شرح قطر الندى وبل الصدى

مخفوضات الْأَسْمَاء
ص بَاب يخْفض الِاسْم إِمَّا بِحرف مُشْتَرك وَهُوَ من وَإِلَى وَعَن وعَلى وَفِي وَاللَّام وَالْبَاء للقسم وَغَيره أَو مُخْتَصّ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ رب ومذ ومنذ وَالْكَاف وَحَتَّى وواو الْقسم وتاؤه
حُرُوف الْجَرّ
ش لما انْقَضى الْكَلَام على ذكر المرفوعات والمنصوبات شرعت فِي ذكر المجرورات وَقسمت المجرورات إِلَى قسمَيْنِ مجرور بالحرف ومجرور بِالْإِضَافَة وبدأت بالمجرور بالحرف لِأَنَّهُ الأَصْل والحروف الجارة عشرُون حرفا اسقطت مِنْهَا سَبْعَة وَهِي خلا وَعدا وحاشا وَلَعَلَّ وَمَتى وكي وَلَوْلَا وَإِنَّمَا أسقطت مِنْهَا الثَّلَاثَة الاول لِأَنِّي ذكرتها فِي الِاسْتِثْنَاء فاستغنيت بذلك عَن اعادتها وَإِنَّمَا أسقطت الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة لشذوذها وَذَلِكَ لِأَن لَعَلَّ لَا يجربها إِلَّا عقيل قَالَ شَاعِرهمْ لَعَلَّ الله فَضلكُمْ علينا بِشَيْء أَن أمكُم شريم

(1/249)


وَمَتى لَا يجر بهَا إِلَّا هُذَيْل قَالَ شَاعِرهمْ يصف السَّحَاب شربن بِمَاء الْبَحْر ثمَّ ترفعت مَتى لجج خضر لَهُنَّ نتيج

(1/250)


وكي لَا يجر بهَا إِلَّا مَا الاستفهامية وَذَلِكَ فِي قَوْلهم فِي السُّؤَال عَن عِلّة الشَّيْء كيمه بِمَعْنى لمه وَلَوْلَا لَا يجر بهَا إِلَّا الضَّمِير فِي قَوْلهم لولاي ولولاك ولولاه وَهُوَ نَادِر قَالَ الشَّاعِر أومت بعينيها من الهودج لولاك فِي ذَا الْعَام لم أحجج

(1/251)


وَأنكر الْمبرد اسْتِعْمَاله وَهَذَا الْبَيْت وَنَحْوه حجَّة لسيبويه عَلَيْهِ وَالْأَكْثَر فِي الْعَرَبيَّة لَوْلَا أَنا وَلَوْلَا أَنْت وَلَوْلَا هُوَ قَالَ الله تَعَالَى لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين وتنقسم الْحُرُوف الْمَذْكُورَة إِلَى مَا وضع على حرف وَاحِد وَهُوَ خَمْسَة الْبَاء وَاللَّام وَالْكَاف وَالْوَاو وَالتَّاء وَمَا وضع على حرفين وَهُوَ أَرْبَعَة من وَعَن وَفِي ومذ وَمَا وضع على ثَلَاثَة أحرف وَهُوَ ثَلَاثَة إِلَى وعَلى ومنذ وَمَا وضع على أَرْبَعَة وَهُوَ حَتَّى خَاصَّة وتنقسم أَيْضا إِلَى مَا يجر الظَّاهِر دون الْمُضمر وَهُوَ سَبْعَة الْوَاو وَالتَّاء ومذ ومنذ وَحَتَّى وَالْكَاف وَرب وَمَا يجر الظَّاهِر والمضمر وَهُوَ الْبَوَاقِي ثمَّ الَّذِي لَا يجر إِلَّا الظَّاهِر يَنْقَسِم إِلَّا مَا لَا يجر إِلَّا الزَّمَان وَهُوَ مذ ومنذ تَقول مَا رَأَيْته مذ يَوْمَيْنِ أَو مُنْذُ يَوْم الْجُمُعَة وَمَا لَا يجر إِلَّا النكرات وَهُوَ رب تَقول رب رجل صَالح وَمَا لَا يجر إِلَّا لفظ الْجَلالَة وَقد يجر لفظ الرب مُضَافا إِلَى الْكَعْبَة وَقد يجر لفظ الرَّحْمَن وَهِي التَّاء قَالَ الله تَعَالَى وتالله لأكيدن أصنامكم

(1/252)


تالله لقد الله علينا وَهُوَ كثير وَقَالُوا ترب الْكَعْبَة لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَهُوَ قَلِيل وَقَالُوا تالرحمن لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَهُوَ أقل وَمَا يجر كل ظَاهر وَهُوَ الْبَاقِي
المجروف بِالْإِضَافَة
ص أَو بِإِضَافَة اسْم على معنى اللَّام ك غُلَام زيد أَو من ك خَاتم حَدِيد أَو فِي ك مكر اللَّيْل وَتسَمى معنوية لِأَنَّهَا للتعريف أَو التَّخْصِيص أَو بِإِضَافَة الْوَصْف إِلَى معموله ك بَالغ الْكَعْبَة ومعمور الدَّار وَحسن الْوَجْه وَتسَمى لفظية لِأَنَّهَا لمُجَرّد التَّخْفِيف ش لما فرغت من ذكر الْمَجْرُور بالحرف شرعت فِي ذكر الْمَجْرُور بِالْإِضَافَة وقسمته إِلَى قسمَيْنِ احدهما أَن لَا يكون الْمُضَاف صفة والمضاف اليه مَعْمُولا لَهَا وَيخرج من ذَلِك ثَلَاث صور إِحْدَاهَا أَن يَنْتَفِي الامران مَعًا ك غُلَام زيد وَالثَّانيَِة أَن يكون الْمُضَاف صفة وَلَا يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ مَفْعُولا لتِلْك الصّفة نَحْو كَاتب القَاضِي وكاسب عِيَاله وَالثَّالِثَة أَن يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ مَعْمُولا للمضاف وَلَيْسَ الْمُضَاف صفة نَحْو ضرب اللص وَهَذِه الْأَنْوَاع كلهَا تسمى الْإِضَافَة فِيهَا اضافة معنوية وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تفِيد امرا معنويا وَهُوَ التَّعْرِيف ان كَانَ الْمُضَاف اليه معرفَة نَحْو غُلَام زيد والتخصيص ان كَانَ امضاف اليه نكرَة ك غُلَام امْرَأَة ثمَّ ان هَذِه الاضافة على ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا أَن تكون على معنى فِي وَذَلِكَ اذا كَانَ الْمُضَاف اليه ظرفا للمضاف نَحْو بل مكر اللَّيْل الثَّانِي أَن تكون على معنى من وَذَلِكَ اذا كَانَ الْمُضَاف اليه كلا للمضاف وَيصِح الاخبار بِهِ عَنهُ ك خَاتم حَدِيد وَبَاب سَاج بِخِلَاف نَحْو يَد زيد فَإِنَّهُ لَا يَصح أَن

(1/253)


يخبر عَن الْيَد بِأَنَّهَا زيد الثَّالِث أَن تكون على معنى اللَّام وَذَلِكَ فِيمَا بَقِي نَحْو غُلَام زيد وَيَد زيد الْقسم الثَّانِي أَن يكون الْمُضَاف صفة والمضاف اليه مَعْمُولا لتِلْك الصّفة وَلِهَذَا أَيْضا ثَلَاث صور اضافة اسْم الْفَاعِل ك هَذَا ضَارب زيد الْآن أَو غَدا واضافة اسْم الْمَفْعُول ك هَذَا معمور الدَّار الْآن أَو غَدا واضافة الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل ك هَذَا رجل حسن الْوَجْه وَتسَمى اضافة لفظية لِأَنَّهَا تفِيد امرا لفظيا وَهُوَ التَّخْفِيف أَلا ترى أَن قَوْلك ضَارب زيد اخف من قَوْلك ضَارب زيدا وَكَذَا الْبَاقِي وَلَا تفِيد تعريفا وَلَا تَخْصِيصًا وَلِهَذَا صَحَّ وصف هَديا ب بَالغ مَعَ اضافته إِلَى الْمعرفَة فِي قوه تَعَالَى هَديا بَالغ الْكَعْبَة وَصَحَّ مَجِيء ثَانِي حَالا مَعَ اضافته إِلَى الْمعرفَة فِي قَوْله تَعَالَى ثَانِي عطفه ص وَلَا تجامع الاضافة تنوينا وَلَا نونا تالية للإعراب مُطلقًا وَلَا أل أَلا فِي نَحْو الضاربا زيد والضاربو زيد والضارب الرجل والضارب رَأس الْجَانِي وَالرجل الضَّارِب غُلَامه ش اعْلَم أَن الاضافة لَا تجمع مَعَ التَّنْوِين وَلَا مَعَ النُّون التالية للاعراب وَلَا مَعَ الْألف وَاللَّام تَقول جَاءَنِي غُلَام يَا هَذَا فتنون وَإِذا اضفت تَقول جَاءَنِي غُلَام زيد فتحذف التَّنْوِين وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يدل على كَمَال الِاسْم وَالْإِضَافَة تدل على نقصانه وَلَا يكون الشَّيْء كَامِلا نَاقِصا وَتقول جَاءَنِي مسلمان ومسلمون فَإِذا أضفت قلت مسلماك ومسلموك فتحذف النُّون قَالَ الله تَعَالَى والمقيمي الصَّلَاة إِنَّكُم لذائقو الْعَذَاب إِنَّا مر سلو النَّاقة وَالْأَصْل المقيمين والذائقون

(1/254)


ومرسلون وَالْعلَّة فِي حذف النُّون هِيَ الْعلَّة فِي حذف التَّنْوِين لكَونهَا قَائِمَة مقَام التَّنْوِين وَإِنَّمَا قيدت النُّون بِكَوْنِهَا تالية للإعراب احْتِرَازًا من نوني الْمُفْرد وَجمع التكسير وَكَذَلِكَ كنوني حِين وشياطين فَإِنَّهَا متلوان بالأعراب تاليان لَهُ تَقول هَذَا حِين يَا فَتى وَهَؤُلَاء شياطين يَا فَتى فتجد اعرابهما بضمة وَاقعَة بعد النُّون فَإِذا أضفت قلت آتِيك حِين طُلُوع الشَّمْس وَهَؤُلَاء شياطين الْإِنْس بِإِثْبَات النُّون فيهمَا لِأَنَّهَا متلوة بالاعراب لَا تأليه لَهُ وَأما الْألف وَاللَّام فَإنَّك تَقول جَاءَ الْغُلَام فَإِذا أضفت قلت جَاءَ غُلَام زيد وَذَلِكَ لِأَن الْألف وَاللَّام للتعريف والاضافة للتعريف فَلَو قلت الْغُلَام زيد جمعت على الِاسْم تعريفين وَذَلِكَ لَا يجوز وَيسْتَثْنى من مَسْأَلَة الْألف وَاللَّام أَن يكون الْمُضَاف صفة والمضاف اليه مَعْمُولا لتِلْك الصّفة وَفِي الْمَسْأَلَة وَاحِد من خَمْسَة أُمُور تذكر فَحِينَئِذٍ يجوز ان يجمع بَين الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة أَحدهَا أَن يكون الْمُضَاف مثنى نَحْو الضاربا زيد الثَّانِي أَن يكون الْمُضَاف جمع مُذَكّر سالما نَحْو الضاربو زيد الثَّالِث أَن يكون الْمُضَاف اليه بِالْألف وَاللَّام نَحْو الضَّارِب الرجل الرَّابِع أَن يكون الْمُضَاف اليه مُضَافا إِلَى مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام نَحْو الضَّارِب رَأس الرجل الْخَامِس ان يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ مُضَافا إِلَى ضمير عَائِد على مَا فِيهِ الالف وَاللَّام نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الضَّارِب غُلَامه
مَا يعْمل عمل الْفِعْل
ص بَاب يعْمل عمل فعله سَبْعَة اسْم الْفِعْل كهيهات وصه ووى

(1/255)


بِمَعْنى بعد واسكت وأعجب وَلَا يحذف وَلَا يتَأَخَّر عَن معموله وَكتاب الله عَلَيْكُم متأول وَلَا يبرز ضَمِيره ويجزم الْمُضَارع فِي جَوَاب الطلبي مِنْهُ نَحْو مَكَانك تحمدي أَو تستريحي وَلَا ينصب
الأول اسْم الْفِعْل
ش هَذَا الْبَاب مَعْقُود للأسماء الَّتِي تعْمل عمل أفعالها وَهِي سَبْعَة أَحدهَا اسْم الْفِعْل وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام مَا سمى بِهِ الْمَاضِي ك هَيْهَات بِمَعْنى بعد قَالَ الشَّاعِر فهيهات هَيْهَات العقيق وَمن بِهِ وهيهات خيل بالعقيق نواصله وَمَا سمي بِهِ الْأَمر ك صه بِمَعْنى اسْكُتْ وَفِي الحَدِيث اذا قلت لصاحك

(1/256)


وَالْإِمَام يخْطب صه فقد لغوت كَذَا جَاءَ فِي بعض الطّرق وَمَا سمي بِهِ الْمُضَارع ك وى بِمَعْنى أعجب قَالَ الله تَعَالَى يكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ أَي أعجب لعدم فلاح الْكَافرين وَيُقَال فِيهِ وَا قَالَ الشَّاعِر وَا بِأبي أَنْت وفوك الأشنب كَأَنَّمَا ضرّ عَلَيْهِ الزرنب وواها قَالَ الشَّاعِر واها لسلمى ثمَّ واها واها يَا لَيْت عَيناهَا لنا وفاها

(1/257)


وَمن أَحْكَام اسْم الْفِعْل أَنه لَا يتَأَخَّر عَن معموله فَلَا يجوز فِي عَلَيْك زيدا بِمَعْنى ألزم زيدا أَن يُقَال زيدا عَلَيْك خلافًا للكسائي فَإِنَّهُ اجازه محتجا عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى كتاب الله عَلَيْكُم زاعما ان مَعْنَاهُ عَلَيْكُم كتاب الله أَي الزموه وَعند الْبَصرِيين ان كتاب الله مصدر مَحْذُوف الْعَامِل وَعَلَيْكُم جَار ومجرور مُتَعَلق بِهِ اَوْ بالعامل الْمُقدر وَالتَّقْدِير كتب الله ذَلِك كتابا عَلَيْكُم وَدلّ على ذَلِك الْمُقدر قَوْله تَعَالَى حرمت عَلَيْكُم لِأَن التَّحْرِيم يسْتَلْزم الْكِتَابَة وَمن أَحْكَامه انه إِذا كَانَ دَالا على الطّلب جَازَ جزم الْمُضَارع فِي جَوَابه تَقول نزال نحدثك بِالْجَزْمِ كَمَا تَقول أنزل نحدثك وَقَالَ الشَّاعِر

(1/258)


وَقَوْلِي كلما جشأت وجاشت مَكَانك تحمدي أَو تستريجي ف مَكَانك فِي الأَصْل ظرف مَكَان ثمَّ نقل عَن ذَلِك الْمَعْنى وَجعل اسْما للْفِعْل وَمَعْنَاهُ اثبتي وَقَوله تحمدي مضارع مجزوم فِي جَوَابه وعلامة جزمه حذف النُّون

(1/259)


وَمن أَحْكَامه أَنه لَا ينصب الْفِعْل بعد الْفَاء فِي جَوَابه لَا تَقول مَكَانك فتحمدي وصه فتحدثك خلافًا للكسائي وَقد قدمت هَذَا الحكم فِي صدر الْمُقدمَة فَلم احْتج إِلَى اعادته هُنَا
الثَّانِي الْمصدر
ص والمصدر كضرب واكرام ان حل مَحَله فعل مَعَ أَن أَو مَعَ مَا وَلم يكن مُصَغرًا وَلَا مضمرا وَلَا محدودا وَلَا منعوتا قبل الْعَمَل وَلَا محذوفا وَلَا مَفْصُولًا من الْمَعْمُول وَلَا مُؤَخرا عَنهُ واعماله مُضَافا أَكثر نَحْو وَلَوْلَا دفع الله النَّاس وَقَول الشَّاعِر أَلا أَن ظلم نَفسه الْمَرْء بَين ومنونا أَقيس نَحْو اطعام فِي يَوْم ذِي مسغبة يَتِيما وبأل شَاذ نَحْو وَكَيف التوقي ظهر مَا أَنْت رَاكِبه ش النَّوْع الثَّانِي من الْأَسْمَاء العاملة عمل الْفِعْل الْمصدر وَهُوَ الِاسْم الدَّال على الْحَدث الْجَارِي على الْفِعْل كالضرب وَالْإِكْرَام وَإِنَّمَا يعْمل بِثمَانِيَة شُرُوط أَحدهَا أَن يَصح أَن يحل مَحَله فعل مَعَ أَن أَو فعل مَعَ مَا فَالْأول كَقَوْلِك أعجبني ضربك زيدا ويعجبني ضربك عمرا فَإِنَّهُ يَصح أَن تَقول مَكَان الأول اعجبني أَن ضربت زيدا وَمَكَان الثَّانِي يُعجبنِي أَن تضرب عمرا وَالثَّانِي نَحْو يُعجبنِي ضربك زيدا الْآن فَهَذَا لَا يُمكن أَن يحل مَحَله أَن ضربت لانه للماضي وَلَا أَن تضرب لانه للمستقبل وَلَكِن يجوز أَن تَقول فِي مَكَانَهُ مَا تضرب وتريد بِمَا المصدرية مثلهَا فِي قَوْله تَعَالَى بِمَا رَحبَتْ وَقَوله تَعَالَى ودوا مَا عنيتم أَي برحبها وعنتكم وَلَا يجوز فِي قَوْلك

(1/260)


ضربا زيدا أَن تعتقد أَن زيدا مَعْمُول لضربا خلافًا لقَوْل من النَّحْوِيين لِأَن الْمصدر هُنَا انما يحل مَحَله الْفِعْل وَحده بِدُونِ أَن وَمَا تَقول اضْرِب زيدا وَإِنَّمَا زيدا مَنْصُوب بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوف الناصب للمصدر وَلَا يجوز فِي نَحْو مَرَرْت بزيد فَإِذا لَهُ صَوت صَوت حمَار أَن تنصب صَوت الثَّانِي بِصَوْت الأول لِأَنَّهُ لَا يحل مَحل الأول فعل لَا مَعَ حرف مصدري وَلَا بِدُونِهِ لِأَن الْمَعْنى يَأْبَى ذَلِك لِأَن المُرَاد أَنَّك مَرَرْت بِهِ وَهُوَ فِي حَالَة تصويته لَا أَنه احدث التصويت عِنْد مرورك بِهِ الشَّرْط الثَّانِي ان لَا يكون مُصَغرًا فَلَا يجوز أعجبني ضريبك زيدا وَلَا يخْتَلف النحويون فِي ذَلِك وقاس على ذَلِك بَعضهم الْمصدر الْمَجْمُوع فَمنع إعماله حملا لَهُ على المصغر لِأَن كلا مِنْهُمَا مباين للْفِعْل واجاز كثير مِنْهُم إعماله وَاسْتَدَلُّوا بِنَحْوِ قَوْله وعدت وَكَانَ الْخلف مِنْك سجية مواعيد عرقوب أَخَاهُ بيترب

(1/261)


الثَّالِث أَن لَا يكون مضمرا فَلَا تَقول ضربي زيدا حسن وَهُوَ عمرا قَبِيح لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لفظ الْفِعْل وَأَجَازَ ذَلِك الْكُوفِيُّونَ وَاسْتَدَلُّوا بقوله وَمَا الْحَرْب إِلَّا مَا علمْتُم وذقتم وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ المرجم

(1/262)


أَي وَمَا الحَدِيث عَنْهَا بِالْحَدِيثِ المرجم قَالُوا فعنها مُتَعَلق بالضمير وَهَذَا الْبَيْت نَادِر قَابل للتأويل فَلَا تبنى عَلَيْهِ قَاعِدَة الرَّابِع أَن لَا يكون محدودا فَلَا تَقول أعجبني ضربتك زيدا وشذ قَوْله يحابي بِهِ الْجلد الَّذِي هُوَ حَازِم بضربة كفيه الملا نفس رَاكب

(1/263)


فأعمل الضَّرْبَة فِي الملا وَأما نفس رَاكب فمفعول ليحابي وَمَعْنَاهُ أَنه عدل عَن الْوضُوء إِلَى التَّيَمُّم وَسَقَى الرَّاكِب المَاء الَّذِي كَانَ مَعَه فأحيا نَفسه الْخَامِس أَن لَا يكون مَوْصُوفا قبل الْعَمَل فَلَا يُقَال أعجبني ضربك الشَّديد زيدا فَإِن أخرت الشَّديد جَازَ قَالَ الشَّاعِر إِن وجدي بك الشَّديد أَرَانِي عاذرا فِيك من عهِدت عذولا

(1/264)


فَأخر الشَّديد عَن الْجَار وَالْمَجْرُور الْمُتَعَلّق بوجدي السَّادِس أَن لَا يكون محذوفا وَبِهَذَا ردوا على من قَالَ فِي مَالك وزيدا إِن التَّقْدِير وملابستك زيدا وعَلى من قَالَ فِي بِسم الله إِن التَّقْدِير ابتدائي بِسم الله ثَابت فَحذف الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَأبقى مَعْمُول الْمُبْتَدَأ وَجعلُوا من الضَّرُورَة قَوْله هَل تذكرن إِلَى الديرين هجرتكم ومسحكم صلبكم رحمان قربانا

(1/265)


بِتَقْدِير وقولكم يَا رَحْمَن قربانا السَّابِع أَن لَا يكون مَفْصُولًا عَن معموله وَلِهَذَا ردوا على من قَالَ فِي يَوْم تبلى السرائر إِنَّه مَعْمُول لرجعه لِأَنَّهُ قد فصل بَينهمَا بالْخبر الثَّامِن أَن لَا يكون مُؤَخرا عَنهُ فَلَا يجوز أعجبني زيدا ضربك وَأَجَازَ السُّهيْلي تَقْدِيم الْجَار وَالْمَجْرُور وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حولا وَقَوْلهمْ اللَّهُمَّ اجْعَل لنا من أمرنَا فرجا ومخرجا وينقسم الْمصدر الْعَامِل إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا الْمُضَاف وإعماله أَكثر من إِعْمَال الْقسمَيْنِ الآخرين وَهُوَ ضَرْبَان

(1/266)


مُضَاف للْفَاعِل كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَوْلَا دفع الله النَّاس وَأَخذهم الرِّبَا وَقد نهوا عَنهُ وأكلهم أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ ومضاف للْمَفْعُول كَقَوْلِه أَلا إِن ظلم نَفسه الْمَرْء بَين إِذا لم يصنها عَن هوى يغلب العقلا

(1/267)


وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَبَيت الْكتاب أَي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ قَول الشَّاعِر تنفى يداها الْحَصَى فِي كل هاجرة نفي الدراهيم تنقاد الصياريف

(1/268)


الثَّانِي الْمنون وإعماله أَقيس من إِعْمَال الْمُضَاف لِأَنَّهُ يشبه الْفِعْل بالتنكير كَقَوْلِه تَعَالَى أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة يَتِيما تَقْدِيره أَو أَن يطعم فِي يَوْم ذِي مسغبة يَتِيما الثَّالِث الْمُعَرّف بأل وإعماله شَاذ قِيَاسا واستعمالا كَقَوْلِه عجبت من الرزق الْمُسِيء إلهه وَمن ترك بعض الصَّالِحين فَقِيرا أَي عجبت من أَن رزق الْمُسِيء إلهه وَمن أَن ترك بعض الصَّالِحين فَقِيرا
الثَّالِث اسْم الْفَاعِل
ص وَاسم الْفَاعِل كضارب ومكرم فَإِن كَانَ بأل عمل مُطلقًا أَو مُجَردا فبشرطين كَونه حَالا أَو اسْتِقْبَالًا واعتماده على نفي أَو اسْتِفْهَام أَو مخبر عَنهُ

(1/269)


أَو مَوْصُوف وباسط ذِرَاعَيْهِ على حِكَايَة الْحَال خلافًا للكسائي وخبير بَنو لَهب على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَتَقْدِيره خَبِير كظهير خلافًا للأخفش والمثال هُوَ مَا حول للْمُبَالَغَة من فَاعل إِلَى فعال أَو فعول أَو مفعال بِكَثْرَة أَو فعيل أَو فعل بقلة نَحْو أما الْعَسَل فَأَنا شراب ش النَّوْع الثَّالِث من الْأَسْمَاء العاملة عمل الْفِعْل اسْم الْفَاعِل وَهُوَ الْوَصْف الدَّال على الْفَاعِل الْجَارِي على حركات الْمُضَارع وسكناته كضارب ومكرم وَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بأل أَو مُجَردا مِنْهَا فَإِن كَانَ بأل عمل مُطلقًا مَاضِيا كَانَ أَو حَالا أَو مُسْتَقْبلا تَقول جَاءَ الضَّارِب زيدا أمس أَو الْآن أَو غَدا وَذَلِكَ لِأَن أل هَذِه مَوْصُولَة وضارب حَال مَحل ضرب إِن أردْت الْمُضِيّ أَو يضْرب إِن أردْت غَيره وَالْفِعْل يعْمل فِي جَمِيع الْحَالَات فَكَذَا مَا حل مَحَله وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس القاتلين الْملك الحلاحلا خير معد حسبا ونائلا

(1/270)


وان كَانَ مُجَردا مِنْهَا فَإِنَّمَا يعْمل بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال لَا بِمَعْنى الْمُضِيّ وَخَالف فِي ذَلِك الْكسَائي وَهِشَام وَابْن مضاء فأجازوا اعماله أَن كَانَ بِمَعْنى الْمَاضِي وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد واجيب بِأَن ذَلِك على ارادة حِكَايَة الْحَال أَلا ترى أَن الْمُضَارع يَصح وُقُوعه هُنَا تَقول وكلبهم يبسط ذِرَاعَيْهِ وَيدل على ارادة حِكَايَة الْحَال أَن الْجُمْلَة حَالية وَالْوَاو وَاو الْحَال وَقَوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ونقلبهم وَلم يقل وقلبناهم الشَّرْط الثَّانِي ان يعْتَمد على نفي اَوْ اسْتِفْهَام أَو مخبر عَنهُ أَو مَوْصُوف مِثَال النَّفْي قَوْله خليلي مَا واف بعهدي أَنْتُمَا فأنتما فَاعل بواف لاعتماده على النَّفْي وَمِثَال الِاسْتِفْهَام قَوْله أقاطن قوم سلمى أم نووا طَعنا وَمِثَال اعْتِمَاده على الْمخبر عَنهُ قَوْله تَعَالَى ان الله بَالغ أمره وَمِثَال اعْتِمَاده على الْمَوْصُوف قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل ضَارب زيدا وَقَول الشَّاعِر

(1/271)


إِنِّي حذفت برافعين اكفهم بَين الْحطيم وَبَين حَوْضِي زَمْزَم أَي بِقوم رافعين وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه يعْمل وان لم يعْتَمد على شَيْء من ذَلِك وَاسْتدلَّ بقوله خَبِير بَنو لَهب فلاتك ملغيا مقَالَة لهبي إِذا الطير مرت

(1/272)


وَذَلِكَ لِأَن بَنو لَهب فَاعل بخبير مَعَ أَن خَبِيرا لم يعْتَمد وَأجِيب بِأَنا نحمله على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فبنو لَهب مُبْتَدأ وخبير خَبره ورد بِأَنَّهُ لَا يخبر بالمفرد عَن الْجمع وَأجِيب بِأَن فصيلا قد يسْتَعْمل للْجَمَاعَة كَقَوْلِه تَعَالَى وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير

(1/273)


الرَّابِع أَمْثِلَة الْمُبَالغَة
النَّوْع الرَّابِع من الْأَسْمَاء الَّتِي تعْمل عمل الْفِعْل أَمْثِلَة الْمُبَالغَة وَهِي خَمْسَة فعال وفعول وفعيل وَفعل قَالَ الشَّاعِر أَخا الْحَرْب لباسا إِلَيْهَا جبلالها وَلَيْسَ بولاج الْخَوَالِف أعقلا وَقَالَ الآخر

(1/274)


ضروب بنصل السَّيْف سوق سمانها وَقَالُوا إِنَّه لمنحار بوائكها وَالله سميع دُعَاء من دَعَاهُ وَقَالَ الشَّاعِر أَتَانِي أَنهم مزقون عرضي جحاش الكرملين لَهَا فديد

(1/275)


وَأكْثر الْخَمْسَة اسْتِعْمَالا الثَّلَاثَة الأول وأقلها اسْتِعْمَالا الأخيران وَكلهَا تَقْتَضِي تكْرَار الْفِعْل فَلَا يُقَال ضراب لمن ضرب مرّة وَاحِدَة وَكَذَا الْبَاقِي وَهِي فِي التَّفْصِيل والاشتراط كاسم الْفَاعِل سَوَاء وإعمالها قَول سِيبَوَيْهٍ وَأَصْحَابه وحجتهم فِي ذَلِك السماع والجمل على أَصْلهَا وَهُوَ اسْم الْفَاعِل لِأَنَّهَا محولة عَنهُ لقصد الْمُبَالغَة وَلم يجز الْكُوفِيُّونَ إِعْمَال شَيْء مِنْهَا لمخالفتها لأوزان الْمُضَارع ولمعناه وحملوا نصب الِاسْم الَّذِي بعْدهَا على تَقْدِير فعل وَمنعُوا تَقْدِيمه عَلَيْهَا وَيرد عَلَيْهِم قَول الْعَرَب أما الْعَسَل فَأَنا شراب وَلم يجز بعض الْبَصرِيين إِعْمَال فعيل وَفعل

(1/276)


وَأَجَازَ الْجرْمِي إِعْمَال فعل دون فعيل لِأَنَّهُ على وزن الْفِعْل كعلم وَفهم