فيمن يعقل قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 2.
وقوله: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} 3.
__________
1 س، ش، هـ وع "لكل ما مر".
2 من الآية رقم "3" من سورة "النساء" وتمامها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} .
3 من الآية رقم "6" من سورة "المؤمنون"، وتمامها: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} .

(1/276)


ومن المبهم أمره: المشكوك فيه لبعده: هل هو إنسان أو غيره1، فيقال: "أنظر إلى ما ظهر، أي شيء هو"؟
وإذا اختلط صنف من يعقل بصنف ما لا يعقل جاز أن يعبر عن الجميع بـ"من" تغليبًا للأفضل كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 2.
"وأن يعبر عنه بـ"ما"؛ لأنها عامة في الأصل نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ 3} 4.
واستحسن التعبير بـ"من" عما لا يعقل إذا أجري مجرى من يعقل كقول الشاعر:
65- بكيت إلى سرب القطا إذ مررن بي
فقلت ومثلي بالبكاء جدير
66-
أسرب القطا هل من يعير جناحه ... لعلي إلى من قد هويت أطير
__________
1 ع "غيرها".
2 من الآية رقم "41" من سورة "النور" وتمامها: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ......} .
3 من الآية رقم "1" من سورة "الحديد".
4 ع سقط ما بين القوسين.
65، 66- هذان بيتان من الطويل ينسبان إلى غير واحد من الشعراء، فهما في ديوان مجنون ليلى ص 137، ونسبهما العيني =

(1/277)


أجراه مجرى من يعقل بأن كلمه فعبر عنه بـ"من"1.
كما ساغ لوصف2 الكواكب أن يجمع جمع من يعقل لكونه في الأصل لمن يعقل أعني السجود3. وإلى هذا أشرت بقولي:
.................. إن ... شابهه.................
ثم قلت:
.......................... ... ................. كذا إذا به قرن
فأشرت به4 إلى قوله تعالى: {خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} 5.
__________
= في المقاصد 1/ 431 إلى العباس بن الأحنف، وهما في ديوانه ص 83.
والرواية في هـ:
بكيت إذا سرب القطا قد مررن بي ... ...............................
والرواية في ديوان المجنون:
شكوت إلى................ ... ...............................
1 سقط من الأصل "بمن".
2 في الأصل "لوصف" وفي ع وك وهـ "لواصف".
3 يشير بذلك إلى قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} .
4 ع ك سقط "به".
5 من الآية رقم "45" من سورة "النور" وتمامها: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} .

(1/278)


وإلى قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُق} 1؟
وإلى ما حكاه الفراء2 من قول بعض العرب:
"اشتبه3 علي الراكب وحمله، فما أدري من ذا4 ومن ذا".
"ص":
و"من" في الاستفهام وارد و"ما" ... وفي الجزا والوصف -أيضًا- ألزما5
منكرين، وخلت من وصف ... "ما" -وحدها- كـ"ما أعز المكفي"
"ش": "من" على أربعة أقسام:
__________
1 من الآية رقم "17" من سورة "النحل".
2 قال الفراء في معاني القرآن 2/ 98:
وقوله: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُق} جعل "من" لغير الناس لما ميزه فجعله مع الخالق.
ثم قال:
والعرب تقول: "اشتبه علي الراكب وحمله، فما أدري من ذا من ذا" حيث جمعهما وأحدهما إنسان، صلحت "من" فيهما جميعًا.
3 ك ع "أشبه".
4 هكذا في ك وهـ وسقطت الواو من الأصل ومن ع "وضبط في الأصل "من ذ من ذا".
5 في س وضع الناسخ عنوانًا لهذا الفصل هو "أقسام من وما" وخلا الأصل وباقي النسخ من هذا العنوان؛ لأن المصنف -رحمه الله- اكتفى بوضع عناوين رئيسية للأبواب في الكتاب.

(1/279)


موصولة، وقد ذكرت.
واستفهامية نحو: "من عندك"؟
وشرطية نحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} 1.
ونكرة موصوفة/ كقول الشاعر:
67-
ألا رب من تغتشه لك ناصح ... ومؤتمن بالغيب غير أمين
و"ما" الاسمية على خمسة أقسام:
الأربعة كالأربعة.
والخامس الذي تنفرد به دون "مَنْ": وقوعها نكرة خالية من وصف.
وذلك في ثلاثة مواضعِ:
أحدها: في التعجب نحو: "ما أعز المكفي" أي: شيء جعل المكفني عزيزًا جدًّا.
__________
1 من الآية رقم "17" من سورة "الكهف".
67- من الطويل من أبيات سيبويه الخمسين 1/ 271، ومن شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 36، والسيوطي في الهمع 1/ 92، 2/ 28.
ومعنى تغتشه: تظن به الغش.

(1/280)


والثاني بعد "نعم" و"بئس" نحو: "نعما أنت" أي: نعم شيئًا أنت، وفي هذا خلاف1.
والثالث: في نحو قولهم: "إني مما أن أفعل" أي: إني من أمر أن أفعل أي: من أمر فعلي. قال الشاعر:
68-
ألا غنيا بالزاهرية إنني ... على النأي مما أن ألم بها ذكرا
أي: من أمر إلمامي.
وحيثما جاء "من ما" وبعدها "أن يفعل" فهذا تأويلها عند قوم.
والصحيح غير ذلك، وبيانه2 في باب "نعم" و"بئس" يستوفى3.
فإن لم يكن بعدها "أن" فهي بمعنى "ربما".
"ص":
واجعل كـ"ذو": "ذا" بعد "من" أو بعد"4 "ما" ... إن كنت معتدًا بـ"ذا" مستفهمًا
__________
1 سيبين المصنف هذا الخلاف في باب "نعم وبئس".
2 ك وع "وبأنه".
3 هـ "مستوفي".
4 هـ "وبعد".
68- من الطويل.
الزاهرية: التبختر.

(1/281)


"ش": قد تقدم أن "ذو" في لغة طيئ يستعمل بمعنى "الذي" و"التي" وفروعهما، فلذلك قلت:
واجعل كـ"ذو": "ذا" ... ............................
ونبهت على أن ذلك لا يكون إلا مع الاعتداد بـ"ذا" وعدم إلغائها.
وأن ذلك لا يكون -أيضًا1- إلا بعد "ما" أو"من" المستفهم بهما.
فيقال: ماذا صنعت؟ ومن ذا لقيت؟
فتكون "ما"2 و"من" استفهاميتين.
و"ذا" إما بمعنى "الذي" وإما ملغى.
فإن كان بمعنى "الذي" كانت "ما" و"من"3 في موضع رفع.
ورفع الجواب، والبدل من "ما" و"من".
فالجواب: كقولك بعد "ماذا صنعت"؟ خير.
وبعد "من ذا لقيت"؟ زيد.
__________
1 ع "أيضًا لا يكون".
2 فيكون "من" و"ما".
3 سقط "من" وفي ك كانت "من" و"ما".

(1/282)


ومن الجواب المرفوع قراءة أبي عمرو1: {مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} 2.
والإبدال بالرفع من "ما" و"من" كقولك بعد السؤالين3: "أخير أم شر" و"أزيد أم عمرو".
ومنه قول لبيد:
69-
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل
__________
1 زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحصين، التميمي، المازني، بصري أخذ عن ابن أبي إسحاق. وكان أوسع علمًا بكلام العرب ولغاتها وغريبها، أحد القراء السبعة، ولد بمكة، ومات بالكوفة سنة 154 هـ تقريبًا.
2 من الآية رقم 219 من سورة "البقرة" وتمامها: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} .
قرأ أبو عمرو برفع "العفو" على أن "ما" استفهامية، و"ذا" موصولة. على تقدير: الذي ينفقونه العفو. ووافقه اليزيدي.
وقرأ الباقون بنصب "العفو" على أن "ماذا" اسم واحد، فيكون مفعولًا به مقدمًا. والتقدير: أي شيء ينفقون؟ أنفقوا العفو.
3 يقصد السؤالين الماضيين.
69- مطلع قصيدة من الطويل قالها لبيد بن ربيعة يرثي النعمان، بن المنذر "الديوان 131".
يحاول: يستعمل الحيلة أي: الحذق في تدبير الأمور.
والنحب: من معانيه النذر وهو المقصود هنا.
والبيت من شواهد سيبويه 1/ 405، الفراء في معاني القرآن 1/ 139.

(1/283)


وإن كان1 "ذا" ملغى كانت "من" و"ما"2 في موضع نصب بـ"صنعت" و"لقيت".
ونصب الجواب والمبدل من "ما" و"من" كقوله تعالى:
{مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} 3.
وكقراءة غير أبي عمرو4 بنصب "العفو".
"ص":
وكالمواضي معربًا "أي" وفي ... تأنيث التا صل بها أو اكتف
وحيث صدر وصله يستلب ... يبنى، وفي بعض الكلام يعرب
وعند حذف ما له يضاف ... فليس في إعرابه خلاف
وتقتضي5 شرطًا أو استفهامًا ... ملتزمًا إعرابه التزاما
ونعت منكور وحالًا قد6 أتى ... كـ"حبتر"7 يتلوه: "أيما فتى"
__________
1 سقط "كان".
2 وع "ما ومن".
3 من الآية رقم "30" من سورة "النحل" وتمامها: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} .
4 ع سقط "عمرو".
5 ك وط "يقتضي".
6 ط "وحالًا ذا أتى".
7 ع "كجزء".

(1/284)


"ش": المراد بالمواضي "الذي" و"التي" وتثنيتهما، وجمعهما.
و"أي" تقع مواقعها كلها نحو: "أوصى من بنيك وبناتك أيهم هو أعقل، وأيهن أو أيتهن هي أعقل".
ولا بد من إعرابها إذا كملت صلتها، أو حذف ما تضاف1 إليه نحو قولك: "أوصى من بنيك أيا هو أفضل، أو أيا أفضل".
فإن صرح بما تضاف2 إليه، وحذف صدر الصلة بنيت على الضم كقوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} 3. ومثله قول الشاعر:
70-
إذا ما لقيت بني مالك ... فسلم على أيهم أفضل
__________
1 هـ "يضاف".
2 هـ "يضاف".
3 الآية رقم "69" من سورة "مريم".
القراءة المشهورة بضم الياء من "أيهم".
وقرأها بالفتح معاذ بن مسلم الهراء، وطلحة بن مصرف.
"ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 86".
70- من المتقارب ينسب إلى غسان بن وعلة كما في العيني 1/ 436، والخزانة 2/ 522، والبيت من وشاهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 35، وابن الأنباري في الإنصاف ص 715.

(1/285)


وقد تعرب1 -أيضًا- عند حذف صدر صلتها مع التصريح بما تضاف2 إليه3.
ومن ذلك قراءة بعضهم "أيهم أشد" -بفتح الياء4.
ومثال اقتضائها شرطًا قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 5.
ومثال اقتضائها استفهامًا قوله تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} 6.
وتجيء نعتًا لنكرة7 دالًّا على الكمال كقولك8: "مررت برجل أي رجل". أي: رجل كامل في الرجولية.
وعند دلالتها على الكمال تقع حالًا بعد المعرفة كقولك: "هذا عبد الله أي رجل"، ومنه قول الشاعر:
__________
1 ك وع "يعرب".
2 هـ "يضاف".
3 ك وع "أي" موضع "إليه".
4 قرأ بالفتح طلحة بن مصرف، ومعاذ بن مسلم الهراء "مختصر ابن خالويه86".
5 من الآية رقم "110" من سورة "الإسراء".
6 من الآية رقم "81" من سورة "الأنعام".
7 ع "نعتا لنكة".
8 ع "كقوله".

(1/286)


71-
فأومأت إيماءً خفيا لحبتر ... فلله عينا حبتر أيما فتى
"ص":
ولا تصل1 بجملة إن لم يفد ... وصل بها تعيين مفهوم قصد
وليس شرطًا كون ما تضمن ... يعلم به إبهامه قد يحسن
"ش": أي: لا تصل2 بجملة لا يجعل معناها أحد نحو: "الذي حاجباه فوق عينيه".
ولا بجملة إنشائية نحو: "جاء الذي بعتكه" قاصدًا لإنشاء البيع.
"وأما القسم فقد جوز بعضهم الوصول به.
ومنعه ابن السراج.
__________
1 ع "تضف".
2 هـ "يصل".
71- من الطويل من جملة أبيات للراعي النميري قالها وقد نزل به أضياف، ولم يجد قرى فأشار إلى غلامه فنحر ناقة من رواحلها، فلما جاءته إبله عوض صاحب الناقة.
والبيت في الديوان ص 177، وفي ديوان الحماسة شرح المرزوقي 1502.
أومأت: أشرت إشارة خفية.
حبتر: اسم غلام الشاعر، وهو ابن أخته كما قال الأعلم 1/ 302 هامش كتاب سيبويه.

(1/287)


ومن وروده قوله تعالى1: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} 2.
ولا بجملة طلبية نحو: "جاء الذي هل قام"؟
لأن كل ذلك لا يفيد تعيين ما قصد.
ولا يشترط كون ما تضمنت الصلة معلومًا "للسماع، بل الأكثر أن يكون معلومًا3".
وقد يعن4 للمتكلم قصد5 في إبهام الصلة فيكون ذلك مستحسنًا6 كقولك: "أعطيت زيدًا الذي أراد".
ويمكن أن يكون منه قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} 7.
"ص":
وصل بظرف، أو بحرف جر ... إن شئت وانو فعل مستقر
نحو "الذي عندك دون مالي" ... والعائد انوه بكل حال
__________
1 من الآية رقم "72" من سورة "النساء".
2 هكذا في الأصل وسقط ما بين القوسين من ك وع وهـ.
3 سقط ما بين القوسين من ع.
4 ع "يعز".
5 ع "قصدًا".
6 ع "مستحسن".
7 من الآية "78" من سورة "طه" وتمامها: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} .

(1/288)


وتكون الصلة -أيضًا- ظرفًا قائمًا مقام جملة فعلية نحو "عرفت الذي عندك".
أي: الذي استقر عندك، أو ثبت أو حصل.
وتكون1 الصلة -أيضًا- حرف جر ومجرروًا به، ويكون -أيضًا- قائمًا مقام جملة فعلية نحو: "عرفت الذي لك".
أي: الذي استقر لك أو ثبت، أو حصل.
وقولي:
"نحو الذي عندك دون مالي" ... ..............................
جامع للمثالين؛ لأن "ما" من "الذي عندك دون ما لي"2 بمعنى "الذي".
وفي "عندك" عائد على "الذي".
وفي "لي" عائد على "ما".
"ص":
وحذف عائد أجز إن اتصل ... نصبًا بفعل أو بوصف ذي عمل
"ش": الضمير العائد على الموصول إن كان منصوبًا بـ"إن" أو إحدى أخواتها لم يجز حذفه نحو "عرفت الذي كأنه أسد".
__________
1 ع "ويكون".
2 ع وك سقط "مالي".

(1/289)


وإن كان منصوبًا بفعل أو صفة، وكان منفصلًا لم يجز حذفه"1 نحو: "عرفت الذي إياه أكرمت، والذي أنت إياه مكرم".
وإن كان منصوبًا بفعل أو صفة، وكان متصلًا جاز حذفه وإبقاؤه" كقوله -تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} 2.
وقرأ شعبة3: "عَمِلَتْ أَيْدِيهم"4.
وكقول الشاعر:
72-
ما الله موليك فضل فاحمدنه به ... فما لدى غيره نفع ولا ضرر
أراد: الذي الله موليكه فضل، فحذف العائد؛ لأنه ضمير متصل منصوب بصفة عاملة عمل الفعل.
__________
1 ع سقط ما بين القوسين.
2 من الآية رقم "35" من سورة "يس".
3 شعبة بن عياش بن سالم أبو بكر -الحناط- بالنون الأسدي، النهشلي، الكوفي راوي حفص، اختلف في اسمه على ثلاثة عشر قولًا، أصحها شعبة توفي في جمادى الأولى سنة 193 هـ.
4 قرأ أبو بكر شعبة وحمزة والكسائي، وخلف "عملت" والباقون بالهاء "ص 157 إتحاف".
72- من البسيط استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 35، ولم ينسبه أيضًا ولم ينسبه أحد ممن استشهدوا به كالعيني 1/ 447، همع الهوامع 1/ 89 التصريح 1/ 145 الأشموني 1/ 170.

(1/290)


"ومثال الإبقاء "قوله -تعالى-"1: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} 2.
"ص": أو جره -مضافًا- أو حرف كما
جر به الموصول أو كفؤهما3
"ش" في4 قولي:
أوجره.....................
فاعل مستتر عائد على "وصف ذي عمل".
والهاء عائدة على "عائد"5 من قولي:
وحذف عائد أجز................. ... .............................
وحرف من قولي:
................... أو حرفكما ... جُرَّ بِهِ الموصول..................
__________
1 من الآية رقم 37 من سورة "الأحزاب".
2 ك وع وهـ سقط ما بين القوسين.
3 ع ك هـ جمعت هذا البيت مع البيت السابق معًا، ومزجت شرحهما، واضطربت ك وع فذكرت بيتًا ثالثًا مكررًا مع الثاني، فأصبحت الأبيات كما يلي:
وحذف عائد أجز إن اتصل ... نصبًا بفعل، أو بوصف ذي عمل
أو جره مضاف أو حرف كما ... جر به الموصول أو كفؤهما
كذا إذا جر بحرف مثل ما ... جر به الموصول أو كفؤهما
4 ك ع هـ "وفي".
5 هكذا في ك ع هـ وزاد الأصل "عائد أجز".

(1/291)


معطوف على فاعل "جره".
والحاصل: أن العائد إذا كان مجرورًا باسم مضاف إليه1 لم يجز حذفه نحو: رأيت الذي غلامه زيد".
وكذا إن جر بحرف لم يجر الموصول، ولا ما هو: هو2 في المعنى بمثله نحو: "رأيت الذي مررت به، وِأعرضت عن الذي رغبت فيه".
فإن جر بصفة تعمل عمل الفعل جاز حذفه كقوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} 3.
وكذا إن جر العائد بحرف، وجر الموصول بمثله لفظًا، ومعنى جاز حذف العائد نحو: "مررت بالذي مررت"4.
ومنه قوله تعالى: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُون} 5.
"أي: مما تشربون"6 منه.
__________
1 ك ع هـ "مجرورًا بإضافة غير صفة لم يجز حذفه".
2 ك ع هـ سقط "هو" الثانية.
3 من الآية رقم "72 "من سورة "طه" وتمامها.
{قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} .
4 ك ع "مررت به".
5 من الآية رقم "33" من سورة "المؤمنون".
6 ع سقط "أي مما تشربون".

(1/292)


ومنه قول الشاعر:
73-
نصلي للذي صلت قريش ... ونعبده وإن جحد العموم
وكذلك يجوز حذف العائد المجرور بحرف جر بمثله موصوف بالموصول، أو عائد عليه بعد الصلة.
فالأول كقول بعض الطائيين:
74-
إن تعن نفسك بالأمر الذي عنيت ... نفوس قوم سموا تظفر بما ظفروا1
ومثله:2
75-
لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت ... أبناء يعصر حين اضطرها القدر
__________
1 سقط هذا البيت من الأصل وجاء في ك ع هـ.
2 سقط "ومثله" من الأصل.
73- من الوافر استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 35، ولم ينسبه أيضًا كذلك لم ينسبه ابن عصفور في المقرب ص 7، ولا ابن هشام في قطر الندى ص 113.
74- من البسيط استشهد به المصنف أيضًا في شرح التسهيل 1/ 35 ولم ينسبه ولم ينسبه أحد ممن استشهد به من بعده. وقد نسبه العيني في المقاصد النحوية 1/ 449 إلى كعب بن زهير بن أبي سلمى، وليس في ديوانه.
75- من البسيط نسبه العيني 1/ 449 إلى كعب بن زهير بن أبي سلمى وليس في ديوانه. والرواية في ع "للأمر"، وهي خطأ فإن بها ينكسر الوزن.
ومعنى لا تركنن: لا تمل.
ويعصر: اسم رجل أبو قبيلة منها باهلة

(1/293)


والثاني كقول الآخر:
76-
ولو أن ما عالجت لين فؤادها ... فقسا استلين به للان الجندل
وإلى هذين أشرت بقولي:
............ حرف1 كما2 ... جر به الموصول أوكفؤهما
"ش": لأن الموصوف بالموصول كفؤ له.
والعائد عليه بعد الصلة كفؤ للعائد عليه من الصلة.
والتقدير: ولو أن عالجت به لين فؤادها.
__________
1 في الأصل "بحرف".
2 سقط "كما" من الأصل.
76- من الكامل قاله الأحوص الأنصاري من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز "الخزانة 1/ 248، الأغاني 18/ 196".
ورواية البغدادي في الخزانة.
..................... لين فؤاده ... .............................
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسيهل 1/ 35.
الجندل: ما يقله الرجل من الحجارة.

(1/294)


"ص":
وإن لـ1 "أي كان وهو مبتدا ... فحذفه يستحسنون أبدا
إن علم الحذف، وأما إن جهل ... فإنه بكل حال قد حضل2
وحذفه مع غير "أي" ما قوي ... دون استطالة فحقق ما روي
إذا كان العائد على الموصول مبتدأ استحسن حذفه مع "ش" أي"، وإن لم تكن3 صلتها مستطالة.
وإن كان متبدأ، والموصول غير "أي" لم يحسن حذفه إلا عند استطالة الصلة نحو قول بعض العرب: "ما أنا بالذي قائل لك شيئًا"4.
أي: ما أنا بالذي هو قائل لك شيئًا5.
وأن زادت الاستطالة ازداد الحذف حسنًا كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} 6.
__________
1 ع و "إلا لأي".
2 هكذا في الأصل. وفي هـ وك وع وس وش وط "حظل" بالظاء.
3 هـ "يكن".
4، 5 ك وع "سوءًا".
6 من الآية رقم "84" من سورة "الزخرف".

(1/295)


التقدير، والله أعلم: وهو الذي هو في السماء إله، وفي الأرض إله.
فإن عدمت الاستطالة ضعف الحذف، ولم يمتنع كقول بعضهم:
77-
من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه ... ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم
ومن ذلك قراءة بعض السلف1:
"تمامًا على الذي أحسن"2 -بالرفع.
أي: على الذي هو أحسن.
وأشرت بقولي:
__________
1 نسب ابن جني هذه القراءة في المحتسب 1/ 243 إلى ابن يعمر، ونسبها صاحب إتحاف فضلاء البشر للحسن والأعمش ص 220.
2 من الآية رقم "154" من سورة "الأنعام".
77- من البسيط استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 35، ولم ينسبه أيضًا -وقال العيني في المقاصد 1/ 446: لم أقف على اسم قائله.
والسفه: ضد الحلم، وأراد به هنا الكلام الفاحش.
لا يحد: لا يمل.
ورواية المصنف في شرح التسهيل.
............ لا ينطق.......... ... ...............................
وهي رواية ع وهـ وك.

(1/296)


............... وأما إن جهل ... فإنه1 بكل حال قد حضل
إلى صلة يكون العائد منها مبتدأ خبره ظرف أو جملة نحو:
"رأيت الذي هو عندك" أو"الذي هو ينطلق".
فإن مثل هذا العائد لا يحذف، إذ لو حذف جهل حذفه، لكون خبره على صورة الصلة التامة.
ومعنى حضل2: منع.
"ص":
وكـ"الذي": "أل" وفروعه ولا ... توصل3 بغير الوصف كـ"الكافي البلا"
وشذ نحو "الحكم التُرْضى" ومن ... رأى اضطراد مثل ذا فما وهن
لكن "من القوم الرسول الله ... منهم ونحوه قليل واه
"ش": التعبير بـ"أل" أولى من التعبير بالألف واللام، ليسلك في ذلك سبيل التعبير عن سائر الأدوات كـ "هل" و"بل".
__________
1 هكذا في هـ وع وك أمخا عبارة الأصل "فحذفه"، وهذا لا يوافق ما جاء في النظم أول الفصل.
2 هـ ع ك "حظل"، بالظاء.
3 هـ ك "يوصل".

(1/297)


فكما لا يعبر عن "هل" و"بل" بالهاء واللام، والباء، واللام. بل يحكى لفظهما، كذا ينبغي أن يفعل بالكلمة المشار إليها.
وقد استعمل التعبير بـ"ال" الخليل وسيبويه -رحمهما الله1.
وأشرت بقولي:
وكـ"الذي" "ال" وفروعه.... ... ................................
إلى وقوعها بمعنى " الذي" و"التي" وتثنيتهما وجمعهما.
ويظهر الفرق بالعائد نحو: "رأيت الكريم أبوه، والحسن وجهها، والمرضي عنهما، والمغضوب عليهم، والمنظور إليهم، والفاتن حسنهن".
ولما كانت "ال" الموصولة بلفظ المعرفة كره وصلها بجملة صريحة.
والتزم كون صلتها صفة في اللفظ مؤولة بجملة فعلية.
ولتأولها بجملة فعلية2 حسن عطف الفعل عليها كقوله
__________
1 قال سيبويه في الكتاب 2/ 64:
"وقال الخليل: ومما يدل على أن "ال" مفصولة من "الرجل"، ولم يبن عليها وأن الألف واللام فيها بمنزلة "قدِ" قول الشاعر:
دع ذا وعجل ذا وألحقنا بذل ... بالشحم إنا قد مللناه بجل"
2 ع سقط "ولتأولها بجملة فعلية".

(1/298)


تعالى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} 1.
وقد وصلت بالفعل المضارع، ولم يقع ذلك إلا في الشعر كقوله:
ما أنت بالحكم الترضَى حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل2
وأنشد3 أبو زيد:
78-
أتاني كلام الثعلبي بن ديسق ... ففي أي هذا ويله يتسرع
79-
يقول الخنا وأبغض العجم ناطقًا ... إلى ربه صوت الحمار اليجدع
__________
1 الآيتان "3، 4" من سورة "العاديات".
2 ع مر الشاهد في باب الكلام وما يتألف منه.
3 ع "وأنسد".
78- 79- هذان بيتان من الطويل من أبيات سبعة ِأوردها أبو زيد الأنصاري في نوادره ص 66، ونسبها إلى ذي الخرق الطهوي، وهو شاعر جاهلي.
الثعلبي: نسبة إلى ثعلبة بن يربوع فهو بالثاء المثلثة لا بالتاء المثناة، نسبة إلى تغلب
كما ضبط في بضع النسخ وابن ديسق: هو طارق بن ديسق، الخنا: الفحش وأصل ألفه ياء.
والرواية في هـ وك وع. "إلى ربها" الحمار اليجدع: الذي تقطع أذناه. يقال حمار مجدع: مقطوع الأذنين "قاموس".

(1/299)


وليس هذا بفعل مضطر بل فعل مختار لتمكنهما من أن يقولا1:
ما أنت بالحكم المرضى حكومته ... ............................
و................................ ... ... صوت الحمار يجدع2
وإلى هذا3 أشرت بقولي:
......................ومن ... رأى اطراد مثل ذا فما وهن
أي: فما ضعف رأيه.
وقد نبه سيبويه -رحمه الله- على أن ما ورد في الشعر من المستندرات لا يعد اضطرارًا، إلا إذا لم يكن للشاعر في إقامة الوزن، وإصلاح4 القافية عنه مندوحة5.
__________
1 سقطت من الأصل هذه العبارة موضعها "لتمكن قائلة من أن يقول".
2 سقط من الأصل "وصوت الحمار يجدع".
3 هـ "وإلى ذا".
4 ع "واصطلاح".
5 من المواضع التي نبه فيها سيبويه على رأيه في أن الضرورة، هي التي لا يكون للشاعر عنها مندوحة قوله 1/ 44.
"ولا يحسن في الكلام أن يجعل الفعل مبنيًا على الاسم، ولا يذكر علامة إضمار الأول حتى حتى يخرج من لفظ الإعمال في الأول. ومن حال بناء الاسم عليه، ويشغله بغير الأول حتى يمتنع من أن يكون يعمل فيه. ولكنه قد يجوز في الشعر، وهو ضعيف في الكلام.
قال الشاعر وهو أبو النجم العجلي: =

(1/300)


ومما يشعر بأنهم فعلوه اختيارًا أنهم لم يفعلوا ذلك إلا بالفعل المضارع، لكونه شبيهًا باسم الفاعل.
وأما قول الشاعر:
80-
من القوم الرسول الله منهم ... لهم دانت رقاب بني معد
فنادر معدود من الضرورات؛ لأن الألف واللام فيه1 بمعنى "الذين"2 ولا يتأتى له الوزن إلا بما فعل.
"ص":
وسم موصولًا من الحروف ما ... يغني عن المصدر حيث تمما
وهن "أن" و"ما" و"كي" و"أن" مع
"لو" نحو، "ود ذو مراد لو يقع"
__________
=
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع
فهذا ضعيف، وهو بمنزلته في غير الشعر؛ لأن النصب لا يكسر البيت، ولا يخل به ترك إظهار الهاء، وكأنه قال: "كله غير مصنوع".
80- من الوافر اشتهد به كثير من النحاة، ولم ينسبه أحد إلى قائله وهو من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 34 ولم ينسبه هناك كما لم ينسبه ابن هشام في المغني ش 63، ولا السيوطي في شرح شواهد المغني 1/ 161.
دانت: خضعت، وذلت، معد: ابن عدنان.
1 ك ع سقط "فيه".
2 ع "الذي".

(1/301)


فوصلوا "كي" بمضارع، و"أن" ... بذي تصرف من الفعل كـ"ظن"
و"ما" بذي تصرف لا أمر ... ووحدها مجرى اسم وقت تجري1
وصح وصلها بجملة ابتدا ... إن كان توقيت بها قد قصدا2
كمثل: "جد ما الجود ممكن" وقد ... تأتي كذا والوقت غير معتمد
وصل بمعموليه "أن" ولـ"لو" ... من جملة الأفعال ما لـ"ما" ارتضوا
وأكثر استعمال "لو" بإثر ما ... يجدي تمنيا كـ"ودوا لو نما"
"ش": الموصولات الحرفية "أنْ" و"أنَّ" و"ما" و3 "كي" و"لو" إذا حسن في موضعها "أنْ".
ولم يذكر "لو" في الحروف المصدرية -فيما أعلم- إلا الفراء وأبو علي في التذكرة، وذكرها أبو البقاء4.
__________
1 هـ ع "يجري".
2 ع "قصد".
3 سقطت الواو من الأصل "وما كي".
4 محب الدين أبو البقاء، العكبري، البغدادي، الضرير، النحوي، الحنبلي توفي ببغدادي سنة 616 هـ قال أبو البقاء في "إملاء ما مَنَّ به =

(1/302)


وأجاز أبو علي أن ينصب الفعل المعطوف على صلتها، وجعل من ذلك قراءة بعض القراء:1 {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون} 2.
قال أبو علي:
كأنه قال: "ودُّوا3 أن تدهن فيدهنوا".
فحمل على المعنى كما حمل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ} 4 في زيادة الباء على: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} 5 لما6 كان معناهما واحدًا.
__________
= الرحمن ص 227" في بيان قوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} :
"لو" هنا بمعنى "أن" الناصبة للفعل ولكن لا تنصب. وليست التي يمتنع بها الشيء لامتناع غيره. ويدلك على ذلك شيئان:
أحدهما: أن هذه يلزمها المستقبل، والأخرى معناها في الماضي.
والثاني: أن "يود" يتعدى إلى مفعول واحد، وليس مما يعلق عن العمل.
1 الآية رقم 9 من سورة القلم.
2 ع "فيدهنون". في البحر المحيط 8/ 309 "جمهور المصاحف على إثبات النون. وقال هارونك إنه في بعض المصاحف "فيدهنوا"، وقد ذكر أبو حبان وجهين للنصب".
3 ك وع سقط "ودوا".
4 من الآية رقم 99 من سورة الإسراء.
5 من الآية رقم 81 من سورة يس.
6 ع "كما كان".

(1/303)


وأكثر وقوع "لو" هذه بعد "ود" أو"يود" أو ما في معناهما1.
وبهذا يعلم غلط من عدها حرف تمن إذ لو صح ذلك لم يجمع بينها2 وبين فعل تمن، كما لا يجمع بين "ليت" وفعل تمن.
ومن ورود "لو" مصدرية دون فعل تمن قول الشاعر:
81-
لقد طوفت في الآفاق حتى ... بليت وقد أنى لي لو أبيد
ومثله قول قتيلة بنت النضر3 بن الحارث:
82-
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
__________
1 ع "بعد ود" أو ما في معناها.
2 ع "بينهما".
3 هـ "النظر".
81- من الوافر قائله المسجاح بن سباع الضبي، وهو من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 38.
بمعنى: أنى: قرب أبيد: أهلك.
82- من الكامل من جملة أبيات قالتها قتيلة بنت النضر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النضر يوم بدر فعاتبته بهذه الأبيات.
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 38، وهي بتمامها في المقاصد النحوية للعيني 4/ 471 وفي "الدرر اللوامع للشنقيطي 1/ 54.

(1/304)


ولا يتعين كون "كي" مصدرية إلا إذا دخلت عليها اللام نحو، "لكي تحسن"، فإنه بمنزلة لأن تحسن.
ولأن "كي" إما بمنزلة "أن" وهي المصدرية.
وإما بمنزلة لام الجر الدالة على التعليل.
فاجتماعهما ينفي1 أن يكون بمنزلة اللام، إذ لا يدخل حرف جر على حرف جر.
فإذا خلت من اللام احتمل أن تكون مصدرية، فيكون الفعل صلتها ومنصوبًا بها.
وإذا اقترنت بها لم تكن2 إلا مصدرية.
وأما "أن" المصدرية فتوصل بفعل3 متصرف ماض أو مضارع، أو أمر نحو قولهم: أو عزت إليه بأن افعل".
ولو قيل: "أن الفعل" بلا باء احتمل أن تكون 4 "أن"5 مصدرية، وأن تكون6 بمعنى "أي" في الدلالة على التفسير7.
__________
1 ع "ينبغي".
2 هـ ع "لم يكن".
3 هـ "بحرف".
4 هـ "يكون".
5 هـ سقط "أن".
6 هـ "يكون".
7 جاء في هامش الأصل "حاشية".

(1/305)


وأما "ما" المصدرية فتوصل بفعل متصرف غير أمر، ومثلها "لو".
إلا أن "ما" تنفرد بنيابتها عن ظرف زمان، وصلتها حينئذ فعل ماضي اللفظ، مثبت، أو مضارع منفي بـ"لم" نحو: "أصلك ما وصلتني1 وما لم تصل عمرًا".
وتوصل -أيضًا- إذا نابت عن ظروف الزمان بجملة ابتدائية كقول الشاعر:
83-
واصل خليلك ما التواصل ممكن ... فلأنت أو هو عن قريب ذاهب
وقد توصل بها في غير توقيت كقول الكميت:
84-
أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفي من الكلب
__________
= ذكر الزمخشري في الكشاف أن "أن" في قراءة أبي "وأن ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" على زيادة "أن" مع الأمر، على أن "أن" موصولة بفعل الأمر كما تقول أمرته "أن أفعل" تمت.
1 ع "ما واصلتني".
83- من الكامل اشتهد به المصنف -أيضًا- في شرح التسهيل 1/ 38، ولم ينسبه ولم أعثر على من نسبه ممن استشهد به من بعده.
84- من البسيط نسبه المصنف للكميت بن زيد الأسدي، وهو في ديوانه 1/ 81 والكلب -بالتحريك: داء يصيب الكلب شبه الجنون فإذا عض إنسانًا صار مثله، فإذا أخذ قطرة من دم شريف زال عنه ما به.
وقيل: إن المقصود أن دماء هؤلاء تشفي من الثأر، فإذا قتلهم صاحب وتر شفي غيظه. السقام -بفتح السين: المرض.
والبيت من شواهد المصنف في شرح التسهيل 1/ 38.

(1/306)


وأما "أن" فتوصل باسمها ويخبرها، وستذكر في بابها -إن شاء الله تعالى.
"ص":
وصلة الموصول منه كالعجز ... فوصلها حتم، وسبق لم يجز
وأنه عن الفصل بأجنبي ... وما يشذ اقصر على المروي
والفصل بالنداء قبل من قصد ... به أجز، وغيره نذرًا وجد
وباعتراض فصلوا كـ"ساء من ... وما التشكي نافع -يشكو الزمن"
وحذفها في قصد الابْهام استبح ... وحيث دونها المراد متضج
فإن1 يك الموصول حرفيًا أو "ال" ... فالعامل الذي يليه لا العمل
__________
1 ط وع والأصل "فإن" وك وس وش "وإن".

(1/307)


وربما أسقط موصول عرف ... بسابق عليه ساقط عطف
"ش": الموصول والصلة في حكم كلمة واحدة لا من كل وجه.
فالموصول كصدر الكلمة، والصلة كعجزها فحقهما1 أن يتصلا
ولا تتقدم2 الصلة3، ولا شيء يتعلق بها. ولا تفصل4 هي ولا شيء منها بأجنبي، وأعني5 به ما لا يتعلق بها، ولا يغني6 تعلقه بالموصول.
بل لا يخبر7 عن الموصول إلا بعد تمامها، أو تقدير تمامها8.
وقد فصل بينهما بالنداء فصلًا مستحسنًا إن كان الذي يلي المنادى.
هو المنادى في المعنى كقول الشاعر.
__________
1 ك وع "فحقها".
2 ك "يتقدم".
3 ع "تتصل أولًا بتقديم الصلة".
4 ك "يفصل".
5 ع "ذو غنى".
6 ع "تغني".
7 ك ع "يخبر" وفي الأصل وهـ "تخبر".
8 ك ع سقط "أو تقدير تمامها".

(1/308)


85-
وأنت الذي -يا سعد- بؤت بمشهد ... كريم وأثواب المكارم والحمد
فإن لم يكن كذلك عد شاذا كقول الفرزدق1:
86-
تعش فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من -يا ذئسب- يصطحبان
والقسم ليس بأجنبي؛ لأنه مؤكد للصلة كقول النبي -عليه السلام2.
"وأبنوهم بمن -والله- ما علمت عليه من سوء قط"3.
فالفصل بهذا لا يختص بضرورة.
بخلاف الفصل بغيره فإنه لا يستباح إلا في الضرورة كقوله:
__________
1 ك "كقوله أي الفرزدق" ع "كقول أبي الفرزدق".
2 هكذا في الأصل، أما في هـ وع وك صلى الله عليه وسلم.
3 أخرجه مسلم 58 توبة.
أبن الرجل: اتهمه وعابه.
85- من الطويل قاله حسان بن ثابت من قصيدة يرثي بها سعد بن معاذ -رضي الله عنهما- "سيرة ابن هشام 711" ورواية السيوطي في همع الهوامع 1/ 88 "وأثواب السيادة" والرواية في الأصل "وأثواب المكاره" وهو بعيد.
86- من الطويل من قصيدة للفرزدق يذكر قصته مع ذئب اسضافه في بعض أسفاره " الديوان ص 870".

(1/309)


87-
كذلك تلك وكالناظرات ... صواحبها -ما يرى- المسحل
التقدير: كذلك الحمار الوحشي تلك الناقة، وصواحبها كالناظرات ما يرى المسحل.
ففصل1 بـ"صواحبها" -وهو مبتدأ- بين "ما يرى المسحل" و"الناظرات".
والألف واللام بمعنى "اللاتي"، وصلتها "ناظرات" و"ما يرى المسحل".
وينبغي في مثل هذا أن يقدر تمام الصلة قبل ما يظهر أنه منها. ويقدر له عامل مذلول عليه بالصلة.
فهذا أسهل من الفصل بين جزأي الصلة.
ومن الفصل المستحسن: الفصل بجملة الاعتراض كقولي2:
......................... ساء من ... وما التشكي نافع -يشكو الزمن
أي: ساء من يشكو الزمن، وما التشكي نافع.
__________
87- من المتقارب قائله الكميت بن زيد الأسدي "الديوان 2/ 35".
1 ع "فصل".
2 هـ "كقول".

(1/310)


ففصل بهذه الجملة؛ لأن ذكرها مقر لمعنى الكلام1، ومنه قول الشاعر:
88-
ماذا ولا عتب في المقدور رمت أما ... يحظيك بالنجح، أم خسر وتضليل
"ثم قلت"2:
وحذفها في قصد الإبهام استبح ... ...............................
أي استبح حذف الصلة عند قصد الإبهام كقوله:
89-
ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها ... وكفيت جانيها اللتيا والتي
__________
1 زادت هـ وك "مقو لمعنى الكلام ليس بأجنبي؛ لأنه مؤكد للصلة".
وعبارة ع "مقو لمعنى الكلام ليس بأجنبي؛ لأنه مقو لمعنى الكلام".
2 "ثم قلت" زيادة لم ترد في جميع النسخ والمقام يقتضيها.
88- من البسيط من الشواهد التي لم يعلم قائلها.
ورواية السيوطي في همع الهوامع 1/ 88.
............................أما ... يكفيك........................
والشاهد في هذا البيت فصل الشاعر بين "ماذا" و"رمت" بقوله "ولا عتب في المقدور".
89- من الكامل من قصيدة قالها سلمى بن ربيعة يتلهف على امرأته وكانت فارقته "شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 551، أمالي ابن الشجري 1/ 25، نوادر أبي زيد ص 120 شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 214، الأصمعيات 162".
الرأب: الإصلاح. الثأى: الفساد. اللتيا والتي: اسمان للكبيرة والصغيرة من الدواهي.

(1/311)


وكقوله:
90- والله أنجاك بكفي مسلمت
91-
من بعد ما، وبعدما1 وبعدمت2
وعند حصول البيان بدونها كقوله:
92-
نحن الأولى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا
أي: نحن3 الأولى عرفوا.
ومثله قول الآخر:
__________
1 هـ سقط "وبعد ما".
2 زادت هـ "أبدل الألف هاء" -يقصد من ما.
3 ع "ونحن" موضع "أي نحن".
90 و91- هذان بيتان من مشطور الرجز ينسبان إلى أبي النجم العجلي، وهما في المقصاد النحوية للعيني 4/ 559، والخزانية 2/ 148، وابن يعيش 5/ 89 ونسبهما في اللسان "ما".
92- من مجزوء الكامل قاله عبيد بن الأبرص من قصيدة يخاطب بها امرأ القيس بن حجر الكندي، وكان بنو أسد قد قتلوا والد امرئ القيس "ديوان عبيد 137" ورواية الديوان:
نحن الأولى جمع جمو ... عًا ثم وجههم إلينا

(1/312)


93-
أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلا الذي عن بين جنبيك تدفع
أي: فهلا الذي تجزع1 منه تدفع2 عن بين جنبيك.
وجائز تقديم المعمول على عامل الصلة نحو قولك في3 "جاء الذي ضرب زيدًا": "جاء الذي زيدًا ضرب".
فإن كان الموصول الألف واللام، أو حرفًا مصدريًا لم يجز تقديم المعمول؛ لأن4 امتزاج الألف واللام والحرف المصدري بالعامل آكد من امتزاج غيرهما به.
وقد يسقط الموصول المعطوف على موصول قبله للعلم به5 كقول حسان بن ثابت6 -رضي الله عنه.
94-
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
__________
1 هـ "يجزع".
2 هـ "يدفع".
3 هـ "في نحو".
4 ع "لأن لأن".
5 هـ سقط "للعلم به".
6 هكذا في ع وك وهـ وسقط من الأصل "ابن ثابت".
93- من الطويل نسبة الآمدي في المؤتلف 291 إلى زيد بن رزين وترجم له وينظر هذا البيت في "المحتسب 1/ 281، شرح التبريزي 1/ 378، ذيل الأمالي 105، ذيل اللآلي 49، ديوان الحماسة 2/ 181 شرح الشواهد للسيوطي 1/ 436".
94- من الوافر قاله حسان بن ثابت يمدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتوعد قريشًا "الديوان ص 9".

(1/313)


"أي: أمن يهجو رسول الله منكم أيها المشركون،1 ومن يمدحه منا ونصره سواء2". وقال آخر3:
95-
ما الذي دأبه احتياط وحزم ... وهواه أطاع يستويان
أراد: والذي هواه أطاع فحذف.
__________
1 ك وع "ومن يمدحه وينصره منا".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
3 ك وع "الآخر".

(1/314)


فصل في أسماء الإشارة:
"ص":
بـ"ذا" إلى فرد مذكر أشر ... "ذي" "ذات" "تي" "تا" "ذه"1 على الأنثى قصر
و"ته" كـ"ذه" و"ها" هنا2 قد كسرا ... ومد عند كسره أو قصرا3
__________
1 ع "ده"، الدال.
2 هكذا في الأصل "هنا" وفي هـ ك ع س ش ط "هما".
3 هكذا في الأصل "قصرا" وفي هـ، ل، ع، س، ش، "اقصرا"، بهمزة الوصل.
95- من الخفيف استشهد به المصنف هنا وفي شرح التسهيل 1/ 39، ولم ينسبه في الموضعين.

(1/314)


و "ذان" "تان" رافعًا مثنيًا ... قل وائت1 خافضًا وناصبًا بـ"يا"
"أولى" "أولاء" أجمع وفه منبها ... قبل جميع ما ذكرته بها
"ش": اسم الإشارة: ما دل على مسمى وإشارة إليه.
فإن كان مفردًا قريبًا فله "ذا" في التذكير "والعشر التي ذكرت بعده في التأنيث.
وإن كان مثنى قريبًا فله في التذكير"2 "ذان" -رفعًا- و"ذين" جرًّا ونصبًا.
وفي التأنيث "تان" -رفعًا- و"تين" جرًّا ونصبًا.
وإن3 كان جمعًا قريبًا فله في التذكير، والتأنيث "أولاء" -بالمد على لغة أهل الحجاز، وبالقصر على لغة بني تميم.
ولك أن تذكر قبل كل مثال منها "ها" التنبيه نحو: "هذا:" و"هذي"4 و"هذان" و"هاتان" و"هؤلاء".
__________
1 هكذا في س، ش، ط وهـ "وائت" وفي الأصل وك وع "وايت".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
3 هـ "فإن".
4 ع "هذين" موضع "هذي".

(1/315)


"ص":
كاف الخطاب كلا أردف1 حرفًا ... في البعد مثله إذا اسمًا يلفى
واللام قبل للحجازيين زد ... وترك ذاك عن تميم اعتمد
و"ها" وهذي اللام لن يجتمعا ... وقد تجيء2 "ها" وذي الكاف معًا
"ش": إذا كان المشار إليه بعيدًا حقيقية، أو حكمًا جيء بعد كل واحد من الأمثلة التي ذكرت بكاف ثابت الحرفية، مسبوق بلام في لغة الحجازيين، ومجرد منه في لغة بني تميم، يدل على حال المخاطب بما يدل عليه إذا كان اسمًا نحو:
"ذلك" و"تلك" و"ذلكما" و"ذلكم"3 و"ذلكن" و"ذاك" و"ذاكما" و"ذاكم" و"وتيك" و"تيكما" و"تيكن".
ولا تفاوت بينهما في البعد، وإنما هما لغتان، ولذلك يتواردان في رتبة واحدة نحو4 أن يخبر إنسان، بخبر فيقال:
__________
1 جاء على هامش الأصل:
حاشية على قولي:
كاف الخطاب كلا أردف..... ... .............................
تقدير البيت: أردف كل واحد من أسماء الإشارة كاف الخطاب محكومًا بحرفيته، وله في حرفيته من الهيئات ماله في اسميته. تمت.
2 ك، ع "يجئ".
3 سقط من الأصل "ذلكما وذلكم".
4 ك، ع "مثل" موضع "نحو".

(1/316)


أعرفت ذلك؟ فيقول: نعم عرفت ذاك.
و"ها": حرف تنبيه يجاء بها متقدمة على "ذا" و"ذاك" و"تي" وأخواتها مجردة من الكاف، ومصاحبة لها دون اللام.
فيقال: "هذا" و"هاتي"، و"هذاك" و"هاتيك".
ومنه قوله طرفة:
96-
رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هاتيك الطراف الممدد
وفي الحديث:
"ألا أخبركم بأشد منه حرًّا 1 يوم القيامة هذينك الرجلين" 2.
__________
1 ع وك "خيرًا" وفي الأصل "جزاء".
2 أخرجه مسلم جـ 17 ص 127-128 بشرح النووي عن عباس بن عبد العظيم العنبري. عن إياس قال: حدثنا أبي قال:
عدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا موعوكًا قال: فوضعت يدي عليه فقلت:
والله ما رأيت كاليوم رجلًا أشد منه حرًا.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"ألا أخبركم ... ".
96- من الطويل "ديوان طرفة ص 31".
غبراء: الأرض، وبنوا غبراء: الفقراء، ويدخل فيهم الضيفان.
الطراف: بناء من أدم يكون للأغنياء.
الممدد: المنصوب.

(1/317)


ولا يقال: "هذلك" ولا "هاتالك" كراهية الاستطالة.
"ص"
وبالمكان اخصص "هنا" ويتصل1 ... بعدًا وتنبيهًا بما "ذا" قد وصل2
و"ثم" في ذا البعد -أيضًا- وردا ... وهكذا "هنا" و"هنا" عهدا
"ش": من أسماء الإشارة -أيضًا- "هنا" إلا أنه مخصوص بالمكان.
فإن كان قريبًا جيء بـ"هنا" دون كاف مجردًا، أو مسبوقًا بحرف التنبيه فيقال: أقم هنا أو ههنا.
وإن كان المكان بعيدًا جيء بكاف الخطاب بعدها على نحو ما جيء بعد "ذا".
ومن قال: "ذلك"3 قال: "هنالك". ومن قال "هذاك" قال: "ههناك".
ويشار -أيضًا- إل المكان البعيد بـ"ثم" وبـ"هَنَّا" و"هِنَّا"4.
__________
1 هـ "تتصل".
2 هكذا في س وش وط وع وك أما في الأصل "بماذا اتصل".
3 هـ "ذاك".
4 زادت ك و"هنا -بالقصر-".

(1/318)


فصل 1 في المعرف بالأداة:
"ص":
اللام أو "ال" حرف تعريف فقل ... في "رجل" -تعريفه شئت- "الرجل"
والقصد عهد، أو عموم الجنس أو ... حضور أو كمال ما به نووا
وزائدًا يأتي كـ"طبت النفسا ... يا قيس عن عمرو" أراد2: نفسا
"ش": اللام -وحدها- هي المعرفة عند سيبويه، والهمزة قبلها همزة وصل زائدة.
وهي عند الخليل همزة قطع عوملت -غالبًا- معاملة همزة الوصل لكثرة الاستعمال. وهي أحد جزأي الأداة المعرفة.
وقول الخليل هو المختار عندي، وبسط الاحتجاج لذلك مستوفى في "شرح تسهيل الفوائد، وتكميل المقاصد"، فلينظر فيه هناك3.
__________
1 ك وع سقط "في".
2 ع "أرادوا".
3 قال المصنف -رحمه الله في كتابه تسهيل الفوائد:
"باب المعرفة بالأداة، وهي اللام وحدها وفاقًا للخليل وسيبويه، وقد تخلفها "أم"، وليست الهمزة زائدة خلافًا لسيبويه".
وقال يشرح هذه العبارة في كتابه "شرح تسهيل الفوائد، وتكميل المقاصد" 1/ 41 وما بعدها. =

(1/319)


والقصد بهذه الأداة:
إما تعريف معهود بذكر كقولك، "مررت برجل فأكرمت الرجل".
__________
= "قد اشتهر عند المتأخرين أن أداة التعريف هي اللام وحدها، وأن المعبر عنها بالألف واللام تارك لما هو أولى، وكذا المعبر عنها بـ"ال" حتى قال ابن جني:
"ذكر عن الخليل أنه كان يسميها "ال" ولم يكن يسميها "الألف واللام" كما لا يقال في "قد" القاف والدال".
وأقول:
وقد عبر سيبويه عن أداة التعريف بـ"ال" كما فعل الخليل فإنه قال في باب عدة ما تكون عليه الكلم:
"وقد جاء على حرفين ما ليس باسم ولا فعل".
فذكر "أم" و"هل" و"لم" و"لن" و"من" و"ما" و"لا" و"أن" و"كي" و"بل" و"قد" و"أو" و"يا" و"من" ثم قال:
"و"ال" تعرف الاسم كقولك: القوم والرجل" معبر عنهما بـ"ال" وجعلها من الحروف الجائية على حرفين كـ"أم" وأخواتها.
وقال -يقصد المصنف سيبويه- في مكان آخر.
"وإنما هي حرف بمنزلة قولك "قد"".
ثم قال:
"ألا ترى أن الرجل يقول إذا نسي فتذكر ولم يرد أن يقطع كلامه "إلى" كما يقول "قدى" ثم يقول: كان وكان".
هذا نصه، وهو موافق لما روي عن الخليل.
ثم قال المصنف -رحمه الله:
فلولا أنه نسبها إلى الزيادة في موضع آخر لحكمت بموافقته الخليل -مطلقًا.
إلا أن الخليل يحكم بأصالة الهمزة، فإنها مقطوعة في الأصل كهمزة =

(1/320)


..................................
__________
= "أم" و "أن" و "أو" وسيبويه مع حكمه بزيادتها يعتد بها.........
ثم قال:
على أن الصحيح عندي قول الخليل لسلامته من وجوه كثيرة مخالفة للأصل وموجبة لعدم النظائر:
أحدها: تصدير الزيادة فيما لا إمكانية فيه للزيادة.
الثاني: وضع كلمة مستحقة للتصدير على حرف واحد ساكن، ولا نظير لذلك.
الثالث: افتتاح حرف بهمزة وصل ولا نظير لذلك.
الرابع: لزوم فتح همزة وصل بلا سبب ولا نظير لذلك -أيضًا-....
الخامس: أن المعهود الاستغناء عن همزة الوصل بالحركة المنقولة إلى الساكن نحو "ر زيدًا"، والأصل: ارْأ زيدًا فنقلت حركة الهمزة إلى الراء، واستغني عن همزة الوصل، ولم يفعل ذلك بلام التعريف المنقول إليه حركة إلا على شذوذ، بل يبتدأ بالهمزة على المشهور من قراءة ورش في مثل "الآخرة".
وذلك في مثل "ر زيدًا" لا يجوز أصلًا، فلو كانت همزة أداة التعريف همزة وصل زائدة لم يبدأ بها مع النقل كما لا يبدأ بها الفعل المذكور.
السادس: أنه لو كانت همزة أداة التعريف همزة وصل لم تقطع في "يا الله" ولا في قولهم "فألله لأفعلن" -بالقطع تعويضًا من حرف الجر؛ لأن همزة الوصل لا تقطع إلا في اضطرار، وهذا الذي ذكرته قطع في الاختيار روجع به أصل متروك.
فصح أن الهمزة المذكورة كهمزة "أم" و"إن" و"أو" لكن التزم حذفها تخفيفًا إذا لم يبدأ بها، ولم تل همزة استفهام كما التزم بعض العرب حذف عين المضارع من "رأي" وفاء الأمر من "أخذ" و"أكل".

(1/321)


وكقوله تعالى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُول} 1.
أو معهود بحضور كقولك لشاتم رجل حاضر: "لا تشتم الرجل".
ومن هذا القبيل: صفة المشار إليه؛ لأن الإشارة إلى الشيء توجب استحضاره بوجه ما فيكون له قسط من العهد.
ويلحق به -أيضًا- ما يسميه المتكلمون: تعريف الماهية كقول القائل: "اشتر اللحم"؛ لأن قائل هذا إنما يخاطب من هو معتاد لقضاء2 حاجته، فقد صار ما يبعثه لأجله3 معهودًا بالعلم، فهو في حكم المذكور أو المشاهد.
وأما الذي يقصد به عموم الجنس فنحو قولك: "الرجل خير من المرأة".
ومن علامات هذا: قيام الألف واللام فيه مقام "كل"، وجواز الاستثناء منه مع كونه بلفظ المفرد كقوله تعالى: {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} 4.
وجواز وصفه بجمع كقولك: "أهلك الناس الدينار
__________
1 من الآية رقم "16" من سورة "المزمل".
2 ع ك "بقضاء".
3 ع ك هـ "يبعثه إليه".
4 الآيتان رقم "2، 3" من سورة "العصر".

(1/322)


الحمر" وكقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} 1.
فلمصحوب هذه الألف واللام جمعية وتنكير من جهة المعنى.
وإفراد وتعريف من جهة اللفظ.
فلواصفه مراعاة اللفظ، ومراعاة المعنى. إلا أن مراعاة اللفظ أكثر.
ومن مراعاة التنكير باعتبار المعنى وصف الليل بالجملة في قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} 2؛ لأنه في المعنى بمنزلة: وآية لهم ليل نسلخ منه نهارًا.
وقد استعملوا الجنسية مجازًا في الدلالة على الكمال مدحًا، وذمًا نحو: "نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو".
__________
1 من الآية رقم 31 من سورة "النور" وتمامها:
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ.....} .
2 من الآية رقم "35" من سورة "يس".

(1/323)


كأنه قال: نعم الجامع لخصال المدح زيد، وبئس الجامع لخصال الذم عمرو.
أو يكون العموم قد قصد هنا على سبيل المبالغة المجازية، كما فعل من قال: "أطعمنا شاة كل شاة" و"مررت برجل كل رجل"1 أي: جامع لكل خصلة يمدح بها2 الرجال.
وأشرت بقولي:
وزائدًا يأتي.................. ... ..............................
إلى مثل قول الشاعر:
97-
رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ... صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو
أراد: وطبت3 نفسًا -و"نفسًا": منصوب على التمييز، وتنكيره لازم فأدخل عليه الألف واللام زائدة غير معرفة.
__________
97- من الطويل من قصيدة لراشد بن شهاب اليشكري ذكرها العيني في المقاصد النحوية 1/ 502، 503 كما جاء في المفضليات 310. والبيت من شواهد المصنف في شرح عمدة الحافظ ص 14، وشرح التسهيل 2/ 132. ورواية المفضل:
رأيتك لما أن عرفت جلادنا
رضيت وطبت النفس يا بكر عن عمرو
1 هـ "كان رجل".
2 في الأصل "تمدح".
3 هـ "فطبت".

(1/324)


وقد أدخلوا الزائدة على العلم مع بقائه على تعريفه كقول الشاعر:
98-
ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلًا ... وقد نهيتك عن بنات الأوبر
أراد: بنات أوبر، وهو علم لضرب1 من الكمأة -والله أعلم2.
"ص":
واعتبر التعريف والتنكير في ... مصحوف ذي العموم فاقف ما قفي3
لذاك4 قد ينعت نعت معرفه ... ونعت منكور فكن ذا معرفه
__________
1 هـ ع ك "على ضرب".
2 سقط من الأصل ومن هـ "والله أعلم"، وجاء في ك وع.
3 س وش "ما قفوا" وط "ما اقتفى".
4 ع "كذاك".
98- من الكامل استشهد به المصنف هنا وفي شرح التسهيل ولم ينسبه، وفي المقاصد قال العيني 1/ 498 أنشده أبو زيد ولم يعزه. والبيت في المحتسب 2/ 244، ومجالس ثعلب 624 والمقتضب 4/ 48 والإنصاف 319، وشرح المفصل 5/ 71، والخصائص 3/ 58.
الكمء: نبات ينقض الأرض فيخرج كما يخرج الفطر.
جنيتك: جنيت لك.
عساقل: جمع عسقول وهو نوع من الكمأة، بنات أوبر: كمأة صغار على لون التراب.

(1/325)


"ش": ذو العموم: هو الداخل عليه1 الألف واللام لقصد شمول الجنس حقيقة، فإنه من جهة اللفظ معرفة، وشياعه باق، فهو بذلك في حكم النكرة.
فمن أجل ذلك جاز أن يوصف بمعرفة مراعاة للفظه.
وينكرة أو جملة مراعاة لمعناه.
وقد تقدم التنبيه على هذا.
"ص":
ويبلغ المعهود رتبة العلم ... كـ"النجم" والأداة فيه تلتزم
وإن يناد2 أو يضف3 تجردًا ... ودون ذين قد يرى مجردًا4
وذو إضافة يصير علمًا ... غلبة كـ"ابن الزبير" فاعلما
وذي الإضافة التزامها أشد ... من التزام "ال" على القول الأسد5
__________
1 ع سقط عليه.
2 ع "تناد" وط "ينادى".
3 ع "تضف".
4 ذكر المصنف في الحاشية عوضًا من هذا الشطر كما يلي:
.......................... ... ودون ذا التجريد قل موردًا
5 ذكر المصنف في الحاشية عوضًا من هذا الشطر هو:
................................ ... من التزام اللام في القول الأسد

(1/326)


قد يكون الاسم معرفة بالألف واللام العهديتين، أو بالإضافة فيغلب استعماله كذلك حتى يرتقي في التعيين، والاختصاص إلى درجة العلم، بل ربما زاد وضوحًا.
فمن ذلك "المدينة" غلب استعمالها على دار الهجرة.
ومن ذلك "الكتاب" غلب استعماله على كتاب سيبويه.ومن ذلك "الشافعي" -رحمه الله1- غلب علي الإمام محمد بن إدريس -رحمه الله2. ومن ذلك "النجم" غلب على الثريا.
وكذا "ابن عمر" و"ابن عباس" و"ابن مسعود" و"ابن الزبير"3 غلبت على العبادلة -رضي الله عنهم.
إلا أن ذا الألف واللام قد يفارقانه4.
فإنه إن نودي، أو أضيف كقولك: يا صعق وكقولك في المدينة: مدينة الرسول5 -صلى الله عليه وسلم6.
__________
1 هكذا في الأصل وفي ك وهـ "رضي الله عنه" وفي ع سقط "رحمه الله".
2 هكذا في الأصل أما في هـ وك وع سقط "رحمه الله".
3 هكذا في الأصل وفي هـ وزادت ك "وابن عمرو بن العاصي" وع "وابن عمرو بن العاص".
4 ع "تفارقانه".
5 ك وع "مدينة رسول الله".
6 هكذا في ك وع -وسقط من الأصل ومن هـ "صلى الله عليه وسلم".

(1/327)


وكقولهم1 لـ"الجبهة" وهي إحدى منازل القمر: "جبهة2 الأسد"، قال الشاعر:
99-
يا من رأى عارضًا أكفكفه ... بين ذراعي وجبهة الأسد
وربما حذفت الألف واللام دون نداء ولا إضافة كقول الشاعر:
100-
تنظرت نسرًا والسماكين أيهما ... علي من الغيث استقلت مواطره
__________
1 ك "وكقولك".
2 ع "وجبهة الأسد" بزيادة الواو.
99- من المنسرح استشهد به المصنف في شرح عمدة الحافظ ص 87 وفي شرح التسهيل 2/ 178، ولم ينسبه وقد نسبه بعض العلماء للفرزدق وقد راجعت ديوانه المخطوط فلم أجده، ورأيت شارح ديوانه أثبته ص 215 نقلًا عن النحويين، والبيت من شواهد سيبويه 1/ 180، والخزانة 1/ 369، والعيني 3/ 451.
ومعنى العارض: السحاب المعترض في الأفق. وأكفكفه: أمسحه مرة بعد أخرى.
ذراعًا الأسد: كوكبان يدلان على المطر عند طلوعهما.
100- من الطويل قاله الفرزدق في نصر بن سيار ملك العراقين "الديوان ص 347" وهو في شرح التسهيل 1/ 30.
والسماكان: نجمان: الأعزل، والرامح، وهما من منازل القمر.
ورواية المصنف في شرح عمدة الحافظ 63 وابن هشام في المغني 1/ 72 "تنظرت نصرًا".
ورواية اللسان "تأملت نسرًا" 5/ 306، وفي 18/ 59 كرواية المصنف هنا وفي شرح التسهيل.
ورواية ابن جني في المحتسب ص 4 تنطوت نسرًا رواها عن أبي علي.

(1/328)


وأما المضاف الغالب كـ"ابن الزبير" فلا ينتزع عن الإضافة بنداءٍ. ولا غيره، إذ لا يعرض في1 استعماله داع إلى ذلك.
"ص":
وقد تقارن الأداة التسميه ... فتستدام2 كأصول الأبنيه
"ش": قد يسمى باسم فيه الألف واللام فلا تفارقانه؛ لأنهما منه بمنزلة سائر حروفه.
ومن ذلك الألف واللام المفتتح بهما "الله" في أصح القولين.
ومن ذلك: الألف واللام في "اليسع".
ومن ذلك: الألف واللام في "ذي الكلاع" -وهو علم لأحد أقيال حمير.
ومن ذلك: الألف واللام في "اللات".
__________
1 ع "لي" موضع "في".
2 هـ "فسدام".

(1/329)


وقد زيدت الألف واللام على سبيل اللزوم في "الآن" و"الذي" و"التي" وفروعهما مع انتفاء العالمية، فلأن يكون ذلك في بعض الأعلام أحق؛ لأن الأعلام قد تنفرد في لفظها بما لا يوجد في غيرها.

(1/330)