شرح شافية ابن الحاجب الرضي الأستراباذي

(ذو الزيادة) قال: (ذو الزِّيَادَة: حُرُوفُهَا الْيَوْمَ تَنْسَاهُ أوْ سَأَلْتُمُونِيهَا أو السِّمَانَ هَوِيتُ: أي الَّتِي لاَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِغَيْرِ الإِلْحَاقِ والتَّضْعِيفِ إلاَّ مِنْهَا وَمَعْنَى الإِلْحَاقِ أنَّهَا إنَّمَا زِيْدَتْ لِغَرَضِ جَعْلِ مِثَالٍ عَلَى مِثَالٍ أزْيَدَ مِنْهُ ليعامل معاملته فنحو قَرْدَدٍ مُلْحَقٌ وَنَحْوُ مَقْتَلٍ غَيْرُ مُلْحَقٍ لِمَا ثَبَتَ مِنْ قِيَاسِهَا لِغَيْرِهِ وَنَحْوُ أفْعَلَ وَفَعَّلَ وَفَاعَلَ كذلك لذلك ولمجئ مَصَادِرِهَا مُخَالِفَةً وَلاَ يَقَعُ الأَلِفُ لِلإِلْحَاقِ فِي الاسْمِ حَشْواً لِمَا يلزم من تحريكها)
__________
= حيث جمع ندى عليه وذلك شاذ لان أفعله جمع للممدود لا للمقصور ومن الناس من قال: الاندية جمع نداء - بكسر النون - وهو جمع ندى فيكون اندية جمع الجمع وحينئذ يكون قياسا (1) القرنبى: دويبة شبه الخنفساء أو أعظم منها قليلا طويلة الرجال قال جرير:
ترى التيمى يزحف كالقرنبى * إلى تيمية كعصا المليل وفى المثل (القرنبى في عين امها حسنة) .
والمليل: الخبز الذى يخبز في الملة وهى الرماد الحار ويريد من عصا المليل العصا التى يحرك بها الخبز (2) السيراء - بكسر السين وفتح الياء ممدودا وبقصر -: ضرب من البرود وصرب من النبت والجريدة من جرائد النخل (3) الخشاء - بضم الخاء وتشديد الشين ممدودا والخششاء - بضم الخاء والشين الاولى -: العظم الدقيق العارى من الشعر الناتئ خلف الاذن والخشاء - بفتح الخاء وتشديد الشين - الارض التى فيها رمل فقول المؤلف (والخشاء) يحتمل ان يكون بضم الخاء وفتحها (*)

(2/330)


أقول: قيل: سأل تلميذ شيخَه عن حروف الزيادة فقال: سألتمونيها فظن أنه لم يجبه إحالة على ما أجابهم به قبل هذا فقال: ما سألتك إلا هذه النوبة فقال الشيخ: اليوم تنساه فقال: والله لا أنساه فقال: قد أجبتك يا أحمق مرتين وقيل: إن المبرد سأل المازني عنها فأنشد المازني: هَوِيتُ السِّمَانَ فَشَيَّبْنَنِي * وَقَدْ كُنْتُ قِدْماً هَوِيتُ السِّمَانَا فقال: أنا أسألك عن حروف الزيادة وأنت تنشدني الشعر فقال: قد أجبتك مرتين وقد جمع ابن خروف منها نَيِّفاً وعشرين تركيباً محكيًّا وغير محكي قال: وأحسنها لفظاً ومعنى قوله سَأَلْتُ الْحُرُوفَ الزَّائِدَاتِ عَنِ اسْمَهَا فَقَالَتْ وَلَمْ تَبْخَلْ: أمَانٌ وَتَسْهِيلُ وقيل: هم يتساءلون وما سألتَ يهون والْتَمَسْنَ هواي وسألتم هواني
وغير ذلك قوله (أي التي لا تكون الزيادة ألخ) يعني ليس معنى كونها حروف الزيادة أنها لا تكون إلا زائدة إذ ما منها حرف إلا ويكون أصلاً في كثير من المواضع بل المعنى أنه إذا زيد حرف على الكلمة لا يكون ذلك المزيد إلا من هذه الحروف إلا أن يكون المزيد تضعيفاً سواء كان التضعيف للإلحاق أو لغيره كقردد (1) وعبَّرَ فإن الدال والباء ليستا منها فالحرف المضعف به - مع زيادته - يكون من جميع حروف الهجاء: من حروف الزيادة كعلّم وجمَّع ومن غيرها كقطع وسرح وقد يكون ذلك التضعيف الزائد للالحاق كقردد (1) وجلبب ولغيره كعلَّم والذي للإلحاق لا للتضعيف لا يكون إلا من حروف
__________
(1) انظر (ح 1 ص 13) (*)

(2/331)


اليوم تنساه كجدْوَلٍ وَزُرْقُم (1) وَعَنْسَلٍ (2) فلا وجه لقول المصنف (لغير الإلحاق والتضعيف) فإنه يوهم أن يكون الإلحاق بغير التضعيف من غير هذه الحروف وكان يكفي أن يقول: لا تكون الزيادة بغير التضعيف إلا منها فأما الزيادة بالتضعيف سواء كان التضعيف للإلحاق أو لغيره فقد تكون منها وقد لا تكون قوله (ومعنى الإلحاق إلخ) قد تقدم لنا في أبنية الخماسي بيان حقيقة الإلحاق والغرض منه قوله (ونحو مقتل غير ملحق) قد ذكرنا هناك أن ما اطرد زيادته لمعنى لا يجعل زيادته للإلحاق ولو كان نحو مَقْتَلٍ للإلحاق لم يدغم نحو مَرَدّ ومَشَدّ كما لم يدغم نحو أَلَنْدَدٍ وَمَهْدَدٍ (3) قوله (لما ثبت من قياسها لغيره) أي: من قياس زيادة الميم في مثل هذه
المواضع لغير الإلحاق قوله (كذلك لذلك) أي: ليست للإلحاق لكون الزيادة لمعنى غير الإلحاق قوله (ولمجئ مصادرها مخالفة) أما كون إفْعَالٍ وفِعَال وفِيعَال كد حراج فليس بدليل على الإلحاق لأن مخالفة الشئ للشئ في بعض التصرفات تكفي في الدلالة على عدم إلحاقه به ولأن فِعْلالاً في الرباعي ليس بمطرد كما مر في باب المصادر ولو كان أفْعَل وفَاعَل ملحقين بد حرج لم يدغم نحو أعَدَّ وحادّ قوله (ولا يقع الألف للإلحاق في الاسم حشواً) إنما قال: في الاسم احترازا
__________
(1) انظر (ص 252 و 334 من هذا الجزء) (2) انظر (ح 1 ص 59) (3) انظر في كلمة (الندد) ح 1 ص 53 و 252) وفى كلمة (مهدد) (ح 1 ص 14) (*)

(2/332)


عن تفاعل فإنه عنده ملحق بثفعلل كما ذكر قبل وهو ممنوع كما ذكرنا لكون الزيادة مطردة في معنى أعني لكون الفعل بين أكثر من واحد ولثبوت الإدغام في نحو تسارّا وتمادّا قوله (لما يلزم من تحريكها) مضى شرحه في أول الكتاب (1) قال: (وَيُعْرَفُ الزَّائِدُ بالاشْتِقَاقِ وَعَدَم النَّظِيرِ وَغَلَبَةِ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالتَّرْجِيحُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالاشْتِقَاقُ الْمُحَقَّقُ مُقَدَّمٌ فلذلك حكم بثلاثية (ادلة الزيادة) عنسل وشامل وشمال ولئدل وَرَعْشَنٍ وَفِرْسَنٍ وَبِلَغْنٍ وَحُطَائِطٍ وَدُلاَمِصٍ وَقُمَارِصٍ وَهِرْمَاسٍ وزرقم وقنعاس وفرناس وَتَرْنَمُوتٍ) أقول: العَنْسل: الناقة السريعة مشتق من العَسَلان وهو السرعة وقال
بعضهم: هو كَزَيْدَل من الْعَنْس وهو بعيد لمخالفة معنى عنسل معنى عَنْس وهي الناقة الصلبة ولقلة زيادة اللام الشأمَلُ والشَّمَل والشَّمأل بمعنى الشَّمال يقال: شَمَلَتِ الريح: أي هبت شمالاً.
النِّئْدِلُ - بكسر النون والدال وسكون الهمز - والنَّيْدَلاَن بفتحهما مع الياء والنَّيْدُلاَن بضم العين: الكابوس من النَّدْل وهو الاختلاس كأنه يندل الشخص: أي يختلسه ويأخذه بغتة والهمزة في نِئْدِل زائدة لكونه بمعنى النَّيْدَلان والياء فيه زائدة لكونها مع ثلاثة أصول الرَّعْشَنُ كجعفر: بمعنى المرتعش الفِرْسِنُ: مقدم خف البعير لأنه يفرس: أي يدق البِلَغْن: البلاغة.
الْحُطَائِط: الصغير كأنه حط عن مرتبة العظيم
__________
(1) انظر (ح 1 ص 57) (*)

(2/333)


الدلامص: الدرع البراقة اللينة بمعنى الدَّليص والدِّلاص وقد دَلَصَتِ الدرع: أي لانت الْقُمَارِص: بمعنى القارص الهِرْمَاسُ والفِرْنَاس: الأسد الشديد من الْهَرْس والْفَرْس الزرقم: الأزرق القِنْعَاس: البعير العظيم من الْقَعَس وهو الثبات يقال: عزة قَعْسَاء: أي ثابتة لأن العظيم يثبت ويقل بَرَاحه والْقَعُوس: الشيخ الكبير الهرم التَّرْنَمُوت: تَرَنُّم القوس عند النزع قال
118 - تُجَاوِبُ الْقَوْسَ بِتَرْنُمُوتِهَا (1) (الاشتقاق من أدلة الزيادة) فقد عرفنا زيادة الأحرف بالاشتقاق المحقق: أي الظاهر القريب على ما ذكرنا في كل واحد ونعني بالاشتقاق كونَ إحدى الكلمتين مأخوذة من الأخرى أو كونهما مأخوذتين من أصل واحد ولم يعرف زيادتها بغلبة
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو مع بيتين آخرين شريانة ترزم من عنتوتها * تجاوب القوس بِتَرْنَمُوتِهَا * تَسْتَخْرِجُ الْحَبَّةَ مِنْ تَابُوتِهَا * والشريانة - بكسر الشين فتحها -: شجر تتخذ منه القسى وهو من جيد العيدان يزعمون ان عوده لا يكاد يعوج.
وترزم: مضارع من قولك: ارزمت الناقة ارزاما إذا انت وصوتت من غير ان تفتح فاها والعنتوت: الحز في القوس وتجاوب مصدر تشبيهي نصب على انه مفعول مطلق ويروى (تجاوب) بصيغة المضارع والترنموت: الترنم والمراد من الحبة سويداء القلب وجعل القلب تابوتها كما قيل: القلب تابوت الحكمة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (ترنموتها) ومعناه الترنم وهذا الاشتقاق يدل على زيادة التاء في آخرها كما يستدل على زيادة التاء في ملكوت وجبروت ورهبوت ورحموت وطاغوت بالملك والجبر والرهبة والرحمة والطغيان.
(*)

(2/334)


الزيادة لأنها ليست من الغوالب في مواضعها المذكورة على ما يجئ ولا بعدم النظير لأن تقدير أصالة الحروف المذكورة لا يوجب ارتكاب وزن نادر فلما ثبت الاشتقاق المحقق لم ينظر إلى غلبة الزيادة وعدم النظير وحكمنا بالاشتقاق قال: (وكَانَ ألَنْدَدٌ أفَنْعَلاً ومعد فعلا لمجئ تَمَعْدَدَ وَلَمْ يُعْتَدَّ
بِتَمَسْكَنَ وَتَمَدْرَعَ وَتَمَنْدَلَ لِوُضُوحِ شُذُوذِهِ وَمَرَاجِلُ فَعَالِلَ لِقَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ مُمَرْجَلٌ وضَهْيأٌ فَعْلأً لمجئ ضهياء وفينان فيعالا لمجئ فنن وجرائض فعائلا لمجئ جرواض ومعزى فعلى لِقَوْلِهِمْ مَعْز وَسَنْبَتَةٌ فَعْلَتَةَ لِقَوْلِهِمْ سَنْبٌ وَبُلَهْنِيَة فُعَلْنِيَة مِنْ قَوْلِهِمْ عَيْشٌ أَبْلَهُ وَالْعِرَضْنَةُ فِعَلْنَةَ لأَنَّهُ من الاعتراض واول افعل لمجئ الأَوْلَى وَالأُوَلِ والصَّحِيحُ أنَّهُ مِنْ وول لا من وأل ولا من أول وإنْقَحْلٌ إنْفَعْلاً لأَنَّهُ مِنْ قَحِلَ: أيْ يَبِسَ وأفْعُوَانُ أُفْعُلاَناً لمجئ أفْعًى وَإضْحِيَانٌ إفْعِلاَن مِنَ الضُّحَى وَخَنْفَقِيقٌ فَنْعَلِيلاً مِنْ خَفَقَ وَعَفَرْنًى فَعَلْنًى مِنَ الْعَفَرِ) أقول: إنما كان الندد افنعلا لأن ألَنْدَدا ويَلَنْدَدا بمعنى الألدّ وهن مشتقات من اللدَدِ وهو شدة الخصومة ولولا ذلك لقلنا: إن فيه ثلاثة أحرف غالبة زيادتها في مواضعها: الهمزة في الأول مع ثلاثة أصول والنون الثالثة الساكنة والتضعيف فلنا أن نحكم بزيادة اثنين منها: إما الهمزة والنون فهو من لدد وإما النون وأحد الدالين فهو من ألد وإما الهمزة وإحدى الدالين فهو من لند لكنا اخترنا الوجه الأول لما ذكرنا من الاشتقاق الواضح قوله (مَعَدٌّ فَعَلاًّ) هذا مذهب سيبويه واستدل بقول عمر رضي الله تعالى عنه: اخْشَوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا: أي تشهوا بمعد وهو معد بن عدنان

(2/335)


أبو العرب: أي دعوا التنعم وزي العجم كما ورد في حديث آخر (عليكم باللبسة المَعَدِّية) وقيل: معناه كونوا غلاظاً في أنفسكم بحيث لا يطمع أحد فيكم قال 119 - * رَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا (1) *
أي: غلظ قال سيبويه: لو لم يكن الميم أصلياً لكان تمعدد تمفعل ولم يجئ في كلامهم وخولف سيبويه فقيل: معد مفعل لأنه كثير وَفَعَلٌّ في غاية القلة كالشَّرَبة في اسم موضع والْهَبَيِّ الصغير والْجَرَبَّة العانة من الحمير وأما قوله تمفعل لم يثبت فممنوع لقولهم: تَمَسْكَنَ وَتَمَنْدَلَ وَتَمَدْرَعَ وَتَمَغْفَرَ وهي تمفعل بلا خلاف فكما توهموا في مسكين ومنديل أنهما فِعْلِيل وفي مِدْرَعَة أنها فِعْلَلَة وفي مُغْفُور أنه فُعْلُول للزوم الميم في أوائلها كذلك توهموا في معد أنه فَعَلّ فقيل: تمندل وتمسكن وتدرع وتمغفر [وتمعدد] على أنها تفعلل كتدحرج وهذا كما توهموا أصالة ميم مسيل فجمعوه على مُسْلاَن كما جمع قَفيز على قُفْزَان ولو سلم أنهم لم يتوهموا ذلك وبنوا تمدرع وأخواته على أنها تمفعل قلنا: فَعَلٌّ غريب غرابة تمفعل
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو للعجاج وبعده: وآض نهدا كالحصان اجردا * كَانَ جَزَائِي بالعصا أنْ أجْلَدَا وتمعدد: اراد اشتدو قوى.
وآض: صار.
والنهد: العالي المرتفع.
والاجرد: القصير الشعر.
والاستشهاد بالبيت في قوله (تمعددا) إذ هو على وزان تفعلل لقلة تمفعل فتكون الميم اصلا وإذا كان كذلك كان معد فعلا.
قال ابن جنى: (تمعدد من لفظ معد بن عدنان وانما كان منه لان معنى تمعدد تكلم بكلام معد: أي كبر وخطب هكذا قال أبو على ومنه قول عمر (اخشوشنوا وتمعددوا) وقال احمد ابن يحيى: تمعددوا: أي كونوا على خلق معد) اه (*)

(2/336)


فبجعل مَعَدّ فَعَلاًّ يلزم ارتكاب الوزن الغريب كما يلزم بجعله مَفْعَلاً ارتكاب تمفعل الغريب فلا يترجح أحدهما على الآخر فالأولى تجويز الأمرين
ولسيبويه أن يرجح كونه فَعَلاًّ بكون تمدرع وتمسكن وتمندل وتمغفر قليلة الاستعمال رديئة والمشهور الفصيح تَدَرَّع وتسكن وتندل وتغفر بخلاف شَرَبَّة وَجَرَبَّة وَهَبَيٍّ فإنها لَيْسَتْ برديئة قوله (وَمَراجل فَعَالل) كان ينبغي نظراً إلى غلبة الزيادة أن يحكم بزيادة الميم لكونه في الأول وبعده ثلاثة أصول لكن سيبويه حكم بأصالتها لقول العجَّاج 120 - * بِشِيَةٍ كَشِيَةِ الممرجل (1) *
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور من ارجوزة طويلة للعجاج يمدح فيها يزيد ابن معاوية واولها: ما بال جارى دمعك المهلل * والشوق شاج للعيون الحذل وقبل بيت الشاهد قوله: تبدلت عين النعاج الخذل * وكل براق الشوى مسرول وانظر اراجيز العجاج (ص 45 طبع لبزج) .
والاستشهاد بالبيت على أن ميم الممرجل أصلية وهو مفعلل فالميم الاولى زائدة للدلالة على المفعول والميم الثانية فاء الكلمة لانها لو كانت زائدة لكان وزن ممرجل ممفعلا وهو مما لا وجود له في كلامهم وهذا مذهب سيبويه في هذه الكلمة وذهب غيره الى ان الممرجل ممفعل وميماه زائدتان ولم يبال بعدم النظير محتجا بانهما كذلك في نحو ممدرع فقد قالوا: تمدرعت الجارية إذا لبست المدرع وهو ضرب من الثياب كالدرع ولكن لما كثر استعمال المدرع والمدرعة ظن ان ميمهما اصلية فاشتقوا منه على ذلك هذا ومذهب سيبويه اولى ان يؤخذ به لان مفعللا كثير وممفعلا لا وجود له الا في الشذوذ.
(ج 2 - 22) (*)

(2/337)


والْمُمَرْجَل: الثوب الذي فيه نقوش على صور الْمَرَاجِل كالْمُرَجَّلِ: أي الذي فيه كصور الرجال قال 121 - * عَلَى إثْرِنَا أذْيَالَ مِرْطٍ مُرَجَّلٍ (1) * ولا يبعد أن يقال: إن الْمِرْجَلَ مِفْعَل (2) ولزوم الميم أوهم أصالتها كما في مسكين فقيل: مُمَرْجَلٌ كما قيل: مُمَسْكَنٌ وأيضاً إنما قال ممرجل خوف اللبس إذ لو قال مرجل لم يعرف اشتقاقه من الْمِرْجَل قوله (ضَهْيَأ فَعْلأَ) هذا مذهب سيبويه وقال الزجاج: هو فَعْيَل لا فعلأ من قولهم: ضاهات بمعنى ضاهيت وقرئ (يضاهئون) (3) و (يضاهون)
__________
(1) هذا عجز بيت لا مرئ القيس من قصيدته المعلقة وصدره قوله: * فَقُمْتُ بِهَا أمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا * والرواية المشهورة في عجز البيت على غير ما ذكر المؤلف ففى رواية الزوزنى والاعلم: * على اثرينا ذيل مرط مرحل * وذكر التبريزي الروايتين جميعا وصدر البيت الذى انشدناه مما يستشهد به النحاة على تعدد الحال لمتعدد.
والمرط - بكسر الميم وسكون الراء -: الازار المعلم من الخز والمرحل - بالحاء المهملة -: الذى فيه صور الرحال والاستشاد بالبيت في كلام المؤلف هنا على ان المرجل - بالجيم - الذى فيه صور كصور الرجال وذلك يدل على انه مفعل كمعظم ومكرم فالميم زائدة واصول الكلمة (ر ج ل) (2) المرجل - كمنبر -: المشط والقدر من الحجارة والنحاس وقيل: من النحاس خاصة وقيل: كل ما طبخ فيه (3) هذه كلمة من آية كريمة في سورة التوبة وهى قوله تعالى: (وقالت اليهود
عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون) (*)

(2/338)


قال: ولم يجئُ في الكلام فَعْيَل إلا هذا وقولهم ضَهْيَد (1) مصنوع والضِّهْيَأ: التي لا تحيض فإنها تضاهي الرجال وكذلك قيل للرملة التي لا تنبت وفَعْلأ وفَعْيَل كلاهما نادران لكن يترجح مذهب سيبويه لشيئين: احدهما ان ضاهيت بالباء أشهر من ضاهأت والثاني أن ضهيأ.
وهو فعلاء بلا خلاف لكونه غير منصرف فالهمزة فيه زائدة وكذا الأول الذي بمعناه قوله (فَيْنَان) يقال: رجل فَيْنَان: أي حسن الشعر طويله وهو منصرف وفيه غالبان في الزيادة غير الألف فإنه لا كلام مع إمكان ثلاثة أصول غيره في زيادته: أحدهما النون إما لأنه تضعيف مع ثلاثة أصول وإما لكون الالف والنون في الآخر مع ثلاثة أصول والثاني الياء مع ثلاثة أصول والواجب الحكم بزيادة الياء بشهادة الاشتقاق لأن الفنن الغصن والشعر كالغصن فقد رجحت بالاشتقاق زيادة الياء وقال الجوهري: هو فَعْلان من الْفَيْن (2) وهو مدفوع بما ذكرناه قوله (وجُرَائض) لو عملنا بالغلبة أو عدم النظير لم نحكم بزيادة الهمزة لأن الهمزة غير أول فلا تكون زيادته غالبة وفُعَالِل موجود كعلا بط لكن جرواضا بمعنى جُرَائض وهو العظيم الضخم من الإبل وليس في جرواض همز فيكون ايضاً همز جرائض زائداً وهما من تركيب جَرِض بريقه: أي غَصَّ [به] لأن الْغَصَص ممّا ينتفخ له
__________
(1) الضهيد: الصلب الشديد (2) قال الجوهرى: (ورجل فينان الشعر: أي حسن الشعر طويله وهو
فعلان) اه.
وقال في اللسان: (وان اخذت قولهم: شعر فينان من الفنن - وهو الغصن - صرفته في حالى النكرة والمعرفة وان اخذته من الفينة - وهو الوقت من الزمان - الحقته بباب فعلان وفعلانة فصرفته في النكرة ولم تصرفه في المعرفة ورجل فينان: حسن الشعر طويله وهو فعلان وانشد ابن برى للعجاج: * إذ انا فينان اناغى الكعبا *) اه (*)

(2/339)


وكذلك معزى فيه غالبان لأن الألف مع ثلاثة أصول والميم كذلك ولو حكمنا بعدم النظير لم نحكم بزيادة واحد منهما لكونه بوزن دِرْهَم لكنه ثبت مَعْز بمعناه فثبت زيادة الألف دون الميم وكذا سَنْبَتَة - وهي حين من الدهر - يقال: مضى سَنْبٌ من الدهر وسنبة وسنبتة ولا منع من الحكم بزيادة نون سنبتة لأن السبْت أيضاً هو الحين من الدهر قوله (بُلَهْنية) لولا الاشتقاق وغلبة الزيادة لم نحكم بزيادة الياء ولولا الاشتقاق لم نحكم بزيادة النون ولكان ملحقا بخبعثن (1) بزيادة اليا فقط لكنه مشتق من قولهم: عيش أبله: أي غاقل عن الرزايا كالرجل الأبله فإنه غافل عن المصائب ولا يبالي بها فيصفو عيشه وبُلَهْنية العيش: خَفْضُه قوله (العِرَضْنَة) العِرَضْنَة والعِرَضْنَى: مشية في اعتراض: أي أخْذٍ على عرض الطريق من النشاط ولولا الاشتقاق لكان كقِمَطْرٍ من غير زيادة قوله (وأولُ أفْعَل) لأن تصريفه على أُولَى وأُول دليل على أنه أفعل التفضيل وليس بفوعل كما قال الكوفيون والصحيح أنه أفعل من تركيب (وَوَل) وإن لم يستعمل في غير هذا اللفظ لامن (أوَلَ) ولا من (وَألَ) لئلا يلزم قلب الهمزة شاذًّا كما ذكرنا في أفعل التفضيل (2)
__________
(1) الخبعثن: الرجل الضخم الشديد والاسد والناعم البدن ومثله الخبعثنة (2) الذى ذكره المؤلف في افعل التفضيل هو قوله في شرح الكافية (ج 2 ص 202) : (اما اول فمذهب البصريين انه افعل ثم اختلفوا على ثلاثة اقوال: جمهور هم على انه من تركيب وول - كددن - ولم يستعمل هذا التركيب الا في اول ومتصرفاته وقال بعضهم اصله (اوال) من وال: أي نجا لان النجاة في السبق وقيل: اصله (ااول) من آل: أي رجع لان كل شئ يرجع الى اوله فهو افعل بمعنى المفعول كاشهر واحمد فقلبت في الوجهين الهمزة واوا = (*)

(2/340)


قوله (إنْقَحْل) هو الشيخ القَحِل: أي اليابس وهو انفعل ولولا الاشتقاق لكان كجرد دحل لأن النون فيه ليس من الغوالب والهمزة في أول الرباعي اصل كالصطبل قوله (وأفْعُوَان أُفْعُلاَنَ) (1) إنما ذلك لمجئ فَعْوَة السم وأرض مَفْعَاة ولولا
__________
= قلبا شاذا وقال الكوفيون: هو فوعل من (وال) فقلبت الهمزة الى موضع الفاء وقال بعضهم: فوعل من تركيب (وول) فقلبت الواو الاولى همزة.
وتصريفه كتصريف افعل التفضيل واستعماله بمن مبطلان لكونه فوعلا واما قولهم: اولة واولتان فمن كلام العوام وليس بصحيح وانما لزم قلب واو (اولى) همزة على مذهب جمهور البصريين كما لزم في نحو اواصل على ما يجئ في التصريف وعند من قال هو من (وال) اصل اولى وؤلى قلبت الواو همزة كما في اجوه ثم قلبت الهمزة الثانية الساكنة واوا كما في أو من ولهذا رجع الى اصل الهمزة في قراءة قالون (عاد لؤلى) لانه حذفت الاولى وحركت لام التعريف بحركتها فزال اجتماع الهمزتين فأول كأسبق معنى وتصريفا واستعمالا تقول في تصريفه: الاول الاولان الاولون الاوائل الاولى الاوليان
الاوليات الاول.
وتقول في الاستعمال: زيد اول من غيره وهو اولهم وهو الاول ولما لم يكن لفظ اول مشتقا من شئ مستعمل على القول الصحيح لا مما استعمل منه فعل كأحسن ولا مما استعمل منه اسم كأحنك - خفى فيه معنى الوصفية إذ هي انما تظهر باعتبار المشتق منه واتصاف ذلك المشتق به كأعلم: أي ذو علم اكثر من علم غيره واحنك: أي ذو حنك اشد من حنك غيره وانما تظهر وصفية اول بسبب تأويله بالمشتق وهو اسبق فصار مثل مررت برجل اسد: أي جرئ فلا جرم لم تعتبر وصفيته الا مع ذكر الموصوف قبله ظاهرا نحو يوما اول أو ذكر من التفضيلية بعده ظاهرة إذ هي دليل على ان افعل ليس اسما صريحا كأفكل وايدع فان خلا منهما معا ولم يكن مع اللام والاضافة دخل فيه التنوين مع الجر لخفاء وصفيته كما مر وذلك كقول على رضى الله عنه: احمده اولا بادئا ويقال: ما تركت له اولا ولا آخرا) اه (1) الذى ذكره المؤلف من مجئ (فعوة) بتقديم العين على الواو غير صحيح = (*)

(2/341)


ذلك لجاز ان يكون فعلو ان كعنفوان لان فيه ثلاثة غوالب غير الألف فإنه لا كلام في زيادة إذا امكن ثلاثة أصول غَيْرهُ: النون مع ثلاثة أصول وكذا الواو والهمزة فإن حكمت بزيادة الهمزة مع الواو فهو أفْعُوَال ولم يأت في الأوزان وإن حكمت بزيادة الهمزة مع النون فهو أُفْعُلاَن كأُسْتُقَان (1) وأقْحُوَان (2) وأُسْحُوَان (3) وإن حكمت بزيادة الواو والنون فهو فُعْلُوان كعنفوان فقد تردد بين الأُفعلان والفُعْلُوان فحكمنا بأنه أُفْعُلان لشهادة الْفَعْوَة
__________
= والذى جاء هو (فوعة) بتقديم الواو وأفعى مما حدث فيه قلب مكاني.
وكذا الافعوان واصل افعى افوع واصل أفعوان أفوعان قال أبو العلاء: زعم سيبويه ان أكثر ما يستعمل أفعى اسما فيجب على هذا أن تنون افعى والناس يقولونه
يغير تنوين وكلا الوجهين حسن ويدل على انه عندهم كالاسم لا الوصف قولهم في الجمع: الافاعى ولو كان الوصف غالبا عليه لقالوا: فعو في الجمع كما قالوا: اقنى وقنو وإنما هو مقلوب كأنه افوع من فوعة السم وهو حدته وسورته فقلب كما قالوا: عاث وعثا وتفعى الرجل إذا تنكر للقوم كأنه صار كالافعى قال: رأته على فوت الشباب وإنه * تفعى لها إخوانها ونصيرها) اه وقال في اللسان: (وفوعة السم: حدته وحرارته.
قال ابن سيده: وقد قيل: الافعوان منه فوزنه على هذا أفلعان) اه والذى غر ابن الحاجب والرضى أن سيبويه قال: إن وزن أفعى أفعل وان وزن افعوان افعلان (انظر الكتاب ح 2 ص 317، 345) وقد ذكر مثل ذلك الجوهرى في الصحاح (1) الاستقان بضم الهمزة والتاء بينهما سين مهملة ساكنة - كذا وقع في جميع الاصول وقد بحثنا عن هذه الكلمة في كتب اللغة والصرف التى بأيدينا فلم نعثر عليها ولعلها محرفة عن الا ثعبان وهو الوجه الفخم في حسن وبياض ووزنه افعلان (2) الاقحوان: نبت طيب الريح حواليه ورق ابيض ووسطه اصفر وجمعه اقاح وتصغيره اقيحيان (3) الاسحوان: الجميل الطويل والكثير الاكل (*)

(2/342)


والْمَفْعَاة ولا دليل في أفْعى سواء صرفته اولا على أنه أفْعَل إذ يجوز أن يكون المنون ملحقاً بجعفر كعَلْقًى وغير المنون بنحو سَلْمى فقوله (لمجئ أفعى) فيه نظر قوله (إضْحِيَان) يقال: يوم إضحيان: أي مضئ وليلة إضْحِيانة من (ضَحِيَ) أي: ظهر وبرز ولولا الاشتقاق هنا أيضاً لعرفنا بعدم النظير أنه
إفْعِلاَن كإسْحِمَان لجبل وإرْبِيَان لنوع من السمك معروف بالروبيان لأن فِعْليَان وإفعيالاً لم يثبتا قوله (خَنْفَقِيق) هو الداهيةُ من الخَفْق وهو الاضطراب لأن فيها اضطراباً وقلقاً لمن وقع فيها وهي أيضاً مضطربة متزلزلة ولولا الاشتقاق لجاز أن يكون التضعيف هو الزائد فقط لكونه غالباً في الزيادة وتكون النون أصلية لأنها ليست من الغوالب فيكون خنفقيق مُلْحَقاً بسلسبيل بزيادة النون والتضعيف قوله (عَفَرْنًى) هو الأسد القوي المعفِّر لفريسته والْعَفَر [بالتحريك] التراب ولولا الاشتقاق لم نحكم إلا بزيادة الألف لأن النون ليست من الغوالب في موضعها وهو ملحق بسفر جل ويقال للناقة: عَفَرْناة قال: (فإنْ رَجَعَ إلَى اشْتِقَاقَيْنِ وَاضِحَيْن كأرْطًى وأوْلَقٍ حَيْثُ قِيلَ: بَعِيرٌ آرِطٌ وراط واديم ماروط وَمَرْطيّ وَرَجُلٌ مَأْلُوقٌ وَمَوْلُوقٌ جَازَ الأَمْرَانِ وكَحَسَّانٍ وَحِمَارِ قبَّانَ حَيْثُ صُرِفَ وَمُنِعَ) أقول: يجوز ان يكون ارطى فعلى لاشتقاق آرط ومأر وط منه والألف للإلحاق لقولهم أرطاة وأن يكون أفعَل بدليل راطٍ ومَرْطِيّ والأَرَطى: من شجر البَرِّ يدبغ بورقه والاونق: الجنون يجوز أن يكون فوعلاً بدليل مألوق وأن يكون أفعل بدليل مولوق وقوله (جاز الامر ان) أي: زيادة أول الحرفين وأصالة الأخير والعكس

(2/343)


قوله (وكحسان وحمار قَبَّان (1)) فإن الأول يرجع إلى الحسن أو إلى الحِسِّ وهما اشتقاقان واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه وكذا الثاني يرجع إلى الْقَببِ وهو الضُّمُور أو إلى القَبْن وهو الذهاب في الأرض وهما أيضاً
فيه واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه فجواز صرف الكلمتين وترك صرفهما دليل على رجوعهما إلى اشتقاقين واضحين قال: (وَإلاَّ الاكثر التَّرْجِيحُ كَمَلأَكٍ قِيلَ: مَفْعَلٌ مِنَ الأَلُوكَةِ ابْنُ كَيْسَانَ: فَعْألٌ مِنَ الْملْكِ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَفْعَلٌ مِنْ لأَكَ: أي أرْسَلَ ومُوسًى مُفْعَلٌ مِنْ أوْسَيْتُ: أيْ حَلَقْتُ والْكُوفِيُّونَ فَعْلَى مِنْ مَاسَ.
وَإنْسَانٌ فِعْلاَنٌ مِنْ الأُنْسِ وَقِيلَ: إفْعَانٌ مِنْ نسي لمجئ أُنَيْسِيَان وَتَرَبُوتٌ فَعَلُوتٌ مِنَ التُّرَابِ عِنْدَ سِيْبَويه لأَنَّهُ الذَّلُولُ وَقَالَ في سُبْرُوتٍ: فعْلُولٍ وَقِيلَ: مِنَ السَّبْرِ وقَالَ في تِنْبَالَةٍ: فِعْلاَلَة وَقِيلَ: مِنَ النَّبَلِ للِصِّغَارِ لأنه الْقَصِير وَسُرِّيَّةٌ قِيلَ: مِنْ السِّرِّ وقيل: من السراة ومئونة قِيلَ: مِنْ مَانَ يَمُونُ وَقِيلَ: مِنَ الأَوْنِ لأَنَّهَا ثِقَلٌ وَقَالَ الفراء: من الاين وَأَمَّا مَنْجَنِيقٌ فإن اعْتُدَّ بِجَنْقُونَا فَمَنْفَعِيلٌ وَإلاَّ فإنِ اعْتُدَّ بَمَجَانِيقَ فَفَنْعَلِيلٌ وَإلاَّ فإنِ اعْتُدَّ بِسَلْسَبِيلٍ على الاكثر ففعلليل والا ففعلنيل وَمَجَانِيقُ يَحْتَمِلُ الثًَّلاَثَة وَمَنْجَنُونٌ مِثْلُهُ لمجئ مَنْجَنِينٍ إلاَّ في مَنْفَعِيلٍ ولولا مَنْجَنِينٌ لكَانَ فعللولا كعضر فوط وخندريس كمنجنين) اقول ل: قوله (والا) أي: ان لم يكن في الكلمة اشتقاق واضح بل فيها اشتقاق غير واضح كما في تِنْبَالة وتَرَبُوت وسبروت أو فيها اشتقاقان
__________
(1) انظر (ص 248 من هذا الجزء) (*)

(2/344)


أحدهما أوضح من الآخر كما في مَلَك وموسًى وسُريِّة فالأكثر أن في كلا الموضعين الترجيح ففي الأول: أي الذي فيه اشتقاق واحد غير واضح يرجّح بعضهم غلبة
الزيادة أو عدم النظير على ذلك الاشتقاق إن عارضه واحد منهما وبعضهم يعكس ولا منع من تجويز الأمرين وإن لم يعارضه أحدهما فاعتباره أولى فمثال تعارض الاشتقاق البعيد وقلة النظير تِنْبَالَة قال سيبويه: هو فِعْلاَلة فإن فِعْلاَلاً كثير كسرداح (1) وَتِفْعَالٌ قليل كتِلْقَاءٍ وتِهْوَاءٍ كما ذكرنا في المصادر ورجح بعضهم الاشتقاق البعيد فقال: هو تِفْعَالة من النَّبَل وهو الصغار لأن القصير صغير وكذا في سُبْرُوت (2) رجَّح سيبويه عدم النظير على الاشتقاق فقال هو فعلول كعصفور وليس بفعلوت لندرته والأولى ههنا كما ذهب إليه بعضهم ترجيح الاشتقاق والحكم بكونه فعلوتا ملحقاً بعصفور - وإنْ بدر - بشهادة الاشتقاق الظاهر لأن السبروت الدليل الحاذق الذي سَبَر الطرق وخبرها وهذا اشتقاق واضح غير بعيد حتى يرجح عليه غيره ولم يحضرني مثال تعارض الاشتقاق البعيد وغلبة الزيادة ومثال مالا تعارض لشئ منهما لا لعدم
__________
(1) وقع في جميع اصول الكتاب (كسرواح) بالواو قبل الالف وهو خطأ والصواب ما اثبتناه.
والسرداح ومثله السرتاح: الناقة الكريمة (2) قال في اللسان (س ب رت) : (السيروت: الشئ القليل مال سبروت قليل والسبروتة ايضا: المفلس.
وقال أبو زيد: رجل سبروت وسبريت وامراة سبروتة وسبريتة إذا كانا فقيرين.
والسبروت: الارض الصفصف وفى الصحاح الارض القفر والسبروت الطويل) اه بتصرف.
وقال ايضا.
في مادة (س ب ر) : (والسبرور: الفقير كالسبروت حكاه أبو على وانشد تطعم المعتفين مما لديها * من جناها والعائل السبرورا قال ابن سيده: فأذا صح هذا فتاء سبروت زائدة) اه ولم يعثر فيما بين يدينا من كتب اللغة على ان السبروت بمعنى الدليل الحاذق كما قال المؤلف (*)

(2/345)


النظير ولا للغلبة تَرَبُوت فسيبويه اعتبر الغلبة والاشتقاق البعيد وقال: هو من التراب لأن التَّرَبُوت الذَّلُول وفي التراب معنى الذلة قال تعالى (أَوْ مِسْكِيناً ذَا متربة) وقال بعضهم: التاء بدل من الدال.
وهو من الدرْبَة وهو قريب لو ثبت الإبدال ولو ترك اعتبار الاشتقاق أيضاً لم يكن فَعَلولاً كقَرَبُوس (1) لأن التاء من الغوالب وفي الثاني: أي الذي فيه اشتقاقان أحدهما أوضح من الآخر.
الأَكْثَرُ ترجيح الأوضح وجوّز بعضهم الأمرين وذلك نحو مَلَكٍ وأصله مَلأَكٌ بدليل قوله: 121 - فَلَسْتَ لإنْسِيّ وَلكِنْ لِمَلأَكٍ تَنَزّلَ مِنْ جو السماء يصوب (2)
__________
(1) القربوس: مقدم السرج المنحني (2) نسب البغدادي هذا البيت لعلقمة بن عَبَدَة المعروف بعلقمة الفحل ولعلقمة قصيدة على هذا الوزن والروى ومطلعها قوله: طحا بك قلب فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ * بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حَانَ مشيب يكلفني ليلى وقد شط وليها * وعادت عواد بيننا وخطوب ولم يرو بيت الشاهد في هذه القصيدة احد ممن جمع ديوان علقمة ولا ممن شرحه ولكن بعض الناشرين لديوان علقمة مع شرح الاعلم زعم ان المفضل زاد في هذه القصيدة ابياتا منها بيت الشاهد وقد رجعنا الى المفضليات والى شرحها لابن الانباري فلم نعثر على هذا البيت فيما رواه احدهما وقال ابن برى - كما في اللسان -: البيت لرجل من عبد الفيس يمدح النعمان وقيل: هولانى وجزة يمدح عبد الله بن الزبير وقيل: هو لعلقمة.
والانسى: واحد الانس ويروى في مكانه (لجني) وهو واحد الجن وقوله (ولكن الملاك) روى في مكانه صاحب اللسان (ولكن ملاكا) وخبر لكن على هذا محذوف: أي ولكن ملاكا انت
وقد يكون ملاكا على هذه الرواية معمول خبر لكن وقد حذف اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو السماء: هو الهواء الذى بينها وبين الارض وبصوب: ينزل يريد ان افعالك لا تشبه افعال الانس = (*)

(2/346)


وأيضاً بدليل قولهم في الجمع مَلاَئكة ألزموا الواحد التخفيف لكثرة استعماله كما ألزموا يَرَى وأرى فقال الكسائي: هو مَفْعَل من الألوكة وهي الرسالة فالمَلَك رسولٌ من قبله تعالى إلى العباد وكذا ينبغي أن يقول في قولهم (ألِكْنِي إليه) أي كن رسولي إليه: إن أصله أأْلِكْنِي ثم الئِكني ثم خفف بالنقل والحذف لزوماً وقال أبو عبيدة: ملأك مَفْعَل من لأكه أي أرسله فكأنه مَفْعَل بمعنى المصدر جعل بمعنى المفعول لأن المصادر كثيراً ما تجعل بمعنى المفعول قال 122 - * دَارٌ لِسُعْدَى إذْهِ مِنْ هَوَاكَا (1) * أي: مَهْوِيِّكَ و (ألِكْنِي) عنده ليس بمقلوب وَمَلأَك عند الكسائي بمعنى الصفة المشبهة ومذهب أبي عبيدة أولى لسلامته من ارتكاب القلب وقال ابن كيسان: هو فعأل من المِلْك لأنه مالك للامور التي جعلها الله إليه وهو اشتقاق بعيد وفَعْأل قليل لا يرتكب مثله إلا لظهور الاشتقاق كما في شمأل قوله: (موسًى) موسى التي هي موسى الحديد عند البصريين من (أوسيت) أي حلقت وهذا اشتقاق ظاهر وهو مؤنث سماعي كالقِدْرِ والنار والدار قال:
__________
= فلست بولد انسان انما انت ملاك افعاله عظيمة لا يقدر عليها احد.
والاستشهاد بالبيت في قوله (لملاك) حيث يدل على ان اصل الملك ملاك نقلت حركة الهمزة الى الساكن قبلها ثم حذفت الهمزة وذلك كما يقولون في مسألة مسلة ولكنهم
التزموا هذا التخفيف في ملك كما النزموه في ذرية ونبى على المشهور من كلام النحاة وسيأتى في باب تخفيف الهمزة (1) هذا بيت من مشطو الرجز وقلبه: * هَلْ تَعْرِفِ الدَّارَ عَلَى تِبْرَاكَا * وتبراك: موضع ببلاد بنى فقعس والاستشهاد بالبيت هنا في قوله (هواكا) حيث استعمل المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعمل الخلق بمعنى المخلوق في قوله تعالى: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه) (*)

(2/347)


123 - فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها فما خُتِنَتْ إلاَّ ومَصَّانُ قَاعِدُ (1) وهي منصرفة قبل العلمية غير منصرفة معها كعقرب ثم تنصرف بعد التنكير وقال أبو سعيد الاموى: هو مذكر لكونه مُفْعَلاً قال أبو عبيدة: لم يسمع التذكير فيه إلا من الأُمَوي وجوز السيرافي اشتقاقه من (أسْوْت الجرح) أي أصلحته فأصله مؤْسَى بهمز الفاء وقال الفراء: هي فُعْلَى فلا تنصرف في كل حال لكونه كالبشرى وهو عنده من الْمَيْسِ لأن المزين يتبختر وهو اشتقاق بعيد قلبت عنده الياء واواً لانضمام ما قبلها على ما هو مذهب الأخفش (2) في مثله كما يجئ في باب الإعلال وأما موسى اسم رجل فقال أبو عمرو بن العلاء: هو أيضاً مُفْعَل بدليل انصرافه بعد التنكير وفُعْلَى لا ينصرف على كل حال وقال أيضاً: إنَّ مُفْعَلاً أكثر من فُعْلَى فحمل الأعجمي على الأكثر أولى وهو ممنوع لان فعلى يجئ مؤنثا لكل افعل تفضيل ومفعل لا يجئ إلا من باب أفْعَل يُفْعِل فهو عنده لا ينصرف [علماً للعجمة والعلمية وينصرف (3) ] بعد التنكير كعيسى وقال الكسائي:
__________
(1) هذا البيت لاعشى همدان من كلمة له اولها: لعمرك ما أدري وإني لسائل * أبْظْرَاءُ أمْ مَخْتُونَةٌ أُمُّ خَالِدِ وبعده بيت الشاهد وبعده قوله: ترى سَوْأةً مِنْ حَيْثُ أطْلَعَ رَأْسَهُ * تَمُرُّ عَلَيْهَا مرهفات الحدائد وفى بيت الشاهد الاقواء وهو اختلاف حركة الحرف الذى عليه روى القصيدة.
والبيت في هجاء خالد القسرى.
والمصان: الحجام لانه يمص الدماء ويقال: المراد بالمصان ابنها خالد من قولهم: يا ماص بظر امه وعلى الاول يهجوه بان امه متبذلة قليلة الحياء فكنى عن ذلك بانه قد ختنها رجل وعلى الثاني يهجوه بانها لم تخنتن حتى كبر ابنها (2) ليس هذا مذهب الاخفش وحده بل مذهب جميع النحاة (3) هذه الزيادة ساقطة من جمع النسخ المطبوعة وقد اثبتناها وقافا للخطيات (*)

(2/348)


هو فُعْلىً فينبغي أن يكون ألفه للإلحاق بجخدب وإلا وجب منع صرفه بعد التنكير قوله (إنسان) الأولى أن يقال: فعلان وانيسيان شاذ كعُشَيْشِيَان على ما مر في التصغير فهو مشتق من الأنس لأنه يأنس بخلاف الوحش وقيل: هو من الإيناس: إي الابصار كقوله تعالى: (آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً) لانه يؤنس: أي يبصر ولايجتن بخلاف الجن وقيل: إنسيان كإضْحيَان من النسيان إذ أصل الإنسان آدم وقد قال تعالى فيه: (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ويقويه تصغيره على أنيسيان والاشتقاق من النسيان في غاية البعد وارتكاب شذوذ التصغير كما في لُيَيلية أهون من ادعاء مثل ذلك الاشتقاق قوله (وسُرِّيَّة) الظاهر أنها مشتقة من السِّر وضم السين من تغييرات
النسب الشاذة كدهري وسهلي وهو إما من السِّر بمعنى الخفية لأنها أمة تُخْفَى من الحرة وهذا قول أبي بكر بن السرِيّ وإما من السِّرِّ بمعنى الجماع لأنها لذلك لا للخدمة وهذا قول السيرافي يقال: تَسَرَّرْت جارية وتَسَرَّيْت كتظنيت وقال الأخفش: هي من السرور لأنه يسر بها وقيل: هو من السَّرِيِّ: أي المختار لأنها مختارة على سائر الجواري وقيل: من السَّرَاة وهى اعلى الشئ لأنها تركب سراتها فهي على هذين القولين فُعِّيلة كمُرِّيق وهو الْعُصْفُر وهذا وزن نادر وأيضاً قولهم: (تسرَّرت) براءين - يمنعهما وإن كان تسريت يوافقهما قوله (ومئونة) يقال: هو [من] (مَانَه يَمُونه) إذا احتمل مئونته وقام بكفايته وهذا الشتقاق ظاهر واصله مَوُونة بالواو قلبت الواو المضمومة همزة وقيل: هو من الأوْن وهو أحد العِدْلَين لأن المئونة ثقل فهمزته أصلية وأصله مَأْوُنة

(2/349)


كمَكْرُمَة وهو أبعد من الاشتقاق الأول لأن الثقل لازم المئونة في الأغلب وقال الفراء: هو من الأيْن وهو الاغياء وهو أبعد من الاشتقاق الثاني وأصله مأيُنَة نقلت الضمة إلى ما قبلها وقلبت الياء واواً على ما هو أصل الأخفش قوله (فإن اعتد بجَنَقُونا) حكى الفراء (جَنَقْنَاهم) وزعم أن المنجنيق مُوَلَّدة: أي أعجمية وهم إذا اشتقوا من الأعجمي خلَّطوا فيه لأنه ليس من كلامهم فقولهم (جنقونا) وقول الأعرابي (كانت بيننا حروب عُونٌ تفقأ فيها العيون مرة نُجْنَق وأخرى نُرْشَق) (1) من معنى منجنيق لا من لفظه كدَمِث ودِمَثْرٍ (2) وثَرَّة وثَرْثَار وإنما تجنبوا من كونه من تركيب جنق لأن زيادة حرفين في أول اسم غير جارٍ على الفعل كمنطلق قليل نادر عندهم وذلك كإنْقَحْل وكون منجنيق منفعيلاً لشبهة جَنَقُونا مذهبُ المتقدمين
قوله (وإلا) أي: وإن لم يعتد بحنقونا كما ذكرنا فإن اعتد بمجانيق فهو فَنْعَلِيل لأن سقوط النون في الجمع دليل زيادته فإذا ثبت زيادة النون فالميم أصل لئلا يلزم زيادة حرفين في أول اسم غير جار على الفعل قوله (وإلا) أي: وإن لم يعتد بمجانيق فيه نظر وذلك لأنه جمع منجنيق عند عامة العرب فكيف لا يعتد به؟ وفي الجمع لا يحذف من حروف
__________
(1) هذا من كلام اعرابي وقد سئل: كيف كانت حروبكم؟ فقاله والعون: جمع عوان وهى الحرب التى تقدمتها حرب اخرى ونجنق: نرمى بالمجانيق ونرشق: ترمى بالسهام والمجانيق: جمع منجنيق - بفتح الميم وكسرها - ومثله المنجنون وهى القذافة التى ترمى بها الحجارة وهو اعجمي معرب.
وهى مؤنثة قال زفر بن الحرث: لقد تركتني منجنيق ابن بحدل * احيد عن العصفور حين يطير (2) الدمث: السهل الخلق وبابه فرح ودماثة ايضا واصل ذلك من الدمث بمعنى الارض السهلة اللينة التى لا يشق السير عليها والدمثر - كسبطر وعليط وجعفر - بمعناه.
(*)

(2/350)


مفرده الأصول إلا الخامس منها فحذفهم النون بعد الميم دليل على زيادتها وليس مجانيق كجَنَقُونا حتى لا يعتدَّ به لأن ذلك حكاية عن بعض الأعراب ومجانيق متفق عليه وكونه فنعليلاً مذهب سيبويه وإنما حكم بذلك لأنه ثبت له بجمعه على مجانيق زيادة النون وأصالة الميم كما ذَكَرنا ولم يحكم بزيادة النون الثانية أيضاً لوجهين: أحدهما نُدور فنعنيل بخلاف فَنْعَلِيل كَعَنْتَرِيس وهي الناقة الشديدة من الْعتْرَسَة وهي الشدة والثانى أن الأصل أصالة الحروف إلا أن يقوم على زيادتها دليل قاهر قوله (فإنِ اعتُدَّ بِسَلْسَبِيلٍ عَلَى الأَكْثَرِ) يعني إن ثبت في كلامهم فَعْلَلِيل بزيادة الياء فقط وذلك أن أكثر النحاة على أن سلسبيلاً فعلليل وقال الفراء:
بل هو فعفليل وكذا قال في درد بيس وذلك لتجويزه تكرير حرف أصلي مع توسط حرف [أصلي] بينهما كما مر وفي قول المصنف هذا أيضاً نظر وذلك لأن فعلليلاً ثابت وإن لم يثبت أن سلسبيلاً فعلليل وذلك بنحو برقعيد لقصبة في ديار بيعة وَعَلْطَميس (1) للشابة.
ولو لم يجمع منجنيق على مجانيق لكان فعلليلاً سواء ثبت بنحو بَرْقَعيد فعلليل اولا وذلك لأن جَنَقُونا كما قلنا غير معتد به والأصل أن لانحكم بزيادة حرف إلا إذا اضطررنا إليه: إما بالاشتقاق أو بعدم النظير أو بغلبة الزيادة فإن قيل: إذا لزم من الحكم بزيادة حرف وزنٌ غريب ومن الحكم بأصالته وزن [آخر] غريب فالحكم بزيادته أولى لأن ذوات الزوائد أكثر من أبنية الأصول قلت: ذاك ان لم يكن في اللفظ زائد متفق عليه والياء في نحو منجنيق
__________
(1) في القاموس: العلطميس - كزنجبيل -: من النوق الشديدة الغالية والهامة الضخمة الصلعاء والجارية التارة الحسنة القوام والكثير الاكل الشديد البلع (*)

(2/351)


مقطوع بزيادته فمثل هذا البناء على أي تقدير كان من ذوات الزائد فلو لم يثبت مجانيق لكنا نجمع منجنيقا على مناجن بحذف الحرف الاخير كسفارج قوله (وإلا ففعلنيل) يعني إن لم يثبت أن سلسبيلا فَعْلَلِيل بل كان فعفليلاً كما قال الفراء فمنجنيق فعلنيل وفي هذا كما تقدم نظر لأنه وإن لم يثبت كون سلسبيل فعلليلاً بنحو بَرْقَعيد وعَلْطَميس فهو وزن ثابت على كل حال قوله (ففعلنيل) لأن الوجوه العقلية المحتملة سبعة وذلك لأن الميم إما أصلية أو زائدة فإن كانت أصلية فإن كان النونان أيضاً كذلك فهو فعلليل وإن كانا زائدين فهو فنعنيل من مَجَقَ وإن كان الأول أصلاً دون الثاني فهو
فَعْلَنيل من مَنْجَقَ وإن كان العكس فهو فنعليل من مَجْنَقَ وإن كان الميم زائداً فإن كان النونان أصليين فهو مَفْعَلِيل من نَجْنَقَ وإن كان الأول أصلاً دون الثاني فهو مفعنيل من نجق وان كان العكس فهو منفعيل من جنق ومع زيادة الميم لا يجوز ان يكون النونان ايضا زائدين لبقاء الكلمة على اصلين وهما الجيم والقاف والياء زائدة على كل تقدير إذ أمكن اعتبار ثلاثة أصول دونها فمن هذه السبعة الأوجه لا يثبت فعلليل إن لم يثبت سلسبيل على الأكثر على ما ادعى المصنف وقد ذكرنا ما عليه ومنفعيل إذ لا يزاد الميم في الأول مع أربعة أصول بعدها كما يجئ إلا في الجاري على الفعل مع غرابة الوزنين أعني منفعيلاً ومفعليلاً فيبقى بعد الثلاثة: فَنْعَنيل وفَعْلنيل ومَفْعنيل وفَنْعليل والكل نادر إلا فنعليلاً كَعَنْتَرِيس قوله (ومجانِيقُ يحتمل الثلاثة) لأنه إن كانت الميم زائدة فهو مفاعيل لاغير وإن كانت أصلية فهو إما فعاليل أو فعانيل (1) والثاني لم يثبت فهو إما مفاعيل
__________
(1) انت تعلم ان ابن الحاجب رحمه الله قد بنى كلامه في منجنيق على وجهين: الاول ان يعتد بقولهم: جنقونا والثانى ان لا يعتد به وانه حكم على منجنيق على الوجه الاول = (*)

(2/352)


على ما اختاره بعضهم في منجنيق أنه من جنق وإما فَعَاليل على ما اختار سيبويه في منجنيق وأظن أن هذا اللفظ - أعني (ومجانيق يحتمل الثلاثة) - ليس من المتن إذ لا فائدة فيه لأن الجمع يعتبر وزنه بوزن واحده ويتبعه في أصالة الحروف وعدم أصالتها ولا يكون له حكم برأسه ولم يتعرض المصنف في الشرح لهذا اللفظ ولو كان من المتن لشرحه قوله (ومنجنون مثله) [أي مثل] منجنيق في احتمال الأوجه المذكورة وذلك لكون منجنين وهو لغة في منجنون يحتمل الأوجه المذكورة لكونه
كمنجنيق إلا ان احدى اللامين فيه لابد من الحكم بزيادتها إذا حكمت بأصالة الميم والنون الأولى معاً أو بأصالة أحداهما لأن التضعيف لا يكون أصلاً مع ثلاثة أصول دونه أو أربعة كما مر في أول الكتاب ويسقط من الأوجه السبعة فنعنيل وفعلنيل ومفعنيل ويجئ فعلليل وفنعليل ومفعليل ومنفعيل ويستبعد منفعيل كما ذكرنا في منجنيق ولم يجئ جن في منجنين كما جاء جنق في منجنيق حتى يرتكب هذا الوزن المستبعد ومَفْعَليل غريب وفعلليل ثابت
__________
= بأنه على زنة (منفعيل) فأصوله الجيم والنون التى بعدها والقاف والميم والنون الواقعتان في اول الكلمة زائدتان وعلى الوجه الثاني بانه يحتمل (فنعليلا) فالميم والجيم والنون الثانية والقاف اصول والنون الاولى والياء زائدتان ويحتمل (فعلليلا) فالزائد الياء ويحتمل (فعلنيلا) فالنون الثانية والياء زائدتان وعلى هذا يكون قوله (ومجانيق يحتمل الثلاثة) إشارة الى الاوزان المذكورة بعد عدم الاعتداد بجنقونا وعلى هذا يكون (مجانيق) إما على زنة (فعاليل) ان كان مفرده (فنعليلا) أو (فلاليل) ان كان مفرده (فعلليلا) أو يكون على زنة (فلانيل) إن كان مفرده (فعلنيلا) ومن هذا كله يتبين لك ان قول الرضى (أو فعانيل) خطأ والصواب ان يقول (اما فعاليل أو فلا ليل أو فلا نيل) وقوله (لأنه إن كانت الميم زائدة فهو مَفَاعيل لاغير) لا يدخل في شرح هذه العبارة من كلام المصنف ولكنه من تتمة الفروض في هذه الكلمة (ج 2 - 23) (*)

(2/353)


كبر قعيد فمنجنين إما فَعْلَليل ملحق ببرقعيد بتكرير اللام والنونُ الأولى أصلية فيكون كعَرْطَليل والْعَرْطَل والْعَرْطَلِيل: الطويل وإما فَنْعَلِيل ملحق به أيضاً بزيادة النون وتكرير اللام فهو كَخَنْشَلِيل (1) وقد ذكر سيبويه
في منجنون أيضاً مثل هذين الوجهين فقال مرة: هو ملحق بعضر فوط (2) بتكرير النون فيكون رباعيًّا ملحقاً بالخماسي وقال مرة: إنه ملحق بعضر فوط بزيادة النون الأولى وإحدى النونين الأخيرين فهو إذن ثلاثي ملحق بخماسي والأولى الحكم عليه بفَعْلَلُول وعلى منجنيق بفَعْلَلِيل لعدم الدليل على زيادة النون الأولى والأولى الحكم بأصالة الحرف ما لم يمنع منه مانع وأما إحدى النونين الأخيرين فالغلبة دالة على زيادتها وجمع مَنْجَنُون ومنجنين على مناجين كذا يجمعهما عامة العرب سواء كان فنعلولا اوفعللولا لأن حذف إحدى النونين الأخيرين لكونها طرفاً أو قريبة من الطرف أولى من حذف النون التي بعد الميم والظاهر أن الزائد من المكرر هو الثاني كما يجئ إذ لو كان الاول لجاز مناجن ومناجين بالتعويض من المحذوف وترك التعويض (3) كما في سفارج وسفاريج
__________
(1) الخنشليل: المسن ويقال: عجوز خنشليل إذا كانت مسنة وفيها بقية (2) العضر فوط: دويبة (انظر ج 1 ص 9، 51) (3) اعلم ان منجنونا اما ان يكون (فنعلولا) واما ان يكون (فعللولا) ومعنى هذا ان الميم في اولها اصل والواو بين النونين الاخيرتين زائدة والنون التى بعد الميم زائدة على الاول اصلية على الثاني واحدى النونين الاخريين زائدة على الخلاف الانى ذكره في كلام المؤلف ثم اعلم ان مناجين الذى سمع في جمعه لا يقطع بالدلالة على زيادة اولى النونين الاخريين كما لا يقطع بزيادة ثانيتهما وبيان ذلك انك ان فرضت زيادة اولاهما واردت جمعه وجب ان تقول: مناجين بحذف هذه النون الزائدة وقلب الواو ياء لانها مد قبل الاخر الاصلى وان فرضت زيادة الثانية جاز لك ان تقول في الجمع: مناجين.
فتحذف النون الاخيرة والواو التى قبلها ثم تعوض عن المحذوف ياء قبل الاخر فالفرق بين الحالين ان = (*)

(2/354)


قوله (ولولا منجنين لكان فعللولاً) يعني منجنين كمنجنيق فيحتمل جميع ما احتمله منجنيق من الأوزان فلذلك يحتمل منجنون ما احتمله منجنين ولولا منجنين لكان منجنون كعضر فوط وهذا قول فيه ما فيه وذلك أنا بينا أن منجنيناً لا يحتمل إلا فَعْلَليلاً على الصحيح وفنعليلاً على زيادة النون الأولى كما أجاز سيبويه وقد ضعفناه وكذ منجنون فَعْلَلُول على الصحيح وفنعلول على ما اجازه سيبويه وعلى كلا التقديرين هو ملحق بعضر فوط فما معنى قوله (ولولا منجنين لكان فعللولاً) وهو مع وجوده فعللول أيضاً؟ قوله (وخندريس (1) كمنجنين) لا شك في زيادة إحدى النونين الأخيرين في مَنْجَنين وليس ذلك في خندريس ونون خندريس أصل على الصحيح لعدم قيام الدليل على زيادتها ومن قال في منجنين إنه فَنْعَلِيل كعنتريس لم يمتنع أن يقوله في خندريس أيضاً هذا آخر ما ذكره المصنف من حكم الاشتقاق وتقسيمه أن يقال: إن كان في الاسم اشتقاق فهو إما واحد اولا والواحد اما ظاهر اولا والذي فوق الواحد إما أن يكون الجميع ظاهراً أو الجميع غير ظاهر أو بعضه ظاهراً دون الآخر فالواحد الظاهر يحكم به كما في رَعْشَنٍ (2) وبِلَغْنٍ
__________
= الياء على الاول واجبة وهى منقلبة عن الواو وعلى الثاني جائزة وهى زائدة للعوض ومن هنا تعلم ان كلام المؤلف فاسد لانه علل الحكم بزيادة الثانية بالتزامهم مناجين ووجه فساده ان هذا الالتزام لا يقطع باحد الوجهين وانما يكون مرجحا ثم هو يرجح الذى نفاه المؤلف وهو ان الاولى هي الزائدة وهذا بعينه يجرى في منجنين (1) الخندريس: القديم من الحنطة ومن الخمر قال ابن دريد: (احسبه معربا)
(2) انظر (ح 1 ص 59) وانظر ايضا (ص 333 من هذا الجزء) (*)

(2/355)


والواحد غير الظاهر إن عارضه مرجح آخر من الغلبة أو خروج الكلمة عن الأصول اخْتُلف فيه: هل يحكم به أو بالمرجح [الآخر] ؟ وإن لم يعارضه فهل يحكم بالاشتقاق أو بكون الأصل أصالة الحروف؟ فيه تردد وما فوق الواحد إن كانا ظاهرين احتملهما كأوْلَقٍ وإن كان أحدهما ظاهراً دون الآخر فالأولى ترجيح الظاهر كما في مَؤُونة وسُرِّيَّة وإن كانا خفيين وفيه مرجح آخر فهل يحكم بأحدهما أو بالمرجح الآخر؟ فيه التردد المذكور فإن حكم بهما: فإن استويا احتملهما وإن كان أحدهما أظهر حكم به وإن لم يكن فيه مرجح آخر حكم بهما على الوجه المذكور وإنما قدم الاشتقاق المحقق على الغلبة وعدم النظير وكون الأصل أصالة الحروف لأن المراد بالاشتقاق كما ذكرنا اتصال إحدى الكلمتين بالأخرى كضارب بالضرب أو اتصالهما بأصل كضارب ومضروب بالضرب وهذا الاتصال أمر معنوي محقق لا مَحِيدَ عنه بخلاف الخروج عن الأوزان فإنه ربما تخرج الكلمة عن الأوزان بنظر جماعة من المستقرئين ولا تخرج في نفس الأمر إذ ربما لم يصل إليهم بعض الأوزان وبتقدير الخروج عن جميع الأوزان يجوز أن تكون الكلمة شاذة الوزن وكذا مخالفة غلبة الزيادة لا تؤدي إلى مستحيل بل غاية أمرها الشذوذ ومخالفة الأكثر وكذا مخالفة كون أصل الحروف الأصالة ثم إن فقدنا الاشتقاق ظاهراً أو خفيًّا نظرنا: فإن كان حرف الكلمة الذي هو من حروف (سألتمونيها) من الغوالب في الزيادة كما سيجئ أو كان الحكم بأصالة ذلك الحرف يزيد بناءً في أبنية الرباعي أو الخماسي الأصول أعني المجردة عن الزائد أيُّ الأمرين كان حكمنا بزيادة ذلك الحرف ولا نقول: إن
الأصل أصالة الحرف لأن الأمرين المذكورين مانعان من ذلك الأصل

(2/356)


ولو تعارض الغلبة وعدم النظير رجَّحنا الغلبة كما لو كان الحكم بزيادة الغالب يؤدي إلى وزن مجهول والحكم بأصالته لا يؤدي إلى ذلك حكمنا بزيادة الغالب كما نقول في سُلَحْفِية (1) فُعَلِّية وهو وزن غريب وفُعَلِّلَة كقذ علمة غير (2) غريب وذلك لأنا نقول إذن: هذا الغريب ملحق بسبب هذه الزيادة بذلك الذي هو غير غريب فنقول: إن كان الحكم بأصالة الغالب يؤدي إلى وزن غريب في الرباعي أو الخماسي المجردين عن الزائد والحكم بزيادته يؤدي إلى غريب آخر في ذى الزيادة كتتفل (3) فإن فَعْلُلاً بضم اللام وتَفْعُلاً نادران وكذا قُنْفَخْر (4) فإن فُعْلَلاًّ وَفُنْعَلاًّ غريبان حكمنا بزيادة الغالب لأن الأوزان المزيد فيها أكثر من المجرد إلا المزيد فيه من الخماسي فإنه لا يزيد زيادةً بيِّنة على المجرد من أبنية الخماسي كما تبيَّن قبل لكن المزيد فيه منه لا يلتبس بالمجرد من الزيادة إذ الاسم المجرد لم يأت فوق الخماسي وإن كان الحكمان لا يزيد واحد منهما بناءً غريباً فالحكم بزيادة الغالب واجب لبقاء مرجح الغلبة سليماً من المعارض
__________
(1) انظر (ح 1 ص 261 هـ 3) (2) انظر (ح 1 ص 51) (3) التتفل - بفتح التاء الاولى وسكون الثانية وضم الفاء أو بضمتين بينهما سكون أو بكسر اوله وفتح ثالثه أو بفتح الاول والثالث أو بكسرهما -: الثعلب وقيل: ولده (4) القنفخر - بضم القاف وسكون النون وفتح الفاء وسكون الخاء وبكسر
اوله ايضا -: الفائق في نوعه والتار الناعم واصل البردى ولم يحك في القاموس الا مكسور الاول - كجرد حلو مثله القفاخر - كعلا بط والقفاخرى بزيادة ياء مشددة (*)

(2/357)


وان كان الحكم باصالته يزيد بناءً نادراً دون الحكم بزيادته تعيَّن الحكم بالزيادة أيضاً لتطابق المرجحين على شئ واحد وإن كان الأمر بالعكس: أي الحكم بزيادته يؤدي إلى زيادة بناء غريب دون الحكم بأصالته حكم بزيادة الغالب اللالحاق كما ذكرنا في سلحفية لأنه كأنه فُعَلِّلة لكونه ملحقاً به وإن كان الحكم بأصالة الغالب والحكم بزيادته يزيد كل واحد منهما وزناً نادراً في ذي الزيادة لا في المجرد عنها حكمنا بزيادة الغالب أيضاً لثبوت المرجح بلا معارض فإن كان الحكمان لا يزيد شئ منهما بناءً غريباً في المزيد فيه أو يزيد فيه أحدهما دون الآخر حكمنا بزيادة الغالب لما ذكرنا الآن سواء وأمثلة التقديرات المذكورة لم تحضرني في حال التحرير فعلى ما ذكرنا إذا تعارض الغلبة وعدم انظير يرجح الغلبة كما يجئ في سُلَحْفية ففي تقديم المصنف عدم النظير كما يجئ من كلامه على الغلبة نظر هذا وإن كان الحرف من حروف (سألتمونيها) ليس من الغوالب ولا يؤدي أصالته إلى عدم النظير فلا بدّ من الحكم بأصالته بلا خلاف كما حكمت بأصالة الهاء والميم من درهم ولام سفر جل وميم عَلْطَميس وسينه وهذا الذي ذكرنا كله إذا لم يتعدد الغالب فان تعدد فيجئ حكمه قال: (فإنْ فُقِدَ فَبِخُرُوجِهَا عَنِ الأُصُولِ كَتَاءِ تَتْفُل وتَرْتُبٍ وَنُونِ
(الخروج عن الأوزان المشهورة من أدلة الزيادة) كُنْتَأْلٍ وَكَنَهْبُلٍ بِخِلاَفِ كَنَهْوَرٍ وَنُونِ خُنْفَسَاءَ وقُنْفَخْرٍ أوْ بِخُرُوجِ زِنَةٍ اخرى لها: كتاء تتفل وَتُرْتُبٍ مَعَ تَتْفُلٍ وَتَرْتُبٍ ونُونِ قِنْفَخْرٍ وَخُنْفُسَاءَ مَعَ قُنْفَخْرٍ وَخُنْفَسَاءَ وَهَمْزَةِ أَلَنْجَجٍ مَعَ أَلَنْجُوجٍ) أقول: التتفل ولد انثعلب يقال: أمر تَرْتُب: أي راتب ثابت من رَتَبَ

(2/358)


رتوباً: أي ثبت وما كان له أن يعده في المفقود اشتقاقه إذ اشتقاقه ظاهر كما قلنا الكُنْتَأْل بالهمز: القصير الْكَنَهْبُلُ: من أشجار البادية الكَنَهْوَر: العظيم من السحاب القُنْفَخْر: الفائق في نوعه الألْنَجَجُ والألْنْجُوج (1) واليَلَنْجُوج: العود قوله (فإن فقد) أي: الاشتقاق الظاهر والخفي قوله (فبخروجها عن الأصول) أي: يعرف زيادة الحرف بخروج زنة الكلمة بتقدير أصالة الحرف لا بتقدير زيادته عن الأصول: أي الأوزان المشهورة المعروفة هذا وليس مراده بالأصول أوزان الرباعي والخماسي المجردة عن الزوائد بدليل عده ألَنْجُوجاً وخُنْفَسَاء - بفتح الفاء - في الأوزان الأصول وهذه الكلمات التي ذكرها لم يعارض عدم النظير فيها بالغلبة لأن الحروف المذكورة ليس شئ منها من الغوالب إلا همزة ألنجوج ولا تَعَارُض في ألنجوج بين الغلبة وعدم النظير لأن عدم النظير لا يرجح إذا كان يلزم بكلا التقديرين زيادة وزن في المزيد فيه إذ لا يمكن الخلاص من عدم النظير أيضاً في المزيد فيه: حكمت بزيادة الحرف أو بأصالته فالترجيح في هذه الكلمات بعدم النظير على كون الأصل أصالة الحرف
__________
(1) قال في اللسان: (والالنجج واليلنجج: عود الطيب وقيل: هو شجر غيره
يتبخر به قال ابن جنى: ان قيل لك إذا كان الزائد إذا وقع اولا لم يكن للالحاق فكيف الحقوا بالهمزة في (النجج) وبالياء في (يلنجج) والدليل على صحة الالحاق ظهور التضعيف قيل: قد علم انهم لا يلحقون بالزائد من اول الكلمة الا ان يكون معه زائد آخر فلذلك جاز الالحاق جاز الالحاق بالهمزة والباء في (النجج) و (يلنجج) لما نضم الى الهمزة والياء النون ووالالنجوج واليلنجوج كالالنجج واليلنجج: عود بتبخر به به وهو يفنعل وافنعل وقال اللحيا: عو يلنجوج والنجوج والنجج فوصف بجميع ذلك وهو عود طيب الريح) اه (*)

(2/359)


وكان ينبغي أن لا يذكر المصنف ههنا إلا ما يخرج عن الأصول بأحد التقديرين دون الآخر لأنه يذكر بعد هذا ما يخرج عن الأصول بالتقديرين معاً وهو قوله (فإن خرجتا معا) وتتفل وتَرْتُب يخرج عن الأصول بكلا التقديرين إذ ليس في الأوزان الاسمية تَفْعُل وَفَعْلُل وكذا نادران وكذا خُنْفَسَاء لأن فُعْلَلاَء وفنعلاء غريبان وكذا ألنجوج لأن فَعَنْلُولاً وأفَنْعُولاً شاذان قوله (بخلاف كَنَهْور) يعني لو جعلنا نون كُنْتَأْل أصلاً لكان فُعْلَلاًّ وهو نادر بخلاف نون كَنَهْوَر فإنا إذا جعلناه أصلاً كان فَعَلْوَلا ملحقاً - بزيادة الواو - بسفر جل فلا يكون نادراً فلذا جعلنا نونه أصلاً دون نون كنتأل قوله (أو بخروج زنة أخرى لها) أي: إذا كان في كلمة لغتان وبتقدير أصالة حرف من حروف سألتمونيها في إحدى الزنتين لا تخرج تلك الزنة عن الأصول لكن الزنة الأخرى التي لتلك الزنة تخرج عن الأصول بأصالة ذلك الحرف حكمنا بزيادة ذلك الحرف في الزنتين معاً فإن تُتْفَلا بضم التاء الأولى كان يجوز أن يكون كبرثن فلا يخرج عن الأصول بتقدير أصالة التاء لكن
لما خرجت تَتْفُل بفتح التاء عن الأصول بتقدير أصالتها حكمنا بزيادة التاء في تُتْفُل - بضم التاء أيضاً تبعاً للحكم بزيادتها في تَتْفُل - بفتحها وكذا تاء تُرْتُب وكذا نون قِنْفَخْر - بكسر القاف وإن كان يجوز أن يكون فعللا كجرد حل وكذا نون خُنْفُسَاء - بضم الفاء وإن لم يمتنع لولا اللغة الأخرى أن يكون كقُرْفُصاء وكذا همزة أَلَنْجَج وإن جاز أن يكون فَعَنْلَلاً حكمنا بزيادة الحروف المذكورة لثبوت زيادتها في اللغات الأُخَر وألحق الحكم بأصالة نون خنفساء في اللغتين لأن وزن الكلمة على التقديرين من أبنية المزيد فيه إذ الألف

(2/360)


والهمزة من الزيادات اتفاقاً وقد تقدم أن عدم النظير المزيد فيه بالتقديرين معاً ليس لمرجح فعلى هذا لم يعرف زيادة همزة ألَنْجُوج بعدم النظير لأنه مزيد فيه بالاتفاق إذ الواو فيه زائد من غير تردد بل عرفنا زيادة همزته وهمزة ألَنْجَج بشبهة الاشتقاق والغلبة إذ فيهما ثلاثة غوالب: الهمزة والنون والتضعيف ولا يجوز الحكم بزيادتها معاً لئلا يبقي الكلمة على حرفين فحكمنا بزيادة اثنين منها ولا يجوز الحكم بزيادة النون والتضعيف ولا بزيادة الهمزة والتضعيف لأن ألَجَ ولَنَجَ مهملان فحكمنا بزيادة الهمزة والنون فهو من لجَّ كأنه يلج في نشر الرائحة والنجج: ملحق بسفر جل بزيادة الهمزة والنون قال: (فإنْ خَرَجَتَا مَعاً فَزَائِدٌ أيضاً كَنُونِ نَرْجِسٍ وَحِنْطَأْوٍ وَنُونِ جُنْدَبٍ إذَا لَمْ يَثْبُتْ جُخْدَبٌ إلاَّ أن تَشِذَّ الزِّيَادَةُ كَمِيم مَرْزَنْجُوشٍ دُونَ نُونِهَا إذْ لَمْ تُزَدِ الْمِيمُ أوَّلاً خَامِسَةً وَنُونِ بَرْنَاسَاءَ وَأَمَّا كُنَابِيلُ فَمِثْلُ خُزَعْبِيل) أقول: الحِنْطَأو: العظيم البطن والْبَرْنَاساء والبرْنساء: الإنسان يقال:
ما أدري أي البرناساء هو والجندَب: ضرب من الجراد وهو من الجدب واشتقاقه ظاهر فلم يكن لإيراده فيما لا اشتقاق فيه وجه والجخدب: الجراد الأخضر الطويل الرجلين وكُنَابيل: أرض معروفة وهو غير منصرف قوله: (فإن خرجتا معاً) أي: خرجت الزنتان معاً بتقدير أصالة الحرف وزيادته عن الأوزان الأصول حكمنا بالزيادة أيضاً: لما قلنا من كثرة المزيد فيها وقلة المجرد عن الزائد فنقول في نرجس نَفْعِلٌ وإن لم يأت في الأسماء نَفْعَلٌ كما لم يأت فَعْلِلٌ - بكسر اللام - وأما حنطأ فقال السيرافي: الأولى أن يحكم

(2/361)


باصالة جميع جروفه فيكون كجرد حل ومثله كنتأو (1) وسندأو (2) وقند أو (3) وقال الفراء في مثلها: الزائد إما النون وَحْدَها فهو فِنْعَلٌّ وإما النون مع الواو فهو فِنْعَلْوٌ وإما النون مع الهمزة فهو فِنْعَأْلٌ وجَعَلَ النون زائدة على كل حال وقال سيبويه: الواو مع ثلاثة أصول من الغوالب فيحكم بزيادتها وكل واحدة من النون والهمزة رَسِيلَتُهَا (4) فِي الأمثلة المذكورة فيجعل حكمُ إحداهما في الزيادة حكم الواو وإن لم يكونا من الغوالب والحكم بزيادة النون أولى من الحكم بزيادة الهمزة لكون زيادة النون في الوسط أكثر من زيادة الهمزة قال: وإنما لزم الواو الزائدة في الأمثلة المذكورة بعد الهمزة لأن الهمزة تخفى عند الوقف والواو تظهرها فوزنه عند سيبويه فِنْعَلْوٌ وإليه ذهب المصنف إذ لو ذهب إلى ما ذهب إليه السيرافي من أصالة الواو لم يكن يزيد في الأبنية المجردة وزنٌ بتقدير أصالة النون إذ يصير فعللا كجرد حل فعلى ما ذهب إليه ليس عدم النظير بمرجح في هذا الوزن لأنه من ذوات الزوائد بالتقديرين كما قلنا في ألَنْجُوج وخُنْفُسَاء قوله (ونون جُنْدَب إذا لم يثبت جُخْدَب) يعني إذا ثبت جخدب - بفتح الدال
- فلا يخرج جندب بأصالة النون عن الأصول والأولى أن جُنْدَباً فُنْعل ثبت جخدب اولا للاشتقاق لأن الجراد يكون سبب الْجَدْب ولهذا سمي جراداً لجَرْدِهِ وجه الأرض من النبات
__________
(1) قال في القاموس: (والكنتاو - كسند أو: الجمل الشديد والعظيم اللحية الكثها أو الحسنها) اه (2) السنداو: الخفيف وقيل: هو الجرئ المقدم وقيل: هو القصير وقيل: هو الرقيق الجسم مع عرض راس والسنداو من الابل: الفسيح في مشيه (3) القنداو: السئ الخلق والقصير من الرجال والصغير العنق الشديد الراس والجرئ المقدم (4) يريد ان كلا من الهمزة والنون تبع للواو في الحكم (*)

(2/362)


قوله (إلا أن تشذ الزيادة) يعني لو أدى الحكم بزيادة الحرف إلى شذوذ الزيادة لم نحكم بزيادته ولو خرجت الكلمة بأصالته عن الأوزان أيضاً فلا يحكم بزيادة ميم مَرْزَنْجُوش (1) لأن الميم تشذ زيادتها في أول اسم غير جاز إذا كان بعده أربعة أحرف أصول أما في الجاري كَمُدَحْرِج فثابت قوله (دون نونها) أي: النون لا تشذ زيادتها فلما ثبت اصالة الميم وجب زيادة النون لأن الإسم لا يكون فوق الخماسي فهي فَعْلَنْلُولٌ قوله (ونون بَرْنَاساء) أي: أن وزنه فَعْنَالاء وإن كان غريباً غرابة فَعْلاَلاَء إذ عدم النظير لا يرجح في المزيد فيه بالتقديرين كما مر في خنفساء ونحوه.
وما يوجد في النسخ (وأما كُنَأبيل (2) فمثل خَزَعْبِيل (3)) الظن أنه وهم: إما من المصنف أو من الناسخ لأن كنابيل بالألف لا بالهمزة والألف في الوسط عنده لا يكون للإلحاق كما تقدم
قال: (فإنْ لَمْ تَخْرُجْ فَبِالْغَلَبَةِ كَالتَّضْعِيفِ فِي مَوْضِعٍ أوْ مَوْضِعَيْنِ مع (الغلبة من ادلة الزيادة) ثَلاَثَةِ أُصُولٍ للإِلْحَاقِ وَغَيْرِهِ كَقَرْدَدٍ ومر مريس وعصبصب وهمرش وعند
__________
(1) قال في اللسان: المرزجوش: نبت وزنه فعللول بوزن عضر فوط والمرزنجوش لغة فيه) اه (2) قال ياقوت في معجم البلدان: (كنابيل بالضم وبعد الالف باء موحدة ثم ياء مثناة من تحت ولام -: موضع عن الخارزنجى وغيره وقال الطرماح بن حكيم وقيل: ابن مقبل.
دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * على عجل دهماء والركب رائح وهو من ابنية الكتاب) اه (3) الخزعبيل والخزعبل - باسقاط الياء -: الباطل والفكاهة والمزاح ومن اسماء العجب وقال ابن دريد: الخزعبيل الاحاديث المستظرفة (*)

(2/363)


الاخفش اصله هنمرش كجحمرش لِعَدَمِ فَعَّلِلٍ قَالَ: وَلِذَلِكَ لَمْ يُظْهِرُوا) أقول: اعلم أنهم [إنما] حكموا بزيادة جميع الحروف الغالبة في غير المعلوم اشتقاقه لأنه علم بالاشتقاق زيادة كثير من كل واحد منها فحمل ما جهل اشتقاقه على ما علم فيه ذلك إلحاقاً للفرد المجهول حاله بالأعم الأغلب وقد ذكرنا الكلام على تقديم المصنف المعرفةَ بعدم النظير على المعرفةَ بغلبة الزيادة فلا نعيده القَرْدَد: الأرض المستوية المرمريس: الداهية وهو من الممارسة لأنها تمارس الرجال ففيه معنى الاشتقاق وان كان خفيا والمرمريس ايضا:
الاملس والعصبصب: الشديد وفيه اشتقاق ظاهر لأنه بمعنى عصيب والْهَمَّرِش: العجوز المسنة وهو عند الخيل وسيبويه ملحق بجَحْمَرِش بتضعيف الميم وقال الأخفش: بل هو فَعْلَلِلٌ والأصل هَنْمَرِش وليس فيه حرف زائد قال: النون الساكنة إنما وجب إدغامها في الميم إذا كانتا في كلمتين نحو من مالك وأما في كلمة واحدة نحو أنملة فلا تدغم وكذا لو بنيت من عَمِلَ مثل قِرْطَعْبٍ بزيادة النون قبل الميم قلت: عِنْمَلٌّ بالإظهار لئلا يلتبس بِفِعَّلٍّ لكنه أدغم في هَنْمَرِشٍ لأنه لا يلتبس بِفَعَّلِلٍ لأن فَعَّلِلاً لم يثبت في كلامهم قال: والدليل على أنه ليس مضعف العين للالحاق انا لم بجد من بنات الأربعة شيئاً ملحقاً بجَحْمَرِشٍ قال السيرافي: بل جاء في كلامهم جرو نَخْوَرِشٌ (1) : أي يخرش لكونه قد كبر
__________
(1) تقول: جرونخورش - كجحمرش - إذا تحرك وخدش ويقال: هو الخبث المقاتل ذكره في القاموس مادة (ن خ ر ش) فيدل على ان النون أصلية وذكره مرة اخرى في مادة (خ ر ش) فقال: (كلب نخورش كنفوعل - وهو من أبنية اغفلها سيبويه -: كثير الخرش) اه والقول بزيادة النون هو ما ذهب = (*)

(2/364)


وأما هُمَّقِع (1) فلم يختلف فيه أنه مضعف العين لا هُنْمَقِعٌ لعدم فُعْلَلِلٍ فإذا صغرت همَّرِشاً عند الأخفش قلت: هُنَيْمِر وعند سيبويه: هُمَيْرِشٌ.
قوله (لعدم فَعَّلِلٍ) الاخفش لا يخص فَعَّلِلاً بل يقول: لم يلحق من الرباعي بجحمرش شئ لا على فَعَّلِلٍ ولا على غيره.
قوله (ولذلك لم يظهروا) أي: لعدم التباسه بغعلل إذ لم يوجد.
قال: (وَالزَّائِدُ في نَحْوِ كَرَّمَ الثَّانِي وَقَالَ الْخَلِيلُ: الأَوَّلُ وَجَوَّزَ (تعيين الزائد من حرفي التضعيف)
سِيْبَوَيْهِ الأَمْرَيْنِ) .
أقول: قال سيبويه: سألت الخليل عن الزائد في نحو سُلَّمٍ فقال: الأول لأن الواو والياء والألف يَقَعْنَ زوائد ثانية كَفَوْعَل وفَاعِل وفَيْعل وكذا قال في نحو جَلْبَبَ وَخِدَبٍّ لوقوع الواو والياء والألف زائدة ثالثة كجَدْوَل وعِثْيَر وشَمالٍ وكذا في نحو عَدَبَّس (2) لكونه كَفَدَوْكَس (3) وَعَمَيْثَل (4) وكذا قَفَعْدَدٌ (5) لكونه ككَنَهْوَر وغير الخليل جعل الزوائد هي الأخيرة في
__________
= إليه ابن سيده وتبعه أبو الفتح محمد بن عيسى العطار وقالا: ليس في الكلام نفوعل غيره والاشتقاق يؤيد ما ذهبا إليه فان الخرش هو الخدش (1) الهمقع - بضم الهاء وتشديد الميم مفتوحة بعدها قاف مكسورة فعين مهملة -: الاحمق وانثاه همقعة وهو ايضا ثمر التنضب ولا نظير له في الوزن الا زملق ويقال: همقع - كعلبط والزملق: من يقضى شهوته قبل ان يفضى الى المرأة ويقال فيه: زملق.
وزمالق - كعلبط وعلابط (2) العدبس - كعملس -: الشديد الموثق الخلق من الابل وغيرها والشرس الخلق والضخم الغليظ وكنوا ابا العدبس (3) الفدوكس كسفرجل -: الاسد والرجل الشديد وجد الاخطل التغلبي (4) عميثل - كسفرجل -: البطئ والضخم الشديد والجلد النشيط (5) الفقعدد - كسفرجل -: القصير مثل به سيبويه وفسره السيرافى (6) انظر (ح 1 ص 56) (*)

(2/365)


المضعف فجعل السُّلَّم كجَدْول (1) وعِثْيَر ونحو مَهْدَد (2) كتَتْرًى (3) وخِدْبًّا (4) كخِلَفْنَة (5) وَقَفَعْدَداً كحَبْركًى (6) وقِرْشَبأ (7) كقِنْدَأوٍ (8) وصوب سيبويه كلا الوجهين وقال المصنف: لما ثبت في نحو قَرْدَدٍ (9)
أن الزائد هو الثاني لأنه جعل في مقابلة لام جعفر وأما الأول فقد كان في مقابلة العين فلم يحتج إلى الزيادة لها وحكم سائر المضعفات حكم سائر المكرر للإلحاق - حكمنا في الكل أن الزائد هو الثاني وفيه نظر لأن سائر المكررات لا يشارك المكرر للإلحاق في كون المزيد مقابلة الأصلي حتى تجعل مثلة في كون الزائد هو الثاني فالأولى الحكم بزيادة الثاني في المكرر للالحاق والحكم بزيادة أحدهما لا على التعيين في غيره وأما استدلال الخليل ومعارضيه فليس بقطعي كما رأيت.
قال: (وَلاَ تَضَاعَفُ الفَاء وَحْدَهَا وَنَحْوُ زَلْزَلَ وصيصية وقوقيت (بيان ما يضعف ومالا يضعف من الاصول) وضو ضيت رباعى وليس بتكرير لفاء ولا عين للفصل ولابذى زِيَادَةٍ لأَحَدٍ حَرْفَي لِينٍ لِدَفْعِ التَّحَكُّمِ وَكَذَلِكَ سَلْسَبِيلٌ خُمَاسِيٌّ عَلَى الأَكْثَرِ.
وقال الكوفيون: زَلْزَلَ مِنْ زل وصرصر من صر ودمدم من دم لاتفاق المعنى) .
__________
(1) العثير - كدرهم -: الغبار (2) انظر (ح 1 ص 14) (3) انظر (ح 1 ص 195 هـ 1) (4) انظر (ح 1 ص 59) (5) يقال: في خلقه خلفته: وخلفنات: أي خلاف (6) الحبركى: القراد الطويل الظهر القصير الرجلين (7) انظر (ح 1 ص 61) (8) القنداو - كجرد حل -: السئ الخاق وقيل: الجرئ المقدم (انظر ص 362 من هذا الجزء) (9) انظر (ح 1 ص 13) (*)

(2/366)


أقول: قوله (ولا تضاعف الفاء وحدها) أي: لا يقال مثلاً في ضرب: ضَضْرَبَ وذلك لعلمهم أنه لا يدغم لامتناع الابتداء بالساكن فيبقى الابتداء بالمستثقل ولهذا قلَّ الفاء والعين مثلين نحو بَبْرٍ ودَدَن (1) ويقل الكراهة شيئاً إذا حصل هناك موجب الإدغام كما في أوَّل أو فصل بينهما بحرف زائد نحو كَوْكَب وقَيْقَبَان (2) [و] ليس أحد المثلين فيه زائدا بل هما أصلان وقد أجاز بعضهم تكرير الفاء وحدها مع الفصل بحرف اصلى كما يجئ بل يضاعف الفاء والعين معاً كما في مرمر يس (3) كما مر في أول الكتاب.
وقال الكوفيون في نحو زَلْزَل (4) وصَرْصَرَ (5) مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه: إنه مكرر الفاء وحدها بشهادة الاشتقاق وهو أقوى ما يعرف به الزائد من الأصلي واستدل المصنف على أنه ليس بتكرير الفاء بأنه لا يفصل بين الحرف وما كرر منه بحرف أصلي وهذا استدلال بعين ما ينازع فيه الخصم فيكون مصادرةً لأن معنى قول الخصم إن زلزل من زل أنه فصل بين الحرف ومكرره الزائد بحرف أصلي ولم يقل أحد: إن العين مكرر مزيد في نحو زلزل وصيصية (6) لكن المصنف أراد ذكر دليل يبطل به ما قيل من تكرير الفاء وحدها وما لعله [يقال] في تكرير العين وحدها وبعض النحاة يجوز تكرير الفاء وحدها سواء كان العين مكرراً كما في زَلزَل وصيصية أو لم يكن كما في
__________
(1) الببر: ضرب من السباع شبيه بالنمر وانظر (ح 1 ص 34) (2) القيقبان: خشب تتخذ منه السروج ويطلق على السرج نفسه (3) انظر (ح 1 ص 63) (4) انظر (ح 1 ص 15) (5) انظر (ح 1 ص 62)
(6) الصيصية - بكسر الصادين وسكون الياء والياء الثانية مخففة - شوكة الحائك التى يسوى بها السداة واللحمة وصيصية البقرة: قرنها وكل شئ امتنع به وتحصن فهو صيصية وهى ايضا الوتد الذى يقلع به التمر (*)

(2/367)


سلسبيل (1) إذا فصل بين المثلين حرف أصلي ولم يجوز أحد تكرير الفاء من غير فصل بحرف أصلي بين المثلين.
هذا وإن كان ثاني الكلمة ياء والثالث والرابع كالأول والثانِي نحو صيصية لم يُقل: إن إحدى الياءين من الغلبة وتكون زائدةً لأن معها ثلاثة أصول وذلك لأن هذا القول يؤدي إلى التحكم إذ ليس إحدى الياءين أولى من الأخرى وأيضاً لو قلنا إن الأولى زائدة لكان الكلمة من باب يَيْنٍ (2) وبَبْرٍ ولو قلنا بزيادة الثانية لكانت من باب قَلَقٍ وكلاهما قليل ولا يمكن الحكم بزيادتهما معاً لئلا تبقى الكلمة على حرفين وكذا لا نحكم في نحو قَوْقَيْتُ بزيادة إحدى حرفي العلة لدفع التحكم وكذا في عاعيت (3)
__________
(1) انظر (ح 1 ص 9، 50) (2) يين - بفتح الياء الاولى وسكون الثانية -: عين بواد يقال له: حورتان.
قاله الزمخشري وقال غيره يين: اسم واد بين ضاحك وضويحك وهما جبلان اسفل الفرش ذكره ابن جنى وقال نصر: يين: ناحية من اعراض المدينة على بريد منها وهى منازل اسلم بن خزاعة وقال ابن هرمة: ادار سليمى بين يين فمثعر * ابينى فما استخبرت الا لتخبري ويقال: يين بئر بوادي عباثر قال علقمة بن عبدة: وما انت ام ما ذكره ربعية * تحل بيين أو باكناف شربب (3) قال في القاموس: (وفى كتب التصريف: عاعيت عيعاء ولم يفسروه
وقال الاخفش: لا نظير لها سوى حاحيت وهاهيت) اه وتقول: عاعى إذا دعا ضانه بقوله (عا) .
و (عا) اسم صوت وقال الراجز: يا عنر هذا شجر وماء * عاعيت لو ينفعني العيعاء قال في اللسان: (وقال الليث: عا مقصورة زجر للضئين وربما قالوا: عو وعاء وعاى كل ذلك يقال والفعل منه عاعى يعاعى معاعاة وعاعاة ويقال ايضا: عوعى يعوعى عوعاة وعيعى يعيعى عيعاة وعيعاء وانشد: وان ثيابي من ثياب محرق * ولم استعرها من معاع وناعق) اه (*)

(2/368)


وحاحيت (1) والأولى أن يقال في ياء قوقيت: إنها كانت واواً قلبت ياء كما في اغزيت وغازيت على ما يجئ في باب الإعلال فيكون في قوقيت في الأصل واوان كما أن في صيصية ياءين.
وقال الخليل: أصل دَهْدَيْت دَهْدَهت (2) لاستعمالهم دهدهت بمعناه ولا منع أن يقال: ياء نحو قوقيت أصلية وإنها ليست ببدل من الواو وأما نحو حَاحَى يُحَاحِي فهو عند سيبويه فَعْلَلَ يُفَعْلِل بدليل أن مصدره حَاحَاة وحيحَاء كزلزلة وزلزال وقال بعضهم: هو فَاعَل يُفَاعِل بدليل قولهم: محاحاة معاعاة وقال سيبويه: بل هو مُفَعْلَلَة للمرة كَزَلْزَلَ يزلزل مُزَلْزَلَة والأصل مُحَاحَيَة قلبت الياء ألفاً والألف الأولى عند البصريين في حَاحَى وعَاعَى ياء قلبت ألفاً وإن كانت ساكنة لانفتاح ما قبلها كما قالوا في يَيْأَس ويوجل: يَاءَسَ وياجل قالوا: وإنما اطرد قلب الياء الأولى ألفاً مع شذوذ ذلك في ياءس وطائي لانه استكره
__________
(1) حاحى: دعا معزاه بقوله: حا ويقال: حاحيت حيحاء ومحاحاة إذا صحت قال أبو زيد: حاح بضأنك وبغنمك: أي ادعها وقال: الجأنى القر الى سهوات * فيها وقد حاحيت بالذوات
قال الجوهرى: (حاء: زجر للابل بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وقد يقصر فان اردت التنكير نونت قال سيبويه: ابدلوا الالف بالياء لشبهها بها لان قولك: حاحيت انما هو صوت بنيت منه فعلا كما ان رجلا لو اكثر من قوله (لا) لجاز ان يقول: لا ليت يريد قلت: لا ويدلك على انها ليست فاعلت قولهم: الحيحاء والعيعاء بالفتح كما قالوا: الحاحاة والهاهاة فاجرى حاحيت وعاعيت وهاهيت مجرى دعدعت إذ كن للتصويت) اه من اللسان بتصرف (2) دهدهت الحجرو دهديته: إذا دحرجته فتدهده وتدهدى كرهوا التضعيف فابدلوا ثانى المثلين ياء كما قالوا: تظنيت في تظننت وتربيت في تربيت وهذا عندهم مقصور على السماع على ما يجئ في باب الابدال (ج 2 - 24) (*)

(2/369)


اجتماع ياءين بعد مثلين لو قيل: عَيْعَيت وأما في نحو صِيصيَة فاحتمل فيه ذلك لكونه اسماً وهو أخف من الفعل كما يجئ في باب الإعلال وانما جاز مجئ الواوين بعد المثلين في قَوْقَيْتُ وَضَوْضَيْت لوجوب قلب الثانية ياء كما في اغزيت وإنما قالوا في دَهْدَهْت الحجر: دَهْديته تشبيهاً للهاء لرخاوتها بالياء وأما نحو صَلْصَلْت وَزَلْزَلْت فجاز ذلك لأن الثاني حرف صحيح وهم لاجتماع حروف العلة المتماثلة أكره وإن كانت أخف من الحروف الصحيحة.
وقال بعضهم: الألفان في حاحى وعاعى وها هي (1) أصلان وليسا بمنقلبين لا عن واو ولا عن ياء لأن الأصل في جميعها الصوت الذي لا أصل لألفاته قلبت الألف الثانية ياء بعد اتصال ضمير الفاعل المتحرك كما قلبت في حبليان وذلك للقياس على سائر الألفات المنقلبة الرابعة في نحو أغْزَيْت واستغزيت وألف الإلحاق
نحو سَلْقَيْت (2) لأن ضمير الفاعل أعني النون والتاء لا يلي الألف في الماضي في نحو رَمَيْتُ وَدَعَوْتُ لأن بقاءها ألفاً دليل على كونها في تقدير الحركة إذ الواو والياء قلبتا ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما وما قبل الضمائر في الماضي يلزم سكونها فردت ألفاً أغزيت واستغزيت إلى الأصل أعني الواو ثم قلبت الواو ياء لاستثقالها رابعة فصاعداً مفتوحاً ما قبلها كما يجئ في باب الإعلال وقد جاء في بعض اللغات نحو أعْطَاتُه وأرْضَاتُه بالألف في معنى أعطيته وأرضيته ومنه قراءة الحسن (وَلا أدْرأتكُمْ به (3))
__________
(1) قال في اللسان: (وهاء زجر للابل ودعاء لها وهو مبنى عل الكسر إذا مددت وقد يقصر وتقول: ها هيت بالابل إذا دعوتها) اه (2) انظر (ح 1 ص 55، 68) (3) هذه قطعة من آية كريمة من سورة يونس ونصها الكريم (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله افلا = (*)

(2/370)


قوله (قوقيت) من قوقى الديك قوْقاةً: أي صاح وضَوْضَيْت من الضوضاء وهو الجلبة والصياح ومن صرف الغوغاء (1) فهو مثل الْقَمْقَام (2) ومن لم يصرفه فالألف للتأنيث كما في الْعَوْرَاء والألف في الفيفاء (3) زائدة لقولهم: فيف
__________
= تعقلون) .
قال القاضى البيضاوى: وقرئ (ولا ادرأكم ولا ادرأتكم) بالهمز فيهما: على لغة من يقلب الالف المبدلة من الياء همزة أو على انه من الدرء بمعنى الدفع) اه قال العلامة الشهاب (هذه قراءة الحسن وابن عباس رضى الله تعالى عنهما بهمزة ساكنة فقيل: انها مبدلة من الف منقلبة عن باء وهى لغة عقيل كما حكاه قطرب فيقولون في اعطاك: اعطاك وقيل: لغة بالحرث وقيل: الهمزة ابدلت من الياء ابتداء كما يقال في ليت لبأت وهذا على كونها غير اصلية وقد قرئ
بالالف ايضا) اه والمتبادر من عبارة المؤلف ان قراءة الحسن بالالف مع تاء المتكلم واصلها ادريتكم: أي اعلمتكم فلما وقعت الياء ساكنة مفتوحا ما قبلها قلبت هذه الياء الفا على لغة عقيل الذين يقولون في عليك ولديك واليك: علاك ولداك والاك وعلى هذا جاء قول راجزهم: طاروا علاهن فطر علاها * ناجية وناجيا اباها يريد طاروا عليهن فطر عليها ولكن في كلام الشهاب المتقدم النص على ان قراءة الحسن بالهمز نعم قد قرئ بالالف لكن هذه القراءة ليست قراءة الحسن ثم انه قد يكون ما في كلام المؤلف منسوبا الى الحسن بالهمز على ما هو المشهور من قراءته ويكون انقلاب الهمز عن الالف المنقلبة عن الياء فيصح الاستشهاد بقراءة الحسن على قلب الياء الفا إذا كان ما قبلها مفتوحا نظرا الى اصل الهمزة القريب (1) انظر (ح 1 ص 195) (2) القمقام: السيد الكثير الخير الواسع الفضل و؟ ؟ ؟ الكثير وصغار القردان وضرب من القمل شديد التشبث باصول الشعر (3) الفيفاة: المفازة لا ماء فيها ومثلها الفيف وبالفيف استدل سيبوبه على ان الف فيفاء زائدة (*)

(2/371)


بمعناه وكذل الزِّيزَاء (1) والصِّيْصَاء (2) إذ ليس في الكلام فِعْلاَل إلا مصدراً كزلزال وقولهم الْمَرَوْراة (3) وِالشَّجَوْجَاة (4) نحو صَمَحْمَح (5) وَبَرَهْرَهَة (6) وليس كعَثْوَثَل (7) لأن الأول أكثر.
قال: (وَكَالْهَمْزَةِ أوَّلاً مَعَ ثَلاَثَةِ أصول فَقَطْ فَأَفْكَلَ أفْعَلَ والمخالف مخطئ وَإصْطَبْلٌ فِعْلَلٌّ كَقِرْطَعْبٍ وَالْمِيمُ كَذَلِكَ وَمُطَّرِدَةٌ في الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ وَالْيَاءِ زِيدَتْ مَعَ ثَلاَثَةِ أُصُول فصاعداً
إلا في أوَّلِ الرُّبَاعِيِّ إلاَّ فِيمَا يَجْرِي عَلى الْفِعْلِ وَلِذَلِكَ كَانَ يَسْتَعُور كعضر فوط وَسُلَحْفِيَة فُعَلِّيَة والأَلِفُ وَالْوَاوُ زِيدَتَا مَعَ ثَلاَثَةٍ فَصَاعِدَاً إلا في الأَوَّلِ وَلِذَلِكَ كَانَ وَرَنْتلٌ كَجَحَنْفَلٍ) أقول: لما ثبت لنا بالاشتقاق غلبة زيادة الهمزة اولا إذا كان بعدها ثلاثة أصول في نحو أحْمَرَ وَأصْغَرَ وأعَلَمَ رددنا إليه ما لم نعلم منه ذلك بالاشتقاق
__________
(1) الزيزاء - بالكسر وبالفتح ومثله الزيزى والزازية والزيزاءة والزيزاة - بكسر الاخيرتين -: ما غلظ من الارض والاكمة الصغيرة والريش أو اطرافه (2) الصيصاء: الحشف من التمر وهو ايضا حب الحنظل الذى ليس في جوفه لب (3) المروراة: الارض أو المفازة التى لا شئ فيها ووزنها فعلعلة لا فعو علة وهى واحدة المرورى.
قال سيبوبه (ح 2 ص 386) (هو بمنزلة صمحمح وليس بمنزلة عثوثل لان باب صمحمح اكثر من باب عثوثل) اه (4) يقال: ريح شجوجى وشجوجاة إذا كانت دائمة الهبوب والشجوجى والشجوجاة ايضا: العقعق وهو طائر (5) انظر (ح 1 ص 60، 253) (6) انظر (ح 1 ص 63، 253) (7) انظر (ح 1 ص 60) (*)

(2/372)


كأرْنَبٍ وَأَيْدَعٍ (1) وهو قليل بالنسبة إلى الأول وبعض المتقدمين خالفوا ذلك وقالوا: ما لم نعلم بالاشتقاق زيادة همزته المصدرة حكمنا بأصالتها فقالوا: أفْكَل (2) كَجَعْفَر ورد عليهم سيبويه بوجوب
ترك صرف أفْكَل لو سمي به ولو كان فَعْلَلاً لصرف وأيضاً لو كان فَعْلَلاً لجاء في باب فعلل يفعلل فعللة ما أوله همزة قوله (إصطبل فِعْلَلٌ) لأن بعده أربعة أصول ولم يثبت بالاشتقاق غلبة زيادة الهمزة في مثله حتى يحمل عليه ما جهل اشتقاقه قوله (والميم كذلك) أي: يغلب زيادتها في الأول مع ثلاثة أصول بعدها ولا تزاد مع أربعة فصاعداً فمنبج (3) محول في الزيادة على نحو مَقْتَل ومَضْرِب حُمِل المجهول على المعلوم واما معد معزى فقد مضى حكمهما ومخالفتهما لهذا
__________
(1) الايدع: صبغ احمر وقيل: هو الزعفران وقيل: هو صمغ احمر يجلب من سقطرى تداوى به الجراحات وطائر ايضا (2) الافكل: رعدة تعلو الانسان من برد أو خوف ولا فعل له واسم الافوه الاودى الشاعر سمى بذلك لرعدة كانت فيه (3) منبج - بالفتح ثم السكون وباء موحدة مكسورة وجيم - قال ياقوت: (هو بلد قديم وما اظنه الا روميا الا ان اشتقاقه في العربية يجوز ان يكون من اشياء: يقال: نبج الرجل (كضرب) إذا قعد في لانبجة (كالشجرة) وهى الاكمة والموضع منبج ويقال: نبج الكلب ينبج (من باب ضرب) بمعنى نبح ينبح والموضع منبج ويجوز ان يكون من النبج (كالضرب) وهو طعام كانت العرب تتخذه في المجاعة يخاض الوبر في اللبن فيجدع ويؤكل ويجوز ان يكون من النبج وهو الضراط فاما الاول وهو الاكمة فلا يجوز ان يسمى به لانه على بسيط من الارض لا اكمة فيه فلم يبق الا الوجوه الثلاثة فليختر مختار منها ما اراد ... وهى مدينة كبيرة من مدن الشام بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ) اه بتصرف.
(*)

(2/373)


الأصل فإذا تقدم على أربعة أصول فصاعداً كما في مَرْزَنْجُوش (1) حكم بأصالتها إلا إذا كان ما هي في أوله من الأسماء المتصلة بالافعال كلامدحرج اسم فاعل من دَحْرَجَ وَالْمُدَحْرَج اسم مفعول ومكاناً وزماناً ومصدراً وكذا الهمزة الزائدة يكون بعدها أربعة أصول في الاسم المتصل بالفعل وهي همزة وصل نحو اقشعرار واحر نجام والهمزة والميم غير الأولين لا يحكم بزيادتهما إلا بدليل ظاهر كَشَمْأَل ودُلاَمِص (2) وضَهْيَأ (3) وَزرْقُمٍ (4) ، بلى غلب زيادة الهمزة آخرا بعد الألف الزائدة إذا كان معها ثلاثة أصول فصاعدَاً، كَعِلْبَاء (5) وَسَوْدَاء وحِرْبَاء (6) وَحَمْرَاء، وأصلها الألف كما تقدم، ولو قال في موضع (الجاري على الفعل) : المتصلِ بالفعل، لكان أعم، إذا لا يقال للموضع والزمان هما جاريان على الفعل.
قوله (والياء زيدت مع ثلاثة) أي: إذا ثبت ثلاثة أُصول غير الياء فالياء زائدة، سواء كانت في الأول كيَلمع (7) ويَضْرِب، أو في الوسط كرَحيم وَفُلَّيْق (8) أو في الآخر كاللَّيَالِي، وكذا إذا كانت الياء غير المصدرة مع أربعة
__________
وقال في اللسان: (ومنبج: موضع، قال سيبويه: الميم في منبج زائدة يمنزلة الالف، لانها إنما كثرت مزيدة أولا، فموضع زيادتها كموضع الالف وكثرتها ككثرتها إذا كانت أولا في الاسم والصفة) اه (1) انظر (ص 363 من هذا الجزء) (2) انظر (ص 334 من هذا الجزء) (3) انظر (ص 339 من هذا الجزء) (4) انظر (ص 252، 334 من هذا الجزء) (5) انظر (ص 55 من هذا الجزء) (6) انظر (55 من هذا الجزء)
(7) انظر (ح 1 ص 59) (8) يجوز أن تقرأ هذه الكلمة بفتح الفاء وكسر اللام كرحيم، وهو (*)

(2/374)


أصول فصاعداً كَخَيْتَعُور (1) وسَلْسَبِيل وسُلَحْفِية وأما إذا كانت مصدرة مع أربعة أصول بعدها: فإن كانت الكلمة فعلا كيد حرج فهي زائدة أيضاً وإلا فهي أصل كيستعور وهو الباطل يقال: ذهب في اليستعور وهو أيضاً بلد بالحجاز.
قوله (إلا فيما يجري على الفعل) وَهَمَ وحقه إلا في الفعل كيد حرج لأن الاسم الجاري على الفعل لا يوجد في أوله ياء والواو والألف مع ثلاثة أصول فصاعدا لا يكونان إلا زائدين في غير الأول فالواو نحو عَرُوض وعُصْفُور وقَرْطَبوس (2) وحنطاو (3) والالف كَحمار وَسِردَاح (4) وَأرْطًى (5) وَقَبَعْثَرًى (6) وأما في الأول فالألف لا يمكن وقوعها فيه والواو لا تزاد فيه مطلقاً ولذلك كان ورَنْتَل (7) كجحنفل يقال: وقع الناس في ورَنْتَل: أي في شر والجحنفل: العظيم الجحفلة (8)
__________
باطن عنق البعير في موضع الحلقوم ويجوز ان تقرا بضم الفاء وتشديد اللام مفتوحة بعدها ياء ساكنة وهو ضرب من الخوخ يتفلق عن نواه (انظر ح 1 ص 250) (1) الخيتعور: السراب ودويبة سوداء تكون على وجه الماء لا تلبث في موضع الا ريثما تطرف والداهية وتقول: هذه امراة خيتعور إذا كان ودها لا يدوم وكل شئ يتلون ولا يدوم على حال فهو خيتعور قال الشاعر: كل انثى وان بدالك مِنْهَا * آيَةُ الْحُبِّ حُبُّها خَيْتَعُورُ (2) انظر (ح 1 ص 51، 264)
(3) انظر (ح 1 ص 256) (4) انظر (ح 1 ص 57) (5) انظر (ح 1 ص 57) (6) انظر (ح 1 ص 9) (7) انظر (ح 1 ص 33) (8) الجحفلة: الشفة الغليظة.
(*)

(2/375)


قال: (وَالنُّونُ كَثْرَتْ بَعْدَ الأَلِفِ آخِراً وَثَالِثَةً ساكنة نحو شرنبث وَعُرُنْدٍ واطَّرَدَتْ فِي الْمُضَارِع وَالمُطَاوِع وَالتَّاءِ فِي التَّفْعِيلِ وَنَحْوُهُ وَفِي نَحْوِ رَغَبُوتٍ وَالسِّينُ اطَّرَدَتْ في اسْتَفْعَلَ وَشَذَّتْ فِي أَسْطَاعَ قال سيبويه: هُوَ أطَاعَ فَمُضَارِعُهُ يُسْطِيعُ بالضَّمِّ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّاذُّ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَحَذْفُ التَّاءِ فَمُضَارِعُهُ بالْفَتْحِ وَعَدُّ سِينَ الْكَسْكَسَةِ غَلَطٌ لاسْتِلْزَامِهِ شينَ الْكَشْكَشَةِ) .
أقول: أي أن النون كثرت زيادتها إذا كانت أخيرة بعد ألف زائدة وقد حصل من دونها ثلاثة أحرف أصول أو أكثر كسكْرَان ونَدْمَان وزَعْفَرَان أما فَيْنَان (1) فبالاشتقاق علمنا أنه لم يحصل في الكلمة دونها ثلاثة اصول إذ هو من الفنن وكذا قولهم حَسَّان وحمار قَبَّان (2) منصرفين فبالصرف عرفنا أن النون أحد الأصول الثلاثة قوله (واطردت في المضارع) يعني نَفْعَل قوله (والمطاوع) يعني انْفَعَل وافْعَنْلَل وفروعهما من المصدر والأمر والمضارع وعندي أن حروف المضارعة حروف معنىً لا حروف مَبْنًى (3) كنوني التثنية والجمع
__________
(1) انظر (ص 339 من هذا الجزء)
(2) انظر (ص 248 من هذا الجزء) (3) يريد المؤلف بهذا ان يعترض على ابن الحاجب في عده النون الواقعة في اول المضارع من حروف الزيادة وحاصل الاعتراض ان حروف المضارعة حروف معان كالتنوين وسيأتي لابن الحاجب نفسه عدم عد التنوين من حروف الزيادة معللا ذلك بانه حرف معنى فلا وجه لعده نون المضارعة من حروف الزيادة ولكنا لو نظرنا لوجدنا ان المؤلف قد سلم لابن الحاجب عد السين في الاستفعال من حروف الزيادة مع انها دالة على معنى وكذلك سلم له عد النون في الفعل المطاوع من حروف الزيادة مع انها دالة على معنى ولا يستطيع المؤلف ولا غيره ان ينكر ان الهمزة في افعل من حروف الزيادة وكذا الالف في فاعل وتفاعل والتاء.
(*)

(2/376)


والتنوين على ما تقدم في أول شرح الكافية قوله (وثَالِثَةً ساكنة) كان ينبغي أن يضم إليه قيداً آخر بأن يقول: ويكون بعد النون حرفان كَشَرَنْبَثٍ (1) وقلنسوة (2)
__________
في تفعلل وما اشبه ذلك من الحروف الدالة على المعاني في الافعال المزيد فيها وكذا الالف في اسم الفاعل من الثلاثي والميم في اسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان واسم المكان والمصدر الميمى وحينئذ لا وجه لانكاره ان تكون حروف المضارعة من حروف الزيادة محتجا بدلالتها على معنى بقى ان يقال: كيف يوفق بين عدم عدهم التنوين وباء الجر ولام الجر وهاء السكت من حروف الزيادة لانها دالة على معنى وبين عد حروف المضارعة وغيرها من الحروف الداخلة في الافعال والاسماء المتصلة بها مما ذكرنا مع انها دالة على معان في الكلمات الداخلة فيها والجواب: ان الحرف الدال على معنى ان كان مما يتغير به وزن الكلمة ومعناها فهو من حروف الزيادة وان لم يكن كذلك فليس من حروف الزيادة بل قد جعل أبو الحسن الاشمونى
دلالة الحرف على معنى من جملة ادلة زيادته فقال في باب التصريف عند قول ابن مالك: والحرف ان يلزم فاصل والذى * لا يلزم الزائد مثل تا احتذى (تاسعها دلالة الحرف على معنى كحروف المضارعة والف اسم الفاعل) اه (1) الشرنبث - كسفرجل والشرابث - كعلابط -: القبيح الشديد وقيل: هو الغليظ الكفين والرجلين والشرنبث ايضا: الاسد.
قال سيبويه: النون والالف يتعاوران الاسم في معنى نحو شرنبث وشرابث (2) قال في اللسان: (والقلسوة (بفتح اوله وسكون ثانيه وضم ثالثه) والقلساة (بفتح اوله وسكون ثانيه) والقلنسوة (بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه وضم رابعه) والقلنسية (بضم اوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه وكسر رابعه) والقلنساة (بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه) والقلسية (بفتح اوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه) من ملابس الراس - معروف والواو في قلنسوة للزيادة غير الالحاق وغير المعنى اما الالحاق فليس في الاسماء مثل فعللة (بفتح اوله وثانيه وثالثه مشدد مضموم) واما المعنى فليس في قلنسوة اكثر مما في قلساة.
وجمع القلنسوة والقلنسية = (*)

(2/377)


وَحَبَنْطًى (1) أو أكثر من حرفين كحعنطار (2) وأما ما ذكر من (عُرُنْدٍ (3)) فليس النون فيه من الغوالب بل إنما عرفنا زيادته بالاشتقاق لانه بمعنى العرند دو العرد: اي الصلب وأيضاً بأنا لو جعلنا النون في عرند أصلية لزم زيادة بناء في أبنية الرباعي المجرد وأما زيادة النون في عَنْسَل (4) وَرَعْشن (5) فلم يعرف بالغلبة بل بالاشتقاق وكذا ذُرْنُوح في معنى ذروح (6) الشر نبث: الغليظ الكفين والرجلين ومثله الشُّرَابث - بضم الشين قوله (والتاء في التفْعيل ونَحْوِه) يعني بنحوه التَّفْعَال والتَّفَعُّل والتَّفَاعُل
والتَّفَعْلُل والافتعال والاستفعال وفروعهن واعلم أن المصنف كثيراً ما يورد في هذه الغوالب ما يعلم زيادته بالاشتقاق فإن بنى جميع ذلك على قوله قبل (فإن فقد) أي: الاشتقاق فهو غلظ وان
__________
= والقلنساة قلانس وقلاس وقلنس) اه وعده الاخير جمعا؟ ؟ طريقة علماء اللغة لانهم قد لا يفرقون ن بين الجمع واسم الجنس؟ ؟ ؟ واسم الجمع من قل انهم يريدون بالجمع كل ما يدل على الكثير واما على طريقة النحاة فهو اسم جنس جمعى لا جمع لانه ليس على وزن من أوزان الجموع (1) انظر (ح 1 ص 54، 255) (2) يقال: رجل جعنظر - كسفرجل وجعنظار إذا كان قصير الرجلين غليظ الجسم وإذا كان اكولا قويا عظيما جسيما ايضا (3) العرند والعرد - كعتل -: الشديد من كل شئ قال في اللسان: (ونون العرند بدل من الدال) اه يريد انها بدل من الدال في العرد (4) انظر (ح 1 ص 59) وكذا (ص 333 من هذا الجزء) (5) انظر (ح 1 ص 59) وكذا (ص 333 من هذا الجزء) (6) الذرنوح والذروح - كعصفور والذرحرح - بضم اوله وفتح ثانيه ورابعه وسكون ثالثه - الذرحرح - بضم اوله وثانيه ورابعه وسكون ثالثه -: دويبة اعظم قليلا من الذباب (*)

(2/378)


قصد ترك ذلك وبيان الغوالب سواء عرف زيادتها بمجرد الغلبة أو بها وبشئ آخر من الاشتقاق وعدم النظير فصحيح قوله (وفي نحو رَغَبُوت) يعني إذا كانت التاء في آخر الكلمة بعد الواو الزائدة وقبلهما ثلاثة أصول فصاعداً وسيبويه لم يجعل ذلك من الغوالب فلهذا
قال في سُبْرُوت (1) فُعْلُول بل جعل الزيادة في مثله إنما تعرف بالاشتقاق كما في جَبَرُوت ومَلَكوت لأنهما من الجبر والملك وكذا الرغبوت والرحموت والرهبوت وكذا لم يجعل سيبويه التاء في الآخر بعد الياء - إذا كان قبلها ثلاثة أصول كعِفْرِيت (2) - من الغوالب فعفريت عنده عرف زيادة تائه باشتقاقه من العِفْر - بكسر العين - وهو الخبيث الداهي فهو كما عرفت زيادة التاء في التّحْلِئ (3) باشتقاقه من حَلأَتُ وفى التتفل (4) بالخروج من الأوزان وأما تاء التأنيث فحرف مَعْنًى لا حرف مبنى قوله (والسين اطردت) أي: في باب استفعل كاستكره واستحجر قوله (وشذت في أسْطَاعَ) اعلم أنه قد جاء في كلامهم أسْطَاع - بفتح الهمزة وقطعها - واختلفوا في توجيهه: فقال سيبويه: هو من باب الإفعال وأصله أطْوَعَ كأقوم أعلت الواو وقلبت ألفاً بعد نقل حركتها إلى ما قبلها ثم جعل السين عوضاً من تحرك العين الذي فاته كما جُعل الهاء في أهْرَاق - بسكون الهاء - عواضا من مثل ذلك كما يجئ ولا شك أن تحرك العين فات بسبب تحرك الفاء بحركته ومع هذا كله فإن التعويض بالسين والهاء شاذان فمضارع
__________
(1) انظر (ص 345 من هذا الجزء) (2) انظر (ح 1 ص 15، 256) (3) التحلئ: القشر على وجه الاديم مما يلى الشعر يقال: حلأ الجلد يجلؤه حلا إذا قشره (4) انظر (ص 357 من هذا الجزء) (*)

(2/379)


أسطاع عند سيبويه يُسْطِيع - بالضم - ورد ذلك المبرد ظناً منه أن سيبويه يقول: السين عوض من الحركة فقال: كيف يعوض من الشئ والمعوض منه
باق؟ يعني الفتحة المنقولة إلى الفاء وليس مراد سيبويه ما ظنه بل مراده أنه عوض من تحرك العين ولا شك أن تحرك العين فات بسبب تحرك الفاء بحركته وقال القراء: أصل أسْطَاع اسْتَطَاع من باب استفعل فحذفت التاء لما يجئ في باب الإدغام (1) فبقي إسْطَاع - بكسر الهمزة - ففتحت وقطعت شاذاً فالمضارع عنده يَسْطِيع بفتح حرف المضارعة واللغة المشهورة إذا حذفت التاء من استطاع لتعذُّر الإدغام بقاء الهمزة مكسورة موصولة كما كانت قال تعالى (فما اسطاعوا) قوله (وعدسين الكسكسة غلط) رد على جار الله فإنه عده من حروف الزيادة وقال المصنف: هو حرف معنى لا حرف مبنى وأيضاً لو عد للزم شين
__________
(1) لم يذكر المؤلف شيئا عن حذف التاء في (أسطاع) في باب الادغام وإنما ذكره في باب الحذف فقال: (واسطاع يسطيع؟ ؟ ؟ الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة - وأصله استطاع يستطيع وهي أشهر اللغات: أعني ترك حذف شئ منه وترك الإدغام وبعدها اِسْطَاع يَسْطِيع - بكسر الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة وحذف تاء استفعل حين تعذر الإدغام مع اجتماع المتقاربين وإنما تعذر الإدغام لأنه لو نقل حركة التاء إلى ما قبلها لتحرك السين التى لا حظ لها في الحركة ولو لم ينقل لا لتقى الساكنان كما في قراءة حمزة (فراءة حمزة (فما اسطاعوا) بابدال التاء طاء وادغامها في الطاء مع بقاء سكون السين) فلما كثر استعمال هذه اللفظة بخلاف اسْتَدَانَ وقُصِد التخفيف وتعذر الإدغام حذف الأول كما في ظلت واحست والحذف ههنا أولى لان الأول وهو التاء زائد قال تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه) .
وأما من قال: يسطيع بضم حرف المضارعة - فماضيه أسطاع بفتح همزة القطع - وهو من باب الأفعال كما مر في باب ذى الزيادة) اه (*)

(2/380)


الكشكشة (1) إذ لا فرق بينهما فيلزم كون الشين من حروف الزيادة وليس منها بالاتفاق قال: (وأمَّا اللاَّمُ فَقَلِيْلَةٌ كَزَيْدَلٍ وَعَبْدَلٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ فِي فَيْشَلَةٍ: فَيْعَلَةٍ مَعَ فَيْشَةٍ وَفِي هَيْقَلٍ مَعَ هَيْقٍ وَفِي طَيْسَلٍ مَعَ طَيْسٍ لِلْكَثِير وَفِي فَحْجَلٍ - كَجَعْفَرٍ - مَعَ أفْحَجَ) أقول: اعلم أن الجرمي أنكر كون اللام من حروف الزيادة ولا يرد عليه لام البعد في نحو ذلك وهنا لك لكونه حرف معنى كالتنوين فذهب إلى أن فَيْشَلَة (2) وَهَيْقَلاً وطَيْسَلاً فَيْعَلٌ والهيقل: الذكر من النعام ومثله الْهَيْقَمُ والهَيْقُ والْهِقْلُ: الفتيُّ من النعام والأنثى هِقَلَة وقال: إنه قد يكون لفظان بمعنى يظن بهما أنهما متلاقيان اشتقاقاً للتقارب في اللفظ ويكون كل واحد من
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 381) : (وأما سين الكسكة - وهى في لغة بكر بن وائل - فهى السين التى تلحقها بكاف المؤنث في الوقف إذ لو لم تلحقها لسكنت الكاف فتلتبس بكاف المذكر وجعلوا ترك السين في الوقف علامة للمذكر فيقولون: أكرمتكس فأذا وصلوا لم يأتوا بها لأن حركة الكاف اذن كافية في الفصل بين الكافين وقوم من العرب يلحقون كاف المؤنث الشين في الوقف فأذا وصلوا حذفوا وغرضهم ما مر في الحاق السين) اه وقد نسب صاحب القاموس الكسكة لتميم لا لبكر فقال: (والكسكة لتميم لا لبكر: إلحاقهم بكاف المؤنث سينا عند الوقف يقال: اكرمتكس وبكس) اه وقد نسب في القاموس الكسكشة لبنى اسد أو ربيعة وعرفها بأوسع مما عرف المؤلف فقال: (والكشكشة الهرب وكشيش الافعى وقد كشكشت وفى بنى اسد أو ربيعة إبدال الشين من كاف الخطاب للمؤنث كعليش في عليك أو زيادة شين بعد الكاف المجرورة تقول: عليكش ولا تقول: عليكش بالنصب وقد حكى كذا كش بالنصب) اه
(2) الفيش والفيشلة: رأس الذكر قال في اللسان: (وقال بعضهم: لامها زائدة كزيادتها في زيدل وعبدل وأولى لك وقد يمكن أن تكون (فيشلة) = (*)

(2/381)


تركيب آخر كما في ثَرَّة وثَرْثَار ودَمْثٍ ودمثر (1) كما يجئ وكذا يقول في فَحْجَل: إنه فَعْلَل كجعفر وهو بمعنى الأفحج: أي الذي يتدانى صدرا قدميه ويتباعد عِقْبَاهما والطيْسَل والطَيْسُ: الكثير من كل شئ وكل ذلك تكلف منه والظاهر زيادة اللام في جميع ذلك فإن زيادتها ثابتة مع قلتها كما في زَيْدَل وعَبْدَل بمعنى زيد وعبد وليس كذا نحو دَمْثٍ ودَمَثْر إذ زيادة الراء لم تثبت فألجئنا إلى الحكم بأصالتها قال: (وأمَّا الْهَاء فَكَانَ الْمُبَرِّدُ لاَ يَعُدُّهَا وَلاَ يَلْزَمُهُ نَحْوُ اخْشَهْ فُإِنَّهَا حَرْفُ مَعْنًى كالتَّنْوِينِ وَبَاء الْجَرِّ وَلاَمِهِ وَإنَّمَا يَلْزَمُهُ [نحو] أُمَّهَاتٍ وَنَحْوُ * أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَالْيَاسُ أَبِي (2) * وَأمٌّ فُعْلٌ بدليل الأمومة وأجيب بجواز
__________
= من غير لفظ (فيشة) فتكون الياء في (فيشلة) زائدة ويكون وزنها فيعلة لأن زيادة الياء ثانية أكثر من زيادة اللام وتكون الياء في فيشة عينا فيكون اللفظان مفترنين والاصلان مختلفين ونظير هذا قولهم: رجل ضياط (بفتح اوله وتشديد ثانيه) وضيطا (بفتح اوله)) اه كلامه.
والضياط: المتمايل في مشيته وقيل الضخم الجنبين العظيم الاست والضيطار بمعناه ووزن ضياط فعال من ضاط الرجل يضيط ضيطا والضيطار فيعال من ضطر فالاصلان مختلفان والمعنى واحد (1) انظر (ص 350 من هذا الجزء) (2) البيت من مشطور الرجز وهو لقُصَيِّ بن كلاب جَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقبله: إنى كدى الْحَرْبِ رَخيُّ اللَّبَبِ * عِنْدَ تَنَادِيهِمْ بِهَالٍ وَهَبِ
* مَعْتَزِمُ الصَّوْلَةِ عَالِي النسب * والرخى: المرتخي.
واللبب: ما يشد على ظهر الدابة ليمنع السرج والرحل من التأخر وارتخاء اللبب إنما يكون من كثرة جرى الدابة وهو كناية عن كثرة مبارزته للأقران.
وهال: اسم فعل تزجر به الخيل.
وهب: اسم فعل تدعى به الخيل والصولة: من قولهم: صال الفحل صولة إذا وثب على الابل يقاتلها = (*)

(2/382)


أصَالَتِهَا بِدَلِيلِ تَأَمَّهْتُ فَتَكُونُ أُمَّهَةٌ كأبهة ثم حذفت الهاء أوهما أصْلاَنِ كَدَمْثٍ وَدِمَثْرٍ وَثَرَّةٍ وَثَرْثَارٍ وَلُؤْلُؤٍ وَلألٍ وَيَلْزَمُهُ نَحْوِ أَهْرَاقَ إهْرَاقَة وأبُو الْحَسَنٍ يَقُولُ: هِجْرَعٌ لِلطَّوِيلِ مِنَ الْجَرَعِ لِلْمَكَانِ السَّهْلِ وَهِبلَعٌ لِلأَكُول مِنَ الْبَلْعِ وَخُولِفَ وقال الخليل: الهر كولة لِلضَّخْمَةِ هِفْعَوْلَةٌ لأَنَّهَا تَرْكُلُ فِي مَشْيِهَا وَخُولِفَ) أقول: (والياس أبي) يريد (إلياس) فوصل الهمزة المقطوعة ضرورة قالوا: الأغلب استعمال الأمات في البهائم والأمهات في الإنسان وقد يجئ العكس قال: 124 - إذَا الأُمَّهاتُ قَبَحْنَ الْوُجُوهَ * فَرَجْتَ الظَّلاَمَ بِأُماتِكَا (1) وقال: 125 - قوَّالِ مَعْرُوفٍ وَفَعَّالِهِ * عَقَّارِ مثنى أمهات الرباع (2)
__________
= وخندف - بكسر الخاء المعجمة والدال بينهما نون ساكنة - ام مدركة بن إلياس بن مضر فهى جدة قصى وكذا إلياس بن مضر جده فيكون قد نزل الجدة منزلة الام ونزل الجد منزلة الاب فسماها اما وابا والاستشهاد بالبيت في قوله (أمهتى) حيث زاد الهاء على ام التى هي بوزن فعل بدليل الأمومة (1) البيت المروان بن الحكم و (قبحن الوجوه) بمعنى أخزينها وأدللنها
من قولهم: قبحه يقبحه - بفتح العين في الماضي والمضارع - إذا أخزاه.
و (فرجت الظلام) بمعنى كشفته لغة في فرجه تفريجا: يعنى كشفه يزيد ان امهات الناس بالفجور فأخزين أولادهن بذلك.
والاستشهاد بالبيت في قوله (أماتكا) حيث استعمل الأمات في النسان على خلاف الغالب إذ الغلب استعمال الامهات في الانسان والامات في البهائم (2) البيت من قصيدة للسفاح بن بكير اليربوعي رثى بها يحيى بن ميسرة صاحب مصعب بن الزبير وقبله: يا سيدا ما أنت من سيد * موطإ البيت رحيب الذراع (*)

(2/383)


حكى صاحب كتاب العين (تأمَّهْتُ فلانةَ) : أي اتخذتها أمًّا والمشهور: تأمَّمْتها بالميم أشار المصنف بقوله (أجيب بجواز أصالتها) إلى أن أصل الأم يجوز أن يكون أُمَّهَة فحذف الهاء التي هي لام وقدر تاء التأنيث كما في قِدْرٍ ونار ولا يتمشى مثل هذا العذر في لفظ الأمومة إذ هو فُعُولة بلا خلاف ولا يجوز أن يكون فُعُوعة بحذف الهاء التي هي لام والأصل أُمُومَهَة إذ فُعوعَلَة غير موجود فهذا الجواب منه غير تام بلى قوله (أوهما أصلان) جواب آخر أقرب من الأول مع بعده لأن نحو دَمْثٍ ودِمَثْرٍ ولؤلؤ ولأل من الشاذ النادر والمتنازع فيه لا يحمل على الشاذ فالأولى القول بزيادة الهاء في الأمهة والأمهات والدَّمْث والدِّمَثْر: المكان اللين ذو الرمل وعين ثَرَّة وثَرْثَارَة: أي كثيرة الماء وعند الكوفيين الثاء الثانية في (ثرثارة) زيادة كما قلنا في زلزل وصَرْصَرَ وَدَمْدَمَ فثرة وثرثارة على قولهم من أصل واحد قوله (ويلزمه نحو أهْرَاق) ليس هاهنا شئ آخر حتى يقول المصنف نحو أهْرَاقَ
اعلم أن اللغة المشهورة أرَاق يُريق وفيها لغتان أُخريان: هَرَاق بإبدال الهمزة هاء يَهَرِيقُ - بإبقاء الهاء مفتوحة لأن الأصل يُؤَرِيق: حذفت الهمزة لاجتماع الهمزتين في الحكاية عن النفس فلما أبدلت الهمزة هاء لم يجتمع الهمزتان فقلت: يُهَرِيق مُهَرِيق مُهَرَاق والمصدر هِرَاقة هَرِقْ لا تُهَرِق
__________
= وقوله (موطأ البيت) - وما بعده صفات لسيد فهى مجرورة وقوله (عقار) مبالغة في عاقر من العقر وهو ضرب قوائم الإبل بالسيف والرباع - بكسر الراء - جمع ربع - بضم ففتح - وهو ما يولد من الابل في الربيع يريد ان المرثى لا يقول إلا فَعَل ولا يعد إلا وفى وأنه كريم ينحر أطايب الابل واحدة بعد أخرى.
والاستشهاد بالبيت في قوله (أمهات) حيث استعمله في البهائم على خلاف الغالب في الاستعمال (*)

(2/384)


الهاء في كلها متحركة وقد جاء أهْرَاق - بالهمزة ثم بالهاء الساكنة - وكذا يُهْرِيق أهْرَاقة مُهْرِيق مُهْرَاقٌ أهْرِقْ لا تُهْرِق - بسكون الهاء في كلها - قال سيبويه: الهاء الساكنة عوض من تحريك العين الذي فاتها كما قلنا في أسطاع وللمبرد أن يقول: بل هذه الهاء الساكنة هي التي كانت بدلاً من الهمزة ولما تغيَّر صورة الهمزة - واللغة من باب أفْعَل وهذا الباب يلزم أولَه الهمزةُ - استنكروا خلو أوله من الهمزة فأدخلوها ذهولاً عن كون الهاء بدلاً من الهمزة ثم لما تقرر عندهم أن ما بعد همزة الإفعال ساكن لا غير أسكنوا الهاء فصار أهْرَاق وتوهُّمَات العرب غيرُ عزيزة كما قالوا في مصيبة: مصائب - بالهمزة - وفي مَسِيلٍ: مُسْلاَنُ (1) الجرَع - بفتح الراء -: المكان السهل المنقاد وهو يناسب معنى الطول ولاشك أن هذا اشتقاق خفي وهِبْلَعٌ للأكول من البلع أظهر اشتقاقاً وكذا
سَلْهَبٌ بمعنى السَّلِب وهما بمعنى الطويل والهِرْكَوْلة: الضخمة الأوراك وجاء في الهركولة الهر كلة - بكسر الهاء وضمها وتشديد الراء وسكون الكاف - والضخامة تناسب الركل لأنها لضخامتها لا تقدر أن تمشي مشياً خفيفاً بل تركل الأرض برجلها وأكثر الناس على ما قال ابن جني وهو أن الهجرع والهبلع فِعْلَلٌ وَهِرْكَوْلة فِعْلَولَة لقلة زيادة الهاء
__________
(1) يريد أن مصيبة (مفعلة) وأصلها مصوبة من صَابَ يَصُوب إذا نزل نقلت كسرة الواو إلى الصاد الساكنة قبلها فقلبت الواو ياء والقياس في جمعها أن يقال: مصاوب بتصحيح العين إلا أنهم توهموا زيادتها في المفرد فقالوا في الجمع: مصائب بالهمزة ومسيل أصله مسيل على مفعل من سال يسيل فنقلوا كسرة الياء إلى السين الساكنة قبلها توهموا فيه أنه على فعيل - كقفيز - فجمعوه على مسلان كففزان والقياس أن يقال في جمعه: مسايل لان مفعلا لا يجمع على فعلان قياسا (ج 2 - 25) (*)

(2/385)


قال: (فإنْ تَعَدَّدَ الْغَالِبُ مَعَ ثَلاَثَةِ أُصُولٍ حُكِمَ بِالزِّيَادَةِ فِيهَا أو فيهما كحبنطى فإن تعين أحدهما رجح أحَدُهُمَا رُجِّحَ بخُرُوجِهَا كَمِيم مَرْيَمَ وَمَدْيَنَ وَهَمْزَةِ أيْدَعَ وَيَاءِ تَيَّحَانَ وتاء عزويت وطاء فطوطى ولام إذ لولي دون أَلفهما لِوُجُودِ فَعْوْعَلٍ وَافْعَوْعَلَ وعدم افعؤلى وافعولي وواو حولا يا دون يائها وأوَّلِ يَهْيَرٍّ والتَّضْعِيفِ دُونَ الثَّانِيَةِ وهَمْزَةِ أرْوَنَانِ دُونَ وَاوِهَا وَإنْ لَمْ يَأْتِ إلاَّ أنْبَجَانُ فَإنْ خَرَجَتَا رُجِّحَ بِأَكْثَرِهِمَا كالتَّضْعِيفِ فِي تَئِفَّانَ وَالْوَاوِ فِي كَوَأْلَلِ وَنُونِ حِنْطَأْوٍ وَوَاوِهَا فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فِيهمَا رُجِّحَ بالإِظْهَارِ الشَّاذِّ وقِيلَ: بِشُبْهَةِ الاشْتِقَاقِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتُلِفَ في يَأْجَجَ
وَمَأْجَجَ ونحو محبب علما يُقَوِّي الضَّعِيفَ وَأُجِيبَ بِوُضُوحِ اشْتِقَاقِهِ فإنْ ثَبَتَتْ فِيهِمَا فَبِالإِظْهَارِ اتِّفَاقاً كدال مهْدَدَ فَإنْ لَمْ يَكُنْ إظْهَارٌ فَبِشُبْهَةِ الاشْتقَاقِ كَمِيم مَوْظَبَ وَمَعْلًى وَفِي تَقْدِيم أَغْلَبِهِمَا عَلَيْهَا نَظَرٌ ولِذَلِكَ قِيلَ رُمَّانٌ فُعَّالٌ لِغَلَبَتِهَا فِي نَحْوِهِ فَإِنْ ثَبَتَتْ فيهما رجح بأغلب الوزنين وقيل: بأقيسهما ومن ثم فُقِدَتْ شُبْهَةُ الاشْتِقَاقِ فِيهِمَا فَبِالأَغْلَبِ كَهَمْزَةِ أفْعًى وأوْتَكَانَ وَمِيم إمَّعَةٍ فإن ندرا احْتَمَلَهُمَا كَأسْطُوَانَةٍ إنْ ثَبَتَتْ أُفْعُوَالَةُ وَإِلا ففُعْلُوَانَة لا أفعلانة لمجئ أسَاطِينَ) .
أقول: اعلم أن الحرف الغالب زيادتهُ إذا تعدد مع عدم الاشتقاق: فإما أن يمكنَ الحكم بزيادة الجميع وذلك أن يبقى دونها ثلاثة أصول فصاعداً أولا يمكن فإن امكن حكم بزيادة الجميع.
اثنين كانا حكبنطى أو أكثر كقيقبان وهو شجر وإن لم يمكن الحكم بزيادة الجميع لبقاء الكلمة بعدها على أقل من ثلاثة فإما أن لا يخرج وزن الكلمة عن الاوزان المشهورة بتقدير زيادة شئ من تلك الغوالب أو يخرج عنها بتقدير زيادة كل واحد منها أو

(2/386)


يخرج بزيادة بعض دون الآخر فإن لم يخرج بتقدير زيادة منها: فإن أن يكون في الكلمة إظهار شاذ بتقدير زيادة بعضها أو لا يكون فإن كان فإما ان يعارضه شبهة الاشتقاق اولا وأعني بالمعارضة أن الاجتناب عن الإظهار الشاذِّ يقتضي زيادة أحدهما وشبهةَ الاشتقاق تقتضي زيادةَ الآخر كما في يأجَجَ ومأجَجَ فإن التجنب عن الإظهار الشاذ يقتضي أن يكون فَعْلَلاً فيكون التضعيف للإلحاق فيكون الإظهار قياساً كما في قردد ولو كانا يَفْعَلَ ومَفْعَلاً وجب الإدغام لأن هذين الاوزنين لا يكونان للإلحاق لما ذكرنا أن الميم والياء مطرد زيادتهما في أول الكلام لمعنى وما اطرد زيادته لمعنًى لم يكن للإلحاق وشبهة
الاشتقاق تقتضي أن يكونا يَفْعَل وَمَفْعَلاً لأن يَأَجَ ومَأجَ مهملان في تراكيب كلام العرب بخلاف أجَجَ (1) فنقول: إن عارضت الإظهار الشاذَّ شبهة الاشتقاق كما في المثال المذكور قيل: إن الترجيح للإظهار الشاذ فنحكم بأن يأجَجَ فَعْلَلٌ حتى لا يكونَ الإظهارُ شاذاً وقيل: الترجيح لشبهة الاشتقاق فنحكم بأنه يَفْعَلُ وهو الأقوى عندي لأن إثبات تركيب مرفوض في كلام العرب أصعب من إثبات إظهار شاذ إذ الشاذ كثير ولا سيما في الأعلام فإن مخالفة القياس فيها غير عزيزة كَمَوْرَقٍ وَمَحْبَبٍ وحَيْوَةَ وإن لم تعارضه شبهة الاشتقاق - وذلك بأن تكون الشبهة فيهما معاً كمَهْدَدَ فإن مَهْداً وهَدًّا مستعملان.
أو لا تكون في شئ منهما أو تكون [وتكون] حاكمة بزيادة عَيْن ما يحكم بزيادة الإظهار الشاذ لو اتفق هذا التقدير ان في كلامهم - حكم بالإظهار الشاذ اتفاقاً وإن لم يكن في الكلمة
__________
(1) يقال: أج في سيره يئح ويؤج احا واجيجا إذا اسرع ويقال: أجت النار تئج وتؤج اجيجا إذا احتدمت وسمع صوت لهيها ويقال للماء الملح الشديد الملوحة: أجاج - كدخان فهذا كله يشهد لما قال المؤلف من استعمال (أج ج) (*)

(2/387)


إظهار شاذ: فإما أن تثبت في أحد الوزنين شبهة الاشتقاق دون الآخر أو فيهما معاً أو لا تثبت في شئ منهما فإن ثبتت في أحدهما فإما أن يعارضها أغلب الوزنين اولا فإن عارضها بمعنى أن أغلبهما يقتضي زيادة أحدهما وشبهةَ الاشتقاق تقتضي زيادة الآخر فالأولى الحكم بالشبهة لأن ارتكاب إثبات تركيب مهمل أصعب وقيل: الأَوْلى الحكم بأغلب لاوزنين وذلك كما في رُمَّان قال الأخفش: هو فُعَّالٌ وإن كان تركيب (رمان) مهملا (1) لان فعلا أكثر من فُعْلاَن وإن لم يعارضها - وذلك بتساوي الوزنين إن اتفق ذلك أو بِكَوْن الأغْلَبِيَّة
مساعدةً للشبهة في الحكم بزيادة حرف كَمَوْظبَ ومَعْلًى فإن مَفْعَلاً أكثرُ من فَوْعَلٍ وفَعْلًى وبجعلهما فَوْعَلاً وفَعْلًى يلزم إثبات تركيب مهمل - حكم بشبهة الاشتقاق اتفاقاً فإن ثبتت شبهة الاشتقاق فيهما: فإما أن يكون أحدهما أغلب الوزنين اولا فإن تساويا احتملهما كأُرْجُوَانٍ (2) فإن أُفْعُلان في القلة كأسْحُوَانٍ وأُقْحُوَان (3) مثل فعْلُوَانَ كَعُنْفُوَانٍ (4) وعُنْظُوَانِ (5) وإن كان أحدهما أغلب فإما أن يعارضه اقيس الوزنين اولا فإن عارضه اختلف كما في مَوْرَق وترجيح الأغلب أوْلى وخاصةً في الأعلام لأن خلاف الأقيسة
__________
(1) هذا الذى ذكره المؤلف من ان تركيب (ر م ن) مهمل هو الموافق لما في كتب اللغة لكن نقل الجار بردى عن ابن الحاجب في شرح المفصل انه يحتمل ان يكون رمان من (رم م) أو من (رمن) بمعنى اقام وعلى ذلك فلا تعارض بين الغلبة وشبهة الاشتقاق في رمان (2) الارجوان: الاحمر الشديد الحمرة وقال الزجاج: الارجوان صبغ احمر شديد الحمرة (3) انظر (ص 342 من هذا الجزء) (4) انظر (ص 251 من الجزء الاول) (5) العنظوان - بضم اوله، والعنظيان - بكسر اوله -: الفاحش من الرجال والانثى عنظوانة وعنظيانة.
(*)

(2/388)


فيها كثير وإن لم يعارضه رُجِّحَ بأغلبهما كما في حَوْمَان فإن فَعْلاَن أكثَرُ من فَوْعَالٍ كَتَوْرَابٍ (1) فإن فقدت شبهة الاشتقاق فيهما فإن كان أحدهما أغلب الوزنين رجح به كميم إمَّعَةٍ فان فعلة كدنبة وقنية (2) أكثرُ من إفْعَلَة كإوَزَّة وإن تساويا في القلة احتملهما كأسْطُوَانَة (3)
وإن خرجت عن الأوزانِ بتقدير زيادة كل واحد منهما ولا يكون إذن في الكلمة إظهار شاذ بأحد التقديرين لأنه إنما يكون ذلك في الأغلب إذا كان شاذاً بأحدهما قياسياً بالآخر لكونه ملحقاً بوزن ثابت وفَرْضُنَا أنه خارج عن الأوزان على كل تقدير بلى قد جاءنا الإظهار شاذاً في كليهما في بعض ذلك: رَوى الرواة يأجِجَ - بكسر الجيم - فيكون الإظهار في فَعْلِل شاذاً أيضاً كما هو شاذ في يَفْعِلَ إذ لم يجئْ مثل جَعْفِرٍ - بكسر الفاء - حتى يكون يأجِجُ ملحقاً به.
وقال سيبويه: نحو قعدد ودخلل - بفتح لا مهما الأولى - ملحق بجُنْدَب وإن كان جُنْدَب عنده فُنْعلاً، لأنه جعل النون كالاصل كما يجئ في المضاعف لقلة زيادته بين الفاء والعين.
فإذا خرجت الكلمة عن الأوزان بتقدير زيادة كل واحد من الغوالب - ولم يكن في الكلمة إظهار شاذ - نظر: فإن ثبتت في أحدهما شبهة الاشتقاق دون الآخر رجح بها كتَئِفَّانَ لأن الأَفَفَ (4) مستعمل دون تَأفٍ وإن
__________
(1) التوراب والتيراب والتورب والتيرب: التراب (2) الدنبة والدنابة والدنب: القصير والقنبة: واحدة القنب وهو العبد الآبق وضرب من الكتان (3) الاسطوانة: السارية وقوائم الدابة وهو فارسي معرب استون (4) الافف: القلة ومثله الاف - بضم الهمزة والاف ايضا: الوسخ الذى حول الظفر وقيل: هو وسخ الاذن (*)

(2/389)


لم تثبت في شئ منهما كما في كَوَأْلَلٍ أو ثبتت فيهما إن اتفق ذلك كالسِّيْرِ (1) - بكسر السين - مثلاً فإن كانت إحدى الزيادتين اغلب رجح بها
كحولا يا فان فوعالا وفعلا يا خارجان عن الأوزان المشهورة إلا أنَّ زيادة الواو الساكنة أغلب من زيادة الياء المتحركة وإلا احتملهما فإن خرجت عن الأوزان بتقدير زيادة بعض دون البعض الآخر - ولا يمكن أيضاً أن يكون فيه إظهار شاذ باعتبار الوزن الذي لا يخرج به عن الأوزان المشهورة حتى يتعارض هو والخروج عن الأوزان إذ لو كان باعتباره الإظهار شاذاً لكان باعتبار الوزن الذي يخرج به عنها قياسياً: أي للإلحاق كتِلْبِبٍ (2) مثلاً وكيف يلحق بما لم يثبت؟ - فينظر: هل عارضَتْ الخروج عن الأوزان شبهةُ الاشتقاق اولا؟ فإن عارضته - وذلك بأن تكون في الوزن الذي يخرج به عن الأوزان شبهةُ الاشتقاق ولا تكون فيما لا يخرج به عنها نحو مَسْيَكٍ (3) فإنك إن جعلته فَعْيَلاً كان الوزن معدوماً لكن التركيب أعني (م س ك) موجود وإن جعلته مَفْعَلاً فالوزن موجود لكن تركيب (س ى ك) مهمل - فههنا يحتمل الوجهين، إذ يلزم من كل واحد منهما محذور ولا يجوز أن يقال: لا نحكم بزيادة أحدهما فيكون فَعْلَلاً، إذ داعي الغلبة يستحق ان
__________
(1) هكذا هو في جميع النسخ ولا يظهر له وجه لان الكلام فيما تعددت فيه الزيادة الغالبة وليس فيه زيادة ما فضلا عن زيادة متعددة ولعل الصواب (سيروان) بكسر اوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وهو اسم بلد (2) لم نجد في القاموس ولا في اللسان (تلببا) بفك الادغام والذى فيهما تلب - كفلز وهو اسم رجل (3) كلام المؤلف صريح في انه بفتح الميم وسكون السين وفتح الياء ولم نجد له معنى في كتب اللغة وانما الذى فيها مسيك - كبخيل - وزنا ومعنى ومسيك - كسكير - بمعنى بخيل ايضا وسقاء مسيك إذا كان يحبس الماء فلا ينضح (*)

(2/390)


يجاب ولا سيما إذا لزم من جعل الجميع أصولاً تركيب مهمل أيضاً فإن لم يعارض شبهةُ الاشتقاق الخروجَ عن الأوزان: بأن تكون شبهة الاشتقاق فيهما معاً كما في مَدْيَن (1) أو في الوزن الثابت كمَرْيَم (2) ، رجح بالخروج اتفاقاً فيقال: هما على وزن مَفْعَل.
قوله (بالزيادة فيها) أي: في الغوالب كما في قَيْقَبَان (3) وسَيْسَبَان (4) قوله (أو فيهما) أي: الغالبين كما في حبنطى وقد عرفت زيادة النون والألف فيه بالاشتقاق أيضاً لأنه العظيم البطن من حَبِطَتِ الماشية حَبَطاً وهو أن ينتفخ بطنها من أكل الذرق (5) قوله (فإن تعين احدهما) أي: تعين احدهما للزيادة ولم يجز الحكم بزيادتهما معا لبقاء الكلمة على اقل من ثلاثة احرف قوله (رُجِّح بخروجها) الفعل مسند إلى الجار والمجرور: أي يكون ترجيح أصالة أحدهما بخروج الزنة عن الأوزان المشهورة بتقدير زيادته فيحكم بزيادة مالا يُخْرِج الزنة عن الأوزان المشهورة إذَا قُدِّر زائداً كميم مريم فإنك لو حكمت بزيادتها بقي الزنة مَفْعَلاً وليست بخارجة عن الأوزان ولو قدرت الياء زائدا
__________
(1) مدين: اسم قرية شعيب على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام يجوز أن يكون اشتقاقه من مدن بالمكان إذا اقام به ويجوز ان يكون من دان إذا خضع أو من دانه دينا إذا جازاه (2) قال في اللسان: (ومريم: مفعل من رام يريم: أي برح يقال: ما يريم يفعل ذلك: أي ما يبرح) اه بتصرف وهو صريح في ان زيادة ميم مريم معلومة بالاشتقاق لا بالخروج عن الابنية الاصول على تقدير اصالتها (4) السيسبان: شجر (5) الذرق - كصرد -: بقلة (*)

(2/391)


بقيت الزنة فَعْيَلاً وهي خارجة عن الأوزان (1) قوله (وهمزة أيدع) ليس بوجه لأن فيعلاً - بفتح العين - ليس بخارج عن الأوزان في الصحيح العين كصيرف وضيغم بلى ذلك خارج في المعتل العين لم يجئ إلا عين قال: * ما بال عَيْنِي كالشَّعِيبِ الْعَيَّنِ (2) * وفَيْعِلٌ - بكسر العين - كثيرٌ فيه كسَيِّد ومَيِّت وبَيِّنٍ مفقودٌ في الصحيح العَيْن قوله (وياء تَيَّحانَ) هو بفتح الياء كما قال سيبويه وقال ابن يعيشَ: يجوز كسر الياء في تَيَّحَان (3) وهيَّبان (4) فتَفْعَلانُ غير موجود وفَعَّلانُ موجودٌ كهَيَّبان فلذا حكمنا بزيادة ياء تَيَّحَانَ وهذا مما يثبت فيه الاشتقاق الظاهر وعُرفت الزيادة به إذ يقال في معناه: مِتْيَحٌ وتَيَّاحٌ ويجوز أن يكون تَيَّحَانُ وتيَّهَانُ وهَيَّبَانُ فَيْعَلانَ لا فعلان كقيقبان وسَيْسَبَانَ قوله (وتاء عزويت) ليس التاء في نحو عِفْرِيتٍ من الغوالب كما ذكرنا
__________
(1) قال في اللسان: (العثير (بكسر اوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه) : العجاج الساطع ... ولا تقل في العثير التراب: عثيرا لانه ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء الا ضهيد وهو مصنوع ومعناه الصلب الشديد ... والعيثر والعثير (كجعفر) : الاثر الخفى مثال الغيهب وفي المثل (ماله اثر ولا عثير) ويقال: ولا عيثر مثال فيعل: أي لا يعرف راجلا فيتبين اثره ولا فارسا فيثير الغبار فرسه) اه فقد اثبت العثير وهو فعيل فقول المؤلف وصاحب اللسان ان فعيلا خارج عن الاوزان ولا يوجد في الكلام غير مسلم الا ان يقال: ان عثيرا مقلوب عيثر وهو فيعل (2) انظر (ح 1 ص 150)
(3) التيحان: الذى يعرض في كل شئ ويدخل فيما لا بعنيه والطويل ايضا (4) الهيبان: الذى يخاف الناس (*)

(2/392)


فلم يكن للمصنف عدها منها فنحن انما عرفنا زيادة تاء عِزوِيت (1) دون واوه بثبوت فِعْلِيتٍ كعفريت دون فِعْوِيل قوله (وطاء قَطَوْطًى) لأن فَعْوَعَلاً موجود كعثوثل وهو المسترخي ونحن قد عرفنا زياد طاء قطوطًى بالاشتقاق لأنه بمعنى الْقَطَوَانِ: أي الذي يتبختر في مشيه وكذا اذْلَوْلَى افعوعل كاعشوشب وفَعَوْلًى وافْعَوْلى غير موجودين قوله (وواو حَوْلايا دون يائها) قد ذكرنا أن فَوْعَالاَ وَفَعْلايَا لم يثبتا إلا أن الحكم بزيادة الواو أولى لكون زيادة الواو الساكنة أكثر من زيادة الياء المتحركة وأيضاً فَوْعَالٌ كَتَوْرَاب ثابت وإن لم يثبت فَوْعَالاَ بالألف وأما فَعْلايٌ وفَعْلاَيَا فلم يثبتا قوله (وأول يَهْيَرٍّ والتضعيف) في يهير ثلاثة غوالب: التضعيفُ والياء ان فهو إما يَفْعَلُّ أو فَعْيَلٌّ أو يَفْيَعْلٌ والثلاثة نوادر ففي عدّ المصنف له فيما يخرج بأحدهما عن الأوزان دون الآخر نظر بلى إنه يقبله سيبويه فانه لم يبال بتشديد الراء وجَعلَه كالمخفف اللام وقال: يَفْعَلُ موجود كيَرْمَعٍ ويَلْمَعٍ (2) وفَعْيَلٌ معدوم والحق أن يقال: إنه يفعَلُّ من الأوزان الثلائة المذكورة إذ لو جعلناه فَعْيلاًّ لم يكن فيه شبهة الاشتقاق إذ تركيب (ي هـ ر) غير مستعمل فهو إما يفعَلُّ من الْهَيْرِ أوْ يَفْيَعْلٌ من الْهَرِّ والتضعيفُ في الأسماء أغلب زيادةً من الياء المتحركة في الأول وأيضاً يفْعَلُّ قريب من الوزن الموجود وهو يَرْمَعُ ويلمعُ وأيضاً فإن يفعلَّ ثابت وإن كان في الأفعال كيحْمَرُّ بخلاف يَفْيَعْلٍ قوله (وهمزة أرْوَنَان) لأن أفْعَلاَن جاء ولو لم يكن إلا أنْبَجَان وفَعْوَلاَنُ
لم يثبت
__________
(1) العزويت: قيل هو القصير وقال ابن دريد: هو اسم موضع (2) انظر في يلمع (ص 59 من الجزء الاول) واليرمع: الخذروف الذى يلعب به الصبيان وهو ايضا حجارة رخوة إذا فتتت انفتت (*)

(2/393)


قوله (كوألل) فيه غالبان: الواوُ والتضعيفُ فجعلناهما زائدين فوزنه فَوَعْلَلٌ ملحق بسَفَرْجَل وليست الهمزة غالبة ففي عدها من الغوالب نظر وفي حِنْطَأوٍ غالب واحد وهو الواو وأما النون والهمزة فليستا بغالبتين إلا أن النون مساو للهمزة في متل هذا المثال نحو كِنْتَأو (1) وَسِنْدَأْوٍ فجعل كالغالب قوله (فإن لم تخرج الزنة في التقديرين) أي: في تقدير زيادة كل واحد من الغالبين رجح بالإظهار الشاذ: أي يكون ترجيح أصالة أحدهما بحصول الإظهار الشاذ بزيادته ويحكم بزيادة ما لم يثبت بزيادته إظهار شاذ فيحكم في مهدد بزيادة الدال فيكون ملحقا بجعفر فلا يكون الاظهار شاذا ولو جعلته مَفْعلاً من هَدَدَ لكن الإظهار شاذاً لأن مَفْعَلاً لا يكون ملحقاً كما ذكرنا قوله (وقيل بشبهة الاشتقاق) فقيل: يأجِجُ ومأجج يفْعَلُ ومَفْعَلٌ لأن في هذين الوزنين شبهة الاشتقاق لأن (اج ج) مستعمل في كلامهم وقبل: هما فَعْلَلٌ لئلا يلزم إظهارٌ شاذ وقد رَوى الرواة يأجِجَ - بكسر الجيم - فإن صحت فإنه مما يخرج بأحدهما دون الآخر إذ فَعْلِل - بكسر اللام - لم يثبت والمشهورُ الفتح في يأجَجَ ومأجَجُ وَيأجَجُ غير منصرفين: إما للوزن والعلمية والتأنيت وإما للعلمية والتأنيث وهي اسم أرض قوله (ونحوُ مَحْبَبٍ يقوي الوجه الضعيف) يعني أن محبباً من الحب مع
أن فيه إظهاراً شاذاً قوله (وأجيب بوضوح اشتقاقه) وللخصم أيضاً أن يقول: يأجَجُ أيضاً واضح الاشتقاق من أجَّ مثل مَحْبَب من حَبَّ قوله (وفي تقديم أغلبهما عليها) أي ترجيح أغلب الوزنين على شبهه الاشتقاق
__________
(1) انظر (ص 362 من هذا الجزء) .
(*)

(2/394)


فإن مَوْظَبَ ومَعْلَى إن جعلتهما مَفْعلاً ففيهما شبهة الاشتقاق وإن جعلتهما فوعلاً لم تكن فيهما فشبهة الاشتقاق وأغلب الوزنين يرجحان زيادة الميم وأما رمان فإن جعلته فُعْلاَن ففيه شبهة الاشتقاق لكن ليس أغلب الوزنين وإن جعلته فُعَّالاً فليس فيه شبهة الاشتقاق إذ (ر م ن) غير مستعمل ورَمَّ مستعمل لكنه اغلب الوزنين قوله (لغلبتها في نحوه) أي لغلبة زنة فُعَّال في نحو معنى رُمَّان وهو ما ينبت من الأرض كالْقُلاَّم (1) والْجُمَّار (2) والْكُرَّاثِ والسُّلاَّء (3) والقُرَّاص (4) وفُعْلاَنُ قليل في مثل هذا المعنى قوله (فإن ثبتت فيهما) أي: ثبتت شبهة الاشتقاق في الوزنين قوله (مَوْرَقٌ) إن جعلته فوعلاً فليس بأغلب الوزنين لكنه لا يستلزم مخالفة القياس وإن جعلته مَفْعَلاً فهو أغلب الوزنين لكن فيه مخالفة القياس لان المثال الواوى لا يجئ إلا مَفْعِلاً - بكسر العين - كالموْعِد أما حومان فليس فيه خلاف الأقيسة وفَعْلاَن أكثر من فَوْعَال فجعله من (ح وم) أولى قوله (فإن نَدَرَا) أي: الوزنان (احتملهما) : أي احتمل اللفظ ذينك الوزنين وفي قوله ندرا نظر أما أولا فلأنه في اقسام ما لا يخرج الوزنان فيه عن الأوزان المشهورة فكيف يندران؟ وأما ثانياً فلأن أُفْعُلاَن قد جاء فيه اُسْحُمَان وهو
جبل والعبان في اللَّعَّاب وكذا أُقْحُوان بدليل قولك: دواء مَقْحُوّ، وَأُفْعُوَانٌ لقولهم مَفْعَاة وفَعْوة السم (5) وفُعْلُوَانُ جاء فيه عنفوان وعنظوان (6) ولعله
__________
(1) القلام: ضرب من الحمض يذكر ويؤنث.
قال الشاعر: اتونى بقلام وقالوا تعشه * وهل يأكل القلام الا الأباعر (2) الجمار: شحم النخل كانه قطعة سنام يؤكل بالعسل (3) السلاء: شوك النخل (4) القراص: نبات له زهر أصفر وحرارة كحرارة الجرجير، وحب احمر صغير (5) انظر (ص 341 من هذا الجزء) (6) انظر (ص 388 من هذا الجزء) .
(*)

(2/395)


أراد كون الوزنين لقلتهما في حد الندرة وفي أرْجُوَانٍ ثلاثة غوالب: النونُ والهمزة والواوُ فيحكم بزيادة اثنين منها فهو اما افعلان كأسْحُمَانٍ أو فعْلُوَانُ كَعُنْفُوَانٍ أو افعوال ولم يثبت فبقي الأولان واحتملهما وفيهما أيضاً شبهة الاشتقاق قوله (وهمزةِ أفعىً) إذا جعلته أفْعَلَ ففيه الاشتقاق الظاهر فضلاً عن شبهته لقولهم: فَعْوَةُ السم وأرضٌ مَفْعاة فكيف أورده فيما ليس في وزنيه شبهة الاشتقاق؟ قوله (وأوتكان) الألف والنون لا كلام في زيادتهما بقي التعارض بين الواو والهمزة ووَتَك وأتَك مهملان وأفْعَلاَنُ ثابت وإن كان قليلاً كَأَنْبَجَانُ وَفَوْعَلاَنُ غير موجود فكان يجب أن يورد هذا المثال فيما تعين فيه أحدهما قوله (ومِيم إمَّعَةٍ) لأن أمَعَ وَمَمَعَ مُهْمَلاَنِ لكنَّ فِعَّلَةَ أكثر كدِنَّبَةٍ
للقصير وَالقِنَّبَةِ وَالإِمَّرَة وَإفْعَلَةُ كإوَزَّةٍ قليل وكأنه كلمة مركبة من حروف كلمتين وهما (أنا معك) كما أن الإمَّرة مركبة من (أنا مأمورك) قوله (فان ندرا احتملها) الكلامُ فيه كالكلام في قوله قبل (فإن ندرا) والعذر كالعذر قوله (إن ثبتت أفْعُوَالة) يعني إن ثبت ذلك احتمل أسْطُوَانَة الوزنين: أفعوالَةَ وفعلوانَةَ وهما الوزنان اللذان لا شبهةُ اشتقاق في الكلمة باعتبارهما وإنما قلنا: إن هذين الوزنين هما المحتملان لا أُفْعُلاَنَةُ كأسْحُمَانَ مع أن فيه شبهة الاشتقاق لثبوت السطو لأن جمعه على أساطين يمنعه إذ لو كان أفْعُلاَنَة فالطاءُ عينُ الكلمة والواوُ لامُها وفي الجمع لا يحذف لام الثلاثي فلا يجوز إذن أن يقال: حذف الواو وقلب الالف ياء حتى يكون وزن اساطين افاعين ولا يجوز ان يقال: حذف الالف وقلب الواو التي هي لام ياء فوزنه أفَاعِلْنُ، إذ هو وزن مفقود

(2/396)


في الجموع والأفراد فلم يبق إلا أن يقال: هو فَعَالِينُ من تركيب (أس ط) المهمل فَأُسْطُوَانَة فُعْلُوَانَة كعُنْفُوَان من اعْتَنَفْتُ الشئ: أي استأنفته أو هو أفاعِيل من تركيب سَطَنَ المهمل أيضاً فهي أفْعُوَالَة لكن أفْعُوَالَةُ لم تثبت فلم يبق إلا أن يكون فعلوانة واساطين فعالين الحبنطى: العظيم البطن يهمز ولا يهمز.
القطوطَى والقطوان: المتبختر.
اذلو لى: انطلق في استخفاء.
حَوْلايا: اسم رجل.
الْيَهْيَرُّ وَالْيَهْيَرَّى: السراب والباطل.
يوم أرْوَنَانٌ: أي شديد ويقال: ليلة أرونَانةٌ.
عجينٌ أَنْبَجَانٌ: أي سقي ماءً كثيراً وأُحكم عجنه وبقي زماناً فارسي من النَّبْجِ وهو الجدرى وكل ما ما يتنفط ويمتلئ ماء، يقال: جاء على تِئفَّانِ ذلك وَتَئِفَّتِه وتفئته أي أوله الكوألل: القصير الْحِنْطَأو: القصير وقيل: العظيم البطن.
يأجَجُ ومَأجَجُ: موضعان

(2/397)


في الجموع والأفراد فلم يبق إلا أن يقال: هو فَعَالِينُ من تركيب (أس ط) المهمل فَأُسْطُوَانَة فُعْلُوَانَة كعُنْفُوَان من اعْتَنَفْتُ الشئ: أي استأنفته أو هو أفاعِيل من تركيب سَطَنَ المهمل أيضاً فهي أفْعُوَالَة لكن أفْعُوَالَةُ لم تثبت فلم يبق إلا أن يكون فعلوانة واساطين فعالين الحبنطى: العظيم البطن يهمز ولا يهمز.
القطوطَى والقطوان: المتبختر.
اذلو لى: انطلق في استخفاء.
حَوْلايا: اسم رجل.
الْيَهْيَرُّ وَالْيَهْيَرَّى: السراب والباطل.
يوم أرْوَنَانٌ: أي شديد ويقال: ليلة أرونَانةٌ.
عجينٌ أَنْبَجَانٌ: أي سقي ماءً كثيراً وأُحكم عجنه وبقي زماناً فارسي من النَّبْجِ وهو الجدرى وكل ما ما يتنفط ويمتلئ ماء، يقال: جاء على تِئفَّانِ ذلك وَتَئِفَّتِه وتفئته أي أوله الكوألل: القصير الْحِنْطَأو: القصير وقيل: العظيم البطن.
يأجَجُ ومَأجَجُ: موضعان وأصحاب الحديت يروون يأجج بكسر الحيم وقد تقدم ذلك.
محببٌ: اسم رجل مَهْدَدُ: اسم امرأة.
مَوْظَب: اسم أرض وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث مَعْلَى: اسم رجل وكدا مَوْرَقٌ.
الْحَوْمَانُ: الأرض الغليظة.
الإمَّعة: الذي يكون مع كل أحد

(2/397)


قد تم بعون الله تعالى وحسن توفيقه - مراجعة الجزء الثاني من كتاب (شرج شافية ابن الحاجب) للعلامة رضى الدين الاستراباذى وتحقيقه والتعليق عليه في خمسة اشهر آخرها الثامن من شهر المحرم الحرام مستهل شهور عام 1358 ثمان وخمسين وثلاثمائة والف ويليه - ان شاء الله تعالى - الجزء الثالث ممفتتحه باب (الإمالة) .
نسأل الله جلت قدرته ان يعين على اكماله بمنه وفضله وحسن تيسيره.
آمين

(2/398)


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، سيدنا محمد بن عبد الله، وآله وصحبه أجمعين.

(3/3)