شرح شافية ابن الحاجب الرضي الأستراباذي (أنك) إن أردت بيان الأصل في المقلوب
والمحذوف لم تقلب في الوزن ولم تحذف فيه، وهو وَهَمٌ، لأنك لا تقول: إن
أشياء مثلاً عند سيبويه فَعْلاَء إذا قصدت بيان أصله، بل الذي تزن
بفعلاء ما ليس فيه قلب وهو أصل هذا المقلوب، تقول: أصل أشياء على وزن
فعلاء، وكذا لا تقول إذا قصدت بيان أصل قاض: إن قاض فاعل، بل تقول: أصل
قاض فاعل، فلا يكون أبداً وزن نفس المقلوب والمحذوف الا مقلوبا أو
محذوفا، فلا معنى للاستثناء بقول " إلا أن يبين فيهما " قال: "
وَتَنْقَسِمُ إلى صَحيح وَمُعْتَلٍّ، فَالْمُعْتَلُّ مَا فِيهِ حَرْفُ
عِلَّةٍ، وَالصَّحِيحُ بِخِلاَفِهِ، فَالْمُعْتَلُّ بِالْفَاءِ
مِثَالٌ، وَبِالْعَيْنِ أَجْوَفُ وذو الثلاثة، وَبِاللاَّم مَنْقُوصٌ
وذو الأربعة، وَبِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ أَو بِالْعَيْنِ وَاللاَّمِ
لَفِيفٌ مَقْرُون، وَبِالْفَاءِ وَاللاَّمِ لَفِيفٌ مَفْرُوقٌ ".
أقول: قوله " تنقس " أي: تنقسم الأبنية أصولاً كانت أو غير أصول، ولا
يكون رباعيُّ الاسم والفعل معتلاً ولا مضاعفا ولا مهموز الفاء (1) ،
ولا يكون
__________
(1) أما أن أحدهما لا يكون معتلا فلانه إما أن يكون اعتلال أحدهما
بالواو أو بالياء أو بالالف، وإما أن يكون أحد هذه الاحرف في الاول أو
بعده، فأما الواو والياء فلا يكونان مع ثلاثة أصول إلا زائدين كما يجئ
في باب ذي الزيادة، وأما الالف فلا تقع أولا ولا تكون بعد الاول مع
ثلاثة أصول إلا وهى زائدة،
وأما أن أحدهما لا يكون مضعفا فان عنى بذلك أنه لا يكون مكررا فغير
مسلم لورود نحو زلزل ووسوس، وسمسم ويؤيؤ، وإن عنى أن لامه الاولى
والثانية مثلا لا تكونان من جنس واحد مع كونهما أصلى فمسلم، فنحو هجف
وخدب اللام الثانية مزيدة للالحاق بهزبر، وأما أن أحدهما لا يكون مهموز
الفاء فوجهه أن الهمزة في الأول مع ثلاثة أصول فقط لا تكون إلا زائدة
نحو أحمد، وأما مهموز العين فقد يكون رباعيا نحو زئبر (وهو ما يعلو
الثوب الجديد) ونحو ضئبل ونئطل (وهما اسمان من أسماء الدهية) (*)
(1/32)
الخماسي مضاعفاً، وقد يكون معتل الفاء فقط،
ومهموزده - حوورنتل (1) وإصطبل بل يكون الرباعي مضاعفاً بشرط فصل حرف
أصلي بين المثلين كَزَلْزَلَ، وستعرف هذه الجملة حق المعرفة في باب ذي
الزيادة إن شاء الله تعالى.
قوله " ما فيه حرف علة " أي: في جوهره، أعني في موضع الفاء أو العين أو
اللام، حتى لا ينتقض بنحو حوفل وَبَيْطَر وَيَضْرِبُ (2) ، ويعني بحرف
العلة الواو والياء والألف، وإنما سميت حرف علة لأنها لا تسلم ولا تصح:
أي لا تبقى على حالها في كثير من المواضع، بل تتغير بالقلب والإسكان
والحذف، والهمزةُ وإن شاركتها في هذا المعنى لكن لم يجر الاصطلاح
بتسميتها حرف علة.
وتنقسم الأبنية قسمةً أخرى إلى مهموز وغير مهموز، فالمهموز قد يكون
صحيحاً كأَمر وسأل وقرأ، وقد يكون معتلاً نحو آل وَوَأل (3) ورأى: وكذا
غير المهموز نحو ضَرَبَ وَوَعَدَ.
وتنقسم قسمةً أخرى إلى مضاعف وغير مضاعف، والمضاعف إما صحيح كمدَّ، أو
معتل كودَّ وحيٍّ وقُوَّةٍ، وكذا غير المضاعف كضرب ووعد، وكذا المضاعف
إما مهموز كأزَّ (4) ، أو غيره كمدَّ، فالمهموز ما أحد حروفه الأصلية
همزة
__________
(1) الورنتل: الشر والامر العظيم، وظاهر كلام الشارح هنا يقتضى أنه
خماسى الاصول مثل ما بعده، مع أن الواقع أن النون زائدة مثل نون جحنفل،
أما واوه فأصلية لانها لا تزداد أولا البتة.
انظر اللسان (2) حوقل الرجل: ضعف عن الجماع مثل حقل، وحوقل أيضا: أسرع
في المشى، وكبر، ومشى فأعيا، والواو فيها زائدة، أما حوقل بمعنى قال لا
حول ولا قوة إلا بالله فالواو فيها أصلية (3) آل يؤول أولا ومآلا: رجع،
ووأل يئل وألا ووءلا ووئيلا: لجأ، ومنه الموئل (4) أزت القدر تؤز وتئز
أزا وأزيزا: إذا اشتد غليانها، وقيل: هو غليان ليس بالشديد (*)
(1/33)
كأمر وسأل وقرأ، والمضاعف ما عينه ولامه
متماثلان وهو الكثير، أو ما فاؤه وعينه متماثلان كدَدَنٍ (1) وهو في
غاية القلة (2) ، أو ما كُرِّرَ فيه حرفان أصليان بعد حرفين أصليين نحو
زلزل، اما ما فاؤه ولامه متماثلان كقَلَقٍ فلا يسمى مضاعفاً.
قوله " فالمعتل بالفاء مثل " لأنه يماثل الصحيح في خلو ماضيه من
الإعلال نحو وَعَدَ وَيَسَرَ، بخلاف الأجوف والناقص، وإنما سمي بصيغة
الماضي لأن المضارع فَرْعٌ عليه في اللفظ، إذ هو ماض زيد عليه حرف
المضارعة وغُيِّر حركاته، فالماضي أصل أمثلة الأفعال في اللفظ.
قوله " وبالعين أجوف " أي: المعتل بالعين أجوف، سمي أجوف تشبيهاً بالشئ
الذي أخذ ما في داخله فبقي أجْوَفَ، وذلك لأنه يذهب عينه كثيراً نحو
قُلْتُ وَبِعْتُ ولم يَقُلْ وَلَمْ يَبِعْ (وقُلْ وبعْ) وإنما سمي ذا
الثلاثة اعتباراً بأول ألفاظ الماضي، لأن الغالب عند الصرفيين إذا
صَرَّفوا الماضي أو المضارع أن يبتدئوا بحكاية النفس نحو ضَرَبْتُ
وبِعْتُ لأن نفس المتكلم أقرب الأشياء إليه، والحكاية
عن النفس من الأجوف على ثلاثة أحرف نحو قُلْتُ وبِعْتُ.
وسمي المعتل اللام منقوصاً وناقصاً لا باعتبار ما سمي له في باب
الإعراب منقوصاً، فإنه إنما سمي به هناك لنقصان إعرابه، وسمي ههنا بهما
لنقصان حرفه الأخير في الجزم والوقف نحو اغْزُ وَارْمِ وَاخْشَ ولا
تَغْزُ ولا تَرْمِ ولا تَخْشَ، وسمي ذا الأربعة لأنه - وإن كان فيه حرف
العلة - لا يصير في أول ألفاظ الماضي على
__________
(1) الددن: اللعب واللهو، وقد يستعمل منقوصا أي محذوف اللام كيد فيقال
الدد، ومقصورا كالعصا فيقال الددا (2) وإنما كان في غاية القلة لان
اجتماع المثلين مستثقل، فإذا كان في أول الكملة حين يبدأ المتكلم كان
أشد ثقلا لضرورة النطق بالحرف مرتين، بسبب تعذر الادغام حينئذ (*)
(1/34)
ثلاثة كما صار في الأجوف عليها، فقسميتهما
ذا الثلاثة وذا الأربعة باعتبار الفعل لا باعتبار الاسم.
وقوله " وبالفاء والعين " نحو يَوْم وَوَيْح (1) وبالعين واللام نحو
نَوَى وحَيِيَ والْقُوَّةَ، يسمى مضاعفاً باعتبار، ولفيفاً مقروناً
باعتبار.
قوله: " وبالفاء واللام " نحو ولى ووقى.
قال: " وللاسْمِ الثُّلاثِيِّ الْمُجَرَّدِ عَشَرَةُ أَبْنِيَةٍ،
وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِي اثْنَيْ عَشَرَ، سَقَطَ مِنْهَا فُعِلٌ
وفِعْلٌ استثقالا وَجُعِلَ الدُّئِلُ مَنْقُولاً، وَالحِبْك إن ثَبَتَ
فَعَلَى تَدَاخُل اللُّغَتَيْنِ في حَرْفَي الْكَلِمَةِ، وَهِيَ فَلْسٌ
فَرَسٌ كَتِفٌ عَضُدٌ حِبْرٌ عِنَبٌ إبلٌ قُفْلٌ صُرْدٌ عُنُقٌ " (2) .
أقول: إنما كانت القسمة تقتضي اثني عشر لأن اللام للإعراب أو للبناء،
فلا يتعلق به الوزن كما قدمناه، وللفاء ثلاثة أحوال: فتح، وضم، وكسر،
ولا
يمكن إسكانه لتعذر الابتداء بالساكن، وللعين أربعة أحوال: الحركات
الثلاث، والسكون، والثلاثة في الأربعة اثْنَا عَشَرَ، سقط المثالان
لاستثقال الخروج من
__________
(1) لم يجئ هذا النوع في الافعال المأخوذة من المصادر، وقد جاء في بعض
أفعال مأخوذة من أسماء جامدة ليست مصادر كما قالوا: ياومته وكما قالوا:
تويل، إذا قال ويلى، ومنه قول الشاعر: تويل أن مددت يدى وكانت * *
يمينى لا تعلل بالقليل وقد جاء هذا النوع في أسماء قليلة مثل ويح وويل
وويس وويب ويوح ويوم.
والويح: كلمة رحمة، والويل: دعاء بالعذاب، والويس: كلمة رحمة واستملاح
للصبى، والويب: بمعنى الويل، واليوح: اسم من أسماء الشمس (2) الفلس -
بفتح فسكون - ما يتعامل به مما ليس فضة ولا ذهبا، والحبر بكسر فسكون -
المداد الذى يكتب به والعالم، والصرد - بضم ففتح - طائر ضخم الرأس
يصطاد العصافير، وبياض في ظهر الفرس من أثر الدبر (*)
(1/35)
ثقيل إلى ثقيلٍ يخالفه، فأما في (نحو) عنق
وإبل فيماثل الثقلين (1) خَفَّفَ شيئاً، والخروجُ من الكسرة إلى الضمة
أثقل من العكس لأنه خروج من ثقيل إلى أثقل منه، فلذلك لم يأتِ فِعْلٌ
لا في الأسماء ولا في الأفعال إلا في الحِبْكِ إن ثبت، ويجوز ذلك إذا
كان إحدى الحركتين غير لازمة نحو يَضْرِبُ ولِيَقتل، وأما فُعِلٌ فلما
كان ثقله أهْوَنَ قليلاً جاءَ في الفعل المبني للمفعول، وجُوِّزَ ذلك
لعروضه لكونه فَرْعَ المبني للفاعل، وجاء في الأسماء الدُّئِلُ عَلَماً
وجِنْساً (2) ، أما إذا كان علماً فيجوز أن يكون منقولاً من الفعل
كشَمَّر ويَزِيد، والدَّأْلُ (3) : الخَتَل، ودخول اللام فيه قليل، كما
في قوله: - 3 - رَأَيْتُ الوَلِيْدَ بن اليزيد مباركا * * شديدا بأعباء
الخلافة كاهله (4)
__________
(1) كلام الشارح هاهنا يعارض ما سيأتي له أن يذكره في باب النسب عند
التعليل لفتح عين الثلاثي المكسورة نحو إبل ونمر ودئل دون المضمومة
كعضد وعنق فقد قال: إن الطبع لا ينفر من توالي المختلفات وإِن كانت
كلها مكروهة كما ينفر توالى المتماثلات، اللهم إلا أن يقال إن كلامه
هاهنا في توالى ثقلين متماثلين وما سيأتي في توالى الامثال الثقلاء (2)
أما العلم الدئل بن بكر بن كنانة، ومن بنيه أبو الاسود الدؤلى ظالم بن
عمرو، وجمهرة العلماء يقولون: الئل بضم الدل، وكسر الهمزة في هذا
العلم، ومنهم من يقوله بكسر الدال وقلب الهمزة ياء.
وأما الجنس فهو دويبة كالثعلب، وفى الصحاح دويبة شبيهة بابن عرس (3)
الخل: الخديعة (4) الاعباء: جمع عبء، والمراد بأعباء الخلافة مشاقها
ومتاعبها، ويروى في مكانه بأحناء الخلافة، والاحناء: جمع حنو والمرد
بها أطرفها ونواحيها ومتشابهاتها.
والكاهل: مقدم أعلى الظهر.
والبيت لابن ميادة يمدح الوليد بن اليزيد بن عبد الملك بن مروان (*)
(1/36)
فعلى هذا لا استبعاد فيه، لأن أصله الفعل
المبنيُّ للمفعول، وأما إذا كان جنساً على ما قيل " إنه اسم دويبة
شبيهة بابن عرس " قال: - 4 - جاؤا بجيش لو قيس معرسه * * ما كانَ
إِلاَّ كَمُعْرس الدُّئِلِ (1) ففيه أدنى إشكال، لأن نقل الفعل إلى اسم
الجنس قليل، لكنه مع قلّته قد جاء منه قَدْرُ صالح، كقوله صلى الله
عليه وسلم " إنَّ الله نَهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وَقَالٍ " ويروى " عن قيلَ
(2) وقالَ " - على إبقاء صورة الفعل - وكذا قولهم: أعْيَيْتَنِي من شب
إلى دب، ومن شُبَّ إلى دُبَّ (3) أي: من لدن شَبَبْتُ إلى أن دَبَبْتُ
على العصا، فلما نقل إلى معنى الاسم غير لفظه أيضاً من صيغة المبني
للفاعل إلى صيغة المبني للمفعول، لتكون الصيغة المختصة بالفعل دليلا
__________
(1) معرس - بضم فسكون ففتح - اسم مكان من أعرس، لكن الاشهر عرس تعريسا
والمكان منه معرس بتشديد الراء مفتوحة ومعناه مكان النزول آخر الليل
للاستراحة.
والبيت لكعب بن مالك الانصاري يصف جيش أبى سفيان في غزوة السويق بالقلة
والحقارة (2) قال ابن الاثير: معنى الحديث أنه (صلى الله عليه وسلم)
نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم قيل كذا وقال كذا اه (3)
قال في اللسان: وفى المثل أعْيَيْتَنِي من شُبَّ إلى دُبَّ ومن شب إلى
دب (الاول على صيغة الفعل المبنى للمجهول والثانى اسم معرب منون على
زنة قفل) أي من لدن شَبَبْتُ إلى أن دببت على العصا (وضبطه بالقلم بضم
التاء على أنها ضمير المتكلم وفى مادة درر ضبطه بفتح التاء) يجعل ذلك
بمنزلة الاسم بأدخال من عليه، وإن كان في الاصل فعلا، يقال ذلك للرجل
والمرأة كما قيل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وما زال
على خلق واحد من شب إلى دب، قال: - قالت لها أخت لها نصحت * * ردى فؤاد
الهائم الصب قالت: ولم؟ قالت: أذاك وقد * * علقتكم شبا إلى دب؟ (*)
(1/37)
على أن أصله كان فِعْلاً، وكذا الدُّئِلُ
جنساً وأصله دَأَلَ من الدِّأَلاَنِ وهو مَشْيٌ تَقَارَبُ فيه الخُطَا،
ويجوز أن يكون الدئل العلم منقولا من هذ الجنس على ما قال الأخفش، وقال
الفراء: إن " الآن " مَنْقُول من الفعل (1) ، ومن هذا الباب
التَّنَوِّطُ (2) لطائر، وجاء على فُعِلٍ اسمان آخران، قال الليث:
الوُعِلُ لغة في الوَعِل (3) ، وحُكي الرُّئِم بمعنى الاست، قوله "
والحِبُكُ إن ثَبَتَ " قرئَ في الشواذ (4) (ذَاتِ الحِبُكِ) بكسر
__________
(1) هذا أحد وجهين حكاهما في اللسان عن الفراء، والاخر أن أصل آن أوان
كرمان فحذفت الالف التى بعد الواو فصار أون كزمن ثم قلبت الواو ألفاً
لتحركها وانفتاح ما قبلها (2) تقول: ناط الشئ ينوطه نوطا: أي عقله،
ونوط بالتشديد للمبالغة، وتنوط أصله فعل مضارع مبدوء بتاء المضارعة فهو
بضم التاء وفتح النون وتشديد الواو المكسورة، سمى هذا الطائر بهذا
الفعل لانه يدلى خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها، قاله الاصمعي (3) الوعل -
بفتح فكسر وبفتح فسكون وبضم فبكسر، والاخيرة نادرة - هو تيس الجبل،
وقال الازهرى: أما الوعل - بضم فكسر - فما سمعته لغير الليث اه فان صحت
رواية الليث فوجهها أن أصله الفعل المبنى للمجهول، تقول: وعل بمحمد إذا
أشرف به (أي ارتفع به) فحذف حرف الجر ثم أوصل الفعل إلى الضمير أو يضمن
وعل معنى علا فيتعدى تعديته (4) قال ابن جماعة: هذه القراءة منسوبة إلى
الحسن البصري وأبى مالك الغفاري وذكر الصبان أنها منسوبة إلى أبى
السمال (كشداد) وهذ الوجه الذى ذكره المؤلف أحد تخريجين لهذه القراءة،
والتخريج الاخر ما استحسنه أبو حيان وهو أن أصلها الحبك بضمتين، فكسر
الحاء إتباعا لكسرة تاء ذات ولم يعتد باللام الساكنة لان الساكن حاجز
(*)
(1/38)
الحاء وضم الباء، فقال المصنف: إن صح النقل
قلنا فيه بناء على ما قال ابن جني (وهو أن الحِبِكَ بكسرتين والحُبُكَ
بضمتين بمعنى) : إن الحِبُكَ مركب من اللغتين، يعني أن المتكلِّم به
أراد أن يقول الحِبِك بكسرتين، ثم لما تلفظ بالحاء المكسورة ذَهِلَ
عنها وذهب إلى اللغة المشهورة وهي الْحُبُك بضمتين، فلم يرجع إلى ضم
الحاء، بل خلاها مكسورة وضم الباء، فتداخلت اللغتان: الحِبِكُ
والْحُبُك في حرفي الكلمة الحاء والباء (1) ، وفي تركيب حِبُك من
اللغتين - إن ثبت -
نَظَرٌ لأن الحُبُك جمع الْحِبَاك، وهو الطريقة في الرمل ونحوه،
والحِبِك بكسرتين إن ثبت فهو مفرد مع بُعْدِهِ، لأن فِعِلا قليل، حتى
إن سيبويه قال: لم يجئ منه إلا إبل، ويبعد تركيب اسم من مفرد وجمع،
قيل: وقرئ في الشاذ (يَمْحَقُ الله الرِّبُوا) بضم الباء، ولم يَغُرُّ
هذا القارئ إلا كتابته بالواو.
قال: " وَقَدْ يُرَدُّ بَعْضٌ إلَى بَعْضٍ، فَفَعِلٌ مِمَّا ثَانِيهِ
حَرْفُ حَلْقٍ كَفَخِذٍ يَجُوزُ فيهِ فَخْذٌ وفِخْذٌ وفِخِذٌ، وَكَذَا
الْفِعْلُ كَشَهِدَ، وَنَحْوُ كَتِفٍ يَجُوزُ فِيهِ كَتْفٌ وَكِتْفٌ،
وَنَحْوُ عَضُدٍ يَجوزُ فيه عضد، ونحو عنق يجور فِيهِ عُنْقٌ، وَنَحوُ
إبلٍ وَبِلِزٍ يَجُوزُ فِيهِما إبْلٌ وَبِلْزٌ وَلاَ ثَالِثَ لَهُمَا،
وَنَحْوُ قُفْلٍ يَجُوزُ فيه قفل على رأى لمجئ عسر ويسر ".
__________
غير حصين، قال ابن مالك في شرح الكافية عن التوجيه الاول الذى ذكره
المؤلف: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم
الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه لامكان
عروض ذلك له، وقيل: إن كسر الحاء مع ضم الباء شاذ لا وجه له (1) إنما
قيد التداخل بحرفى الكلمة تبعا للمصنف لان التداخل أكثر ما يكون في
كلمتين، كما قالوا قنط يقنط، مثل ضرب يضرب، وقنط يقنط، مثل علم يعلم،
فإذا قالوا قنط يقنط - بكسر عين الماضي والمضارع أو بفتحهما جميعا -
علمنا أن ذلك من تداخل اللغتين، وحاصله أخذ الماضي من لغة والمضارع من
لغة أخرى، ومثل ذلك كثير (*)
(1/39)
أقول: يعنى برد بعضه إلى بعض أنه قد يقال
في بعض الكلم التي لها وزنان أو أكثر من الأوزان المذكورة قبلُ: إن أصل
بعض أوزانها البعضُ الآخر، كما يقال في فَخْذٍ - بسكون الخاء - إنه فرع
فخذ بكسرها وجميع هذه التفريعات في كلام بني تميم، وأما أهل الحجاز فلا
يغيرون البناء
ولا يفرعون فَفَعِل الحلقي (العين) فِعْلاً كان كَشَهِدَ أو اسماً
كَفَخِذٍ ورجلٍ مَحِكٍ (1) يطرد فيه ثلاث تفريعات اطراداً لا ينكسر،
واثنان من هذه الفروع يشاركه فيهما ما ليس عينه حلقياً، فالذي يختص
بالحق العين إتباع فأنه لعينه في الكسر، ويشاركه في هذا الفرع فَعِيلٌ
الحلقي العين كشهيد وسَعيد ونَحيف ورَغِيف، وإنما جعلوا ما قبل الحلقي
تابعاً له في الحركة، مع أن حق الحلقي أن يفتح نَفسَه أو ما قبله - كما
في يدعم ويدمع، لثقل الحلقى خفة الفتحة ولمناسبتها له، لما يجئ في
تعليل فتح مضارع فَعَل الحلقيّ عَيْنُه أو لامه، وذلك لأنه حُمِل
فَعِلٌ الاسمي على فعل الفعلى في التفريع لأن الأصل في التغيير الفعلُ
لكثرة تصرفاته، وسيجئ في باب المضارع علة امتناع فتح عين فَعِلَ الحلقي
العين، وأما فَعيل فلم يفتح عينه لئلا يؤدِّي إلى مثال مرفوض في
كلامهم، وقد يجئ كسر فتح ما بعد الحلقي إتباعاً لكسر الحلقي، كما قيل
في خبق (2) على على وزن هِجَفٍّ للطويل: خِبَقّ، هذا وحرفُ الحلق في
المثالين فَعِل وَفَعيلٍ ثاني الكلمة، بخلافه إذا كان عين يَفْعل أو
لامه، فلم يستثقل الكسر عليه،
__________
(1) رجل محك بوزن فرح ومماحك ومحكان كغضبان لجوج عسر الاخلاق (2) الخبق
بخاء معجمة مكسورة وياء مفتوحة وقد تكسر وآخره قاف مشددة هو الطويل من
الرجال مثل الهجف، فقوله للطويل تفسير للكلمتين معا، ويقال: فرس خبق
(بالضبطين السابقين) إذا كان سريعا (*)
(1/40)
مع أن الكسر قريب من الفتح، لقرب مخرج
الياء من مخرج الألف (1) فلما لزم كسر العين في المثالين - وقد جرت
لحرف الحلق عادة تغيير نفسها أو ما قبلها إلى الفتح، ولم يمكن ههنا
تغييرُ نفسها لما ذكرنا ولا تغييرُ ما قبلها إلى الفتح لأنه مفتوح، وقد
عدها عيدُ الغرامِ - غَيَّرَتْ حركةَ ما قبلها إلى مثل حركتها، لأن
الكسر قريب من الفتح كما ذكرنا، فكأنها غيرت ما قبلها إلى
إلى الفتح، ولم يأت في الأسماء فُعِلٌ ولا فُعِيلٌ - مضمومي الفاء -
حتى تُتْبَعَ الفاءُ العينَ بناءً على هذه القاعدة، وأما فُعِلَ في
الفِعْل نحو شُهِدَ فلم يتبع لئلا يلتبس بالمبني للفاعل المتبع فاؤه
عينه، وإنما لم يتبع في نحو الْمُحين والْمُعِين (2) لعروض الكسرة،
وأما الْمِغِيرة في الْمُغِيرَة فشاذ شذوذ مِنْتِن في المنتن وأنبؤك
وأجؤك في أُنَبِّئُكَ وأجِيئُكَ فلم يقولوا قياساً عليه أَبُوعُكَ
وَأُقْرُؤُكَ في أَبِيعُكَ وَأُقْرِئُكَ، وإنما لم يتبع في نحو رؤف
ورؤوف لأن كسر ما قبل الحلقيّ في نحو رَحِمَ ورَحِيم إنما كان لمقاربة
الكسرة للفتح كما ذكرنا، والضم بعيد من الفتح وأما أهل الحجاز فنظروا
إلى أن حق حروف الحلق إما فتحها أو فتح ما قبلها، هب أنه تعذَّر فتحها
لما ذكرنا من العلة فَلِمَ غُيِّرَ ما قبلها عن الفتح وهو حقها إلى
الكسر؟ وهل هذا إلا عكس ما ينبغي؟ ؟ واللغتان اللتان يشترك فيهما
الحلقي وغيره: أولاهما: فَعْل بفتح الفاء وسكون العين، نحو شَهْد في
الفِعْل وفَخْذٍ في الاسم، وفي غير الحلقيّ علم في الفعل وكبد
__________
(1) مخرج الياء بين وسط اللسان ووسط الحنك الاعلى، ومخرج الالف أقصى
الحلق فوق الهمزة (2) المحين: اسم فاعل من أحانه الله: أي أهلكه، وأصله
محين - بضم الميم وكسر الياء - فنقلت كسرة الياء إلى الحاء الساكنة
وجوبا، ومعين: اسم فاعل من أعان، فعل به ما فعل بسابقه (*)
(1/41)
في الاسم، وإنما سكنوا العين كراهة
الانتقال من الأخف أي الفتح إلى الأثقل منه أي الكسر في البناء المبني
على الخفة أي بناء الثلاثي المجرد، فسكّنوه لأن السكون أخفّ من الفتح،
فيكون الانتقال من الفتح إلى أخف منه، ولمثل هذا قالوا في كرم الرجل:
كَرْم، وفي عَضُد: عَضُد، بالإسكان، وقولهم لَيسَ
مثل عَلْم في علم، وكان قياسه لام كهاب، لكنهم خالفوا به أخواته
لمفارقته لها في عدم التصرف، فلم يتصرفوا فيه بقلب الياء ألفاً أيضاً
ولم يقولوا لِسْتُ كَهِبْتُ، ولا يجوز أن يكون أصل لَيسَ فتح الياء لأن
المفتوح العين لا يخفف، ولاضم الياء لأن الأجوف اليائي لا يجئ من باب
فَعُلَ (1) ، والثانية: فِعْل - بكسر الفاء وسكون العين - نحو شِهْدَ
وَفِخْذٍ في الحلقي، وكِبْد وكِتْف في غيره، ولم يسمع في غير الحلفى من
الفعل نحو عِلْمَ في عَلِم في المبني للفاعل، وحكى قطرب في المبني
للمفعول نحو " ضرب زيد " بكسر الضاد وسكون الراء - كما قيل قِيل
وَبِيعَ وَرِدَّ، وهو شاذ.
فالذي من الحقلى يجوز أن يكون فرع فِعِل المكسور الفاء والعين كما تقول
في إِبِلٍ: إبْل، ويجوز أن يكون نقل حركة العين إلى ما قبلها كراهة
الانتقال من الأخف إلى الاثقل، وكره حذف أقوى الحركتين، أي: الكسرة،
فنقلت إلى الفاء، والذي من غير الحلقي لا يكون إلا على الوجه الثاني،
لأنه لا يجوز فيه فِعِل بالاتباع قوله " ونحو عَضُد يجوز فيه عضد " قد
ذكرنا أن مثله يجوز عند تميم في الفعل أيضاً، نحو كرم الرجل، ولم
يقولوا فيه عضد بنقل الضمة إلى ما قبلها كما نقلوا في نحو كَتِفٍ، لثقل
الضمة، وربما نقلها بعضهم فقالوا: عضد، وقد
__________
(1) لم يجئ من الاجوف اليائى مضموم العين إلا قولهم " هيؤ " أي حسنت
حاله وصار ذاهيئة (*)
(1/42)
ذكرنا (1) في فِعْل التعجب أن فَعُل الذي
فيه معنى التعجب يقال فيه فُعْلُ، قال: 5 - * وَحُبَّ بِهَا
مَقْتُولَةً حِينَ تُقْتَلُ * (2) ولعل ذلك دلالة على نقله إلى معنى
التعجب، وأما قولهم في الفعل المبني
للمفعول فُعْلَ كما في المثل " لَمْ يُحْرَمْ مَنْ فُصْدَ له " (3) قال
أبو النجم وهو تميمي: - 6 - * لَوْ عُصْرَ مِنْهُ المسك والبان انعصر
(4) *
__________
(1) ذكره في شرح الكفاية في آخر أفعال المدح والذم، قال بعد ذكر
الشواهد: والتغيير في اللفظ دلالة على التغيير في المعنى إلى المدح أو
إلى التعجب اه (2) هذا عجز بيت للاخطل النصراني التغلبي وصدره: * فقلت
اقتلوها عنكم بمزاجها * وتقتل: تشعشع بالماء وتمزج فيكسر الماء حدتها
(3) قال في اللسان: الفصد شق العرق، وفصد الناقة شق عرقها ليستخرج دمه
فيشربه، ومن أمثالهم في الذى يقضى له بعض حاجته دون تمامها " لم يحرم
من فصد له " بأسكان الصاد مأخوذ من الفصيد الذى كان في الجاهلية ويؤكل،
يقول: كما يتبلغ المضطر بالفصيد فاقنع أنت بما ارتفع من قضاء حاجتك وإن
لم تقض كلها اه ملخصا (4) قيل هذا قوله وصف جارية: بيضاء لا يشبع منها
من نظر * * خود يغطى الفرع منها المؤتزر وقول الشارح إن أبا النجم
تميمي لا أصل له، فانه من بكر بن وائل فان اسمه الفضل بن قدامة بن عبيد
الله بن عبيد الله بن الحارث أحد بنى عجل بن لجيم بن صعب ابن على بن
بكر بن وائل، وهذه التفريعات كما تطرد عند بنى تميم عند غيرهم ومنهم
بكر وتغلب ابنا وائل، قال الاعلم: وهى لغة فاشية في تغلب بن وائل اه
ولعل الذى حمل الشارح على نسبة أبى النجم إلى تميم ما ذكره أولا من أن
هذه التفريعات إنما تطرد عند بنى تميم (*)
(1/43)
وكذا قولهم غُزْيَ بالياء دون الواو غُزِي
لعروض سكون الزاي، فليس
التخفيف قى مثله لكراهة الانتقال من الأخف إلى الأثْقل كما كان في
كِتِفِ وعَضُد، كيف والكسرة أخفُّ من الضمة والفتحة أخف من الكسرة؟ بل
إنما سكن كراهة توالى الثقلين في الثلاثي المبني على الخفة، فسكن
الثاني لامتناع تسكين الأول، ولأن الثقل من الثاني حصل، لانه لاجل
التوالى، ولتوالى الثقلين أيضاً خَفَّفُوا نحو عُنُق وإبل بتسكين الحرف
الثاني فيهما، وهذا التخفيف في نحو عُنُق أكثر منه فيى إبل، لأن
الضمتين أثقل من الكسرتين حتى جاء في الكتاب العزيز وهو حجازي
رُسْلَنَا وَرُسْلَهم، وهو في الجمع أولى منه في المفرد لثقل الجمع
معنّى، وجميع هذه التفريعات في لغة تميم كما مر، وإذا توالى الفتحتان
لم تحذف الثانية تخفيفاً لخفة الفتحة، وأما قوله: - 7 - وَمَا كُلُّ
مُبْتَاعٍ وَلَوْ سَلفَ صَفْقُهُ * * بِرَاجِعِ مَا قَدْ فَاتَهُ
بِرَدَادِ (1) فشاذ ضرورة قد شُبه بِفَعِلَ المفتوح الفاء المكسور
العين نحو قولهم وَلِيَضْرِب وفَلْتَضْرِب - أعني واو العطف وفاءه مع
لام الأمر وحرف المضارعة - وذلك لكثرة الاستعمال، فالواو والفاء كفاء
الكلمة لكونهما على حرف فهما كالجزء مما بعدهما، ولام الأمر كعين
الكلمة، وحرف المضارعة كلامها، فسكن لام الامر، وقرئ
__________
(1) البيت للاخطل التغلبي، ويروى صدره * وما كل مغبون ولو سلف صفقه *
والمغبون الذى يخدع وينقص منه في الثمن أو غيره، وسلف بسكون اللام أصله
سلف بفتحها فسكنها حين اضطره الوزن إلى ذلك، ومعناه مضى ووجب، وصفقه
مصدر مضاف إلى ضمير المبتاع أو المغبون، والصفق إيجاب البيع، وأصله أن
البائع والمشترى كان أحدهما يضرب على يد الاخر، والباء في يراجع زائدة،
ويروى يراجع (فعلا مضارعا) فاعله ضمير المبتاع أو المغبون، والرداد
بكسر الراء وفتحها فسخ البيع (*)
(1/44)
به في الكتاب العزيز، وشبه به نحو " ثمَّ
لْيَفْعَلْ "، وهو أقل، لأن ثُمَّ على ثلاثة
أحرف، وليس كالواو والفاء، مع أن ثم الداخلة على لام الأمر أقل
استعمالاً من الواو والفاء، وكذا شبه بفَعُل وَفَعِلَ قولهم فَهْوَ
وَفَهْيَ وَوَهْوَ وَوَهْيَ وَلَهْوَ وَلَهْيَ لما قلنا في
وَلْيَفْعَلْ، وكذا أَهْوَ وَأَهْيَ، لكن التخفيف مع الهمزة أقل منه مع
الواو والفاء واللام، لكون الهمزة مع هُوَ وَهِيَ أقل استعمالاً من
الواو والفاء واللام معهما، ونحو (انْ يُمِلَّ هْوَ) على ما قرئ في
الشواذ أبعدُ، لأن يُمِلَّ كلمة مستقلة، جعل لُهَوَ كَعَضُدٍ، وهذا كما
قلَّ نحو قولهم: أراك مُنْتَفِخاً، وقوله: 8 - * فِبَاتَ مُنْتَصْباً
وَمَا تَكَرْدَسا (1) * وقولهم: انْطَلْقَ، في انْطَلِقْ، وقوله: 9 - *
وَذِي وَلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبَوَانِ (2) * وإنما قل التخفيف في هذه
لانها ليس ثلاثية مجردة مبنية على الخفة فلم يستنكر فيها أدنى ثقل،
ويجئ شرحها في أماكنها (3) إن شاء الله تعالى قوله " في إبل وَبِلِزٍ
(أي: ضخمة) ولا ثالث لهما " قال سيبويه: ما يعرف
__________
(1) هذا بيت من الرجز للعجاج بن رؤبة يصف ثورا وحشيا، وبعده: - * إذا
أحس نبأة توجسا * ومنتصبا أي قائما واقفا، ويروى منتصا بتشديد الصاد أي
مرتفعا، وتكردس انقبض واجتمع بعضه إلى بعض، والنبأد الصوت الخفى أو صوت
الكلاب، وتوجس تسمع إلى الصوت الخفى (2) هذا عجز بيت لرجل من أزد
السرأة وصدره * عَجِبْتُ لِمَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ ابٌ * (3) أما كهنا
في باب الابتداء، والعجب من الشارح المحقق فأنه أحال هنا على ما هناك
وأحال هناك على ماهنا (*)
(1/45)
إلا الابل، وزاد الاخفش، وقال السيرافى:
الحِبرُ صُفرة الأسنان، وجاء
الإطِلُ (1) وَالإِبِطُ، وقيل: الإِقِط (2) لغة في الأَقِط، وأتان
إبِدٌ: أي وَلُود قوله " ونحو قُفْل يجوز فيه قُفُل على رأي " يحكى عن
الأخفش أن كلَّ فُعْلٍ في الكلام فتثقيله جائز، إلا ما كان صفةً أو
معتلَّ العين كحُمْرٍ وَسُوقٍ فإنهما لا يثقلان إلا في ضرورة الشعر،
وكذا قال عيسى بن عمر: إن كلَّ فُعْل كان فمن العرب من يخففه ومنهم من
يثقله نحو عُسُر وَيُسُر، ولقائل أن يقول: بل الساكنُ العينِ في مثله
فرع لمضمومها كما هو كذلك في عُنْق اتفاقاً، فإن قيل: جميع التفاريع
المذكورة كانت أقل استعمالاً من أصولها، فإنَّ فَخْذًا وَعُنْقاً ساكني
العين أقلُّ منهما متحرِّكَيْها، وبهذا عرف الفرعية، وَعُسْرٌ ويُسْرٌ
بالسكون أشهر منهما مضمومى العين، فيكون الضم فيهما فرع السكون كما
أشار إليه المصنف، فالجوان أن ثيقل الضمتين أكثر من الثقل الحاصل في
سائر الأصول المذكورة، فلا يمتنع أن يَحْمِل تضاعفُ الثقل في بعض
الكلمات على قلة استعمالها مع كونها أصلاً، وإذا كان الاستثقال في
الأصل يؤدي إلى ترك استعماله أصلاً كما في نحو يَقْوُلُ وَيَبْيعُ وغير
ذلك مما لا يحصى فما المنكر من أدائه إلى قلة استعماله؟
__________
(1) إطل - بكسرتين، وبكسر فسكون - والايطل: الخاصرة، قال امرؤ القيس له
أيطلا ظبى وساقا نعامة * * وإرخاء سرحان وتقريب تتفل وقال آخر: لم تؤذ
خيلهم بالثغر واصدة * * ثجل الخواصر لم يلحق لها إطل (2) الاقط -
بكسرتين، وبفتح فكسر - طعام يتخذ من اللبن المخيض، قال امرء القيس
فتملا بيتنا أقطا وسمنا * * وحسبك من غِنىً شبع وري (*)
(1/46)
هذا، وإن كان عين فَعْل المفتوح الفاء
حلقياً ساكناً جاز تحريكه بالفتح نحو الشَّعْرِ وَالشَّعَر والْبَحْر
والْبَحَر، ومثلهما لغتان عند البصريين في بعض
الكلمات، وليس إحداهما فرعاً للأخرى، وأما الكوفيون فجعلوا المفتوح
العين فرعاً لساكنها، ورأوا هذا قياساً في كل فَعْل شأنه ما ذكرنا،
وذلك لمناسبة حرف الحلق للفتح كما يجئ في باب المضارع قال: "
وَلِلرُّبَاعِيُّ خَمْسَةٌ: جَعْفَرٌ، زبْرَجٌ، برتن، دِرْهَم،
قِمَطْرٌ، وَزَادَ الأَخْفَشُ نَحْوَ جُخْدَب، وَأَما جَنَدِلٌ
وَعُلَبِطٌ فَتَوَالي الحركات جملهما عَلَى بَابِ جَنَادِلَ
وَعُلاَبِطٍ، ولِلْخُمَاسيِّ أَرْبَعَةٌ: سَفَرْجَلٌ، قِرْطَعْبٌ،
جَحْمَرِشٌ، قُذَعْمِلٌ، وَلِلْمَزِيدِ فيهِ أَبْنِيَةٌ كَثِيرَةٌ،
ولَمْ يجى في الخُمَاسِيِّ إِلاَّ عَضْرَفُوطٌ خُزَعْبِيلٌ قِرْطَبُوسٌ
قَبَعْثَرًى خَنْدَرِيس عَلى الأَكْثَرِ " أقول: اعلم أن مذهب سيبويه
وجمهور النحاة أن الرباعي والخماسي صنفان غير الثلاثي، وقال الفراء
والكسائي: بل أصلهما الثلاثي، قال الفراء: الزائد في الرباعي حرفه
الأخير وفي الخماسي الحرفان الأخيران، وقال الكسائي: الزائد في الرباعي
الحرف الذي قبل آخره، ولا دليل على ما قالا، وقد ناقضا قولهما
باتفاقهما على أن وزن جعفر فعلل ووزن سفرجل فعلل، مع اتفاق الجميع على
أن الزائد إذا لم يكن تكريراً يوزن بلفظه، وكان ينبغي أن يكون للرباعي
خمسة واربعون بِنَاءً، وذلك بأن تضرب ثلاثَ حَالاَتِ الفاء في أربع
حالات العين فيصير اثني عشر تضربها في أربع حالات اللام الأولى يكون
ثمانيةً وأربعين، يسقط منها ثلاثة لامتناع اجتماع الساكنين، وكان حقُّ
أبنية الخماسي أن تكون مائةً وأحَداً وسبعين، وذلك بأن تضرب أربع حالات
اللام الثانية في الثمانية والأربعين المذكورة فيكون مائة واثنين
وتسعين يسقط منها أحد وعشرون، وذلك لأنه يسقط بامتناع سكون العين
واللام الأولى فقط تسع حالات الفاء واللام
(1/47)
الثانية، وتسقط بامتناع سكون اللام الاولى
والثانية فقط تسع حالات الفاء والعين،
وتسقط بامتناع سكون العين واللامين معاً ثلاث حالات الفاء، يبقى مائة
وأحد وسبعون بناء، اقْتُصِرَ من أبنية الرباعي على خمسة مُتَّفقٍ
عليها، وزاد الأخفش فُعْلَلاً بفتح اللام كجخدب، وأجيب بأنه فرع
جُخَادِبٍ، بحذف الألف وتسكين الخاء وفتح الدال، وهو تكلف، ومع تسليمه
فما يصنع بما حكى الفراء من طُحْلَب وبُرْقَع (1) وإن كان المشهور الضم
لكن النقل لا يُرَدُّ مع ثقة الناقل وإن كان المنقول غير مشهور،
فالأَوْلى القول بثبوت هذه الوزن مع قلته، فنقول: إن قُعْدَداً (2)
ودُخْلَلاً (3) مفتوحي الدال واللام - على ما روي - وَسُؤدَداً (4)
وَعُوطَطاً (5) ملحقات بجُخْدَب، ولولا ذلك لوجب الإدغام كما يجئ في
موضعه.
ويكون بُهْمَى (6) ملحقاً، لقولهم بُهْمَاة على ما حكى ابن الأعرابي،
ولا تكون
__________
(1) الطحلب: خضرة تعلوا الماء إذا طال مكثه، والبرقع: نقاب المرأة وما
يستر به وجه الدابة، وكلاهما بضم فسكون ففتح، وقد يكسر أول الثاني،
والاصل فيهما ضم الثالث (2) القعدد: الرجل الجبان القاعد عن الحرب
والمكاره، قال الشاعر: دعاني أخى والخيل بينى وبينه * * فلما دعاني لم
يجدنى بقعدد (3) دخلل الرجل ودخلله بضم ثالثة أو فتحه ودخيلته: نيته
ومذهبه لان ذلك يداخله (4) السؤدد: مصدر قولك ساد الرجل قومه كالسيادة،
والدال الاولى مفتوحة أو مضمومة وقد تخفف الهمزة بقلبها واوا (5)
العوطط: جمع عائط، وهو اسم فاعل من قولك: عاطت الناقة تعوط، إذا لم
تحمل في أول سنة يطرقها الفحل (6) قال في اللسان: وقال الليث: البهمى
نبت تجد به الغنم وجدا شديدا ما دام أخضر، فإذا يبس هر شوكه وامتنع،
ويقولون للواحد بهمى والجمع بهمى، قال سيبويه: البهمى تكون واحدا وجمعا
وألفها للتأنيث.
وقال قوم ألفها للالحاق والواحدة بهماة، وقال المبرد: هذا لا يعرف، لا
تكون ألف فعلى بالضم لغير التأنيث ... قال ابن سيده: هذا قول أهل
اللغة، وعندي أن من قال بهماة فالالف ملحقة له بجخدب (*)
(1/48)
الألف للتأنيث كما ذهب إليه سيبويه قوله "
وأما جَنَدِلٌ وعُلَبِطٌ " يعني أن هذين ليسا بناءين للرباعي، بل هما
في الأصل من المزيد فيه، بدليل أنه لا يتوالى في كلامهم أربع متحركات
في كلمة، ألا ترى إلى تسكين لام نحو ضَرَبْتُ لما كان التاء كجزء
الكلمة، قال سيبويه: الدليل على أن هُدَبِداً (1) وعُلَبِطاً مقصوراً
هُدَابِدٍ وعُلاَبِطٍ أنك لا تجد فُعَلِلاً إلا ويروى فيه فعلل كعلايط
وهُدَابِد ودُوَادِمٍ (2) في دُوَدِم، وكما أن المذكورين ليسا ببناءين
للرباعي، بل فرعان للمزيد فيه، فكذا عرتن - بفتحتين بعد هماضمة -
وعَرَتَنٌ - بثلاث فتحات - ليسا بلغتين أصليتن، بل الأول مخفف
عَرَنْتُنٍ بحذف النون، والثاني مخفف عرنتين، كما أن عَرْتُناً - بفتح
العين وإسكان الراء وضم التاء - فرع عَرَنْتن بحذف النون وإسكان الراء،
وعَرَنْتُنٌ: نبت، وفيه ست لغات عَرَنْتُنٌ وعَرَتُنٌ فرعه.
وعَرْتُنٌ فرع الفرع، وَعَرَنْتَنٌ، وَعَرَتَنٌ فرعه، وَعَرْتنٌ فرع
الفرع وزاد محمد بن السِّرِيّ في الخماسي خامساً وهو الهُنْدَلِعُ
لبقلة، والحق الحكم بزيادة النون، لأنه إذا تردد الحرف بين الأصالة
والزيادة والوزنان باعتبارهما نادران فالاولى الحكم بالزيادة لكثرة ذي
الزيادة كما يجئ، ولو جاز أن يكون هندلع فعللا لجاز أن يكون كَنَهْبُلٌ
(3) فَعَللاً، وذلك خَرْق لا يُرْقَع فتكثر الاصلال
__________
فإذا نزع الهاء أحال اعتقاده الاول عما كان عليه، وجعل الالف للتأنيث
فيما بعد، فيجعلها للالحاق مع تاء التأنيث، ويجعلها للتأنيث إذا فقد
الهاء اه (1) قال في اللسان: الهدبد والهدابد اللبن الخائر (الحامض)
حدا.
وقيل: ضعف البصر (2) الدودم والدوادم: شئ شبه الدم يخرج من شجر السمر
(3) الكنهبل - بفتح الباء وضمها - شجر عظام وهو من العضاه، قال سيبويه:
أما كنهبل فالنون فيه زائدة لانه ليس في الكلام على مثال سفرجل (بضم
الجيم) (*)
(1/49)
قوله " وللمزيد فيه أبنية كثيرة " ترتقي في
قول سيبويه إلى ثلثمائة وثمانية أبنية، وزيد عليها بعد سيبويه نيف على
الثمانين، منه صحيح وسقيم، شرح جميع ذلك يطول، فالاولى الاقتصار على
قانون يعرف به الزائد من الأصل كما يجئ في باب ذي الزيادة إن شاء الله
تعالى ولما كان المزيد فيه من الخماسي قليلاً عده المصنف، وإنما قال "
على الأكثر " لانه قيل: إن خندريسا فنعليل، فيكون رباعيا مزيداً فيه،
والأولى الحكم بأصالة النون، إذ جاء بَرْقَعِيد في بلد، وَدَرْدَبِيس
للداهية، وسَلْسَبِيل وَجَعْفَليق وَعَلْطَبِيس (1) فإن قيل: أليس إذا
تردَّد حرفٌ بين الزيادة والأصالة وبالتقديرين يندر الوزن فجعله زائداً
أولى؟ قلت: لا نسلم أولأً فعليلا نادر، وكيف ذلك وجاء عليه الكلمات
المذكورة؟ ولو سلمنا شذوذه قلنا: إنما يكون الحكم بزيادته أولى لكون
أبنية المزيد فيه أكثر من أبنية الأصول بكثير، وذلك في الثلاثي
والرباعى، وأما في الخماسي فأبنية المزيد فيه منه مقارِبَة لأبنية
أصوله، ولو تجاوزنا عن هذا المقام أيضاً قلنا: إن الحكم بزيادة مثل ذلك
الحرف (يكون) أولى إذا كانت الكلمة بتقدير أصالة الحرف من الأبنية
الأصول، أما إذا كانت بالتقديرين من ذوات الزوائد كمثالنا - أعني
خندريسًا - فإن ياءه زائد بلا خِلاف فلا تَفَاوُتَ بين تقديره أصلاً
وزائداً، ولو قال المصنف بدل خَنْدَريس بَرْقَعِيد لاستراح من قوله "
على الأكثر " لأنه فَعْلَليلٌ بلا خلاف، إذ ليس فيه من حروف " اليوم
تنساه "
__________
(1) السلسبيل: اللين الذى لا خشونة فيه، وربما وصف به الماء، واسم عين
في الجنة، قال الله تعالى: (عينا فيها تسمى سلسبيلا) .
والجعفليق: العظيمة من النساء.
والعلطبيس: الاملس البراق (*)
(1/50)
شئ غير الياء، ويمكن أن يكون إنما لم يذكره
لما قيل: إنه أعجمي، ولو ذكر عَلْطَمِيسا (1) وجعفليقا لم يرد شئ، لأن
حرف الزيادة غير غالب زيادته في موضعه فيهما قوله " جَعْفَر " هو النهر
الصغير، وَ " الزِّبْرِج " الزينة من وَشْي أو جوهر، وقيل: الذهب،
وقيل: السخاب الرقيق، و " الْبُرْثُن " للسبع والطير كالأصابع للإنسان،
والْمِخْلَبُ: ظفر البرثن، وَ " الْقِمَطْر " ما يصان فيه الكتب ب "
والجخدب " الجراد الأخضر الطويل الرجلين، وكذا الجُخَادِب، "
وَالْجَنَدِلُ " موضع فيه الحجارة، والْجَنَادِل: جمع الْجَنْدَلِ: أي
الصخر، كأنه جعل المكان لكثرة الحجارة فيه كأنه حجارة، كما يقال: مررتُ
بقَاعٍ عَرْفَج (2) كُلُّه، وَ " الْعُلَبِطُ " الغليظ من اللبن وغيره،
يقال: ما في السماء قِرْطَعْبٌ: أي سحابة، وقال ثعلب: هو دابة، و "
الجحمرش " العجوز المسنة، يقال: ما أعطاني قُذَعْمِلاً: أي شيئاً،
وَالقُذَعْمِلَة: الناقة الشديدة، وَ " الْعَضْرَفُوط " دويبة، وَ "
الْخُزَعْبِيل " الباطل من كلام وَمُزَاح، وَ " الْقَرْطَبُوس " بكسر
القاف - الداهية والناقة العظيمة الشديدة، وفيه لغة أخرى بفتح القاف،
__________
(1) العلطميس: الضخم الشديد، والجارية الحسنة القوام، والكثير الاكل
الشديد البلع، والهامة الضخمة الصلعاء، قال الراجز: - لما رأت شيب
قذالى عيسا * * وهامتي كالطست علطميسا لا يجد القمل بها تعريسا (2)
العرفج - بزنة جعفر وزبرج - نبت، قيل: هو من شجر الصيف لين أغبر
له ثمرة خشناء كالحسك، وقيل: طيب الريح أغبر إلى الخضرة وله زهرة صفراء
وليس له حب ولا شوك.
وقال المؤلف في شرح الكافية (ج 1 ص 283 طبعة الاستانة) : " ومن النعت
بغير المشتق قولهم مررت بقاع عرفج كله: أي كائن من عرفج، وقولهم مررت
بقوم عرب أجمعون: أي كائنين عربا أجمعون " اه (*)
(1/51)
والأول هو المراد هنا لئلا يتكرر بناء
عَضْرَفُوط، و " الْقَبَعْثَرَى " الجمل الضخم الشديد الوبر، وليست
الألف فيه للإلحاق، إذ ليس فوق الخماسي بناء أصلى يلحق به (1) ، وليست
أيضاً للتأنيث لأنه يُنَوَّن ويلحقه التاء نحو قَبَعْثَرَاة، بل الألف
لزيادة البناء كألف حمار ونحوه، وَ " الْخَنْدَرِيس " اسم من أسماء
الخمر.
واعلم أن الزيادة قد تكون للإلحاق بأصل، وقد لا تكون ومعنى الألحاق في
الاسم والفعل أن تزيد حرفاً أو حرفين على تركيب زيادةً غير مطردة في
إفادة معنى، ليصير ذلك التركيب بتلك الزيادة مثل كلمة أخرى في عدد
الحروف وحركاتها المعينة والسكنات، كُلُّ وَاحدٍ في مثل مكانه في
الملحق بها، وفي تصاريفها: من الماضي والمضارع والأمر والمصدر واسم
الفاعل واسم المفعول إن كان الملحق به فعلاً رباعياً، ومن التصغير
والتكسير إن كان المحلق به اسماً رباعيًّا لا خماسيًّا وفائدة الألحاق
أنه ربما يحتاج في تلك الكلمة إلى مثل ذلك التركيب في شِعْرٍ أو سجع
ولا نحتم بعدم تغير المعنى بزيادة الألحاق على ما يتوهم، كيف وإن معنى
حَوْقَلَ مخالف لمعنى حَقِلَ (2) ، وَشَمْلَلَ مخالف لشمل معنى (3)
وكذا كوثر
__________
(1) كان من حقه، مراعاة لما سيأتي له ذكره قريبا، أن يقول هنا: إذ ليس
فوقو
الخماسي لفظ على هذه الزنة يلحق به، من غير تقييده بأصلى (2) حقل يحقل
- من باب ضرب يضرب - زرع، وحقلت الابل تحقل - من باب تعب يتعب - أصيبت
بالحقلة، وهى من أدواء الابل.
وأما حوقل فمعناه صعف وقد تقدم (3) شملت الريح - من باب قعد - شملا
وشمولا: تحولت شمالا، وشمل الخمر - من باب نصر - عرضها للشمال، وشمل
الشاة - من باب نصر وضرب - علق عليها (*)
(1/52)
ليس بمعنى (1) كثر، بل يكفي أن لا تكون تلك
الزيادة في مثل ذلك الموضع مطردة في إفادة معنى، كما أن زيادة الهمزة
في أكبر وأفضل للتفضيل، وزيادة ميم مَفْعَل للمصدر أو الزمان أو
المكان، وفي مِفْعَل للآلة، فمن ثمَّةَ لا نقول إن هذه الزيادات
للإلحاق وإن صارت الكلم بها كالرباعي في الحركات والسكنات المعينة
ومثلة في التصغير والجمع، وذلك لظهور زيادة (هذه) الحروف للمعاني
المذكورة، فلا نحيلها على الغرض اللفظي مع إمان إحالتها على الغرض
المعنوي، وليس لأحد أن يرتكب كون الحرف المزيد لإفادة معنى للإلحاق
أيضاً، لأنه لو كان كذلك لم يدغم نحو أَشَدّ ومَرَدّ، لئلا ينكسر وزن
جعفر، ولا نحو مِسَلَّة ولا مِخَدَّة لئلا ينكسر وزن دِرْهَم، كما لم
يدغم مهدد وقردد محافظةً على وزن جَعْفَر، وذلك أن ترك الإدغام في نحو
قردد ليس لكون أحد الدالين زائدا وإلا لم يدغم نحو قمد (2) لزيادة أحد
دالية، ولم يظهر نحو ألندد ويلندد (3)
__________
الشمال (وهو كيس يجعل على ضرعها) وشملهم أمر - من باب فرح ونصر -
وشمولا أيضا: عمهم.
وشمل الرجل والشمل وشملل: أسرع وشمر، وبهذا تعلم أن المخالفة بين شمل
وشمل في غير المعنى الاخير (1) الكوثر: الكثير من كل شئ، قال الشاعر: -
وأنت كثير يابن مروان طيب * * وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والكوثر أيضا: النهر، ونهر في الجنة يتشعب منه جميع أنهارها، فالمخالفة
إذن في غير المعنى الاول (2) القمد - بضم أوله وثانيه كعتل - القوى
الشديد، قال الشاعر: - فضحتم قريشا بالفرار وأنتم * * قمدون سودان عظام
المناكب (3) الالندد واليلندد: مثل الالد، وهو الشديد الخصومة.
قال ابن جنى: همزة ألندد وياء يلندد كلتاهما للالحاق.
فان قلت: إذا كان الزائد إذا وقع أولا لم يكن للالحاق فكيف ألحقوا
الهمزة والياء في ألندد ويلندد، والدليل على صحة الالحاق (*)
(1/53)
لأصالة الدالين، بل هو للمحافظة على وزن
الملحق به، فكان ينبغي أيضاً أن لا يدغم نحو أشَدّ وَمَردّ ومِسَلَّة
لو كانت ملحقة هذا، وربما لا يكون لاصل الملحق معنى في كلامهم، ككوكب
(1) وزينب فإنه لا معنى لتركيب ككب وزنب قولنا " أن تزيد حرفاً " نحو
كوثر وقُعْدُد، وقولنا " أو حرفين " كألندد ويلندد وحَبَنْطًى (2) فإن
الزيادتين في كل واحد منهما للإلحاق وأما أقعنسس واحربني (3) فقالوا:
ليس الهمزة والنون فيهما للإلحاق، بل إحدى سينى اقعنس وألف احر نبى
للإلحاق فقط، وذلك لأن الهمزة والنون فيهما في مقابلة الهمزة والنون
الزائدتين في الملحق به أيضاً ولا يكون الإلحاق إلا يزيادة حرف في موضع
الفاء أو العين أو اللام،
__________
ظهور التضعيف؟ قيل: إنهم لا يحلقون بالزائد من أول الكلمة إلا أن يكون
معه زائد آخر، فلذلك جاز الالحاق بالهمزة والياء في الندد وبلندد لما
انضم الى الهمزة والياء من النون اه، ولعل هذه القضية المسلمة مأخوذة
من استقراء كلام العرب وعليه فلا ترد مناقشة الشارح الانية (1) التمثيل
بكوكب مبنى على أن الواو في هذه الكلمة كالواو في جوهر (زائدة للالحاق)
وهو أحد رأيين، والاخر أن الواو أصلية واحدى الكافين زائدة.
قال
في اللسان: قال التهذيب: ذكر الليث الكوكب في باب الرباعي ذهب أن الواو
أصلية قال: وهو عند حذاق النحويين من هذا الباب (يقصد: وك ب) صدر بكاف
زائدة والاصل وكب، أو كوب اه (2) تقول: رجل حبنطى - بالتنوين - أي غليظ
قصير بطين (3) اقعنسس فهو مقعنسس.
والمقعنسس: الشديد، والمتأخر أيضا، وقال ابن دريد: رجل مقعنسس، إذا
امتنع أن يضام.
واحرنبى الرجل: تهيأ للغضب والشر، واحرنبى أيضا: استلقى على ظهره ورفع
رجليه نحو السماء (*)
(1/54)
هذا ما قالوا، وأنا لا أرى منعاً من أن
يزاد للإلحاق لا في مقابلة الحرف الاصلى إذا كان الملحق به ذا زيادة،
فنقول: زوائد اقعنسس ألها للالحاق باحرنجم.
وقد تلحقل الكلمة بكلمة ثم يزاد على الملحقة ما يزاد على الملحق بها،
كما ألحق شَيْطَنَ وَسَلْقَى (1) بدحرج، ثم ألحقا بالزيادة فقيل:
تَشَيْطَنَ واسْلَنْقَى كما قيل: تَدَحْرَجَ واحرنجم، فيسمى مثله ذا
زيادة الملحق، وليس اقْعَنْسَسَ كذلك، إذ لم يستعمل قعسس وَلا تلحق
كلمة بكلمة مزيد فيها إلا بأن يجئ في الملحقات ذلك الزائد بعينه في مثل
مكانه، فلا يقال: إن اعْشَوْشَبَ واجْلَوَّذَ (2) ملحقان باحرنجم لأن
الواو فيهما في موضع نونه، ولهذا ضعف قول سيبويه في نحو سوود: إنه ملحق
بجُنْدَبٍ (3) المزيد نونه، وقوي قول الأخفش: إنه ثبت نحو جُخْدَب، وإن
نحو سُوَددٍ ملحق به.
وقولنا " والمصدر " يخرج نحو أفْعَلَ وَفَعَّلَ وَفَاعَلَ، فإنها ليس
ملحقة بدَحْرَجَ لأن مصادرها إفْعَالٌ وَتَفْعِيلٌ ومُفَاعَلَةٌ، مع أن
زياداتها مطردة لمعان
سنذكرها، ولا تكفي مساواة إفعال وفيعال وفعال كأخراج إخراجاً وقاتل
قِيتَالاً وكَذَّبَ كِذَّاباً لِفِعْلاَلٍ مصدر فَعْلَلَ، لأن المخالفة
في شئ من التصاريف تكفي في الدلالة على عدم الإلحاق، لا سيما وأشهر
مصدَرَيْ فَعْلَلَ فعللة
__________
(1) شيطن الرجل وتشيطن: صار كالشيطان وفعل فعله.
وسلقاه: ألقاه على ظهره، واسلنقى: مطاوعه.
(2) اعشوشبت الارض: كثر عشبها.
واجلوذ الليل: ذهب.
واجلوذ بهم السير: دام مع السرعة، ومنه اجلوذ المطر (3) الجندب: الذكر
من الجراد، وقيل: الصغير منه (*)
(1/55)
وقولنا " في التصغير والتكبير " يخرج عنه
حِمَارٍ، وإن كان بوزن قِمَطْر، لأن جمعه قَمَاطر ولا يجمع حمار على
حمائر بل حُمُر وَأَحْمِرَة، وأما نحو شَمَائل (1) في جمعِ شِمَال فلا
يرد اعتراضاً، لأن فعائلَ غير مطرد في جمعِ فِعَال.
وقولنا " لا خماسياً " لأن الملحق به لا يحذف آخره في التصغير والتكسير
كما يحذف في الخماسي، بل يحذف الزائد منه أين كان، لأنه لما احتيج إلى
حذف حرف فالزائد أولى، وَأَما إذا كان المزيد للإلحاق حرف لين رابعاً
في الخماسي فإنه ينقلب ياء نحو كناهير في جمع كنهور (2) قيل: لا يكون
حرف الإلحاق في الاولى، فليس أبلم (3) ملحقاً بِبُرْثُنٍ وَلا إئمد
بزبْرِج (4) ، ولا أرى منه مانعاً، فإنها تقع أولاً للإلحاق مع مساعد
اتفاقاً، كما في ألَنْدَد وَيَلَنْدَدٍ وإدْرَوْنٍ (5) فما المانع أن
يقع بلا مساعد؟
__________
(1) الشمال - بزنة كتاب - الطبع والسجية.
قال عبد يغوث بن وقاص الحارثى ألَمْ تَعْلَمَا أنَّ الْمَلاَمَةَ
نَفْعُهَا قَلِيلٌ، وَمَا لَوْمِي أخِي مِنْ شماليا
والشمال أيضا: ضد اليمين، قال الله تعالى (ونقلبهم ذات اليمين وذات
الشمال) .
والشمال أيضا: الشؤم، قال الشاعر: - ولم أجعل شؤونك بالشمال أي: لم
أضعها موضع شؤم (2) الكنهور - بزنة سفرجل - العظيم المتراكب من السحاب،
وقيل: قطع من السحاب أمثال الجبال، والنون والواو زائدتان للالحاق
بسفرجل (3) الابلم - بضمتين بينهما سكون، أو كسرتين بينهما سكون - هو
الخلاص، واحدته أبلمة، وفى الحديث " الامر بيننا وبينكم كقد الابلمة "
أي: أنه على نصفين متساويين كما تشق الخوصة نصفين (4) الاثمد - بكسرتين
بينهما سكون - حجر يتخذ منه الكحل (5) الادرون - بزنة جردحل - المكان
الذى يوضع فيه علف الفرس.
وهو (*)
(1/56)
قيل: ويقع الف للإلحاق في الاسم حَشْواً،
لأنه يلزمها في الحشو الحركة في بعض المواضع، ولا يجوز تحريك ألف في
موضع حرف أصلي، وإنما وجب تحريكها لأن الثاني يتحرك في التصغير، وكذا
الثالث والرابعُ الوسطُ يتحرك أيضاً في التصغير والتكسير إذا حذف
الخامس، وأما الآخر فقد لا يتحرك كسَلْمَى وَبُشْرَى والاعتراض عليه
أنه ما المحذور من تحريك ألف في مقابلة الحرف الأصلي؟ ومع التسليم فإنه
لا يلزم تحريكها في نحو عُلاَبط لا في التصغير ولا في التكسير، بل
تحذف، فلا بأس بأن نقول: هو ملحق بقُذَعْمِلٍ، وقولهم " الرابعُ الوسطُ
يتحرَّكُ في التصغير والتكسير إذا حذف الخامس " ليس بمستقيم، لأن الألف
تقلب إذن ياءً ساكنة كسر يديح وسراديح في سرداح (1) ، ومع التسليم
يلزمهم أن يزاد الألف في الآخر نحو أرْطًى (2) وَمِعْزًى لأنه يتحرك
بالحركة الإعرابية بعد قلبه ياء في التصغير والتكسير
واحترز بعضهم من هذا فقال: الألف لا تكون للإلحاق أصلاً، وأصلها في نحو
أرْطَىً ومِعْزًى ياء، ولا دليل على ما قال، وإنما قلبت في رَأيت
أرَيْطِياً وأراطِيَ لكسرة ما قبلها ولما لم يؤد الأمر إلى تحريك الألف
وَسَطاً في الفعل حكم الزمخشري وتقبله المصنف بكون ألف نحو تَغَافَلَ
للإلحاق بتَدَحْرَجَ، وهو وهم، لأن الألف في مثله غالبة في إفادة معنى
كون الفعل بين اثنين فصاعداً، ولو كان للإلحاق لم يدغم نحو تَمَادَّ
وَتَرَادَّ، كما لم يدغم نحو مَهْدَدٍ كما بينا، ولو كان الألف في
تغافل
__________
الاصل أيضا، ويقال: رجع فلان إلى إدرونه، ويقال: فلان إدرون شر، إذا
كان نهاية في الشر، قال ابن جنى: هو ملحق بجردحل، وذلك أن الواو التى
فيها ليست مدا لان ما قبلها مفتوح فشابهت الاصول بذلك فألحقت بها اه
(1) السرداح - بوزن قرطاس، بكسر القاف - الناقة الطويلة والضخم من كل
شئ والاسد القوى الشديد (2) الارطى - بفتح فسكون - شجر ينبت في الرمل،
واحدته أرطاة (*)
(1/57)
للإلحاق لكان في مصدره واسمي فاعله ومفعوله
أيضاً، فلم يصح إطلاق قولهم: " إن الألف لا تكون للإلحاق في الإسم
وسطاً " وكذا نحو تَكَلَّم ليس التضعيف فيه للإلحاق بِتَدَحْرَجَ كما
ادَّعيا، لوضوح كون التضعيف لمعنى، وما غرهما إلا موافقة البناءين
لتدحرج في تصاريفه، وإنما جوز حذف الألف للساكنين في نحو أرْطًى
وَمِعْزًى مع أن الوزن ينكسر به كما ينكسر بإدغام نحو مَهْدَدٍ
وقَرْدَدٍ، لأن هذ الانكسار ليس لازما، إذ التوين في معرض الزوال وترجع
الألف مع اللام والإضافة نحو الأرْطَى وَأَرْطى هذا الموضع
ولبقاء الوزن تقديراً مع سقوط اللام للتنوين حكم سيبويه بكون جوارٍ
وأُعَيْلٍ (1) غير منصرفين هذا، ولما لم يقم دليل على امتناع كون الالف
في الوسطل للإلحاق جاز أن يحكم في نحو سَاسَم (2) وخَاتَمٍ وَعَالَمٍ
بكونها للإلحاق بجَعْفَرٍ، وبكونها في نحو علابط للالحاق بقذعمل
__________
(1) أعيل - بضم الهمزة وفتح العين - تصغير أعلى الذى هو أفعل تفضيل من
العلو والاصل الاول في المصغر أعيلو، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها إثر
كسره، ثم استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان الياء
والتنوين فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، ثم حذف التنوين لان
الكلمة ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن الفعل، ثم خيف من رجوع الياء
لزوال الساكنين فجئ بالتنوين عوضا عن هذه الياء.
هذا مذهب سيبويه والخليل على ما ارتضاه المحققون في تقرير مذهبهما، وهو
مبنى على أن الاعلال مقدم على منع الصرف لقوة سببه وهو الاستقلال
الظاهر المحسوس في الكلمة، وأما منع الصرف فسببه ضعيف إذ هو مشابهة
الاسم للفعل وهى غير ظاهرة.
وفى المسألة مذاهب أخرى لا نرى الاطالة بذكرها (2) الساسم: شجر أسود،
قيل: هو الابنوس، وقيل: شجر يتخذ منه القسى والامشاط والقصاع والجفان
(*)
(1/58)
ثم نقول: الاسم الملحق بالرباعي كثير: فؤعل
ككوثر، وفَيْعَل كزينب، وفَعْوَل كجَدْوَل، وفَعْلَل مضعف اللام
كمَهْدَد، وَفَعْلىً كأَرْطَى، وَفَعْلَنٌ كَرَعَشَنٍ (1) ،
وَفِعَلْنَة كعِرَضْنَة (2) ، وَفِعْلِن كفِرْسِنٍ (3) ، وَفَعْلَتَه
كسَنْبَتَة (4) وفَنْعَل كغسل (5) ، وفِعَلّ كَخِدَبٍّ (6) ،
وَفُنْعُلُ كَخُنْفُس (7) وعند الأخفش فُعْلُلٌ مضَعَّف اللام ملحق
بجخْدَب كسُؤْدَد، ولا يمتنع على ما ذكرنا أن يكون أُفْعُل وإفعل كأبلم
وإجرد (8) للالحاق، وأما إفعل كإصبع فلا، لإدغام نحو
إوَزّ، وكذا يَفْعَل يكون للإلحاق كيَلْمَع (9) وكذا فاعل كعالم
__________
(1) الرعشن - بفتحتين بينهما ساكن - المرتعش (2) العرضنة - بكسر ففتح
فسكون - الاعتراض في السير من النشاط، يقال: تعدو الفرس العرضنة: أي
معترضة مرة من وجه ومرة من آخر، ونظرت إلى فلان عرضنه: أي بموخر عينى.
(3) الفرسن: طرف خف البعير (4) السنبتة: الحقبة وهى المدة من الزمن،
تقول: عشنا في الرخاء سنبتة.
والتاء الاولى فيه زائدة للالحاق على قول سيبويه، يدل على زيادتها أنك
تقول سنبة، أما التاء الثانية فهى تاء التأنيث وهى موجودة في الحالين
(5) العنسل: الناقة السريعة، وهى مأخوذة من العسلان، وهو عدو الذئب،
والزائد فيه النون عند سيبويه، واللام عند غيره (6) الخدب - بكسر ففتح
فباء مشددة - الضخم والشيخ والعظيم الجافي (7) الخنفس والخنفساء - بضم
الخاء وسكون النون وفتح الفاء، وضمها لغة فيهما - دويبة سوداء أصغر من
الجعل منتنة الريح (8) الاجرد - بكسر أوله وثالثه وسكون ثانيه وتشديد
آخره - نبت يدل على الكمأة واحدته إجردة، قال النضر: ومنهم من يقول
إجرد بتخفيف الدال مثل إثمد، وهذا الذى عناه الشارح (9) اليلمع:
السراب، وما لمع من السلاح، واسم برق خلب (*)
(1/59)
وكذا الملحق بالخماسي من الثلاثي والرباعي
كثير، فمن الثلاثي الملحق بسفرجل نحو صَمَحْمَح (1) وَعَفَنْجَج (2)
وكروس (3) وَعَمَلَّس (4) وَعَثَوْثَل (5) وَهَبَيَّخ (6) وَعَقَنْقَل
(7) وَخَفَيْدَد وَخَفَيْفَد (8) وَألَنْدَد وَيَلَنْدَد وَحَبَنْطًى،
ومن الرباعي جحنفل (9) وحبو كر (10) ، ومن الملحق بِقِرْطَعْب من
الثلاثي
__________
(1) الصمحمح - كسفرجل - الشديد القوى، والانثى صمحمحة (2) العفنجج -
كسفرجل - الضخم الاحمق (3) الكروس - كسفرجل - الشديد (4) العملس -
كسفرجل - القوى الشديد على السفر.
والذئب والكلب الخبيثان، قال عدى بن الرقاع يمدح عمر بن عبد العزيز: -
عملس أسفار إذا استقبلت له * * سموم كحر النار لم يتلثم وقال الطرماح
يصف كلاب الصيد: - يوزع بالامراس كل عملس * * من المطعمات الصيد غير
الشواحن (5) العثوثل: الكثير اللحم الرخو (6) الهبيخ - كسفرجل - الرجل
الذى لا خير فيه، والاحمق المسترخى.
والهبيخ في لغة حمير: الغلام الممتلئ، والهبيخة: الجارية التارة
الممتلئة بلغتهم أيضا (7) العقنقل - كسفرجل - الكثيب العظيم من الرمل
إذا ارتكم بعضه على بعض (8) الخفيدد والخفيفد - كسفرجل - الظليم (ذكر
النعام) الخفيف، وقيل: الطويل الساقين.
قيل للظليم خفيدد لسرعته، وتقول: خفد - كفرح - خفدا، وخفد - كضرب -
خفدا، إذا أسرع في مشيته وفى بعض النسخ مكان خفيفد " خفندد " ومعناه
صاحب المال الحسن القيام عليه (9) الجحنفل: الغليظ (10) الحبوكر:
الداهية، ورمل يضل فيه السالك (*)
(1/60)
إرْدَبّ وفِرْدَوْس وإدْرَوْن وإنْقَحْل
(1) ومن الرباعي قِرْشَبّ (2) وَعِلَّكْدٌ (3) وقولهم هَمَّرِشٌ (4)
عند سيبويه ملحق بجَحَمْرِش بالتضعيف، وعند الأخفش ليس فيه زائد وأصله
هَنْمَرِش، ويجوز على ما ذهبنا إليه أن يكون سِرْدَاح ملحقا بجردحل،
وعلا بط ملحقاً بقُذَعْمِل، وكُنَابِيل (5) بقُذَعْمِيل، وإن
خالفتهما في التصغير والتكسير، لانا ذكرنا أن ذلك لا يعتبر إلا في
الرباعي واعلم أنه لا يكون في الرباعي والخماسي الأصليين تضعيف،
لثقلهما وثقل التضعيف: أما إذا كان أحد حروفهما تضعيفاً زائداً فإنه
يُحْتَمَل لعروض الزيادة وإن صار العارض لازماً، فعلى هذا أحد المثلين
في كلمة مع ثلاثة أصول
__________
(1) الفردوس: البستان، وفى تمثيل المؤلف به لما ذكر نظر، فانهم نصوا
على أنه لا زائد فيه إلا الواو، فيكون رباعيا ملحقا بالخماسى، والا
نقحل كجردحل: الرجل الذى يبس جلده على عظمه من البؤس والكبر والهرم (2)
القرشب - كجردحل: الضخم الطويل من الرجال.
وقيل: هو السئ الحال (3) العلكد - بكسر العين وتشديد اللام مفتوحة
وسكون الكاف - الغليظ الشديد العنق والظهر من الابل وغيرها، وقيل: هو
الشديد مطلقا، الذكر والانثى فيه سواء (4) همرش - كجحمرش - العجوز
المضطربة الخلق (بفتح الخاء) .
قال ابن سيده: جعلها سيبويه مرة فنعللا (وهو غير ما حكاه المؤلف عن
الاخفش) ومرة فعللا، ورد أبو على أن يكون فنعللا، وقال: لو كان كذلك
لظهرت النون لان إدغام النون في الميم من كلمة لا يجوز، ألا ترى أنهم
لم يدغموا في شاة زنماء (وهى التى لها لحمة متدلية تحت حنكها) كراهية
أن يلتبس بالمضاعف.
وهى عند كراع فعلل (بفتح الفاء وتشديد العين مفتوحة وكسر اللام الاولى)
قال: ولا نظير لها البتة اه من اللسان (5) كنابيل - بضم الكاف وفتح
النون بعدها ألف - اسم موضع، قال الطرماح ابن حكيم، وقيل: قائله ابن
مقبل دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * * على عجل دهماء والركب رائح ويقال
فيه كنا بين.
ويروى في عجز البيت " والليل رائح " (*)
(1/61)
وأربعة زائدٌ إذا لم يكن بين المثلين حرف
أصلي، كَقِنَّب (1) وزُهْلُول (2) فإن كان
بينهما حرف أصلي فليس بزائد كَحَدْرد (3) ودَرْدَبِيس (4) وسَلْسَبيل،
وقال بعضهم: هو زائد أيضاً، فخدرد وسلسبيل عنده فَعْلَع وفَعْفَليل،
والأولى الحكم بالأصالة، لعدم قيام دليل زيادة كما قام مع عدم الفصل
بالأصلي كما سيجئ، وكذا إذا كان حرفان متباينان بعد مثليهما فالاولان
أو الأخيران زائدان، بشرط أن يبقى دونهما ثلاثة أصول أو أكثر،
فَمَرْمَرِيس فَعْفَعِيل، وصَمَحْمَح فَعَلْعَلٌ، وأما نحو زَلْزَلَ
وصَرْصَرَ (5) فليس فيه زائد، إذ لا يبقى بعد الحرفين ثلاثة، ومن قال "
سَلْسَبيل فَعْفَليل " قال: زلزل فعفل وقال الكوفيون في نحو زَلْزَلَ
وصَرْصَرَ - أي: فيما يبقى بعد سقوط الثالث مناسبٌ للمعنى الذي كان قبل
سقوطه مناسبةً قريبة -: إن الثالث زائد، لشهادة الاشتقاق: فَزَلْزَلَ
من زَلَّ، وصَرْصَرَ من صَرَّ، ودَمْدَمَ (6) من دَمَّ، وأما ما لم يكن
كذلك، كالبَلْبَالِ والْخَلْخَال، فلا يرتكبون ذلك فيه وقال السريّ
الرَّفَّاء في كتاب المحب والمحبوب: زلزل منزل كجَلْبَبَ من جَلَب،
وكذا نحوه، يعني أنه كرر اللام للإلحاق فصار زَلَّلَ، فالتبس بباب
__________
(1) القنب - بكسر القاف وضمها مع تشديد النون مفتوحة فيهما -: ضرب من
الكتان (2) الزهلول - كعصفور - الاملس من كل شئ (3) حدرد - كجعفر -:
اسم رجل، ولم يجئ على فعلع بتكرير العين غيره (4) الدرديس: الداهية،
وخرزة سوداء تتحبب بها المرأة إلى زوجها، والعجوز والشيخ الكبير الفاني
(5) صرصر: تحتمل هذه الكلمة أن تكون فعلا ومعناه صوت وصاح أشد الصياح،
وأن تكون اسما وهو دويبة تحت الارض تصر أيام الربيع (6) دمدم: يقال:
دمدم الرجل الرجل ودمه: أي عذبه عذابا تاما.
(*)
(1/62)
ذلل يذلل تذليلا، فأبدل اللام الثانية فاء،
وهو قريبٌ، لكنه يرد عليه أن فيه إبدال بعض ما ليس من حروف الإبدال
كالكاف في كَرْكَرَ بمعنى كَرَّ وقال الفراء في مَرْمَرِيسٍ
وصَمَحْمَحٍ: إنه فَعْلَلِيلٌ وفَعَلَّلٌ، قال: لو كان فَعْفعِيلاً
وَفَعَلْعَلاً لكان صَرْصَرَ وزَلْزَلَ فَعْفَعَ، وليس ما قال بشئ،
لانا لا نحكم بزيادة التضعيف إلا بعد كمال ثلاثة أصول فإذا تقرر جميع
ذلك قلنا: إن التضعيف زائد في نحو قِنَّب وعِلَّكْدٍ وقِرْشَبّ
وَمَهْدَد وصَمَحْمَح ومَرْمَرِيس وَبَرَهْرَهَة (1) - أي: كل كلمة
تبقى فيها بعد زيادة التضعيف ثلاثة أصول أو أربعة - إذ لم يفصل بين
المثلين أصلي، وإنما حكمنا بذلك لقيام الدلالة على زيادة كثير من ذلك
بالاشتقاق، فطردنا الحكم في الكل، وذلك نحو قَطَّع وقَطَّاع وجَبَّار
وسُبُّوحٌ، وكذا في ذُرَحْرَح (2) ، لقولهم ذُرُّوحٌ بمعناه، وفي
حِلِبْلاَب (3) لقولهم حُلَّب بمعناه، ومَرْمَرِيس للداهية (من (4))
الممارسة للأمور، وألحق ما جُهِلَ اشتقاقه بمثل هذا المعلوم، ودليل آخر
على زيادة تضعيف نحو صَمَحْمَح وَبَرَهْرَهَة جمعُكَ له على صَمَامحَ
وبراره، ولو كان كَسَفَرْجَل قلت صَمَاحِم
__________
(1) يقال: امرأة برهرهة، إذا كانت بضة، وقيل: هي البيضاء، وقيل: التى
لها بريق من صفائها (2) الذرحرح - بضم أوله وفتح ثانيه بعدهما حاء
مهملة ساكنة فراء مفتوحة -: هو دويبة أعظم قليلا من الذباب، والذروح
كسبوح بمعناه (3) حلبلاب - بكسرتين بعدهما سكون - نبت ينبسط على الارض
وتدوم خضرته في القيظ وله ورق أعرض من الكف، والحلب بوزن سكر بمعناه
(4) زيادة يقتضيها المقام، فأنه يريد أن التضعيف زائد في كلمة مرمريس
لانها مأخوذة من المراس، وهو شدة العلاج، ويقال: رجل مرمريس إذا كان
داهيا عاقلا معالجا للامور (*)
(1/63)
فإن قيل: هَلاَّ حذفت الميم الثانية أو
الحاء الثانية؟ فالجواب أنه لو حذفت الميم الثانية لالتقى مثلان نحو
صَمَاحِح، ولو حذفت الحاء الثانية وقلت صماحم لظن أنه كسفرجل: أي أن
جميع الحروف أصلية، وأيضاً ليس في كلامهم فَعَالِعُ وفي الكلام فعاعل
كثير كَسَلالِم في سُلَّم وقَنَانِبَ في قُِنَّب، وكذا تقول في مرمريس:
مَرَاريس، لكثرة فعاعيل كدنانير وقراريط، فجمعا على فعاعل وفعاعيل
ليكون أدل على كونهما من ذوات الثلاثة واعلم أن كل كلمة زائدة على
ثلاثة في آخرها مثلان متحركان مُظْهِرَان فهي ملحقة، سواء كانا أصليين
كما في ألَنْدَدَ، أو أحدهما زائداً كما في مَهْدَد، لأن الكلمة إذن
ثقيلة وفك التضعيف ثقيل، فلولا قَصْدُ مماثلها للرباعي والخماسي لأدغم
الحرف طلباً للتخفيف، فلهذا قيل: إن مهدداملحق بجعفر دون مَعَدّ، ولهذا
قال سيبويه: نحو سُؤْدَد ملحق بجُنْدَب، مع كون النون في جندب زائداً
وعدم ثبوت فُعْلَل بفتح اللام عنده (1)
__________
(1) نذكر هاهنا تكملة في بيان القياسي والسماعي من الالحاق نرى أنه
لابد منها إذ كان المؤلف لم يتعرض لبيانها، فنقول: قال أبو عثمان
المازنى: " وهذا الالحاق بالواو والياء والالف لا يقدم عليه إلا أن
يسمع، فإذا سمع قيل: ألحق ذا بكذا بالواو والياء، وليس بمطرد، فأما
المطرد الذى لا ينكسر فأن يكون موضع اللام من الثلاثة مكررا للالحاق
مثل مهدد وفردد وعندد وسردد، والافعال نحو جلبب يجلبب جلببة، فإذ سئلت
كيف تبنى منضرب مثل جعفر قلت: ضربب، ومن علم قلت: علمم، ومن ظرف قلت:
ظرفف، وإن كان فعلا فكذلك وتجريه مجرى
دحرج في جميع أحواله " اه وقال أبو الفتح عثمان بن جنى: " ومعنى قوله
إن باب مهدد وجلبب مطرد وباب جهور وكوثر غير مطرد أنك لو احتجت في شعر
أو سجع أن تشتق من ضرب اسما أو فعلا أو غير ذلك لجاز، وكنت تقول: ضربب
زيد عمرا، وأنت تريد ضرب، وكذا كنت تقول: هذا ضربب أقبل، إذا جعلته
اسما، وكذلك ما أشبهه، ولم يجز لك أن تقول: ضورب زيد عمرا، ولا هذا (*)
(1/64)
قال: " وَأَحْوَالُ الأَْبْنِيَةِ قَدْ
تَكُونُ لِلْحَاجَةِ كَالْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَالأَْمْرِ وَاسْمِ
الفاعل وَاسْمِ الْمَفْعُولِ وَالصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ وَأَفْعَلِ
التَّفْضِيلِ وَالْمَصْدَرِ وَاسْمَيِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ
وَالآلَةِ وَالْمُصَغَّرِ وَالْمَنْسُوبِ وَالْجَمْعِ وَالْتِقَاءِ
السَّاكِنَيْنِ وَالابْتِدَاءِ وَالْوَقْفِ، وقدْ تَكُونُ لِلتَّوَسُّع
كَالْمقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ وذِي الزيادة، وقد
__________
رجل ضورب، لان هذا الالحاق لم يطرد فلا تقيسه.
وسألت أبا على (يريد أستاذه الفارسى) عن هذا الموضع في وقت القراءة
بالشام والعراق جميعا وأنا أثبت ما تحصل من قوله فيه، قال: لو اضطر
شاعر الان لجاز أن يبنى من ضرب اسما وصفة وفعلا وما شاء من ذلك، فيقول:
ضربب زيد عمرا، ومررت برجل ضربب، وضربب أفضل من خرجج، لانه إلحاق مطرد،
وكذلك كل مطرد من الالحاق نحو هذا رجل ضربني، لان هذا الالحاق مطرد،
وليس لك أن تقول: هذا رجل ضيرب، ولا ضورب، لان هذا لم يطرد في الالحاق.
فقلت له: أترتجل اللغة ارتجالا؟ فقال: نعم، لان هذا الالحاق لما اطرد
صار كاطراد رفع الفاعل، ألا ترى أنك تقول: طاب الخشكنان، فترفع وإن لم
تكن العرب لفظت بهذه الكلمة لانه أعجمية.
قال: وإدخالهم الاعجمي في كلامهم كبنائك ما تبنيه من ضرب وغيره من
القياس، وهذا من طريف ما علقته من أبى على، وهذا لفظه أو معنى لفظه "
اه وحاصل هذا أن الالحاق عندهما على ضربين: قياسي، وسماعى، فأما
القياسي
فقد ذكرا له موضعين: الاول: ما كان بتكرير اللام مع الثلاثي، والثانى:
ما كان بريادة النون في وسط الكلمة، وأما السماعي فما كان بالواو
كجمهور ورودن، أو بالياء كشريف وبيطر وزينب ومريم، أو بالالف كجعبى
وسلقى ودنيا ومعزى ولكنك إذا رجعت إلى كلام أبى الفتح ابن حنى في عدة
مواضع من شرحه على تصريف المازنى ومن كتابه الخصائص تبين لك أنهم لا
يعدون من الالحاق قياسيا إلا ما كان بتكرير اللام سواء أكان ثلاثى
الاصول وأريد إلحاقه بالرباعي أم كان رباعى الاصول وأريد إلحاقه
بالخماسى، فليس لك أن تزيد للالحاق أي حرف ما لم يكن من جنس اللام، إلا
أن تريد التمرين كأن تقول: ابن من خرج على مثال كوثر أو جهور أو بيطر
أو جعبى أو غسل أو نحو ذلك (*)
(1/65)
تَكُونُ لِلْمُجَانَسَةِ كَالإِْمَالَةِ،
وَقَدْ تَكُونُ لِلاسْتِثْقَالِ كَتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ
وَالإِْعْلاَلِ وَالإِْبْدَالِ وَالإِْدْغَامِ وَالْحَذْفِ " أقول: قد
مضى الكلام على جعله لهذه الأشياء أحوال الكلمة فلا نكرره (1) قوله "
قد تكون للحاجة " أي: يحتاج إلى هذه الأشياء: إما لتغير المعنى
باعتبارها كما في الماضي والمضارع، إلى قوله " والجمع " وَإما للاضطرار
إلى بعضها بعد الإعلال كالتقاء الساكنين في نحو " لمْ يَقُلْ " أو بعد
وصْل بعض الكلم ببعض كالتقائهما في نحو " اذْهَبِ اذْهَبْ " أو عند
الشروع في الكلام كالابتداء، وإما لوجه استحساني لا ضروريّ كوجوه الوقف
على ما يأتي وفي جعله للمقصور والممدود وذي الزيادة من باب التوسع
مطلقاً نظر، لأن القصر والمد إنما صِيرَ إليهما في بعض المواضع بإعلال
اقتضاه الاستثقال كاسم المفعول المعتل اللام من غير الثلاثي المجرد،
واسمي الزمان والمكان، والمصدر مما
قياسه مفعل ومفعل، وسائر ما ذكره في المقصور، وكالمصادر المعتلة اللام
من أفعل وفَاعَل وافْتَعَل كالإعطاء والرِّمَاءِ والاشتراء، وسائر ما
نذكره في الممدود، وربما صير إليهما للحاجة كمؤنث أفعل التفضيل، ومؤنث
أفْعَلَ الصفة، وكذا ذو الزيادة: قد تكون زيادته للحاجة كما في زيادات
اسم الفاعل واسم المفعول ومصادر ذي الزيادة ونحو ذلك، وكزيادات
الإلحاق، وقد يكون بعضها للتوسع في الكلام كما في سَعِيد وحِمَار
وعُصْفور وكُنَابيل ونحو ذلك، ويجوز أن يقال في زيادة الإلحاق: إنها
للتوسع في اللغة، حتى لو احتيج إلى مثل ذلك البنا في
__________
(1) صواب العبارة أن يقول " على جعله لهذه الأشياء أحوال الابنية "
وانظر (ص 4) من هذا الجزء (*)
(1/66)
الوزن والسجع كان موجوداً، وذهب أحمد بن
يحيى إلى أنه لابد لكل زائد من معنى، ولا دليل على ما ادعى قوله "
والإعلال " يدخل فيه إبدال حروف العلة، ونقل حركتها إلى ما قبلها،
وحذفها، وحذف حركتهالا للجزم ولا للوقف، ويدخل في الإبدال إبدال حرف
العلة والهمزة وغيرهما، وكذا الحذف يشمل حذف حرف العلة والهمزة
وغيرهما، فقوله " الإبدال والحذف " يدخل فيها بعض وجوه الإعلال، وبعض
وجوه تخفيف الهمزة قال: " الماضي: للثوثى المجرد ثلاثة أبنية: فعل،
وفعل، وفعل، نحو ضربه وقتله جاس وَقَعَدَ وَشَرِبَهُ وَوَمِقَهُ
وَفَرِحَ وَوَثِقَ وَكَرُمَ " أقول: ذكر لفَعَلَ أربعة أمثلة: مثالين
للمتعدي: أحدهما من باب فَعَلَ يَفْعِلُ، والثاني من باب فَعَل
يَفْعُلُ، ولم يذكر من باب فَعَلَ يَفْعَلُ - بفتحهما - لأنه فرعهما
على ما يأتي في المضارع، ومثالين للاَّزم منهما، وذكر أيضاً لفَعَلَ
أربعة
أمثلة: مثالين للمتعدي: أحدهما من باب فعل يفعل كشرب، والثاني من باب
فَعَل يَفْعُلُ كومق، ومثالين للاَّزم منهما، وذكر لفَعُلَ مثالاً
واحداً، لأنه ليس مضارعه إلا مضموم العين، وليس إلا لازماً قال: "
وَلِلْمَزِيد فِيهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ: ملحق بدرج نَحْوُ شَمْلَلَ
وَحَوقْلَ َوبَيْطَرَ وَجَهْوَرَ وقَلْنَسَ وَقَلْسَي، ومُلْحَقٌ
بِتَدَحْرَجَ نَحْوُ تَجَلْبَبَ وَتَجَوْرَبَ وَتَشَيْطَنَ
وَتَرَهْوَكَ وَتَمَسْكَنَ وَتَغَافَلَ وَتَكَلَّمَ، وَمُلْحَقٌ
باحْرَنْجَمَ نَحْوَ اقْعَنْسَسَ وَاسْلَنْقى، وَغَيْرَ مُلْحَقٍ
نَحْوٍ أخْرَجَ وَجَرَّبَ وَقَاتَل وانْطَلَقَ وَاقْتَدَرَ
وَاسْتَخْرَجَ وَاشْهَابَّ وَاشْهَبَّ واغْدَوْدَنَ وَاعْلَوَّطَ،
وَاسْتَكَانَ قيل: افْتَعَلَ مِنَ السّكُونِ فَالْمَدُّ شَاذٌّ،
وَقِيلَ: اسْتَفْعَلَ مِن كانَ فَالْمَدُّ قِياسيٌّ " أقول: شملل: أي
أسرع، وأيضاً بمعنى أخذ من النخل بعد لِقاطِهِ ما يبقى
(1/67)
من ثمره، وحَوْقَلَ: كبر وعجز عن الجماع،
وجَهْوَرَ: رفع صوته، قَلْنَسْتُهُ وَقَلْسَيْتُهُ: ألبسته
الْقَلَنْسُوَةَ، تَجَلْبَبَ: لبى الجِلْبَاب، تَجَوْرَب: لبس
الْجَوْرَبَ، تَشَيْطَنَ الرجل: صار كالشيطان في تمرده، تَرَهْوَكَ
الرجل في المشي: أي كان كأنه يَمُوجُ فيه، تمسكن: تشبه بالمسكين،
احرنجم القوم: ازدحموا، اقْعَنْسَسَ: رجع وتأخر، اسْلَنْقَى: مطاوع
سَلْقَيَ: أي صَرَعَ، اغْدَوْدَنَ النبتُ: طال، اعْلَوَّطْتُ البعير:
تعلقت بعنقه وعلوته، استكان: ذل ومن الملحقات بفعلل شَرِيَف: أي قطع
شِرْيَافَ الزرع، وهو ورقه إذا طال وكثر حتى يُخاف فساد الزرع قد تقدم
أن نحو تكلَّم وتغافل ليس ملحقاً، وإن كان في جميع تصاريفه كتدحرج، وفى
عد النجاة تمدرع وتمندل وتمكن من الملحق نظرا أيضا، وإن وافقت ترحرج في
جميع التصاريف، وذلك لأن زيادة الميم فيها ليست
لقصد الإلحاق، بل هي من قبيل التوهم والغلط، ظَنُّوا أن ميم منديل
ومسكين وَمِدْرَعَة فاءُ الكلمة كقاف قِنْدِيل ودال دِرْهَمْ، والقياس
تَدَرَّعَ وتندل وتسكن كما يجئ في باب ذي الزيادة، وهذا كما تُوُهم في
ميم مسيل الأصالةُ فجمعوه على مُسْلاَن وَأَمْسِلَة، كقفزان وأقفزة في
جمع قفيز، فتمدرع وتمندل وتمسكن - وإن كانت على تمفعل في الحقيقة - لكن
في توهمهم على تَفَعْلَلَ وقد جاء من الملحقات بدحرج فَعْأل نحو:
بَرْأَلَ الديكُ، إذا نَفشَ بُرَائله (1)
__________
(1) البرائل كعلابط والبرائلي بوزنه مقصورا: ما استدار من ريش الطائر
حول عنقه، أو خاص بعرف الخبارى، فإذا نفشه للقتال قيل برأل كدحرج
وتبرأل كتدحرج، وابرأل كاشمأز، اه من القاموس، وفى اللسان: وقيل: هو
الريش السبط الطويل لا عرض له على عنق الديك ... قال: وهو البرائل لديك
خاصة (*)
(1/68)
وَفَنْعَلَ نحو: دَنْقَعَ الرجل: اي افتقر
ولَزِق بالدَّقْعَاء، وهي الأرض، وكذا فعلن وفمعل (وفعمل) وَفَعْلَمَ
وَغَيْرُ ذلك، لكنها لم تُعَدَّ لغرابتها وكونها من الشواذ، وكذا جاء
تَهَفْعَلَ وَافْعَنْمَل ونحو ذلك من النوادر (1) قوله " واستكان "،
قيل: أصله اسْتَكَنَ فأُشبع الفتح، كما في قوله: -
__________
(1) ذكر المؤلف رحمه الله هذه الاوزان ولم يذكر لها أمثلة، ونحن نذكر
لك أمثلة لها: أما فعلن فمن أمثلتها قولهم: فرصن الشئ، إذا قطعه، وأصله
الفرص وهو القطع وزنا ومعنى، ومنه قولهم: قحزن الرجل، إذا ضربه فصرعه،
وأصله قحز الرجل إذا أهلكه، وأما فمعل فمن أمثلتها قولهم: حمظل الرجل،
إذا حنى الحمظل، وهو الحنظل.
وأما فعمل فمن أمثلتها قولهم: قصمل الشئ، إذا قطعه، وأصله القصل وهو
القطع وزنا ومعنى، وقولهم: جلط الرجل شعره، إذا حلقه، وأصله جلط.
وأما فعلهم فمن أمثلتها قولهم: فرصم الشئ، إذا قطعه وأصله الفرص.
وأما تهفعل
فمن أمثلتها قولهم: تهلقم مطاوع هلقم الشئ، إذا ابتلعه، وأصله لقم
اللقمة إذا أخذها بفيه.
وأما أفضل؟ فمن أمثالها قولهم: اهرنمع الرجل، إذا أسرع في مشيته وكذلك
إذا كان سريع البكاء والدموع.
وقالوا: اهرنمع في منطقه إذا انهمك وأكثر، النون فيه زائدة بلا خلاف،
وأما الميم فقال ابن سيده: إنها زائدة، وقال ابن برى: هي أصلية فوزنها
افعلل، وعلى كل فانه يتعين إبدال النون ميما وإدغامها في الميم بعدها
هذا، وقد أشار المؤلف بقوله: وغير ذلك، وقوله فيما بعد: ونحو ذلك، إلى
أوزان أخرى لم يتعرض لذكرها، فمنها يفعل (كدحرج) نحو: يرنا الرجل، إذا
صبغ باليرناء (بضم ففتح فنون مشددة وبعد الالف همزة) وهى الحناء.
ومنها تفعل (كدحرج) نحو ترمس بمعنى رمسه: أي غيبة في الرمس وهو القبر،
ومنه قولهم: ترفل ترفلة بمعنى رفل (كنصر) ، إذا جرذيله وتبختر.
ومنها نفعل كقولهم: نرجس الدواء، إذا وضع فيه النرجس.
ومنها فنعل نحو سنبل الزرع إذا ظهر سنبله.
ومنها هفعل نحو هلقم، إذا أكبر اللقم.
ومنها سفعل نحو سنبس بمعنى نبس: أي نطق، إلى غير ذلك ما تجده في كتب
اللغة.
هذا، في أكثر هذه الاوزان مقال (*)
(1/69)
|